You are on page 1of 4

‫إعداد‪ :‬الصّحيب بوقرّة‬

‫اجلمهوريّة التونسيّة‬
‫أستاذ مربّز يف الفلسفة‬
‫وزارة التربية‬

‫[السيادة واملواطنة]‬

‫السيادة و املواطنة‬ ‫[ جذاذة مراجعة]‬

‫نبتش‬
‫"املواطنة هي ما به تتميز اإلنسانية و ما به تسمو حنو االخالقية و احلرية املطلقة ‪،‬‬
‫ولكن هذا يشرتط فقط مرور اإلنسان عرب الدولة"‬
‫‪ -‬فيخته‪ -‬يف متجيد الثورة الفرنسية ‪-‬ص‪149‬‬
‫إعداد‪ :‬الصحيب بوقرة‬

‫إحراجات املسألة‪:‬‬ ‫اإلهتمام‬


‫نبتش‬ ‫دواعي‬

‫ما هي مقوّمات السيادة؟ وبأي معنى متثل السيادة قيمة مطلقة أو مبدأ أساسيا يعرب‬ ‫▪‬ ‫▪ لعلّ ما مييزّالفكر الفلسفي هو حلظة إشتغاله على جمال ما حياول رسم حدوده بتعيني ما مييّزه‬
‫عن الشأن السياسي؟ وهل تعين السيادة السلطة؟ وهل تفيد السلطة ضرورة‬ ‫ويفرّقه عمّا سواه‪ ،‬ولذلك كان من الالزم على الفلسفة حلظة تشتغل على اجملال السياسي بيان ما‬
‫معاينة النفوذ واهليمنة واإلخضاع واالستبداد؟‬ ‫تعنيه السيادة وتعنيه املواطنة‪...‬‬
‫هل يقتضي احلديث عن السيادة التمييز بني سيد وعبد؟ وهل حييل معنى السيادة‬ ‫▪‬
‫▪ قد يكشف منطق البداهة عالقة التوترّ بني الشأن الفلسفي والشأن السياسي‪ ،‬حيث التعارض بني‬
‫على منوذج اجملتمع العبودي حيث القسمة النهائية بني السيادة واخلضوع؟‬
‫منطق احلكمة وواقع احلكم‪ ،‬ولكن عالقة التوتّر ال متنع التفكرّ والنظر‪.....‬‬
‫ولكن هل من معنى للحديث عن مواطنة يف ظلّ سيادة استبدادية؟ هل يضمن عدل‬ ‫▪‬
‫املستبد مشروعيّة السيادة؟‬ ‫▪ كان اخلطاب الفلسفي منذ سقراط يبحث ويبعث "على اإلزعاج” لذلك أعترب تدخلّ الفيلسوف يف‬
‫أال ميكننا احلديث عن السيادة دون استحضار مفهوم العبودية أو اخلضوع؟ أال‬ ‫▪‬ ‫اجملال السياسي تهديدا للسيادة والسلطة‪ ...‬ولكنّ هذا التهديد ضروري ل‪....‬‬
‫ميكن أن نتحدث عن طاعة دون أن تكون الطاعة خضوعا آو دون أن يكون‬ ‫▪ يدفعنا واقع االستبداد واهليمنة والسيادة املطلقة على مراجعة مقوّمات السيادة ومنزلة الفرد يف‬
‫املطيع عبدا أو رعيّا؟ أليس من اخللف اختزال السيادة يف االستبداد؟‬ ‫ظلّ هذه األنظمة الكليانيّة‪....‬‬
‫هل يعدّ العبد مواطنا؟ وهل من متييز ممكن بني املواطن والرعيّ؟ فما املواطن؟ وما‬ ‫▪‬ ‫▪ حيرج واقع العوملة بعض املقوالت اليت كانت يف فكر احلداثة عالمة على إنتصار العقل كمقولة‬
‫املواطنة؟ وما عالقة املواطن بصاحب السيادة؟‬ ‫السيادة واملواطنة‪ ،‬إذ كما التهمت العوملة اليوم الدولة يف أحشاءها التهمت املواطنة‪.‬‬
‫وهل الدميقراطية حلّ ملشكل إستبداد السيادة؟ أال يكشف واقع الدميقراطيّة أنها‬ ‫▪‬
‫▪ قد ال يرتقي الواقع على ما ينشده اإلنسان‪ ،‬ولكن هذا ال مينع اإلنسان من التفكري فيما ينبغي‬
‫أشدّ إستبداد وأدهى من اإلستبداد ذاته؟ فهل من املشروع التظننّ على ما على‬ ‫أن يكون‪ ،‬وكأن تفكريه هذا هو شرط حتمّله الواقع وانتظار إرتقاءه إىل املمكن‪ ،‬ولعلّ هذا ما‬
‫أساسه تقوم كلّ مشروعيّة؟‬ ‫يصدق على واقع السيادة والدولة واحللم الذي يصاحب اإلنسان يف وجود مدينة فاضلة ‪...‬‬

‫يعترب مفهوم السيادة أمشل من السلطة؛ فالسلطة "هي ممارسة السيادة( يطلق البعض على السيادة صفة السلطة العليا‪ ،‬ولكن أن تكون السيادة عليا هذا ال يفيد‬ ‫يف احلاجة إىل السيادة‬
‫التعالي على الشعوب‪ ،‬وإذا كانت سيادة الدولة مستمدة من الشعب كانت دميقراطية وإذا كانت غري مستمدة منه كانت السيادة مهما تنامت عدالتها وتعاظمت‬
‫قداستها استبدادا‪.‬‬
‫كان ماكيافيلي أول من اعترب أن السلطة السياسية قوة يتم امتالكها ألجل إقامة الدولة‪ ،‬بل إنه قد فكّر يف الدولة كقوة تقوم على الضرورة والتدخل يف الواقع‬
‫ألجل التحكم فيه و املبدأ الذي حكم السياسة وفقاً ألمري ماكيافيلي كان قائماً على السيكيولوجيا اخلاصة بالطبيعة البشرية‪ ،‬إذ على األمري أالّ يبين سلطته على‬
‫األخالق ومبدأ الفضيلة‪ ،‬بل على فساد الطبيعة البشرية وتناقضاتها الداخلية‪ ،‬لذلك‪ ،‬ينصح ماكيافلي األمري بضرورة إقامة سياسته على القوة والرتهيب أكثر من‬
‫الرأفة واللني‪ .‬فاحلق الوحيد الذي تقوم عليه سلطة األمري هو حق القوة‪ ،‬وسيادة األمري حيصنّهاو يضمنها خوف الرعايا‪.‬‬
‫حيافظ هوبس على املوقف امليكيافيلي القائم على فساد الطبيعة البشرية وتناقضاتها الداخلية‪ ،‬ويعترب إحتكام السيادة ملنطق القوّة –إن كان يف القوّة منطق‪ -‬مرّده‬
‫التناقض القائم يف حالة غياب السيادة أو حالة الطبيعة بني احلق الطبيعي {احلريّة}والقانون الطبيعي{البقاء} ‪ ،‬خاصة إذا كان اإلنسان خييّر قانونا يضمن حياته على‬
‫حقّ قد يكون سببا يف موته‪.‬‬
‫‪ -‬احلياة يف غياب السيادة هي حياة اخلوف والعنف‪ ،‬أين يتعارض احلق الطبيعي [احلريّة] مع القانون الطبيعي [حفظ البقاء]؛ واإلنسان يف غياب السلطة ذئب ويف حضورها‬
‫طيّب ومسامل‪.‬‬
‫‪ -‬حالة الطبيعة هي مصدر املوت العنيف أو فضاء حرب الكلّ ولو استمرت النقرض اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬نفهم بفعل التفويض أن الدولة نتيجة اتفاق ومواضعة‪ ،‬حددتها ضرورة عـــقلية [والعقل ابن الضرورة]‪ ،‬والضرورة تقتضي البحث عن سيادة تضمن التحوّل من حالة‬
‫احلرب إىل حالة السلم وهذا هو منطق حساب املصلحة‪ ،‬ومنطق الضرورة العقلية يفيد أن اإلنسان هو الذي أراد الدولة وأنّ السيادة خلق وإنتاج عقلي‪.‬‬
‫قد يكون يف سيادة القوّة شرّ‪ ،‬ولكنها شرّ البدّ منه‪ ،‬وشرّ الدولة أفضل من شرّ انعدامها‪.‬‬
‫‪ -‬املصلحة والعقل يقتضيان تنازلي الكلّي واملطلق عن حرّييت‪ ،‬وتنازلي لن يتمّ إالّ يف حالة تنازل اآلخرين مثلي عن حقّهم‪ ،‬وهذا التنازل املتبادل يفرتض ضامنا‪ ،‬تكون له‬
‫مطلق احلريّة والقوّة‪.‬‬

‫‪philofoubouguerra@yahoo.fr‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الصّحبــي بـ ـ ــوقرّة‬


‫إعداد‪ :‬الصّحيب بوقرّة‬
‫اجلمهوريّة التونسيّة‬
‫أستاذ مربّز يف الفلسفة‬
‫وزارة التربية‬

‫[السيادة واملواطنة]‬

‫• مصطلح االستبداد (‪ )Despotisme‬مشتق من كلمة يونانية (‪ ) Despotes‬وتعين رب األسرة أو سيد املنزل أو السيد على عبيده‪ ،‬واستخدمت يف سياق سياسي‬ ‫السيادة ومشكل اإلستبداد‬
‫لوصف احلكم املطلق الذي تكون فيه سلطة احلاكم على رعاياه مماثلة لسلطة األب على أبنائه يف األسرة‪ .‬واحلاكم يربر كل تصرفاته بأبوته‬
‫للمواطنني مبا فيها كل أنواع العقاب‪ .‬وخيتلط مفهوم االستبداد بعدد من املفاهيم اليت تبدو مرتادفات رغم الفروق الدقيقة‪ ،‬ويستعمل البعض مصطلح‬
‫االستبدادية لوصف درجة تسلط احلاكم‪ ،‬فإذا كان احلاكم ال يلتزم بقانون‪ ،‬وإمنا قوله وفع له هما مبثابة القانون فهو نظام حكم استبدادي‪ .‬أما إذا كان‬
‫هناك قانون يلتزم به احلاكم ولكنه حيتكر سلطة التعديل والتغيري يف القانون فهو أذن حكم مطلق‪.‬‬
‫• هل يضمن عدل املستبدّ مشروعيّة سيادته؟ وهل يعدّ اإلنسان اخلاضع لعدل املستبدّ مواطنا؟‬
‫• عندما تتعوّد الشعوب على اإلستبداد تتعوّد على العبوديّة‪ ،‬وقد تكون السيادة املستبّدة عادلة ولكنّها ستزول مبوت املستبدّ العادل‪ ،‬وعندها لن يكون للشعوب اليت حتوّل إىل‬
‫قطيع القدرة على صنع السيادة من ذاتها‪ ،‬بل ستكون يف حاجة إىل مستبدّ آخر قد يكون أقلّ عدال وأكثر بطشا‪.‬‬
‫السيادة املستبدّة قد تكون عادلة ولكنّ العدالة ال تضمن املشروعيّة‪ ،‬إذ الضامن الوحيد ملشروعيّة السيادة هو املواطنة‪ ،‬وإذا كان املواطن عبدا أو كان رعيّا فلن يكون أهال‬
‫حتّى لضمان السيادة‪ ،‬وهذا يعين أنّ مشكل السيادة ال يطال الرعيّة فحسب بل يطال السيادة ذاتها‪.‬‬

‫اإلرادة العامة‬
‫سيادة اإلرادة العامة‬

‫"حالما يوجد سيّد ال وجود لشعب يتصّف‬ ‫"من الممكن أن ينتقل الحكم أمّا اإلرادة‬ ‫"إن السيادة التي ليست سوى كائن جماعي ال‬ ‫"السيادة التي ليست سوى ممارسة اإلرادة‬ ‫"وحدها اإلرادة العامة تستطيع توجيه قوى‬
‫بالسيادة"‬ ‫العامة فيستحيل نقلها"‬ ‫يمكن أن يحُق تمثيلها إال من قبل ذاتها"‬ ‫العامة ال يمكن التنازل عنها"‬ ‫الدولة"‬

‫• السيادة بهذا املعنى ليست نفيا للحق‪ ،‬بل هي ما يضمنه‪ .‬وإذا كانت السيادة بالنسبة هلوبز تفهم على أنها خروج من حالة الطبيعة فهي بالنسبة لسبينوزا ما به تستمرّ حالة الطبيعة‬
‫املواطن ال يطيع السيادة إال إنطالقا من حساب املصلحة واملنفعة ال إنطالقا من منطق االكراه‪ ،‬بلغة أخرى ميكن للمواطن أن يدمج قدرته مع قدرة اآلخرين أو أن يوظفها ضدهم‪ ،‬فالدافع‬
‫ميكن أن حتركه املصلحة كما حتركه اخلشية‪.‬‬
‫يف منزلة الدميقراطية‬
‫• وإذا كانت املدينة هي فضاء املنافع املختلفة فإن السيادة جيب أن تكون فن احملافظة على وحدة املنافع‪ ،‬ولذلك فالسيادة اليت حتافظ على ما ينتفع به املواطن أفضل وأبقي من السيادة‬
‫اليت يهاب سلطتها املواطن‪ .‬وهلذا يعترب سبينوزا ان الدولة اليت تكون دوافع فعل مواطنيها الرجاء أكثر قدرة من الدولة اليت تكون دوافع فعل مواطنيها اخلوف‪ .‬وهو بهذا يكون من أوائل‬
‫املفكرين الذين بينوا أن السيادة ال تقاس بدرجة اخلوف وإمنا بدرجة الثقة اليت توحي بها باعتبارها فضاء حتقيق املنافع‪.‬‬
‫• ليس اإلنسان ذئبا لإلنسان وإمنا ال يستفيد اإلنسان إال من اإلنسان فاإلنسان إله لإلنسان على حد عبارة سبينوزا‪ .‬ال أحد يرتك ما يرى أنه خري إال أمال يف خري أعظم‪ ،‬أو خوفا من ضرر‬
‫أكرب‪ ،‬وال أحد يقبل الشرّ إال جتنبا لشرّ منه أعظم أو أمال يف خري‪.‬‬
‫• ال ميكن أن نفهم عالقة التضمن بني السيادة واملواطنة إال بالنظر إىل نظام دميقراطي تكون فيه السيادة للشعب‪ ،‬ولذلك نتحدثّ مع سبينوزا عن الدميقراطية باعتبارها عقل الدولة‬
‫وعن االستبداد باعتباره جنونها‪.‬‬
‫إذا كانت الدميقراطية هي النظام األنسب للسيادة العاقلة فإن الالئكية هي ما به حيافظ هذا العقل على اتزانه وثباته حبيث تتحررّ السيادة من قوى االنفعال اليت عادة ما توظفّ للقمع‬
‫واالستبداد أو لالستكانة والصرب‪.‬‬
‫• وهذا يعين أن السياسة احلديثة ال تتأسس ضد املواطن بل مع املواطن كما بيّن ذلك الحقا ميشال فوكو‪ .‬هذا ما راهن عليه الفكر السياسي يف عصر األنوار وهذه الفكرة اليت رمستها‬
‫الفلسفة السياسية للمواطن والدولة‪ ،‬مواطن إنسان يتمتع بكل حقوقه السياسية واملدنية واالجتماعية واالقتصادية ودولة تتبنى على أساس املشروعية واإلرادة العامة وإستمراريتها‬
‫مشروطة مبدى استجابتها لإلرادة العامة مستندة يف ذلك إىل سلطة القانون وقوته‪ .‬رغم ما يثريه اجلمع بني القانون والقوة من مشكل يف الدولة ذلك أن الدولة بهذا املعنى حتتاج لتطبيق‬
‫القانون إىل نوع من القوة وهذه القوة هي ما يسمى بالعنف املشروع‪ ،‬وليس هنالك من حلّ لتذليل مشكل العالقة بني القانون والقوة داخل سيادة الدولة إال بتحويل السيادة ذاتها فضاء‬
‫للمواطنة وليست نفيا هلا أي فضاء للحق والعدالة‪.‬‬

‫‪ -‬الدميقراطيّة عنصريّة يف أصلها اإلغريقي والروماني ‪ +‬الدميقراطية حتيل على سلطة األغلبية‪ +‬ختفي التفاوت طبقيا‪ ،‬يصل إىل ح ّد التناقض يثري هذا التناقض مشكل العدل واملساواة‪ " + ....‬الدولة هي مثرة‬
‫يف نقد الدميقراطية‬
‫التناقضات الطبقية املتناحرة ومظهرها "‪.‬‬
‫‪ -‬تكشف حضارة االستهالك والتصنيع أفول زمن املواطن واإلنسان‪ ،‬فقدرة املرء على اختيار أسياده حبرية ال تلغي السادة وال العبيد‪ " .‬وإن احلرية الوحيدة املتبقية "للمواطن األسري" هي رضاءه التخلي عن حريته بكل‬
‫دميقراطية‪ .‬يستغين اإلنسان ذو البعد الواحد عن احلرية بوهم احلرية‪ ،‬انه ذلك الذي يتو هم انه حر ألنه خيتار بني تشكيلة كبرية من البضائع واخلدمات اليت يكفلها اجملتمع لتلبية حاجاته‪ ،‬انه كالعبد الذي يوهب‬
‫احلرية يف اختيار سيده‪ ،‬وهل يكون حرّا من ال خيتار إال سيّدا؟‬
‫ويقول ماركوز أن األنظمة األكثر ديكتاتورية يف التاريخ فشلت يف النهاية يف إلغاء البعد النايف هلا‪ ،‬يف حني ت نجح األنظمة الدميقراطية املتقدمة صناعيا يف إلغاء ذلك البعد‪.‬‬
‫هذا وحتوز الدولة ( السلطة السياسية) على مكونيني أساسيني ألبطال أي مفعول للمعارضة‪ ،‬بكونها دولة رفاه‪ ،‬من الالعقالنية املطالبة بتغيريها‪ ،‬مع أنها يف احلقيقة دولة تبذير تعمل دوما على خلق حاجات‬
‫مصطنعة للناس ومن ثم تلبيها‪ ،‬أما املكون الثاني فهو أنها دولة حرب دائمة‪ ،‬تستنفر كل القوى ملواجهة اخلطر الدائم واملهدد هلا ( كاحلرب النووية أو الغزو اخلارجي وخطر الشيوعية)‪ ،‬حيث تعمل دوما على‬
‫التذكري بذلك اخلطر لكبح ودمج القوى اليت مل يستطع اجلهاز قمعها ودجمها‪ ،‬وبذا يكون منطق السياسة منطق اهليمنة والسيطرة‪.‬‬

‫" يلزمنا منوذج جديد للمواطنة العامليّة ميكنه أنّ حيطّم الرابطة بني اإلنتماء واإلقليميّة" مواطنة متكننّا من القطع مع باراديغم " اإلنسان الفرد" يف شكله اإلستبدادي‪ ،‬ويف شكله الليبريالي‪ ،‬أو مواطنة كونيّة تعرتف بالتنوع‪ ،‬تقوم على " دستور كوني‪ ...‬لكلّ ما‬
‫هو جوهري بالنسبة إىل السلم الدائمة " كما عربّ عن ذلك كانط‪ ،‬حيث يصبح اإلنسان غاية ال وسيلة‪.‬‬
‫هكذا تبنى املواطنة الكونيّة على أساس إيتيقي‪ ،‬ونستعيد للسياسة أخالقها ونقطع مع القطع امليكيافيلي بني السياسة واألخالق‪ ،‬ولكن ال معنى هلذا األساس اإليتيقي إذا مل نتحر ّر من صورة الذئبّ اليت رسم بها هوبس مالمح اإلنسان‪ ،‬وإذا مل نقطع مع العقل‬
‫األداتي الذي إختزل اإلنسان يف صورة غول استهالكي‪ ،‬فنواجه هذا العقل املهوس بالقيم الرباغماتيّة‪ ،‬الذرائعيّة واالسرتاتيجيّة ‪ ،‬بعقل تواصلي يستعيض عن العنف باحلوار‪ ،‬وعن الصراع باالعرتاف املتبادل‪.‬‬
‫كما أن البحث عن باراديغم جديد للمواطنة يشرتط كذلك باراديغم جديد للدميقراطيّة‪ ،‬يتجاوز مزالق النظم الدميقراطيّة اليوم اليت ظاهرها دميقراطي وفعلها هيمين واستغاللي‪ ،‬هذا الباراديغم اجلديد يسميه إدغار موران "املواطنة املركبّة" الذّي قد يكون رهني‬
‫تربية املستقبل ولكنّه املدخل األساس إىل سياسة اإلنسان‪.‬‬

‫و إذا مل تكن الدميقراطية يف ال فكر الرافض للدميقراطية سوى الوسيلة السياسية اليت تستعملها الربجوازية لإلستبداد على الطبيعة الكادحة و استغالهلا‪ ،‬فإنّ هذا ال ي عين القطع مع الدميقراطية و إمناّ جعلها نظاما‬
‫ل هذا ما قصده مجال عبد الناصر عندما قال‪ ":‬ال معنى للدميقراطية السياسيّة أو للحرية يف صورتها‬ ‫إجتماعيّا قبل أن تكون نظاما سياسيّا‪ ،‬بل مل تكن الدميقراطية نظاما يف احلكم إالّ ألنها م ا قبليّا نظاما إجتماعيا‪ ،‬و لع ّ‬
‫اإلستخالص‬
‫السياسية من غري الدميقراطية االقتصادية أو احلريّة يف صورتها اإلجتماعيّة"‪ ،‬و هذا لن يتحققّ إالّ بامتالك جمتمع مدني قادر على إحداث توازن سياسي و اجتماعي بني سيادة الدولة و حقوق اإلنسان‪ ،‬و لن ميتلك اجملتمع املدني‬ ‫‪:‬‬
‫هذا النفوذ إالّ يف ظلّ دولة دميقراطيّة‪ ،‬و لذلك ليس هنالك من بديل عن الدميقراطيّة حتّى و إن كان هنالك ما يدعونا للتشكيك فيها‪ ،‬فعيوب الدميقراطيّة و ال عيوب اإلستبداد‪ ،‬أل ّن مشاكل الدميقراطيّة حنلّها دميقراطيّا‬
‫أمّا مشاكل اإلستبداد فال حلّ إالّ باجلنوح حنو الدميقراطيّة‪ .‬كلّ هذا يعين أنّ النقد املوجهّ للدميقراطيّة وللمواطنة هو نقد موجّه ملا هو كائن حبيث ال حييل على املاينبغي أن يكون وألنّ ما هو كائن ليس واجبا فإنه من‬
‫الواجب جعل الواجب كائنا ممكنا‪ ،‬هذا هو شأن الفلسفة وقدرها نقد للكائن وانفتاح على املمكن‪.‬‬

‫‪philofoubouguerra@yahoo.fr‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الصّحبــي بـ ـ ــوقرّة‬


‫إعداد‪ :‬الصّحيب بوقرّة‬
‫اجلمهوريّة التونسيّة‬
‫أستاذ مربّز يف الفلسفة‬
‫وزارة التربية‬

‫[السيادة واملواطنة]‬

‫الدولة ‪ :‬السيادة و املواطنة‬ ‫للتذكّر‬

‫ل شيء القدرة على استكشاف العدوّ"‬


‫كارل مسيث‪ ":‬إن السياسة هي قبل ك ّ‬

‫كلوزفيتش‪ ":‬احلرب هي مواصلة السياسة بطرق أخرى"‬

‫ابن خلدون‪ ":‬من كان مرباه بالعسف والقهر‪...‬سطا به القهر وضيق عن النفس يف انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إىل‬
‫املقدمة‬ ‫الكسل ومحل على الكذب واخلبث‪...‬وفسدت معاني اإلنسانية اليت له "‬

‫أرسطو‪ " :‬من الطبيعي أن يأتلف اآلمر واملأمور رغبة يف البقاء‪ ،‬فمن ميكنه ذكاؤه من االحتياط لألمور هو بالطبع‬
‫رئيس‪ ،‬ومن ميكّنه جسمه من القيام مبا يتطّلب ذلك االحتياط‪ ،‬فهو مرؤوس"‬

‫ريكور‪ ":‬إن الوجود السياسي لإلنسان وجود حيميه العنف ويوجهه‪ ،‬هو عنف الدولة وهومشروع متسم بسمات‬
‫العنف الشرعي"‬

‫تضمنه لألقوياء"‬ ‫غاندي‪ " :‬جيب أن تضمن الدميقراطية للضعفاء ما‬

‫روسو‪ ":‬إذا وجد شعب من اآلهلة‪ ،‬فإنه سيحكم نفسه دميقراطيا‪ ،‬فحكم على هذا القدر من الكمال ال‬
‫يناسب البشر"‬

‫سارتر" إّنين مسؤول أمام نفسي وجتاه اآلخرين‪ ،‬وأنا أبدع صورة خاصة لإلنسان أعتربها لنفسي‪ ،‬وإذ‬
‫أختارلنفسي‪ ،‬فإّنين أختار اإلنسان"‬

‫جورج مسيث ‪":‬إن السلطة هي القدرة على الفعل يف األشخاص والتأثري فيها باللجوء إىل جمموعة من الوسائل ترتاوح‬
‫بني اإلقناع والقهر"‬

‫أفالطون" إن الشرور لن تنتهي إذن بالنسبة إىل البشرقبل أن يصل إىل احلكم جنس الفالسفة احلقيقيني اخلّلص‬
‫الرسالة السابعة‬ ‫أو قبل أن ينكب حكام هذه املدن بُقدرةِ قادر على الّتفلسف فعليا‪".‬‬

‫ج‪-‬ج روسو ‪ :‬حاملا يوجد سيد ال وجود بعد لشعب يتصف بالسيادة‪ ،‬ومن ثم يندثر اجلسد السياسي‪".‬‬
‫يف العقد اإلجتماعي ص‪34‬‬

‫أنقلز" إن الدولة هي وليدة اجملتمع ولكنها تغدو تدرجييا غريبة عنه"‬

‫ج‪.‬بريدو‪ ":‬إذا كان للدولة احلديثة غالبا وجه بشع‪ ،‬فذلك عائد بقسط كبري منه إىل أن اجملتمعات اليت تعرب‬
‫الدولة عن جهودها للتجمع تفتقد إىل العظمة والعزة"‬

‫‪philofoubouguerra@yahoo.fr‬‬ ‫‪3‬‬ ‫الصّحبــي بـ ـ ــوقرّة‬


‫إعداد‪ :‬الصّحيب بوقرّة‬
‫اجلمهوريّة التونسيّة‬
‫أستاذ مربّز يف الفلسفة‬
‫وزارة التربية‬

‫[السيادة واملواطنة]‬

‫شوبنهاور‪" :‬ليست الدولة إ ّال جلاما لكبح ذلك احليوان الالّحم الذّي هو اإلنسان وجعله يظهر مبظهر حيوان مسامل"‬

‫الداء السياسي اجلوهري"‬ ‫ريكور ‪ ":‬ينزع صاحب السيادة دوما إىل ابتزاز السيادة‪ ،‬ذاك هو‬

‫إدغار موران" ينتج املواطنون الدميقراطية وتعمل هي األخرى على إنتاجهم"‬

‫موران‪":‬تشكل الدميوقراطية إذن نسقا سياسيا مركبا‪ ،‬باملعنى الذي جيعلها حتيابفضل هذه األشكال من التعدديات‪،‬‬
‫واملنافسات‪ ،‬والتناقضات‪ ،‬مع احلفاظ على وحدة اجلماعة ‪.‬هكذا فالدميوقراطية عبارة عن وحدة توحد داخلها بني الوحدة‬
‫واالنشقاق‪ ،‬إّنها تقبل وتتغ ّ ذى كثريا‪ ،‬وأحيانا بشكل هيجاني‪ ،‬من الصراعات اليت تضفي عليها تلك احليوية اليت تتميز به ‪...‬‬
‫جيب على الدميوقراطية أن حتافظ على هذه التعددية لكي حتافظ على ذاتها‪" .‬‬

‫ماكس فييرب‪" :‬إ ّن العنف ليس اآلداة الطبيعيّة الوحيدة للدولة و لكن العنف هو اآلداة املميّزة هلا"‬

‫ب‪.‬ريكور‪ ":‬إ ّن الوجود السياسي لإلنسان وجود حيميه العنف و يوجهه‪ ،‬هو عنف الدولة وهو متسّم بسمات العنف الشرعي"‬

‫ج‪.‬فروند‪ ":‬إن القوّة و الضعف و العنف تنتمي مجيعا إىل صنف واحد مع فارق هو أن الضعف إمنا هو نقصان و العنف إسراف‬
‫والقدرة قائمة على القوّة"‬

‫ج‪.‬فروند‪ ":‬إن الديكتاتوريات ال تعرتف إال بقوّة واحدة تستبعد كلّ قوّة أخرى"‬

‫املنطق الشمولي‬ ‫كلود لوفور‪ ":‬إن الدميقراطيّة قوّة إبداعية قادرة على إحداث رجة‪ ،‬ال بل على حنر التنني الكلياني"‬

‫ج‪.‬جاك روسو‪ ":‬إن كلّ اخلدمات اليت يستطيع مواطن ما أداءها للدولة تصبح واجبا مفروضا عليه حاملا تطالب السيادة بها‪.‬‬
‫لكن السيادة من جانبها ال تستطيع أن تثقل كاهل الرعايا بأيّ قيد ال يعود بالنفع على اجملموعة"‬

‫)‪Georges Burdeau: «Les hommes ont inventé l’Etat pour ne pas obéir aux hommes » (L’Etat, 1970‬‬
‫"إخرتع البشر الدولة حتّى ال يطيعوا النّاس"‬

‫‪philofoubouguerra@yahoo.fr‬‬ ‫‪4‬‬ ‫الصّحبــي بـ ـ ــوقرّة‬

You might also like