التحتية بهدف تقريب اإلدارة القضائية من المواطن و كذا إقامة محكمة رقمية ( المطلب األول ) ثم تبسيط المساطر القضائية ( المطلب الثاني)
المطلب األول :الرفع من مستوى البنية
التحتية و إقامة محاكم رقمية
إن اختيار المغرب للمنهج الديمقراطي و
االنفتاح على المجتمع ،ال يمكن الجزم بنجاحه إال إذا قيس ذلك بمدى قدرة العدالة على مواكبة هذا النهج الذي رسمته الدولة ،األمر الذي فرض على وزارة العدل االنخراط في سلسلة اإلصالحات الجذرية من أجل تحديث و عصرنة جهاز القضاء ،ليواكب التطورات التي يشهدها المجتمع ،و يعد إعداد البنية التحتية و إقامة محاكم رقمية من أهم اإلصالحات التي تجعل المواطن أقرب ما يكون لإلدارة القضائية و أكثر إحساسا بمادية اإلصالح المنشود. إن عصرنة و تحديث اإلدارة القضائية رهين بمدى توفر هذه األخيرة على بنيات جيدة تحقق األهداف المرسومة و المهام الموكولة إليها، فأمام ما يعرفه المجتمع من تطور و تشعب العالقات،و اختالف أنواع القضايا المعروضة على العدالة و تعقدها ،زيادة على ارتفاع معدل السكان و ما ينجم عنه من تزايد الطلب على خدمات العدالة،لذلك كان البد من إحداث بنايات جديدة نظرا لهشاشة بناية المحاكم القائمة و قدمها ،مما ال يتناسب و قيمة القضاء و دوره ،فال بد أن تكون كل بناية بشكل هندسي مميز يجعل مرتديها يشعرون و هيبتها ،فباإلضافة إلى الزيادة في عدد المحاكم و إدخال إصالحات عليها استجابة لمطلب الجودة في األداء و الخدمة اللذان يعتبران الغاية األساسية لجميع فئات المجتمع ،فإن هذا اإلصالح هو كذلك استجابة لسياسة تقريب القضاء من المتقاضين ،و عدم تمركزه في مناطق محددة .
و المتتبع لمسار وزارة العدل في مجال
البنية التحتية يالحظ أنها حاولت تجاوز الخطوات الصعبة ،إذ لم تقتصر فقط على الزيادة في عدد المحاكم و إنما واكبتها بإحداث محاكم متخصصة ،إدارية،تجارية،أقسام قضاء األسرة ،كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا التي زاوجت في إحداث المحاكم بين النوع و الكم.
غير أن المالحظ هو أن الطريقة التي يتم بها
إحداث المحاكم و الزيادة في عددها ،دون إعداد البنايات التي ستحتضنها ،يبرهن على أن هناك قصور في تصور دور البناية و هندستها و عالقته بالمردودية ،فحالة أمكن العمل قد تكون وراء تعطيله ،كما يساهم شكلها أو عدم مالئمتها للعمل القضائي الذي تحتاجه إلى هدوء النفس و راحة الفكر في ضعف المردودية و اإلنتاج .فال يكفي المنظر الخارجي و إنما يتعين تقسيمها و تنظيمها بشكل جيد ييسر أمر الولوج إليها فهندستها تحدد بشكل كبير القدرة على تنظيم المصالح و المكاتب و تباعدها أو تقاربها ،لذلك يجب ن يراعى في البناية العديد من الشروط من بينها التوفر على الولوجياتبالنسبة لألشخاص المعاقين و الشيوخ و النساء الحوامل و بناء مصاعد مريحة في حالة التوفر على طابق علوي، و يتعين أيضا عدم الشبابيك في مكاتب الموظفين لكونها أصبحت مصدر تباعد و بالتالي عدم تحقيق الشفافية.
و يعد تحسين عملية اإلستقبال يشكل إحدى
الدعائم األساسية لبروز إدارة منفتحة في وجه مرتفقيها ،فعالقة المواطنين باإلدارة كانت و الزالت محط عناية فقهية و قانونيىة كبيرة و ذلك على مختلف األصعدة لكون أهم سمات اإلدارة الحديثة هي العمل على تقريب اإلدارة من المواطنين ،فكلما تدرجت اإلدارة نحو عموم المواطنين زادت قدرتها على معرفة متطلباتهم و اإلستجابة لها ،و تيسرت سبل تنفيذ مقرراتها ،و زادت إمكانات التأطير اإلداري، و لعل أول مرحلة تربط بين اإلدارة و المواطن ،هي مرحلة اإلسنتقبال التي تمثل أهم حلقات التواصل ،فهذه المرحلة كافية ألخذ فكرة عن اإلدارة تبقى مسجلة بذاكرته طيلة فترات تعامله معها ،فالموطن ليس في حاجة إلى خطابات ووعودو دراسات تقنية ،بقدر ما هو في حاجة إلى إدارة فعالة ،شفافة ،و إنسانية قيل كل شيء.
و ما دمنا نتحدث عن تقريب اإلدارة من
المتقاضين فإن استعمال التكنولوجيا المعلوماتية باإلدارة القضائية " معلوميات التسيير القضائي" تعتبر الية جديدة لمعالجة التسيير بالمحاكم ،عن طريق تبسيط اإلجراءات لتحسين سير العمل القضائي و محاولة التخفيف من األعباء على كل العاملين و المرتفقين داخل المحاكم ،و ذلك كله من أجل الرفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين و تمكينهم من الحصول على حقوقهم في أقرب االجال.
فإحداث محاكم رقمية سيساهم ل محالة في
توحيد العمل بين مختلف المحاكم األمر الذي سيكون له تأثير إيجابي على اإلدارة القضائية و المتقاضين و مساعدي القضاء ،و لعل أهم ميزة للمحكم الرقمية و التي تخص المواطن بصفة مباشرة هو متابعة القضايا و ضبطها و معرفة األطوار التي قطعتها القضايا.
إذن اإلدارة اإللكترونية بصفة عامة و المحكمة
الرقمية بصفة خاصة يساهم بشكل مباشر في دعم شفافية عمل اإلدارة ،و تطوير ما يعرف بمبدأ الحكامة الجيدة ،و هذا ما سيمنح الموطن سواء كان شخصا ذاتيا أو معنويا خدمة ذات جودة عالية من حيث التكلفة و اآلجال و القرب.
المطلب الثاني :تبسيط المساطر القضائية
خدمة للمواطن. يعتبر تحديث و إصالح اإلدارة القضائية أهم المحاور الهامة التي شملت إصالح منظومة العدالة ،وذلك لكون إصالح اإلدارة القضائية ورش قائم بذاته يتعين إنجازه بكامل الفعالية.
وتبسيط المساطر القضائية لما لها من دور
فعال في تحديث و إصالح اإلدارة القضائية يشكل خطوة هامة نحو إصالح العدالة وحعل المواطن في قلب اإلصالح.
فنتيجة للملفات الضخمة والعدد الكبير لها،
فإن المحاكم المغربية تظطر للمعاناة من طول المساطر وتعقيدها ،وهذا ما يجعل المواطن يفقد الثقة ،هذه األخيرة التي تشكل بؤرة التواصل بين المواطن واإلدارة القضائية.
ومما ال شك فيه أن المواطن عند لجوئه إلى
القضاء غرضه الحصول على نتائج سريعة ،وهذا لن يتحقق إال في نطاق تبسيط المساطر وتحسين مشارب العمل والتخفيف من حدة الشكليات اإلدارية .ولعل أهم المساطر التي تثير العديد من اإلشكاليات التبليغ و التنفيذ لما لها من تأثير على فعالية و جودة جذمات العدالة مما يستوجب العمل على تبسيطها.
والتبليغ هو إيصال أمر أو واقعة ثابتة إلى
شخص معين على يد أعوان كتابة الضبط أو األعوان القضائيين أو الطريقة اإلدارية أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل ( الفصل 37من ق م م ).
وتكمن أهمية التبليغ في عدم جواز احتجاج
المبلغ بجهله لما تم تبليغه به حتى أن بعض الفقه اعتبر حجية التبليغ كحجية نشر التشريع بالجريدة الرسمية.
ولعل السبب الرئيسي في بطء تصفية القضايا
أمام المحاكم يعود ألسباب منها مشاكل التبليغ منها المتعلقة بشكليات التبليغ، حيث أن المشرع لم يرتب جزاء على إغفال االسم العائلي والشخصي بورقة التبليغ ،أيضا من االشكاالت التي تثار في مرحلة التبليغ الحالة التي يمتنع فيها المتسلم إليه أو الشخص الموجود بموطنه عن التسليم واإلدالء بهويته و أن عدم ترتيب األثر القانوني على هذه التبليغات يخدم مصلحة المتقاضين بسوء نية الذين يسعون بشتى الوسائل إلى عرقلة العدالة .هذه بعض اإلشكاالت التي تثار في مرحلة التبليغ.
أما عن مرحلة التنفيذ ،فاإلشكاالت المطروحة
في هذه المرحلة تعيق السير الطبيعي للمحاكم ،فهو مشكل مطروح بشدة في الساحة الوطنية لكونه يساهم في بطء وطول المساطر مما يولد ضعف الثقة بين اإلدارة القضائية والمواطن .و من أهم اإلشكاالت التي تثار في مرحلة التنفيذ الصعوبة القانونية حيث أصبحت تثار أمام القضاء بصورة مستمرة ولو تعلق األمر بأحكام مشمولة بالنفاذ المعجل ،إضافة إلى المشاكل الميدانية التي يتسبب فيها المحكوم عليه من خالل إعطاء أسماء وعناوين وهمية في المقاالت ،إضافة إلى األحكام القاضية بالتعويض الصادرة في مواجهة شركات التأمين فتنفيذ هذه األحكام يعد من أصعب صور التنفيذ. انطالقا من كل هذه اإلشكاالت كيف يمكن لإلدارة القضائية التقليل منها حتى تكتمل الثقة بين اإلدارة القضائية والمواطن؟
إن قانون المسطرة المدنية الصادر في بتاريخ
28/09/74قد حان الوقت لكي يتدخل المشرع من أجل سد ثغراته ،مع االستفادة من التشريعات المقارنة الحديثة والقواعد التي رسخها االجتهاد القضائي ،ومن الثغرات التي تستدعي تدخل المشرع إحداث نظام الغرامة المدنية، كجزاء للقضاء على التحايل والغش أو اإلهمال في التبليغ وكذلك التنفيذ على جميع األطراف المدنية ،وذلك لسد الطريق أمام المتقاضين ذوي سوء النية الستغالل هذه الدعوى لعرقلة البت في القضايا والتملص من تنفيذ األحكام وكما يجب الرفع من مستوى المكلفين بالتبليغ ماديا و معنويا و إحداث نظام محكم لمراقبة عملهم تسند مهمته إلى أطر كتابة الضبط.
كما من األجدر أن يسمح المشرع في حالة العجز
عن التوقيع ،بالتوقيع بالبصمة وأال تعاد الشهادة إلى كتابة الضبط ،والسند في ذلك هو التقليل من حدة طول اإلجراءات التي عادة ما تعزي تطبيق قواعد المسطرة .و أيضا التعامل مع مساطر تنفيذ األحكام والمقررات القضائية بفعالية ونجاعة أكثرحتى تكون هناك ثقة بين اإلدارة القضائية والمواطن.