You are on page 1of 6

‫الشعر العربي‬

‫إن الفنون األولى التي ظهرت في الوطن العربي قديما ً وبين القبائل العربية ُهو الشعر‬ ‫ّ‬
‫سد بروح كاتبها‬ ‫أكثر الفنون التي يهواها العرب لما فيها من كلمات تتج ّ‬ ‫والخطابة‪ ،‬وهو من ِ‬
‫عندما يقوم بإخراج كلمات ذُو معنى وقيمة تشعر بأنّها تخرج ِمن قلب الشاعر‪ ،‬والشعر‬
‫أقدم العصور‪ ،‬واشتهر العرب بالفصاح ِة والشعر‪ ،‬والدلي ُل على ذلك ّ‬
‫أن هللا‬ ‫موجو ٌد ُمنذ ِ‬
‫تعالى قَد أنز َل القرآن باللغ ِة العربيّة ليتحدّى ب ِه أه ُل قريش الذينَ اشتهروا بالشعر‬
‫يكتب الشعر ويلقيه يكون ِمن سادةِ قوم ِه‬
‫َ‬ ‫والفصاحة‪ ،‬وقد كان قديما ً َمن يستطيع أن‬
‫فإن للشعر العربي أهميّة كبيرة يُمكن من خالل ِه معرف ِة البيئة والثقافة في‬ ‫لذلك‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ويُم ّجدونهُ‪،‬‬
‫ويظهر بأشكا ٍل ُمختلفة في ك ّل عصر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يتطور‬
‫ّ‬ ‫إن الشعر العربي‬ ‫زمن الشاعر‪ ،‬وبالتالي ّ‬ ‫ِ‬

‫مراحل تطور الشعر العربي‬


‫يختلف اختالفا ً كلّيا ً عن الشعر في الوقت الحاضر‪ ،‬وأه ّم ما‬‫ُ‬ ‫أن الشعر القديم‬ ‫ِمن المعروف ّ‬
‫وتكون البيت على الصدر والعَجز‪ ،‬والشعر‬ ‫ّ‬ ‫يميّز الشعر القديم ِحرص ِه على الوزن والقافية‪،‬‬
‫يعتبر ِشعراً‪ ،‬بل يخرج إلى الخَطابة أو فصاح ِة‬
‫ُ‬ ‫القديم الذي ال يدخ ُل في ِه الوزن والقافية ال‬
‫تدريس األوزان والقوافي ليعتمد عليها‬ ‫ِ‬ ‫ذلك ظهرت الكتب التي تقوم على‬ ‫فِي الحديث‪ ،‬وبعد َ‬
‫ظهر كتب أخرى تقوم‬ ‫َ‬ ‫ت موزونة‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫الشعراء فِي إبداعِ النصوص واستخراجِ أبيا ٍ‬
‫ت‬
‫أغراض وموضوعا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت باالعتما ِد على‬‫وتصنيف الشعر إلى مجموعا ٍ‬
‫ِ‬ ‫وتدوين‬
‫ِ‬ ‫على جمعِ‬
‫لغرض االمتاعِ والنفعِ بنق ِل‬
‫ِ‬ ‫الشعر‪ ،‬وعليه‪ ،‬نجد المؤرخون قد اعتبروا الشعر القديم حافالً‬
‫مصدر طرب لدى العرب‪ ،‬يحمل فيه‬ ‫َ‬ ‫المشاعر أو الحكمة أو ألي غرض ذو قيمة‪ ،‬فَهو‬
‫األخالق العربية‪ ،‬ويُعبّر عن االنتماء والحب‪.‬‬

‫الشعر الجاهلي‬
‫المكونة من أبيات‪ ،‬كل بيت فيها ُمست َ ِقل ع ّما قبله وبعده‬‫ّ‬ ‫كان الشعر قديما ً يُعرف بالقصيدة‬
‫في التركيب‪ ،‬وتتّصل األبيات معا ً في المعنى‪ ،‬يتألف البيت من شطرين‪ ،‬يُسمى األول‬
‫صدرا ً والثاني عجزاً‪ ،‬وتنتهي أبيات القصيدة جميعها بحرف واحد يُسمى القافية‪ ،‬تمتاز‬
‫عرف الشعر الجاهلي في هذا العصر‬ ‫بموسيقا محدّدة تتحدّد بالبحر العروضي ال ُمتّبع‪ .‬وقد ُ‬
‫وصورها‬
‫ّ‬ ‫شعر التقليدي أو الكالسيكي ‪ .‬عبّر الشعر الجاهلي عن أسلوب الحياة العربية ‪،‬‬ ‫بال ِ ّ‬
‫س ّمي بـ (ديوان العرب)‪ ،‬أي إنّه‬ ‫ِبدقّة عالية عكس فيها أوجه الحياة المتعدّدة‪ ،‬ولهذا ُ‬
‫الخيام‪ ،‬والرحلة‪ ،‬ووصف‬ ‫ف ِ‬ ‫ص َ‬
‫الموسوعة التي تحتوي كل األخبار والقصص‪ ،‬فنجد فيه َو ْ‬
‫الحيوانات‪ ،‬ورحالت الصيد‪ ،‬والحروب ‪ ،‬كما نجد المدح‪ ،‬والغزل‪ ،‬والهجاء ‪ ،‬الرثاء‪ .‬وقيل‬
‫علّقت على جدار‬ ‫إن أفضل القصائد التي كتبها العرب هي تلك التي ُكتبت بماء الذّهب و ُ‬ ‫ّ‬
‫الكعبة‪ .‬بدأت القصيدة الجاهلية بالمقدمة الطللية التي يقف فيها الشاعر على األطالل‪ ،‬فيبكي‬
‫على الديار الخالية‪ ،‬ويصف اآلثار التي خلت من أحبّائه بعد رحيلهم‪ ،‬ث ّم يصف الرحلة‪،‬‬
‫وعناء السفر‪ ،‬ومعالم الطريق‪ ،‬ووحوش الصحراء وحيوانها وغيرها‪ ،‬لينتقل يعدها إلى‬
‫الغزل بذكر المحبوبة والتّغني بجمالها وأخالقها‪ ،‬وقد يذكر بعض المغامرات التي عاشها‬
‫معها قبل رحيلها‪ ،‬وتنتهي هذه القصيدة إلى الموضوع الرئيس الذي يريد أن يتحدّث عنه‬
‫الشاعر‪ ،‬وقد يكون مديحاً‪ ،‬أو فخراً‪ ،‬أو‪ ،‬حماسةً‪ ،‬أو هجا ًء‪ ،‬أو تع ّ‬
‫صبا ً لقبيلته‪ ،‬أو غيرها‪ .‬من‬
‫أشهر شعراء العصر الجاهلي هم أصحاب المعلّقات السبعة‪ ،‬وقيل العشرة‪ ،‬وهم‪ ،‬امرؤ‬
‫القيس‪ ،‬وطرفة بن العبد‪ ،‬وزهير بن أبي سلمى‪ ،‬ولبيد بن ربيعة‪ ،‬وعمرو بن كلثوم‪ ،‬وعنترة‬
‫بن شدّاد‪ ،‬والحارث بن حلزة‪ ،‬واألعشى‪ ،‬والنابغة الذبياني‪ ،‬وعبيد بن األبرص‪)1( .‬‬

‫ِشعر صدر اإلسالم‬


‫الرسول محمد عليه السالم‪،‬‬ ‫شعر اإلسالمي بظهور الدّعوة اإلسالميّة التي حملها ّ‬ ‫ارتبط ال ّ‬
‫وعليه‪ ،‬تجد الشعراء استبسلوا في الجهاد بشعرهم لنصرة الدين الجديد‪ ،‬ومحاربة أعدائهم‬
‫بالشعر‪ ،‬والفخر بالنبي عليه السالم وهجاء قريش وتسجيل الغزوات‪ .‬ومن خيرة هؤالء‬
‫الشعراء نذكر حسان بن ثابت‪ ،‬وعبد هللا بن رواحة‪ ،‬وكعب بن مالك‪ ،‬وكعب بن زهير‪.‬‬
‫ي‪ ،‬فإننا نجد اللغة ال ُمستخد َمة واضحة وسهلة وليّنة‪ ،‬بعيدة عن الغرابة‬ ‫وعلى المستوى اللغو ّ‬
‫والغموض والرموز ال ُمب َهمة‪ ،‬وتستند إلى أبعاد تاريخيّة دينية‪ ،‬فهي لغة أع الداللية في الدين‬
‫والسياسة واالجتماع والتاريخ والطبيعة والتصوف واألدب والذات والموضوع (‪.)2‬‬

‫الشعر األموي‬
‫وتطورت أساليبه‪ ،‬وأصبحت معانيه‬ ‫ّ‬ ‫ي واتسعت مواضيعه‪،‬‬ ‫ازدهر الشعر في العصر األمو ّ‬
‫وألفاظه أكثر رقّة ولطافة مماشاة ً لحالة العصر الجديد‪ ،‬والمظاهر السياسية‪ ،‬والدينية‪،‬‬
‫والثقافية؛ فقد ظهرت الخالفات السياسيّة‪ ،‬والقَبَلية‪ ،‬والمذهبية‪ ،‬وقد خاض حرب هذه‬
‫األحداث الشعراء‪ ،‬وتحيّز كل شاعر إلى جماعته يدافعون عنهم وينشرون أفكارهم‬
‫ومفاهيمهم‪ ،‬ويمكننا القول أن الشعراء واألُدباء عا ّمةً كانوا يُمثّلون الصحافة المحلية لتلك‬
‫العصور العربية القديمة‪ .‬أ ّما بالنسبة للموضوعات الشعرية فقد كان من الطبيعي أن تتوسع‬
‫صةً بعد االنكماش الذي لحقها في عصر صدر اإلسالم الذي‬ ‫وتزداد في هذا العصر‪ ،‬خا ّ‬
‫ر ّكز كل اهتمامه على الدعوة اإلسالمية‪ ،‬فقد نظم الشعراء في هذا العصر في مواضيع‬
‫سعوا فيها‬‫كثيرة في الشعر منها ما كانت موجودة من قبل في الجاهلية واإلسالم‪ ،‬فتو ّ‬
‫وأكثروا منها‪ ،‬ومنها ما هو جديد ابتكروه استنادا ً على ظروف الحياة ومتطلباتها‪ ،‬ومنها ما‬
‫كان له أثر من الجاهلية واإلسالم‪ ،‬فأضافوا عليها وعدّلوا قواعدها حتى جعلوها غرضا ً‬
‫ُمستقالً بح ّد بذاته‪ ،‬كالفخر‪ ،‬والمدح‪ ،‬والهجاء‪ ،‬والوصف‪ ،‬والغزل‪ ،‬والخمريّات‪ ،‬والنقائض‪.‬‬
‫من أشهر شعراء العصر األموي نذكر األخضل‪ ،‬والفرزدق‪ ،‬وجرير (شعراء النقائض)‪،‬‬
‫وبشار بن برد‪ ،‬وال ُمقنّع الكندي‪ ،‬شعراء الغزل العذري كجميل بثينة‪ ،‬وقيس ليلى‪ ،‬ومجنون‬
‫لبنى‪ ،‬وغيرهم الكثيرين‪)3( .‬‬

‫الشعر العباسي‬
‫اطالع الشعراء على الثّقافات األجنبية‬‫طورت األساليب الشعرية في العصر العباسي بسبب ّ‬
‫تطور الحياة الحضارية‪ .‬فنجد أن‬ ‫سعت مداركهم‪ ،‬وزادت من معلوماتهم‪ ،‬إلى جانب ّ‬ ‫التي و ّ‬
‫الشعراء قد مالوا إلى األساليب السهلة والمفهومة المنسوجة من واقع الحياة‪ ،‬وابتعدوا عن‬
‫سنات البديعية‪ ،‬والتجديد‬‫األلفاظ الصعبة التي ق ّل استعمالها أو ُه ِجرت‪ ،‬واعتمدوا على ال ُمح ّ‬
‫لتطور األمور‪ ،‬حتى وصلت الحال عند مجموعة من الشعراء إلى استخدام‬ ‫في األلفاظ تبعا ً ّ‬
‫ألفاظ غير عربية في الشعر‪ .‬وعليه‪ ،‬يمكننا أن نقول أن مفهوم األسلوب يعني الطريقة‬
‫السلوكية التي يعتمدها الشاعر في شعره‪ ،‬بيحث كان لكل شاعر أو مجموعة من الشعراء‬
‫عرفوا بها‪ .‬لقد نظم شعراء الدولة العباسية األساليب الشعرية في ضوء‬ ‫تلك الطريقة التي ُ‬
‫حضارة الدولة وثقافتها‪ ،‬وطريقة تذوقها للفنون‪ ،‬لذا جاء األسلوب الشعري أقرب من يكون‬
‫إلى الرقّة في النسج‪ ،‬والدقة في التّصوير‪ ،‬وشاعت في الحواشي ألوان من الزخرفة اللفظيّة‪،‬‬
‫تحرك المشاعر والوجدان‪ .‬وعليه‪ ،‬نجد‬ ‫والصنعة اللغوية‪ ،‬إضافة إلى النغمة الموسيقية التي ّ‬
‫ّ‬
‫فالطابع‬ ‫أن الشعراء كلّما كانوا أكثر تحضرا ً مالوا إلى الزينة واالطافة في كل شيء‪،‬‬
‫الرقي في‬ ‫الحضري تغشاه األناقة في كل جوانبه‪ ،‬وهو ما يد ّل على التطور في األذواق‪ّ ،‬‬
‫األفكار‪ ،‬ورقيها‪ ،‬وهو السبب الذي دفع بالشعر إلى إيجاد أسلوب جديد تركن فيه النفس‬
‫لتستريح عند جماله وتناسقه ورقّته‪ .‬من أشهر شعراء العصر العباسي نذكر المتنبي‪،‬‬
‫المعري‪ ،‬وأبا نواس‪ ،‬وابن الرومي‪ ،‬وابن‬ ‫ّ‬ ‫واألصمعي‪ ،‬وأبا فراس الحمداني‪ ،‬وأبا العالء‬
‫الفارض‪ ،‬وأبا العتاهية‪ ،‬وغيرهم من الشعراء‪)4( .‬‬

‫الشعر األندلسي‬
‫ظهر الشعر األندلسي في ظروف جديدة ال مثيل لها في المشرق العربي‪ ،‬ظروف اتّصلت‬
‫سكاني‪ ،‬إذ نرى العرب‬ ‫وتنوعها‪ ،‬وأخرى اتّصلت بالتّكوين الثقافي ال ّ‬
‫بالطبيعة األندلسية ُّ‬
‫يختلطون ألول مرة مع أجناس التينيَّة‪ ،‬وقوطيّة‪ ،‬وبربريَّة‪ ،‬إضافة إلى اليهود على أرض‬
‫واحدة‪ ،‬وتتعايش كل هذه األجناس تحت سماء واحدة تض ّم األديان السماوية الثالثة‪:‬‬
‫اإلسالم‪ ،‬واليهودية‪ ،‬والمسيحيَّة‪ ،‬فيُسمع صوت المؤذن إلى جانب رنين األجراس‪ .‬وتُستخدم‬
‫اللغة العربية إلى جانب األمازيغية‪ ،‬واإلسبانية‪ ،‬والكتالنية‪ ،‬فنشأ من التعايش بين هذه‬
‫جو خاص وحضارة فذَّة رائعة‪)5( .‬‬ ‫األديان واألجناس والثقافات واللغات ٌّ‬
‫انساق األندلسيون وراء أهل المشرق في أغراض الشعر التقليدية‪ ،‬كما في الوصف‪ ،‬ورثاء‬
‫الممالك‪ ،‬والشكوى‪ ،‬واالستنجاد‪ ،‬وقد أكثروا من الوصف حتى أننا نستطيع أن نستخلص من‬
‫شعرهم صورة واضحة للحياة األندلسية في شتّى نواحيها‪ ،‬فوصفوا األندلس بما فيها من‬
‫ومتنزهات‪ ،‬وعجائب العمارة‪ ،‬واألودية‪ ،‬والجبال‪ ،‬والبساتين‪ ،‬والرياض‪ ،‬واألزهار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مدن‪،‬‬
‫والثمار‪ ،‬واالفصول األربعة‪ ،‬والبحيرات‪ ،‬والسواقي‪ .‬كما وصفوا الوالئم الملكية‪،‬‬
‫واألطعمة‪ ،‬والزينة‪ ،‬والعطور‪ ،‬والمالبس‪ ،‬والموسيقا‪ ،‬إضافة إلى اللهو والمجون‪ .‬وهكذا‬
‫التنوع والتجديد في فن الوصف‪ .‬وإذا أردنا التحدّث عن اللغة األندلسية فإنّنا نجدها‬
‫نجد ّ‬
‫سهلة‪ ،‬سلسة‪ ،‬غير محكمة البناء كلغة المشرق‪ ،‬وذلك يعود إلى بعد األندلس عن البادية‬
‫ولغتها القاسية‪ ،‬واختالط العرب في بيئة أعجمية تمتلئ باللهجات واللغات األخرى التي‬
‫ورقَّقَت تعابيرهم‪ .‬ومع كل هذه العوامل في تلطيف اللغة األندلسية فإننّا نجد‬‫أضعفت ملكتهم َ‬
‫بعض الصعوبة في شعر ابن هانئ‪ ،‬مثالً‪ ،‬الذي عمد إلى تقليد المتنبي‪ ،‬فانصرف في شعره‬
‫إلى اختيار الغريب والخشونة والتعقيد‪ .‬أما بالحديث عن األوزان الشعرية‪ ،‬فقد تبع فيها‬
‫األندلسيون أهل المشرق‪ ،‬إال أنّهم عمدوا في الغالب إلى الموسيقا‪ ،‬فأضافوا أوزانا جديدة‬
‫تحول فيما بعد إلى شعر خاص‬ ‫ساعدت على إضافة اللحن الموسيقي في الشعر‪ ،‬الذي ّ‬
‫الرندي‪،‬‬‫عرف باسم الموشحات‪ .‬من أشهر الشعراء والوشاحين اخترنا أبا البقاء ُّ‬ ‫بالغناء ُ‬
‫ووالدة بنت المستكفي‪ ،‬وعبادة بن ماء السماء‪ ،‬وابن‬ ‫وابن حمديس‪ ،‬ولسان الدين الخطيب‪ّ ،‬‬
‫خفاجة‪ ،‬والمعتمد بن عبّاد‪ ،‬وغيرهم الكثير‪)6( .‬‬

‫الشعر العثماني‬
‫صة‬‫صعوبات‪ ،‬خا ّ‬ ‫واج َهت الدولة العثمانية طوال فترة حكمها الكثير من المشكالت وال ّ‬
‫األمنية منها‪ ،‬والسعي إلى نشر األمان بين أطراف الدولة المترامية‪ ،‬فعاشت الدولة الكثير‬
‫من االنقالبات السياسية‪ ،‬وحركات التّمرد‪ ،‬فانشغل ال ُحكـّام بقمعها وإعادة األمور إلى‬
‫مجاريها‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن ذلك اإلصالح السياسي كان على حساب إهمال المرافق‬
‫العامة‪ ،‬وتأجيل تنفيذ المشروعات اإلصالحية وإنعاش الحياة المدنية‪ ،‬ناهيك عن التدهور‬
‫الصحي الذي ع َّم مختلف األرجاء‪ ،‬األمر الذي رافقه إهمال بناء المدارس‪ ،‬والتشجيع على‬ ‫ِّ‬
‫االنخراط في الجيش‪ ،‬وقمع المواهب والقدرات العقلية‪ ،‬وإلغاء الجانب الثقافي واألدبي‪.‬‬
‫فعاشت القصيدة العربية في هذه األجواء باالعتماد على القوالب التراثية‪ ،‬فنشأ الشعر‬
‫البديعي الذي يخلو من المعنى‪ ،‬ولكن يمتاز بتركيبة بديعية عالية‪ ،‬ونزح الشعراء عن الحياة‬
‫ولجأ األغلب إلى الشعر الصوفي‪ ،‬وكثرت المدائح النبوية‪ ،‬والمراثي‪ ،‬والمالحم‪ ،‬والقصص‬
‫الشعرية الركيكة‪ .‬اعتمدت القصيدة على الوحدة‪ ،‬إذ ّ‬
‫إن هناك أنواع ُمتعدّدة للوحدة في‬
‫القصيدة العربية في العصر العثماني‪ ،‬تبدأ من وحدة البيت واستقالليّته في الشكل العام‪،‬‬
‫وانتقاالً إلى الوحدة المنطقيّة في التسلسل القصصي للشعر‪ ،‬انتها ًء بالوحدة الموضوعية‬
‫صة في المدائح النبوية‪ ،‬والمراثي‪ .‬وال ننس الحديث عن الوحدة الوجدانية النفسية في‬ ‫خا ّ‬
‫أجزاء القصيدة كلّها‪ .‬من أشهر شعراء العصر العثماني نذكرابن معتوق‪ ،‬وعبد الغني‬
‫النابلسي‪ ،‬ومنجك اليوسفي‪ ،‬ويوسف البديعي‪ ،‬والبهاء العاملي‪ ،‬والتهانوي‪ ،‬وبدر ال ِدّين‬
‫الغزي (‪)7‬‬

‫الشعر الحديث‬
‫شعراء الحداثة ألنّهُ جم َع بينَ‬
‫ِ‬ ‫ظهر الشاعر أدونيس الذي يعتبر ِمن أه ّم‬ ‫َ‬ ‫في سن ِة ‪1930‬م‬
‫الثقافة العربيّة الكالسيكيّة والحديثة والمعاصرة‪ ،‬وبالتالي كان ِمن أه ّم نقاد العرب والذي‬
‫ب ثقافاته كانت تبنى‬ ‫وض َع أساسيّات شعر النثر التي ظهرت في زمانه وعلى يده‪ ،‬وأغل ِ‬
‫على الفلسفة واإلبداع الشعري والمصرحي ِمما جعل هذا اللون متاح وأضافهُ إلى ِ‬
‫عالم‬
‫الشعر ِفي الوطن العربي‪ ،‬ويعتبر كتاب أدونيس ِفي الشعرية العربيّة لهُ مكانة ُمه ّمة في‬
‫طور الشعر من القافية والوزن إلى النثر وعلو َمه‪.‬‬ ‫النقد الحديث وال ُمعاصر‪ ،‬وهذا األمر قَد ّ‬
‫سد‬ ‫أ ّما ِفي الوقت الحالي تغي َّر الشعر العربي ع ّما كانَ سابقا ً ليصب َح عبارة عن شعر ُحر تتج ّ‬
‫إنتشر‬
‫َ‬ ‫ت لها َمعنى ومغزى عظيم‪ ،‬وهذا النوع منَ الشعر قد‬ ‫ت وكلما ٍ‬
‫باستخدام مفردا ٍ‬
‫ِ‬ ‫كلماتهُ‬
‫شعراء العصر الحديث ليتغنّى ب ِه الشاعر ِمن خالل إلقاء هذ ِه‬ ‫ِ‬ ‫كبيرا ً خصيصا ً بينَ أهم‬
‫شعر العربي لهُ‬ ‫لذلك ال ّ‬
‫َ‬ ‫الكلمات ال ُمعبّرة سواء كانت غزليّة أو شعبيّة أو سياسيّة ودينيّة‪،‬‬
‫يصف إلى جانب‬ ‫ّ‬ ‫فهو دائما ً‬
‫ع ِن الشعر َ‬ ‫مكان ٍة عن َد الكثير منَ الناس وال يُم ِكن أن يُستغنى َ‬
‫الواقع والحقيقة وأيضا ً المشاعر الخالقة والنبيلة‪)8( .‬‬

‫المراجع‬
‫(‪ )1‬تاريخ األدب العربي‪ ،‬العصر الجاهلي‪ ،‬د‪.‬شوقي ضيف‪ ،‬الطبعة الحادية عشرة‪ ،‬دار‬
‫بتصرف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المعارف‪ ،1119 ،‬خصائص الشعر الجاهلي صص‪231- 183‬‬
‫(‪ )2‬األدب في موكب الحضارة اإلسالمية‪ -‬كتاب الشعر‪ ،‬د‪ .‬مصطفى الشكعة‪ ،‬دار الكتاب‬
‫بتصرف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اللبناني بيروت‪ ،‬ط‪ ،1973 ،1‬ص‪105:‬‬
‫(‪ )3‬الموجز في الشعر العربي‪ ،‬دراسة في العصور المختلفة للشعر العربي‪ ،‬تأليف فالح‬
‫الحجية‪ ،‬مراجعة وتقديم د‪.‬شوقي ضيف‪ ،‬منشورات مطبعة أوفيست الميناء‪،1985 ،‬‬
‫بتصرف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ص‪182-113‬‬
‫بتصرف عن مقالة العصر العباسي‪ ،‬جامعة أم القرى‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(‪)4‬‬
‫)‪uqu.edu.sa (5‬األدب األندلسي‪ :‬موضوعاته وفنونه‪ ،‬مصطفى الشكعة‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪80 :‬‬
‫بتصرف‬
‫ّ‬ ‫‪81 -‬‬
‫بتصرف عن مقالة الشعر األندلسي مميزاته وخصائصه‪ ،‬حمد السروتي‪ ،‬وإكرام‬
‫ّ‬ ‫(‪)6‬‬
‫زعلوقي‪،‬‬
‫)‪alukah.net (7‬الموجز في الشعر العربي‪ ،‬دراسة في العصور المختلفة للشعر العربي‪،‬‬
‫تأليف فالح الحجية‪ ،‬مراجعة وتقديم د‪.‬شوقي ضيف‪ ،‬منشورات مطبعة أوفيست الميناء‪،‬‬
‫بتصرف‬
‫ّ‬ ‫‪ ،1985‬ص‪410-356‬‬
‫بتصرف عن مقالة الشعر الحديث وأبعاده في المغزى واألسلوب واالتجاه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(‪)8‬‬
‫‪habous.gov.ma‬‬

‫إقرأ المزيد على‬


‫موضوع‪.‬كوم‪: http://mawdoo3.com/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%A‬‬
‫‪D%D9%84_%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D‬‬
‫‪8%B4%D8%B9%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8‬‬
‫‪%D9%8A‬‬

‫_‪http://mawdoo3.com/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84‬‬
‫‪%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8‬‬
‫‪%B9%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A‬‬

You might also like