Professional Documents
Culture Documents
مطبوعة الدكتور بن عمران... مقياس قانون مكافحة الفساد.... سنة ثالثة قانون عام..... فوج1-converti
مطبوعة الدكتور بن عمران... مقياس قانون مكافحة الفساد.... سنة ثالثة قانون عام..... فوج1-converti
2
-انعكاسات الفساد على أبعاد التنمية
-السياسة الوقائية املعتمدة
-األحكام الجزائية في مجال الفساد
-التعاون الدولي في مجال مكافحة الفساد
أوال /مجاالت الفساد ومظاهره:
قبل الحديث عن مجاالت الفساد ال بد من مدخل لذلك يقرب هذه الظاهرة ويبحث ولو بشكل مختصر في
مفهومها:
تعريف الفساد:
تعددت التعريفات الفقهية املقدمة لهذه الظاهرة ،حيث يعرف البعض الفساد بأنه "تصرف وسلوك وظيفي
فاسد خالف اإلصالح هدفه االنحراف والكسب الحرام والخروج على النظام ملصلحة شخصية" ،كما يعرف بأنه
"خروج عن القوانين واألنظمة ،أو استغالل غيابهما ،من أجل تحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية مالية وتجارية ،أو
اجتماعية لصالح الفرد أو لصالح جماعة معينة"(.)1
وهو كذلك استعمال السلطة العامة أو الوظيفة العامة للكسب الخاص بطرق وصور عديدة كطلب الرشوة أو
سرقة أموال عمومية بحيث يمتد إلى كل ما يرتكبه املوظف العمومي من إخالل بواجباته الوظيفية العامة ،وبعبارة
أخرى هو إساءة استغالل السلطة املرتبطة بمنصب معين بهدف تحقيق مصالح شخصية على حساب املصالح
العامة(.)2
كما عرفت الفساد اإلداري العديد من املنظمات والهيئات الدولية ،على غرار منظمة الشفافية الدولية التي اعتبرت
الفساد بأنه" :كل عمل يتضمن سوء استخدام املنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته"( ،)3أما
اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد لسنة ،)4( 2003فلم تتطرق إلى تعريف الفساد مباشرة بل أشارت إلى صوره
( - )1حسنين المحمدي بوادي،الفحاداإلداريلغ بالم سالح ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية (ممر) ،2008 ،ص .13
-ياسر خالد بركات الواالي،الفحاداإلداري لفه و ل ه و لطا هده وأ سبا ب ه ،دار ممر العربية للنشر ،القاهرة (ممر) ،2007 ،ص .18 ()2
()3
-منظمة الشفافية الدولية هي منظمة غير حكومية مهمتها فضح وتقييد الفساد المحلي والدولي ،والرفع من فرص وهسب مساءلة الحكومات ،وهي تمثل حركة
دولية لمحاربة الفساد ،أهشأت عام 1993ومقرها برلين ،لمزيد من التفميل حول دور ومهام هذه الهيئة ،اهظر :الموقع االلكتروهي للمنظمة على الرابط التالي:
./https://www.transparency.org
()4
-في ظل استفحال الفساد وفي إطار البحث عن سبل معالجة هذه الظاهرة ،وضعت اإلمو المتحدة صكا عالميا اعتبر اإلول والوحيد الملزم قاهوها لمكافحة الفساد،
وقد اعتمدت الجمعية العامة االتفاقية في أكتوبر من سنة ،2003ودخلت حيز النفار في 14ديسمبر ، 2005وقد صادقت عليها أغلب دول العالو على غرار الجزاار
التي صادقت عليها في 2004وكذلك المملكة المغربية سنة ،2007اهظر على التوالي - :اتفاقية اإلمو المتحدة لمكافحة الفساد ،منشورة على الرابط االلكتروهي
التالي:
.http://unpan1.un.org/intradoc/groups/public/documents/un/unpan038992.pdf
-المرسوم الرااسي رقو 128-04المؤرد في 19أفريل 2004المتضمن التمديق بتحفظ على اتفاقية اإلمو المتحدة لمكافحة الفساد ،المعتمدة من قبل الجمعية
العامة لألمو المتحدة بنيويورك يوم 31أكتوبر ،2003الجريدة الرسمية الجزاارية ،عدد ،26بتاريخ 25أفريل ،2004ص 12وما بعدها.
3
وأشكاله من خالل املواد 15إلى 25في االتفاقية اآلنفة وهي :الرشوة – االختالس – املتاجرة بالنفوذ – إساءة استغالل
الوظائف – اإلثراء غير املشروع – غسيل األموال...
وبالرجوع إلى املشرع الجزائري ،نجده قد حذا نفس الحذو الذي أخذته اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد في
تحديد مفهوم هذه الظاهرة؛ إذ أنه اختار كذلك عدم تعريف الفساد مع اكتفائه بتحديد صوره وأشكاله.
-جر ائم الفساد:
لقد أولى املشرع أهمية كبيرة ملكافحة الفساد اإلداري في سياسته الجنائية وذلك بتجريم غالبية صوره ومظاهره
والتي تشكل تهديدا على سير وعمل اإلدارة العامة ومن ثم على مسار التنمية املنشود من طرف الدولة ،وذلك بموجب
القانون رقم 01-06املتضمن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ( ،)5والذي خصص من خالله املشرع بابا كامال
لتحديد مظاهر الفساد ومختلف سلوكاته وتجريمها ،ويعتبر التجريم من أهم اآلليات الجزائية ملكافحة الفساد ،ورغم
أن املشرع قد تأخر نوعا ما في هذا الشأن إذ لم يصدر قانون الوقاية من الفساد ومكافحته إال في سنة ،2006إال أن
الجزائر تعتبر من بين الدول السباقة في هذا الشأن سواء من حيث مصادقتها على اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة
الفساد أو من حيث سن قانون خاص ومستقل لتجريم الفساد.
واملشرع وإن لم يجرم الفساد صراحة إال في ظل القانون رقم ،01-06إال أنه في نطاق قانون العقوبات جرم الكثير
من األفعال والسلوكات املاسة بالوظيفة العامة ونزاهتها وهي ما كان يطلق عليها بالجرائم الوظيفية كالرشوة والغدر
واإلعفاء والتخفيض غير القانوني في الضريبة والرسم واالختالس واستغالل النفوذ ،....والش يء املالحظ في هذا الصدد
أن املشرع قام بنقل الجرائم الوظيفية إلى قانون مستقل هو قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ،مع إعادة النظر في
هذه الجرائم التي كانت واردة في قانون العقوبات ،كما أن دوره لم يقتصر عند هذا الحد بل تعد األمر ذلك إلى حد
توسيع نطاق ومجال بعض الجرائم خاصة الرشوة واالختالس واستغالل النفوذ ،لكي تتالءم والسياسة الجنائية
ملكافحة الفساد والتي تهدف إلى اإلحاطة قدر اإلمكان بكل أفعال الفساد اإلداري حتى ال يكون هناك مجال لنفاذ بعض
التصرفات والسلوكات الفاسدة وخروجها من دائرة التجريم (.)6
أ -جريمة الرشوة:
تتكون الرشوة من جريمتين مستقلتين:
-جريمة اإلرشاء :وهي ذلك الفعل الصادر من املتعامل مع اإلدارة من أجل الحصول على خدمة في وقت قياس ي
أو بمقتض ى إجراءات مختصرة أو مخالفة للمقتضيات املشروطة أحيانا أو من أجل حرمان الغير من خدمة مشروعة
ويدفع للموظف القائم على الخدمة أو لغيره مقابال على ذلك أو يعد به.
( - )5القاهون رقو 01-06المؤرد في 20فيفري 2006المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،الجريدة الرسمية الجزاارية ،عدد ،14بتاريخ 8مارس ،2006ص ،4
المتمو بموحب اإلمر رقو 05-10المؤرد في 26أوت ،2010الجريدة الرسمية ،عدد ،50بتاريخ 1سبتمبر ،2010ص ،16وكذلك المعدل والمتمو بموحب
القاهون رقو 15-11المؤرد في 2أوت ،2011الجريدة الرسمية ،عدد ،44بتارد 10أوت ،2011ص .4
( - )6اهظر الباب الرابع من القاهون رقو 01-06المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،ممدر سابق ،ص من 8إلى .12
4
-جريمة االرتشاء :وهي سعي املوظف العمومي وبفعل إيجابي منه في الحصول على منافع له أو لغيره مقابل
القيام بعمل أو االمتناع عنها ،أو قبول منافع أو عروض مقابل تقديم الخدمة التي هي من صالحياته.
ولخطورة هذه الجرائم خصصت لها اتفاقية األمم املتحدة ملقاومة الفساد مادتان هما املادة 15واملادة . 16
وبالرجوع إلى املشرع الجزائري نجده قد عالج هذه الجريمة في املادة 25من القانون رقم 01-06املتعلق بالوقاية
من الفساد ومكافحته ،حيث حدد أوجه هذه الجريمة والعقوبات املطبقة على مرتكبها.
املادة " :25يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من 200.000دج إلى 1.000.000دج:
-1كل من وعد موظفا عموميا بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها ،بشكل مباشر أو غير مباشر،
سواء كان ذلك لصالح املوظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر لكي يقوم بأداء عمل أو االمتناع عن عمل من
واجباته.
-2كل موظف عمومي طلب أو قبل بشكل مباشر أو غير مباشر مزية غير مستحقة سواء لنفسه أو لصالح
شخص آخر أو كيان آخر ،ألداء عمل أو االمتناع عن أداء عمل من واجباته".
ب -جريمة استغالل النفوذ:
ففي هذه الصورة لم يتلق الفاعل مقابال عن القيام بفعل من عالئق وظيفته أو االمتناع عنه وإنما هو يستغل
عالقته بأصحاب القرار حقيقية كانت أو وهمية من أجل اإليقاع بضحاياه من طالبي الخدمة ويحصل على نفع مقابل
ذلك.
ّ
جرم املشرع هذا الفعل وقرر له عقوبة حيث نص على أن:
5
د -أخذ فو ائد بصفة غيرقانونية:
6
ثانيا /انعكاسات الفساد اإلداري على أبعاد التنمية
ال مناص أن يكون النتشار الفساد آثار سلبية على مجمل األوضاع في الدولة ،مما ينعكس سلبا على أبعاد التنمية
املستدامة التي تسعى جل دول العالم إلى تحقيقها بما فيها الجزائر واملغرب ،ومما ال شك فيه أن معرفة هذه اآلثار
وانعكاساتها من شأنه أن يخلق وعيا داخل املجتمع ويحفز القوى الفاعلة فيه ملحاربة هذه الظاهرة الخطيرة التي تنخر
بنيان الدول خاصة في شقها االقتصادي.
وبهذا فإن للفساد اإلداري آ ثار وعواقب وخيمة على املرفق العام بصفة خاصة وعلى الدولة واملجتمع بصفة عامة،
فهو أحد معوقات التنمية االقتصادية وأحد أبرز اإلشكاالت التي تعترض مسيرة النمو االقتصادي ،كما أن آثار الفساد
ال تقف عند حد عرقلة اإلصالحات االقتصادية بل تتسع لتطال جميع املجاالت وامليادين في الدولة سواء كانت سياسية
أو إدارية أو اجتماعية ،األمر الذي يجعل منه عائق حقيقي يحول دون تقدم املجتمع ،ويمكن حصر هذه اآلثار فيما
يلي:
أ -تأثيرالفساد اإلداري على املساراالقتصادي:
يؤثر الفساد سلبا على النمو االقتصادي للدول ،حيث أن الخسائر االقتصادية التي ظهرت كنتيجة لقضايا الفساد
أعاقت معدالت التنمية االقتصادية في هذه الدول ،وفي هذا الصدد يقول "بيتر أيغن" مؤسس ورئيس مجلس مديري
املنظمة الدولية للشفافية" :أن الفساد هو أحد العقبات الرئيسية للتنمية الناجعة ،بل العامل األكثر تدميرا لها،
ويصف أن الضرر الذي يصيب عملية اتخاذ القرار االقتصادي جراء الفساد يفوق الضرر االقتصادي الناجم عن
تهريب األموال إلى الخارج على ضخامته" ،ويمكن حصر أثار الفساد على الشق االقتصادي في النقاط التالية(:)7
-يعد االستثمار أساس تحقيق التنمية املستدامة وعمادها وللفساد اإلداري أثار كبيرة على هذا املجال حيث
يخفض من حوافز االستثمار وييهئ بيئة غير مشجعة لجذب رؤوس األموال وتشجيع االستثمار داخل الدولة ،كما يخلق
جو من عدم الثقة داخليا يساهم في هروب رؤوس األموال املحلية؛
-يؤدي الفساد إلى إضعاف حجم وجودة موارد االستثمار األجنبي ،ففي الوقت الذي تسعى فيه الدول النامية إلى
استقطاب موارد االستثمار األجنبي بأكبر حجم وأفضل جودة ،ال يمكن أن تحقق هذه االستثمارات هذه النتائج في ظل
بيئة فاسدة ،فقد برهنت الدراسات وأثبتت التجارب أن الفساد اإلداري يقلل من حجم هذه االستثمارات ويضعف من
مردوديتها في بناء وتعزيز االقتصاد الوطني ،بل إنه قد يقود إلى جعلها عبأ كبير على موارد الدولة ،باإلضافة إلى عزوف
املستثمر املبتدئ واألجنبي عن االستثمار بسبب تخوفه من أضرار الفساد.
-يقود الفساد إلى إساءة توزيع الدخل والثروة ،من خالل استغالل أصحاب السلطة والنفوذ ملواقعهم ومناصبهم في
الدولة ،مما يسمح لهم بالسيطرة على معظم املوارد االقتصادية وهو ما يؤدي إلى توسيع الفجوة بين هذه الطبقة وبقية
أفراد املجتمع.
ضاحاألعماك بالمغد ا ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط (المملكة المغربية) ،2018 ،ص 178وما ( - )7خليل اللواح ،دوراإلدار
بالعم و لن ب غى ة ثحنك ل
بعدها.
7
-هدر املوارد بسبب تداخل املصالح الشخصية باملشاريع التنموية؛
-هجرة الكفاءات االقتصادية ،نظرا للمحسوبية واملحاباة في إسناد املناصب؛
-املساس بمصداقية الدولة والجهاز الحكومي من خالل االنحراف باألهداف والسياسات التنموية وإعادة توجيهها
إلى مجاالت وفئات مستهدفة؛
-يؤدي الفساد إلى انخفاض اإليرادات واملداخيل مما يدفع الدولة إلى تغطية نفقاتها عبر وسائل أخرى كاالقتراض
الداخلي والخارجي ،مما يؤدي إلى زيادة املديونية األمر الذي يترك أثرا وخيما على االقتصاد لفترات تمتد لسنوات طويلة
قادمة ،ويعد هذا االنعكاس من أكثر اآلثار تأثيرا على املؤسسات االقتصادية في أي دولة ،ذلك أن نجاح املؤسسة أو
فشلها مرهون بالسياسة اإلدارية ،وإذا ما تفش ى الفساد اإلداري في أي منشأة اقتصادية ،فإن ذلك نذير بإفالس تلك
املنشأة ودخولها عالم املديونية ومن ثم انهيارها؛
-يساهم الفساد في تراجع أداء األجهزة الحكومية وضعف إنتاجيتها مقابل ارتفاع تكلفة الخدمات املقدمة
للمواطنين ،حيث يزيد من التكاليف اإلدارية بسبب الخسارة والنقص في العائدات الحكومية ،كما يؤدي إلى زيادة
املدفوعات ألثمان املواد واللوازم (املغاالة في األسعار)؛
-تزايد عجز امليزانية واستمراره األمر الذي يؤدي إلى فرض ضرائب جديدة على املواطنين باعتباره الحل األسهل
الذي يمكن أن تلجأ إليه أغلب الدول النامية.
ب -تأثيرالفساد اإلداري على املستوى السياس ي واالجتماعي
السياسة واملجتمع ال تنفصل عن اإلدارة بأي حال من األحوال ،ولهذا فإن أي تغيير يطرأ على اإلدارة يلقي صدا
واضحا وعميقا على السياسة واملجتمع ،فعندما تكون هناك إدارة فاسدة فيعني ذلك بأن هناك خلل في العمل السياس ي
يجعله غير عادل ومستقر ،ولن يكون ملخرجاته فائدة مرجوة على األمن واالستقرار والتنمية ،ونفس الحال مع املجتمع
فحيثما تكون هناك إدارة غير سوية وفاسدة فإن ثقافة املجتمع وقيمه لن تكون بعيدة عن آثار الفساد ،ناهيك عن
سوء الخدمات االجتماعية التي يمكن أن تقدم ألفراد املجتمع( ،)8ويمكن أن نجمل أهم انعكاسات الفساد اإلداري على
هاذين املجالين في النقاط التالية:
/1اآلثار السياسية :إن آثار الفساد السلبية على النطاق السياس ي ال تخفى على أحد ،وهي ظاهرة للعيان ،فقد
تؤدي إلى عدم االستقرار السياس ي أو فقدان النظام السياس ي لشرعيته وإلى شيوع الفوض ى واالضطرابات وغيرها من
اآلثار الوخيمة على الجانب السياس ي للدولة ،ومن أبرزها:
-يضعف الفساد اإلداري املشاركة السياسية للمواطن سواء في االنتخابات أو االستفتاءات وغيرها من املمارسات
السياسية ،نتيجة غياب أو ضعف الثقة باملؤسسات العامة وأجهزة الرقابة واملحاسبة ،وتقلص دور األحزاب وضعف
قوة املعارضة وهيمنة الحزب الحاكم؛
ضمن ب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القاهون العام ،كلية العلوم القاهوهية واالقتمادية واالحتماعية، ( - )8عبد الرحمن عبد هللا الحارثي،الفحاداإلداري و
امعكا ساة ه عك ىالئ
حامعة عبد الملك السعدي طنجة (المملكة المغربية) ،2012-2011 ،ص .279
8
-يؤدي إلى انخفاض مستوى األداء الحكومي ،مما يخلق أجواء تسودها عدم العدالة ويشيع فيها الظلم ،وهو يؤدي
بذات الوقت إلى تقويض الشرعية السياسية للدولة ،األمر الذي يثير مشكالت عميقة في معامالت الدولة مع األفراد،
وغالبا ما يترافق الفساد مع اختالالت كثيرة يخلقها املسؤولين من أجل توليد ريوع الفساد؛
-يساهم في التقليل من شرعية النظام السياس ي في نظر املواطنين وعدم الثقة فيه ،حيث يدرك املواطنون أن
املوظفين على مستوياتهم املختلفة ،مجرد عناصر متورطة في الفساد ،وال يعنيها سوى تحقيق مصالحها الخاصة،
ونتيجة لذلك اإلدراك يكون النظام السياس ي محروما من الناحية الواقعية من أي مساندة شعبية بل تظهر السلبية
وعدم إقبال املواطنين على التعاون مع النظام القائم وزيادة تمسكه بأفكاره القائمة على عدم الثقة بالدولة وبسياساتها
العمومية ،وبمعنى آخر يترك الفساد آثارا سلبية على النظام برمته من حيث شرعيته واستقراره أو سمعته ،سواء داخل
الدولة أو خارجها؛
-يولد الفساد ثقافة الفساد التي تجعل املسؤولين في دواليب الدولة يحرصون على عدم تغيير القوانين وتطبيق
الشفافية وتفعيل املساءلة واملحاسبة؛
ب /اآلثار االجتماعية :وكما أن للفساد مظاهره وآثاره على املفسدين أنفسهم ،فإن له مظاهر وآثار مدمرة على
املجتمع ،تمزق وحدته وتذهب قوته وتؤول به إلى مستقبل مظلم ،فال يرتجى منه خير وال يتوقع منه صالح إال باجتثاث
أصول الفساد من هذا املجتمع وسد سبله ،ويمكن بيان مظاهر الفساد وأثارها على املجتمع في النقاط التالية:
-يساهم الفساد في تعميق الفجوة بين الفئات املجتمعية ،بحيث يزيد من تفاقم الفقر وزيادة ومضاعفة معدالته،
ومن جهة أخرى يزيد أصحاب النفوذ واألغنياء ثر ًاء وحظوة ،بسبب التوزيع غير العادل للثروة وهي األمور التي كرست
نقمة الفقراء على األثرياء ،مما يؤدي إلى عدم االستقرار االجتماعي وغياب التعايش االجتماعي بين مختلف فئات
املجتمع داخل الدولة الواحدة ،نتيجة الشعور بالظلم لدى الغالبية وزيادة حجم املجموعات املهمشة واملتضررة؛
-يكرس الفساد استغالل النفوذ والسلطة واملحسوبية في تعيين األقارب واألصدقاء وإن كانوا غير مؤهلين ،أو
تقديمهم على غيرهم في الحصول على االمتيازات التي تقدمها الدولة وإن كانوا غير مستوفين لشروط االستحقاق
املطلوبة ،مما يخل بمبدأ العدالة العامة ،وهذا ما يكرس نوعا من العداء االجتماعي ويؤدي إلى زيادة نسبة الرغبة في
الهجرة إلى خارج البالد خاصة لدى فئة الشباب التي تعد عماد األمة وركيزتها؛
-يؤدي الفساد إلى انهيار البيئة االجتماعية والثقافية وانحراف أساليب التعامل والحياة بشكل يهدد النسيج
األخالقي للمجتمع ،حيث يصبح بمرور الزمن اللجوء إلى الطرق املشبوهة لقضاء الحاجات والحصول على الخدمات
عرفا في املجتمع ،ويزيد األمر خطورة عندما يشب النشء على هذه القيم السلبية الهدامة ،وهو األمر الذي ال يمكن
تداركه أو إصالحه ،ألن تنشئة األطفال والشباب من منطلق أن السلوك الفاسد غير مشين وال مستنكر ومردوده
يستحق املحاولة؛
-استشراء روح اليأس بين املواطنين وفقدان الشعور باملسؤولية تجاه مصلحة الوطن واملواطن وانتشار حالة
اإلحباط واالتكال والالمباالة والسلبية التي تنعكس بدورها على حجم العمل واإلبداع واالبتكار والتطور.
ج -اآلثاراإلدارية :للفساد اإلداري آثار سلبية كثيرة على البناء اإلداري ،يمكن التطرق إلى أبرزها في النقاط التالية:
9
-يقف عقبة في وجه تطبيق معايير األداء اإلداري الفعال ،من موضوعية وتخصص وردودية وجودة وإنتاجية
وفعالية؛
-تفش ي الفساد في الجهاز اإلداري ،يشكل مناخا غير مالئم لتطبيق العديد من املقاربات الحديثة التي توجهت أغلب
دول العالم لتطبيقها في مجال التسيير وفي مقدمتها املقاربة التشاركية واإلدارة اإللكترونية ،والتي تتطلب تظافر الجهود
بين الدولة من جهة واملواطن الذي يعد مجال تطبيق السياسات العمومية ،وبالتالي ال يمكن الحديث عن تفعيل هذه
املقاربات في ظل مجتمع تسوده القطيعة وانعدام الثقة والعزوف من املواطن؛
-إعاقة جهود الرقابة اإلدارية فانتشار الفساد في القطاع العام أدى إلى تعطيل وعرقلة األجهزة الرقابية عن القيام
بمهامها وذلك من خالل عدم تزويدها بالتقارير الصحيحة واملوضوعية والواقعية التي تبين وتوضح سير العمل
اإلداري؛
-انتشار القيم السلبية داخل الجهاز اإلداري ،وتدني في املقابل أخالقيات الوظيفة العامة ،األمر الذي يؤثر مباشرة
في كفاءة الجهاز اإلداري وفعاليته ،ويؤدي إلى جعل الفساد خاصية يمتاز بها كل املوظفين إال القلة القليلة؛
-يزيد من الصعوبات اإلدارية في الجهات الحكومية خاصة ،حيث يخلق مستوى آخر للسلطة موازي للمستوى
الرسمي لها ،حيث يعمد موظفي الجهاز اإلداري إلى تعطيل مصالح املواطنين باعتبار أن السلطة التي بين أيديهم هي
وحدها التي تتحكم في هذه املصالح؛
-يعمل الفساد على تقويض مبادئ الشفافية في تسيير الشؤون العمومية ،مما يخل بمبدأ املساواة في الحصول على
الخدمات العامة وتطبيق األنظمة والقوانين على املرتفقين؛
وفي ظل كل هذه االنعكاسات هل تكون الدولة قادرة على تسيير دقيق ومضبوط يروم الجودة فيما يخص الشأن
العام ومن ثم يحقق أهداف التنمية املستدامة الكثيرة في موضوعاتها واملتعددة الجوانب واملجاالت ،فهي تسعى إلى
تحقيق الرفاهية االقتصادية والعدالة االجتماعية بين جيلي الحاضر واملستقبل ،وصيانة البيئة واملحافظة عليها،
وتحقيق التوازن بين االحتياجات االقتصادية واالجتماعية ،وتوفير االحتياجات اإلنسانية الضرورية ،مع تبني
السياسات التي تكفل عدم استنفاذ املوارد الطبيعية ،واالهتمام بالطاقات البديلة ،وترشيد االستهالك ،وحماية املال
العام ،واالستفادة من طرق التكنولوجيا لتحقيق نمو اقتصادي وتقني ،ومن ثم توفير أفضل حياة للمواطن ....إن كل
هذه األهداف والغايات السامية لن تستطيع الدولة تحقيقها إذا كان يسودها مناخ مفعم باالختالسات والرشاوى
والنهب وغيرها من صور وأشكال الفساد.
10
فقد ساهم الفساد في تبديد الثروات الوطنية وتعطيل حركة التنمية وإفساد قواعد املنافسة الشريفة واإلضرار
بحقوق اإلنسان في ما له عالقة بالخدمات وغيرها.
بل إن الفساد تطور في العهود األخيرة ليلتحق بصنف الجرائم املنظمة العابرة للحدود الوطنية.
لذلك نشطت االتفاقيات الدولية من أجل محاصرة هذه الظاهرة وإقناع الدول من أجل ّ
سن قوانين وطنية
ناجعة ملواجهتها ثم توحيد الجهود الدولية ملحاصرتها.
ومن أهم السياسات التي تبنتها الدول في هذا املجال على غرار الجزائر:
أ :اإلصالح اإلداري:
يتعين على الدول املعنية بمكافحة الفساد أن تعيد النظر في نظمها اإلدارية وسياساتها املعتمدة في ذلك من أجل
ّ
سد املنافذ أمام إمكانية التجاوزات ذات الصلة بالفساد.
أن تورط اإلدارة العامة في ممارسات فاسدة عن طريق القائمين عليها والناشطين فيها ّ
يدل على هشاشة هذا ذلك ّ
النظام اإلداري في مستوى االنتداب والترقية والتعيين بالخطط املتقدمة .
لذلك ّ
نصت اتفاقية األمم املتحدة الخاصة بمكافحة الفساد في مادتها السابعة ":
-1تسعى كل دولة طرف ,حيثما اقتض ى األمر ووفقا للمبادئ األساسية لنظامها القانوني ,إلى اعتماد وترسيخ
وتدعيم نظم لتوظيف املستخدمين املدنيين ,وغيرهم من املوظفين العموميين غير املنتخبين عند االقتضاء,
واستخدامهم واستبقائهم وترقيتهم وإحالتهم على التقاعد تتسم بأنها :
(أ) تقوم على مبادئ الكفاءة والشفافية واملعايير املوضوعية ,مثل الجدارة واإلنصاف واألهلية ؛
(ب) تشتمل على إجراءات مناسبة الختيار وتدريب أفراد لتولي املناصب العمومية التي تعتبر عرضة للفساد
بصفة خاصة وضمان تناوبهم على املناصب عند االقتضاء ؛
(ج) تشجع على تقديم أجور كافية ووضع جداول أجور منصفة ,مع مراعاة مستوى النمو االقتصادي للدولة
الطرف املعنية ؛
(د) تشجع على وضع برامج تعليمية وتدريبية لتمكين أولئك املوظفين من الوفاء بمتطلبات األداء الصحيح
واملشرف والسليم للوظائف العمومية ,وتوفر لهم التدريب املتخصص واملناسب من اجل إذكاء وعيهم بمخاطر الفساد
املالزمة ألداء وظائفهم .ويجوز أن تشير هذه البرامج إلى مدونات أو معايير سلوكية في املجاالت التي تنطبق عليها.
-2تنظر كل دولة طرف أيضا في اعتماد تدابير تشريعية وإدارية مناسبة ,بما يتوافق مع أهداف هذه االتفاقية
ووفقا للمبادئ األساسية لقانونها الداخلي ,لوضع معايير تتعلق بالترشيح للمناصب العمومية وانتخاب شاغليها.
-3تنظر كل دولة طرف أيضا في اتخاذ التدابير التشريعية واإلدارية املناسبة ,بما يتسق مع أهداف هذه االتفاقية
ووفقا للمبادئ األساسية لقانونها الداخلي ,لتعزيز الشفافية في تمويل الترشيحات النتخاب شاغلي املناصب العمومية
وفي تمويل األحزاب السياسية ,حيثما انطبق الحال.
11
-4تسعى كل دولة طرف ,وفقا للمبادئ األساسية لقانونها الداخلي ,إلى اعتماد وترسيخ وتدعيم نظم تعزز
الشفافية وتمنع تضارب املصالح".
ويفهم من هذه املادة أن مقاومة الفساد يتطلب اعتماد مسار تصاعدي قاعدته إشاعة الوعي بمخاطر الفساد
بين العامة وتحصين األنفس ضده وهذا يقتض ي التدخل في مستوى البرامج التعليمية واملناهج التكوينية مرورا باتخاذ
تكرس الشفافية عند االنتداب بحيث يقع قبول الكفاءات التي تجمع بين االقتدار العلمي واملنهي واالنضباطمقاييس ّ
األخالقي ثم دعم تكوين هذه الكفاءات مهنيا وأخالقيا من أجل ضمان جودة األداء ثم توزيع املسؤوليات على املتميزين
منهم على قاعدة الجدارة .
هذا إلى جانب إقرار نظام تأجير مناسب يغني اإلطار اإلداري عن الحاجة ويوصد في داخله ومن حوله منافذ
الطمع والفساد .ذلك أن ضعف األجور والرواتب في قطاع الوظيفة العمومية يكون عادة ّ
مبررا نفسيا للسقوط في
االنحرافات املهنية ومدخال الغتصاب طهارة املوظف وتدنيس شرفه املنهي من خالل استدراجه إلى مآثم الفساد.
نصت ّ
املادة الخامسة من املرسوم اإلطاري عدد 120لسنة 2011املتعلق بمكافحة الفساد على وفي هذا اإلطار ّ
ما يلي " :تضمن الدولة إقرار برنامج شامل لتبسيط اإلجراءات اإلدارية وتعصيرها خاصة عن طريق اعتماد
تكنولوجيات االتصال واملعلومات في إسداء الخدمات اإلدارية وترشيد التصرف في املوارد والنفقات واملشتريات
العمومية".
ب :إحداث هيئات متخصصة ملكافحة الفساد
نص القانون رقم 01-06املتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته في بابه الثالث على تنصيب الهيئة الوطنية للوقاية
من الفساد ومكافحته ،وتعتبر هذه الهيئة سلطة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية املعنوية واالستقالل املالي وتوضع
لدى رئيس الجمهورية ،تتمتع هذه الهيئة بجملة من الصالحيات على غرار اقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد
وتقديم توجيهات تخص الوقاية من الفساد لكل شخص أو هيئة عمومية أو خاصة ،إضافة إلى اقتراح برامج تسمح
بتوعية املواطنين باآلثار الضارة الناجمة عن الفساد ،التقييم الدوري لألدوات القانونية واإلجراءات اإلدارية الرامية إلى
الوقاية من الفساد ومكافحته والنظر في مدى فاعليتها.)9( ....
غير أنه وتدعيما للجهود الرامية إلى مكافحة الفساد وتعزيز آليات املحافظة على املال العام وبالنظر إلى الطبيعة
الوقائية التي غلبت على صالحيات وأدوار الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ،قام املشرع بإصدار األمر رقم
05-10املتمم للقانون 01-06املتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،والذي تم بموجبه تدعيم الترسانة املؤسساتية
ملكافحة الفساد بجهاز ثاني هو الديوان الوطني لقمع الفساد وهو أداة عملياتية للبحث ومعاينة جرائم الفساد(.)10
( - )9اهظر المواد من 18إلى 24من القاهون رقو 01-06المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،ل ست ر ساا
ق ،ص .7وكذلك :المرسوم الرااسي رقو 64-12
المؤرد في 7فيفري 2012الذي يعدل ويتمو المرسوم الرااسي رقو 413-06المؤرد في 22هوفمبر 2006الذي يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد
ومكافحته وتنظيمها وكيفيات سيرها ،الجريدة الرسمية الجزاارية ،عدد ،08بتاريخ 15فيفري ،2012ص .17
( - )10اهظر :اإلمر رقو 05-10المتمو للقاهون رقو ،01-06ل ستر ساا
ق ،ص .16وكذلك :المرسوم الرااسي رقو 209-14يعدل المرسوم الرااسي رقو 426-11
المؤرد في 8ديسمبر 2011الذي يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد وتنظيمه وكيفيات سيره ،الجريدة الرسمية الجزاارية ،عدد ،46بتاريخ 31حويلية ،2014
ص .8
12
وباستحداث الديوان املركزي يكون املشرع الجزائري قد قض ى على النقائص التي كانت تعتري سياسية مكافحة
الفساد في ظل القانون 01-06وبالتالي اتضحت حدود ومعالم اختصاص كل من الهيئة والديوان.
سن مدونات لقواعد السلوك ّ
السوي جّ :
إن الفساد هو سلوك منحرف بكل املعايير القانونية والسياسية واألخالقية لذلك ال مناص من وضع مدونات
سلوكية أو مجالت تضبط األخالقيات املهنية وتضع املعنيين بالوظيفة العمومية أمام مسؤولياتهم األخالقية والقانونية
.
وتأخذ املبادئ السلوكية عموما شكلين :
-شكل املدونات وهي مرجعيات توجيهية مكتوبة توجه أصحاب املهن والوظائف نحو السلوك القويم وتنبه إلى
خطورة االنحرافات عند أدائها أو بمناسبتها.
-مجالت قانونية تكون أكثر صرامة وأكثر إلزاما وتأخذ مجرى القانون وتوجه املوظف إلى ضرورة االلتزام
ّ
وتوصف السلوك املنحرف حسب أعراف املهنة وتضع العقوبات التأديبية له. بمقتضيات السلوك املستقيم
وألهمية هذه املدونات أوردت اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد أحكاما خاصة بها إذ ورد باملادة 8ما يلي:
أمور، " -1من أجل مكافحة الفساد ،تعمل كل دولة طرف ،ضمن جملة
على تعزيز النزاهة واألمانة واملسؤولية بين موظفيها العموميين ,وفقا للمبادئ األساسية لنظامها القانوني.
-2على وجه الخصوص ,تسعى كل دولة طرف إلى أن تطبق ،,ضمن نطاق نظمها املؤسسية والقانونية ,مدونات أو
ّ
واملشرف والسليم للوظائف العمومية. معايير سلوكية من أجل األداء الصحيح
-3ألغراض تنفيذ أحكام هذه املادة ,على كل دولة طرف ,حيثما اقتض ى األمر ووفقا للمبادئ األساسية لنظامها
القانوني ,أن تحيط علما باملبادرات ذات الصلة التي اتخذتها املنظمات اإلقليمية واألقاليمية واملتعددة األطراف ،ومنها
املدونة الدولية لقواعد سلوك املوظفين العموميين ,الواردة في مرفق قرار الجمعية العامة 59/51املؤرخ 12كانون
األول /ديسمبر .1996
-4تنظر كل دولة طرف أيضا ,وفقا للمبادئ األساسية لقانونها الداخلي ,في إرساء تدابير ونظم تيسر قيام
املوظفين العموميين بإبالغ السلطات املعنية عن أفعال الفساد ,عندما يتنبهون إلى مثل هذه األفعال أثناء أداء وظائفهم.
-5تسعى كل دولة طرف ,عند االقتضاء ووفقا للمبادىء األساسية لقانونها الداخلي ,إلى وضع تدابير ونظم تلزم
املوظفين العموميين بأن يفصحوا للسلطات املعنية عن أشياء منها ما لهم من أنشطة خارجية وعمل وظيفي
واستثمارات وموجودات وهبات أو منافع كبيرة قد تفض ي إلى تضارب في املصالح مع مهامهم كموظفين عموميين.
-6تنظر كل دولة طرف في أن تتخذ ,وفقا للمبادئ األساسية لقانونها الداخلي ,تدابير تأديبية أو تدابير أخرى ضد
املوظفين العموميين الذين يخالفون املدونات أو املعايير املوضوعة وفقا لهذه املادة" .
ما تجدر اإلشارة إليه في هذا الصدد أن املشرع الجزائري لم يصدر هذه املدونات إلى يومنا هذا رغم ما يمكن أن
تساهم به في مجال تقويم السلوك اإلداري.
13
ر ابعا /التعاون الدولي في مجال مكافحة الفساد
إن مساحات التعاون الدولي في مجاالت مكافحة الفساد هي مساحات فسيحة ساهمت في رسم حدودها اتفاقية
األمم املتحدة ملكافحة الفساد وكذلك اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الجريمة املنظمة عبر الوطنية التي دخلت حيز
النفاذ بتاريخ 29ديسمبر 2003كما ساهمت في ذلك االتفاقيات اإلقليمية مثل اتفاقية البلدان األمريكية ملكافحة
الفساد املعتمدة بتاريخ 29مارس 1996واتفاقية مكافحة الفساد بين موظفي الجماعات األوروبية أو موظفي الدول
األعضاء في االتحاد األوروبي التي اعتمدها مجلس االتحاد األوروبي بتاريخ 21ماي 1997وكذلك اتفاقية مقاومة رشوة
املوظفين العموميين األجانب في املعامالت التجارية الدولية التي أقرتها منظمة التعاون والتنمية في امليدان االقتصادي
بتاريخ 21نوفمبر 1997واتفاقية القانون الجزائي حول الفساد التي أقرتها اللجنة الوزارية ملجلس أوروبا في 21جانفي
1999وكذلك اتفاقية االتحاد اإلفريقي ملنع الفساد ومحاربته املعتمدة بتاريخ 12جوان .2003
فقد ورد ّ
باملادة األولى باتفاقية األمم املتحدة ملقاومة الفساد ما يلي ( " :ب) ترويج وتسيير ودعم التعاون الدولي
واملساعدة التقنية في مجال منع ومكافحة الفساد ,بما في ذلك مجال استرداد املوجودات؛ "
فمجال التعاون الدولي حسب اتفاقية األمم املتحدة يهم عديد املسائل لعل أهمها :
مشاركة الدول في البرامج واملشاريع الدولية الرامية إلى منع الفساد ومقاومته .
التنسيق بين جميع الدول املعنية من أجل مكافحة جرائم الفساد بمختلف أنواعها بما في ذلك جرائم غسل
األموال .
إجراء األبحاث والتحقيقات املشتركة من أجل الكشف عن جرائم الفساد وتتبع مرتكبيها سعيا نحو محاكمتهم.
تسليم املجرمين املتورطين في جرائم فساد .
التنسيق الفني وتبادل املعلومات والخبرات في مجاالت مقاومة الفساد ...
وال يفوتنا أن نشير في النهاية إلى أن اللجنة الوزارية التابعة ملجلس االتحاد األوروبي قد أقرت بتاريخ يوم 06
نوفمبر 1997عشرين ( )20مبدأ توجيهيا ملكافحة الفساد وهي كاآلتي :
اعتماد إجراءات ناجعة ملقاومة الفساد بما في ذلك تحسيس الرأي العام بخطورتها والتشجيع على السلوكات
املتطابقة مع القيم األخالقية.
تجريم الفساد في مظهريه الوطني والدولي
ضمان استقالل األشخاص املكلفين بالرقابة والتحقيقات والتتبع في جرائم الفساد بالقدر الذي يضمن إنجاز
مهماتهم دون تلقي أية تأثيرات مخالفة لوظائفهم وتوفير اإلمكانيات الضرورية لهم لتجميع اإلثباتات وحماية األشخاص
املساعدين على كشف هذه الجرائم مع الحفاظ على سرية التحقيقات.
اتخاذ إجراءات ناجعة لحجز عائدات الفساد ونتائجه ومصادرتها.
اتخاذ إجراءات ملنع استعمال ذوات معنوية كواجهة إلخفاء ارتكاب جرائم فساد.
14
العمل على الحد من الحصانات إزاء األبحاث وأعمال التتبع وزجر جرائم الفساد وجعلها في حدود ما هو ضروري
في مجتمع ديمقراطي .
دعم االختصاص داخل الهيئات املكلفة بمكافحة الفساد ومدها باإلمكانيات املادية وتوفير التكوين املناسب
ألعضائها بما يساعد على حسن األداء .
ضمان أن التشريعات الجبائية والسلط القائمة على تنفيذها تساهم في مكافحة جرائم الفساد بطريقة ناجعة
ومنسجمة وخاصة فيما يتعلق بعدم خصم مصاريف مشبوهة من قاعدة التوظيف
السهر على أن يأخذ النظام اإلداري املعتمد بعين االعتبار مقتضيات مكافحة الفساد في مستوى التسيير واتخاذ
القرارات وذلك من أجل ضمان حد أدنى من الشفافية املطلوبة في أداء مهامه .
السهر على أن تراعى القواعد املنظمة لحقوق املوظف العمومي وواجباته ,مقتضيات مكافحة الفساد وذلك من
خالل سن قواعد تأديبية خاصة وناجعة واعتماد مجالت تضبط أخالقيات املوظف العمومي وتوجهه نحو السلوك
املطلوب .
السهر على إخضاع أنشطة اإلدارات العمومية إلى إجراءات خاصة ملراقبة حساباتها .
تقرير أهمية إجراءات مراجعة الحسابات وتدقيقها في مكافحة جرائم الفساد خارج مجال الوظيفة العمومية.
السهر على أن يدرج نظام املسؤولية اإلدارية مسؤولية األعوان اإلداريين على أعمال الفساد التي يرتكبونها
اعتماد إجراءات خاصة بالصفقات العمومية تكرس الشفافية وتضمن املنافسة الشريفة وال تشجع الراشين.
التشجيع على وضع املترشحين في خطط نيابية ملدونات سلوك يتقيدون بها ووضع قواعد تمنع تسرب الفساد إلى
تمويل األحزاب السياسية والحمالت االنتخابية .
ضمان حرية اإلعالم في تلقي معلومات حول الفساد أو نشرها في حدود ما هو مسموح به في مجتمع ديمقراطي.
السهر على أن يتضمن القانون املدني أحكاما تدعم مكافحة الفساد وذلك باعتماد إجراءات تيسر حماية حقوق
املتضررين من أعمال الفساد .
دعم البحث العلمي حول الفساد
التأكد من أنه قد وقع األخذ بعين االعتبار في مقاومة الفساد ارتباط ذلك بالجرائم املنظمة وغسيل األموال.
دعم التعاون الدولي في أوسع نطاقه في جميع مجاالت مكافحة الفساد.
خ ــاتمة:
رغم كل الجهود املبذولة من طرف املشرع الجزائري في سبيل الحد من الفساد سواء من حيث تعديل بعض القوانين
أو من حيث سن العديد من التشريعات الجديدة لتوفير سبل الحماية من ازدياد تفش ي هذه الظاهرة ،ضف إلى ذلك
إنشاء العديد من األجهزة الرقابية التي تعنى بتتبع ومحاربة كل أشكال الفساد ،إال أن كل هذه اإلصالحات لم تحقق
الغايات املرجوة منها ،وال زال الفساد يفتك بالبناء اإلداري ويقض ي على كل برامج التنمية بانعكاساته السلبية التي تطال
15
كل املجاالت وامليادين في الدولة .وبالتالي بات من الضروري البحث عن آليات جديدة كفيلة بالحد من الفساد والتغلب
عليه ،ليس لعدم فعالية السياسات املتخذة من طرف الدولة ،بل لقصورها وعدم كفايتها.
مالحظة هامة:
-تطرقت املطبوعة إلى أجزاء املوضوع بشكل مختصر وعليه؛
يعتمد في تقييم الطالب على مشاركتهم في املوضوع ،من خالل إعدادهم ورقات تطبيقية تتطرق إلى
أجزاء الدراسة على ضوء ما تم تناوله في الحصص السابقة وكذا ً
بناء على ما جاء في املطبوعة.
16