Professional Documents
Culture Documents
لقد أصبح العامل اليوم كالقرية الصغرية ،فأي حدث يف أي بقعة منه تكون آثاره عامة مهما
بعدت املسافات ،وذلك نتيجة للتطور اهلائل وغري املسبوق يف جمال التكنولوجيا وتقنيات اإلتصال يف العامل
خالل القرن العشرين ،ولعل أبرزها على اإلطالق ما يعرف بشبكة اإلتصال " الشبكة العنكبوتية "
العاملية األنرتنيت ،اليت إكتسحت كل امليادين و اجملاالت املختلفة للحياة البشرية سواء السياسية أو
اإلقتصادية أو اإلجتماعية،فأصبحت املعلومات تتدفق من كل جهة وعلى املهتمني هبا إنتقاء ما خيدم
مصاحلهم الشخصية أو املصلحة العامة ،فلم يعد الكالم عن احلضارة بالصورة السابقة بوجود ماء وتراب
وأفراد بل بوجود إقتصاد قوي وأفراد أكفاء فاعلني ومعلومات دقيقة على كل األوضاع احمليطة هبم ،فبعدما
حتول العامل إىل األحادية القطبية بات من املؤكد أن ضمان البقاء يعين قوة يف إختاذ القرار الذي يرتكز على
قوة إقتصاد أي دولة ،لكن إقتصاد الدولة يتكون من وحدات إقتصادية سواء خاصة أوعامة صناعية
أوجتارية أو خدماتية فاملؤسسة اإلقتصادية هي الركيزة األساسية لإلقتصاد ،فوجب عليها مواكبة هذه
التطورات واإلستفادة منها لضمان البقاء و اإلرتقاء إىل األفضل ،فلقد أصبح البقاء لألقوى ماديا وعلميا
فلذا إستوجب على املؤسسة دخول معركة اإلقتصاد مبختلف حتوالهتا و مستجداهتا من عوملة وخصخصة و
العاملية للمنتوج وجودته لتؤثر يف حميطها و تتأثربه ،فقد ركزت كل احلكومات على دعم املؤسسات
اإلقتصادية من أجل تطويرها فعند تتبع تطور املؤسسات من صغرية عبارة عن أعمال جتارية يقوم هبا
أصحاب امللك إىل مؤسسات كبرية احلجم و متعددة اجلنسيات ،ومع هذا التعقد و إلزامية التكيف مع
املتغريات اإلقتصادية على درجة خطورهتا ومزاياها ،جلأت املؤسسة إىل ضرورة معرفة الصورة الداخلية
هليكلها التنظيمي تعكس مكانتها يف السوق الداخلية واخلارجية بعد إنتشار التجارة العاملية،وتزايد رأس املال
1
المـقـدمة العام ـ ـ ـ ـ ــة:
أدى إىل فصل امللكية وبالتايل احلاجة إىل الرقيب على أعمال اإلدارة لصاحل أصحاب املال ،فخوف
أصحاب األموال الضخمة على أمواهلم شيء حتمي لوجود حمرتفني يف السرقة و اإلختالس بأساليب
مباشرة أو عن طريق ثغرات قانونية كل هذا أدى إىل ظهور املراجعة وتعزيز مكانتها كوظيفة داخلية أو
خارجية ال مناص منها ،فاملراجع أو باألحرى حماسب ذو خربة يقوم بفحص البيانات احملاسبية حىت يتمكن
من اإلدالء برأيه عن مدى إمكانية اإلعتماد عليها ،وحىت يكون املراجع ناجحا جيب أن يتمتع ببعض
املتطلبات األساسية يف نواحي التعلم و الشخصية و الصحة باإلضافة إىل تلك املتطلبات جيب أن يكون
له ميول شخصي حنو ممارسة العمل كمراجع للحسابات ،أي يتوافر فيه ما يطلق إصطالحا اإلجتاه حنو
املراجعة أو الرغبة يف إمتهان املراجعة ' 'the auditing attitudeخاصة أن يكون يتوفر على
رصيد معريف وعلمي كايف مع اخلربة يف معاجلة املشاكل اإلقتصادية الراهنة وذلك باإلطالع املستمر على
و اإلستعانة بتقنيات احلديثة كاإلحصاء و حبوث العمليات واحملاسبة مستجدات العامل اإلقتصادي
العامة والتحليلية ،فبقدر النية املهنية والكفاءة العالية تأيت دقة وجودة التقارير عن القوائم املالية للمؤسسة
ومينح ذلك اإلدارة و املديرين من إختاذ القرارت الصائبة وبناء إسرتاتيجيات مستقبلية على قاعدة من
املعلومات الدقيقة ،فبمرور الوقت زادت أمهية املراجعة واملراجع يف املؤسسات اإلقتصادية الكبرية واليت
تريد أسواق أكثر وتسيريا ممنهج وهادف يضمن البقاء و اإلستمرار ،ومع التحوالت اإلقتصادية اليت شهدهتا
دول العامل الثالث باإلنتقال من اإلعتماد على مصدر واحد للتصدير كالبرتول إىل فتح اجملاالت أمام
املؤسسات للعمل يف كل جماالت اإلقتصاد و تنويع الصادرات (صناعية ،جتارية ،خدماتية وفتح البالد
لإلستثمارات األجنبية وبالدنا من بني هذه البلدان فوجب علينا التطرق إىل معاجلة اخللل يف التسيري مع
وجود املادة اخلام فلذا جيب أن ندخل املراجعة ضمن هياكل املؤسسة وأهدافها .
2
المـقـدمة العام ـ ـ ـ ـ ــة:
و لإلحاطة جبوانب هذا املوضوع وفهمه و إبراز أمهية وأهدافه يكون حمور إشكاليتنا على النحو
التايل :
" ما مدى إمكانية اإلعتماد على املراجعة يف حتقيق تسيري راشد يتوافق مع املعايري الدولية يف
-9كيف يتم اإلستناد على املراجعة ملواجهة التحديات الراهنة وبناء اِسرتاتيجيات ؟
الفرضيات :
-املراجعة هي تشخيص إنتقادي يسمح بتدقيق العمليات اليت قامت هبا املؤسسة واحلكم عليها .
3
المـقـدمة العام ـ ـ ـ ـ ــة:
-املعايري هي أداة الضبط والتسجيل الصحيح والشامل لعمليات يف خمتلف الوظائف لتسهيل التشخيص
-التسيري األمثل للمؤسسة هو الوقوف على مواطن القوة والضعف من خالل وجود نظام رقايب فعال .
-ضمان البقاء يف املستقبل مرهون مبدى صحة املعلومات ودقتها وهذا ما حتققه املراجعة .
لوجود مشكل يف فهم هذا املوضوع ( املراجعة ) جيب كشفه واإلحاطة به .
إن املؤسسات اجلزائرية باخلصوص تدرك أمهية املراجعة يف التسيري ولكن التعرف كيف تطبقها
حلتمية املؤسسة على تطبيق املراجعة نظرا للتطورات السريعة يف عامل اإلقتصاد والتكنولوجيا من
ذاتية: -2
امليول الشخصي يف هذا اجملال من معرفة عامل املراجعة وكيفيات تطبيقها .
4
المـقـدمة العام ـ ـ ـ ـ ــة:
نظرا لطبيعة املوضوع املدروس ولإلملام بكل جوانبه إتبعنا يف دراستنا هذا املنهج الوصفي يف اجلانب
النظري ،واإلستقرائي التحليلي يف اجلانب التطبيقي ،كما قررنا إعتماد املنهج التحليلي من خالل الدراسة
-إبراز حتمية تطبيق املراجعة من قبل املؤسسة إذا أراد ضمان البقاء على الساحة اإلقتصادية .
-اإلشارة إىل وجوب وجود مصادر معلومات دقيقة بفضل وجود مراجعة دقيقة للعمليات اليت تقوم هبا
-إثراء املكتبة اجلامعية هبذا املوضوع خاصة لقلة املذكرات املتناولة هلذا املوضوع .
-اإلطالع على واقع املراجعة والتطورات والتغريات اليت حدثت يف هذا اجملال .
يف دراستنا هلذا املوضوع املهم قمنا بتقسيمه إىل ثالث فصول منها إثنان نظريان وفصل تطبيقي تعرضنا
فيه إىل دراسة حالة ،ويف مايلي عرض ملختلف هذه الفصول وما حتمله من معلومات .
الفصل األول :حيث تناولنا يف هذا الفصل مدخل للمراجعة وهو مقسم إىل ثالث مباحث :
األول :يتعرض إىل ماهية املراجعة ،بداية بالتطور التارخيي والتعريف باملراجعة وإبراز أمهيتها وأهدافها
الثالث :املعايري واإلجراءات الواجب إختاذها لتحقيق مفهوم املراجعة مدعم بأشكال .
5
المـقـدمة العام ـ ـ ـ ـ ــة:
الفصل الثاني :حيث تناولنا يف هذا الفصل فعالية املراجعة يف تسيري املؤسسة ،وهو مقسم إىل ثالث
مباحث :
األول :ألقينا فيه الضوء على ماهية التسيري يف املؤسسة بداية بنشأة املؤسسة وإعطاء بعض التعاريف
هلا مع حتديد أنواعها ،مث التطرق إىل تعريف التسيري ،أمهيته وأهدافه وكذلك معرفة التوجيهات احلديثة
الثاين :حيث ركز هذا املبحث على عالقة املراجعة بالرقابة الداخلية وإبراز دور املراجعة يف التسيري
وحتقيق اإلسرتاتيجيات ،وتلبية أغراض اجلهات اليت تتعامل معها املؤسسة ،التحديات اليت تواجه املراجعة
الثالث :وإللقاء املزيد من األضواء على املراجعة وكيفية معاجلتها ملختلف وظائف املؤسسة تطرق هذا
الفصل الثالث :خصصنا هدا الفصل لدراسة حالة وإلظفاء ميزة الفعالية واملصداقية للجانب النظري
وحماولة التطبيق ملفهوم املراجعة وفعاليتها يف التسيري ميدانيا وهذا مامت من خالل الرتبص التطبيقي الذي قمنا
6