You are on page 1of 78

‫الوحدة الثالثة‬

‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬


‫اعداد‬
‫د‪ .‬ماجد حسني صبيح‬

‫‪104‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫محتويات الوحدة‬
‫الصفحة‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬
‫املوضوع‬
‫‪ .1‬املقدمـة ‪107...........................................................‬‬
‫‪ 1.1‬متهيد ‪107......................................................‬‬
‫‪ 2.1‬أهداف الوحدة ‪107.............................................‬‬
‫‪ 3.1‬أقسام الوحدة ‪107..............................................‬‬
‫‪ 4.1‬القراءات املساعدة ‪108..........................................‬‬
‫‪ 5.1‬ما حتتاج إليه لدراسة الوحدة ‪109.................................‬‬
‫‪ .2‬نظرية املراحل اخلطية ‪110...............................................‬‬
‫‪ 1.2‬نظرية روستو في مراحل النمو االقتصادي ‪110.....................‬‬
‫‪ 2.2‬منوذج هارود – دومار في النمو االقتصادي ‪115....................‬‬
‫‪ .3‬مناذج التغير الهيكلي ‪120...............................................‬‬
‫‪ 1.3‬منوذج القطاعني آلرثر لويس ‪120.................................‬‬
‫‪ 2.3‬منوذج هوليس تشينيري في «التغير الهيكلي وأمناط التنمية» ‪128......‬‬
‫‪ .4‬ثورة التبعية الدولية ‪132.................................................‬‬
‫‪ 1.4‬توطئة ‪132.....................................................‬‬
‫‪ 2.4‬منوذج املركز – احمليط‪ :‬منوذج التبعية االستعمارية احلديثة ‪133.......‬‬
‫‪ 3.4‬نظرية التبادل الالمتكافئ ‪136....................................‬‬
‫‪ 4.4‬منوذج املثال اخلاطئ (املضلّل) ‪138................................‬‬
‫‪ 5.4‬أطروحة «ثنائية التنمية» ‪139......................................‬‬
‫‪ .5‬الثورة النيوكالسيكية املضادة ‪142........................................‬‬
‫‪ 1.5‬توطئة ‪142.....................................................‬‬
‫‪ 2.5‬مقاربة السوق احلرة ‪143.........................................‬‬
‫‪ 3.5‬مقاربة االختيار العام ‪144........................................‬‬
‫‪ 4.5‬مقاربة جانب العرض ‪145.......................................‬‬
‫‪ 5.5‬مقاربة السوق الصديقة ‪147......................................‬‬

‫‪105‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .6‬منوذج النمو النيوكالسيكي‪ :‬منوذج سولو للنمو ‪151.......................‬‬
‫‪ 1.6‬منهج حسابات النمو ‪151........................................‬‬
‫‪ 2.6‬منوذج سولو للنمو بدون تغير تكنولوجي ‪155......................‬‬
‫‪ 1.2.6‬احلالة املستقرة على املدى الطويل ‪157........................‬‬
‫‪ 2.2.6‬أثر الزيادة في معدل االدخار على النمو في املدى الطويل ‪159...‬‬
‫‪ 3.2.6‬أثر التغير في معدل النمو السكاني على النمو في املدى الطويل ‪160..‬‬
‫‪ 3.6‬منوذج سولو للنمو مع تغير تكنولوجي ‪161.........................‬‬
‫‪ .7‬نظرية النمو اجلديدة‪ :‬النمو الداخلي ‪164.................................‬‬
‫‪ 1.7‬الباعث وراء نظرية النمو الداخلي ‪164.............................‬‬
‫‪ 2.7‬املضامني األساسية لنموذج النمو الداخلي ‪165.....................‬‬
‫‪ .8‬اخلالصة ‪169..........................................................‬‬
‫‪ .9‬حملة عن الوحدة الدراسية الرابعة ‪170....................................‬‬
‫‪ .10‬إجابات التدريبات ‪171...............................................‬‬
‫‪ .11‬مسرد املصطلحات ‪175...............................................‬‬
‫‪ .12‬املراجع ‪179.........................................................‬‬

‫‪106‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .1‬املقدمة‬

‫‪ 1.1‬متهيد‬
‫مرحب ًا بك‪ ،‬عزيزي الدارس‪ ،‬في الوحدة الثالثة من مقرر التنمية االقتصادية‪،‬‬
‫وهي بعنوان "مناذج ونظريات التنمية االقتصادية"‪ .‬تتناول هذه الوحدة عدد ًا من مناذج‬
‫ونظريات التنمية االقتصادية التي انبثقت وتطورت في أعقاب احلرب العاملية الثانية‪،‬‬
‫والتي شكلت األساس النظري القتصاد التنمية‪ ،‬وهذه النظريات هي‪ :‬نظرية املراحل‬
‫اخلطية (منوذج املراحل عند روستو كنموذج مضاد للمفهوم املاركسي عن التطور‪،‬‬
‫منوذج هارود – دومار)‪ ،‬مناذج التغير الهيكلي‪( ،‬منوذج القطاعني آلرثر لويس‪ ،‬منوذج‬
‫هوليس تشينري في التغير الهيكلي وأمناط التنمية)‪ ،‬ثورة التبعية الدولية (منوذج املركز‬
‫‪ -‬احمليط‪ ،‬نظرية التبادل غير املتكافئ‪ ،‬منوذج املثال اخلاطئ‪ ،‬أطروحة ثنائية التنمية‪،‬‬
‫الثورة النيوكالسيكية املضادة (مقاربة السوق احلرة‪ ،‬مقاربة االختيار العام‪ ،‬مقاربة جانب‬
‫العرض‪ ،‬مقاربة السوق الصديقة)‪ ،‬ومنوذج النمو النيوكالسيكي‪ :‬منوذج سولو للنمو‪،‬‬
‫وأخير ًا نظرية النمو اجلديدة أو نظرية النمو الداخلي‪.‬‬

‫‪ 2.1‬أهداف الوحدة ‬
‫بعد دراسة هذه الوحدة وتدريباتها‪ ،‬واإلجابة عن أسئلة التقومي الذاتي‪ ،‬ينتظر منك‪،‬‬
‫عزيزي الدارس‪ ،‬أن تكون قادر ًا على أن‪:‬‬
‫توضح أهم نظريات التنمية االقتصادية احلديثة‪.‬‬
‫حتدد الفروق اجلوهرية بني هذه النظريات‪.‬‬
‫حتلل مدى مالءمة هذه النظريات في تفسير التخلف االقتصادي وكيفية التغلب عليه‪.‬‬

‫‪ 3.1‬أقسام الوحدة‬
‫لتحقيق األهداف السابقة‪ ،‬قسمت هذه الوحدة ستة أقسام رئيسة حتقق في مجملها‬
‫أهداف الوحدة السابقة‪.‬‬
‫القسم األول‪ :‬يتناول نظرية املراحل اخلطية‪ ،‬وتشمل نظرية روستو في مراحل النمو‬
‫االقتصادي‪ ،‬ومنوذج هارود – دومار‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫القسم الثاني‪ :‬مناذج التغير الهيكلي ‪ ،‬وتشمل منوذج القطاعني آلرثر لويس‪ ،‬ومنوذج‬
‫هوليس تشينري في التغير الهيكلي وأمناط التنمية‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬ثورة التبعية الدولية‪ ،‬ويشمل منوذج املركز – احمليط‪ ،‬ونظرية التبادل غير‬
‫املتكافئ‪ ،‬ومنوذج املثال اخلاطئ‪ ،‬وأطروحة ثنائية التنمية‪.‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬يتناول الثورة النيوكالسيكية املضـادة‪ ،‬وتشمل‪ :‬مقاربة السوق احلرة‪،‬‬
‫مقاربة االختيار العام‪ ،‬مقاربة جانب العرض‪ ،‬مقاربة السوق الصديقة‪.‬‬
‫احملدث)‪.‬‬
‫َّ‬ ‫القسم اخلامس‪ :‬يتناول منوذج النمو النيوكالسيكي (الكالسيكي‬
‫القسم السادس‪ :‬يتناول نظرية النمو اجلديدة‪ ،‬أو نظرية النمو الداخلي‪.‬‬

‫‪ 4.1‬القراءات املساعدة‬
‫ننصحك‪ ،‬عزيزي الدارس‪ ،‬أن تعود إلى املراجع اآلتية ألنها وثيقة الصلة مبوضوعات‬
‫هذه الوحدة‪:‬‬
‫أمني‪ ،‬سمير (‪ ،)1978‬التراكم على الصعيد العاملي– نقد نظريات التخلف‪ ،‬ترجمة‬
‫حسن قبيسي‪ ،‬دار بن خلدون‪.‬‬
‫أمني‪ ،‬سمير (‪ )1978‬التطور الالمتكافئ‪ ،‬ترجمة‪ :‬برهان غليون‪ ،‬دار الطليعة بيروت‪.‬‬
‫تودارو‪ ،‬ميشيل (‪ ،)2006‬التنمية االقتصادية‪ ،‬الطبعة اإلجنليزية‪ ،‬تعريب وترجمة‪،‬‬
‫محمود حسني‪ ،‬ومحمود عبد الرازق‪ ،‬الرياض‪ :‬دار املريخ‪.‬‬
‫سامويلسون‪ ،‬وآخرون (‪ ،)1995‬االقتصاد‪ ،‬طبعة ‪ ،15‬ترجمة‪ :‬هشام عبد الله‪ ،‬الدار‬
‫األهلية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫كرم‪ ،‬أنطونيوس (‪ ،)1991‬اقتصاديات التخلف والتنمية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مكتبة دار‬
‫الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫النجفي‪ ،‬سالم توفيق‪ ،‬والقريشي‪ ،‬محمد صالح (‪ ،)1988‬مقدمة في اقتصاد التنمية‪،‬‬
‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬جامعة املوصل‪.‬‬
‫‪Dornbusch, Rudiger, and others, (2004), Macro economics, 9th ed., Mc-Graw Hill.‬‬
‫‪Ingham, Barbara (1995), Economics and Development, Mc –Graw- Hill, in-‬‬
‫‪ternational (UK) limited.‬‬ ‫ ‬
‫‪Todaro, Michae and Smith Stephen )2003( Economic Development, 8th ed.,‬‬
‫‪(London: Addison Wesley Longman Limited).‬‬

‫‪108‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ 5.1‬ما حتتاج إليه لدراسة الوحدة‬

‫قبل أن تبدأ بدراسة الوحدة‪ ،‬تأكد‪ ،‬عزيزي الدارس‪ ،‬أنك مستعد ذهني ًا ونفسي ًا‬
‫للدراسة‪ ،‬والتعلم‪ ،‬وأنك قد اخترت املكان املناسب واجلو املريح‪ ،‬وأنصحك باإلجابة‬
‫عن أسئلة التقومي الذاتي‪ ،‬واالطالع على إجابات التدريبات‪ ،‬دون مالحظاتك‬
‫واستفساراتك واطلع على املراجع املساعدة ذات الصلة‪ ،‬واذكرك بضرورة االتصال‬
‫مبشرفك األكادميي ملناقشته في أي تساؤالت قد تظهر لديك أثناء دراستك للوحدة‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .2‬نظرية املراحل اخلطية ‪The Linear – Stages Theory‬‬
‫ عزيزي الدارس‪ ،‬من أبرز النظريات والنماذج التي متثل نظرية املراحل اخلطية نظرية‬
‫"روستو" في مراحل النمو االقتصادي‪ ،‬ومنوذج هارود – دوهار‪.‬‬

‫‪ 1.2‬نظرية روستو في مراحل النمو االقتصادي‬


‫ في خضم احلرب الباردة بني املعسكرين الرأسمالي واالشتراكي‪ ،‬جاء مؤ َلف‬
‫«مراحل النمو االقتصادي– بيان غير شيوعي» الصادر عام ‪ 1963‬ألستاذ التاريخ االقتصادي‬
‫األمريكي «وولت روستو» ‪ .Walt W. Rostow‬طبق ًا لروستو إن االنتقال أو التحول من‬
‫حالة التخلف إلى حالة التنمية ميكن أن يوصف على أنه سلسلة من اخلطوات أو املراحل‬
‫يجب على جميع الدول أو املجتمعات أن متر بها‪ ،‬وقد حدد روستو خمس مراحل للنمو‬
‫االقتصادي وهي (كرم ‪ :)1991‬مرحلة املجتمع التقليدي‪ ،‬مرحلة تهيئة شروط اإلقالع‪،‬‬
‫مرحلة اإلقالع‪ ،‬مرحلة السير في طريق النضوج‪ ،‬وأخير ًا مرحلة االستهالك اجلماهيري‬
‫العالي أو مرحلة االستهالك الوفير‪ .‬فما السمات األساسية لكل مرحلة؟‬
‫ال‪ :‬مرحلة املجتمع التقليدي‪Traditional Society‬‬ ‫أو ً‬
‫ تتصف هذه املرحلة بعدد من السمات أهمها‪:‬‬
‫انتشار اقتصاد الكفاف ‪ Subsistence Economy‬ال سيما في الزراعة‪.‬‬
‫انتشار اقتصاد املقايضة ‪.Barter Economy‬‬
‫هيمنة القطاع الزراعي وبدائية طرق اإلنتاج‪.‬‬
‫انخفاض اإلنتاجية نتيجة استخدام أساليب تكنولوجية تقليدية جامدة‪.‬‬
‫ يضيف روستو‪ ،‬وحيث إن املدخرات واالستثمارات في هذه املرحلة ال تكاد تكفي‬
‫لتغطية اهتالك ‪ Depreciation‬األصول الرأسمالية‪ ،‬فإن االقتصاد يكون في حالة توازن‬
‫ركودي ‪ Stationary Equilibrium‬ووصف املجتمع التقليدي من الناحية التاريخية‬
‫العلمية بأنه "عالم ما قبل نيوتن" أي عالم لم يصله بعد العلم احلديث وتطبيقاته التي بدأت‬
‫مع اكتشافات العالم الشهير نيوتن ‪.Newton‬‬
‫ثانياً‪ :‬مرحلة تهيئة شروط اإلقالع ‪The Pre-conditions for take off‬‬
‫ تتصف هذه املرحلة بعدد من السمات أبرزها‪:‬‬
‫منو الصناعات التعدينية وزيادة استخدام رأس املال (التجهيزات الرأسمالية) في الزراعة‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫حتسن مجاالت االدخار واالستثمار‪ ،‬والربح وزيادة فرص العمل والتعليم‪ ،‬وهو ما‬
‫يؤدي إلى انبثاق فئة املنظمني وإن بحدود ضيقة‪.‬‬
‫إن تقسيم العمل والتخصص يولد كميات إضافية للتبادل‪ ،‬وبالتالي تتسع السوق‬
‫احمللية‪ ،‬وتنمو التجارة الداخلية واخلارجية‪.‬‬
‫تظهر احلاجة إلى النقل فتزداد االستثمارات في هذا القطاع لدعم التبادل التجاري‪.‬‬
‫تبرز احلاجة لتمويل إضافي فتظهر بعض املؤسسات املالية لتؤدي دور الوسيط بني‬
‫املدخرين واملستثمرين‪.‬‬
‫بروز قطاع (أو أكثر) ليلعب دور القطاع الرائد أو القائد ‪ ،Leading Sector‬ويبرز‬
‫الدور الرائد في هذه املرحلة في القطاع األولي (الزراعة والتعدين)‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬مرحلة اإلقالع أو االنطالق ‪The take – off‬‬
‫ أعطى "روستو" ملرحلة اإلقالع أهمية مركزية في عملية النمو االقتصادي‪ ،‬حيث‬
‫يتم خاللها التحطيم النهائي للقيود القدمية‪ ،‬والقوى املناوئة للنمو املضطرد‪Sustained‬‬
‫‪ ،growth‬وحسب "روستو" تستغرق مرحلة اإلقالع فترة قصيرة نسبي ًا ‪ – *1‬عقدين أو‬
‫ثالثة – يستطيع االقتصاد خاللها أن يحدث حتوالت ذاتية حاسمة‪ .‬يحدد «روستو» أن هذه‬
‫املرحلة تنطوي على تغيرات أساسية ثالثة‪ ،‬متثل في نفس الوقت الشروط لدخول مرحلة‬
‫اإلقالع وهي‪:‬‬
‫زيادة نسبة االستثمارات من الدخل القومي أو الناجت القومي الصافي إلى أكثر من ‪.10%‬‬
‫ظهور صناعة جديدة أو أكثر من الصناعات التحويلية التي تتصف مبعدالت منو عالية‪.‬‬
‫ٍ‬
‫موال ومحفز إلى حد كبير للنمو املطّ رد‪.‬‬ ‫بروز إطار مؤسسي سياسي – اجتماعي‬
‫ يالحظ‪ ،‬عزيزي الدارس‪" ،‬روستو" أن مرحلة اإلقالع تبدأ عادة مع ظهور حافز‬
‫حاد ‪ Sharp Stimulus‬من نوع معني‪ ،‬وقد يكون‪:‬‬
‫أ‪.‬ثورة سياسية تغير ميزان القوى الداخلي‪ ،‬وحتدث أيض ًا تغييرات في القيم‬
‫االجتماعية وفي طبيعة املؤسسات االقتصادية السائدة‪.‬‬
‫ب‪ .‬ابتكارات تكنولوجية ‪ Technological Innovations‬من شأنها أن حترك سلسلة‬

‫* يحدد «روستو» مرحلة اإلقالع في عدد من الدول بالفترة التي يعتقد أن الثورة الصناعية حتققت فيها‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬فإن الدول التالية‬
‫حققت إقالعها في الفترات التالية‪:‬‬
‫‪1802 -1783‬بريطانيا‪ 1860-1830 ،‬فرنسا‪ 1860-1843 ،‬الواليات املتحدة‪ 1873 -1850 ،‬أملانيا‪ 1890-1868 ،‬السويد‪،‬‬
‫‪ 1900-1878‬اليابان‪ 1914-1890 ،‬روسيا‪( ،‬راجع‪ :‬كرم ‪ ،1991‬ص‪)123‬‬

‫‪111‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫من "التوسعات الثانوية" في القطاعات احلديثة‪ ،‬وحتدث منافع خارجية ‪External benefits‬‬
‫هامة يستطيع املجتمع استغاللها‪.‬‬
‫ج‪ .‬تطورات إيجابية أو سلبية في املناخ الدولي‪ .‬التطورات اإليجابية ميكن أن تأخذ‬
‫شكل فتح أسواق جديدة للصادرات‪ ،‬وارتفاع شديد في أسعار السلع املصدرة‪ ،‬وزيادة‬
‫كبيرة في تدفق االستثمارات األجنبية‪ .‬أما التطورات السلبية فيمكن أن تكون في صورة‬
‫"تدهور شروط التبادل التجاري" أو انسداد القنوات اخلارجية املألوفة بسبب حرب أو‬
‫حصار اقتصادي تفرض على الدولة املعنية ضغوط ًا للعمل على إنتاج بدائل محلية للسلع‬
‫املصنعة التي كانت تستوردها في السابق‪.‬‬
‫ يضيف «روستو» شرط ًا آخر لدخول مجتمع معني مرحلة اإلقالع‪ ،‬وهو ضرورة بروز‬
‫«صفوة» أو «نخبة» ‪ - Elite‬منظمني في مختلف املجاالت خاصة املجاالت الصناعية‪ ،‬حيث‬
‫يلعب إدخالهم املستمر لالبتكارات في طرائق اإلنتاج والتنظيم دور ًا مركزي ًا في عملية النمو‪.‬‬
‫وهنا جند "روستو" متأثر ًا بأفكار عالم االقتصاد الشهير "شومبيتر" ‪ J. Schumpeter‬عن‬
‫النظم واالبتكارات خاصة في املجال التكنولوجي‪.‬‬
‫ ينتهي "روستو" إلى القول بأن اإلقالع*‪ 2‬في التحليل األخير ليس إال ثورة صناعية‬
‫تخلق تغييرات جذرية في أساليب اإلنتاج الفنية‪ ،‬من شأنها أن تعطي نتائج حاسمة خالل‬
‫فترة قصيرة نسبياً‪ .‬وهو بذلك يعطي أهمية بالغة لدور التصنيع في مرحلة اإلقالع‪ ،‬وفي‬
‫مجمل عملية النمو‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬مرحـلة السير في طريـق النضـوج ‪The drive to maturity‬‬
‫ يعرف «روستو» هذه املرحلة بأنها فترة طويلة من النمو املطّ رد واملتقلب‪ ،‬وتشكل‬
‫االستثمارات من الدخل القومي بني ‪ 10%‬إلى ‪ ،20%‬ومبا يسمح لالنتاج بالنمو مبعدالت‬
‫أعلى من معدل الزيادة السكانية‪ ،‬وحسب «روستو» تتطلب مرحلة السير في طريق النضوج‬
‫نحو ستني عاماً‪ .‬وقد تختلف هذه الفترة بعض الشيء من دولة إلى أخرى*‪.‬‬
‫ ال يعطي «روستو» الكثير من املعلومات عن هذه املرحلة‪ ،‬ويقول إن القطاعات التي‬
‫كانت رائدة في املرحلة السابقة (مرحلة اإلقالع) تضمحل‪ ،‬وتنتقل من الواجهة االقتصادية‬
‫ليحل محلها قطاعات رائدة جديدة‪ .‬على سبيل املثال بعد قطاع السكك احلديدية كقطاع‬

‫*‪2‬بلغت بريطانيا مرحلة النضوج حوالي عام ‪ ،1850‬والواليات املتحدة حوالي عام ‪ ، 1900‬وفرنسا حوالي عام ‪ ، 1910‬واليابان حوالي عام ‪.1940‬‬

‫‪112‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫ريادي‪ ،‬تلت قطاعات الصلب‪ ،‬وصناعة املراكب احلديثة‪ ،‬والصناعات الكيماوية‬
‫والكهربائية‪ .‬إن النضوج هو مرحلة تشهد زيادة في سرعة انبثاق الصناعات احلديثة‪ ،‬وبطء‬
‫الصناعات القدمية‪ ،‬والتحسن املستمر في فنون (تكنولوجيا) اإلنتاج في مجاالت واسعة‪.‬‬
‫ في مرحلة االجتاه نحو النضوج عند «روستو» إن االقتصاد ال يدخل في الركود‪،‬‬
‫بل إن النمو االقتصادي يستمر حتى بلوغ املرحلة اخلامسة واألخيرة من مراحل النمو‪ ،‬وهي‬
‫مرحلة االستهالك الوفير أو اجلماهيري العالي‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬مرحلة االستهالك اجلماهيري العالي ‪The high mass consumption‬‬
‫ في هذه املرحلة األخيرة تتحول القطاعات االقتصادية الرئيسية إلى إنتاج السلع‬
‫االستهالكية املعمرة بأساليب فنية عالية املستوى‪ .‬وحسب «روستو» تعتبر الفترة التي يستغرقها‬
‫االقتصاد لالنتقال من مرحلة االجتاه نحو النضوج إلى مرحلة االستهالك الوفير أطول املراحل‪.‬‬
‫فالواليات املتحدة هي الوحيدة من بني دول العالم التي استطاعت بلوغ هذه املرحلة‪.‬‬
‫في هذه املرحلة ال يكون في متناول املواطنني جميع السلع االستهالكية الضرورية‬
‫والعديد من السلع الكمالية حسب‪ ،‬بل تتحقق أيض ًا حالة الرفاه االجتماعي‪Social Welfare‬‬
‫التي تضمن للمواطن مستوى عالي ًا من خدمات التعليم والثقافة واخلدمات الصحية والترفيهية‪.‬‬
‫وفي هذه املرحلة يضعف على حد تعبير "روستو" حافز الربح‪ ،‬ويحل محله حب األمان‬
‫‪ ،Security‬وتتحول النسبة الكبرى من األيدي العاملة إلى قطاع اخلدمات احلكومية واخلاصة‬
‫(كرم ‪.)1991،‬‬
‫نقـد نظريـة روستو‬
‫عزيزي الدارس‪ ،‬على الرغم من املصطلحات التي أدخلها «روستو» إلى أدبيات‬
‫التنمية‪ ،‬والتي أصبح استخدامها واسع االنتشار كاإلقالع ‪ Take –off‬والنمو املطّ رد‬
‫‪ Sustained growth‬وغيرها‪ .‬فإن نظرية روستو القت العديد من االنتقادات العنيفة‪،‬‬
‫وفيما يلي أهمها‪:‬‬
‫انتقد "سولو" "روستو" ألنه لم يقدم منوذج ًا نظري ًا باملعنى احلقيقي‪ ،‬أي منوذج ًا‬
‫يسمح باختبار فرضياته وخالصاته من خالل مواجهتها بالبيانات واملعلومات التي يوردها‪.‬‬
‫وأن منوذج "روستو" ال يحتوي إال على القليل من القدرة التحليلية‪ .‬كما أن "سولو"‬
‫انتقد "روستو" لعدم إدخال دور التجارة اخلارجية وازدواجية التكنولوجيا في منوذجه‬
‫بشكل كاف‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫أما كوزنتس ‪ Kuznets‬فيرى أن اخلط الفاصل بني مراحل النمو عند "روستو" غير‬
‫واضح‪ ،‬خصوص ًا بني مرحلة اإلقالع واملرحلة التي تليها‪ .‬فنفس اخلصائص التي يوردها‬
‫"روستو" في مرحلة ما جندها تتكرر في مراحل أخرى‪ .‬ويرى كوزنتس أنه ال توجد أرض‬
‫صلبة للوقوف عليها في مناقشة العالقات التحليلية التي تربط مرحلة اإلقالع باملراحل التي‬
‫تليها أو تسبقها‪ .‬كما ساد الغموض حتديده لكل مرحلة في مراحل النمو متى تبدأ ومتى‬
‫تنتهي؟ وما خصائصها املميزة عن املراحل األخرى؟‬
‫من جهة أخرى تعرضت نظرية "روستو" النتقادات شديدة من قبل املفكرين‬
‫املاركسيني‪ ،‬وأبرزها أن "روستو" يقدم تفسير ًا غير تاريخي يحاول أن يطمس األسباب‬
‫التاريخية للتخلف ممثلة في االستعمار واألمبريالية‪ ،‬حيث يرى "روستو" أن األسباب‬
‫األساسية للتخلف تكمن في نقص املدخرات والتراكم الرأسمالي‪.‬‬
‫ويضيف هؤالء أن نظرية مراحل النمو االقتصادي عند "روستو" قد وضعت في‬
‫مقابل مراحل املجتمع البشري اخلمس التي حددتها املاركسية‪ ،‬وهي‪ :‬املشاعية البدائية‪،‬‬
‫والعبودية‪ ،‬واإلقطاعية‪ ،‬والرأسمالية‪ ،‬والشيوعية‪ .‬وزعم "روستو" أن الرأسمالية‬
‫متثل كنظام اجتماعي "نهاية التاريخ البشري"‪ .‬كذلك يركز "روستو" في مراحل النمو‬
‫االقتصادي على التغيرات الكمية في جانب القوى املنتجة‪ ،‬باملقابل يهمل أو يتجاهل‬
‫التغيرات النوعية في عالقات اإلنتاج ال سيما أشكال امللكية‪ ،‬وهو بذلك يتجاهل الفروق‬
‫اجلوهرية بني النظم االجتماعية املختلفة‪.‬‬
‫كما انتقدت نظرية "روستو" لتركيزها على الشروط الضرورية – زيادة املدخرات‬
‫والتراكم الرأسمالي الكافي – لولوج طريق النمو الذاتي املضطرد‪ ،‬والتقدم االقتصادي‪،‬‬
‫بينما جتاهلت متغيرات هامة أخرى‪ .‬فاألوضاع التي تعيشها البلدان النامية اليوم تختلف‬
‫جذري ًا عن تلك الظروف التي عاشتها دول أوروبا وأمريكا الشمالية في مرحلة ما قبل‬
‫االنطالق‪ .‬حيث خضعت البلدان النامية وما تزال ملختلف أشكال االستغالل األمبريالي‬
‫االستعماري لثرواتها القومية‪ .‬إن "روستو" يعزل الشروط الضرورية – زيادة املدخرات‬
‫واالستثمار الكافي – حلصول التنمية االقتصادية عن جملة العوامل والشروط االقتصادية‬
‫واالجتماعية والسياسية والثقافية – احمللية والدولية – التي تلعب الدور املركزي في جناح أو‬
‫فشل عملية التنمية في البلدان النامية اليوم (حبيب كاظم‪.)1980 ،‬‬
‫ واآلن – عزيزي الدارس – حتقق من فهمك مما سبق باإلجابة عن التالي‪:‬‬

‫‪114‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫تدريب (‪)1‬‬

‫هل فكرة القطاع الرائد جديدة أو مستحدثة من روستو؟‬

‫أسئلة التقومي الذاتي (‪)1‬‬

‫‪ .1‬حدد «روستو» شرط دخول دولة ما مرحلة اإلقالع في‪:‬‬


‫أ‪ .‬زيادة نسبة االستثمارات املنتجة من دخلها القومي إلى أكثر من ‪.% 10‬‬
‫ب‪ .‬ظهور قطاع واحد أو أكثر من قطاعات الصناعات التحويلية يتصف مبعدالت ‬
‫منو عالية‪.‬‬
‫ج‪ .‬بروز إطار مؤسسي سياسي – اجتماعي محفز إلى حد كبير للنمو املضطرد‪.‬‬
‫د‪ .‬بروز نخبة منظمني في مختلف املجاالت خاصة املجاالت الصناعية‪.‬‬
‫هـ‪ .‬جميع ما ذكـر صحيح‪.‬‬
‫‪.2‬حاول أن حتدد الفرق بني مرحلة اإلقالع‪ ،‬ومرحلة السير في طريق النضوج في ‬
‫نظرية «روستو»‪.‬‬
‫‪.3‬ما أبرز االنتقادات التي وجهت إلى نظرية «روستو»‪.‬‬

‫‪ 2.2‬منوذج هارود – دومار في النمو االقتصادي‬


‫عزيزي الدارس‪ ،‬لقد توصل إلى هذه النموذج‪ ،‬وبشكل مستقل كل من السير‬
‫روي هارود ‪ Sir Roy Harrod‬من أكسفورد‪ ،‬وايفسي دومار ‪ Evsey Domar‬من معهد‬
‫ماساتشوسيتس‪ .‬ارتبطت أعمال هارود ودومار باالقتصاديات الرأسمالية املتقدمة‪ ،‬والحق ًا‬
‫استخدم هذا النموذج لتحديد مستوى االدخار واالستثمار الالزم لبلوغ هدف النمو في‬
‫الدخل القومي في الدول النامية‪.‬‬
‫ينطلق هارود – دومار من عدد من االفتراضات والتعاريف األساسية وهي‬
‫(‪:)Todaro, 2003‬‬
‫إذا افترضنا وجود عالقة مباشرة بني احلجم الكلي لرصيد (مخزون) رأس املال (‪)K‬‬
‫‪ ،Capital Stock‬والناجت القومي اإلجمالي ‪ GNP‬ولنرمز له بالرمز (‪ ،)Y‬وإذا كان يلزم‬
‫على سبيل املثال – ثالثة دوالرات من رأس املال إلنتاج وحدة واحدة من الناجت القومي‬
‫‪115‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫قيمتها دوالر واحد‪ ،‬معنى ذلك أن‪ ،K/Y = 3:1 *3‬ويطلق على هذه النسبة معامل رأس‬
‫املال ‪ /‬اإلنتاج (‪ ،Capital – Output Ratio )COR‬ويرمز له بحرف صغير (‪ )k‬متييز ًا له‬
‫عن (‪ )K‬الذي يرمز إلى رصيد رأس املال‪.‬‬
‫إن االدخار (‪ )S‬ميثل نسبة معينة (‪ )s‬وثابتة من الدخل القومي (‪ ،)Y‬ومنها نحصل‬
‫على املعادلة البسيطة التالية‪:‬‬
‫( ‪S = sY ..... ) 1‬‬
‫إن االستثمار الصافي (‪ )I‬ميثل التغير في مخزون (أو رصيد) رأس املال‪ ،‬وميكن‬
‫التعبير عنه كما يلي‪:‬‬
‫( ‪I = Δ K ...... ) 2‬‬
‫وملا كان رصيد رأس املال القومي (‪ )K‬يرتبط بعالقة مباشرة مع الدخل أو الناجت القومي‬
‫اإلجمالي (‪ )Y‬واملعبر عنها مبعامل رأس املال ‪ /‬اإلنتاج (‪ )k‬فإنه يتبع ذلك أن يكون‪ :‬‬
‫‪k = K/ Y‬‬
‫أو ‪k = Δ K/ Δ Y‬‬
‫أو ( ‪Δ K = k Δ Y .... ) 3‬‬
‫‪ .4‬وحيث إن صافي االدخار القومي (‪ )S‬يجب أن يساوي صافي االستثمار القومي‬
‫(‪ )1‬فإنه ميكن كتابة هذه املتطابقة كما يلي‪:‬‬
‫( ‪S = I .... )4‬‬
‫وحيث أن ‪S = s Y :‬‬
‫‪I= ΔK = kΔY‬‬
‫وميكن إعادة صياغة املتطابقة (‪ )4‬كما يلي‪:‬‬
‫‪S= s Y = k ΔY = ΔK = I‬‬
‫ أو بصورة مبسطة‪:‬‬
‫(‪s Y = k Δ Y .... ) 5‬‬
‫ وبقسمة طرفي املعادلة (‪ )5‬على (‪ )Y‬ثم على (‪ )k‬نحصل على املعادلة التالية‪:‬‬
‫(‪ΔY /Y = s / k................... )6‬‬

‫‪ *3‬تقرأ هذه الرموز واملعادالت من اليسار إلى اليمني ما لم ُي َش ْر إلى غير ذلك‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫متثل املعادلة (‪ )6‬الشكل املبسط ملعادلة النمو االقتصادي في منوذج هارود – دومار‪،‬‬
‫حيث يشير الطرف األيسر من هذه املعادلة وهو ‪ Δ Y/ Y‬إلى معدل النمو في الناجت أو‬
‫الدخل القومي اإلجمالي (‪ )GNP‬والذي يحدده كل من نسبة االدخار من الدخل القومي‬
‫(‪ – )s‬والتي يفترض أن يحولها املجتمع إلى استثمارات حقيقية ‪ -‬ومعامل‪ *4‬رأس املال‪/‬‬
‫الناجت (‪ .)k‬إن معدل منو الدخل القومي يرتبط بعالقة موجبة (طردية) مبعدل االدخار‪.‬‬
‫وبعالقة سالبة (عكسية) مبعامل رأس املال ‪ /‬الناجت‪.‬‬
‫طبق ًا للمعادلة (‪ ،)6‬فإن معدل منو الدخل القومي ميكن أن يزداد إما بزيادة نسبة‬
‫االدخار (أو االستثمار) من الدخل القومي‪ ،‬أو بخفض معامل رأس املال ‪ /‬الناجت‪ ،‬أي‬
‫زيادة الكفاءة اإلنتاجية للمخزون الرأسمالي‪ .‬وحيث إن إنتاجية االستثمار تقاس مبعكوس‬
‫معامل رأس املال (‪ .)k‬وبهذه الطريقة فإن معدل منو الدخل القومي يساوي نسبة االستثمار‬
‫‪ Δ Y = I x 1‬‬ ‫مضروبة في إنتاجيته‪ .‬أي أن‪:‬‬
‫‪Y Y K‬‬
‫ وللوصول إلى معدل النمو في الدخل الفردي نطرح معدل الزيادة السكانية (‪ )P‬من‬
‫معدل الزيادة في الدخل القومي‪ ،‬فتصبح معادلة النمو في هذا النموذج كما يلي‪:‬‬
‫‪Δ /Y Y = s/k - P‬‬

‫مثال (‪)1‬‬

‫على افتراض أن معدل االدخار من الدخل القومي في مجتمع معني هو ‪ ،15%‬وأن‬


‫معامل رأس املال ‪ /‬الناجت (‪ ،)1 :3‬ومعدل الزيادة السكانية ‪ % 2‬سنوياً‪ ،‬فإن معدل‬
‫النمو االقتصادي معرف ًا مبعدل منو الدخل الفردي السنوي يساوي‪:‬‬
‫(‪ )Per capita‬للفرد ‪% 15 / % 3 - % 2 = 3%‬‬

‫‪ *4‬جتدراإلشارة هنا إلى أن ‪( K / Y‬وتقرأ من جهة اليسار) تعبر عن العالقة بني حجم راس املال القومي إلى حجم الناجت القومي وهو ما يعرف‬
‫باملعامل املتوسط لرأس املال ‪ /‬الناجت‪:‬‬
‫)‪ ،Average Capital – Out put Ratio ( ACOR‬في حني أن ‪ Δ K /Δ Y‬تعبر عن العالقة بني التغير في رأس املال القومي إلى‬
‫التغير في الناجت القومي‪ ،‬وهو ما يعرف باملعامل احلدي لرأس املال‪/‬الناجت ‪،Incremental Capital – Output Ratio ( ICOR ):‬‬
‫وهو عبارة عن مقدار رأس املال (االستثمارات) اجلديدة الالزمة لزيادة الدخل (أو الناجت) القومي مبقدار وحدة واحدة ‪ ،‬واملعامل احلدي لرأس‬
‫املال ‪ /‬الناجت هو الذي يعتمد عليه في تخطيط حجم االستثمارات الالزمة لزيادة الدخل القومي مبعدل معني‪ ،‬وذلك ألن املعامل احلدي يعتبر‬
‫أكثر دقة من املعامل املتوسط لرأس املال ‪ /‬الناجت‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫ واآلن – عزيزي الدارس – اختبر معلوماتك باإلجابة عن التالي‪:‬‬

‫تدريب (‪)2‬‬

‫إذا كانت خطة التنمية االقتصادية ملجتمع ما تستهدف زيادة الدخل الفردي مبعدل ‪% 4‬‬
‫سنوياً‪ ،‬وأن معامل رأس املال ‪ /‬الناجت (‪ ،)1 : 3‬ومعدل الزيادة السكانية السنوية ‪،3%‬‬
‫فاحسب معدل االدخار (أو االستثمار) السنوي الالزم لتحقيق هدف اخلطة‪ .‬ثم احسب‬
‫معدل االدخار املطلوب لتحقيق هذا الهدف إذا انخفض معامل رأس املال ‪ /‬الناجت إلى‬
‫(‪.)1 : 2‬‬

‫تدريب (‪)3‬‬

‫إذا توفرت لديك البيانات السنوية التالية عن اقتصاد ما‪:‬‬


‫‪ 1200‬مليون دينار‬ ‫ ‬ ‫الدخل القومي‬
‫‪ 300‬مليون دينار‬ ‫ ‬‫االدخار القومي‬
‫‪1/4‬‬ ‫إنتاجية رأس املال ‬
‫معدل الزيادة السكانية ‪% 2‬‬
‫املطلوب‪ :‬باستخدام منوذج هارود‪ -‬دومار‪ ،‬احسب معدل منو الدخل القومي ‪ ،‬ومعدل‬
‫منو الدخل الفردي‪.‬‬

‫أسئلة التقومي الذاتي (‪)2‬‬

‫بالرجوع إلى بيانات تدريب (‪ ،)3‬احسب معدل النمو في الدخل الفردي في كل من‬
‫احلالتني التاليتني‪:‬‬
‫‪ .1‬زيادة االدخار القومي مبقدار ‪ 400‬مليون دينار‪.‬‬
‫‪ .2‬زيادة إنتاجية رأس املال إلى ‪1/3‬‬
‫‪.3‬ما الشرط الضروري للنمو االقتصادي في كل من نظرية مراحل النمو عند «روستو»‬
‫ومنوذج «هارود – دومار»؟ وهل هذا الشرط الضروري ٍ‬
‫كاف لتحقيق التنمية االقتصادية‬
‫في دول العالم الثالث؟ وملاذا؟‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫مالحظات على منوذج هارود – دومار‬
‫يعتقد أكثر االقتصاديني أن أحد ًا ال يجادل في أهمية ودور االستثمار‪ ،‬وضرورة‬
‫االرتفاع مبعدله كشرط ضروري لتكوين رأس املال‪ ،‬وحتقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬إال أن‬
‫منوذج هارود‪ -‬دومار قد بالغ في الدور الذي ميكن أن يلعبه االستثمار‪ ،‬بحيث جعل منه‬
‫العنصر األساس واحلاسم في عملية التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫فاالستثمار وإن كان شرط ًا ضروري ًا لها‪ ،‬إال أنه ليس شرط ًا كافي ًا لتحقيقها‪ .‬فهناك‬
‫جملة من العوامل االجتماعية والسياسية واملؤسسية إلى جانب عوامل اقتصادية أخرى غير‬
‫االستثمار‪ ،‬تلعب دور ًا مركزي ًا في عملية التنمية االقتصادية في البلدان املتخلفة‪.‬‬
‫ال باقتصاديات الدول‬ ‫ورمبا افترض منـوذج هارود – دومار ‪ -‬وهو منوذج يرتبط أص ً‬
‫الرأسمالية املتقدمة ‪ -‬بأن النظم االقتصادية واالجتماعية والسياسية واإلطار الثقافي في هذه‬
‫البلدان تعتبر مواتية لعملية التنمية‪ ،‬وهو افتراض غير صحيح‪ .‬كما يؤخذ على هذا النموذج‬
‫إهماله ألهمية االستثمار في تكوين رأس املال البشري‪ ،‬وتكوين قوة عمل مؤهلة ومدربة‪،‬‬
‫وحتسني نوعيتها وإنتاجيتها‪ ،‬وبالتالي زيادة النمو االقتصادي‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .3‬مناذج التغير الهيكلي ‪Structural – Change Models‬‬
‫ركزت‪ ،‬عزيزي الدارس‪ ،‬مناذج التغير الهيكلي (البنيوي) على كيفية حتويل‬
‫االقتصاديات املتخلفة من اقتصاديات معتمدة على الزراعة التقليدية إلى اقتصاديات حضرية‬
‫معتمدة على تشكيلة متنوعة من الصناعات احلديثة‪ .‬ولوصف الكيفية التي تتحقق فيها هذه‬
‫التغير الهيكلي على أدوات التحليل النيوكالسيكي‪ :‬األسعار‪،‬‬‫ّ‬ ‫العملية اعتمدت مناذج‬
‫التغير الهيكلي‬
‫ونظرية تخصيص املوارد‪ ،‬وأدوات التحليل القياسي احلديثة‪ .‬من أبرز مناذج ّ‬
‫وأكثرها شهرة ‪ ،‬منوذج « العمل الفائض لقطاعني «آلرثر لويس ‪ Arthur Lewis‬ومنوذج‬
‫«التغير الهيكلي وأمناط التنمية»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هوليس تشينري‪ Hollis Chenery‬في‬

‫‪ 1.3‬منوذج القطاعني آلثر لويس ‪Lewis two Sector Model‬‬


‫ في منتصف اخلمسينات من القرن املاضي استنتج آرثر لويس منوذجه في التنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬وافترض لويس أن االقتصاد املتخلف يتكون من قطاعني هما‪ :‬قطاع زراعي تقليدي‬
‫يعيش على حد الكفاف‪ ،‬والثاني قطاع صناعي حضري حديث‪ ،‬وأن اإلنتاجية احلدية للعمل‬
‫الفائض في القطاع التقليدي منخفضة جد ًا أو صفر‪ .‬في حني يتميز القطاع احلديث بإنتاجية‬
‫عالية‪ .‬كما افترض لويس أن مستوى األجور ثابت في القطاع الصناعي احلديث‪ ،‬ومحدد عند‬
‫مستوى أعلى من أجور الكفاف‪ Subsistence wages *5‬في القطاع الزراعي التقليدي‪ .‬حيث‬
‫افترض أن األجور في املناطق احلضرية يجب أن تكون أعلى على األقل بنسبة ‪ 30%‬من متوسط‬
‫الدخل الريفي من أجل حث العمال على الهجرة من الريف الزراعي إلى املناطق احلضرية للعمل‬
‫في القطاع الصناعي احلديث‪ .‬ويتبع هذا االفتراض (ثبات األجور في القطاع الصناعي احلديث)‬
‫أن منحنى عرض العمل الريفي في القطاع احلديث تام املرونة‪ .‬‬
‫ركز منوذج لويس على حتويل أو انتقال فائض العمل من القطاع الزراعي التقليدي إلى‬
‫القطاع الصناعي احلديث من جهة‪ ،‬وعلى منو االستخدام (التوظيف) في القطاع الصناعي من‬
‫جهة أخرى‪ .‬وإن منو االستخدام في القطاع الصناعي في املناطق احلضرية يعتمد على التوسع‬
‫في اإلنتاج في القطاع الصناعي‪ .‬وتعتمد سرعة هذا التوسع على معدل التراكم الرأسمالي‬
‫(االستثمار) في القطاع الصناعي‪ .‬ويحصل التوسع في االستثمار واإلنتاج الصناعي من خالل‬
‫تراكم األرباح وإعادة استثمارها من قبل الرأسماليني‪( .‬النجفي‪ ،‬والقريشي‪.)1988 ،‬‬

‫‪ *5‬وفق ًا للنظرية االقتصادية الكالسيكية يعرف أجر الكفاف بأنه األجر الضروري لإلبقاء على العامل وأسرته على قيد احلياة‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫ميكن توضيح منوذج لويس لنمو القطاع الصناعي احلديث من خالل الشكل البياني‬
‫رقم (‪ )1‬والشكل البياني رقم (‪.)Todaro,1997( )2‬‬
‫ميثل اجلزء العلوي من الشكل البياني (‪ )1‬دالة اإلنتاج في القطاع الزراعي في املدى‬
‫القصير‪ ،‬حيث يتحدد الناجت الكلي (‪ )TPA‬بكمية العمل (‪ )QLA‬معبر ًا عنها مبليون عامل‪،‬‬
‫وميثل العمل (‪ )LA‬العنصر اإلنتاجي الوحيد املتغير عند كمية ثابتة من رأس املال (‪)َKA‬‬
‫ومستوى ثابت من التكنولوجيا التقليدية (‪.)tA‬‬

‫عدد العمال باملليون ‪)Quantity of labor (QLA) (millions‬‬ ‫ ‬


‫‪Traditional (agricultural) sector‬‬ ‫ ‬
‫القطاع الزراعي التقليدي‬ ‫ ‬
‫شكل (‪)1‬‬ ‫ ‬
‫‪121‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫أما اجلزء السفلي‪ ،‬فيبني منحنى الناجت املتوسط للعمل (‪ ،)APLA‬ومنحنى‬
‫الناجت احلدي للعمل (‪ .)MPLA‬وهما مشتقان من منحنى الناجت الكلي في الشكل‬
‫العلوي وصف آرثر لويس االقتصاد املتخلف بأن ‪ 80%‬إلى ‪ % 90‬من سكانه يعيشون‬
‫ويعملون في املناطق الريفية‪ .‬وبالعالقة مع القطاع الزراعي التقليدي في البلدان‬
‫املتخلفة‪ .‬افترض «لويس»‪:‬‬
‫‪ .1‬إن االنتاجية احلدية للعمل (‪ )MPLA‬تساوي صفراً‪ ،‬وذلك نتيجة انتشار ظاهرة‬
‫العمل الفائض في القطاع الزراعي التقليدي‪.‬‬
‫‪ .2‬إن األجر احلقيقي الريفي يتحدد على أساس الناجت املتوسط للعمل (‪)APLA‬‬
‫وليس الناجت احلدي للعمل (‪.)MPLA‬‬
‫وهذا االفتراض (‪ )assumption‬مبني على افتراض آخر وهو أن جميع العاملني‬
‫في الريف يتقاسمون الناجت الكلي بالتساوي‪ .‬ويجادل «لويس» أن األرض في الريف‬
‫مكتظة بالسكان وهو ما يؤدي إلى هبوط الناجت احلدي للعمل إلى مستويات متدنية جداً‪،‬‬
‫احلدية كما هو احلال في القطاع احلديث‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لذلك ال يدفع لعنصر العمل أجر يعادل إنتاجيته‬
‫احلدية للعمل في القطاع الزراعي التقليدي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وذلك ألن حتديد األجر عند مستوى اإلنتاجية‬
‫إمنا يعني املجاعة‪.‬‬
‫إن العائلة (األسرة) الواحدة تتقاسم الناجت الكلي ملزرعة العائلة‪ ،‬واألرجح أن‬
‫يحصل كل عامل على أجر يساوي تقريب ًا الناجت املتوسط (‪.)Ingham, 1995, p113‬‬
‫الشكل البياني (‪ )2‬ميثل القطاع الصناعي احلديث وميثل اجلزء العلوي منه دوال اإلنتاج‬
‫لهذا القطاع‪ .‬أو الناجت الكلي من السلع املصنعة (‪ ، )TPm‬والذي يعتمد على عنصر العمل‬
‫املتغير (‪ ،)Lm‬ومستوى معني (ثابت) من املخزون الرأسمالي (‪ ،)َKm‬ومستوى معني من‬
‫التكنولوجيا (‪.)َt‬‬
‫أما احملور األفقي فيمثل كمية العمل معبر ًا عنها بألف عامل من العمال احلضريني‪.‬‬
‫في حني ميثل احملور الرأسي الناجت الكلي الصناعي‪.‬‬
‫وفي اجلزء العلوي للشكل (‪ )2‬يالحظ أن مخزون رأس املال يرتفع من (‪)Km1‬‬
‫إلى (‪ )Km2‬ثم إلى (‪ ،)Km3‬وهو ما يعود في منوذج «لويس» إلى إعادة استثمار أرباح‬
‫الرأسماليني الصناعيني‪ ،‬وبالتالي تنتقل دالة اإلنتاج إلى أعلى من ‪ )TPm(Km1‬إلى ‪TPm‬‬
‫‪ )(Km2‬ثم إلى ‪.)TPm (Km3‬‬

‫‪122‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫شكل (‪ )2‬منوذج لويس‬

‫‪123‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫أما اجلزء السفلي للشكل البياني (‪ )2‬فيبني منحنيات الناجت احلدي للعمل في القطاع‬
‫احلديث واملشتقة من منحنيات الناجت الكلي في اجلزء العلوي ‪ ،‬وهذه املنحنيات في ظل‬
‫افتراض سيادة ظروف املنافسة الكاملة في سوق العمل في القطاع احلديث متثل منحنيات‬
‫الطلب احلقيقي على عنصر العمل‪ .‬حيث‪:‬‬
‫‪ : WA‬مستوى معدل دخل الكفاف في القطاع الزراعي التقليدي‪.‬‬
‫‪ : WM‬مستوى األجر احلقيقي في القطاع الصناعي احلديث‪.‬‬
‫‪ : Wm SL‬منحنى عرض العمل الريفي ‪ ،‬وهو أفقي تام (ال نهائي) املرونة‪.‬‬
‫‪ : )D1 (Km1‬الطلب على العمل في القطاع الصناعي احلديث عند مستوى معني‬
‫من رأس املال‪.‬‬
‫يتحدد منحنى الطلب على العمل بالناجت احلدي للعمل ‪ ،‬ويعكس امليل السالب‬
‫للمنحنى ‪ ،)D1(Km1‬تناقص الناجت احلدي للعمل‪ .‬وحيث إن الرأسماليني في القطاع‬
‫احلديث يسعون إلى تعظيم أرباحهم‪ ،‬يفترض "لويس" أنهم يستمرون في توظيف العمال‬
‫إلى النقطة التي يتساوى عندها الناجت احلدي املادي *‪ Marginal Physical Product 6‬مع‬
‫األجر احلقيقي ‪ .Real Wage‬أي عند النقطة ‪ ،F‬وهي نقطة تقاطع منحنى الطلب (الناجت‬
‫احلدي) للعمل ‪ ))D1 Km1‬مع منحنى عرض العمل (‪ .)SL‬وبالنتيجة يتحدد مستوى‬
‫التشغيل (االستخدام) الكلي في القطاع احلديث عند املستوى (‪ .)L1‬أما الناجت الكلي عند‬
‫مستوى التشغيل (‪ ،)L1‬فتمثله املساحة (‪ ،)OD1FL1‬وهو عبارة عن حاصل ضرب كمية‬
‫العمل املستخدمة (‪ )OL1‬في الناجت احلدي للعمل (‪ .)OD1‬ومن هذا الناجت الكلي (‪OD1‬‬
‫‪ )FL1‬يدفع الرأسماليون للعمال في القطاع احلديث حصة في صورة أجور متثلها املساحة‬
‫‪ .1OWM FL‬أما املساحة ‪ WM D1 F‬فتمثل األرباح الكلية للرأسماليني في القطاع احلديث‪.‬‬
‫وطبق ًا الفتراض "لويس" فإن الرأسماليني يعيدون استثمار أرباحهم في القطاع‬
‫الصناعي احلديث‪ ،‬ونتيجة لذلك يرتفع املخزون الرأسمالي في هذا القطاع من (‪ )KM1‬إلى‬
‫(‪ .)2KM‬وهذا التوسع في التراكم الرأسمالي في القطاع احلديث يؤدي إلى ارتفاع منحنى‬
‫الناجت الكلي إلى ‪ ،)TPM (KM2‬والذي بدوره يؤدي إلى انتقال منحنى الطلب على العمل‬
‫في اجلزء السفلي للشكل (‪ )2‬إلى أعلى جهة اليمني‪ ،‬ومن ‪ )D1 (KM1‬إلى ‪.)D2(KM2‬‬

‫*‪6‬‬
‫يساوي التغير في كمية اإلنتاج الكلي مقسومة على التغير في كمية العنصر اإلنتاجي املتغير‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫وبذلك ينشأ مستوى توازن جديد للتشغيل‪ ،‬يتحدد عند النقطة ‪ G‬يقابلها عدد العمال ‪L2‬‬
‫املستخدمني في القطاع الصناعي احلديث‪ ،‬أما األجور فتمثلها ‪ ،OWM GL2‬وتزداد األرباح‬
‫الكلية إلى ‪ .WMD2G‬مرة أخرى يعاد استثمار هذه األرباح‪ ،‬فيرتفع املخزون الرأسمالي‬
‫إلى ‪ KM3‬وينتقل منحنى الناجت الكلي إلى‪ )TPM (KM3‬وينتقل منحنى الطلب على العمل‬
‫إلى ‪ ،)D3 (KM3‬وبالتالي يرتفع مستوى االستخدام إلى‪ L3‬وهكذا‪.‬‬
‫إن عملية النمو الذاتي املتواصل ‪ Self- Sustaining Growth‬وتوسع االستخدام‬
‫في القطاع احلديث‪ ،‬يفترض أن تستمر حتى يتم استيعاب كامل العمل الريفي الفائض في‬
‫القطاع الصناعي احلديث‪ ،‬وهو األمر الذي يتحقق عند النقطة ‪ ،SL‬وهي متثل نقطة االنقالب‬
‫أو التحـول ‪The Turning Point‬بعدها فإن تكلفة استخدام عمالة زراعية إضافية في‬
‫القطاع الرأسمالي الصناعي ستكون أعلى من السابق‪ ،‬وذلك بسبب تراجع نسبة العمل إلى‬
‫األرض الزراعية ‪ ،Labor – to – Land ratio‬وهو ما يعني أن اإلنتاجية احلدية للعمل‬
‫الزراعي الريفي لم تعد صفراً‪ .‬ويصبح عرض العمل ذا ميل موجب يأخذ الشكل االعتيادي‬
‫ملنحنى العرض‪ ،‬كما أن األجور واالستخدام في القطاع احلديث يستمران في النمو‪ .‬وهكذا‬
‫سيأخذ التحول الهيكلي لالقتصاد مكانه بانتقال مركز ثقل النشاط االقتصادي من الزراعة‬
‫التقليدية الريفية إلى الصناعة احلديثة احلضرية‪.‬‬

‫نقـد منوذج لويس‪:‬‬


‫تعرض منوذج القطاعني الذي وضعه «آرثر لويس» في التنمية االقتصادية إلى انتقادات‬
‫عديدة ال سيما االفتراضات األساسية الثالثة للنموذج باعتبارها ال تالئم واقع دول العالم‬
‫الثالث املعاصر ‪ .‬وأبرز هذه االنتقادات هي‪)Todaro, 1997, p.79( :‬‬
‫‪ .1‬يفترض منوذج «لويس» ضمني ًا أن معدل انتقال العمالة من القطاع الزراعي التقليدي‬
‫ومعدل تكوين فرص العمل في القطاع الصناعي احلديث تتناسب مع معدل التراكم الرأسمالي في‬
‫القطاع احلديث فكلما كان معدل التراكم الرأسمالي أسرع كان معدل تكوين فرص عمل جديدة‬
‫أسرع‪ ،‬وبالتالي كان الطلب على العمالة أسرع‪ .‬إال أن ذلك ال يتحقق بالضرورة إذا ما أعيد‬
‫استثمار األرباح الرأسمالية مع استخدام تكنولوجيا متطورة وموفرة للعمالة‪Labor Saving *7‬‬
‫‪ ،Technology‬ناهيك عن أن قسم ًا من األرباح الرأسمالية قد تهرب أو حتول للخارج‪.‬‬

‫‪ *7‬تعني التكنولوجيا املوفرة للعمالة حتقيق كمية أكبر من املخرجات (اإلنتاج) بنفس املدخالت من العمل‪ ،‬وذلك نتيجة الستخدام االختراعات‬
‫واالبتكارات التكنولوجبة مثل الكمبيوتر‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫يبني الشكل البيانـي (‪ )3‬أن منحنى الطلب على العمـل (منحنى الناجت احلدي للعمل)‬
‫‪ )D2 ( KM2‬وهو ذو ميل أكبر من املنحنى ‪ ،)D1 (KM1‬ال ينتقل إلى أعلى جهة اليمني بصورة‬
‫متسقة أو منتظمة‪ ،‬بل يتقاطع مع املنحنى ‪ ،)D1(KM1‬مما يعكس حقيقة أن اإلضافات إلى‬
‫املخزون الرأسمالي (‪ )KM2‬التي أحدثها التراكم الرأسمالي (أو االستثمارات اجلديدة) جتسد‬
‫تقدم ًا تكنولوجي ًا موفر ًا للعمالة مما يعني أن (‪ )2KM‬املصاحبة للطلب على العمل ‪ D2‬تتطلب‬
‫وحدات عمل اقل لكل وحدة منتجة ‪ ،‬مقارنة مع ما تتطلبه (‪ .)KM1‬ويالحظ أنه على الرغم من‬
‫زيادة اإلنتاج الكلي من (‪ )OD1 EL1‬إلى (‪ ،)OD2 EL1‬إال أن األجور الكلية (‪)OWM EL1‬‬
‫واالستخدام (‪ )L1‬لم يتغيرا‪.‬‬
‫مما يعني أن اإلنتاج اإلضافي يؤول بكامله إلى الرأسماليني الصناعيني في صورة‬
‫أرباح إضافية‪ .‬يطلق البعض على هذه احلالة اسم «النمو االقتصادي املضاد للتنمية» «‪Anti-‬‬
‫‪ .»developmental economic growth‬حيث توزع ثمار النمو من اإلنتاج والدخل على القلة‬
‫من الرأسماليني‪ ،‬في حني تبقى مستويات الدخول واالستخدام (فرص العمل) ألعداد كبيرة من‬
‫العمال على حالها دون زيادة‪ .‬وهكذا على الرغم من منو الناجت الكلي‪ ،‬إال أن الرفاه االجتماعي‬
‫ال من حيث معيار توسيع نطاق توزيع الدخل واالستخدام‪.‬‬ ‫الكلي ال يتحسن‪ ،‬أو أنه يزداد قلي ُ‬

‫‪Quantity of labor‬‬
‫‪The Lewis Model Modified by Laborsaving Capital Accumulation‬‬
‫منوذج لويس املعدل مع تراكم رأسمالي موفر للعمالة‬
‫شكل (‪)3‬‬
‫‪126‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .2‬افترض لويس وجود ظاهرة العمل الفائض في املناطق الريفية‪ ،‬وظاهرة التوظف‬
‫الكامل في املناطق احلضرية‪.‬‬
‫في حني تشير غالبية األبحاث املعاصرة في دول العالم الثالث أن البطالة تنتشر بصورة‬
‫جوهرية في املناطق احلضرية‪ ،‬وتقل في املناطق الريفية‪ .‬لذلك يرجح غالبية االقتصاديني أن‬
‫ظاهرة العمل احلضري الفائض أعلى في الواقع احلالي وأكثر انتشار ًا من ظاهرة العمل الريفي‬
‫الفائض الذي افترضه لويس‪.‬‬
‫‪ .3‬افترض «لويس» ‪ -‬وهو افتراض غير واقعي ‪ -‬أن سوق العمل التنافسية في‬
‫القطاع احلديث يضمن استمرار ثبات األجور احلقيقية في املناطق احلضرية حتى يتم استيعاب‬
‫كامل العمالة الريفية الفائضة في القطاع احلديث‪ ،‬في حني يشير واقع معظم البلدان النامية‬
‫إلى أن األجور في املناطق احلضرية متيل إلى االرتفاع مع مرور الزمن‪ ،‬مقارنة مع معدل‬
‫الدخل في املناطق الريفية‪.‬‬
‫إن اجتاه األجور نحو االرتفاع في املناطق احلضرية يالحظ حتى مع وجود بطالة في‬
‫القطاع احلديث‪ ،‬وإنتاجية عمل منخفضة أو صفرية في القطاع التقليدي الزراعي‪.‬‬
‫فثمة عوامل مؤسسية مثل احتادات العمال‪ ،‬وأنظمة أجور اخلدمة املدنية‪ ،‬والشركات‬
‫املتعددة اجلنسية‪ ،‬وغيرها من العوامل تدفع باجتاه زيادة األجور في دول العالم الثالث‪.‬‬
‫ واآلن – عزيزي الدارس – أجب عن التالي‪:‬‬

‫أسئلة التقومي الذاتي (‪)3‬‬


‫‪ .1‬وضح كيف تتحقق التنمية االقتصادية وفق ًا لنموذج القطاعني آلرثر لويس‪.‬‬
‫‪ .2‬يرتكز منوذج القطاعني آلرثر لويس على عدد من االفتراضات األساسية‪ ،‬ما هذه‬
‫االفتراضات؟ ناقش مدى واقعيتها‪.‬‬
‫‪ .3‬ما املقصود مبفهوم «النمو االقتصادي املضاد للتنمية»؟‬
‫‪ .4‬ما النتيجة املتوقعة في منوذج لويس إذا ما مت الدفع لعنصر العمل الزراعي مقابل‬
‫إنتاجيته احلدية؟ وملاذا؟‬

‫‪127‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ 2.3‬منوذج هوليس تشينيري في "التغير الهيكلي وأمناط التنمية"‬
‫‪Structural Change and Patterns of Development: Hollis Chenery‬‬
‫على مثال منوذج القطاعني آلرثر لويس‪ ،‬يركز "هوليس تشينيري" – أستاذ االقتصاد‬
‫في جامعة هارفرد – في منوذجه على متثيل العمليات املصاحبة للتنمية‪ ،‬التي من خاللها عبر‬
‫الزمن يتم حتويل هيكل االقتصاد املتخلف من اقتصاد معتمد على الزراعة التقليدية إلى اقتصاد‬
‫معتمد على الصناعة احلديثة كمحرك للنمو االقتصادي‪ .‬لكن بخالف "منوذج القطاعني"‪،‬‬
‫و "نظرية مراحل النمو" فإن تشينيري واملشاركني معه – سيركوين ‪ – Sirquin‬ينظرون إلى‬
‫كاف للنمو االقتصادي يضيف " تشينيري‬ ‫االدخار واالستثمار كشرط ضروري‪ ،‬لكنه غير ٍ‬
‫" إلى جانب أهمية ودور تراكم رأس املال (املادي والبشري) مجموعة من التغيرات الهيكلية‬
‫في االقتصاد القومي‪ ،‬كمتطلبات للتحول من االقتصاد التقليدي إلى االقتصاد احلديث‪.‬‬
‫في كتابه املشترك مع "سيركوين" وهو "أمناط التنمية ‪Patterns of »1970 – 1950‬‬
‫‪ Development‬الصادر عام ‪ ،1975‬حدد « تشينيري» عشر عمليات رئيسية متثل املالمح‬
‫األساسية للتنمية في جميع البلدان‪ ،‬وهي تصف األبعاد املختلفة للتحول الهيكلي بشكل‬
‫عام‪ ،‬لبلد متخلف‪.‬‬
‫ اعتمد « تشينيري» في حتليل «أمناط التنمية» على التحليل القياسي ‪Econometrics‬‬
‫‪ Analysis‬للبيانات املقطعية ‪cross – sectional Data‬بني الدول (أي خالل فترة زمنية‬
‫محددة)‪ ،‬وبيانات السالسل الزمنية‪( time – Series Data‬أي لسنوات طويلة ومتتالية)‬
‫للدول‪ ،‬وعند مستويات مختلفة ملتوسط الدخل الفردي ‪Per- Capita income‬‬
‫(‪ .)Todaro,1997, P 81‬كما اعتمد « تشينيري» على البيانات التاريخية حلوالي ‪100‬‬
‫دولة (متقدمة ونامية)‪ ،‬واستخدم التحليل القياسي‪ ،‬لقياس العالقة بني متوسط الدخل‬
‫الفردي احلقيقي – كمؤشر للنمو – عند مستويات مختلفة‪ ،‬وبني مجموعة من املتغيرات‬
‫االقتصادية‪ .*8‬وقادت دراساته التطبيقية ‪ ،empirical studies‬إلى حتديد العديد من‬
‫املالمح املميزة لعملية التنمية‪ ،‬وقسم تشينيري هذه السمات التي تصاحب عملية التنمية إلى‬
‫ثالث مجموعات رئيسية‪:‬‬

‫‪*8‬مثل االدخار واالستثمار‪ ،‬وااليرادات احلكومية‪ ،‬واإلنفاق على التعليم‪ ،‬واالستهالك العام واخلاص‪ ،‬والصادرات والواردات‪ ،‬وتوزيع‬
‫العمالة على القطاعات االقتصادية‪ ،‬وهيكل اإلنتاج ‪ ،‬والوفيات واملواليد‪ ،‬وتوزيع الدخل وغيرها‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫ال‪ :‬عمليات التراكم‪Accumulation Processes‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانيا‪ :‬عمليات تخصيص املوارد ‪Resources allocation Processes‬‬
‫ثالثاً‪ :‬العمليات الدميوغرافية والتوزيعية ‪Demographic and distribution Processes‬‬

‫ً‬
‫أوال‪ :‬عمليات التراكم‬
‫مع زيادة متوسط الدخل احلقيقي للفرد تزداد معدالت االدخار واالستثمار‪ ،‬وهو ما‬
‫ينعكس في زيادة تكوين رأس املال املادي ‪ .Physical Capital Formation‬كذلك‬
‫تنخفض تدفقات رأس املال من اخلارج‪ ،‬فكلما كانت الدولة أغنى‪ ،‬كانت أقل اعتماد ًا على‬
‫املصادر اخلارجية لتمويل االستثمار‪ .‬كذلك تصاحب عملية التنمية أيض ًا ارتفاع معدل تكوين‬
‫رأس املال البشري ‪ Human Capital Formation‬وهو ما يظهر من خالل زيادة نسبة‬
‫اإلنفاق على التعليم‪ ،‬وزيادة معدالت االلتحاق باملدارس‪ ،‬كما يصاحب الزيادة في متوسط‬
‫دخل الفرد احلقيقي‪ ،‬زيادة في االيرادات احلكومية خاصة الضريبية‪ ،‬وهو ما يشير إلى زيادة‬
‫دور احلكومة الذي يصاحب عملية التنمية‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬عمليات تخصيص املوارد‬


‫ تتضمن هذه العمليات التغيرات الهيكلية التالية‪:‬‬
‫‪1 .1‬تغير هيكل اإلنتاج‪ ،‬فمع زيادة متوسط الدخل احلقيقي للفرد ينخفض النصيب النسبي‬
‫لقطاع اإلنتاج األولي (الزراعة‪ ،‬والصناعات االستخراجية) في تكوين الناجت احمللي‬
‫اإلجمالي‪ ،‬قياس ًا بالنصيب النسبي للصناعة التحويلية واملنافع العامة‪ ،‬واخلدمات‪.‬‬
‫‪2 .2‬تغير هيكل الطلب احمللي االستهالكي‪ ،‬حيث تنخفض نسبة االستهالك اخلاص‬
‫من إجمالي االستهالك مقارنة باالستهالك العام وهو ما يعكس زيادة دور‬
‫احلكومة في تغذية الطلب احمللي‪ ،‬كذلك مع زيادة متوسط الدخل احلقيقي للفرد‬
‫متيل نسبة استهالك الطعام من إجمالي االستهالك إلى االنخفاض‪ ،‬باملقابل تزداد‬
‫نسبة االستهالك من السلع املصنعة واخلدمات‪.*9‬‬
‫‪3 .3‬تغير هيكل التجارة اخلارجية‪ ،‬فمع تطور االقتصاد‪ ،‬تصبح الدولة أكثر اعتماد ًا‬

‫‪*9‬يتسق هذا الطرح مع قانون « إجنل» ‪ Engel›s Low‬نسبة إلى "آرنست إجنل" وهو أحد اإلحصائيني األملان في القرن التاسع عشر‪ ،‬ويشير‬
‫هذا القانون إلى أن نسبة اإلنفاق على الغذاء في ميزانية األسرة متيل إلى االنخفاض مع زيادة دخل األسرة احلقيقي‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫على التجارة اخلارجية‪ ،‬دون أن يعني ذلك بالضرورة زيادة التبعية للخارج‪.‬‬
‫وينعكس التغير في هيكل التجارة في زيادة نسبة كل من الصادرات والواردات‬
‫من الناجت احمللي اإلجمالي‪ ،‬وكانعكاس لتغير هيكل اإلنتاج‪ ،‬يتغير هيكل‬
‫الصادرات‪ ،‬حيث ترتفع نسبة صادرات السلع الصناعية واخلدمات‪ ،‬وتنخفض‬
‫احلصة النسبية لصادرات املنتجات األولية من الصادرات الكلية‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬العمليات الدميوغرافية والتوزيعية‬


‫يشير التحليل القياسي الذي أجراه «تشينيري» إلى توقع حدوث تغيرات في جوانب املجتمع‬
‫الدميوغرافية والتوزيعية‪ ،‬وذلك مع زيادة متوسط الدخل احلقيقي للفرد وأهم هذه التغيرات‪:‬‬
‫‪1 .1‬تغير هيكل العمالة‪ ،‬حيث تتحول العمالة من أنشطة اإلنتاج األولي‪ ،‬إلى الصناعة‬
‫واخلدمات‪ ،‬كما تزداد نسبة العمالة احلضرية‪.‬‬
‫‪2 .2‬اجتاه معدل الوفيات‪ ،‬ومعدل املواليد نحو االنخفاض مع تقدم مرحلة التنمية‪.‬‬
‫‪3 .3‬تغير توزيع الدخل‪ ،‬حيث تنخفض في املرحلة األولى للنمو احلصة النسبية لألسر‬
‫الفقيرة من الدخل القومي‪ ،‬في حني تبدأ بالزيادة في املراحل املتقدمة من النمو‪.‬‬
‫‪4 .4‬منو املدن والصناعات احلضرية نتيجة هجرة السكان من الريف إلى املناطق‬
‫احلضرية‪.‬‬
‫‪5 .5‬اجتاه حجم األسرة ومعدل النمو السكاني لالنخفاض‪ ،‬وزيادة اهتمام أرباب‬
‫األسر بالنوع ال بالكم‪.‬‬
‫مالحظـات ختـاميـة‪ :‬العوامل املؤثرة في عملية التنمية‬
‫«التغير الهيكلي وأمناط التنمية» عند «تشينيري»‬
‫ّ‬ ‫تتمثل الفرضية الرئيسية لنموذج‬
‫واملشاركني معه في أن عملية التنمية تعتبر متماثلة تتشابه مالمحها األساسية في جميع أو‬
‫معظم الدول‪ .‬إال أن النموذج يعترف بأن منط التنمية وسرعة تقدمها قد يختلف من دولة‬
‫إلى أخرى تبع ًا الختالف العوامل املؤثرة في التنمية‪ ،‬وهي عوامل محلية ودولية‪ ،‬وتشتمل‬
‫العوامل احمللية على قيود اقتصادية مثل حجم الدولة‪ ،‬واملوارد الطبيعية املتاحة في البلد‪،‬‬
‫وعدد السكان‪ ،‬وعلى قيود مؤسسية مثل سياسات وأهداف احلكومة‪ .‬في حني تتمثل‬
‫العوامل الدولية في قيود مثل رأس املال األجنبي‪ ،‬والتكنولوجيا‪ ،‬وبيئة التجارة الدولية‪،‬‬
‫والسياسات املتعلقة باملساعدات األجنبية التي تقدمها الدول الصناعية املتقدمة‪ ،‬إال أن معظم‬

‫‪130‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫العوامل الدولية املؤثرة في التنمية يقع معظمها خارج سيطرة كل دولة نامية مبفردها‪.‬‬
‫كما يؤكد أصحاب هذا النموذج على أن البلدان املتخلفة اليوم ميكنها أن حتقق عملية‬
‫التحول الهيكلي القتصادياتها بوتيرة أسرع قياس ًا بعملية التحول الهيكلي التي حتققت‬
‫القتصاديات البلدان الصناعية الرأسمالية في املراحل املبكرة من تطورها‪ ،‬وذلك ألن البلدان‬
‫النامية اليوم – حسب اعتقادهم ‪ -‬يتوفر لها فرص أفضل من حيث احلصول على رأس املال‬
‫والتكنولوجيا‪ ،‬وأسواق التصدير التي تقدمها الدول الصناعية املتقدمة‪.‬‬
‫وعلى العكس من آراء وأفكار أصحاب «منوذج التغير الهيكلي وأمناط التنمية» يحاجج‬
‫التغير‬
‫أنصار مدرسة التبعية الدولية بأن «املتوسطات اإلحصائية التي قام اقتصاديو» منوذج ّ‬
‫الهيكلي» بحسابها من دول غنية‪ ،‬ودول فقيرة مختلفة‪ ،‬ليست ذات قيمة عملية محدودة‬
‫إن هؤالء االقتصاديني‬‫بالنسبة للعوامل احلاسمة احملددة لعملية التنمية في البلد املعني‪ ،‬بل ّ‬
‫(تشينيري واملشاركني معه) يحرفون األنظار عن األسباب احلقيقية الكامنة في االقتصاد‬
‫الرأسمالي العاملي‪ ،‬والتي تعمل على تكريس وتخليد الفقر لدى شعوب العالم الثالث‪.‬‬
‫واآلن – عزيزي الدارس – أجب عن التالي‪:‬‬

‫أسئلة التقومي الذاتي (‪)4‬‬

‫‪ .1‬ما وجه االختالف بني «تشينري» «ولويس» «وروستو» من حيث النظر إلى دور‬
‫االدخار واالستثمار في التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ .2‬حدد التغيرات الهيكلية الالزمة للتحول من االقتصاد التقليدي املتخلف إلى االقتصاد‬
‫احلديث‪ ،‬وذلك وفق ًا لنموذج «تشينري» في التغير الهيكلي وأمناط التنمية‪.‬‬
‫‪ .3‬ما أبرز االنتقادات التي وجهت «لنموذج تشينري»؟‬
‫يعد التراكم الرأسمالي (أو االستثمار) شرط ًا ضرورياً‪ ،‬لكنه غير ٍ‬
‫كاف‬ ‫‪ .4‬أحد النماذج ّ‬
‫للنمو االقتصادي‪:‬‬
‫أ‪ .‬منوذج القطاعني آلرثر لويس‪.‬‬
‫ب‪ .‬منوذج هوليس تشينري في «التغير الهيكلي وأمناط التنمية»‪.‬‬
‫ج‪ .‬منوذج هارود – دومار‪.‬‬
‫د‪ .‬نظرية روستو في «مراحل النمو االقتصادي»‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .4‬ثورة التبعية الدولية‬
‫‪The International – Dependence Revolution‬‬

‫‪ 1.4‬توطئة‬
‫عزيزي الدارس‪ ,‬اكتسبت نظرية التبعية الدولية شهرة واسعة خالل فترة السبعينات‬
‫خاصة بني املفكرين من أمريكيا الالتينية‪ .‬ظهرت هذه النظرية مقابل النظرية االقتصادية‬
‫في الفكر الرأسمالي‪ ،‬والتي تركز على املظاهر اخلارجية للتخلف مثل انخفاض معدالت‬
‫االدخار‪ ،‬والتراكم الرأسمالي‪ ،‬ومتوسط دخل الفرد‪ ،‬ومستويات التغذية‪ ،‬وارتفاع‬
‫معدالت النمو السكاني‪.‬‬
‫إن مفهوم التبعية ال يقتصر على املجال االقتصادي بل يتعداه إلى املجاالت األخرى‬
‫الثقافية والسياسية‪ ،‬والعسكرية‪ .‬إن الفكرة املركزية في أدبيات التبعية الدولية تتمثل في أن‬
‫التبعية برزت في ظروف تاريخية محددة من تطور النظام الرأسمالي على الصعيد العاملي‪،‬‬
‫وإن تخلف العالم الثالث هو نتيجة لعالقة التبعية‪ ،‬التي تربط الدول املتخلفة بالدول‬
‫الرأسمالية املتقدمة في إطار النظام الرأسمالي العاملي‪ .‬رغم أن البلدان املتخلفة (أو ما يعرف‬
‫بالبلدان النامية) قد حصلت على استقاللها السياسي – الرسمي أو الشكلي ‪ -‬إ ّ‬
‫ال أنها التزال‬
‫تعيش في حالة تبعية – في املجاالت االقتصادية والسياسية والثقافية والعسكرية ‪ -‬للدول‬
‫الرأسمالية املتقدمة‪ ،‬وهو ما يعرف باالستعمار احلديث ‪ .Neocolonialism‬وعليه يعتقد‬
‫كاف ‪ -‬لنمو الدول املتخلفة وخروجها من‬ ‫كتاب التبعية أن الشرط الضروري – وإن كان غير ٍ‬
‫إطار التخلف‪ ،‬إمنا يتمثل في كسر عالقات التبعية التي تربطها بالدول الرأسمالية املتقدمة‬
‫(كرم‪.)1991 ،‬‬
‫من أشهر التعاريف للتبعية‪ ،‬تلك التي قدمها «ثيوتونيو دوس سانتوس»‬
‫‪ ،Theotonio Dos Santos‬وهو "أن التبعية وضع يكون فيه اقتصاد بعض الدول‬
‫مرتبط بنمو وتوسع اقتصاد آخر‪ .....‬وتأخذ عالقة التشابك بني اقتصاد دولتني أو‬
‫أكثر شكل التبعية عندما تستطيع بعض الدول املهيمنة (املسيطرة) أن تنمو وتتوسع ذاتياً‪،‬‬
‫ال كانعكاس لتوسع ومنو االقتصاد‬ ‫في حني أن الدول التابعة ال تستطيع أن تفعل ذلك‪ ،‬إ ّ‬
‫املهيمن"‪.‬‬
‫ويرى أندريه فرانك ‪ Andre Frank‬أن أي منو حتققه الدول املتخلفة في إطار‬
‫‪132‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫عالقات التبعية هو منو تابع‪ .‬أي الميلك احلركة الذاتية ‪ ،Self-Generating‬وال صفة‬
‫الدميومة ‪.Self-Perpetuating‬‬
‫وبصفة عامة‪ ،‬انتهت أدبيات التبعية إلى ثالث خالصات أساسية هي (كرم‪:)1991 ،‬‬
‫أن التبعية والتخلف هما نتيجة لتوسع النظام الرأسمالي على الصعيد العاملي‪ ،‬وأن‬
‫التخلف والتقدم عمليتان متالزمتان‪ ،‬ووجهان لعملة واحدة‪ ،‬فالتطور التاريخي للنظام‬
‫الرأسمالي يولد التقدم في جزء‪ ،‬والتخلف في اجلزء اآلخر من النظام الرأسمالي العاملي‪.‬‬
‫إن التبعية تسبب استغالل الدول الرأسمالية املتقدمة للدول املتخلفة‪ ،‬فحالة التبعية‬
‫تسمح باستالب جزء كبير من الفائض االقتصادي املتولد في البلدان املتخلفة‪.‬‬
‫إن التبعية تولد التخلف‪ ،‬وبالتالي إن التنمية الذاتية‪ ،‬تتطلب كشرط أساسي كسر‬
‫عالقات التبعية‪.*10‬‬
‫يتفرع عن نظرية التبعية الدولية ثالثة مناذج فكرية هي (‪:)Todaro, 1997, p. 82‬‬
‫‪The Center – Periphery Model‬‬ ‫منوذج املركز – احمليط‬
‫‪The False – Paradigm Model‬‬ ‫منوذج املثال اخلاطئ‬
‫‪The Dualistic – Development Thesis‬‬ ‫أطروحة ثنائية التنمية‬

‫إضافة إلى هذه النماذج الثالثة‪ ،‬سوف نستعرض نظرية "التبادل الالمتكافئ"‬
‫باعتبارها فرع ًا رئيس ًا من نظرية التبعية الدولية‪.‬‬

‫‪ 2.4‬منوذج املركز – احمليط‪ :‬منوذج التبعية االستعمارية احلديثة‬


‫انبثق هذا النموذج عن الفكر املاركسي‪ ،‬وبالتحديد عن عدد من الك ّتاب واملفكرين‪ ،‬عرفوا‬
‫باملاركسيني اجلدد أمثال "بول باران" ‪ ،Paul Baran‬و"أندريه فرانك" ‪ ،Andre Frank‬و‬
‫«أرغيري اميانويل» ‪ ،A-Emmanuel‬واالقتصادي العربي املصري "سمير أمني"‪.‬‬
‫يبني حتليل هؤالء الكتاب واملفكرين منذ اخلمسينات ‪ s1950‬حتى السبعينات‬
‫‪ s1970‬أن النظرية السائدة للتخلف في الفكر الرأسمالي تنطوي على تفكير مغلوط‬

‫*‪ 10‬تتفاوت مواقف كتاب التبعبة بشأن اخلروج من مأزق عالقات التبعية للنظام الرأسمالي العاملي‪ ،‬ويعتقد الراديكاليون أن أية محاولة للتنمية‬
‫في البلدان املتخلفة في ظل عالقات التبعية للمركز الرأسمالي املتقدم‪ ،‬حتم ًا ستؤول إلى منو التخلف والفشل‪ ،‬وبالتالي ال مفر من ثورة‬
‫اجتماعية – سياسية لكسر عالقات التبعية‪ ،‬وفك ارتباط البلدان املتخلفة بالنظام الراسمالي العاملي كشرط ضروري للتنمية‪ .‬أما اإلصالحيون‬
‫فينادون بإصالح النظام الرأسمالي العاملي والنضال املطلبي من أجل أسعار عادلة‪ ،‬أو «محمية من التدهور» في ظل النظام نفسه‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫وسطحي ملشكلة ومعوقات التنمية في البلدان املتخلفة‪ ،‬فهي تركز على املظاهر اخلارجية‬
‫للتخلف مثل‪ :‬انخفاض متوسط دخل الفرد‪ ،‬ومعدل االدخار واالستثمار‪ ،‬ومستويات‬
‫التغذية‪ ،‬وارتفاع معدالت الوفيات عند األطفال‪ ،‬واألمية‪ ...‬وغيرها من املظاهر‬
‫اخلارجية املعروفة للتخلف‪ ،‬وهذا التعريف برأيهم ينطوي على خطأ جوهري‪ ،‬إذ ُيصار‬
‫إلى متثيل «التخلف» «بالفقر» بوجه عام‪ ،‬واالبتعاد بالتالي عن جوهر مشكلة التخلف‪،‬‬
‫التي تتلخص في أن البلدان املتخلفة في املرحلة (االستعمارية) أصبحت جزء ًا من النظام‬
‫الرأسمالي العاملي وخضعت للتخصص الدولي غير املتكافئ للعمل‪ ،‬ومتخض عن تخلف‬
‫بنيانها االقتصادي وسد طريق التنمية الوطنية املستقلة‪ ،‬والتراكم الذاتي‪( .‬أمني‪ ،‬التراكم‬
‫على الصعيد العاملي‪)1978 ،‬‬
‫إن جذور التخلف حسب حتليل هؤالء الكتاب تعود إلى دمج البلدان التي تشكل‬
‫ما يعرف بـ»احمليط» ‪ Periphery‬في السوق الرأسمالي العاملي‪ ،‬وهي العملية التي يرجع‬
‫تاريخها إلى بدء التوسع فيما وراء البحار للرأسمالية في القرنني السادس عشر والسابع‬
‫عشر‪ .‬ذلك الدمج هو الذي سمح بترتيب سلسلة من عالقات التبعية بني املركز ‪- Center‬‬
‫أي البلدان الرأسمالية املتقدمة‪ -‬و"احمليط" – أي البلدان املتخلفة التابعة‪ .‬ويضيف هؤالء‬
‫الكتاب أن التخلف االقتصادي لبلدان "احمليط" يعبر عن نفسه‪ ،‬أو يظهر من خالل ثالث‬
‫خصائص بنيوية أساسية (عبد الفضيل‪ ،‬دراسات في التخطيط)‪:‬‬
‫‪1 .1‬التبعية االقتصادية الكاملة «للمركز» الرأسمالي املتقدم‪ ،‬الذي يشكل محور‬
‫النظام‪ ،‬ويحدد مجاالت النشاط والتوسع االقتصادي في بلدان «احمليط» وفق ًا‬
‫ملتطلبات التراكم في «املركز»‪ .‬وهذه التبعية تؤدي إلى حتويالت مستمرة للفائض‬
‫االقتصادي بأشكال مختلفة‪ ،‬من «احمليط» إلى «املركز»‪ .‬وقد أدى هذا النزح‬
‫املنتظم «للفائض» إلى تقويض كامل الشروط املوضوعية الالزمة إلحداث عملية‬
‫«تراكم ذاتية» في بلدان «احمليط»‪.‬‬
‫‪2 .2‬تفكك البنيان االقتصادي وافتقاده إلى الترابط الداخلي بني النشاطات اإلنتاجية‬
‫األساسية‪.‬‬
‫فاالقتصاد احمللي يتكون من مجرد نشاطات متالصقة ال يقوم بينها تبادل أو ترابط‬
‫ال بدرجة هامشية‪ ،‬حيث إن ترابطها األساسي مع "املركز" في اخلارج‪.‬‬ ‫ديناميكي إ ّ‬
‫وهذا التفكك في البنيان االقتصادي الداخلي ال يسمح بحدوث أي استقطاب داخلي‬

‫‪134‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫لعملية التنمية‪ ،‬وبذلك تنعدم اآلثار االرتباطية للقطاعات القائدة أو الزائدة على‬
‫بقية القطاعات االقتصادية‪ ،‬فعلى سبيل املثال إن الثروة املعدنية ال تكرس لتغذية‬
‫تصدر لتغذية املجمعات الصناعية في‬ ‫الصناعات األساسية في االقتصاد احمللي‪ .‬بل َّ‬
‫"املركز" الرأسمالي املتقدم‪.‬‬
‫‪3.3‬التفاوت الهائل بني انتاجية «القطاع احلديث» الذي يستخدم التكنولوجيـا‬
‫احلديثة املسـتوردة‪ ،‬و»القطاع التقليدي» الذي يستخدم األساليب البدائية‬
‫لالنتاج‪ ،‬مما يتسبب بإيجاد «ثنائية» في البنيـان االقتصادي تزداد تعمق ًا مع‬
‫مرور الزمن في غياب أي آلية لنشر وتعميم ثمار «التقدم والتحديث الفني»‬
‫من قطاع آلخر‪.‬‬
‫وهكذا متخض منط التقسيم الرأسمالي غير املتكافئ للعمل على الصعيد العاملي عن‬
‫الظواهر املعروفة واملصاحبة للتخلف‪ ،‬كالزراعة الوحيدة احملصول‪ ،‬واالنتاج القائم على‬
‫منتج تصديري وحيد‪ .‬وقد أدى هذا «النموذج لالنتاج االستعماري» إلى ظهور وتبلور‬
‫«برجوازية كومبرادورية» ترتبط مصاحلها بقطاعات الزراعة واستخراج الثروة املعدنية‪،‬‬
‫ونشاطات التجارة والوكالة املرتبطة برأس املال األجنبي‪ ،‬وبالتالي ال تسعى إلى حتقيق أي‬
‫شكل من أشكال التنمية املستقلة أو «ذاتية – املركز»‪.‬‬
‫ينتهي أصحاب منوذج التبعية النيوكولونيالية ‪The Neocolonial –Dependence‬‬
‫‪ Model‬أو مايعرف بنموذج املركز ‪ -‬احمليط إلى أن أي محاولة لتحقيق النمو الذاتي‪-‬‬
‫املستقل من قبل البلدان املتخلفة في اطار التبعية للنظام الرأسمالي العاملي‪ ،‬حتم ًا ستؤول‬
‫إلى الفشل‪ ،‬وذلك ألن قوانني النظام الرأسمالي العاملي هي التي تولد التقدم في جزء من‬
‫النظام الرأسمالي‪ ،‬والتخلف في اجلزء اآلخر من النظام نفسه‪ ،‬وهي العملية التي يسميها‬
‫فرانك وأمني بظاهرة "منو التخلف"‪ ،‬حيث إن منو األطراف – أي البلدان املتخلفة املبني‬
‫على أساس االنخراط في السوق الرأسمالية العاملية احملكومة للتخصص وتقسيم العمل‬
‫غير املتكافئ على الصعيد العاملي‪ ،‬يحد من منو السوق الداخلي ويعيق تأسيس الصناعات‬
‫األساسية الوطنية‪ ،‬ويقوض الشروط الضرورية إلحداث عملية تراكم ذاتية‪ ،‬ويؤول إلى‬
‫تعاظم اخلصائص البنيوية للتخلف‪ ،‬واستحالة انتقال األطراف إلى منو ذاتي – املركز‪،‬‬
‫وذاتي – الديناميكية‪.‬‬
‫ومن هنا ينادي الراديكاليون بثورة اجتماعية – سياسية‪ ،‬وفك االرتباط بالنظام الرأسمالي‬

‫‪135‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫العاملي كشرط لتحرير شعوب العالم الثالث من أسر التبعية والتخلف‪ ،‬ومن هيمنة البلدان‬
‫الرأسمالية املتقدمة – دول املركز – ومن أنشطة قاعدتها االجتماعية احمللية الكومبرادورية‪،‬‬
‫التي جتد مصلحتها في استمرار عالقات التبعية مع السوق الرأسمالية العاملية‪.‬‬

‫‪ 3.4‬نظرية التبادل الالمتكافئ‬


‫تعد نظرية «التبادل الالمتكافئ» البديل الراديكالي للنظرية‬ ‫ عزيزي الدارس‪ّ ،‬‬
‫الكالسيكية الريكاردية في التجارة الدولية‪ .‬فاالستنتاج األساسي لنظرية «امليزة النسبية»‬
‫‪ The Comparative – Advantage Theory‬لـ "ديفيد ريكادو" هو أن التخصص‬
‫وتقسيم العمل‪ ،‬والتبادل الدولي في اطار النظام الرأسمالي من شأنه أن يحقق مصالح‬
‫جميع األطراف املشاركة فيه‪ .‬في حني تقدم نظرية "التبادل غير املتكافئ" تفسير ًا‬
‫معاكساً‪ ،‬حيث تكشف عن النهب املكثف لبلدان األطراف أو "احمليط" من قبل بلدان‬
‫"املركز" الرأسمالي املتقدم‪.‬‬
‫قدم الصياغة احلديثة لنظرية "التبادل الالمتكافئ" كل من "أرغيري اميانويل"‬
‫‪ A.Emmanuel‬و "سمير أمني"‪ .‬وأوضحا أن الوقائع التبادلية الدولية تبني أن الفجوة‬
‫تتسع باستمرار بني كمية العمل املتجسدة في البضائع املصدرة من دول "املركز"‪ ،‬وبني كمية‬
‫العمل املتجسدة فيما يقابلها من صادرات "األطراف" – أي البلدان املتخلفة‪ .‬إذ جتري مبادلة‬
‫منتجات حتمل كمية عمل أقل من "املركز" مبنتجات حتمل كمية عمل أكثر من "االطراف"‪.‬‬
‫وتظهر هذه الفجوة في مظهر سعري‪ ،‬في "تدهور شروط التجارة" ‪terms of trade‬‬
‫حيث متيل النسبة القيمية بني املبادالت الدولية إلى الرجحان لصالح "املركز"‪ .‬وبذلك جتري‬
‫عملية استنزاف ثروات ومنتجات العالم الثالث مما يعيق عملية اإلدخار والتراكم واالستثمار‬
‫الضروري للتنمية (دليلة‪.)1987 ،‬‬
‫ميز «اميانويل» بني صورتني‬‫ في مؤلفه «التبادل الالمتساوي» الصادر عام ‪ّ 1969‬‬
‫للتبادل الدولي (يونس‪:)1986 ،‬‬
‫عندما يكون التركيب العضوي لرأس املال‪ *11‬مختلف في الدولتني (أي أن فنون‬
‫اإلنتاج مختلفة)‪ ،‬ولكن معدالت األجور متساوية‪ ،‬فإن الدولة املتقدمة التي تتميز بارتفاع‬

‫املتغير‪ .‬وهنا يقصد بالرأسمال الثابت‪ ،‬ذلك القسم‬


‫يقصد بالتركيب العضوي لرأس املال نسبة قيمة رأس املال الثابت إلى قيمة رأس املال ّ‬
‫*‪11‬‬

‫املتغير – حسب‬
‫من رأس املال الذي ينفق على شراء وسائل اإلنتاج (مباني‪ ،‬آالت‪ ،‬محروقات‪ ،‬مواد أولية‪ ،)...‬في حني يقصد بالرأسمال ّ‬
‫املفهوم املاركسي‪ ،‬ذلك اجلزء من الرأسمال الذي ينفق على شراء قوة العمل (أي لدفع أجور العمال)‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫التركيب العضوي لرأس املال حتصل في السوق العاملي على كمية أكبر من السلع‪ **12‬مقابل‬
‫إجمالي ساعة العمل (املباشر وغير املباشر)‪ ،‬مقارنة بكمية السلع التي حتصل عليها الدولة‬
‫املتخلفة (التي تتميز بانخفاض التكوين العضوي لرأس املال) لقاء كل ساعة عمل إجمالية‪،‬‬
‫وهنا يكون التبادل غير متكافئ بسبب اختالف اإلنتاجية‪.‬‬
‫عندما يكون التركيب العضوي لرأس املال في الدولتني متماث ً‬
‫ال (أي أن فنون اإلنتاج‬
‫على نفس الدرجة من التطور)‪ ،‬ولكن معدالت األجور مختلفة (هي في البلدان املتخلفة‬
‫أقل منها في البلدان الرأسمالية املتقدمة) في هذه احلالة تنخفض أثمان السلع التي تنتجها‬
‫وتصدرها البلدان املتخلفة‪ ،‬وبالتالي حتصل الدولة املتخلفة عن طريق التبادل الدولي على‬
‫كمية أقل (مقابل كمية معينة من صادراتها) مقارنة مبا حتصل عليه الدول املتقدمة التي ترتفع‬
‫فيها معدالت األجور‪ .‬معنى ذلك أن التبادل الدولي يؤدي إلى حتويل فائض القيمة من‬
‫الدول املتخلفة إلى الدول الرأسمالية املتقدمة عن طريق معدالت التبادل‪ ،‬وهو ما يسميه‬
‫«إميانويل» «التبادل الالمتكافئ»‪.‬‬
‫ أما «سمير أمني» فقد أوضح «التبادل الالمتكافئ» كما يلي (أمني‪ ،‬التطور‬
‫الالمتكافئ‪:)1978 ،‬‬
‫إن صادرات العالم الثالث ال تتألف أساس ًا من املنتوجات الزراعية القادمة من قطاعات‬
‫متأخرة‪ ،‬ذات اإلنتاجية الضعيفة‪ ،‬فمن أصل ‪ 35‬مليار دوالر أمريكي (عام ‪ )1966‬هي قيمة‬
‫إجمالي صادرات البلدان املتخلفة‪ ،‬يساهم القطاع الرأسمالي العالي التحديث (البترول‪،‬‬
‫املناجم‪ ،‬وصناعات التحويل األولية للمواد املنجمية واملزارع احلديثة)‪ *13‬بثالثة أرباعها على‬
‫األقل‪ ،‬أي ما يعادل أكثر من ‪ 26‬مليار دوالر‪ .‬لكن لو أن الدول املتقدمة «املركز» قامت‬

‫**‪ 12‬تقاس قيمة البضاعة – حسب املفهوم املاركسي – بكمية العمل – الضروري اجتماعي ًا – املنفق في إنتاجها‪ ،‬وتقاس كمية العمل املتجسدة‬
‫في البضاعة بوقت (ساعات) العمل – الضروري اجتماعي ًا – املبذول في إنتاج البضاعة‪ .‬ويعرف ذلك بقانون القيمة‪ ،‬وهو قانون اقتصادي يتم‬
‫البضاعي‪ .‬وحسب التحليل املاركسي يقسم العمل املبذول في إنتاج البضاعة (السلعة) إلى‬ ‫على أساسه تبادل البضائع (السلع) في االقتصاد َ‬
‫احلي (املباشر) مجمل الطاقات اجلسدية والذهنية التي يبذلها اإلنسان في سياق‬‫ّ‬ ‫بالعمل‬ ‫ويقصد‬ ‫حي (مباشر) وعمل ميت (غير مباشر)‪.‬‬ ‫عمل ّ‬
‫احلي (املباشر) هو وحده الذي يخلق قيمة جديدة تضاف إلى قيمة البضاعة املنتجة‪ .‬أما العمل امليت (غير‬ ‫ّ‬ ‫والعمل‬ ‫اخلدمات‪.‬‬ ‫أو‬ ‫السلع‬ ‫إنتاج‬
‫املباشر) فهو العمل الذي يبذله اإلنسان في وقت سابق‪ ،‬واملتجسد في وسائل اإلنتاج (مثل اآلالت واملعدات‪ ،‬واملواد الولية‪ ،‬والوسيطة ‪..‬‬
‫إلخ‪ .‬وهذه تضاف قيمتها كما هي‪ ،‬دون زيادة أو نقصان إلى قيمة البضاعة املنتجة أو اجلديدة‪( .‬للمزيد من التفصيل راجع‪ :‬نيكتني‪ ،‬أسس‬
‫االقتصاد السياسي‪ ،‬دار التقدم ‪ ،‬موسكو‪.)1974 ،‬‬
‫*‪ 13‬هذه األنشطة عادة تقع حتت سيطرة رؤوس األموال والشركات األجنبية في املرحلة االستعمارية‪ ،‬وما بعدها وتتميز بتقنية عالية املستوى‪،‬‬
‫وبارتفاع اإلنتاجية وبكون إنتاجها معد ًا أساس ًا للتصدير‪ ،‬لذلك عادة يطلق عليها اسم القطاع احلديث‪ ،‬قياس ًا بالزراعة املتخلفة والصناعات‬
‫احلرفية واليدوية التي يطلق عليها اسم "القطاع التقليدي"‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫بإنتاج هذه املنتجات بنفس التقنية – ونفس اإلنتاجية – فإن قيمة هذه املنتجات ستبلغ على‬
‫األقل ‪ 34‬مليار دوالر‪ ،‬وذلك بسبب ارتفاع األجور‪ .‬وبالتالي ارتفاع تكلفة اإلنتاج‪ ،‬مما‬
‫يعني حتويل القيمة من «احمليط» إلى «املركز»‪ ،‬وهو هنا ‪ 8‬مليارات دوالر‪.‬‬
‫إن الصادرات األخرى للعالم الثالث‪ ،‬واملستمدة من قطاعات متأخرة‪ ،‬ذات‬
‫اإلنتاجية الضعيفة (املنتجات الزراعية للفالحني التقليديني) مثل زراعة الشاي والقهوة‬
‫والكاكاو وغيرها من الصادرات التقليدية لدول «احمليط» إلى دول «املركز» فإن قيمة‬
‫هذه املنتجات لن تبلغ إذا كان جزاء العمل متناسب ًا مع إنتاجيته ‪ 9‬مليارات دوالر‪ .‬لكن لو‬
‫صححت هذه القيمة على أساس نسبة األجر لوحدة الناجت في الدول املتقدمة إلى األجر‬
‫لوحدة الناجت في الدول املتخلفة (وهذه النسبة تعادل ‪ )2.5‬ألصبحت قيمة هذه الصادرات‬
‫التقليدية نحو ‪ 23‬مليار دوالر‪.‬‬
‫ويشير «أمني» إلى أن – قيمة التحويل الناجت عن صادرات املنتجات الزراعية التقليدية‬
‫أضخم نسبي ًا من قيمة التحويل الناجت عن صادرات منتجات الصناعة احلديثة‪ ،‬وذلك ألن‬
‫منتجات األخيرة حتتوي على قيمة مرتفعة جد ًا من املعدات والتجهيزات املستوردة‪ ،‬بينما‬
‫هو عدمي األهمية‪ ،‬فيما يخص منتجات الزراعة التقليدية‪ ،‬حيث ميثل العمل املباشر كل قيمة‬
‫اإلنتاج تقريباً‪.‬‬
‫وهكذا إذا كان إجمالي صادرات «احمليط» تبلغ حوالي ‪ 12‬مليار دوالر‪ ،‬فإن قيمتها‬
‫في حالة افتراض وجود جزاء (مكافأة) عمل معادل ملا هو عليه في «املركز» مع وجود نفس‬
‫مستوى اإلنتاجية‪ ،‬ستكون ‪ 57‬مليار دوالر‪ .‬وبهذا تكون القيمة احملولة من «احمليط» إلى‬
‫«املركز»‪ ،‬بسبب آليات «التبادل الالمتكافئ» حوالي ‪ 22‬مليار دوالر ‪..‬‬

‫ّ‬
‫(املضلل)‬ ‫‪ 4.4‬منوذج املثال اخلاطئ‬
‫‪The False – Paradimg Model‬‬
‫املدخل الثاني من نظرية التبعية الدولية‪ ،‬وهو أقل راديكالية من النموذج السابق –‬
‫منوذج املركز ‪ -‬احمليط ‪ -‬ويعرف بنموذج املثال اخلاطئ أو الزائف‪ ،‬وهذا النموذج يعزو‬
‫تخلف العالم الثالث إلى النصائح واالستشارات اخلاطئة‪ ،‬وغير املالئمة لواقع البلدان‬
‫املتخلفة التي يقدمها اخلبراء واملستشارون الدوليون وغالبيتهم من الغربيني الذين يعملون‬
‫حلساب الوكاالت واملنظمات الدولية التابعة‪ ،‬أو اخلاضعة للدول الرأسمالية املتقدمة‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫فهذه النصائح واالستشارات‪ ،‬وإن كانت تعرض بحسن نية‪ ،‬لكنها في الغالب تعبر عن‬
‫قلة املعرفة لدى اخلبراء الغربيني بحقيقة الوضع في الدول املتخلفة‪ ،‬كما أنها تنطوي على‬
‫حتيز‪ ،‬أو نزعة عرقية لدولهم وهؤالء اخلبراء واملستشارون يطرحون عادة مفاهيم وهياكل‬
‫نظرية أنيقة ومناذج معقدة لالقتصاد القياسي ال تالئم طبيعة الهياكل االجتماعية واالقتصادية‬
‫والثقافية القائمة في البالد املتخلفة‪ ،‬وبالنتيجة غالب ًا ما تقود إلى تبني سياسات خاطئة‪ ،‬ال‬
‫تخدم التنمية‪ ،‬بل تصب في خدمة مصالح النخب ‪ Elites‬ومجموعات القوى املتنفذة محلي ًا‬
‫ودولي ُا (‪.)Todaro ,1997‬‬

‫‪ 5.4‬أطروحة ثنائية التنمية‬


‫‪The Dualistic – Development Thesis‬‬
‫ جاءت فكرة "ثنائية التنمية" ضمنية في مناذج "التغير الهيكلي"‪ ،‬وصريحة في‬
‫نظرية التبعية الدولية‪ .‬وجتد "الثنائية"‪ Dualism‬تعبيرها في فكرة وجود عالم ثنائي‬
‫املجتمعات‪ :‬أمم غنية وأخرى فقيرة‪ ،‬وفي الدول املتخلفة تظهر "الثنائية" في تركز الثروة‬
‫في أيدي القلة حيث تتواجد جيوب الثراء داخل مناطق واسعة من الفقر‪ .‬هذه التباينات‬
‫والفروق بني الدول والشعوب الغنية‪ ،‬وبني الدول والشعوب الفقيرة‪ ،‬هي في تزايد مستمر‪.‬‬
‫ يشتمل مفهوم "الثنائية» على أربعة عناصر أساسية (‪:)Todaro, 1997, p 84‬‬
‫توافر مجموعة من احلاالت‪ ،‬أو الظواهر املتباينة التي تتواجد وتتعايش مع ًا في مكان‬
‫واحد‪ .‬بعضها مرغوب فيه‪ ،‬واآلخر سلبي‪ ،‬يشكل النقيض‪ .‬بعضها قوي متفوق‪ ،‬واآلخر‬
‫ضعيف‪ ،‬وفي مرتبة دنيا‪ ،‬ومن األمثلة على «الثنائية» فكرة آرثر لويـس ‪ .A Lewis‬للتعايش‬
‫بني طرق اإلنتاج الفنية احلديثة والتقليدية في القطاعات احلضرية والريفية‪ .‬كذلك تعايش‬
‫النخبة ذات التعليم اجلامعي مع جماهير الناس األميني‪ ،‬والتعايش بني الفقر املدقع والغنى‬
‫الفاحش‪ .‬وكذلك فكرة نظرية التبعية الدولية حول التعايش بني األمم الصناعية الثرية والقوية‬
‫واألمم الزراعية الفقيرة ضمن االقتصاد العاملي‪.‬‬
‫إن هذا التعايش مزمن‪ ،‬وال مرحلي‪ ،‬وهو ليس نتيجة لظاهرة مؤقتة ميكن لعامل‬
‫الزمن أن يزيل التفاوت بني العناصر العلوية القوية واملتفوقة ‪ ،Superior‬وبني العناصر‬
‫الدونية ‪ ،Inferior‬الضعيفة والتابعة واألقل شأناً‪ ،‬وذلك ألن أسباب هذا التباين هيكلية‬
‫ليس من السهل القضاء عليها‪ .‬رغم ذلك جتد في نظرية مراحل النمو‪ ،‬ومناذج التغير الهيكلي‬

‫‪139‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫ما يشير ضمن ًا إلى أن الثنائية هي من طبيعة مرحلية ومؤقتة‪ ،‬غير أن حقيقة الالمساواة على‬
‫الصعيدين الدولي واحمللي تدحض هذا االفتراض‪.‬‬
‫إن الفجوة بني شقي "الثنائية" (العناصر املتقدمة مقابل العناصر املتخلفة) لم تتضاءل‬
‫ال إن فجوة اإلنتاجية بني العمال في الدول‬ ‫فحسب‪ ،‬بل إنها آخذة في الزيادة واالتساع‪ .‬فمث ً‬
‫املتقدمة ونظرائهم في الدول املتخلفة آخذة في االتساع مع مرور كل سنة‪.‬‬
‫إن العالقة والتأثير املتبادل بني العناصر أو القطاعات املتقدمة والقوية وبني العناصر‬
‫أو القطاعات املتخلفة والضعيفة‪ ،‬هي من ذلك النوع الذي يلعب فيه وجود العناصر املتقدمة‬
‫والقوية دور ًا ضئيالً‪ ،‬إن لم يكن معدوم ًا في حتسني وتطوير العناصر والقطاعات املتخلفة‬
‫والضعيفة‪ ،‬وذلك من خالل ما يعرف بأثر التساقط ‪ ،trickle – down effect -‬بل‬
‫على العكس‪ ،‬إن هذه العالقة املتبادلة تدفع العناصر أو القطاعات املتخلفة والضعيفة نحو‬
‫عبر عنه "سمير أمني" من خالل مفهوم "منو التخلف"‬ ‫األسفل‪ ،‬وتنمي تخلفها‪ .‬وهذا ما ّ‬
‫حيث إن انخراط البلدان املتخلفة في السوق الرأسمالية العاملية يؤول إلى تعاظم اخلصائص‬
‫البنيوية للتخلف‪ ،‬وإلى احتجاز منوها‪ ،‬واستحالة انتقالها إلى منو ذاتي – املركز‪.‬‬
‫مالحظـات ختـاميـة‬
‫عزيزي الدارس‪ ،‬أخذ البعض على نظريات التبعية الدولية أنها تتضمن نقطتي ضعف‬
‫أساسيتني (‪ )Todaro and Smith, 2003, P127‬األولى أن خبرة التنمية في البلدان‬ ‫ّ‬
‫النامية التي حتمست للتأميم‪ ،‬وإدارة الدولة لإلنتاج‪ ،‬أعطت نتائج سلبية على هذا الصعيد‪.‬‬
‫والثانية‪ ،‬أن منظري التبعية الدولية رغم أنهم قدموا تفسير ًا للتخلف‪ ،‬وبقاء الدول الفقيرة‬
‫في حالة تخلف‪ ،‬إال أنهم لم يقدموا إال القليل من التفسير لكيف ميكن للدول الفقيرة أن تبدأ‬
‫بالتنمية وتستمر بها‪.‬‬
‫كما أن نظرية التبعية تعرضت للنقد بسبب إفراطها في التركيز على العوامل‬
‫اخلارجية للتخلف‪ ،‬ويرى بعض االقتصاديني أن الدعوة للقطيعة مع السوق الرأسمالية‬
‫العاملية قد يوحي بأن السوق العاملية مجرد حيز جغرافي ميكن اخلروج منه أو الدخول‬
‫إليه مبجرد قرارات ذاتية دون األخذ باحلسبان أن العالقات االقتصادية الدولية محكومة‬
‫لقوانني اقتصادية موضوعية تفعل بصرف النظر عن رغبات الناس‪ ،‬وبالتالي ال ميكن‬
‫إلغاؤها بقرارات ذاتية أو ببناء سور يفصل بني بلدان «احمليط» املتخلف‪ ،‬وبلدان «املركز»‬
‫الرأسمالي املتقدم (دليلة‪.)1987 ،‬‬
‫‪140‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫واآلن – عزيزي الدارس – حتقق من اتقان تعلمك للقسم الثالث من هذه الوحدة‬
‫باإلجابة عن التالي‪:‬‬

‫أسئلة التقومي الذاتي (‪)5‬‬

‫وضح كيف فسر «آرغيري إميانويل» التبادل الالمتكافئ بني دول «احمليط املتخلف»‬
‫ودول «املركز» الرأسمالي املتقدم‪.‬‬
‫فسر طبيعة العالقة بني التركيب العضوي لرأس املال وبني قيمة البضاعة (السلعة) املنتجة‪.‬‬
‫ما اخلصائص البنيوية للتخلف طبق ًا لنموذج املركز – احمليط‪ ،‬وما هي أسبابه‪.‬‬
‫عرف التبعية للخارج‪ ،‬وكيف تعيق التنمية االقتصادية في البلدان املتخلفة‪.‬‬
‫ما العناصر التي تتضمنها فكرة أو أطروحة «ثنائية التنمية»‪.‬‬
‫ما املقصود بأطروحة «املثال اخلاطئ»؟‬

‫‪141‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .5‬الثورة النيوكالسيكية املضادة‪ :‬املقاربات (أو املناهج) النيوكالسيكية‬
‫‪The Neoclassical Counterrevolution‬‬

‫‪ 1.5‬توطئة‬
‫احملدثة)‬
‫عزيزي الدارس‪ ,‬وجدت املقاربات (املناهج) النيوكالسيكية‪( *14‬الكالسيكية َّ‬
‫انتشار ًا وتطبيق ًا واسع ًا لها في فترة الثمانينات ‪ 1980‬مع السيطرة السياسية للحكومات احملافظة‬
‫السيما في الواليات املتحدة األمريكية (حكومة رونالد ريغان)‬
‫في الدول الرأسمالية املتقدمة ّ‬
‫وبريطانيا (حكومة مارغريت تاتشر)‪ ،‬حيث ركز أنصار املدرسة النيوكالسيكية على سياسات‬
‫االقتصاد الكلي جلانب العرض‪ ،Supply-side macroeconomics Policies‬وعلى‬
‫نظرية التوقعات الرشيدة ‪ ،Rational- expectation Theory‬وخصخصة املؤسسات‬
‫العامة‪ ،‬وعلى صعيد البلدان النامية نادى النيوكالسيكيون باألسواق احملررة‪ ،‬وتفكيك‬
‫امللكية العامة‪ ،‬واالقالع عن تخطيط الدولة وتدخل احلكومات في النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫وقد شكلت هذه االفكار ثورة مضادة ملا كان سائد ًا من نظريات وسياسات اقتصادية خاصة‬
‫نظريات التبعية الدولية وخالصاتها األساسية‪ ،‬املتعلقة بامللكية العامة‪ ،‬ودور الدولة في‬
‫النشاط االقتصادي‪ ،‬والتخلف الذي يعزى بصفة أساسية إلى انخراط الدول املتخلفة بالنظام‬
‫الرأسمالي العاملي‪.‬‬
‫حقق أنصار املدرسة النيوكالسيكية سيطرة فكرية على البنك الدولي (‪ ،)WB‬وصندوق‬
‫النقد الدولي (‪ )IMF‬بالتزامن مع تآكل تأثير منظمة العمل الدولية (‪ ،)ILO‬وبرنامج األمم‬
‫املتحدة اإلمنائي (‪ ،)UNDP‬ومؤمتر األمم املتحدة للتجارة والتنمية (‪ ،)UNCTAD‬وهي‬
‫املنظمات الدولية التي تعكس بدرجة أو بأخرى آراء ممثلي دول العالم الثالث‪.‬‬
‫ تتلخص احلجة املركزية (األساسية) للثورة النيوكالسيكية املضادة في أن تخلف‬
‫العالم الثالث نتيجة لقصور أو سوء عملية تخصيص املوارد‪ ،‬والذي يعود إلى سياسات‬
‫التسعير اخلاطئة‪ ،‬وتدخل احلكومات املفرط في النشاط االقتصادي‪ ،‬ويحاجج ك ّتاب‬
‫املدرسة النيوكالسيكية بأن من شأن تدخل الدولة الزائد في النشاط االقتصادي أن يؤدي‬
‫إلى إبطاء وتيرة النمو االقتصادي‪ .‬و يؤكد احملافظون اجلدد ‪The Neoconservatives‬‬

‫‪ *14‬من أشهر رواد املدرسة النيوكالسيكية املضادة ‪Bela، Harry Johson ، Lan Little ، Deepak Lal ،Lord Peter Bauer :‬‬
‫‪Jadish Bhagwati m and Anne Krueger، Julian Simmon ،Balassa‬‬

‫‪142‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫على أن فتح املجال الرحب لعمل األسواق احلرة‪ ،‬واملنافسة وخصخصة مشاريع الدولة‪،‬‬
‫وتشجيع التجارة احلرة ‪ ،‬والتصدير‪ ،‬وتوفير التسهيالت الجتذاب االستثمارات األجنبية‪،‬‬
‫وإلغاء أنظمة التدخل الزائد للحكومات ‪ ،‬وتشوهات األسعار في أسواق عناصر اإلنتاج ‪،‬‬
‫وأسواق السلع ‪ ،‬وأسواق املال كل ذلك من شأنه أن يؤدي إلى حتسني الكفاءة االقتصادية‬
‫وحتفيز النمو االقتصادي‪.‬‬
‫وبخالف منظري التبعية الدولية‪ ،‬يجادل أصحاب الثورة النيوكالسيكية املضادة بأن‬
‫تخلف دول العالم الثالث ال يعود إلى نهب واستغالل الدول الرأسمالية املتقدمة واملنظمات‬
‫الدولية التي تسيطر عليها‪ ،‬بل يعود تدخل الدولة املفرط والفساد وعدم الكفاءة ونقص‬
‫احلوافز اإلقتصادية‪ .‬وعليه ان ما حتتاج إليه دول العالم الثالث ليس إصالح النظام االقتصادي‬
‫العاملي‪ ،‬وال زيادة املساعدات األجنبية‪ ،‬وال السيطرة على النمو السكاني‪ ،‬وال إلى نظام أكثر‬
‫فعالية للتخطيط املركزي‪.‬‬
‫احلرة‪ ،‬واالقتصاد احلر‬
‫بل إن ما حتتاجه الدول النامية يتعلق بتشجيع وتعزيز األسواق ّ‬
‫‪ ،Laissez-fair Economy‬وإتاحة املجال الرحب لـ ِ "اليد اخلفية" وألسعار السوق‬
‫كمو ِّجهة لعملية تخصيص (توزيع) املوارد‪ ،‬وحتفيز التنمية االقتصادية‪ .‬والثبات‬ ‫لتعمل َ‬
‫وجهة نظرهم يشير النيوكالسيكيون إلى النجاح الذي حققته بعض الدول – كأمثلة لألسواق‬
‫احلرة – مثل كوريا اجلنوبية‪ ،‬تايوان‪ ،‬هونغ كونغ‪ ،‬وسنغافورة‪ .‬من ناحية‪ ،‬وإلى الفشل‬
‫الذي حققته االقتصاديات القائمة على تدخل الدولة في افريقيا وأمريكا الالتينية من ناحية‬
‫أخرى‪.‬‬
‫يتضمن ال َّتحدي النيوكالسيكي املضاد ثالث مقاربات (مناهج) ‪Approaches *15‬‬
‫احلرة‪ ،‬ومقاربة اإلختيار العام‪ ،‬ومقاربة السوق الصديقة‪،‬‬ ‫في التنمية هي مقاربة السوق ّ‬
‫يضاف إليها مقاربة جانب العرض (‪.)Todaro,1997. p.87‬‬

‫‪ 2.5‬مقاربة السوق احلرة‪The Free-market Approach‬‬


‫ينطلق أنصار هذه املقاربة من فكرة‪ ،‬وهي «أن األسواق مبفردها كفؤة» فأسواق‬
‫السلع واخلدمات تعطي أفضل اإلشارات لإلستثمار في األنشطة اجلديدة‪ ،‬وأسواق العمل‬
‫تستجيب بطريقة مناسبة لهذه الصناعات اجلديدة‪ ،‬واملنتجون يعرفون جيد ًا ماذا ينتجون من‬

‫*‪ 15‬يطلق أيض ًا على هذه املقاربات أو املناهج اسم الليبرالية االقتصادية اجلديدة‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫وأن أسعار السلع ‪ ،‬وأسعار عناصر اإلنتاج‬ ‫السلع أو اخلدمات وكيف ينتجونها بكفاءة‪ّ .‬‬
‫فعالة‬
‫تعكس بدقة – اآلن وفي املستقبل – الندرة النسبية للسلع و املوارد ‪ .‬كما أن املنافسة ّ‬
‫حتى لو كانت غير تامة‪.‬‬
‫ويضيف أنصار هذه املقاربة أنه في ظل السوق احلرة تكون التكنولوجيا متاحة مجاناً‪،‬‬
‫وميكن استيعابها بدون تكلفة تقريباً‪ .‬كما أن املعلومات الكاملة متاحة‪ ،‬و هي األخرى ميكن‬
‫احلصول عليها بدون تكاليف تقريب ًا (‪ . )Todaro and Smith, 2003, p.129‬في ظل‬
‫هذه الظروف يعتقد أنصار هذه املقاربة أن أي تدخل حكومي االقتصاد هو بال ريب تدخل‬
‫لإلنتاجية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هدام ومضاد‬
‫و ُيالحظ أن االقتصاديني املؤيدين للسوق احلر كأسلوب للتنمية‪ ،‬ذهبوا إلى ابعد من‬
‫ذلك‪ ،‬حيث افترضوا أن األسواق في العالم الثالث ذات كفاءة‪ ،‬وأنه مهما يكن فيها من‬
‫عيوب ونواقص‪ ،‬فإن العواقب ستكون بسيطة‪ ،‬ألن تأثير هذه النواقص محدود!‬

‫‪ 3.5‬مقاربة االختيار العام ‪The Public-choice Approach‬‬


‫تعرف أيض ًا مبقاربة االقتصاد السياسي اجلديد ‪.The New Political Economy‬‬
‫ويستند أصحاب هذه املقاربة إلى مقولة "أن احلكومات غير قادرة على عمل أي شيء‬
‫بشكل صحيح وسليم"! والسبب ألن أصحاب هذه املقاربة يفترضون أن السياسيني‪،‬‬
‫والبيروقراطيني‪ ،‬واملواطنني ‪ Citizens‬والدول ‪ States‬يتصرفون من منظور املصلحة‬
‫الذاتية فحسب‪ ،‬حيث يستخدمون قوتهم أو سلطة احلكومة للوصول إلى غاياتهم األنانية‬
‫اخلاصة‪ .‬فاملواطنون يستخدمون تأثيرهم السياسي للحصول على مكاسب خاصة من‬
‫السياسات احلكومية التي تضع قيود ًا على استعمال بعض املوارد الهامة (مثل رخص‬
‫االستيراد‪ ،‬وحصص الصرف األجنبي)‪.‬‬
‫ويستخدم السياسيون موارد احلكومة لتقوية وتعزيز مراكز القوة والسلطة‪ .‬بينما‬
‫يستخدم موظفو الدولة البيروقراطيون مراكزهم الوظيفية النتزاع الرشوات‪ .‬اما الدول‬
‫فانها تستخدم قوتها وسلطاتها ملصادرة امللكية اخلاصة من األفراد‪ .‬احملصلة النهائية‬
‫ليست سوء توزيع (تخصيص) املوارد فحسب ‪ Misallocation of Resources‬بل أيض ًا‬
‫إضعاف أو إنقاص احلريات العامة لألفراد‪ .‬لذلك يصل أصحاب مقاربة االختيار العام‬
‫إلى استنتاج مفاده «أن حكومة احلد األدنى‪ ،‬هي احلكومة األفضل»‪Todaro and( .‬‬
‫‪)Smith, 2003, p.129‬‬
‫‪144‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪*16‬‬
‫‪ 4.5‬مقاربة جانب العرض‬
‫‪Supply-side Theory or Approach‬‬
‫تعنى نظرية أو مقاربة جانب العرض بالقدرة اإلنتاجية لإلقتصاد‪ ،‬وبالسياسات التي‬
‫تسعى إلى زيادتها وحتسني كفاءة استخدام عوامل اإلنتاج وتوزيعها ورفع إنتاجيتها‪ ،‬وبالتالي‬
‫توليد أكبر قدر من السلع واخلدمات عند أي مستوى للطلب الكلي‪.‬‬
‫في الثمانينات ‪ 1980‬والتسعينات ‪ 1990‬برزت سياسات جانب العرض نادى بها‬
‫أنصار مقاربة السوق احلرة من االقتصاديني والسياسيني كأداة رئيسية في إدارة االقتصاد‪،‬‬
‫وقد دعم البنك الدولي‪ ،‬وصندوق البنك الدولي هذه السياسات لتحفيز اإلنتاج والعرض‬
‫الكلي والنمو اإلقتصادي‪ ،‬فرض البنك الدولي على الدول النامية املدينة تطبيق سياسات‬
‫جانب العرض ضمن برامج التكيف الهيكلي كشرط حلصول هذه الدول على التمويل و‬
‫املساعدات األجنبية‪.‬يرى اقتصاديو نظرية جانب العرض أن على احلكومات التركيز على‬
‫ال من االنشغال املباشر بالطلب الكلي على السلع واخلدمات‪،‬‬ ‫جانب العرض الكلي بد ً‬
‫وذلك ألن دور احلكومة في االقتصاد انمّ ا يتمثل أساس ًا في توفير البيئة املالئمة لنشاط املشروع‬
‫اخلاص للمنافسة‪ ،‬ولقوى السوق احلرة لِ َكي تعمل على تخصيص املوارد بأعلى كفاءة‪.‬‬
‫كذلك يتوجب على احلكومة أن توفر احلوافز لألفراد وللمؤسسات لتحسني اإلنتاجية‬
‫واألداء االقتصادي لألسواق‪ ،‬والصناعات وعوامل اإلنتاج‪ ،‬ومن ثم زيادة العرض الكلي‬
‫من السلع واخلدمات‪ ،‬وحتقيق النمو االقتصادي بطريقة ال تؤدي إلى التضخم عند أي‬
‫مستوى للطلب الكلي‪.‬‬
‫كما ركز اقتصاديو جانب العرض على حتليل العوامل املؤسسية املسببة جلمود‬
‫األسعار‪ ،‬ومرونة أسواق عوامل اإلنتاج‪ ،‬وتأثير ارتفاع أسعارها على البطالة‪ .‬ويرى هؤالء‬
‫أن تدخل احتادات العمال في أسواق العمل‪ ،‬من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدالت األجور‬ ‫َّ‬
‫احلدية للعمل‪ ،‬مما ينعكس في احلد من االستخدام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إلى مستويات أعلى من قيمة اإلنتاجية‬
‫وبالتالي زيادة البطالة‪ .‬وانتقدوا أنظمة التأمني االجتماعي باعتبارها – حسب رأيهم ‪ -‬تثبط‬
‫العاطلني عن قبول أعمال متدنية األجر‪.‬‬
‫ُتص َّنف سياسات جانب العرض في مجموعتني‪ ،‬األولى تشمل إجراءات وسياسات‬

‫*‪ 16‬راجع املوقع األلكتروني‪htt://www.bized.ac.uk/virtul/dc/cppper/theory/ih1.htm :‬‬

‫‪145‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫عامة في جانب العرض‪ ،‬وتشتمل الثانية على إجراءات و سياسات خاصة بسوق العمل‪.‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬اإلجراءات و السياسـات العامـة في جانب العرض‬
‫ تهدف هذه اإلجراءات والسياسات إلى زيادة كفاءة االقتصاد ككل‪ ،‬وبالتالي زيادة‬
‫اإلنتاج والعرض الكلي من السلع واخلدمات عن طريق إعادة هيكلة اإلنتاج من ناحية وحتسني‬
‫كفاءة استخدام عوامل اإلنتاج‪ ،‬وتوزيعها بني االستخدامات املختلفة من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ترتكز إجراءات وسياسات إعادة هيكلة اإلنتاج على اخلصخصة من خالل‪:‬‬
‫اخلصخصة وتفكيك التأميم ‪ ،Denationalization‬أي حتويل ملكية مشروعات‬
‫الدولة ومؤسسات القطاع العام إلى القطاع اخلاص‪.‬‬
‫التحرر من قيود األنظمة احلكومية ‪. Deregulation‬‬
‫أي إزالة قيود األنظمة احلكومية التي تخنق األسواق‪ ،‬والقيود على عوامل اإلنتاج‪،‬‬
‫والسماح باملنافسة‪.‬‬
‫التعاقد ‪ ،Contracting – Out‬أي السماح ملؤسسات القطاع العام أو املؤسسات‬
‫العامة لشراء خدمات أو أعمال من القطاع اخلاص عن طريق طرح هذه األعمال أو‬
‫اخلدمات للمناقصة العامة أو العطاء ‪ .Tender‬ومن أمثلة ذلك قيام القطاع اخلاص بتشغيل‬
‫املستشفيات احلكومية‪ ،‬أو تقدمي خدمات النظافة في املدن‪.‬‬
‫أما إجراءات وسياسات حتسني كفاءة استخدام عناصر اإلنتاج‪ ،‬وزيادة القدرة‬
‫اإلنتاجية لالقتصاد فتهدف إلى إزالة التشوهات التي تسببها سياسات التسعير واالحتكارات‬
‫والضرائب والدعم احلكومي والقيود على التجارة اخلارجية‪ ،‬وكذلك إجراءات وسياسات‬
‫خللق احلوافز من أجل زيادة االدخار واالستثمار احمللي‪ ،‬واستقطاب املدخرات واالستثمارات‬
‫األجنبية‪ .*17‬وإلى جانب زيادة معدل تكوين رأس املال املادي هناك إجراءات أخرى لزيادة‬
‫معدل تكوين رأس املال البشري وحتسني املهارات والقدرات البشرية التي من شأنها أن تؤدي‬
‫في األجل الطويل إلى زيادة اإلنتاجية والنمو االقتصادي‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬اإلجراءات والسياسات اخلاصـة بسـوق العمـل‬
‫تهدف هذه اإلجراءات والسياسات إلى تقليل مستوى البطالة‪ .‬إن البطالة حسب رأي‬
‫أنصار مقاربة اقتصاد العرض تعود ألن أسواق العمل‪ ،‬ال تعمل بحرية تامة عبر التحركات‬

‫‪ *17‬نبيل عماري‪ ،‬وحسني شخاترة‪ ،‬سياسات التكيف واإلصالح الهيكلي وأثرها على التعطل في األردن‪ :‬وقائع اجتماع اخلبراء حول‬
‫التعطل في دول األسكوا‪ ،‬عمان‪ 29-26 ،‬متوز ‪ /‬يوليو ‪.1993‬‬

‫‪146‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫احلرة لقوى العرض والطلب‪ .‬في حني أن فائض عرض العمل (البطالة) في ظل السوق‬
‫احلرة يتم التخلص منه بصورة تلقائية من خالل هبوط أجر العمل‪ ،‬أما في حالة تدخل‬
‫وضغط احتادات العمال ملنع هبوط األجور‪ ،‬وفرض حد أدنى لألجر‪ ،‬فإن سوق العمل‪،‬‬
‫يفشل في تسوية ذاته بذاته‪ ،‬وبالتالي تستمر البطالة‪.‬‬
‫ومن هنا يشدد اقتصاديو جانب العرض على التقليل من قوة االحتادات املهنية‪ ،‬وعلى‬
‫إزالة احلد األدنى لألجور‪ .‬وحسب رأي هؤالء إن البطالة والفقر واحلرمان‪ ،‬وإن كانت شر ًا‬
‫ال بد منه في املدى القصير‪ ،‬إال أن أسواق العمل احلرة ستجلب االزدهار واآلثار اإليجابية‬
‫على القوى العاملة والتشغيل في املدى الطويل!‬

‫‪ 5.5‬مقاربة السوق الصديقة‬


‫‪The Market-friendly Approach‬‬
‫هذه املقاربة هي من أحدث مناهج الثورة النيوكالسيكية املضادة‪ ،‬وهي ترتبط‬
‫واقتصادييه هذا البنك‪ ،‬وغالبيتهم كانوا في فترة‬
‫ّ‬ ‫بالدرجة األولى بكتابات البنك الدولي‬
‫الثمانينات من مؤيدي مقاربة «السوق احلرة» أو «االختيار العام»‪ .‬إن مقاربة السوق الصديقة‬
‫أو «الرؤوف» تعترف بوجود عيوب ونواقص كثيرة في أسواق السلع وأسواق عناصر اإلنتاج‬
‫في دول العالم الثالث‪ .‬أيض ًا يرى أصحاب هذه املقاربة أن للحكومة دور ًا رئيسي ًا في تيسير‬
‫وتسهيل عمل األسواق من خالل التدخالت في بعض النشاطات‪ ،‬على سبيل املثال عن‬
‫طريق االستثمار في البنية التحتية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتوفير املناخ املالئم لنشاط‬
‫املشروع اخلاص‪)Todaro and Smith, 2003, P.129( .‬‬
‫كما تختلف مقاربة «السوق الصديقة» عن املقاربات السابقة – السوق احلرة‬
‫واالختيار العام – من حيث قبولها لفكرة أن مجاالت فشل السوق ‪Market Failure‬‬
‫في دول العالم الثالث أوسع انتشار ًا – قياس ًا بالدول املتقدمة – إضافة إلى ظواهر أخرى‬
‫متوطنة في أسواق دول العالم الثالث مثل نقص أو عدم اكتمال املعلومات‪ ،‬واآلثار‬
‫اخلارجية ‪ Externalities‬للتعليم وتكوين املهارات‪ ،‬واقتصاديات احلجم الكبير في‬
‫اإلنتاج ‪.Economies of scale In Production‬‬
‫في هذا الصدد طرح تقرير التنمية البشرية لعام ‪ 1993‬الصادر عن برنامج األمم‬
‫املتحدة اإلمنائي (‪ )UNDP‬ثالثة أسئلة هامة‪ :‬هل األسواق حرة حقاً؟ وهل الوصول إليها‬

‫‪147‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫متاح جلميع الناس؟ وما هو أثرها في توزيع الدخل والفرص والفوائد اإلمنائية األخرى؟‬
‫إن األسواق بكل كفاءتها فيما يتعلق بالتوفيق بني املشترين والبائعني‪ ،‬ميكن أن تكون‬
‫مرتبطة بزيادة عدم املساواة والفقر‪ ،‬وكذلك ببطالة واسعة النطاق … إن معظم األسواق‬
‫تعاني من ثالثة أنواع من التشوهات‪:‬‬
‫تشوهات في طريقة عمل األسواق نفسها‪ ،‬و قد يكون بعضها ناجم ًا عن قوة‬
‫وتدخل احلكومة املستمر‬
‫ّ‬ ‫االحتكارات‪ ،‬وهناك تشوهات ترجع إلى األسعار املقيدة‪،‬‬
‫في السوق‪.‬‬
‫تشوهات في شكل تفاوت بني الناس الذين يدخلون السوق‪ .‬فكثير منهم يفتقرون‬
‫إلى التعليم أو األصول أو اإلئتمانات أو املهارات الالزمة‪ ،‬ليكونوا قادرين على املنافسة‪ ،‬أو‬
‫ُيس َت َبعدون بسبب اجلنس أو العنصر أو العرق‪.‬‬
‫تعبر األسواق غالب ًا عن التكاليف أو املنافع اخلارجية‪ ،‬مثل التلوث (كتكاليف‬ ‫ال ِّ‬
‫خارجية) والوقاية من األمراض السارية (كمنافع خارجية)‪ ،‬وهناك مجاالت ال تعكسها‬
‫األسواق إطالقاً‪ ،‬فحسابات الدخل القومي مث ً‬
‫ال ال تشمل العمل املنزلي‪.‬‬
‫إن الناس يدخلون األسواق مشاركني غير متساوين‪ ،‬و كثير ًا ما يخرجون منها مبكافأت‬
‫غير متساوية‪.‬‬
‫ولهذا يتطلب جعل األسواق أكثر رأفة بالناس استراتيجية حتافظ على استمرارية‬
‫حركة األسواق‪ ،‬لكن يلزم أن تكملها إجراءات أخرى تتيح للناس املشاركة الكاملة في‬
‫عملها وتقاسم منافعها تقاسما منصفا‪.‬‬
‫نقد املقاربات الفكرية النيوكالسيكية‪:‬‬
‫عزيزي الدارس‪ ،‬تعرضت الثورة النيوكالسيكية املضادة للنقد بسبب كونها وجهة‬
‫نظر اقتصادية من طبيعة أيديولوجية‪ ،‬حيث يعتقد منظرو هذه املدرسة – ومعظمهم من‬
‫االقتصاديني الغربيني – أن تخلف العالم الثالث ظاهرة داخلية بحتة‪ ،‬تعود أسبابه إلى‬
‫تدخل احلكومات املفرط في االقتصاد‪ ،‬والسياسات االقتصادية العامة السيئة‪ ،‬متجاهلني‬
‫بذلك دور العوامل اخلارجية أو الدولية‪ .‬كما يتسم أصحاب الفكر النيوكالسيكي بالتعصب‬
‫الشديد ملذهب أو عقيدة السوق ‪ ،Market Fundamentalism‬بوصفه مفتاح التنمية في‬
‫دول العالم الثالث‪ .‬فاألسواق احلرة‪ ،‬وحكومة احلد األدنى ‪ -‬حسب رأيهم – هي املقومات‬
‫األساسية‪ ،‬أو أنها كل ما يلزم للتنمية في العالم الثالث‪.‬‬
‫‪148‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫ يوصف التحليل النيوكالسيكي بأنه حتليل ضيق‪ ،‬ألنه يهمل أو يتجاهل دور العوامل‬
‫غير االقتصادية مثل العوامل االجتماعية والسياسية ذات األهمية‪ .‬واألهم أن التحليل‬
‫النيوكالسيكي يهمل حقيقة االختالف اجلوهري بني اقتصاديات دول العالم الثالث‪،‬‬
‫واقتصاديات الدول الرأسمالية املتقدمة‪ ،‬والتي تختلف جذري ًا من حيث أبنيتها االقتصادية‪،‬‬
‫وهياكلها التنظيمية‪ ،‬وهو ما يجعل افتراضات وقواعد وتعليمات السلوك النيوكالسيكية‬
‫محل تساؤل أو أنها خاطئة (‪.)Todaro and Smith, 2003, P.131‬‬
‫إن معظم دول العالم الثالث ال يتوفر فيها األسواق التنافسية أو – إن شئت ‪ -‬أن السوق‬
‫هو في مرحلة التكوين‪ .‬وهناك جانب من االقتصاد‪ ،‬هو اقتصاد غير نقدي‪ ،‬أو أنه اقتصاد‬
‫الكفاف‪ ، Subsistence economy‬والسوق مجزأة‪ ،‬وقد ال تسمح بحرية احلركة‪ ،‬واملرونة‬
‫ال عن تفكك‬ ‫لعناصر اإلنتاج‪ ،‬إضافة إلى محدودية املعلومات‪ ،‬ومحدودية انتشارها‪ .‬فض ً‬
‫أبنيتها اإلنتاجية وعدم متاسكها وترابطها الداخلي‪ .‬ونادر ًا ما يسود مبدأ سيادة املستهلك‪،‬‬
‫فباإلجمال ال يقرر املستهلكون ماذا تنتج؟ وكم تنتج؟ وملن ينتج من السلع واخلدمات؟ كما‬
‫أن ظاهرة اآلثار اخلارجية ‪ Externalities‬واسعة االنتشار في مجال اإلنتاج واالستهالك‪،‬‬
‫وهي منافع أو تكاليف اجتماعية ال تؤخذ باحلسبان في معيار الربحية التجارية‪ ،‬وذلك عند‬
‫حتديد معدل العائد على االستثمار‪ ،‬وبالتالي تشكل واحدة من مواطن فشل السوق‪.‬‬
‫من ناحية أخرى ركز التحليل النيوكالسيكي على مسألة التوزيع ذي الكفاية للموارد‬
‫عبر ميكانيكية السوق‪ ،‬في حني أهمل مسألة توزيع الدخل والعدالة‪ ،‬والتي تركها أيض ًا‬
‫مليكانيكية السوق‪ .‬ومن املشكوك فيه أن تؤدي هذه اآللية في ظروف االقتصاد املتخلف إلى‬
‫حتقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة‪ ،‬وحتقيق الرفاه العام جلميع أفراد وطبقات املجتمع‪.‬‬
‫تعد مؤشر ًا بارز ًا وقوي ًا على اخللل‬
‫جتدر اإلشارة هنا إلى أن األزمة املالية العاملية الراهنة ّ‬
‫الهيكلي اجلذري في املناهج الفكرية النيوكالسيكية أو ما يعرف مبنهج الليبرالية االقتصادية‬
‫اجلديدة‪ ،‬القائمة على اخلصخصة وحترير األسواق لدرجة الفلتان‪ ،‬وكف يد الدولة عن‬
‫التدخل‪ .‬إن منهج الليبرالية االقتصادية اجلديدة أخذ طريقه إلى التطبيق العملي في ثمانينات‬
‫القرن املاضي‪ ،‬وذلك في عهد رئاسة "رونالد ريغان" ومن ذلك الوقت مر االقتصاد‬
‫األمريكي بأزمات حتى انفجرت أزمة مالية حادة في الربع األخير من عام ‪ ،2008‬وهو نفسه‬
‫الربع األخير من رئاسة جورج بوش – االبن‪ ،‬وبرزت على السطح في أزمة الرهون العقارية‬
‫وانهيار بورصة وول ستريت ‪ Wall Street‬وامتدت إلى جميع أسواق املال العاملية‪ ،‬وتبعها‬

‫‪149‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫انهيار العديد من البنوك وشركات التأمني‪ ،‬والشركات العقارية األمريكية‪ ،‬وإحلاق خسائر‬
‫تقدر مبليارات الدوالرات‪ ،‬ودخول الواليات املتحدة‪ ،‬واالقتصاد العاملي في أزمة ركود‬
‫اقتصادي‪ ،‬األمر الذي أجبر الدولة الرأسمالية االحتكارية على التدخل القوي للحد من‬
‫آثار األزمة‪ ،‬وإنقاذ اجلهاز املصرفي واملالي‪ ،‬وبالتالي حماية مجموع النظام الرأسمالي من‬
‫االنهيار‪.‬‬
‫واآلن – عزيزي الدارس – حتقق من إتقان تعلمك للقسم الرابع من هذه الوحدة‬
‫باإلجابة عن التالي‪:‬‬

‫أسئلة التقومي الذاتي (‪)6‬‬

‫‪ .1‬ما أسباب تخلف العالم الثالث وفق ًا للمقاربات الفكرية االقتصادية النيوكالسيكية‬
‫التي درستها؟‬
‫‪ .2‬هل محتوى منهج السوق احلرة يالئم واقع البلدان املتخلفة؟ وملاذا؟‬
‫‪ .3‬ما املقصود مبقاربة االختيار العام؟‬
‫‪ .4‬ما أبرز اهتمامات مقاربة اقتصاديات جانب العرض؟ وما اإلجراءات والسياسات‬
‫التي تتبعها لتحقيق أهدافها‪.‬‬
‫‪ .5‬ما الفكرة املشتركة بني املقاربات الفكرية النيوكالسيكية التي درستها؟ ومب تختلف‬
‫مقاربة السوق الصديقة عن املقاربات الفكرية األخرى‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .6‬منوذج النمو النيوكالسيكي‪ :‬منوذج سولو للنمو‬
‫‪Neoclassical Growth Model: Solow Growth Model‬‬
‫عزيزي الدارس‪ ,‬رائد هذا النموذج‪ ،‬هو «روبرت سولو» ‪ Robert Solow‬من‬
‫معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا‪ .‬حصل عام ‪ 1987‬على جائزة نوبل لالقتصاد ملساهماته‬
‫في نظرية التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫طور هذه النموذج أساس ًا حملاولة تفسير النمو االقتصادي الطويل املدى في الدول‬
‫الرأسمالية املتقدمة‪ .‬وآنذاك كان معظـم االقتصاديـني يعتقـدون ‪ -‬وبعضهم ما زال يعتقد‬
‫بذلك حتى اليوم ‪ -‬أن تراكم رأس املال هو السبب الرئيسي وراء زيادة إنتاجية ساعة العمل‬
‫– أي منو اإلنتاجية الذي يؤدي إلى زيادة الناجت للعامل وارتفاع مستوى املعيشة – ومع تراكم‬
‫رأس املال ترتفع مع مرور الوقت حصة كل عامل من رأس املال‪ .‬قام «سولو» باختبار هذه‬
‫الفرضية بجمع التغيرات السنوية في اإلنتاج اإلجمالي لساعة العمل في الواليات املتحدة بني‬
‫عامي ‪ 1949 – 1909‬ثم حلل منو اإلنتاج في ساعة العمل الواحدة إلى مكونني منفصلني‪:‬‬
‫األول مرتبط بزيادة رأس املال املوظف لكل ساعة عمل‪ ،‬والثاني ميثل ذلك اجلزء الذي ال‬
‫ميكن أن يعزى إلى زيادة رأس املال‪.‬‬
‫فوجئ العديد من االقتصاديني بنتائج «سولو» التي أظهرت أن ‪ % 12.5‬فقط (صححت‬
‫هذه النسبة فيما بعد إلى ‪ )% 19‬من تغير اإلنتاجية على املدى الطويل يعود سببه إلى رأس املال‬
‫املوظف‪ ،‬أما اجلزء املتبقي من منو اإلنتاجية والذي يفسر النمو على املدى الطويل‪ ،‬فسماه‬
‫التغير التكنولوجي ‪( Technological Change‬فريدريك‪ .‬م شرر‪ ،‬نظرة جديدة‬ ‫ّ‬ ‫«سولو»‬
‫إلى النمو االقتصادي وتأثره باالبتكار التكنولوجي‪ ،‬الطبعة العربية‪. )2002 ،‬‬

‫‪ 1.6‬منهج حسابات النمو‬


‫‪The Growth – accounting approach‬‬
‫حسب النظرية االقتصادية النيوكالسيكية‪ ،‬إن منو املخرجات (الناجت) هو نتيجة لواحد‬
‫أو أكثر من العوامل الثالثة‪:‬‬
‫‪ .1‬الزيادة في كمية قوة العمل أو نوعيتها‪ ،‬وذلك عن طريق النمو السكاني والتعليم‪.‬‬
‫‪ .2‬الزيادة في عنصر رأس املال (من خالل االدخار واالستثمار)‪.‬‬
‫‪ .3‬التحسينات في التكنولوجيا‪.‬‬
‫‪151‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫ولكن ما نسب مساهمة كل من العمالة ورأس املال‪ ،‬والتكنولوجيا؟ وكيف يؤثر‬
‫التغير (أو التقدم) التكنولوجي في النمو؟ في البداية علينا أن نفهم منهج أو طريقة حساب‬
‫النمو‪ .‬طور هذه املنهج رواد أمثال «روبرت سولو» وغيره‪ .‬وهو محاولة لفصل مساهمات‬
‫املصادر املختلفة لنمو املخرجات (سامو يلسون‪ ،‬وآخرو ‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬ط ‪. )1995 ،15‬‬
‫كما هو معلوم إن دالة اإلنتاج هي عالقة فنية كمية بني املدخالت ‪ Inputs‬واملخرجات‬
‫‪ .Outputs‬وللتبسيط نفترض أن منو املخرجات (‪ )Y‬يتوزع على ثالثة مصادر رئيسة هي منو‬
‫العمالة (‪ ،)N‬ومنو رأس املال (‪ ،)K‬والتقدم التكنولوجي (‪ .)A‬هذه العالقة ميكن وضعها‬
‫بالصيغة التالية‪:‬‬
‫)‪Y = A F ( K ، N ) …….. ( 1‬‬
‫تربط هذه املعادلة مستوى املخرجات ‪ Y‬مبستوى املدخالت (وهي هنا العمل ورأس‬
‫املال) ومستوى التكنولوجيا (‪ .)A‬ميكن حتويل املعادلة (‪ )1‬إلى عالقة محددة بني منو املدخالت‬
‫ومنو املخرجات كما في معادلة حساب النمو التالية(‪.)DORN BUSCH 2004‬‬
‫ ‪)ΔY/Y = (1- θ) . ΔN/N +(θ . ΔK/K) + ΔA/A ……..(2‬‬

‫حيث (‪( )1 – θ‬تقرأ من جهة اليسار)‪ ،‬و ‪ )theta( θ‬هي أوزان (‪ )weights‬تعادل‬
‫على التوالي حصة كل من العمل‪ *18‬ورأس املال من الدخل (الناجت) القومي‪.‬‬
‫توضح املعادلة (‪ )2‬مساهمة كل من املدخالت (العمل ورأس املال) ومساهمة‬
‫التحسينات في التكنولوجيا في منو املخرجات‪ ،‬ويساهم كل من العمل ورأس املال مبقدار‬
‫يساوي معدل منو كل منهما مضروب ًا بحصة ذلك املدخل (العنصر) في الدخل (‪ .)A‬التقدم‬
‫التكنولوجي ‪ ،Technological Progress‬وهو مقدار الزيادة في املخرجات الذي يعود‬
‫إلى التحسينات في التكنولوجيا وذلك في ظل افتراض بقاء جميع مدخالت اإلنتاج األخرى‬
‫ثابتة‪ .‬وبكلمات أخرى يكون هناك تقدم تكنولوجي عندما يكون باإلمكان إنتاج املزيد من‬
‫املخرجات من املقدار نفسه من املدخالت (كالعمل ورأس املال)‪.‬‬

‫‪ *18‬حصة العمل تعني ذلك اجلزء من الناجت القومي املخصص لدفع تعويضات العمل ‪ ،‬كاألجور والرواتب وغيرها‪.‬‬
‫‪152‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫مثال‬
‫افترض أن حصة رأس املال من الدخل القومي ‪ ،0.25‬وحصة العمل ‪ .0.75‬وإذا‬
‫كان منو قوة العمل ‪ ،% 1.2‬ومنو املخزون الرأسمالي ‪ ،% 3‬وافرض أن معدل التقدم التقني‬
‫هو ‪ % 1.5‬سنوياً‪ ،‬فما معدل منو املخرجات السنوي؟‬
‫بتطبيق املعادلة (‪ )2‬نحصل على‪:‬‬
‫‪ΔY/Y = ( 0.75 x 1.2 % ) + ( 0.25 x 3 % ) + 1.5 % = 3.15 %‬‬
‫ال من العمل ورأس املال يرجح بحصته‬ ‫تكشف املعادلة (‪ )2‬عن نقطة هامة‪ ،‬وهي أن ك ً‬
‫النسبية من الدخل القومي‪ .‬وملا كانت حصة العمل أعلى من حصة رأس املال‪ ،‬وهذا يعني‬
‫أن زيادة العمل بنسبة معينة ستزيد املخرجات (الناجت) مبقدار أعلى مما حتدثه نسبة الزيادة في‬
‫رأس املال‪ .‬كذلك ميكن معرفة الزيادة اإلضافية في املخرجات إذا علمنا معدل الزيادة في‬
‫مخزون رأس املال‪ .‬افترض في املثال السابق أن منو رأس املال تضاعف‪ ،‬أي أصبح ‪% 6‬‬
‫ال من ‪ ،% 3‬في هذه احلالة‪ ،‬سنجد أن منو املخرجات يزداد من ‪ % 3.15‬إلى ‪ ،% 3.9‬أي‬ ‫بد ً‬
‫أنه ازداد بأقل من نقطة مئوية واحدة مع أن منو رأس املال قد ارتفع بثالث نقاط مئوية إضافية‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬إذا جتاهلنا مؤقت ًا التقدم التقني سنالحظ أن منو العمل (‪ )N‬بنسبة ‪،% 1‬‬
‫ومنو رأس املال (‪ )K‬بنسبة ‪ % 1‬سيؤدي إلى منو املخرجات بنسبة ‪ % 1‬أيضاً‪ ،‬وهذا يعكس‬
‫العوائد الثابتة للحجم ‪. Constant returns- to- scale‬‬
‫حساب النمو في الدخل أو الناجت الفردي‪:‬‬
‫تشير املعادلة (‪ )2‬إلى النمو في الناجت احمللي اإلجمالي‪ ،‬ومن املعروف أن اهتمام‬
‫االقتصاديني ينصب على متوسط دخل الفرد‪ ،‬أو الناجت احمللي اإلجمالي للفرد ‪GDP‬‬
‫‪ ،Per Capita‬وهو نسبة الناجت احمللي اإلجمالي إلى عدد السكان‪ .‬إذا رمزنا لقيم الدخل‬
‫الفردي باألحرف الصغيرة نحصل على ‪ y = Y / N‬وكذلك ‪ ،k = K / N‬ومن املعلوم‬
‫أن معدل منو الناجت احمللي اإلجمالي ‪ GDP‬يساوي معدل منو الدخل الفردي زائد معدل‬
‫النمو السكاني‪ .‬أي أن‪:‬‬
‫‪ ، Δ Y/Y = Δ y / y + Δ N / N‬وكذلك أن ‪Δ K / K = Δ k / k + Δ N / N‬‬
‫وحلساب النمو بداللة الدخل الفردي نطرح من طرفي املعادلة (‪ )2‬معدل النمو السكانـي ‪Δ‬‬
‫‪ N / N‬فنحصل على معادلة النمو للدخل الفردي‪:‬‬
‫‪)Δ y / y = θ . Δ k / k + Δ A / A ……….. ( 3‬‬
‫‪153‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫ متثل (‪ )k‬رصيد رأس املال لكل عامل (‪ ،)K/N‬وتسمى (‪ )k‬أيض ًا نسبة رأس املال ‪/‬‬
‫وتعد هذه النسبة محدد ًا أساسي ًا ملقدار املخرجات (الناجت)‬
‫العمل ‪ّ Capital - labor ratio‬‬
‫للفرد أو للعامل‪ .‬بافتراض ان ‪ ، Δ A/A=0‬فإن‪ ، )y = f (k‬وحيث افترضنا أن ‪ θ‬متثل‬
‫حوالي ‪ 0.25‬فإن زيادة رأس املال املتاح لكل عامل بنسبة ‪ ،% 1‬فإن املخرجات للفرد ستزداد‬
‫بحوالي ربع الـ ‪ % 1‬فقط‪.‬‬
‫وهكذا تبني املعادلة (‪ )3‬كيف ميكن أن يؤثر تكثيف رأس املال على ناجت الفرد إذا‬
‫كان التقدم التكنولوجي صفراً‪ .‬فالناجت للعامل أو للفرد ينمو مبقدار ربع منو رأس املال املتاح‬
‫للعامل الواحد فقط‪ ،‬وهو ما يعكس تناقص العوائد‪.‬‬
‫كيف ميكن قياس مساهمة التقدم التقني في النمو؟‬
‫ال ميكننا قياس التقدم التقني (التكنولوجي)‪ ،‬بل ميكن االستدالل عليه من الناجت‬
‫املتبقي ‪ residual output‬بعد حساب املخرجات واملدخالت األخرى‪ .‬بالتعريف يقيس‬
‫التغير التكنولوجي (‪ )A‬التغيرات في اإلنتاجية التي ال تعزى للتغيرات في املدخالت من‬
‫العوامل‪ .‬ويطلق على التغير التكنولوجي أحيان ًا التغير في عامل اإلنتاجية الكلية (‪)TFP‬‬
‫‪ ،Total Factor Productivity‬ويقيس االقتصاديون التغير التكنولوجي (‪) Δ A / A‬‬
‫عن طريق إعادة ترتيب املعادلة (‪ ،)2‬على النحو التالي (‪:)DORN BUSCH, 2004‬‬

‫(‪ Δ A / A = Δ Y / Y — 1 ( ] – θ ) . Δ N / N ] – ( θ . Δ K / K ) …... (4‬‬

‫تبني املعادلة (‪ )4‬أن معدل منو املخرجات (الناجت) ناقص ًا معدل منو جميع املدخالت‬
‫يعطينا املساهمة النسبية للتقدم التكنولوجي‪ ،‬ومتكننا هذه املعادلة من حتديد أي جزء من منو‬
‫املخرجات (الناجت) يعزى لنمو العمالة‪ ،‬وأي جزء يعزى لنمو رأس املال‪ ،‬وأيهما يعود‬
‫للتقدم التقني (التكنولوجي)‪.‬‬
‫يتضمن التقدم التكنولوجي كمتغير خارجي ‪(exogenous variable‬أي خارج‬
‫النموذج) عوامل أخرى تساهم في رفع اإلنتاجية مثل التعليم والتدريب والتقدم العلمي‬
‫والبحث والتطوير (‪ ،)R&D‬ووفورات احلجم وغيرها‪ .‬إن طريقة قياس التغير التكنولوجي‬
‫وفق ًا للمعادلة (‪ )4‬والتي تنسب كل ما يتبقى من النمو في املخرجات (الناجت) بعد طرح‬
‫مساهمات املدخالت في النمو إلى التغير التكنولوجي هو بالضبط ما يعرف بـ «باقي» سولو‬
‫‪ ،Solow Residual‬على سبيل املثال افترض أن معدل منو املخرجات في مجتمع ما بلغ ‪3.5‬‬

‫‪154‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ %‬سنوي ًا في فترة معينة‪ ،‬بينما ساهم منو املدخالت (رأس املال‪ ،‬والعمل)‪ ،‬مبقدار ‪% 1.5‬‬
‫وبالتالي يكون التغير التكنولوجي (أو عامل اإلنتاجية الكلية)‪ – *19‬وهو معدل منو املخرجات‬
‫ناقص ًا معدل منو جميع املدخالت – يساوي ‪ % 2‬سنوياً‪ .‬‬
‫واآلن – عزيزي الدارس – للتعرف على مدى استيعابك ملا تعلمته أجب عن التالي‪:‬‬

‫تدريب (‪)4‬‬

‫افترض وجود عنصرين إنتاجيني هما العمل ورأس املال‪ ،‬وأن حصة العمل في الدخل‬
‫القومي هي ‪ 0.6‬وحصة رأس املال ‪ ،0.4‬وإذا كانت معدالت النمو السنوي لكل من‬
‫العمل ورأس املال هي ‪ ،% 2‬و ‪ % 6‬على التوالي‪ ،‬فاحسب ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬معدل النمو السنوي في املخرجات (الناجت) على افتراض عدم وجود تغير تكنولوجي‪.‬‬
‫‪ .2‬افرض أن معدل النمو السنوي في التكنولوجيا هو ‪ % 2‬فما معدل النمو السنوي في‬
‫املخرجات‪.‬‬

‫أسئلة التقومي الذاتي (‪)7‬‬

‫افترض أن معدل النمو السنوي في املخرجات (الناجت) هو ‪ ،% 3‬وأن حصة كل من‬


‫العمل ورأس املال في الدخل القومي هي ‪ % 0.7‬و ‪ % 0.3‬على التوالي‪ .‬فما معدل‬
‫النمو السنوي في التغير التكنولوجي إذا كان معدل النمو السنوي في كل من العمل‬
‫ورأس املال هو ‪.% 1‬‬

‫‪*20‬‬
‫تغير تكنولوجي‬
‫‪ 2.6‬منوذج سولو للنمو بدون ّ‬
‫ميثل الشكل البياني (‪ )4‬احلالة املستقرة ‪ Steady State‬لالقتصاد‪ ،‬تبني دالة اإلنتاج‬
‫للفرد ‪ .)y = f (k‬العالقة بني املخرجات (الناجت) لكل فرد‪ ،‬ونسبة رأس املال إلى العمل‬

‫‪ *19‬تربط الصيغة ) ‪ Y = AF (K, N‬مستوى املخرجات (االنتاج) مبستوى املدخالت (العمل رأس املال هنا)‪ ،‬ومستوى التكنولوجيا‪ ،‬وعند‬
‫كتابة دالة االنتاج بهذه الطريقة يطلق على ‪ A‬عامل االنتاجية الكلية )‪ ،Total Factor Productivity (T F P‬وتعتبر اإلنتاجية الكلية‬
‫مقياس لإلنتاجية املتوسطة جلميع عناصر اإلنتاج املوظفة في االقتصاد‪ ،‬وذلك ألن التقدم التكنولوجي وفق الصيغة املذكورة يعضد انتاجية جميع‬
‫العوامل (املدخالت) وليس العمل وحده‪.‬‬
‫‪ *20‬راجع‪:‬‬
‫‪RUDIGER DORN BUSCH, and others, Macroeconomics, Ninth Edition, Mc Graw – Hill, 2004.‬‬

‫‪155‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ Capital- Labor ratio‬من جهة أخرى‪ ،‬أي أن نصيب الفرد (أو العامل) من الناجت هو‬
‫دالة لنصيب الفرد من رأس املال‪ .‬يالحظ من شكل دالة اإلنتاج هذه أنه مع ارتفاع رصيد‬
‫‪**21‬‬
‫رأس املال للفرد (‪ )k‬يرتفع الناجت للفرد (‪ )y‬وهو ما يحدث نتيجة تكثيف رأس املال‬
‫‪ ،Capital deepening‬الذي يزيد اإلنتاجية‪ ،‬لكن الزيادة احلاصلة في اإلنتاج بالنسبة لكل‬
‫فرد عند املستويات العليا للرأسمال هي أقل منها عند املستويات الدنيا‪ ،‬مما يعني أن اإلنتاجية‬
‫احلدية لرأس املال تتناقص‪ ،‬ألن وحدة رأس املال اإلضافية تضيف إلى اإلنتاج كمية أقل مما‬
‫تضيفه وحدة رأس املال السابقة‪ .‬أي أن دالة اإلنتاج في هذا النموذج تفترض تناقص العوائد‬
‫على رأس املال‪.Diminishing returns to capital ***22‬‬
‫متثل (‪ )sy‬دالة اإلدخار للفرد‪ ،‬حيث ‪ s‬تشير إلى امليل احلدي (أو املتوسط) لالدخار‪،‬‬
‫وتشير ‪ y‬إلى دخل الفرد‪ ،‬وقد افترض أن ‪ s‬متثل نسبة ثابتة من الدخل‪ ،‬لذلك فإن‬
‫االدخار للفرد يساوي ‪ . sy‬أما اخلط (‪ n+d) k‬فيشير إلى االستثمار الالزم ‪Investment‬‬
‫‪ requirement‬للمحافظة على مستوى معني من رصيد رأس املال للفرد (‪.)k‬‬

‫‪ **21‬تكثيف أو تعميق رأس املال ‪ Capital deepening‬تعني زيادة مدخالت رأس املال مبعدل أسرع من زيادة مدخالت العمل‪ ،‬بحيث تزيد‬
‫نسبة رأس املال املستخدم في إنتاج الناجت على نسبة العمالة‪ ،‬أي أن كمية رأس املال بالنسبة لكل عامل تزداد مع مرور الزمن‪ ،‬بينما توسيع رأس‬
‫املال ‪ Capital widening‬يعني زيادة املدخالت الرأسمالية مبعدل مماثل لزيادة مدخالت العمالة بحيث ال تتغير نسبة رأس املال إلى العمالة‬
‫املستخدمة في إنتاج الناجت‪.‬‬
‫‪ ***22‬قام سولو بتوسيع منوذج هارود‪ -‬دومار‪ -‬للنمو‪ ،‬وذلك بإضافة عنصر العمل واستخدم سولو دالة اإلنتاج التي تكون فيها املخرجات‬
‫دالة في رأس املال والعمل‪ .‬كما افترض تناقص عوائد احلجم للرأسمال‪ ،‬أي أن زيادة رأس املال بالنسبة للعمالة سيؤدي إلى زيادة املخرجات‬
‫(الناجت)‪ ،‬ولكن بصورة متناقصة‪ ،‬مما يعني أن تكثيف رأس املال (أي منو رأس املال بوتيرة أسرع من منو القوى العاملة) بدون تقدم تكنولوجي‬
‫سيؤدي إلى تناقص العوائد وتراجع معدل العائد على رأس املال‪.‬‬
‫‪156‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫إن االستثمار املطلوب للمحافظة على مستوى معني من رأس املال للفرد (‪ )k‬يعتمد‬
‫على معدل منو السكان (‪ )n‬ومعدل االهتالك (‪ .Depreciation rate )d‬وقد افترض أن‬
‫معدل النمو السكاني ثابت (‪ )n = Δ N / N‬وأن االهتالك هو نسبة ثابتة من املخزون‬
‫الرأسمالي‪ .‬وعليه يحتاج االقتصاد عند مستوى معني من رأس املال للفرد إلى استثمار مقداره‬
‫(‪ )nk‬للعمال اجلدد‪ ،‬وإلى استثمار مقداره (‪ )dk‬لتعويض االهتالك في رأس املال (اآلالت‬
‫واملاكينات)‪ .‬أي أن إجمالي االستثمار املطلوب ملستوى معني من رأس املال للفرد يساوي (‪n‬‬
‫‪ ،+ d) k‬ومنها ميكن التعبير عن صافي التغير في رأس املال للفرد على النحو التالي‪:‬‬

‫‪) Δk = sy – ( n + d ) k …………..( 5‬‬

‫وحيث إن ‪ )y = f (k‬فإنه ميكن إعادة صياغة املعادلة (‪ )5‬كما يلي‪:‬‬ ‫ ‬

‫‪) Δ k = s f ( k ) – ( n + d ) k …………..( 6‬‬

‫متثل املعادلة (‪ )6‬املعادلة األساسية لنموذج النمو النيوكالسيكي (منوذج سولو)‪ ،‬وهي‬
‫تبني أن التغير في نسبة رأس املال للفرد (‪ )Δ k‬وتعرف أيض ًا بتكثيف رأس املال‪ ،‬إمنا تتحدد‬
‫بثالثة عوامل‪:‬‬
‫معدل االدخار للفرد (‪ )s‬الذي تؤدي الزيادة فيه إلى زيادة تراكم رأس املال للفرد‬
‫وبالتالي ارتفاع نسبة رأس املال للفرد‪.‬‬
‫معدل اهتالك رأس املال (‪ )d‬الذي تؤدي الزيادة فيه إلى انخفاض املخزون الرأسمالي‬
‫وبالتالي انخفاض نسبة رأس املال للفرد‪.‬‬
‫معدل النمو السكاني (‪ )n‬الذي تؤدي الزيادة فيه إلى انخفاض نسبة رأس املال للفرد‪،‬‬
‫وذلك نتيجة التوسع في رأس املال ‪ Capital widening‬الالزم للعمال اجلدد‪ ،‬الذين‬
‫يلتحقون ألول مرة في القوى العاملة‪.‬‬

‫‪ 1.2.6‬احلالة املستقرة على املدى الطويل ‪Long – run steady state‬‬


‫عزيزي الدارس‪ ،‬تعرف احلالة املستقرة لالقتصاد عندما يكون ‪ Δ k = 0‬أي أن التغير‬
‫في نسبة رأس املال للفرد يساوي صفر‪ ،‬األمر الذي يحدث عند القيم ‪ *y‬و ‪ *k‬بشرط أن‪:‬‬
‫ ‬
‫‪) s y = s f ( k ) = ( n + d ) k ………( 7‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫‪157‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫ وتعرف ‪( *y‬دخل الفرد)‪ ،‬و ‪( *k‬رأس املال للفرد) بقيم احلالة املستقرة (حالة‬
‫الثبات)‪ .‬وآنذاك تتوقف عملية تكثيف رأس املال‪ ،‬ويكون (دخل الفرد) ورأس املال للفرد‬
‫ثابتني‪ ،‬ال يتغيران لفترة طويلة‪ .‬وعند قيم احلالة املستقرة ‪ *y‬و ‪ *k‬يكون إجمالي االستثمار‬
‫الفعلي (اإلضافة إلى رصيد رأس املال زائد مخصصات االهتالك) يساوي متام ًا االدخار‬
‫الفعلي املتولد في االقتصاد‪.‬‬
‫يظهر من الشكل البياني رقم (‪ )4‬الذي ميثل احلالة املستقرة لالقتصاد‪ ،‬أن ادخار األفراد‬
‫هو نسبة ثابتة من مدخوالتهم‪ ،‬وأن منحنى االدخار (‪ )sy‬يبني مستوى االدخار عند كل نسبة‬
‫من رأس املال للفرد‪ ،‬أما اخلط املستقيم (‪ n + d) k‬فيبني مقدار االستثمار الالزم عند كل‬
‫نسبة من رأس املال ‪/‬فرد لإلبقاء على نسبة رأس املال ‪/‬فرد ثابتة‪ ،‬وذلك من خالل توفير‬
‫اآلالت الالزمة إلحاللها محل تلك التالفة وتوفير آالت إضافية للعمال اجلدد الداخلني في‬
‫القوى العاملة‪.‬‬
‫ما أثر التراكم الرأسمالي على النمو في املدى الطويل بدون تغير تكنولوجي؟ حسب‬
‫النموذج النيوكالسيكي عند ارتفاع التراكم الرأسمالي تزداد كمية رأس املال املتاحة لكل فرد‪،‬‬
‫وتزداد إنتاجيته فيرتفع مقدار املخرجات للفرد‪ ،‬ويتحرك االقتصاد إلى أعلى جهة اليمني‪.‬‬
‫ومع استمرار تراكم رأس املال في االرتفاع ترتفع نسبة رأس املال ‪ /‬فرد أيض ًا حتى تصل في‬
‫النهاية إلى ‪. *k‬‬
‫وعند هذا املستوى لنسبة رأس املال ‪ /‬فرد يكون االدخار الفعلي مطابق ًا متام ًا لالستثمار‬
‫الفعلي‪ ،‬وعند النقطة (‪ )c‬يساوي االستثمار املطلوب االستثمار الفعلي‪ ،‬وأن نسبة رأس املال‬
‫‪ /‬فرد ال ترتفع وال تنخفض‪ ،‬وكذلك تكون املخرجات لكل فرد (‪ )y = Y / N‬ثابتة عند‬
‫املستوى ‪ ،*y‬وبذلك يكون االقتصاد في حالة استقرار (وضع الثبات)‪.‬‬
‫وعلى سبيل املثال إذا بدأ االقتصاد االدخار عند النقطة ‪ A‬على املنحنى ‪ sy‬وهو يفوق‬
‫االستثمار الالزم عند النقطة ‪ B‬على اخلط (‪ n + d) k‬لإلبقاء على ‪ k0‬ثابتة‪ ،‬أي أن >‪sy‬‬
‫‪ ،(n+d)k‬فمعنى ذلك أن معدل االدخار أكبر من معدل النمو السكاني ومعدل االهتالك‪،‬‬
‫وهذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة نسبة رأس املال ‪ /‬فرد وهو ما يعرف بتكثيف رأس املال‬
‫‪ Capital intensity‬الذي يزيد نصيب الفرد (أو العامل) من رأس املال ‪capital per‬‬
‫‪ .)head (worker‬كذلك يرتفع مقدار املخرجات ‪ /‬فرد‪ ،‬وينتقل االقتصاد إلى أعلى جهة‬
‫اليمني حتى يصل إلى النقطة ‪ c‬حيث يتقاطع املنحنى‪ sy‬مع اخلط (‪.n + d ) k‬‬

‫‪158‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫ومتثل النقطة ‪ c‬توازن احلالة املستقرة لالقتصاد ‪ Steady state equilibrium‬ويقابلها‬
‫على احملور األفقي مستوى ثابت لنسبة رأس املال ‪ /‬فرد (‪ )*k‬ومستوى ثابت من املخرجات‬
‫(اإلنتاج) لكل فرد (‪ )*y‬على احملور الرأسي‪ .‬أما إذا كان‪ ، sy < (n+d)k‬فإن نصيب العامل‬
‫(الفرد) من رأس املال ينخفض‪ ،‬كما ينخفض نصيب الفرد من املخرجات (الناجت) أيضاً‪.‬‬
‫وذلك ألن االستثمار غير ٍ‬
‫كاف ملواجهة النمو السكاني واالهتالك‪.‬‬
‫وهكذا حسب منوذج النمو النيوكالسيكي بدون تغير تكنولوجي‪ ،‬إنه مع استمرار‬
‫تراكم رأس املال يبدأ مفعول تناقص العوائد للرأسمال‪ ،‬ويأخذ معدل العائد على رأس املال‬
‫باالنخفاض‪ ،‬سيدخل االقتصاد على املدى الطويل حالة من االستقرار (الثبات)‪ ،‬وعندها‬
‫تكون نسبة رأس املال للفرد واملخرجات للفرد ثابتة لفترة طويلة‪ .‬أي أن ‪ Δ k=0‬و ‪Δ y = 0‬‬
‫‪ .‬باالرتباط مع هذه النتيجة يتنبأ منوذج النمو النيوكالسيكي أن الدول التي لها نفس معدالت‬
‫النمو السكاني‪ ،‬ونفس معدالت االدخار‪ ،‬وتستخدم نفس التكنولوجيا (أي لها نفس دالة‬
‫اإلنتاج) ستصل في النهاية إلى نفس املستوى من الدخل‪.‬‬

‫‪ 2.2.6‬أثر الزيادة في معدل االدخار على النمو في املدى الطويل‬


‫طبقا لنظرية النمو النيوكالسيكية‪ ،‬فإن الزيادة في معدل االدخار‪ ،‬ال تؤثر على النمو‬
‫في املدى الطويل‪ ،‬أي أن معدل النمو طويل املدى مستقل عن معدل االدخار‪ .‬في الشكل‬
‫رقم (‪ )5‬يتحقق توازن احلالة املستقرة مبدئي ًا عند النقطة ‪ ،c‬وعندها يتساوى االدخار مع‬
‫االستثمار املطلوب ‪.Investment requirement‬‬
‫ال من ‪ .sy‬هذا‬ ‫على افتراض أن األفراد قرروا ادخار نسبة أكبر من مداخيلهم ‪ َsy‬بد ً‬
‫يعني أن ما مت ادخاره أصبح أكبر مما هو مطلوب للمحافظة على رصيد رأس املال للفرد عند‬
‫النقطة ‪ c‬وهو ما يسمح بزيادة رصيد رأس املال للفرد (‪ )k‬الذي يستمر في االرتفاع حتى‬
‫يصل النقطة ‪ ًc‬ومع ذلك نالحظ أن االقتصاد قد عاد إلى معدل منو احلالة املستقرة‪ ،‬حيث في‬
‫احلالة املستقرة ينمو الناجت اإلجمالي بنفس معدل النمو السكاني (‪.)n‬‬
‫أي أن ‪ . ΔY/Y = ΔN/N = n‬وهكذا طبق ًا لنموذج النمو النيوكالسيكي بدون تغير‬
‫تكنولوجي‪ ،‬فإن الزيادة في معدل االدخار ستؤدي إلى زيادة نصيب الفرد (العامل) من رأس‬
‫املال من ‪ *K‬إلى ‪ **K‬وزيادة نصيب الفرد من الناجت ‪ *y‬إلى ‪ ، **y‬وبالتالي ينتقل االقتصاد‬
‫من مستوى احلالة املستقرة األولية عند النقطة (‪ )C‬إلى مستوى أعلى للحالة املستقرة عند‬
‫النقطة ( ً‪ )C‬ومع ذلك بقي النمو االقتصادي هو نفسه قبل زيادة االدخار‪ ،‬وعند النقطة ( ً‪)C‬‬
‫‪159‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫يكون معدل منو املخرجات (اإلنتاج) اإلجمالي يساوي معدل النمو السكاني (‪ .)n‬أي أن‬
‫معدل منو الدخل الفردي (الناجت اإلجمالي للفرد) يساوي صفراً‪.‬‬

‫شكل رقم (‪)5‬‬


‫‪ 3.2.6‬أثر التغير في معدل النمو السكاني على النمو في املدى الطويل‬
‫يبني منوذج سولو للنمو الشكل رقم (‪ )6‬أنه عند زيادة السكان من (‪ )n‬إلى (‪)n1‬‬
‫فإن خط توسع الرأسمال ‪ Capital widening line‬ينتقل من اخلط (‪ n+ d) k‬إلى اخلط‬
‫(‪ n1 + d) k‬وذلك على افتراض عدم تغير كل من دالة اإلنتاج ودالة االدخار‪ ،‬ونتيجة‬
‫النمو السكاني أصبحت قوة العمل املوجودة أكبر‪ ،‬لكن مع وجود نفس كمية االستثمار‬
‫(االدخار)‪ ،‬وتنتقل احلالة املستقرة من (‪ )A‬إلى (‪ .)B‬كما ينخفض رأس املال للفرد من (‪)k0‬‬
‫إلى (‪ ،)k1‬وينخفض االدخار لكل فرد من (‪ )sy0‬إلى (‪ ،)sy1‬وبشكل مماثل ينخفض نصيب‬
‫الفرد من الناجت من (‪ )y0‬إلى (‪ .)y1‬هذا يعني أن زيادة معدل النمو السكاني على افتراض‬
‫ثبات العوامل األخرى تؤدي إلى خفض معدل الدخل للفرد‪ ،‬بينما االنخفاض في معدل‬
‫النمو السكاني يؤدي إلى تكثيف رأس املال وزيادة معدل الدخل الفردي‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫منوذج سولو في حالة التغير في معدل النمو السكاني‬
‫شكل رقم (‪)6‬‬
‫*‬
‫تغير تكنولوجي‬
‫‪ 3.6‬منوذج سولو للنمو مع ّ‬
‫عزيزي الدارس‪ ،‬الحظنا قبل قليل أن التراكم الرأسمالي بدون تغير تكنولوجي يقود‬
‫االقتصاد تدريجي ًا إلى حالة من التوازن املستقر على املدى الطويل‪ ،‬حيث متوسط دخل‬
‫الفرد‪ ،‬يظل ثابت ًا عند مستوى احلالة املستقرة‪.‬‬
‫لكن كيف نفسر االرتفاع في اإلنتاجية والتفاوت الهائل فيها‪ ،‬وفي متوسط دخل‬
‫الفرد عبر الدول؟‬
‫ افترض التحليل السابق أن التغير التكنولوجي يساوي صفر ًا ( ‪ ،)Δ A/ A = 0‬اما‬
‫هنا فقد مت إدخال التقدم التكنولوجي في النموذج‪ ،‬أي أن (‪ )Δ A/ A > 0‬وهو ما يسمح‬
‫بتوليد النمو في الناجت احمللي اإلجمالي للفرد على املدى الطويل‪.‬‬
‫يلعب التقدم التكنولوجي دور ًا حاسم ًا في منوذج النمو النيوكالسيكي (منوذج سولو‬
‫للنمو)‪ ،‬وذلك من خالل دوره في التغلب على اآلثار السلبية لتناقص اإلنتاجية احلدية لرأس‬
‫املال‪ ،‬وبالتالي التأثير على معدل النمو في املدى الطويل‪ ،‬وبدون التقدم التقني‪ ،‬فإن معدل‬
‫‪161‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫منو الناجت اإلجمالي يتساوى مع معدل النمو السكاني‪ ،‬مما يعني أن يكون معدل النمو في‬
‫الدخل الفردي صفراً‪.‬‬
‫بشكل عام إذا حددنا معدل منو التقدم التكنولوجي ‪ Δ A/ A‬على أنه = ‪ g‬فإن دالة‬
‫اإلنتاج سترتفع بنسبة ‪ g‬لكل سنة‪ .‬وكنتيجة ينمو كل من ‪ y‬و ‪ k‬في املدى الطويل بنفس‬
‫معدل منو التقدم التكنولوجي‪.‬‬
‫وإذا كانت دالة اإلنتاج على الشكل العام (‪ Y = F ( k , N‬فإنه ميكن إدخال مؤشر‬
‫التكنولوجيا ‪ A‬في دالة اإلنتاج لتصبح على الصورة (‪( Y = F (k , AN‬حيث ‪ A‬هي‬
‫مؤشر التقدم التكنولوجي الذي يعضد أو يزيد إنتاجية العمل)‪ ،‬أما عند إدخال التكنولوجيا‬
‫في دالة اإلنتاج‪ ،‬وكتابتها على الصورة‪ Y = AF K, N :‬فإنه يطلق على ‪ A‬اسم عامل‬
‫اإلنتاجية الكلية ‪ ، Total Factor Productivity‬حيث إن التقدم التكنولوجي واحلالة‬
‫هذه يعضد (يزيد) إنتاجية جميع العوامل‪ ،‬وليس العمل فقط‪ ،‬وبإعادة ترتيب املعادلة (‪)3‬‬
‫نحصل على‪:‬‬

‫‪g ≈ Δy / y - θ . Δ k / k‬‬ ‫(‪ .......)8‬‬

‫مرة أخرى فإنه بتحديد معادلة النمو بهذه الطريقة فإنه يطلق على ‪" g‬باقي سولو"‬
‫«‹‪ Solow Residual‬ويشير إلى التغير التكنولوجي أو عامل اإلنتاجية الكلية والذي يقيس‬
‫جميع التغيرات في املخرجات التي ال نستطيع حسابها من خالل التغيرات في املدخالت من‬
‫العوامل (مثل رأس املال‪ ،‬والعمل)‪.‬‬
‫ينتهي منوذج النمو النيوكالسيكي (منوذج سولو) إلى أنه بفضل التقدم التكنولوجي‬
‫تنتقل دالة اإلنتاج إلى أعلى (الشكل ‪ ،)7‬ويصل االقتصاد مع مرور الزمن إلى حالة استقرار‬
‫(ثبات) جديدة لكن تكون املخرجات للفرد‪ ،‬ورأس املال للفرد أعلى مما كانت عليه في‬
‫السابق‪ ،‬مما يعني أن دخل الفرد على املدى الطويل ينمو بفضل التقدم التكنولوجي – كعامل‬
‫مستقل ومحدد خارج إطار النموذج‪.‬‬
‫كذلك تزداد بفضل التقدم التكنولوجي إنتاجية رأس املال‪ ،‬وترتفع نسبة رأس املال‬
‫للفرد‪ ،‬وهو ما يعمل على تعديل ميل معدل الربح إلى الهبوط‪.‬‬
‫لكن نتيجة لعدم قناعة العديد من االقتصاديني بنموذج النمو النيوكالسيكي الذي‬
‫يعتمد على املصادر اخلارجية للتقدم التكنولوجي في تفسير منو اإلنتاجية ودخل الفرد في‬

‫‪162‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫املدى الطويل‪ ،‬فقد مت تطوير مناذج للنمو يكون فيها التقدم التكنولوجي مدفوع ًا بحوافز‬
‫اقتصادية تتحدد من داخل النموذج‪ .‬وحتاول استكشاف العوامل املؤثرة على األداء التنموي‬
‫في املدى البعيد‪.‬‬
‫وأهم هذه النماذج ما يعرف بنموذج النمو الداخلي أو نظرية النمو اجلديدة‪.‬‬
‫واآلن – عزيزي الدارس – اختبر معلوماتك عن القسم اخلامس باإلجابة عن‬
‫التدريب (‪ )5‬التالي‪:‬‬

‫تدريب (‪)5‬‬

‫في سياق حتليل عملية إعادة (جتديد) عملية اإلنتاج الرأسمالي املوسع اكتشف ماركس‬
‫قانون ميل معدل الربح إلى الهبوط‪ ،‬وضح أهم ما ينطوي عليه هذا القانون املالزم‬
‫للنظام الرأسمالي‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .7‬نظرية النمو اجلديدة‪ :‬النمو الداخلي‬
‫‪The New Growth Theory: Endogenous Growth‬‬

‫‪ 1.7‬الباعث وراء نظرية النمو الداخلي‬


‫عزيزي الدارس‪ ,‬نتيجة لضعف األداء النظري والتجريبي لنظرية النمو النيوكالسيكية‪،‬‬
‫وعدم اقتناع العديد من االقتصاديني بنماذج النمو التي تعتمد على املصادر اخلارجية للتقدم‬
‫التكنولوجي في تفسير النمو الطويل املدى‪ .‬طورت في نهاية الثمانينات ‪ 1980‬ومطلع‬
‫التسعينات ‪ 1990‬مناذج للنمو يكون فيها التقدم التكنولوجي مدفوع ًا بحوافز اقتصادية تتحدد‬
‫من داخل النموذج‪ ،‬وعرفت هذه النماذج بنماذج النمو الداخلي‪ ،‬أو نظرية النمو اجلديدة‪.‬‬
‫إن منوذج سولو النيوكالسيكي للنمو – وهو امتداد لنموذج هارود – دومار‪ ،‬وتوسيع‬
‫ال ثالث ًا هو التغير التكنولوجي‪ ،‬لكن على العكس‬ ‫له‪ ،‬أدخل عنصر العمل‪ ،‬ومتغير ًا مستق ً‬
‫من منوذج هارود – دومار الذي يفترض ثبات العوائد للحجم ‪Constant returns to‬‬
‫‪ ،scale‬فإن منوذج سولو النيوكالسيكي للنمو يفترض تناقص العوائد للرأسمال والعمل‬
‫على انفراد‪ ،‬وثبات العوائد املشتركة للعنصرين معاً‪ ،‬وبذلك يصبح التقدم التكنولوجي هو‬
‫العامل املتبقي الذي يفسر النمو في املدى الطويل‪.‬‬
‫في منوذج سولو للنمو‪ ،‬إن أي زيادة في الناجت القومي اإلجمالي ‪ ،GNP‬التي ال‬
‫ميكن أن تعزى للتغيرات القصيرة املدى في مخزون العمل أو رأس املال ترد إلى عامل ثالث‬
‫مستقل‪ ،‬يتحدد من خارج النموذج‪ ،‬ويشار إليه عموم ًا بـ "باقي سولو" ‪،Solow Residual‬‬
‫ويعد النمو في الناجت القومي اإلجمالي للفرد ‪ GNP Per capita‬ظاهرة مؤقتة ناجتة عن‬
‫التغير في التكنولوجيا‪ ،‬أو عن عمليات توازنية قصيرة املدى‪ ،‬من خاللها يقترب االقتصاد‬
‫من حالة التوازن الطويل املدى‪ .‬ومعنى ذلك‪ ،‬أنه في ظل غياب صدمات خارجية (أو‬
‫تغير تكنولوجي)‪ ،‬يتوقع أن كل االقتصاديات سوف تقترب من منو يساوي صفر ًا ‪Zero‬‬
‫‪ ،Growth‬أي توقف النمو‪ ،‬األمر الذي ال يعتبر واقعي ًا من قبل العديد من االقتصاديني‪،‬‬
‫مرض ومقنع‬‫ٍ‬ ‫وبالتالي ليس من املستغرب أن تكون هذه النظرية قد فشلت في تقدمي تفسير‬
‫للنمو التاريخي امللحوظ واملستمر الذي حققته اقتصاديات دول العالم‪.‬‬
‫في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينيات ومع تفاقم أزمة املديونية للعالم الثالث‪ ،‬أصبح‬
‫واضح ًا أن هذه النظرية قد وصلت إلى اإلفالس‪ ،‬وذلك بعجزها عن تفسير االختالفات‬
‫‪164‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫اجلوهرية في مستويات األداء االقتصادي عبر الدول‪ .‬فحسب نظرية النمو النيوكالسيكية‬
‫إن النسب املنخفضة لرأس املال‪ /‬العمل ‪ Capital/Labor Ratios‬في دول العالم الثالث‬
‫تؤدي وبشكل استثنائي إلى ارتفاع معدالت العوائد على االستثمار‪ ،‬كذلك إن اصالحات‬
‫السوق احلر التي دعمها أو فرضها البنك الدولي‪ ،‬وصندوق النقد الدولي على دول العالم‬
‫الثالث األكثر مديونية‪ ،‬كان يجب‪ -‬من وجهة نظر هذه النماذج النيوكالسيكية‪ -‬أن تؤدي‬
‫إلى تشجيع‪ ،‬وزيادة اإلنتاجية‪ ،‬وحتسني مستويات املعيشة في هذه البلدان‪.‬‬
‫لكن ما حصل‪ ،‬أنه حتى بعد حترير التجارة اخلارجية واألسواق احمللية‪ ،‬فإن العديد‬
‫من البلدان النامية شهدت منو ًا ضئيالً‪ ،‬أو أنها لم تشهد منو ًا أبداً‪ .‬إضافة إلى أنها فشلت في‬
‫استقطاب االستثمارات األجنبية‪ ،‬بل أنها عجزت عن وقف نزوح (هروب) رؤوس األموال‬
‫السوي لتدفقات رأس املال للعالم الثالث (أي‬ ‫احمللية للخارج‪ .‬وهذا السلوك الشاذ أو غير ّ‬
‫من الدول املتخلفة والفقيرة إلى الدول الغنية واملتقدمة) قد ساعد على ظهور منهج أكثر‬
‫حداثة في نظرية النمو والتنمية االقتصادية‪ ،‬وهو ما يعرف بـ "نظرية النمو الداخلي" أو‬
‫"نظرية النمو اجلديدة"‪.‬‬
‫*‬
‫‪ 2.7‬املضامني األساسية لنموذج النمو الداخلي‬
‫ تقدم نظرية النمو اجلديدة اطارا نظريا لتحليل النمو الداخلي للناجت القومي االجمالي‬
‫(‪ )GNP‬املتواصل الذي يتحدد من داخل النظام الذي يحكم عمليه االنتاج بدال من القوى‬
‫تعد منو الناجت القومي‬
‫التي تقع خارج ذلك النظام‪ ،‬بخالف نظرية النمو النيوكالسيكيه التي ّ‬
‫االجمالي للفرد ظاهرة مؤقته ناجته عن التغير في التكنولوجيا املستخدمة أو عن عمليات‬
‫توازنيه قصيرة املدى يقترب االقتصاد من خاللها من حالة التوازن الطويل املدى ‪ ،‬فان نظرية‬
‫النمو الداخلي تعتبر النمو في الناجت القومي االجمالي (‪ )GDP‬نتيجة طبيعة للتوازن الطويل‬
‫املدى مدفوع ًا بحوافز اقتصادية تتحدد من داخل النموذج او النظام‪ .‬وحتاول نظرية النمو‬
‫الداخلي أن تفسر العوامل احملددة ملعدل منو الناجت القومي اإلجمالي (‪ ،)GDP‬والذي بقي‬
‫بدون تفسير‪ ،‬ويتحدد بعامل مستقل خارج منوذج سولو للنمو‪ ،‬وهو التغير التكنولوجي‪ ،‬أو‬
‫ما يطلق عليه «متبقي سولو»‪ ،‬كما حتاول ان تفسر االختالف في معدالت النمو عبر الدول‪.‬‬
‫يتجاهل منوذج النمو الداخلي االفتراض النيوكالسيكي املتمثل في تناقص العوائد‬
‫احلدية لالستثمارات الرأسمالية‪ ،‬والذي يؤول إلى منو أسرع في الدول الفقيرة مقارنة بالدول‬
‫املتقدمة‪ ،‬إال أن الدراسات التي ظهرت في منتصف الثمانينات من القرن املاضي لم جتد أي‬
‫‪165‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫أثر لتقارب (‪ )Convergence‬معدالت الدخول لألفراد عبر الدول‪ ،‬بعكس ما تنبأ به منوذج‬
‫النمو النيوكالسيكي املستند إلى فرضية تناقص عوائد رأس املال‪.‬‬
‫ تركز نظرية النمو الداخلي على دور اآلثار اخلارجية‪ externalities‬لتحديد معدل‬
‫العائد على االستثمارات الرأسمالية‪ ،‬وهي تفترض أن االستثمارات اخلاصة والعامة في‬
‫رأس املال البشري تولد وفورات خارجية‪ external economies‬وحتسينات في االنتاجية‬
‫تبطل بدورها امليل الطبيعي لتناقص العوائد على رأس املال‪ ،‬وهي من خالل ذلك حتاول أن‬
‫تفسر أسباب وجود العوائد املتزايدة للحجم‪ ،‬واالختالف في أمناط النمو الطويل املدى بني‬
‫الدول‪ ،‬مما يعني عدم حدوث تقارب في معدالت دخول األفراد عبر الدول (‪Todaro,‬‬
‫‪. )and Smith, 2003, p147‬‬
‫ ومن أبرز رواد نظرية النمو الداخلي بول رومر ‪ ،Paul Romer‬ولوكاس ‪،Lucas‬‬
‫اللذان قدما مناذج للنمو تركز على التقدم التكنولوجي‪ ،‬ويعتمد فيها النمو على رصيد رأس‬
‫املال املادي والبشري‪ ،‬وعلى مستوى البحث والتطوير (‪ .)R&D‬وبشكل عام متثيل نظرية‬
‫النمو الداخلي من خالل املعادله البسيطه‪ Y = AK -:‬حيث ‪ A‬ترمز إلى أي عامل يؤثر‬
‫في التكنولوجيا‪ ،‬وترمز ‪ K‬إلى رأس املال (املادي والبشري) وترمز ‪ Y‬إلى الناجت احمللي‬
‫االجمالي (‪ .)GDP‬ووفق ًا لهذه الصيغة تبقى اإلمكانية قائمة من حيث إن االستثمارات في‬
‫رأس املال املادي والبشري ميكن أن تولد وفورات خارجية وحتسينات في االنتاجية مبقدار‬
‫يكفي إلبطال مفعول تناقص العوائد احلدية لرأس املال (أو إبطال ارتفاع معامل رأس املال ‪/‬‬
‫الناجت)‪ ،‬وبالتالي توليد منو دائم طويل املدى‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن نظرية النمو اجلديدة‪ ،‬تعيد التأكيد على أهمية االدخار واالستثمار‬
‫في رأس املال البشري لتحقيق منو سريع في دول العالم الثالث‪ ،‬إال أنها تؤدي إلى نتائج‬
‫متناقضة في مجال النمو مع نظرية النمو النيوكالسيكية فأوال‪ ،‬ال توجد قوى تقود إلى‬
‫توازن معدالت النمو بني الدول ذات االقتصاديات املغلقة (أي بدون تعامالت خارجية)‪،‬‬
‫حيث تختلف معدالت النمو عبر الدول باختالف معدالت االدخار القومي ومستويات‬
‫التكنولوجيا فيها‪.‬‬
‫كذلك إن مستويات دخل الفرد في البلدان الفقيرة في رأس املال ليس لديها ميل أو‬
‫نزعة للحاق مبستويات دخل الفرد في البلدان الغنية ذات معدالت االدخار املماثلة‪ ،‬اما‬
‫النتيجة احلاسمة املستخلصة من هذه احلقائق فهي أن أي ركود اقتصادي مؤقت أو طويل‬

‫‪166‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫املدى في دولة ما يقود إلى زيادة فجوة الدخل بصورة دائمة بني هذه الدول الفقيرة نفسها‬
‫والدول األخرى الغنية‪.*23‬‬
‫أخير ًا ميكن أن نلخص أبرز النقاط األساسية لنظرية النمو الداخلي فيما يلي‪: 24‬‬
‫يرفض اقتصاديو النمو الداخلي النظر إلى معدل التقدم التكنولوجي‪ -‬الذي يحدد‬
‫معدل النمو الطويل املدى – كعامل مستقل يتحدد من خارج النموذج ‪،exogenous‬‬
‫بل يجب النظر إلى معدل التقدم التكنولوجي كعامل يتحدد من داخل النموذج أو النظام‬
‫االقتصادي ‪.endogenous‬‬
‫تؤكد نظرية النمو الداخلي على أن االستثمار اخلاص في البحث والتطوير (‪)R&D‬‬
‫يعد املصدر األساسي للتقدم التقني‪ ،‬ولهذا تؤكد هذه النظرية على تشجيع ودعم االستثمار‬ ‫ّ‬
‫اخلاص في أنشطة البحث والتطوير‪.‬‬
‫إن حماية امللكية الفكرية وبراءات االختراع تعد حافز ًا لالستثمار في البحث والتطوير‬
‫واالبتكار‪ ،‬الذي يؤدي إلى زيادة معدل النمو‪.‬‬
‫يعد االستثمار في رأس املال البشري (تعليم وتدريب القوى العاملة) من املقومات‬ ‫ّ‬
‫األساسية للنمو‪.‬‬
‫يعتقد اقتصاديو نظرية النمو الداخلي بأن التحسينات في اإلنتاجية ترتبط بسرعة‬
‫االبتكار (‪ )innovation‬واالستثمار في رأس املال البشري‪.‬‬
‫يؤكد اقتصاديو النمو الداخلي على الدور النشط للسياسات احلكومية في تشجيع‬
‫التنمية االقتصادية من خالل االستثمار في تكوين رأس املال البشري وتشجيع االستثمار‬
‫اخلاص مبا فيه األجنبي في الصناعات الكثيفة املعرفة مثل برمجيات الكمبيوتر واالتصاالت‪،‬‬
‫والتي ميكن من خاللها مراكمة رأس املال البشري وبالتالي توليد عوائد متزايدة للحجم‪.‬‬
‫تؤكد نظرية النمو الداخلي على تراكم املعرفة الفنية ‪Technical Knowledge‬‬
‫كمحدد رئيسي للنمو االقتصادي في املدى الطويل‪ ،‬وبالتالي تؤكد على أهمية االستثمار في‬
‫املعرفة الفنية عن طريق البحث والتطوير‪.‬‬

‫‪ *23‬تنبأت النظرية النيوكالسيكية للنمو مبا يعرف بظاهرة اللحاق أو التقارب املطلق ‪ Absolute Convergence‬لالقتصاديات التي لها نفس‬
‫معدالت االدخار‪ ،‬ونفس معدالت النمو السكاني‪ ،‬ونفس التكنولوجيا ( أي نفس دالة اإلنتاج)‪ .‬بعبارة أخرى إن هذه االقتصاديات ال بد أن‬
‫تصل في نهاية املطاف إلى نفس مستويات الدخل ( دخل احلالة املستقرة ‪ .)Steady – State income‬وفي هذا اإلطار إن البلدان الفقيرة إذا‬
‫ادخرت نفس معدل االدخار في الدول الغنية‪.‬‬
‫‪ 24‬املوقع األلكتروني‪htt://en.wikipedia.org/wiki/Endogenous_growth_theory :‬‬
‫‪167‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫نقد نظرية النمو اجلديدة‪ :‬النمو الداخلي‬
‫إن من عيوب نظرية النمو اجلديدة أو نظرية النمو الداخلي أنها تعتمد على العديد من‬‫ّ‬
‫افتراضات نظرية النمو النيوكالسيكية‪ ،‬غير املالئمة القتصاديات العالم الثالث (‪Todaro‬‬
‫‪ . )and Smith,2003‬مثل افتراض سيادة القوى التنافسية في داخل االقتصاد‪ ،‬والتشغيل‬
‫الكامل‪ ،‬ومرونة عناصر اإلنتاج‪.‬‬
‫إن النمو االقتصادي في البلدان النامية يعيقه عدم الكفاءة الناجمة عن ضعف البنية‬
‫التحتية‪ ،‬وعدم مالءمة الهياكل املؤسسية‪ ،‬وعدم اكتمال أسواق السلع ورأس املال‪ ،‬وقد‬
‫حد من استخدام هذه النظرية‬
‫أغفلت نظرية النمو الداخلي هذه العوامل املؤثرة في النمو‪ ،‬مما ّ‬
‫في دراسة اقتصاديات التنمية‪ ،‬خاصة عند املقارنات عبر الدول‪ ،‬حيث أخفقت نظرية النمو‬
‫الداخلي في تفسير التباين في معدالت النمو بني الدول‪ ،‬وعجزت عن تفسير ملاذا لم تتمكن‬
‫البلدان الفقيرة من اللحاق مبعدالت الدخل السائدة في البلدان املتقدمة؟ وباختصار إن نظرية‬
‫النمو النيوكالسيكية فشلت في تفسير التباين الشديد في مستويات ومعدالت منو الدخل بني‬
‫دول العالم الثالث والدول املتقدمة‪ ،‬وكذلك فإن نظرية النمو الداخلي هي األخرى لم تظهر‬
‫جناح ًا على هذا الصعيد‪.‬‬
‫واآلن – عزيزي الدارس – للتعرف على مدى استيعابك ملا تعلمته في القسم السادس‬
‫من هذه الوحدة أجب عن التالي‪:‬‬

‫أسئلة التقومي الذاتي (‪)8‬‬

‫احملددة ملعدل منو الدخل الفردي في املدى الطويل طبق ًا لنموذج النمو‬‫ّ‬ ‫ما العوامل‬
‫الداخلي‪ ،‬اكتب معادلة النمو‪.‬‬
‫كيف فسرت نظرية النمو اجلديدة (النمو الداخلي)‪ ،‬العوائد املتزايدة للحجم‪ ،‬وما أثر‬
‫ذلك على النمو الطويل املدى‪.‬‬
‫تعد خروج ًا صريح ًا عن دوغمائية السوق‬
‫يقال إن نظرية النمو اجلديدة (النمو الداخلي) ّ‬
‫احلرة‪ ،‬ومقاربة االختيار العام‪ .‬وضح ذلك‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .8‬اخلالصة‬

‫تناولت هذه الوحدة عدد ًا من النماذج والنظريات املعاصرة حول التنمية‬


‫االقتصادية‪ .‬وقد وجدنا أن لكل منها مواطن قوة وضعف‪ ،‬كما أنها تختلف فيما‬
‫بينها في دراسة اقتصاديات التنمية‪ ،‬ولعل هذه اخلالفات (أيديولوجية‪ ،‬أم نظرية‪،‬‬
‫أم تطبيقية) جتعل من دراسة اقتصاديات التنمية قضية مثيرة للجدل والتحدي‪،‬‬
‫فكيف ميكن التوفيق بني هذه النظريات والنماذج التي تختلف فيما بينها اختالف ًا‬
‫واسع ًا وجذري ًا وتناحرياً؟ وهل ميكن الوصول إلى إجماع في الرأي بهذا الشأن؟‪.‬‬
‫في احلقيقة يوصف اقتصاد التنمية بأنه اقتصاد معياري‪ ،‬تتداخل فيه القيم واألحكام‬
‫الشخصية أو الذاتية‪.‬‬
‫وتؤكد نظرية املراحل اخلطية على الدور احلاسم الذي يلعبه االدخار واالستثمار‬
‫في حتفيز النمو الدائم الطويل املدى‪ ،‬وأكد منوذج القطاعني آلرثر لويس على أهمية‬
‫حتليل الروابط بني القطاع الزراعي التقليدي والقطاع الصناعي احلديث كمدخل‬
‫للتنمية االقتصادية‪.‬‬
‫وحاولت الدراسات التطبيقية التي اجراها هوليس تشينري واملشتركون معه أن‬
‫تبني كيف يجتاز االقتصاد عملية التغير الهيكلي‪ ،‬وذلك عندما يتماثل أو يتطابق مع‬
‫قيم رقمية عديدة تتضمنها عملية التغير الهيكلي‪.‬‬
‫وتنبهنا نظريات التبعية الدولية إلى اآلثار والنتائج السلبية لتبعية بلدان احمليط‬
‫لبلدان املركز الرأسمالي املتقدم على التنمية االقتصادية وعلى حياة املاليني من البشر‬
‫في البلدان النامية – دول احمليط ‪ ،-‬وينطبق الشيء نفسه على أطروحات «ثنائية‬
‫التنمية»‪ ،‬وثنائية االقتصاد احمللي‪ ،‬ودور النخب احلاكمة في البلدان النامية‪ .‬إضافة‬
‫إلى تأثير القرارات املصنوعة في أروقة البنك الدولي‪ ،‬وصندوق النقد الدولي التي‬
‫تهيمن عليها دول املركز الرأسمالي املتقدم خاصة الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن نظرية النمو النيوكالسيكية‪ ،‬واملناهج الفكرية االقتصادية‬
‫النيوكالسيكية‪ ،‬ال تتناسب أطروحاتها جوهري ًا مع ظروف بلدان العالم الثالث‪،‬‬
‫وبالتالي حتتاج إلى تعديالت جدية لتالئم واقع وظروف البلدان النامية‪ ،‬ومع ذلك‬

‫‪169‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫حتتاج بلدان العالم النامي إلى نظام أسعار مناسب وفعال لتحفيز عمليات اإلنتاج‬
‫واالستخدام ‪ ،‬والتوزيع الكفء‪ ،‬حيث إن فشل مشروعات القطاع العام‪ ،‬وفشل‬
‫التخطيط وتشوهات األسعار الناجمة عن التدخالت السيئة والضارة للحكومات في‬
‫البلدان النامية‪ ،‬ال بد أن تؤخذ باالعتبار إذا ما أريد لعملية التنمية االقتصادية النجاح‪.‬‬
‫جاءت نظرية النمو الداخلي (النمو اجلديدة) لتخالف أطروحات نظرية النمو‪،‬‬
‫واملناهج الفكرية االقتصادية النيوكالسيكية‪ ،‬حيث تقترح دور ًا نشط ًا للحكومات‬
‫والسياسات العامة في حتفيز وتشجيع التنمية االقتصادية ال سيما في مجال االستثمار‬
‫في تكوين رأس املال البشري‪ ،‬والبحث والتطوير‪ ،‬وهو ما شكل خروج ًا صريح ًا‬
‫عن دوغمائية األسواق احلرة‪ ،‬وأطروحة مقاربة االختيار العام في احلكومة السلبية‪.‬‬
‫ماذا لو أخذت باالعتبار األفكار واملقترحات االقتصادية النيوكالسيكية إلى‬
‫جانب افتراضات ومقترحات مدرسة التبعية الدولية‪ ،‬وأفكار نظرية التغير الهيكلي‪،‬‬
‫وماذا لو مت إلى جانب ذلك التخلي عن دوغمائية األسواق احلرة واالقتصادات‬
‫املفتوحة باعتبارها من احملرمات‪ ،‬ال تقبل النقاش وال الشك فيها كأسلوب للتنمية!‬
‫وماذا لو مت توقف الليبرالية االقتصادية اجلديدة عن االستخفاف واالنتقاص من دور‬
‫الدولة والقطاع العام في حتفيز النمو‪ ،‬والعدالة في التوزيع في العالم النامي‪.‬؟‬
‫أخير ًا هناك أفكار حديثة مفادها أن جناح التنمية االقتصادية في البلدان النامية‬
‫يحتاج إلى إقامة توازن دقيق وحكيم بني نظام تسعير السوق‪ ،‬حيثما تعمل األسواق‬
‫بكفاءة‪ ،‬وبني التدخالت احلكومية املدروسة‪ ،‬واملخططة‪ ،‬والذكية في املجاالت التي‬
‫يفشل السوق فيها‪ ،‬أو يقود إلى نتائج اقتصادية واجتماعية غير مرغوبة‪.‬‬

‫‪ .9‬حملة عن الوحدة الدراسية الرابعة‬

‫الوحدة الدراسية التالية‪ ،‬وهي بعنوان «مشكالت التنمية في الدول النامية»‬


‫تتناول التفاوت في توزيع الدخل‪ ،‬الفقر وقياسه‪ ،‬النمو السكاني‪ ،‬ومنوذج مالتوس‬
‫للسكان‪ ،‬كما تتناول مشكالت البطالة والتحضر‪ ،‬والهجرة من الريف إلى املدينة‪،‬‬
‫والتنمية الدائمة والبيئة‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .10‬إجابات التدريبات‬

‫تدريب (‪)1‬‬
‫إن فكرة القطاع الرائد ليست جديدة إذ سبق «روستو» في ذلك كل من «جوزيف‬
‫شومبيتر‪ ، Joseph Schumpeter‬وفرانسوا بيرو ‪ ."Perrout‬حيث حتدث‬
‫"شومبيتر" عن دور القطاعات "أو العناقيد" التوابع ‪،Clusters of Followers‬‬
‫بينما حتدث بيرو عن ذلك عندما عرض نظريته "مراكز أو أقطاب النمو" ‪Growing‬‬
‫‪.Points‬‬
‫كذلك إن وصف "روستو" لدور القطاع الرائد‪ ،‬قد حتدث عنه "هيرشمان"‬
‫‪ ،Hirschman‬أحد رواد "نظرية النمو غير املتوازن" والذي جاء بفكرة "الترابطات‬
‫اخللفية واألمامية" ‪ Backward and Forward Linkages‬التي حتدثها بعض‬
‫االستثمارات‪.‬‬

‫تدريب (‪)2‬‬
‫‪ -‬معدل الزيادة السكانية‬ ‫‪ .1‬معدل منو الدخل الفردي =‬

‫ ‪% 3- s =%4‬‬
‫‪3‬‬
‫ ‪% 21 = s‬‬
‫أي أن هذا املجتمع يجب أن يدخر (ويستثمر) ‪ 21%‬من دخله القومي لتحقيق‬
‫زيادة في الدخل الفردي مبعدل ‪ 4 %‬سنوياً‪.‬‬

‫معنى ذلك أن هذا املجتمع يستطيع أن يحقق هدف النمو في الدخل الفردي عن‬
‫طريق ادخار (واستثمار) ‪ 14%‬من دخله القومي‪ ،‬وذلك من خالل حتسني كفاءة استخدام‬
‫رأس املال في العملية اإلنتاجية‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫تدريب (‪)3‬‬
‫معدل النمو السنوي في الدخل القومي = نسبة االدخار (أو االستثمار)‬
‫معامل رأس املال‬
‫ نسبة االدخار = ‪25% = 300‬‬
‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪1200‬‬
‫معامل رأس املال إلى اإلنتاج = مقلوب إنتاجية رأس املال = ‪4‬‬
‫‪ ...‬معدل النمو السنوي في الدخل القومي = ‪6.25% = 25%‬‬
‫‪4‬‬
‫معدل النمو السنوي في الدخل الفردي= ‪4.25% =2% - 6.25%‬‬

‫تدريب (‪)4‬‬
‫‪.1 ]Δ Y / Y = [( 1 – θ ) x Δ N /N+ ) θ x Δ K / K ( + Δ A/A‬‬
‫‪= ( 0.6 x 2% ) + ( 0.4 x 6% ) + 0.0 = 3.6 %‬‬
‫‪2.‬‬ ‫‪= ( 0.6 x 2% ) + 0.4 ) x 6% ) + 2% = 5.6 %‬‬

‫تدريب (‪)5‬‬
‫في سياق حتليل أسلوب اإلنتاج الرأسمالي كشف كارل ماركس عن التناقض‬
‫اجلوهري املتأصل في عملية إعادة إنتاج رأس املال‪ .‬إن القيمة الزائدة (وهي عمل غير‬
‫مدفوع األجر) يستحوذ عليها رأس املال عن طريق استثمار (استغالل) العمل املأجور‪،‬‬
‫ينفق الرأسماليون قسم ًا منها –وهو األقل‪ -‬على حاجاتهم الشخصية‪ ،‬والقسم اآلخر‬
‫–وهو األكبر‪ -‬يستخدم لتوسيع اإلنتاج‪ ،‬أي لشراء املزيد من اآلالت واملواد األولية‬
‫واستخدام قوة عمل إضافية وتعرف هذه العملية بتجديد اإلنتاج أو التراكم الرأسمالي‪.‬‬
‫إن جوهر عملية التراكم الرأسمالي‪ ،‬يكمن في حتويل القيمة الزائدة –أو فائض‬
‫القيمة‪ -‬إلى رأس مال‪.‬‬
‫بإضافة القيمة الزائدة إلى رأس املال‪ ،‬يزيد الرأسمالي رأس ماله أكثر فأكثر‪.‬‬
‫وبقدر ما تزداد القيمة الزائدة يزداد حجم تراكم رأس املال‪ ،‬لذلك يلجأ الرأسماليون إلى‬
‫زيادة معدل القيمة الزائدة ‪ ،‬واألخير يساوي‬
‫القيمة الزائدة ‪ /‬رأس املال املتغير ‪100% x‬‬
‫‪172‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫تعبر هذه املعادلة عن درجة استثمار (استغالل) العمل املأجور من قبل رأس املال‪.‬‬
‫وميكن زيادة درجة استثمار قوة العمل عن طريق متديد يوم العمل أو زيادة شدة العمل‪،‬‬
‫لكن إطالة يوم العمل‪ ،‬وزيادة شدة العمل لهما حدود طبيعية‪ ،‬إن احلصول على املزيد من‬
‫احملول للقيمة الزائدة) يدفع الرأسماليني إلى زيادة إنتاجية العمل‪ ،‬فض َ‬
‫ال‬ ‫ّ‬ ‫الربح (الشكل‬
‫عن املنافسة التي جتبر الرأسمالي على حتسني التكنيك‪ ،‬وتوسيع اإلنتاج‪.‬‬
‫إن زيادة إنتاجية العمل عامل مهم لتسريع أو تعجيل تراكم رأس املال‪ .‬وتعني زيادة‬
‫إنتاجية العمل أن العامل خالل وقت معني‪ ،‬يستطيع أن ينتج كمية أكبر من املنتجات‪،‬‬
‫لكن زيادة إنتاجية العمل‪ ،‬وهي حتصل عن طريق تكثيف رأس املال‪ ،‬أي زيادة كمية‬
‫(وقيمة) رأس املال الثابت (أي وسائل اإلنتاج) تعني أن كمية أقل من العمل احلي (قوة‬
‫العمل) تصبح ضرورية لتشغيل كمية أكبر من وسائل اإلنتاج (العمل امليت)‪ ،‬وبعبارة‬
‫أخرى زيادة نصيب العامل من رأس املال الثابت‪.‬‬
‫ ويتضح مما تقدم أن تعجيل أو تسريع تراكم رأس املال عن طريق زيادة إنتاجية‬
‫العمل‪ ،‬والذي يتحقق عن طريق تكثيف رأس املال أو التجديد التكنولوجي يقود إلى رفع‬
‫معدل القيمة الزائدة‪ ،‬لكنه يؤدي إلى زيادة نسبة رأس املال الثابت إلى رأس املال املتغير‪،‬‬
‫ويسميها ماركس بِـ "نسبة التركيب العضوي لرأس املال"‪.‬‬
‫إن رأس املال املتغير هو ذلك القسم من رأس املال الذي ينفق لشراء قوة العمل‪ ،‬أما‬
‫رأس املال الثابت فيقصد به ذلك اجلزء من رأس املال الذي ينفق على شراء وسائل اإلنتاج‬
‫(العمل امليت)‪.‬‬
‫ ما أثر ارتفاع نسبة التركيب العضوي لرأس املال على معدل الربح؟‬
‫معدل الربح = القيمة الزائدة ‪( /‬رأس املال الثابت ‪ +‬رأس املال املتغير) ‪100% x‬‬
‫ تبني معادلة معدل الربح‪ ،‬أن معدل الربح يزداد كلما ازداد معدل القيمة الزائدة‪،‬‬
‫لكن معدل الربح يتناسب عكسي ًا مع مستوى أو نسبة التركيب العضوي لرأس املال‪.‬‬
‫ لتوضيح ذلك‪ ،‬افترض أن رأسمال املوظف مقداره (‪ )100‬مليون دوالر‪،‬‬
‫يتألف من (‪ )70‬مليون دوالر رأسمال ثابت (‪ ،Constant Capital )c‬و (‪)30‬‬
‫مليون دوالر رأسمال متغير (‪ ،Variable Capital )v‬وأن معدل القيمة الزائدة‬
‫(‪ ،Surplus Value )sv‬أي درجة استغالل العمل هو ‪ ،100%‬فإن قيمة البضاعـة‬
‫اجلديـدة املنتجـة تسـاوي‪.C = c + v + sv :‬‬

‫‪173‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫ حيث (‪ )C‬هي قيمة البضاعة املنتجة‪ .‬وإذا افترضنا للتبسيط أن قيمة رأس املال‬
‫الثابت تدخل بالكامل في قيمة البضاعة اجلديدة‪ ،‬فإن‪C =70 + 30 + 30 = 130 :‬‬
‫ومنها يكون ‪ :‬معدل الربح = ‪% sv x 100 % = 30 x 100 % = 30‬‬
‫‪v +c‬‬ ‫‪70 +30‬‬

‫ اآلن‪ ،‬افترض أن التركيب العضوي لرأس املال ارتفع‪ ،‬بحيث أصبح ‪ 80‬مليون‬
‫دوالر رأسمال ثابت و ‪ 20‬مليون دوالر رأسمال متغير‪ .‬فإن قيمة البضاعة اجلديدة تصبح‬
‫‪C =80 +20 +20 =120‬‬
‫ أما معدل الربح فيصبح‬
‫‪20 x 100 % = 20 %‬‬
‫‪80+20‬‬

‫وهكذا جند أن ارتفاع نسبة التركيب العضوي لرأس املال (‪ ( )c/ v‬تقرأ من جهة‬
‫اليسار) تؤدي على املدى الطويل إلى معدل الربح إلى الهبوط‪ .‬وهو ما يؤدي إلى إحجام‬
‫رأس املال عن القيام بوظيفة التراكم وتعظيم معدل الربح‪ ،‬وبالتالي ظهور فيض متراكم‬
‫من رأس املال غير موظف بسبب هبوط معدل الربح‪.‬‬
‫إن منو إنتاجية العمل عن طريق تكثيف رأس املال‪ ،‬والتجديد التكنولوجي يعود‬
‫على املدى الطويل إلى ارتفاع نسبة التركيب العضوي لرأس املال‪ ،‬وإلى ارتفاع مؤقت في‬
‫معدل الربح‪ ،‬واستئناف دورة إنتاج الرأسمال‪ ،‬وهو ما يعود مرة أخرى إلى هبوط معدل‬
‫الربح‪ ،‬الذي يصبح قانون ًا مالزم ًا لعملية تراكم رأس املال‪.‬‬
‫ وقد أشار ماركس إلى أن ثمة عوامل مضادة ملفعول قانون ميل معدل الربح‬
‫إلى الهبوط‪ ،‬منها تشديد درجة استغالل العمل‪ ،‬وخفض األجور دون مستوى قيمة‬
‫قوة العمل‪ ،‬وتخفيض تكلفة مكونات رأس املال الثابت‪ ،‬والتجارة اخلارجية‪ ،‬وتوسيع‬
‫السوق العاملية‪ ،‬وتصدير رأس املال إلى اخلارج‪ .‬لكن هذه العوامل وغيرها ليس‬
‫باستطاعتها أن تبطل مفعول هذا القانون‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .11‬مسرد املصطلحات‬

‫آثـار خارجيـة ‪ :Externalities‬تنتج عن سلوك أو نشاط أفراد أو مؤسسات‬


‫تعمل في ميدان اإلنتاج أو االستهالك‪ .‬وتؤثر على رفاهية أطراف أو أشخاص آخرين‪.‬‬
‫وقد تكون بصورة منافع فتسمى آثار ًا خارجية ايجابية ‪ ،Positive‬أو بصورة تكاليف‬
‫فتسمى آثار ًا خارجية سلبية ‪ ،Negative‬ومثالها دخان املصانع‪ ،‬وما ينتج عن مقالع‬
‫احلجارة من تلوث للبيئة‪.‬‬
‫ومثال املنافع معهد للتدريب املهني أو اإلداري الذي يوفر األيدي العاملة املدربة‬
‫واملاهرة ملؤسسات أخرى‪ .‬وبإضافة اآلثار اخلارجية اإليجابية إلى املنفعة اخلاصة‪Private‬‬
‫‪( benefit‬املقبوضات النقدية أو العائد املالي) نحصل على املنفعة االجتماعية ‪Social‬‬
‫‪ Benefit‬بينما نحصل على التكلفة االجتماعية ‪ Social Cost‬من خالل إضافة اآلثار‬
‫اخلارجية السلبية إلى التكلفة اخلاصة (املدفوعات النقدية)‪.‬‬
‫باقي سولو ‪ :Solow Residual‬ذلك اجلزء من النمو االقتصادي الطويل املدى‬
‫التغير التكنولوجي كعامل‬‫ّ‬ ‫الذي ال يفسر بنمو العمل أو رأس املال‪ ،‬وإمنا يعزى إلى‬
‫مستقل خارج النموذج‪.‬‬
‫تراكم رأسمالي ‪ :Capital Accumulation‬زيادة رصيد أو مخزون رأس املال‬
‫احلقيقي القائم في املجتمع عن طريق زيادة صافي االستثمار‪.‬‬
‫الثورة املضادة النيوكالسيكية ‪ :Neo Classical Counterrevolution‬تعرف‬
‫أيض َا بالنيوليبرالية (الليبرالية اجلديدة)‪ ،‬وجدت تطبيقاتها في الثمانينات ‪ ،1980s‬خاصة‬
‫في الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وبريطانيا‪ ،‬وعرفت بالريغانية (نسبة إلى حكومة رونالد‬
‫ريغان)‪ ،‬والتأتشرية (نسبة إلى حكومة مارغريت تاتشر)‪ ،‬وتعني انبعاث التوجه نحو‬
‫السوق احلر كأسلوب للتنمية االقتصادية‪ ،‬ومضاد ألسلوب التخطيط املركزي وتدخل‬
‫الدولة‪ ،‬والقطاع العام‪.‬‬
‫املتجسدة في‬
‫ّ‬ ‫رأس املال البشري ‪ :Human Capital‬االستثمارات اإلنتاجية‬
‫البشر‪ ،‬وتتضمن املهارات والقدرات واملثل والقيم املعنوية والصحة‪ ،‬والناجتة عن‬
‫اإلنفاق على التعليم‪ ،‬وبرامج التدريب والرعاية الصحية‪ .‬إن رأس املال البشري رصيد‬
‫غير ملموس‪ ،‬وهو يذوب ويعطي مفعوله من خالل عوامل اإلنتاج األخرى‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫كومبرادور ‪ :Comprador‬وكالء رأس املال األجنبي في السوق احمللي مثل‬
‫الوكالء التجاريني‪.‬‬
‫احمليط ‪ :Periphery‬اصطالح في نظرية التبعية الدولية يشير إلى الدول املتخلفة‬
‫التابعة لدول "املركز" الرأسمالي املتقدم‪.‬‬
‫املـركـز ‪ :Center‬مصطلح في نظرية التبعية الدولية يعني الدول الرأسمالية‬
‫املتقدمة التي تشكل محور النظام الرأسمالي العاملي مثل الواليات املتحدة‪ ،‬ودول‬
‫االحتاد األوروبي‪ ،‬واليابان‪.‬‬
‫مقاربة االختيار العام ‪ :Public-Choice Appoach‬أطروحة نظرية‬
‫نيوكالسيكية (أو نيوليبرالية) مفادها أن املصلحة الذاتية هي املوجه أو احملرك األساسي‬
‫تعد األسواق احلرة‬
‫لسلوك األفراد‪ ،‬وأن احلكومات غير ذات كفاءة‪ ،‬وفاسدة في حني ّ‬
‫ال من احلكومات‪ .‬لذلك إن "احلكومة األفضل هي‬ ‫أعلى كفاءة‪ ،‬وأكثر صواب ًا وعد ً‬
‫حكومة احلد األدنى"‪.‬‬
‫مقاربة جانب العرض ‪ :Supply-Side Approach‬منهج نيوكالسيكي في‬
‫النمو االقتصادي يرتكز على القدرة اإلنتاجية لالقتصاد‪ ،‬وسياسات حتسني مرونة أسواق‬
‫عناصر اإلنتاج‪ ،‬من خالل خلق حوافز لألفراد واملؤسسات لزيادة إنتاجيتهم‪ ،‬وزيادة‬
‫العرض الكلي من السلع واخلدمات عند أي مستوى للطلب الكلي‪ ،‬وأبرز سياسات‬
‫جانب العرض‪ ،‬اخلصخصة وحترير األسواق من القيود واألنظمة احلكومية‪ ،‬وإلغاء‬
‫احلد األدنى لألجور‪ ،‬والضمانات االجتماعية‪ ،‬ومحاربة تدخل االحتادات والنقابات‬
‫املهنية والعمالية في أسواق العمل‪.‬‬
‫مقاربة السوق الصديقة ‪ :Market-Friendly Approach‬فكرة للبنك الدولي‬
‫واقتصادييه‪ ،‬ترتكز على انتهاج خيار ثالث براغماتي يشير إلى أن الدولة والسوق ينبغي‬
‫ّ‬
‫أن يعمال بشكل تآزري وتكاملي‪.‬‬
‫وهذا يتطلب قيام احلكومات بخلق البيئة املالئمة لألسواق لكي تعمل بأعلى كفاءة‬
‫من خالل تدخالت انتقائية وحتديد ًا في املجاالت التي ال تعمل فيها األسواق بكفاءة مثل‬
‫البنية التحتية االجتماعية واالقتصادية وشبكة األمن االجتماعي‪.‬‬
‫نسبة رأس املال‪ /‬العمل ‪ :Capital – Labor Ratio‬نسبة مدخالت اإلنتاج‬
‫الرأسمالية إلى العمالة في اقتصاد ما‪ .‬إذا زادت مدخالت اإلنتاج الرأسمالية مبعدل‬
‫‪176‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫أسرع من زيادة العمالة‪ ،‬يحدث آنذاك تكثيف لرأس املال‪.‬‬
‫نسبة رأس املال‪ /‬الناجت ‪ :Capital – Output Ratio‬يطلق عليها أيض ًا اسم‬
‫معامل رأس املال إلى اإلنتاج‪ ،‬وهي مقدار رأس املال املطلوب لزيادة اإلنتاج أو الدخل‬
‫بوحدة واحدة‪.‬‬
‫نظرية مراحل النمو ‪ :Stages Of Growth Theory‬نظرية في النمو االقتصادي‬
‫صاحبها أستاذ التاريخ االقتصادي األمريكي "وولت روستو"‪ ،‬مفادها أن جميع الدول‬
‫أو املجتمعات في سياق حتقيق التنمية‪ ،‬حتما متر في خمس مراحل متعاقبة هي‪ :‬مرحلة‬
‫املجتمع التقليدي‪ ،‬مرحلة التهيؤ لإلقالع‪ ،‬مرحلة اإلقالع‪ ،‬مرحلة السير في طريق‬
‫النضوج‪ ،‬وأخير ًا مرحلة االستهالك اجلماهيري العالي أو االستهالك الوفير‪.‬‬
‫نظرية النمو الداخلي ‪ :Endogenous Growth Theory‬نظرية في النمو‬
‫االقتصادي تنص على أن النمو االقتصادي يتولد من عوامل موجودة ضمن النموذج‬
‫أو في داخل العملية اإلنتاجية ذاتها مثل وفورات احلجم‪ ،‬العوائد املتزايدة‪ ،‬التغير‬
‫التكنولوجي‪ ،‬وهي بذلك تشكل النقيض للفكرة التي تزعم باالعتماد على املصادر‬
‫اخلارجية للنمو‪.‬‬
‫منوذج القطاعني آلرثر لويس ‪ :Lewis Towo-Sector Model‬منوذج في التنمية‬
‫االقتصادية يرتكز على فكرة حتويل أو نقل فائض عرض العمل من القطاع التقليدي‬
‫(الزراعي) إلى القطاع احلديث ( الصناعي)‪ ،‬مما يؤدي مع مرور الوقت إلى منو التصنيع‪،‬‬
‫واستيعاب فائض عرض العمل (البطالة) وحتقيق النمو الدائم‪.‬‬
‫(املضلل) ‪ : False – Paradigm Model‬منوذج يعزو فشل‬ ‫منوذج املثال اخلاطئ ّ‬
‫التنمية في البلدان النامية إلى االستراتيجيات‪ ،‬ومناذج‪ ،‬وسياسات التنمية املقترحة من‬
‫قبل اخلبراء الدوليني للبنك الدولي‪ ،‬وصندوق النقد الدولي‪ .‬فهذه االستراتيجيات عادة‬
‫ما ترتكز على مناذج تنموية خاطئة‪ ،‬أو على مناذج االقتصاد القياسي التي تبدو براقة‪،‬‬
‫المعة لكنها ال تالئم واقع البلدان النامية‪.‬‬
‫منوذج املركز – احمليط ‪ :The Center – Periphery Model‬منوذج ماركسي‬
‫للتبعية النيوكولونيالية‪ ،‬يعزى تخلف العالم الثالث‪ ،‬واستمرار تخلفه بصفة أساسية إلى‬
‫التطور التاريخي للنظام الرأسمالتي العاملـي‪ ،‬والذي أخضـع البلدان املتخلفة – احمليط –‬
‫منط التقسيم الدولي والتخصص غير املتكافئ للعمل‪ ،‬وأخضعها لسلسلة من عالقات‬

‫‪177‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫التبعية الكاملة «للمركز» الرأسمالي املتقدم‪ ،‬والذي يشكل محور النظام ككل‪ ،‬ويحدد‬
‫مجاالت النشاط والتوسع االقتصادي في بلدان «احمليط» وفق ًا ملتطلبات التراكم في‬
‫«املركز» األمر الذي متخض عن تخلف أبنيتها االقتصادية‪ ،‬ويقوض الشروط املوضوعية‬
‫للتراكم الذاتي‪ ،‬وسد طريق التنمية املستقلة ذاتية املركز‪.‬‬
‫منوذج النمو النيوكالسيكي لـ‪ :‬سولو‪Solow Neoclassical Growth‬‬
‫‪ : Model‬منوذج للنمو االقتصادي يرتكز على دور التغير أو التقدم التكنولوجي‬
‫كعامل مستقل يتحدد خارج النموذج‪ ،‬والذي يولد القسم الرئيس للنمو االقتصادي‬
‫في املدى الطويل‪ .‬افترض سولو تناقص الغلة لكل عنصر من عناصر اإلنتاج‪ ،‬وثبات‬
‫الغلة بالنسبة للحجم‪.‬‬
‫بناء عليه‪ ،‬تؤدي زيادة املخزون الرأسمالي قياس ًا بالعمالة إلى تناقص إنتاجية رأس‬
‫املال‪ ،‬ويصل االقتصاد في املدى الطويل إلى حالة مستقرة‪ ،‬يكون فيها منو ‪ GNP‬مساويا‬
‫ملعدل النمو السكاني‪ ،‬أي أن النمو في الدخل الفردي يصل إلى الصفر‪.‬‬
‫لذلك إن حتقيق منو في املدى الطويل يتطلب ابتكار طرق وأساليب حديثة في‬
‫اإلنتاج‪ ،‬ومنتجات جديدة‪ ،‬أي تقدم تكنولوجي‪ ،‬والذي يحد من ميل تناقص غلة رأس‬
‫املال عندما يزداد املخزون الرأسمالي‪.‬‬
‫منوذج هارود‪-‬دومار في النمو ‪ :Harrod-Domar Growth Model‬منوذج‬
‫في النمو االقتصادي‪ ،‬يؤكد على وجود عالقة اقتصادية دالية‪ ،‬وفيها يتناسب منو الناجت‬
‫احمللي اإلجمالي (‪ )Y‬طردي ًا مع نسبة االدخار الصافي (‪ ،)s‬وعكسي ًا مع نسبة رأس‬
‫املال‪ /‬اإلنتاج (‪ .)k‬أي أن‪Y = s / k :‬‬

‫‪178‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
‫‪ .12‬املراجع‬

‫املراجع العربية‪:‬‬
‫أبو احللو‪ ،‬مسلم فايز‪ ،‬وصبيح‪ ،‬ماجد حسني (‪ ،)2000‬مدخل إلى التخطيط والتنمية‪،‬‬
‫القدس‪ :‬جامعة القدس املفتوحة‪.‬‬
‫حبيب‪ ،‬كاظم (‪ ،)1980‬مفهوم التنمية االقتصادية‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الفارابي‪.‬‬
‫دليلة‪ ،‬عارف‪ ،)1987( ،‬بحث في االقتصاد السياسي للتخلف والتقدم والنظام‬
‫االقتصادي العاملي‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الطليعة‪.‬‬
‫عبد الفضيل‪ ،‬محمود (د‪.‬ت)‪ ،‬دراسات في التخطيط مع دراسة خاصة لتجربة جمال‬
‫عبد الناصر‪ ،‬بيروت‪ :‬دار القدس‪.‬‬
‫عبد القادر‪ ،‬علي‪ ،‬الطرق الكمية لتحليل األداء التنموي‪ ،‬املعهد العربي للتخطيط‪،‬‬
‫الكويت‪ :‬املوقع األلكتروني‪www.arab-api.org :‬‬
‫عطية‪ ،‬عبد القادر محمد (‪ ،)2003‬اجتاهات حديثة في التنمية‪ ،‬االسكندرية‪ :‬الدار‬
‫اجلامعية‪.‬‬
‫كرم‪ ،‬أنطونيوس (‪ ،)1991‬اقتصاديات التخلف والتنمية‪ ،‬عمان‪ :‬مكتبة دار الثقافة‬
‫للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫النجفي‪ ،‬سالم توفيق‪ ،‬والقريشي‪ ،‬محمد صالح (‪ ،)1988‬مقدمة في اقتصاد التنمية‪،‬‬
‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬املوصل‪ :‬جامعة املوصل‪.‬‬
‫الهواري‪ ،‬عادل مختار‪ ،)1995( ،‬التنمية االقتصادية‪ ،‬االسكندرية‪ :‬دار املعرفة‬
‫اجلامعية‪.‬‬
‫يونس‪ ،‬محمود‪ )1986( ،‬مقدمة في نظرية التجارة الدولية‪ ،‬بيروت‪ :‬الدار اجلامعية‪.‬‬
‫ب‪ -‬املراجع املترجمة‪:‬‬
‫أمني‪ ،‬سمير‪ ،‬التراكم على الصعيد العاملي ‪ -‬نقد نظريات التخلف (‪ ،)1978‬ترجمة‬
‫حسن قبيسي‪ ،‬بيروت‪ :‬دار بن خلدون‪.‬‬
‫أمني ‪ ،‬سمير (‪ ،)1978‬التطور الالمتكافئ‪ ،‬ترجمة برهان غليون‪ ،‬بيروت‪ :‬دار‬
‫الطليعة‪.‬‬
‫تودارو‪ ،‬ميشيل (‪ ،)2006‬التنمية االقتصادية‪ ،‬الطبعة اإلجنليزية‪ ،‬تعريب وترجمة‪،‬‬

‫‪179‬‬
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬
.‫ دار املريخ‬:‫ الرياض‬،‫ ومحمود عبد الرازق‬،‫محمود حسني‬
:‫ عمان‬،‫ ترجمة هشام عبد الله‬،15 ‫ طبعة‬، ‫ االقتصاد‬،)1995( ‫ وآخرون‬،‫سامويلسون‬
. ‫الدار األهلية للنشر والتوزيع‬
.‫ دار التقدم‬:‫ موسكو‬،‫ أسس االقتصاد السياسي‬،)1974( ،‫نيكتني‬
،‫ نظرة جديدة إلى النمو االقتصادي وتأثره باالبتكار التكنولوجي‬،‫ شرر‬. ‫فريدريك م‬
.‫ مكتبة العبيكان‬:‫ الرياض‬،)2002( ‫ علي أبو عمشة‬،‫ترجمة‬
:‫ املراجع األجنبية‬-‫ج‬

Dornbusch, Rudiger and others, Macroeconomics, 9th ed., Mc- Graw Hill, 2004.
Ingham, Barbara (1995), Economics and Development, Mc GRAW – Hill,
International (UK) Limited .
Todaro, Michael (1997), Economic Development, 6th ed., (London: Addison
Wesley Longman Limited) .
Todaro, Michael, and Smith, Stephen, (2003), Economic Development, 8th ed.,
(Addison – Wesley – Longman Limited) .
http://www.bized.ac.uk/virtual/dc/resources/glos2.htm
http://en.wikipedia.org

180
‫مناذج ونظريات التنمية االقتصادية‬ ‫الوحدة الثالثة‬

You might also like