Professional Documents
Culture Documents
من المعروف أن علم النفس الفردي الذي بلوره فرويد ويونغ وأدلر يتناول الظواهر النفسية الفردية الشعورية
والالشعورية ،بينما علم االجتماع الذي تأسس مع أوجست كونت ودوركايم وليفي برول يهتم بالظواهر االجتماعية .أما
علم النفس االجتماعي الذي هو في الحقيقة جزء من علم النفس فإنه يعنى بدراسة أثر الفرد في الجماعة وأثر الجماعة
في الفرد ،كما يرتكز على دراسة الجماعة وتصنيفها وتبيان أدوارها وتفاعالتها ووظائفها داخل المجتمع .وبالتالي ،فهو
.بمثابة الدراسة العلمية لإلنسان ككائن اجتماعي يعيش في مجتمع يتخذ له أصدقاء يتفاعل معهم ويتأثر بهم ويؤثر فيهم
ومن أهم المعارف والشعب التي تفرعت عن علم النفس االجتماعي نجد بكل تأكيد مسلك ديناميكية الجماعات .فما هو
مفهوم ديناميكية الجماعات وموضوعه؟ وماهي مرتكزات هذا العلم الجديد ؟ وماهي أهم المقاربات والدراسات التي
رصدت ديناميكية الجماعات؟ وكيف يمكن االستعانة بهذا العلم في مجال التنشيط التربوي والتأطير الديداكتيكي؟هذه هي
.األسئلة التي سوف نحاول اإلجابة عنها قدر اإلمكان
من مفهومين أساسيين وهما :الديناميكية la Dynamique des groupes Dتتكون عبارة ديناميكية Dالجماعات
.والجماعات
من المجال الفيزيائي ،والذي يقصد به في مجال الميكانيكا مختلف ) ( Dynamiqueاستعير مفهوم الديناميكD
العالقات التي تكون بين القوى والحركات الناتجة عن هذه األخيرة ،ويدل المصطلح على القوة والحركة والحيوية
وتعني الديناميكية Dفي المجال السيكواجتماعي مختلف القوى اإليجابية والسلبية Statique) ).ونقيضه الثبات والسكون
التي تتحكم في الجماعة وتساعدها على التوازن و التطور واالندماج أو االنكماش والتشتت والتناحر .كما أنها عبارة عن
التفاعالت البنيوية Dالوظيفية التي تتحكم في نسق الجماعة ،إذ كل تغيير يمس عنصرا فرديا داخل شبكة الجماعة ونسقها
البنيوي فإنه يؤثر المحالة على باقي العناصر األخرى إما سلبا وإ ما إيجابا .وبالتالي ،فالديناميكية هي التفاعل النفسي
.واالجتماعي الذي يدور باستمرار داخل الجماعة بين أعضائها بشكل بنيوي ووظيفي
وبتعبير آخر ،فالديناميكية عبارة عن مثيرات واستجابات بالمفهوم السلوكي للتفاعل داخل الجماعة ،فعندما يصدر عن
فرد ما سلوك معين داخل الجماعة الواحدة يكون لهذا السلوك استجابات فورية من باقي أفراد الجماعة .ويعني هذا أن
ديناميكية الجماعات عبارة عن قوى تفاعلية كيماوية تساهم في تحريك الجماعة وتغيير اتجاهات أفرادها وميوالتهم
الشخصية وتطوير رؤاهم ونوازعهم الذاتية إيجابيا أو شحنها بمكونات سلبية تهدد تماسك الجماعة وانسجامها واتساقها
.الوظيفي كما هو شأن تفاعل عناصر الدارة الكهربائية فيزيائيا
بأن الديناميكية هي ":القوى التي تؤثر في العالقات والتفاعل داخل الجماعة ،والتي يكون Hollenbeckويرى هولنبك
لها تأثير في سلوك الجماعة ،فقد تعمل الدينامية Dعلى تطور الجماعة وتقدمها وتنظيم العالقات داخلها مما يحقق النمو
في الجماعة أو قد تعمل على جمودها وتأخرها وقيام الصراع والتوتر في العالقات بين أفرادها مما يؤدي إلى تدهور
".الجماعة وانحاللها
ومن هنا ،تنصب الديناميكية على مجمل التفاعالت البنيوية Dالوظيفية التي تحدث للجماعة والتي تؤدي إلى تغيير سلوكها
والحفاظ على تماسكها وتوازنها أو تؤدي بها إلى النمو والتقدم أو إلى االضمحالل والتخلف عبر عمليات تفاعلية
مستهجنة كالصراع واالنشقاق والتناحر واالختالف الهدام " .فأعضاء الجماعة تتعدد Dأنماط سلوكهم ،وتتفاوت ميولهم
وعاداتهم واتجاهاتهم وقيمهم ،وهذا يجعل المجال الدينامي للجماعة ينبض بالتفاعل والحيوية الالزمة لنمو الفرد ونمو
.الجماعة في نفس الوقت
فمن خالل التفاعل االجتماعي تحدث مثيرات واستجابات بين أفراد الجماعة كما أوضحنا ،وتختلف هذه المثيرات
واالستجابات باختالف المواقف واختالف األدوار،إال أن طبيعة التفاعل تكاد تكون متشابهة في كل الجماعات ،وينتج عن
...".التفاعل تقبل أو عدم تقبل ،نبذ أو استنكار ،تجاهل بين األفراد ،وصداقات ومودة ،وتجاوب ونفور ،وكراهية
وعليه ،فالدينامية هي نتاج القوى الفردية والجماعية التي تتفاعل بطريقة حيوية داخل نسق الجماعة بشكل توافقي أو
.اعتراضي
بعدة خصائص كالتجمع والتماسك واالنسجام وتزايد أفرادها عن اثنين فما فوق حتى تصبح le groupeتتميز الجماعة
فضال عن خاصية االنتماء والعمل الجماعي من أجل regroupement،وتجمعا Bandeوعصابة Fouleحشدا
تحقيق هدف مشترك ،وتبادل التفاعالت واألدوار والوظائف .وبالتالي ،تنطلق الجماعة في أداء مهماتها ومسؤولياتها من
أهداف مسطرة مضبوطة لتحقيقها في مجاالت معينة بوسائل محددة مع تقويمها وتحديد نقط الضعف والقوة قصد األخذ
(feedback).بمبدإ Dالتغذية الراجعة
والبد للجماعة أن تتوفر فيها مجموعة من الصفات البارزة التي تجعلها تحقق التوازن الحقيقي على مستوى التنظيم
:الداخلي والتسيير الذاتي ،وهذه الصفات هي
.وحدة األهداف واألغراض والترابط بين األفراد تماسكا وانسجاما •
.أال يقل عدد أفراد الجماعة عن ثالثة أفراد؛ ألن الفردين يمكن أن يتعايشا دون بغض أو تنافر •
.أن تهيئ الجماعة ألفرادها فرص النمو والتطور والتفاعل اإليجابي وإ مكانيات إشباع احتياجاتهم •
.أن تكون العالقة بين أفراد الجماعة قائمة على التراضي والمودة والتعاون والتسامح •
أن يكون الهدف الذي تعمل من أجله الجماعة متفقا مع أعراف المجتمع وتقاليده وقوانين البالد ونظمه الدستورية •
.وشرائعه الدينيةD
.أن يكون للجماعة قيادة مهما كان عددها •
.أن تخضع الجماعة لنوع من التنظيم والتسيير الذاتي •
من المعروف أن للجماعة فوائد جمة وثمارا مرجوة وآثارا كثيرة على األفراد .ومن هذه اآلثار اإليجابية نجد أن
الجماعة تساعد الفرد على التعلم والتكوين ،وتساهم في خلق مجموعة من الصداقات المتينة والعالقات الحميمية وتعمل
على ازدهارها أثناء العمل في فرق أو جماعات ،وتبرز بشكل واقعي وصادق مميزات األفراد المستحسنة ونقائصهم
.السلبية
وتساعد الجماعة األفراد على تمثل اتجاهات وقيم ومعايير واتخاذ مواقف سلوكية ،والتعبير عن تجاربهم الشخصية
الذاتية والجماعية ورؤاهم للعالم من خالل االندماج في حضن الجماعة مع اكتساب روح المغامرة والعمل والكفاح
والمثابرة والطموح .وتساهم الجماعة أيضا في تعديل السلوكيات الفردية وتغييرها خاصة القيم السلبية المستهجنة
كاألنانية والحقد والتنافس غير المشروع .كما تعمل الجماعة على منح الفرص لألفراد إلظهار كفاءاتهم وقدراتهم الذاتية
وميوالتهم ومواهبهم وإ بداعاتهم الشخصية وابتكاراتهم الفردية .أضف إلى ذلك أن الجماعة تعلم األفراد التعامل
الديمقراطي مع اآلخرين ،وإ ظهار المهارات القيادية المرنة والفعالة والمناسبة خالل العمل والتدريب والتأطير والتكوين،
عالوة على اإلحساس داخل الجماعة المتوازنة بمشاعر األمن والطمأنينة وإ شباع الحاجات إلى االنتماء والتحرر من
.الخوف
من المعروف أن الجماعات أنواع :فهناك الجماعة الكبرى والجماعة الصغرى ،والجماعة المنغلقة والجماعة المنفتحة،
والجماعة األولية (مثل :جماعة األسرة) والجماعة الثانوية (الجماعات السياسية والدينية والمهنية والمجتمع المدرسي
والنقابات) ،والجماعة الثابتة والجماعة الديناميكية ،والجماعة الفاعلة والجماعة المنفعلة ،وجماعة ذات الدوافع الشخصية
وجماعة ذات الدوافع الجماعية ،والجماعة الطبيعية التلقائية (تتكون بشكل طبيعي تلقائي) والجماعة المكونة المنظمة
( تتكون وفق شروط وأهداف معينة) D،والجماعة اإلجبارية ( االنتماء إلى جماعة األسرة إجباريا وال اختيار لإلنسان في
.ذلك) والجماعة االختيارية (االنتماء إلى جماعة بمحض االختيار واإلرادة كجماعة األصدقاء والجمعيات التعاونية)
:على مجموعة من الخاصيات السيكولوجية األساسية وهي Mucchielli R.تنبني الجماعة حسب موشييللي
.التفاعالت •
.وجود أهداف مشتركة •
.بروز مقاييس أو قواعد التصرف •
بروز بنية غير شكلية لنظام العواطف والود والنفور ،وهي غير شكلية ألنها ليست رسمية وغير واعية في معظم •
.األحيان
.وجود انفعاالت ومشاعر جماعية مشتركة (الجميع كالفرد الواحد حسب تعبير جاك الكان) •
.وجود الشعور جماعي •
إقامة توازن داخلي ونظام للعالقات المستقرة مع محيطها •
إذا كان األفراد يعرفون العديد من المشاكل الذاتية والموضوعية ،فإن الجماعات هي بدورها لديها مشكالت مشتركة
عامة ،وتتمثل في مشكالت السلوك والعالقات الشخصية ،وتكمن أيضا في المشكالت الوظيفية الناتجة عن عدم فهم
األفراد ألهداف الجماعة وأغراضها ،بله عن وجود منازعات داخل الجماعة تعيق نمو المهارات القيادية وتساهم في
ظهور العشيرات داخل الجماعة ،ناهيك عن مشكل الروتين اإلداري والبيروقراطية والتنافس الشديد بين الجماعات
ألغراض شخصية أو اجتماعية حول الزعامة والتفوق والتميز؛ مما يسبب هذا في توليد الصراع وتأجيج النزاع وخلق
.التوتر وبروز التنافر بين الجماعات
يمكن تعريف ديناميكية Dالجماعات بصفة عامة بأنها مجموعة من التفاعالت والقوى الحركية الفعالة والعالقات البنيويةD
الوظيفية التي تتحكم في الجماعات البشرية بشكل سلبي أو إيجابي والتي تعمل على تطوير الجماعات وتحسين أجوائها
.ومجاالت عملها لتحقيق أغراضها وأهدافها سواء أكانت شخصية أم جماعية
ديناميكية الجماعات بقوله ":تهتم دينامية الجماعات في معناها الواسع Jean Maisonneuveويعرف جان ميزونوف
بمجموع المكونات والسيرورات التي تتدخل في حياة الجماعات ،وعلى األخص الجماعات التي يكون أفرادها في وضع
".وجه لوجه؛ بمعنى أن وجود األفراد يكون نفسيا ويرتبطون فيما بينهم ،ووجود تفاعل ممكن فيما بينهم
ويعني هذا أن ديناميكية Dالجماعات تهتم ببناء الجماعة ومراقبة سيرورتها النمائية ورصد التفاعالت النفسية واالجتماعية
.التي توجد بين األفراد داخل الكل الجماعي
تستند دينامكية الجماعات إلى عدة مرتكزات إبستمولوجية يمكن حصرها في أبحاث االفالسفة والسوسيولوجيين
األوروبيين الذين اهتموا بالجماعة وأرسوا أسس دينامكية الجماعات كما عند إميل دوركايم ،وشارل فوريي ،وجان بول
سارتر ،وفرناند طونس ،وسمالينباش ،وجورج ميد D،وشارل كولي ...فضال عن أبحاث العالم األلماني كورت لوين
الذي أسس علم دينامكية Dالجماعات سنة 1944م حينما طبق منهجية تجريبية سيكواجتماعية ديناميكيةKurt Lewin D
على مجموعات اصطناعية من خالل الجمع بين التنظير والتطبيق ،ودراسة بنيات الجماعات ووظائفها مع التركيز على
.المنشط وأنواع الزعامة والقيادة
التي وضعها جاكوب لفي مورينو(1971-1889م) سنة 1959م من اآلليات Sociométrieكما كانت السوسيوميترية
اإلجرائية لفهم الجماعات وتفسير تفاعالتها البنيوية Dالوظيفية دون أن ننسى تقنيتي السوسيوغرام والسيكودراما اللتين
استعان بهما مورينو لمداواة مرضاه المنعزلين وتحليلهم نفسانيا واجتماعيا ،وتنشيط الجماعات عبر استكناه قواها
.االندماجية والعالجية واستقراء تفاعالتها الذاتية والموضوعية
كما استفادت دينامكية Dالجماعات من أبحاث الطب النفسي ومن تحليالت سيغموند فرويد النفسية التي ركزت على
الجماعة وخاصة في كتبه":الطوطم والطابو"( ، )1913و" موسى والتوحيد" (1913م) و"علم نفس الحشود وتحليل األنا"
وفولكس .زد على ذلك استفادة ديناميكية Dالجماعات 1921( Anzieu ،م) ،فضال عن أعمال بيون ،وديديي ،وأنزيو
من النظريات المعرفية في إطار علم النفس المعرفي منذ الستينيات من القرن العشرين ،واالنطالق من نتائج
Karlالبيداغوجيا المؤسساتية مع جورج الباساد ،واالستفادة من نتائج النظرية الالتوجيهية مع كارل روجرز
Rogers.
:ت -مقاربات ديناميكية الجماعات
يمكن الحديث عن مقاربات عدة تناولت ظاهرة دينامكية الجماعات بالدراسة والتحليل فهما وتفسيرا ،تفكيكا وتركيبا قصد
.معرفة التفاعالت ومجمل القوى التي تتحكم في الجماعات وتساهم في تفعيل تنظيمها الداخلي الذاتي سلبا وإ يجابا
Whyte،وويت Lipitt،ولبيت Lewin ،ومن هذه المقاربات يمكن الحديث عن المقاربة الدينامية مع كارل لوين
وأنزيو ،وفرويد ،وكالينBion ، ،والمقاربة التفاعلية مع مورينو ،وباليس ،وهومانس ،والمقاربة السيكولوجية مع بيون
والمقاربة السوسيولوجية مع موسكوفيسي ،وتاجفيل ،وأولمستبد ،والمقاربة المؤسساتية مع جورج Pagès،وباجيس
Lapassade.الباساد
ويتضح من خالل المقاربات السابقة أن ثمة ثالثة أصناف من المناهج طبقت على دينامكية الجماعات وهي :المناهج
التجريبية ،والمناهج اإلكلينيكية ،ومناهج التحليل النفسي .كما طبقت األبحاث والنظريات السيكواجتماعية في مجال
ديناميكية الجماعات إما على جماعات طبيعية واقعية وإ ما جماعات اصطناعية مشكلة بشكل انتقائي من أجل البحث
.وتطبيق الفرضيات كما هو الحال مع كورت لوين
إن ديناميكية Dالجماعة منهجية مهمة في عالج الكثير من الظواهر النفسية الشعورية والالشعورية ،كما أنها تقنية تنشيطية
هامة يمكن االستعانة بها أثناء العملية التعليمية -التعلمية ،وطريقة فعالة في التنشيط التربوي والفني وإ جراء منهجي
.للتحكم في التنظيم الذاتي للمؤسسة
ومن المعلوم ،أن المدرسة تضم جماعات الفصول التي قد تكون جماعات صغرى من التالميذ التتجاوز 12فردا أو
جماعات كبرى تتجاوز الثالثين Dفردا .كما تحوي جماعة التكوين أو التأطير التي تتكون من المربين والمدرسين الذين
يقومون بمهمة التعليم واإلرشاد التربوي ،وتضم أيضا جماعة المهمة أو التسيير اإلداري التي تتكون من المدير والناظر
والحراس العامين ومساعديهم واألعوان وهيئة االقتصاد والملحقين التربويين الذين يشرفون على تسيير المؤسسة
وتفعيلها إداريا وتنفيذ التعليمات الوزارية في مجال التوجيه اإلداري .ويعني هذا أن المدرسة خاضعة لقوانين ديناميكية
الجماعات؛ لوجود عالقات إنسانية وتفاعالت مضمرة وبارزة داخل النسق المدرسي بين اإلدارة والمدرسين والتالميذD.
وقد تكون العالقات داخل هذا النسق إيجابية قائمة على التوافق والتعاون والتشارك قصد اإلبداع واالبتكار وتطوير
الكفاءات الشخصية وتنمية القدرات الذاتية للفاعلين الديناميكيين Dقصد التكيف مع الواقع الموضوعي واإلجابة عن
الوضعيات والمشاكل المطروحة خارجيا وداخليا ،وقد تكون العالقات سلبية مبنية Dعلى الصراع والنبذ والتناحر والتنافس
.غير المشروع
ومن هنا ،يخضع النسق الجماعي في عملياته التواصلية لثالث قيادات أو سلط حسب كورت لوين :قيادة ديمقراطية
تساعد على اإلبداعية واالبتكار وتحقيق المردودية Dواإلنتاجية سواء أكان ذلك في غياب األستاذ المؤطر أو المشرف
اإلداري أو في حضوره في الميدان ،وتساهم هذه القيادة كذلك في بروز تفاعالت إيجابية بناءة كالتعاون والتوافق
واالندماج .أما القيادة األوتوقراطية فهي ترتكن إلى استعمال العنف والقهر والتشديد Dفي أساليب التعامل ؛ فينضبط
الجميع في حضور القائد ولكنهم يتمردون في حالة غيابه ،وفي هذه الحالة تقل اإلنتاجية والمردودية وتتحول المؤسسة
إلى ثكنة عسكرية ويصعب تطبيق مبادئ نظرية تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها لوجود قيم سلبية كالتنافر والنبذ
والتناحر والتوتر .أما القيادة السائبة فهي قائمة على فلسفة" دعه يعمل" .وبالتالي ،فهي قيادة فوضوية التساعد على
.تحقيق المردودية Dواإلنتاجية في غياب القائد أو حضوره ،وتزرع في نفوس المتعلمين Dقيم االتكال والعبث والالمسؤولية
وبناء على هذا ،نستشف أن النهج الديمقراطي يساعد على نمو الجماعة وتطورها بشكل إيجابي فعال .لذا ،على رجال
اإلدارة والمدرسين األخذ بالقيادة الديمقراطية لتحقيق النجاح الحقيقي والجودة البناءة وإ ضفاء النجاعة على أنشطة التسيير
.والتأطير
وإ ذا عدنا إلى القسم ،فمن األفضل أن يقسم األستاذ تالميذ Dالفصل إلى جماعات منذ بداية السنة الدراسية فيسميها باسم
معين ،ويوزع عليها الئحة مكونة من العروض ومجموعة من األنشطة واإلنجازات واألبحاث قصد تنفيذها بطريقة
جماعية قصد إدماج جميع التالميذ Dفي جماعات دراسية صغرى لحل المشكالت وإ نجاز األعمال ضمن وضعيات
متدرجة من السهولة إلى الصعوبة مع تسطير مجموعة من المدخالت والمخرجات عبر مجموعة من العمليات
.والسيرورات البيداغوجية والديداكتيكية
وإ ليكم جدوال توضيحيا نبين فيه مجموعة من الخطوات التي ينبغي أن يلتجئ إليها المدرس أثناء تكوين جماعات الفصل
:وتأطيرها وتنشيطها ديداكتيكيا
:األستاذ
:المؤسسة
:الفصل
:المستوى
:الشعبة
:السنة الدراسية
يتبين Dلنا من خالل هذا الجدول أنه من المستحسن تقسيم تالميذ الفصل إلى جماعات منسجمة متماسكة من أجل استثمار
قدرات التالميذ وتفتيق مهاراتهم واكتشاف مواهبهم وتحسين أجواء القسم والقضاء على الصراعات السيكولوجية الدفينة
والحد من التوترات واألحقاد المشحونة عن طريق إدماج التالميذ داخل أنساق جماعية من أجل خلق صداقات حميمية
والعمل في إطار فريق؛ ألن العمل في إطار فريق هي أداة ناجعة من أجل تطوير البحث العلمي وتقدم األمة في الدول
الغربية كالواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا .فمن خالل العمل داخل فريق يمكن حل المشكالت
بسهولة وإ نجاز األعمال بشكل فعال وعالج الكثير من اآلفات النفسية الفردية الشعورية والالشعورية كاألنانية والنبذ
والكراهية والنفور واستبدالها بمشاعر أكثر نبال كاالنسجام والتوافق والتشارك والتعاون واالبتكار الجماعي واإلبداع
.الهادف
ويعني هذا أن تطبيق ديناميكية Dالجماعات داخل الفصل الدراسي تقنية عالجية وأداة بيداغوجية وديداكتيكية ناجحة .ومن
ثم ،فعلى المدرس أن يحدد رقم الجماعة واسمها أو لقبها ويختار لها قائدا أو زعيما ديمقراطيا يحبه الجميع ،ويقدم لكل
.جماعة نشاطا أو عمال إلنجازه أو حل مشاكله من خالل أهداف وكفايات محددة
وتستوجب هذه األنشطة كما هو معلوم مجموعة من الوسائل والموارد المادية والمالية والمعنوية لتنفيذها مع ضرورة
انتقاء أمكنة اإلنجاز المناسبة واختيار أزمنتها بدقة مطلوبة .وبعد اإلنجاز ينتقل المدرس إلى مرحلة التقويم أو التقييم
للتأكد من عمليات تنفيذ العمل المطلوب ومدى نجاح التالميذ Dفي حل الوضعيات أو اإلجابة عن المشكالت المطروحة.
.وإ ذا كان هناك فشل ملحوظ أو إخفاق مرصود البد أن يستعمل المدرس تقنية الفيدباك لتصحيح التعثرات واألخطاء
وهناك تقنيات عديدة يمكن االستعانة بها في مجال التنشيط التربوي وتفعيل التالميذ Dوتحريكهم داخل الفصل الدراسي
مثل :العرض ،والنقاش الجماعي العام ،وتمثيل األدوار ،واالستعراض ،والمحاضرات ،والندوات ،واالستجواب
لمعرفة مضامين التعلم ومحتوياته وكيفية التعلم من GROUPE T-الحواري ،والمناقشة ،واعتماد مجموعة التشخيص
خالل إشراك عدد محدود من التالميذ ،وتطبيق طريقة جماعة البوز التي تنبني على تنشيط نقاش من 13إلى 15دقيقة
لتفادي الملل ورتابة العرض لكي يشارك الجميع في إبداء آرائهم حول الموضوع المقترح ،وتقنية فليبس 6/6التي
وضعها األمريكي دونالد فليبس سنة1948م ،وقد طورها كل من الباحثين البيداغوجيين : Dديديي وأنزيو في فرنسا.
وتعتمد Dهذه التقنية على تشكيل مجموعات صغرى من 6أفراد من أجل إعطاء مجموعة من األفكار الموحدة حول
.موضوع أو دراسة أو حالة أو فكرة ما وذلك في ست دقائق
وهناك تقنيات أخرى في مجال تنشيط الجماعة كدراسة الحالة ،وتقنية االكتشاف الدوراني التي ينتقل فيها األفراد من
جماعة إلى أخرى لتبادل اآلراء واألفكار فضال عن تقنية الجدل والحجاج والمناظرة وتقنية العصف الذهني
التي تقوم على إشراك جميع األفراد في المناقشة قصد إيجاد األفكار والحلول الجماعية BRAINSTORMING
.المناسبة لموقف أو لمجموعة من المواقف والوضعيات
وتعتبر تقنية التنشيط الجماعي من التقنيات التي تساهم في خلق المنافسة المشروعة بين جماعات الفصل أو جماعات
المؤسسة في إطار المسابقات والتصفيات الثقافية والعلمية والرياضية لتطوير القدرات الذاتية للتالميذ Dواكتشاف المواهب
.المهمشة والكفاءات الحقيقية وتجويد التعليم والرفع من مستوى التكوين والتأطير
وتعتبر طريقة لعب األدوار أو السيكودراما من أهم التقنيات في مجال تنشيط الجماعة وتفعيلها ،كما تعد من أهم
الوسائل العالجية إلدماج التالميذ Dالمنطوين على أنفسهم أو المنكمشين Dأو المعقدين نفسيا داخل جماعات لتحريرهم من
العقد المترسبة في الشعورهم وتطهيرهم ذهنيا ووجدانيا وحركيا وإ خراجهم من العزلة والوحدة واالغتراب الذاتي
والمكاني إلى عالم مجتمعي أرحب يعتمد على المشاركة والتعاون واألخوة واالنسجام وتفتيق المواهب .ومن ثم،
فالسيكودراما طريقة مسرحية يعتمد Dفيها الفرد على القيام بمجموعة من األدوار المسرحية التي يبرز فيها طاقاته
ومواهبه ويعبر عن مكبوتاته وطاقاته الدفينة قصد االنتقال من مرحلة االنكماش إلى المرحلة النفسية السوية و التوازن
السيكواجتماعي .وعلى العموم ،فالسيكودراما هي " تقنية سيكولوجية وضعها العالم السيكولوجي مورينو تعتمد Dعلى
التلقائية الدرامية ،حيث يطلب من األشخاص أداء أدوار مسرحية دون ارتباط بكتابة سابقة أو تحديد Dللنص ،قصد تنميةD
التلقائية لديهم.غير أنه مالبث أن تحولت هذه التقنية إلى أسلوب للتكوين والعالج النفسي التحليلي الفردي والجماعي؛
...وتنمية االبتكار لدى األطفال في المجال التربوي التعليمي
تجد طريقة السيكودراما أصولها لدى اليونانيين القدماء ،فقد أشار أريسطوفان في القرن الرابع قبل الميالد إلى أن
الشخص يظل سجين أدواره االجتماعية ويمكن التحرر منها ،وفهم دوافعها ،عند التعبير عنها على خشبة المسرح .كما
أن أرسطو أشار بدوره إلى األهمية األساسية التي يلعبها المسرح في التخفيف من المعاناة النفسية ،خالل التوحد مع
".الممثلين Dفي أدوار معينة D،مما يساعد على التطهير النفسي
ويمكن لألستاذ أيضا االستعانة بالسوسيوميترية لتحليل العالقات العاطفية غير الشكلية (غيرالرسمية) داخل الجماعات
الصغرى وتطبيق السوسيوغرام لمعرفة مجمل التفاعالت الوجدانية والقيمية التي تتحكم في جماعات القسم وتحديد أدوار
التالميذ وأوضاعهم في القسم قصد تحسين مناخ القسم و تهذيب العالقات التفاعلية الموجودة بين عناصر النسق الدراسي
.من أجل تحقيق نتائج جيدة كما وكيفا في آخر السنة الدراسية
ومن هنا البد للمدرس من إجراء اختبار أولي لمعرفة مكونات الجماعة وسيرورتها العملية من خالل توزيع االستمارة
:التفاعلية على تالميذ Dالفصل الدراسي ليجيبوا عنها متتبعين Dالتعليمات التالية
.عدم نشر اإلجابات 1-
.ستمكن اإلجابات من تكوين جماعات 2-
مع من تريد أن تلعب أو تعمل؟ 3-
من الذي تعتقد أنه سيختارك؟ 4-
من الذي التحب اللعب والعمل معه؟ 5-
من تعتقد أنه سيرفضك؟ 6-
وبعد دراسة االستمارة وغربلتها بشكل علمي وموضوعي ،يضع المدرس أسماء التالميذ على خط الدائرة ويقوم بوضع
السهم الذي يتجه من شخص إلى آخر في شكل مبيان تمثيلي لمختلف العالقات التفاعلية ،ويسمى هذا المبيان
SOCIOGRAMME.بالسوسيوغرام
وبعد مرحلة التمثيل وتشكيل دائرة التفاعالت السيكواجتماعية ،يلتجئ المدرس إلى تصنيف التالميذ Dحسب منطق
التفاعالت النفسية -الوجدانية ،ويرتبهم من األكثر شعبية وتواصال إلى األقل شعبية وإ قباال حتى يعرف العالقات
النفسية االجتماعية داخل فصله الدراسي .وبالتالي ،يبحث عن أسباب اإلقبال والنبذ على مستوى التفاعل التواصلي،
.ويصحح ما يمكن تصحيحه أو يعالج ما يمكن معالجته نفسيا واجتماعيا
:خاتم ــة
نستنتج D،مما سبق ،أن ديناميكية Dالجماعات دراسة علمية تهتم بالبحث في كيفية ظهور الجماعات وبروز بنياتها ووظائفها
مع اكتشاف المبادئ الضمنية التي تتحكم في تصرفاتها التفاعلية اإلنسانية الداخلية .ويعني هذا أن ديناميكية الجماعات
طريقة في تشخيص مختلف القوى الخفية والتفاعالت الظاهرة والضمنية التي تتحكم في تسيير الجماعات البشرية
وتنظيمها تنظيما ذاتيا ومؤسساتيا .وتترجم لنا هذه التفاعالت البنيوية Dالوظيفية العالقات الموجودة بين أفراد الجماعات
والتي قد تكون سلبية قائمة على الصراع والنفور والنبذ والكراهية أو إيجابية قائمة على االنسجام والتفاهم والتعاون
.والتوافق والتسامح
ولديناميكية Dالجماعات كما هو معروف أدوار عدة تتمثل بالخصوص في تطوير الجماعات والعمل على تقدمها بشكل
مستمر ،وتنمية بنياتها األساسية ،وتوسيع وظائفها البنيوية داخليا وخارجيا ،وتحسين مناخ عملها ،وتهذيب عالقاتها
التفاعلية ،وتحقيق التوازن المنشود ،والرفع من مستوى إنجازاتها قصد الوصول إلى مرحلة اإلبداع واالبتكار .كما أن
هذه الطريقة وسيلة هامة في مجال التنشيط التربوي ومعالجة التالميذ المرضى النفسانيين والمعوقين والمنكمشين على
أنفسهم .ويمكن توظيف هذه الطريقة في مجاالت أخرى كاإلدارة والتعليم والرياضة البدنية Dوالخدمة االجتماعية
والمصحات الطبية والعيادات النفسية و دراسة الجماعات العمالية داخل المصانع والمعامل والمقاوالت ،وتحسين أداء
...الحكومة ذات الفرق الوزارية