You are on page 1of 33

‫بسم هللا الرحمان الرحيم‬

‫التعمي‬ ‫ر‬
‫ماسي العقار و‬ ‫التعمي‬ ‫عرض يف مادة‬
‫ر‬ ‫ر‬

‫بعنوان‪:‬‬

‫التعمي بالمغرب من السياسات القطاعية‬


‫ر‬
‫إىل سياسة المدينة‬

‫تأطي‪:‬‬
‫من ر‬ ‫من إعداد طلبة‪:‬‬

‫ذ‪ .‬جمال الدين بن‬ ‫المجموعة الثالثة‬

‫عيىس‬

‫‪2019/2018‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫النست‪ ،‬وكانت‬ ‫حت القرن التاسع ر‬
‫عش تتسم بالبطء‬ ‫لقد ظلت الزيادة السكانية ف العالم و ر‬
‫لفتة طويلة ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫معدالت الزيادة السكانية ثابتة تقريبا‪ ،‬ثم أخذت هذه الزيادة يف التطور بشكل كبت‪ ،‬وهو ما يتم التعبت عنه‬
‫السكان‪.‬‬
‫ي‬ ‫اليوم باالنفجار‬

‫وف تقريرها لسنة ‪ 6002‬أشارت منظمة األمم المتحدة للمستوطنات ر‬


‫البشية أن مستوى التحض ما‬ ‫ي‬
‫السكان"‪ ،‬حيث ستسجل نسب كبتة يف عدد‬ ‫رئ‬
‫فت يرتفع يف كل مكان‪ ،‬ويتوازى ذلك مع ما يسىم " باالنفجار‬
‫ي‬
‫ثلت ساكنة‬
‫السكان المقيمي بالمدن‪ ،‬و قد أشار التقرير المذكور إىل أن التوقعات المستقبلية تشت عىل أن ي‬
‫العالم سيعيشون ف المدن ف أفق ‪ ،6000‬وهو تحض إذا كان عادة ما ر‬
‫يقتن بالتنمية‪ ،‬كما دلت عىل ذلك‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫تجربة الدول الصناعية الكتى طيلة القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬فعىل العكس من ذلك فإن بلدان الجنوب عموما يتسم‬
‫فيها هذا التطور بالبطالة و الفقر و غياب التنمية إىل درجة يمكن من خاللها الحديث عن بروز " تحض دون‬
‫تنمية"‪.‬‬

‫العالىم‪ ،‬حيث عرف خالل تاريخه الطويل تطور‬


‫ي‬ ‫و بالنسبة للمغرب باعتباره ال يخرج عن المد الحضي‬
‫حضي متالحق‪ ،‬ب دأ قبل دخول اإلسالم وتبلور خالل العض الوسيط وشهد انعطافه تاريخية مع الحماية‬
‫الوطت وخلق أحياء و‬ ‫ر‬
‫الت فرضت مجموعة من اإلجراءات بهدف توحيد المجال‬
‫ي‬ ‫الفرنسية سنة ‪ 9196 ،‬و ي‬
‫مدن أوربية جديدة‪ ،‬إىل جانب المدن التقليدية و فرض قواني حديثة لتنظيم و تدبت المجال‪ ،‬مع ما يتناسب‬
‫و مصالح المستعمر‪ ،‬وهو ما نتح عنه إرث استعماري عىل مستوى المجال جعل اإلدارة المغربية بعد ر‬
‫فتة‬
‫االستقالل ف مواجهة معقدة مع تدبت المجال ر‬
‫التان‪ ،‬جعلها تتدخل بموارد مادية و ر‬
‫بشية و أوراش كلها تسىع‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الستيعاب أزمة السكن و تدبت المجال الحضي‪ ،‬و تقليص الفوارق بي الجهات‪.‬‬

‫بحيث أن تدخالت السلطات العمومية يف ميدان التعمت و معالجة القضايا الحضية بالمغرب‪ ،‬غالبا ما‬
‫تكون متأخرة‪ ،‬و بعيدة عن الواقع و تشوب ها عدة ثغرات من قبيل االرتجال و عدم التنسيق بي الفاعلي و‬
‫الهيئات اإلدارية المكلفة برسم سياسة التعمت و التهيئة المجالية‪.‬‬

‫كما أن ضعف النظرة الشمولية و الدارسة المستقبلية و التوقعية‪ ،‬يحول دون بلورة أهداف اإلدارة‪ .‬وبما‬
‫أن المشاكل الحضية مرتبطة ببعضها البعض ارتباطا عضويا ووظيفيا‪ ،‬فإن الحل الجز ئ ين و هيمنة النظرة‬
‫بالتاىل ستجد‬
‫ي‬ ‫األمنية يف تدبت المدن‪ ،‬سيؤدي ال محالة إىل تفاقم هذه المشاكل و استفحال آثارها مستقبال و‬
‫الدولة نفسها غت قادرة عىل تلبية حاجيات المجال الحضي‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الت تقوم عىل‬ ‫ر‬
‫كل هذه األسباب وغتها جعلت من اإلدارة تفكر يف االنتقال من السياسة القطاعية ي‬
‫الت تهدف إىل تحسي إطار الحياة‬ ‫ر‬
‫تبت مقاربة جديدة تتجسد يف " سياسة المدينة" ي‬
‫المركزية يف التدبت‪ ،‬إىل ي‬
‫بالمناطق الحضية ف وضعية صعبة أو هشة‪ ،‬والحد من الفوارق بي المجاالت ر‬
‫التابية‪ ،‬و ترتكز أساسا عىل‬ ‫ي‬
‫التجديد الحضي‪ ،‬وتوفت األمن والوقاية من االنحراف‪ ،‬واالهتمام بالتنمية االجتماعية والثقافية لألحياء‬
‫المستهدفة‪ ،‬وكذلك ر‬
‫التبية والتعليم وخلق فرص الشغل‪.‬‬

‫يعان منها‬ ‫الت عان وال زال‬‫ر‬


‫ي‬ ‫وتتجىل أهمية هذا الموضوع يف دراسة ومعرفة حقيقة المشاكل الحضية ي‬
‫والت أصبحت تشكل تحديات حقيقية للنظام السياس واالداري المغرن‪ ،‬ر‬
‫والت‬ ‫التان المغرن ر‬ ‫المجال ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫شموىل يأخذ بعي االعتبار التحديات اآلنية‬ ‫أصبحت تستدع لزاما إيجاد مخرجات معقلنة مبنية عىل ر‬
‫مقتب‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫والمستقبلية‪.‬‬

‫التاىل ‪ :‬إىل أي حد استطاعت االدارة المغربية‬


‫ي‬ ‫و لمعالجة هذا الموضوع نطرح االشكال المحوري‬
‫تبت مقاربة جديدة تتجسد يف سياسة المدينة‬
‫االنتقال من مرحلة السياسة القطاعية إىل ي‬

‫ولإلجابة عن هذا االشكال نطرح األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬

‫_ ما الذي جعل االدارة المغربية رتتاجع عن اعتماد السياسات القطاعية كآلية لتدبت المجال؟‬

‫ر‬
‫ان؟‬ ‫_ و ما ي‬
‫ه مظاهر عجز السياسات القطاعية يف معالجة قضايا تدبت المجال الت ي‬

‫_و ي‬
‫ماه أهم مبادئ ومرتكزات سياسة المدينة كمقاربة جديدة لتدبت المجال؟‬

‫ه أهداف ومعيقات هذه المقاربة الجديدة؟‪.‬‬


‫_ وما ي‬

‫وف اطار معالجتنا للموضع نضع الخطة التالية‪.‬‬


‫ي‬

‫التعمي‬
‫ر‬ ‫المبحث األول‪ :‬السياسات القطاعية يف عالقتها بمجال‬

‫لتدبي المجال‪.‬‬
‫ر‬ ‫الثان‪ :‬سياسة المدينة كمقاربة جديدة‬
‫ي‬ ‫المبحث‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‪ :‬السياسات القطاعية يف عالقتها بمجال‬
‫التعمي‬
‫ر‬
‫لقد ظلت سياسة التعمت يف المغرب بكل المتدخلي فيها‪ ،‬من قطاعات حكومية كالفالحة والمالية و‬
‫الت‬‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫األمالك المخزنية و حت األوقاف والجماعات التابية‪ ،‬حبيسة النظرة اإلدارية و التقنية و السوسيولوجية ي‬
‫ان‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الفرنس‪ ،‬مما أدى بالمشع إىل إعتماد سياسات قطاعية انعكست عىل المجال الت ي‬
‫ي‬ ‫خلفتها حقبة االستعمار‬
‫المجاىل وتوزي ع ساكنته‪.‬‬
‫ي‬ ‫المغرن من حيث التنظيم‬
‫ي‬

‫ماه أسباب اعتمادها من لدن‬


‫و تبعا لذلك يطرح التساؤل حول مفهوم هذه السياسات القطاعية و ي‬
‫الت أدت إىل ر‬
‫التاجع عن اعتمادها ؟‪.‬‬ ‫ر‬
‫اإلدارة المغربية‪ ،‬وما األسباب ي‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية السياسات القطاعية وأزمة ر‬


‫تدبي المجال‬
‫من خالل هذا المطلب سنحاول إعطاء مفهوم السياسة القطاعية( الفقرة األوىل) و ر‬
‫استاتيجية الدولة‬
‫يف تفعيلها( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫التبن‬
‫ي‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬السياسات القطاعية وأسباب‬
‫سنحاول من خالل هذه الفقرة محاولة مقاربة السياسات القطاعية مفاهيميا‪ ،‬وإعطاء لمحة تاريخية‬
‫عن أسباب تبنيها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم السياسات القطاعية‬


‫استنادا إىل فصول الدستور‪ ،‬نستطيع أن نمت بي مستويي من السياسات‪ ،‬ويتعلق األمر بالسياسات‬
‫العمومية والسياسات القطاعية ‪.‬فالوزراء مسؤولون عن تنفيذ السياسة الحكومية كل يف القطاع المكلف به‬
‫طبقا للفصل ‪ 19‬من الدستور‪ ،‬ومن تم فالسياسات القطاعية سياسات مرتبطة بالقطاعات الحكومية‬
‫المختلفة كل بحسب اختصاصه‪ ،‬ويمكنها أن تشكل جزءا من سياسة عمومية‪ ،‬ألن هذه األختة ر‬
‫تبق أشمل‬
‫يقض به‬
‫ي‬ ‫الرسىم‪ ،‬طبقا لما‬
‫ي‬ ‫الحكوم‬
‫ي‬ ‫وأوسع لكونها تسمح بتدخل فاعلي اجتماعيي إىل جانب الفاعل‬
‫منطوق الفصل ‪ 13‬من الدستور الذي ينص عىل أنه‪ " :‬تعمل السلطات العمومية عىل إحداث هيئات‬

‫‪4‬‬
‫االجتماعيي يف إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها‬
‫ر‬ ‫الفاعلي‬
‫ر‬ ‫للتشاور‪ ،‬قصد رإشاك مختلف‬
‫وتقييميا "‪.1‬‬

‫واعتمادا عىل هذا التحليل المستند إىل مقتضيات دستور ‪ ،6099‬ترتبط السياسات القطاعية‬
‫الحكوم المكلف بالماء مثال يعمل عىل إعداد‬
‫ي‬ ‫بالقطاعات الحكومية بحسب تخصص كل قطاع‪ ،‬فالقطاع‬
‫لحكوم المكلف‬
‫ي‬ ‫الحكوم المكلف بالتجهت يعد السياسة الطرقية‪ ،‬والقطاع ا‬
‫ي‬ ‫السياسة المائية‪ ،‬والقطاع‬
‫تبق سياسة قطاعية تعكس التوجه‬‫بالطاقة يعد السياسة الطاقية‪.....‬وكل سياسة من السياسات المذكورة ر‬

‫الحكوم يف الموضوع ‪.‬‬


‫ي‬

‫ولك تتحول هذه السياسة القطاعية إىل سياسة عمومية‪ ،‬فال بد أن تسمح بتدخل فاعلي اجتماعيي‬
‫ي‬
‫مختلفي(حكوميي وغت حكوميي)‪ ،‬فالسياسة العمومية للتعاقد مثال تعرف تدخل فاعلي حكوميي‬
‫متنوعي من قطاع المالية وقطاع الشغل‪ ،‬إضافة إىل النقابات والمنظمات المهنية للمشغلي ‪...‬ومن تم فإذا‬
‫الرسىم تجاه قضايا محددة‪ ،‬فإن السياسات العمومية يمكن أن‬
‫ي‬ ‫كانت السياسات القطاعية تعكس التوجه‬
‫المجتمىع تجاه نفس القضايا‪.2‬‬
‫ي‬ ‫حكوم‪ ،‬وتعكس التوجه‬
‫ي‬ ‫تستدع تدخل أكت من قطاع‬
‫ي‬

‫فبالحديث عن قطاع الصحة وقطاع التعليم و قطاع الرياضة وعالقته بالمجال‪ ،‬يمكن أن يبدوا بأن هذه‬
‫التاب‪ ،‬لكن إعداد المجال و خلق المدينة بمفهومها الحديث‬ ‫القطاعات بعيدة كل البعد عن المجال وإعداد ر‬

‫يجب أن تراع فيه كل هذه القطاعات‪ ،‬بل ويجب توفرها مع ما ينسجم و عدد الساكنة‪ ،‬وأن تتوفر بشكل‬
‫حت ال يتم خلق تفاوتات مجالية بي رشائح المجتمع وبي الجهات‪ ،‬وهذا ما‬
‫تراع فيه العدالة االجتماعية ر‬
‫ي‬
‫أغفلته اإلدارية المغربية لعدة سنوات‪ ،‬نتجت عنه عدة أزمات أصبح من الصعب تجاوزها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أسباب ي‬
‫تبن السياسات القطاعية‬
‫ان نظرة تنموية كما نصت عليها بنود معاهدة الحماية‬ ‫ر‬
‫إن االدارة الفرنسية لم تكن تنظر إىل المجال الت ي‬
‫كانت تهدف إىل امكانية استغالله واستنفاذ ختاته الطبيعية وتسخت موارده ر‬
‫البشية‪ ،‬فالهدف‬ ‫بقدر ما‬
‫الوطت بصفة عامة لم يكن يستهدف فقط التحكم يف التجمعات‬ ‫من فرض الحماية عىل ر‬
‫التاب‬ ‫ر‬
‫الحقيق‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫األهاىل‪ ،‬وقد نتج‬ ‫ر‬
‫البشية وتسختها بل كذلك استغالل المجال وما يتوفر عليه من موارد مختلفة عىل حساب‬
‫ي‬

‫‪ -1‬دستور ‪ ،6099‬صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 9.99.19‬بتاريخ ‪ 61‬يوليوز ‪ ،6099‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 0125‬يتاريخ ‪62‬‬
‫شعبان ‪ (9596‬الموافق ‪ 90‬يوليوز ‪ ،)6099‬ص ‪9200‬‬
‫‪ -2‬ياسمين الصالحي‪ ،‬مفهوم السياسة العامة والسياسات العمومية والسياسات القطاعية‪ ،‬منشور بالموقع اإللكتروني‬
‫‪ ،www.chambredesconseillers.ma‬تاريخ اإلطالع ‪ ،6091/00/09‬على الساعة ‪90.90‬‬
‫‪5‬‬
‫عن ذلك تعميق عوامل التهميش والفوارق االجتماعية والمجالية بي سكان المغرب النافع والمغرب غت‬
‫النافع‪.3‬‬

‫ان‬ ‫ر‬ ‫ر‬


‫فقد أدت استاتيجية سلطات الحماية هاته إىل إضفاء طابع الال توازن يف مجموع المجال الت ي‬
‫يعان منها إىل اليوم‪ ،‬وخلفت قرارات سلطات الحماية‬
‫ي‬ ‫المغرن حيث نتج عنها فوارق جوهرية ال زال المغرب‬
‫ي‬
‫تعان منها‬ ‫ر‬
‫الت ظلت‬
‫ي‬ ‫ارثا سلبيا لالدارة المغربية‪ ،‬تجىل يف تعميق فكرة المغرب النافع ولمغرب غت النافع ي‬
‫المخططات االقتصادية والتامج التنموية رغم مجهودات الدولة وجماعاتها يف التعامل معها‪.‬‬

‫ر‬
‫الت خلفت سوء‬
‫كما ورث المغرب أيضا ظاهرة االختالالت الجهوية بي الجهات وداخل الجهة الواحدة ي‬
‫توزي ع السكان واألنشطة االقتصادية‪ ،‬مما جعل االدارة المغربية بعد االستقالل أمام تحديات هذا االرث‬
‫ر‬
‫الت نهجتها سلطات الحماية‪.‬‬
‫السلت لسياسة التعمت وتدبت المجال ي‬
‫ي‬
‫كما عانت االدارة المغربية من سوء توزي ع األنشطة االقتصادية‪ ،‬حيث كان ر‬
‫التكت عىل المنطقة‬
‫الساحلية الرابطة بي الدار البيضاء والقنيطرة‪ ،‬يف حي ظلت معظم المناطق األخرى تعرف نوعا من التهميش‬
‫وغياب التجهتات األساسية والبنيات التحتية‪ ،‬مما ترتب عنه تركت الساكنة يف المناطق الصناعية بحثا عن‬
‫فرص الشغل وتكرست بذلك ظاهرة الهجرة القروية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أزمة السياسات القطاعية ف تدبي المجال و ر‬


‫اسياتيجية‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫الدولة للنهوض بها‬
‫عرف المغرب أزمة حادة عىل مستوى السكن وعىل مستوى تدبت المجال ( أوال ) مما جعل الدولة‬
‫تنتبه إىل ضورة وضع ر‬
‫استاتيجية معينة للنهوض بهذا الوضع قبل تفاقمه ( ثانيا ) ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬أزمة السياسات القطاعية يف ر‬


‫تدبي المجال‬
‫لقد تولد عن مرحلة الحماية عىل مستوى التعمت و إعداد ر‬
‫التاب مشاكل حضية مختلفة و متداخلة‬
‫فيما بينها‪ ،‬وهذه المشاكل تدخل يف خانة اإلرث االستعماري و الذي ال زالت العديد من دول العالم الثالث‬
‫تعان منه‪ ،‬ويعيق تحقيق كل برنامج تنموي‪ ،‬والمغرب من جملة هذه الدول حيث أنه بعد االستقالل‬ ‫ي‬
‫اصطدمت اإلدارة المغربية بمشاكل معقدة يف قطاع التعمت والسكن وإعداد المجال‪ .‬ورغم محاولة الدولة‬
‫الفتة عىل مستوى سياسة التعمت وإعداد ر‬
‫التاب‪ ،‬فإنها لم تنجح يف ذلك‬ ‫وإداراتها المحلية الحد من آثار تلك ر‬

‫‪ -3‬حيمود المختار‪ ،‬دور سياسة التعمير في تنمية وتنظيم المجال الحضري"مساهمة في دراسة المجال الحضري المغربي‪ :‬نموذج عمالة ابن‬
‫مسيك سيدي عثمان‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق العلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجتماعية‬
‫الدارالبيضاء عين الشق‪ ،‬سنة ‪ ، 6009/6000‬ص‪05‬‬
‫‪6‬‬
‫نتيجة رلتاكم المشاكل و استفحالها‪ ،‬حيث ورث المغرب عن عهد الحماية ظاهرة االختالالت الجهوية بي‬
‫الجهات‪ ،‬وكذا داخل الجهة الواحدة سواء عىل مستوى توزي ع السكان و األنشطة االقتصادية‪.4‬‬

‫و يمكن الحديث عن السياسات القطاعية و أزمتها يف تدبت المجال من خالل نموذج نظام المجموعة‬
‫الحضية‪ ،‬حيث أنه ف ر‬
‫الفتة الممتدة بي تاري خ االستقالل و سنة ‪ 9152‬كان المغرب يعرف تغيتات كبتة‬ ‫ي‬
‫االجتماع‪ ،‬وتبعا لذلك أصبح النظام البلدي التقليدي غت قادر عىل مواكبة التغيتات‬
‫ي‬ ‫عىل المستوي البنيوي و‬
‫و أصبح واضحا قصور المحلس البلدي الواحد عن تقديم الخدمات لكل أحياء المدينة‪ ،‬ر‬
‫والت بدت تنموا‬
‫ي‬
‫بوتتة متسارعة منذ بداية السبعينات‪ ،‬باإلضافة إىل عدم قدرة هذا األخت عىل استيعاب التناقضات العمرانية‬
‫ر‬
‫الت أصبحت تشهدها المدينة بفعل ارتفاع عدد سكانها نتيجة الهرجة القروية مما‬
‫و االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬ي‬
‫أدى إىل اختالالت واسعة دفعت بالمسؤولي بالتفكت يف نضام جديد يساير كل ما سلف ذكره ‪.‬‬

‫الجماع سنة ‪ 91525‬الذي قسم المدينة إىل عدة جماعات حضية و‬


‫ي‬ ‫وهو ما سيتحقق بصدور الميثاق‬
‫أحدث عىل رأسها مؤسسة المجموعة الحضية‪.‬‬

‫لكن ر‬
‫حت التقطيع اإلداري لم يكن كافيا للنهوض بهذه األزمة مما جع ل الحكومة تتدخل بعدة أليات‬
‫أخرى ستاها يف الفقرة الموالية‪.‬‬

‫تدبي المجال‬ ‫ثانيا‪ :‬ر‬


‫التعمي و ر‬
‫ر‬ ‫اسياتيجية الدولة للنهوض بقطاع‬
‫لقد عملت الدولة بهدف النهوض بقطاع التعمت و إعداد ر‬
‫التاب عامة و السكت خاصة إىل‬
‫بشية ومالية ومؤسساتية هامة يف إطار مخططات التنمية االقتصادية‪ ،‬وذلك‬ ‫رصد إمكانيات ر‬

‫العشوان‪ ،‬وذلك من خالل مؤسسات خاصة بحل أزمة السكن‬‫ئ‬ ‫ان‬


‫ي‬ ‫بهدف محاربة التوسع العمر ي‬
‫ان‪.‬‬ ‫ر‬
‫وأخرى خاصة بضبط المجال الت ي‬

‫‪ _1‬المؤسسات ذات الصلة بحل أزمة السكن‪:‬‬

‫غي الالئق‪ :‬لقد تم إحداث هذه الوكالة بتاري خ ‪ 90‬يناير‬


‫‪ -‬الوكالة الوطنية لمحاربة السكن ر‬
‫ه تعتت مقاولة وطنية‬
‫الخماس(‪ )9120/9129‬و ي‬
‫ي‬ ‫‪ 9125‬وذلك عمال بتوصيات المخطط‬

‫‪ -4‬حيمود المختار‪ ، ،‬م س‪ ،‬ص ‪20‬‬


‫‪ -5‬ظهير شريف رقم ‪ ،9.06.651‬صادر بتاريخ ‪ 60‬رجب ‪ 9569‬الموافق ‪ 9‬أكتوبر ‪ 6006‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 52.00‬المتعلق بالميثاق‬
‫الجماعي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 0002‬بتاريخ ‪ 69‬نونبر ‪ 6006‬مغير بالقانون ‪ 09.09‬الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ 9.09.26‬في ‪65‬‬
‫مارس ‪ ،6009‬جريدة الرسمية ‪ 0019‬بتاريخ ‪ 65‬مارس ‪ ،6009‬ومغير ومتمم بالقانون رقم ‪ 95.02‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 9.02.909‬بتاريخ ‪ 92‬فبراير ‪ ،6001‬جريدة الرسمية عدد ‪ 0599‬بتاريخ ‪ 69‬فبراير ‪.6001‬‬
‫‪7‬‬
‫الماىل و بالشخصية المعنوية‪ ،‬ومن أبرز مهامها إعادة هيكلة و تجهت‬
‫ي‬ ‫تتمتع باالستقالل اإلداري و‬
‫أحياء الشكن غت الالئق و إنجاز الدراسات ذات الصلة و إنجاز أشغال التجهت و البناء و األشغال‬
‫قاطت دور الصفيح‬
‫ي‬ ‫البنايات المتعلقة بإيواء‬

‫للتجهي و البناء ( ‪ :) SNEC‬وقد أنشأت هذه ر‬


‫الشكة بمقتض اتفاقية متمة بي‬ ‫ر‬ ‫‪ -‬ر‬
‫الشكة الوطنية‬
‫بتاري خ ‪ 65‬نوفمت ‪ 9125‬بي وزارة اإلسكان وبي وزارة المالية‪ ،‬وذلك بهدف تمكي السلطات العمومية من‬
‫أداة للتسيت المرن و الفعال لعمليات التجهت و البناء‪ ،‬و تعتت هذه األختة رشكة وطنية ذات طابع تجاري و‬
‫صناع تتمتع باالستقالل اإلداري و الماىل وتعمل تحت وصاية وزارة اإلسكان‪ ،‬و قد أنيطت بهذه ر‬
‫الشكة مهمة‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫الت كانت تقوم بها وزارة اإلسكان‪ ،‬و إعداد مشاري ع جديدة يف إطار برنامج‬
‫إنهاء و تصفية جميع العمليات ي‬
‫السكن االقتصادي و البناء الرفيع و العمل عىل جعل المشاري ع تتناسب ووثائق التعمت باإلضافة إىل تهيئة‬
‫الشكة الوطنية للتجهت و البناء بعد انتقال صالحياتها ر‬
‫لشكات‬ ‫مناطق ساحلية و سياحية‪ ،‬وقد انحلت ر‬

‫المساهمة الجهوية المسمات " العمران "‪.6‬‬

‫‪ -‬رشكات المساهمة الجهوية المسمات العمران ‪ :‬مع تزايد أزمة السكن و تهور المجال بادرت‬
‫السلطات العامة بهدف التلطيف من أزمة المجال و التحكم يف السوق العقارية إىل خلق رشكات المساهمة‬
‫الشكات الجهوية للتجهت والبناء " ‪ " ERACS‬و ذلك بمقتض‬ ‫والت حلت محل ر‬ ‫ر‬
‫الجهوية المسمات العمران ي‬
‫ظهت ‪ 95‬أبريل ‪ 6005‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 65.09‬ومن بي أهم االختصاصات الموكلة لهذه األختة ‪:‬‬

‫‪-‬القيام بعمليات اإلعداد الحضي و إحداث مناطق حضية جديدة‪.‬‬

‫‪-‬مشاري ع القضاء عىل دور الصفيح‪.‬‬

‫ونشت هنا‪ ،‬أنه تم إحداث فروع لهذه ر‬


‫الشكة وذلك بموجب مرسومي‬

‫الشكة ( رشكة التهيئة‬


‫‪ -‬المرسوم األول‪ :‬صدر بتاري خ ‪ 90‬يونيو ‪ 6000‬و يقض بإحداث فرعي لهذه ر‬
‫ي‬
‫المتوسط طنجة‪ ،‬و ( رشكة التهيئة‬
‫ي‬ ‫العمران البوغاز ) تستهدف تلبية متطلبات التعمت يف منطقة الميناء‬
‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫العمران الجنوب ) و تسىع إىل إنجاز برامج سكنية بتعاون مع وكالة اإلنعاش و التطوير االقتصادي و‬
‫لألقاليم الجنوبية من المملكة ‪.‬‬

‫‪ - 6‬عبد الحق الصافي‪ ،‬بيع العقار في طور االنجاز‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة األولى ‪ ،6099‬ص ‪99‬‬
‫‪8‬‬
‫ان‪ :‬صدر بتاري خ ‪ 92‬يونيو ‪ 6002‬و ينص عىل خلق رشكة التهيئة العمران تامسنة و ذلك‬
‫_ المرسوم الث ي‬
‫بهدف إنجاز ( بناء المدينة الجديدة‪ .‬تسويق المحالت غت المكتملة التجهت ‪ .‬مراقبة و تنسيق أشغال البنية‬
‫التحتية و التهيئة)‪.‬‬

‫_ ر‬
‫الشكة العامة العقارية‪ :‬و قد أنشأها صندوق اإليداع و التدبت سنة ‪ 9120‬فش شكل رشكة مساهمة‬
‫وتعمل بدورها عىل إنجاز مشاري ع سكنية مخصصة للتملك و تتدخل هذه ر‬
‫الشكة إما لحسابها الخاص او‬
‫لحساب بعض المؤسسات العمومية أو شبه العمومية أو لحساب وزارة السكت و التجهت و إعداد ر‬
‫التاب‬
‫الوطت ‪.‬‬
‫ي‬

‫‪ -‬مكتب للمساكن العسكرية‪ :‬أنشأ هذا المكتب بظهت‪ 2 7‬أبريل ‪ 9156‬و هو مؤسسة عمومية تتمتع‬
‫الوطت‪ ،‬و تقوم بإنجاز برامج سكنية و‬
‫ي‬ ‫الماىل تحت وصاية وزارة الدفاع‬
‫ي‬ ‫بالشخصية االعتبارية و االستقالل‬
‫تجزئات لفائدة أفراد القوات المسلحة الملكية‪.‬‬

‫ان‪:‬‬ ‫ر‬
‫‪ _2‬المؤسسات ذات الصلة بضبط المجال الي ي‬

‫للتعمي والهندسة المعمارية‪ :‬هذه المديرية تابعة لوزارة الداخلية تم انشاؤها سنة‬
‫ر‬ ‫_ المديرية العامة‬
‫الوطت‪.‬‬ ‫‪ 9120‬بهدف تحديد سياسة التعمت واعداد ر‬
‫التاب‬
‫ي‬

‫_ الوكالة الحضية‪ :8‬مؤسسة عمومية ذات مهام واختصاصات مرتبطة بمعالجة قضايا التعمت‬
‫ومشاكله داخل تراب الجماعات الحضية والقروية وتخضع بدورها لوصاية وزير الداخلية‪ ،‬وقد أحدثت أول‬
‫وكالة بمدينة الدار البيضاء‪.‬‬

‫للتعمي والهندسة المعمارية‪ :‬تم احداثها سنة ‪ 9119‬ويبلغ عددها ‪5‬‬


‫ر‬ ‫_ المفتشيات الجهوية‬
‫وه بدورها تابعة لوزارة الداخلية‪.‬‬
‫مفتشيات تبعا للتقسيم الجهوي السابق لتقسيم المملكة ي‬

‫التعمي والهندسة المعمارية بالعماالت واألقاليم‪ :‬تقوم هذه األقسام بضمان تدبت ومراقبة‬
‫ر‬ ‫_ أقسام‬
‫تشف عليه‪.‬‬ ‫منح الرخص ف ميدان التعمت داخل النطاق ر‬
‫التان للعمالة أو االقليم الذي ر‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪ -7‬ظهير شريف رقم ‪ 9.56.016‬بتاريخ ‪ 69‬صفر ‪ (9916‬الموافق ‪ 2‬أبريل ‪ )9156‬القاضي باحداث مكتب للمساكن العسكرية‪ ،‬منشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 9906‬بتاريخ ‪ 96‬أبريل ‪ ،9156‬ص ‪226‬‬
‫‪ -8‬أحدثت بظهير شريف رقم ‪ ،9.19.09‬بتاريخ ‪ 66‬ربيع األول ‪ 90 (9595‬شتنبر ‪ ،)9119‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،5660‬ص ‪9265‬‬
‫‪9‬‬
‫وتبن سياسة‬
‫ي‬ ‫الثان‪ :‬مظاهر فشل السياسات القطاعية‬
‫ي‬ ‫المطلب‬
‫جديدة( سياسة المدينة)‬
‫ر‬
‫االستاتيجيات المعتمدة من قبل الدولة يف التدبت الحضي عمودية وقطاعية يغيب‬ ‫لقد كانت مختلف‬
‫فيها عنض التقاطع و االلتقائية بي مختلف التامج الحكومية ذات العالقة الوطيدة بتخطيط و تدبت الشأن‬
‫يىل‪:‬‬
‫الحضي‪ ،‬ويغلب عليها طابع المركزية وهو ما أبان عىل مجموعة من االختالالت‪ ،‬سنحضها فيما ي‬
‫ر‬
‫المؤسسان؛‬
‫ي‬ ‫القانون؛‬
‫ي‬ ‫التدبيي؛‬
‫ر‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬اختالالت عىل المستوى‬
‫الماىل والعقاري‬
‫ي‬
‫إن تعت مختلف السياسات المعتمدة سابقا يعود أساسا إىل إكراهات قانونية ومؤسساتية ومالية‬
‫وعقارية‪ ،‬إضافة إىل تعدد المتدخلي وتعدد أشكال اللوبيات‪ ،‬وتداخل الرهانات اآلنية والمستقبلية‪ ،‬وكل ذلك‬
‫انعكس سلبا عىل تطور الحواض وقدرتها التنافسية وجلب االستثمارات وخلق فرص الشغل والرفع من إيقاع‬
‫التنمية الحضية المستدامة‪ .‬هذه االختالالت ساهمت إىل حد كبت يف تفكيك مرفولوجية المدن وتجزئتها‬
‫وبلقنة وحدتها الحضية والسوسيومجالية والرفع من وتتة التذمر واإلحساس بعدم االندماج واإلقصاء عىل‬
‫ر‬
‫الت واجهت سياسات الدولة القطاعية لحل أزمة المدن تلك المتعلقة‪:‬‬
‫كل المستويات‪ ،‬ومن أهم اإلكراهات ي‬
‫بالمستوى القانون‪ ،‬حيث كانت ر‬
‫التشيعات المعمول بها متجاوزة نسبيا بسبب عدم تمكنها من احتواء‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫الت تعرفها جل الحواض‪ ،‬وكان من الضوري العمل‬
‫مظاهر العشوائية ومواكبة التحوالت الشيعة والمتالحقة ي‬
‫عىل تحيينها‪.‬‬

‫ر‬
‫المؤسسان‪ ،‬فرغم مسارعة الوزارة الوصية منذ أكت من عقد من الزمن إىل إدخال‬
‫ي‬ ‫و عىل المستوى‬
‫الت تقع تحت وصايتها‪ ،‬وخلق المزيد من الوكاالت الحضية‬ ‫ر‬
‫مجموعة من اإلصالحات عىل المؤسسات ي‬
‫والملحقات التابعة لها بأهم المدن لتوفت المناخ المالئم للتدبت الحضي إال أن ذلك لم يكن قادرا عىل تجاوز‬
‫اإلكراهات البتوقراطية واتخاذ القرارات التوافقية الصائبة يف ظل السياسة القطاعية‪.‬‬

‫التمويىل‪ ،‬فجل التامج المعتمدة لم تستطع المحافظة عىل ديمومتها وذلك‬


‫ي‬ ‫الماىل و‬
‫ي‬ ‫أما عىل المستوى‬
‫تجىل يف العجز المسجل يف ميدان التغطية الشاملة بوثائق التعمت واالنتشار المهول لألحياء الصفيحية‬
‫القانون‪ ،‬وكذلك ضعف البنيات التحتية والخدمات التجهتية‪ ،‬كما أن غياب عنض التوافق‬
‫ي‬ ‫والسكن غت‬
‫الحكوم أدى إىل ضعف مساهمات الوزارات القطاعية األخرى مما أدى إىل عدم‬
‫ي‬ ‫والتضامت يف العمل‬
‫ي‬ ‫السياس‬
‫ي‬
‫التمويىل إلنجاح مختلف األوراش المعتمدة‪.‬‬
‫ي‬ ‫احتواء الوزارة الوصية عىل قطاع التعمت تبعات هذا العجز‬
‫‪10‬‬
‫كما أن اإلشكال العقاري له دور كبت يف ضعف مردودية تتيل هذه السياسات عىل أرض الواقع‪،‬‬
‫لعموم بجل الحواض وغياب سياسة عقارية استباقية وتوقعية‬
‫ي‬ ‫ويتجىل ذلك يف نفاذ الرصيد العقاري ا‬
‫للحاجيات اآلنية والمستقبلية علما أن الطلب يف تزايد مرتفع عىل العقار مما سيؤدي غىل توسيع المدارات‬
‫اض الفالحية وارتفاع تكلفة تجهتها‪.9‬‬
‫الحضية وكذا استتاف أجود األر ي‬
‫ر‬
‫اآلن‪:‬‬
‫واضافة اىل ما سبق ظهرت أسباب أخرى عرقلت تدخل الدولة يف تدبت المجال‪ ،‬يمكن إجمالها يف ي‬

‫تسيي المدينة‪:‬‬
‫ر‬ ‫_ تعدد المتدخلون يف‬

‫إن المجال الحضي يعتت المكان األنسب لعمل مختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية‬
‫والجماعات ر‬
‫التابية بمختلف مستوياتها‪ ،‬لكن وجود عدد كبت من المتدخلي داخل نفس المدينة‪ ،‬بل داخل‬
‫قطاعات محددة بعينها‪ ،‬من شأنه أن يؤدي إىل تنازع االختصاص بي مختلف هذه السلطات‪ ،‬خاصة يف ظل‬
‫غياب إسناد واضح لالختصاصات لمختلف المتدخلي‪ ،‬مما يؤدي يف كثت من األحيان إىل عدم معرفة الجهة‬
‫المسؤولة عن النشاط من طرف المسؤولي أنفسهم فما بالك بالمواطن العادي‪.‬‬

‫الت تعتت المكلف‬‫ر‬


‫األساس داخل المدينة هو المجالس الجماعية المنتخبة ي‬
‫ي‬ ‫فبالرغم من أن الفاعل‬
‫ر‬
‫باف التقطيعات االدارية يف تدبت المدينة‪،‬‬
‫يعت عدم تدخل ي‬
‫المحىل‪ ،‬إال أن ذلك ال ي‬
‫ي‬ ‫الرئيس بتدبت الشأن‬
‫ي‬
‫التابية اختصاصات متشابهة‪ ،‬وعدم تحديد المجال‬‫كالعمالة أو االقليم أو الجهة‪ ،‬خاصة وأن لهذه الجماعات ر‬

‫اف الذي تتدخل فيه كل واحدة‪.‬‬


‫الجغر ي‬
‫إضافة إىل الجماعات ر‬
‫التابية هناك مختلف المصالح الخارجية للوزارات والمؤسسات العمومية‪ ،‬ناهيك‬
‫المدن‪.‬‬ ‫ر‬
‫الت تطبق يف كثت من جوانبها داخل المدن دون أن ننس فعاليات المجتمع‬
‫ي‬ ‫عن المبادرات الملكية ي‬

‫طبيىع قياسا بتشعب المجال الحضي وتعدد‬


‫ي‬ ‫السلت يف حد ذاته‪ ،‬فهو أمر‬
‫ي‬ ‫وهذا التعدد ليس بالعمل‬
‫ه االشكال‪ ،‬من عشوائية وغياب التنسيق والرؤية‬
‫مجاالته وقطاعاته‪ ،‬ولكن آثار السلبية لتعدد المتدخلي ي‬
‫الموحدة لتدبت المدن‪ 10‬وتنازع االختصاص وعدم معرفة الجهة المسؤولة عن النشاط وما له من آثار تتعلق‬
‫بالتنمية االقتصادية خاصة يف مجال جلب االستثمارات سواء الداخلية أو الخارجية‪.‬‬

‫‪ - 9‬ألفة حاج علي و دمحم حزوي‪ ،‬سياسة المدينة بالمغرب من تدبير األزمة الحضرية إلى إرساء مقومات التنمية الترابية‪ ،‬مقال مشترك‬
‫منشور بمجلة المصباحية‪ ،‬إصدار جامعة سيدي دمحم بن عبد هللا كلية اآلداب والعلوم االنسانية سايس_فاس‪ ،‬العدد ‪ ،90‬سنة ‪ ،6099‬صفحة‪2‬‬
‫‪ -10‬راضية اليعقوبي‪ ،‬المدينة المغربية من السياسة القطاعية إلى سياسة المدينة‪ ،‬بحث نيل دبلوم الماستر في القانون العام تخصص القانون‬
‫والعلوم االدارية للتنمية‪،‬جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة ‪ ،6096/6099‬ص ‪21‬‬
‫‪11‬‬
‫ر‬
‫الت من شأنها مساعدة المستثمر وتشجيع‬
‫ورغم القول بأن المغرب أحدث المراكز الجهوية لالستثمار ي‬
‫العمىل يبي أن هذه المراكز ال تستطيع تغيت النصوص القانونية الموجودة بالقطاعات‬
‫ي‬ ‫االستثمار‪ ،‬لكن الواقع‬
‫المختلفة‪ ،‬فالمستثمر قد تعط له رخصة من قبل سلطة معينة‪ ،‬وعند إقامة ر‬
‫مشوعه يفاجأ بأن سلطة أخرى‬
‫تطالبه برخصة أخرى أو القيام بأجراء معي وذلك بالرغم من وجود المركز الجهوي لالستثمار‪ ،‬الذي ال‬
‫تنظيىم جاري به‬ ‫قانون أو‬ ‫ر‬
‫الت تطالب بتلك الرخصة تستند إىل نص‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫يستطيع تجاوز هذا االشكال ألن االدارة ي‬
‫العمل‪.11‬‬

‫_محدودية دور اإلدارة الجماعية‪:‬‬

‫فالجماعة لم تكن تتوفر عىل آليات تقنية تسمح لها بدفع مخططاتها التنموية‪ ،‬بل كانت تلجأ لمساعدة‬
‫ر‬
‫الت تقوم بذلك‪ ،‬مما يعتت أداة للتدخل المركزي يف الشؤون الجماعية ووسيلة للحد‬
‫المصالح الخارجية للدولة ي‬
‫من المبادرة الحرة للجماعة‪.‬‬

‫و باإلضافة إىل ذلك ال يجب أن ننس العامل ر‬


‫البشي الذي يعتت من العوامل الحاسمة يف إنجاح التامج‬
‫ر‬
‫الت تتوىل‬ ‫ر‬
‫والثقاف للموارد البشية ي‬
‫ي‬ ‫المعرف‬
‫ي‬ ‫التنموية‪ ،‬وفعالية هذا التأثت نابعة من االرادة السياسية والمستوى‬
‫تدبت الشؤون العامة‪.12‬‬

‫الثقاف للمنتخبي نجد كذلك ضعف التكوين والتأطت االداريي من حيث‬


‫ي‬ ‫فإىل جانب مشكل المستوى‬
‫الكفاءة والمعرفة والقدرة عىل مواجهة المشاكل وطرح الحلول‪ ،‬حيث أن الجماعات ر‬
‫التابية تفتقر إىل آليات‬
‫تأطت المستشارين‪ ،‬فبالرغم من المهام الجديدة يف مجال التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فالمنتخبون ال‬
‫تشف عليه السلطات العمومية إال بنسبة قليلة جدا‪ ،‬مما يجعل‬ ‫يستفيدون من التأطت و التكوين الذي ر‬

‫الجماعة عاجزة عن دراسة وبرمجة مشاريعها وهو األمر الذي يضطرها إىل التنقل إىل العاصمة قصد تقديم‬
‫مشاريعها وملفاتها للدراسة هناك أو استقدام األطر إىل عي المكان‪ ،‬مما قد يكلف متانيات الجماعات ر‬
‫التابية‬
‫أمواال باهظة ويجعلها دائما يف تبعية لمنظور غريب عن معايشة المشاكل الحقيقية للسكان ودراسة األبعاد‬
‫المختلفة للمشاري ع المقدمة‪.‬‬

‫‪ - 11‬أحمد بوعشيق‪ ،‬الحكامة المحلية على ضوء الميثاق الجماعي الجديد‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية‪ ،‬السلسلة العادية‪ ،‬عدد ‪20‬‬
‫نونبر دجنبر ‪ ،6000‬ص‪92‬‬
‫‪ -12‬حيمود المختار‪ ،‬أضواء على جوانب من إشكالية تدبير المدن الكبرى بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة المحلية و التنمية‪ ،‬عدد ‪59‬‬
‫مارس‪-‬أبريل ‪ ،6006‬ص‪02‬‬
‫‪12‬‬
‫كما أنه يف ظل غياب النظرة الشمولية لدى المنتخبي والتمسك بالمقاربة المحدودة‪ ،‬تمت التضحية‬
‫ر‬
‫الت لم تعد بالنفع عىل المدينة فيما‬
‫بالتجهتات والمشاري ع الكتى لفائدة التجهتات والمشاري ع الصغرى ي‬
‫يخص مجال تنميتها‪.‬‬

‫وعموما‪ ،‬لقد كان لهذه الوضعية انعكاس كبت عىل المردودية الجماعية عىل مستوى تحقيق التنمية‬
‫االجتماعية يف ظل غياب أدن رشوط التحفت عىل العمل واالبتكار‪ ،‬بل إن األطر الكفأة وذات المستويات العليا‬
‫تفضل العمل بالقطاع العام التابع للدولة أو القطاع الخاص نظرا للتحفت الذي يلقونه‪ ،‬مما يحرم الجماعة‬
‫الحضية والقروية من كفاءات مهمة كان باإلمكان استغاللها لصالحها خصوصا أمام تحديات تدبت الشأن‬
‫االجتماع‪.13‬‬
‫ي‬

‫التعمي و التخطيط الحضي‪:‬‬


‫ر‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬اختالالت متعلقة بمجال‬
‫رغم نهج الدولة وجماعاتها تهدف إىل تنمية المجال من جهة والتحكم فيه من جهة أخرى يف إطار‬
‫وف إطار محاولتها العادة التوازن بي الوسط الحضي والقروي اصطدمت‬‫مراقبتها للمجتمع وتأطته‪ ،‬ي‬
‫العمىل وهو ما سنتطرق له آتيا‪.‬‬
‫ي‬ ‫بمجموعة من العوائق أبانها الواقع‬

‫أوال‪ :‬ضعف الرؤية الشمولية للمجال الحضي‬


‫المحىل أزمة عانت منها جل المدن المغربية بمختلف‬
‫ي‬ ‫ولقد ولدت تجارب المغرب يف تدبت الشأن‬
‫االرتجاىل‪ ،‬لم تسمح للجهات المسؤولة عىل التخطيط و التدبت‬ ‫أحجامها‪ ،‬ر‬
‫فتاكمات أكت من قرن من التعمت‬
‫ي‬
‫الت بذلتها الحتواء بعض القضايا الكتى المتعلقة‬‫ر‬
‫الحضيي من معالجتها و ذلك رغم كل المجهودات ي‬
‫بالخصوص بتعميم وثائق التعمت والتخفيف من أزمة السكن والتصدي إلشكالية دور الصفيح والسكن غت‬
‫الالئق بكل مكوناته‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى فوثائق التعمت لم تكن قادرة عىل مواكبة تزايد عدد السكان الحضيي‪ ،‬كما أن الرخص‬
‫االستثنائية لم تحقق النتائج المرجوة من إحداثها‪ ،‬بل ساهمت عىل العكس من ذلك يف إثراء بعض المضاربي‬
‫ر‬
‫الت انزلقت مكرهة نحو الهوامش للبحث عن‬
‫العقاريي وإغنائهم عىل حساب الطبقات المتوسطة والضعيفة ي‬
‫ر‬
‫السء الذي ترتب عنه تفكك‬
‫سكن قد يكون يف متناولها رغم غياب أو ضعف التجهتات األساسية والحيوية‪ ،‬ي‬
‫كبت للمجال الحضي وتفاقم ر‬
‫مؤشات الهشاشة والفقر‪.‬‬

‫‪ -13‬راضية اليعقوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪56‬‬


‫‪13‬‬
‫الت ر‬
‫تختل السياسة المتبعة يف ميدان التخبط الحضي‪ ،‬مهما بلغت طموحاتها عىل‬ ‫ر‬
‫إن وثائق التعمت ي‬
‫مستوى تنمية وتنظيم المجاالت الحضية‪ ،‬تظل محدودة النتائج وضعيفة المردودية بالنظر إىل عدم‬
‫لوطت‪ ،‬باإلضافة إىل تشتت المجال الحضي بسبب‬ ‫استنادها عىل اختيارات وتوجهات سياسة إعداد ر‬
‫التاب ا‬
‫ي‬
‫كتة التقسيمات االدارية وعدم مالئمتها‪.14‬‬

‫والت لم يتم تجاوزها فأنها‬ ‫الت شابت أيضا سياسة إعداد ر‬


‫التاب الوطت‪ ،‬ر‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫و أمام األخطاء والثغرات ي‬
‫ساهمت وبشكل كبت يف خلق العديد من االكراهات والعراقيل أمام األجهزة االدارية المركزية والمحلية عند‬
‫الوطت‬ ‫القيام بمحاوالت تدبت الحواض والمدن الكتى ف ظل وجود اختالالت جهوية مست كافة ر‬
‫التاب‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫حيث أضحت معها المنطقة الوسط والمنطقة الشمالية الغربية أكت كثافة من حيث األنشطة االقتصادية‬
‫السكان‪.15‬‬
‫ي‬ ‫والتوزي ع‬

‫ثانيا‪ :‬شبكة حضية ر‬


‫غي متوازنة‬
‫إن المتوقف عىل آخر اإلحصائيات المتعلقة بالسكان و السكت يتبي له تزايد يف المجال الحضي‪،‬‬
‫اف والهجرة القروية وكذلك‬
‫ولعل هذه الدينامية الحضية المتصاعدة الناتجة بالدرجة األوىل عن النمو الديمغر ي‬
‫توسيع المدارات الحضية وترقية بعض المراكز القروية‪ ،‬أفرزت شبكة حضية تتوزع بطريقة غت متوازنة بي‬
‫الفئات الثالث الصغتة والمتوسطة والكبتة‪.‬‬

‫كما أن هذه الدينامية أدت بدورها إىل توسع المجاالت العمرانية وصعوبة ضبطها وإخضاعها لقواعد‬
‫القانون‪ ،‬وضاعفت من الطلب عىل السكن والتجزئات العقارية والبنيات التحتية والتجهتات‬‫ي‬ ‫التعمت‬
‫الت كانت متبعة نتيجة لضعف‬ ‫ر‬
‫الخدماتية وهذا ما لم تستطع تحقيقه سياسة التخطيط والتدبت الحضيي ي‬
‫الموارد وتعدد المطالب والحاجيات وسوء الحكامة المحلية‪.‬‬

‫الصفيح‬
‫ي‬ ‫ولقد أفرزت هذه الوضعية المعقدة مجموعة من االختالالت الحضية‪ ،‬كانتشار السكن‬
‫المبان اآليلة للسقوط‪ ،‬وإذكاء نار المضاربات‬
‫ي‬ ‫والسكن غت الالئق وتدهور المدن العتيقة وتضخم ظاهرة‬
‫العقارية‪ ،‬صاحبتها كذلك عدة اضطرابات و أزمات اجتماعية لم تفلح مختلف التامج القطاعية والتدابت‬
‫ر‬
‫الت تم إطالقها‪ ،‬مما‬
‫اإلدارية يف الحد من تفاعالتها واستفحال سلبياتها‪ ،‬وذلك رغم كثافة المشاري ع السكنية ي‬

‫‪ -14‬حيمود المختار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪69‬‬


‫‪ -15‬عبد االاله بلزراق‪ ،‬سياسة التعمير بين متطلبات التنمية وإكرا هات الواقع‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬شعبة القانون العام‪،‬‬
‫وحدة االدارة والتنمية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة‪ ،‬سنة‪ ،6005/6002‬ص ‪ ،900‬أشار‬
‫إليه راضية اليعقوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪52‬‬
‫‪14‬‬
‫يعكس جسامة أزمة تدبت المدن بصفة عامة وصعوبة احتوائها بتدخالت استعجالية وموضعية أو مشاري ع‬
‫وبرامج قطاعية‪.‬‬

‫التجهيات والمرافق األساسية‬


‫ر‬ ‫ثالثا‪ :‬اشكالية برمجة وانجاز‬
‫ال تخق عىل أحد أهمية التجهتات األساسية والمرافق العمومية يف هيكلة المجال الحضي وتأهيله‪،‬‬
‫فتوفرها يعكس جانبا ايجابيا من جوانب إطار حياة مالئمة داخل المدينة‪ ،‬يف حي أن ضعفها أو غيابها يعكس‬
‫تدن يف ستورة تأهيل العمران واالستجابة لحاجيات الساكنة الحضية‪.‬‬
‫ي‬
‫ر‬
‫الت يتم بمقتضاها تحديد الحاجيات الالزمة من‬
‫ومن دون شك‪ ،‬تشكل تصاميم التهيئة األرضية ي‬
‫التجهتات والمرافق العمومية بناء عىل تقييم المعطيات السوسيو اقتصادية وحاجيات الساكنة‪ ،‬واالسقاطات‬
‫الت تعت عنها االدارات العمومية أثناء ر‬
‫فتة دراسة واعداد التصاميم‪ .‬إال‬ ‫ر‬
‫الديمغرافية‪ ،‬وكذا مختلف التطلعات ي‬
‫يضق يف كثت من األحيان إىل تنفيذها ميدانيا‪،‬‬
‫ي‬ ‫أن تخصيص تنطيقات تصميم التهيئة المصادق عليها ال‬
‫السء الذي ينتج عنه عدم التطابق‬ ‫ر‬
‫خاصة حي ال تتوفر االعتمادات المالية‪ ،‬ويصعب تعبئة األوعية العقارية‪ ،‬ي‬
‫بي آفاق التخطيط واكراهات االنجاز يف ظل نقص التنسيق‪ ،‬مما يعيق تأهيل واعادة تأهيل العمران الحضي‬
‫وبالتاىل ضمان ظروف تحقيق تنمية‬
‫ي‬ ‫وسد العجز الحاصل عىل مستوى التجهتات والمرافق األساسية‪،‬‬
‫السكان االقتصادية والسوسيوثقافية‪.16‬‬

‫وتشكل قضية السكن اآليل للسقوط وجه آخر من أوجه القصور يف تأهيل العديد من المجاالت‬
‫بق البعض بدون‬‫ر‬
‫الحضية‪ ،‬حيث لم تكتمل الكثت من مشاري ع اعادة ايواء السكان القاطني بها‪ ،‬وبذلك ي‬
‫المبان المفرغة معلقة ومجهولة المصت عوض استغاللها واستعمالها بشكل مندمج‬
‫ي‬ ‫مأوى‪ ،‬كما بقيت بعض‬
‫مع محيطها‪ ،‬واألمثلة عديدة يف هذا الصدد من أحياء المدن العتيقة لكل من الدار البيضاء والصويرة وأزمور‪.‬‬
‫الت رتتاكم انعكاساتها السلبية‬
‫ر‬
‫والواقع أن عدم اكتمال مشاري ع اعادة االيواء يفتح الباب للعديد من الممارسات ي‬
‫الت تم احصاؤها يف البداية‪ .‬ومن أهم هذه الممارسات‬ ‫ر‬
‫ساكت الدور المهددة باالنهيار ي‬
‫ي‬ ‫بتباطؤ تنفيذ ايواء‬
‫ع‪ ،‬وتزايد ظاهرة الكراء‪ ،‬وارتفاع عدد األش وتناسل‬ ‫ر‬
‫بالمبان المفرغة والمتدهورة بشكل غت ش ي‬
‫ي‬ ‫العودة للسكن‬
‫أخرى بهدف االستفادة من مشاري ع اعادة االيواء‪ ،‬مما يعيق مجهود مؤسسات الدولة يف توفت سكن الئق‪ ،‬ما‬
‫مجان‪.17‬‬
‫ي‬ ‫دامت هذه المساكن تمنح لصاحبها امتياز الحصول عىل سكن يكاد يكون‬

‫‪ -16‬عبد المجيد هالل و عبد الرحمان الدكاري‪ ،‬اعادة التأهيل الحضري بالمغرب‪ :‬اجراءات التنزيل ومظاهر االختالل‪ ،‬مقال منشور بمجلة‬
‫التعمير والبناء" مجلة أكاديمية دولية تعنى بنشر البحوث والدراسات في المجال العمراني‪ ،‬العدد األول مارس ‪ ،6095‬ص ‪950‬‬
‫‪ -17‬عبد المجيد هالل و عبد الرحمان الدكاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪952‬‬
‫‪15‬‬
‫لتدبي‬
‫ر‬ ‫الثان‪ :‬سياسة المدينة كمقاربة جديدة‬
‫ي‬ ‫المبحث‬
‫المجال‪.‬‬
‫سنتطرق من خالل هذا المبحث إىل الحديث عن مفهوم سياسة المدينة و أهم مبادئها عت (المطلب‬
‫الثان )‪.‬‬
‫األول)‪ ،‬ثم االنتقال لتحديد أهم أهداف هذه الرؤية الجديدة و معيقات تتيلها ( المطلب ي‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم سياسة المدينة ومبادئها‬


‫سنحاول خالل هدا المطلب الحديث عن مفهوم سياسة المدينة باعتبارها من أهم المفاهيم الجديدة‬
‫ر‬
‫الت تقوم عليها هذه السياسة والمستمدة من‬
‫اىل أهم المبادئ ي‬
‫يف المجال التعمت بالمغرب كما سنتطرق ي‬
‫المغرن ‪.‬‬
‫ي‬ ‫الدستور‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬تعريف وخصائص مفهوم سياسة المدينة‬


‫تتعدد تعريفات سياسة المدينة‪ ،‬وذلك راجع لتبت هذه السياسة من الكثت من الدول كما تتمت سياسة‬
‫المدينة‪ ،‬بمجموعة من الخصائص‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬تعريف سياسة المدينة‬


‫الت تظهر عىل مستوى‬ ‫ر‬
‫إن الحديث عن مفهوم سياسة المدينة‪ ،‬نجده يطرح العديد من الصعوبات ي‬
‫ر‬
‫الت تتبت النهج التدبتي للمدينة‪ ،‬إال أن مفهوم‬
‫تباين التعريفات الوردة بي المفكرين والممارسي والدولة‪ ،‬ي‬
‫سياسة المدينة‪ ،‬ليس وليد اليوم بل هو معتمد بعدة دول مند سني عديدة‪ ،‬حيث تبنته فرنسا منذ أكت من‬
‫أواخر السبعينات وبداية‬ ‫والضواح‬ ‫ر‬
‫الت شهدتها أحياء الهوامش‬
‫ي‬ ‫‪90‬سنة‪ ،‬أي منذ األحداث الدامية ي‬
‫الثمانينات‪.‬‬

‫وسياسة المدينة كمفهوم يف إطار التجربة الفرنسية‪ ،‬هو عبارة عن تدخل إرادي للسلطات العمومية‬
‫بهدف تحسي إطار الحياة بالمناطق الحضية يف وضعية صعبة أو هشة‪ ،‬والحد من الفوارق بي المجاالت‬
‫وه ترتكز أساسا عىل التجديد الحضي‪ ،‬وتوفت األمن والوقاية من االنحراف‪ ،‬واالهتمام بالتنمية‬ ‫ر‬
‫التابية‪ ،‬ي‬
‫التبية والتعليم وخلق فرص الشغل‪.‬‬‫االجتماعية والثقافية لألحياء المستهدفة‪ ،‬وكذلك ر‬

‫‪16‬‬
‫غت أن ما يمت هذه السياسة ه كونها ال تشمل جميع المدن وال ر‬
‫حت كامل المدينة أحيانا‪ ،‬بل ترتكز‬ ‫ي‬
‫االجتماع‪ ،18‬وإذا كان هدا التعريف يخص التجربة‬ ‫تعان من سوء االندماج والغليان‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫الت ي‬
‫عىل األحياء الهامشية ي‬
‫الحكوم للمملكة‬
‫ي‬ ‫الفرنسية‪ ،‬فان المغ رب لم يعرف هذا المفهوم إال مع الحكومة السابقة‪ 19‬من خالل التنامج‬
‫المغربية لسنة ‪ 6099‬الذي جاء فيه بأنها سياسة عمومية إرادية جديدة إدماجية تشاركيه‪ ،‬تقوم عىل مقاربة‬
‫االجتماع‪ ،‬ذلك يف المناطق‬
‫ي‬ ‫أفقية‪ ،20‬وتهدف إىل التقليص من مظاهر العجز والهشاشة‪ ،‬والتهميش واإلقصاء‬
‫ر‬
‫الت تعرف ضغطا اجتماعيا‪ ،‬وخصوصا عىل مستويات متعددة‪ ،‬من ضعف يف التجهتات األساسية‬
‫الحضية ي‬
‫ونقص يف الولوج إىل الخدمات العمومية‪ ،‬وما يعانيه المجال من فقدان االستقطاب‪ ،‬وكل ذلك يف إطار رؤية‬
‫شمولية مندمجة وتعاقدية تقوم عىل مبدأ القرب‪ ،‬وتكفل إلتقائية مختلف التدخالت القطاعية‪.‬‬

‫كما تهدف هذه السياسة إىل تعزيز أدوار المدن باعتبارها مراكز أساسية إلنتاج التوة‪ ،‬وتحقيق النمو‪.21‬‬

‫كما يمكن تعريف سياسة المدينة بأنها رزمة ملصقة ومدمجة من تدخالت الدولة تستهدف من خاللها‬
‫تستدع‬
‫ي‬ ‫هذه األختة‪ ،‬أحياء ومجاالت حضية "حساسة "تتسم بهشاشتها‪ ،‬وبعزلتها أو بمؤهالت خاصة‬
‫تثمينها وإبرازها‪.‬‬

‫كما تهدف هذه السياسة المتسمة بطابعها اإلرادي إىل تقليص الفوارق االجتماعية بي المكونات‬
‫ر‬
‫التابية للمجال الحضي‪ ،‬وذلك من خالل رؤية تتوح المعالجة الشمولية لإلشكاالت‪ ،‬خصوصا بالمدن بكل‬
‫تصنيفاتها ( الكتى ‪،‬المتوسطة والصغرى )‪ ،‬باعتبار ها البؤر الرئيسية لالستقبال واإلنتاج والمحركات‬
‫األساسية للمجال‪.22‬‬

‫ه مجموعة من المشاري ع و التدابت القانونية‬ ‫وبمعت آخر يمكن القول أن السياسة المدنية ي‬‫ي‬
‫يسىع عتها كل المتدخلون المعنيون بالمدينة إىل بلورتها وتطبيقها بما يؤدي‬ ‫ر‬
‫الت‬
‫ي‬ ‫والمقتضيات التنظيمية ‪ ،‬ي‬
‫فه بهذا‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الت مرت أو تمر منها الفضاءات الحضية الحساسة‪ ،‬ي‬ ‫إىل تجاوز الصعوبات المتتبة عن األزمات ي‬

‫‪ - 18‬الفة حاج على و دمحم حزو ‪ ،‬سياسة المدينة بالمغرب من تدبير األزمة الحضرية إلى إرساء مقومات التنمية الترابية ‪ ،‬المصاحبة ‪ ،‬م س‪،‬‬
‫ص ‪ 8‬و‪. 9‬‬
‫‪ -19‬عهد السيد عبد اإلله بنكيران رئيس الحكومة من ‪ 99‬نوفمبر ‪ 5_ 9122‬أبريل ‪. 9122‬‬
‫‪ -20‬اعتماد مقاربة أفقي ة‪ ،‬في إطار رؤية شمولية مندمجة وتعاقدية تعتمد على مبادئ الحكامة الجيدة والتشاور‪ ،‬يتدخل في صنعها مختلف‬
‫الفرقاء السياسيين و التقنيين المتواجدين في نسيج حضري معين‪ ،‬من دولة وجماعات ترابية ومجتمع مدني وقطاع خاص‪ ،‬من أجل التوافق‬
‫حول مشروع حضري يجعل من المدينة فضاء إلنتاج الثروة وتحقيق النمو‪ ،‬وللتضامن االجتماعي والتوازن بين مختلف الفئات االجتماعية‬
‫من خالل العدالة االجتماعية وبين األحياء المكونة لهذه المدن عبر االهتمام بالمرافق والخدمات العمومية والتنقالت الحضرية‬
‫‪ -21‬المملكة المغربية‪ ،‬رئس الحكومة ‪ ،‬البرنامج الحكومى‪ ،‬يناير ‪،9129‬ص ‪.99‬‬
‫‪22‬هيشام زوبير ‪ ،‬سياسة المدينة في ضوء متطلبات التدبير العمومي الجديد ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام الداخلي وتنظيم‬
‫الجماعات الترابية ‪ ،‬جامعة القاضي عياض ‪ ،‬مراكش السنة الجامعية ‪9125- 9122‬‬
‫‪17‬‬
‫التعريف سياسة إصالحية‪ ،‬إرادية متعددة األبعاد وبي وزارية تتطلب تشبيك المتدخلي وترتيب وتنسيق‬
‫تدخالتهم يف اتجاه تحقيق حكامة جيدة وتنمية بالمدن‪.23‬‬

‫ومن التعريفات كذلك لهذا المفهوم اعتبارها سياسة عمومية بي وزارية مندمجة وتشاوريه وتشاركيه‬
‫المدن يف إطار‬ ‫بإشاك القطاع الخاص والمجتمع‬ ‫وتعاقدية‪ ،‬يتم وضعها من طرف الدولة والجماعات ر‬
‫التابية ر‬
‫ي‬
‫احتام صالحيات كل طرف‪ ،‬وذلك من أجل‬ ‫يضمن تناسق وانسجام مختلف الرؤى والتدخالت ف المدينة مع ر‬
‫ي‬
‫تطوير مدن مستدامة واندماجية ومنتجة ومتضامنة من خالل ‪:‬‬

‫_دعم دور ها كأقطاب للتنمية ومجاالت إلنتاج التوة وخلق فرص الشغل؛‬

‫ر‬
‫الت تعرف عجزا يف السكن والتجهتات ونقصا يف الولوج‬
‫_تحسي إطار العيش يف المناطق الحضية ي‬
‫إىل الخدمات؛‬

‫ر‬
‫الت تفتقد للتنافسية‪.24‬‬
‫_إعادة إحياء القطاعات الحضية ي‬

‫المغرن‪ ،‬تهدف إىل‬


‫ي‬ ‫ومما سبق يمكن القول أن سياسة المدينة سياسة جديدة ودخيلة عىل المجتمع‬
‫ر‬
‫الت تعرف نوع من‬
‫تنمية المدن أو مدينة دون أخرى‪ ،‬ويمكن أن تقتض فقط عىل أحد أحياء المدينة ي‬
‫االنعزال أو التهميش‪ ،‬كما تعتمد الدولة يف إطار تطبيق هذه السياسة رإشاك مختلف الفاعلي السياسيي‬
‫وكذلك الموطني‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص سياسة المدينة‬

‫انطالقا من مفهوم سياسة المدينة‪ ،‬يتبي أن هذا المفهوم يتمت بمجموعة من الخصائص الجوهرية‬
‫يىل‪:‬‬
‫يمكن إجمالها فيما ي‬

‫ر‬
‫استشافية ‪:‬‬ ‫_ سياسة استثنائية و‬

‫تتمت سياسة المدينة بكونها سياسة استثنائية‪ ،‬من خالل طبيعتها االستعجالية والعرضية والمؤقتة‬
‫والمحدودة يف الزمان والمكان‪ ،‬ألنها معدة لالستجابة االستعجالية لمشاكل تعانيها مجاالت حضية دون‬

‫‪ -23‬هشام زوبير‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪6‬‬


‫‪ -24‬سياسة المدينة ورهان التنمية الحضرية واالجتماع ‪ ،‬بالموقع االلكتروني للمركز المغربي للتنمية الفكرية تاريخ االطالع ‪9129/5/5‬‬
‫على الساعة ‪2:28‬‬
‫‪18‬‬
‫غتها‪ ،‬لكن هذا الطابع المؤقت لهذه السياسة يحول مع ر‬
‫التايد المنظم للمشاكل الحضية وتوالدها الدائم‬
‫العموم ‪.25‬‬ ‫تعط أحيانا مجاالت حضية متعددة وتستبق مجاالت التدخل‬ ‫ر‬
‫واستشافية‪،‬‬ ‫إىل سياسة دائمة‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫_ سياسة عمومية‪:‬‬

‫الت تبادر إىل وضعها وليست وفق مبادرات‬ ‫ر‬


‫ه ي‬ ‫تعتت سياسة المدنية سياسة عمومية‪ ،‬ألن الدولة ي‬
‫فردية أو جمعوية مستقلة عن اإلرادة السياسية للدولة‪ ،‬ويتجىل ذلك ف ر‬
‫التسانة القانونية و التدبت‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫المؤسسان‪ ،‬كما تعتت عمومية لكون الدولة ه من تسخر الموارد المالية و ر‬
‫البشية واللوجيستيكية كما أنها‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫الت تعمل الوزارة الوصية عىل تطبيقها‪.26‬‬
‫عبارة عن مجموعة من التدابت والتامج ي‬

‫_ سياسة شمولية ‪:‬‬

‫تعتت سياسة المدينة بكونها سياسة شمولية‪ ،‬من خالل العمل بطريقة أفقية وعرضية وتأخذ بعي‬
‫االعتبار جميع أبعاد الظاهرة العمرانية‪ ،‬ومختلف مظاهر الحياة داخل المدن‪ ،‬ومثل هذا العمل ر‬
‫يفتض‬
‫ر‬
‫وباف‬ ‫إسهام جميع المتدخلي يف الشأن الحضي من سلطات عمومية ومؤسسات الدولة المعينة‪،‬‬
‫ي‬
‫الفاعلي والفرقاء ومختلف التنظيمات المرتبطة‪ ،‬بشكل أو بآخر بسياسة المدينة ومن تم فالبد لهذه‬
‫األختة أن تشكل وعاء التجمع لكل المبادرات والرؤى والتامج ‪.27‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبادئ سياسة المدينة‬

‫إذا كانت سياسة المدينة تتمت بجملة من الخصائص السالف ذكرها‪ ،‬فإنها تقوم كذلك عىل‬
‫ر‬
‫الت تستمد مرجعيتها من دستور المملكة المغربية لسنة ‪ 6099‬وتجعل من سياسة‬
‫مجموعة من المبادئ ي‬
‫إىل افراغها من محتواها‪ ،‬وهذه‬
‫المدينة‪ ،‬سياسة متكاملة ومتناسقة‪ ،‬كما أن افتقارها ألحد المبادئ يؤدي ي‬
‫يىل ‪:‬‬
‫المبادئ تتجىل فيما ي‬

‫‪ -25‬هشام زوبير‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪25‬‬


‫‪ -26‬هشام زوبير‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 25‬بتصرف‬
‫‪ -27‬هشام زوبير‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪26‬‬
‫‪19‬‬
‫_ مبدأ المشاركة و التعددية ‪:‬‬

‫ر‬
‫الت تقوم عليها سياسة المدينة‪ ،‬وخاصة أن‬ ‫‪29‬‬ ‫‪28‬‬
‫يعتت مبدأ المشاركة والتعددية من أهم المبادئ ي‬
‫األساس‬ ‫الشط‬ ‫الجماعات ر‬
‫للتابية أصبحت البديل األنجع واألداة األساسية لتحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬بل ر‬
‫ي‬
‫والجوهري لتوفت مستلزمات التنمية االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬ومنح السكان فرص أفضل لتست شؤونهم بما‬
‫المدن يف بلورة السياسة‬ ‫يستجيب وتطلعاتهم نحو النمو و االزدهار‪ ،‬ومن تم فان ر‬
‫اشتاك فعاليات المجتمع‬
‫ي‬
‫العمومية بصفة عامة وسياسة المدينة بصفة خاصة يعد رشطا ضوريا لنجاح أي سياسة عمومية ‪.30‬‬

‫المدن وذلك من خالل تطبيق المقتضيات‬


‫ي‬ ‫تسىع هذه السياسة كذلك لمشاركة المجتمع‬‫ي‬ ‫كما‬
‫ُ‬
‫غي‬
‫المدن والمنظمات ر‬
‫ي‬ ‫الدستورية خاصة الفصل ‪ 96‬منه‪ ،‬الذي جاء فيه "تؤسس جمعيات المجتمع‬
‫الحكومية وتمارس أنشطتها بحرية‪ ،‬ف نطاق ر‬
‫احيام الدستور والقانون‪ ،‬ال يمكن حل هذه الجمعيات‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫قضان‪.‬تساهم الجمعيات المهتمة‬
‫ي‬ ‫والمنظمات أو توقيفها من لدن السلطات العمومية‪ ،‬إال بمقتض مقرر‬
‫غي الحكومية‪ ،‬يف إطار الديمقراطية التشاركية‪ ،‬يف إعداد قرارات‬
‫بقضايا الشأن العام‪ ،‬والمنظمات ر‬
‫ومشاري ع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية‪ ،‬وكذا يف تفعيلها وتقييمها‪ .‬وعىل هذه‬
‫المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة‪ ،‬طبق رشوط وكيفيات يحددها القانون‬
‫وتسييها مطابقا للمبادئ‬
‫ر‬ ‫غي الحكومية‬
‫يجب أن يكون تنظيم الجمعيات والمنظمات ر‬
‫الديمقراطية"‪ .‬وكذلك الفصل ‪ 99‬الذي جاء فيه " تعمل السلطات العمومية عىل إحداث هيئات للتشاور‬
‫االجتماعيي‪ ،‬يف إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها"‪.‬‬
‫ر‬ ‫الفاعلي‬
‫ر‬ ‫قصد رإشاك مختلف‬

‫‪ -28‬تعني التعددية بمفهومها التقليدي أن الجهة المسؤولة عن وضع السياسات وصناعة القرارات هي الحكومة في األساس‪ ،‬لكن‬
‫الكثير من المجموعات غير الحكومية تستغل مواردها في الوقت نفسه من أجل التأثير على هذه السياسات والقرارات‪ .‬والمسألة‬
‫كل من السلطة والتأثير في ال عملية السياسية‪ .‬فتحاول المجموعات تحقيق أقصى‬ ‫األساسيَّة في التعددية التقليدية هي كيفية توزيع ٍ‬
‫نظرا ألن السلطة هي عملية مساومة مستمرة بين الجهات المتنافسة‪ .‬وقد‬‫قدر ممكن من مصالحها‪ .‬وتتعدد خطوط الصراع وتتبدل ً‬
‫تكون هناك بعض صور عدم المساواة‪ ،‬لكنها تُوزَ ع عادة ً بالتساوي على الجميع عن طريق أنواع الموارد وصور توزيعها‬
‫المختلفة‪ .‬وأي تغفعيل جيل جديد من الحقوق التى تنص يير في هذا الوضع يكون بطيئًا وتدريجيًا؛ إذ إن المجموعات تختلف في‬
‫مصالحها‪ ،‬وقد تتصرف "كجماعات تملك حق االعتراض" من أجل القضاء على التشريع الذي ال توافق عليه‬
‫‪ -29‬المشاركة أو "التقاسم"‪ ،‬هو االستخدام المشت رك للمورد أو المساحة ‪ .‬بمعناها البسيط ‪ ،‬فإنها تشير إلى االستخدام المشترك او‬
‫تبادل سلعة محدودة بطبيعتها ‪ ،‬مثل المراعي ا لمشتركة أو اإلقامة المشتركة‪ .‬وهي أيضا عملية تقسيم وتوزيع ‪ .‬وبصرف النظر‬
‫عن حاالت واضحة‪ ،‬والتي يمكن أن نالحظها في النشاط البشري ‪ ،‬يمكن أن نجد أيضا أمثلة كثيرة من ذلك تحدث في الطبيعة‪.‬‬
‫فعلي سبيل المثال عندما يتغذي الكائن الحي او يستنشق األوكسجين‪ ،‬فإن أعضاؤه الداخلية مصممة لتقسم و توزع الطاقة‬
‫المأخوذة‪ ،‬لتزود أجزاء جسمه المحتاجة لتلك الطاقة‪ .‬تنشر الزهور بذورها و توزعها‪ .‬بمعنى أوسع ‪ ،‬يمكن للمشاركة أن تشمل‬
‫أيضا منح حقوق استخدام مجاني للبضائع التي يمكن أن تعامل كسلعة غير تنافسية‪ ،‬مثل المعلومات‪ .‬المعني فضفاض بشكل أكبر‪،‬‬
‫"المشاركة" تعني أيضا إعطاء شيء كهدية صريحة‪ :‬على سبيل المثال‪" ،‬مشاركه" المرء للغذاء يعني في الحقيقة إعطاء بعض‬
‫منه كهدية ‪[ .‬بحاجة لمصدر] المشاركة هي عنصر أساسي في التفاعل اإلنساني‪ ,‬وهي مسؤولة عن تعزيز الروابط االجتماعية‬
‫وضمان رفاهيه االنسان‪.‬‬
‫‪ -30‬هشام زوبير‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪ 22‬و ‪28‬‬
‫‪20‬‬
‫ان ‪:‬‬ ‫ر‬
‫_ مبدأ العدالة االجتماعية والتضامن الي ي‬

‫ان ‪ ،‬حيث ينصب تركت سياسة‬ ‫ر‬ ‫‪31‬‬


‫من بي مبادئ سياسة المدينة‪ ،‬مبدأ العدالة االجتماعية والتضامن الت ي‬
‫وه‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الت تشكل أسىم قانون ي‬
‫الت تنص عليها الوثيقة الدستورية ي‬
‫عىل تفعيل جيل جديد من الحقوق‪ ،‬ي‬
‫المدينة ي‬
‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫وف توفت إطار عيش كريم‪ ،‬وتمكن من الولوج إىل الخدمات األساسية واإلنعاش‬
‫الحق يف سكن الئق ي‬
‫االجتماع‪.‬‬
‫ي‬ ‫االجتماع والتهميش والهشاشة‪ ،‬ويسمح بتحقيق التضامن‬
‫ي‬ ‫والمهت ومحاربة اإلقصاء‬
‫ي‬

‫ان‬
‫كما أن سياسة المدينة تشكل إطار عام أليجاد فضاء عيش ألغلبية سكان المغرب‪ ،‬وإطار تر ي‬
‫المغرن الذي‬
‫ي‬ ‫النتمائهم وتجذرهم‪ ،‬ومجال الستقبال جل األنشطة والتوات‪ ،‬وتجاوز تناقضات المجتمع‬
‫ر‬
‫والت يتمركز فيها الفقر و التهميش إىل‬
‫يعيش يف مجاله الحضي مجموعة من التجمعات السكنية غت االئقة‪ ،‬ي‬
‫المغرن حيث نجد الفصل ‪ 99‬منه‬
‫ي‬ ‫جوار بنايات سكنية فاخرة ‪ ،32‬ويجد هذا المبدأ أساسه يف إطار الدستور‬
‫بنص عىل‪:‬‬

‫لتيسي‬ ‫" تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات ر‬


‫اليابية‪ ،‬عىل تعبئة كل الوسائل المتاحة‪،‬‬
‫ر‬
‫والمواطني‪ ،‬عىل قدم المساواة‪ ،‬من الحق يف‪:‬‬
‫ر‬ ‫أسباب استفادة المواطنات‬
‫‪-‬العالج والعناية الصحية‪.‬‬
‫‪-‬الحماية االجتماعية والتغطية الصحية‪ ،‬والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة‪.‬‬
‫‪-‬الحصول عىل تعليم عضي ميش الولوج وذي جودة‪.‬‬
‫‪-‬التنشئة عىل التشبث بالهوية المغربية‪ ،‬والثوابت الوطنية الراسخة‪.‬‬
‫‪-‬التكوين المهن واالستفادة من ر‬
‫اليبية البدنية والفنية‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪-‬السكن الالئق‪.‬‬
‫ر‬
‫الذان‪.‬‬ ‫‪-‬الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية يف البحث عن منصب شغل‪ ،‬أو يف التشغيل‬
‫ي‬
‫‪-‬ولوج الوظائف العمومية حسب االستحقاق‪.‬‬
‫‪-‬الحصول عىل الماء والعيش يف بيئة سليمة‪.‬‬
‫‪-‬التنمية المستدامة"‪.‬‬

‫ً‬ ‫‪31‬‬
‫واجتماع يهدف إىل إزالة الفوارق االقتصادية الكبتة بي طبقات المجتمع‪ .‬تسىم أحيانا العدالة‬
‫ي‬ ‫ه نظام اقتصادي‬
‫‪ -‬العدالة االجتماعية ي‬
‫ً‬
‫المدنية‪ ،‬وتصف فكرة المجتمع الذي تسود فيه العدالة يف كافة مناحيه‪ ،‬بدال من انحصارها يف عدالة القانون فقط‪ .‬بشكل عام‪ ،‬تفهم‬
‫ّ‬
‫العدالة االجتماعية عىل أنها توفت معاملة عادلة و حصة تشاركية من ختات المجتمع‪.‬‬

‫‪ - 32‬هشام زوبير‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 51‬بتصرف‬


‫‪21‬‬
‫_ مبدأ الحكامة الحضية ‪:‬‬

‫فه مقاربة جديدة لوظيفة‬


‫ه فن الحكم‪ ،‬ي‬ ‫الحكامة بصفة عامة‪ ،‬تفيد التدبت الرشيد والمحكم‪ ،‬أو ي‬
‫تبت عىل تنظيم السلطة‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫فه تقض يت أشكال جديدة للضبط و ي‬ ‫الدولة وبحث يف مشوعية الوظيفة السياسية‪ ،‬ي‬
‫ه مقاربة جديدة لتدبت السلطة‪.‬‬
‫والتشارك‪ ،‬وذلك فإن الحكامة ي‬
‫ي‬ ‫الجماع‬
‫ي‬ ‫ال مركزيا وعىل العمل‬

‫ر‬
‫والبشية بغاية تحقيق التنمية‬ ‫ر‬
‫الت تهدف إىل ترشيد الموارد المالية‬
‫ه مجموعة من التدابت ي‬
‫فالحكامة ي‬
‫ه آلية فعالة إلدارة موارد المجتمع وتوجيهها نحو التنمية‬‫المجتمعية يف شموليتها‪ ،‬كما إن الحكامة ي‬
‫وه تتأسس عىل مجموعة من المبادئ ‪ :‬كالمشاركة والشفافية والمحاسبة‬
‫االقتصادية و االجتماعية والثقافية ي‬
‫‪33‬‬ ‫ر‬
‫اإلستاتيجية والفاعلية والكفاءة‪.‬‬ ‫والمساواة وسيادة القانون ‪ ،‬و المساءلة والرؤية‬

‫بالتعمي‬
‫ر‬ ‫الثان‪ :‬آليات تنفيذ سياسة المدينة وعالقتها‬
‫ي‬ ‫المطلب‬
‫تستثت قطاع التعمت‬ ‫ر‬
‫والت لم‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫الت عرفها المغرب خالل العقد األخت‪ ،‬ي‬
‫يف سياق التحوالت والمستجدات ي‬
‫بكل تجلياته العامة والخاصة‪ ،‬طرح مفهوم سياسة المدينة كمقاربة جديدة ‪-‬ال تزال موضوع حوار وتبادل‬
‫ئ‬
‫نهان‪ -‬تجسد نقلة نوعية تهدف إصالح المجال الحضي بالدرجة األوىل‪ .‬ولما كانت‬ ‫ر‬
‫لآلراء دون وجود مشوع ي‬
‫الت خلصت جلها إىل أن‬ ‫ر‬ ‫‪34‬‬
‫هذه السياسة عبارة عن نتاج لمجموعة من الخطابات الملكية والتوصيات ‪ ،‬ي‬
‫تحقيق متطلبات وتحديات سياسة المدينة مرتبطة باألساس بعنض النجاعة وعنض المواكبة العقارية‪ .‬إذن‬
‫ر‬
‫الت تتوح تحقيقها تم ما مدى‬
‫ه األهداف ي‬ ‫ماه أليات تفعيل سياسة المدينة وما ي‬
‫ي‬ ‫ومن خالل ما تقدم‪،‬‬
‫الت ر‬
‫تعتض تطبيق هذه السياسة؟‬ ‫ر‬
‫وماه مختلف المعيقات ي‬
‫ي‬ ‫تأثتها عىل قواني التعمت؟‬

‫هذا ما سنتناوله من خالل فقرتي سنتحدث يف (الفقرة األوىل) عن اليات تنفيذ سياسة المدينة‬
‫وأهدافها‪ ،‬عىل أن نتطرق يف (الفقرة الثانية) لعالقة سياسة المدينة بقواني التعمت ومعيقاتها‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬اليات تنفيذ سياسة المدينة وأهدافها‬


‫إن سياسة المدينة كمقاربة جديدة تتوح إدخال إصالحات عىل حكامة المدن والتدبت الحضي(ثانيا)‬
‫تتطلب اعتماد آليات تكفل تنفيد هذه السياسة (أوال)‪.‬‬

‫‪ - 33‬الحكامة الحضرية ‪ ،www.centremarocaindedeveloppementintellectuel.com‬تاريخ االطالع ‪ 0‬أبريل ‪ 6091‬على‬


‫الساعة ‪96:69‬‬
‫‪ 34‬خاصة ما عمدت اليه المصالح المركزية لوزارة التعمير والسكنى وسياسة المدينة في اطار "تشاور وبناء تشاركي من أجا أجراه مستدامة‬
‫لسياسة المدينة" من أجل إعداد أرضية لهذه المقاربة‪ ،‬وكذا الخطاب الملكي ل ‪ 90‬يوليوز ‪ 6005‬باإلضافة إلى البرنامج الحكومي لسنة ‪6096‬‬
‫‪22‬‬
‫أوال‪ :‬آليات تنفيذ سياسة المدينة‬
‫ر‬
‫الت برزت إىل السطح يف‬
‫إن محددات تأهيل تدبت المدينة أصبحت تتجسد عت جملة من المقاربات ي‬

‫ظل واقع الدينامية الحضية وتعقدها‪ ،‬مما دفع بالجهات القائمة عىل هذه السياسة تتبت مجموعة من‬

‫األساس‬ ‫ان ‪-‬أي المدينة‪ -‬المحرك‬ ‫ر‬


‫ي‬ ‫اآلليات تهدف تحقيق مقاربة شمولية مندمجة تجعل من المجال الت ي‬

‫للدينامية المحلية‪.‬‬

‫ر‬
‫فاآلن‪:‬‬ ‫وتتجىل آليات تفعيل سياسة المدينة‬
‫ي‬

‫‪ -1‬تكريس وظيفة المدينة المقاولة‪:‬‬

‫حيث ترتكز هذه اآللية عىل تفعيل الدور االقتصادي للمدينة عت االنتقال من الدور التسيتي إىل الدور‬
‫التدبتي‪ ،‬حيث يعتت التدبت عملية معقدة ال تتوقف عىل التسيت بل هو أعم من ذلك‪ ،‬فهو يفيد التنظيم‬
‫والتسيت والتخطيط والمراقبة‪.‬‬

‫فالمدينة لم تعد مجرد وحدة ترابية إدارية بل تحولت إىل جماعات اقتصادية تنافسية تقوم بتنشيط‬
‫الحركة االقتصادية‪ ،‬لهذا وجدت المدينة نفسها مطالبة بوضع نموذجها التنموي الحضي والتأسيس القتصاد‬
‫وتنافس قادر عىل خلق التوة ومناصب الشغل ألفواج الشباب‪ ،‬وذلك عت استعمال الوسائل‬‫ي‬ ‫حضي‬
‫استاتيح وفق رؤيا ر‬
‫استاتيجية‪.‬‬ ‫واألليات التدبتية المقاوالتية القادرة عىل وضع مخطط ر‬
‫ي‬
‫الت تضع نصب أعينها الزيادة مواردها وكفاءة عنضها ر‬
‫البشي‪ ،‬ومواردها‬ ‫ر‬
‫ه ي‬ ‫ومن تم فالمدينة المقاولة ي‬
‫العقالن للشأن الحضي‪.35‬‬
‫ي‬ ‫المادية‪ ،‬مع األخذ بالتسيت‬

‫‪-2‬التسويق الحضي‪:‬‬

‫ظهر التسويق الحضي كتقنية خاصة يف القطاع التجاري أوال‪ ،36‬ثم تطور لينتقل إىل حقل المؤسسات‬
‫الت أضحت ترتكز عىل آليات جديدة للتدبت‪ ،‬مستمدة من تقنيات التسيت‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫العمومية والجماعات التابية ي‬
‫ر‬
‫المقاوالن‪ .‬وعليه فكل األطراف والمستويات ر‬
‫التابية أصبحت مطالبة بأن تزيد من قدرتها التنافسية وتنخرط‬ ‫ي‬

‫‪35‬هشام زوبير‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪909‬‬


‫‪36‬حيث تستهدف هذه العملية توسيع السوق االستهالكية لمنتوج ما من خالل قواعد واليات تهدف ترويج سلع وبضائع المقاوالت داخل‬
‫األسواق‬
‫‪23‬‬
‫ف مسلسل التنمية من أجل خلق قدرة تنافسية للوحدة ر‬
‫التابية بشكل يمتها بما لها من إمكانيات ومؤهالت‬ ‫ي‬
‫محفزة عىل تشجيع االستثمار االقتصادي‪.‬‬

‫اجتماع مطالب‬
‫ي‬ ‫مما يمكن القول معه‪ ،‬أن التسويق الحضي هو وظيفة المدينة كفاعل اقتصادي و‬
‫باالنفتاح االقتصادي‪ ،‬عت مجموعة من المبادرات و اإلجراءات التدبتية و األعمال التواصلية‪ ،‬من أجل جعل‬
‫ان قطب جاذب لالستثمارات‪ ،‬وذلك عت إبراز ما يمته من مكونات طبيعية و جغرافية و اقتصادية‬ ‫ر‬
‫مجالها الت ي‬
‫ر‬
‫باف المجاالت ر‬ ‫ر‬
‫التابية لجلب الرساميل الوطنية و العالمية ‪،‬غت أن تحقيق التسويق‬ ‫و بشية‪ ،‬تؤهله لمنافسة ي‬
‫الحضي يتطلب باإلضافة إىل ما ذكر عرض امتيازات جبائية تحفتية و قواني استثمارية مشجعة‪ ،‬وكذا‬
‫ضورة توظيف بنيات لالستقبال من شأنها أن تساهم و تزيد من قناعة المقاوالت لالستثمار بالوحدة المعنية‪.‬‬

‫اتيج الحضي‪:‬‬ ‫ر‬


‫‪_3‬التخطط االسي ي‬

‫اتيح الحضي أساس العملية اإلدارية‪ ،‬ويرجع ذلك ألنه يساعد عىل تحديد‬ ‫ر‬
‫يعد التخطيط االست ي‬
‫األهداف ويبي مراحل العمل لبلوغها‪ ،‬فهو دراسة متكاملة علمية ودقيقة لمشكلة ما‪ ،‬بغرض تحديد حدودها‬
‫وأبعادها والبحث عن حلول لها مع إعداد وتنفيذ مخطط مؤقت ومحدد ومتناسق لها تتضمن التنبؤ‬
‫باألهداف المرتقبة ‪.37‬‬

‫اتيح من تحقيق مجموعة من األهداف تتجىل يف المساعدة عىل إيصال‬ ‫ر‬


‫وتظهر أهمية التخطيط االست ي‬
‫التابية للممولي المحتملي‪ ،‬إضافة إىل ربط تحقيق األهداف‬ ‫رؤية ورسالة وأهداف الجماعات ر‬

‫واألولويات‪،‬وتمكن مؤسسة المدينة من وضع سياسات بديلة للعمل وفق رؤية مستقبلية‪.‬‬

‫الت تهم توحيد وجهات نظر‬ ‫ر‬ ‫ر‬


‫اتيح يمر من عدة مراحل تبتدأ بالمرحلة التحضية‪ ،‬ي‬
‫والتخطيط االست ي‬
‫الشكاء الذين لهم عالقة بالموضوع‪ ،‬ورصد الموارد ر‬
‫البشية والمالية‬ ‫مجلس المدينة وكذا تحديد مختلف ر‬
‫ر‬
‫الت تعيق سياسة‬
‫الحاىل للمدينة للوقوف عىل مختلف العوامل ي‬
‫ي‬ ‫الضورية‪ ،‬مرورا بمرحلة تشخيص الوضع‬
‫المدينة‪ ،‬ثم العمل عىل وضع خطة للعمل‪ ،‬وأختا االنتقال إىل مرحلة تنفيذ وترجمة المخطط إىل منجزات‬
‫واستثمارات‪. 38‬‬
‫وتجدر اإلشارة إىل أن تنفيذ هذه اآلليات ت تتداخل فيه مجموعة من الجهات‪ ،‬من مديرية التعمت‬
‫والمفتشيات الجهوية للتعمت والهندسة المعمارية وسياسة المدينة وكذا الجماعات ر‬
‫التابية والوكاالت‬
‫مدن‪.‬‬
‫الحضية‪ ،‬وفاعلي خواص ومجتمع ي‬

‫‪ - 37‬دمحم المولودية ‪ ،‬التخطيط الحضري ورهانات التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬مقال منشور بمجلة حكامة المدن ومسألة التنمية‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،6090‬ص‪56‬‬
‫‪ - 38‬هشام زبير‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪999‬‬
‫‪24‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهداف سياسة المدينة‬
‫ر‬
‫تأن يف مقدمتها تجاوز‬
‫إن سياسة المدينة كمقاربة جديدة تتوح تحقيق مجموعة من األهداف ي‬
‫ر‬
‫الت أفرزتها كمجال حضي غت متجانس ومتناقض‪ ،‬إضافة إىل تحقيق‬
‫إكراهات السياسات الحضية المتعاقبة ي‬
‫مجموعة من األهداف األخرى المتمثلة يف‪:‬‬

‫‪ -1‬توجيه أداور الفاعلي وتكريس حكامة ناجعة من خالل ر‬


‫التكت عىل تقوية الجهوية والالتمركز‪،‬‬ ‫ر‬
‫اإلداري ثم إعادة توجيه أدوار الفاعلي وتتمي التدخالت العمومية‪ ،‬إضافة إىل ترشيد الموارد وتحقق تأطت‬
‫شموىل لضمان نمو مستدام وتنافسية إيجابية بي المجاالت‬
‫ي‬
‫‪ -2‬تحسي جودة فضاءات العيش‪ ،‬عت تأهيل ورد االعتبار ر‬
‫للتات وتحسي جودة المشهد الحضي‬ ‫ر‬
‫وكذا تسيت الولوج إىل الخدمات الحضية وتوفت فضاءات عمومية ذات جودة‪ ،‬وتوفت نظام تنقالت حضية‬
‫ان‪.‬‬
‫ان عالوة عن تشجيع برامج التجديد الحضي والتحكم يف التوسع العمر ي‬
‫فعال ومتناغم والتطور العمر ي‬
‫‪ -3‬توفي العدالة االجتماعية واالندماج والتضامن‪ ،‬من خالل ر‬
‫التكت عىل توفت سكن الئق لمختلف‬ ‫ر‬
‫واالجتماع وأختا ضمان‬ ‫المهت‬ ‫ر‬
‫الشائح االجتماعية‪ ،‬ضمان ولوج عادل للمرافق العمومية ثم محاربة اإلقصاء‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫االندماج‬

‫ر‬
‫المؤشات الحضية‬ ‫‪ -4‬تقوية التكامل وتنافسية المدن انطالقا من ترتيب أولويات التدخل عىل حسب‬
‫واالقتصادية وتجاوز معيقات االستثمار وتوفت مناخ مالئم لألعمال تم تشجيع تبادل التجارب الناجحة‬

‫النوع للبيئة وكذا االستخدام األمثل للمجال العقاري‬


‫ي‬ ‫‪ -5‬تحقيق مدينة بيئية‪ ،‬من خالل التحسي‬
‫فضال عن تعميم نظام معالجة النفايات الصلبة والسائلة‪.39‬‬

‫التعمي ومعيقاتها‬
‫ر‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬عالقة سياسة المدينة بقانون‬
‫من المسلم به أن تفعيل سياسة للمدينة‪ ،‬بمعزل عن تهيئة إطار قانون لها عت سياسة ر‬
‫تشيعية موازنة‬ ‫ي‬
‫تصب يف هذا االتجاه خاصة يف الشق الذي يهم تجسيد وثائق التعمت بمختلف توجهاته التخطيطية والتهيئة‬
‫والعملياتية (أوال) غت أن هذه السياسة وما تقوم عليه من مبادئ وأليات تصطدم بمجموعة من‬
‫المعيقات(ثانيا)‪.‬‬

‫‪ - 39‬راضية اليعقوبي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪925‬‬


‫‪25‬‬
‫ر‬
‫السياتيجية سياسة المدينة‬ ‫أوال‪ :‬التحوالت ر‬
‫التشيعية المواكبة‬
‫يىع المهم الذي ينطوي عىل محاولة نوعية عىل مستوى محاوالت التأسيس‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫عىل الرغم من التاكم التش ي‬
‫لميثاق قانون جديد للتعمت‪ -‬نظرا لما يعاب عىل المدونة الحالية من تقادمها وعدم مالئمة بعض مقتضياتها‬
‫ان‪ – 40‬من خالل اعتماد مجموعة من المشاري ع لم تستقر إىل اآلن عىل صياغة نهائية‬
‫لما يتطلبه الواقع العمر ي‬
‫له يمكن تتيلها عمليا خاصة ر‬
‫مشوع مدونة التعمت رقم ‪.41 90.05‬‬

‫ونظرا لما لهذا ر‬


‫المشوع من رؤية جديدة ومواكبة لما يطرحه الوقع التعمتي‪ ،‬فإننا سنحاول بيان أوجه‬
‫المشوع‪ ،‬الذي يقوم عىل وحدة ر‬
‫التشي ع من خالل‬ ‫ر‬
‫التابط بي سياسة المدينة وقواني التعمت من خالل هذا ر‬

‫مقاربة تتوح الشمولية يف تدبت المجال الحضي والقروي‪.42‬‬

‫إن سياسة المدينة كمقاربة جديدة ال تعدو أن تكون جزءا من منظومة شاملة تهم قواعد التعمت‬
‫بالمغرب‪ ،‬فاعتمادا عىل جاء به ر‬
‫المشع يف مواده من ‪ 0‬إىل ‪ 90‬والمتعلقة بمخطط توجيه العمران كمخطط‬
‫ر‬
‫وتحتم مقتضياته وتقف عند حدود موانعه مختلف‬ ‫شموىل تندرج يف إطاره جميع العمليات القطاعية‪،‬‬
‫ي‬
‫عمليات التعمت المحلية وفق شكل متكامل مع التصاميم المحلية ينطلق من المدينة كركتة للتخطيط‬
‫الحضي‪ ،‬مما يجعل كل عملية تعمتية جزء من تنمية حضية متناسقة‪.‬‬

‫األساس لتصور سياسة‬ ‫إضافة إىل ما كرسه هذا ر‬


‫المشوع‪ ،‬فيما يتعلق بالبعد العقاري باعتباره العنض‬
‫ي‬
‫فاعلة للمدن‪ ،‬من خالل إقرار آلية االحتياط العقاري حيث خول للدولة والجماعات المحلية أو مجموعاتها‬
‫حق تملك العقارات وفق للقانون العام‪ ،‬عن طريق نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أو بواسطة حق‬
‫ر‬
‫الت تم إقرارها من خالل مخطط‬
‫األولوية بقصد إحداث احتياطيات عقارية‪ ،‬أو مناطق لالحتياط العقاري ي‬
‫ان أو يف تصميم التهيئة وذلك انسجاما مع مقتضيات المادة ‪ 961‬منه‪.43‬‬
‫توجيه التجمع العمر ي‬
‫كما أن ر‬
‫مشوع مدونة التعمت ‪ 90.05‬لم يقتض عىل ما ذكر بل خص مقتضيات الفرع السادس من‬
‫المواد (‪ 929‬إىل ‪ )950‬ل ر‬
‫مشوع المدن الجديدة‪ ،‬موازاة لمشاري ع إحداث أقطاب ومدن جديدة بالجهات‬
‫ر‬
‫الت تعيش ضغطا عمرانيا كبتا‪.‬‬
‫والمدن ي‬

‫‪ - 40‬مشروع مدونة التعمير بالمغرب بين الواقع والتطبيق‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني ‪ ، www.for-cet.com‬تم االطالع عليه بتاريخ‬
‫‪6091-00- 05‬‬
‫‪ - 41‬مذكرة تقديمية لمشروع قانون رقم ‪ 90-05‬المتعلق بمدونة التعمير‬
‫‪ - 42‬دمحم زعاق‪ ،‬أثار تعدد التشريعات و األنظمة العقارية والتوثيقية على السياسة العقارية بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة دمحم األول كلية الحقوق بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6092-6090‬ص‪099‬‬
‫‪ - 43‬رضوان العلمي‪ ،‬التعمير والتنمية المجالية بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬كلية الحقوق بسال‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،6090-6095‬ص‪625‬‬
‫‪26‬‬
‫وستا يف توضيح العالقة الرابطة بي سياسة المدينة ومقتضيات قواني التعمت‪ ،‬فإن المادة الثامنة من‬
‫ر‬
‫مشوع الخاص بالمدن الجديدة‪ 44‬تنص" إن أجل البت يف طلبات الحصول عىل رخص البناء سواء تعلق‬
‫األمر بالتجزئات أو المجموعات السكنية داخل محيط ال مدينة الجديدة‪ ،‬يتم بمجرد صدور المرسوم‬
‫الخاص بإنشائها بعد إشهار قرار الموافقة عىل تصميم المدنية الجديدة المنصوص عليه يف الفصل الثالث‬
‫من هذا القانون‪."..‬‬

‫فمن خالل المادة أعاله فإن المدينة يف مجملها كوحدة ترابية‪ ،‬ال تكاد أن تكون مجموعة من التجزئات‬
‫والمجموعات السكنية تحتاج رخص للبناء يتم استصدارها وفق قواعد التعمت‪ ،‬وكذا فيما يتعلق بتصميم‬
‫التهيئة‪ 45‬فإن إعداد تصاميم التهيئة الخاص بالمدن ال يخرج عما هو منصوص عليه يف المادة ‪ 91‬و‪ 60‬من‬
‫قانون التعمت‪.‬‬

‫وهو الحال كذلك فيما يتعلق بتنفيذ تصميم المدن الجديدة‪ ،‬وفق ما نصت عليه المادة ‪ 62‬من نفس‬
‫ر‬
‫المشوع أنه “يجب تطبيق مقتضيات القانون ‪ 25.52‬المتعلق بالتجزئات والمجموعات السكنية‬
‫والتقسيمات العقارية داخل المدن الجديدة"‪.‬‬

‫إجماال لما سبق فإن عالقة سياسة المدنية كمقاربة جديدة ال يمكن تصورها دون تطبيق ومالئمة‬
‫ر‬
‫المشوع المرتقب للمدونة التعمت‬ ‫للقواني التعمت سواء قانون ‪ 96.10‬أو قانون ‪ 60.10‬أو من خالل‬
‫‪46‬‬
‫‪90.05‬‬

‫ثانيا‪ :‬معيقات وحدود تفعيل سياسة المدينة‬


‫الت تعرف مجموعة من‬ ‫ر‬
‫إن سياسة المدينة كفلسفة تدبتية حديثة لشؤون المدينة المغربية‪ ،‬ي‬
‫الت وقفنا عندها سابقا تجعل تطبيق هذه المقاربة التدبتية الجديدة متوقفة عىل مواجهة‬ ‫ر‬
‫االختالالت ي‬
‫مجموعة من العراقيل والمعيقات تتمظهر يف‪:‬‬

‫‪-1‬معيقات ر‬
‫بشية مؤثرة عىل نجاح سياسة المدينة‬

‫التابية تعكس بوضوح مدى‬ ‫الت أصبحت تتمتع بها الجماعات ر‬‫ر‬
‫حيث أن االختصاصات المهمة ي‬
‫ر‬
‫المشع عىل عاتقها‪ ،‬فقد أصبحت مدعوة للمشاركة إىل جانب الدولة والقطاع‬ ‫ر‬
‫الت وضعها‬
‫المسؤوليات ي‬

‫‪44‬‬
‫‪Projet de loi ministère de l’habitat l’urbanisme et le développement spatial ; chapitre é ; article 2 : p2‬‬
‫‪ -45‬في هذا الصدد فقد أعطيت االنطالقة لدراسة تصميم تهيئة العيون أواخر سنة ‪ 9112‬وقد كان لتأخر إنجاز الوثائق الطوبوغرافية اثر‬
‫سلبي على تقدم الدراسة ورغم ذلك قد وصلت ذه الوثيقة مراحل متقدمة‪ ،‬جيت وصلت خيارات التهيئة على سلم ‪ 6000/9‬بتاريخ نونبر‬
‫‪ 6009‬وال تزال هذه الوثيقة إلى حد أالن في طور اإلعداد‬
‫‪ - 46‬رضوان العلمي م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪ 620‬و‪( 622‬بتصرف)‬
‫‪27‬‬
‫ع شخص‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ان‪ ،‬بل أصبحت الجماعات التابية ي‬
‫الخاص لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية عىل الصعيد الت ي‬
‫رؤسائها سلطة تقدير ومسؤولية النهوض بالمدينة‪ ،‬إال أن الوقع أظهر عدم توفر هؤالء عىل المستوى الالزم‬
‫الجماع بالمقارنة مع‬
‫ي‬ ‫إلدارة شؤون هذه الوحدة‪ ،‬باإلضافة إىل قصور وضعف الوضعية التكوينية للمنتخب‬
‫ر‬
‫الت تطمح إليها الالمركزية‪.‬‬
‫التطلعات ي‬

‫‪-2‬إستمرار العمل بالقوان ري الحالية‬

‫ر‬
‫الت أطرت تدبت و إدارة المدينة بالمغرب تعود بدايتها إىل القانون المتعلق‬
‫إن استحضار القواني ي‬
‫بالتعمت الذي سىع إىل ضبط المدينة كما حدد المبادئ األساسية المؤطرة لها‪ ،‬فبالرغم من أن القانون المتعلق‬
‫ر‬
‫الت كان‬
‫بالتعمت المعمول به حاليا صدر يف نونت‪ 9116‬فإنه اقتض عىل تكريس نفس المبادئ و المساطر ي‬
‫يتضمنها القانون السابق مع بعض االختالفات وما يعاب عىل هذا القانون هو باألساس عدم مواكبته للتطور‬
‫الحاصل عىل مستوى الواقع التعمت كما أشارنا سابقا‪ ،‬إال أن ما يثت االستغراب حقا هو التأخت المبالغ فيه‬
‫ر‬
‫لمشوع مدونة التعمت الذي ظل حبيس األمانة العامة للحكومة منذ سنة ‪.476005‬‬

‫‪ -3‬تعدد األنظمة العقارية‪:‬‬

‫التاريح للنظام العقاري مجموعة من األنظمة العقارية ذات خصائص مختلفة حسب‬
‫ي‬ ‫لقد أفرز التطور‬
‫كل نظام عىل حدة‪ ،‬مقابل ما أصبحت تعانيه المدن المغربية اليوم من ندرة العقار لإلنشاء مختلف المشاري ع‬
‫االستثمارية‪.‬‬

‫إن األمر يتعلق بمجموعة من النصوص القانونية الجامدة لم يتم تحينها وال تعديلها لتتالءم وتساهل يف‬
‫إنجاح السياسات العمومية عامة وسياسة المدينة خاصة‪.‬‬

‫‪ -4‬مشكل تمويل سياسة المدينة‪:‬‬

‫يثت اعتماد مصطلح سياسة المدينة ضمن مكونات إحدى الوزارات المشكلة للحكومة الحالية أي وزارة‬
‫السكت وسياسة المدينة المغربية‪ ،‬عدة تساؤالت ترتبط بتدبت وإدارة المدن‪ ،‬وباألخص مصادر تمويل هذه‬
‫السياسة‪ ،‬فحداثة هذا التوجه ضمن السياسات العمومية المعتمدة بالمغرب يطرح تحدي التمويل‪ ،‬وذلك يف‬
‫ظل ضعف الموارد المالية للجماعات ر‬
‫التابية واالعتمادات المخصصة للمشاري ع التنموية ‪.48‬‬

‫‪ - 47‬هشام زوبير‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪( 991‬بتصرف)‬


‫‪ - 48‬راضية اليعقوبي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪( 55‬بتصرف)‬
‫‪28‬‬
‫التدبي الحضي‪:‬‬
‫ر‬ ‫المتدخلي يف‬
‫ر‬ ‫‪ -5‬تعدد‬

‫إيجان واألخر‬
‫ي‬ ‫ريتتب عن كتة المتدخلي والفاعلي يف ميدان التخطيط الخضي عدة نتائج منها ما هو‬
‫سلت‪ ،‬ويمكن القول أن النتائج اإليجابية يرجع الفضل فيها للوكاالت الحضية‪ ،‬لكن رشيطة توفر المجاالت‬
‫ي‬
‫الت تتدخل فيها عىل وثائق التخطيط الحضية سارية المفعول‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ومن بي االنعكاسات السلبية لتعدد المتدخلي ف التخطيط الخضي ر‬
‫والت تعرقل التخطيط المعقل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫للمدن نجد يف المقام األول قلة الوثائق المصادق عليها وصعوبات تحديد مراكز المسؤولية وتعطيل التنمية‬
‫الحضية‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫نعط نظرة شمولية تجسد واقع المغرب بي السياسة‬
‫ي‬ ‫ختاما يمكن القول أننا حاولنا قدر المستطاع أن‬
‫ر‬
‫الت أدت إىل تراجع العمل بها‪ ،‬وإعتماد سياسة‬
‫القطاعية كمرحلة أوىل‪ ،‬ومختلف االختالالت واألسباب ي‬
‫ر‬
‫الت عرفها المغرب منذ إصدار قانون‬
‫المدينة كمقاربة جديدة لتجاوز مختلف االختالالت المجالية والحضية‪ ،‬ي‬
‫التعمت بالمغرب سنة ‪ ،9195‬وذلك عت التطرق يف دارستنا هاته لمفهوم سياسة المدينة والوقوف عىل‬
‫ر‬
‫الت يقوم عليها دون أن إغفال األليات الكفيلة لتحقيق سياسة‬
‫مختلف الخصائص والمبادئ وكذا األهداف ي‬
‫المدينة ‪.‬‬

‫إن عرضنا هذا هم باألساس توضيح العالقة بي سياسة المدينة وبي قواني التعمت سواء من خالل‬
‫ر‬
‫الت تحول دون‬ ‫ر‬
‫المدونة الحالية أو المشوع المرتقب إصداره‪ ،‬كما حاولنا رصد مختلف المعيقات واإلكراهات ي‬
‫ر‬
‫الت ثم التطرق إليها ‪.‬‬
‫اع مختلف األهداف ي‬
‫تصور سياسة فعالة تتوح تدبت المدينة وفق رؤى مستقبلية تر ي‬

‫يبق حلم صعب التحقيق مالم يتمكن الفعال المركزي‬ ‫وإن الحديث عن سياسات مدينية ناجعة‪ ،‬ر‬

‫باف الفاعلي من أخد زمام المبادرة وطرح الحلول الهيكلية الكفيلة بتغيت واقع المدن وذلك‬ ‫ر‬
‫والمحىل بمعية ي‬
‫ي‬
‫وفق رؤية مندمجة وتشاركية تسىع إىل تحقيق اآل ر ين‪:‬‬

‫‪ -‬القضاء عىل االختالالت السوسيو مجالية متمثلة يف الفرق الشاسع بي المدن الفقتة والمدن الغنية‬
‫وب هدف تحقيق نوع من االنسجام الحضي بي مختلف مناطق المدينة‪.‬‬
‫‪-‬تزويد المجاالت المتضرة بالبنيات والتجهتات األساسية ف ميادين ر‬
‫التبية والصحة والتعليم والسكن‪.‬‬ ‫ي‬
‫الوطت و ذلك باعتماد نظرة شمولية ومستقبلية للمجال‬
‫ي‬ ‫‪ -‬إدماج المدينة يف محيطها الجهوي و‬
‫الحضي ‪.‬‬

‫الشاكة الحقيقية والتعاون بي كل المتدخلي يف مجال التدبت الحضي‪ ،‬وذلك بما تتمت به‬ ‫‪-‬تفعيل ر‬
‫ر‬
‫والبشية و التوفيق بي‬ ‫هذه األختة من إيجابيات جمة تتمثل يف ترشيد النفقات وتجاوز العراقيل المادية‬
‫القوى المعارضة ‪.‬‬

‫المدن يف تدبت المجال وذلك من خالل النهوض باألعمال االجتماعية المحلية‪.‬‬


‫ي‬ ‫‪ -‬تفعيل دور المجتمع‬

‫وتبق متوقفة عىل ضورة تحي النصوص القانونية لمختلف األنظمة‬‫ر‬ ‫‪-‬إن تحقيق سياسة للمدينة‬
‫العقارية بشكل يساهم يف إنجاح هذه المقاربة الجديدة‪.‬‬

‫‪-‬ضورة اإلشاع يف إصدار مدونة التعمت الجديدة لحت الوجود‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الئحة المراجع‪:‬‬
‫الكتب‪:‬‬

‫الصاف‪ ،‬بيع العقار يف طور االنجاز‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة األوىل‬
‫ي‬ ‫_عبد الحق‬
‫‪6099‬‬

‫األطروحات والرسائل‪:‬‬

‫_ دمحم زعاق‪ ،‬أثار تعدد ر‬


‫التشيعات و األنظمة العقارية والتوثيقية عىل السياسة العقارية بالمغرب‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون الخاص‪ ،‬جامعة دمحم األول كلية الحقوق بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪-6090‬‬
‫‪6092‬‬

‫العلىم‪ ،‬التعمت والتنمية المجالية بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون العام والعلوم‬
‫ي‬ ‫_ رضوان‬
‫السياسية‪ ،‬كلية الحقوق بسال‪ ،‬السنة الجامعية ‪6090-6095‬‬

‫_ حيمود المختار‪ ،‬دور سياسة التعمت يف تنمية وتنظيم المجال الحضي"مساهمة يف دراسة المجال‬
‫المغرن‪ :‬نموذج عمالة ابن مسيك سيدي عثمان‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه يف الحقوق العلوم‬
‫ي‬ ‫الحضي‬
‫الثان كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجتماعية الدارالبيضاء عي الشق‪ ،‬سنة‬
‫ي‬ ‫اإلدارية‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫‪.6009/6000‬‬

‫اليعقون‪ ،‬المدينة المغربية من السياسة القطاعية إىل سياسة المدينة‪ ،‬بحث نيل دبلوم‬
‫ي‬ ‫_ راضية‬
‫ر‬
‫الماست يف القانون العام تخصص القانون والعلوم االدارية للتنمية‪،‬جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة ‪6096/6099‬‬

‫_ عبد االاله بلزراق‪ ،‬سياسة التعمت بي متطلبات التنمية وإكراهات الواقع‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬شعبة القانون العام‪ ،‬وحدة االدارة والتنمية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة‪ ،‬سنة‪6005/6002‬‬

‫ر‬
‫الماست‬ ‫العموم الجديد ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬ ‫_ هيشام زوبت‪ ،‬سياسة المدينة يف ضوء متطلبات التدبت‬
‫ي‬
‫القاض عياض ‪ ،‬مراكش السنة الجامعية‬ ‫ف القانون العام الداخىل وتنظيم الجماعات ر‬
‫التابية ‪ ،‬جامعة‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪91229125‬‬

‫‪31‬‬
‫ر‬
‫الماست يف القانون العام‪،‬‬ ‫_ حمادي البكاري‪ ،‬سياسة المدينة " مدينة العيون"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫القاض عياض بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مراكش ‪.6090/6095‬‬
‫ي‬ ‫جامعة‬

‫المقاالت‪:‬‬

‫عىل و دمحم حزوي‪ ،‬سياسة المدينة بالمغرب من تدبت األزمة الحضية إىل إرساء مقومات‬
‫_ ألفة حاج ي‬
‫التابية‪ ،‬مقال ر‬
‫مشتك منشور بمجلة المصباحية‪ ،‬إصدار جامعة سيدي دمحم بن عبد هللا كلية اآلداب‬ ‫التنمية ر‬

‫والعلوم االنسانية سايس_فاس‪ ،‬العدد ‪ ،90‬سنة ‪6099‬‬

‫الجماع الجديد‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة‬


‫ي‬ ‫_ أحمد بوعشيق‪ ،‬الحكامة المحلية عىل ضوء الميثاق‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬السلسلة العادية‪ ،‬عدد ‪ 20‬نونت دجنت ‪6000‬‬

‫_ حيمود المختار‪ ،‬أضواء عىل جوانب من إشكالية تدبت المدن الكتى بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لالدارة المحلية و التنمية‪ ،‬عدد ‪ 59‬مارس‪-‬أبريل ‪6006‬‬

‫عبد المجيد هالل و عبد الرحمان الدكاري‪ ،‬اعادة التأهيل الحضي بالمغرب‪ :‬اجراءات التتيل ومظاهر‬
‫االختالل‪ ،‬مقال منشور بمجلة التعمت والبناء" مجلة أكاديمية دولية تعت ر‬
‫بنش البحوث والدراسات يف المجال‬
‫ان‪ ،‬العدد األول مارس ‪6095‬‬
‫العمر ي‬
‫_ حمد المولودية‪ ،‬التخطيط الحضي ورهانات التنمية ر‬
‫التابية بالمغرب‪ ،‬مقال منشور بمجلة حكامة‬
‫المدن ومسألة التنمية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪6090‬‬

‫ر‬
‫االلكيونية‪:‬‬ ‫المواقع‬

‫‪www.chambredesconseillers.ma‬‬

‫‪www.for-cet.co‬‬

‫‪www.centremarocaindedeveloppementintellectuel.com‬‬

‫‪32‬‬
‫الفهرس‬
‫مقدمة‪6.......................................................................................................................... :‬‬

‫المبحث األول‪ :‬السياسات القطاعية يف عالقتها بمجال التعمت ‪5.......................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية السياسات القطاعية وأزمة تدبت المجال ‪5...................................................‬‬

‫التبت ‪5...............................................................‬‬
‫ي‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬السياسات القطاعية وأسباب‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أزمة السياسات القطاعية ف تدبت المجال و ر‬
‫إستاتيجية الدولة للنهوض بها‪2...............‬‬ ‫ي‬
‫وتبت سياسة جدديدة( سياسة المدينة) ‪90 ...............‬‬
‫ي‬ ‫الثان‪ :‬مظاهر فشل السياسات القطاعية‬
‫المطلب ي‬
‫الماىل والعقاري ‪90 ...............‬‬ ‫ر‬
‫المؤسسان؛‬ ‫القانون؛‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬اختالالت عىل المستوى التدبتي؛‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اختالالت متعلقة بمجال التعمت و التخطيط الحضي‪99 .................................... :‬‬

‫الثان‪ :‬سياسة المدينة كمقاربة جديدة لتدبت المجال‪92 ..................................................... .‬‬


‫ي‬ ‫المبحث‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم سياسة المدينة ومبادئها‪92 ....................................................................‬‬

‫الفقرة األوىل ‪:‬تعريف وخصائص مفهوم سياسة المدينة ‪92 ......................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبادئ سياسة المدينة ‪91 ............................................................................‬‬

‫الثان‪ :‬آليات تنفيذ سياسة المدينة وعالقتها بالتعمت ‪66 ..................................................‬‬


‫ي‬ ‫المطلب‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬اليات تنفيذ سياسة المدينة وأهدافها ‪66 ...........................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عالقة سياسة المدينة بقانون التعمت ومعيقاتها ‪60 ..............................................‬‬

‫خاتمة‪90 ........................................................................................................................ :‬‬

‫الئحة المراجع‪99 ...............................................................................................................:‬‬

‫‪33‬‬

You might also like