You are on page 1of 144

3

144


‫‪3‬‬

‫فهرس المحتويات‬

‫الفهرس‪4...........................................................‬‬
‫‪144‬‬
‫المقدمة ‪8..........................................................‬‬

‫تعريف القيادة‪12....................................................‬‬

‫تعريف القائد‪13.....................................................‬‬

‫صفات ووصايا للقائد الناجح‪15...................................‬‬

‫من أخالق القيادة –العقيدة الراسخة‪16.............................‬‬

‫القدوة‪16............................................................‬‬

‫يستطيع أن يؤثر في سلوك المرؤؤسين ‪24........................‬‬

‫الهدوء وضبط النفس‪26..........................................‬‬

‫القيادة ليس لها سن معين‪30.........................................‬‬

‫القدرة على رؤية الصورة‪ 6‬الشاملة وتمريرها لآلخرين‪31........‬‬

‫القدرة على صنع القرار المالئم‪32...................................‬‬

‫القائد المؤثر مستمع جيد‪37..........................................‬‬


‫القوة‪40............................................................:‬‬
‫‪3‬‬

‫األمانة‪47...........................................................‬‬

‫معرفة الرجال ‪50...................................................‬‬

‫اللين ‪57.............................................................‬‬

‫البعد عن الفظاظة ‪62..............................................‬‬

‫البعد عن غلظة القلب ‪63 ............................................‬‬

‫العفو‪64.............................................................‬‬

‫االستغفار لهم ‪66.....................................................‬‬

‫الشورى في األمر ‪67................................................‬‬

‫العزيمة وعدم التردد ‪68..............................................‬‬

‫التوكل على اهلل ‪69...................................................‬‬

‫الحزم ‪71...........................................................‬‬

‫القدرة على التخطيط ‪77............................................‬‬


‫‪144‬‬
‫إجادة التعامل مع اآلخرين‪80.......................................‬‬

‫مهارات الحوار وإ دارة النقاش ‪84....................................‬‬

‫فن إدارة الوقت ‪87...................................................‬‬

‫تشكيل وإ دارة الفريق الجماعي‪94...................................‬‬

‫إدارة االجتماعات ‪102...............................................‬‬

‫حل المشكالت واتخاذ القرارات ‪107.................................‬‬

‫رؤية الصورة‪ 6‬األشمل ‪111...........................................‬‬

‫التأثير على اآلخرين ‪113...........................................‬‬

‫خلق روح التعاون ‪116..............................................‬‬

‫التزود بالطاقة و الحيوية‪119........................................‬‬

‫صفات القادة الملتزمين بالمبادئ‪122................................‬‬

‫العادات السبع للقادة اإلداريين ‪125...................................‬‬


‫‪3‬‬

‫صفات القائد عند كورتو‪127........................................‬‬

‫من فنون القيادة ‪129.................................................‬‬

‫نصائح للناجحين‪133................................................‬‬

‫خاتمــة ‪138 .....................................................‬‬

‫المراجع‪139........................................................‬‬
‫‪144‬‬
‫‪‬‬
‫الحمد هلل الُُذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة وجعل امتنا‬
‫وله الحمد خير أمه وبعث فينا رسوالً منا يتلو علينا آياته ويزكينا‬
‫وعلمنا الكتاب والحكمة وأشهد أن ال إله إال اهلل وحدة ال شريك له‬
‫شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة وأشهد أن محمد عبده‬
‫ورسوله أرسله للعالمين رحمة وخصه بجوامع الكلم فربما جمع أشتات‬
‫الحكم والعلم في كلمة أو شطر كلمة صلى اهلل علية وعلى أله‬
‫وأصحابه صاله تكون لنا نوراً من كل ظلمة وسلم تسليما‬

‫وبعد‬
‫فإن األزمة الشديدة التي وصلت إليها أمة اإلسالم اليوم هي أزمة‬
‫التخلف عن اإلمساك بزمام القيادة والسيادة التي أرادها اهلل ‪ -‬جل‬
‫ت ِل َّلن ِ‬
‫اس‬ ‫ُم ٍة أ ْ‬
‫ُخ ِر َج ْ‬ ‫وعال ‪ -‬لهذه األمة حينما قال‪ُ { :‬ك ْنتُ ْم َخ ْي َر أ َّ‬
‫ِ‬
‫ع ِن اْل ُم ْن َك ِر} [آل عمران ‪.]110‬‬ ‫ون بِاْل َم ْع ُروف َوتَْنهَ ْو َن َ‬ ‫ْم ُر َ‬ ‫تَأ ُ‬
‫اس} [البقرة‪:‬‬‫الن ِ‬
‫اء َعلَى َّ‬ ‫ونوا ُشهَ َد َ‬ ‫ُمةً َو َسطاً ِلتَ ُك ُ‬ ‫{ َو َك َذِل َ‬
‫ك َج َعْلَنا ُك ْم أ َّ‬
‫‪.]143‬‬
‫وما أبعد الفرق بين الليلة والبارحة ما أبعد الفرق بين يوم وقف فيه‬
‫ربعي بن عامر كفرد من جيل قيادي مسلم‪ ،‬أمام رستم قائد الفرس‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫ليشرح له مهمة هذه األمة القيادية قائالً‪ ' :‬إن اهلل ابتعثنا لنخرج من‬
‫شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد‪ ،‬ومن ضيق الدنيا‬
‫إلى سعة الدنيا واآلخرة ومن جور األديان إلى عدل اإلسالم'‪.‬‬
‫وبين يوم نعيشه اآلن يقف فيه المسلمون على أعتاب الصليبيين‬
‫واليهود يستجدوا منهم سالم الذل والخزي والعار‪ ،‬وما زالت األمة في‬
‫انتظار ذلك القائد المنتظر الذي يقودها إلى ذرى المجد والتمكين‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى فإن عملية القيادة ووجود القائد الجيد على رأس‬
‫عمله أمر غاية في األهمية‪ ،‬بل نكاد نقول إن جزءاً كبيراً من تخلف‬
‫األمة في شتى الميادين بما فيها العلمية والتجارية واالقتصادية يرجع‬
‫لعدم وجود ما يكفي من القادة في منظماتنا ومؤسساتنا االقتصادية‬
‫والتجارية‪ .‬إذ كيف تبحر السفينة بدون ربان وكيف تصل دون تخطيط‬
‫ودراسة للطريق الذي تسلكه وحالة البحر وما إلى ذلك‪.‬‬
‫فالقيادة ال بد منها حتى تترتب الحياة‪ ،‬ويوسد األمر إلى أهله‬
‫ويحال دون أن يأكل القوي الضعيف‪ .‬والقيادة هي التي‬
‫ويقام العدل‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫تنظم طاقات العاملين وجهودهم لتنصب في إطار خطط المنظمة بما‬
‫يحقق األهداف المستقبلية لها ويضمن نجاحها‪.‬‬
‫وبالجملة فال صالح للبشر إال بوجود القيادة كما قال الشاعر الجاهلي‬
‫األفوه األودي‪:‬‬
‫‪144‬‬
‫ال يصلح الناس فوضى‪ 6‬ال سراة لهم * وال سـراة إذاجهالهـم سـادوا‪6‬‬
‫ـاد‬
‫والبيـت ال يبتنـى إال على عمد *** وال عمـاد إذا لم تـرس أوت ُ‬
‫فـإن تجمـع أوتـاد وأعمـدة *** وسـاكن أبلغوا األمر الذي كادوا‬
‫ربانيا ينقاد للحق ويقودها‪ .‬‬
‫ً‬ ‫قائدا‬
‫اللهم هيئ لهذه األمة ً‬
‫هذه أسئلة ونداءات ودعوات طالما ترددت في أذهاننا ونطقت بها‬
‫ألسنتنا وسمعناها بين جدران المساجد من أفواه الخطباء على أعواد‬
‫مباشرا عن أهمية القيادة‪.‬‬
‫ً‬ ‫تعبيرا‬
‫المنابر‪ ،‬ولكنها إنما تعبر ً‬
‫ومن هنا كان هذا البحث المتواضع الذي يتناول وصايا وصفات القائد‬
‫الفعال والمؤثر الذي من شأنه أن يعيد لألمة شيئاً من مجدها الضائع ‪,‬‬
‫وقد أسميته "ثالثون وصية ووصية لتكون قائداً ناجحاً"أسأل اهلل أن ينفع‬
‫به كل قائد وكل مربي وكل مسلم إنه ولي ذلك والقادر عليه ‪.‬‬
‫وفي أول المطاف السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه في بداية الحديث‬
‫عن فن صناعة القادة‪ :‬ما هو تعريف القيادة؟‬
‫‪3‬‬

‫تعريف القيـادة ‪:‬‬

‫القيادة لغة‪ :‬قال ابن منظور‪ :‬القَ ْو ُد ‪ :‬نقيض السَّوق‪ ،‬يقود الدابة من‬
‫أمامها‪ ،‬ويسوقها من خلفها‪ ،‬فالقود من أمام والسوق من خلف واالسم‬
‫يادة ‪.‬‬ ‫من ذلك كله ِ‬
‫الق َ‬
‫وسوف نذكر هنا بعض التعريفات لمفهوم القيادة فقد عرف " فيير"‬
‫القيادة بأنها تشمل أي جهد لتشكيل سلوك األفراد أو الجماعات في‬
‫المؤسسة حيث تحصل المؤسسة من خاللها على مزايا أو تحقيق‬
‫ألغراضها‪ ،‬بينما عرفها "هرس" بأنها عملية تأثير في نشاطات أفراد‬
‫أو مجموعات تسهم في تحقيق األهداف في موقف محدد ‪.‬‬
‫وقد عرفها " ستوجدل" بأنها القدرة على التأثير في اآلخرين من أجل‬
‫تحقيق أهداف أو أغراض محددة ‪.‬‬

‫ومن هنا يمكن أن نقول ‪:‬‬


‫القيادة هي‪ " :‬هي القدرة على التأثير على اآلخرين وتوجيه سلوكهم‬
‫لتحقيق أهداف مشتركة ‪ .‬فهى إذن مسؤولية تجاه المجموعة المقودة‬
‫للوصول إلى األهداف المرسومة " والقيادة الناجحة تحرك األفراد في‬
‫االتجاه الذي يحقق مصالحهم على المدى البعيد ‪.‬‬
‫القائد‬
‫‪144‬‬
‫القائد ‪ :‬هو الشخص الذي يستخدم نفوذه وقوته ليؤثر على سلوك‬
‫وتوجهات األفراد من حوله إلنجاز أهداف محددة ‪ .‬بحث"مهارات‬
‫القيادة وصفات القائد‪"1‬‬
‫والقائد هو الذي ينتظر منه ممارسة دور مؤثر في تحديد واتجاه أهداف‬
‫الجماعة ‪.‬‬

‫و القائد مسئول عن أتباعه‪ ،‬كما قال النبي ‪' -  -‬كلكم راع وكلكم‬
‫مسئول عن رعيته‪ ،‬فاألمير راع على رعيته ومسئول عنهم‪،‬‬
‫والمرأة راعية على بيت زوجها ومسئولة عنه والعبد راع على‬
‫مال سيده وهو مسئول عنه' والقيادة في اإلسالم معناها الحقيقي‬
‫تحقيق الخالفة في األرض من أجل الصالح واإلصالح‪ ،‬وقد أمر النبي‬
‫‪ - -‬بها ولو كانت في االجتماع القليل العدد أو المتواضع‪ 6‬الهدف‪،‬‬
‫يقول ‪' :- -‬إذا خرج ثالثة في سفر فليؤمروا أحدهم' ولهذا أولى‬
‫كبيرا‪ ،‬يقول شيخ اإلسالم بن‬
‫اهتماما ً‬
‫ً‬ ‫علماء اإلسالم موضوع القيادة‬
‫تيمية‪' :‬يجب أن يعرف أن والية أمر الناس من أعظم واجبات الدين‪،‬‬
‫بل ال قيام للدين إال بها فإن بني آدم ال تتم مصلحتهم إال باإلجماع‬
‫لحاجة بعضهم إلى بعض‪ ،‬وال بد لهم عند االجتماع من رأس'‪.‬‬

‫‪ - 1‬مهارات القيادة وصفات القائد –احمد عبن عبد المحسن العساف‬


‫‪3‬‬

‫‪ ‬القائد هو الشخصية القادرة على اختيار الرجال‪ ،‬وفرض احترامه‬


‫عليهم‪ ،‬والحصول على محبتهم ومعرفة إمكاناتهم واستغاللها‪ ،‬ووضع‬
‫كل منهم في المكان الذي يالئمه‪ ،‬وبث فكرة القوة والمساواة بينهم‪،‬‬
‫هدف ٍ‬
‫سام على‬ ‫ٍ‬ ‫وتوزيع المسؤوليات عليهم‪ ،‬وإ شراكهم جميعاً في خدمة‬
‫أن يتمثل فيه إيمان جاد بالمهمة التي يقوم بها‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫صفات القائد الفعال والمؤثر‪:‬‬

‫ال شك أن قيادة الناس أمانة‪ ،‬وهي من أصعب األمور‪ ،‬وذلك‬


‫بسبب اختالف طبائعهم‪ ،‬واألمور المحيطة بهم‪ ،‬ويحتاج القائد إلى فن‬
‫ورقي في أسلوب المحاورة للوصول إلى الهدف‬ ‫في التعامل معهم ‪ُ ،‬‬
‫المنشود‪ .‬وحتى يكون القائد بهذه المنزلة فال َّ‬
‫بد من أن يكون صاحب‬
‫تجربة ف ّذة‪ ،‬وممارسة لهذه الصنعة‪ .‬فالقيادة فن وعلم ‪ .‬فهي فن بمعنى‬
‫ّ‬
‫الملكات الموروثة وعلم بمعنى تعلم األصول التي تقوم عليها القيادة ‪.‬‬
‫و البد أن تكون للقائد صفات مميزة تؤهله ليكون على رأس هرم‬
‫الجماعة‪ ،‬والسراج المنير لمسيرتها حتى تصل إلى هدفها المنشود‪.‬‬
‫وبهذا المعنى يصبح رب األسرة هو قائدها ليكون أوالده صالحين‬
‫فاعلين‪ ،‬وكذلك يصبح رئيس المؤسسة هو المسؤول عن تسيير شؤونها‬
‫لما فيه نجاحها‪ ،‬والمعلم مسؤول عن طالبه‪ .‬وهكذا ينمو المجتمع‬
‫كوحدة متكاملة‪ ،‬وروح منسجمة‪.‬‬
‫والحق الذي ال يماري فيه منصف أن التاريخ لم يعرف ولن‬
‫يعرف منهجاً يستطيع أن يؤهل الشخصيات‪ 6‬ويصقلها‪ 6‬ويربيها‬
‫ويهيئها للقيادة على أكمل وجه كما يفعل المنهج اإلسالمي‬
‫اإليماني العظيم‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وتعود هذه الحقيقة إلى أن منهج اإلسالم في تكوين الشخصية‬


‫التي تقود العالم هو منهج من عند اهلل _سبحانه وتعالى_ الذي‬
‫يعلم طاقات اإلنسان ويستطيع أن يستثيرها ويوجهها وينميها نحو‬
‫تحقيق أكرم األهداف‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫من أخالق القيادة – العقيدة الراسخة‬

‫أخالق القيادة –قد تكفلت بها تربية ربانية إيمانية للشخصية‬


‫المسلمة ووضع مقوماتها القرآن وبين فروعها وتطبيقها النبي _‪_‬‬
‫وتبعها صحبه الكرام وتابعوهم ‪..‬‬
‫وسنحاول أن نتتبع بإيجاز أثر العقيدة اإلسالمية والتربية اإلسالمية في‬
‫تكوين شخصية القائد‪:‬‬
‫ونقصد بالعقيدة جميع القناعات العقلية والقلبية الجازمة التي يزرعها‬
‫اإلسالم في قلوب أتباعه عن الخالق سبحانه وصفاته وأفعاله وعن‬
‫اإلنسان وعالقته بربه ووظيفته ومركزه ومصيره وعن اآلخرة وما‬
‫سيكون فيها من حساب وجزاء وثواب وعقاب ‪..‬إننا نرى أن أركان‬
‫اإليمان كلها تقف وتتكاتف في تكوين أعظم الدوافع‪.‬‬

‫‪ -1‬عقيدة اإليمان باهلل وأثرها في تكوين شخصية القائد‪:‬‬


‫إن التحرر من العبودية لغير اهلل عز وجل لهو الخطوة األولى والدفعة‬
‫األقوى في سبيل التغلب على قياد النفس وهواها ومن ثم االنطالق نحو‬
‫الحياة في مصاف الصادقين أصحاب التضحيات العظام فال خضوع‬
‫حينئذ لبريق شهوة وال خنوع لسطوة قوة أرضية مهما غشمت فالحياة‬
‫حينئذ تكون هلل وحده والنفس تكون عبدة مخلصة لباريها ترى سعادتها‬
‫‪3‬‬

‫في إنفاذ أمره وتستشعر خلودها في الفناء في سبيل مرضاته ‪ ,‬أما الذين‬
‫يسترقون أنفسهم بدراهم ما تزال أن تنتهي ومراكز ما تلبث أن تخلو‬
‫وقصور ما تلبث أن تخرب ‪ ..‬فأولئك هم العبيد المسترقون لعدوهم‬
‫المستذلون ألنفسهم عليهم شعار الخيبة ودثار المهانة ولما عرف العدو‬
‫هؤالء المرضى‪ ،‬وأدرك ما يعبدون من الشهوات‪ ،‬عرض عليهم قسطا‬
‫وافرا منها‪ ،‬فأسال لعابهم‪ ،‬فساومهم على مبادئهم وقيمهم وعلى أوطانهم‬
‫أثمانا لما يطلبون فاتخذ‬
‫ً‬ ‫وأمتهم بل على أهلهم وأعراضهم‪ ، 6‬فدفعوها‬
‫منهم عمالء وخونة وجواسيس‪ ،‬وفرض عليهم مناهج وشروطا‪،‬‬
‫فأطاعوه مقابل ما يضمن لهم من الهوى‪.‬‬
‫ففي إحدى المعارك مع الروم قال بعض المسلمون ‪ :‬إنه قد حضركم‬
‫جمع عظيم من الروم ونصارى العرب ‪ ،‬فإن رأيتم أن تتأخروا‪ ،‬ويكتب‬
‫إلى أبي بكر‪ ،‬فيمدكم‪ ،‬فقال هشام ابن العاص _‪ :_‬إن كنتم تعلمون أنما‬
‫النصر من عند العزيز الحكيم‪ ،‬فقاتلوا القوم‪ :‬وان كنتم تنتظرون نصرا‬
‫من عند أبي بكر‪ ،‬ركبت راحلتي ألحق به‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ما ترك لكم هشام بن‬
‫العاص مقاال‪ :‬فقاتلوا قتاالً شديداً‪ ،‬وهزم اهلل الروم‪ ،‬فمر رجل بهشام وهو‬
‫قتيل فقال له ‪ :‬رحمك اهلل هذا الذي كنت تبغي!‬
‫وفي يوم مؤته كان المسلمون ثالثة آالف رجل‪ ،‬ولما وصلوا إلى‬
‫معان (بلدة في جنوب األردن) بلغهم أن هرقل نزل في مئة ألف جندي‬
‫‪144‬‬
‫من الروم‪ ،‬وانضم إليه من نصارى العرب مئة ألف آخرون‪ ،‬فقال بعض‬
‫المسلمين‪ :‬نكتب إلى رسول اهلل _‪ _‬نخبره بعدد عدونا‪ ،‬فإما أن يأمرنا‬
‫بأمره‪ ،‬فنمضي له‪ ،‬فقام عبد اهلل بن رواحه ـ ‪‬ـ وخطب الناس فقال‪ :‬يا‬
‫قوم ‪ :‬واهلل إن كان التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون‪ ،‬إنها الشهادة‪ ،‬وما‬
‫نقاتل الناس بعدد وال قوة وال كثرة ‪ ،‬ما نقاتلهم إال بهذا الدين الذي أكرمنا‬
‫اهلل به‪ ،‬فانطلقوا‪ ،‬إنها إحدى الحسنيين‪ ،‬إما ظهور وإ ما شهادة‪ ،‬فقال‬
‫الناس‪ :‬قد واهلل صدق ابن رواحه‪.‬‬
‫روى ابن إسحاق عن معاذ ابن عمرو ابن الجموح قال‪ :‬سمعت القوم‬
‫وهم يقولون‪ :‬أبو الحكم ال يخلص إليه‪ ،‬فجعلته من شأني‪ ،‬فصمدت‬
‫نحوه‪ ،‬فلما أمكنني حملت عليه‪ ،‬فضربته ضربه قطعت قدمه بنصف‬
‫ساقه‪ ،‬وضربني ابنه على عاتقي فطرح يدي‪ ،‬فتعلقت بجلدة من جنبي‪،‬‬
‫وأجهضني (أي‪ :‬غلبني واشتد عليه) القتال عنه؛ فلقد قاتلت عامة يومي‪،‬‬
‫وإ ني ألسحبها خلفي‪ ،‬فوضعت عليها قدمي‪ ،‬ثم تمطيت عليها حتى‬
‫طرحتها‪)...‬فانظر ماذا فعلت قوة الروح في هذا الرجل‪ ،‬حتى تخلى عن‬
‫ذراعه بتلك الطريقة التي ذكرها‪ ،‬ولم يمنعه األلم ونزف الدم من‬
‫مواصلة القتال؛ حيث غطت قوة يقينه على كل ألم‪.‬‬

‫‪ -2‬أثر اإليمان بالرسول ‪ _‬في تكوين الشخصية القيادية‪:‬‬


‫‪3‬‬

‫إن المؤمن الذي أيقن في أن رسوله قد جاء بالهدى والنور لهذه‬


‫البشرية فأحبه حباً اكتمل معه إيمانه فصار أحب إليه من والده وولده‬
‫والناس أجمعين‪ ..‬كان سعيه في اإلقتداء به سعي الصادقين ‪..‬فإذا‬
‫بالحياة في االقتداء بالنبي _‪ _‬كلها نور وحبور وصلة باألرض‬
‫للسماء وغدا الكون كله جنديا معه يكافح ويناضل في صفه ‪..‬ولما‬
‫كانت شخصية‪ +‬النبي _‪ _‬قد اكتملت كشخصية قيادية نموذجية كان في‬
‫االقتداء بها خطوة كبرى على طريق القيادة الناجحة المنجزة ‪ ..‬التي‬
‫تجمع بين رضا الرب سبحانه وفهم الناس وحسن القرار ونبل الهدف‬
‫وإ خالص السلوك ‪ ..‬ولقد بينت لنا السير كيف كان حرص قادة هذه‬
‫األمة األوائل على اقتفاء أثر النبوة في قيادتهم للبشرية في كل حين‬
‫ووقت ‪..‬حتى إن أحدهم ليقيم مدى نجاحه وفشله بمدى تطبيقه ألوامر‬
‫نبيه _‪ _‬ونواهيه وأخذه وعطائه وإ قدامه وإ حجامه‪..‬‬
‫‪ -3‬أثر اإليمان باليوم اآلخر في تكوين شخصية القائد‪:‬‬
‫إن الذي يحيا متيقنا بالحياة اآلخرة يقينا ال غبش فيه وال شك‪ ,‬تتغير‬
‫حياته تغيرا إيجابيا يكاد يرفعه إلى مصاف الصالحين فور إيمانه بذلك‪..‬‬
‫والذي يعيش منتظرا النهاية والموت في كل حين يعيش معدا لها‪..‬‬
‫والذي يحب الجنة الشك يبذل لها ‪ ..‬والذي يخشى النار الشك يهرب‬
‫‪144‬‬
‫منها‪ ..‬لذا كان عجب السلف الصالحين أكثر ما يكون ممن (أيقن بالجنة‬
‫ولم يفر إليها وأيقن بالنار ولم يهرب منها)‪.‬‬
‫إن عقيدة المؤمن الراسخة لتشده إلى الحياة الروحانية في ظل‬
‫وارف من ظالل الجنة و يستهين في الحياة فيها بزخرف الدنيا ومتاعه‬
‫ويستصغر كل زينة فيها لمل يقارنها بموعود صادق من ربه له في‬
‫اآلخرة ‪ ...‬وإ ذا كان المسلم بالشهادتين ينطلق ويندفع إلى التضحية‪ ،‬فإن‬
‫عقيدته وتصوره عن اآلخرة تشده إلى العطاء الدائم شدا‪ ،‬وتمأل قلبه‬
‫بالشوق إلى الشهادة‪ ،‬ألن هذه العقيدة تعرفه على حقيقة هذه الدنيا‪ ،‬وقيمة‬
‫متاعها‪ ،‬وأنها ليست سوى مرحلة من مراحل وجوده‪ ،‬وممر ووسيلة إلى‬
‫مرحلة نهائية‪ ،‬فيها القيم الخالدة‪ ،‬والتجارة الرابحة‪ ،‬والفوز الحقيقي ‪.‬‬
‫يروى عن صالح الدين األيوبي أنه كان يحمل معه صناديق مقفلة في‬
‫أيام جهاده‪ ،‬وكان يحرص عليها أعظم الحرص‪ ،‬ويرعاها أشد الرعاية‪،‬‬
‫وبعد وفاته فتحت هذه الصناديق فوجد الذين فتحوها أنها تحوي وصية‬
‫صالح الدين وكفنه وكمية من التراب من مخلفات أيام جهاده ‪ ..‬فانظر‬
‫إلى حياة القائد المنتصر كيف يراها موصولة في سبيل اهلل أرضها‬
‫وسماءها ‪ ,‬موتها وحياتها‪..‬‬
‫ورد عن أم حارثة سراقة أنها أتت النبي _‪ _‬فقالت‪ :‬يا نبي اهلل‪ ،‬أال‬
‫تحدثني عن حارثة ـ وكان قتل يوم بدر بسهم ـ فإن كان في الجنة‬
‫‪3‬‬

‫صبرت‪ ،‬وإ ن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء؟ قال‪ :‬يا أم حارثة‪،‬‬
‫إنها جنان في الجنة‪ ،‬وإ ن ابنك أصاب الفردوس األعلى‪ .‬فانظر إلى هذه‬
‫الصحابية الجليلة كيف استقر في قلبها أن الخسران الذي يستحق البكاء‬
‫هو فوات الجنة‪ ،‬بعدم إحراز الشهادة‪.‬‬
‫وروى البخاري عن أنس _‪ _‬قال‪ :‬لما طعن حرام بن ملحان‪ ،‬قال بالدم‬
‫هكذا‪ ،‬فنضحه على وجهه ورأسه‪ ،‬وقال‪ :‬فزت ورب الكعبة‪ .‬و أن الذي‬
‫قتله جبار بن سلمى الكالبي‪ .‬قد سأل ما قوله فزت ؟ متعجبا ‪ ..‬قالوا‬
‫يعنى الجنة فقال‪ :‬صدق اهلل‪ ،‬ثم أسلم !!‬
‫‪ -4‬أثر اإليمان بالقدر في تكوين شخصية القائد‪:‬‬
‫"واإليمان بالقدر يغير النفس من نفس خائفة وجلة مهتزة مترددة إلى‬
‫نفس واثقة مطمئنة ثابتة فتصلح حينئذ لتلقي مهام القيادة ويلتف حولها‬
‫الناس مستلهمين منها اليقين تطبيقاً ال قوالً ‪ ,‬ويراها الجميع أجدر ما‬
‫تكون بالقيادة ‪ ..‬فاإليمان بقضاء اهلل يحطم الحواجز المثبطة لإلنسان عن‬
‫البذل والعطاء ويقتل الخوف على الرزق أو النفس مادام ذلك هلل"‪.. 1‬‬
‫روى أصحاب السنن قول النبي _‪" :_‬ال يمنعن أحدكم مخافة الناس‬
‫أن يقول بحق إذا رآه أو سمعه فإنه ال يقرب من أجل وال يباعد‬
‫من رزق"‪..‬‬
‫‪ - 1‬خالد روشه ‪-‬المصدر موقع المسلم‬
‫‪144‬‬
‫فباإليمان بقدر اهلل _عز وجل_ في اآلجال واألعمار وأسباب انتهائها‬
‫يتحرر المؤمن من الخوف من الموت؟‪ ،‬والخوف على الحياة‪ ،‬حيث آمن‬
‫أن اهلل _عز وجل_ هو الذي يحيي ويميت‪ ،‬وأن أسباب الموت والحياة‬
‫بيده سبحانه‪ ،‬وأن لكل مخلوق لحظة محددة في علم اهلل _عز وجل_‬
‫يخرج فيها من هذه الدنيا‪ ،‬مهما اتخذ لنفسه من وسائل الحماية والوقاية‪.‬‬
‫وقد أنكر اهلل _سبحانه_ على الذين يظنون القعود الكسل والخنوع‬
‫مهربا من الموت قال _عز وجل_ " وقالوا إلخوانهم إذا ضربوا في‬
‫األرض أو كانوا غزي لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا‪ ،‬ليجعل‬
‫اهلل ذلك حسرة في قلوبهم‪ ،‬واهلل يحيي ويميت‪ ،‬واهلل بما تعملون‬
‫بصير"‪.‬‬
‫إن القائد المؤمن إذا أحيا في نفسه هذه المعاني اليقينية السامية انطلق‬
‫في الرحاب بنورانية لم تسبق وشجاعة لم يعتادها الدنيويون ‪..‬‬
‫‪3‬‬

‫األولى‪ :‬القدوة والتقوى‪:‬‬

‫إن الناس تسمع بأعينها قبل أن تسمع بآذانها‪.‬‬


‫تسمع من القائد األوامر والعرض القوي ‪..‬لكنها مدركة أن هناك‬
‫أمراً أكثر من ذلك وهو رؤية القائد ملتزماً بما يقول‪..‬ودون ذلك فال‬
‫استماع وال ثقة ‪.‬‬
‫وما أجمل الحكمة المأثورة التي تصف مسؤولية القائد فتقول‪' :‬إذا‬
‫أردت أن تكون إمامي فكن أمامي'‪.‬‬
‫القيادة الحقة هي التي يترجم بها القائد مهمته بسلوكه فليس تأثيرها‬
‫من خطبة عصماء أو صرخات عرجاء أو صيحات رنانة‪.‬‬
‫القيادة الحقة ليست مجرد مركز أو مكانة أو قوة وإ نما تفاعل نشط‬
‫مؤثر وسلوك يترجم به مهمته‪.‬‬
‫وتكمن أهمية القدوة الحسنة في األمور اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬المثال الحي المرتقي في درجات الكمال‪ ،‬يثير في نفس‬
‫كبيرا من االستحسان واإِل عجاب والتقرير‬
‫قدرا ً‬
‫البصير العاقل ً‬
‫والمحبة‪ .‬ومع هذه األمور تتهيج دوافع الغيرة المحمودة والمنافسة‬
‫الشريفة‪ ،‬فإن كان عنده ميل إلى الخير‪ ،‬وتطلع إلى مراتب الكمال‪،‬‬
‫وليس في نفسه عقبات تصده عن ذلك‪ ،‬أخذ يحاول تقليد ما استحسنه‬
‫وأعجب به‪ ،‬بما تولد لديه من حوافز قوية تحفزه ألن يعمل مثله‪ ،‬حتى‬
‫‪144‬‬
‫يحتل درجة الكمال التي رآها في المقتدى به‪.‬‬
‫‪ -2‬القدوة الحسنة المتحلية بالفضائل العالية تعطي اآلخرين قناعة‬
‫بأن بلوغ هذه الفضائل من األمور الممكنة‪ ،‬التي هي في متناول‬
‫القدرات ِ‬
‫اإلنسانية وشاهد الحال أقوى من شاهد المقال‪.‬‬
‫‪ -3‬مستويات فهم الكالم عند الناس تتفاوت‪ ،‬ولكن الجميع يتساوى‬
‫أمام الرؤية بالعين المجردة لمثال حي‪ .‬فإن ذلك أيسر في إيصال‬
‫المعاني التي يريد الداعية إيصالها للمقتدى‪ .‬أخرج البخاري في‬
‫خاتما‬
‫رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬اتخذ النبي‪َ  ‬‬
‫ِ‬ ‫صحيحه عن ابن عمر ‪-‬‬
‫من ذهب‪ ،‬فاتخذ الناس خواتيم من ذهب‪ ،‬فقال النبي‪ {  ،‬إني اتخذت‬
‫أبدا‪ ،‬فنبذ الناس‬
‫خاتما من ذهب فنبذه وقال‪ :‬إني لن ألبسه ً‬
‫ً‬
‫خواتيمهم } (‪.)1‬‬
‫قالت العلماء‪َّ " :‬‬
‫فدل ذلك على أن الفعل أبلغ من القول "‪.‬‬
‫‪ -4‬األتباع ينظرون إلى القائد نظرة دقيقة فاحصة دون أن يعلم‪،‬‬
‫َّ‬
‫فرب عمل يقوم به ال يلقي له بااًل يكون في حسابهم من الكبائر‪ ،‬وذلك‬
‫أنهم يعدونه قدوة لهم‪ ،‬ولكي ندرك خطورة ذلك األمر فلنتأمل هذه‬
‫القصة‪ .‬يروى أن أبا جعفر األنباري صاحب اإِل مام أحمد عندما أُخبر‬
‫بحمل ِ‬
‫اإلمام أحمد للمأمون في األيام األولى للفتنة‪ .‬عبر الفرات إليه‬
‫‪ )(1‬البخاري االعتصام بالكتاب والسنة (‪ ، %)6868‬مسلم اللباس والزينة (‪ ، %)2091‬الترمذي اللباس (‪ ، %)1741‬النسائي‬
‫الزينة (‪ ، )5290‬أحمد (‪ ، )2/116‬مالك الجامع (‪.)1743‬‬
‫‪3‬‬

‫رأس‬
‫فإذا هو جالس في الخان‪ ،‬فسلم عليه‪ ،‬وقال‪ :‬يا هذا أنت اليوم ٌ‬
‫َّ‬
‫ليجيبن بإجابتك‬ ‫أجبت إلى خلق القرآن‬
‫َ‬ ‫والناس يقتدون بك‪ ،‬فواهلل لئن‬
‫َّ‬
‫ليمتنعن خلق من الناس كثير‪،‬‬ ‫خلق من خلق اهلل‪ ،‬وإ ن أنت لم تجب‬
‫ومع هذا فإن الرجل‪ -‬يعني المأمون ‪ -‬إن لم يقتلك فأنت تموت‪ ،‬وال‬
‫بد من الموت فاتق اهلل وال تجبهم إلى شيء‪ .‬فجعل أحمد يبكي ويقول‪:‬‬
‫ما قلت؟ فأعاد عليه فجعل يقول‪ :‬ما شاء اهلل‪ ،‬ما شاء اهلل‪.‬‬
‫وتمر األيام عصيبة على اإِل مام أحمد‪ ،‬ويمتحن فيها ّ‬
‫أشد االمتحان‬
‫ولم ينس نصيحة األنباري‪ ،‬فها هو المروزي أحد أصحابه يدخل عليه‬
‫أيام المحنة ويقول له‪" :‬يا أستاذ قال اهلل تعالى‪  { :‬‬
‫‪. )1( }  ‬فقال أحمد‪ :‬يا مروزي اخرج‪ ،‬انظر أي شيء‬
‫فخرجت إلى رحبة دار الخليفة فرأيت خلقًا من الناس ال‬
‫ُ‬ ‫ترى ! قال‪:‬‬
‫يحصي عددهم إال اهلل والصحف في أيديهم واألقالم والمحابر في‬
‫أذرعتهم‪ ،‬فقال لهم المروزي‪ :‬أي شيء تعملون؟ فقالوا‪ :‬ننظر ما يقول‬
‫أحمد فنكتبه‪ ،‬قال المروزي‪ :‬مكانكم‪ .‬فدخل إلى أحمد بن حنبل فقال له‪:‬‬
‫قوما بأيديهم الصحف واألقالم ينتظرون ما تقول فيكتبونه فقال‪:‬‬
‫رأيت ً‬
‫يا مروزي أضل هؤالء كلهم ! أقتل نفسي وال أضل هؤالء"‪.‬‬
‫فمن أبرز أسباب أهمية القدوة أنها تساعد على تكوين الحافز في‬
‫األتباع دونما توجيه خارجي‪ ،‬وهذا بالتالي يساعد التابع على أن يكون‬
‫‪ )(1‬سورة النساء آية‪.29 :‬‬
‫‪144‬‬
‫من المستويات الجيدة في المسالك الفاضلة من حسن السيرة والصبر‬
‫والتحمل وغير ذلك‪.‬‬
‫بل متى يكون المرء قدوة صالحة وأسوة حسنة ما لم يسابق إلى‬
‫فعل ما يأمر به من خير وترك ما ينهى عنه من سوء؟! وقد جاء في‬
‫الصحيحين وغيرهما عن أسامة بن زيد ‪ -‬رضي اهلل عنهما‪ -‬أن‬
‫النبي‪  ،‬قال‪ { :‬يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق‬
‫أقتابه‪ -‬يعني أمعاءه‪ -‬في النار فيدور بها كما يدور الحمار‬
‫برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون‪ :‬أي فالن ما شأنك؟‬
‫أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال‪ :‬كنت‬
‫آمركم بالمعروف وال آتيه‪ ،‬وأنهاكم عن المنكر وآتيه } (‪.)1‬‬
‫وقد قيل‪ :‬وقد قيل‪:‬‬

‫الناس وهو‬
‫طبيب يداوي َ‬
‫ٌ‬ ‫الناس بالتقَى‬
‫يأمر َ‬‫وغير تقي ُ‬
‫ُ‬
‫وهنا مسألة هامة يحسن التنبيه إليها في هذا المقام وهو أن المسلم‪،‬‬
‫مترقيا في مدارج الكمال قد يغلبه هوى أو شهوة أو‬
‫ً‬ ‫حتى ولو كان قدوة‬
‫تدفعه نفس أمارة بالسوء أو ينزغه الشيطان‪ ،‬فتصدر منه زلة أو‬
‫يحصل منه تقصير‪.‬‬
‫ولي ْعلم أن هذا ليس بمانع‬
‫فإذا حدث ذلك فليبادر بالتوبة والرجوع ُ‬

‫‪ )(1‬البخاري بدء الخلق (‪ ، )3094‬مسلم الزهد والرقائق (‪ ، )2989‬أحمد (‪.)5/205‬‬


‫‪3‬‬

‫من التأسي به واالقتداء‪ ،‬فالضعف البشري غالب والكمال هلل وحده وال‬
‫معصوم إال من عصم اهلل‪.‬‬
‫وقد حدث مالك عن ربيعة قال‪ :‬سمعت سعيد بن جبير يقول‪ :‬لو‬
‫كان المرء ال يأمر بالمعروف وال ينهى عن المنكر حتى ال يكون فيه‬
‫شيء ما أمر أحد بمعروف وال نهى عن منكر‪ .‬قال‪ :‬وصدق من ذا‬
‫الذي ليس فيه شيء "‪.‬‬
‫وقد قال الحسن البصري لمطرف بن عبد اهلل بن ال َشخير‪" :‬يا‬
‫مطرف عظ أصحابك‪ 6.‬فقال مطرف‪ :‬إني أخاف أن أقول ما ال‬
‫أفعل‪ -‬فقال الحسن‪ :‬يرحمك اهلل وأينا يفعل ما يقول؟؟ لود‬
‫فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن‬‫الشيطان أنه ظفر بهذه منكم ِ‬
‫منكر"‪.‬‬
‫أيضا‪" :‬أيها الناس إني أعظكم ولست بخيركم‬
‫وقال الحسن ً‬
‫اإلسراف على نفسي غير محكم لها‬ ‫وال أصلحكم وإ ني لكثير ِ‬
‫وال حاملها على الواجب في طاعة ربها‪ ،‬ولو كان المؤ ِمن ال‬
‫يعظ أخاه إال بعد إحكام أمر نفسه لعدم الواعظون‪َّ ،‬‬
‫وقل‬ ‫ُ‬
‫ويرغب في‬‫َ‬ ‫المذكرون ولما ُو ِجد من يدعو إلى اهلل جل ثناؤه‬
‫طاعته وينهى عن معصيته‪ ،‬ولكن في اجتماع أهل البصائر‬
‫‪144‬‬
‫بعضا حياة لقلوب المتقين‪ ،‬وإ ذكار‬
‫ومذاكرة المؤمنين بعضهم ً‬
‫من الغفلة‪ ،‬وأمن من النسيان‪ ،‬فألزموا ‪ -‬عافاكم اهلل‪ -‬مجالس‬
‫ٍ‬
‫ومحتقر نافعٌ"‪.‬‬ ‫الذكر‪ ،‬فرب كلمة مسموعةٌ‬
‫ومن لطائف الفقه عند أهل العلم رحمهم اهلل ما ذكروا في تفسير‬
‫قوله تعالى‪    { :‬‬
‫‪     ‬‬
‫‪[ ) ( }   ‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪.]44 :‬‬
‫‪1‬‬

‫فالمعنى أن اهلل ذم بني إسرائيل على هذا الصنيع حيث كانوا‬


‫يأمرون بالخير وال يفعلونه‪ ،‬وليس المراد ذمهم على أمرهم بالبر مع‬
‫تركهم له بل الذم على الترك وحده وليس على األمر‪ ،‬فإن األمر‬
‫بالمعروف مطلوب من العامل ومن المقصر ويتأكد هذا المعنى من‬
‫اآلية الثانية في قوله سبحانه‪    { :‬‬
‫‪[ )2( }   ‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪.]79 :‬‬
‫فاهلل ذمهم ولعنهم ليس على فعلهم المنكر فحسب بل على تركهم‬
‫التناهي عنه‪ ،‬فالمقصر عليه واجبان‪ :‬األول‪ :‬الكف عن التقصير‬
‫والثاني‪ :‬دعوة المقصرين إلى ترك التقصير‪ .‬وهو فقه دقيق ينبغي أن‬
‫ونصيرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫هاديا‬
‫ينتبه له القادة والدعاة والمربون وكفى بربك ً‬

‫‪ )(1‬سورة البقرة آية‪.44 :‬‬


‫‪ )(2‬سورة المائدة آية‪.79 :‬‬
‫‪3‬‬

‫التقوى واإلخالص‪:‬‬
‫المنهج اإلسالمي التربوي حريص دائما على بلورة شخصية القائد‬
‫بشكل يتم فيه استواء شخصيته مع زيادة إيمانه ‪ ,‬فال يفرق المنهج‬
‫اإلسالمي التربوي بين زيادة اإليمان وحسن السلوك وطهارة الباطن ‪,‬‬
‫بل رفع النبي ‪‬منزلة الخلق الحسن فقال كما روي في الصحيح " إن‬
‫أقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخالقا " ‪..‬لذلك ال تكتمل‬
‫شخصية القائد على المستوى التربوي في النهج اإلسالمي حتى يكتمل‬
‫شخصيتة من شتى الجوانب وتهذب أخالقه وتتضح مبادئه وتعلو قيمه ‪..‬‬
‫فقد كتب عمر بن الخطاب _‪ _‬إلى قائدة سعد بن أبي وقاص‬
‫_رضي اهلل عنه_ ومن معه من األجناد ‪ :‬أما بعد‪ ،‬فإني آمرك ومن معك‬
‫من األجناد بتقوى اهلل على كل حال؛ فإن تقوى اهلل أفضل العدة على‬
‫العدو‪ ،‬وأقوى المكيدة في الحرب‪ ،‬وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد‬
‫احتراسا من المعاصي منكم من عدوكم؛ فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم‬
‫من عدوهم‪ ،‬وإ نما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم هلل‪ ،‬ولوال ذلك لم‬
‫تكن لنا بهم قوة؛ ألن عددنا ليس كعددهم وال عدتنا كعدتهم ‪ ،‬فإن استوينا‬
‫في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة‪ ،‬وإ ال ننصر عليهم بفضلنا لم‬
‫نغلبهم بقوتنا‪ ،‬واعلموا أن عليكم في سيركم حفظة من اهلل يعلمون ما‬
‫تفعلون ‪ ،‬فاستحيوا منهم‪ ،‬وال تعملوا بمعاصي اهلل وأنتم في سبيل اهلل‪ ،‬وال‬
‫‪144‬‬
‫تقولوا‪ :‬إن عدونا شرمنا فلن يسلط وإ ن أسأنا‪ ،‬فرب قوم سلط عليهم شر‬
‫منهم‪ ،‬كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط اهلل كفرة المجوس "‬
‫فجاسوا خالل الديار وكان وعدا مفعوال " اإلسراء ـ اآلية ‪، 5‬‬
‫واسألوا اهلل العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم …)‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫الثانية ‪:‬يستطيع أن يؤثر على سلوك المرؤوسين ؟‬

‫يعتبر التأثير والنفوذ أحد المحاور الرئيسة في التعرف على ظاهرة‬


‫القيادة وفي اكتشاف القائد الناجح ‪ ،‬ويعتبر القائد ناجحاً من خالل‬
‫التعرف على استخدام نفوذه وتأثيره على أتباعه ومرؤوسيه ‪ ،‬وعليه‬
‫يتوجب التعرف على كيفية تأثير القائد على مرؤوسيه ومن تلك‬
‫األساليب التي تؤثر على المرؤوسين ‪:‬‬
‫‪-1‬استخدام المدعمات والعقاب ‪ :‬ويقصد بها منح أو سحب الحوافز‬
‫اإليجابية والسلبية حيث تمتع القائد بهذه الصالحيات في هذا المجال‬
‫يزيد من قدرته على التأثير على مرؤوسيه ‪.‬‬
‫‪-2‬تحديد أهداف العمل ‪ :‬القائد الناجح هو الذي يحدد أهداف العمل‬
‫لمرؤوسيه وألفراد الجماعة التي يعمل بها‪ ،‬ويشترط في تحديد‬
‫األهداف أن تكون محددة وموضوعية‪ 6‬قابلة للقياس ‪.‬‬
‫‪-3‬جـمـع وتحليل المعلومات ‪ :‬لكي يمارس القائد نفوذاً عالياً عليه أن‬
‫يحصل على أكبر قدر ممكن من المعلومات التي تهم وتمس مرؤوسيه‬
‫ثم عليه أن يقوم بتحليلها وانتقاء النافع منها والمؤثرة في دافعية وأداء‬
‫المرؤوسين ‪.‬‬
‫‪-4‬تحديد أساليب العمل ‪ :‬ويتم ذلك من خالل قيام القائد بوصف مهام‬
‫العمل وتحديد طرق التنفيذ وتدريب المرؤوسين وتوجيههم ‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫‪-5‬تهيئة ظروف العمل ‪ :‬أن قيام القائد بالتأثير في الظروف المحيطة‬
‫بأفراد الجماعة يمكن أن يزيد من نفوذ القائد وتأثيره على مرؤوسيه‬
‫ويتحقق ذلك من خالل تأثير القائد في تشكيل جماعات العمل ‪.‬‬
‫‪-6‬تقديم النصح والخبرة والمشورة ‪ :‬إن توجيه القائد للمرؤوسين من‬
‫فترة ألخرى وتقديم الخبرة والمشورة لهم في مجال العمل ‪ ،‬وقيامه‬
‫بتقديم نصيحته في الوقت المناسب تكسبه نفوذاً أو تأثيراً على‬
‫مرؤوسيه ‪.‬‬
‫‪-7‬إشراك اآلخرين في األمور التي تهمهم ‪ :‬يتميز القائد الناجح‬
‫بإشراك مرؤوسيه في اتخاذ القرارات التي تمسهم ‪ ،‬فالمشاركة في‬
‫الظروف المناسبة تشعر المرؤوسين بالرضا واالعتزاز بأنفسهم ‪.‬‬
‫‪-8‬تشجيع ورفع دافعية المرؤوسين ‪ :‬يواجه القائد مرؤوسين ذوي‬
‫دافعية وحماس منخفض ألداء العمل من وقت آلخر‪ ،‬حيث إن األفراد‬
‫تختلف دافعيتهم من وقت آلخر‪ .‬وعلى القائد الناجح أن يتغلب على‬
‫ذلك بعدة طرق منها أن يدرس حاجات المرؤوسين أو أن يساعدهم في‬
‫تحديد أهدافهم وأن يشعرهم بالعدالة ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫الثالثة‪:‬الهدوء وضبط النفس‪.‬‬

‫من أهم سمات القيادة الناجحة الهدوء وضبط النفس‪ ،‬وهي صفة‬
‫جلية في رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬في جميع أحواله‪ ،‬إن‬
‫الهدوء وضبط النفس موهبة فطرية وسمة خلقية تكتسب كذلك‪ ،‬وال‬
‫بأس بذكر موقفين له ‪ - -‬تتبين فيهما هذه الصفة‪ :‬‬
‫أوالً‪ :‬في معركة حنين عندما فوجئ المسلمون بهجوم قوي من الكفار‬
‫(هوازن ومن معها) وفر من فر ممن أسلم بعد الفتح‪ ،‬وتراجع‬
‫المسلمون عشوائياً‪ ،‬في هذه اللحظات الحرجة والصعبة كان رسول اهلل‬
‫‪ -  -‬ثابت الجأش هادئ األعصاب يقول‪ :‬أيها الناس هلموا إلي أنا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬أنا محمد بن عبد اهلل‪ ،‬ويقول لعمه العباس‪ :‬ناد أصحاب‬
‫الشجرة‪ ،‬وبفضل اهلل ثم بفضل هذا الثبات من الرسول ‪ - -‬آب‬
‫المسلمون إليه ورجعوا يتجمعون حوله وانتصروا‪ 6‬بعدئذ بإذن اهلل‪.‬‬
‫‪ ‬هذا الموقف يحتاج إلى تأمل‪ ،‬ففيه الشجاعة وحسن التصرف‪ ،‬وفيه‬
‫هدوء النفس وعدم الهيجان‪ ،‬وفيه التوازن مع ما في الحدث من شدة‬
‫انعكست على األلوف ممن سار في الجيش‪ ،‬يذكرني هذا الهدوء من‬
‫رسول اهلل ‪ - -‬بقول أحدهم‪ » :‬لكي يحافظ القائد على هدوئه‪ ،‬عليه‬
‫أن يعتاد على معالجة األمور المفجعة وكأنها عادية‪ ،‬بدالً من معالجة‬
‫األمور العادية وكأنها فواجع «‪ ،‬ويقول كذلك‪ » :‬على القائد الذي يود‬
‫‪144‬‬
‫أن يكون أهالً للقيادة أن يبدأ بقيادة نفسه وال يمكن لمن ال يسيطر على‬
‫نفسه أن يسيطر على اآلخرين « ‪.‬‬
‫‪  ‬إن استقبال أي حدث مهما كانت درجة عظمته بهدوء وضبط نفس‬
‫يم ّكن المسئول والقائد من عدة أمور منها‪ :‬‬
‫أوالً‪ :‬استيعاب الحدث بمعرفة حجمه الحقيقي‪ ،‬فكم من موقف استقبلناه‬
‫بشدة وغلظة بينما هو أبسط وأصغر من أن يواجه ويستعد له على‬
‫حساب أمور أخرى‪ -‬والعكس صحيح فكم من حدث ظهر لنا بسيطاً‬
‫فلم يحسب له أي حساب فلما تبين لنا أنه كبير ويحتاج إلى موقف‬
‫سريع منا لم نتمكن من استيعابه‪ ،‬ففي كال الحالتين ضبط النفس‬
‫وهدوءها يعين القائد على دراسة حجم األحداث‪.‬‬
‫‪ ‬ثانياً‪ :‬استيعاب الحدث بمعرفة مسبباته‪ ،‬األسباب التي من شأنها أن‬
‫تؤدي إلى وقوع الحدث يعين على معرفة أفضل المواقف التي ينبغي‬
‫اتخاذها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬استيعاب الحدث بمعرفة أبعاده المستقبلية‪ ،‬فما من حدث إال وله‬
‫‪ً  ‬‬
‫ما وراءه‪ ،‬والهدوء وضبط النفس مما يعين القائد على االستعداد‬
‫لمواجهته بعقلية الواعي لما يدور حوله‪.‬‬

‫ففي غزوة حنين نفسها غنم المسلمون غنائم كثيرة جداً‪ ،‬فأعطى‬
‫رسول اهلل ‪ - -‬من هذه الغنائم أعطيات كبيرة للمؤلفة قلوبهم من أهل‬
‫‪3‬‬

‫مكة وبعض زعماء األعراب‪ ،‬فوجد األنصار في أنفسهم شيئاً؛ ألن‬


‫قسمه في قومه‪ ،‬فجمعهم رسول‬
‫رسول اهلل ‪ - -‬لم يعطهم‪ ،‬وظنوا أنه ّ‬
‫اهلل ‪ - -‬في مكان وخاطبهم قائالً‪ ) :‬يا معشر األنصار‪ ،‬مقالة‬
‫بلغتني عنكم‪ ،‬وموجدة وجدتموها علي في أنفسكم‪ ،‬ألم آتكم‬
‫ضالالً فهداكم اهلل‪ ،‬وعالة فأغنكم اهلل‪ ،‬وأعداء فألف اهلل بين‬
‫قلوبكم؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬هلل ولرسوله المن والفضل!‪ 6‬ثم قال‪ :‬أال‬
‫تجيبونني يا معشر األنصار؟ قالوا‪ :‬بماذا نجيبك يا رسول اهلل؟‬
‫هلل ولرسوله المن والفضل‪.‬‬
‫قال ‪( :- -‬أما واهلل لو شئتم لقلتم‪ ،‬فلصدقتم ولصدقكم‪ :‬أتيتناك‬
‫ُم َك ِّذباً فصدقناك‪ 6،‬ومخذوالً فنصرناك‪ 6،‬وطريداً فآويناك‪ ،‬وعائالً‬
‫فآسيناك)‪.‬‬
‫أوجدتم يا معشر األنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت‬
‫بها قوماً ليسلموا ووكلتكم إلى إسالمكم! أال ترضون يا معشر‬
‫األنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول اهلل‬
‫إلى رحالكم؟ فوالذى نفس محمد بيده لوال الهجرة لكنت امرءاً‬
‫من األنصار‪ ،‬ولو سلك الناس شعباً وسلكت األنصار شعباً‬
‫‪144‬‬
‫لسلكت شعب األنصار! اللهم ارحم األنصار وأبناء األنصار‬
‫وأبناء أبناء األنصار‪.‬‬
‫قال‪ :‬فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم‪ ،‬وقالوا‪ :‬رضينا برسول اهلل‬
‫قسماً وحظاً‪.‬‬
‫يقول صاحب كتاب فن القيادة‪ » :‬يوحي الهدوء بأن صاحبه ذو إرادة ال‬
‫تتحول عن هدفها وتسبب نظرة الرئيس الهادئة العميقة شعوراً من القلق‬
‫لدى المشاغبين ومثيري المشاكل من المرؤوسين‪ ،‬وإ حساساً غريزياً‬
‫‪1‬‬
‫بأنهم أمام قوة ال تقهر«‪.‬‬

‫‪- 1‬لمحات‪ %‬في فن القيادة ج كورتوا الطبعة الثالثة ‪1986‬م ‪.‬‬


‫‪3‬‬

‫الرابعة‪:‬القيادة ليس لها سن معين‪:‬‬


‫إن القيادة ال تشترط سناً بعينها‪ ،‬أو من له ساللة عريقة‪.‬القرآن أخبرنا‬
‫عن قصص كثيرة للقيادة لكننا في هذه المقالة سوف نذكر قصة طالوت‬
‫عليه السالم ‪.‬‬
‫لقد أخبرنا اهلل سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عن صفات قائد عظيم‪،‬‬
‫طةً ِفي‬
‫طفَاهُ َعلَ ْي ُك ْم َو َز َادهُ َب ْس َ‬ ‫هو طالوت‪ .‬قال تعالى‪ِ{ :‬إ َّن اللّهَ ْ‬
‫اص َ‬
‫سِم} (البقرة‪ .)247:‬وجاء في تفسير اآلية الكريمة "قيل عن‬ ‫ِِ‬
‫اْلعْلم َواْل ِج ْ‬
‫طالوت‪ :‬كان سقاء‪ ،‬وقيل‪ :‬دباغاً‪ ،‬ولم يكن من سبط النبوة أو الملك‪ ،‬بل‬
‫إن اهلل اصطفاه‪ ،‬وزاده بسطة في العلم الذي هو مالك اإلنسان‪ ،‬وأعظم‬
‫وجوه الترجيح‪ ،‬وزادة بسطة في الجسم الذي يظهر به األثر أثناء‬
‫الملمات"‪.1‬‬
‫وحبي‬
‫ودربة‪ُ ،‬‬
‫ورث إذاً‪ ،‬ولكن ُيعطى لمن له خبرة ُ‬
‫فأمر القيادة ال ُي ّ‬
‫أهلته لذلك لكن المشكلة في البعض أنه يظن أن القائد البد ان‬
‫بصفات ّ‬
‫يكون أبناؤه قادة وقد يكون الكالم صحيحاً في بعض جوانبه لكن في‬
‫المجمل فالقيادة ال تورث وال تتعلق بجنس وال لون وال لغة وال مهنة‪.‬‬
‫القيادة كذلك ال ترتبط بسن معينة من ذلك قيادة أسامة بن زيد ‪-‬رضي‬
‫اهلل عنهما‪ -‬في بعثه لغزو الشام ومعه أبو بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وكبار الصحابة‬

‫‪(- 1‬فتح القدير‪ :‬الشوكاين ‪)1/338‬‬


‫‪144‬‬
‫رضي اهلل عنهم أجمعين!‪ .‬البعض قال إن أسامه تولى لقربه من النبي ‪‬‬
‫وهذا كالم غير صحيح ألنه لو لم يكن يصلح ما واله النبي ‪.‬‬
‫يقول اإلمام الذهبي في سير أعالم النبالء إن من صفات القائد العلم‬
‫والخبرة والشطارة وكلها كانت صفات تتوافر في أسامة بن زيد رضي‬
‫اهلل عنه ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫الخامسة‪ :‬القدرة على رؤية الصورة الشاملة وتمريرهالآلخرين‪.‬‬

‫ينظر القادة إلى األمور بشمولية وبعد نظر‪ ،‬ويسعون جاهدين لنقل‬
‫هذه الصورة إلى اآلخرين‪ ،‬وبعض القادة يفشلون في نقل رؤاهم‬
‫ومفاهيمهم لآلخرين‪ ،‬وهذه الخطوة المهمة التي تميز القائد الفعال عن‬
‫غيره‪.‬‬
‫إن القيم والحقائق هي التي تحدد مفاهيم الصورة‪ 6‬الشاملة‪ ،‬وعندما ال‬
‫يمتلك القائد الحقائق الوافية والقيم العالية لن يستطيع تحديد الصورة‬
‫الشاملة‪ ،‬وبالتالي لن يستطيع نقلها لآلخرين‪ ،‬ألن فاقد الشيء ال يعطيه‪،‬‬
‫لذلك عادة ما ينجح القادة في إدارة العمل ولكنهم ال يوفقون لقيادة‬
‫اآلخرين ونقل رؤاهم إليهم؛ ألن أولئك ‪-‬بكل بساطة‪ -‬ال يساعدونهم في‬
‫استيعاب ما يحدث لهم وحولهم ‪.‬‬
‫إذا كان طموحك أن تصبح قائداً فعاالً يجب عليك أن توضح مفاهيمك‬
‫بطرائق يسهل على اآلخرين استيعابها‪ ،‬لذا على القائد أن يتأكد دائماً من‬
‫وضوح الحقائق لآلخرين‪ ،‬وأنها رسخت في عقولهم وأدركوها تماماً‪،‬‬
‫بشرط أن تالمس هذه الحقائق احتياجات وآمال ومشاعر اآلخرين‪.‬‬
‫إن الحقائق وحدها ال تكفي لدفع اآلخرين إلنجاز العمل ‪ ،‬بل عليك أن‬
‫تستثمر الحقائق مع القيم بحيث تنقل الوعي بالرغبات واآلمال‬
‫والعواطف التي تساعد على نشر رؤيتك ‪.‬‬
144
‫‪3‬‬

‫السادسة‪:‬القدرة على صنع القرار المالئم‬

‫من مميزات القائد الناجح صنع أو اتخاذ القرار‪ ،‬وال شك أن هذا األمر‬
‫يزيد من ثقة العاملين بمديرهم وقائدهم‪.‬‬
‫مفهوم عملية صنع القرار ‪:‬‬
‫العملية التي يتم بموجبها تحديد المشكلة والبحث عن أنسب الحلول لها ‪،‬‬
‫عن طريق المفاضلة والموضوعية بين عدد من البدائل واالختيار الحذر‬
‫والمدرك والهادف لحل المشكلة التي من أجلها تم صنع القرار ‪.‬‬
‫كما أن صناعة القرار ترتكز على المهارات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬تحديد األولويات‪:‬‬
‫إن صناعة القرار واتخاذه ميزة ضرورية لكل مدير أو قائد‪ ،‬ومهارات‬
‫صنع القرار أمور ملحة لتحقيق أقصى درجات األداء‪ ،‬وهي تتطلب من‬
‫المدير أو القائد أن يميز بين األمور من حيث تحديد أولوياتها ومن ثم‬
‫الحكم عليها‪.‬‬
‫‪ -2‬وضع أهداف واضحة‪:‬‬
‫أول مرحلة في تحقيق األهداف هو تحديدها‪ .‬إن األهداف المحددة‬
‫تعطي وجهة محددة لعملية صنع القرار‪ ،‬وفي عملية صنع القرار يؤدي‬
‫وضع األهداف إلى توضيح المتطلبات‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫‪ -3‬المقاربة المنهجية‪ +‬لصنع القرار‪:‬‬
‫قد يفشل قرار ما‪ ،‬ال لسوء ولكن لظروف خافية حالت دون نجاحه ‪.‬‬
‫هذا األسلوب نافع عندما يكون هناك جدل حول مشاريع متعددة وأيها‬
‫أنقع وأجدى‪ ،‬وهنا يعمد المدير على توجيه النقاش لتحديد المتطلبات‬
‫األولية والثانوية ومدى مالءمة كل مشروع مع هذه المتطلبات المحددة‬
‫بما يتوافق مع أهداف الشركة‪.‬‬
‫القيادة تأثير وتأثر لن تستطيع كقائد أن تؤثر في اآلخرين ما لم تتخلل‬
‫داخل مشاعرهم وأحاسيسهم وعواطفهم وهذا ما يعرف بالتقمص‬
‫العاطفي ‪.‬‬
‫األساليب الشائعة إلتخاذ القرار ‪:‬‬
‫هناك أربعة أساليب يتبعها مديرو‪ 6‬المدارس في اتخاذ القرارات وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬الخبرة ‪ :‬استخدام الخبرات السابقة على أساس أن المشكلة‬
‫الحالية تتشابه مع المشكالت السابقة ‪.‬‬
‫المشاهدة ‪ :‬التقليد وتطبيق الحلول التي اتبعها مديرون‬ ‫‪-2‬‬
‫آخرون في حل مشاكل شبيهه ‪.‬‬
‫التجربة والخطأ ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫األسلوب العلمي ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫خطوات األسلوب العلمي في إتخاذ القرار ‪:‬‬
‫تشخيص المشكلة وتحديد الهدف ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪3‬‬

‫تحليل المشكلة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬


‫تحليل البدائل الممكنة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫تحديد البدائل ومقارنتها واختيار البديل المناسب ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫اختيار الحل ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫اإلعداد للتنفيذ والمتابعة ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫تتنبيهات ‪:‬‬
‫ال يكن قرارك ردة فعل غير مدروسة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ال تتخذ قرارا مجاملة القتراح قدم لك ‪ ،‬فإن الناس يغيرون‬ ‫‪-2‬‬
‫آرائهم ‪ ،‬وقد يغضب عليك من استرضيته بقرارك ‪،‬‬
‫وتبقى عليك مسئولية القرار ‪.‬‬
‫ال تلجأ ألول حل يخطر ببالك ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ال تنسخ قرارات اتخذها غيرك ‪ ،‬فقد تكون ظروف‬ ‫‪-4‬‬
‫مدرستك ليست كظروف مدرسته ‪.‬‬
‫نصيحة لصنع القرار الجيد ‪:‬‬
‫حدد هدفك أو مشكلتك بدقة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اجمع المعلومات الكافية ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وسع قاعدة القرار واطلب المشاركة في صنعه من كل‬ ‫‪-3‬‬
‫الذين لهم عالقة به حتى الطالب ‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫اطلب عدة خيارات وبدائل ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫وازن بين تلك البدائل ‪ ،‬وحدد نقاط الضعف والقوة فيها‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫حدد – باالشتراك مع مجموعتك – الخيار األمثل ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫أعط نفسك ومجموعتك فرصة لتصور جميع النتائج ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫السلبية واإليجابية المترتبة على هذا القرار ‪:‬‬
‫‪ -1‬وضع مبررات اتخاذه ‪.‬‬
‫‪ -2‬اختر الوقت المناسب إلصداره ‪.‬‬
‫‪ -3‬حدد المسؤوليات في تنفيذه ‪.‬‬
‫‪ -4‬أعط الدعم المادي والمعنوي إلنجاحه ‪.‬‬
‫‪ -5‬تابع تنفيذه ‪.‬‬
‫‪ -6‬ضع إجراءات مكتوبة في حال عدم التقيد به ‪.‬‬

‫معوقات اتخاذ القرار ‪:‬‬


‫قصور البيانات والمعلومات ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫التردد وعدم الحسم ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫السرعة في اتخاذ القرار ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الجوانب النفسية والشخصية لصانع القرار ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫عدم المشاركة في اتخاذ القرار ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪3‬‬

‫السابعة‪ :‬القائد المؤثر مستمع جيد‪:‬‬


‫‪ ‬لكي تصبح قائداً فاعالً يجب أن تنظر إلى الصورة كاملة لكي تستطيع‬
‫أن تؤثر في اآلخرين‪ ،‬ولكي تؤثر في اآلخرين يجب عليك أن تستمع‬
‫لهم‪ ،‬والمهم أن تستمع بحق لآلخرين عن طريق ما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬اجعل ذهنك صافياً ‪:‬‬
‫لذا يجب عليك التركيز واإلنصات إلى حديث اآلخرين وعدم االنشغال‬
‫بأي صارف ‪.‬‬
‫‪ -2‬كن صريحاً ‪:‬‬
‫عند استماعك للشخص الذي أمامك‪ ،‬بغض النظر عما يقوله هل يوافقك‬
‫أو يخالفك ؟‬
‫‪ -3‬اطرح األسئلة‪:‬‬
‫افهم ما يقوله اآلخرون لك ‪ ،‬واطرح األسئلة للتوضيح‪ 6‬والتفصيل ال‬
‫للتعجيز واإلحراج ‪.‬‬
‫‪ -4‬ادرس لغة الجسد‪:‬‬
‫اللسان يخبرك بما يدور في العقول‪ ،‬بينما حركات الجسد تخبرك بما‬
‫يدور في الروح‪ ،‬لذلك ِ‬
‫أحسن استخدام لغة الجسد لتستمع وتفهم بشكل‬
‫أكبر ‪.‬‬
‫‪-5‬االعتراف‪:‬‬
‫‪144‬‬
‫شعورا أنك تفهم ما يعنيه‪ ،‬وبأنك‬
‫ً‬ ‫إن التفاعل مع الشخص المتحدث تعطيه‬
‫تفهم مشاعره وأحاسيسه‪.‬‬
‫‪ -6‬تبادل الرأي ‪:‬‬
‫تجاذب الحديث مع الشخص المتحدث‪ ،‬وأعد صياغة كالمه‪ ،‬وتبادل معه‬
‫المشاعر واألحاسيس‪.‬‬
‫‪ -7‬لخص الموضوع‪:‬‬
‫قبل الخوض في الحديث والكالم الكثير‪ ،‬فعندما تتأكد من انتهاء المتحدث‬
‫عن الحديث السابق‪ ،‬لخص حديثه بدون مقاطعة ثم اتركه يتابع الحديث ‪.‬‬
‫‪ -8‬أظهر االهتمام ‪:‬‬
‫يجب عليك كقائد فاعل أن تظهر اهتمامك بالمتحدث‪ ،‬وأن تصل وإ ياه‬
‫إلى درجة االعتناق العاطفي‪ ،‬ولن يستطيع أي قائد أن ينجح دون هذه‬
‫الرابطة التي هي نقل احتياجات وآمال ومشاعر اآلخرين‪ ،‬وكذلك يجب‬
‫أن تكون هذه المشاعر صادقة من لدن القائد حتى يحصل على والء‬
‫اآلخرين‪ ،‬إذ ال قيادة دون والء ‪.‬‬
‫‪ -9‬أظهر مشاعر االحترام‪:‬‬
‫بدون التزام ال يوجد والء‪ ،‬وبدون والء ال توجد قيادة ‪ ،‬وإ ذا أردت أن‬
‫تحقق هذه المقولة عليك أن تحترم حقوق واحتياجات ومشاعر وأحاسيس‬
‫اآلخرين‪ .‬إن تقدير اآلخرين سر من أسرار القيادة الناجحة ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -10‬االتصال القائم على الصراحة‪:‬‬


‫إن الوضوح والصراحة ركيزتان من ركائز القيادة الناجحة ‪ .‬إن‬
‫االتصال مع اآلخرين بوضوح يشكل لك ‪-‬كقائد‪ -‬مصداقية لدى‬
‫اآلخرين‪،‬وبالتالي تستطيع أن تؤثر على اآلخرين عبر قنوات االتصال‬
‫الفاعلة‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الثامنة ‪:‬القوة‪:‬‬
‫القوي األمين) ؟! سورة‬
‫ُّ‬ ‫استأجرت‬
‫َ‪6‬‬ ‫خير من‬ ‫( المعيار هو ) َّ‬
‫إن َ‬
‫القصص‪.‬‬

‫القوة واألمانة‪ ،‬نعم‪ ..‬إن هاتين الصفتين تجمعان كل المعاني القيادية‬


‫التي َّ‬
‫تحدث عنها علماء اإلدارة في العالم‪.‬‬

‫القوة‪:‬‬
‫وتعني الكفاءة والذكاء والقدرة على أداء المهمة‪ ،‬وتختلف القوة المطلوبة‬
‫باختالف المهمة‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪:‬والقوة في كل عمل بحسبها‪ ،‬فالقوة في إمارة الحرب ترجع‬
‫إلى شجاعة القلب وإ لى الخبرة بالحروب‪،‬‬
‫والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل الذي دل عليه القرآن‬
‫والسنة وإ لى القدرة على تنفيذ األحكام‪.‬‬
‫يمتلك صاحب المنصب أو القائد أو المدير قوة تسمى قوةالمنصب‪،‬‬
‫وتعني السيطرة على حياة اآلخرين‪ ،‬وهذا أمر طبعي‪ ،‬ولكن هذه القوة‬
‫محدودة التأثير ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫إن الذين يستطيعون أن يؤثروا في حياة اآلخرين يمتلكون قوة خفية‬


‫تعرف بقوة الشخصية (كريزما) تمكنهم من توجيه األفراد ومن ثم التأثير‬
‫عليهم وحثهم على العمل ‪.‬‬
‫‪ ‬أنواع القوى ‪:‬‬

‫‪ 01‬قوة المركز ( المنصب ) ‪:‬‬

‫وهي الحق المعطى لك داخل منصبك ومركزك الوظيفي الذي‬


‫تتواله‪ ،‬وتظهر هذه القوة عند أول مرحلة من تعيينك في المنصب‪،‬‬
‫وتتميز بأنها ذات تأثير محدود‪ ،‬وإ نتاجية سريعة لكنها غير مستقرة ‪.‬‬
‫‪ .2‬قوة الشخصية ( الكريزما )‪:‬‬
‫وهي مجموعة من السمات والقيم المثلى والمهارات العالية‬
‫تجذب بها لب اآلخرين وتكسب طابع التأثير عليهم‪ .‬تظهر هذه القوة‬
‫قيما‬
‫بعد مدة من تعيينك في المنصب ‪ ،‬فيرى اآلخرون أنك تمتلك ً‬
‫ومبادئ مثلى‪ ،‬وذو مصداقية وعزيمة صادقة فيتأثرون بك‪ ،‬هذه القوة‬
‫ذات تأثير عالي وإ نتاجيتها ٍ‬
‫عال ومستقرة‪.‬‬

‫* قد يمتلك البعض قوة المركز بينما ال يتمتعون بقوة الشخصية ‪،‬‬


‫‪144‬‬
‫والعكس قد يحدث ‪ ،‬وعند إيجاد الشخص الذي يتمتع بقوة المنصب‬
‫ويمتلك قوة الشخصية نحصل على القائد الناجح ‪.‬‬

‫والسؤال هنا‪ :‬ما الممارسات التي تزيد من قوة الشخصية ؟‬


‫‪ ‬ممارسات قوة الشخصية ‪:‬‬
‫‪01‬التحريض ‪:‬‬

‫يدرك القادة الناجحون أن التحريض يأتي من الداخل ‪ ،‬وهم يقومون‬


‫بمجهود صادق لتفهم احتياجات األفراد ومشاعرهم ‪ ،‬لذا يتم تحريض‬
‫الفرد بحسب احتياجاته‪.‬‬

‫‪ 02‬المالحظة ‪:‬‬
‫يتميز القائد الفاعل بقوة المالحظة عند متابعته ومراقبته لآلخرين‬
‫عن طريق النظر إلى عيونهم أو تصرفاتهم أو طريقة حديثهم فيتنبأ‬
‫بأحوالهم ومشاعرهم‪ .‬يتميز القادة الناجحون بتشغيل الحاسة السادسة‬
‫لديهم وهي ( الحدس ) ‪.‬‬

‫‪ .3‬تبادل األفكار ‪:‬‬


‫‪3‬‬

‫إن روح العالقة والمعاملة بين القائد الناجح وأتباعه قائمة على‬
‫تبادل األفكار وتالحمها مع بعضها البعض‪ ،‬لذا ستدرك من خالل‬
‫هذه الطريقة النتائج المرغوبة لديك ‪.‬‬

‫‪ 04‬التقصي ‪:‬‬
‫إن عملية التقصي تشجع اآلخرين على التحدث معك ‪ ،‬والتقصي‬
‫عما يسمى بالتطفل ‪ ،‬إذاً‬
‫عملية تبين مدى اهتمامك بالعاملين بعيداً ّ‬
‫الفرق بينهما شاسع‪ ،‬فالتقصي معرفة األحوال بأسلوب مؤدب بقصد‬
‫االهتمام بالعاملين وخدمتهم‪ ،‬أما التطفل فهو معرفة أحوال اآلخرين‬
‫بأسلوب غير الئق بقصد المعرفة والتدخل في شؤون اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .5‬التشجيع ‪:‬‬
‫القائد الناجح شخص مؤثر يشع حماساً ويبعث على التشجيع؛‬
‫ألنه يمتلك روحاً عالية وعزيمة صادقة‪ ،‬وهنا السؤال كيف يتم‬
‫تشجيع اآلخرين؟ والجواب على ذلك يجب عليك أن تجعل العاملين‬
‫يدركون الفوائد التي تعود عليهم من تحقيق ما تطلبه منهم‪.‬‬

‫‪ 06‬منح المكافآت ‪:‬‬


‫‪144‬‬
‫يدرك القائد الناجح أن العاملين ال يندفعون إلى العمل ما لم‬
‫يجدوا التقدير‪ .‬لذا يجب عليك كقائد أن توفر الحوافز المالئمة؛‬
‫لتضمن استمرار العمل خصوصاً إذا كان العمل شاقاً ‪.‬‬

‫‪ 07‬التوجيه ‪:‬‬
‫إن القائد المؤثر هو الذي يحدد مسار اآلخرين‪ ،‬وتركيز‬
‫جهودهم على تحقيق األهداف المشتركة التي يشارك فيها كل فرد من‬
‫أفراد الفريق مع المحافظة على الروح العالية للفريق‪.‬‬
‫‪ .8‬التكيف مع الهدف‪:‬‬
‫القائد الناجح يستطيع التكيف مع الهدف؛ ألن لديه رؤية شاملة‬
‫وصورة أكبر‪ ،‬لذلك عليك كقائد فعال أن توجه عن طريق تحديد‬
‫األهداف التي يجب تحقيقها مع وضع المواعيد النهائية والوسائل‬
‫المالئمة لالنتهاء من العملية ‪.‬‬
‫‪ .9‬نقل األهداف واألغراض الموضوعية‪:‬‬
‫إن الرؤية عبارة عن هدف‪ ،‬ومعالم الطريق للوصول إلى‬
‫الهدف هي األغراض الموضوعية‪ ،‬ولتحقيق ذلك يجب أن تكون‬
‫واضحاً وتتحدث عن رؤياك بحماس وبإيجاز وشجاعة وإ بداع‪.‬‬
‫‪ 010‬التنشيط‬
‫‪3‬‬

‫إن وضع خطة تعتمد على أهداف وأغراض تم تحديدها بعناية‬


‫هي الجزء العقالني في القيادة‪ ،‬وأما الرغبة في الدفاع عن كل ما هو‬
‫سليم فهو الجزء العاطفي‪ ،‬واندماج الجزء العقالني مع الجزء‬
‫العاطفي يخلقان روح التعاون وتركيز أنشطة الناس على تحقيق‬
‫األهداف المشتركة ‪.‬‬

‫ومن مظاهر فقدان القوة‪:‬‬


‫الروتين القاتل‪ :‬وأعراضه البطء في إنجاز المعامالت والضغط في‬
‫العمل والذي يسبب االكتئاب والملل‪ ،‬ويؤدي إلى تمضية الوقت كيفما‬
‫ترهل اإلدارة والروتين الحكومي المستشري‬
‫اتفق‪ .‬ولعل هذا واضح في ّ‬
‫في معظم الدول العربية‪.‬‬
‫ضعف االستغفار‪ :‬يضعف االستغفار عندما يصبح استغفاراً سريعاً بال‬
‫روح‪ ،‬استغفاراً شفهياً ال يالمس شغاف القلب‪ ،‬فيرق به من خشونة‬
‫الذنب‪ .‬وهو من شروط القوة المعنوية واالقتصادية التي غفلنا عنها وال‬
‫توجد لدى أنظمة الغرب أو علومهم‪ .‬وهذا هود عليه السالم ينصح قومه‬
‫استَ ْغ ِف ُروْا َرَّب ُك ْم ثَُّم‬
‫بشروط البنية المعنوية االقتصادية فيقول‪َ) :‬يا قَ ْوِم ْ‬
‫َّماء َعلَْي ُكم ِّم ْد َراراً َوَي ِز ْد ُك ْم قُ َّوةً ِإلَى قُ َّوتِ ُك ْم ( سورة هود‪.‬‬ ‫تُ ُ ِ ِ ِ ِ‬
‫وبوْا إلَْيه ُي ْرسل الس َ‬
‫‪144‬‬
‫التاسعة‪:‬االمانة‪:‬‬

‫األمانة‪:‬‬
‫وتعني المصداقية والرقابة الذاتية والمبادرة ألداء العمل على أتم وجه‪.‬‬
‫وتستخدم كلمة األمانة بأكثر من معنى‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫ض‬‫َّماوات واأل َْر ِ‬


‫األم َانةَ َعلَى الس َ َ َ‬‫ضَنا َ‬ ‫التكليف‪ :‬قال تعالى)ِإَّنا َع َر ْ‬
‫ان ِإَّنه كان‬
‫نس ُ‬ ‫ال فَأََب ْين أَن َي ْح ِمْلَنهَا وأَ ْشفَ ْق َن ِم ْنهَا و َحملَهَا ِ‬
‫اإل َ‬
‫واْل ِجَب ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ظلوما جهوال ( سورة األحزاب‬

‫األمانة المعنوية‪ :‬تمتد حدود األمانة إلى ما هو أبعد من القضايا المالية‪،‬‬


‫فهي تشمل أمانة الفكر والرأي والموقف‪ .‬وعلى سبيل المثال عدم بخس‬
‫العاملين حقوق التقدير الممزوج بالحب‪ ،‬ومساعدتهم في قضاياهم‬
‫ومشاكلهم المؤرقة بقدر االستطاعة‪.‬‬

‫الضمير اليقظ‪ :‬وهو الذي‪ ،‬كما يقول الغزالي‪ ،‬تصان به الحقوق المتمثلة‬
‫في حقوق اهلل والناس وتحرس به األعمال من دواعي التفريط واإلهمال‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫اإلتقان‪ :‬فالحرص على أداء الواجب المنوط بالشخص بشكل متقن من‬
‫أخالق المسلم‪ .‬ومنه السهر على حقوق الناس وإ ذا استهان الفرد بما كلف‬
‫به وإ ن كان صغيراً فرط فيما بعده إلى أن تستشري روح الفساد‬
‫والضياع في كيان المؤسسة‪ .‬بل إن المطلوب هو تجاوز اإلتقان‬
‫والوصول إلى درجة اإلبداع في التخطيط والتنفيذ مسترشدين بدعوة‬
‫المصطفى عليه السالم‪" :‬إن اهلل يحب إذا عمل أحدكم عمالً أن‬
‫يتقنه"‪ .‬أخرجه البيهقي‪.‬‬

‫عدم االستغالل‪ :‬أي عدم استغالل المنصب لمنافع شخصية أو لإلضرار‬


‫بمصالح اآلخرين وإ ضاعة حقوقهم‪.‬‬

‫تعيين األصلح‪ :‬وهو تعيين الرجل المناسب في المكان المناسب وليس‬


‫العكس‪ .‬مصداقاً لقول رسول اهلل عليه الصالة والسالم‪" :‬من استعمل‬
‫رجالً من عصابة‪ ،‬وفي تلك العصابة من هو أرضى هلل منه‪ ،‬فقد‬
‫خان اهلل وخان رسوله وخان المؤمنين"‪ .‬أخرجه الحاكم‪.‬‬
‫إن األمانة قضية عظيمة ال ينبغي أن نستهين بها أو نفرط في حقها‪.‬‬
‫فال يجب نركز على الشكليات وننسى الجوهر الحقيقي‪ ،‬فبدل أن نمارس‬
‫‪144‬‬
‫التربية والتعليم اكتفينا ‪ -‬على سبيل المثال‪ -‬بالتلقين المبهم‪ ،‬ففقدنا قدراً‬
‫من األمانة‪ ،‬والنتيجة جيل من الشباب ال يرعى مصلحة المجتمع‪ ،‬وال‬
‫يقوم بدوره الصادق والمخلص في تقدمه وازدهاره‪.1‬‬

‫‪ - 1‬موقع الدكتور طارق السويدان‬


‫‪3‬‬

‫العاشرة‪:‬معرفة الرجال‬
‫مسلمات اإلدارة الناجحة القدرة على االستفادة من مكامن‬
‫ّ‬ ‫إن من‬
‫التفوق ‪،‬والتميز لدى المرؤوسين بأفضل ما يمكن ‪ ،‬ولكي يتحقق هذا كان‬
‫لزاماً على القادة والرؤساء ضرورة معرفة وتمييز هذه المكامن لدى‬
‫مرؤوسيهم ‪ ،‬وهو ما نعنيه بمعرفة الرجال ‪.‬‬
‫إن توفر الرجال (أوالً) ‪ ،‬والقدرة على‪ -‬توظيفهم لخدمة أهداف‬
‫رسمها لهم القادة (ثانياً) ‪ ،‬لهما طرفاً المعادلة اإلدارية التي ينتج عنها‬
‫نجاح القادة ‪ ،‬وكلما أحسنا لمادة االستفادة من هذا التوظيف كلما نتج عنه‬
‫تفوق ونجاح ‪ .‬ومن هنا اعتبرت القيادة فناً صعباً الرتباطها بالعنصر‬
‫البشري الذي يصعب تحليله وفهمه ببساطة كما هو الحال في العناصر‬
‫الكيميائية الطبيعية ‪ .‬ومن خالل هذا التصور يمكننا فهم صورة العالقة‬
‫بين نجاح القادة ‪ ،‬وبين قدرتهم على معرفة الرجال ‪ .‬وينبغي أال ننسى‬
‫أن نجاح القادة ينتج عنه تحقيق ألهدافهم في الواقع ‪.‬‬
‫كتبت إحدى أكبر المنظمات العالمية هذه الكلمات لتعبر عن سر نجاحها‬
‫وتفوقها ‪:‬‬
‫( لقد حققنا هذا النجاح من خالل تنظيم إداري وجو عمل يساعدان على‬
‫اجتذاب أفضل الكوادر البشرية ‪ ،‬وتطوير وشحذ المواهب الفردية ‪. ) ..‬‬
‫‪...‬‬
‫‪144‬‬
‫ونلحظ في هذه الكلمات عنصرين أساسين ‪:‬‬
‫العنصر األول ‪ :‬اجتذاب أفضل الكوادر البشرية ‪.‬‬
‫العنصر الثاني ‪ :‬تطوير وشحذ المواهب الفردية ‪.‬‬
‫وال شك أنه ليس من الممكن تحقيق هذين العنصرين دون القدرة على‬
‫معرفة الرجال ‪.‬‬
‫ثبت عن رسول اهلل ‪ - -‬أنه قال ‪ ( :‬أرأف أمتي بأمتي ‪ ...‬أبو بكر ‪،‬‬
‫حياء عثمان ‪ ،‬وأقضاهم علي‬
‫وأشدهم في دين اهلل عمر ‪ ،‬وأصدقهم ً‬
‫‪،‬وأفرضهم زيد بن ثابت ‪ ،‬وأقرؤهم أبي ‪ ،‬وأعلمهم بالحالل والحرام‬
‫معاذ بن جبل ‪،‬أال وإ ن لكل أمة أميناً وأمين هذه األمة أبو عبيدة بن‬
‫الجراح )‪ . 1‬إن من أسرار ‪... ...‬‬
‫العظمة التي تمتع بها رسول اهلل ‪ - -‬قدرته على معرفة رجاله‪ ،‬وحسن‬
‫توظيفه لهم ‪ ،‬كالً حسب قدرته ومواهبه ‪ ،‬يقول أحد المفكرين ‪ ( :‬إن‬
‫معرفة ‪...‬‬
‫الرجال بعمق من أدق أعمال الرئيس و أكثرها تأثيراً ‪ ،‬إنها ينبوع القوة‬
‫التي يملكها ‪،‬‬
‫إنها سر الرؤساء العظام )‪ .2‬ومن المفيد هنا أن نحلل عظم الفائدة التي‬
‫يجنيها ‪...‬‬

‫‪ - 1‬سلسلة األحاديث الصحيحة ‪1224‬‬


‫‪ - 2‬فن القيادة ص ‪32‬‬
‫‪3‬‬

‫القائد المتمكن من معرفة الرجال ‪.‬‬


‫أوالً ‪ :‬إن معرفة الرجال هي الطريق األمثل لحسن توظيفهم ووضعهم‬
‫في‬
‫المكان الذي يمكنهم أن يقدموا أفضل ما يكون في أنفسهم لخدمة أهدافهم‬
‫‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬إن توظيف المرؤوسين في مكانهم المناسب هو الحافز الحقيقي‬
‫إليجاد روح االستمرارية والعطاء لألفراد ‪ ،‬حيث يحقق األفراد ذواتهم‬
‫بتميزهم وتفوقهم من خالل إمكاناتهم الحقيقية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ثالثاً ‪ :‬إن القدرة على االرتقاء واإلبداع لمن وضعوا في المكان المناسب‬
‫نتيجة إمكاناتهم هو ما أثبته الواقع والتجارب الحية ‪ ،‬مما ينعكس على‬
‫تمييز التنظيم الذي يسير خلف القائد الناجح ‪.‬‬
‫رابعاً ‪ :‬إن اإلرباك وقلة الخبرة التي يظهرها أولئك الذين لم يتمكن‬
‫المسئولون من حسن توظيفهم لقلة معرفتهم بحقيقتهم ‪ ،‬هي إحدى‬
‫السلبيات التي يمكن القائد الناجح تفاديها نتيجة معرفته برجاله ‪.‬‬
‫خامساً ‪ :‬إن سد الثغرات بالمرؤوسين األكفاء الذين أحسن القائد انتقاءهم‬
‫يمكنه من التفرغ والمراقبة عن كثب لمن هم بحاجة إلى توجيه ‪ ،‬وبهذا‬
‫يستطيع من خالل معرفته للرجال سد الثغرات ‪ ،‬واالرتقاء باآلخرين‬
‫دون عناء ‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫سادساً ‪ :‬إن درجة سيطرة القائد والرئيس على رجاله عملية مرتبطة‬
‫ارتباطاً وثيقاً بمدى تفهمه لشخصياتهم ‪ ،‬ونفسياتهم ‪ ،‬وقدراتهم ‪ ،‬ولذلك‬
‫فهو ال يستطيع أن يقدر حجم المهام أو مستوى التكليف أو حدود‬
‫االستطاعة التي إذا تجاوزها تعرض االنضباط للمخالفة دون أن يتمكن‬
‫من معرفتهم حق المعرفة ‪.‬‬
‫سابعاً ‪ :‬إن االستعداد الذي يبديه المرؤوسون بالتعايش وبث اآلالم وطلب‬
‫المساعدة ألولئك الرؤساء الذين استطاعوا فهمهم ومعرفتهم لهو أكبر‬
‫بكثير مما يبديه من لم يستطع رؤساؤهم تخمين ما يدور في رؤوس من‬
‫يقودونهم ومن هنا يستطيع القادة احتواء غيرهم بمعرفة أسرارهم ‪،‬‬
‫وآالمهم والعمل على القيام بدور الموجه والناصح لهم ‪ ،‬بعد أن امتلكوا‬
‫قلوب مرؤوسيهم ‪.‬‬
‫ولنقف وقفة مع هذا النص من واقع الخليفة الثاني ‪ ( :‬كان الخليفة‬
‫عمر بن الخطاب ‪ ،‬رضي اهلل عنه ‪ ،‬يشاور أفاضل الرجال في تعيين‬
‫كبار موظفيه ‪ ،‬فقال لهم يوماً ‪ :‬أشيروا علي ودلوني على رجل استعمله‬
‫في أمر قد دهمني ‪ ،‬فقولوا ما عندكم ‪ ،‬فإنني أريد رجالً إذا كان في القوم‬
‫وليس أميرهم كان كأنه أميرهم وإ ذا كان فيهم وهو أميرهم كان كأنه‬
‫واحد منهم ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬نرى لهذه الصفة الربيع بن زياد الحارثي ‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫فأحضره وواله ‪ .‬فوفق في عمله وقام فيه بما أربى على رجاء عمر‬
‫وزاد عليه ‪ ،‬فشكر عمر لمن أشاروا عليه بوالية الربيع )‪.1‬‬
‫والناظر في هذا النص من خالل ما سبق وقدمناه من أهمية معرفة‬
‫الرجال‬
‫يلمس الجوانب التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬فهم عمر ‪ --‬ألهمية اختيار الرجال ومعرفتهم وذلك منخالل‬
‫تشاوره مع أفاضل الرجال في تعيين كبار موظفيه ‪.‬‬
‫‪ -2‬حرصه ‪ - -‬على وضع الرجل المناسب في المكان‬
‫المناسب فقد بين لمن استشارهم صفات الرجل الذي يريد ‪ ،‬حتى يتمكنوا‬
‫من اختيار من يوافق هذه الصفات ليحقق هدف عمر ‪.‬‬
‫‪ -3‬حكمته ‪ - -‬في معرفة الرجال من خالل مواقفهم وتصرفاتهم ‪ ،‬ال‬
‫من خالل أقوالهم وما يقال عنهم ‪ ،‬فقد استطاع أن يجسد في نظر‬
‫مستشاريه مثال الرجل الحي الذي يريده ‪.‬‬
‫وأخيراً بهذه المعاني المتقدمة تستطيع أن تفهم سر المواقف التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬يحكم على المرؤوسين بالذكاء واإلنتاجية في مكان ما ثم يكتشف بأن‬
‫لديه طاقات كامنة من رئيس جديد ‪.‬‬
‫‪ -2‬يصف أحد الرؤوساء مرؤوساً بأنه جيد ويصفه اآلخر بأنه سيء ‪.‬‬

‫‪ - 1‬أقوال يف اإلدارة ‪ -‬إبراهيم عبد اهلل املنيف ‪ -‬دار العلوم للطباعة والنشر ‪1403 -‬هـ‬
‫‪144‬‬
‫‪ -3‬يهمل المرؤوس‪ 6‬ألنه ال يصلح لشيء البتة ‪ ،‬ثم يكتشف بأن لديه‬
‫طاقات كامنة من رئيس جديد ‪.‬‬
‫‪ -4‬يبذل المرءوس ويعطي عطاء أفضل عند رئيسه الجديد أكثر مما‬
‫كان يفعل مع رئيسه القديم ‪.‬‬
‫وليس هناك من تبرير جيد إال أن أحدهم أحسن القيادة بمعرفته مرءوسيه‬
‫واآلخر فشل في ذلك ‪.‬‬

‫آية جامعة‬

‫توجد آية أساسية جامعة ألهم مالمح القائد الفعال من المنظور اإلسالمي‬
‫‪ ،‬وهناك العديد من اآليات‪ ،‬والمواقف األخرى المكملة لها في القرآن‪.‬‬
‫وهذه اآلية هي‪:‬‬

‫"فبما رحمة من اهلل لنت لهم‪ ،‬ولو كنت فظاً غليظ القلب‪ 6‬النفضوا‬
‫من حولك فاعفو عنهم‪ ،‬واستغفر لهم‪،‬وشاورهم في األمر‪ ،‬فإذا‬
‫عزمت فتوكل على اهلل‪ ،‬إن اهلل يحب المتوكلين" (آل عمران ‪159‬‬
‫‪3‬‬

‫(‬
‫وآية أخرى تصف الرسول ‪‬أيضا في آخر سورة التوبة وهي‬
‫‪:‬‬
‫"لقد جاءكم رسول من أنفسكم‪ ،‬عزيز عليه ما عنتم‪ ،‬حريص‬
‫عليكم‪ ،‬بالمؤمنين رؤوف رحيم" وأعتقد أن هاتين اآليتين تمثال معا‬
‫أهم ما يحدده مقومات القيادة الناجحة وكل ما يرتبط بها من صفات أو‬
‫سمات أو أنماط ‪ ،‬فما هي يا ترى تلك المقومات؟‬
‫‪144‬‬
‫الحادية عشرة‪:‬اللين‪:‬‬
‫فأول ما يجب أن يكون عليه القائد مع أتباعه هو اتباع أسلوب اللين‪،‬‬
‫واللين عكس الشدة والقسوة‪ ،‬ولكنه ليس ضعفا أو جنبا‪ ،‬وهذا هو أكبر‬
‫خطأ يقع فيه الكثير من القادة حينما يتصورون‪ 6‬اللين ضعفا‪ ،‬والشدة‬
‫والقسوة قوة وهذا قمة خطأ‪.‬‬

‫لذا فإن أول ما يؤكد عليه القرآن هنا هو اتباع القائد لجانب اللين مع‬
‫المرؤوسين‪ ،‬لدرجة تصل كما يذكر القرآن في آيات أخرى إلى خفض‬
‫الجناح "واخفض جناحك عن الذين اتبعك من المؤمنين"‬
‫وهذا األسلوب هو الذي يجعل العالقة بين القائد واألتباع عالقة‬
‫تواصل وحب وتفاهم‪ ،‬وتعطي جواً من الثقة واالنفتاح والتشجيع على‬
‫المبادرة واالبتكار‪ ،‬وتقتل روح الخوف أو القهر التي قد تسلك إلى‬
‫النفوس دون أن ندري نتيجة لألسلوب القاسي العنيف‪ .‬ومن هنا يعتبر‬
‫القائد اللين في طبعه هو أكثر القادة تجميعا لمن حوله وتأثيرا فيهم‪،‬‬
‫وتحقيقا للهدف‪.‬‬
‫وهذا إيراد من قبس النبوة في باب الرفق وبيان أثره لننطلق منه إلى‬
‫يخص هذا المبحث‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ما‬
‫يقول عليه الصالة والسالم‪ { :‬إن اهلل رفيق يحب الرفق ويعطي‬
‫‪3‬‬

‫على الرفق ما ال يعطي على العنف وما ال يعطي على ما سواه }‬


‫(‪ )1‬رواه مسلم‪.‬‬
‫مخاطبا عائشة رضي اهلل عنها‪ { :‬عليك بالرفق‪ ..‬إن الرفق‬
‫ً‬ ‫وقال‬
‫ال يكون في شيء إال زانه‪ ،‬وال ينزع من شيء إال شانه } (‪.)2‬‬
‫المقتدى بهم‪ :‬إن الناس في حاجة إلى كنف رفيق‪ ،‬وإ لى رعاية‬
‫يا أيها ُ‬
‫ود يسعهم‪ ،‬وحلم ال يضيق بجهلهم‬
‫حانية‪ ،‬وبشاشة سمحة‪ ،‬بحاجة إلى ّ‬
‫وضعفهم ونقصهم‪ .‬في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم وال يحتاج إلى‬
‫عطائهم‪ ،‬ويحمل همهم وال يثقلهم بهمه‪ ،‬يجدون عنده االهتمام والرعاية‬
‫والعطف والسماحة والمودة والرضا‪.‬‬
‫وقد يحسن أن نخص الدعاة المقتدى بهم بخطاب عن الرفق أخ ًذا من‬
‫نهج السلف إذ أن هذا الميدان ونحن نعيش الصحوة اإِل سالمية وأجواءها‬
‫المباركة نحتاج فيه إلى مزيد عناية وفقه وترفق‪.‬‬

‫يقول عمر ‪ ‬وهو على المنبر‪ " :‬أيها الناس ال تَُب ِّغ ُ‬
‫ضوا اهلل إلى عباده‬
‫فقيل كيف ذلك أصلحك اهلل؟ قال‪ :‬يجلس أحدكم قاصا (‪ )3‬فيقول على‬
‫‪ )(1‬البخاري اس‪%‬تتابة المرت‪%‬دين والمعان‪%‬دين وقت‪%‬الهم (‪ ، %)6528‬الترم‪%‬ذي االس‪%‬تئذان واآلداب (‪ ، %)2701‬ال‪%‬دارمي الرق‪%‬اق (‬
‫‪.)2794‬‬
‫‪ )(2‬البخاري األدب (‪ ، %)5678‬الترم‪%‬ذي االس‪%‬تئذان واآلداب (‪ ، %)2701‬أبو داود الجه‪%‬اد (‪ ، %)2478‬أحمد (‪، %)6/125‬‬
‫الدارمي الرقاق (‪.)2794‬‬
‫‪ )(3‬قاص‪ :‬أي واعظ‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫إماما فيطول على الناس‬
‫الناس حتى يبغض إليهم ما هم فيه‪ ،‬ويقوم أحدكم ً‬
‫حتى يبغض إليهم ما هم فيه "‪.‬‬
‫ويقول ابن عباس ‪  -‬عنهما‪" :-‬حدث الناس كل جمعة فإن أكثرت‬
‫فمرتين فإن أكثرت فثالث وال تمل الناس من هذا القرآن‪ ،‬وال تأت القوم‬
‫وهم في حديث فتقطع عليهم حديثهم وقال‪ :‬أنصت‪ ..‬فإذا أمروك فحدثهم‬
‫وهم يشتهونه وإ ياك والسجع في الدعاء‪ ،‬فإني عهدت رسول اهلل‪ ،‬‬
‫وأصحابه ال يفعلونه "‪.‬‬
‫وكان ابن مسعود ُي ِّ‬
‫ذكر كل خميس فقال رجل من القوم لوددت‪ -‬يا‬
‫أبا عبد الرحمن ‪ -‬لو أنك ذكرتنا كل يوم‪ .‬فرد عليه هذا الكنيف الذي قد‬
‫علما‪ " :‬أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملَكم وإ ني أتخولكم‬
‫مليء ً‬
‫بالموعظة كما كان النبي‪  ،‬يتخولنا بها مخافة السآمة علينا "‪.‬‬
‫مستخلصا بقوله‪:‬‬
‫ً‬ ‫طا‬
‫يعلق على هذا الحافظ ابن حجر في الفتح مستنب ً‬
‫وفي هذا استحباب ترك المداومة في الجد في العمل الصالح خشية‬
‫المالل‪ ،‬وإ ن كانت المواظبة مطلوبة‪ ،‬لكنها على قسمين‪ :‬إما كل يوم مع‬
‫يوما بعد يوم فيكون الترك ألجل الراحة ليقبل على‬
‫عدم التكلف‪ ،‬وإ ما ً‬
‫الثاني بنشاط‪ ،‬وإ ما يوم الجمعة ويختلف باختالف األحوال واألشخاص‬
‫‪3‬‬

‫والضابط الحاجة مع وجود النشاط‪.‬‬


‫والرفق ذو ميادين فسيحة ومجاالت عريضة فرفق مع الجهال‪ :‬إما‬
‫جهل علم‪ ،‬أو جهل تحضر‪ ،‬ولقد رفق النبي‪  ،‬باألعرابي الذي بال في‬
‫المسجد وتركه حتى فرغ من بوله وأمر أصحابه بالكف عنه وأال يقطعوا‬
‫تبن لهذا وإ نما‬
‫عليه بوله‪ ،‬فلما فرغ دعاه النبي‪  ،‬وأخبره أن المساجد لم َ‬
‫هي لذكر اهلل والصالة‪.‬‬
‫وجلف أعرابي آخر جذب برداء النبي‪ ، ،‬جذبة شديدة وكان عليه‬
‫ٌ‬
‫برد نجراني غليظ الحاشية فأثر في صفحة عنق النبي‪  ،‬ثم { قال‬
‫األعرابي‪ :‬يا محمد مر لي من مال اهلل الذي عندك فالتفت نبي الرفق‬
‫والرحمة ضاح ًكا ثم أمر له بعطاء } (‪ .)1‬بأبي هو وأمي‪  ،‬ما كهر وال‬
‫نهر وال تبرم وال ضجر‪.‬‬

‫‪ )(1‬البخاري اللباس (‪ ، )5472‬مسلم الزكاة (‪ ، )1057‬أحمد (‪.)3/224‬‬


‫‪144‬‬
‫الثانية عشرة‪ :‬البعد عن الفظاظة‪:‬‬

‫والفظاظة هنا هي في القول الالذع الشديد وقد تكون طبعا في‬


‫اإلنسان ال يستطيع التخلص منه‪ ،‬وقد تعتريه في أوقات أو ظروف معينة‬
‫نتيجة لما يتعرض له من ضغوط‪ ،‬وما يعتريه من مشاكل أو أزمات‪،‬‬
‫فتجعل تعامله وخاصة ردوده وكلماته مع من حول ال تكاد تخلو من نقد‬
‫الذع أو توبيخ أو تعنيف أو استهزاء‪......‬الخ‪ .‬مما يخلق في نفوس من‬
‫حوله حالة من الفزع والرعب التي تجعلهم يترددون كثيرا قبل أن‬
‫يشاركوا برأي أو يدلون بنصيحة‪ ،‬فيكفي من هذا القائد مجرد تعليق‬
‫صغير بلفظ حاد ليخمد أي حماس للمشاركة أو المبادرة في نفس كل من‬
‫تول له نفسه أن يقول رأي خاصة إن كان ال يجاري هوى هذا القائد‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫الثالثة عشرة ‪ :‬البعد عن غلظة القلب‪:‬‬

‫وغلظة القلب وما تنطوي عليه من قسوة شديدة تتحول مع الوقت‬


‫إلى سمة وقسمات جامدة ترتسم على وجه مثل هذا الشخص لدرجة‬
‫تجعل من نظراته القاسية وليس من كلماته فقط – سهاما حادة تخمد أي‬
‫محاولة لإلبداع أو االنطالق أو االبتكار في نفوس من حوله خاصة إذا‬
‫كانت ال تتمشى مع رأي وهواه‪ ،‬ومع الوقت تحول من حوله إلى مجرد‬
‫أتباع خائفين مرتعشين مترددين‪ ،‬أو منافقين مسبحين لحمده ومرددين لما‬
‫يقول‪ ،‬وفي جميع األحوال تؤدي تلك الصفة والتي قبلها إلى حالة من‬
‫النفور النفسي من المرؤوسين لقائدهم تجعلهم ينفرون منه وال يربطهم به‬
‫إال القهر‪ ،‬فإذا كان لهم الخيرة من أمرهم فسوف ينفضون عنه ال محالة‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الرابعة عشرة‪:‬العفو‪:‬‬

‫يالحظ أن العفو عن األتباع والمرؤوسين‪ 6‬هنا جاء في صيغة األمر‪،‬‬


‫بينما كانت الصفات الثالث السابقة تقرر حقيقة ما عليه الرسول صلى‬
‫اهلل عليه وسلم من لين‪ ،‬وبعد الفظاظة وغلظة القلب والعفو هنا من‬
‫األمور األساسية والضرورية‪ 6‬ألي قائد كي يتمكن من خلق مناخ حقيقي‬
‫للشورى والمشاركة واإلبداع‪.‬‬

‫وذلك أن أي جو للعمل لن يخلو من خالف أو تقصير أو خطأ من‬


‫جانب المرؤوسين فإذا لم يتعلم القائد كيف يعفو ويتسامح بشكل إيجابي‬
‫وفعال ويتناسى هذا الخطأ بمجرد عالجه ويذكر صاحبه بضرورة‬
‫اإلقالع عنه والندم عليه‪ ،‬فإن األمر ضئيلة يكون من القسوة والشدة على‬
‫نفس المخطئ لدرجة تجعله يستشعر الخجل من نفسه والتواري عن‬
‫األنظار‪ ،‬بل واإلحجام عن أي محاولة للمشاركة الفعالة أو إبداء الرأي‬
‫حتى وإ ن كان صوابا‪ ،‬خاصة إذا لم يحجم القائد عن تذكير مرءوسيه من‬
‫وقت آلخر بعيوبه وأخطائه وتأنيبه عليها وسخريته منها‪.‬‬
‫لذا كان من الضروري للقائد أن يعفو ويصفح‪ ،‬وليس معنى ذلك تجاهل‬
‫األخطاء‪ ،‬وإ نما يكون عالج الخطأ في حينه وتطوى الصفحة السوداء‬
‫‪3‬‬

‫تماما ويبدأ القائد صفحة جديدة‪ ،‬ولعل أفضل ما يعلمنا ذلك قوله تعالى‬
‫في معالجة أخطاء الزوجة بعد أن حدد التدرج في العالج بالعظة‪ ،‬ثم‬
‫بالهجر‪ ،‬ثم بالضرب غير المبرح‪ ،‬ثم يقول تعالى‪" :‬فإن أطعنكم فال‬
‫تبغوا عليهم سبيال‪ ،‬إن اهلل كان عليا كبيرا"‪.‬‬

‫ذكر المرؤوسين بأخطائهم ونقاط‬


‫إن أسوأ القادة هو ذلك الذي ُي ِّ‬
‫ضعفهم من وقت ألخر ‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الخامسة عشرة‪ :‬االستغفار لهم‪:‬‬

‫إذا كانت الصفات السابقة تعتبر أساسية ويمكن للقادة اكتسابها‬


‫ليحققوا النجاح بصرف النظر عن عقيدتهم أو إيمانهم‪ ،‬فإن هذا األمر‬
‫على وجه الخصوص يعتبر من األوامر الذي ال يمكن أن يتصف بها إال‬
‫مؤمن حق‪ .‬ألن األمر هنا تحظى مرحلة الرسميات ووصل إلى مرحلة‬
‫القلوب والعواطف الشغوفة والحب الشديد الذي يجعل القائد ال يكتفي‬
‫بالعفو فقط عن أخطاء أتباعه‪ ،‬وإ نما يحرص على أن يستغفر لهم اهلل كي‬
‫يعفو عنهم أيضا‪ ،‬وال شك أن ذلك ال يكون إال من قلب نقي‪ ،‬رقيق‪ ،‬سليم‪،‬‬
‫محب لمن حوله‪ ،‬رحيم‪ ،‬بل إن مجرد هذا االستغفار الذي ال يكون إال‬
‫بين المرء وربه يترك أثرا طيبا في نفس كل من القائد والمرؤوس‪ 6‬دون‬
‫أي تدخل مباشر وهذه لغة القلوب‪ ،‬التي ال يعلمها إال اهلل‪ ،‬ولك أن تجرب‬
‫ذلك وبصدق ويقين وسوف تجد بنفسك كيف تتغير النفوس وتنتهي‬
‫المشاكل التي لم يكن لها قبل ذلك عالج‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫السادسة عشرة‪:‬الشورى في األمر‪:‬‬

‫ً‬
‫وفرشا‬ ‫لعلي أكاد أزعم أن كل ما سبق ليس إال تمهيد لهذا األمر‪،‬‬
‫ومناخاً إليجاد جو إيجابي لممارسة شورى حقيقية وليست شكلية‪ ،‬تقوم‬
‫وتبني على الجوهر وليس على المظهر‪.‬‬

‫فهل يمكن أن يكون هناك شورى حقيقية في ظل الشدة‪ ،‬والقسوة‪،‬‬


‫والفظاظة والغلظة؟!‬
‫الشك أنه مهما كانت النظم والشكليات واالدعاءات والممارسات التي‬
‫تدعى ذلك‪ ،‬فإنها ما لم يتوافر فيها المقومات الخمس السابقة‪ ،‬لن تكون‬
‫إال مجرد شورى شكلية ديكورية جوفاء‪.‬‬
‫لذا فإن اإلسالم ال يدعو فقط إلى نمط قيادة تشاوري‪ ،‬وإ نما يضع ضمان‬
‫ومقومات ممارسته وتحقيقه على أفضل صورة وأكمل وجه‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫السابعة عشرة عشرة‪:‬العزيمة وعدم التردد‪:‬‬

‫الشك أن أي قرار يتم بناء على كل ما سبق قد استوفى مقومات‬


‫صنع القرار الصحيح بطريقة صحيحة‪ ،‬لذلك من األسوأ األمور أن‬
‫يتردد القائد بعد اتخاذ القرار‪ ،‬خاصة إذا كان رأي األغلبية مخالفا لرأيه‬
‫ورضخ هو لرأيهم‪ ،‬ثم حاولوا الرجوع إرضاء له‪ ،‬وهذا هو ما حدث‬
‫بالفعل حينما استشار الرسول صلى اهلل عليه وسلم أصحابه يوم أحد‬
‫وأشاروا بالخروج لألعداء خارج المدينة وكان خالف رأيه صلى اهلل‬
‫عليه وسلم فلما دخل الرتداء عدة الحرب ندموا وقرروا الرجوع عن‬
‫رأيهم لرأيه وأخبروه بذلك بعد خروجه ولكن الرسول ‪ ‬قال‪" :‬ما كان‬
‫لنبي بعد أن لبس ألمته وخرج للحرب‪ 6‬أن يرجع" ومضى لتنفيذ ما‬
‫اتفق عليه‪.‬‬
‫إن أكبر آفة من آفات اتخاذ القرارات هي التردد‪..‬‬
‫‪3‬‬

‫الثامنة عشرة‪ :‬التوكل على اهلل‪:‬‬

‫وال تنسى في خضم كل ذلك أنك إنما تسير بفضل اهلل وحوله وقوته‬
‫ورعايته وعنايته‪ ،‬فإذا أخذت بكل األسباب والمقومات السابقة فأنت‬
‫متوكل فاستحضر توكلك وهنا نالحظ أن اآلية ختمت بقوله‪" :‬إن اهلل‬
‫يحب المتوكلين"‬
‫وصفة التوكل من الصفات أو األخالق اإليمانية‪ ،‬أي التي ال تكون‬
‫إال للمؤمن وهي صفة جامعة‪ ،‬فإذا أردت أن تعرف المعنى الحقيقي‬
‫والمختصر للتوكل فهو أن تعمل على أخذ كافة األسباب الموصلة إلى‬
‫النجاح في أمر ما كأنه ليس هناك أي احتمال للنجاح إال باتباع هذه‬
‫األسباب فقط‪ ،‬ثم تتوكل على اهلل في كل ذلك وبعد بقلبك وتفوض األمر‬
‫إليه ابتداء من توفيقه لك لهذه األسباب وتوفيقه لك في النتائج المرضية‪،‬‬
‫وأن يكون يقينك في التوكل على اهلل والثقة في عونه لك وأنه معك‪ ،‬كأن‬
‫ليس هناك أدنى اعتماد أو ركون لألسباب‪.‬‬
‫وليس معنى التوكل أن يأنس المرء إلى الكسل والدعة والتخلف عن‬
‫ركب العمل الجاد الموصل للنجاح والفالح فهذا ال يحبه اهلل وال يرضاه‪،‬‬
‫وإ نما يحب فقط المتوكلين عليه حق التوكل وبهذه الكيفية التي كان عليها‬
‫الرسول ‪ ،‬وأصحابه والتي أرشدنا إليها هذه اآلية بشكل عملي ومحدد‪،‬‬
‫‪144‬‬
‫ما الذي يجب أن يكون عليه القائد من مقومات حتى يظفر بحب اهلل‬
‫وتأييده ومن ثم النجاح والفعالية والفوز أو بلفظ جامع الفالح في الدنيا‬
‫واآلخرة‪.‬‬
‫فانظر يا أخي لم تتغير أحوالنا ومنظماتنا إن نحن غيرنا أنفسنا‬
‫ونمط قيادتنا ليكون على هذا المستوى الرائع الذي يدعو إليه القرآن‬
‫العظيم‪ ،‬لكن وقبل أن نتركك قد يرد الذهن سؤال وكيف كان نمط‬
‫الرسول ‪‬القيادي؟ وما هي الصفات القيادية التي حرص القرآن على‬
‫ذكره فيه ‪‬؟‬
‫وكيف يمكن لنا أن نتعلم منها ونقتدي بها؟وما هي النتيجة المتوخاة من‬
‫وراء ذلك؟‬
‫‪3‬‬

‫التاسعة عشرة‪:‬الحزم‬

‫قال الحكماء قديماً في الحزم ‪:‬‬


‫* الحزم أنفس الحظوظ ‪.‬‬
‫* رب رأي أنفع من مال ‪ ،‬وحزم أوفى من رجال ‪.‬‬
‫* من لم يقدمه الحزم ‪ ،‬أخره العجز ‪.‬‬
‫* الحزم يوجب السرور ‪ ،‬والتغرير يوجب الندامة ‪.‬‬
‫وجماع كل هذا في معنى الحزم إذ أن لفظة الحزم تدل على القوة‬
‫واالجتماع ويدخل في معناها حسن التصرف واتخاذ المواقف الواضحة‬
‫بقوة وإ صرار‪. 6‬‬
‫والحازم هو الذي جمع زمام نفسه بقوة مواقفه وزمام اآلخرين لحزم‬
‫قيادته ‪.‬‬
‫يصف أحدهم شخصية القيادة الحازمة فيقول ‪ :‬إن القيادة الحازمة هي‬
‫التي تحافظ على تفكير واضح ومنطقي رغم المتاعب وتبحث عن‬
‫الحقيقة وتمسك بها بكل إصرار مهما كلف األمر وتثبت في المأزق بكل‬
‫صبر ولو انسحب الجميع من حولها وتحكم بدون تحيز آلرائها‬
‫وتصرفاتها الشخصية وتعترف بأخطائها بكل صدق وأمانة ‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫وتظهر هنا العالقة بين القيادة الناجحة واتسامها بالحزم بوضوح إذ أن‬
‫من أهم معاني القيادة القدرة على امتالك زمام األمور وهذا ال يتأتى‬
‫للقيادة إال بعد أمور كلها‪.‬‬
‫من معاني الجزم ‪:‬‬
‫أولها ‪ :‬القدرة على تسيير األمور وقت الرخاء والشدة ‪ ،‬فالرجل‬
‫الضعيف‬
‫المتخاذل ال يستطيع أن يقود أفراده ويوحد صفوفهم ويشد أواصرهم‬
‫وقت الرخاء‬
‫فكيف به وقت الشدة حيث تزداد الحاجة إلى الحزم والقوة ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬الوقوف أمام األهواء فالرئيس الحازم ال تتالعب به األهواء وال‬
‫تتقاذفه اآلراء فبحزمه يستطيع أن يضع األمور في نصابها الصحيح‬
‫دون أن يدع فرصة لألمور أن تتسيب أو تسير لتخدم غير المصلحة‬
‫المناطة في عنقه ‪ ،‬فهو وبحكمته وحزمه يسمع لذوي الحجة والمنطق‬
‫الصحيح ويقف واضحاً حازماً أمام ذوي األهواء مما يؤهله للسير بقافلته‬
‫دون تعثر ‪.‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬الوصول إلى الهدف ولو كان صعباً سمة الحازم فمعنى اإلصرار‬
‫ال‬
‫‪3‬‬

‫يفترق عن معنى الحزم ‪ ،‬إذ إن القائد الحازم الذي رسخ في نفوس‬


‫مرؤوسيه ضرورة تحقيق الهدف ‪ ،‬يجد نفسه في مقدمة من يصر ويسعى‬
‫جاداً ليكون قدوة بحزمه وإ صراره حتى يصل هو ومرؤوسوه إلى ما‬
‫تطلعوا إليه وذلك خالف القائد المتخاذل الذي ينقطع به الطريق في‬
‫المنتصف ‪.‬‬
‫رابعاً ‪ :‬القدرة على اتخاذ القرار وتحديد الموقف الصحيح من أهم سمات‬
‫القائد الحازم فهو ال يدع للشك والتردد سبيالً إلى نفسه فإن حزمه يرفض‬
‫ذلك وبشدة ‪ ،‬إن من المهم دائماً أن ال يترك مرؤوسيه دون أن يعرفوا‬
‫قراره أو موقفه في أمر ما لم يشر لهم شخصية تقودهم إلى سبل مختلفة‬
‫ليست كالتي ينبغي أن يرسمها لهم قائدهم الحازم ‪.‬‬
‫خامساً ‪ :‬تحمل المسئولية وأعبائها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسمة القيادة‬
‫الحازمة ‪ ،‬إذ أن الحزم أول الطريق ال يعني شيئاً وال يحقق أي منفعة إذا‬
‫لم يترتب عليه الوصول إلى نهاية الطريق بكل تبعاتها وعندها يدرك‬
‫المرؤوسون أن حزم قيادتهم ليس مجرد أزمة عابرة بل هي سمة‬
‫متالزمة مع كونهم قادة بيدهم زمام األمور ‪.‬‬
‫ويحضرني موقفان عظيمان يبرزان صفة الحزم في القيادة الناجحة ‪:‬‬
‫األول ‪:‬‬
‫‪144‬‬
‫موقف موسى ‪-‬عليه السالم‪ -‬لما رجع من الطور بعد أن ناجى ربه‬
‫وعاد باأللواح وقد علم من اهلل بخبر عبادة قومه للعجل وعاين األمر أقبل‬
‫ك‬‫ون َما َمَن َع َ‬ ‫على قومه فعنفهم ووبخهم وعاتب أخاه هارون [ َيا َه ُار ُ‬
‫ضلُّوا * أَالَّ تَتَّبِ َع ِن ] ‪ ،‬ثم أقبل على السامري [ قَا َل فَ َما‬ ‫إ ْذ َرأ َْيتَهُ ْم َ‬
‫الحَي ِاة‬
‫ك في َ‬
‫إن لَ َ ِ‬
‫ب فَ َّ‬
‫ال فَا ْذ َه ْ‬
‫ي ] ‪ ،‬توعده وأنذره [ قَ َ‬ ‫ك يا س ِ‬
‫ام ِر ُّ‬ ‫طُب َ َ َ‬ ‫َخ ْ‬
‫اس ] ‪ .‬وهذا دعاء عليه بأال يمس أحداً ثم توعده في‬ ‫أَن تَقُ َ ِ‬
‫ول ال م َس َ‬
‫ك َم ْو ِعداً لَّن تُ ْخلَفَهُ ] ‪ ،‬وبعد ذلك عمد إلى‬ ‫األخرى فقال ‪ [ :‬وإ َّن لَ َ‬
‫ت َعلَ ْي ِه‬ ‫ك الَ ِذي َ‬
‫ظْل َ‬ ‫العجل فحرقه وذراه في البحر [ وانظُ ْر إلَى إلَ ِه َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫سفاً ] ‪ .‬والقرآن يصف الموقف‬ ‫َعاكفاً لُن َح ِّرقََّنهُ ثَُّم لََننسفََّنهُ في َ‬
‫الي ِّم َن ْ‬
‫بصورة حزم واضحة إذ يشعر القارئ للقصة في كتاب اهلل سرعة اتخاذ‬
‫الموقف والقضاء على الفتنة برمتها وبحزم سريع يكاد يكون خاطفاً فلم‬
‫يتردد أو يتكاسل بل إن الوضوح واإلصرار‪ 6‬كان مالزماً لتصرفاته في‬
‫القضاء على األمر وهذا هو معنى الحزم الذي نتحدث عنه‪.‬‬
‫الثاني ‪:‬‬
‫موقف الصديق أبو بكر ‪-‬في ردة األعراب بعد وفاة رسول‬
‫اهلل ‪ - -‬إذ ارتدت أحياء كثيرة وادعى طليحة األسدي ومسيلمة الكذاب‬
‫النبوة والتف حولهم قومهم وأنفذ الصديق جيش أسامة فقل الجند في‬
‫المدينة ‪ ،‬فطمعت كثير من األعراب في المدينة وراموا أن يهجموا عليها‬
‫‪3‬‬

‫‪ ،‬فجعل الصديق على أنقاب المدينة حراساً يبيتون بالجيش حولها‬


‫ويصف ابن كثير هذا الموقف فيقول ‪ « :‬عظم الخطب واشتدت الحال‬
‫وقد تكلم الصحابة مع الصديق في أن يترك المرتدين وما هم عليه من‬
‫منع الزكاة ويتألفهم حتى يتمكن اإليمان في قلوبهم ‪ ،‬ثم بعد ذلك يزكون‬
‫فامتنع الصديق من ذلك وأباه وقام في الناس وقال كلمته المشهورة ‪":‬‬
‫واهلل لو منعوني عقاالً كانوا يؤدونه إلى رسول اهلل ‪ - -‬ألقاتلهم على‬
‫منعها واهلل ألقاتلن من فرق بين الصالة والزكاة " ‪ ،‬وكان في‬
‫اشتداد المحنة أن طمع األعراب في المدينة وأغار بعضهم فما كان من‬
‫الصديق إال أن بات قائماً ليلة يعبئ الناس فما طلع الفجر إال وهم والعدو‬
‫في صيد واحد ومكن اهلل للمسلمين واستمر على ذلك حتى قال المسلمون‬
‫‪ :‬لو رجعت إلى المدينة وأرسلت رجالً ‪ ،‬فقال ‪ :‬واهلل ال أفعل وال‬
‫أواسينكم بنفسي وهكذا بقي الصديق هو وصحابة رسول اهلل يقاتلون‬
‫حتى خضعت الجزيرة إلى حكم اهلل من جديد ‪.‬‬
‫فاإلصرار ظاهر في الموقف وهو من معاني الحزم وكالهما من‬
‫سمات القيادة الناجحة ‪ ،‬رحم اهلل الصديق فبحزمه شرح اهلل صدر عمر‬
‫بن الخطاب إذ يقول ‪ :‬فما هو إال أن رأيت اهلل قد شرح صدر أبي بكر‬
‫للقتال ‪ ،‬فعرفت أنه الحق ‪ .‬وهذان الموقفان كان لهما األثر العظيم في‬
‫‪144‬‬
‫بقاء هذه األمة ‪ ،‬ولكل موقف حازم أثره ولهذا كانت للقيادة شأنها في‬
‫حياة الجماعات واألمم ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫العشرون ‪ :‬القدرة على التخطيط‪:‬‬


‫هناك مقولة تقول‪ :‬إن كل دقيقة نبذلها من وقتنا للتخطيط توفر‬
‫أربع ساعات عند التنفيذ وما ذلك إالألهمية التخطيط على مستوى‬
‫األفراد والشركات والدول بل حتى على مستوى األمم والحضارات‪.‬‬
‫مفهوم التخطيط‪:‬‬
‫التخطيط هو أحد وظائف اإلدارة الرئيسية إضافة إلى التنظيم والتوجيه‬
‫والرقابة‪.‬‬
‫ويمكن تعريفه بأنه وضع مجموعة من االفتراضات حول الوضع في‬
‫المستقبل ثم وضع خطة تبين األهداف المطلوب الوصول إليها خالل‬
‫فترة محددة مع تقدير االحتياجات المادية والبشرية لتحقيق هذه األهداف‬
‫بفاعلية‪.‬‬
‫وعليه تكون عناصر التخطيط هي‪:‬‬
‫هدف ُيسعى إلى تحقيقه‬
‫وسيلة تحقيق الهدف‬
‫معيار ضبط جودة تحقيق الهدف‪.‬‬

‫خطوات عملية التخطيط‪:‬‬


‫‪144‬‬
‫‪-1‬تحديد الرؤية‪:‬‬
‫وهي الصورة‪ 6‬الشاملة المستقبلية التي نريد الحصول عليها في‬
‫المستقبل‪ ،‬والبد أن تكون واضحة وملهمة للفرد إن كانت فردية‬
‫وللجماعة إن كانت جماعية‪.‬‬

‫‪-2‬وضع الرسالة‪:‬‬
‫والرسالة جملة تعبيرية تصاغ كلماتها بدقة وعناية تحدد ما نريد أن‬
‫تكون على المدى البعيد‪.‬‬
‫وهي تتضمن الهوية للفرد أو المؤسسة والتعريف باألغراض المنشودة‬
‫والوسائل التي تحقق هذه األغراض‪.‬‬

‫‪-3‬وضع األهداف‪:‬‬
‫وهي األمور التي نسعى لتحقيقها على المدى البعيد‪.‬‬
‫ويراعى عند وضع األهداف ما يلي‪:‬‬
‫صياغة الهدف بصيغة الفعل تحقيق‪ ،‬إنهاء‪ ،‬تبديل‪.‬‬
‫تكتب بعبارة إيجابية تدل على ما يفترض فعله ال ما يفترض تركه‪.‬‬
‫الدقة واالختصار دون إطالة أو إطناب‪.‬‬
‫أن تكون األهداف وفق القدرات واإلمكانات‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫إن كان الهدف للمجموعة فال بد من اشتراك الجميع في صياغة الهدف‪.‬‬


‫تحديد اإلطار الزمني لتحقيق هذا الهدف‪.‬‬
‫‪-4‬األهداف اإلجرائية‪:‬‬

‫ويراد بها الخطوات العملية لتحقيق كل هدف من األهداف المحددة‬


‫آنفاً ويراعى في الخطة ما يراعى عند وضع األهداف من حيث الصياغة‬
‫واإلطار الزمني الخ‪..‬‬

‫‪ -5‬تقويم الخطة ومراجعتها‪:‬‬


‫بعد االنتهاء من وضع الخطة والبدء في تنفيذها البد أن يكون هناك‬
‫مواجهة وتقويم لتنفيذ هذه الخطة وتكون هذه المراجعة إما أسبوعية أو‬
‫شهرية أو غير ذلك بحسب الحاجة واالحتياج‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الحادية والعشرون‪ :‬إجادة التعامل مع اآلخرين‬
‫"مهارات االتصال‪":‬‬
‫يمثل االتصال دورا هاما ورئيسا في حياة اإلنسان وعالقاته‬
‫االجتماعية وسير مؤسساته‪ .‬وفي إدارة الهيئات يمثل االتصال عامال‬
‫حاسما لتحقيق النجاح حتى أن البعض يبالغ بالقول إن اإلدارة ما هي إال‬
‫مجموعة من االتصاالت‪ .‬ويستند هذا الرأي إلى نتائج األبحاث التي‬
‫أثبتت أن المدير يقضي ‪ %80‬من وقته في العمل باالتصال‪.‬‬
‫فهو يستمع ويتحدث ويقرأ ويكتب المذكرات والتقارير‪.‬وفي بحث آخر‬
‫كانت النتيجة كما يلي‪:‬‬

‫‪% 20‬من وقت المدير أو الرئيس تنفق في اتصاالت خارجية خاصة‬


‫بالعمل‪.‬‬
‫‪ 3%‬اتصاالت بالمرؤوسين والمنفذين‪.‬‬
‫‪40%‬اتصاالت بالمستوى اإلداري األعلى‪.‬‬
‫‪ 10%‬تنفق في أداء أعمال فنية‪.‬‬

‫ولكن ما هو االتصال؟‬
‫‪3‬‬

‫االتصال له مفهوم ضيق أو مادي وهو يعني وسائل االتصال‬


‫المادية(التليفونات‪ ،‬الرسائل‪ ،‬البرقيات‪....‬إلخ) وله مفهوم أوسع وأشمل‬
‫ويقصد بذلك‪:‬‬
‫نقل وتبادل المعلومات التي على أساسها يتوحد الفكر‪ ،‬وتتفق المفاهيم‪،‬‬
‫وتتخذ القرارات‪.‬‬
‫أو هو تبادل الحقائق أو األفكار أو اآلراء أو المشاعر من خالل عمليات‬
‫اإلرسال واالستقبال‪.‬‬
‫ونستنتج من ذلك أن االتصال له عناصر هي‪:‬‬
‫مرسل يقدم مثيرا أو منبها (أو رسالة‪(.‬‬
‫إلى شخص (مرسل إليه) بحيث يدرك معناها المطلوب‪.‬‬
‫بهدف التأثير في سلوكه والحصول على استجابة‪.‬‬
‫وهكذا فأن لالتصال أهمية كبيرة فهو وسيلة رئيسة‪:‬‬
‫لتوجيه سلوك األفراد اتجاه األهداف المرغوبة‪.‬‬
‫توفر البيانات والمعلومات وتنقلها إلى مركز اتخاذ القرار‪.‬‬
‫تقرب بين األفكار والمفاهيم للعاملين وتوحد أنماط العمل‪.‬‬
‫تنقل أفكار العاملين إلى مراكز اتخاذ القرارات‪.‬‬
‫عوامل تزيد من فاعلية االتصاالت‪:‬‬
‫‪144‬‬
‫‪-1‬الثقة في مصدر الرسالة‪.‬‬
‫‪-2‬المعرفة والوعي الكامل لقيمة المعلومات والبيانات‪.‬‬
‫‪-3‬لغة مفهومة وانتقاء العبارات الواضحة‪.‬‬
‫‪-4‬اختيار الوقت المناسب لتوجيه الرسالة حتى ال تكون المعلومات‬
‫عديمة الفائدة‪.‬‬
‫‪ -5‬استخدام المؤثرات الدالة التي تعكس حقيقة المعنى والمفهوم‬
‫المطلوب(نبرات الصوت‪ ،‬اختيار الكلمات‪ ،‬حركات الوجه)‪.‬‬
‫‪-6‬جذب االنتباه الكامل‪.‬‬
‫‪ -7‬التحدث بطريقة مشوقة وتجنب اإلسهاب الزائد أو اإليجاز الشديد‪..‬‬
‫‪ -8‬ضرب األمثلة واستخدام وسائل اإليضاح البصرية(أو‪ 6‬السمعية أو‬
‫الرسوم التوضيحية أو النماذج والبيانات)‬
‫‪ -9‬عدم التسرع في اتخاذ القرارات أو تكوين رأي إال بعد تلقي الرسالة‬
‫كاملة‪.‬‬
‫‪ -10‬اختيار المكان المناسب إلبالغ المعلومات‪.‬‬
‫‪ -11‬تنظيم األفكار قبل عرضها‪.‬‬
‫‪-12‬اإلنصات جيدا‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫تضمنت إحدى الدراسات الحديثة قواعد لالتصال الناجح أدرجتها تحت‬


‫الكلمة اإلنجليزية (‪ )Human Touch‬أي اللمسة اإلنسانية على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪..H: Hear Him‬‬ ‫استمع إليه‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫‪U: Understand his feeling‬‬ ‫احترم شعوره‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫‪M: Motivate his desire‬‬ ‫حرك رغبته‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫‪A: Appreciate hisefforts‬‬ ‫قدر مجهوده‪.‬‬ ‫‪)4‬‬
‫‪N: News Him‬‬ ‫مده باألخبار‪.‬‬ ‫‪)5‬‬
‫‪T: Train Him‬‬ ‫دربه‪.‬‬ ‫‪)6‬‬
‫‪O: Open his‬‬ ‫أرشده‪.‬‬ ‫‪)7‬‬
‫‪.eyes‬‬
‫‪.U: Understand his uniqueness‬‬ ‫تفهم تفرده‪.‬‬ ‫‪)8‬‬
‫‪C: Contact‬‬ ‫اتصل به‪.‬‬ ‫‪)9‬‬
‫‪.Him‬‬
‫‪.H: Honour Him‬‬ ‫‪ ) 10‬أكرمه‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الثانية والعشرون‪ :‬مهارات الحوار وإ دارة‬
‫النقاش‪:‬‬

‫اإلنسان اجتماعي بطبعه وطبيعته ال يستطيع أن يعيش بمعزل عن‬


‫الناس فهو في اتصال مستمر معهم من خالل الحوار واإلقناع‪.‬‬
‫لذلك حفل الحوار ومهاراته بأهمية خاصة خصوصاً لدى القائد الناجح إذ‬
‫هو يتعامل مع أنواع متنوعة من الناس ‪،‬روى الطبراني بإسناد صحيح‬
‫عن عمرو بن العاص ‪‬قال)) كان رسول اهلل ‪‬يقبل بوجهه وحديثه‬
‫على حتى‬
‫على شر القوم يتألفه بذلك‪ ،‬وكان يقبل بوجهه وحديثه َّ‬
‫ظننت أني خير القوم‪)).‬‬
‫وللحوار آداب يجب أن يتحلى بها كال المتحاورين منها‪:‬‬

‫‪ -1‬التعامل بالحسنى مع المحاور أو المخالف‬


‫‪ .‬قال تعالى‪{:‬وقولوا للناس حسنا}البقرة ‪.83‬‬
‫وقال تعالى‪{:‬وجادلهم بالتي هي أحسن}النحل ‪.125‬‬
‫وقال ‪‬الكلمة الطيبة صدقة)متفق عليه‪.‬‬
‫‪-2‬أن يكون الحوار لطلب الحق وليس نصرة للنفس والرأي‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪-3‬اختيار الوقت والمكان المناسب فليس كل مكان صالح للحوار وليس‬


‫كل زمان كذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬مراعاة المقاصد االيجابية عند الطرف اآلخر وإ حسان الظن به‬

‫‪ -5‬احترام الطرف اآلخر مهما كان جنسه أو مذهبه أو ديانته‪.‬‬


‫‪ -6‬اإلنصاف والعدل مع الخصوم‪.‬‬

‫صفات المحاور الناجح‪:‬‬


‫‪ -1‬أن يتقن فن اإلنصات واالستماع لآلخر‬
‫‪ -2‬أن يكون لبقا في العبارات والتعامالت‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يتقن معايرة اآلخر بغرض معرفة سماته الظاهرة ضعفا وقوة‬
‫‪ -4‬أن يتحلى بالهدوء ورباطة الجأش‪.‬‬
‫‪ -5‬أن يكون قوي البديهة وحاضر الفكر‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يعمل على ضبط النفس‪.‬‬
‫‪ -7‬أن يكون متواضعا لآلخرين‪.‬‬
‫‪ -8‬دماثة األخالق وهذه من أهم الصفات ‪،‬فحسن الخلق جماع كل ما‬
‫سبق‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫وسائل تقوية مهارة الحوار‪:‬‬

‫إذا أرادت أن تكون ماهراً في الحوار والمحاورة فعليك بما يلي‪:‬‬


‫‪ ‬إخالص النية هلل عز وجل واالنتصار للحق حتى لو كان ضده‪.‬‬
‫‪ ‬االستعداد والتحضير للحوار تحضيراً جيداً واستكشاف خفايا‬
‫الموضوع والتزود بالمعلومات‪.‬‬
‫‪ ‬تدريب النفس على ممارسة مهارة اإلنصات لآلخرين‪.‬‬
‫‪ ‬إتقان فن السؤال من حيث مضمونها ووقت طرحها وأسلوبها‬
‫االلتزام بالعقل والمنطق والبحث عن الدليل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬استخدام الوسائل التعليمية وضرب األمثلة الحسية‪.‬‬
‫‪ ‬االستفادة من النماذج المثالية في الحوار والمناقشة‬
‫‪3‬‬

‫الثالثة والعشرون ‪ :‬فن إدارة الوقت‪:‬‬

‫الوقت رأس مال المسلم في هذه الحياة ‪ ،‬أثمن من الذهب‬


‫والفضة والدراهم إذ أن األموال تذهب وتعود وأما الوقت فهو يذهب‬
‫بال عودة إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫لذا فاحترس من وحوش الوقت الخمسة واحذرهم أن يأكلوك‪.‬‬
‫في الحديث قال رسول اهلل ‪ ":‬اغتنم خمسا قبل خمس ‪ :‬شبابك‬
‫قبل هرمك‪ ،‬وصحتك قبل سقمك‪ ،‬وغناك قبل فقرك‪ ،‬وفراغك‬
‫قبل شغلك‪ ،‬وحياتك قبل موتك"‪.‬‬
‫ماذا نعني بإدارة الوقت ؟‬
‫‪* ‬إدارة الوقت تعني أوالً إدارة الذات‪ ،‬فهي نوع من إدارة الفرد‬
‫نفسه بنفسه‪.‬‬
‫‪ * ‬إدارة الوقت هي إدارة األعمال التي نقوم بمباشرتها في حدود‬
‫الوقت المتاح‪ ،‬يومياً ‪ 24‬ساعة‪.‬‬
‫‪ * ‬إدارة الوقت هي محاولة ترويض الوقت وفرض سيطرتنا‬
‫عليه ‪،‬بدالً من أن يفرض سيطرته علينا‪.‬‬
‫‪* ‬إدارة الوقت هي إدارة السلوك والشخصية‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫‪* ‬هي الطرق والوسائل التي تعين المرء على االستفادة القصوى‬
‫من وقته في تحقيق أهدافه وخلق التوازن في حياته ما بين‬
‫الواجبات والرغبات واالهداف‪.‬‬
‫روى البخاري من حديث ابن عباس أنه ‪‬قال ‪(( :‬نعمتان مغبون‬
‫فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)‪.‬‬
‫‪     ‬قال الحافظ ابن حجر ‪  :‬فمن استغل صحته وفراغه في طاعة‬
‫اهلل فهو المغبوط ومن استغل صحته وفراغه في معصية اهلل فهو‬
‫المغبون‪    .‬والفراغ أنواع ‪ :‬الفراغ القلبي‪ ،  ‬والفراغ النفسي ‪،‬‬
‫والفراغ العقلي‪.  ‬‬
‫‪    ‬الفراغ القلبي ‪:‬‬
‫‪    ‬أن يفرغ القلب من اإليمان !! وهو أخطر أنواع الفراغ على اإلطالق‬
‫‪.‬‬
‫‪    ‬إذا فرغ القلب من اإليمان فصاحب هذا القلب ميت وإ ن تحرك بين‬
‫األحياء فالقلب وعاء اإليمان كما قال المصطفى في حديث النعمان الذي‬
‫رواه الشيخان وفيه ‪:‬فإن عمر القلب باإليمان ما شعر اإلنسان أبداً‬
‫بالفراغ ألنه في كل لحظة سيتلذذ باألنس باهلل ‪.‬‬
‫‪  ‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ :‬مساكين واهلل أهل الدنيا خرجوا من‬
‫الدنيا ولم يتذوقوا أطعم وأحلى ما فيها ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪   ‬قيل ‪ :‬وما أطعم ما فيها ؟!‬


‫‪  ‬قال ‪ :‬ذكر اهلل واألنس بلقائه ‪.‬‬
‫الفراغ النفسي ‪ :‬النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل إن لم‬
‫تفطمها بالطاعات قادتك إلى المعاصي والذالت ‪.‬‬
‫الن ْف َس أَل ََّم َارةٌ بِالسُّو ِء ِإاَّل َما َر ِح َم َربِّي ِإ َّن َربِّي)‬
‫‪    ‬النفس أمارة ‪ِ( :‬إ َّن َّ‬
‫[يوسف‪]53:‬‬
‫الفراغ العقلي ‪ :‬حياته دمار وآخرته بوار بدليل تصايح أهل النار‬
‫وهم فى النار بين يدى الواحد القهار يتصايحون أنهم كانوا ال‬
‫يحملون عقوالً ال يعقلون بها ‪.‬‬
‫صور من حرص السلف رضوان اهلل عليهم على وقتهم‬
‫(فتشبهوا إن تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال‪ 6‬فالح)‬
‫‪-1‬هذا اإلمام أبو بكر األنبارى يدخل عليه الطبيب في مرض موته‬
‫فينضر إلى بوله ويقول له "قد كنت شي~ا ال يفعله أحد" ثم يخرج‬
‫فيقول "ما يجئ منه شئ" أى أنه فقد األمل في شفائه ويعود إليه‬
‫ويسأله "ما الذى كنت تفعل" فيقول اإلمام رحمه اهلل "كنت أعيد في كل‬
‫أسبوع عشرة آالف ورقة" أي يقرأ ويكتب ويحفظ عشرة آالف ورقة‬
‫أسبوعيا‬
‫‪144‬‬
‫‪-‬وهذه امرأة اإلمام الزهري –شيخ اإلمام مالك صاحب‬ ‫‪-2‬‬
‫المذهب المعروف – تشكو من تعلق زوجها بالكتب فتقول و اهلل إن‬
‫هذه الكتب اشد على من ثالث ضرائر‪.‬‬
‫‪-3‬وهذا العالمة ابن الجوزي يقول عن نفسه "و إني اخبر عن حالي‬
‫ما أشبع من مطالعة الكتب و إذا رأيت كتابا لم أره فكأني وقعت على كنز‬
‫فلو أني قلت إني قد طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر و أنا بعد في‬
‫طلب الكتب "‪.‬‬
‫‪-4‬وهذا عبد الرحمن تيمية يحكي عن جده فيقول " كان الجد إذا دخل‬
‫الخالء يقول لي ‪ :‬اقرأ هذا الكتاب و ارفع صوتك حتى أسمع " مخافة أن‬
‫يضيع الوقت الذي يدخل فيه الحمام دون استفادة ‪.‬‬
‫‪-5‬أما إمام المفسرين على مر العصور ابن جرير الطبري فيحكى‬
‫عنه أنه مكث أربعين عاما يكتب في كل يوم أربعين ورقة ‪.‬‬
‫‪ -6‬يقول عبد الرحمن ابن األمام أبي حاتم الرازي " ربما كان يأكل‬
‫وأقرأ عليه ويمشي وأقرأ عليه ويدخل الخالء وأقرأ عليه ويدخل البيت‬
‫في طلب شيء وأقرأ عليه " فكانت ثمرة هذا المجهود وهذا الحرص‬
‫على استغالل الوقت كتاب الجرح والتعديل في تسعة مجلدات وكتاب‬
‫التفسير في مجلدات عدة وكتاب السند في ألف جزء‪.‬‬
‫وتدبر أخي المسلم معي ما قاله هذا الحكيم " من أمضى يوما من عمره‬
‫‪3‬‬

‫في غير حق قضاه‪ ,‬أو فرض أداه أو مجد أثله أو حمد حصله أو خير‬
‫أسسه أو علم أقتبسه فقد عق يومه وظلم نفيه "‬

‫لذلك علينا أن نستغل أألوقات وأن نجعل حياتنا كلها هلل فال نضيع من‬
‫أوقاتنا ما نتحسر عليه يوم القيامة فالوقت سريع االنقضاء فهو يمر مر‬
‫السحاب وفي ذلك قيل‪:‬‬
‫مرت سنيـن بالوصال وبإلهنا *** فكأنها من قصرها أيام‬
‫ثم انثنـت أيـام هجر بعدها *** فكأنها من طولها أعوام‬
‫ثم أنقضت تلك السنون وأهلها *** فكأنها وكأنـهم أحالم‬
‫حسب بعض العلماء وبعض الحكماء ذلك فقالوا‪ :‬وجدنا أن اإلنسان‬
‫العادي ينام ثلث عمره‪ ،‬إذاً فسوف ينام ثلث هذه األربعين‪ ،‬ثم كم لطعامه‪،‬‬
‫وكم لشرابه‪ ،‬ثم كم يأخذ الناس من وقته في األمور المباحة‪ ،‬فإن بعض‬
‫الناس يسلم عليك فيريد من وقتك نصف ساعة‪ ،‬وهذا شيء نشاهده نحن‪،‬‬
‫طفل يمسك بك ويضيع عليك ساعة‪ ،‬وكثير من الناس ال يشعر بقيمة هذا‬
‫الزمن وال بأهميته وكأن أمراً ما كان! ولو دقق وحسب لوجد أن العمر‬
‫ضيق وقصير بشكل يدعو إلى الغرابة‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الوقت من اليوم مجموع الوقت من العمر االفتراضي النسبة المئوية‬
‫‪---------------------------------------‬‬
‫‪%0.35‬‬ ‫ثالثة أشهر‬ ‫‪ -‬خمس دقائق‬
‫‪%0.71‬‬ ‫ستة أشهر‬ ‫‪ -‬عشر دقائق‬
‫‪%1.42‬‬ ‫سنة كاملة‬ ‫‪ -‬عشرون دقائق‬
‫‪%4.28‬‬ ‫ثالث سنوات‬ ‫‪ -‬ساعة كاملة‬
‫‪%42.85‬‬ ‫ثالثون سنة‬ ‫‪ -‬عشر ساعات‬
‫‪%32‬‬ ‫‪23‬‬ ‫النوم‪ ،‬بمعدل ثمان ساعات يومياً‬
‫‪%30.7‬‬ ‫‪21.5‬‬ ‫العمل‪( ،‬من ‪ )2.5-7‬يومياً‬
‫األكل والشرب‪ ،‬بمعدل ساعة ونصف يومياً ‪%6.4 4.5‬‬
‫‪---------------------------------------‬‬
‫لصوص الوقت‪:‬‬
‫‪ ‬المقاطعات والزيارات المفاجئة‪-.‬‬
‫‪ ‬االتصاالت الهاتفية غير المنتجة‪.‬‬
‫‪ - ‬االجتماعات غير الفعالة‪-.‬‬
‫‪ ‬التسويف أو التأجيل بأعذار واهية‪.‬‬
‫‪ - ‬األهداف غير الواضحة‪-.‬‬
‫‪ ‬المعلومات الضعيفة‪( /‬النقص في المعلومات)‪-‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ ‬عدم تحديد األولويات‪-.‬‬


‫‪ ‬عدم القدرة على قول ”ال“‪.‬‬
‫‪ ‬عدم تخطيط الوقت‪-‬‬
‫‪ ‬انخفاض الروح المعنوية‪-.‬‬
‫‪ ‬اإلصغاء غير الجيد‪.‬‬
‫أمور تساعدك على تنظيم وقتك‬
‫هذه النقاط التي ستذكر أدناه‪ ،‬هي أمور أو أفعال‪ ،‬تساعدك على‬
‫تنظيم وقتك‪ ،‬فحاول أن تطبقها قبل شروعك في تنظيم وقتك‪.‬‬
‫‪ ‬وجود خطة‪ ،‬فعندما تخطط لحياتك مسبقاً‪ ،‬وتضع لها األهداف‬
‫الواضحة يصبح تنظيم الوقت سهالً وميسراً‪ ،‬والعكس صحيح‪،‬‬
‫إذا لم تخطط لحياتك فتصبح مهمتك في تنظيم الوقت صعبة‪.‬‬
‫‪ ‬ال بد من تدوين أفكارك‪ ،‬وخططك وأهدافك على الورق‪ ،‬وغير‬
‫ذلك يعتبر مجرد أفكار عابرة ستنساها بسرعة‪ ،‬إال إذا كنت‬
‫صاحب ذاكرة خارقة‪ ،‬وذلك سيساعدك على إدخال تعديالت‬
‫وإ ضافات وحذف بعض األمور من خطتك‪.‬‬
‫‪ ‬بعد االنتهاء من الخطة توقع أنك ستحتاج إلى إدخال تعديالت‬
‫كثيرة عليها‪ ،‬ال تقلق وال ترمي بالخطة فذلك شيء طبيعي‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫‪ ‬الفشل أو اإلخفاق شيء طبيعي في حياتنا‪ ،‬ال تيأس‪ ،‬وكما قيل‪:‬‬
‫أتعلم من أخطائي أكثر مما أتعلم من نجاحي‪.‬‬
‫‪ ‬يجب أن تعود نفسك على المقارنة بين األولويات‪ ،‬ألن الفرص‬
‫والواجبات قد تأتيك في نفس الوقت‪ ،‬فأيهما ستختار؟ باختصار‬
‫اختر ما تراه مفيد لك في مستقبلك وفي نفس الوقت غير مضر‬
‫لغيرك‪.‬‬
‫‪ ‬اقرأ خطتك وأهدافك في كل فرصة من يومك‪.‬‬
‫‪ ‬استعن بالتقنيات الحديثة الغتنام الفرص وتحقيق النجاح‪ ،‬وكذلك‬
‫لتنظيم وقتك‪ ،‬كاإلنترنت والحاسوب وغيره‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيمك لمكتبك‪ ،‬غرفتك‪ ،‬سيارتك‪ ،‬وكل ما يتعلق بك سيساعدك‬
‫أكثر على عدم إضاعة الوقت‪ ،‬ويظهرك بمظهر جميل‪ ،‬فاحرص‬
‫على تنظيم كل شيء من حولك‪.‬‬
‫‪ ‬الخطط والجداول ليست هي التي تجعلنا منظمين أو ناجحين‪ ،‬فكن‬
‫مرناً أثناء تنفيذ الخطط‪.‬‬
‫‪ ‬ركز‪ ،‬وال تشتت ذهنك في أكثر من اتجاه‪ ،‬وهذه النصيحة أن‬
‫طبقت ستجد الكثير من الوقت لعمل األمور األخرى األكثر أهمية‬
‫وإ لحاحاً‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ ‬اعلم أن النجاح ليس بمقدار األعمال التي تنجزها‪ ،‬بل هو بمدى‬


‫تأثير هذه األعمال بشكل إيجابي على المحيطين بك‪.‬‬
‫معوقات تنظيم الوقت‪.‬‬
‫المعوقات لتنظيم الوقت كثيرة‪ ،‬فلذلك عليك تنجنبها ما استطعت‬
‫ومن أهم هذه المعوقات ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬عدم وجود أهداف أو خطط‪.‬‬
‫‪ ‬التكاسل والتأجيل‪ ،‬وهذا أشد معوقات تنظيم الوقت‪ ،‬فتجنبه‪.‬‬
‫‪ ‬النسيان‪ ،‬وهذا يحدث ألن الشخص ال يدون ما يريد إنجازه‪،‬‬
‫فيضيع بذلك الكثير من الواجبات‪.‬‬
‫‪ ‬مقاطعات اآلخرين‪ ،‬وأشغالهم‪ ،‬والتي قد ال تكون مهمة أو ملحة‪،‬‬
‫اعتذر منهم بكل لباقة‪ ،‬لذى عليك أن تتعلم قول ال لبعض األمور‪.‬‬
‫‪ ‬عدم إكمال األعمال‪ ،‬أو عدم االستمرار في التنظيم نتيجة الكسل‬
‫أو التفكير السلبي تجاه التنظيم‪.‬‬
‫‪ ‬سوء الفهم للغير مما قد يؤدي إلى مشاكل تلتهم وقتك‪.‬‬
‫خطوات تنظيم الوقت‪.‬‬
‫هذه الخطوات بإمكانك أن تغيرها أو ال تطبقها بتاتاً‪ ،‬ألن لكل‬
‫شخص طريقته الفذة في تنظيم الوقت المهم أن يتبع األسس العامة‬
‫‪144‬‬
‫لتنظيم الوقت‪ .‬لكن تبقى هذه الخطوات هي الصورة العامة ألي‬
‫طريقة لتنظيم الوقت‪.‬‬
‫‪ ‬فكر في أهدافك‪ ،‬وانظر في رسالتك في هذه الحياة‪.‬‬
‫‪ ‬أنظر إلى أدوارك في هذه الحياة‪ ،‬فأنت قد تكون أب أو أم‪ ،‬وقد‬
‫تكون أخ‪ ،‬وقد تكون ابن‪ ،‬وقد تكون موظف أو عامل او مدير‪،‬‬
‫فكل دور بحاجة إلى مجموعة من األعمال تجاهه‪ ،‬فاألسرة‬
‫بحاجة إلى رعاية وبحاجة إلى أن تجلس معهم جلسات عائلية‪،‬‬
‫وإ ذا كنت مديراً لمؤسسة‪ ،‬فالمؤسسة بحاجة إلى تقدم وتخطيط‬
‫واتخاذ قرارات وعمل منتج منك‪.‬‬
‫‪ ‬حدد أهدافاً لكل دور‪ ،‬وليس من الملزم أن تضع لكل دور هدفاً‬
‫معيناً‪ ،‬فبعض األدوار قد ال تمارسها لمدة‪ ،‬كدور المدير إذا كنت‬
‫في إجازة‪.‬‬
‫‪ ‬نظم‪ ،‬وهنا التنظيم هو أن تضع جدوالً أسبوعياً وتضع األهداف‬
‫الضرورية أوالً فيه‪ ،‬كأهداف تطوير النفس من خالل دورات أو‬
‫القراءة‪ ،‬أو أهداف عائلية‪ ،‬كالخروج في رحلة أو الجلوس في‬
‫جلسة عائلية للنقاش والتحدث‪ ،‬أو أهداف العمل كعمل خطط‬
‫للتسويق مثالً‪ ،‬أو أهدافاً لعالقاتك مع األصدقاء‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ ‬نفذ‪ ،‬وهنا حاول أن تلتزم بما وضعت من أهداف في أسبوعك‪،‬‬


‫وكن مرناً أثناء التنفيذ‪ ،‬فقد تجد فرص لم تخطر ببالك أثناء‬
‫التخطيط‪ ،‬فاستغلها وال تخشى من أن جدولك لم ينفذ بشكل كامل‪.‬‬
‫‪ ‬في نهاية األسبوع قيم نفسك‪ ،‬وانظر إلى جوانب التقصير‬
‫فتداركها‪.‬‬
‫‪‬‬
‫إدارة الوقت عادة ‪:‬‬
‫إن المحافظة على الوقت وإ دارته اإلدارة الجيدة عادة يكتسبها‬
‫اإلنسان متى ما أراد ذلك ‪ ،‬ولو أردنا أن نعرف كيف تتكون هذه‬
‫العادات لوجدنا أن العادة هي النقطة التي تلتقي فيها المعرفة والمهارة‬
‫والرغبة‪.‬‬

‫الرابعة والعشرون ‪ :‬تشكيل وإ دارة الفريق الجماعي‪:‬‬

‫يتمثل مفهوم فريق العمل بأنه" عدد من األفراد بخلفيات مختلفة‬


‫في المهارة والمعرفة‪ ،‬يتم اختيارهم من مجاالت مختلفة بالمنظمة‬
‫ألداء مهمة محددة ومعروفة"‪.‬‬

‫أبرز خصائص فريق العمل هي‪:‬‬


‫‪144‬‬
‫‪ -1‬يجمع بينهم هدف مشترك‪.‬‬
‫‪ .-2‬يشعر كل منهم بانتمائه للفريق‪.‬‬
‫‪ -3‬توجد بينهم مهام وعالقات متبادلة‪.‬‬
‫‪ - 4‬يشتركون في قيم ومبادئ متفق عليها لتنظيم سلوك وتصرفات‬
‫الفريق أثناء أداء المهمة‪.‬‬
‫مسؤوليات الفريق‪:‬‬
‫‪ .-1‬أداء المهمة المناطة بهم‪.‬‬
‫‪ -2‬حل مشكالت العمل وابتكار الحلول لها‪.‬‬
‫‪-3‬التدريب والتطوير ألعضاء المنظمة‪.‬‬
‫‪ -4‬الدعم والنماء للمنظمة‪.‬‬
‫مهارات قائد الفريق‪:‬‬
‫‪-1‬القدرة على حل النزاعات‪.‬‬
‫‪-2‬القوة في اتخاذ القرارات‪.‬‬
‫‪-3‬حسن التعامل مع اآلخرين‪.‬‬
‫‪-4‬القدرة على إدارة االجتماعات والتخطيط لها‪.‬‬
‫‪-5‬اإلدارة المثلى للوقت‪.‬‬
‫‪-6‬تحفيز أعضاء الفريق‪.‬‬
‫‪-7‬قبول الرأي اآلخر‪.‬‬
‫مهارات أعضاء الفريق‪:‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -1‬امتالك مهارة العمل الجماعي‪.‬‬


‫‪ -2‬حسن التعامل مع اآلخرين‪.‬‬
‫‪ -3‬القدرة على التفكير اإليجابي‪.‬‬
‫‪ -4‬القدرة على اإلنجاز‪.‬‬
‫‪ -5‬المحافظة على الوقت‪.‬‬
‫‪ -6‬العمل بروح الفريق‪.‬‬
‫‪ -7‬تقبل الرأي األخر‪.‬‬

‫صفات الفريق الناجح‪:‬‬


‫‪ -1‬أن يعمل لهدف مشترك وواضح‪.‬‬
‫‪ -2‬النتائج النهائية للفريق تنسب للجميع‪.‬‬
‫‪ -3‬كل عضو يكمل اآلخر وال يكرره‪.‬‬
‫‪ -4‬الدافع األساسي للفريق هو اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -5‬كل عضو له نفس الحقوق واإلمتيازات في الثواب‪.‬‬
‫‪ -6‬االنسياب الحر للمعلومات داخل الفريق‪.‬‬
‫‪ -7‬وجود قيادة راشدة‪.‬‬
‫‪ -8‬تسمع وتفهم‪ ،‬توجه وترشد‪ ،‬تستشير وتنفذ ‪.‬‬

‫معوقات العمل مع الفريق‪:‬‬


‫‪144‬‬
‫‪ -1‬الفشل في مهارة االتصال‪.‬‬
‫‪-2‬النزاع في بيئة العمل‪.‬‬
‫‪ -3‬الفروق الفردية الواضحة بين أعضاء الفريق‪.‬‬
‫‪-4‬عدم تحديد المهام بدقة للفريق‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم االستعداد لدى البعض للعمل بروح الفريق الواحد‪.‬‬
‫‪-6‬اإلتكالية من بعض األعضاء على إنجازات اآلخرين مما يجعل‬
‫العمل على بعض أعضاء الفريق وليس الجميع‪.‬‬

‫مهارة اإلنصات‪:‬‬
‫من أهم مزايا الفريق الناجح القدرة على اإلنصات‪ ،‬واإلنصات مهارة‬
‫يمكن للجميع أن يطورها متى ما أراد ذلك ولتطوير مهارة اإلنصات‬
‫يذكر روبرت مونتجمري بعض القواعد لذلك منها‪:‬‬
‫القاعدة األولى‪ :‬النظر إلى الشخص الذي يتحدث إليك – ليس مجرد‬
‫الحملقة بل الهدف أالّ تبعد نظرك عنه‪.‬‬
‫القاعدة الثانية‪ :‬التشجيع على إلقاء األسئلة‪.‬‬
‫القاعدة الثالثة‪ :‬عدم مقاطعة المتحدث‪.‬‬
‫القاعدة الرابعة‪ :‬إذا اضطررت للمقاطعة فال تلجأ إلى تغيير الموضوع‪.‬‬
‫القاعدة الخامسة‪ :‬أن تصغي مع استبعاد العاطفة‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫القاعدة السادسة‪ :‬أن تكون مصغياً متجاوباً‪.‬‬


‫ويلخص مونتجمري الممارسة اإلصغائية في القدرة على التوغل في‬
‫الشخص اآلخر ورؤية األشياء من خالل وجهة نظره الشخصية إن‬
‫الغرض هنا قد يهدف إلى محاولة اإلصغاء بعيوننا وقلوبنا إلى جانب‬
‫آذاننا‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الخامسة والعشرون‪ :‬إدارة االجتماعات‪:‬‬

‫إن الطريقة التي يتم بها التعامل مع االجتماعات التي يتم‬


‫تحدد بشكل أساسي مدى النجاح الذي يمكن أن تحققه هذه‬
‫عقدها‪ّ ،‬‬
‫االجتماعات في بلوغ أهدافها‪ .‬وهذا ال يتوقف فقط على أسلوب إدارتها‬
‫أثناء انعقادها‪ ،‬بل يتوقف أيضاً على أسلوب اإلعداد المسبق لها‪،‬‬
‫وأسلوب المتابعة الالحقة لما تم االتفاق على تنفيذه أثناءها‪.‬‬
‫ألي من االجتماعات التي يتم عقدها ال بد‬
‫من أجل توفير مقومات النجاح ّ‬
‫من القيام بما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬التأكد من أن هناك حاجة فعلية لعقد االجتماع‪.‬‬


‫‪ -2‬تحديد بدقة ووضوح‪ ،‬الهدف الذي يتم عقد االجتماع لتحقيقه‪.‬‬
‫‪ -3‬اختيار فقط األشخاص المناسبين لدعوتهم إلى حضور االجتماع‪.‬‬
‫‪ -4‬تحديد التاريخ والوقت المالئم للجميع لعقد االجتماع‪ ،‬وكذلك المدة‬
‫المخصصة له‪.‬‬
‫‪ -5‬تحديد المكان المالئم لعقد االجتماع‪.‬‬
‫‪ -6‬تحضير جدول أعمال واضح ودقيق لالجتماع‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪-7‬التأكد من أن الدعوة إلى حضور االجتماع تتضمن هدف االجتماع‬


‫والمشاركين فيه وتاريخ ووقت ومكان انعقاده والمدة المخصصة له‪،‬‬
‫باإلضافة إلى جدول أعماله والمستندات والوثائق المطلوب من‬
‫المشاركين إعدادها وإ حضارها معهم إلى االجتماع‪.‬‬
‫‪-8‬التجهيز الكامل والدقيق لالجتماع‪ ،‬واالستعداد الميداني لعقده‪ ،‬بما‬
‫في ذلك مكان االجتماع واألدوات المساعدة الالزمة‪.‬‬
‫‪ -9‬تزويد المشاركين بكافة المعلومات الضرورية لمساهمتهم‬
‫الفعالة في االجتماع‪.‬‬
‫ّ‬
‫الجيد والمناسب للمدعوين إلى حضور االجتماع‪ ،‬وذلك‬
‫‪ -9‬االستعداد ّ‬
‫بهدف المشاركة الفاعلة فيه‪.‬‬
‫المحدد له بالضبط‪ ،‬وذلك بعد أن يكون‬
‫ّ‬ ‫‪-10‬بدء االجتماع في الوقت‬
‫قد تم إبالغ المشاركين ضرورة أن ال يتأخروا عن هذا الوقت‪.‬‬
‫المقرر‪،‬‬
‫‪ -11‬الحرص أثناء االجتماع‪ ،‬على التزام جدول األعمال ّ‬
‫أي مخالفة لبنوده تفتح الباب واسعاً أما‬
‫وذلك مهما كلف األمر‪ ،‬ألن ّ‬
‫حالة من الفوضى تؤدي حتماً إلى إفشال االجتماع ومنعه من تحقيق‬
‫الهدف المرجو من انعقاده‪.‬‬
‫‪ -12‬استماع رئيس االجتماع باهتمام إلى كل ما يطرحه‬
‫المشاركون من أفكار وأراء ومالحظات من خالل االجتماع‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫‪ -13‬تشجيع المشاركين على إبداء المالحظات البناءة وطرح‬
‫تقدم عناصر جديدة تساهم في تحقيق الهدف‬
‫األفكار الخالقة التي ّ‬
‫المتوخى من االجتماع‪.‬‬
‫‪-14‬عدم احتكار رئيس االجتماع للنقاش أو محاولة السيطرة عليه‪،‬‬
‫وذلك إلفساح المجال لآلخرين أيضاً للحصول على فرصتهم العادلة‬
‫في إبداء الرأي ووجهة النظر‪.‬‬
‫‪-15‬احترام رئيس االجتماع آلراء وأفكار ومالحظات جميع‬
‫المشاركين في االجتماع‪ ،‬حتى ولو لم تكن متوافقة مع آرائه وأفكاره‪.‬‬
‫تعدد اآلراء واألفكار على انه أمر سلبي‪ ،‬بل‬
‫‪ - 16‬عدم النظر إلى ّ‬
‫اعتباره وسيلة ضرورية للوصول إلى القرار األفضل واألنسب‪.‬‬
‫تحيزه لبعض‬
‫‪ -17‬تمتُع رئيس االجتماع بالموضوعية‪ ،‬وعدم ّ‬
‫المشاركين دون اآلخرين‪.‬‬
‫‪ -18‬تمتُع رئيس االجتماع بالمرونة والجرأة في تغيير رأيه‪ ،‬إذا ما‬
‫تك ّشفت له حقائق جديدة أثناء االجتماع‪.‬‬
‫‪ -19‬اتخاذ القرارات المناسبة التي تحقق الهدف المتوخى من‬
‫أي تسرع‪.‬‬
‫االجتماع‪ ،‬وذلك دون ّ‬
‫‪ .-20‬توزيع مسؤولية متابعة تنفيذ القرارات التي تم اتخاذها خالل‬
‫االجتماع‪ ،‬على مختلف المشاركين فيه‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪-21‬تحديد تاريخ أقصى إلنجاز كل قرار مطلوب تنفيذه الحقاً‪ ،‬على أن‬
‫ال يتم تجاوز هذا التاريخ مهما كان الثمن‬
‫‪ -22 .‬التأكد من أن الجميع قد فهم واستوعب ماهو مطلوب منه تنفيذه‬
‫بعد االجتماع‪.‬‬
‫‪-23‬توثيق االجتماع‪ ،‬من خالل تدوين محضر االجتماع بالدقة‬
‫والتفصيل المطلوبين‪.‬‬
‫‪-24‬بعد انتهاء االجتماع‪ ،‬إرسال مذكرة خطّية إلى كل من المشاركين‬
‫أي‬
‫تتضمن ما هو مطلوب إنجازه والتاريخ المتوقُع لإلنجاز‪ ،‬مع تحديد ّ‬
‫نوع من التنسيق يحتاج إلى القيام به مع اآلخرين‪.‬‬
‫‪-25‬متابعة تنفيذ القرارات التي تم اتخاذها أثناء االجتماع‪ ،‬وذلك‬
‫المحددة لها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لضمان تنفيذها في األوقات‬
‫‪144‬‬
‫السادسة والعشرون‪ :‬حل المشكالت واتخاذ القرارات‪:‬‬

‫إن حل المشكالت واتخاذ القرارات عملية تمر بمراحل هي‪:‬‬


‫‪ -1‬تحديد المشكلة‪:‬‬
‫التعمق في دراسة المشكلة لمعرفة تفاصيلها وخلفياتها‪ ،‬وتبرز‬
‫المشاركة الجماعية في تحديد المشكلة حيث تعتبر أكثر بروزاً ونضجاً‬
‫من المجهود الفردي ألن مقدرة الفرد ال تمكنه من اإلحاطة بمالبسات‬
‫المشكلة بعكس المجهود الجماعي‪.‬‬

‫‪ -2‬تحديد الهدف‪:‬‬
‫حدد ما الذي تريد أن تحققه وتجنب أي ذكر لما تنوي إتباعه في سبيل‬
‫الوصول لهذا الهدف‪.‬‬

‫‪-3‬تحديد البدائل‪:‬‬
‫يقصد بذلك مرحلة التحري والتفتيش عن الحلول المختلفة لحل‬
‫المشكلة التي تم تشخيصها بدقة ويجب أن يضع اإلداري عدد أكبر من‬
‫الحلول البديلة حتى يضمن عدم وقوعه في الخطأ واختيار البديل‬
‫المناسب‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -4‬تقويم البدائل‪:‬‬
‫يجب أن نقيم كل حل بديل مع مراعاة االعتبارات التالية‪:‬‬
‫إمكانية تنفيذ البديل ومدى توافر اإلمكانات البشرية والمادية المالئمة‬
‫لتنفيذه‪.‬‬
‫التكاليف المالية لتنفيذه واألرباح التي يتوقع تحقيقها والخسائر المحتملة‪.‬‬
‫االنعكاسات النفسية واالجتماعية لتنفيذه ومدى استجابة المرؤوسين‬
‫للبديل وحسن توقيت تنفيذه‪.‬‬
‫وال شك أن المشاركة الجماعية تساعد في تقويم البدائل وإ ثراء النقاش‪.‬‬

‫‪ -5‬اختيار البديل‪:‬‬
‫وهنا يتم االختيار األنسب للبدائل المتاحة وينبغي مراعاة اختيار‬
‫البديل الذي يؤدي إلى االستغالل األمثل لعناصر اإلنتاج المادية والبشرية‬
‫المتاحة بأقل جهد ممكن‪ ،‬كذلك ينبغي تضمن اختيار البديل تحقيق‬
‫السرعة المطلوبة السيما إذا كان الحل يتطلب االستعجال والسرعة‪.‬‬
‫والشك أن االشتراك الجماعي في اختيار البديل يعطي األفراد نوع من‬
‫األمان كذلك الحماس لتنفيذ القرار الذي اتخذ بناء على مشاركتهم‪.‬‬

‫‪ -6‬تنفيذ القرار‪:‬‬
‫‪144‬‬
‫وهنا يلزم – بعد اختيار البدائل – تنفيذ القرار علماً بأن مرحلة تنفيذ‬
‫القرار تتطلب نوعاً من المتابعة وتعاون اآلخرين ومراقبة التنفيذ للتأكد‬
‫من سالمة التطبيق‪.‬‬

‫المشاركة الجماعية في اتخاذ القرارات‪:‬‬


‫إعطاء المرؤوسين فرصة للمشاركة في اتخاذ القرارات مما يساعد‬
‫على تقويه نوعية القرار المتخذ وزيادة فعاليته لتحقيق الهدف المرجو‬
‫منه وكذلك زيادة التزام األفراد بتنفيذ جميع بنوده ألنهم شاركوا في صنع‬
‫القرار مما يساعد على رفع روحهم المعنوية وزيادة درجة انتمائهم‪.‬‬

‫فوائد المشاركة الجماعية في اتخاذ القرارات‪:‬‬


‫‪ -1‬تحقق المشاركة لفهم المرؤوسين للقرار وقبولهم له‪.‬‬
‫‪-2‬تؤدي المشاركة إلى زيادة التزام المرؤوسين بتنفيذ القرار وحماسهم‬
‫لهذا التنفيذ‪.‬‬
‫‪ -3‬تحقق المشاركة استيعاب المرؤوسين ألهداف القرار‪.‬‬
‫‪ -4‬تتيح المشاركة إشباع الحاجات العليا لإلفراد والتي تتمثل في‬
‫االستقالل والشعور بالذاتية واإلنجاز‪.‬‬
‫‪ -5‬عندما تتم المشاركة من خالل أسلوب يعتبره أفراد الجماعة‬
‫‪3‬‬

‫مشروعاً قبل عقد االجتماعات للمناقشة وإ دارة النقاش بأسلوب وافي فإن‬
‫الجماعة تمارس ضغوطا على أفرادها لقبول القرار واإلذعان له‪.‬‬
‫‪ -6‬تمكن المشاركة الجماعية من زيادة فرص التعاون بين األفراد لحل‬
‫المشكالت المشتركة‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫السابعة والعشرون‪:‬رؤية الصورة‪ 6‬األشمل‪:‬‬
‫ينظر القادة إلى األمور بشمولية وبعد نظر‪ ،‬ويسعون جاهدين لنقل‬
‫هذه الصورة إلى اآلخرين‪ ،‬وبعض القادة يفشلون في نقل رؤاهم‬
‫ومفاهيمهم لآلخرين‪ ،‬وهذه الخطوة المهمة التي تميز القائد الفعال‪.‬‬

‫* رؤية الصورة‪ 6‬الشاملة‪:‬‬


‫إن القيم والحقائق هي التي تحدد مفاهيم الصورة‪ 6‬الشاملة‪ ،‬وعندما‬
‫ال يمتلك المدير الحقائق الوافية والقيم العالية لن يستطيع تحديد الصورة‪6‬‬
‫الشاملة‪ ،‬وبالتالي لن يستطيع نقلها لآلخرين‪ ،‬ألن فاقد الشيء ال يعطيه‪،‬‬
‫لذلك عادة ما ينجح اإلداريون في إدارة العمل ولكنهم ال يوفقون لقيادة‬
‫اآلخرين ونقل رؤاهم إليهم؛ ألن أولئك ‪-‬بكل بساطة‪ -‬ال يساعدونهم في‬
‫استيعاب ما يحدث لهم وحولهم ‪.‬‬

‫* توصيل الصورة‪ 6‬األشمل لآلخرين‪:‬‬


‫إذا كان طموحك أن تصبح قائداً فعاالً يجب عليك أن توضح‬
‫مفاهيمك بطرائق يسهل على اآلخرين استيعابها‪ ،‬لذا على القائد أن يتأكد‬
‫دائماً من وضوح الحقائق لآلخرين‪ ،‬وأنها رسخت في عقولهم وأدركوها‬
‫‪3‬‬

‫تماماً‪ ،‬بشرط أن تالمس هذه الحقائق احتياجات وآمال ومشاعر‬


‫اآلخرين‪.‬‬

‫* إن الحقائق وحدها ال تكفي لدفع اآلخرين إلنجاز العمل ‪ ،‬بل عليك أن‬
‫تستثمر الحقائق مع القيم بحيث تنقل الوعي بالرغبات واآلمال‬
‫والعواطف التي تساعد على نشر رؤيتك ‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الثامنة والعشرون‪:‬التأثير على اآلخرين‪:‬‬
‫لن تستطيع كقائد أن تؤثر في اآلخرين ما لم تتخلل داخل مشاعرهم‬
‫وأحاسيسهم وعواطفهم وهذا ما يعرف بالتقمص العاطفي ‪.‬‬

‫* االعتناق ‪ :‬هو القدرة على استيعاب الصورة كاملة مع تفهم ما يدور‬


‫بخواطر ومشاعر اآلخرين مع إدراك التأثير عليهم ‪.‬‬

‫* االستماع‬
‫لكي تصبح قائداً فاعالً يجب أن تنظر إلى الصورة كاملة لكي‬
‫تستطيع أن تؤثر في اآلخرين‪ ،‬ولكي تؤثر في اآلخرين يجب عليك أن‬
‫تستمع لهم‪ ،‬والمهم أن تستمع بحق لآلخرين عن طريق ما يلي‪:‬‬

‫‪ 01‬اجعل ذهنك صافياً ‪ :‬لذا يجب عليك التركيز واإلنصات إلى حديث‬
‫اآلخرين وعدم االنشغال بأي صارف ‪.‬‬
‫‪ .2‬كن صريحاً ‪ :‬عند استماعك للشخص الذي أمامك‪ ،‬بغض النظر عما‬
‫يقوله هل يوافقك أو يخالفك ؟‬
‫‪ .3‬اطرح األسئلة‪ :‬افهم ما يقوله اآلخرون لك ‪ ،‬واطرح األسئلة‬
‫للتوضيح والتفصيل ال للتعجيز واإلحراج ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ .4‬ادرس لغة الجسد‪ :‬اللسان يخبرك بما يدور في العقول‪ ،‬بينما حركات‬
‫الجسد تخبرك بما يدور في الروح‪ ،‬لذلك ِ‬
‫أحسن استخدام لغة الجسد‬
‫لتستمع وتفهم بشكل أكبر ‪.‬‬
‫شعورا أنك تفهم‬
‫ً‬ ‫‪ .5‬االعتراف‪ :‬إن التفاعل مع الشخص المتحدث تعطيه‬
‫ما يعنيه‪ ،‬وبأنك تفهم مشاعره وأحاسيسه‪.‬‬
‫‪ .6‬تبادل الرأي ‪ :‬تجاذب الحديث مع الشخص المتحدث‪ ،‬وأعد صياغة‬
‫كالمه‪ ،‬وتبادل معه المشاعر واألحاسيس‪.‬‬

‫‪ 07‬لخص الموضوع‪ :‬قبل الخوض في الحديث والكالم الكثير‪ ،‬فعندما‬


‫تتأكد من انتهاء المتحدث عن الحديث السابق‪ ،‬لخص حديثه بدون‬
‫مقاطعة ثم اتركه يتابع الحديث ‪.‬‬

‫‪ 08‬أظهر االهتمام ‪ :‬يجب عليك كقائد فاعل أن تظهر اهتمامك‬


‫بالمتحدث‪ ،‬وأن تصل وإ ياه إلى درجة االعتناق العاطفي‪ ،‬ولن يستطيع‬
‫أي قائد أن ينجح دون هذه الرابطة التي هي نقل احتياجات وآمال‬
‫ومشاعر اآلخرين‪ ،‬وكذلك يجب أن تكون هذه المشاعر صادقة من لدن‬
‫القائد حتى يحصل على والء اآلخرين‪ ،‬إذ ال قيادة دون والء ‪.‬‬
‫‪144‬‬

‫‪ 09‬أظهر مشاعر االحترام‪ :‬بدون التزام ال يوجد والء‪ ،‬وبدون والء ال‬
‫توجد قيادة ‪ ،‬وإ ذا أردت أن تحقق هذه المقولة عليك أن تحترم حقوق‬
‫واحتياجات ومشاعر وأحاسيس اآلخرين‪ .‬إن تقدير اآلخرين سر من‬
‫أسرار القيادة الناجحة ‪.‬‬

‫االتصال القائم على الصراحة‬


‫إن الوضوح والصراحة ركيزتان من ركائز القيادة الناجحة ‪ .‬إن‬
‫االتصال مع اآلخرين بوضوح يشكل لك –كقائد‪ -‬مصداقية لدى‬
‫اآلخرين‪،‬وبالتالي تستطيع أن تؤثر على اآلخرين عبر قنوات االتصال‬
‫الفاعلة‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫التاسعة والعشرون‪:‬خلق روح التعاون‬


‫يدرك القائد الناجح أن خلق روح التعاون في المنظمات شرط‬
‫أساس من أساسات النجاح‪ ،‬ال شك أن تنظيم فرق ألداء العمل تزيد من‬
‫التحام وتماسك والتصاق األفراد مما يزيد من مؤشرات التعاون بينهم‪،‬‬
‫وحتى يتم ذلك ال بد من الجمع بين ديناميكية العمل ودينامكية العملية ‪.‬‬

‫*ديناميكيات العمل‪:‬‬

‫يجب على القائد الناجح أن يوجه تفكيره وطاقته لتحقيق اإلنتاجية‬


‫للجماعة‪ ،‬وحتى تكون قائداً ناجحاً يجب عليك مساعدة أية جماعة تنتمي‬
‫إليها لتحقيق أهدافها من خالل وسائل متنوعة تدفع الجماعة وتوجهها‬
‫نحو تحقيق أهدافها ‪ .‬والسؤال هنا ‪ :‬كيف نقود اآلخرين من أجل تحقيق‬
‫األهداف ؟‬

‫ولإلجابة عن ذلك يوجد عدة طرائق لتسهيل تحقيق األهداف ‪ ،‬وهي ‪:‬‬

‫‪ 01‬أنشطة اإلدارة ‪ :‬اجتماعات دورية للرؤساء ‪ ،‬وإ دارة الموارد‬


‫‪ 02‬المبادرة ‪ :‬تقديم االقتراحات وطرح اآلراء والدعوة لالجتماع‪.‬‬
‫‪ 03‬البحث عن المعلومات ‪ :‬التحقق من دقة البيانات‪.‬‬
‫‪ 04‬إعطاء المعلومات ‪ :‬توفير الموارد المطبوعة والمرئية وتقديم‬
‫‪144‬‬
‫المعلومات ‪.‬‬
‫‪ 05‬الرجوع إلى آراء اآلخرين‪ :‬معرفة وجهات النظر لها فوائد في‬
‫اتخاذ القرارات‪.‬‬
‫‪ 06‬التعبير عن اآلراء‪ :‬اطرح وجهة نظرك وحدد الفوائد ألفكارك‪.‬‬
‫‪ 07‬طرح أفكار مفاجئة ‪ :‬ناقش األفكار الجديدة وبصراحة‪ ،‬وأطلق‬
‫العنان لخلق االبتكار والتجديد في طرح األفكار وتوجيهها ‪.‬‬
‫‪ 08‬التفضيل والتطوير‪ :‬استخدم التحليل المنطقي للحقائق‪ ،‬واستخلص‬
‫البيانات من النتائج المتاحة ‪.‬‬
‫‪ 09‬التشكيل والتكيف ‪ :‬تحديد المناصب وتنظيم األنشطة‪.‬‬
‫‪ 010‬التلخيص ‪ :‬تقريب وجهات النظر أثناء االجتماعات أو المناقشات‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫‪ 011‬السعي للموافقة الجماعية‪ :‬اقتراع الجماعة حول استعدادها التخاذ‬
‫القرارات وحل الخالفات والمنازعات‪.‬‬
‫‪ 012‬الحصول على الموافقة الجماعية ‪ :‬الوصول إلى التزام جماعي في‬
‫الحصول على قرار أو حل لقضية ما ‪ ،‬وهذا األمر ال يتأتى إال بالموافقة‬
‫الجماعية على قرار أو حل لقضية ما حتى يثبت عدم جدواه ‪.‬‬
‫‪ 013‬وضع معايير ‪ :‬إيجاد المقاييس والتقاييم المناسبة للتقييم ‪.‬‬
‫‪ 014‬التقييم‪ :‬هو عملية قياس األفكار واآلراء طبقاً للمعايير المقررة‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ 015‬اإلنتاج ‪ :‬تأدية مهمة جماعية لتحقيق الهدف المنشود ‪.‬‬


‫‪ 016‬كتابة التقارير ‪ :‬تدوين الملحوظات أو كتابة التقارير وتوصيل‬
‫المعلومات إلى الراغبين في معرفة المعلومات‪.‬‬
‫‪ 017‬التمثيل ‪ :‬تمثيل الجماعة خارجياً بقراراتها وأعمالها‪.‬‬
‫‪ 018‬الصيانة‪ :‬توفير المواد وأداء األعمال التي تضمن استمرار الفريق‬
‫ألداء عمله بيسر وسهولة‪.‬‬
‫* سلَّط تفكيرك على إنجاز العمل مهما كلف األمر‪ ،‬ألن إنجازاتك سوف‬
‫تجعل اآلخرين يلتفون حولك والعكس صحيح ‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الثالثون ‪ :‬التزود بالطاقةوالحيوية‪:‬‬
‫على القائد الناجح أن يزود الجماعة بالطاقة الالزمة‪ ،‬وشحذ الهمم‬
‫والعزائم بشكل مستمر‪ ،‬ويتطلب ذلك وجود الحيوية التي يتمتع بها القائد‪،‬‬
‫وهي الجاذبية الشخصية للقائد ‪ Charisma‬وهي منحة من اهلل تسلب من‬
‫خاللها لب اآلخرين‪ ،‬وتحظى بدعمهم بسبب سماتك الشخصية ‪ ،‬وهذه‬
‫ثالثة أنواع من سلوك القائد الفعال والمؤثر‪:‬‬

‫‪ 01‬االلتزام بالقيم‪:‬‬
‫السمة التي تميز القائد الناجح هي التزامه بالقيم والمبادئ في األزمات‬
‫والمسرات‪ ،‬فهي المحك الحقيقي للقائد‪ ،‬فعليك كقائد ناجح أالَّ تقبل‬
‫المساومة على قيمك ومبادئك‪ ،‬وأن تتمسك بها مع المرونة وسبل‬
‫تحقيقها‪ ،‬إن قيمك ومبادئك هي الخطوط البارزة التي تنطلق منها‬
‫قراراتك وسلوكك وتصرفاتك ‪.‬‬
‫‪ 02‬الحماس‪:‬‬
‫إن القائد الناجح لديه شعور يدفعه ويوجهه نحو الحياة والجماعة‪،‬‬
‫وهذا الشعور هو الذي نعني به الحماس الذي يتميز به القادة الناجحون‪،‬‬
‫الذين يظهرون حماسهم نحو الحياة والجماعة‪ ،‬وتحقيق أهدافها وآمالها‪،‬‬
‫وينظرون إلى الدنيا نظرة تفاؤل‪ ،‬وهذه النظرة المتفائلة يطلق عليها‬
‫‪3‬‬

‫(التفاؤل الواقعي) وهي االعتراف بصعوبة الموقف مع االلتزام الحقيقي‬


‫بالمبادئ والقيم وتحقيق األهداف ‪.‬‬
‫التفاؤل الواقعي ‪ :‬هو معرفة الخصوم مع اإليمان بقيمك ومبادئك‬
‫وقدراتك وقدرات اآلخرين على تحقيق النجاح‪ ،‬وهذا األمر يوجد‬
‫الحماس ‪.‬‬

‫‪03‬الطاقة ‪ :‬يتمتع القادة العظماء بالطاقة والحيوية الالزمة إلدارة‬


‫شؤونهم الخاصة والعامة مع القدرة على مواجهة الضغوط والصعاب‪،‬‬
‫وإ نجاز كل ما هو مطلوب ‪ ،‬هذه القوة على االحتمال نابعة من الحمية‬
‫الشخصية التي يتمتع بها القادة الناجحون ‪.‬‬

‫* الحمية الشخصية‪:‬‬
‫إن التحكم باستمرار الحيوية والنشاط مقترنة بعدة أمور من أهمها ‪،‬‬
‫اللياقة البدنية ‪ ،‬ونمطية الغذاء السليم المتوازن‪ ،‬والراحة‪ ،‬كل هذه األشياء‬
‫تساهم في تشكيل مزاجك ونظرتك تجاه نفسك واآلخرين‪ ،‬وتعطيك دعماً‬
‫قوياً لاللتزام بقيمك ومبادئك وتحقيق أهدافك‪ ،‬ألن القوة تولد القوة‪،‬‬
‫والضعف يولد الضعف ‪.‬‬

‫* االلتزام يعزز القوى ‪:‬‬


‫‪144‬‬
‫إن العالقة بين الطاقة وااللتزام عالقة طردية ‪ ،‬فنجد أنه كلما زاد‬
‫شعورك بالطاقة زاد إحساسك بااللتزام ‪ ،‬وكلما زاد شعورك بااللتزام ‪،‬‬
‫زاد شعورك بالطاقة والحيوية‪ ،‬وكلما زادت طاقتك وحيويتك كنت قائداً‬
‫ناجحاً ‪ .‬إن هذه الطاقة والحيوية الالزمة إلنجاز العمل تنبع من إيمانك‬
‫بقيمك ومعتقداتك مع التزامك بتحقيق أهدافك ‪ ،‬فالقيم والحماس والطاقة‬
‫والحيوية هي عناصر مهمة في زيادة الجاذبية الشخصية للقائد الناجح ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫الحادية والثالثون ‪:‬صفات القادة الملتزمين بالمبادئ‪:‬‬


‫كما يراها ستيفن كوفي في كتابه "القيادة على ضوء المبادئ "‪.‬‬
‫‪ ‬أنهم يتعلمون باستمرار‪ :‬القراءة‪ ,‬التدريب‪ ,‬الدورات‪ ,‬االستماع‪.‬‬
‫‪ ‬أنهم يسارعون إلى تقديم الخدمات‪ :‬ينظرون إلى الحياة كرسالة‬
‫ومهمة ال كمهنة‪ ,‬إنهم يشعرون بالحمل الثقيل وبالمسؤولية‪.‬‬
‫‪ ‬أنهم يشعون طاقة إيجابية‪ :‬فالقائد مبتهج دمث سعيد نشيط مشرق‬
‫الوجه باسم الثغر طلق المحيا تقاسيم وجهه هادئة ال يعرف‬
‫العبوس والتقطيب إال في موضعهما‪ ,‬متفائل إيجابي‪ .‬وتمثل‬
‫طاقتهم شحنة للضعيف ونزعاً لسلبية القوي‪.‬‬
‫‪ ‬أنهم يثقون باآلخرين‪ :‬ال يبالغ القائد في رد الفعل تجاه التصرفات‬
‫السلبية أو الضعف اإلنساني‪ ,‬ويعلمون أن هناك فرقاً كبيراً بين‬
‫اإلمكانات والسلوك‪ ,‬فلدى الناس إمكانات غير مرئية للتصحيح‬
‫واتخاذ المسار السليم‪.‬‬
‫‪ ‬أنهم يعيشون حياة متوازنة‪ :‬فهم نشيطون اجتماعياً‪ ,‬ومتميزون‬
‫ثقافياً‪ ,‬ويتمتعون بصحة نفسية وجسدية طيبة‪ ,‬ويشعرون بقيمة‬
‫أنفسهم وال يقعون أسارى لأللقاب والممتلكات‪ ,‬وهم أبعد ما‬
‫يكونون عن المبالغة وعن تقسيم األشياء إلى نقيضين‪ ,‬ويفرحون‬
‫‪144‬‬
‫بإنجازات اآلخرين‪ ,‬وإ ذا ما أخفقوا في عمل رأوا هذا اإلخفاق‬
‫بداية النجاح‪.‬‬
‫‪ ‬أنهم يرون الحياة كمغامرة‪ :‬ينبع األمان لديهم من الداخل وليس‬
‫من الخارج ولذا فهم سباقون للمبادرة تواقون لإلبداع ويرون‬
‫أحداث الحياة ولقاء الناس كأفضل فرصة لالستكشاف وكسب‬
‫الخبرات الجديدة؛ إنهم رواد الحياة الغنية الثرية بالخبرات‬
‫الجديدة‪.‬‬
‫‪ ‬أنهم متكاملون مع غيرهم‪ :‬يتكاملون مع غيرهم ويحسنون أي‬
‫وضع يدخلون فيه‪ ,‬ويعملون مع اآلخرين بروح الفريق لسد‬
‫النقص واالستفادة من الميزات‪ ,‬وال يترددون في إيكال األعمال‬
‫إلى غيرهم بسبب مواطن القوة لديهم‪.‬‬
‫‪ ‬أنهم يدربون أنفسهم على تجديد الذات‪ :‬يدربون أنفسهم على‬
‫ممارسة األبعاد األربعة للشخصية اإلنسانية‪ :‬البدنية والعقلية‬
‫واالنفعالية والروحية‪ .‬فهم يمارسون الرياضة والقراءة والكتابة‬
‫والتفكير‪ ,‬ويتحلون بالصبر وكظم الغيظ ويتدربون على فن‬
‫االستماع لآلخرين مع المشاركة الوجدانية‪ ,‬ومن الناحية الروحية‬
‫يصلون ويصومون ويتصدقون ويتأملون في ملكوت اهلل‬
‫ويقرءون القرآن ويتدارسون الدين‪ .‬وال يوجد وقت في يومهم‬
‫‪3‬‬

‫أكثر عطاء من الوقت الذي يخصصونه للتدرب على األبعاد‬


‫األربعة للشخصية اإلنسانية‪ ,‬ومن ُشغل بالنشاطات اليومية عنها‬
‫كان كمن شغل بقيادة السيارة عن ملء خزانها بالوقود‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الثانية والثالثون ‪:‬العادات السبع للقادة اإلداريين‬
‫كما يراها ستيفن كوفي في كتابه الشهير‪:‬‬
‫‪ ‬كن مختاراً الستجابتك‪ :‬وهذه الخصلة تتصل بمدى معرفة الذات‬
‫ومعرفة الدوافع والميول والقدرات‪ ,‬فال تجعل ألي شيء أو أي‬
‫أحد سيطرة عليك‪ ,‬كن فاعالً ال مفعوالً به‪ ,‬مؤثراً بالدرجة األولى‬
‫ال متأثراً دوماً‪ ,‬وال تتهرب من المسؤولية أبداً ‪ ،‬وهذا سيعطيك‬
‫درجة من الحربة وكلما مارست هذه الحرية أصبحت مختاراً‬
‫بهدوء لردود أفعالك وتكون ممسكاً بزمام االستجابة بناء على‬
‫قيمك ومبادئك‪.‬‬
‫‪ ‬لتكن غايتك واضحة حينما تبدأ بعمل ما‪ :‬يعني ابدأ ونظرك على‬
‫الغاية‪ ,‬فتحتاج إلى إطالق الخيال ليحلّق بعيداً عن أسر الماضي‬
‫وسجن الخبرة وضيق الذاكرة‪.‬‬
‫‪ ‬أجعل أهمية األشياء بحسب أولويتها‪ :‬وهذه مرتبطة بالقدرة على‬
‫ممارسة اإلدارة وضبط اإلرادة فال تجعل تيار الحياة يسيرك‬
‫كيفما سار‪ ,‬بل اضبط أمورك وركز اهتمامك على ما له قيمة‬
‫وأهمية وإ ن لم يكن أمراً ملحاً اآلن‪ ,‬ومثل هؤالء يكون لهم أدوار‬
‫بارزة وقوية في حياتهم‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ ‬فكر على أساس الطرفين الرابحين‪ :‬أن تؤمن أن نجاح شخص ما‬
‫ال يعني فشل اآلخر‪ ,‬وتحاول قدر اإلمكان حل المشاكل بما يفيد‬
‫الجميع‪ ,‬وهذه الخصلة ترتبط بعقلية ثرية واسعة األفق عظيمة‬
‫المدارك تتبع عقلية الوفرة ال عقلية الشح والندرة ‪.‬‬
‫‪ ‬اسع أوالً ألن تفهم‪ ,‬ثم اسع إلى أن تُفهم‪ :‬وترتبط هذه الخصلة‬
‫باحترام الرأي اآلخر‪ ,‬فمن الخطأ أن يكون استماعك ألجل‬
‫الجواب والرد بل ألجل الفهم والمشاركة الوجدانية‪.‬‬
‫‪ ‬اجعل العمل شراكة مع اآلخرين‪ :‬فنحن يكمل بعضنا بعضاً نظراً‬
‫لالختالفات والفروقات بيننا‪ ,‬وموقف المشاركة هذا هو الموقف‬
‫الرابح للطرفين‪ ,‬ال موقف الرابح والخاسر‪.‬‬
‫‪ ‬اشحذ قدراتك‪ :‬ويقصد بها التحسين المستمر والوالدة المتجددة‬
‫وأال يبقى الفرد منا في مكانه بال تقدم ألنه سوف يتأخر حتماً‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الثالثة والثالثون‪:‬صفات‪ 6‬القائد عند كورتو‬
‫• ويرى ج‪ .‬كورتوا في كتابه "لمحات في فن القادة" ‪ 17‬صفة للقائد هي‪:‬‬
‫‪ ‬الهدوء وضبط النفس ‪.‬‬
‫‪ ‬معرفة الرجال ‪.‬‬
‫‪ ‬اإليمان بالمهمة‪.‬‬
‫‪ ‬الشعور بالسلطة‪.‬‬
‫‪ ‬البداهة والمبادرة وأخذ القرار‪.‬‬
‫‪ ‬االنضباط‪.‬‬
‫‪ ‬الفعالية‪.‬‬
‫‪ ‬التواضع‪.‬‬
‫‪ ‬الواقعية‪.‬‬
‫‪ ‬الدماثة والعطف‪.‬‬
‫‪ ‬طيبة القلب‪.‬‬
‫‪ ‬الحزم‪.‬‬
‫‪ ‬العدل‪.‬‬
‫‪ ‬احترام الكائن البشري‪.‬‬
‫‪ ‬إعطاء المثل‪.‬‬
‫‪ ‬المعرفة‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ ‬التنبؤ‪.‬‬
‫ولكل واحدة من هذه الصفات أمثلة شاهدة من حياة القادة عبر التاريخ ؛‬
‫وتكفينا السيرة العطرة الشريفة لنبينا محمد ‪‬ففيها ما يتخذ مثاالً واضحاً‬
‫على هذه الصفات الكريمة دون اضطرار للي أعناق النصوص أو‬
‫اعتساف العبر من القصص دون جالء في الداللة ‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الرابعة والثالثون ‪:‬من فنون القيادة‪:‬‬
‫‪ )1‬فن إصدار األوامر‪:‬‬
‫• هل األمر ضروري؟وهل تملك حق إصداره "صالحيات" لهؤالء‬
‫األشخاص "إشراف"‪.‬‬
‫• الغاية من األمر سياسة الرجال واالستفادة من قدراتهم‪ ,‬وليست الغاية‬
‫منه استعراضية أو تعسفية‪.‬‬
‫وحدد الوقت المتاح‪,‬‬
‫عين الشخص المسؤول بعد إصدار األمر مباشرة‪ّ ,‬‬
‫• ّ‬
‫وحدد المساعدين والموارد ‪.‬‬
‫• ليكن أمرك واضحاً‪ ,‬كامالً‪ ,‬موجزاً‪ ,‬دقيقاً‪ ,‬وكن واثقاً من نفسك عند‬
‫إصداره‪.‬‬

‫‪ )2‬فن التأنيب‪:‬‬
‫• أعط المالحظة الضرورية‪ 6‬دون تأخير‪ ,‬ولتكن بنغمة هادئة ورزينة‪.‬‬
‫• ِّأنب ولكن بعد تحري الحقيقة كاملة بمالبستها‪ ,‬وتجنب إثارة الجروح‬
‫السابقة‪.‬‬
‫• التأنيب الذي ال يتناسب مع الخطأ يعطي نتيجة عكسية‪.‬‬
‫• اسأل المخطئ ‪ :‬ما الواجب عليه فعله لتجنب هذا الخطأ مستقبال ؟‬
‫وتوصل معه لحلول عملية ‪.‬‬
‫‪ )3‬فن معالجة التذمرات‪:‬‬
‫‪3‬‬

‫• تجنب األوضاع التي تخلق المشكالت‪.‬‬


‫• استقبل الشاكي بالترحاب واستمع إليه وال ترفض الشكوى مباشرة‪ ,‬ثم‬
‫استمع إلى وجهة النظر األخرى‪.‬‬
‫• إذا قررت فعل شيء فأفعله‪ ,‬وإ ال وضح للشاكي أسباب حفظ شكواه‪.‬‬
‫‪ )4‬فن المكافأة والتشجيع‪:‬‬
‫• اثن على األعمال الناجحة‪ ,‬واعترف بإنجازات األفراد‪ ,‬وشجع معاونيك‬
‫دوماً‪.‬‬
‫• عاملهم كخبراء فيما يتقنونه‪ ,‬وتقبل أفكارهم التجديدية‪.‬‬
‫• ال بد من توطيد "ثقافة اإلشادة" داخل مؤسستك‪.‬‬
‫• كلف المتميزين بأعمال أهم ومسؤوليات أعلى‪.‬‬
‫• تذكر أنه كم من عبقريات رائعة تحطمت ألنها لم تجد في اللحظة‬
‫المالئمة رئيساً صالحاً يثني بعدل ويشجع بتعقل ويهتم بطريقة تذكي نار‬
‫الحماسة‪.‬‬
‫‪ )5‬فن المراقبة‪:‬‬
‫• إن األمر شيء واحد‪ ,‬ولكن التنفيذ كل شيء‪ ,‬وال تظهر صفات القائد‬
‫ومقدرته إال عند مراقبة التنفيذ‪.‬‬
‫• على القائد أن يعترف باألعمال الحسنة‪ ,‬وعليه أن ال يتردد في توجيه‬
‫االنتباه نحو األخطاء‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫• إن االحتكاك مع الحقيقة بكل محاسنها ومساويها يعطي القائد فكرة‬
‫صحيحة أفضل من مئات التقارير‪.‬‬
‫‪ )6‬فن المعاقبة‪:‬‬
‫• لتكن العقوبة متناسبة مع الذنب والمذنب واألحوال المحيطة‪.‬‬
‫• ال تجمع المعاقبين في عمل واحد‪ ,‬فاالجتماع يولد القوة‪ ,‬وقوة الشر‬
‫هدامة‪.‬‬
‫• ال تعاقب الرئيس أمام مرؤوسيه حتى ال ينهار مبدأ السلطة وتتحطم‬
‫سلسلة القيادة‪.‬‬
‫• ال تناقش مشاغباً أمام اآلخرين‪.‬‬
‫•من العقوبة تغيير نوع العمل‪ ,‬اللوم‪ ,‬ترك استثارة المعاقب‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫‪ )7‬فن التعاون مع القادة اآلخرين‪:‬‬
‫• تذكر أن غاية العمل ليست لخدمة أشخاص أو أغراض تافهة وإ نما‬
‫لخدمة مثل عليا يتقاسم الجميع متاعب تحقيقها‪.‬‬
‫• ال بد من وجود رغبة كبيرة في التفاهم المشترك‪.‬‬
‫• ليكن نقدك لغيرك من القادة لبقاً في لفظه بناء في غايته‪.‬‬
‫• ال يكن همك مراقبة أخطاء اآلخرين فسوف يضيع عملك‪.‬‬
‫• ال تترك مجاالً لتفاقم سوء التفاهم على دقائق يسيرة ما دامت الفكرة‬
‫العامة مشتركة‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪1‬الخامسة والثالثون‪:‬نصائح‪ 6‬للناجحين‬

‫‪ ‬عليك بالمشي والرياضة والنظافة‪ ،‬فإن الناجحين أقوياء أصحاء {بارك‬


‫اهلل ألمتي في بكورها } فإذا أردت عمالً فعليك بالصباح فإنه أسعد‬
‫األوقات‪.‬‬
‫‪ ‬ال تقف فإن المالئكة تكتب‪ ،‬والعمر ينصرم‪ ،‬والموت قادم‪ ،‬وكل ٍ‬
‫نفس‬
‫يخرج ال يعود‪.‬‬
‫‪ ‬من زرع (سوف) أنبتت له َّ‬
‫(لعل) وأطلعت له (بعسى) وأثمرت‬
‫(بليت) لها طعم الندامة ومذاق الحسرة‪.‬‬
‫‪ ‬إذا أصبحت فال تنتظر المساء‪ ،‬وبادر الفرصة‪ ،‬واحذر البغتة‪ ،‬وإ ياك‬
‫والتأجيل والتردد‪ ،‬وإ ذا عزمت فتوكل على اهلل‪.‬‬
‫‪ ‬ال تقل قد ذهبت أربابه‪      ‬كل من سار على الدرب وصل‬
‫‪ ‬اإلبداع أن تجيد في تخصصك‪ ،‬وما يناسب مواهبك فـ قَ ْد َعِل َم ُك ُّل‬
‫اس َم ْش َرَبهُ ْم [البقرة‪َ ]60:‬وِل ُك ٍّل ِو ْجهَةٌ ُه َو ُم َولِّيهَا [البقرة‪.]148:‬‬
‫أَُن ٍ‬
‫علو ورفعة‪ ،‬كما قال أبو تمام ‪:‬‬ ‫‪ ‬ال يضير الناجحين كالم الساقطين فإنه ٌ‬
‫ٍ‬
‫فضيلة ‪     ‬طويت أتاح لها لسان حسو ِد‬ ‫وإ ذا أراد اهلل نشر‬
‫محترم له‪ ،‬وتنويه‬
‫ٌ‬ ‫عالن‬
‫‪ ‬النقد الظالم قوةٌ للناجح‪ ،‬ودعاية مجانية‪ ،‬وإ ٌ‬
‫بفضله‪:‬‬

‫‪ - 1‬مفتاح النجاح –عائض القرني‬


‫‪144‬‬
‫ٍ‬
‫ناقص‪     ‬فهي الشهادة لي بأني كام ُل‬ ‫وإ ذا أتتك مذمتي من‬
‫‪ ‬الناجح يقوم بمشاريع يعجز عنها الخيال‪ ،‬وتظهر عظماء الرجال‪،‬‬
‫وتثير الدهشة والغرابة والتعجب في األجيال‪.‬‬
‫‪ ‬الناجح ال يعيش على هامش األحداث‪ ،‬وال يكون صفراً بال قيمة وال‬
‫زيادة في حاشية‪.‬‬
‫‪ ‬من كانت همته في شهواته وطلب ملذاته كثر سقطه وبان خلله‪ ،‬وظهر‬
‫عيبه وعوره‪.‬‬
‫‪ ‬من خدم المحابر خدمته المنابر‪ ،‬ومن أدمن النظر في الدفاتر احترمته‬
‫األكابر‪.‬‬
‫‪ ‬من خلق الناجح التفاؤل‪ ،‬وعدم اليأس‪ ،‬والقدرة على تالفي األخطاء‪،‬‬
‫والخروج من األزمات‪ ،‬وتحويل الخسائر إلى أرباح‪.‬‬
‫‪ ‬القطرة مع القطرة نهر‪ ،‬والدرهم مع الدرهم مال‪ ،‬والورقة مع الورقة‬
‫كتاب‪ ،‬والساعة مع الساعة عمر‪.‬‬
‫‪ ‬أمس مات‪ ،‬واليوم في السياق‪ ،‬وغداً لم يولد؛ فاغتنم لحظتك الراهنة؛‬
‫فإنها غنيمة باردة‪.‬‬
‫ولسان يذكر‪ٍ ،‬‬
‫وقلب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ونظر يعبر‪،‬‬ ‫‪ ‬المؤمن ال يخلو من ٍ‬
‫عقل يفكر‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وجسد على العمل يصبر‪.‬‬ ‫يشكر‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ ‬في الدقيقة الواحدة تسبح مائة تسبيحة‪ ،‬وتقرأ صفحةً من المصحف‪،‬‬


‫وتطالع ثالث صفحات من كتاب‪ ،‬وتكتب رسالة‪ ،‬وتتلو سورة اإلخالص‬
‫ثالثاً‪.‬‬
‫‪ ‬كرر النيسابوري صحيح مسلم مائة مرة‪ ،‬وأعاد ابن سيناء كتاب‬
‫الفارابي أربعين مرة‪ ،‬وقرأ بعضهم المغني عشر مرات‪.‬‬
‫‪ ‬احترقت كتب ابن حزم كلها فأعادها من حفظه‪ ،‬وكان قتادة يحفظ حمل‬
‫بعير‪ ،‬وقال الشعبي ‪[[ :‬ما كتبت سوداء في بيضاء ]]‪.‬‬
‫‪ ‬قام سفيان الثوري ليلةً كاملة يصلي حتى أصبح‪ ،‬وتذاكر ابن المبارك‬
‫الحديث هو وأحد العلماء وقوفاً حتى الفجر‪ ،‬وبقي األمين الشنقيطي‬
‫يبحث في مسألة يوماً وليلة‪.‬‬
‫‪ ‬كتب يحيى بن معين لفظ صلى اهلل عليه وسلم ألـف ألف مرة ‪-‬أي‪:‬‬
‫مليون‪ -‬وكان ربما كتب الحديث خمسين مرة‪ ،‬وقال الشعبي ‪[[ :‬أقل ما‬
‫أحفظ الشعر‪ ،‬ولئن شئتم ألنشدنكم شهراً كامالً ]]‪.‬‬
‫‪ ‬الناجح يحترمه أطفال مدينته‪ ،‬والفاشل يسخر منه كل أحد حتى ولو‬
‫اعتذر لهم ألف مرة‪.‬‬
‫‪ ‬من بكر في طلب العلم بكور الغراب‪ ،‬وصبر صبر الحمار‪ ،‬وعزم‬
‫عزيمة الليث‪ ،‬واختلس الفرصة اختالس الذئب‪ ،‬حصل علماً كثيراً‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫الكسالن محروم‪ ،‬والعاطل نادم‪ ،‬وماء الحركة البركة‪ ،‬ومن صال وجال‬
‫غلب الرجال‪.‬‬
‫‪ ‬الطريق شاق‪ ،‬ناح فيه نوح‪ ،‬وذبح فيه يحيى‪ ،‬وقتل فيه عمر‪ ،‬وأهرق‬
‫فيه دم عثمان ‪ ،‬واغتيل علي ‪ ،‬وجلدت فيه ظهور األئمة‪.‬‬
‫‪ ‬نسخ ابن دريد كتاب الجمهرة أربع مرات‪ ،‬ونقح البخاري صحيحه في‬
‫ٍ‬
‫حديث ويصلي ركعتين‪ ،‬أجر أحمد بن‬ ‫ست عشرة سنة‪ ،‬يغتسل عند كل‬
‫حنبل نفسه في طلب العلم‪ ،‬وباع أبو حنيفة بعض َسعف بيته في العلم‪،‬‬
‫وجاع سفيان ثالثة ٍ‬
‫أيام في طلب الحديث‪.‬‬
‫‪ ‬كان النووي يطالع ويكتب‪ ،‬ويحفظ ويصلي ويسبح‪ ،‬فإذا نعس نام قليالً‬
‫وهو جالس‪ ،‬وكان للشوكاني اثني عشر درساً في اليوم‪ ،‬وكان ابن سيناء‬
‫يكتب في اليوم خمساً وعشرين صفحة‪.‬‬
‫‪ ‬كان إدريس النبي عليه الصالة والسالم خياطاً‪ ،‬وداود عليه السالم‬
‫حداداً‪ ،‬وأجر موسى عليه الصالة والسالم نفسه في الرعي‪ ،‬وكان ابن‬
‫المسيب يبيع الزيت‪ ،‬و أبو حنيفة يبيع البز‪.‬‬
‫‪ ‬البدار البدار‪ ،‬قبل تقضي األعمال‪ ،‬وكتابة اآلثار‪ ،‬فال بقاء مع الليل‬
‫والنهار‪ ،‬أعوذ باهلل من خسة الهمم‪ ،‬وسفاهة العزائم‪ ،‬وسخف المقاصد‪،‬‬
‫وثخانة الطبع‪ ،‬وبالدة النفوس‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ ‬بحث علي عن الشهادة في بدر فقاال‪ :‬في أحد ‪َّ ،‬‬


‫فهب إلى هناك فقالوا‪:‬‬
‫ربما كانت في الخندق ‪ ،‬فسعى إليها قالوا‪ :‬التمسها في خيبر ‪ ،‬فلما أتاها‬
‫قالوا‪ :‬تأخر الموعد‪ ،‬قال‪ :‬ما أحسن القتلة في المسجد‪.‬‬
‫‪ ‬يحفظ العلم للعمل به‪ ،‬وتعليمه‪ ،‬والتأليف فيه‪ ،‬ومن حفظه وكرره‬
‫وذاكره وذاكر به ودرسه ثبت في صدره‪.‬‬
‫‪ ‬ال بد للناجح أن يكون قوي المالحظة‪ ،‬دائم التركيز‪ ،‬حافظاً للوقت‪،‬‬
‫مديماً للتدبر‪ ،‬طموحاً إلى المعالي‪.‬‬
‫‪ ‬قال ابن عباس ‪[[ :‬ذللت طالباً فعززت مطلوباً ]] وقال عمر ‪[[ :‬تفقهوا‬
‫مستح وال مستكبر ]]‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫قبل أن تسودوا ]] وقال مجاهد ‪[[ :‬ال يطلب العلم‬
‫‪144‬‬
‫خاتمــة‬
‫كل شخص قادر على أن يصبح قائداً ‪ ،‬ولن يستطيع أن يصبح قائداً‬
‫إال إذا كان له أتباع‪ ،‬ولكي تكون قائداً ناجحاً ال بد أن تتمتع بمعتقدات‬
‫وقيم ومبادئ مثلى‪ ،‬وسمات شخصية تكسب بها لب اآلخرين‪ ،‬ويجب‬
‫عليك أن يكون لديك رؤية واضحة وشاملة وتكون قادراً على نقل رؤياك‬
‫ٍ‬
‫متعاون‬ ‫لآلخرين باختيار نوعية االتصال المناسبة والفعالة في ٍ‬
‫جو‬
‫ٍ‬
‫ومتوازن بين ديناميكية العمل وديناميكية العملية‪ ،‬إذا قرنت هذا كله‬
‫بحماس ونشاط وطاقة وحيوية‪ ،‬فسوف تمسك بزمام القيادة والريادة ‪،‬‬
‫وسوف تصبح القائد الناجح الذي تريده أنـت ‪.‬‬
‫وبهذا القدر أخي القائد نصل أنا وأنت إلى آخر المطاف و‬
‫أسأل اهلل أن ينفع ويصلح بهذه الكلمات و أن يجعلها خالصة لوجهه‬
‫الكريم انه نعم المولى ونعم النصير ‪.‬‬
‫أمير بن محمد المدري‬
‫إمام وخطيب مسجد اإليمان –اليمن – عمران‬
‫‪Almadari_1@hotmail.com‬‬

‫‪‬‬
‫‪3‬‬

‫المراجع‬
‫‪1‬ـ صناعة القائد‪    ‬د‪ /‬طارق السويدان‪ ،‬أ‪ .‬فيصل باشراحيل‬

‫‪2‬ـ القيادة المؤثرة‪    ‬أ‪ .‬جمال ماضي‬

‫‪3‬ـ المسار‪     ‬محمد أحمد الراشد‬

‫‪4‬ـ العادات السبع ألكثر الناس فاعلية‪  ‬ستيفن كوي‬

‫‪5‬ـ العبقرية واإلبداع والقيادة‪   ‬دين كيث سايمنتن‬

‫‪ -6‬مجلة العالمية العدد ‪197‬‬


‫‪ -7‬موقع الدكتور طارق السويدان‬
‫‪-8‬مهارات القائد الناجح إعداد ‪ :‬محمد بن عبد اهلل الطريف المحاضر‬
‫بقسم التربية بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‬
‫‪-9‬القيادة في القرن الحادي والعشرين‪ :‬د‪ .‬محمد أكرم العدلوني ‪ +‬د‪.‬‬
‫طارق محمد السويدان‪ ".‬وهو المرجع األساس "‬
‫‪-10‬القيادة على ضوء المبادئ‪ :‬ستيفين كوفي‪ .‬ترجمة‪ /‬عبداللطيف‬
‫الخياط‪.‬‬
‫‪ -11‬لمحات في فن القيادة‪ :‬ج‪.‬كورتوا‪ .‬تعريب‪ :‬المقدم الهيثم األيوبي‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫‪-12‬العادات السبع للقادة اإلداريين‪ :‬ستيفن كوفي‪ .‬ترجمة‪ /‬هشام‬
‫عبداهلل‪.‬‬
‫‪ -13‬كيف تحصل على أفضل ما لدى اآلخرين‪ :‬محمد ديماس‪.‬‬
‫‪-14‬مهارات القيادة و صفات القائد إعداد أحمد بن عبد المحسن‬
‫العساف‪.‬‬
‫‪-15‬كيف تصبح قائداً ناجحاً؟ المؤلف‪Donald H. Weiss :‬‬
‫‪-16‬دليل التدريب القيادي – المفاهيم القيادية – سلسلة التنمية البشرية‬
‫‪-‬المعهد العالي للفكر اإلسالمي ‪.‬‬

You might also like