Professional Documents
Culture Documents
1
حقوق الطبع والتصوير حمفوظة
الطبعة األوىل
1425هـ 2004م
2
السرية النبوية
عرض وقائع وحتليل أحداث
(دروس وعرب)
أتليف
حممد الصاليب
حممد َّد .علي َّ
3
4
ُم َق ِّدمة
إن احلمد هلل ،حنمده ،ونس ـ ــتعينت ،ونس ـ ــت فره ونعوذ ابهلل من ش ـ ــرور أنفس ـ ــنا ،ومن ـ ــيئات َّ
هادأ لت ،وأش ــهد أن ح إلت إح هللا وحده أعمالنا ،من يهده هللا فال مض ـ َّـل لت ،ومن يض ــلل فال ش
حممداً عبده ور ولت. أن َّ ح شريك لت ،وأشهد َّ
ن ﴾ [آل عمران]102 : اَّللش شح َّق تـ شقاتِِت شوحش شَتوت َّن إِحَّ شوأشنْـت ْم م ْسلِمو ش ين شآمنوا اتـَّقوا َّ َّ ِ
﴿َيأشيـُّ شها الذ ش
ش
ث ِمْنـه شما اح شدةٍ شو شخلش شق ِمْنـ شها شزْو شج شها شوبش َّ سوِ ِ َّ ِ
﴿َيأشيـُّ شها النَّاس اتـَّقوا شربَّكم ا لذأ شخلش شقك ْم م ْن نشـ ْف ٍ ش ش
علشْيكم رقِيبا ﴾[النساء] 1: اَّللش الَّ ِذأ تش شساءشلو شن بِِت شواأل ْشر شحا شم إِ َّن َّ ِر شجاحً شكثِ ًريا شونِ شساءً شواتـَّقوا َّ
اَّللش شكا شن ش ْ ش ً
صـ ـ ـ ـ ـ ـلِ ْ لشك ْم أ ْشع شمالشك ْم شويشـ ْ ِف ْر لشك ْم
يدا ي ْ اَّللش شوقولوا قشـ ْوحً ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِد ً
ين شآمنوا اتـَّقوا َّ َّ ِ
﴿َيأشيـُّ شها الذ ش
ش
يما ﴾ [األحزاب. ]71 - 70 : ِ ذنوبشك ْم شوشم ْن ي ِط ْع َّ
اَّللش شوشر ولشت فشـ شق ْد فش شاز فشـ ْوًزا شعظ ً
رب! لك احلمد كما ينب ي جلالل وجهك ،وعظيم ـ ــلطانك .لك احلمد حض تر ـ ـ ، َي ِ
ولك احلمد إذا ر يت ،ولك احلمد بعد ِ
الر ا.
َّأما بعد:
ألهاحتقق عدَّة أهدا ٍ من ِ لكل مسـ ـ ـ ــل ٍم ،فهي ِ أليَّتها ِ إن درا ـ ـ ـ ــة ايدأ النبوأ يا َِّ
احقتداء بر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم من خالل معرفة ش ــهصـ ـيَّتت هللا ــل هللا عليت و ــلم ،
نميها، الر ـ ـ ــول هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ،وت ِ
وأعمالت ،وأقوالت ،وتقريراتت ،وتكس ـ ـ ـ اَّس ـ ـ ــلم حمبَّة َّ
ص ـ ـ ـلابة الكرام ،الذين جاهدوا مع ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ، وتباركها ،وتعرفت حبياة ال َّ
أن ال ِسـرية النَّبويَّة تو ـ
الدرا ــة َّبَّتهم ،وال َّسـري عل ،هم ،واتباي ــبيلهم ،كما َّ فتدعوه تلك ِ
للمسلم حياة الر ول هللال هللا عليت و لم بدقائقها ،وتفاهللايلها منذ وحدتت وحض موتت ،مروراً
عدوه وتظ ِهر بو ـ ـ ــو ٍ أنَّت كانِ بطفولتت ،وش ـ ـ ــبابت ،ودعوتت ،وجهاده ،وهللا ـ ـ ــربه ،وانتص ـ ـ ــاره عل
شزْوجاً ،وأابً ،وقائداً ،وحمارابً ،وحاكماً ،و ـ ــيا ـ ــيا ،ومشربِياً ،وداعيةً ،وزاهداً ،وقا ـ ــياً ،وعل هذا
فكل مسلم جيد ب يتت فيها(.)1 ُّ
فالدَّاعية جيد لت يف ـ ـ ــرية ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم أ ـ ـ ــالي الدَّعوة ،ومراحلها
مرحلة من مراحلها ،فيس ــتفيد منها يف اتص ــالت لكل ٍ ويتعر عل الو ــائل اَّنا ــبة ِ اَّتس ــلس ــلةَّ ،
( )1انظر ِ
السرية النبويَّة درا ة وحتليل ،د .حممد أبو فارس ،ص (.)50
5
ابلنَّاس ،ودعوهتم لإل ــالم ،ويســت ــعر اجلهد العظيم الَّذأ بذلت ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم
َّصر أمام العوائق ،والعقبات ،والصعوابت ،وما هو اَّوقف من أجل إعالء كلمة هللا ،وكيفية الت ُّ
الصلي أمام ال َّدائد ،والفنت. َّ
وجيد ِ
اَّريب يف ــريتت هللا ــل هللا عليت و ــلم درو ـ ـاً نبويـَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً يف ال َّ بية ،والتأثري عل النَّاس
عام ،وعل أهللاـ ـ ـ ــلابت الَّذين رَّابهم عل يده ،وك هم بعنايتت ،فأخرً منهم جيالً قرآنياً ـكل ٍ ب ــــ ٍ
أمة أخرجت للنَّاس أتمر ابَّعرو ،وتنه عن اَّنكر ،وتؤمن كون منهم َّأمةً هي خري ٍ فريداً ،و َّ
ابهلل ،وأقام هبم دولةً ن رت العدل يف م ارق األرض وم ارهبا.
وجيد القائد اَّارب يف ــريتت هللا ــل هللا عليت و ـ ــلم نظاماً حمكماً ،ومنه اً دقيقاً يف فنون
األمة ،في د جاذً يف التهطيا وا ــلةً ،ودقَّة يف التنفيذ قيادة اجليوش ،والقبائل ،وال ــعوب ،و َّ
بيِنةً ،وحرهللاـ ـ ـ ـاً عل دس ـ ـ ــيد مباد ء العدل ،وإقامة قواعد ال ُّ ـ ـ ـ ـور ب اجلند واألمراء ،و َّ
الراعي
الرعيَّة.
و َّ
أشد خصومت السيا ي السيا ي كيف كان هللال هللا عليت و لم يتعامل مع ِ ويتعلَّم منها ِ
ُّ
أيب بن ـ ـ ـ ـ ـ ــلول ،الذأ أظهر ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالم ،وأبطن الكفر، اَّنلرف ،كرئيس اَّنافق عبد هللا بن ِ
والب ض لر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،وكيف كان يك اَّؤامرات ،وين ــر الشــاعات اليت
تسيء إىل ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ل عافت ،وتنفري النَّاس منت ،وكيف عاملت ر ول هللا
حض ظهرت حقيقتت للناس فنبذوه يعاً، هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،وهللا ـ ــرب عليت ،وعل حقدهَّ ،
التفوا حول قيادة الن ِب هللال هللا عليت و لم . حض أقرب الناس إليت ،وكرهوه ،و ُّ
أل،ا هي اَّف ِس ـ ـ ـ ـرة للقرآن الكر يف
وجيد العلماء فيها ما يعينهم عل فهم كتاب هللا تعاىل َّ
اجلــان ـ العملي ،ففيهــا أ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبــاب النايول ،وتفس ـ ـ ـ ـ ـ ــري لكثري من ا َيت ،فتعينهم عل فهمهــا،
السيا ة ال َّرعيَّة،واح تنباط منها ،ومعاي ة أحداثها ،فيستهرجون أحكامها ال َّرعيَّة ،وأهللاول ِ
و ص ـ ـ ـ ــلون منها عل اَّعار الص ـ ـ ـ ــليلة يف علوم ال ـ ـ ـ ــالم اَّهتلفة ،وهبا يدركون النا ـ ـ ـ ـ ـ ،
يتذوقون رو ال ــالم ،ومقاهللاــده الســامية .وجيد فيها واَّنســو ،و ري ذلك من العلوم ،وبذلك َّ
الايهد ،وحقيقتت ،ومقص ـ ـ ـ ــده ،ويس ـ ـ ـ ــتقي منها التُّ ار مقاهللا ـ ـ ـ ــد الت ارة ،وأنظمتها،
الايهاد معاين ُّ
ُّ
صـرب والثَّبات ،فتقو عايائمهم عل الســري يف طريق اَّبتلون أمس درجات ال َّ وطرقها ،ويتعلَّم منها ْ
6
أبن العاقبة لِلمتَّق (.)1 عاي وجل -ويوقنون َّ دعوة ال الم ،وتعظم ثقتهم ابهلل َّ -
الرفيع ــة ،واألخالق احلمي ــدة ،والعق ــائ ــد ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـليم ــة ،والعب ــادة وتتعلَّم منه ــا األ َّمـ ـة ا داب َّ
الرو ،وطهارة القل ،وح َّ اجلهاد يف ــبيل هللا ،وطل ال ــهاد يف ــبيلت، ومسو ُّ
الصــليلةَّ ،
علي بن احلســن «كنا نـ شعلَّم م ازأ النب هللاــل هللا عليت و ــلم كما نـ شعلَّم ال ُّس ـورة من ويذا قال ُّ
هرأ يقول «يف علم الاي َّ عمي ُّ ـدأ مسعـت حم َّمـد بن عبـد هللا يقول مسعـت ِ القرآن» ،وقـال الواق ُّ
اَّ ازأ علم ا خرة والدُّنيا».
حممد بن ــعد بن أيب وقاص «كان أيب يعلِمنا م ازأ ر ــول هللا هللا ـل وقال إمساعيل بن َّ
هللا عليت و لم ،يعدُّها علينا ،ويقول هذه مآثر آابئكم ،فال تضيِعوا ذكرها»(.)2
األمة وإقامة الدَّولة ،يسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعد العلماء والقادة والفقهاء إن درا ـ ـ ـ ـ ـ ــة ايدأ ِ
النبوأ يف تربية َّ َّ
عاي ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالم واَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،من خالل معرفة عوامل النهوض، واحلكام عل معرفة الطريق إىل ِ
َّب هللاـل هللا عليت و ـلم يف تربية األفراد ،وبناء اجلماعة ويتعرفون عل فقت الن ِ
وأ ـباب ال ُّسـقوطَّ ،
َّب هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم يف اَّس ـ ـ ـ ــلمة ،وإحياء ااتمع ،وإقامة َّ
الدولة ،فري اَّس ـ ـ ـ ــلم حركة الن ِ
مر هبا ،وقدرتت عل مواجهة أ ــالي اَّ ــرك يف حماربة الدَّعوة ،وهطيطت الدَّعوة ،واَّراحل الَّيت َّ
الدَّقيق يف اي رة إىل احلب ـ ــة ،وحماولتت إقناي أهل الطائف ابلدَّعوة ،وعر ـ ــت يا عل القبائل يف
اَّوا م ،وتدرجت يف دعوة األنصار ،مثَّ ه رتت اَّباركة إىل اَّدينة.
إن من أت َّمـل حـادثـة اي رة ،ورأ دقَّـة التَّهطيا ،ودقَّـة التنفيـذ ،من ابتـدائهـا إىل انتهـائهـا، َّ
الر ـ ــول هللا ـ ــل
أن التهطيا اَّس ـ ــدَّد ابلوحي يف حياة َّ مقدماهتا إىل ما جر بعدها ،يدرك َّ ومن ِ
كل ما اليي يف ِ هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم قائم ،وأن التهطيا جايء من ال ُّس ـ ـ ـ ـنَّة ،وهو جايء من التَّكليف ِ
طول بت اَّ ْسلم.
ص ـراي ،والرباعة يف إدارة كل مرحلة ،ويف كل فنون إدارة ال ِ إن اَّســلم يتعلَّم من اَّنهاً ِ
النبوأ َّ َّ
ـادة من اليهود ،واَّنافق ،والكفار، احنتقال من مس ـ ـ ـ ـ ــتو إىل آخر ،وكيف واجت القو اَّض ـ ـ ـ ـ ـ َّ
والنَّصــار ،وكيف ت لَّ عليها كلها بســب توفيق هللا تعاىل ،واحلتايام ب ــروط النَّصــر ،وأ ــبابت،
وجل يف كتابت الكر . الَّيت أرشد إليها اَّوىل َّ
عاي َّ
10
حق ال ِسـرية النَّبويَّة اَّ ـ َّـرفة ،وقد
الكت فقد أحاط ابل ِسـرية النَّبويَّة ،وهذا خطأ فاد ،وخطري يف ِ
أئمة اَّس ــاجد ،وبعض قيادات احلركات ال ــالميَّة ،وانعكس ذلك تس ـ َّـرب هذا األمر إىل بعض َّ
اس
حممد ال اي ُّحذر ال َّ ـ ـي َّ عل األتباي ،فلدث تص ـ ُّـور انقص لل ِسـ ـرية عند كث ٍري من الناس ،وقد َّ
حممد
تظن أنَّك در ــت حياة َّ من خطورة هذا التص ـ ُّـور يف ،اية كتابت (فقت ال ِس ـ ـرية) ،فقال قد ُّ
هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم إذا اتبعت اترخيت من اَّولد إىل الوفاة ،وهذا خطأ ابل .إنَّك لن تفقت
اَّطهرة ،وبقدر ما تنال من ذلك تكون هللالتك السنَّة َّ
السرية حقاً إح إذا در ت القرآن الكر ،و ُّ ِ
بنب ال الم هللال هللا عليت و لم (. )1 ِ
القرآين ،الَّذأ لت عالقة ابل ِس ـرية الدرا ــة جيد القارئ تس ــليا األ ـواء عل البعد ِ ففي هذه ِ
النبويَّة ،ك ايوة بدر ،وأحد ،واألحاياب ،وب النَّضري ،وهللال احلديبية ،و ايوة تبوك ،فب َّ الباحث
الدُّروس ،والعرب ،و ـ ـ ـ ــنن هللا يف النَّص ـ ـ ـ ــر ،وايايمية ،وكيف عاجل القرآن الكر أمراض النُّفوس من
خالل األحداث والوقائع.
لكل ٍ
زمان، جيل ما يفيده يف مس ـ ـ ـ ـ ــرية احلياة ،وهي هللا ـ ـ ـ ـ ــاحلة ِ
كل ٍ إن ال ِسـ ـ ـ ـ ـ ـرية النَّبويَّة تعطي َّ
َّ
ومكان ،ومصللة كذلك. ٍ
لقد ع ـ ـ ـ ــت ـ ـ ـ ــن من عمرأ يف البلث يف القرآن الكر ،وال ِس ـ ـ ـ ـرية النَّبويَّة ،فكانت من
أفض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل َّأَيم حيـال ،فنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـت أثنـاء البلـث ربيت ،وه رل ،وتفـاعلـت مع الـدُّرر ،والكنوز،
والنفــائس اَّوجودة يف بطون اَّراجع واَّص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادر ،فعملــت عل عهــا ،وترتيبهــا ،وتنس ـ ـ ـ ـ ـ ــيقهــا
وتنظيمها ،حض تكون يف متناول أبناء أ َّميت العظيمة ،وقد ححظت التَّفاوت يف ذكر الدُّروس،
والعرب ،والفوائد ،واألحداث ب كتَّاب ال ِس ـ ـ ـ ـ ـ ـرية قدمياً ،وحديثاً ،فأحياانً يذكر ابن ه ـ ـ ـ ـ ــام ما
هب ،ويذكر ابن كث ٍري ما يذكره أهللالاب ُّ
السنن ،هذا قدمياً. الذ ُّيذكره َّ
البوطي ما يذكره ال ض ـ ـ ـ ـ ـ ــبان، ُّ َّأما حديثاً ،فقد ذكر ال ِس ـ ـ ـ ـ ـ ـباعي ما يذكره ال اي ُّ
اس ،وذكر
َّووأ ،وكت الفقهاء ما وهكذا وجدت يف التَّفســري ،وشــرو احلديث ،كفت البارأ ،وشــر الن ِ
يذكره كتَّاب ال ِس ـ ـ ـ ـرية قدمياً ،وح حديثاً ،فأكرم هللا تعاىل قمع تلك الدُّروس ،والعرب ،والفوائد،
احطالي عليت ،ويس ـ ـ ـ ــاعد القارئ عل تناول تلك الثِمار اليانعة ونشظشمتها يف ِع ْق ٍد ٍيل يس ـ ـ ـ ــهل ِ
ْ
بكل هو ٍلة. ِ
لصالَّ يب
حممد ا َّ
حممد َّ
علي َّ
1422هـ 2001م
13
األول
الفصل َّ
حَّت نزول الوحي
أه يم األحداث التَّارخييَّة من قبل البعثة َّ
األول
املبحث َّ
السائدة قبل البعثة ودايانهتا
احلضارات َّ
َّأوالً :اإلمرباطوريَّة ال يرومانيَّة(:)1
()1
السابق ،ص .31 اَّصدر َّ
ِ
( )2انظر السرية النبويَّة ،للن ِ
َّدوأ ،ص .33 ، 32
15
اثلثاً :اهلند:
أحا أدوارها دَينةً ،وخلقاً ،واجتماعاً ،و ــيا ـةً ذلك العهد أن َّ اَّؤرخ عل َّ اتَّفقت كلمة ِ
أل،احض يف اَّعابد َّ الَّذأ يبتدئ من مس ـ ـ ـ ـ ِ
ـتهل القرن ال َّسـ ـ ـ ـ ـادس اَّيالدأ ،فانت ـ ـ ـ ــرت اخلالعة َّ
أهللاـ ـ ــبلت مقد ـ ـ ـةً!! وكانت اَّرأة حقيمة يا ،وح عصـ ـ ــمة ،وانت ـ ـ ــرت عادة إحراق اَّرأة اَّتو َّ
زوجها ،وامتازت ايند عن أقطار العا ابلتَّفاوت الفاحش ب طبقات ال َّع ،وكان ذلك اتبعاً
مدين ــيا ـ ٍـي دي ٍ ،و ــعت اَّ ـ ِـرعون اينديُّون الَّذين كانت يم هللاــفة دينية ،وأهللاــب هو ٍ
لقانون ٍ
َتايٍق ،انت ـ ــرت فيها العام يف ااتمع ،ود ـ ــتور حياهتم ،وكانت ايند يف حالة فو ـ ـ ـ ،و ُّ القانون َّ
المــارات اليت انــدلعــت بينهــا احلروب الطَّـاحنــة ،وكــانــت بعيــد ًة عن أحــداث عــاَّهــا يف عايلـ ٍـة
وا ـ ٍ
َّطر يف العادات ،والتقاليد ،والتفاوت الطَّب ُّ
قي ،والتَّعصـ ـ التايمت ،والت ُّ ـلة ،يس ــيطر عليها ُّ
الس.
الس ُّ
َّموأ ،و ُّ
الد ُّ
وقد حتدَّث مؤر هندوكي -أ ـ ــتاذ التاري يف إحد جامعات ايند -عن عص ـ ـ ٍر ـ ـابق
لدخول ال ــالم يف ايند ،فقال «كان أهل ايند منقطع عن الدُّنيا ،منطوين عل أنفس ــهم،
وعمت ح خربة عندهم ابألو ـ ـ ــاي العاَّيَّة ،وهذا اجلهل أ ـ ـ ــعف موقفهم ،فن ـ ـ ــأ فيهم اجلمودَّ ،
فيهم أمارات اححنطاط ،والتَّدهور .كان األدب يف هذه الف ة بال رو ،وهكذا كان ال ـ ـ ـ ـ ــأن يف
اَّعمارأ ،والتَّصوير ،والفنون اجلميلة األخر »(.)1 ِ ِ
الفن
ايندأ راكداً جامداً ،كان هناك تفاوت عظيم ب الطَّبقات ،وَتيياي معي ُّ «وكان ااتمع
ب أ ــرةٍ ،وأ ــرةٍ ،وكانوا ح يســملون بايواً األَيم ،وي ـ ِـددون عل أنفســهم يف أمور الطَّعام،
وال رابَّ ،أما اَّنبوذون فكانوا يعي ون -مضطرين -خارً بلدهم ،ومدينتهم»(.)2
كان تقسيم كان ايند إىل أربع طبقات
الدين ،وهم «الربالة». - 1طبقة الكهنة ،ورجال ِ
- 2رجال احلرب ،واجلنديَّة ،وهم «ش ».
- 3رجال الفالحة ،والت ارة ،وهم «ويش».
أحا الطبقات فقد خلقهم خالق الكون -كما - 4رجال اخلدمة ،وهم «ش ـ ـ ـ ـ ــودر»وهم ُّ
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،للن ِ
َّدوأ ،ص .38
( )2اَّصدر السابق نفست ،ص .39
16
يعتقدون -من أرجلت ،وليس يم إح خدمة هذه الطَّبقات الثَّالث ،وإراحتها.
فالربلي رجل م فور
ُّ وقد من هذا القانون الربالة مركاياً ،ومكانةً ح ي ـ ـ ـ ـ ـ ــاركهم فيها أحد
لـت ،ولو أابد العوا الثالثـة بـذنوبـت ،وأعمـالـت ،وح جيوز فرض جبـاي ٍـة عليـت ،وح يعـاقـ ابلقتـل يف
حال من األحوال .أما «شودر» فليس يم أن يقتنوا ماحً ،أو يدَّخروا كناياً ،أو جيالسوا برلياً ،أو ٍ
ميسوه بيدهم ،أو يتعلَّموا الكت اَّقد ة(.)1 ُّ
احملمدية:
الدينيَّة قبل البعثة َّرابعاً :أحوال العامل ِّ
أحا مراحل التَّاري كانت النس ـ ـ ـ ــانية قبل بايوغ ف ر ال ـ ـ ـ ـ ــالم العظيم ،تعيش مرحلةً من ِ
عامةً يف يع َّ الدينيَّة ،واحقتصاديَّة ،والسيا ية ،واحجتماعيَّة ،وتعاين فو رأ يف شؤو،ا ِ الب ِ
اجلاهلي عل العقائد ،واألفكار ،والتصـ ـ ُّـورات ،والنُّفوس ،وأهللاـ ــب
ُّ شـ ــؤون حياهتا ،وهيمن اَّنهت
ـاهلي
اجلهـ ــل ،وايو ،واححنالل ،والف ور ،والت ُّرب ،والتع ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف من أبرز مالم اَّنهت اجلـ ـ ِ
اَّهيمن عل دنيا النَّاس(.)2
و ـ ـ ـاي أتثري ِ
الدَيانت ال َّس ـ ـ ـماوية عل احلياة -أو كاد -بسـ ـ ــب ما أهللاـ ـ ــاهبا من التَّبديل،
والتَّلريف ،والتَّ يري ،الَّذأ جعلها تفقد أليتها ابعتبارها ر ـ ـ ـ ــالة هللا إىل خلقت ،وان ـ ـ ـ ـ ـ ل أهلها
ص ـراعات العقديَّة النَّظريَّة اليت كان ــببها دخول األفكار الب ـريَّة ،والتَّص ـ ُّورات الفا ــدة عل ابل ِ
وم ْن بقي منهم ِر ،و يبـ ِـدل قليــل حض َّأد إىل احلروب الطَّـاحنــة بينهم ،ش هــذه األدَينَّ ،
اندر ،وآثر احبتعاد عن دنيا الناس ،ودخل يف حياة اخللوة ،والعايلة طمعاً يف النَّ اة بنفس ــت ر ـاً
من الهللاال ،ووهللال الفساد إىل يع األهللانا ،واألجناس الب ريَّة ،ودخل يف يع اااحت
الدين ،أو خرجوا منت ،أو ارتدوا عن ِ بال ا ـ ـ ـ ـ ـ ــتثناء ،ففي اجلان ِ
الدي ِ دد النَّاس َّإما َّأ،م ُّ
الدَيانت ال َّسـماوية ،وتبديلها .و َّأما يف اجلان التَّ ـريعي، يدخلوا فيت أهللاـالً ،أو وقعوا يف حتريف ِ
فَن النَّاس نبذوا ش ـريعة هللا وراءهم ظهرَيً ،واخ عوا من عند أنفســهم قوان ،وش ـرائع رذن هبا َّ
هللا ،تصطدم مع العقل ،وهالف الفطرة.
الرهبان ،والقسـ ــاو ـ ــة والدَّهاق ،
وتايعَّم هذا الفسـ ــاد زعماء ال ُّ ـ ـعوب ،واألمم من القادة ،و ُّ
ليل هبي ٍم ،واحنرا ٍ عظي ٍم عن منهت هللا بلانت وتعاىل. ظالم ٍ
دامس ،و ٍ واَّلوك ،وأهللاب العا يف ٍ
َّدوأ ،ص .38 اَّسم (منوشا ناي) األبواب ( 1ـ 2ـ 8ـ 9ـ ، )10نقالً عن ِ
السرية النَّبويَّة ،للن ِ ( )1راجع القانون اَّدين احجتماعي َّ
األولون ،لسلمان العودة ،ص .57
( )2انظر ال رابء َّ
17
فـاليووديـة أهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــبلــت جمموعـةً من الطُّقوس ،والتَّقــاليــد ح رو فيهــا ،وح حيــاة ،وأتثَّرت
احتكت هبا ،والَّيت وقعت حتت يطرهتا ،فأخذت كثرياً من عاداهتا، بعقائد األمم الَّيت جاورهتا ،و َّ
مؤرخو اليهود( )1فقــد جــاء يف دائرة اَّعــاروتقــاليــدهــا الوثنيَّـة اجلــاهليَّـة ،وقــد اع بــذلــك ِ
أن عبادة األواثن ،وا ية تدل عل َّإن ها األنبياء ،و ضبهم عل عبادة األواثن ُّ اليهودية « َّ
كانت قد تس ـ َّـربت إىل نفوس ال ـ ـرائيلي ،و تس ــتأهللا ــل ش ــأفتها إىل َّأَيم رجوعهم من اجلالء،
إن التُّلمود أيض ـ ـ ـ ـاً ي ـ ـ ــهد َّ
أبن الوثنيَّة ٍ
معتقدات خرافيَّة ،وشـ ـ ـ ــركيَّةَّ . والنَّفي يف اببل ،وقد اعتقدوا
خاهللاة لليهود»(.)2
كانت فيها جاذبية َّ
الذوق العقلي ،وفسـ ـ ـ ـ ـ ــاد َّ
ِ اَّمدية ،قد وهللاـ ـ ـ ـ ـ ــل إىل اححنطاط اليهودأ قبل البعثة َّ
َّ َّ
إن ااتمع
الدي ِ ،فَذا طالعت تلمود اببل الذأ يبال اليهود يف تقديسـ ــت ،والذأ كان متداوحً ب اليهود ِ
اَّسيلي فست د فيت جاذً ريبةً من خفَّة العقل ،و هف القول ،واحج اء
ِ السادس
يف القرن َّ
ِ
ابلدين ،والعقل(.)3 عل هللا ،والعبث ابحلقائق ،والتَّالع
ـيحية فقد امتلنت بتلريف ال ال ،وأتويل اجلاهل ،واختف نور التَّوحيد،
َّأما املسـ ـ ـ ـ ـ َّ
وإخالص العبادة هلل وراء ال ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـل الكثيفة( ،)4واندلعت احلروب ب النَّصـ ـ ـ ـ ـ ــار يف ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـام،
وحتولت البيوت ،واَّدارس، والعراق ،وب نص ـ ـ ـ ـ ـ ــار مص ـ ـ ـ ـ ـ ــر حول حقيقة اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــي ،وطبيعتتَّ ،
ملتلفة ،وألو ٍان اَّسيلي يف مظاهر ٍ ِ متنافسة ،وظهرت الوثنية يف ااتمع ٍ والكنائس إىل معسكر ٍ
ات
شض ،فقد جاء يف اتري اَّسيليَّة يف وء العلم اَّعاهللار َّ
كل
ـتمر ُّ «لقد انتهت الوثنيَّة ،ولكنَّها تلق إابدةً كاملةً ،بل َّإ،ا ت ل لت يف النُّفوس ،وا ـ ـ ـ ـ ـ َّ
دردوا عن آيتهم ،وأبطايم ،وهلَّوا عنهم أخذوا شيء فيها اب م اَّسيليَّة ،ويف تارها فالَّذين َّ ٍ
شـ ــهيداً من شـ ــهدائهم ،ولقَّبوه أبوهللاـ ــا ا ية ،مثَّ هللاـ ــنعوا لت َتثاحً ،وهكذا انتقل هذا ال ِ ـ ـرك،
عمت فيت عبادة ال ُّ ـهداء، وعبادة األهللاــنام إىل هؤحء ال ُّ ـهداء اَّلِيِ ،و ينتت هذا القرن َّ
حض َّ
أن األولياء ملون هللا ـ ـ ـ ــفات األلوهيَّة ،وهللا ـ ـ ـ ــار هؤحء وتكونت عقيدة جديدة ،وهي َّ واألولياءَّ ،
القديس ــون خلقاً و ــيطاً ب هللا ،والنسـ ــان ،مل هللاـ ــفة األلوهيَّة عل أ ـ ــاس عقائد األولياء و ِ
( )1انظر ِ
السرية النبويَّة ،أليب احلسن النَّ ِ
دوأ ،ص .20
السرية النبويَّة ،أليب احلسن الن ِ
َّدوأ ،ص .20 ( )2انظر ِ
السابق نفست ،ص .21 اَّصدر َّ
()3
لقد اندلعت احلروب ب النَّصـ ــار ،وكفَّر بعض ـ ـهم بعض ـ ـاً ،وقتل بعض ـ ـهم بعض ـ ـاً ،وان ـ ـ ل
النَّصار ببعضهم عن حماربة الفساد ،وإهللاال احلال ،ودعوة األمم إىل ما فيت هللاال الب ريَّة(.)3
الايمان بعبادة العناهللاــر الطَّبيعيَّة ،وأعظمها النَّار ،وانت ــرت
و َّأما اجملوس :فقد عرفوا من قد َّ
بيوت النَّار يف طول البالد وعر ــها ،وعكفوا عل عبادهتا ،وبنوا يا معابد ،وهياكل ،وكانت يا
آداب ،وشـ ـرائع دقيقة داخل اَّعابدَّ ،أما خارجها فكان أتباعها أحراراً يس ــريون عل هواهم ،ح
فرق بينهم وب من ح دين لت.
الدين ،ووظائفهم عند ااوس يف كتابت «إيران يف اَّؤر الدَّجاركي طبقة ري ـ ـ ـ ــاء ِ
ويص ـ ـ ـ ــف ِ
ُّ
مرات يف عهد ال َّسـ ـا ــانيِ » فيقول «كان واجباً عل هؤحء اَّوظَّف أن يعبدوا ال َّ ـ ـمس أربع َّ
هللا ـ ـ ٍة ،عند النَّوم، ٍ
أبدعية خا َّ اليوم ،ويض ــا إىل ذلك عبادة القمر ،والنَّار ،واَّاء ،وكانوا مكلَّف
واحنتباه ،واح تس ــال ،ولبس الايانَّر ،واألكل ،والعطس ،وحلق ال َّ ـ ـعر ،وتقليم األظفار ،وقضـ ــاء
َتس النَّار ،واَّاء بعض ـ ـ ـ ــها
احلاجة ،وإيقاد ال ُّسـ ـ ـ ـ ـرً ،وكانوا مأمورين أبح يدعوا النَّار تنطفئ ،وأح َّ
مقد ة»(.)4ألن اَّعادن عندهم َّ بعضاً ،وأح يش شدعوا اَّعدن يصدأ َّ
وك ــان أه ــل إيران يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتقبلون يف هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــالهتم النَّ ـار ،وق ــد حلف «يايدجرد» -آخر ملوك
مرًة ،وقال «أحلف ابل َّمس اليت هي اللت األكرب» .وقد دان ااوس السا اني -ابل َّمس َّ
كل عص ـ ٍر ،وأهللاــب ذلك شــعاراً يم ،فآمنوا ني اثن أحدلا النُّور ،أو إلت اخلري، ابلثَّنويَّة يف ِ
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب احلسن الن ِ
َّدوأ ،ص .23
( )2دائرة اَّعار الكاثوليكية اجلديدة ،مقال التثليث (.)395/14
حممد أبو حديد ،ص .48 ، 38 ، 37 َّ ( )3انظر فت العرب َّصر ،تعري
ِ
السا انيِ ،ص ، 155نقالً عن السرية النبوية ،للنَّدوأ ،ص .27إيران يف عهد َّ
()4
19
والثاين الظَّالم ،أو إلت ال ِ
َّر(.)1
حتولت إىل ٍ
وثنية حتمل معها األهللا ـ ـ ـ ـنام حيث َّأما البوذيَّة يف ايند وآ ـ ـ ـ ــيا الو ـ ـ ـ ــط فقد َّ
ارت ،وتب ايياكل ،وتنص َتاثيل بوذا حيث حلَّت ،ونايلت(.)2
ـلي ،فقد امتازت بكثرة اَّعبودات ،واحية ،وقد بل ت ْأوجها َّأما الربمهيَّة دين ايند األهللا ـ ـ ـ ـ ـ ُّ
أن الدَينة ايندوكيَّة ،والبوذيَّة وثنيتان واء بسو ٍاء.
وحشك َّ
َّ ِ
اَّيالدأ، السادس
يف القرن َّ
لقد كانت الدُّنيا اَّعمورة من البلر األطلس ـ ـ ـ ـ ـ ــي إىل اَّيا ايادأ ارقةً يف الوثنيَّة ،وكأجا
كانت اَّس ــيليَّة ،واليهوديَّة ،والبوذيَّة ،والربليَّة ،تتس ــابق يف تعظيم األواثن ،وتقديس ــها ،وكانت
حلبة واحدةٍ.
رهان درأ يف ٍ كهيل ٍ
ب هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم إىل عموم هذا الفس ـ ـ ــاد ،جلميع األجناس ،و يع
وقد أش ـ ـ ــار النَّ ُّ
إن ِريب أمرين أن
يوم يف خطبتت «أح َّ اااحت بال ا تثناء ،فقد قال هللال هللا عليت و لم ذات ٍ
أعلِمكم مــا جهلتم اـَّا علَّم يومي هــذا كـ ُّـل مـ ٍ
ـال شحنشْلتـت( )3عبــداً حاللِ ،
وإين خلقــت عبــادأ
وحرمت عليهم ما أحللت يم، ()5
وإ،م أتتهم ال َّ ـ ـ ـياط فاجتالتهم عن دينهم َّ ، حنفاء( )4كلَّهمَّ ،
وإن هللا نظر إىل أهل األرض ،فمقتهم عرهبم، و شأمشرْهتم أن ي ـ ـ ـ ـ ـ ــركوا يب ما ْ أنْ ِايْل بت ـ ـ ـ ـ ـ ــلطاانًَّ ،
وع مهم إح بقاَي من أهل الكتاب»(.)6
واحلديث ي ري إىل احنرا الب ريَّة يف جوان متعددةٍ ،كال ِ رك ابهلل ،ونبذ شريعتت ،وفساد
السماويَّة ،وااألهتم للقوم عل اليم(.)7 اَّصلل من حلة األدَين َّ
***
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب احلسن الن ِ
َّدوأ ،ص .27
( )2اَّصدر السابق نفست ،ص .28
( )3حنلتت أعطيتت( .النِهاية يف ري احلديث .)29/5
( )4حنفاء مائل عن ال ِ رك إىل التَّوحيد( .النِهاية .)451/1
( )5اجتالتهم ذهبت هبم( .النِهاية .)316/1
( )6مسلم ،كتاب اجلنَّة ،ابب ِ
الصفات الَّيت يعر هبا يف الدُّنيا أهل اجلنَّة وأهل النَّار ،رقم (.)2865
األولون ،ص .59
( )7انظر ال رابء َّ
20
املبحث الثَّاين
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)50/1
( )2انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)50/1
( )3اَّصدر السابق نفست .)51/1( ،
24
املبحث الثَّالث
األحوال ِّ
الدينيَّة والسياسية واالقتصاديَّة
افات خلقيَّ ٍة،ف دين ـ ٍـي شدي ـ ٍـد ،ووثنيَّ ـ ٍـة هيف ـ ٍـة ح مثيل ي ــا ،واحنر ٍ األمة العربيَّة بتهلُّ ٍ
ابتليت َّ
قل شــأ،م ،وهللاــاروا يعي ــون عل هامش واجتماعيَّ ٍة ،وفو ـ ــيا ــية ،وت ـريعيَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة ،شوِم ْن شمثَّ َّ
الرومانيَّـ ـ ـ ـ ـ ــة ،وقد التَّـ ـ ـ ـ ـ ــاري ،وح يتعدَّون يف أحسن األحوال أن يكونوا اتبع َّ
للدولة الفار يَّة أو ُّ
الايي ،امت ت قلوهبم بتعظيم تراث ا ابء ،واألجــداد ،واتِبــاي مــا كــانوا عليــت ،مهمــا يكن فيــت من َّ
لكل ٍ
قبيلة هللا ــنم ،فكان ي شذيل بن م ْد ِركة ضـ ـالل ،ومن شمثَّ عبدوا األهللا ــنام ،فكان ِ
واححنرا ،وال َّ
ـ ـ ـواي ،ولكل شوُّد ،وَّذحت يش وث ،وخليوان يشعوق ،وحلمري نش ْس ـ ـ ـر ،وكانت خاياعة ،وقريش
تعبدان إ افاً ،وانئلة ،وكانت مناة عل احل البلرِ ،
تعظمها العرب كافَّـ ـ ـ ـ ـةً ،واألوس ،واخلايرً
هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً ،وكانت الَّالت يف ثقيف ،وكانت العَّاي فوق ذات ِع ْرٍق ،وكانت أعظم األهللاــنام عند
خا َّ
قريش(.)2
ص ـ رية ،والَّيت
وإىل جان هذه األهللا ــنام ا َّلرئيس ــة ،يوجد عدد ح ص ـ كثرًة من األهللا ــنام ال َّ
يسهل نقلها يف أ فارهم ،وو عها يف بيوهتم.
البهارأ يف هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــليلت عن أيب رجاء العطشا ِر ِ
دأ قال «كنَّا نعبد احل ر ،فَذا وجدان ُّ رو
عنـا جثْـوةً من تر ٍ
اب ،مثَّ جئنا ح راً هو أخري منـت ألقينـاه ،وأخـذان ا خر ،فـَذا ُـد ح راً
ش
ابل َّاة ،فللبناه عليت ،مث طفنا بت!!!» [البخاري (. ])4376
وقد حالت هذه الوثنية ال َّسـ ـ ـ ـ ـهيفة ب العرب ومعرفة هللا تعاىل ،وتعظيمت ،وتوقريه ،والميان
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن كثري (.)163/1
26
يـدعوكم إىل كلمـة الخالص ،وعيش األبـد ،ونعي ٍم ح ينفـد ،فـَن دعـاكم فـأجيبوه ،ولو علمـت
ِأين أعيش إىل مبعثت لكنت َّأوشل من يسع إليت» ،وقد أدرك الن َّ
َّب هللال هللا عليت و لم ،ومات
قبل البعثة(.)1
واَّا كان ين ده من شعره
ـائر ِ ِ يف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـذاهب ش َّ
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شـن الْقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرون لنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ
األوليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شـن
ت ل ـ ـ ـ ـ ـ ــيس ي ـ ـ ـ ـ ـ ــا مص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ـاد ْر لِْلم ـ ـ ـ ـ ـ ــو ِ
لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما رأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوارداً
شش ش ْ
األهللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ر واألكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابِْر ميضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ش
حنوه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ورأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــومي ش
ح يشـ ْرِج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع اَّا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي إل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـي
شوح ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شـن الب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابِْر
أيقن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ِأين ح حمال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةش
()2
ـائر
ـار القـ ـ ـ ـ ــوم هللاـ ـ ـ ـ ـ ْ حيـ ـ ـ ـ ــث هللاـ ـ ـ ـ ـ ش
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ،وبعض ـ ـ ـ ـ ـ ــهم دخل يف اليهوديَّةَّ ،أما األ لبيَّة فكانت تعبد كان بعض العرب قد تن َّ
األواثن ،واألهللانام.
اثنياً :احلالة السياسية(:)3
النظام
السائد بينهم هو شكان كان اجلاييرة العربية ينقسمون إىل بد ٍو ،وحضر ،وكان النِظام َّ
حض يف اَّمالك اَّتل ِ
ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرة الَّيت ن ـ ـ ـ ـ ـ ــأت ابجلاييرة ،كمملكة اليمن يف اجلنوب ،والكة القبليَّ ،
َّ
رقي ،والكة ال س ــا ــنة يف ال َّ ـ ـمال ال ِ
ريب ،فلم تنص ــهر اجلماعة فيها يف احلرية يف ال َّ ـ ـمال ال َّ ـ ـ ِ
وحدات متما كةً. ٍ وإجا ظلَّت القبائل احدَّ ، شع ٍ و ٍ
والقبيلة العربيَّة جمموعة من الناس ،تربا بينها وحدة الدَّم (النَّسـ ـ ـ ـ ـ ) ،ووحدة اجلماعة ،ويف
ـاس من التَّضــامنينظم العالقات ب الفرد واجلماعة ،عل أ ـ ٍ ظل هذه الرابطة ن ــأ قانون عريف ِ ِ
العريف كــانــت تتم َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك بــت القبيلــة يف نظــامهــا
بينهمــا يف احلقوق والواجبــات ،وهــذا القــانون ُّ
السيا ِي ،واحجتماعي(.)4 ِ
وكانت -عـ ـ ـ ـ ــدا هذه احلروب الكرب -تقع إ ارات فرديَّة ب القبائل ،تكون أ باهبا شهصيَّةً
أحياانً ،أو طل العيش أحياانً أخر إذ كان رزق بعض القبائل يف كث ٍري من األحيان يف ِ
حد
ليل ،أو ،ا ٍر تنقض عليها قبيلة أخر يف ـ ٍ
ـاعة من ٍ ــيوفها ،ولذلك ما كانت القبيلة أتمن أن َّ
سكن ابألمس(.)3
لتسل أنعامها ،ومؤ،ا ،وتدي دَيرها خاويةً كأن ت ْ
اثلثاً :احلالة االقتصاديَّـة:
ص ـ ـلارأ الوا ـ ــعة اَّمتدَّة ،وهذا ما جعلها هلو من ِ
الايراعة ،إح ي ل عل اجلاييرة العربيَّة ال َّ
هللا ـ ـ ـ ـ ـةً اليمن ،وال َّ ـ ـ ـ ـ ـام ،وبعض الواحات اَّنت ـ ـ ـ ـ ــرة يف اجلاييرة ،وكان ي ل عل
يف أطرافها ،وخا َّ
الب ــادي ــة رعي الب ــل ،وال نم ،وك ــان ــت تنتق ــل القب ــائ ــل حبث ـاً عن مواقع الك ،وك ــانوا ح يعرفون
اح تقرار إح يف مضارب خيامهم.
و َّأما ال ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـناعة فكانوا أبعد األمم عنها ،وكانوا رنفون منها ،وي كون العمل فيها ل عاجم،
قبطي ُا من ال َّس ـفينة اليت رقت قدَّة، واَّواس ،حض عندما أرادوا بنيان الكعبة ا ــتعانوا ٍ
برجل ٍ
مثَّ أهللاب مقيماً يف َّ
مكة(.)4
فَن موقعها اح اتي َّيالصناعة َّ وإذا كانت اجلاييرة العربيَّة قد حرمت من نِ ْع شم شِيت ِ
الايراعة ،و ِ
الدوليَّة آنذاك. حتتل مركاياً ِ
متقدماً يف التِ ارة َّ مؤهلةً ألن َّ
ب إفريقية وشرق آ يا جعلها َّ
وكان الذين ميار ــون التِ ارة من ـكان اجلاييرة العربية هم أهل اَّدن ،وح ـيَّما أهل َّ
مكة،
فقــد كــان يم مركاي متميِاي يف التِ ــارة ،وكــان يم -حبكم كو،م أهــل احلرم -منايل ـة يف نفوس
امنت هللا عليهم بذلك يف القرآن الكر العرب ،فال يعر ـ ـ ـ ـ ـ ــون يم ،وح لت ارهتم بس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ـوء ،وقد َّ
ـتمرت هذه األ ـ ـ ـ ـواق يف ال ـ ـ ــالم إىل ح ٍ من الدَّهر مثَّ شد شر ـ ـ ــت ،و تكن هذه
وقد ا ـ ـ ـ َّ
األ ـ ـ ـواق للت ارة فلس ـ ـ ـ ،بل كانت أ ـ ـ ـواقاً ل دب ،وال ِ ـ ـ ـعر ،واخلشطشابة ،جيتمع فيها فلول
ال ُّ ـ ـ ـ ـعراء ،ومصـ ـ ـ ــاقع( )1اخلطباء ،ويتبارون فيها يف ذكر أنسـ ـ ـ ــاهبم ،ومفاخرهم ،ومآثرهم ،وبذلك
كانت ثروًة كرب لِلُّ ة واألدب ،إىل جان كو،ا ثروًة داريَّةً(.)2
عل حيــاة العرب ،وأهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــبلــت يم قوان عرفيَّـة فيمــا يتعلَّق هيمنــت التَّقــاليــد ،واألعرا
ابألحسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب ،واألنسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب ،وعالقة القبائل ببعض ـ ـ ـ ـ ـ ــها ،واألفراد كذلك ،وميكن إ ال احلالة
احجتماعيَّة فيما رل
- 1االعتزاز الذي ال ح َّد له ابألنساب ،واألحساب ،والتفاخر هبما:
فقد حرهللاوا عل اَّافظة عل أنساهبم ،فلم يصاهروا ريهم من األجناس األخر ،ولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما
أن التفا ل َّإجا هو ابلتَّقو ،والعمل الصاأ.
جاء ال الم قض عل ذلك ،وب َّ يم َّ
الشعر: - 2االعتزاز ابلكلمة ،وسلطاهنا ،ال سيَّما ِّ
كانت تس ـ ــتهويهم الكلمة الفص ـ ــيلة ،واأل ـ ــلوب البلي ،وكان ش ـ ــعرهم ِ ـ ـ ـ َّل مفاخرهم،
إذا كان شُش شم فيهم اخلطباء وأحسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهبم ،وأنسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهبم ،وديوان معارفهم ،وعواطفهم ،فال تع
اَّص ــاقع ،وال ُّ ـعراء الفطاحل ،وكان البيت من ال ــعر يرفع القبيلة ،والبيت خيفض ــها ،ولذلك ما
كانوا يفرحون ب ٍ
يء فرحهم ب اع ٍر ينب يف القبيلة.
وكانت بعض القبائل ح تئد البنات ،كما كان فيهم من يسـ ـ ـ ــتقبلون هذه الفعلة ال َّ ـ ـ ـ ـنعاء،
كاييد بن عمرو بن نفيل(.)2
الايواً ،وكانت اَّرأة العربيَّة احلرة أتنف أن
وكانت بعض القبائل حت م اَّرأة ،وأتخذ رأيها يف َّ
تف ش ل ري زوجها ،وحليلها ،وكانت تتَّس ــم ابل َّ ـ ـ اعة ،وتتبع اَّارب وت ـ ـ ِ عهم ،وقد ت ــارك
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـرورة ،وكانت اَّرأة البدويَّة العربيَّة ت ـ ـ ـ ـ ـ ــارك زوجها يف رعي اَّاش ـ ـ ـ ـ ـ ــية،
يف القتال إذا دعت ال َّ
التصون والتعفُّف(.)3
و قيها ،وت ايل الوبر والصو ،وتنست الثياب ،والربود ،واألكسية ،مع ُّ
- 4النكاح:
تعار العرب عل أنو ٍاي من النكا ،ح يعي بعض ـ ـ ـ ــهم عل بعض إتيا،ا ،وقد ذكرت لنا
الر ول هللال هللا عليت و لم ،ص .26 ، 25 ( )1انظر درا ة َّ
حتليلية ل هصية َّ
( )2انظر ِ
السرية النبويَّة ،أليب شهبة (.)92/1
( )3اَّصدر السابق نفست (.)88/1
33
إن النِكا يف اجلاهلية كان عل أربعة أحناء ال َّس ـ ـ ـيدة عائ ـ ـ ــة ر ـ ـ ــي هللا عنها ذلك ،فقالت « َّ
ص ِدقها ،مث يشـْن ِكلها.
الرجل وليَّـتشت ،أو ابنتت ،في ْ الرجل إىل َّ
اليوم خيط َّ
فنكا منها نكا النَّاس ش
ت من طشمثِه ــا( )1أر ـ ـ ـ ـ ـ ــلي إىل ٍ
فالن الرج ــل يقول حمرأت ــت إذا طشهشر ْ
ونك ــا آخر ك ــان َّ
ْ
()2
الرجل الذأ
فا ـ ـ ــتبض ـ ـ ــعي منت ،ويعتاييا زوجها ،وح مي ُّسـ ـ ـ ـها أبداً ،حض يتب َّ حلها من ذلك َّ
وإجا يفعل ذلك ر بةً يف ُابة الولد، تس ــتبض ــع منت ،فَذا تب َّ حلها أهللا ــاهبا زوجها إذا أح َّ َّ ،
فكان هذا النِكا نكا ش اح تبضاي.
الرها( )3ما دون الع ـ ـ ــرة ،فيدخلون عل اَّرأة كلُّهم يصـ ـ ــيبها( ،)4فَذاونكا آخر جيتمع َّ
ومر ٍ
ليال بعد أن تضع حلها أر لت إليهم ،فلم يستطع رجل منهم أن ميتنع حلت ،وو عتَّ ،
حض جيتمعوا عندها ،تقول يم قد عرفتم الذأ كان من أمركم ،وقد ولدت ،فهو ابنك َي فالن! َّ
الرجل. ِ
تسمي من أحبَّت ابمست ،فيللق بت ولدها ح يستطيع أن ميتنع بت َّ
والنِكا الرابع جيتمع الناس الكثري ،فيدخلون عل اَّرأة ح َتنع من جاءها َّ ،
()5
وهن الب اَي
إحداهن،
َّ عليهن ،فَذا حلت
َّ ادهن دخل
كن ينص ـ ـ ــب عل أبواهبن راَيت تكون شعلشماً ،فمن أر َّ َّ
وو ـ ــعت حلها ِ عوا يا ،شوشدعوا يم القاف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةش( ،)6مثَّ أحلقوا ولدها ابلذأ يرون ،فالتاطتت( )7بت،
ودعي ابنشت ،ح ميتنع من ذلك.
حممد هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم ِ
ابحلق هدم نكا اجلاهليَّة كلَّت ،إح نكا ش الناس فلما بعث َّ
[البخاري ( )5127وأبو داود (. ])2272 اليوم»
تذكرها عائ ـ ــة ر ـ ــي هللا عنها كنكا اخلِ ْدن ،وهو يف وذكر بعض العلماء أحناء أخر
35
[البقرة. ]229 : ك هم الظَّالِمو شن﴾
فشأولشئِ ش
مرت ،فَن
للايوً فرهللاةً ليتدارك أمره ،ومراجعة زوجتت َّ فقيَّد ال الم عدد الطَّلقات ،وأعط َّ
زوً آخر ،ففي الكتاب طلق الثَّالثة فقد انقطعت عروة النِكا ،وح ُّ
حتل ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت إح بعد نكا ٍ
الكر ﴿ شفَِ ْن طشلَّ شق شها فشالش شِحت ُّل شلت ِم ْن بشـ ْعد شح َّض تشـْن ِك ش شزْو ًجا ش ْ شريه شفَِ ْن طشلَّ شق شها فشالش جشنا ش شعلشْي ِه شما
ن﴾ [البقرة. ]230 : اَّللِ يـبشـيِنـ شها لِشق ْوٍم يشـ ْعلشمو ش
ك حدود َّ أش ْن ي اجعا إِ ْن ظشنَّا أش ْن ي ِقيما حدود َِّ
اَّلل شوتِْل ش ش ش ششش ش ش
ِ ِ
علي كظهر واَّا كان يـ ْل شلق ابلطَّالق يف التَّلر الظهار ،وهو أن يقول الايوً لايوجتت أنت َّ
للايوً ملرجاً حض جاء ال الم ،فومست أبنَّت منكر من القول وزور ،وجعل َّ ِأمي ،وكان حترمياً مؤبداً َّ
منت ،وذلك ابلكفارة( )1قال تعاىل
اهرو شن ِمْنك ْم ِم ْن نِ شس ـ ـائِ ِه ْم شما ه َّن أ َّم شهاهتِِ ْم إِ ْن أ َّم شهاهت ْم إِحَّ الالَِّ شِئِي شولش ْد شْ ،م شوإِ َّْ ،م ﴿الَّ ِذين يظش ِ
ش
اهرو شن ِم ْن نِ شس ـائِ ِه ْم مثَّ يشـعودو شن اَّلل لشعفو شفور والَّ ِذين يظش ِ ِ ِ
ش ش لشيشـقولو شن مْن شكًرا م شن الْ شق ْول شوز ًورا شوإِ َّن َّش ش
اَّلل ِمبشا تشـ ْع شملو شن شخبِري فشـتش ْل ِرير وعظو شن بِِت شو َّ ِ ٍِ ِ
ل شما قشالوا فشـتش ْل ِرير شرقشـبشة م ْن قشـْب ِل أش ْن يشـتش شمآ َّ ـ ـا شذلك ْم ت ش
اَّلل ِمبشا تشـعملو شن خبِري فشمن ش شِجي ْد فش ِ وعظو شن بِ ِت شو َّ ِ ٍِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيشام شْ ْ ْش ش شرقشـبشة م ْن قشـْب ِل أش ْن يشـتش شمآ َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ذشلك ْم ت ش
شش ـ ـهري ِن متـتابِع ِ ِمن قشـب ِل أش ْن يـتمآ َّ ـ ـا فشمن ش يس ـ ـت ِطع فشَِطْعام ِ ـ ـتِ ِمس ـ ـ ِكيناً ذشلِك لِتـؤِمنوا ِاب ََّّللِ
ش ْ ش ْ شْ ْشْ ش ْ ش شش ش ْ شْ ش ش ش ْ ْ ْ
ذاب أشلِيم﴾ [اجملادلة. ]4 - 2 : ور ولِِت وتِْلك حدود َِّ ِ ِ
ين شع ش اَّلل شول ْل شكاف ِر ش شش ش ش
والسطو ،واإلغارة:
- 6احلروبَّ ،
كانت احلروب تقوم بينهم ألتفت األ ـ ـ ــباب ،فهم ح يبالون ب ـ ـ ـ ِـن احلروب ،وإزهاق األروا
تستلق التَّقدير.
ُّ الدفاي عن اَّثل احجتماعيَّة ،اليت تعارفوا عليها ،وإن كانت ح يف بيل ِ
يدل عل ُّ
َتكن الرو احلربيَّة ـ ــلس ـ ــلةً من َّأَيم العرب يف اجلاهليَّة ،اَّا ُّ وقد رو لنا التَّاري
من نفوس العرب ،و لبتها عل التعقُّل والتفكري فمن تلك األَيم مثالً يوم البشسوس ،وقد قامت
مي ،وهو جار للبشسوس بنت منقذ خالة شج َّساس ٍ
انقة لل ش ْر ِ احلروب فيت ب بك ٍر ،وت ل بسب
ـ ـ ـ ـ ـ ــيِد ت ل قد ح لبلت مكاانً خاهللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً بت ،فرأ فيت هذه النَّاقة، بن مَّرة ،وقد كان كلشْي
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)91/1
36
مي ،وجايعت البشس ـ ـ ـوس ،فلما رأ ذلك ج َّس ـ ـ ـاس حت َّ الفرهللاـ ـ ــة لقتل كلي ،
فرماها ،ف ايي اجلشْر ُّ
نةً(.)1 فقتلت ،فقامت احلروب الطاحنة ب القبيلت َّدَّة أربع
وكذلك يوم داحس وال رباء ،وقد كان ـ ـ ـ ــببت ـ ـ ــباقاً أقيم ب داحس ،وهو فرس لقيس بن
زهري ،وال رباء وهي حلذيفة بن بدر ،فأوعاي هذا إىل ٍ
رجل ليقف يف الوادأ ،فَن رأ داحس ـاً قد
يرده ،وقد فعل ذلك ،فلطم الفرس حض أوقعها يف اَّاء ،فسبقت ال رباء ،وحصل بعد ذلك
بق ُّ
القتل ،واألخذ ابلثأر ،وقامت احلروب ب قبيليت عبس ،وذبيان(.)2
وكــذلــك احلروب اليت قــامــت ب األوس ،واخلايرً يف اجلــاهليَّ ـة ،وهم أبنــاء ٍ
عم حيــث َّ
إن
ـتمرت احلروب بينهم ،وكــان آخر َّأَيمهم ِ
األزدأ ،وا ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ األوس واخلايرً أبنــاء حــارثــة بن ثعلبــة
أن حلفاء األوس من اليهود ،جدَّدوا عهودهم معهم عل النُّص ـ ـ ــرة ،وهكذا كان (بعاث) وذلك َّ
كثري من حروب األوس واخلايرً يذْكِْيـ شها اليهود ،حض يضـ ـ ـ ـ ـ ــعفوا القبيلت ،فتكون يم ال ِس ـ ـ ـ ـ ـ ـيادة
كل فريق منهم حبلفائت من القبائل اااورة ،فاقتتلوا قتاحً ش ـ ـ ــديداً كانت ،ايتت الدَّائمة ،وا ـ ـ ــتعان ُّ
لصاأ األوس(.)3
وكانت بعض القبائل تسـ ـ ـ ــطو ،وت ري ب ية ،األموال ،و ـ ـ ـ ــب األحرار ،وبيعهم ،كاييد بن
حارثة فقد كان عربياً حراً ،وكس ــلمان الفار ــي فقد كان فار ــياً حراً ،وقد قضـ ـ ال ــالم عل
الرجل من هللاـ ـ ــنعاء إىل حضـ ـ ــرموت ،ح خيافان إح هللا ،والذئ
حض كانت تسـ ـ ــري اَّرأة ،و َّ
ذلكَّ ،
عل أ نامهما(.)4
- 7العلم والقراءة والكتـابة:
يكن العرب أهــل كتـ ٍ
ـاب ،وعل ٍم كــاليهود ،والنَّص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار ،بــل كــان ي ل ـ عليهم اجلهــل، ش
واألميَّ ـة ،والتَّقلي ــد ،واجلمود عل الق ــد وإن ك ــان ابطالً ،وك ــان ــت أ َّم ـة العرب ح تكت ـ ،وح
( )4انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)93/1
37
حتس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ،وهذه هي ال ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـفة اليت كانت البةً عليها ،وكان فيهم قليل اَّن يكت ،ويقرأ ،ومع
ِأميَّتهم ،وعدم اتِساي معارفهم فقد كانوا ي تهرون َّ
ابلذكاء ،والفطنة ،واألَّعية ،ولطف اَّ اعر،
الرشيد ولذلك لـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما احلس ،وحسن اح تعداد ،والتهيُّؤ لقبول العلم واَّعرفة ،والتَّوجيت َّ ِ وإرها
األميَّة ،وأهللاـ ــب العلم ،واَّعرفة من جاء ال ـ ــالم هللاـ ــاروا علماء ،حكماء ،فقهاء ،وزالت عنهم ِ
القيشافشة ،وكان فيهم أطباء قص األثر ،وهو ِ أخص خص ـ ـ ـ ـ ـ ــائص ـ ـ ـ ـ ـ ــهم ،وكان فيهم شم ْن مهر يف علم ِ
ِ
كاحلارث بن كلدة ،وكان طبُّهم شمْبنِياً عل التَّ ا ِرب اليت اكتسبوها من احلياة ،والبيئة(.)1
خامسـاً :احلـالـة األخـالقيَّـة:
كانت أخالق العرب قد ــاءت ،وأولعوا ابخلمر ،والقمار ،وش ــاعت فيهم ال ارات ،وقطع
الطريق عل القوافل ،والعص ـ ـ ــبيَّة ،والظُّلم ،و ـ ـ ــفك ِ
الدماء ،واألخذ ابلثأر ،وا تص ـ ـ ــاب األموال،
أن ِ
الايَّن إجا كان يف ابلراب ،وال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرقة ،و ِ
الايَّن ،واَّا ينب ي أن يعلم َّ وأكل مال اليتام ،والتعامل ِ
الراَيت من الب اَي ،ويندر أن يكون يف احلرائر ،وليس أدل عل هذا من َّ
أن الماء ،وأهللا ـ ـ ـ ــلاب َّ
َّب هللال هللا عليت و لم َّا أخذ البيع ــة عل النِساء بعد الفت «علـ ـ أحَّ ي ركن ابهلل شيئـ ـاً، الن َّ
()2
احلرة؟!!»
وح يس ـ ـرقن ،وح ياين » قالت الس ـ ـيَّدة هند بنت عتبة زوجة أيب ـ ــفيان « شأو تشايين َّ
[البخاري ( )4894ومسلم (. ])1709
وليس معىن هذا َّأ،م كانوا كلُّهم عل هذا ،ح ،لقد كان فيهم كثريون ح ياينون ،وح ي ربون
ويتنايهون عن
ويتلرجون من أكل أموال اليتام َّ ،
الد ماء ،وح يظلمونَّ ، اخلمر ،وح يس ـ ـ ـ ـ ـ ــفكون ِ
التَّعامل ِ
ابلراب( )3وكانت فيهم مسات ،وخصال من اخلري كثريةَّ ،أهلْتـهم حلمل راية ال الم،
ومن تلك اخلصالِّ ،
والسمات:
َّ - 1
الذكاء ،والفطنة:
فقد كانت قلوهبم هللا ــافيةً تدخلها تلك الفلس ــفات ،واأل ــاطري ،واخلرافات ،اليت يص ــع
قال عن ة
رض احلتو هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبش ْل ـت شع ْن ِ أش ْ ت هشـ ِوفـ احلـتـو ش ك ـ ـ ــأنـَّ بشـ شكـشر ْ
ِ
بكأس اَّْنـ شه ِل مبع ِايِلح ب َّد أش ْن أ ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شق فشـ ـ ـ ـأش شجـْب ـت ـ شهـ ـ ـ ـا َّ
إن اَّـنـيَّـ ـ ـ ـةش شمـْن ـ شهـ ـ ـ ـل
ش
ِ ()1
ِأين ْامري ش ـ ـ ـ ـأشموت إِ ْن شْ أقتل لك شو ْاعلش ِمي شفأقْ ِ ح ياء ِك ح أاب ِ
شش ش
وقال أيضاً
ِِ ِ ح تش ْس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِق ِ شم ـ ـاءش احليـ ــاةِ بـ ــذلَّـ ـ ٍة
س بشـ ْل فــا ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ِ ابلْعاي شك ـأْ ش
ِِ ()2
جهـ ـنـ ـَّمْن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـِـ
ابلعاي ـ ـ ـأـ ـ ـ ـطْيظشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشـم ـْنـ ـ ـايـ ـ ـلـ ـ ـ ِل ا ْحلـش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشـوـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شمـ ـ ـ ـاء ا ْحل ـي ـ ـ ــاةِ ب ـ ـ ــذلَّـ ـ ـ ـ ٍة ك ـ ـه ـنَّ ـ ٍم
القوأ ال ضَّعيف ،أو شهامة ،ومروءةٍ فكانوا ربون أن ينتهاي ُّ ٍ وكان العرب بفطرهتم أهللالاب
العاجاي ،أو اَّرأة ،أو ال َّ ـ ـ ـ ـ ـي ،وكانوا إذا ا ـ ـ ـ ـ ــتن د هبم أحد أُدوه ،ويرون من النَّذالة التَّهلِي
عمن جلأ إليهم.
َّ
للح ِّريَّـة ،وإابؤهم للض َّْيـم والـ يذ ِّل:
- 4عشقوم ُ
احلريَّة يا يا ،وميوت من أجلها ،فقد ن ـ ــأ طليقاً ،ح ـ ــلطان العريب بفطرتت يع ـ ــق ِ
كان ُّ
س يف ش ـ ـ ــرفت ،وعر ـ ـ ــت ولو كلَّفت ذلك حياتت( ،)3فقد ٍ
ألحد عليت ،ورىب أن يعيش ذليالً ،أو ميش َّ
الذ ِل ،وربون الضَّْي شم ،واح تص ار ،واححتقار ،وإليك مثاحً عل ذلك
كانوا رنفون من ُّ
جلس عمرو بن هند ملك احلرية لندمائت ،و ـ ــأيم هل تعلمون أحداً من العرب أتنف ُّأمت
خدمة ِأمي؟ قالوا نعمَّ ،أم عمرو بن كلثوم ال َّاعر ُّ
الصعلوك.
فدعا اَّلك شع ْمشرو بن كلثوم لايَيرتت ،ودعا َّأمت لتايور َّأمت ،وقد اتَّفق اَّلك مع ِأمت أن تقول
ِ
ألم شع ْم ِرو بن كلثوم بعد الطَّعام انولي الطَّبق الذأ قانبك ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما جاءت قالت يا ذلك،
() 5
أب ـي ـن ـ ـ ــا أن ن ـ ِق ـَّر ال ـ ـ ـ ُّـذ شل ف ـي ـن ـ ـ ــا الناس شخ ْس ـ ـ ـ ـ ـفاً
إذا ما الْ شم ْلك ش ـ ـ ـ ـ ـ شام ش
والصـدق:للصراحـة ،والوضـوحِّ ، - 5الوفـاءُ ابلعود وحبيوـم َّ
وفاء ،ويذا كانت ال َّ ـ ـهادة ابللِس ــان كافيةً كانوا رنفون من الكذب ،ويعيبونت ،وكانوا أهل ٍ
ذكر ال ــي إبراهيم العلي يف كتابت القيِم (هللا ــلي الس ــرية النَّبويَّة) ،روايةً هللا ــليلةً يف ق َّ
ص ـة
علي بن أيب طال ٍ ر ـ ــي هللا عنت قال «قال عبد اَّطَّل حفر عبد اَّطَّل لايمايم من حديث ِ
ِإين لنــائم يف احلِ ر ،إ ْذ أاتين ٍ
آت ،فقــال س احفر طشْيبــة( .)2قلــت ومــا طشْيبــة؟ قــال مثَّ ذهـ ْ
ع .
ض عي ،فنمت فيت ،ف اءين ،فقال احفر بشَّـرة( ،)3قال
قال فل َّـما كان ال د رجعت إىل شم ْ
قلت وما بشَّـرة؟ قال مثَّ ذه ع ِ .
فل ـ َّـما كان ال د رجعت إىل مض عي ،فنمت فيت ،ف اءين ،فقال احفر اَّضنونة( .)4قال
45
قلت وما اَّض ـ ـ ـ ــنونة؟ قال مثَّ ذه .فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما كان ال د رجعت إىل مضـ ـ ـ ـ ـ عي ،فنمت فيت،
ف ـاءين ،فقـال احفر زمايم .قـال قلـت ومـا زمايم؟ قـال ح تشـْن ِاي أبـداً ،وح تـ شذ ُّم( ،)1تس ـ ـ ـ ـ ـ ــقي
احل يت األعظم ،وهي ب ال شف ْرث والدَّم ،عند نقرة ال راب األعصم( ،)2عند قرية النَّمل(.)3
وعشر أنَّت قد هللا ـ ِدق دا قال ابن إ ــلاق فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما بِ لت ش ــأ،ا ،ود َّل عل مو ــعها ،ش
مبِعولِِت( )4ومعت ابنت احلارث بن عبد اَّطل ،وليس معت يو ٍ
مئذ ولد ريه ،فلفر فيها ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما بدا ْش
لعبــد اَّطلـ الطَّ ُّي
كرب ،فعرفــت قريش أنـَّت قــد أدرك حــاجتــت ،فقــاموا إليــت ،فقــالوا َي عبــد
َّ ()5
بفاعلَّ ،
إن اَّطل ! َّإ،ا بئر أبينا إمساعيلَّ ،
وإن لنا فيها حقًّا ،فأش ـ ـ ـ ـ ــركنا معك فيها .قال ما أان ٍ
صت بت دونكم ،وأعطيتت من بينكم .قالوا لت فأنصفناَّ ،
فَان ري اتركيك حض ِ
هذا األمر قد خص ْ
َناهللا ــمك فيها ،قال فاجعلوا بي وبينكم من ش ــئتم أحاكمكم إليت .قالوا كاهنة ب ـ ٍ
ـعد بن
ه شذ .قال نعم ،وكانت أبطرا ال َّام.
فرك ـ عبــد اَّطَّل ـ ومعــت نفر من ب أبيــت من ب عبــد منــا ،ورك ـ من كـ ِـل قبيلـ ٍـة من
حض إذا كــانوا ببعض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهــا نفــد مــاء عبــد اَّطلـ ،
قريش نفر ،فهرجوا واألرض إذ ذاك مفــاوز َّ
حض ا ــتيقنوا ابيلكة ،فا ــتس ــقوا شم ْن كانوا معهم ،فأبوا عليهم ،وقالوا َّإان
وأهللا ــلابت ،فعط ـ ـوا َّ
ِإين أر أن فر ُّ
كل وإان َن ـ ـ ـ ـ عل أنفس ـ ـ ــنا مثل ما أهللا ـ ـ ــابكم .فقال عبد اَّطَّل
مبفازة(َّ )6
القوة ،فكلَّما مات رجل دفعت أهللاــلابت يف حفرتت ،مث
رجل منكم حفرتت لنفســت مبا لكم ا ن من َّ ٍ
رجل و ٍ
احد أيسر من يعة رك ٍ يعـ ــت .فقالوا ضْيعة ٍ حض يكون آخرهم رجالً واحداً ،فش ش
شو شارْوه َّ
نِ ْع شم ما أمرت بت.
إن عبد اَّطل قال كل ٍ
رجل لنفس ـ ـ ـ ـ ـ ــت حفرًة ،مثَّ قعدوا ينتظرون اَّوت عط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ،مثَّ َّ فلفر ُّ
حض ملؤوا أ قيتهم ،مثَّ دعا قبائل قريش وهم ينظرون إليهم
ف رب ،وشرب أهللالابت ،وا تسقوا َّ
يف يع هذه األحوال -فقال شهل ُّموا إىل اَّاء فقد ـ ــقاان هللا ،ف ايوا ،ف ـ ـربوا ،وا ـ ــتقوا
كلُّهم ،مثَّ قالوا قد -وهللا -قض لك علينا ،وهللا ما َناهللامك يف زمايم أبداًَّ ،
إن الذأ قاك
هذا اَّاء هبذه الفالة هو الَّذأ ــقاك زمايم ،فارجع إىل ــقايتك راشــداً ،فرجع ،ورجعوا معت ،و
وخلُّوا بينت وب زمايم». ِ
يصلوا إىل الكاهنة ،ش
لي بن أيب طـالـ ٍ يف زمايم البيهقي يف الـدحئــل
قـال ابن إ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـاق فهـذا مـا بل عن ع ِ
( )94 - 93/1وابن ه ام ( ])153 - 151/1وقد ورد يف فضل ماء زمايم أحاديث كثرية،
ذر ر ي هللا عنت َّ
أن ر ول هللا هللال هللا قصة إ الم أيب ٍ فمنها ما رواه مسلم يف هللاليلت يف َّ
عليت و لم قال « َّإ،ا مباركةَّ ،
إ،ا طعام ط ْع ٍم» [مسلم(. ])2473( )2
ـللت عن ابن ٍ
عباس ر ـ ـ ـ ــي هللا ورو الدَّارقط ُّ ( ])2713واحلاكم ( ])473/1وهللا ـ ـ ـ ـ َّ
ب لت إ ْن ش ـربتت لتســت ــفي ،شــفاك َّب هللاــل هللا عليت و ــلم «ماء زمايم َّا ش ـ ِر ش
عنهما عن الن ِ
هللا! وإن شربتت ل بعك ،أشبعك هللا! وإن شربتت لقطع ظمئك ،قطعت هللا! وهي هايمة( )3جربيل،
حممد أبو شهبة -رحت هللا! )4(-ومهما يكن من ٍ
شيء فقـ ـ ــد و قيا هللا إمساعيل» قال ال َّي َّ
ِ
مياطي -وهو من احلفَّا اَّتأخرين اَّتقن -حديث «ماء زمايم َّا ش ـ ـ ِر ش
ب ـل احلافم الد ُّ هللاـ ـ َّ
اقي(.)5
أقره احلافم العر ُّ
لت» و َّ
هذه احلادثة اثبتة ابلقرآن الكر وال ُّسـ ـ ـنَّة النَّبويَّة ،وأتت تفاهللا ـ ــيلها يف كت ال ِس ـ ـري والتَّاري ،
اب الْ ِف ِيل أششْ شْجي شع ْل
هللا ـل ِ
ك ِأبش ْ ش وذكرها اَّفس ـرون يف كتبهم قال تعاىل ﴿أششْ تشـشر شكْي ش
ف فشـ شع شل شربُّ ش ِ
يل تشـ ْرِمي ِه ْم ِِحب ش شارةٍ ِمن ِ ـ ِ ٍيل فش ش شعلشه ْم ِ ِ شكي شدهم ِيف تش ْ ِ
ضـل ٍيل شوأ ْشر ش ـ شل شعلشْيه ْم طشْ ًريا أ ششابب ش ْ ْ
ول﴾ [سورة الفيل] . ف مأْك ٍ شكع ْ ٍ
ص ش ش
الرسول صلى هللا عليه وسلم إىل احلادث؛ فمنوا: َّأما إشارات َّ
أن الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما خرً زمن احلديبية ،ــار حض إذا كان ابلثَّنيَّة الَّيت
َّ
يهبا عليهم منهــا ،بركــت هبــا راحلتــت فقــال النــاس شحـ ْل شحـ ْل .فشـأش شحلـَّ ْ
ت( ،)3فقــالوا خ ت ()2
«ما خ ت القص ـ ـواء ،وما ذاك يا لق ،ولكن َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم
القص ـ ـواء! فقال الن ُّ
حبسها حابس الفيل»
[البخاري ( )2731وأمحد (. ])323/4
وجاء يف ال ِسـ ـ ـ ـ ـ ـرية النَّبويَّة أليب حاذ ما يلي «كان من ش ـ ـ ـ ـ ــأن الفيل َّ
أن ملكاً كان ابليمن
ل عليها ،وكان أهللاـ ــلت من احلب ـ ــة ،يقال لت أبرهة ،بىن كنيسـ ــة بصـ ــنعاء ،فسـ ـ َّـماها القلَّْيس،
وحلف أن يسـ ـ ـ ـ ـ ــري إىل الكعبة فيهدمها ،فهرً ملك من وزعم أنَّت يصـ ـ ـ ـ ـ ــر إليها شح َّت العرب ،ش
ملوك ِحري فيمن أطاعت من قومت يقال لت ذو نفر ،فقاتلت فهايمت أبرهة ،وأخذه ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما أت بت
فَن ا ـ ــتبقائي خري لك من قتلي ،فا ـ ــتبقاه ،وأوثقت ،مثَّ قال لت ذو نفر أيها اَّلك! ح تقتل
اخلثعمي ومن
ُّ حض إذا دان من بالد شخثْـ شعم خرً إليت النُّـ ـ ـ شفْيل بن حبيخرً ائراً يريد الكعبةَّ ،
اجتمع إليت من قبائل اليمن ،فقاتلوه ،فهايمهم ،وأخذ النُّـ ـ ـ ـ شفْيل ،فقال النُّفيل أيها اَّلك! ِإين عا
أبرض العرب ،فال تقتل ،وهااتن يداأ عل قومي ابل َّسـ ـ ـ ـ ـمع ،والطَّاعة ،فا ـ ـ ـ ــتبقاه ،وخرً معت
حض إذا بل الطَّائف خرً إليت مسعود بن م شعتِ يف رجال ثقيف ،فقال أيُّها اَّلك! حنن يشدلُّتَّ ،
( )3أحلت أأ َتادت عل عدم القيام وهو من الحلا .فت البارأ (.)335/5
48
عبيد لك ،ليس لك عندان خال ،وليس بيننا وبينك الَّذأ تريد -يعنون الَّالت َّ -إجا تريد
البيت الذأ َّ
مبكة ،حنن نبعث معك من يدلُّك عليت.
س()1مــات أبو فبعثوا معــت موىل يم ،يقــال لــت أبو ِر ــال ،فهرً معهم َّ
حض إذا كــان ابَّ ش َّم ِ
س رجالً ،يقال لت األ ـ ــود بن مقص ــود عل ِر ال ،وهو الذأ رِج شم قربه ،وبعث أبرهة من اَّ ش َّم ِ
ِ
مقد مة خيلت ،ف مع إليت أهل احلرم ،وأهللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب لعبد اَّطل مئيت بعري ابألرك ،مثَّ بعث أبرهة
آت لقتالَّ ،إجا جئت مكة ،فقال ـ ــل عن شـ ـ ـريفها ،مثَّ أبل ت ِأين ِ احلمريأ إىل أهل َّ
َّ حنشاطة
ألهدم هذا البيت.
إن اَّلك أر ـ ـ ـ ـ ــل مكة ،فلقي عبد اَّطل بن هاش ـ ـ ـ ـ ــم ،فقال َّ حض دخل َّ فانطلق حنشاطة َّ
ـال ،إح أن تقــاتلوه ،إَّجـا جــاء يــدم هــذا البيــت ،مثَّ احنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرا ِ
رت لقتـ ٍ إليــك ليهربك أنـَّت
ما عندان لت قتال ،نهلِي بينت وب البيت ،فَن خلَّ هللا بينت وبينت عنكم .فقال عبد اَّطَّل
حض قدم اَّعسـ ـ ـ ـ ــكر ،وكان «ذو
فو هللا ما لنا بت َّقوة .قال فانطلق معي إليت .قال فهرً معت َّ
ناء فيما نايل بنا؟ فقال ما نفر» هللاـ ــديقاً لعبد اَّطل ،فأاته فقال َي ذا نفر! هل عندكم من ٍ
رجل أ ـ ـ ـ ٍري ح رمن من أن يقتل بكرةً ،أو ع ـ ـ ـيَّةً ،ولكن ـ ــأبعث لك إىل أنيس ـ ــائس
ناء ٍ
الفيل فامره أن يصــنع لك عند اَّلك ما ا ــتطاي من خ ٍري ،ويعظم خطرك ،ومنايلتك عنده .قال
إن هذا ــيِد قريش ،هللاـ ــاح عري َّ
مكة الذأ يطعم النَّاس يف فأر ــل إىل أنيس ،فأاته ،فقال َّ
ال َّس ـهل ،والوحوش يف اجلبال ،وقد أهللاــاب لت اَّلك مئيت بعري ،فَن ا ــتطعت أن تنفعت فانفعت
فَنَّت هللاديق س.
مكة الذأ يش ،وهللا ـ ـ ــاح ِع ِْري َّ
فدخل أنيس عل أبرهة ،فقال أيُّها اَّلك! هذا ـ ـ ــيِد قر ٍ
يطعم النَّاس يف ال َّسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهل ،والوحوش يف اجلبال ،يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتأذن عليك ،وإنَّت أح َّ أن أتذن لت ،فقد
ملالف عليك .فأذن لت ،وكان عبد اَّطَّل رجالً عظيماً ،جســيماً، جاءك ري انهللا ـ ٍ لك ،وح ٍ
ريره ،وأن جيلس حتتت ،فهبا و يماً ،فل َّـما رآه أبرهة ،عظَّمت ،وأكرمت ،وكره أن جيلس معت عل
السالم.
الصالة و َّ
َّ
مكة ،وعل العرب الَّذين ِ
يعظمون هذا البيت، - 2حسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد النَّصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار ،وحقدهم عل َّ
ولذلك أراد أبرهة أن يصـ ـ ــر العرب عن تعظيم بيت هللا ببناء كنيسـ ـ ــة القلَّْيس ،وعل َّ
الر م من
ا ــتعمالت أ ــالي ال َّ ي ،وال َّ هي إح َّ
أن العرب امتنعوا ،ووهللاــل األمر إىل مداه أبن أحدث
الرازأ -رحت هللا تعاىل! -يف قولت تعاىل اعلم َّ
أن س أحد األعراب ،قال َّ يف كنيسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة القلَّْي ِ
ضـ ـ ـ ـ ـلِ ٍيل﴾، ِ
الكيد هو إرادة مض ـ ـ ـ ـ َّـرةٍ ابل ري عل اخلفية( .إن قيل) ش مسَّاه ﴿أششْ شْجي شع ْل شكْي شده ْم ِيف تش ْ
وأمره كان ظاهراً؟ فَنَّت كان يصـ ِـر أن يهدم البيت( .قلنا) نعم لكن الذأ كان يف قلبت شــراً اَّا
أظهر ألنَّت كان يض ــمر احلس ــد للعرب ،وكان يريد هللا ــر ال َّ ـ ـر احلاهللا ــل يم بس ــب الكعبة
عنهم ،وعن بلدهم إىل نفست ،وإىل بلدتت(.)4
( )1ح ه َّم أهللالها اللَّه َّم ،والعرب حتذ األلف والالم منها ،وتكتفي مبا بقي.
( )2شش شعف اجلبال أعاس اجلبال ،أو ريوس اجلبال.
ذر اخل ( 84/1ـ .)91 السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام مع شر أيب ٍ (ِ )3
الرازأ (.)94/32 انظر تفسري َّ
()4
51
- 3التَّضحية يف سبيل َّ
املقدسات:
قام ملك من ملوك ِحري يف وجت جيش أبرهة ،ووقع اَّلك أ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرياً ،وقام النُّـ شفْيل ابن حبي ٍ
ش
اخلثعمي ومن اجتمع معــت من قبــائــل اليمن ،فقــاتلوا أبرهــة ،إح َّأ،م ا،ايموا أمــام اجليش الْ شعشرْمشرم،
ُّ
وبذلوا دماءهم دفاعاً عن َّ
مقد اهتم.
إن ِ
الدفاي عن َّ
اَّقد ات والتَّضلية يف بيلها ،شيء ريايأ يف فطرة النسان. َّ
األمة خمذولون:
َ - 4خ َونة َّ
فهؤحء العمالء الذين تعاونوا مع أبرهة ،وهللااروا عيوانً لت ،وجوا يس ،وأرشدوه إىل بيت هللا
العتيق ليهدمت لعنوا يف الدُّنيا وا خرة ،لعنهم النَّاس ،ولعنهم هللا -ـ ـ ــبلانت وتعاىل -وأهللا ـ ـ ــب
قرب أيب ِر ال رماياً للهيانة والعمالة ،وهللاـ ــار ذاك َّ
الرجل مب و ـ ـاً يف قلوب النَّاس ،وكلَّما مَّر أحد
عل قربه ر ت.
- 5حقيقة املعركة بني هللا وأعدائه:
مكة « نهلِي بينت وب البيت فَن خلَّ هللا بينت وبينت فو هللا
يف قول عبد اَّطل زعيم َّ
مــا لنــا بــت َّقوة» وهــذا تقرير دقيق حلقيقــة اَّعركــة ب هللا وأعــدائ ـت ،فمهمــا كــانــت َّقوة العـ ِ
ـدو
فَ،ا ح تس ــتطيع الوقو حلظةً واحد ًة أمام قدرة هللا وبط ــت ،ونِْقمتت فهو ــبلانت وح ــوده َّ
أأ ٍ
وقت شاء(.)1 واه احلياة ،و البها يف ِ
صـة أهللاـلاب الفيل م ـهورة،
القامسي -رحت هللا! -قال القاشـاينُّ -رحت هللا ! -ق َّ
ُّ قال
الر ـ ــول هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،وهي إحد آَيت قدرة هللا ،وأثر من
وواقعتهم قريبة من عهد َّ
هطت عل شم ِن اج أ عليت هبتك حشرِم ِت(.)2
- 6تعظيم النَّاس للبيت ،وأهله:
ازداد تعظيم العرب لبيت هللا احلرام ،الَّذأ تكفَّل حبفظت ،وحايتت من عبث اَّفسـدين ،وكيد
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب فارس ،ص .112
( )2انظر حما ن التَّفسري ،للقامسي (.)262/17
52
()1
العدو ،وكان
الكائدين ،وأعظمت العرب قري اً ،وقالوا هم أهل هللا ،قاتل هللا عنهم ،وكفاهم َّ
مكةِ ،
ويطهر الكعبة من األواثن ،ويعيد يا نب يبعث من َّ ذلك آيةً من هللا تعاىلِ ،
ومقدمةً لبعثة ٍ
ما كان يا من ٍ
رفعة ،وشأن(.)2
يبوة:
قصة الفيل من دالئل الن َّ
َّ - 7
اَّاوردأ -
ُّ ُّبوة ،ودححهتا ،ومن هؤحء قال بعض العلماء َّ
إن حادثة الفيل من شـ ـ ـ ـ ـواهد الن َّ
ُّبوة ظاهرة ،ت ـ ــهد مباديها ابلعواق ، رحت هللا! -حيث يقول آَيت اَّلك ابهرة ،وش ـ ـ ـواهد الن َّ
حبق ،وحبسـ ـ ـ ـ َّقوهتا ،وانت ـ ـ ــارها تكون ب ـ ـ ــائرها، ـدق ،وح منتلل ٍ فال يلتبس فيها كذب بص ـ ـ ـ ٍ
نبوتت ،وظهرت آَيت
وإنذارها ،ولـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما دان مولد ر ول هللا هللال هللا عليت و لم تعاطرت آَيت َّ
بركت ـ ـ ـ ـ ـ ــت ،فكان من أعظمها شأانً ،وأشهره ـ ـ ـ ـ ـ ــا عياانً ،وبياانً أهللالاب الفيل ...إىل أن قال وآية
قصة الفيل أنَّت كان يف زمانت حشْالً يف بطن ِأمـت مب َّكة ألنَّـت ولد الر ول هللال هللا عليت و لم يف َّ َّ
األول،
بعد طس ـ ـ يوماً من الفيل ،وبعد موت أبيت ،يف يوم الثن الثاين ع ـ ــر من شـ ــهر ربيع َّ
فكانت آيةً يف ذلك من شو ْج شه ْ
أحدمها َّأ،م لو ظفروا لسـبوا ،وا ـ قوا ،فأهلكهم هللا -تعاىل -لصـيانة ر ـولت هللاـل هللا
السب حشْالً ،ووليداً.
عليت و لم أن جيرأ عليت َّ
والثَّاين أنَّت يكن لقريش من التألُّت ما يس ـ ـ ــتلقُّون بت رفع أهللا ـ ـ ــلاب الفيل عنهم ،وما هم
الرجعة،
ابلايندقة ،أو مان ٍع من َّ أل،م كانوا ب عابد هللاـ ـ ـ ــن ٍم ،أو متديِن وث ٍن ،أو ٍ
قائل َّ أهل كتاب َّ
ُّبوة ،وتعظيماً للكعبة .ول ـ ـ ـ ـ َّـما انت ر يف
ولكن ل ـ ـ ـ ـ َّـما أراد هللا تعاىل من ظهور ال الم ،أت يساً للن َّ
العرب ما هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــنع هللا تعاىل يف جيش الفيل ،هتيَّبوا احلرم ،وأعظموه ،وزادت حرمتت يف النُّفوس،
ودانت لقريش ابلطَّاعة ،وقالوا أهل هللا ،قاتل عنهم ،وكفاهم ش
كيد ِ
عدوهم ،فايادوهم ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريفاً،
كل ٍ
عام السقاية (والوفادة مال هرجت قريش يف ِ السدانة ،و ِ
وتعظيماً ،وقامت قريش يم ابلوفادة ،و ِ
نبوتت»(.)2 الَّذأ ولد يف ذلك العام عند البيت ،أو اموعهما ،و ُّ
أأ ذلك كان فهو من دحئل َّ
وقــال ابن كث ٍري -رحــت هللا! -عنــدمــا حتــدَّث عن حــادثــة الفيــل «كــان هــذا من ابب
الرهاص ،والتَّوطئة َّبعث ر ـ ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم ،فَنَّت يف ذلك العام ولد -عل
أشـ ــهر األقوال -ولسـ ــان حال القدرة يقول ينصـ ــركم َي مع ـ ــر قريش! عل احلب ـ ــة خلريتكم
حمم ٍد -هللاـ ــلوات
األمي َّ
َّب ِعليهم ،ولكن هللاـ ــيانةً للبيت العتيق الَّذأ ـ ــن ـ ـ ِـرفت ،ونوقِره ببعثة الن ِ
هللا ،و المت عليت -خاذ األنبياء»(.)3
- 8حفظ هللا للبيت العتيق:
يدمروا البيت احلرام ،أو يسيط ـ ـ ـ ـ ـ ــروا يقدر ألهل الكتاب(أبرهة وجنوده) ،أن ِأن هللا ِ وهي َّ
حض وال ِ رك يدنِس ـ ــت ،واَّ ركون هم دنتت ليبق هذا البيت عتيقاً من عل األرض َّ
اَّقد ـ ــةَّ ،
حض تنبت فيها لطان اَّتسلِط ،مصوانً من كيد الكائدين ،وليلفم يذه األرض ِ
حريتهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاَّ ،
فيها طا ية ،وح يهيمن عل العقيدة اجلديدة حَّرًة طليق ـ ـ ـ ـ ـةً ،ح يهيمن عليها لطان ،وح يط
الدين الذأ جاء ليهيمن عل األدَين ،وعل العباد ،ويقود الب ـ ـ ـ ـ ـ ـريَّة ،وح يقاد ،وكان هذا هذا ِ
أن نب هذا ِ
الدين قد ولد يف هذا العام(.)4 من تدبري هللا لبيتت ،ولدينت ،قبل أن يعلم أحد َّ َّ
ونطمئن إزاء ما نعلمت من أطماي فاجرةٍ ماكرةٍ، َّ وحنن نس ـ ـ ـ ــتب ـ ـ ـ ــر ن اء هذه الدَّحلة اليوم،
ِ
للماوردأ ،ص 185ـ .189 ُّبوة ،
انظر أعالم الن َّ
()1
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم أش ـ ــر الناس نس ـ ــباً ،وأكملهم شخ ْلقاً ،وخلقاً ،وقد ورد يف َّ
إن الن َّ
َّب هللاــل هللا شــر نســبت هللاــل هللا عليت و ــلم أحاديث هللاــلا منها ما رواه مســلم َّ
أن الن َّ
وجل -اهللاـ ــطف من ولد إبراهيم إمساعيل ،واهللاـ ــطف من ب عاي َّ عليت و ـ ــلم قال « َّ
إن هللا َّ -
إمساعيل كنانة ،واهللا ــطف من كنانة قري ـ ـاً ،واهللا ــطف من قريش ب هاش ــم ،واهللا ــطفاين من ب
هاشم» [سبق خترجيه] .
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،فقال «هو البهارأ -رحت هللا! -نسـ ـ ـ الن ِ ُّ وقد ذكر المام
ص ـ ـ ـ ـ ِي ،بن
حممد بن عبد هللا ،بن عبد اَّطل ،بن هاش ـ ـ ـ ــم ،بن عبد منا ،بن ق ش أبو القا ـ ـ ـ ــمَّ ،
كالب ،بن مَّرةش ،بن كع ،بن ل شؤ ِأ ،بن ال ،بن فهر ،بن مالك ،بن النَّض ـ ـ ــر ،بن كِنانة ،بن
د ،بن عدانن» [البخاري تعلي قاً (- 205/7 خايمية ،بن م ْد ِركة ،بن إلياس ،بن مض ـ ـ ـ ـ ـ ــر ،بن نِايا ِر ،بن مع ِ
شش
. ])206
وأ يف شـ ـ ــر ال ُّس ـ ـ ـنَّة ( ])193/13بعد ذكر النَّس ـ ـ ـ إىل عدانن «وح يص ـ ـ ـ ُّ وقال الب ُّ
حفم النَّس فوق عدانن».
وقال ابن القيِم بعد ذكر النَّسـ إىل عدانن أيضـاً «إىل هنا معلوم الص َّ
ـلة ،متَّفق عليت ب
أن عدانن من ولد النَّ َّس ـ ـ ـاب ،وح خال ألبتةش ،وما فوق عدانن ملتلف فيت ،وح خال بينهم َّ
إمساعيل عليت السالم»(.)1
وقــد جــاء عن ابن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ٍـد يف طبقــاتــت «األمر عنــدان المسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاك ع َّم ـا وراء عــدانن إىل
إمساعيل»(.)2
الايبري أنَّـ ـت قـ ــال «مـ ــا وجـ ــدان شم ْن يعر وراء عـ ــدانن ،وح قلطـ ــان إح وعن عروشة بن ُّ
يهتم بعاليها،
الرفيع يرفع هللا ـ ــاحبت عن ـ ــفا ـ ــف األمور ،وجيعلت ُّ
وطي اَّعدن ،والنَّسـ ـ ـ َّ
الر ــل ،والدُّعاة رهللاــون عل تايكية أنســاهبم ،وطهر أهللاــالهبم ،ويعرفون عند النَّاس وفضــائلها .و ُّ
بذلك ،فيلمدو،م ،ويثقون هبم(.)3
أن هللا -بلانت وتعاىل -ميَّاي واَّا تب َّ يتَّض لنا من نسبت ال َّ ريف ،دحلة وا لةً عل َّ
ضـ ـل قري ـ ـاً عل ــائر القبائل األخر ،ومقتضـ ـ حمبَّة ر ــول هللا العرب عل ــائر النَّاس ،وف َّ
هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم حمبَّة القوم الذين ظهر فيهم ،والقبيلة اليت ولد فيها ،ح ِم ْن حيث األفراد
ألن احلقيقة العربيَّة القرش ـيَّة قد شــر كل منها - ااردة ،ذلك َّ واجلنس بل من حيث احلقيقة َّ
وح ري -ابنتسـاب ر ـول هللا هللاـل هللا عليت و ـلم إليها ،وح ينايف ذلك ما يللق من ـوٍء،
وجل -و َّ
احنا عن مس ــتو عاي َّ بكل شم ْن قد احنر من العرب ،أو القرش ــيِ عن هللا ـ ـراط هللا َّ - ِ
ودأ
ألن هذا اححنرا ،أو اححنطاط من شــأنت أن ي ش الكرامة ال ــالميَّة اليت اختارها هللا لعباده َّ
الر ول هللال هللا عليت و لم ،ويل يها من احعتبار(.)4
نسبة بينت وب َّمبا كان من ٍ
( )3انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب فارس ،ص .102
( )4انظر فقت السرية للبوطي ،ص .45
58
وهب ،ورؤاي آمنة ِّأم الن ِّ
َّب ص ـ ــلى هللا اثنياً:زواج عبد هللا بن عبد املطلب من آمنة بنت ٍ
عليه وسلم:
الذب ،وفداه عبد كان عبد هللا بن عبد اَّطل من أح ِ ولد أبيت إليت ،ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما ُا من َّ
مكة نسباً ،وهي آمنة بنت وه ٍ ابن عبد منا مبئة من البلَّ ،زوجت من أشر نساء َّ ٍ اَّطل
بن زهرة بن كالب(.)1
تويف بعد أن حلت بت هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم آمنة ،ودفن ابَّدينة عند و يلبث أبوه أن ِ
عدأ بن النَّ ار» ،فَنَّت كان قد ذه بت ارةٍ إىل ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـام ،فأدركتت منيَّتت ابَّدينة أخوالت ب « ِ
مهمتك يف احلياة ،وهذا كأن القدر يقول لت قد انتهت َّ وهو راجع ،وترك هذه النَّ شس شمةش اَّباركة ،و َّ
وجل -حبكمتت ورحتت تربيتت ،وأتديبت ،وإعداده لخراً الب ـ ـريَّة عاي َّ يتوىل هللا َّ - اجلن الطَّاهر َّ
من الظُّلمات إىل النُّور.
َّب هللاــل
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم .قيل للن ِ
و يكن زواً عبد هللا من آمنة هو بداية أمر الن ِ
هللا عليت و ــلم ما َّأول بدء أمرك؟( )2فقال ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم «أان دعوة أيب
أمي أنَّت خرً منها نور أ ــاءت منت قصــور ال َّ ـام» [أمحد ()262/5 إبراهيم ،وب ــر عيس ـ ،ورأت ِ
واملعجم الكبري ( )7729وجممع الزوائد (. ])221/8
ودعوة إبراهيم عليت الس ـ ـ ــالم هي قولت ﴿ربـَّنا وابـع ْ ِ
ث في ِه ْم شر ـ ـ ـ ـوحً ِمْنـه ْم يشـْتـلو شعلشْي ِه ْم آَي ش
تك ش ش ش ْش
احل ِ ْمةش شويـشايكِْي ِه ْم إِن ش ويـعلِمهم الْ ِكتشاب و ِْ
كيم﴾ [البقرة. ]129 :
ت الْ شع ِايياي ْش َّك أشنْ ش احلك ش ش ش شش
عاي وجل -حاكياً عن اَّس ـ ــي عليت وب ـ ــر عيس ـ ـ عليت الس ـ ــالم كما أش ـ ــار إليت قولت َّ -
أ ِم شنص ِدقًا لِ شما بشْ ش يش شد َّ السالم ﴿وإِ ْذ قش شال ِعيس ابن مرش َيب ِ إِ رائِيل إِِين ر ول َِّ
اَّلل إِلشْيك ْم م ش ش ْ شْ ش ْ ش ش ش ش
ات قشالوا شه شذا ِ ـ ـ ـ ـ ْلرشحد فشل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما جاءهم ِابلْبـيِنش ِ
شش ْ ش ول شرِْل ِم ْن بشـ ْع ِدأ ْ
امست أ ْ ش التـَّوراةِ ومب ِ ـ ـ ـ ـرا بِر ـ ـ ـ ـ ٍ
ْش ش ش ً ش
مبِ ﴾[الصف. ]6 :
وقولت هللال هللا عليت و لم «ورأت ِأمي كأنَّت خرً منها نور أ اءت منت قصور ال َّام».
قال ابن رج «وخروً هذا النُّور عند و عت إشارة إىل ما جييء بت من النُّور الَّذأ اهتد بت
ولد احلبي اَّص ـ ــطف هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يوم الثن بال خال ٍ ،واألكثرون عل أنَّت
حثنيت ع رة ليلةً خلت من شهر ربي ٍع األول(.)1
واامع عليت أنَّت هللال هللا عليت و لم ولد عام الفيل( ،)2وكانت وحدتت يف دار أيب طال ٍ ،
ب ع ب هاشم(.)3
قال أمحد شوقي -رمحه هللا! -يف مولد احلبيب املصطفى صلى هللا عليه وسلم :
شوفش ـم الـ َّـايشمـ ـ ـ ـان تــب ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم شوثشـ ـنش ـ ـ ـاء ولِـ شد ايـ شد فشـالْ شكـائِنشـات ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيــاء
( )4
لل ـ ِـدي ِن شوال ـ ُّـدنْـيشـ ـا بِـ ـت ب ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشراء الـ ُّـرو ،واَّ ـ اَّــالئ ـ ـ ــك شح ـ ْولشـ ـ ـ ـت
صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شماء ِ شواْل شع ْرش يشـ ْايهو ،واحلش ِظرية تشـ ْايشدهي
واَّْنـتشـ شه والسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْد شرة الْ شع ْ
ك الْ ش ْ شرباء ت ِم ْس ـ ـ ـ ـكاً بِ ش ضـ ـ ـ ـ ـ َّو شع ْ
شوتش ش ت ك بش َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـشر هللا ال َّسـ ـ ـ ـ ـ ـ شماءش فشـاييِنش ْبِ ش
شوشم شسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـايه مبل َّم ـ ـ ـ ٍد شو َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبشـاحـت يـوم يتِيــت عل َّ ِ
الايشمـان ش شْ ش ش
ِِ ِ
ت شعل تي ش ـاْ ،م أش ْ
هللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شداء وعلشـ ْ ش ت ت عروش الظَّـ ـاَّ ش فشـايلْ ِايلشـ ـ ْ ذ ِعشر ْ
اض اَّ ـ ـاء شطشـ ـ ـ شد ْ ِ والنَّ ـ ـار شخ ـ ـا ِويـ ــة اجلششوانِـ ـ ِ شح ْوشي ْم
ت شذ شوائبه ـ ــا شو شـ ـ ـ ش
() 5
ِجـ ـ ـ ـ ِْربي ـ ـ ــل شرَّوا ِهبـ ـ ـ ـا شـ ـ ـ ـدَّاء وا أ تشـ ـ ـ ـ ْ ش ،واخلشـ ـ ـ ـوا ِرق شَّـ ـ ـ ـة
( )1انظر هللالي ِ
السرية النَّبويَّة ،لبراهيم العلي ،ص .47وينظر ال كالن ( 6و )7يف الصفلت ( 742و.)743
السرية النَّبويَّة ،حبن كثري (.)203/1( )2انظر ِ
( )3انظر وقفات تربوية مع ِ
السرية النَّبويَّة ،ص .47
( )4ب راء ع ب ري.
( )5انظر ديوان شوقي (.)35 ، 34/1
60
شـاعر األديب اللِّيب ،األســتاذ حممد بشــري امل ريب ،يف ذكر مولد َّ
الرســول وقد قال ال َّ
الصادرة يف بن ازي:
صلى هللا عليه وسلم عام 1947م ،يف جريدة الوطن َّ
لشـ ـ ِك ـ ـ َّن يـ ــوم ـ ـ ـاً ح يشـ ـ ـشايال فش ـ ـتِ ـ ـيَّ ـ ـ ـا الايشمـ ـ ـ ـان ِم شن احلي ـ ـ ــاةِ عتيَّـ ـ ـ ـا بشـشل ش َّ
يف موك ٍ شج شع شل ال ِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ش شم ِطَّيا األحقاب م يشةش فشاتِ ٍ ِ مي ي عل
هللاـ ـ ـ ـ ـ ـبش ش شات شج شها األشبْ ِد ََّي شع ْرشـ ـ ـ ـ ـ ـاً فأ ْ األع شوام يف َّأَي ِم شه ـ ـ ـا ت لشـ ـ ـت ْ شِه ـ ـ ـ شذ ْ
هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـبِيَّا ومضت بِِت األجيال خطْو ِ
الر شش ـ ـ ـ ـ ـ ـ شاد شوشكا شن قشـْبل ش بشـلش ش َّ ات شم ْن ش ْش شش ْ
ِ ِ ِ ٍ
ِ
ل ـ ـ ـ ْل ـ ـ ـ شعـ ـ ـ ـالشـ ـ ـم ـ ـ ـ ْ ش » وع ـ ـ ـَّايةً ورق ـ ـ ـيَّ ـ ـ ـا أع ِظ ْم بِيشـ ْوم شج ـ ـاءش شْم ـ ـل « شر ْحشـ ـةً
ِ ْ
ِ ِ
أ ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شل هبشا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـُّر احلياة شجليَّا ِ ِ
ت ب ـ ـت لل شك ـ ـائنـ ــات شحقيقـ ــة ِ ِ ِ ِ
ول ـ ـ شد ْ
األانم شت قيَّ ـ ـ ـا ش لِيش ِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شري ل خر يق إىل الْ شوشر وىل الطَّر ش شوأ ششان شر يف األ ش
()1
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيشـاء إليَّـا ع ِ فشـ شقـ ْد رجع ال ِ
ششش ش الدنْـيشا تشقول لِ ش ـ ْم ِس ـ شها ت بِت ُّ شك شاد ْ
وقال أيضاً يف اندي طرابلس ال رب الثَّقايف يف القاهرة يف عام 1949م:
ول العـ ـ ـ ـ ــذ ْ أش ْش ـ ـ ـ ــدو شعلشـ ـ ـ ـ ـ شر ْ ـ ـ ـ ـ ـ ِم ش شمـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـاس شوشمـ ـ ـ ـ ـ ــا ِيب ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـن طـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ
ـول
شكأ َّش ،ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْفر جلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـل الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ـماء إين أطشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالِع يف َّ
ـولكاَّالئ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك يف مث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ ـت س ـوم شَتشثَّـلشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ
و شأر النُّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ش
الر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ شوالْبش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْدر ِخ ْل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شـعاعت
ـايول
ـالة يف نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ شو ْحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شـي ِ ش
ـولالْ شك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـون مْبـتشه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً يشـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ ت ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـن ش ِمي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِر وإِذشا بِصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ٍ
ش ش ْ
ِ ِ َّ
يف مث ـ ـ ـ ــل شه ـ ـ ـ ــذأ الليل ـ ـ ـ ــة الْـ ـ ـ ـ ـ ـ شَّراء قشـ ـ ـ ـ ـ ْد شول ـ ـ ـ ـ شـد
ول الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ْ فش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـو شق ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـروايب و ُّ ـور حمش َّمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد ول الرـ ـ ـ ـ ـ ْ
ششـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـع نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـَّـ
شوأ ش
الايشم ـ ـ ـ ــا شن شوشك ـ ـ ـ ــا شن قشـْب ـ ـ ـ ـ ــل يش ِه ـ ـ ـ ــيم يف لشْي ـ ـ ـ ــل شمـ ـ ـ ـ ـ ش َّ
والسالم:الصالة َّ عليه ()َّ2 رابعاً :مرضعاته
طش ِو ْ
يل
كانت حا نتت هللال هللا عليت و لم ُّأم أمين بركة احلب يَّة شأمةش أبيت ،وأول من أر عتت ثـ شويْـبشـة
أن َّأم حبيبة ر ـ ـ ــي هللا عنها أخربهتا عمت أيب ي ( .)3فمن حديث زين ابنة أيب ـ ـ ــلمةَّ ، أمة ِ
ش
َّأ،ا قالت َي ر ـ ـ ــول هللا! انْ ِك ْ أخيت بنت أيب ـ ـ ــفيان ،فقال « شأوحتبِ ذلك؟» فقلت نعم،
أح ُّ من ش ــارك يف خ ٍري أخيت .فقال النب هللا ــل هللا عليت و ــلم « َّ
إن لس ــت لك مبهلية ،و ش
ـت أيب ـ ـ ـ ـ ـ ــلمــة .قــال «بنــت ِأم ـَان حنشـدَّث أنـَّك تريــد أن تنك بنـ ش ذلــك ح ـ ُّـل س» قلــت فـ َّ
وكان من ش ـ ـ ــأن ِأم أمينِ ،أم أ ـ ـ ــامة بن زيد َّأ،ا كانت وهللا ـ ـ ــيفةً لعبد هللا بن عبد اَّطل ،
ول هللا هللال هللا عليت و لم ،بعدما تويف أبوه ،فكانت وكانت من احلب ة ،فل َّـما ولدت آمنة ر ش
يد ابن حارثة،حض شكِ شرب ر ـول هللا هللاـل هللا عليت و ـلم ،فأعتقها ،مثَّ أنْ شك شل شها ز ش
ُّأم أمين حتضـنتَّ ،
مسة أشه ٍر[ .البخاري ( )2630ومسلم (])1771 مث توفيت بعدما تويف ر ول هللا هللال هللا عليت و لم
السعديَّة مرضعته يف بين سعد(:)1
1.ـ حليمة َّ
تقص علينا خرباً فريداً عن بركات احلبي اَّصـ ــطف هللاـ ــل هللا عليت وهذه حليمة ال َّس ـ ـعدية ُّ
و لم اليت َّستها يف نفسها ،وولدها ،ورعيها ،وبيتها.
عن عبد هللا بن جعفر ر ي هللا عنهما قال ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما ولد ر ول هللا هللال هللا عليت و لم
مبكة .قالت قدمت حليمة بنت احلارث ،يف نس ـ ـ ــوةٍ من ب ـ ـ ــعد بن بكر يلتمس ـ ـ ــن ُّ
الر ـ ـ ــعاء َّ
أاتن س ،قمراء( ،)2ومعي زوجي احلارث بن عبد َّ
العاي ، حليمة فهرجت يف أوائل النِسـ ــوة عل ٍ
ابلرك شار ( )4وهللا ما ()3
أحد ب عد بن بكر ،مثَّ أحد ب ان رة ،قد أدمت أاتننا ،ومعي َّ
حض خلص إليهم اجلش ْهد ،ومعي ابن س، ـنة ش ــهباء( ،)6قد جاي النَّاس َّ ب! يف ـ ٍ تشبِ ُّ
ض( )5بقطرة ل ٍ
وهللا ما ينام ليلنا! وما أجد يف يدأ ش ــيئاً أعلِلت بت ،إح أان نرجو ال يث ،وكانت لنا نم ،فنلن
نرجوها.
مكة ،فما بقي منَّا أحد إح عرض عليها ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ، فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما قدمنا َّ
الظئر ،و سـ ـ ــن إليها الوالد ،فقلنا ما عس ـ ـ ـ أن تصـ ـ ــنع بنا وإجا يك ِرم ِ
فكرهتت ،فقلنا إنَّت يتيمَّ ،
فكل هللاواحب أخذت ر يعاً ،فل َّـما أجد ريه رجعت إليت ،وأخذتت، عمت ،أو جدُّهُّ ، أ ُّمت ،أو ُّ
ـذن هــذا اليتيم من ب عبــد وهللا مــا أخــذتــت إح أين أجــد ريه! فقلــت لص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحب وهللا خـ َّ
دروس وعربٌ:
ٌ -1
السيدة حليمة: َّب صلى هللا عليه وسلم على َّ أ -بركة الن ِّ
ـيء ،ظهرت يف إدرار ثدييها ،و ايارة كل شـ ٍ فقد ظهرت هذه الربكة عل حليمة ال َّس ـعدية يف ِ
حليبهــا ،وقــد كــان ح يكفي ولــدهــا ،وظهرت بركتــت يف ـ ـ ـ ـ ـ ــكون ِ
الطفــل ولــدهــا ،وقــد كــان كثري
يؤرقها ،ومينعها من النَّوم ،وإذا هو شبعان اكن جعل َّأمت تنام ،وتس ي . ألمتِ ، البكاء ،مايع اً ِ
تدر ش ــيئاً ،وإذا هبا تفيض من اللَّب الكثري الَّذأ وظهرت بركتت يف ش ــياههم الع فاوات ،الَّيت ح ُّ
يعهد.
ب -كانت هذه الربكات من أبرز مظاهر إكرام هللا له:
وليس فقا أن أكرم بسـ ــببت بيت حليمة ال َّس ـ ـعدية اليت ت ـ ـ َّـرفت نر ـ ــاعت ،وليس من ذلك
رابة ،وح ع ( ،)2فه ْلف ذلك حكمة أن َّ أهل هذا البيت هذا ِ
الط فل ،و نوا عليت، ش ش
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب فارس ،ص .105
السرية ،ص .61 ، 60 ( )2انظر فقت ِ
للسهيلي (.)188/1
الروض األنف ُّ ، َّ
()3
65
ُّبوة ،ودحئل اختيار هللا َّإَيه ألم ٍر جليل(.)1 عد ،من إرهاهللاات الن َّ ٍ
مالك « َّ
أن الصدر يف هللا ره ،فعن أنس بن ٍ شق َّ وقد رو المام مسلم يف هللاليلت حادثة ِ
ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم أاته جربيل وهو يلع مع ال لمان ،فأخذه ،فص ـ ـرعت ،ف ـ َّـق
حم ال َّ ـيطان منك ،مثَّ ســلت يف عن قلبت فا ــتهرً القل ،فا ــتهرً منت شعلش شقةً ،فقال هذا ُّ
ت من ذه مباء زمايم ،مثَّ أل ششمت( ،)2مثَّ أعاده يف مكانت ،وجاء ال لمان يس ـ ـ ــعون إىل ِأمت - طشسـ ـ ـ ـ ٍ
ْ
إن حممداً قد قتل ،فا ــتقبلوه وهو مْنـتش ِقع اللون .قال أنس ر ــي هللا عنت يع ِظْئـشره -فقالوا َّ
وقد كنت أر أثر ذلك اَّهيا يف هللادره»[ مسلم ( )261/162وأمحد ( )149/3والبيوقي يف الدالئل (. ])5/2
َّامة ،والقدرة عل أن احعتماد عل الكسـ ـ احلالل يكسـ ـ النس ــان ِ
احلريَّة الت َّ ـك َّ وح ش ـ َّ
صـ ـ ـ ـ ـ ْدي هبا( ،)3وكم من الناس يطأطئون ريو ـ ـ ـ ــهم للطُّ اة ،ويس ـ ـ ـ ــكتون عل احلق ،وال َّ قول كلمة ِ
ابطلهم ،وجيارو،م يف أهوائهم خوفاً عل وظائفهم عندهم!(.)4
قيمة يف النَّاس ،إذا ما كان كسبت ،ورزقت من وراء أأ ٍ أأ دعوةٍ لن تقوم لدعوتت ُّ إن هللااح ِ َّ
اس ِم ْن عطاَي النَّاس ،وهللادقاهتم ،ولذا كان هللااح الدَّعوة ال الميَّة أحر دعوتت ،أو عل أ ٍ
يف ح ا ـ ــت داء فيت النَّاس كلِهم أبن يعتمد يف معي ـ ــتت عل جهده ال َّ ـ ـهصـ ـ ِـي ،أو ٍ
مورد ش ـ ـر ٍ
ألحد من النَّاس ِمنَّة ،أو فض ــل يف دنياه ،فيعوقت ذلك من أن يص ــدي بكلمة حض ح تكون عليت ٍ َّ
َّ
إن هللا تعاىل هللاـ ــان نبيَّت هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم عن شـ ــرك اجلاهليَّة ،وعبادة األهللاـ ــنام .رو
َّب
المام أحد يف مس ـ ــنده عن ه ـ ــام بن عروة ،عن أبيت ،قال حدَّث جار خلدجية أنَّت مسع الن َّ
العاي أبداً» [أمحد هللاــل هللا عليت و ــلم وهو يقول خلدجية «أأ خدجية! وهللا ح أعبد الالَّت ،و َّ
السابق نفست.
اَّصدر َّ
()3
71
( )222/4و( . ])362/5قال وهي أهللاـ ــنامهم الَّيت كانوا يعبدون ،مثَّ يضـ ــط عون( .)1وكان ح ركل ما
ذب عل النُّص ،ووافقت يف ذلك زيد بن عمرو بن نفيل(.)2
وقد حفظت هللا تعاىل يف شبابت من نايعات ال َّباب ،ودواعيت الربيئة ،الَّيت تنايي إليها ال ُّبوبيَّة
علي بن أيب طال ٍ ر ـ ـ ــي هللا بطبعها ،ولكنَّها ح تالئم وقار ايداة ،وجالل اَّرش ـ ـ ــدين( .)3فعن ِ
عنت قال مسعت ر ول هللا هللال هللا عليت و لم يقول «ما لمت بقبي اَّا كان أهل اجلاهليَّة
لفض كــان معي من مرت من الــدَّهر ،كلتيهمــا يعص ـ ـ ـ ـ ـ ــم هللا منهمــا ،قلــت ليلـةً ً يهمون بــت ،إح َّ ُّ
مبكة ،كما حض أمسر هذه اللَّيلة َّ إس نمي َّمكة يف أ نام ألهلت يرعاها أبص ـ ـ ـ ـ ـ ــر َّ قريش أبعل َّ
مكة ،مسعت ناءً ،و ـ ـ ـ ـ ـ ــرب يس ـ ـ ـ ـ ـ ــهر الفتيان .قال نعم .فهرجت ،ف ئت أدَّن دار من دور َّ
تايوً امرأة من يش َّ دفو ٍ ،ومايامري ،فقلــت مــا هــذا؟ فقــالوا فالن َّ
تايوً فالنــة -لرجـ ٍـل من قر ٍ
حر ال َّ ـ ـمس، ص ـ ـوت حض لبت عي ،فما أيقظ إح ُّ يش -فلهوت بذلك ال ناء وبذلك ال َّ قر ٍ
فرجعــت فقــال مــا فعلــت؟ فــأخربت ـت ،مثَّ قلــت لــت ليل ـةً أخر مثــل ذلــك ،ففعــل ،فهرجــت
فس ـ ـ ــمعت مثل ذلك ،فقيل س مثل ما قيل س ،فلهوت مبا مسعت حض لبت عي ،فما أيقظ
مس ال َّمس ،مثَّ رجعت إىل هللااحب ،فقال فما فعلت؟ قلت ما فعلت شيئاً. إح ُّ
ـوء اَّا يعمل أهل قال ر ـ ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم «فوهللا ما لمت بعدها بس ـ ـ ـ ـ ٍ
[أبو نعيم يف الدالئل ( )128والبيوقي يف السـ ـ ـ ــنن الكرب ( )34 - 33/2والبزار ()2403 بنبوتت»
حض أكرم هللا َّ
اجلاهليَّةَّ ،
وجممع الزوائد (. ])226/8
يوضح لنا حقيقتني كالً منوما على ٍ
جانب كب ٍري من األمهيَّة: احلديث ُِّ وهذا
َّب هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم كان متمتعاً صـ ـ ــائص الب ـ ـ ـريَّة كلِها ،وكان جيد يف َّ - 1
إن الن َّ
ـاب من ملتلف اَّيول الفطرية ،الَّيت اقتضـ ـ ـ ــت حكمة هللا أن جيبل النَّاس كل شـ ـ ـ ـ ٍ
نفسـ ـ ـ ــت ما جيده ُّ
متعةِ ،
س مبعىن ال َّس ـ ـ ـمر واللَّهو ،وي ـ ـ ــعر مبا يف ذلك من ٍ
وحتدثت نفسـ ـ ــت لو َتتَّع عليها ،فكان ِ ُّ
يء من ذلك ،كما يتمتَّع ا خرون. ب ٍ
كل ما ح وجل -قد عصــمت مع ذلك من يع مظاهر اححنرا ،ومن ِ عاي َّ إن هللا َّ - َّ - 2
الر َّحال
وم ْن معهم من كنانة ،وب هوازن ،و ببها أن عروةش َّ اندلعت هذه احلرب ب قريش ش
()2
الرباض بن قيس بن عْتـبشةش بن هوازن أجار لطيمةً للنُّعمان بن اَّنذر إىل ـ ـ ـ ـ ـ ــوق عكا ،فقال َّ
الرباض يطلبن كنانة أدريها عل كنانة؟ قال نعم ،وعل اخللق كلِت .فهرً هبا عروة ،وخرً َّ
75
بل حبر
حض ي َّرد إليت حقُّت ما َّ فتعاقدوا ،وحتالفوا ابهلل ليكون َّن يداً واحدةً مع اَّظلوم عل الظَّا َّ ،
هللاوفشةً ،وما بقي شجبشال ثبري وحراء مكا،ما(.)1
بيدأ ،فدفعوها إليت. الاي ِمث م وا إىل العاص بن وائل ،فانتايعوا منت لعة َّ
ت قريش هذا احللف حلف الفضول ،وقالوا لقد دخل هؤحء يف فضل من األمر. ومسَّ ْ
ش
الايبري بن عبد اَّطل ويف هذا احللف قال ُّ
أحَّ يقيم ببطْ ِن م َّك ـ ـ ـة ظشـ ـ ـاِ ول تشـ شع ـ ـ ـاقشـ ـ ـدوا إن الفض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ش َّ
ش ش
يهم ـ ـ ــا (ِ )2 وشحت ـ ـ ـ ـ ـ ـأـ ـْـشمـ ـ ـرـ ـ ـ ـ ـ ـشعالشلْشيـ ـ ـِتـ ـ ـ ـتشــ ـ ـشـع ـ ـا ـ ـشقـ ـ ـدف ـوـا ـ ـ ـ ـ ـوـتـشــ ـشـوـا ـثــشـ ـ ـقوواا
اجلشار شوالْم ْع شُّ ف ْ فش ْ شش
َّب هللال هللا عليت و لم هذا احللف الذأ هدموا بت هللار الظُّلم ،ورفعوا بت منار ُّ ن ال حضر قد
احلق ،وهو يعترب من مفاخر العرب ،وعرفا،م حلقوق النسان( ،)3وقد قال هللال هللا عليت و لم ِ
أن س حْر النَّعم وأِين أنكثت» [أمحد
ش «شهدت حلف اَّطيِب مع عموميت وأان الم ،فما أح ُّ َّ
( )190/1والبخاري يف األدب املفرد ( )567وأبو يعلى ( 844و 845و. ])846
أن س بت حْشر النَّعم،وقال أيض ـاً «لقد شــهدت يف دار عبد هللا بن جدعان حلفاً ما أح ُّ َّ
ولو دعيت بت يف ال الم ألجبت» [البيوقي يف السنن الكرب ( )367/3وابن هشام (. ]142 - 141/1
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)213/1
الايائر من ري البالد.( )2اَّع َّ
( )3انظر ِ
السرية النَّبوية ،أليب شهبة (.)214/1
الصليلة ،للعمرأ (.)112/1 ( )4انظر ِ
السرية النَّبويَّة َّ
( )5انظر فقت السرية النَّبوية ،لل ضبان ،ص .110
76
ـ ـ َّـد الظاَّ فقا عندما ينالون أبأ هللا ـ ــورةٍ ،وح ي ـ ـ ـ ط الوقو إن الظُّلم مرفوض ِ َّ - 3
إن ال ـ ـ ـ ـ ــالم أقل الناس(َّ .)1 من الدُّعاة إىل هللا ،بل مواجهة الظَّاَّ قائمة ولو وقع الظُّلم عل ِ
ارب الظُّلم ،ويقف قان اَّظلوم ،دون النَّظر إىل لونت ،ودينت ،ووطنت ،وجنست(.)2
- 4جواز التَّلـالف والتَّعـاهـد عل فعـل اخلري فهو من قبيـل التَّعـاون اَّـأمور بـت يف القرآن
اَّللِ شوحش ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْهشر ْ
ين شآمنوا حش ِحتلُّوا شش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شعائِشر َّ َّ ِ
أ شوحش احلششر شام شوحش ا ْيشْد ش ﴿َيأشيـُّ شها الذ ش
الكر .قال تعاىل ش
احلرام يـبـتشـ و شن فش ْ ِ ِِ ِ ِ
اهللاطشادوا شوحش شْجي ِرشمنَّك ْم ضالً م ْن شرهب ْم شوِر ْ شواانً شوإِ شذا شحلشْلت ْم فش ْ ت ْشش ش شْ الْ شقالشئ شد شوحش آم ش الْبشـْي ش
احلششرِام أش ْن تشـ ْعتشدوا شوتشـ شع شاونوا شعلش الِْ ِرب شوالتَّـ ْق شو شوحش تشـ شع شاونوا شعلش هللادُّوك ْم شع ِن الْ شم ْس ِ ِد ْ ٍ
ششنشآن قشـ ْوم أش ْن ش
اَّلل شش ِديد الْعِ شق ِ ا ِل ِْمث والْع ْدو ِان واتـَّقوا َّ ِ
اب﴾[املائدة]2 :
اَّللش إ َّن َّش ش ش ش
مطلوب شـ ــرعاً ،عل ٍ وجيوز للمسـ ــلم أن يتعاقدوا يف مثل هذه احلال ألنَّت أتكيد ل ـ ـ ٍ
ـيء
اَّوجهة ـ ــد نوي من احلايبيَّة َّ يتلول التعاقد إىل ٍ ض ـ ـرار ،حبيث َّ أح يكون ذلك شـ ــبيهاً مبس ـ ـ د ال ِ
مس ـ ـ ـ ـ ــلم آخرين ظلماً ،وب ياً ،و َّأما تعاقد اَّس ـ ـ ـ ـ ــلم مع ريهم عل دفع ظل ٍم ،أو يف مواجهة
ظاٍ فذلك جائاي يم ،عل أن تللم يف ذلك مص ـ ـ ـ ـ ــللة ال ـ ـ ـ ـ ــالم واَّس ـ ـ ـ ـ ــلم يف احلا ـ ـ ـ ـ ــر
أن س واَّس ــتقبل ،ويف هذا احلديث دليل ،والدَّليل فيت قولت هللا ــل هللا عليت و ــلم «ما أح ُّ َّ
عدل ،ومينع من ظل ٍم ،أو النكث بت مقابل حر النَّعم، بت حْر النـَّعم» [ســ ـ ـ ــبق خترجيه] َّا ِقق من ٍ
ش
وقولت هللاــل هللا عليت و ــلم «ولو دعيت بت يف ال ــالم ألجبت» [ســبق خترجيه] ،ما دام أنَّت يردي
الظَّا عن ظلمت ،وقد ب َّ هللا ــل هللا عليت و ــلم ا ــتعداده لإلجابة بعد ال ــالم َّن انداه هبذا
احللف(.)3
- 5عل اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم أن يكون يف جمتمعت إجيابياً فاعالً ،ح أن يكون رقماً من األرقام عل
حما أنظار جمتمعت، َّب هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم َّ
هامش األحداث يف بيئتت وجمتمعت ،فقد كان الن ُّ
الرجال والنِس ــاء عل
حض َّإ،م لقبوه ابألم ،وقد هفت إليت قلوب ِ وهللا ــار مض ــرب اَّثل فيهمَّ ،
ال َّسـ ـواء بس ــب اخللق الكر الذأ حبا هللا تعاىل بت نبيَّت هللا ــل هللا عليت و ــلم ،وما زال يايكو،
حض تعلقت بت قلوب قومت ،وهذا يعطينا هللاورًة حيَّةً عن قيمة األخالق يف ااتمع ،وعن وينمو َّ
77
اح ام هللااح اخللق ولو يف ااتمع اَّنلر (.)1
***
الرجال ومال ،تسـ ـ ــتأجر ِ كانت خدجية بنت خويلد ر ـ ـ ــي هللا عنها أرملةً( )1ذات شـ ـ ــر ٍ ٍ ،
حممد هللاــل هللا عليت و ــلم هللاــدق حديثت ،وعظم أمانتت ،وشكشرم ليتَّ روا مبايا ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما بل ها عن َّ
أخالقت ،عر ـ ـ ـ ــت عليت أن خيرً يف مايا إىل ال َّ ـ ـ ـ ـ ـام اتجراً ،وتعطيت أفض ـ ـ ـ ــل ما تعطي ريه من
حممد هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم التُّ ار ،فقبل ،و ـ ـ ــافر معت المها ميسـ ـ ــرة ،وقدما ال َّ ـ ـ ـام ،وابي َّ
مكة ،وابعت خدجية ما أحضره السلع ،فل ـ َّـما رجع إىل َّلعتت الَّيت خرً هبا ،واش ما أراد من ِ
يا تضاعف مايا.
الرحلة عل فوائد عظيمة ابل ــافة إىل الر ــول هللا ـل هللا عليت و ــلم يف هذه ِ وقد حصــل َّ
مر ابَّدينة الَّيت هاجر إليها من بعد ،وجعلها مركاياً لدعوتت ،وابلبالد اليت األجر الَّذأ انلت إذ َّ
فتلها ،ون ــر فيها دينت ،كما كانت رحلتت ــبباً لايواجت من خدجية ،بعد أن حدَّثها ميس ــرة عن
مساحتت ،وهللا ـ ــدقت ،وكر أخالقت( ،)2ورأت خدجية يف مايا من الربكة ما تر قبل هذا ،وأخربت
ب ــمائلت الكرمية ،ووجدت ــالَّتها اَّن ــودة ،فتلدثت مبا يف نفســها إىل هللاــديقتها نفيســة بنت
يتايوً خدجية( ،)3فر ـ ـ ـ ـ ــي بذلك ،وعرض ذلك عل أعمامت، منبِت ،وهذه ذهبت إليت تفاحتت أن َّ
وتايوجها ر ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل
عمت حاية بن عبد اَّطل ،فهطبها إليتَّ ، فوافقوا كذلك ،وخرً معت ُّ
تايوجها ر ول هللا هللال هللا عليت و لم هللا عليت و لم وأهللادقها ع رين بشكرًة ،وكانت َّأول امرأةٍ َّ
()4
ت لر ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم حض ماتت ر ـ ــي هللا عنها ،وقد شولش شد ْ يتايوً ريها َّ و َّ
الم ،وأربع بنات .وابناه لا القا ـ ـ ـ ــم ،وبت كان هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم يكىن ،وعبد هللا،
ويلق ابلطَّاهر ،والطَّيِ . َّ
ــنةً ،اجتمعت قريش لت ديد بناء حممد هللا ــل هللا عليت و ــلم طس ـاً وثالث
ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما بل َّ
ـيل جار ٍ هللا ــدَّي جدرا،ا ،وكانت ح تايال كما بناها إبراهيم
الكعبة َّا أهللا ــاهبا من حريق ،و ـ ٍ
عليت الس ــالم شر ــماً( )2فوق القامة ،فأرادوا هدمها لريفعوها ،ويس ــقفوها ،ولكنَّهم هابوا هدمها،
وخــافوا منــت ،فقــال الوليــد بن اَّ رية أان أبــديكم يف هــدمهــا ،فــأخــذ اَّعول ،مثَّ قــام عليهــا ،وهو
يقول اللَّ َّ
هم نايغ! وح نريد إح اخلري.
82
،دم منها ف بَّص النَّاس تلك الليلة ،وقالوا ننظر ،فَن أهللا ــيالركن
وهدم من انحية ُّ
شــيئاً ،ورددانها كما كانت ،وإن يصــبت شــيء فقد ر ــي هللا ما هللاــنعنا ،فأهللاــب الوليد ادَيً
ضر كاألش ْ نمة( )1اخذ بعضها ب ٍ
بعض. يهدم ،وهدم الناس معت حض انتهوا إىل ح ارةٍ خ ْ
ٍ
بناحية ،واش ـ ـ ك ـ ــادة قريش ،وشـ ــيوخها يف نقل كل ٍ
قبيلة ص ـ ـوا َّ
جاييوا العمل وخ ُّ
وكانوا قد َّ
وعمت العباس يف بناء الكعبة ،وكاان
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ُّ ،
احل ارة ،ورفعها ،وقد ش ـ ــارك الن ُّ
اجعل إزارك عل رقبتك يقيك من َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم
ينقالن احل ارة ،فقال العباس للن ِ
فهر إىل األرض( ،)2وطملت عيناه إىل ال َّسـ ـ ـ ـماء ،مثَّ آفاق ،فقال «إزارأ! إزارأ!»،
احل ارةَّ ،
[البخاري ( )1582ومسلم (. ])340 ف َّد عليت إزاره
كل ٍ
قبيلة تريد أن ترفعت إىل مو ـعت دون فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما بل وا مو ـع احل ر األ ـود اختصـموا فيتُّ ،
األخر ،وكادوا يقتتلون فيما بينهم ،لوح َّ
أن أاب أمية بن اَّ رية قال َي مع ـ ـ ـ ـ ـ ــر قريش! اجعلوا
حممد
بينكم فيما هتلفون فيت َّأول شم ْن يدخل من ابب اَّس د .فل ـ ـ ـ ـ َّـما توافقوا عل ذلك دخل َّ
هلموا
هللال هللا عليت و لم ،فل ـ َّـما رأوه قالوا هذا األم ،قد ر ينا .فل ـ َّـما أخربوه اخلرب ،قال « ُّ
قبيلة بناح ٍية من الثَّوب ،مثَّ ارفعوا
كل ٍ الركن فيت بيديت ،مثَّ قال «لتأخ ْذ ُّ
ثوابً» ،فأتوه بت ،فو ـ ـ ـ ــع ُّ
[احلاكم ( )459 - 458/1وعبد الرزاق حض إذا بل وا مو ـ ـ ـ ــعت ،و ـ ـ ـ ــعت بيده ،مثَّ بىن عليت.
يعاً» فرفعوهَّ ،
( )101 - 100/5والبيوقي يف الدالئل (. ])57 - 56/2
وأهللاب ارتفاي الكعبة شاين ع رة ذراعاً ،ورفع ابهبا عن األرض حبيث يصعد إليت بدرً لئال
التسرب إىل جوفها ،وأ ند قفها كل أحد ،فيدخلوا من شايوا وليمنعوا اَّاء من ُّ يدخل إليها ُّ
ش
صـ ـرت هبا النَّفقة الطَّيبة عن إَتام البناء عل قواعد إىل ـتَّة أعمدةٍ من اخل ـ ـ ،إح َّ
أن قري ـ ـاً ق َّ
إمساعيل ،فأخرجوا منها احلِ ْ ر ،وبنوا عليت جداراً قص ـ ـ ـرياً دحلةً عل أنَّت منهاَّ ،
أل،م ـ ــرطوا عل
أنفس ــهم أحَّ يدخل يف بنائها إح نفقة طيِبة ،وح يدخلها مهر ب ِ ٍي ،وح بيع رابً ،وح مظلمة ٍ
أحد ش
فض التنازي كانت موفَّقةً ،وعادلةً ،ور ـ ـ ـ ـ ـ ــي هبا اجلميع ،وحقنت دماءً كثريًة، - 3طريقة ِ
وأوقفت حروابً طاحنةً ،وكان ِم ْن عدل حكمت هللاـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم أن ر ـ ـ ـ ـ ـ ــيت بت يع
القبائل ،و تنفرد ب ــر و ــع احل ر قبيلة دون األخر ،وهذا ِم ْن توفيق هللا لر ـولت هللاــل هللا
الصف ــا عليت و لم ،وتسدي ــده قبل بعثت ــتَّ .
إن دخول ر ول هللا هللال هللا عليت و لم من ب ــاب َّ
( )1انظر وقفات تربويَّة ،ص ، 57وانظر ر الة األنبياء ،لعمر أحد عمر (.)30 ، 29/3
(ِ )2
السرية النَّبويَّة ،للبوطي ،ص .58 ، 57
84
حلل هـ ـ ـ ـ ـ ــذه األزمة اَّستعصية ،الَّيت حلَّت نفسياً قبل أن حت َّل عل الواقع ،فقد
كان قش شدراً من هللا ِ
حممد هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،فهو األم الَّذأ ح يشظْلِم ،وهو األم
أذعن اجلميع َّا يرتض ـ ــيت َّ
الَّذأ ح ايب ،وح يفسد ،وهو األم عل البيت ،واألروا ،و ِ
الدماء(.)1
َّب هللال هللا عليت و لم األدبيَّة َّ - 4
إن حادثة دديد بناء الكعبة قد ك فت عن مكانة الن ِ
القرشي( ،)2وحصل لر ول هللا هللال هللا عليت و لم يف هـ ــذه احلادثـ ــة شرفان شر
ِ يف الو ا
فصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل اخلصــومة ،ووقف القتال اَّتوقَّع ب قبائل قريش ،وشــر تنافس القوم عليت و َّادخره هللا
لنبيِت هللاــل هللا عليت و ــلم ،أح وهو و ــع احل ر األ ــود بيديت ال َّ ـريفت ،وأخذه من البســاط
بعد رفعت ،وو عت يف مكانت من البيت(.)3
َّ - 5
إن اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم جيــد يف حــادثــة دــديــد بنــاء الكعبــة كمــال احلفم الي ِي ،وكمــال التَّوفيق
الرَّاب ِين يف رية ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،كما يالحم كيف َّ
أن هللا أكرم ر ولت هللال هللا َّ
حل اَّ ـ ــكالت أبقرب طر ٍيق ،وأ ـ ــهلت ،وذلك ما تراه يف
عليت و ـ ــلم هبذه القدرة ايائلة عل ِ
حياتت كلِها هللال هللا عليت و لم ،وذلك معلشم من معا ر التت ،فر التت إيصال لللقائق أبقرب
طر ٍيق ،وحل للم كالت أب هل أ ٍ
لوب ،وأكملت(.)4
- 6من حفم هللا لنبيِت هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم يف ش ـ ـ ــبيبتت ،عن أقذار اجلاهليَّة ،وأدرا،ا،
فهر إىلومعائبها ،ما وقع لت عندما كان ينقل احل ر ،أثناء بناء الكعبة ،ورفع إزاره عل رقبتتَّ ،
ت عينت إىل ال َّس ـ ـ ـ ـماء ،مثَّ آفاق يقول إزارأ! إزارأ! ف ـ ـ ـ ــد عليت إزاره ،فما رئِ شي
األرض ،وطش شم شل ْ
بعد ذلك ع ْرَيانً هللال هللا عليت و لم [البخاري ( )1582ومسلم (. ])340
86
وقد وقع التَّلريف يف نس التَّوراة ،والُيل ،وح ِذ منهما التَّصري اب م َّ
حممد هللال هللا
وحرمت
عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم ،إح توراة (ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـامرة) ،وإُيل (براناب) الذأ كان موجوداً قبل ال ـ ـ ـ ـ ــالم َّ
الكنيس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة تـداولـت يف آخر القرن اخلـامس اَّيالدأ ،وقـد أيـَّدتـت اَّهطوطـات اليت عثر عليهـا يف
حممد هللاــل منطقة البلر اَّيت حديثاً ،فقد جاء يف إُيل (براناب) العبارات اَّصـ ِـرحة اب ــم الن ِ
َّب َّ
ونص العبارة «- 29
هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،مثل ما جاء يف الهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــلا احلادأ واألربع منتُّ ،
هللا ،وطردلا اَّالك ميهائيل من الفردوس - 30 .فلما التفت آدم رأ مكتوابً فوق فاحت
حممد ر ول هللا»(.)1
الباب ح إلت إح هللا َّ
حمم ٍد هللال هللا عليت و لم عندهم
قال ابن تيميَّ ـ ـ ــة «واألخبار مبعرف ـ ـ ــة أهل الكتاب بصفة َّ
يف الكت اَّتقدمة متواترة عنهم» مثَّ قال «مثَّ العلم َّ
أبن األنبياء قبلت بش َّروا بت يعلم من وجوه
أحدها ما يف الكت اَّوجودة اليوم أبيدأ أهل الكتاب.
الثاين إخبار من وقف عل تلك الكت ،اَّن أ ـ ــلم ،واَّن يس ـ ــلم ،مبا وجدوه من ذكره
هبا وهذا مثل ما تواتر عن األنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار َّ
أن جريا،م من أهل الكتاب كانوا خيربون مببعثت ،وأ نَّت
ر ول هللا ،وأنَّت موجود عندهم ،وكانوا ينتظرونت ،وكان هذا من أعظم ما دعا األنصار إىل الميان
حض آمن األنصار بت ،وابيعوه»(.)2
بت ل َّـما دعاهم إىل ال المَّ ،
فمن حديث ـ ـ ــلمة بن ـ ـ ــالمة بن وقش ر ـ ـ ــي هللا عنت ،وكان من أهللاـ ـ ــلاب بد ٍر ،قال
«كان لنا جار من يهود يف ب عبد األشـ ـ ـ ـ ــهل ،قال فهرً علينا يوماً من بيتت قبل مبعث النَّ ِب
ٍ
شح شدث هللا ــل هللا عليت و ــلم بيس ـ ٍري ،فوقف عل جملس عبد األش ــهل ،قال ــلمة وأان يومئذ أ ْ
علي بردة مضــط عاً فيها بفناء أهلي ،فذكر البعث ،والقيامة ،واحلســاب ،واَّيايان،شم ْن فيت ــناًَّ ،
أن بعثاً كائن بعد لقوم وكانوا أهل ٍ
شرك ،وأهللالاب أوثـان ،ح يـرون َّ واجلنَّة ،والنَّار ،فقال ذلك ٍ
(.])226 - 225/1
حمم ٍد
الايبور ما فيت تصري بن َّبوة َّ
وقد قال ابن تيميَّة -رحت هللا! « -قد رأيت أان من ن شس ِ َّ
نئذ فال ميتنع أن ابلايبور فلم أر ذلك فيها ،وحي ٍ
هللال هللا عليت و لم ابمست ،ورأيت نسهةً أخر َّ
ش
َّب هللال هللا عليت و لم ما ليس يف أخر »(.)3
يكون يف بعض النُّس من هللافات الن ِ
وقد ذكر عبد هللا بن عم ٍرو ر ـ ــي هللا عنهما هللا ـ ــفة ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يف
َّب َّإان أر ــلناك شــاهداً
التَّوراة ،فقال «وهللا! إنت َّوهللاــو يف التَّوراة بصــفتت يف القرآن َي أيها الن ُّ
بفم ،وح ٍ
ليم، وحرزاً ل ميِ ( ،)4أنت عبدأ ،ور ــوس ،مسَّيتك اَّتوكِل ،ليس ٍ ومب ـ ـراً ونذيراًِ ،
ـه ٍ
اب يف األ ـ ـواق( ،)5وح يدفع ابل َّسـ ـيِئة ال َّسـ ـيِئة ،ولكن يعفو ،ويص ــف ،ولن يقبض ــت هللا وح ـ َّ
88
أبن يقولوا ح إلت إح هللا ،ويفت بت أعيناً عمياً ،وآذاانً هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــماً، ()1 حض يقيم بت َّ
اَّلة العوجاء َّ
[البخاري ( 2125و )4838وأمحد ( )174/2والبيوقي يف الدالئل (. ])375 - 374/ وقلوابً لفاً»
ومن حديث كع األحبار ،قال « ِإين أجد يف التَّوراة مكتوابً َّ
حممد ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا ،ح فم،
وح ليم ،وح ش ـ ـ ـ َّهاب يف األ ـ ـ ـواق ،وح جيايأ ال َّس ـ ـ ـيئة ابل َّس ـ ـ ـيئة ،ولكن يعفو ،ويص ـ ــف َّ ،أمتت
ويكربونت عل كل ٍ
ُد ،رتايرون إىل أنصـ ـ ــافهم ،ويو ِ ـ ـ ـئون كل مناي ٍلةِ ، احلمادون ،مدون هللا يف ِ َّ
هللا ـ ـفُّهم يف القتال ـ ـواء ،مناديهم ينادأ يف ِ
جو ال َّس ـ ـماء ،يم يف ص ـ ـالة و ش
هللا ـ ـفُّهم يف ال َّ
أطرافهم ،ش
[البيوقي يف الدالئل كدوأ النَّلل ،مولده َّ
مبكة ،ومه ره بطابة ،وملكت ابل َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـام» جو اللَّيل دوأ ِ
(.])377 - 376/1
س ِ ُّ ِ ِ ِ ِِ ِ
شحيشـْيـنشاه شو شج شع ْلنشا لشت ن ًورا ميشْ ي بت يف النَّاس شك شم ْن شمثشـلت يف الظل شمات لشْي ش
تعاىل ﴿أ ششوشم ْن شكا شن شمْيـتًا فشأ ْ
ِ ارًٍِ ِمْنـها شك شذلِ ِ ِ ِ
ن﴾ [األنعام. ]122 :
ين شما شكانوا يشـ ْع شملو ش ك زي شن ل ْل شكاف ِر ش ش ش ش
قض ــية اقتالي جرثومة الفس ــاد ،وا ــتئص ــال ش ــأفة الوثنيَّة ،واجتثاثها من جذورها حبيث ح
يبق يا ع ،وح أثر ،وتر ــي عقيدة التَّوحيد يف أعماق النَّفس النس ــانيَّة تر ـ ــيهاً ح يتص ـ َّـور
لللق يت لَّ عل ِ
كل ميل إىل إر ــاء هللا ،وعبادتت ،وخدمة النســانيَّة ،واحنتصــار ِ فوقت ،و رس ٍ
كل ش ـ ـ ـ ـ ـ ــهوةٍ ،وجير َّ
كل مقاومة وابجلملة األخذ ِحب ش ِاي النسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانيَّة اَّنتلرة الَّيت ر ٍبة ،ويقهر َّ
ا ــت معت قواها للوثوب يف جليم الدُّنيا وا خرة ،وال ُّس ـلوك هبا عل طر ٍيق َّأويا ــعادة ظ
هبا العارفون اَّؤمنون ،وآخرها جنَّة اخللد الَّيت و ِعد اَّتَّقون ،وح تصـ ــوير أبل ،وأهللاـ ــدق من قولت
اَّللِ شِ ًيعا شوحش تشـ شفَّرقوا
صموا ِحبشْب ِل َّ حممد هللال هللا عليت و لم (﴿ )1و ْاعتش ِ
ش اَّن ببعثة َّ تعاىل يف معرض ِ
هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبش ْلت ْم بِنِ ْع شمتِ ِت إِ ْخ شواانً شوكْنـت ْم شعلش واذْكروا نِعمةش َِّ
اَّلل شعلشْيك ْم إِ ْذ كْنـت ْم أ ْشع شداءً فشأشلَّ ش
ف بشْ ش قـلوبِك ْم فشأش ْ ْش ش
ن﴾ [آل عمران.]103 : آَيتت لش شعلَّك ْم شهتْتشدو ش اَّلل لشكم ِ شش شفا ح ْفرةٍ ِمن النَّا ِر فشأشنْـ شق شذكم ِمْنـ شها شك شذلِ ش ِ
ك يـبش َّ ْ ْ ش ش
نبوته صلى هللا عليه وسلم : - 4إرهاصات َّ
ُّبوة ،فعن جابر بن نبوتت هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم تسـ ــليم احل ر عليت قبل الن َّ
ومن إرهاهللاـ ــات َّ
علي قبل ِ شمسرشة قال قال ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم « ِإين ألعر ح راً َّ
مبكة كان يســلم َّ ش
ص ـ ـادقة ،وهي أن أبعثِ ،إين ألعرفت ا ن» [أمحد ( )89/5ومس ــلم ( )2277والرتمذي ( ])3624ومنها ُّ
الريَي ال َّ
[البخاري ( )3ومسلم (])160 الصب
أول ما بدئ لت من الوحي ،فكان ح ير ريَي إح جاءت مثل فلق ُّ
وحبِ إليت هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم العايلة ،والتَّلنُّث «التعبد» ،فكان خيلو يف ار حراء -وهو
ريب من َّ
مكة -ويتعبَّد فيت اللياس ذوات العدد ،فتارًة ع ـ ـ ــرة، ماس ال ِ
جبل يقع يف اجلان ال َّ ـ ـ ـ ـ ِ
يتايود من ٍ
جديد واترةً أكثر من ذلك إىل شهر ،مثَّ يعود إىل بيتت ،فال يكاد ميكث فيت قليالً حض َّ
91
خللوةٍ أخر ،ويعود إىل ار حراء ،وهكذا إىل أن جاءه الوحي وهو يف إحد خلواتت تلك(.)1
األول
املبحث َّ
نزول الوحي على سيِّد اخللق أمجعني صلى هللا عليه وسلم
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم قد بل األربع من عمره ،وكان خيلو يف ار حراء بنفســت كان الن ُّ
الاياد
حض إذا نفد َّ ويتفكر يف هذا الكون ،وخالقت ،وكان تعبُّده يف ال ار يس ـ ــت رق لياس عديد ًة َّ َّ
ألوللليال أخر ،ويف ،ار يوم الثن من ش ـ ـ ــهر رمض ـ ـ ــان جاءه جربيل َّ
()1 فتايود ٍ عاد إىل بيتتَّ ،
البهارأ يف هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــليلت حديث عائ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنها، ُّ مرةٍ داخل ار حراء( ،)2وقد نقل َّ
صـ ـ ـلا ،وكت ال ُّسـ ـ ـنن ،واَّس ـ ــانيد ،وكت التاري » ،فعن عائ ـ ــة ر ـ ــي هللا البهارأ «أبو ال ِ
ُّ و
صـ ـاحلة يفالريَي ال َّ عنها ،قالت « َّأول ما بد ءش بت ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم من الوحي ُّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ،مثَّ حِب ش إليت اخلالء ،ف كان خيلو ب ار النَّوم ،فكان ح ير ريَي إح جاءت مثل فلق ال ُّ
ويتايود لذلك،ي إىل أهلتَّ ، ِ ِ
حراء ،فشـيشـتش شلنَّث فيت -وهو التَّعبُّد -اللياس ذوات العدد ،قبل أن يشـْن ِاي ش
احلق وهو يف ــار حر ٍاء ،ف ــاءه اَّلــك ،فقــال حض جــاءه ُّ فيتايود َّثلهــاَّ ،
مثَّ يرجع إىل خــدجيــة َّ
ش
اجلهد ،مثَّ أر ل ،فقال اقرأ، ش حض بل م اقرأ ،قال «ما أان بقارئ» .قال «فأخذين ،ف شطَّ َّ
اجلهد ،مثَّ أر ـ ــل ،فقال اقرأ ،فقلت ش حض بل م قلت ما أان بقارئ ،فأخذين ف طَّ الثانية َّ
ما أان بقارئ ،فأخذين ف طَّ الثالثة ،مثَّ أر ـ ـ ـ ـ ــل ،فقال ﴿اقْـرأْ ِاب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِم ربِ ِ
ك الَّذأ شخلش شق ش
*خلش شق ش ْ ش ش
ِ
*علَّ شم ا ِلنْ شسا شن شما شْ يشـ ْعلش ْم ﴾ ا ِلنْ شسا شن ِم ْن شعلش ٍق *اقْـشرأْ شوشربُّ ش
ك األش شكشرم *الَّذأ شعلَّ شم ِابلْ شقلشِم ش
[العلق. »]5 - 1 :
فرجع هبا ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم يشـ ْرجف فؤاده ،فدخل عل خدجية بنت خويلد،
الرْوي ،فقال خلدجية ،وأخربها اخلرب لقد شخ ــيت فقال شزِملوين ،شزِملوين ،فشـشايَّملوه َّ
حض ذه عنت َّ
مهمة تتعلَّق عندما نتأمل يف حديث ال َّس ـ ـ ـيدة عائ ـ ـ ــة ميكن للباحث أن يسـ ـ ــتنتت قضـ ـ ــاَي َّ
ألهابسرية احلبي اَّصطف هللال هللا عليت و لم ،ومن ِ
الصاحلة:
أوالً :ال يرؤاي َّ
حممد هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم من أن َّأول ما بدئ بت َّ ففي حديث عائ ـ ــة ر ـ ــي هللا عنها َّ
ص ـ ـ ـ ـادقة ،واَّراد هبا هنا ري طيبة ين ـ ـ ـ ـر يا ابلريَي ال َّ
ص ـ ـ ـ ـاحلة ،وتسـ ـ ـ ـ َّـم أحياانً ُّ
الريَي ال َّ
الوحي ُّ
()8
لعل احلكمة من ابتداء هللا تعاىل ر ـ ـ ـ ـولت هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم الرو .و َّ ص ـ ـ ـ ـدر ،وتايكو هبا ُّ
ال َّ
ابلريَي ،وأاته اَّلك ف أ ًة ،و يس ـ ـ ـ ـ ـ ــبق لت أن رأ شملشكاً من قبل، ابلوحي ابَّنام أنَّت لو يبتدئت ُّ
يتلق منت ش ــيئاً لذلك اقتض ــت حكمة هللا تعاىل فقد يص ــيبت ش ــيء من الفايي ،فال يس ــتطيع أن َّ
صـ ـ ـاحلة جايء من ـ ـ ٍـتة
صـ ـ ـادقة ال َّ الريَي ال َّ ()9
أن رتيت الوحي َّأوحً يف اَّنام ليتدرب عليت ،ويعتاده .و ُّ
( )2وتكس اَّعدوم تعطي الناس ما ح جيدونت عند ريك من نفائس الفوائد ،ومكارم األخالق.
احلق الكوارث ،واحلوادث. ِ ( )3نوائ
ِر اخلري. السالم ـ هللااح
النَّاموس هو جربيل ـ عليت َّ
()4
الر ول هللال هللا عليت و لم ،لعبد القادر ال ي إبراهيم ،ص .57 انظر منامات َّ
()9
94
ُّبوة -كما ورد يف احلديث ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريف -
[البخاري ( )6983وأمحد ( )126/3وابن ماجه وأربع جايءاً من الن َّ
البيهقي ،و ينايل عليت
ُّ الصاحلة تَّة أشه ٍر» ذكره الريَي َّ
( ])3893وقد قال العلماء «وكانت مدَّة ُّ
شيء من القرآن يف النَّوم بل نايل كلُّت يقظةً.
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم قولت
صـاحلة من الب ــر يف احلياة الدُّنيا ،فقد ورد عن الن ِ الريَي ال َّ
و ُّ
ص ـ ـ ـاحلة ،يراها اَّس ـ ــلم ،أو تـر لت» [أمحد
ش الريَي ال َّ يبق من مب ِ ـ ـ ـرات الن َّ
ُّبوة إح ُّ «أيها النَّاس! إنَّت ش
( )219/1ومسلم ( )479وأبو داود ( )876والنسائي ( )189/2وابن ماجه (. ])3899
فكان هللا ــل هللا عليت و ــلم قبل نايول جربيل عليت الس ــالم عليت ابلوحي يف ار حراء ير
لكل ما يف احلياة من ال( .)1لقد ص ـ ـ ـ ـ ـدر ،متفتِ النَّفس ِ
الري اجلميلة ،فيص ـ ـ ـ ــلو من ـ ـ ـ ــر ش ال َّ
الرواَيت من حديث (بدء الوحي) َّ
أن أول ما بدئ بت ر ـ ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم أ عت ِ
الصاحلة ،يراها يف النَّوم فت يء يف اليقظة كاملةً ،وا لةً كما رآها يف الصادقة َّالريَي َّمن الوحي ُّ
السيدة عائ ة النَّوم ،ح ي ي عليـ ـ ـ ــت منها شيءَّ ،
كأجا نق ت يف قلب ـ ـ ـ ــت ،وعقل ـ ـ ـ ــت ،وقد ششبَّهت َّ
ر ـ ــي هللا عنها -وهي من أفص ـ ـ العرب -ظهور ريَي ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم إذا
الصب ينفلق عنت بش الظَّالم ،وهو تصوير بياين ا تيقم هبا من كمال و وحها ،بظهور وء ُّ
ح تنفلق دنيا العرب يف ذ شرا فصاحتهم عن أبل منت(.)2
اثنياً :مثَّ حبب إليه اخلالء ،فكان خيلو ب ار حراء ،فيتحنث فيه:
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم اخللوة ليتفرغ قلبت ،وعقلت ،وروحت ُّبوة حبِ إىل نفس الن ِ وقبيل الن َّ
فاهذ من ار حراء متشـ شعبَّداً لينقطع عن م ـ ـ ـ ـ ـ ــا ل احلياة ُّبوةَّ ،
إىل ما ش ـ ـ ـ ـ ـ ـيلق إليت من أعالم الن َّ
الروحية ،وإحس ـ ــا ـ ــاتت النَّفس ـ ـ ـيَّة ،ومداركت
وملالطة اخللق ،ا ـ ــت ماعاً لقواه الفكريَّة ،وم ـ ــاعره ُّ
العقليَّـة ،تفر ـاً َّنــاجــاة مبــدي الكون ،وخــالق الوجود( .)3وال ــار الــذأ كــان ي َّدد عليــت احلبي ـ
التفكر ،تنظر إىل منته الطَّْر فال تر التأمل ،و ُّ
ُّ اَّص ــطف هللا ــل هللا عليت و ــلم يبعث عل
كأ،ا ـ ـ ـ ــاجد ًة متطامنةً لعظمة هللا ،وإح مساءً هللا ـ ـ ـ ــافيةش األد ،وقد ير شم ْن يكون فيت إح جباحً َّ
حاد البصر(.)4
مكة إذا كان َّ َّ
َّمد الصادق عرجون (.)469/1 حممد ر ول هللا هللال هللا عليت و لم َّ ، ( )1انظر َّ
حو (.)195/1 ( )2انظر األ اس يف السنَّة وفقهها ـ ِ
السرية النَّبويَّة ،لسعيد َّ
( )3انظر فقت ِ
السرية ،لل ضبان.
( )4انظر الطَّريق إىل اَّدينة َّ ،
َّمد العبده.
السنَّة ( ،ص ، )19ط 1978 2دار األنصار ،القاهرة. اَّهتار من كنوز ُّ
()5
96
اثلثاً :حَّت جاءه احل يق وهو يف غار حراء:
جاء اَّلك ،فقال اقرأ ،قال «قلت ما أان بقارئ ...فأخذين ف طَّ الثَّالثة ،مثَّ أر ـ ـ ــل ،
ك األش شكشرم *الَّ ِذأ شعلَّ شم
*خلش شق ا ِلنْ شس ـ ـ ـ ـ ـا شن ِم ْن شعلش ٍق *اقْـشرأْ شوشربُّ ش
فقال ﴿اقْـرأْ ِاب ـ ـ ـ ـ ـ ِم ربِ ِ
ك الَّذأ شخلش شق ش
ش ْ ش ش
ِابلْ شقلش ِم ﴾ [العلق. »]4 - 1 :
ـيء نايل من القرآن الكر ،وفيها التَّنبيت لقد كانت هذه ا َيت الكرميات اَّباركات َّأول ش ـ ـ ـ ـ ٍ
وإن من كرم هللا تعاىل أن علَّم النس ــان ما يعلم ،ف ـ َّـرفت عل ابتداء خلق النس ــان من ٍ
علقةَّ ،
كرمت ابلعلم ،وهو القدر الذأ امتاز بت آدم عليت الس ـ ـ ـ ـ ـ ــالم عل اَّالئكة .والعلم اترةً يكون يف و َّ
األذهان ،واترًة يكون يف اللِسان ،واترًة يكون ابلكتابة ابلبنان ،وهبذه ا َيت كانت بداية َّ
()1
نبوة
عرب عنت ــيِد قط -رحت حمم ٍد هللاــل هللا عليت و ــلم ،لقد كان هذا احلادث ــهماً ،ولقد َّ َّ
حد ،ومهما حاولنا اليوم أن هللا -يف ظاللت ،فقال «إنَّت حادث ـ ــهم جداً ،ـ ــهم إىل ري ٍ
ـتظل خارً تصـ ـ ـ ـ ُّـوران! إنَّت حادث ـ ـ ـ ــهم حبقيقتت، فَن جوان كثريةً منت ـ ـ ـ ـ ُّ حنيا بضـ ـ ـ ــهامتت َّ
و ـ ــهم بدحلتت ،و ـ ــهم راثره يف حياة الب ـ ـريَّة يعاً ،وهذه اللَّلظة الَّيت ذَّ فيها هذا احلادث
مرت هبذه األرض يف اترخيها الطَّويل. تعد -ب ري مبال ٍة -أعظم ٍ
حلظة َّ ُّ
جل جاللت ،العظيم، أن هللا َّ - ما حقيقة هذا احلادث الَّذأ ذَّ يف هذه اللَّلظة؟حقيقتت َّ
تكرم -يف عليائت -فأراد أن يرحم هذه اخلليقة اَّتكرب ،مالك اَّلك كلِت -قد َّ القهارِ ، اجلبَّارَّ ،
الركن الَّذأ يسـ ـ ـ ـ َّـم
اَّسـ ـ ـ ـ َّـماة ابلنسـ ـ ـ ــان ،القابعة يف ركن من أركان الكون ،ح يكاد ير ،هذا ُّ
احد منها ليكون ملتق نوره اليي ،ومس ـ ـ ـ ـ ـ ــتودي حكمتت، كرم هذه اخلليقة ابختيار و ٍاألرض .و َّ
ومهبا كلماتت ،واثل قدره الَّذأ يريده -بلانت -يذه اخلليقة»(.)2
كانت بداية الوحي اليي فيها إشـ ـ ـ ـ ــادة ابلقلم ،وخطره ،والعلم ومنايلتت يف بناء ال ُّ ـ ـ ـ ـ ـعوب،
العلم واَّعرفة(.)3
أخص خصائص النسان ش أبن من ِواألمم ،وفيها إشارة وا لة َّ
فأول ٍ
كلمة يف النُّب ـ َّـوة تصل ويف هذا احلادث العظيم تظهر مكان ــة ،ومنايلة العلم يف ال المَّ ،
ك الَّ ِذأ شخلش شق ﴾
إىل ر ـول هللا هللال هللا عليت و لم هي األمـر ابلقراءة ﴿اقْـشرأْ ِاب ْ ِم شربِ ش
[العلق.]1 :
َّب هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم أربع ـ ــنةً مع قومت ،واشـ ــتهاره فيهم بذلك َّ - 4
إن هللاـ ــدق الن ِ
فالبد أن يكون يســتدعي أن يكون هللاــل هللا عليت و ــلم من قبل ذلك هللاــادقاً مع نفســت ،ولذا َّ
كأن هذه ا ية ـك خيايل لعينيت ،أو فكره ،و َّ أأ ش ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
قد قض ـ ـ ـ ـ ـ يف درا ـ ـ ـ ـ ــتت لظاهرة الوحي عل ِ
ك فشا ْ ـأ ِشل جاءت رداً لدرا ــتت األوىل ل ــأن نفســت مع الوحي ﴿فشَِ ْن كنت ِيف ش ـ ٍ ِ
ك اَّا أشنْـشايلْنشا إِلشْي ش ْش ش
ِ ِ َّ ِ
ين ﴾ ِ
ك فشالش تشكونش َّن م شن الْم ْم ش شاحلش ُّق ِم ْن شربِ ش اب ِم ْن قشـْبل ش
ك لششق ْد شجاءش شك ْ ِ
ين يشـ ْقشرأو شن الْكتش ش
الذ ش
[يونس. ]94 :
ك ،وح
َّب هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم قال بعد نايول هذه ا ية «ح أشـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ ويذا روأ َّ
أن الن َّ
أ أل» [عبد الرزاق ( )10211والسيوطي يف الدر املنثور (. ])389/4
( )1انظر الري واألحالم يف النُّصوص ال َّرعية ،أل امة عبد القادر ،ص .108
( )2انظر زاد اَّعاد يف هدأ خري العباد ( 33/1ـ .)34
101
وكان وقع نايول الوحي شــديداً عل ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم -كما هو وا ـ من
ابلر م من أنَّت كان أشـ ـ ـ ع النَّاس ،وأقواهم قلباً ،كما دلَّت عل ذلك األحداث خالل الن ِ
َّص َّ -
ألن األمر ليس ملاطبة ب ـ ـ ـ ٍر لب ر ،ولكنَّت كان ملاطبة عظيم ثـ ـ ـ ٍ
ـالث وع رين ن ـ ـ ـةً وذلـ ـ ــك َّ
جل وعال -حلمل هذا اَّالئكة ،وهو مل كالم هللا تعاىل ليس ـ ـ ـ ـ ـ ــتقبلت من اهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــطفاه هللا َّ -
الكالم وإبال ت جلميع الب ر.
ولقد كان موقفاً رهيباً ومس ـ ـ ـ ـ ـ ــؤوليَّةً عظم ،ح يقو عليها إح من اختاره هللا تبارك وتعاىل
حلمل هذه ِ
الر الة ،وتبلي ها(.)1
ص ـ ـ ـ ِور رهبة هذا اَّوقف ،ما جاء يف هذه ِ
الرواية ،من قول ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت واَّا ي ش
و لم «لقد خ يت عل نفسي» ،وقول عائ ة ر ي هللا عنها يف هذا احلديث «فرجع هبا
ر ـول هللا هللاـل هللا عليت و ـلم يرجف فؤاده ،فدخل عل خدجية بنت خويلد ر ـي هللا عنها،
الروي».
حض ذه عنت َّ قال ِزملوين! زملوين! َّ
فايملوه َّ
واَّا يبِ ش ـ ـ ـ ــدَّة نايول الوحي عل ر ـ ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ـ ـ ـل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم ،ما أخرجت المام
البهارأ ،ومس ـ ــلم -رحهما هللا! -من حديث عائ ـ ــة ر ـ ــي هللا عنها قالت «ولقد رأيتت - ُّ
تع ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم -ينايل عليت الوحي يف اليوم ال َّ ـديد الربد ،فيشفصــم عنت،
ص ـامت ر ــي هللا عنتص ـد عرقاً» [البخاري ( )2ومســلم ( ])86/2333وحديث عبادة بن ال َّ َّ
وإن جبينت ليشـتشـ شف َّ
ب لذلك ،وتشـشربَّد وجهت»نب هللا هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم إذا أنايل عليت الوحي ك ِر ش قال «كان ُّ
[مسلم ( )2334وأمحد (.])317/5
«فرجع هبا ر ول هللا هللال هللا عليت و لم يشـ ْرجف فؤاده ،فدخل عل خدجية بنت خويلد،
الروي ،فقال خلدجية ،وأخربها اخلرب لقد خ ـ ــيت حض ذه عنت َّ فقال ِزملوين! زملوين! َّ
فايملوه َّ
الكل،
الرحم ،وحتمل َّ عل نفسـ ـ ـ ــي .فقالت خدجية كال ،وهللا ما خياييك هللا أبداً! إنَّك لتصـ ـ ـ ــل َّ
احلق» [البخاري ( )3ومسلم (. ])160ِ الضيف ،وتع عل نوائ وتكس اَّعدوم ،وتقرأ َّ
كان موقف خدجية ر ــي هللا عنها ُّ
يدل عل َّقوة قلبها حيث تفايي من مساي هذا اخلرب،
102
ـكينة ،وح َّ
أدل عل ذلك من ذهاهبا فور مساعها اخلرب إىل ورقة بن وا ـ ــتقبلت األمر ٍ
هبدوء ،و ـ ـ ٍ
نوفل ،وعر ها األمر عليت(.)1
يدل عل ـ ــعة إدراكها حيث قارنت كان موقف خدجية ر ـ ــي هللا عنها من خرب الوحي ُّ
أن من جبِ شل عل مكارم األخالق ح َّب هللال هللا عليت و لم ،فأدركت َّ ب ما مسعت وواقع الن ِ
الرحم ،وكون النسـ ــان يصـ ــل أقاربت دليل عل ا ـ ــتعداده
خياييت هللا أبداً ،فقد وهللا ــفتت أبنَّت يصـ ــل َّ
فَن أقارب النسان هم اَّرآة األوىل لك ف أخالقت، َّفسي لبذل اخلري ،والحسان إىل النَّاس َّ الن ِ
فَن ُ يف احتواء أقاربت ،وكس ـ ــبهم مبا لت عليهم من معرو ٍ كان طبيعياً أن ين يف كس ـ ـ ـ
ريهم من النَّاس(.)2
ِ
الفطرأ ،وإىل كانت ُّأم اَّؤمن ال َّسـ ـ ـ ـ ـيدة خدجية ر ـ ـ ـ ــي هللا عنها قد ـ ـ ـ ــارعت إىل إميا،ا
حممد هللا ــل هللا عليت و ــلم من رهللا ــيد معرفتها بس ــنن هللا تعاىل يف خلقت ،وإىل يقينها مبا ميلك َّ
ألحد من الب ر رهللايد مثلت يف حياتت الطَّبيعيَّة الَّيت يعيش هبا األخالق ،وفضائل ال َّمائل ،ليس ٍ
مبلم ٍد
مع النَّاس ،وإىل ما أيمت بسوابق العناية الرَّابنيَّةالَّيت شهدت آَيهتا من حفاوة هللا تعاىل َّ
الر الة ،وح من إرهاهللااهتا اَّع اية، ُّبوة و ِ
هللال هللا عليت و لم ،يف مواقف تكن من مواقف الن َّ
وأعاجيبها اخلارقة ،ولكنَّها كانت من مواقف الفضــائل النســانيَّة ال َّس ـارية يف حياة ذوأ اَّكارم،
خاهللاة الب ر(.)3
من أهللالاب اَّروءات يف َّ
أبن زوجها فيت من خص ـ ـ ـ ـ ــال اجلبلَّة الكماليَّة ،وحما ـ ـ ـ ـ ــن األخالق َّ
الرهللا ـ ـ ـ ـ ــينة، كانت موقنةً َّ
وفض ــائل ال ِ ـ ـيم اَّر ـ ـيَّة ،وأش ــر ال َّ ـ ـمائل العليَّة ،وأكمل النَّلائاي( )4النس ــانيَّة ،ما يض ــمن لت
اَّمد ِأ( ،)5فقد الفوز و ِقق لت النَّ ا ،والفال ،فقد ا تدلَّت بكلماهتا العميقة عل الكمال َّ
ص ـفات أنَّت حمم ٍد هللاــل هللا عليت و ــلم بتلك ال ِ َّ ا ــتنبطت خدجية ر ــي هللا عنها من اتِصــا
ألن هللا تعاىل فطره عل مكارم األخالق ،و ـ ـ ـ ـ ـ ـربت اَّثل مبا يتعرض يف حياتت للهايأ أبداً َّلن َّ
ذكرتت من أهللاويا اجلامعة لكماحهتا.
ورد اجلميل ألهلت ،فقد كان يف كان ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم مثاحً عالياً للوفاءِ ،
اية الوفاء مع زوجتت اَّهلصــة يف حياهتا ،وبعد ااهتا ،وقد ب َّ ـرها هللاــل هللا عليت و ــلم ٍ
ببيت
جل وعال -و الم جربيل عليت السالم ،فعن أيب هريرة يف اجلنَّة يف حياهتا ،وأبل ها الم هللا َّ -
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ،فقال َي ر ــول هللا! هذه خدجية ر ــي هللا عنت قال «أت جربيل الن َّ
قد أتتك ،معها إانء فيت إدام -أو طعام ،أو ش ـ ـ ـ ـراب -فَذا هي أتتك فاقرأ عليها ال َّس ـ ـ ـ ـالم من
صـ ـ ـ ـ ش » صـ ـ ـ ـ ٍ ح ش
هللاـ ـ ـ ـ شه ش فيت ،وح نش ش
()2 ِ
وجل -وم ،وب ـ ـ ـ ـرها ببيت يف اجلنَّة من قش ش عاي َّ رِهبا َّ -
[البخاري ( )3820ومسلم (.])2432
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم خلدجية بعد وفاهتا بقويا وتذكر عائ ـ ــة ر ـ ــي هللا عنها وفاء الن ِ
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ما رت عل خدجية ،وما رأيتها، ٍ
أحد من نس ـ ــاء الن ِ «ما رت عل
قطعها أعض ـ ــاء ،مثَّ ولكن كان النَّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يكْثِر ذكرها ،ورمبا ذب ال َّ ـ ـ ـاة ،مثَّ ي ِ
ُّ ْ
يبعثها يف هللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدائق خدجية ،فرمبا قلت لت كأنَّت يكن يف الدُّنيا امرأة إح خدجية؟ فيقول َّإ،ا
كانت ،وكانت ،وكان س منها ولد» [البخاري ( )3818ومسلم ( )2435واللفظ للبخاري] .
«َي ليت فيها شج شذعاً! ليت أكون حياً إذ خيرجك قومك! فقال ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت
ودأ ،وإن ملرجي هم؟!» قال نعم رت رجل ُّ
قا مبثل ما جئت بت إح ع ش َّ و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم « شأو
أنصرك نصراً مؤزراً» [البخاري ( )3ومسلم ( ،])160فقد ب َّ احلديث نَّةً من نن األمم ْ يدرْك يومك
عاي وجل -وهي التَّكذي ،والخراً ،كما قال تعاىل عن قوم لوط مع شم ْن يدعوهم إىل هللا َّ -
وط ِم ْن قشـ ْريشتِك ْم إِ َّْ ،م أ شانس يشـتشطش َّهرو شن ﴾
آل ل ٍ
اب قشـ ْوِم ِت إِحَّ أش ْن قشالوا أخرجوا ش
﴿فش شما شكا شن شج شو ش
[النمل. ]56 :
َّ ِ َّ ِ
ين
َّك شَيشـ ـ ـ شعْي شوالذ ش ين ا ْ ـ ـ ـتشك شْربوا ِم ْن قشـ ْوِم ِت لشن ْه ِر شجن ش ٍ
وكما قال قوم ش ـ ــعي ﴿قش شال الْ شم ش الذ ش
ه ش ﴾ [األعراف.]88 : آمنوا معك ِمن قشـريتِنا أشو لشتـعود َّن ِيف ِملَّتِنا قش شال أشولشو كنَّا شكا ِرِ
شْ ش ش ش ش ش ْ ْش ش ْ ش
ين شك شفروا لِر ـ ـلِ ِه ْم لشن ْه ِر شجنَّك ْم ِم ْن أ ْشر ِ ـ ـنشا أ ْشو لشتشـعود َّن ِيف ِملَّتِنِا فشأ ْشو شح َّ ِ
﴿وقش شال الذ ش وقال تعاىل ش
م ش ﴾ [إبراهيم.]13 : إِلشي ِهم رُّهبم لشنـهلِ شك َّن الظَّالِ ِ
ْ ْش ْ ْ
اتسعاً :قوله( :وفرت الوحي):
حتدَّث علماء ال ِسـ ـ ـرية قدمياً ،وحديثاً عن ف ة الوحي ،فقال احلافم ابن ح ر وفتور الوحي
الايمان ،وكان ذلك ليذه ما كان هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم وجده من مدةً من َّ عبارة عن أتخره َّ
الروي ،وليلصل لت التَّ ش ُّو ( )2إىل العود(.)3 َّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم قال وهو ِدث عن ف ة ـارأ َّ
أن الن َّ وعن جابر بن عبد هللا األنصـ ِ
الوحي «بينا أان أم ـي إذ مسعت هللاـواتً من ال َّسـماء ،فرفعت بصـرأ ،فَذا الْ شملشك الَّذأ جاءين
حبراء جالس عل كر ـ ٍـي ب ال َّس ـماء ،واألرض ،فشـرعبت منت ،فرجعت فقلت زملوين! فأنايل هللا
ك فش شكِ ْرب *وثِيشـابشـ ش ِ ِ ِ ِ
الر ْجشاي فشـ ْاه ْر ﴾،
*و ُّ
ك فشطشه ْر ش ش *وشربَّـ ش﴿َيأشيـُّ شه ـا الْم ـدَّثر *ق ْم فشـأشنْـذ ْر ش
تعــاىل فش شلم شي ش
وتتابع» [البخاري ( )4ومسلم (. ])161
اس ماـعد عن ابن عبَّ ٍ الرحن اَّباركفورأ « َّأما مدَّة ف ة الوحي فرو ابن ـ ـ ـ ٍ ـفي َّ وقال هللا ـ ـ ـ ُّ
***
108
املبحث الثَّاين
لدعوة ِّ
الس ِّريَّة ا َّ
الرابيني بتبليغ ِّ
الرسالة: أوالً :األمر َّ
الرحيم الكر ،وجاءه َّب هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم معرفة اليق أنَّت أهللا ـ ـ ــب نبياً هلل َّ عر الن ُّ
﴿َيأشيـُّ شها الْمدَّثِر *ق ْم شفأشْن ِذ ْرنبيت قولت تعاىل ش للمرة الثَّانية ،وأنايل هللا عل ِ جربيل عليت الس ـ ـ ـ ـ ـ ــالم َّ
ك فشطش ِهر﴾ [املدثر.]4 - 1: ك فش شكِرب ِ
*وثيشابش ش ْ *وشربَّ ش ْ ش ش
أبن اَّا ـ ـ ــي قد انته للر ـ ـ ــول هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم َّ كانت هذه ا َيت اَّتتابعة إيذاانً َّ
مبنامت ،وهدوئت ،وأنَّت أمامت عمل عظيم ،يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتدعي اليقظة ،والتَّ ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمري ،والنذار ،والعذار،
ليقو عل عنائت فَنَّت مصــدر ر ــالتت ،ومدد ِ ِ
فليلمل الر ــالة ،وليوجت الناس ،وليأنس ابلوحي ،و ش
دعوتت(.)1
وتعد هذه ا َيت َّأول أم ٍر بتبلي الدَّعوة ،والقيام ابلتَّبعة ،وقد أشارت هذه ا َيت إىل أمور ُّ
كلت ،وهي ـالمية الَّيت ب عليها ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالم ُّ اَّمدية ،واحلقائق ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ هي خالهللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الدَّعوة َّ
الوحدانيَّة ،والميان ابليوم ا خر ،وتطهري النُّفوس ،ودفع الفساد عن اجلماعة ،وجل النَّفع(.)2
كانت هذه ا َيت هتيي اً لعايمية ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم لينهض بع ء ما كلِفت
من تبلي ر ـ ـ ـ ـ ــاحت ربِت ،فيمض ـ ـ ـ ـ ــي قدماً بدعوتت ،ح يباس العقبات ،واحلواجاي .كان هذا النِداء
الراحة ،وجاء عق هذا ﴿َيأشيـُّ شها الْ مدَّثِر ﴾ ،وتوديعاً ألوقات النَّوم ،و َّ متلط فاً إيذاانً ب ـ ـ ـ ـ ـ ــلذ ش
ِ
تتلرك يف اد ــاه حتقيق واجـ ـ وقوةٍ ح ــازم ـ ٍـةَّ ، الن ــداء األمر اجل ــازم ابلنُّهوض يف عايمي ـ ٍـة ﴿ق ْم﴾َّ ،
خطاب وِجت إىل الن ِ
َّب هللاـ ـ ـ ـ ـل هللا ٍ التَّبلي ،ويف جميء األمر ابلنذار منفرداً عن التَّب ـ ـ ـ ــري .يف َّأول
ص ـبور ،واجلهاد اَّرير ،مثَّ أبن ر ــالتت تعتمد عل الكفا ال َّ عليت و ــلم بعد ف ة الوحي -إيذان َّ
ض ـت عل اَّضــي قدماً َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ،وشـ ِـد أزره ،وح ِ زادت ا َيت يف تقوية عايمية الن ِ
ش
إىل اية ما أمر بت ،ري عابئ مبا يع ض طريقت من عقبات ،مهما يكن ش ـ ـ ـ ــأ،ا ،فقيل لت أأ
ح تعظم ش ـ ـ ـ ـ ــيئاً من أمور اخللق ،وح يتعاظمك منهم ش ـ ـ ـ ـ ــيء ،فال تتهيَّ فعالً من أفعايم ،وح
109
األمهات، تعهدك وأنت يف أهللاالب احابء ،وأرحام َّ تعظم إح ربَّك ،الَّذأ َّ هش أحداً منهم ،وح ِ
ش
حض أخرجك للنَّاس نبياً ،ور ـ ـ ــوحً ،بعد أن فرَّابك عل موائد فض ـ ـ ــلت ،ورعاك نحس ـ ـ ــانت وجوده َّ
فكل تعظي ٍم وتكب ٍري وإجالل حق هلل تعاىل ُّ أعدَّك خ ْلقاً وخلقاً لتلمل أمانة أعظم ر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحتت
ك فش شكِ ْرب ﴾ ،ح ي اركت فيت أحد ،أو شيء من مللوقاتت(.)1 ﴿وشربَّ ش
ش
تطهرك بفطرتك يف ك فشطش ِه ْر ﴾ فأنت عل طهرك و ُّ ِ
﴿وثيشابش ش
ويف قولت تعاىل فكأنَّت قيل لت ش
نبوتت ليعدَّك كمال إنســانيَّتك ،مبا جبلك هللا عليت من أكرم مكارم األخالق ،ومبا حباك بت من َّ
تطهرك النَّفس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـي ،فتايداد من اَّكـارم يف حيـاتـك مع
هبـا ليومـك هـذا -أحوً إىل أن تايداد يف ُّ
احجتماعي
ِ الناس واألشــياء ،فأنت اليوم ر ــول هللا إىل العاَّ ،وكمال ِ
الر ــالة يف كمال اخللق
اجلد يف تبلي الدَّعوة إىل هللا تعاىل ،وح يثنيك إيذاء ِ هللا ـرباً ،وحلماً ،وعفواً ،وإحســاانً ،ودأابً عل
وح يقعدك عن اَّضي إىل ايتك فاد البالء(.)2
الر ْجشاي فش ْاه ْر ﴾ ليكن قصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدك ،ونيَّتك يف تركك ما ﴿و ُّ
ويف قولت تعاىل فكأنَّت قيل لت ش
تطهره ــا هب ــداي ــة
ترك ــت فطرةً ،وطبع ـ ـاً ه ره تكليف ـ ـاً ،وتعبُّـ ـداً لتكون ق ــدوة َّأمت ــك ،وعنوان ُّ
ر التك(.)3
الدعوة ِّ
الس ِّريَّة: اثنياً :بدء َّ
بعد نايول آَيت اَّدثر ،قام ر ـ ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم يدعو إىل هللا ،وإىل ال ـ ــالم
راً ،وكان طبيعياً أن يبدأ أبهل بيتت ،وأهللادقائت ،وأقرب النَّاس إليت.
السيدة خدجية رضي هللا عنوا:
- 1إسالم َّ
َّب هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم من النِس ـ ـ ـ ـ ــاء ،بل َّأول من آمن بت عل
كان َّأول من آمن ابلن ِ
الطالق ،ال َّس ـ ـ ـ ـيدة خدجية ر ـ ـ ـ ــي هللا عنها ،فكانت َّأول من ا ـ ـ ـ ــتمع إىل الوحي اليي من فم
الر ـ ـ ــول الكر هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ،وكانت َّأول من تال القرآن بعد أن مسعتت من هللا ـ ـ ــوت َّ
الر ــول العظيم هللاــل هللا عليت و ــلم ،وكانت كذلك َّأول من تعلَّم ال َّ
صـالة من ر ــول هللا هللاـل َّ
هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم ،فبيتها هو َّأول مكان تلي فيت َّأول وح ٍي نايل بت جربيل عل قل اَّص ـ ـ ـ ــطف
حممد ر ول هللا هللال هللا عليت و لم َّ ،مد الصادق عرجون ( 589/1ـ )591بتصر ٍ كبري.
( )1انظر َّ
( )2اَّصدر السابق نفست ،ص .592
( )3اَّصدر السابق نفست ،ص .593
110
الكر بعد ار حراء(.)1
صـ ـ ـالة ،وقد جاء يف ـيء فر ـ ــت هللا من ال ـ ـ ـرائع بعد القرار ابلتَّوحيد ،إقامة ال َّكان َّأول ش ـ ـ ٍ
ص ـ ـ ـالة ،ح
الر ـ ــول هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم زوجت خدجية الو ـ ــوء ،وال َّ األخبار حديث تعليم َّ
اف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت عل ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا أاته جربيـل وهو أبعل م َّكـة ،فهماي لـت شبعقب ِـت يف انحيـة الوادأ،
فانف رت منت ع ،فتو َّ ـ ـأ جربيل عليت الس ــالم ،ور ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ينظر ِ
لرييشت
صـالة ،مثَّ تو َّـأ ر ـول هللا هللاـل هللا عليت و ـلم كما رأ جربيل تو َّـأ ،مثَّ قام كيفية الطُّهور لل َّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم بصــالتت ،مثَّ انصــر جربيل جربيل عليت الســالم فص ـلَّ بت ،وهللا ـلَّ الن ُّ
عليت الس ــالم ،ف اء ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم خدجية ر ــي هللا عنها ،فتو َّ ـ ـأ يا يريها
ص ـالة ،كما أراه جربيل عليت الســالم ،فتو َّ ـأت كما تو َّ ـأ ر ــول هللا هللاــل هللا كيف الطُّهور لل َّ
عليت و ــلم ،مثَّ هللا ـلَّ هبا ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،كما هللا ـلَّ بت جربيل عليت الســالم،
فصلَّت بصالتت[ .ابن هشام (. ])261 - 260/1
( )3انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)284/1
112
مساندة الدَّعوة(.)1
ُّق يذا البيت أن يكون قدوًة ،و ُّق لربَّتت أن تكون مثاحً ،وجو شذجاً حياً لبيوت اَّس ـ ــلم ،
صـ ـ ـدق ،واألمان، فالايوجة فيت طاهرة ،مؤمنة ،مللص ـ ــة ،وزيرة ال ِ ولنس ـ ــائهم ،ورجال اَّؤمن كافَّةً َّ
ض ـ ـد ،ورفيق ،والْمتشـبش َّىن مؤمن ،هللا ــادق ،مس ــاعد، العم اَّض ــون ،واَّكفول مس ــت ي ،ومع ِ وابن ِ
مصدقات ،مست يبات ،مؤمنات ،اتثالت(.)2 ومع ،والبنات ِ
لقد اكتس ـ ـ ـ هذا البيت أبهب حلل الميان ،وأ ـ ــاء أركانشت قبس نور التَّص ـ ــديق ،فكان ب
الايوج التَّ اوب ،والتَّكافل ،وذَّ بذلك دس ـ ـ ـ ـ ـ ــيد معىن قولت تعاىل يف حمكم تناييلت ﴿ه شو الَّ ِذأ َّ
ت حشْالً شخ ِفي ًفا اها شحشلش ْ
ِ ِ خلش شقكم ِمن نـَّ ْف ٍ ِ ٍ
س شواح شدة شو شج شع شل مْنـ شها شزْو شج شها ليش ْس ـك شن إِلشْيـ شها فشل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما تشـ ش َّ ـ ش ش
ن ِمن ال َّاكِ ِرين﴾ [األعراف. ]189 : ت بِِت فشل َّـما أشثْـ شقلشت َّد شعوا اَّللش شرَّهبما لشئِ ْن آتشـْيـتشـنشا ش ِ َّ
ش هللااحلاً لنشكونش َّ ش ش ش فش شمَّر ْ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم يف جمال ال َّ بية يف قولت «ما من وفيت أيض ـاً دســيد ما روأ عن الن ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـرانت ،أو ميش ِ س ـ ـ ـ ـ ــانت» [البخاري ( )1358ومسـ ـ ـ ــلم لود إح يولد عل الفطرة ،فأبواه يـه ِودانت ،أو ين ِ مو ٍ
ش
( ])2658ومن ا ـ ــتقامة ال َّ بية كان بناتت ر ـ ــي هللا عنهن من ال َّس ـ ـابقات إىل التَّصـ ــديق ،والميان،
َّبوأ مكانتت األوىل ،والواج يدعو إىل أن يكون قدوتنا ،واألجوذً الَّذأ وهكذا كان للبيت الن ِ
ص ـ ـدق ،والتَّصـ ــديق ،يف اح ــت ابة ،والعمل نس ــري عل هديت ،يف اَّعاش ــرة ،ومثاليَّة ال ُّس ـ ـلوك ابل ِ
الر ِ
ابين ت ـ ـ ـ ــري إىل إن احلقيقة البارزة يف اَّنهت َّ مبلم ٍد نبياً ،ور ـ ـ ـ ــوحً(َّ .)3 لكل من آمن ابهلل رابً ،و َّ ِ
حلقة من حلقات الهللاــال ،والبناء ،مثَّ ااتمع كأول ٍ ص ـاحلة َّ ص ـاأ ،واأل ــرة ال َّ أليَّة بناء الفرد ال َّ
أأ عمل آخر، ص ـاأ ،ولقد دلَّت عناية ال ــالم ابلفرد اَّســلم ،وتكوينت ،ووجوب أن يســبق َّ ال َّ
اجتماعي ،ويذا كانت األ ــرة هي اليت تســتقبل الفرد
ٍ الاياوية يف أأ ٍ
بناء فالفرد اَّســلم هو ح ر َّ
مد ًة طويلةً من حياتت ،بل هي الَّيت حتيا بت طوال حياتت ،هي اَّضــن ـتمر معت َّمنذ وحدتت ،وتسـ ُّ
ِ
اَّتقدم الَّذأ تتلدَّد بت معا ال َّ ـهص ـيَّة ،وخص ــائص ــها ،وهللا ــفاهتا ،كما َّأ،ا الو ــيا ب الفرد،
القوة(.)4
لسالمة ،و َّ
أمد طرفيت -الفرد وااتمع -اب َّ وااتمع ،فَذا كان هذا الو يا ليماً قوَيً َّ
اهتم ال ـ ــالم ابأل ـ ــرة ،و َّادت إليها ،يض ـ ــع يا األ ـ ــس الَّيت تكفل قيامهاَّ ،
وجوها جواً ويذا َّ
َّبوأ ،د .عصمة الدين ،ص .43 ( )1انظر اَّرأة يف العهد الن ِ
( )2اَّصدر السابق نفست ،ص .45
( )3انظر اَّرأة يف العهد الن ِ
َّبوأ ،ص .46
الر ول هللال هللا عليت و لم من التكوين إىل التمك ،لكامل المة ،ص .208
انظر دولة َّ
()4
113
الدولة ال الميَّة الرَّابنيَّة لتكون حلقةً قويَّةً يف بناء ااتمع ال الم ِي ،و َّ ويوجهها الوجهة َّ ليماًِ ،
الرَّابنيَّة يف دنيا النَّاس(.)1الَّيت تسع لصناعة احلضارة َّ
ويظهر هذا احهتمام ابأل ــرة من حركة الدَّعوة ال ــالميَّة منذ ــاعتها األوىل إذ كان من
قدر هللا تعاىل أن يكون َّأول ال َّس ـابق إىل ال ــالم امرأة (خدجية ر ــي هللا عنها) ،إشــاد ًة مبنايلة
اَّرأة يف ال ــالم ،وأنَّت ير ــي قواعده عل األ ــرة ،وهللا ــب (علي ر ــي هللا عنت) ،إش ــارةً حلاجة
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـليلة لبناء
الدَّعوة إىل الرباعم اجلديدة ،واهتمامها ابجليل النَّاشـ ـ ـ ـ ـ ــئ لتسـ ـ ـ ـ ـ ــري يف مراحلها ال َّ
الدولة ،مثَّ احلضارة(.)2 ااتمع ،مثَّ َّ
توج هت إىل امرأةٍ كهدجية ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنها، َّأمل يف نقطة البدء هبذه الدَّعوة الَّيت َّ و َّ
إن الت ُّ
كعلي بن أيب طال ٍ ،وبقيَّة أ ـ ـ ــرة الن ِ
َّب هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ، ـب ِ وموىل كاييد بن حارثة ،وهللاـ ـ ـ ٍ
ً
لكل النَّاس -هللا ريهم ،وكبريهم ،ذكرهم، أن الدَّعوة ال الميَّة موجهة ِ ليدل دحلةً وا لةً عل َّ ُّ
الرجال والنِســاء ،واألطفال، فلكل هذه ال َّ ـرائ احجتماعيَّة من ِ وأنثاهم ،و ــيِدهم ،وموحهم ِ -
الدولة ،وانت ار احلضارة(.)3 احجتماعي ،وإقامة َّ
ِ واَّواس دوره اَّنتظر يف البناء
الص ِّديق رضي هللا عنه: - 5إسالم أب بك ٍر ِّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم من ِ
الرجال ص ـ ِديق ر ــي هللا عنت َّأول شم ْن آمن ابلن ِ
كان أبو بك ٍر ال ِ
أخص أهللالاب ر ول هللا هللال هللا عليت و لم قبل البعثة ،وفيت األحرار ،واألشرا ،فهو من ِ
قال ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم «ما دعوت أحداً إىل ال ـ ــالم إح كانت عنده كبوة،
وتردد ،ونشظر ،إح أاب بكر ،ما شع شكم( )4ح دعوتت ،وح َّ
تردد فيت» [البيوقي يف الدالئل ( ، ])164/2فأبو ُّ
بك ٍر هللااح ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،وهو حسنة من حسناتت هللال هللا عليت و لم
ش -كما ذكر ابن رجل ،بل كان إ ـ ـ ــالمت إ ـ ـ ــالم َّأم ٍة ،فهو يف قري ٍ
فلم يكن إ ـ ـ ــالمت إ ـ ـ ــالم ٍ
إ لاق -يف موقع الع منها
ـ كان رجالً شمأْلشفاً( )5لقومت ،حمبباً ،هالً.
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام (.)371/1
( )2انظر ال بية القياديَّة ،لل ضبان (.)115/1
115
ـ وطللة بن عبيد هللا ر ي هللا عنت ،وكان يف الثالثة ع رة من عمره(.)1
صـ ـ ِديق أيب بك ٍر ر ــي هللا عنت ،دعاهم إىل كان هؤحء األبطال اخلمس ــة َّأول شرةٍ من شار ال ِ
ال ــالم ،فا ــت ابوا ،وجاء هبم إىل ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم فراد ،فأ ــلموا ب يديت،
الد عامات األوىل الَّيت قام عليها هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــر الدَّعوة ،وكانوا العدَّة األوىل يف تقوية جان فكانوا ِ
أعايه هللا وأيَّده ،وتتابع الناس يدخلون يف دين هللا أفواجاً، ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،وهبم َّ
رجاحً ،ونس ـ ــاءً ،وكان كل من هؤحء الطالئع داعيةً إىل ال ـ ــالم ،وأقبل معهم رعيل ال َّسـ ـ ـابق ،
الواحد ،واحثنان ،واجلماعة القليلة ،فكانوا عل قلَّة عددهم كتيبة الدَّعوة ،وحص ـ ـ ــن ِ
الر ـ ـ ــالة،
يسبقهم ابق ،وح يللق هبم ححق يف اتري ال الم(.)2
حترك أيب بكر ر ـي هللا عنت يف الدَّعوة إىل هللا تعاىل يو ِ ـ هللاـورةً من هللاـور الميان هبذا َّ
إن ُّ
يقر لت قرار ،وح ِ
الدين ،واح ـ ــت ابة هلل ور ـ ـولت هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم هللاـ ــورة اَّؤمن الَّذأ ح ُّ
عاطفيةً مؤقَّتةً
َّ حض ِقق يف دنيا النَّاس ما آمن بت ،دون أن تكون انطالقتت دفعةً يهدأ لت ابلَّ ،
ـ ـ ــرعان ما همد ،وتذبل ،وتايول ،وقد بقي ن ـ ـ ــاط أيب بك ٍر ،وحا ـ ـ ــت إىل أن توفَّاه هللا َّ -
جل
ميل ،أو يع اي.
وعال -يف ،أو يضعف ،أو َّ
أن أهللاــلاب اجلاه يم أثر كبري يف كس ـ أنصــا ٍر للدَّعوة ويذا كان أثر أيب بك ٍر ونالحم َّ
صـ ِديق لر ــول هللا هللاــل هللا ر ــي هللا عنت يف ال ــالم أكثر من ريه(.)3بعد أن كانت هللاــلبة ال ِ
ش
وحده،اخللقي هللاــارت األنســة ابلميان ابهلل ش جمرد اح ــتئناس النفسـ ِـي و ِ عليت و ــلم مبنيةً عل َّ
س النَّاس وابَّؤازرة يف ال َّ ـدائد ،و َّاهذ ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم من مكانة أيب بكر ،وأنْ ِ
ٍ
ومكانة احلق فوق ما كان لت هللال هللا عليت و لم من َّقوة ٍ
نفس، بت ،ومكانتت عندهم قوًة لدعوة ِ
عند هللا ،وعند النَّاس(.)4
ومضــت الدَّعوة ـ ِـريَّةً ،وفرديَّةً عل احهللاــطفاء ،واحختيار للعناهللاــر الَّيت تصــل أن َّ
تتكون
رب العباد ،والَّيت منها اجلماعة اَّؤمنة ،الَّيت تسع لقامة دولة ال الم ،ودعوة اخللق إىل دين ِ
تقيم حضارًة رابنيَّةً ليس يا مثيل.
الر ول هللال هللا عليت و لم ،من التكوين إىل التمك ،ص .212
انظر دولة َّ
()1
( )2انظر ِ
السرية النَّبوية ،أليب شهبة (.)287/1
117
السابقون من يع بطون قريش ،عدَّهم ابن ه ام أكثر من أربع نفراً(.)1 وهؤحء َّ
الرجال ،والنِسـاء ،حض ف ـا ذكر وقال ابن إ ـلاق مثَّ دخل النَّاس يف ال ـالم أر ـاحً من ِ
مكة ،وحت ِدث بت(.)2 ال الم يف َّ
األول إىل ال ــالم كانوا خرية أقوامهم، َّ ويتَّضـ ـ من عرض األمساء ال َّسـ ـابقة َّ
أن ال َّسـ ـابق
و يكونوا -كما ُّ أعداء ال ـ ـ ـ ــالم أن يصـ ـ ـ ـ ِـوروا للنَّاس -من حثالة النَّاس ،أو من األرقَّاء
اب بعض كتَّاب ال ِس ـ ـ ـرية لد ص ـ ـ ـو ش
حريَّتهم ،أو ما شـ ـ ــابت ذلك .وجان ال َّ الَّذين أرادوا ا ـ ـ ــتعادة ِ
أن الَّذين السرية َّ األول إىل ال الم ،فكان من كتابة بعضهم «وحت ِدثنا ِ َّ السابق
حديثهم عن َّ
ش
ض ـ ـ ـ ـعفاء ،واألرقَّاء ،فما دخلوا يف ال ـ ـ ـ ــالم يف هذه اَّرحلة كان معظمهم خليطاً من الفقراء ،وال ُّ
احلكمة يف ذلك؟»( ،)3وكذلك قويم
عامتهم من ثالث من بدايتها أربع رجالً وامرأ ًةَّ ، ات ٍ «كان رهللاـ ـ ــيد هذه الدَّعوة بعد ـ ـ ــنو ٍ
مقدمتهم أخالط من ملتلف األعاجم هللا ـ ــهي الفقراء ،واَّس ـ ــتض ـ ــعف ،واَّواس ،واألرقَّاء ،ويف ِ
الرجال ،والنِساء ،واَّواس»(.)5 ومي ،وبالل احلب ُّي»( .)4وقويم «فامن بت انس من عفاء ِ الر ُّ
ُّ
أن جمموي من أشري إليهم ابلفقراء ،واَّستضعف ،واَّواس واألرقَّاء إن البلث الدَّقيق يثبت َّ َّ
واألخالط من ملتلف األعاجم هو ثالثة ع ر ،ونسبة هذا العدد من العدد الكلِ ِي من الدَّاخل
عامتهم». يف ال الم ح يقال عليت «أكثرهم» ،وح «معظمهم» ،وح « َّ
ابحلق الَّذأ ش ــر هللا
وإجا هو إميا،م ِ يومئذ يكن يدفعهم دافع دنيوأ َّ إن الَّذين أ ــلموا ٍ َّ
الرقيق ،وال ُّ،هللادورهم لت ،ونصرة نبيِ ـ ـ ـ ـ ـ ــت هللال هللا عليت و لم ،ي ك يف ذل ـ ـ ـ ـ ـ ــك ال َّ ريف ،و َّ
والفقيـر ،ويتساو يف هـذا أبو بكـ ٍر ،وبالل ،وعثمـان ،وهللاهي ر ي هللا عنهم(.)6
يقول األ تاذ هللااأ ال َّامي حنن ح نريد أن ننفي وجود الضُّعفاء ،واألرقَّاء ولكن نريد أن
ألن هذا ملالف لللقائق الثَّابتة ،ولو كانوا كذلك لكانت دعوةً البية َّ ننفي أن يكونوا هم ال َّ
ككل احلركات الَّيت
السلطة ،والنُّفوذِ ، طبقيَّةً يقوم فيها الضُّعفاء ،واألرقَّاء َّد األقوَيء وأهللالاب ُّ
( )6انظر من مع ِ
السرية ،لصاأ ال َّامي ،ص .40
118
أأ من اَّســلم وهو يعلن إ ــالمتَّ ،إ،م يدخلون إن هذا يشد ْر ِ شلش ِد ٍتقاد من خالل البطونَّ .
القوة يذه الدَّعوة أن ظل هذه العقيدة ،عباداً هلل ،وإنَّت َّن َّ الدين عل اعتبارهم إخوًة يف ِ يف هذا ِ
ابلذات من كرام أقوامهم ،وقد آثروا يف ـ ـ ـ ــبيل العقيدة أن يكون البية أتباعها يف اَّرحلة األوىل َّ
فكروا فيها(.)1يتلملوا أهللانافاً من ايوان ،ما بق يم أن عانوها ،أو َّ َّ
لقد كان ال ـ ـ ــالم ينسـ ـ ــاب إىل النُّفوس الطَّيبة ،والعقول النَِّرية ،والقلوب الطَّاهرة الَّيت هيَّأها
الرحن، الايبري ،وعبد َّ هللا يذا األمر ،ولقد كان يف األوائل خدجية ،وأبو بكر ،وعلي ،وعثمان ،و ُّ
وطللة ،وأبو عبيدة ،وأبو ـ ـ ــلمة ،واألرقم ،وعثمان بن مظعون ،و ـ ـ ــعيد بن زيد ،وعبد هللا بن
جلش ،وجعفر ،و ـ ــعد بن أيب وقَّاص ،وفاطمة بنت اخلطَّاب ،وخالد بن ـ ــعيد ،وأبو حذيفة
بن عتبة ،و ريهم ر ي هللا عنهم ،وهم من ادة القوم ،وأشرافهم(.)2
األولون ،الَّذين ـ ــارعوا إىل الميان والتَّص ـ ــديق بدعوة الن ِ
َّب هللا ـ ــل هللا هؤحء هم ال َّس ـ ـ ـابقون َّ
عليت و لم .
َّب صلى هللا عليه وسلم يف َّ
الدعوة: اثلثاً :استمرار الن ِّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم يف دعوتت ال ِس ـ ِريَّة يســتقط عدداً من األتباي ،واألنصــار ـتمر الن ُّ
ا ـ َّ
اتم ٍة بعد إقناعهم ابل ــالم،
يتمكن من ـ ِـمهم يف ـ ِـريٍَّة َّ هللا ـة الَّذين َّ
من أقاربت ،وأهللا ــدقائت ،وخا َّ
للر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم لتو ــيع دائرة الدَّعوة يف نطاق وهؤحء كانوا نعم العون وال َّسـ ـند َّ
الصعوبة
الر ول هللال هللا عليت و لم ظهرت فيها ُّ الس ِريَّة ،وهذه اَّرحلة العصيبة من حياة دعوة َّ ِ
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم ومن آمن معت ابلدَّعوة ،فهم ح خياطبون إح من حترك َّواَّ ــقَّة يف ُّ
أن الدَّعوة خطواهتا بطيئة ،وحذرة ،كما تقتضي هللاعوبة شره ،ويثقون بت ،وهذا يع َّ رمنون من ِ
تلقي مطال الدَّعوة من مص ـ ـ ـ ـ ـ ــدرها ،وهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــعوبة تنفيذها إذ كان الدَّاخل يف هذا اَّواظبة عل ِ
ص ـ ـالة ،ودرا ـ ــة ما تي َّس ـ ـر من القرآن -مثالً -و يكن يس ـ ـتطيع أن الدين ملايماً منذ البداية ابل َِّ
اين قومت ،وح أن يقرأ القرآن ،فكان اَّسلمون يتهفَّون يف ال ِ عاب ،واألودية إذا ِ
يصلي ب ظش ْهشر ش
الصالة(.)3أرادوا َّ
الر ول هللال هللا عليت و لم من التكوين إىل التمك ،ص .218 انظر دولة َّ
()1
( )2اللَّلي اللَّلي من النسان العظم الَّذأ تنبت عليت اللِلية ،ومن احليوان العظم الذأ عل الفهذ.
123
َّب
وجل -وأهللاب هذا اجلمع هو َّقرة ع الن ِ عاي َّترىب هو عل ع هللا َّ - و لم عل عينت كما َّ
هللال هللا عليت و لم (. )1
رابعاً :أه يم خصــ ــائص اجلماعة األوىل الَّيت تربَّت على يدي رســ ــول هللا ص ـ ــلى هللا عليه
وسلم :
كانت اجلماعة األوىل الَّيت تربَّت عل يدأ ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،قد برزت فيها
ات ر ٍ
هللاينة حنو هللايا ة ال َّهصية اَّسلمة ،الَّيت تقيم َّ
الدولة مهمة جعلتها تتقدَّم طو ٍ
خصائص َّ
الرائعة ،ومن أبرز هذه اخلصائص اَّؤمنة ،وتصنع احلضارة َّ
- 1االستجابة الكاملة للوحي ،وعدم التَّقدمي بني يديه:
الصلي الكامل يف العقائد ،وال َّ رائع ،وا داب و ريها ،ح يكون إح عن َّ
إن العلم ،والفقت َّ
اَّنايل -قرآانً و ـ ـ ـ ـ ـنَّةً -وذلك ابلعلم ابهلل ،وأمسائت ،وهللا ـ ـ ـ ــفاتت ،وأفعالت ،ومعرفة ما طريق الوحي َّ
ينايه عنت -بلانت وتعاىل -والعلم ابَّالئكة ،والكتاب ،والنَّبيِ ،والعلم اب خرة، جي لت ،وما َّ
صـ ـ ـلة ،واألحكام اَّتعلِقة ابَّكلَّف ،والعلم ابَّس ـ ــلك واجلنَّة ،والنَّار ،والعلم ابل َّ ـ ـ ـرائع ااملة واَّف َّ
الر ا ،يف القصد وال ىن ،يف األمن الصلي الَّذأ ينب ي لوكت يف ائر األحوال يف ال ض و ِ َّ
رعي هو منهت الَّذين أنعم هللا واخلو ،يف اخلري وال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِر ،يف ايدنة والفتنة ،والتايام الدَّليل ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
﴿وِاش ْن شخلش ْقنشا أ َّمة يشـ ْهدو شن ِاب ْحلشِق شوبِِت يشـ ْع ِدلو ش
()2
ن ﴾ [األعراف: تعاىل قال . صـ ـلي
عليهم ابلميان ال َّ
ش
. ]181
ابلدليل والوحي ،وتس ــليماً صـ ـحابة رض ــي هللا عنوم أعظم من غريهم انتفاعاً َّ
لقد كان ال َّ
ألسباب عديدةٍ؛ منوا:
ٍ له؛
هو ري ما جاءت بت النُّصـ ـ ــوص ،وا ـ ـ ــتعدادها كل ٍ
ميل أو ً وخلوها من ِأ -ناياهة قلوهبمُّ ،
َّام لقبول ما جاء عن هللا ،ور ولت هللال هللا عليت و لم ،والذعان ،واحنقياد لت انقياداً مطلقاً الت ُّ
ترد ٍد ،وح إح ٍام.
دون حرًٍ ،وح ُّ
للر ول هللال هللا عليت و لم ،ب -معاهللارهتم لوقت التَّ ريع ،ونايول الوحي ،ومصاحبتهم َّ
ولذلك كانوا أعلم النَّاس مبالبســات األحوال الَّيت نايلت النُّصــوص فيها ،والعلم مبالبســات الواقعة
كانت دار األرقم بن أيب األرقم أعظم مدر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة لل َّ بيشة والتَّعليم عرفتها الب ـ ـ ـ ـ ـ ـريَّة ،كيف ح،
وأ تاذها هو ر ول هللا هللال هللا عليت و لم أ تاذ الب ريَّة كلِها ،وتالميذها هم الدُّعاة وايداة،
حرروا الب ريــة من ِرِق العبوديــة ،وأخرجوهم من الظُّلمات إىل النُّــور ،بعد الرابنيُّــون الَّذين َّ
والقادة َّ
127
األول لإل ــالم ف ــهصــيتت هللاــل كانت شــهصــية ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ِ
اَّرك َّ
هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم َتلك قو اجلذب ،والتأثري عل ا خرين ،فقد هللا ـ ـ ـ ـ ــنعت هللا عل عينت ،وجعلت
ويلتف
ُّ أكمل هللاورةٍ لب ٍر يف اتري األرض ،والعظمة دائماً حتش ُّ ،وحتاط من النَّاس ابلع اب،
حويا اَّع بون ،يلتصــقون هبا التصــاقاً بدافع الع اب واحل ِ ،ولكن ر ــول هللا هللاــل هللا عليت
تلقي الوحي من هللا ،ومبلِ ت إىل الناس ،وذلك و لم يضا إىل عظمتت تلك أنَّت ر ول هللا ،م ِ
بـ ْعد آخر لت أثره يف تكييف م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعر ذلك اَّؤمن داهت فهو ح ُّبت لذاتت فقا ،ك ما ُّ
الرَّابنيَّـ ـ ـ ــة الَّيت ت ملـ ـ ـ ــت من عند هللا ،فهو معـ ـ ـ ــت يف
العظماء من النَّاس ،ولكن أيضاً لتلك النَّفلة َّ
الر ـ ــول هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم الب ـ ــر
اَّكرم ومن شمثَّ يلتقي يف شـ ــهص َّ اليي َّ
حضـ ــرة الوحي ِ
الر ـ ـ ــول العظيم ،مثَّ يصـ ـ ــبلان شـ ـ ــيئاً واحداً يف النِهاية ،ري متميِاي البداية ،وح النِهاية، العظيم ،و َّ
الر ــول ،ويرتبا ح ُّ هللا حب ِ ر ـولت هللا ــل هللا للر ــول الب ــر ،أو للب ــر َّ
ح عميق ش ــامل َّ
عليت و لم ،وميتايجان يف نفست ،فيصبلان يف م اعره نقطة ارتكاز اَّ اعر كلِها ،وحمور احلركة
صـ ـ ـلابة هو األول من ال َّ
الرعيل َّحرك َّ ال ُّ ـ ـ ـعورية ،وال ُّسـ ـ ـلوكية كلِها ،كذلك كان هذا احل ُّ الَّذأ َّ
مفتا ال َّ بية ال الميَّة ،ونقطة ارتكازها ،ومنطلقها الَّذأ تنطلق منت(.)1
سادساً :املادة الدراسية يف دار األرقم:
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم يف دار األرقم ،القرآن اَّادة الدرا ــية الَّيت قام بتدريســها الن ُّ
كانت َّ
ص احلبي اَّصـ ــطف هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم عل ِ
الكر ش ،فهو مصـ ــدر التَّلقي الوحيد ،فقد شحشر ش
وتفرده ،وأن يكون القرآن الكر وحده هو اَّنهت ،والفكرة اَّركاييَّة الَّيت َّلقيُّ ، توحيد مص ـ ـ ـ ـ ـ ــدر الت ِ
ي َّىب عليها الفرد اَّس ــلم ،واأل ــرة اَّس ــلمة ،واجلماعة اَّس ــلمة ،وكان رو القدس ينايل اب َيت
الصلابة من فم ر ول هللا هللال هللا ضةً طريَّةً عل ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،فيسمعها َّ َّ
عليت و ــلم مباشــرًة ،فشـت ْس ـ شك يف قلوهبم ،وتتسـ َّـرب يف أرواحهم ،ودرأ يف عروقهم جمر الدَّم،
فيتلول الواحــد منهم إىل إنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ـان وكــانــت قلوهبم ،وأرواحهم تتفــاعــل مع القرآن ،وتنفعــل بــتَّ ،
الر ول هللال هللا عليت و لم جديد بقيمت ،وم اعره ،وأهدافت ،و لوكت ،وتطلُّعاتت .لقد حرص َّ ٍ
اَّادة الدرا ــية ،واَّنهت الَّذأ ت َّىب عليت حرهللا ـ ـاً ش ــديداً عل أن يكون القرآن الكر وحده هو َّ
129
فض عند إ ــالمت فلقد كان يف حدود ال َّسـ ـاد ــة ع ــرة َّ
- 3أن األرقم بن أيب األرقم كان ً
تفكر قريش يف البلث عن مركاي الت ُّمع ال ـ ـ ـ ــالمي ،فلن خيطر يف ابيا أن من عمره ،ويوم أن ِ
حمم ٍد هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم بل يتَّ ت نظرها، تبلث يف بيوت الفتيان ال ِ
ص ـ ـ ار من أهللا ـ ــلاب َّ
وحبثها إىل بيوت كبار أهللالابت ،أو بيتت هو نفست هللال هللا عليت و لم .
قد خيطر عل ذهنهم أن يكون مكان التَّ ُّمع عل األ ل يف أحد دور ب هاشــم ،أو يف
أن اختيار هذا البيت كان يف اية بيت أيب بك ٍر ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت ،أو ريه ومن أجل هذا ُد َّ
أن قري ـ ـ ـ ـاً دالت ذات ٍ
يوم هذا اَّركاي ،وك ـ ـ ــفت احلكمة من النَّاحية األمنيَّة ،و نس ـ ـ ــمع أبداً َّ
مكان اللِقاء(.)1
األول:
الرعيل َّ
اثمناً :من صفات َّ
كانت الف ة األوىل من عمر الدَّعوة تعتمد عل ال ِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِريَّة ،والفرديَّة ،وكان التَّهطيا الن ُّ
َّبوأ
دقيقاً ،ومنظَّماً ،و ــيا ــية حمكماً ،فما كان اختيار ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم لدار األرقم
وإجا كانت مركاياً للقيادة، ارد اجتماي اَّس ـ ــلم فيها لس ـ ــماي نص ـ ــائ ،ومواعم ،وإرش ـ ــادات َّ َّ
ومدر ـ ـ ـ ـ ـةً للتَّعليم ،وال َّ بية ،والعداد ،والتَّأهيل للدَّعوة ،والقيادة ،ابل َّ بيشة الفرديَّة العميقة ايادئة،
هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـاً لتأهيلها ألعباء الدَّعوة ،والقيادةَّ ،
فكأن وتعهد بعض العناهللا ـ ـ ـ ـ ــر ،وال َّكياي عليها تركياياً خا َّ ُّ
فرد من هؤحء عملت بدقٍَّة ،وتنظي ٍم حكي ٍم، لكل ٍ اَّريب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم قد حدَّد ِ الر ـ ــول ِ َّ
الكل ملتايم
َتر هبـ ـ ـ ــا ،و ُّ الدعـ ـ ـ ــوة ،واَّرحلة الَّيت ُّ الكل يدرك طبيعـ ـ ـ ــة َّ فالكل يعر دوره اَّنوط بت ،و ُّ ُّ
الس ِريَّة واحنضباط الت ِ
َّام(.)2 جان احليطة ،واحلذر ،و ِ
وتدرًٍ و ِريَّـ ـ ٍـة ،وكان شعار هذه هدوء ُّبكل ٍ يتم ِ كان بن ـ ــاء اجلماعة اَّؤمن ـ ــة يف الف ة ِ
اَّكيَّة ُّ
وجل -اَّتمثِل يف قولت تعاىل عاي َّ اَّرحلة هو توجيت اَّوىل َّ -
ين يش ْدعو شن شرَّهب ْم ِابلْ ش شداةِ شوالْ شع ِ ـ ـ ـ ـ ـ ِي ي ِريدو شن شو ْج شهت شوحش تشـ ْعد شعْيـنش ش َّ ِ
اك ك شم شع الذ ش هللا ـ ـ ـ ـ ـِ ْرب نشـ ْف شس ـ ـ ـ ـ ـ ش
﴿وا ْش
احلشيش ـاةِ ال ـ ُّـدنْـيش ـا شوحش ت ِط ْع شم ْن أش ْ شف ْلنش ـا قشـ ْلبش ـت شع ْن ِذ ْك ِرشان شواتـَّبش شع شه شواه شوشك ـا شن أ ْشمره
شعْنـه ْم﴾ ﴿ت ِري ــد ِزينش ـةش ْ
فـرطًا﴾[الكوف.]28 :
َّب هللال هللا عليت و لم أبن يصرب عل تقصري ،وأخطاء اَّست يب إن ا ية الكرمية أتمر الن َّ َّ
( )1انظر الطريق إىل اعة اَّسلم ،حلس بن حمسن ،ص .170
الظالل (.)3968/6 ( )2انظر ِ
131
وهــذا يظهر يف قولــت تعــاىل فــالـ ُّـدعــاء ابب ﴿يشـ ْدعو شن شرَّهب ْم ِابلْ شـ شداةِ شوالْ شع ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِي﴾ ،فــَذا فت
للعبــد تتــابعــت عليــت اخلريات ،وا،ــالــت عليــت الربكــات ،فال بـ َّـد من تربيــة األفراد الَّـذين يـ شع ـدُّون
ألن ذلك من أعظم ،وأقو الصلة ابهلل ،وكثرة الدُّعاء َّ الر الة ،وأداء األمانة ،عل حسن ِ حلمل ِ
عوامل النَّصر(.)1
ج -اإلخالص:
بد عند إعداد األفراد إعداداً رَّابنياً أن ي َّىب ﴿ي ِريدو شن شو ْج شهت﴾ ويظهر يف قولت تعاىل فال َّ
عل أن تكون أقوالت ،وأعمالت ،وجهاده كلُّت ،لوجت هللا ،وابت اء مر ــاتت ،وحس ــن مثوبتت من ري
وحض يص ـ ـ ـ ـ ـ ــب جندَيً من أجل العقيدة نظ ٍر إىل م ن ٍم ،أو جاهٍ ،أو لق ٍ ،أو تقدٍُّم ،أو أتخرَّ ،
بابين ،ولسـ ـ ـ ـ ـ ــان حالت قولت تعاىل ﴿قل إِ َّن هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـالشِل ونس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِكي وشْحمياأ واشش ِال ََِّّللِ ر ِ
الر ِ
واَّنهت َّ
ش ش ش شش ش ْ ش
ك أ ِمرت وأ ششان أ َّشول الْمسلِ ِِ
الْ شعالش ِم ش *حش شش ِر ش
م ش ﴾ [األنعام. ]163 - 162 :
ْ يك لشت شوبِ شذل ش ْ ش
إن الخالص ركن من أرك ـ ــان قبول العم ـ ــل ،ومعلوم َّ
أن العم ـ ــل عن ـ ــد هللا ح يقب ـ ــل إح َّ
ابلخالص ،وتصلي النِيَّة ،ومبوافقة ُّ
السنَّة ،وال َّ ري.
د -الثَّبات:
[الكوف.]28 : احلشيشاةِ ُّ
الدنْـيشا﴾ اك شعْنـه ْم ت ِريد ِزينشةش ْ ﴿وحش تشـ ْعد شعْيـنش ش
ويظهر يف قولت تعاىل ش
الرابينُّ ،قال تعاىل ِ
﴿م شن أعم ينب ي أن يتَّسم بت الدَّاعية َّ ثبات َّ وهذا الثبات اَّذكور فري عن ٍ
ضـ ـ ـ ـ ـ شْحنبشت شوِمْنـه ْم شم ْن يشـْنـتش ِظر شوشما بشدَّلوا الْم ْؤِمنِ ِرجال هللاـ ـ ـ ـ ـ شدقوا ما عاهدوا َّ ِ
اَّللش شعلشْيت فش ِمْنـه ْم شم ْن قش ش ش شش ش ش ش
تشـب ِ
ديالً ﴾ [األحزاب.]23 : ْ
مهمة للثَّبات ـفات إميان ،ورجولة ،وهللا ــدق .وهذه العناهللا ــر َّ ففي ا َيت الكرمية ثالث هللا ـ ٍ
الرفيعة ،والت ـ ـ ـ ـبُّث هبا ،ويبعث عل ألن الميان يبعث عل التم ُّسـ ـ ـ ـك ابلقيم َّ احلق َّ عل اَّنهت ِ
ٍ
مهتمة حمركة للنَّفس حنو هذا ايد ،ري الرجولة ِالرفيع .و ُّ التَّض ـ ـ ـ ــليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ابلنَّفس ليبق اَّبدأ َّ
ص ـ ـ ـدق ول دون الرفيع .وال ِ
وإجا دائماً دافعة حنو ايد األمس ،واَّبدأ َّ ص ـ ـ ـ ارَّ ،
ص ـ ـ ـ ائر ،وال َّ ابل َّ
يتلون معت النسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان،تلول ،أو الت يري ،أو التبديل ،ومن شمثَّ يورث هذا كلُّت الثبات الذأ ح َّ ال ُّ
كان انت ـ ــار ال ـ ــالم يف اَّرحلة ال ِس ـ ـ ـ ِريَّة ،يف ـ ــائر فروي قريش بص ـ ــورةٍ متواز ٍنة ،دون أن
ألأ قبيلة ،وهذه الظاهرة ملالفة لطبيع ـ ـ ـ ـ ــة احلياة القبليَّة آنذاك .وهي إذا أفقدت يكون ثقل كبري ِ
القبلي ،والعصبية حلماية الدَّعوة اجلديدة ،ون رهاَّ ،
فَ،ا ال الم اح تفادة الكاملة من التكوين ِ
أن الدَّعوة ِ
حتقق مص ـ ــاأ الع ـ ــرية الَّيت يف الوقت نفس ـ ــت تؤلِ عليت الع ـ ــائر األخر حب َّ ة َّ
لعل هذا احنفتا اَّتوازن عل انتمت إليها ،وتعلي من قدرها عل حس ــاب الع ــائر األخر ،و َّ
اجلميع أعان عل انت ار ال الم يف الع ائر القرشيَّة العديدة دون حتف ٍ
ُّظات مت ٍ
َّصلة ابلعصبيَّة.
العوام من ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِديق من «تشـْيم» ،وعثمـان بن عفـان من «ب أميَّـة» ،و ُّ
الايبري بن َّ فـأبو بكر ال ِ
وعلي بن أيب طال من «ب هاشــم»، «ب أ ــد» ،ومصــع بن عمري من «ب عبد الدَّار»ُّ ،
الرحن بن عو من «ب زهرة» ،و ـ ـ ـ ــعيد بن زيد من «ب شع ِدأ» ،وعثمان بن مظعون وعبد َّ
إن عدداً من اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم يف هذه اَّرحلة يكونوا من قريش فعبد هللا بن من «ب ش » بل َّ
وعمار بنمازن ،وعبد هللا بن قيس من األش ـ ـ ـ ـ ــعري َّ ، ـعود من ه شذيل ،وعتبة بن ايوان من ٍ مس ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
َي ــر من عنس من شم ْذ ِحت ،وزيد بن حارثة من كل ،والطُّفيل بن عمرو من شد ْو ٍس ،وعمرو بن
عبس ــة من ــليم ،وهللا ــهي الن شَّمرأ من ب الن َِّمر بن قا ِ ـ ـا .لقد كان وا ــلاً َّ
أن ال ــالم
يكن خاهللااً َّ
مبكة(.)2
هطيا ودقَّـ ٍـة ،وأخذ ابأل ب ــاب مع التوُّكل
ٍ َّب هللال هللا عليت و لم طريقت ِ
بكل شق الن ُّ
لقد َّ
فاهتم ابل َّ بية العميقة ،والتَّكوين الدَّقيق ،والتَّعليم الوا ـ ـ ـ ـ ـ ــع ،واححتياط األم ،
َّ عل هللا تعاىل
( )1انظر دعوة هللا ب التكوين والتمك ،د .علي جري ة ،ص 91ـ .92
الصليلة ،للعمرأ (.)133/1 ( )2انظر ِ
السرية النَّبويَّة َّ
133
واحنسياب الطَّبيعي يف ااتمع ،والعداد ال َّامل للمرحلة اليت بعد ِ
الس ِريَّة ألنَّت -عليت َّ
الصالة
أن الدَّعوة إىل هللا تنايل لتكون دعوًة ـ ـ ِـريَّةً ،خياط هبا الفرد بعد الفرد ،بل وال َّس ـ ـالم -يعلم َّ
نايلت لقامة احل َّ ة عل العاَّ ،وإنقاذ من ش ـ ـ ـ ــاء هللا إنقاذه من النَّاس ،من ظلمات ال ِ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
رك،
واجلاهليَّة إىل نور ال الم والتَّوحيد ،ولذلك ك ف هللا تعاىل عن حقيقة هذه الدَّعوة ،وميدا،ا،
اَّكي ب َّ طول الدَّعوة ،وعاَّيتها إن القرآن َّ منذ خطواهتا األوىل حيث َّ
م ش ﴾ [ص. ]87 : قال تعاىل ﴿إِ ْن هو إِحَّ ِذ ْكر لِْلعالش ِ
ش ش
م ش ﴾ [القلم. ]52 : وقال تعاىل ﴿وما هو إِحَّ ِذ ْكر لِْلعالش ِ
ش شش ش
كل الب ر ،ولتنقذ منهم من بقت لت من هللا احلسىن، إن الدَّعوة جاءت لتهاط الب رَّ ، َّ
صـ ـدي ،والبالغ ،والبيان ،والنذار، أن الدَّعوة جاءت ومن خص ــائص ــها العالن ،وال َّ وهذا يع َّ
وحت ُّمل ما ي تَّ عل هذا من التَّكذي ،واليذاء ،والقتل. ش
َّب هللال هللا عليت و لم يف دعوتت َّأول األمر َّإجا هو حال ا تثنائي لظرو ٍ إن ا تسرار الن ِ
هللا ـة ،وهي ظرو بداية الدَّعوة ،و ــعفها ،و ربتها ،وينب ي أن يفهم ــمن هذا ومالبسـ ٍ
ـات خا َّ
الطار.
وإن كان الكتمان واح ـ ــتسـ ـ ـرار ـ ــيا ـ ـ ـةً مص ـ ــلليَّةً يف كث ٍري من أمور ال ـ ــالم يف احلرب،
وال َّسـ ـ ـالم فهو كذلك يف مو ـ ــوي الدَّعوة فاح ـ ــتسـ ـ ـرار هبا كان لض ـ ــرورة فر ـ ــها الواقع ،وإح
لكل النَّاسَّ ،أما اح ـ ــتسـ ـ ـرار مبا ـ ــو ذلك من فاألهللا ـ ــل هو بيان دين هللا ،وشـ ـ ـرعت ،وحكمت ِ
ـرأ إذ ح الو ــائل ،واخلطا ،والتَّفص ــيالت فهو أمر مص ــللي خا ــع للنَّظر ،واحجتهاد الب ـ ِ
حق ،وح يتعلَّق بت بيان ،وح بالغ ،ومن ذلك - للدين ،وح ـ ـ ـ ـ ـ ــكوت عن ٍ ي تَّ عليت كتمان ِ
خيل بقضية البالغ ،والنذارة، مثالً -معرفة عدد األتباي اَّؤمن ابلدَّعوة ،فهــذا أمــر مصللي ح ُّ
يظل راً مض كانت اَّصللة يف ذلك، الر ل من أجلها ،فيمكن أن َّ الَّيت نايلت الكت ،وبعثت ُّ
حض بعد أن هللا ـ ـ ـ ـ ــدي
َّب هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم َّ مع القيام أبمر الدَّعوة ،والتبلي ،ويذا َّ
فَن الن َّ
ظل خيفي أش ـ ـ ـ ـ ـ ــياء كثريًة ح تؤثِر عل مهمة البالغ والبيان، ُّبوة َّ
بدعوتت ،وأنذر النَّاس ،وأعلن الن َّ
اجلاهلي(.)1
ِ كعدد أتباعت ،وأين جيتمع هبم ،وما هي اخلطا الَّيت يتَّهذو،ا إزاء الكيد
135
املبحث الثَّالث
ي يف العود ِّ
املك ِّي البناء العقد ي
سنن:
َّب صلى هللا عليه وسلم يف التَّعامل مع ال ي
أوالً :فقه الن ِّ
تتلكم يف إن بناء الدُّول ،وتربية األمم ،والنُّهوض هبا خيضـ ـ ـ ـ ــع لقوان ،و ـ ـ ـ ــنن ،ونواميسَّ ، َّ
التأمل يف ــرية احلبي اَّصــطف هللاــل هللا عليت مســرية األفراد وال ُّ ـعوب ،واألمم والدُّول ،وعند ُّ
حبكمة ،وقدرةٍ ٍ
فائقة. ٍ السنن ،والقوان
و لم نراه قد تعامل مع ُّ
كل ٍ
زمان، الرَّابنيَّة ،هي أحكام هللا تعاىل الثَّابتة يف الكون عل النسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان يف ِ َّ
إن ال ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنن َّ
يهمنا منها يف هذا الكتاب هو ما يتعلَّق حبركة النُّهوض تعلُّقاً ومكان ،وهي كثرية جداً ،والَّذأ ُّ ٍ
وثيقاً.
الدين ،بل أمر هذا الكون عل ال ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنن رب العاَّ أن جيرأ أمر هذا ِ «ولقد شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء هللا ُّ
حض ح رل جيل من أجيال اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،فيتقاعس، اجلارية ،ح عل ال ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنن اخلارقة ،وذلك َّ
الر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ــة ،وانقط ــاياألولون ابخلوارق ،و تشـع ـد اخلوارق تنايل بع ــد ختم ِ ويقول لق ــد ن ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر َّ
النُّب َّوات»(.)1
إن اَّتدبِر َيت القرآن الكر جيدها حافلةً ابحلديث عن ـ ـ ـ ـ ـنن هللا تعاىل الَّيت ح تتبدَّل، َّ
وح تت َّري ،وجيد عنايةً مللوظةً نبراز تلك ال ُّسـ ـ ـ ـنن ،وتوجيت النَّظر إليها ،وا ـ ـ ــتهراً العربة منها،
والعمل مبقتضياهتا لتكوين ااتمع اَّسلم اَّستقيم عل أمر هللا.
يردهم
يوجت أنظار اَّسلم إىل نن هللا تعاىل يف األرض ،فهو بذلك ُّ والقرآن الكر حينما ِ
إىل األهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــول الَّيت درأ وفقهــا ،فهم ليس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا بــدع ـاً يف احليــاة فــالنَّواميس الَّيت حتكم الكون،
وال عوب ،واألمم ،والدُّول ،واألفراد جارية ح تتهلَّف ،واألمور ح َتضي جايافاً ،واحلياة ح درأ
وإجا تتبع هذه النواميس ،فَذا درس اَّس ـ ـ ـ ــلمون هذه ال ُّسـ ـ ـ ـ ـنن ،وأدركوا م ازيها يف األرض عبثاً َّ
تك َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـفت يم احلكمة من وراء األحداث ،وتبيَّنت يم األهدا من وراء الوقائع ،واطمأنُّوا إىل
ثبات النِظام الَّذأ تتبعت األحداث ،أو إىل وجود احلكمة الكامنة وراء هذا النِظام ،وا ـ ـ ــت ـ ـ ـرفوا
يقررها قول هللا تعاىل ﴿لشت م شع ِقبشات ِم ْن اَّهمة عل طريق النُّهوض ال ُّس ـ ـنَّة الَّيت ِ من ال ُّس ـ ـنن َّ
اَّللش حش يـ شِري شما بِشق ْوٍم شح َّض يـ شِريوا شما ِأبشنْـف ِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِه ْم شوإِذشا بشْ ِ يش شديْ ِت شوِم ْن شخ ْل ِف ِت شْ شفظونشت ِم ْن أ ْشم ِر َّ
اَّللِ إِ َّن َّ
ال ﴾ [الرعد. ]11 : اَّلل بِشقوٍم وءا فشالش مرَّد لشت وما شيم ِمن دونِِت ِمن و ٍ
ْش أ ششر شاد َّ ْ ً ش ش ش ش ْ ْ
الرَّابنيَّة ابلتَّمك ل َّمة ال ـ ـ ــالميَّة وا ـ ـ ـ ـ اية الو ـ ـ ــو ذلك أ َّن وارتباط هذه ال ُّسـ ـ ـ ـنَّة َّ
بد من التَّ يري ،كما َّ
أن ظل الو ـ ـ ــع احلاس ل َّمة ال ـ ـ ــالميَّة ،فال َّ التَّمك ح ميكن أن يتأتَّ يف ِ
ألم ٍة ارتضـ ــت لنفسـ ــها حياة اَّذلَّة ،والتهلُّف ،و حتاول أن ت ِري ما ح َّل هبا التَّمك لن يتلقَّق َّ
تتلرر من أ ره(.)2 من واق ٍع ،وأن َّ
مرةٍ ،وقف يف وجهت واقع ــهم ،واقع اجلاييرة العربيَّة ،وواقع الكرة «وال ــالم يوم جاء َّأول َّ
األر ـ ـيَّة ،ووقفت يف وجهت عقائد وتصـ ـ ُّـورات ،ووقفت يف وجهت قيم وموازين ،ووقفت يف وجهت
أنظمة ،وأو اي ،ووقفت يف وجهت مصاأ ،وعصبيات.
كانت اَّسـ ــافة ب ال ـ ــالم يوم جاء وب واقع النَّاس يف اجلاييرة العربيَّة ،ويف األرض كافَّةً،
مس ـ ـ ــافةً هائلةً ،وكانت النُّقلة الَّيت يريدهم عليها بعيد ًة بعيد ًة ،وكانت تس ـ ـ ــاند الواقع أحقاب من
الدين اجلديد، التَّاري ،وأش ــتات من اَّص ــاأ ،وألوان من القو ،وقفت كلُّها ــداً يف وجت هذا ِ
الَّذأ ح يكتفي بت يري العقائد ،والتَّصـ ـ ـ ُّـورات ،والقيم ،واَّوازين ،والعادات ،والتَّقاليد ،واألخالق،
واَّ ـ ـ ــاعر َّإجا يريد كذلك أن ي ِري األنظمة ،واألو ـ ـ ــاي ،وال َّ ـ ـ ـ ـرائع ،والقوان ،كما يريد انتاياي
لريدها إىل هللا ،وإىل ال الم»(.)3 قيادة الب ريَّة من يد الطَّا وت ،واجلاهليَّة َّ
مرةً أخر ،فقد حدث ما حدث شوفْ شق ـ ـن ٍَّة مرةً ميكن أن دث َّ أن ما حدث َّ ـك َّ«وح ش ـ َّ
الصلابة ر ي هللا عنهم هلل قبل البعثة تصوراً فيت قصور ،ونقص ،فهم ينلرفون كان تصور َّ
شمسشائِِت
ين يـ ْل ِلدو شن ِيف أ ْ َّ ِ ِ ﴿وََِّّللِ األ ْ ِ
احل ْس ـ ـ شىن فش ْادعوه هبشا شو شذروا الذ ش
شمسشاء ْ عن احلق يف أمسائت ،وهللاـ ــفاتت ش
ش ـ ـ ـي ْ شايْو شن شما شكانوا يشـ ْع شملو شن ﴾ [األعراف ،]180 :فينكرون بعض هللا ـ ــفاتت ،ويس ـ ـ ُّـمونت أبمساء ح توفيق
( )1انظر ِ
ألية اجلهاد يف ن ر الدَّعوة ،لعلي العلياين ،ص .47
142
﴿ما يشـ ْل ِفم ِم ْن
ش وح كبريةً إح أحصـ ــاها ،و ـ ــين ـ ــر ذلك يف اللَّلظة اَّنا ـ ــبة ،والوقت اَّنا ـ ـ
عتِيد﴾ [ق. ]18 : ِ ِ
قشـ ْوٍل إِحَّ لش شديْت شرقي ش
- 6وأنَّت ــبلانت يبتلي عباده أبموٍر هالف ما بُّون ،وما يشهوون ليعر النَّاس ش
معاد،م،
ومن منهم ير ـ بقضــاء هللا ،وقدره ،ويســلم لت ظاهراً وابطناً ،فيكون جديراً ابخلالفة ،والمامة،
والس ــيادة ،ومن منهم ي ض ـ ـ ،ويس ــها ،فيكون جايايه ض ـ ـ هللا ،وعدم إ ــناد ش ـ ٍ
ـيء إليت ش ش
شح شس ـ ـ ـ ـ ـن شع شمالً شوه شو الْ شع ِايياي الْ شفور ﴾ [امللك ،]2 :وذلك ﴿الَّ ِذأ خلشق الْموت و ْ ِ
احلشيشا شة ليشـْبـل شوك ْم أشيُّك ْم أ ْ ش ش شْ ش ش
مع علمت ابل َّيء قبل وقوعت.
- 7وأنَّت بلانت يوفِق ،ويؤيِد ،وينصر من جلأ إليت ،وحذ حبماه ،ونايل عل حكمت يف ِ
كل
ِِ ش ﴾ [األعراف. ]196 : ِ ما رل ،وما يذر ﴿إِ َّن ولِيِي َّ ِ
الصاحل اَّلل الَّذأ نـشَّايشل الْكتش ش
اب شوه شو يشـتشـ شوَّىل َّ ش ش
ويوحدوه ،فال ي ركوا بت شيئاً - 8وأنَّت -بلانت وتعاىل -حقُّت عل العباد أن يعبدوهِ ،
اعب ْد وكن ِمن ال َّاكِ ِرين ﴾ [الزمر. ]66 : ﴿بش ِل َّ
ش اَّللش فش ْ ش ْ ش
- 9وأنَّت -بلانت -حدَّد مضمون هذه العبوديَّة ،وهذا التَّوحيد يف القرآن العظيم(.)1
األول ر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي هللا عنهم ،عل فهم هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــفات هللا ،وأمسائت احلس ـ ـ ـ ـ ـ ــىن ،وعبدوه الرعيل َّ وترىب َّ
َّ
مبقتضــاها فشـ شعظ شم هللا يف نفو ــهم ،وأهللاــب ر ــاه ــبلانت ايةش مقصــدهم ،و ــعيهم ،وا ــت ــعروا
ـايل وهللا مطَّلع عليه ـ ـ ــاَّ ،
وتطهر كل األوق ـ ـ ــات ،فكبلوا ا نفو هم من أن ت ـ ـ ـ َّ مراقبت ـ ـ ــت يم يف ِ
متصر مع هللالاب ــة ر ول هللا هللال هللا عليت و لم من ال ِ رك قميع أنواعت ،واء من اعتقاد ِ
إحياء ،أو إمات ٍـة ،أو إعدام ،أو ٍ إجياد ،أو ٍ شيء ،من تدبري الكون من ٍ أأ ٍ وجل -يف ِ عاي َّهللا َّ -
شيء من مقتضيات إذن من هللا بلانت ،أو اعتقاد منازٍي لت يف ٍ شر ب ري ٍ طل خري ،أو دفـ ـ ـ ـ ــع ٍ
أمسائت وهللافاتت ،كعلم ال ي ،وكالعظمة ،والكربَيء ،وكاحلاكميَّة اَّطلقة ،وكالطَّاعة اَّطلقة ،وحنو
ذلك(.)2
المي،
ُّ الرشيدة ل فراد عل التَّوحيد هي األ اس الَّذأ قام عليت البناء ال َّ
إن ال َّ بية النَّبويَّة َّ
ـول دعا قومت إىل فكل ر ـ ٍ ص ـليلة الَّيت ــار عليها األنبياء واَّر ــلون من قبلُّ ، وهي اَّنه يَّة ال َّ
وحا إِ شىل قشـ ْوِم ِت إِِين لشك ْم نش ِذير
﴿ولششق ْد أ ْشر ش ـ ـ ْلنشا ن ً
إفراد هللا ابلعبادة .قال تعاىل عن نو عليت الس ــالم ش
( )2انظر ِ
ألية اجلهاد يف ن ر الدَّعوة ،ص .53
143
اَّلل إِِين أشخا علشيكم ع شذاب يـوٍم أشلِي ٍم ﴾ [هود ، ]26 - 25 :وقال عن ٍ ِ ِ
هود ش ش ْ ْ ش ش شْ مب *أش ْن حش تشـ ْعبدوا إحَّ َّش
اَّللش شما لشك ْم ِم ْن إِلش ٍت ش ْريه إِ ْن أشنْـت ْم إِحَّ ودا شقال َيقشـ ْوِم ْاع بدوا َّ شخاه ْم ه ً
ٍ
﴿وإِ شىل شعاد أ ش عليت الس ـ ـ ـ ـ ـ ــالم ش
احلًا قشال َيقشـ ْوِم ا ْعبدوا م ْف و شن ﴾ [هود ،]50 :وقال عن هللاــاأ عليت الســالم ﴿وإِ شىل ششود أشخاهم هللا ـ ِ
ش ش ْ ش ش ش
ض شوا ْ ـتشـ ْع شمشرك ْم فِ شيها فشا ْ ـتشـ ْ ِفروه مثَّ توبوا إِلشْي ِت إِ َّن شرِيب اَّللش شما لشك ْم ِم ْن إِلشٍت ش ْريه ه شو أشنْ ش ـأشك ْم ِم شن األ ْشر ِ َّ
شخاه ْم ش ـ شعْيـبًا قشال َيقشـ ْوِم ﴿وإِ شىل شم ْديش شن أ ش ٍ
قش ِري جمي ﴾ [هود ،]61 :وقال عن شــعي عليت الســالم ش
ِ
ِ ِ ِ ِ ٍ
شخا شعلشْيك ْم اَّللش شما لشك ْم م ْن إِلشت ش ْريه شوحش تشـْنـقص ـ ـ ـوا الْمكْيش شال شوالْم شيايا شن إِِين أ ششراك ْم شٍْري شوإِِين أ ش ْاعبدوا َّ
اعبدوه شه شذا اَّللش شرِيب شوشربُّك ْم فش ْ يا ﴾ [هود ،]84 :وقال عن عيس ـ عليت الســالم ﴿إِ َّن َّ ع شذاب يـوٍم ِحم ٍ
ش ش شْ
هللاراط مستش ِقيم ﴾ [آل عمران.]51 : ِ
ش ْ
ص ـ ـالة وال َّس ـ ـالم -كلُّهم دعوا لتوحيد األلوهيَّة ،وهو إفراد هللا فالر ــل -عليهم ال َّ وابجلملة ُّ
﴿ولششق ْد بشـ شعثْـنشا ِيف ك ِل أ َّم ٍة شر ـ ـ ـ ـوحً أش ِنتعاىل ابلعبادة ،واجتناب الطَّا وت ،واألهللا ـ ـ ــنام .قال تعاىل ش
ض ـ ـ ـ ـالشلشة فش ِس ـ ـ ـ ـريوا ِيف
َّت شعلشْي ِت ال َّ اَّلل واجتشنِبوا الطَّا وت فش ِمْنـهم من ه شد َّ ِ
اَّلل شومْنـه ْم شم ْن شحق ْ ْ شْ ش ش ْاعبدوا َّش ش ْ
ذبِ ش ﴾ [النحل.]36 : ض فشانْظروا شكيف شكا شن عاقِبة الْم شك ِ األ ْشر ِ
ش ش ْ ش
رىب ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم هللا ــلابتت عل دريد التَّوحيد أبنواعت كلِها ،وكان وقد َّ
اَّوحد اية التَّوحيد ﴿ق ْل إِنَِّ شه شد ِاين شرِيب إِ شىل هو هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم مثاحً حيَّاً للمؤمن ِ
هللاـ ـ ـالشِل شونسـ ـ ـ ِكي ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ٍ
هللاـ ـ ـشراط م ْسـ ـ ـتشقي ٍم ديناً قيش ًما ملَّةش إِبْـشراه شيم شحني ًفا شوشما شكا شن م شن الْم ْ ـ ـ ـ ِرك ش *ق ْل إِ َّن ش
ك أ ِم ْرت شوأ ششان أ َّشول الْم ْس ـ ـ ـ ـلِ ِم ش *ق ْل أش ش ْ شري َّ
اَّللِ ِ
يك لشت شوبِ شذل ش ب الْ شعالش ِم ش *حش شش ـ ـ ـ ـ ِر ش وشْحمياأ واشش ِال ََِّّللِ ر ِ
ش ش ش شش
س إِحَّ شعلشْيـ شها شوحش تش ِاير شوا ِزشرة ِوْزشر أخر مثَّ إِ شىل ب ك ِل شش ـ ـ ـ ـ ـي ٍء شوحش تش ْك ِس ـ ـ ـ ـ ـ ك ُّل نشـ ْف ٍ أشبْ ِي شرًّاب شوه شو شر ُّ
ْ
ن ﴾ [األنعام.]164 - 161 : شربِك ْم شم ْرِجعك ْم فشـيـنشـبِئك ْم ِمبشا كْنـت ْم فِ ِيت شهْتشلِفو ش
ص ـلابة يف فتطهر ال َّ
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم ألهللاــلابت شارها اَّباركة َّ وقد آتت تربية َّ
ص ـ ـ ـفات ،فلم تكموا إح الربوبيَّة ،وتوحيد األمساء وال ِ ـاد توحيد األلوهيَّة ،وتوحيد ُّ اجلملة اَّا يض ـ ـ ـ ُّ
إىل هللا وحده ،و يطيعوا ري هللا ،و يتَّبعوا أحداً عل ري مر ـ ـ ــاة هللا ،و بُّوا ري هللا كل
هللا ،و خي ـ ـ ـ ـوا إح هللا ،و يتوَّكلوا إح عل هللا ،و يلت ئوا إح إىل هللا ،و يدعوا دعاء اَّسـ ـ ـ ــألة
واَّ فرة إح هلل وحده ،و يذحبوا إح هلل ،و ينذروا إح هلل ،و يس ـ ــت يثوا إح ابهلل ،و يس ـ ــتعينوا -
فيما ح يقدر عليت إح هللا -إح ابهلل وحده ،و يركعوا ،أو يس ـ ـ ـ ـ ـ دوا ،أو ش ُّ وا ،أو يطوفوا ،أو
يتعبَّدوا إح هلل وح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده ،و ي ش ـبِهوا هللا ح ابَّهلوقات ،وح ابَّعدومات بل َّنايهوه اية التَّناييت،
144
يف ،أو تعطي ٍل، وأثبتوا لت ما أثبتت لنفس ـ ـ ـ ــت ،أو أثبتت لت ر ولت هللال هللا عليت و لم ،من ري حتر ٍ
أتويل ،و خيافوا خو ال ِس ـ ـ ِر إح من هللا وحده ،و يص ــرفوا الطَّاعة اَّطلقة إح هلل وحده ،و أو ٍ
الرزق ،والعلم ي ـ ـ ــركوا أحداً من خلقت يف خا ِهللا ـ ـ ـيَّ ٍة من خصـ ـ ــائص ربوبيَّتت كالحياء ،والماتة ،و ِ
اَّيا ،والقدرة الباهرة ،والقيُّوميَّـ ـ ـ ــة ،والبقاء اَّطلق ،والتَّلليل ،والتَّلر ،وحنو ذلـ ـ ـ ــك جعلنا هللا
وس ذلك ،والقادر عليت(.)1 اَّن ِقق التَّوحيد قوحً ،وعمالً ،واعتقاداً ،إنَّت ُّ
حمم ٍد هللا ــل هللا عليت و ــلم اَّك ُّي مو ِ ـ ـلاً عقيدة التَّوحيد ،ومثبِتاً لر ــالة َّ وقد جاء القرآن ِ
َّاس بش ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًريا شونش ِذ ًيرا شولش ِك َّن أش ْكثشـشر
اك إِحَّ شكافَّةً لِلن ِ ﴿وشما أ ْشر ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْلنش ش
اجلن كافةً .قال تعاىل ش إىل النس ،و ِ
اَّللِ إِلشْيك ْم شِ ًيعا الَّ ِذأ َّاس حش يشـ ْعلشمو شن ﴾ [س ــبأ ، ]28وقال تعاىل ﴿ق ْل شَيأشيـُّ شها النَّاس إِِين شر ـ ـول َّ الن ِ
َّب األ ِم ِي الَّ ِذأ ض حش إِلشتش إِحَّ ه شو ْيِي شوميِيت فش ِآمنوا ِاب ََّّللِ شوشر ـ ـ ـ ـ ـ ـولِِت النِ ِ ات شواأل ْشر ِ لشت م ْلك ال َّسـ ـ ـ ـ ـ ـماو ِ
شش
هللاـ ـ ـ ـشرفْـنشا إِلشْي ش
﴿وإِ ْذ ش ِ ِ ِ ِ ِِ ِ
ك نشـ شفًرا يـ ْؤمن اب ََّّلل شوشكل شماتت شواتَّبعوه لش شعلَّك ْم شهتْتشدو شن ﴾ [األعراف ،]158 :وقال تعاىل ش
ِ َّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ اجل ِن يش ْستش ِمعو شن الْقرآن فشلـ ـ ـ ـ َّـما شح ش
ِمن ِْ
ين *قشالوا ضروه قشالوا أشنْصتوا فشلـ ـ ـ ـ َّـما قض شي شول ْوا إ شىل قشـ ْومه ْم مْنذر ش ش
احلشِق شوإِ شىل طش ِر ٍيق ِ ِ
صـ ـ ـ ـ ـ ـدقًا ل شما بشْ ش يش شديْ ِت يشـ ْهدأ إِ شىل ِْ ِ ِ ِ ِ
شَيقشـ ْوشمنشا إِ َّان شمس ْعنشا كتش ًااب أنْ ِايشل م ْن بشـ ْعد مو ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ م ش
اب أشلِي ٍم ﴾ اَّللِ و ِآمنوا بِ ِت يـ ْ ِفر لشكم ِمن ذنوبِكم و ِجيركم ِمن شع شذ ٍ
ْش ْْ ْ ش ْ ْ ْ
ِ ِ
*َيقشـ ْوشمشنا أشجيبوا شداع شي َّ ش
ِ
م ْس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتشقي ٍم ش
حمم ٍد هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا [األحقاف ]31 - 29 :و ري هذه ا َيت يف القرآن الكر كثري ،والَّيت تثبت ر ـ ـ ـ ـ ــالة َّ
اجلن كافَّةً(.)2 عليت و لم لإلنس و ِ
ص ـ ـ ـ ـليلة حول ص ـ ـ ـ ـلابة ر ـ ـ ـ ــي هللا عنهم العقيدة ال َّ اَّك ُّي يف قلوب ال َّ وكما ر َّ ـ ـ ـ ـ القرآن ِ
هللال عقيدهتم حـول اَّالئكة، الر الـة َّ الر ول هللال هللا عليت و لم و ِ التَّوحيد أبنواعـت ،وحول َّ
و َّأ،م خلق من خلقت ،يس ـ دون لت ،وح يســتكربون عن عبادتت ،وليس يم شــرك يف ال َّس ـماء وح
يف األرض ،و َّأ،م ح يض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـرون وح ينفعون أحداً إح أبمره ـ ـ ـ ـ ـ ــبلانت ﴿ويس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبِ الَّرعد ِحبم ِدهِ
ْ شْ ش ش
اَّللِ شوه شو ششـ ـ ِديد صـ ـي ِهبشا شم ْن يش ش ـ ـاء شوه ْم جيش ِادلو شن ِيف َّ اعق فشـي ِ والْمالشئِ شكة ِمن ِخي شفتِ ِت ويـرِ ـ ـل ال َّ ِ
صـ ـ شو ش شْ ْ ش ش
ض ِم ْن شدآبٍَّة شوالْ شمالشئِ شكة شوه ْم حش ات شوشما ِيف األ ْشر ِ السماو ِ ِ الْ ِمل ِال ﴾ [الرعدِ ِ ،]13 :
﴿و ََّّلل يش ْس د شما يف َّ ش ش ش ش
اع ِل الْ شمالشئِ شك ِة ر ـ ـ ـالً أ ِوس ضج ِ ِ يس ـ ـ ـتشكِْربو شن ﴾ [ النحلِ ِ ِ ْ ، ]49 :
﴿احلش ْمد ََّّلل فشاط ِر ال َّس ـ ـ ـ شم شاوات شواأل ْشر ِ ش شْ
اَّللش شعلش ك ِل شش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْي ٍء قش ِدير ﴾ [فاطر، ]1 : اخلشْل ِق شما يش ش ـ ـ ـ ـ ـ ـاء إِ َّن َّ ي يشِاييد ِيف ْ شجنِ شل ٍة شمثْ شىن شوثالش ش
ث شورشاب ش أْ
( )1انظر ِ
أليَّة اجلهاد يف ن ر الدَّعوة ،ص .55 ، 54
( )2انظر ِ
أليَّة اجلهاد يف ن ر الدَّعوة ،ص .56
145
ض شوشما شي ْم ات شوحش ِيف األ ْشر ِ السماو ِ ٍِ ون َِّ ِ ِ ﴿ق ِل ْادعوا الَّ ِذين شزعمتم ِمن د ِ
اَّلل حش ميشْلكو شن مثْـ شق شال ذش َّرة يف َّ ش ش ش شْ ْ ْ
ِ َّ ِ ِِ ِ ِ ٍ
ك حش يش ْس ـ ـ ـتشكِْربو شن شع ْن ين ِعْن شد شربِ ش ِ ِ ٍِ
فيه شما م ْن ش ـ ـ ـ ْرك شوشما لشت مْنـه ْم م ْن ظشهري ﴾ [سـ ــبأ﴿ ، ]22 :إ َّن الذ ش
ن ﴾ [األعراف. ]206 : ِعبش شادتِِت شوي شسبِلونشت شولشت يش ْس دو ش
اَّك ُّي يف قلوب اَّؤمن أب لوب القرآن وكذلك ائر أركان الميان األخر ،ر ها القرآن ِ
الر ـ ــول هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم اَّع اي ،وو َّـ ـ ـلها للنَّاس كافَّةً فب َّ كيفيَّة إنايال القرآن عل َّ
ْث شونشـَّايلْنشاه تشـْن ِاييالً ﴾ [اإلس ـ ـراءَّ ، ]106 : َّاس علش مك ٍ ِ
شح شس ـ ـ ـ شن
﴿اَّلل نشـَّايشل أ ْ ﴿وقرآانً فشـشرقْـنشاه لتشـ ْقشرأشه شعلش الن ِ ش ش
ين شخيْ ش ـ ـ ْو شن شرَّهب ْم مثَّ تشلِ جلوده ْم شوقـلوهب ْم إِ شىل َّ ِ ِ ِ ِ ِ
احلشديث كتش ًااب متش ش ـ ـاهبًا شمثشاينش تشـ ْق ش ـ ـعُّر مْنت جلود الذ ش
ِْ ِ ِ
﴿وشما ِ ٍ
اَّلل فش شما لشت م ْن شهاد ﴾ [الزمر ،]23 :ش ض ـلِ ِل َّ
اَّللِ يشـ ْه ِدأ بِِت شم ْن يش ش ـاء شوشم ْن ي ْ ك ه شد َّ ِذ ْك ِر َِّ ِ
اَّلل ذشل ش
اب الَّ ِذأ شجاءش بِِت ِ ٍ ِ اَّللش شح َّق قش ْد ِرهِ إِ ْذ قشالوا شما أشنْـشايشل َّ
اَّلل شعلش بش ش ـ ٍر م ْن شش ـ ْيء ق ْل شم ْن أشنْـشايشل الْكتش ش قش شدروا َّ
و،شا شوهْفو شن شكثِ ًريا شوعلِ ْمت ْم شما شْ تشـ ْعلشموا أشنْـت ْم شوحش يس تـْبد ش ِ ِ ِ
مو ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ن ًورا شوهد ً للنَّاس شْد شعلونشت قشـشراط ش
ن ﴾ [األنعام. ]91 : اَّلل مثَّ شذ ْره ْم ِيف شخ ْو ِ ِه ْم يشـ ْل شعبو ش آابيك ْم ق ِل َّ
ش
ض شولششق ْد ِ
الس شم شاوات شواأل ْشر ِ ك أ ْشعلشم ِمبش ْن ِيف َّ وب َّ بلانت َّ
﴿وشربُّ ش
أن لت كتباً ري القرآن الكر ش
اب ِاب ْحلشِق ض وآتشـيـنشا داوود زبورا ﴾[اإلسـ ـ ـ ـراء﴿ ،]55 :نشـَّايشل علشي ش ِ ض ـ ـ ـ ـ ـ ْلنشا بشـ ْع ش ِِ
ك الْكتش ش شْ ض النَّبي ش شعلش بشـ شع ٍ ش ْ ش ش ش ً فش َّ
ِِ ِ م ِ ِ
يل ﴾[آل عمران ،]3 :وب َّ ـ ـ ـ ـ ــبلانت أنَّت بعث كثرياً من ص ـ ـ ـ ـ ـدقًا ل شما بشْ ش يش شديْت شوأشنْـشايشل التـ َّْوشرا شة شوال ُْ ش ش
﴿وشك ْم أ ْشر ش ـ ـ ـ ـ ْلنشا ِم ْن نشِ ٍب ِيف األ َّشولِ ش ﴾[الزخرف ،]6 :فبعض ـ ـ ـ ــهم ذكرهم القرآن ،وبعض ـ ـ ـ ــهم األنبياء ش
ك ك ِمْنـهم من قشص ـص ـنشا علشي ش ِ ِ ِ
ص شعلشْي ش ك شومْنـه ْم شم ْن شْ نـش ْقص ـ ْ ﴿ولششق ْد أ ْشر ش ـ ْلنشا ر ـالً م ْن قشـْبل ش ْ ش ْ ش ْ ش ْ يذكرهم ش
ِ اَّللِ ق ِ
اَّللِ فشَِ شذا شجاءش أ ْشمر َّ وما شكا شن لِر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ك ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شي ِاب ْحلشِق شو شخ ِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشر هشنال ش ول أش ْن شرِْلش ِريشٍة إِحَّ نِِ ْذ ِن َّ ش شش
ن﴾[غافر.]78 : الْمْب ِطلو ش
الصحابة: رابعاً :وصف اجلنَّة يف القرآن الكرمي ،وأثره على َّ
مكَّية يذكر فيها فقل أن توجد ـ ـ ـ ـ ـ ــورة ِ اَّك ُّي عل اليوم ا خر اية ال َّكيايَّ ، رَّكاي القرآن ِ
اَّعذب ،وكيفية ح ـ ـ ــر النَّاس وحما ـ ـ ــبتهم، بعض أحوال يوم القيامة ،وأحوال اَّنعَّم ،وأحوال َّ
ضتت اَّللش شح َّق قش ْد ِرهِ شو ْاأل ْشرض شِ ًيعا قشـْب ش
﴿وشما قش شدروا َّ
ش أأ الع
لكأن النسان ير يوم القيامة ر ش حض َّ َّ
صـعِ شق
صـوِر فش ش ماوات شمطْ ِوََّيت بِيش ِمينِ ِت ـْب شلانشت شوتشـ شع شاىل شع َّما ي ْ ـ ِركو شن * شون ِف ش ِيف ال ُّ ِ ِ
يشـ ْوشم الْقيش شامة شوال َّسـ ش
اَّلل مثَّ ن ِف ش فِ ِيت أخر فشَِ شذا هم قِيشام يشنظرو شن * ض إَِّح شمن شش ـ ـ ـ ـ ـاء َّ من ِيف ال َّس ـ ـ ـ ـ ـماو ِ
ات شوشمن ِيف ْاأل ْشر ِ شش ش
ت األشرض بِنوِر رِهبا وو ِ ـع الْ ِكتشاب وِجيء ِابلنَّبِيِ وال ُّ ـه شد ِاء وق ِ
ض ـ شي بشـْيـنشـه ْم ِاب ْحلشِق شوه ْم حش وأش ْش ـرقش ِ
شش ش ش ش ش شش ش ش ْ ش ش
146
ين شك شفروا إِ شىل شج شهن شَّم زشمًرا س ما ع ِملشت وهو أشعلشم ِمبا يـ ْفعلو شن *و ِ ـ ـ ـ ـ َّ ِ يظْلشمو شن ِ
يق الذ ش ش ش ت ك ُّل نشـ ْف ٍ ش ش ْ ش ش ْ ش ش ش *ووفيش ْ
ش
ت أشبْـ شواهبشا شوقش شال شي ْم شخشاينشـتـ شها أششْ شرْتِك ْم ر ـل ِمْنك ْم يشـْتـلو شن شعلشْيك ْم آَيت شربِك ْم ح َّض إِ شذا جاء ِ
وها فت شل ْ ش ش ش
ين *قِي شـل ْادخلوا ِ ِ
َّت شكل شمـة الْ شعـ شذاب شعلش الْ شكـاف ِر ش
ويـْنـ ِذرونشكم لِشقـاء يـوِمكم هـ شذا قشـالوا بـلش ولش ِكن حقـ ِ
ش ش ْ ش ْ ْ ش شْ ْ ش ش
يق الَّ ِذي شن اتَّـ شق ْوا شرَّهب ْم إِ شىل ْ
اجلشن َِّة زشمًرا شح َّض أشبـواب جهنَّم خالِ ِدين فِيها فشبِْئس مثْـو الْمتش شكِ ِربين ِ
*و ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ش
ش ش ش شش ْش ش ش ش ش ش ش ش
ِِ ِ ِ
*وقشـالوا
ين ش إِذشا شجـاءوشهـا شوفت شلـ ْ
ت أشبْـ شواهبـشا شوقشـ شال شي ْم شخشاينـشتـ شهـا ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالشم شعلشْيك ْم طْبـت ْم فشـ ْادخلوشهـا شخـالـد ش
ِِ ِ احلمد ََِّّللِ الَّ ِذأ هللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شدقشـنشا و ْع شده وأشورثشـنشا األشرض نشـتشـبـ َّوأ ِمن ْ ِ
شجر الْ شعامل ش اجلشنَّة شحْيث نش ش ـ ـ ـ ـ ـ ـاء فشن ْع شم أ ْ ْ ش ش ش ش ش ْش ش ْش ْ
احلش ْمد
يل ْ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ ِ
*وتشـشر الْ شمالشئ شكةش شحآف ش م ْن شح ْول الْ شع ْرش ي شس ـ ـبلو شن حبش ْمد شرهب ْم شوقضـ ـ ـ شي بشـْيـنشـه ْم اب ْحلشق شوق ش ش
ب الْ شعالش ِم ش ﴾ [الزمر. ]75 - 67 : ََِّّللِ ر ِ
ش
صـ ـ ـلابة أميَّا أتثري وقد جاءت ا َيت الكرمية مبيِنةً ،واهللا ـ ــفةً لل نَّة ،فأثـَّشر ذلك يف نفوس ال َّ
أن يا أبواابً ،وفيها درجات ،ودرأ من حتتها فمما جاء يف وهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــف اجلنَّة َّأ،ا ح مثيل يا ،و َّ َّ
األ،ار ،وفيها عيون ،وقص ـ ــور ،وخيام ،وفيها أشـ ـ ـ ار متنوعة ،كس ـ ــدرة اَّنته ،وش ـ ـ رة طوىب،
وحتدَّث القرآن الكر عن نعيم أهلها ،وطعامهم ،وشراهبم ،وطرهم ،وانيتهم ،ولبا هم ،وحليِهم،
وفرش ـ ـ ــهم ،وخدمهم ،وأحاديثهم ،ونس ـ ـ ــائهم ،وعن أفض ـ ـ ــل ما يـ ْعطاه أهلها ،وعن آخر دعواهم
حبيث أهللاب الوهللاف القرآينُّ لل نَّة مهيمناً عل جوار ،وأحا يس ،وأذهان ،وقلوب اَّسلم ،
ونذكر بعض ما جاء من وهللافها من خالل القرآن الكر
- 1اجلنَّة ال مثيل هلا:
إن نعيم اجلنَّة شــيء أعدَّه هللا لعباده اَّتَّق ،انبع من كرم هللا ،وجوده ،وفضــلت ،ووهللاــف لنا َّ
أن ما أخفاه هللا عنَّا من نعي ٍم ش ــيء عظيم ،ح تدركت وجل -ش ــيئاً من نعيمها ،إح َّ عاي َّ اَّوىل َّ -
العقول ،وح تص ـ ـ ـ ـ ـ ــل إىل كْن ِه ِت األفكار ،قال تعاىل ﴿فشالش تشـ ْعلشم نشـ ْفس شما أ ْخ ِفي شيم ِم ْن قـَّرةِ أ ْشع ٍ
ش ْ
ن ﴾ [السجدة.]17 : شجشاياءً ِمبشا شكانوا يشـ ْع شملو ش
عظيمة من قيام ٍ وقد ب َّ ــبلانت وتعاىل ــب هذا اجلاياء ،وهو ما وفَّقهم إليت من ٍ
أعمال
وإنفاق يف ـ ـ ــبيلت .قال تعاىل ﴿تشـت ا ش جنوهبم ع ِن الْمض ـ ـ ـ ِ
اج ِع يش ْدعو شن شرَّهب ْم شخ ْوفًا شوطش شم ًعا ٍ ليل، ٍ
ْ ش ش ش شش
شوِا ـَّا شرشزقْـنش ـاه ْم يـْن ِفقو شن *فشالش تشـ ْعلشم نشـ ْفس شمـ ـا أ ْخ ِف شي شي ْم ِم ْن قـَّرةِ أ ْشع ٍ شجشاياءً ِمبـشـا شكـ ـانوا يشـ ْع شملو شن ﴾
[السجدة. ]17 - 16 :
- 2درجات اجلنَّة:
َّ
إن أهل اجلنَّة متفاوتون فيما بينهم عل قدر أعمايم ،وتوفيق هللا يم ،وكذلك درجاهتم يف
147
احل ِا خرة ،بعض ـ ـ ـ ـ ـ ــها فوق بعض .قال تعاىل ﴿ومن رْتِِت مؤِمناً قش ْد ع ِمل ال َّ ِ
ك شيم ات فشأولشئِ ش صـــــــ ش ش ش شش ْ ش ْ
الدَّرجات الْعلش ﴾ [طه.]75 :
شش
فوأولياء هللا اَّؤمنون يف تلك الدَّرجات حبس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ إميا،م ،وتقواهم ،قال تعاىل ﴿انْظ ْر شكْي ش
ات وأش ْكرب تشـ ْف ِضيالً ﴾ [اإلسراء ،]21 :وقال َّ ِ ٍ ضه ْم شعلش بشـ ْع ٍ
ين﴿والذ ش ش ض شولشآلخرة أش ْك شرب شد شر شج ش ش ض ْلنشا بشـ ْع ش
فش َّ
شحلشْقنشا هبِِ ْم ذ ِريـَّتشـه ْم شوشما أشلشْتـنشاه ْم ِم ْن شع شملِ ِه ْم ِم ْن ششـ ـ ـ ـ ْي ٍء ك ُّل ْام ِر ٍء ِمبشا آمنوا واتَّـبـعْتـهم ذ ِريـَّتـهم نِِميش ٍ
ان أ ْ ْ ش ش شش ْ
شك شس ش شرِه ﴾ [الطور،]21 :
ين اتَّـ شق ْوا شرَّهب ْم شي ْم شر ِم ْن فشـ ْوقِ شهـا شر شمْبنِيَّـة شْد ِرأ ِم ْن شْحتتِ شهـا األش ْ،ـشار شو ْعـ شد َّ
اَّللِ ِ َّ ِ
﴿لشك ِن الـذ ش
اد ﴾ [الزمر.]20 : حش خيْلِف َّ ِ
اَّلل الْم شيع ش
- 3أهنار اجلنَّـة:
اجلشن َِّة الَِّيت و ِع شد الْمتـَّقو شن ﴿مثشل ْ ٍ
ذكر القرآن الكر يف آَيت عديدة أ،ار اجلنَّة .قال تعاىل ش
فِ شيها أ ْش،شار ِم ْن شم ٍاء ش ِْري آ ِ ـ ـ ـ ـ ٍن وأ ْش،شار ِم ْن لشش ٍ
ب شْ يشـتشـ شَّْري طش ْعمت شوأ ْش،شار ِم ْن طشْ ٍر لش َّذةٍ لِل َّ ـ ـ ـ ـا ِربِ ش شوأ ْش،شار ش
ِِم﴾ [حممد. ]15 : ِ ِ ِ ِ ِ ِ
صف ً شوشي ْم ف شيها م ْن ك ِل الث شَّمشرات شوشم ْفشرة م ْن شرهب ْ م ْن شع شس ٍل م ْ
- 4عيون اجلنَّـة:
يف اجلنـَّة عيون كثرية ،ملتلفــة الطُّعوم ،واَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارب .قــال تعــاىل ﴿إِ َّن الْمتَّ ِق ِيف جن ـ ٍ
َّات ش ش
ون ﴾ [املرســ ـ ـ ــالت ،]41 :وق ــال يفون﴾ [احلجر ،]45 :وق ــال تع ــاىل ﴿إِ َّن الْمت َِّق ِيف ِظالشٍل وعي ٍ وعي ٍ
ش ش ش
ان شْد ِرشَي ِن ﴾ [الرمحن﴿ ،]50 :فِي ِه شمـا
وهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــف اجلنَّت اللَّت أعـ َّـدلــا َّن خــا ربــت ﴿فِي ِهمـا عيـنشـ ِ
ش شْ
ان نشضَّاختش ِ
ان ﴾ [الرمحن. ]66 : عيـنش ِ
ش شْ
مللوط ،وي ـ ــرب منهما األبرار ال َّ ـ ـراب اَّقربون ماءلا ِهللا ـ ـرفاً ري ٍ ويف اجلنَّة عينان ي ـ ــرب َّ
ْ
مللوطاً اايوجاً ب ريه
الع األوىل ع الكافور قال تعاىل ﴿إِ َّن األشبْـشر شار يش ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشربو شن ِم ْن شكأْ ٍس شكا شن ِمشاياج شها شكاف ًورا
أن األبرار ي ـ ـ ـ ـ ـربون و،شا تشـ ْف ِ ًريا ﴾ [اإلنس ـ ـ ــان .]6 - 5 :فقد أخرب َّ اَّللِ يـ شف ِ ر ش
*عْيناً يش ْ ـ ـ ـ ـ ـشرب ِهبشا ِعبشاد َّ
ش
شراهبم اايوجاً من ع الكافور ،بينما عباد هللا ي ربو،ا خالصاً.
*علش األشرائِـ ِ ِ
ك يشـْنظرو شن ش الع الثــانيــة ع التَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــنيم .قــال تعــاىل ﴿إِ َّن األشبْـشر شار لشفي نشـ ْعي ٍم ش
سك فشـ ْليشـتشـنشافش ِ ِ ض ـ ـرةش النَّعِي ِم *يس ـ ـ شقو شن ِمن رِح ٍيق ملشْت ٍوم ِ
*ختشامت ِم ْس ـ ـك شوِيف ذشل ش ْ ن
ش م ه *تشـع ِر ِيف وج ِ
وه ِ
ْ ْ ْش ش ْ ش ْ
148
*عْيناً يش ْ شرب ِهبشا الْم شقَّربو شن ﴾ الْمتشـنشافِسو شن ِ ِ ِ
[املطففني.]28 - 22 : *ومشاياجت م ْن تش ْسني ٍم ش
ش
﴿وي ْس ـ ـ شق ْو شن فِ شيها شكأْ ً ـ ـا شكا شن ِمشاياج شها
ومن عيون اجلنَّة ع تس ـ ـ َّـم ال َّس ـ ـلس ـ ــبيل .قال تعاىل ش
ْلسبِيالً ﴾[اإلنسان.]18 - 17 : ِ ِ
شزُْشبيالً * شعْيناً ف شيها ت شس َّم ش ش
- 5وصف بعض شجر اجلنَّة:
أ -سدرة املنتوى:
أن ر ـولنا وجل -يف كتابت العايياي ،وأخرب -ــبلانت َّ - عاي َّ وهذه ال َّ ـ رة ذكرها اَّوىل َّ -
أن هذه ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ رة عندها جنَّة (ﷺ) رأ جربيل عل هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــورتت اليت خلقت هللا عليها عندها ،و َّ
﴿ولششق ْد شرآه نشـ ْايلشةً أخر * ِعْن شد
اَّأو ،وهذه الس ـ ـ ـ ـدرة ي ـ ـ ـ ــاها ما ح يعلمت إح هللا .قال تعاىل ش
ِ
ِ ِ ِ ِ
صـ ـ ـر شوشما طش ش
غ الْبش ش ـ ـ ـ ْد شرةِ الْمْنـتشـ شه *عْن شد شها شجنَّة الْ شمأْ شو *إ ْذ يشـ ْ ش ـ ـ ـ السـ ـ ـ ْد شرشة شما يشـ ْ ش ـ ـ ـ ش
*ما شزا ش
﴾[النجم.]17 - 13 :
ب -شجرة طوىب:
وهذه ال َّ رة عظيمة كبرية ،تصنع منها ثياب أهل اجلنَّة ،فعن أيب ٍ
عيد اخل ِ
درأ ر ي هللا
عنت قال قال ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم «طوىب ش ـ رة يف اجلنَّة مســرية مئة ٍ
عام ،ثياب
أهل اجلنَّة هرً من أكمامها» [أمحد ( )71/3وأبو يعلى ( )1374وجممع الزوائد (. ])67/10
الراك يف ظلِها مئة عام ،هذه ال َّ ـ ـ رة هائلة ح يقدر قدرها إح الَّذأ ال َّ ـ ـ رة الَّيت يس ــري َّ
الراك لفرس خلقها ،وقد ب َّ الر ول هللال هللا عليت و لم ِعظش شم هذه ال َّ رة ،أب ْن أخرب َّ
أن َّ
عام حض يقطعها إذا ـ ـ ــار أبقص ـ ـ ـ ما ميكنت ،ففي تعد لل ِس ـ ـ ـباق ،تاً إىل مئة ٍ
من اخليل الَّيت ُّ
َّب هللال هللا عليت و لم قال « َّ
إن يف اجلنَّــة ِ
البهارأ عن أيب هريرة ر ي هللا عنت عن الن ِ هللالي
ود ﴾ [ »]30البخاري ()3252 الراك يف ظلِها مئة ـ ٍ
ـنة ،واقريوا إن شــئتم ﴿و ِظ ٍل اشْد ٍ ل ـ رةً يســري َّ
ش
ومسلم (. ])2826
وهذا ُّ
يدل عل شخ ْل ٍق بدي ٍع ،وقدرةِ َّ
الصانع ،بلانت وتعاىل.
- 6طعام أهل اجلنَّـة وشراهبم:
ذكر هللا -بلانت وتعاىل َّ -
أن يف اجلنَّة ما ت تهيت األنفس من اَّاكل ،واَّ ارب فقال
149
اب شوفِ شيها
صلا ٍ ِمن ذش شه ٍ وأش ْكو ٍ ِِ ِ ٍِ
ش ش ْ ﴿وفشاك شهة اَّا يشـتش شه َّريو شن ﴾ [الواقعة ،]20 :وقال ﴿يطشا شعلشْي ِه ْم ب ش ش
ن ﴾ [الزخرف.]71 :شما تش ْ تش ِه ِيت األشنْـفس شوتشـلش ُّذ األ ْشع شوأشنْـت ْم فِ شيها شخالِدو ش
وقد أاب هللا يم أن يتناولوا من خرياهتا ،وألوان طعامها ،وشراهبا ما ي تهون ،فقال ﴿كلوا
اخلشالِي ِة ﴾ [احلاقة. ]24 : ِ ِ ِ
شوا ْششربوا شهنيئًا مبشا أش ْ لش ْفت ْم ِيف األ َّشَيم ْ ش
- 7مخر أهل اجلنَّـة:
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل هللا بت عل أهل اجلنَّة اخلمر ،وطر اجلنَّة ٍ
خال من العيوب، من ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراب الَّذأ يتف َّ
واحفات الَّيت تتَّص ـ ـ ـ ـ ـ ــف هبا طر الدُّنيا ،فهمر الدُّنيا تذه العقول ،وتص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـدي الريوس ،وتوجع
البطون ،وَترض األبدان ،ودل األ ــقام ،وقد تكون معيبةً يف هللا ــنعها ،أو لو،ا ،أو ري ذلك،
كلت ،و يلة ،هللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــافية ،رائعة( .)1قال هللا تعاىل ﴿يطشا فَ،ا خالية من ذلك ِ َّأما طر اجلنَّة َّ
ضاءش لش َّذةٍ لِل َّا ِربِ ش *حش فِ شيها ش ْول شوحش ه ْم شعْنـ شها يـْن ِايفو شن ﴾ ِ ِ
شعلشْي ِه ْم بِ شكأْ ٍس م ْن شمع ٍ *بشـْي ش
ميل
يلتذ هبا شـارهبا ،ح ُّ [ الصافات .]47 - 45 :فقد وهللاـف هللا ال لو،ا (بيضـاء) ،مثَّ ب َّأ،ا ُّ
ابمن ش ـ ـرهبا .وقال يف مو ـ ــع آخر يص ـ ــف طر اجلنَّة ﴿يطو شعلشْي ِهم ِولْ شدان ُّملشلَّدو شن * ِأبش ْكو ٍ
ش ْ ش
ِ ِ
ن ﴾ [الواقعة. ]19 - 17 :
يق شوشكأْ ٍس من َّمع ٍ * حش ي ش
صدَّعو شن شعْنـ شها شوحش يـْن ِايفو ش شوأ ششاب ِر ش
س ِ
*ختشامت ِم ْس ـك شوِيف ذشل ش
ك فشـ ْليشـتشـنشافش ِ وقال تعاىل يف مو ــع آخر ﴿يس ـ شقو شن ِمن رِح ٍيق ملشْت ٍوم ِ
ْ ْ ْش
األول أنت َّ الرحيق هو اخلمر ،ووهللاـ ـ ــف هذا اخلمر بوهللاـ ـ ــف الْمتشـنشافِس ـ ـ ـو شن﴾ [املطففني ،]26 - 25 :و َّ
ملتوم أأ مو ـ ــوي عليت خاذ األمر .الثاين َّأ،م إذا ش ـ ـربوه وجدوا يف ختام ش ـ ـراهبم لت رائلة
اَّسك(.)2
- 8طعام أهل اجلنَّـة وشراهبم ال دنس معه:
مطهرون من أو ــا أهل الدُّنيا .قال ر ــول هللا هللاــل اجلنَّة دار خالصــة من األذ ،وأهلها َّ
هللا عليت و ـ ـ ــلم « َّأول زمرةٍ تدخل اجلنَّة من َّأميت عل هللا ـ ـ ــورة القمر ليلة البدر ،مثَّ الذين يلو،م
عل أش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد ُم يف ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـماء إ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء ًة ،مثَّ هم بعد ذلك منازل ،ح يت َّوطون ،وح يبولون ،وح
151
أهل اجلنَّة يايور بعضــهم بعض ـاً ،وجيتمعون يف جمالس طيبة ،يتلدَّثون ويذكرون ما كان منهم
من هللا بت عليهم من دخول اجلنان .قال هللا تعاىل يف وهللا ـ ــف اجتماي أهل اجلنَّة يف الدُّنيا ،وما َّ
رٍر متشـ شقابِلِ ش ﴾ [احلجر.]47 : ﴿ونشـشاي ْعنشا شما ِيف هللادوِرِه ْم ِم ْن ِ ٍل إِ ْخ شواانً شعلش
ش
َّ
وحدَّثنا القرآن عن أهللاـ ـ ـ ــنا األحاديث اليت يتكلَّمون هبا يف اجتماعهم ش
﴿وأشقْـبش شل بشـ ْعض ـ ـ ـ ـه ْم
اب
اان شع شذ ش ض يشـتش شس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاءشلو شن * قشالوا إِ َّان كنَّا قشـْبل ِيف أ ْشهلِشنا م ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِف ِق ش *فش شم َّن َّ
اَّلل شعلشْيـشنا شوشوقش ش شعلش بشـ ْع ٍ
تذكرهم أهل الرِحيم ﴾[الطور .]28 - 25 :ومن ذلك ُّ ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ِوم *إِ َّان كنَّا ِم ْن قشـْبل نش ْدعوه إِنَّت ه شو الْشُّرب َّ
ض ـككون أهل الميان ،ويدعو،م إىل الكفران ﴿فشأشقْـبشل بشـ ْعض ـ ـه ْم شعلش بشـ ْع ٍ ال ـ ـ ِـر الَّذين كانوا ي ـ ـ ِ
ش
ص ـ ـ ـ ِدقِ ش *أشإِ شذا ِمْتـنشا شوكنَّا تـشر ًااب يـتشس ـ ـ ـاءلو شن *قش شال قشائِل ِمْنـهم إِِين شكا شن ِس قش ِرين *يـقول أشإِن ش ِ
َّك لشم شن الْم ش ش ْ ش ش ش
اجل ِلي ِم *قش شال َِّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
تاتَّلل إِ ْن ك ْد ش شوعظش ًاما أشإ َّان لش شمدينو شن *قش شال شه ْل أشنْـت ْم مطَّلعو شن *فشاطَّلش شع فشـشرآه ِيف ش ـ ـ ـ شواء ْش
ين *أشفش شمـا شْحنن ِمبشيِتِ ش *إِحَّ شم ْوتشـتشـنشـا األ ش ِ ِ ِ
وىل شوشمـا شْحنن ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِر ش
*ولش ْوحش ن ْع شمـة شرِيب لشكْنـت م شن الْم ْل ش لش ْدي ِن ش
ن ﴾ [الصافات.]61 - 50 : ِمب شع َّذبِ ش *إِ َّن شه شذا شي شو الْ شف ْوز الْ شع ِظيم *لِ ِمثْ ِل شه شذا فشـ ْليشـ ْع شم ِل الْ شع ِاملو ش
- 11نساء أهل اجلنَّة:
﴿جنـَّات شعـ ْد ٍن
زوجـة اَّؤمن يف ال ُّـدنيـا هي زوجتـت يف ا خرة إذا كـانـت مؤمنـةً .قـال تعـاىل ش
ب﴾ و،شا ومن هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـلش ِمن آابئِ ِهم وأ ْشزو ِاج ِهم وذ ِرََّيهتِِم والْمالشئِ شكة ي ْدخلو شن شعلشْي ِهم ِمن ك ِل اب ٍ
ْ ْ ش ش يش ْدخل ش ش ش ْ ش ش ْ ش ْ ش ش ْ ش ْ ش ش
[الرعد ،]23 :وهم يف اجلنَّات منعَّمون مع األزواً ،يت ِكئون يف ظالل اجلنَّة مس ـ ــرورين فرح ﴿ه ْم
اجلشنَّـةش أشنْـت ْم شوأ ْشزشواجك ْم ْحت شربو شن﴾
﴿ادخلوا ْ
َّكئو شن ﴾ [يسْ ،]56 : ك مت ِ وأ ْشزواجهم ِيف ِظالشٍل شعلش األشرائِـ ِ
ش ش ش ْ
[الزخرف. ]70 :
- 12احلور العني:
ك شوشزَّو ْجنشـاه ْم ِحبوٍر ِع ٍ ﴾ [الـدخـان ،]54 :واحلور ع حوراء ،وهي الَّيت ِ
قــال تعــاىل ﴿ شكـ شذلـ ش
ع عيناء ،والعيناء هي يكون بياض عينها ش ـ ـ ــديد البياض ،و ـ ـ ـواده ش ـ ـ ــديد ال َّس ـ ـ ـواد ،والع
أب،ن كواع أتراب ،قال تعاىل ﴿إِ َّن َّ وا ـ ـ ـ ـ ـ ــعة الع ،وقد وهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــف هللا يف القرآن احلور الع
اع ش أشتْـشر ًااب﴾ [النبأ .]33 - 31 :والكاع اَّرأة اجلميلة الَّيت برز لِْلمت َِّق م شفازا *ح شدائِق وأ ْشعنشااب *وشكو ِ
شش ً ش شش ً شش
ثديها ،واألتراب اَّتقارابت يف الس ـ ـ ِـن ،واحلور الع من خلق هللا يف اجلنَّة ،أن ـ ـ َّ
ـأهن هللا إن ـ ــاءً
ف علهن أبكاراً ،عرابً أتراابً ﴿إِ َّان أشنْ ش أْ شانه َّن إِنْ ش اءً *فش ش شع ْلنشاه َّن أشبْ شك ًارا عرًاب أشتْـشر ًااب ﴾
152
ينكلهن قبلهم أحد ،كما قال تعاىل ﴿فِي ِه َّن َّ كو،ن أبكاراً يقضـ ـ ــي أنَّت
[الواقعة .]37 - 35 :و َّ
قشا ِهللا ـ ـ ـشرات الطَّْر ِ شْ يشطْ ِمثْـه َّن إِنْس قشـْبـلشه ْم شوحش شجآن ﴾ [الرمحن ، ]56 :وقد حتدَّث القرآن الكر عن
ون ﴾ [الواقعة ]23 - 22 :واَّراد ال نس ـ ـ ـ ـ ــاء أهل اجلنة ،فقال ﴿وحور ِع * شكأشمثش ِال اللَّ ْؤل ِؤ الْمكْن ِ
ش ْ ش
اخلفي اَّصــون ،الَّذأ ي ِري هللاــفاء لونت ــوء ال َّ ـمس ،وح عبث األيدأ ،وش ـبَّ َّ
ههن ُّ ابَّكنون
يف مو ـ ـ ــع آخر ابلياقوت واَّرجان ﴿فِي ِه َّن قشا ِهللاـ ـ ـ ـشرات الطَّْر ِ شْ يشطْ ِمثْـه َّن إِنْس قشـْبـلشه ْم شوحش شجآن
شأ آحشِء شربِك شما ت شك ِذ شاب ِن * شكأ َّشَّ ،ن الْشياقوت شوالْ شم ْر شجان ﴾ [الرمحن . ]58 - 56 :والياقوت واَّرجان *فشِبأ ِ
،ن قاهللارات الطَّر ، ح ران كرميان فيهما ال ،ويما منظر حسن بديع ،وقد وهللاف احلور أب َّ
اجهن ،وقد شـ ـ ــهد هللا
أنظارهن ل ري أزو َّ َّ اجهن ،فلم تطم ـرهن عل أزو َّ وهن اللَّوال ق ش
ص ـ ـ ـ ْر شن بصـ ـ ـ َّ َّ
حلور اجلنَّة ابحلســن ،واجلمال ،وحســبك أن شــهد هللا هبذا ليكون قد بل اية احلســن واجلمال
شأ آحشِء شربِك شما ت شك ِذ شاب ِن ﴾ [الرمحن .]71 - 70 :ونساء اجلنَّة لش ْس شن كنساء ﴿فِي ِه َّن شخ ْ شريات ِح شسان *فشبِأ ِ
فَ،ن مطهرات من احليض والنِفاس ،والبصاق ،واَّهاط ،والبول ،وال ائا(.)1 الدُّنياَّ ،
الر ول هللال هللا عليت و لم عن ال رجال ،ونساء أهل اجلنَّة ،فقال « َّأول وقد حتدَّث َّ
زمرةٍ تلت اجلنَّة هللاـ ـ ـ ـ ـ ــورهتم عل هللاـ ـ ـ ـ ـ ــورة القمر ليلةش البدر ،ح يشـْبص ـ ـ ـ ـ ـ ـقون فيها ،وح ميْتش ِهطو شن ،وح
الذه والفض ـ ـ ـ ــة ،وجمش ِامرهم األل َّوة ،شور ْشـ ـ ـ ـ ـلهم
الذه ،أم ـ ـ ـ ــاطهم من َّ يت َّوطون ،وانيتهم فيها َّ
ِ اَّسك ،و ِ ٍ
احلسن» [البخاري ()3245
لكل واحد منهم زوجتان ،يـشر م ُّ وقهما من وراء اللَّلم من ْ ْ
ومسلم (. ])17/2834
وانظر إىل هذا اجلمال الَّذأ حدَّث بت ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم أهللاــلابشت ،هل دد
أن امرأ ًة من أهل اجلنَّة اطَّلعت إىل أهل األرض أل اءت ما بينهما، لت نظرياً اَّا تعر ؟! «ولو َّ
وَّ تت ر اً ،ولنص ـ ـ ــيفها عل رأ ـ ـ ــها خري من الدُّنيا وما فيها» [البخاري ( )2796وأمحد ( )141/3والرتمذي
( )1651وابن حبان (.])7399
الر ول هللال هللا عليت الصلابـ ــة خيافـ ــون هللا تعاىل ،وخي ونـ ــت ،ويرجونـ ــت ،وكان ل بيـ ــة َّ كان َّ
و ـ ــلم أثر يف نفو ـ ــهم عظيم ،وكان اَّنهت القرآينُّ الَّذأ ـ ــار عليت ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت
ألن القرآن الكر وهللاف أهوال يوم القيامة ،ومعاَّها الصلابة َّ و لم يفعل األفاعيل يف نفوس َّ
وم ْوِر
وطي ال َّس ـ ـ ـ ـماء ،ونس ـ ـ ـ ــف اجلبال ،وتف ري البلار ،وتس ـ ـ ـ ـ ريها ،ش من قبض األرض ودكِهاِ ،
الس ـ ــماء ،وانفطارها ،وتكوير ال ـ ــمس ،وخس ـ ــو القمر ،وتناثر النُّ وم ،وهللا ـ ـ َّـور القرآن الكر
حال الكفَّار ،وذلَّتهم ،وهوا،م ،وحس ـ ـ ـ ـ ـ ـرهتم ،ور ـ ـ ـ ـ ـ ــهم ،وإحباط أعمايم ،وهاهللاـ ـ ـ ـ ـ ــم العابدين
ضـ ـاللة ،وهاهللا ــم الض ــعفاء وال َّسـ ـادة ،وهاهللاـ ـم الكافر وقرينت واَّعبودين ،وهاهللا ــم األتباي وقادة ال َّ
الرو واجلسـ ـ ـ ــد ،وحتدَّث القرآن الكر عن ال َّ ـ ـ ـ ـيطان ،وملاهللاـ ـ ـ ــمة الكافر أعضـ ـ ـ ــاءه ،وهاهللاـ ـ ـ ــم ُّ
ال َّ ـ ـ ـ ـ ـفاعة ،وب َّ ش ـ ـ ـ ــروطها ،واَّقبول منها ،واَّرفوض ،واَّراد ابحلس ـ ـ ـ ــاب واجلاياء ،وعن م ـ ـ ـ ــهد
احلساب ،وهل يسأل الكفار؟ وَّاذا يسألون؟
وحتدَّث القرآن الكر عن احقتصــاص يف اَّظا ب اخللق ،وكيف يكون احقتصــاص يف يوم
أن هنـاك يوم عاي وج َّـل -يف القرآن الكر عظم ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأن ال ِـدمـاء ،وب َّ القيـامـة ،وب اَّوىل َّ -
َّب هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم عن احلوض، القيامة تو ـ ـ ــع اَّوازين الَّيت توزن هبا األعمال ،وأخرب الن ُّ
وم ِن الَّذين يردون عل احلوض ،والَّذين يذادون عنت ،وحتدَّث القرآن الكر عن ح ـ ـ ـ ـ ـ ــر الكفَّار ش
الصراط ،وخالص اَّؤمن وحدهم(.)1 إىل النَّار ،ومرور اَّؤمن واَّنافق عل ِ
( )1انظر اليوم احخر يف اجلنَّة والنَّار ،لعمر األشقر ،ص .88
156
يما ﴾ ِ وفساده ﴿إِ َّن لش شديـنشا أشنْ شكاحً وج ِليما *وطشعاما ذشا َّ ٍ
[املزمل.]13 - 12 :
صة شو شع شذ ًااب أشل ً شش ً ش شً ْ
*وحش طش شعام إِحَّ ِ
س لشت الْيشـ ْوشم شهاهنشا شحيم ش ومن طعام أهل النَّـ ـ ـ ــار ال سل ،قال هللا تعاىل ﴿فشـلشْي ش
اطؤو شن﴾ [احلاقة ،]37 - 35 :وقـ ـ ــال هللا تعال ـ ـ ـ ﴿ه شذا فشـ ْليذوقوه شِ اخل ِ ِ ِ ِ
حيم ش ش م ْن ْسل ٍ * شح شرْكلت إَِّح ْش
احد ،وهو ما ـ ــال من جلود أهل النَّار من و ش َّس ـ ـاق ﴾ [ص ،]57 :وال سـ ــل ،وال َّس ـ ـاق مبعىن و ٍ
ً ش
الايواين ،ومن ننت حلوم الكفرة ،وجلودهم ِ
ص ـديد ،وقيل هو ما يس ــيل من فروً النس ــاء َّ القي وال َّ
القرطب «هو عصارة أهل النَّار»(.)1 ُّ وقال
ب َّ -أما شراهبم فوو احلميم ،وال َّساق ،واملول ،والصديد .قال هللا تعاىل ﴿ شك شم ْن ه شو
شمعاءهم ﴾[ ،حممد.]15 :
يما فشـ شقطَّ شع أ ْ ش ش ْ
ِ ِ ِ ِ
شخالد يف النَّار شو قوا شماءً شح ً
شحا شط هبِِ ْم ـشر ِادقـ شها شوإِ ْن يش ْسـتش ِيثوا يـ شاثوا ِمبش ٍاء شكالْم ْه ِل ِ ِِ ِ
وقال تعاىل ﴿إ َّان أ ْشعتش ْد شان للظَّالم ش شان ًرا أ ش
ت مرتشـ شف ًقا ﴾ [الكوف.]29 : ي ْ ِوأ الْوج ش ِ
س ال شَّراب شو ش اءش ْ ْ وه بْئ ش ش
﴿من ورائِِت جهنَّم ويسـ ـ ـ ـ شق ِمن م ٍاء هللاـ ـ ـ ـ ِد ٍ
يد *يشـتش ش َّرعت شوحش يش شكاد ي ِسـ ـ ـ ـي ت شو شرْتِ ِيت وقال تعاىل ِ
ْ ش ش ْ شش ش ش ش ْ
ذاب شلِيم ﴾ [إبراهيم]17 - 16 : ت شوِم ْن شوشرائِِت شع ش ان وما هو ِمبشيِ ٍ ٍ ِ
الْ شم ْوت م ْن ك ِل شم شك ش ش ش
ساق ﴾ [ص.]57 : حيم شو ش َّ وقال ﴿ه شذا فشـ ْليذوقوه شِ
ش ش
وقد ذكرت هذه ا َيت أربعة أنواي من ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراب أهل النَّار ،هي احلميم ،وهو اَّاء احلار
الَّـذأ تنــاه ُّ
حره وال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاق ،وقــد مض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ احلــديــث عنــت ،فــَنـَّت يــذكر يف مــأكول أهــل النـَّار
الاييت ،فَذا ص ـ ـديد ،وهو ما يس ـ ــيل من حلم الكافر ،وجلده واَّهل ،وهو كعكر َّ وم ـ ــروهبم وال َّ
قرب وجهت قطت فروة وجهت فيت(.)2
ج -لباس أهل النَّار:
هللا ـ ـ ـ ـ شف ِاد * ش ـ ـ ـ ـشرابِيله ْم ِم ْن قش ِطشر ٍان شوتشـ ْ ش ـ ـ ـ ـ ٍِ ِ ِ
﴿وتشـشر الْم ْ ِرم ش يشـ ْوشمئذ م شقَّرن ش ِيف األش ْ
قال تعاىل ش
وههم النَّار﴾ [إبراهيم ،]50 - 49 :والقطران هو النُّلاس اَّذاب. وج ش
- 2صور من عذاب أهل النَّار:
أ -تفاوت عذاب أهل النَّار:
( )1يقظة أوس احعتبار اَّا ورد يف ذكر اجلنَّة والنَّار ،لصديق حسن ،ص .86
( )2اليوم احخر يف اجلنَّة والنَّار ،ص .90
157
آل فِْر شع ْو شن أش شش ـ َّد
اعة أش ْد ِخلوا ش ِ
قال تعاىل ﴿النَّار يـ ْعشر ـو شن شعلشْيـ شها د ًّوا شو شع ـيًّا شويشـ ْوشم تشـقوم ال َّس ـ ش
الْع شذ ِ
اب ﴾ [غافر. ]46 :
ش
اَّللِ ِزْد شانهم شع شذااب فشـو شق الْع شذ ِ
اب ِمبشا شكانوا هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّدوا شع ْن ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبِ ِيل َّ َّ ِ
ْ ً ْ ش ين شك شفروا شو ش
وقال تعاىل ﴿الذ ش
يـ ْف ِسدو ش
ن ﴾ [النحل. ]88 :
أخف الناس عذاابً ،فقال فيت «إن أهون أهل َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم عن ِ وقد حدَّث الن ُّ
دمْي ِت شْرة ي لي منها ِد ما ت» [البخاري (6561 شطش ِ
ص قش ش ش النَّار عذاابً يوم القيامة ،لشرجل تو ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع يف أ ْ
و )6562ومسلم (.])213
الس ْحب:
ج َّ -
ومن أنواي العـذاب األليم ،ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ الكفـار يف النـَّار عل وجوههم ،قـال هللا تعـاىل ﴿إِ َّن
ِ
س ش ـ ـ شقشر ﴾ القمر الْم ْ ِرِم ش ِيف ش ـ ـالشٍل شو ـ ـع ٍر *يشـ ْوشم ي ْسـ ـ شلبو شن ِيف النَّا ِر شعلش شوجوه ِه ْم ذوقوا شم َّ
مقيدون ابلقيود ،واأل الل، ،]48 - 47وياييد يف احمهم -حال ـ ـ ـ ـ ـ ــلبهم يف النَّار َّ -أ،م َّ
وال َّس ـ ـ ـال ـ ـ ــل ﴿الَّ ِذين شك َّذبوا ِابلْ ِكتش ِ
اب شوِمبشا أ ْشر ش ـ ـ ـ ْلنشا بِِت ر ـ ـ ـلشنشا فش شس ـ ـ ـ ْو ش يشـ ْعلشمو شن *إِ ِذ األش ْ الشل ِيف ش
ن ﴾ [غافر.]72 - 70 : احلش ِمي ِم مثَّ ِيف النَّا ِر ي ْس ش رو ش *يف ْ السالش ِ ل ي ْس شلبو شن ِأ ْشعنشاقِ ِه ْم شو َّ
د -تسويد الوجوه:
158
كأجا حلَّت ظلمة الليل يف يسـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـود هللا يف الدَّار ا خرة وجوه أهل النار بس ـ ـ ـ ـ ـ ـو ٍاد شـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ـديدَّ ، ش
ات شجشاياء ش يِئش ٍة مبِِثْلِ شها شوتشـ ْرشهقه ْم ِذلَّة شما شي ْم ِم شن َّ
اَّللِ ِم ْن السيِئ ِ
ين شك شسبوا َّ ش
وجوههم ،قال تعاىل َّ ِ
﴿والذ شش
هللاـ ـ شلاب النَّا ِر ه ْم فِ شيها شخالِدو شن﴾ ك أش ْ
ِ ِ
ت وجوهه ْم قطش ًعا ِم شن اللَّْي ِل مظْل ًما أولشئِ ش ِ
شعا ِهللاـ ـ ٍم شكأَّشجشا أ ْ ـ ـيش ْ
[يونس. ]27 :
160
﴿وه ْم
ـتد عويلهم ،ويدعون رَّهبم امل أن خيرجهم من النَّار ش وهناك يعلو هللاـ ـ ـ ـ ـراخهم ،وي ـ ـ ـ ـ ُّ
احلًا ش ْ شري الَّ ِذأ كنَّا نشـ ْع شمل أ ششوشْ نـ شع ِم ْرك ْم شما يشـتش شذ َّكر فِ ِيت شم ْن
يص ـ ـ ـ ـ ـطش ِرخو شن فِيها ربـَّنا أخرجنا نشـعمل هللا ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ش ْش ْ ش ش شش شْ
ص ٍري ﴾[فاطر. ]37 : َّذير فشذوقوا فشما لِلظَّالِ ِم ِمن نش ِ تش شذ َّكر وجاءكم الن ِ
ش ْ ش ش شش ش
﴿وقشالوا لش ْو كنَّا نش ْس شمع أ ْشو نشـ ْع ِقل
و يع فون يف ذلك الوقت بضاليم ،وكفرهم ،وقلَّة عقويم ش
يستلق أن ُّ السعِ ِري ﴾ [امللك ،]10 :ولكن طلبهم يرفض ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدَّة ،وجيابون مبا اب َّ شهللال ِ
شما كنَّا ِيف أ ْ ش
*ربـَّنشا أخرجنشا ِمْنـ شها فشَِ ْن ع ْد شان ِ ِ
ت شعلشْيـنشا ش ْق شوتـنشا شوكنَّا قشـ ْوًما ش آل ش ش داب بت األنعام ﴿قشالوا شربـَّنشا شلشبش ْ
ون ﴾ [املؤمنون106 :ـ .]108 فشَِ َّان ظشالِمو شن *قش شال اخسأوا فِيها وحش ت شكلِم ِ
ْش ش ش
حق عليهم القول ،وهللا ـ ـ ـ ــاروا إىل اَّص ـ ـ ـ ــري الَّذأ ح ينفع معت دعاء ،وح يقبل فيت رجاء لقد َّ
﴿ولشو تشـر إِ ِذ الْم ِرمو شن شانكِس ـوا ريو ِ ـ ِهم ِعْن شد رهبِِم ربـَّنا أشبص ـرشان و شِمسعنا فشارِجعنا نشـعمل هللا ـ ِ
احلًا إِ َّان ش ْ ش ش ْ ش ْ ش ْش ْ ْش ْ ش ْ ش ْ ْ شْ ش
اجلِن َِّة
شِ َّن شج شهن شَّم ِم شن ْ ِ ِ ِ *ولش ْو ِش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـْئـشنا شتشـْيـشنا ك َّل نشـ ْف ٍ ِ
س ه شد شاها شولشك ْن شح َّق الْ شق ْول م ِ أل شِ ْم ش موقنو شن ش
اخل ْل ِد ِمبشا كْنـت ْم
اب ْ ِ ِ ِ ِ ِ والن ِ ِ
َّاس أش ْ شع ش *فشذوقوا مبشا نشس ـ ـ ـ ـ ـ ـيت ْم ل شقاءش يشـ ْومك ْم شه شذا إِ َّان نشس ـ ـ ـ ـ ـ ـينشاك ْم شوذوقوا شع شذ ش ش
ن ﴾ [السجدة.]14 - 12 : تشـ ْع شملو ش
ويتوجت أهل النَّار بعد ذلك النِداء إىل خاينة النَّار ،يطلبون منهم أن ي ــفعوا يم كي خيفف َّ
ف شعنَّا يشـ ْوًما ِم شن ِ ِ َّ ِ
ين ِيف النَّا ِر خلششاينشِة شج شهن شَّم ْادعوا شربَّك ْم خيشف ْ﴿وقش شال الذ ش هللا عنهم ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاً اَّا يعانونت ش
ين إِحَّ ِيف ِ ِ ِ ِ ِ ِ
الْ شع شذاب *قشالوا أ ششوشْ تشك شأتْتيك ْم ر ـ ـ ـلك ْم ابلْبشـينشات قشالوا بشـلش قشالوا فش ْادعوا شوشما د شعاء الْ شكاف ِر ش
ش الش ٍل ﴾ [غافر. ]50 - 49 :
وعن ــد ذل ــك ين ــادون م ــالكـ ـاً ،ط ــالب من ــت أن يقبض هللا أرواحهم ،فري هم من الع ــذاب
ك قش شال إِنَّك ْم شماكِثو شن *لششق ْد ِجْئـشناك ْم ِاب ْحلشِق شولش ِك َّن أش ْكثشـشرك ْم لِْل شل ِق ض شعلشْيـشنا شربُّ ش ﴿و شان شد ْوا شَي شمالِك لِيشـ ْق ِ
ش
ن ﴾ [الزخرف. ]78 - 77 : شكا ِرهو ش
لقد خس ـ ــر هؤحء الظَّاَّون أنفس ـ ــهم ،وأهليهم عندما ا ـ ــتلبُّوا الكفر عل الميان .قال هللا
ِ ِ ِ اخلا ِ ـ ـ ـ ِر َّ ِ
اخل ْس ـ ـ ـشران
ك ه شو ْ ين شخ ِس ـ ـ ـروا أشنْـف شس ـ ـ ـه ْم شوأ ْشهلي ِه ْم يشـ ْوشم الْقيش شام ِة أشحش ذشل ش
ين الذ ش ش تعاىل ﴿ق ْل إِ َّن ْش
الْمبِ ﴾[الزمر. ]15 :
أن العذاب يف للصلابة َّ يريب اَّسلم عل اخلو من عقاب هللا ،ويبِ َّ اَّكي ِ
كان القرآن ُّ
صـ ـ ـلابة َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم لل َّ ا خرة ح ِسـ ـ ـي ومعنوأ ،ويف خطاب القرآن ،وتو ـ ــي الن ِ
ص ـلايب يســتلضــر لايب يســت ي ألوامر هللا وجيتن نواهيت ،فكان ال َّ ص ـ َّ حقيقةش النَّار ما جيعل ال َّ
161
ات ح حمالة ،وأنَّت ــو يس ـأل يف ـتعد للموت الَّذأ هو ٍ
يف مليِلتت هللا ــورة اجلنان ،والنِريان ،ويس ـ ُّ
فالصلايب حأن القرب َّإما رو ة من رَيض اجلنَّة ،أو حفرة من حفر النِريانَّ ، شو ْح شدتت ح حمالة ،و َّ
وجل -ومراقبتت يف ال ِس ـ ـ ِر
عاي َّ كل هذا َّ
فَن قلبت يس ـ ــت ـ ــعر خو هللا َّ - يس ـ ــتلض ـ ــر يف نفس ـ ــت َّ
ٍ
وجهاد ،وال َّس ـ ـعي لقامة دو ٍلة حتكم ب ـ ــري والعلن بل يندفع بكلِيتت إىل العمل ال َّ
ص ـ ـاأ من دعوةٍ
وجل -وهللا ـ ــناعة حض ـ ــارةٍ تنقذ الب ـ ـرية من ـ ــياعها ،واحنرافها عن ش ـ ــري هللا تعاىل، عاي َّ هللا َّ -
ص ـ ـ ـ ـ ـ ِديق ،وال ُّ ـ ـ ـ ـ ـهداء، ويدعو هللا يف خلواتت ،ويف ـ ـ ـ ـ ِـره ،وجهره أن يكرمت هللا برفقة النَّبي وال ِ
الصاحل ،وحسن أولئك رفيقاً. و َّ
َّصور والفهم العميق حلقيق ـ ـ ـ ـ ــة ا خرة وحقيق ـ ـ ـ ـ ــة اجلنَّة والنَّار ،لت أثره عل العامل َّ
إن هذا الت ُّ
ِ
العقدأ وعايهتا ،وكرامتها ،وهو أهللا ـ ـ ــل عظيم يف بناء التَّص ـ ـ ـ ُّـور
األمة ،وا ـ ـ ــتعادة جمدهاَّ ،
لنهض ـ ـ ــة َّ
األمة ،ـ ـ ــار عل ،ت احلبي اَّص ـ ـ ــطف هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ولذلك َّ
حبد لنا من ألفراد َّ
السري عل الطَّريق نفست.
َّ
الصحابة رضي هللا عنوم:
سادساً :مفووم القضاء والقدر ،وأثره يف تربية َّ
اَّكيَّة بقضـ ــية القضـ ــاء والقدر ،قال هللا تعاىل ﴿إِ َّان ك َّل شش ـ ـ ْي ٍء اهتم القرآن الكر يف الف ة ِ َّ
ِ خلش ْقنشاه بِشق شد ٍر﴾ [القمر ، ]49 :وقال تعاىل ﴿الَّ ِذأ لشت م ْلك ال َّسـ ـ ـ ـ ـماو ِ
ات شواأل ْشر ِ
ض شوشْ يشـتَّه ْذ شولش ًدا شوشْ شش ش
َّره تشـ ْق ِد ًيرا ﴾ [الفرقان ،]2 :وكان هللال هللا عليت و لم ٍ ِ
يشك ْن لشت شش ِريك ِيف الْم ْلك شو شخلش شق ك َّل شش ْيء فشـ شقد ش
صـ ـلابة مفهوم القض ــاء والقدر ،ويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبشِ يم مراتبت من خالل القرآن الكر ، ي رس يف نفوس ال َّ
وهي
﴿وشما تشكون ِيف شش ـأْ ٍن شوشما تشـْتـلو ِمْنت ِم ْن قرآن شوحش ٍ املرتبة األوىل علم هللا اَّيا ِ
بكل ش ــيء ش
ك ِم ْن ِمثْـ شق ِال شذ َّرةٍ ِيف ِ ِ
ودا إِ ْذ تفيض ـ ـو شن ف ِيت شوشما يشـ ْعايب شع ْن شربِ ش ِ
تشـ ْع شملو شن م ْن شع شم ٍل إِحَّ كنَّا شعلشْيك ْم ش ـ ـه ً
اب مبِ ٍ ﴾ [يونس. ]61 : ك وحش أش ْك شرب إِحَّ ِيف كِتش ٍ السم ِاء وحش أش ِ ِ
ش هللا ششر م ْن ذشل ش ش ض شوحش ِيف َّ ش ش ْ األ ْشر ِ
شيء كائن ﴿إِ َّان شْحنن ْحنيِي الْ شم ْوتش شونشكْت شما قشدَّموا شوآاثره ْم شوك َّل كل ٍ املرتبة الثَّانية كتابة ِ
ام مبِ ٍ ﴾[يس. ]12 : شحصْيـنشاه ِيف إِم ٍ ٍ
ش شش ْيء أ ْ ش
ف ض فشـيشـْنظروا شكْي ش َّامة ﴿أ ششوشْ يش ِسريوا ِيف األ ْشر ِ املرتبة الثالثة م يئة هللا النَّاف ـ ـ ـ ـ ــذة ،وقدرت ـ ـ ـ ـ ــت الت َّ
اَّلل لِيـع ِ ايه ِمن شش ـي ٍء ِيف ال َّسـ ـماو ِ ِ شكا شن شعاقِبشة الَّ ِذ ِ ِ ِ
ات شش ين م ْن قشـْبله ْم شوشكانوا أش ششـ ـ َّد مْنـه ْم قـ َّوًة شوشما شكا شن َّ ْ ش ْ ْ ش
162
[فاطر. ]44 : يما قش ِد ًيرا ﴾ِ وحش ِيف األ ْشر ِ ِ
ض إنَّت شكا شن شعل ً ش
اَّلل شربُّك ْم حش إِلشتش إِحَّ ه شو شخالِق ك ِل شش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْي ٍء لكل ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ـيء ﴿ شذلِكم َّ املرتبة الرابعة شخ ْلق هللا ِ
شي ٍء وكِيل ﴾ [األنعام. ]102 :
اعبدوه شوه شو شعلش ك ِل ش ْ ش
فش ْ
الصلابة حلقيقة القضاء والقدر شار انفعة الرا يف قلوب َّ الصلي واحعتقاد َّ كان للفهم َّ
ومفيدة ،عادت عليهم ريات الدُّنيا وا خرة فمن تلك الثمرات
األمة ابلميان بت. وجل فالقدر اَّا تشـ شعبَّ شـد هللا -بلانـت وتعاىل َّ - عاي َّ - 1أداء عبـادة هللا َّ
اَّعاي،
أن النَّافع والضَّار ،و َّألن اَّؤمن يعتقد َّ 2ـ ـ ـ ـ ـ الميان ابلقدر طريق اخلالص من ال ِ ْرك َّ
اَّذل ،والرافع ،واخلافض ،هو هللا وحده بلانت وتعاىل. و َّ
أن احجال بيد هللا تعاىل، - 3ال َّ اعة والقدام فَميا،م ابلقضاء والقدر جعلهم يوقنون َّ
نفس كتاابً.أن لكل ٍ و َّ
الصرب واححتساب ،ومواجهة ِ
الصعاب. َّ - 4
- 5ـ ـ ـ ـ ــكون القل ،وط شمأْنِينشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة النَّفس ،وراحة البال فهذه األمور من شرات الميان
فكل شم ْن عل وجت البســيطة يبت يها ،ويبلث عنها ،فقد ابلقضــاء والقدر ،وهي هد من ــودُّ ،
ابل ،وح يدور حول ص ـ ـ ـلابة من ـ ـ ــكون القل ،وطمأْنِينشة النَّفس ما ح خيطر عل ٍ كان عن ال َّ
الق ْد اَّ شعلَّ (النَّصي الوافر) والنَّصي األو . ما ي بهت خيال ،فلهم يف ذلك ال َّأن ِ
أن رزقت بيد هللا، َّلرر من ِرِق اَّهلوق فاَّؤمن ابلقدر يعلم َّ عاية النَّفس والقناعة والت ُّ َّ - 6
أن العباد مهما حاولوا حض يس ـ ـ ـ ــتويف رزقت ،و َّأن هللا كافيت وحس ـ ـ ـ ــبت ورازقت ،وأنَّت لن ميوت َّ ويدرك َّ
يء قد كتبت هللا ،فينبعث بذلك إىل القناعة، الرزق لت ،أو منعت عنت فلن يستطيعوا إح ب ٍ إيصال ِ
َّلرر من ِرِق اَّهلوق ،وقطع وعاية النَّفس ،وال ال يف الطَّل ،وترك التكال عل الدُّنيا ،والت ُّ َّ
التوجت ابلقل إىل ِ
رب العاَّ . الطَّمع اَّا يف أيديهم ،و ُّ
إن شرات الميان ابلقضاء والقدر كثرية ،وهذه من ابب الشارة. َّ
الر ـول هللاــل هللا عليت و ــلم ألهللاــلابت عل تعليمهم أركان الميان ال ِس ـتَّة و تقتصــر تربية َّ
ـل عندهم كثرياً من اَّفاهيم والتَّص ـ ُّـورات ،واحعتقادات عن النس ــان ،واحلياة، اَّتقدمة بل هللا ـ َّ ِ
والكون ،والعالقة بينهما ليسري اَّسلم عل نوٍر من هللا ،ويدرك هد وجوده يف احلياة ،و ِقق
163
ويتلرر من الوهم واخلرافات(.)1
ما أراد هللا منت اية التَّلقيقَّ ،
عرفت بربِت ،وابليوم ا خر ،وأجاب عل عر النس ـ ـ ـ ــان بنفس ـ ـ ـ ــت ،بعد أن َّ َّ
إن القرآن الكر َّ
كل إنسـ ــان ش ـ ـ ِو ٍأ،
تسـ ــايحت الفطرة من أين؟ وإىل أين؟ وهي تسـ ــايحت تفرض نفسـ ــها عل ِ
وتل ُّ يف طل اجلواب(.)2
للصلابة الكرام حقيقة ن أة النسانيَّة ،وأهللاويم الَّيت يرجعون إليها ،وما وب َّ القرآن الكر َّ
هو اَّطلوب منهم يف هذه احلياة؟ وما هو مصريهم بعد اَّوت؟
ِ
النساين َّب هللال هللا عليت و لم ،ومنه ت القرآين عل األهللال الصلابة بوا طة الن ِ
َّ تعر
َّ
الط -وبس ـ ـ ـ ـ ـ ــاللتت الَّيت هي اَّاء اَّه ،أو النطفة ،كما َّ
عرفت الَّذأ هو اَّاء وال ُّ اب -أأ ِ
مبكانتت ،وكرامتت عند ربِت حيث أ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د لت اَّالئكة ،وأعل كرامتشت ،وتفض ـ ـ ـ ـ ـ ــيلشت عل كث ٍري من
اخللق ليقف النســان و ــطاً ب هذين احلدَّين األدَّن ،واألعل ،فبمكانتت وكرامتت ير نفســت
عايياياً ،وأبهللا ــلت و ــاللتت يتوا ــع م شع ِظ شماً شـ ــأ شن من أن ـ ــأه من ذلك األهللا ــل ،وأوهللاـ ــلت إىل تلك
عايه وكرامتت من التذلُّل ل ري اَّكانة العالية ،فين و بذلك من الع ْ ِ والكرب ،وال رور ،كما مينعت ُّ
إن عدداً هللا تعاىل ،والنســان لو تركت اللت دون هد ً لعاَّن الكثري من ــوء الفهم للنَّفس ،بل َّ
من النَّاس قد يعانون ذلك لس ـ ــب ٍ ما كالفراط يف الثِقة بنظرهتم اخلا َّ
هللا ـ ـة إىل أنفس ـ ــهم الَّيت قد
وإما إىل ايوان والت ِ
َّدين(.)3 تؤدأ إىل ال رور ،والتَّعاسَّ ، ِ
إن نظرة النسان إىل نفست من أقو اَّؤثِرات يف تربيتت ،وما زال النسان منذ أن وجد عل َّ
وجت األرض مأخوذاً بسـ ــوء الفهم لنفسـ ــت ،مييل إىل جان الفراط حيناً فري أنَّت أكرب ،وأعظم
كائ ٍن يف العا ،فينادأ بذلك وقد امت أاننيةً ،و طر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً ،وكربَيء كما اند قوم عاد ﴿فشأ َّشما
اَّللش الَّ ِذأ شخلش شقه ْم ه شو شن َّ احلشِق شوقشالوا شم ْن أش شش ـ ـ ـ ـ ُّد ِمنَّا قـ َّوًة أ ششوشْ يشـشرْوا أ َّ
ض بِ ش ِْري ْ
شعاد فشا ْ ـ ـ ـ ـتشك شْربوا ِيف األ ْشر ِ
شش ُّد ِمْنـه ْم قـ َّوةً شوشكانوا ِرَيتنشا شْجي شلدو شن ﴾ [فصلت ]15 :وكما اند فرعون ﴿فشـ شق شال أ ششان شربُّكم األ ْشعلش أش
( )1انظر ِ
أليَّة اجلهاد يف ن ر الدَّعوة ال المية ،ص .59
َّمد قط (.)54/2
( )2انظر منهت ال َّ بية ال الميَّة َّ ،
( )3أ الي الت ويق يف القران ،د .احلس جلو ،ص .134
164
ويتلول إىل
أحدَّ ،﴾ [النازعات ،]24 :ويرأب بنفس ــت -أأ النس ــان -أن يعتقد أنَّت مس ــؤول أمام ٍ
ٍ
معاكس هو التَّفريا فيظن أنَّت أدَّن ،أو أرذل كائ ٍن يف العا ، متألٍِت ،ومييل حيناً آخر إىل جان ٍ
جبل ،أو أمام حيوان حبيث ح ير ال َّسـالمة فشـيطشأْ ِط ء رأ ـت أمام شـ ٍر ،أو ح ٍر ،أو ٍ ،ر ،أو ٍ
إح أن يس د لل َّمس أو للقمر(.)1
أن «حقيقة النسان ترجع إىل أهللال األهللال البعيد ،وهو وقد ب َّ القرآن الكر بو و ٍ َّ
ـتمر ،وهو خلقت من الرو ،واألهللاـ ــل القري اَّسـ ـ ُّ اخللقة األوىل من ط ٍ ،ح ـ ـ َّـواه ،ونف فيت ُّ
شح شس ـ ـ ـ ـ ـ شن ك َّل شش ـ ـ ـ ـ ـ ْي ٍء شخلش شقت شوبش شدأش شخ ْل شق ِ
نطفة» ،وقال هللا تعاىل يف ذلك عن نفسـ ـ ـ ـ ــت ﴿الَّذأ أ ْ
ٍ ()2
ان ِم ْن ِط ٍ *مثَّ شج شع شل نش ْسـلشت ِم ْن ـالشلشٍة ِم ْن شم ٍاء شم ِه ٍ *مثَّ ش ـ َّواه شونشـ شف ش فِ ِيت ِم ْن رو ِح ِت شو شج شع شل ا ِلنْسـ ِ
ش
ص شار شواألشفْئ شدةش قشليالً شما تش ْ كرو شن﴾ [السجدة ،]9 - 7 :وا َيت يف هذا اَّعىن كثرية. ِ ِ
الس ْم شع شواألشبْ ش
لشكم َّ
وحتدَّث القرآن الكر عن تكر هللا تعاىل لإلنس ـ ـ ـ ـ ـ ــان ،وكان لذلك احلديث أثره يف نفوس،
األول فقد بشـ َّ يم القرآن الكر هللاوراً عديد ًة لتكر النسان منها الرعيل َّ وعقول ،وقلوب َّ
اختص هللا اإلنسان خ ن خلقه بيديه: َّ -1
وحي ك لِْلم شالئِ شك ِة إِِين خالِق ب ش ـ ـ ـ ـ ـرا ِمن ِط ٍ * فشَِذشا ـ ـ ـ ـ ـ َّويـتت ونـش شفهت فِ ِيت ِمن ُّر ِ ِ
ش ْ ش ْ ش ش ً ﴿إ ْذ قش شال شربُّ ش ش
ِ ِ ِ َّ ِ ِ ِ ُّ ِِ
ين *قش شال ْرب شوشكا شن م شن الْ شكاف ِر ش يس ا ْ ـتشك شش ين فش شسـ ش شد الْ شمالشئ شكة كله ْم أش ْ شعو شن *إح إبْل ش فشـ شقعوا لشت ش ـاجد ش
ت ِمن الْعالِ ش ﴾ [ص]75 - 71 : ك أش ْن تش ْسـ ـ شد لِ شما شخلش ْقت بِيش شد َّ ِ
شَيإِبْليس شما شمنشـ شع ش
ت أ ْشم كْن ش ش ش أ أش ْ ـ ـتشك شْ
ْرب ش
كرمت بذلك اح ــتقبال أن يا منايلةً ــاميةً ،و َّ الرو الَّيت حلَّت يف النســان ،و َّ علو مكانة ُّ فب َّ يم َّ
الفهم الذأ ا ــتقبلت بت الوجود ،وبذلك اَّوك الَّذأ تس ـ د فيت اَّالئكة ،ويعلن فيت اخلالق -
هللا ـ ـ ـ ـ ـ َّوْرشانك ْم مثَّ قـ ْلنشا
﴿ولششق ْد شخلش ْقنشاك ْم مثَّ ش
قائل ش عاي ِم ْن ٍ جل ش ـ ـ ـ ــأنت -تكر هذا النس ـ ـ ـ ــان بقولت َّ َّ
دين ﴾ [األعراف.]11 : لِْلمالشئِ شك ِة ا دوا دم فشس دوا إِحَّ إِبلِيس ش يكن ِمن َّ ِ ِ
الساج ش ْ ش ْش ْ ش شش ْ ش
صورة احلسنة ،والقامة املعتدلة:
- 2ال ي
ات واألشرض ِاب ْحل ِق وهللا ـ َّوركم فشأشحس ـن هللا ـوركم وإِلشي ِت الْم ِ
ص ـري﴾ ِ
﴿خلش شق ال َّس ـ شم شاو ش ْ ش ش ش ش ش ْ ْ ش ش ش ش ْ ش ْ ش قال هللا تعاىل ش
عاي وجل - [الت ابن .]3 :وقال ﴿لششق ْد شخلش ْقنشا ا ِلنْ شس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا شن ِيف أ ْ
شح شس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِن تشـ ْق ِو ٍ ﴾ [التني ،]4 :وقال َّ -
ِ
ك ﴾ [اإلنفطار. ]7 : ﴿الَّذأ شخلش شق ش
ك فش شس َّو شاك فشـ شع شدلش ش
166
صـ ـ ـلابة ر ـ ــي هللا عنهم ،حص ـ ــر مظاهر ش ـ ــر ومن مظاهر هذا التَّكر الَّذأ ش ـ ــعر بت ال َّ
﴿ولششق ْد بشـ شعثْـنشا ِيف ِ
النسـ ــان يف العبوديَّة هلل وحده ،وحتريره من عبادة األهللاـ ــنام ،واألواثن ،والب ـ ــر ش
َّت شعلشْي ِت اَّلل واجتشنِبوا الطَّا وت فش ِمْنـهم من ه شد َّ ِ
اَّلل شومْنـه ْم شم ْن شحق ْ ْ شْ ش ش
ِ ٍ
ك ِل أ َّمة شر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوحً أشن ْاعبدوا َّش ش ْ
ض فشانْظروا شكيف شكا شن عاقِبة الْم شك ِ
ذبِ ش ﴾ [النحل.]36 : الضالشلشة فش ِسريوا ِيف األ ْشر ِ َّ
ش ش ْ ش
حب هللا لإلنسان ،وذكره يف املأل األعلى:
-7ي
من أروي مظاهر تكر اَّوىل ـ ـ ــبلانت لإلنس ـ ـ ــان أ ْن جعلت أهالً حلبِت ور ـ ـ ــاه ،وأرش ـ ـ ــده يف
القرآن الكر إىل ما جيعلت خليقاً هبذا احل ِ ،و َّأول ذلك اتِباي ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،
فيما دعا النَّاس إليت كي يوا حيا ًة طيِبةً يف الدُّنيا ،ويظفروا ابلنَّعيم اَّقيم يف ا خرة ،وقد أشـ ــار
عاي وجـ َّـل -إىل شرة هــذا احتِبــاي ،ومــا أحالهــا من شرة! أح وهي التَّمتُّع ريأ الــدُّنيــا اَّوىل َّ -
هللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ِحلًـا ِم ْن ذش شك ٍر أ ْشو أنْـثش شوه شو م ْؤِمن فشـلشن ْليِيشـنَّـت شحيشـا ًة طشيِبشـةً ِ
﴿م ْن شعم ـ شل ش
وا خرة! قــال تعــاىل ش
ن ﴾ [النحل. ]97 : شح شس ِن شما شكانوا يشـ ْع شملو ش شجشره ْم ِأب ْ
شولشنش ْ ِاييشـنـَّه ْم أ ْ
- 8حفظ اإلنسان ورعايته:
السوء.
وجل -وحفظت من ُّ عاي َّ ومن مظاهر تكر النسان أن ظ برعاية هللا َّ -
ـهر لت اَّالئكة حلفظت ﴿إِ ْن ك ُّل ﴿وإِ َّن شعلشْيك ْم شحلشافِ ِظ ش ﴾ [اإلنفطار ،]10 :و ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ
قال تعاىل ش
س ل َّـما شعلشْيـ شها شحافِم ﴾ [الطارق ،]4 :وهللاور التَّكر لإلنسان كثرية يف القرآن الكر (.)1 نشـ ْف ٍ
الشيطان مع آدم عليه السالم: لقصة َّ
الصحابة رضي هللا عنوم َّ تصور َّ اثمناً :ي
قصة ال َّيطان القرآين ،دثهم عن َّ كان ر ول هللا هللال هللا عليت و لم من خالل اَّنهت ِ
عدوه اللَّدود ،الَّذأ حاول إ واء أبيهم آدم صـراي ب النســان مع ِ مع آدم ،وي ــر يم حقيقة ال ِ
﴿َي بشِ آدم حش يشـ ْفتِنشـنَّكم ال َّ ـْيطشان شك شما عليت الســالم من خالل ا َيت الكرمية مثل قولت تعاىل ش
اجلشن َِّة يشن ِايي شعْنـه شما لِبشا ش ـه شما لِ ِرييشـه شما ش ـ ْوءشاهتِِ شما إِنَّت يشـشراك ْم ه شو شوقشبِيلت ِم ْن شحْيث حش أخرً أشبشـ شويْكم ِم شن ْ
ين حش يـ ْؤِمنو شن ﴾ [األعراف ،]27 :وقولت تعاىل ﴿قش شال أشنْ ِظ ْرِين ِ ِ ِِ ِ
تشـشرْوشْ ،م إ َّان شج شع ْلنشا ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيشاط ش أ ْشوليشاء للَّذ ش
ك الْم ْس ـ ـتش ِق شيم *مثَّ ين *قش شال فشبِ شما أش ْ شويْـتشِ ألشقْـع شد َّن شي ْم ِهللا ـ ـشراطش ش إِ شىل يـوِم يـبـعثو شن *قش شال إِن ش ِ
َّك م شن الْمْنظش ِر ش شْ ْ ش
ِ ِ ِِ ِ ِِ ِِ ِ ِ ِ ِِ ِ
ين ﴾ شتيشـنـَّه ْم م ْن بشْ أشيْـديه ْم شوم ْن شخ ْلفه ْم شو شع ْن أشْميـشاْ ،م شو شع ْن شطشـائله ْم شوحش شدـد أش ْكثشـشره ْم ششـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاك ِر ش
[األعراف.]17 - 14 :
167
األول مرئياً م ـ ــهوداً ،رتيهم من ب أيديهم ومن الرعيل َّ كان ال َّ ـ ـ ـيطان يت َّس ـ ـ ـم يف ِ
حس َّ
خلفهم ،وعن أميا،م ،وعن طائلهم ،يو ـ ــوس يم ابَّعصـ ـ ــية ،ويسـ ـ ــتثري فيهم كوامن ال َّ ـ ـ ـهوات،
عدوهم ،وكانوا يس ـ ـ ـ ـ ـ ــارعون يف اخلريات ليض ـ ـ ـ ـ ـ ــيِقوا فكانوا اولون أن يكونوا دائماً منتبه من ِ
حض فيما هو أخف من دبي النَّمل(،)1 مسالك ال َّيطان ويسدُّوها ،فال جيد لت مسلكاً إليهم َّ
الرِجي ِم *إِنَّت ان َّ وقد تعلَّموا ذلك بعد قولت تعاىل ﴿فشَِذشا قشـرأْت الْقرآن فشا ـ ـ ـ ـ ـتشعِ ْذ ِاب ََّّللِ ِمن ال َّ ـ ـ ـ ـ ـيطش ِ
ْ ش ْ ش ش
َّ َّ ِ َّ ِ َِّ ِِ َّ ِ
ين
ين يشـتشـ شول ْونشت شوالذ ش ين شآمنوا شو شعلش شرهب ْم يشـتشـ شوَّكلو شن *إجشا ـ ـ ـ ـ ْلطشانت شعلش الذ ش س لشت ـ ـ ـ ـ ْلطشان شعلش الذ ش لشْي ش
ن ﴾ [النحل.]100 - 98 : ه ْم بِِت م ْ ِركو ش
صـ ـ ـة آدم -عليت ال َّسـ ـ ـالم -مع ال َّ ـ ـ ـيطان يف القرآن الكر يف أكثر من مو ـ ــع جاءت ق َّ
بكل تفص ــيالهتا -كما يف ــورة األعرا -وأحياانً ديء ببعض التَّفص ــيالت - فأحياانً ديء ِ
كما يف ــورة احلِ ْ ر ،وال ـ ـراء ،وطت ،وص -وأحياانً ديء يف هللا ــورة إش ــارةٍ عابرةٍ ،وهذا كثري
جداً يف القرآن ،وتنفرد ـ ـ ـ ـ ـ ــورة إبراهيم بذكر موقف ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيطان يوم القيامة من ب آدم ،الَّذين
وتنصلت الكامل من تبعتهم -كما يف ا ية الثانية والع رين .)2(- ا ت ابوا لت يف الدُّنياُّ ،
اجلشنَّةش فشكالش ِم ْن شحْيث ك ْ ت شوشزْوج ش ﴿وشَيآدم ا ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك ْن أشنْ شش قال هللا تعاىل يف ـ ـ ـ ـ ـ ــورة األعرا
أ ِ ِ ِ ِشْئـتما وحش تشـ ْقراب ه ِذهِ ال َّ رشة فشـتشك ش ِ َّ ِ ِ
أ شي شما شما وور ش س شي شما ال َّْيطشان ليـْبد ش وان م شن الظالم ش *فشـ شو ْ شو ش شش ش ش شش ش
وان ِم شن وان شملش شك ْ ِ أ ْشو تشك ش شعْنـه شما ِم ْن ش ـ ـ ْوآهتِِ شما شوقش شال شما ش،شاك شما شربُّك شما شع ْن شه ِذهِ ال َّ ـ ـ ش شرةِ إِحَّ أش ْن تشك ش
ْ ِِ
ت شي شما امسشه شما إِِين لشك شما لش ِم شن النَّا ِهللا ـ ـ ِل ش *فش شدحَّلشا بِ روٍر فشل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما ذشاقشا ال َّ ـ ـ ش شرةش بش شد ْ *وقش شين ش اخلشالد ش
اجلشن َِّة شو شان شدالشا شرُّهب شما أششْ أ ْش،شك شما شع ْن تِْلك شما ال َّ ش شرةِ شوأشق ْل ان شعلشْي ِه شما ِم ْن شوشرِق ْ ص شف ِوآهتما وطشِف شقا شخيْ ِ
شْ ش ش
لشك شما إِ َّن ال َّ ـْيطشا شن لشك شما شعدو مبِ *قشاحش شربـَّنشا ظشلش ْمنشا أشنْـف شس ـنشا شوإِ ْن شْ تشـ ْ ِف ْر لشنشا شوتشـ ْرحشْنشا لشنشكونش َّن ِم شن
ض م ْس ـتشـ شقر شوشمتشاي إِ شىل ِح ٍ *قش شال فِ شيها ض شعدو شولشك ْم ِيف األ ْشر ِ ين *قش شال ْاهبِطوا بشـ ْعض ـك ْم لِبشـ ْع ٍ ْ ِ
اخلشا ـ ِر ش
*َيبشِ آدم قش ْد أشنْـشايلْنشا شعلشْيك ْم لِبشا ً ـ ـ ـ ـ ـا يـ شوا ِرأ ش ـ ـ ـ ـ ـ ْوآتِك ْم شوِري ً ـ ـ ـ ـ ـا ِ ِ
شْحتيشـ ْو شن شوف شيها شَتوتو شن شومْنـ شها هْشرجو شن ش
*َيبشِ آدم حش يشـ ْفتِنشـنَّكم ال َّْيطشان شك شما ولِباس التَّـ ْقو شذلِك خري شذلِك ِمن آَيت َِّ
اَّلل لش شعلَّه ْم يش َّذ َّكرو شن ش ش شْ ش ْ ش شش
اجلشن َِّة يشـْن ِايي شعْنـه شما لِبشا ش ـ ـه شما لِ ِرييشـه شما ش ـ ـ ْوآهتِِ شما إِنَّت يشـشراك ْم ه شو شوقشبِيلت ِم ْن شحْيث حش أخرً أشبشـ شويْك ْم ِم شن ْ
ين حش يـ ْؤِمنو ش ِ ِ ِِ ِ
ن ﴾ [األعراف. ]27 - 19 :
تشـشرْوشْ ،م إ َّان شج شع ْلنشا ال َّيشاط ش أ ْشوليشاءش للَّذ ش
﴿وإِ ْذ
وحذرلا من ال َّ ـ ـ ـ ـيطان ،ومن خداعت وكيده لئال خيرجهما من اجلنَّة .قال هللا تعاىل ش َّ
ك فشالش قـ ْلنا لِْلمالشئِ شك ِة ا دوا دم فشس دوا إِحَّ إِبلِيس أشىب *فشـق ْلنا َيآدم إِ َّن ه شذا عدو لش ِ ِ
ك شولشايْوج ش ش ش ش ش ْ ش ش شش ْ ش ش
ـتاييما ،و َّرلا، اجلشن َِّة فشـتش ْ ـ ـ ـ شق ﴾ [طه ]117 - 116 :ومع هذا كلِت َّ
فَن ال َّ ـ ـ ـيطان ا ـ ـ ـ َّ خيْ ِر شجنَّك شما ِم شن ْ
ص ـلابة كتاب هللا تعاىل ،ويربِيهم عل التَّصـ ُّـور ظل ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم يعلِم ال َّ َّ
صـ ـ ـلي يف قض ـ ــاَي العقائد ،والنَّظر الس ـ ــليم للكون واحلياة ،من خالل ا َيت القرآنيَّة الكرمية، ال َّ
فب َّ بدء الكون ومصريه.
ِ ِ
بك شر ُّ ض ِيف يشـ ْوشم ْ ِ شوشْد شعلو شن لشت أشنْ شد ًادا ذشل ش قال تعاىل ﴿ق ْل أشإِنَّك ْم لشتشكْفرو شن ِابلَّذأ شخلش شق األ ْشر ش
ِ ٍ ِ الْ عالش ِم *وج عل فِيها روا ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ِمن فشـوقِها وابرشك فِيها وشقد ِ
َّر ف شيها أشقْـ شو شاهتشا يف أ ْشربشـ شعة أ َّشَيم ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شواءً
ش ْ ْ ش ششش ش ش ش ش ش ش ش ش ش ش شش
ض ائْتِيشا طشْو ًعا أ ْشو شك ْرًها قشالشتشا أشتشـْيـنشا لِل َّس ـ ـائِلِ ش * مثَّ ا ْ ـ ـتشـ شو إِ شىل ال َّس ـ ـ شما ِء شوِهي د شخان فشـ شق شال شيشا شولِ ْشر ِ
ش
ات ِيف يشـ ْوشم ْ ِ شوأ ْشو شح ِيف ك ِل شمسش ٍاء أ ْشمشرشها شوشزيـَّنَّا ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ شماءش ُّ
الدنْـيشا طشائِعِ *فشـ شقض ـ ـ ـ ـ ـ ـاه َّن ـ ـ ـ ـ ـ ـبع شمساو ٍ
ش ْش ش ش ش ش
دير الْع ِايي ِاي الْعلِي ِم ﴾ [فصلت.]12-9 :ـ ِمبصابِي و ِح ْفظًا ذشلِك تشـ ْق ِ
ش ش ش شش شش
اها شي ْم فش ِمْنـ شها شركوهب ْم شوِمْنـ شها شرْكلو شن * شوشي ْم فِ شيها شمشنافِع شوشم ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ِرب أشفشالش
*وذشلَّْلشن ش
ِ
فشـه ْم شيشا شمالكو شن ش
ن ﴾[يس. ]73 - 71 : يش ْ كرو ش
وخيطا، ويفكرِ ، أن النسـ ــان يعقل ِ ولفت القرآن الكر األنظار إىل مسـ ــألة رزق احليوان ،و َّ
فكر يف ِادخاره، يقة ما َّ ويسع يف بيل حتصيل معي تت وكسبت ،وإذا حصل عل الكس بطر ٍ
وهايينت للمس ـ ــتقبلَّ ،أما احليوان فليس ـ ــت عنده القدرة عل التَّفكري والتَّهطيا ،وليس من طبعت
( )1انظر مباحث يف إع از القران َّ ،صطف مسلم ،ص 177إىل .179
177
ـيء قد تكفلت أبرزاقها ،وتوفري ـ ـ ـ ـ ـ ــبل البقاء بكل ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
لكن قدرة احلكيم اخلبري اَّيطة ِ ذلك ،و َّ
اَّلل يشـ ْرزقـ شها شوإِ ََّيك ْم شوه شو ال َّسـ ـ ـ ـ ـ ـ ِميع الْ شعلِيم ﴾
﴿وشكأشيِ ْن ِم ْن شدآبٍَّة حش شْحت ِمل ِرْزقشـ شها َّ
أمامها .قال تعاىل ش
[العنكبوت. ]60 :
األلوهية يف اَّهلوقات العلم ،والحاطة ابَّكان ،والتَّكفُّل ابلرزق يف يع َّ هكذا شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأن
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلراء اَّرقة، مكان ،يف أعماق البلار ،واَّيطات ،ويف ال َّ كل ٍ الظُّرو ،فاحليوان مرزوق يف ِ
اب ح يض ـ ُّـل كل ذلك يف كت ٍ صـ ـ َّماء ،ويف أجواء الفض ــاءَّ ، واألهللا ــقاي اَّت ِمدة ،حتت ال ُّ
صـ ـهور ال َّ
اَّللِ ِرْزقـ شها شويشـ ْعلشم م ْس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتشـ شقَّرشها ﴿وشما ِم ْن شدآبٍَّة ِيف األ ْشر ِ
ض إِحَّ شعلش َّ ِريب ،وح ينس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ،قال تعاىل ش
اب مبِ ٍ ﴾ [هود.]6 : ومستشـوشد شعها كل ِيف كِتش ٍ
ش ْْ ش
الدواب واحل ـ ـ ـ ـرات اَّتباينة يف أن هذه اَّهلوقات -من َّ وقد لفت القرآن الكر النَّظر إىل َّ
()1
﴿وشمااألش ـ ــكال واحل وم وطريقة احلركة ،وال َّسـ ـ ـري -أمم ،وفص ـ ــائل أمثال النَّاس ،قال تعاىل ش
اب ِم ْن شش ْي ٍء مثَّ إِ شىل ض وحش طشائٍِر ي ِطري ِقشنشاحْي ِت إِحَّ أمم أ ْشمثشالكم ما فشـَّرطْنشا ِيف الْ ِكتش ِ
ْش ش ش ش ٍِ
م ْن شدآبَّة يف األ ْشر ِ ش
ِ
ن ﴾ [األنعام. ]38 : شرهبِِ ْم ْ ش رو ش
األول عن الكون ،وم ــا في ــت من الرعي ــل َّ وهك ــذا نشظَّ شم القرآن الكر أفك ــار ،وتص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـورات َّ
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم يف رس حقيقة ٍ
ـتمر الن ُّ
مللوقات ،وعن حقيقة هذه احلياة الفانية ،وا ـ َّ
أن شم ْن عر منهم عاقبتت ،و ـ ــبيل النَّ اة، اَّص ـ ــري ،و ـ ــبيل النَّ اة يف نفوس أهللا ـ ــلابت ،موقناً َّ
حض يظفر داً هبذه النَّ اة، ـيلة لس ـ ــلوك ال َّس ـ ـ ـبيلَّ ، بكل ما أول من َّقوةٍ وو ـ ـ ٍ والفوز ـ ــيس ـ ــع ِ
وذلك الفوز ،ورَّكاي هللال هللا عليت و لم يف هذا البيان عل اجلوان التَّالية
وإن متاعها مهما عظم فَنَّت قليل حقري، إن هذه احلياة الدُّنيا مهما طالت فهي إىل زو ٍالَّ ، َّ
ا بِِت نشـبشات ِ ِ ٍ احلشيشاةِ ُّ وو َّ ـ ـ ـ ـ ش يم ذلك هللا تعاىل ﴿إَِّجشا شمثشل ْ
الدنْـيشا شك شماء أشنْـشايلْنشاه م شن ال َّسـ ـ ـ ـ شماء فش ْ
اختشـلش ش
ت شوظش َّن أ ْشهل شها أ َّشْ ،م قش ِادرو شن ض ِاَّا رْكل النَّاس واألشنْـعام ح َّض إِ شذا أ ِ
شخ شذت األ ْشرض ز ْخرفشـ شها شو َّازيـَّنش ْ ش ش ش ش األ ْشر ِ ش
ك نـ شف ِصل ا َيت لِشق ْوٍم يدا شكأش ْن ش تشـ ْن ِابألشم ِ ِ
س شك شذل ش ْ ش ْ اها شح ِص ً
شعلشْيـ شها أ ششات شها أ ْشمرشان لشْيالً أ ْشو ش،ش ًارا فش ش شع ْلنش ش
ن ﴾ [يونس. ]24 : يشـتشـ شف َّكرو ش
إن ا ية الكرمية ال َّس ـ ـابقة فيها ع ـ ــر ٍل وقع ال َّكي من جمموعها ،حبيث لو ـ ــقا منها َّ
ضـيها ،وانقراض نعيمها ،وا ار اختل التَّ ــبيت إذ اَّقصــود ت ــبيت حال الدُّنيا يف ــرعة تق ِ شــيء َّ
181
عمل يعملت النس ــان ،أو ي كت، كل ٍب -النوي الثَّاين العبادات مبعناها الوا ــع ،الَّذأ ي ــمل َّ
كل ش ـ ـ ـ ـ ــعوٍر يطرده بل كل ش ـ ـ ـ ـ ــعوٍر يقبِل عليت النس ـ ـ ـ ـ ــان ُّ
تقرابً بت إىل هللا تعاىل ،بل يدخل فيها ُّ
تقرابً بت إىل هللا تعاىل ،ما دامت نيَّة اَّتعبِد هبذا العمل هي إر اء هللا بلانت النسان من نفست ُّ
َّقرب إىل هللا ـ ـ ــبلانت وتعاىل عبادة يثاب هللاـ ـ ــاحبهاِ ،
وتريب روحت فكل األمور مع نيَّة الت ُّ
وتعاىلُّ ،
تربيةً حسنةً(.)1
صـ ـالة ،وتالوة القرآن ،وذكر هللا تعاىل ،والتَّس ــبي لت ــبلانت أمر مهم يف الرو ابل َّ
إن تايكية ُّ َّ
تتطهر من أدرا،ا ،وتتَّص ـ ـ ـ ــل القها فلن تقوم ابلتَّكاليف
َّ فَن النَّفس الب ـ ـ ـ ـ ـريَّة إذاال ـ ـ ـ ــالم َّ
الرو وقوداً وزاداً ،ودافعاً قوَيً إىل القيام ال َّ ـ ـ ـ ـ ـرعية اَّلقاة عليها ،والعبادة واَّداومة عليها ،تعطي ُّ
الر ـ ــول هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يف اثلث ـ ــورةٍ نايلت عليت ويدل عل هذا أمر هللا َّ مبا تؤمر بتُّ ،
الذكر ،وترتيل القرآن. ابلصالة و َِّ
ص ِمْنت قشلِيالً *أ ْشو ِزْد شعلشْي ِت ِ ِ ِ
﴿َيأشيـُّ شها الْمَّايمل *ق ِم اللَّْي شل إِحَّ قشليالً *ن ْ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شفت أش ِو انْـق ْ قال تعاىل ش
شش ُّد شو ْطءًا شوأشقْـ شوم قِيالً *إِ َّن ِ ِ
ك قشـ ْوحً ثشقيالً *إِ َّن شان ِشئشةش اللَّْي ِل ه شي أ ش
ِ
شوشرتِ ِل الْقرآن تشـ ْرتِيالً *إِ َّان ش نـ ْلقي شعلشْي ش
ك وتشـبـتَّل إِلشْي ِت تشـْبتِيالً ﴾ [املزمل.]8 - 1 : ِ َّها ِر ش ْب ًلا طش ِويالً ش ِ
*واذْكر ا ْ شم شرب ش ش ش ْ ك ِيف النـ ش لش ش
الذكر إن اح ـ ـ ـ ـ ـ ــتعداد ل مر الثَّقيل ،والتَّكاليف ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاقَّة يكون بقيام اللَّيل واَّداومة عل ِ َّ
جل -عل تربية عاي و َّ بتوجيت من ربِت َّ - ٍ والتِالوة ،وقد حرص ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ـ ــلم
الصلابة من َّأول إ المهم عل تطهري أرواحهم وتايكيتها ابلعبادة(.)2َّ
ِ
وكان أهللاــلاب ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم إذا هللا ـلُّوا ذهبوا يف ال ـعاب ،وا ـ ْ
ـته شفوا
بصــالهتم( .)3ولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما خا هللاــل هللا عليت و ــلم يف بداية ال ــالم عل أهللاــلابت ،وعر َّ
أن
الصالة ،وقراءة القرآن علناً ،دخل هبم دار األرقم ،وهللاار يصلِي هبم، الكفار ح ي كو،م ميار ون َّ
عاي وجل -ولوح ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالة ،والتِالوة ألمرهم
الرو ابلعبادة ،وال َّ
ألية تايكية ُّ ويعلِمهم كتاب هللا َّ َّ -
حض إنَّت بعد أن اكت ــفت قريش اَّكان الَّذأ يصــلِي فيت َّ
الر ــول هللاــل هللا ب كها عند اخلو َّ ،
الصالة ،والتِالوة ألجل اخلو (.)4 الر ول هللال هللا عليت و لم َّ عليت و لم أبهللالابت ي ك َّ
س وقشـبل ر ِ ِ
وهبشا ِ
وي ال َّ ـ ـ ـ ْم ش ْ ش ك قشـْب شل طل ِ هللاـ ـ ـِ ْرب شعلش شما يشـقولو شن شو ش ـ ـ ـبِ ْ ِحبش ْمد شربِ ش
وقال تعاىل ﴿فشا ْ
ِِ َّن شعْيـنشـْي ش ِ وِمن ِ
اجا
ك إ شىل شما شمتـ َّْعنشا بت أ ْشزشو ً *وحش شَتد َّك تشـ ْر ش ـ ـ ـ ـ ـ ش آانء اللَّْي ِل فش شسـ ـ ـ ـ ـبِ ْ شوأشطْشرا ش النـ ش
َّها ِر لش شعلَّ ش ش ْ ش
هللا ـطشِ ْرب شعلشْيـ شها الدنْـيا لِنشـ ْفتِنشـهم فِ ِيت وِرْزق ربِك خري وأشبـ شق *وأْمر أشهلشك ِابل َّ ِ ِمْنـهم زهرشة ْ ِ
ص ـالشة شوا ْ ْ ش ش ش شْ ش ْ ش ْ ْ ش احلشيشاة ُّ ش ْ شْ ش
ك والْعاقِبة لِلتَّـ ْقو ﴾ [طه. ]132 - 130 : حش نش ْسأشل ش ِ
ك رْزقًا شْحنن نشـ ْرزق ش ش ش ش ش
ِ
وبس وقشـْبل الْ ر ِ ِ
وي ال َّ ـ ـ ْم ش ش ك قشـْب شل طل ِ هللاـ ـِ ْرب شعلش شما يشـقولو شن شو ش ـ ـبِ ْ ِحبش ْمد شربِ شوقال تعاىل ﴿فشا ْ
ود ﴾ [ق. ]40 - 39 : الس ِ*وِم شن اللَّْي ِل فش شسبِ ْلت شوأ ْشد شاب شر ُّ ش
صـالة، أن الع َّد شة يف حال الضــيق وال ــدَّة هي الكثار من ال َّ تدل عل َّ وهذه ا َيت األخرية ُّ
الذكر ،وتالوة القرآن ،واحلت اء إىل هللا بلانت وحده ،والكثار من الدُّعاء(.)1 وِ
أل،ا مستمدة من القرآن الكر ، َّب هللال هللا عليت و لم ألهللالابت شاملةً َّ كانت تربية الن ِ
اهتمت ال َّ بية النَّبويَّة
الرو ،واجلس ـ ـ ـ ـ ــد ،والعقل ،فقد َّ ككل يتكون من ُّ الَّذأ خاط النس ـ ـ ـ ـ ــان ٍ
ألن ذلك هو الذأ التفكر ،والتدبُّر َّ التأمل ،و ُّ ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ لايب عل تنمية قدرتت يف النَّظر ،و ُّ ب بية ال َّ
يؤهلت حلمل أعباء الدَّعوة إىل هللا ،وهذا مطل قرآين ،أرش ـ ـ ــد إليت ربنا -ـ ـ ــبلانت وتعاىل -يف
ض شوشما تـ ْ ِ ا َيت شوالنُّذر شع ْن ات شواأل ْشر ِحمكم تناييلت.قال تعاىل ﴿ق ِل انْظروا ما شذا ِيف ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـماو ِ
شش ش
ن ﴾ [يونس. ]101 : قشـ ْوٍم حش يـ ْؤِمنو ش
اَّلل يـْن ِ ـ ء النَّ ْ ـأشةش ا خرةش ف بش شدأش ْ
اخلشْل شق مثَّ َّ ض فشانْظروا شكْي ش وقال ـبلانت ﴿ق ْل ِ ـريوا ِيف األ ْشر ِ
َّووأ يف شرحت عل مسلم ( ، )100/3والمام ابن رج احلنبلي يف جامع العلوم واحلكم ،ص .190
أشار إىل هذا اَّعىن الن ُّ
()1
188
[العنكبوت.]20 : اَّللش شعلش ك ِل شش ْي ٍء قش ِدير ﴾ إِ َّن َّ
آَيتت ولِيـتش شذ َّكر أولو األلْب ِ ك مبارك لِي َّدبـَّروا ِ ِ ِ
اب ﴾ [ص. ]29 :
ش شش ش وقال تعاىل ﴿كتشاب أشنْـشايلْنشاه إلشْي ش ش ش ش
ِِ
ضهللا ـ ـبًّا *مثَّ شش ـ ـ شق ْقنشا األشْر ش جل ش ــأنت ﴿فشـ ْليشـْنظ ِر ا ِلنْ شس ـ ـان إِ شىل طش شعامت *أ َّشان ش
هللا ـ ـبشـْبـنشا الْ شماءش ش وقال َّ
اعا لشك ْم ض ـ ـ ـ ـبا *وزيـتوانً وشَنْالً *وح شدائِق ْلبا ِ شش ـ ـ ـ ـقًّا *فشأشنْـبـْتـنشا فِيها حبًّا ِ
*متش ً
*وفشاك شهةً شوأ ًّشاب ش شش ش ً ش *وعنشـبًا شوقش ْ ً ش شْ ش ش ش ش ش
ِ
امكم ﴾ [عبس.]32 24 :
شو ِأل شِنْـ شع ْ
وجل -مناط التَّكليف، عاي َّ اَّهمة ،وقد جعلت اَّوىل َّ - والعقل يعترب أحد طاقات النســان َّ
ٍ ٍ
﴿وحش تشـ ْقففمن حرم العقل جلنون أو ريه ،فهو ري مكلَّف ،ويسقا عنت التَّكليف قال تعاىل ش
عْنت مسؤوحً ﴾ [اإلسراء. ]36 :
ك شكا شن ش ش ْ صشر شوالْف شؤ شاد ك ُّل أولشئِ ش ك بِِت ِع ْلم إِ َّن َّ
الس ْم شع شوالْبش ش س لش ششما لشْي ش
يتمكن هبا من قبول العلم ،وا ــتيعابت ولذلك و ــع إن العقل نعمة من هللا عل النس ــان َّ
َّ
القرآن الكر منه اً ل بية العقل ،ــار عليت ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ل بية أهللا ــلابت
ومن ِ
أهم نقاط هذا اَّنهت
حذرالظن والتَّهم ،أو التبعيَّة والتقليد ،فقد َّ ِ - 1دريد العقل من اَّس ـلَّمات اَّبنيَّة عل
﴿وشما شي ْم بِ ِت ِم ْن ِع ْل ٍم إِ ْن يشـتَّبِعو شن إِحَّ
القرآن الكر من ذلك يف ا ية الكرمية التَّالية قال تعاىل ش
الظَّ َّن شوإِ َّن الظَّ َّن حش يـ ْ ِ ِم شن ْ
احلشِق ش
شْيـئًا ﴾ [النجم. ]28 :
ـادات ،ومعـ ٍ
ـامالت، - 4دعوة العقــل إىل التــأ ُّم ـل يف حكمــة مــا ش ـ ـ ـ ـ ـ ــري هللا لعبــاده من عبـ ٍ
ضت ألن ذلك يـْن ِ
السفر َّ السلم واحلرب ،يف القامة و َّ أخالق ،وآداب ،وأ لوب حياةٍ ٍ
كامل ،يف ِ و ٍ
الرابينَّ يف حياتت،
وبتعرفت عل تلك احلكم يعطيت أحسـ ــن الفرص ،ليطبق ال َّ ـ ـري َّ العقل ،وين ِميتُّ ،
وح يب ي عنت حوحً َّا فيت من ال َّس ـ ـكينة ،والطمأنينة ،وال َّس ـ ـعادة للب ـ ـريَّةَّ ،
وألن هللا -ـ ــبلانت
وتعاىل َّ -إجا شري ما شري لذلك.
189
ص ـ ـ شل لشك ْم شما شحَّرشم شعلشْيك ْم ﴿وشما لشك ْم أشحَّ شأتْكلوا ِاَّا ذكِشر ا ْ ـ ـم َّ
اَّللِ شعلشْي ِت شوقش ْد فش َّ قال ـ ــبلانت ش
ِ ِ
ين ﴾ ك ه شو أ ْشعلشم ابلْم ْعتشد ش ضلُّو شن ِأب ْشه شوائِ ِه ْم بِ ش ِْري ِع ْل ٍم إِ َّن شربَّ ش
إِحَّ ما ا ْ ط ِرر ْذ إِلشي ِت وإِ َّن شكثِريا لشي ِ
ً ْ ْ ش ش
[األنعام. ]119 :
ـرأ ليتَّعم النَّاظر يف - 5دعوة العقل إىل النَّظر إىل ـ ـ ـ ـ ـنَّة هللا يف النَّاس عرب التَّاري الب ـ ـ ـ ـ ِ
ويتأمل يف ــنن هللا يف األمم ،وال ُّ ـعوب ،والدُّول .قال هللا اتري احابء ،واألجداد ،واأل ــال َّ ،
ض شمـا شْ جش ِك ْن لشك ْم شوأ ْشر ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْلنشـا تعــاىل ﴿أششْ يشـشرْوا شك ْم أ ْشهلش ْكنشـا ِم ْن قشـْبلِ ِه ْم ِم ْن قشـ ْرٍن شم َّكنَّـاه ْم ِيف األ ْشر ِ
ال َّس ـ شماءش شعلشْي ِه ْم ِم ْد شر ًارا شو شج شع ْلنشا األ ْش،ش شار شْد ِرأ ِم ْن شْحتتِ ِه ْم فشأ ْشهلشكْنشاه ْم بِذنوهبِِ ْم شوأشنْ ش ـأْ شان ِم ْن بشـ ْع ِد ِه ْم قشـ ْرانً
آخرين﴾ [األنعام. ]6 :
ش
ات شوشما وقال هللا تعاىل ﴿ولششق ْد أشهلشكْنشا الْقرو شن ِمن قشـبلِكم ل ـ ـ ـ َّـما ظشلشموا وجاء ْهتم ر لهم ِابلْبـيِنش ِ
ْ ش شش ش ْ ْ ْ ْ ش ْ
ض ِم ْن بشـ ْعـ ِد ِه ْم لِنشـْنظشر ف ِيف األ ْشر ِ ِ ِ
ك شُْ ِايأ الْ شق ْوشم الْم ْ ِرم ش *مثَّ شج شع ْلنشـاك ْم شخالشئ ش
ِ ِ
شكـانوا ليـ ْؤِمنوا شكـ شذلـ ش
ن ﴾ [يونس -13ـ . ]14 ف تشـ ْع شملو ش شكْي ش
ِ ِ َّ ِ
ين ِم ْن قشـْبل ِه ْم شكانوا أ ش
شش َّد ف شكا شن شعاقبشة الذ ش ض فشـيشـْنظروا شكْي ش وقال بلانت ﴿أ ششوشْ يش ِسريوا ِيف األ ْشر ِ
اَّلل
ات فش شمـا شكـا شن َّ ِمْنـهم قـ َّوًة وآاثروا األشرض وعمروهـا أش ْكثشـر ِاـَّا عمروهـا وجـاء ْهتم ر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلهم ِابلْبـيِنشـ ِ
ْ ش ش شش ش ش ش ش ْ ْ ش ش شش ش ْ ش
ن ﴾ [الروم. ]9 : لِيشظْلِ شمه ْم شولشك ْن شكانوا أشنْـف شسه ْم يشظْلمو ش
ِ ِ
ابين لكي الر ِ ص ـلابة إىل ا ــتهدام عقويم وفق اَّنظور َّ كانت هذه ا َيت الكرمية ترشــد ال َّ
قد ـوا العقل ،وأعطوه أكثر ح تضـ َّـل عقويم يف التيت الَّذأ ـ َّـل فيت كثري من الفال ــفة ،الَّذين َّ
يستلق( ،)1وقد كان يذه ال َّ يبة القرآنيَّة آاثر عمليَّة عظيمة. ُّ اَّا
اثلثاًَّ :
الرتبية اجلسديَّة:
ـتمد أهللاــول تلك ال َّ بية َّب هللاــل هللا عليت و ــلم عل تربية أهللاــلابت جســدَيً ،وا ـ َّ ص الن ُّ
شحشر ش
يؤدأ اجلس ـ ـ ـ ـ ـ ــم وظيفتت ،الَّيت خلق يا ،دون إ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرا ٍ أو تقت ٍري ،ودون من القرآن الكر ،حبيث ِ
طاقة أخر .حماابةٍ لطاقة من طاقاتت عل حساب ٍ
حرمت من اخلبائث، إن هللا أرش ـ ـ ـ ـ ـ ــد عباده يف القرآن الكر ،إىل ما أحلَّت من الطَّيبات ،وما َّ َّ
اَّللِ الَِّيت
وأنكر عل أولئك الَّذين ِرمون عل أنفســهم الطَّيبات ،قال تعاىل ﴿ق ْل شم ْن شحَّرشم ِزينشةش َّ
ِ ِ ِ احلشيشاةِ ُّ ات ِمن ِ ِ ِ ِ ِ أخرً لِعِب ِادهِ والطَّيِب ِ
ص ـةً يشـ ْوشم الْقيش شام ِة شك شذل ش
ك الدنْـيشا شخال ش ين شآمنوا ِيف ْ
الرْزق ق ْل ه شي للَّذ ش ش ش ش ش
191
أبحد من النَّاس ،واند اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم أن يعملوا يف هذه الدُّنيا ما يكفل يم القيام و ري مض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـر ٍ
الدين ،وما يدَّخرون عند هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــبلانت ،قال تعاىل ﴿ شقالوا أ ِ
وذ شينا ِم ْن قشـْب ِل أش ْن بع ء الدَّعوة و ِ
ض فشـيشـْنظشر ك شعد َّوك ْم شويش ْسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتش ْهلِ شفك ْم ِيف األ ْشر ِ ِ ِ ِ
شأتْتِيشـنشا شوِم ْن بشـ ْعد شما جْئـتشـنشا قش شال شع شسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شربُّك ْم أش ْن يـ ْهل ش
ن ﴾ [األعراف.]129 : ف تشـ ْع شملو ش
شكْي ش
وربا العلم ابلميان يف كث ٍري من آَيت القرآن الكر ،وش ـ ـ ـ ــرط يف العمل أن يكون هللا ـ ـ ـ ــاحلاً،
ِ قال ــبلانت وتعاىل ﴿إِ َّن الَّ ِذين آمنوا وع ِملوا ال َّ ِ ِ
شح شس ـ شن شع شمالً﴾ ص ـاحلشات إِ َّان حش نض ـيع أ ْ
شجشر شم ْن أ ْ ش ش شش
اَّلل رْمر ِابلْع ْد ِل وا ِلحس ـ ـ ـ ـ ِ ِ
ان ش ش ْش [الكوف ،]30 :وطال ابلحس ـ ـ ــان يف العمل ،فقال ـ ـ ــبلانت ﴿إ َّن َّش ش
ن ﴾ [النحل.]90 : شوإِيتش ِاء ِذأ الْق ْرشىب شويشـْنـ شه شع ِن الْ شف ْل ش ِاء شوالْمْن شك ِر شوالْبشـ ْ ِي يشعِظك ْم لش شعلَّك ْم تش شذ َّكرو ش
﴿وشك ْم أ ْشهلشكْنشا ِم ْن ِ
- 8وحذر بلانت من الدَّعة والبطر ،واح ار ابلنعمة ،فقال بلانت ش
َّ
حنن الْوا ِرثِ ش ﴾ [القصص: ِ ِِ ِ ِ ِ
ك شم شساكنـه ْم شْ ت ْس شك ْن م ْن بشـ ْعده ْم إحَّ قشليالً شوكنَّا شْ ش ت شمعِي ش تشـ شها فشتِْل شقشـ ْريشٍة بش ِطشر ْ
. ]58
هذه بعض األ ـ ـ ـ ــس الَّيت قامت عليها ال بية النَّبويَّة ل جسـ ـ ـ ــام ،حض تسـ ـ ـ ــتطيع أن َّ
تتلمل
أثقال اجلهاد ،ولوم الدَّعوة ،وهللاعوبة احلياة.
َّب هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم هللاـ ـ ـ ـ ــلابتت عل اَّنهت الكر ،منهت تايكية األروا ،
رىب الن ُّ
لقد َّ
الرَّابنيَّة اَّتوازنة،
وتنوير العقول ،واَّافظة عل األجساد ،وتقويتها لعداد ال َّهصيَّة ال الميَّة َّ
ولقد ُلت تربيتت هللال هللا عليت و لم يف حتقيق أهدافها اَّر ومة.
الرذائل:
الصحابة على مكارم األخالق ،وتنقيتوم من َّ
رابعاً :تربية َّ
خلق ،وقدص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـليلة ح تكون ب ري ٍ الرفيعة جايء مهم من العقيدة فالعقيدة ال َّ إن األخالق َّ َّ
ٍ
متنوعة ،وكان رىب ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم هللاـ ــلابتت عل مكارم األخالق ،أب ـ ــالي َّ
هللال هللا عليت و لم يتلو عليهم ما ينايل من قرآن ،فَذا مسعوه ،وتدبَّروه عملوا بتوجيهاتت.
الرو ،
ـث عل مك ـ ــارم األخالق ،وعل تنقي ـ ــة ُّ واَّت ـ ــدبِر للقرآن ِ
اَّك ِي جي ـ ــده مليئ ـ ـاً ابحل ـ ـ ِ
كل ما يعوق ــريها إىل هللا تعاىل ،ور ــول ايد هللا ــل هللا عليت و ــلم القدوة وتص ــفيتها ،من ِ
َّك لش شعلش خل ٍق﴿وإِن ـ ش ٍ
ٍ ()1 الكــاملــة ،و ِ
ش ـاىلـ عت ـالـ ق خلق عظيم اَّريب النـَّاهللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ل َّم ـة كــان عل
شع ِظي ٍم﴾[القلم ]4 :ومعىن ا ية وا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ،أأ ما كان رمر بت من أمر هللا ،وينه عنت من ،ي هللا،
193
الثَّراثر هو كثري الكالم ب ري فائدةٍ دينيَّ ٍة .واَّت ـ ـ ـ ِـدق اَّتكلِم مبلء فيت تفاهللاـ ـ ـ ـلاً وتعاظماً،
وتطاوحً ،وإظهاراً لفضـ ـ ـ ـ ــلت عل ريه ،واَّتفيهق هو الَّذأ يتو َّ ـ ـ ـ ـ ـع يف الكالم ،ويفت بت فاهت،
وأهللالت من الْ شف ْه ِق ،وهو احمتالء(.)1
القرآين يف تربية أهللا ـ ـلابت عل األخالق َّب هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم عل اَّنهت ِ لقد ـ ــار الن ُّ
ألن العالقة ب األخالق احد َّ وقت و ٍ الكرمية ،وكانت األخالق تعرض مع العبادة ،والعقائد يف ٍ
والعقيدة وا ـ ـ ـ ـ ــلة يف كتاب هللا تعاىل ،وقد ب َّ ـ ـ ـ ـ ــبلانت لر ـ ـ ـ ـ ـولت هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم ،
وللمس ـ ـ ـ ـ ــلم ،األخالقيات الميانيَّة الَّيت ينب ي أن يكون عليها اَّؤمنون ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ (ح إلت إح هللا)،
أن التَّنديد أبخالقيات اجلاهلية واألخالقيات اجلاهليَّة الَّيت ينب ي أن ينبذها اَّؤمنون ،واحلقيقة َّ
حض النِهاية. تمر معت َّ تصوراهتم احعتقاديَّة ،وا َّ قد بدأ منذ اللَّلظة األوىل ،مع التنديد بفساد ُّ
نطاق مع َّ ٍ من نط ِق الدين ،وليسـ ــت حمصـ ــورًة يف ٍ إن األخالق ليسـ ــت شـ ــيئاً اثنوَيً يف هذا ِ َّ
أن اَّظاهر رأ كلِت ،كما َّ للسلوك الب ِ رأ َّإجا هي ركياية من ركائايه ،كما َّأ،ا شاملة ُّ السلوك الب ِ ُّ
ص ـلي ص ـب ة اخللقيَّة الوا ــلة ،هي ال َّ ة العمليَّة لالعتقاد ،والميان ال َّ ال ُّس ـلوكيَّة كلَّها ذات ال ِ
ألن الميان ليس م اعر مكنونةً يف داخل الضَّمري فلس ٍ َّإجا هو عمل لوكي ظاهر كذلك، َّ
العملي ،أو ح نر عكســت أن نتســاءل أين الميان َّ حبيث ُّق لنا ح ح نر ذلك ال ُّسـلوك
يتلول إىل ٍ
لوك()2؟! َّ إذاً؟ وما قيمتت إذا
ولــذلــك ُــد القرآن الكر يربا األخالق ابلعقيــدة ربط ـاً قوَيً ،واألمثلــة عل ذلــك كثرية
منها
ين ه ْم شع ِن اللَّ ْ ِو قولت تعاىل ﴿قش ْد أشفْـلش الْمؤِمنو شن *الَّ ِذين هم ِيف هللا ـ ـ ـ ـالشهتِِم خا ِش ـ ـ ـ ـعو شن َّ ِ
*والذ ش
ش ش ْ ش ْ ش ش ْ
وج ِه ْم شحافِظو شن *إِحَّ شعلش أ ْشزشو ِاج ِه ْم أ ْشو شما اعلو شن *والَّ ِذين هم لِفر ِ
ش ش ْ
مع ِر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو شن *والَّ ِذين هم لِ َّلايشكاةِ فش ِ
ش ش ْ ْ
وم *فشم ِن ابـتـ ش وراء ذشلِـ ـك فش ـأولشئِ ـك هم الْع ـادو شن َّ ِ
ين ه ْم *وال ـذ ش ش ش ش ت أشْميشـاْ ،م فش ـَِ َّْ ،م ش ْري شمل ِ ش ش ْ ش ش ش ش ش شملش شك ـ ْ
َّ ِ ِِ ِ اانهتِِم وعهـ ِد ِهم راعو شن َّ ِ
ين ِ
ك هم الْ شوارثو شن *الـذ ش هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلش شواهت ْم شـافظو شن *أولشئِـ ش
ين ه ْم شعلش ش
*والـذ ش
ش أل شِ شمـ ش ْ ش ش ْ ْ ش
ِ
س ه ْم فِ شيها شخالِدو شن ﴾ [املؤمنون ]11 - 1 :فالس ـ ــورة تبدأ بتقرير الفال للمؤمن هبذا ِ ِ
يشرثو شن الْف ْرشد ْو ش
اَّفصل ،الذأ اَّطول َّ التَّوكيد ﴿قش ْد أشفْـلش ش الْم ْؤِمنو شن ﴾ ،مثَّ تصف هؤحء اَّؤمن بذلك الوهللاف َّ
195
صـ ـالشةش شوأشنْـ شفقوا ِاَّا شرشزقْـنشاه ْم ِ ـ ـًّرا
هللاـ ـ شربوا ابْتِ شاءش شو ْج ِت شرهبِِ ْم شوأشقشاموا ال َّ
ين ش
اب َّ ِ
*والذ ش
ش
احلِسـ ـ ِ
شوشخيشافو شن ـ ـوءش ْ ش
ك شيم ع ْقىب الدَّا ِر ﴾ [الرعد.]22 - 19 : وعالشنِيةً وي ْدرأو شن ِاب ْحلسنش ِة َّ ِ ِ
السيئشةش أولشئ ش ْ شش ش ش ش شش ش
أن معظم األوهللا ـ ـ ـ ـ ــا هنا أخالقيَّة َّ -نا ـ ـ ـ ـ ــبة أوس األلباب -مثل الوفاء وال ِ
صـ ـ ـ ـ ـ ـلة، ومع َّ
وإجا هي أخالق رَّابنيَّة، أخالق (مدنيَّة)َّ ، ٍ لكن اَّللو فيها َّأ،ا ليست َّ
جمرد الصرب ،والنفاق َّ و َّ
أخالق فيها معىن العبادة ،والتَّقو ،فهم َّإجا يوفون (بعهد هللا) ،وإجا يص ـ ـ ـ ـ ــلون ما أمر هللا بت أن
اب ﴾ ،وهم َّإجا احلِس ـ ـ ـ ِ َّ
﴿وشخيْ ش ـ ـ ـ ْو شن شرَّهب ْم شوشخيشافو شن ـ ـ ـوءش ْ ش يوهللا ـ ــل ،وهم َّإجا يفعلون وي كون أل،م ش
كل أخالقهم و لوكهم يرجون ﴿ابْتِ شاءش شو ْج ِت شرهبِِ ْم﴾ ،ويرجون اليوم ا خر(.)1 يصربون فهم يف ِ
أل،ا من ابب الوفاء أن العبادة نوي من األخالق َّ ص ـلابة ر ــي هللا عنهم عل َّ ترىب ال َّ
لقد َّ
هلل ،وال ُّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكر للنِعمــة ،واحع ا ابجلميــل ،والتَّوقري َّن هو أهــل التَّوقري ،والتَّعظيم ،وكلُّهــا من
الرجاء يف ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ لابة رَّاب َّنية ،ابعثها الميان ابهلل ،وحاديها َّ مكارم األخالق( ،)2كانت أخالق ال َّ
ويؤدون األمانة ،ويوفون ا خرة ،و ر ـ ـ ــها ر ـ ـ ـوان هللا ،ومثوبتت ،فكانوا يصـ ـ ــدقون يف احلديثُّ ،
ص ـ ـ ـ ـ ري، ض ـ ـ ـ ـَّراء ،وح البأس ،وي يثون اَّلهو ،ويرحون ال َّ ابلعهود ،ويصـ ـ ـ ــربون يف البأ ـ ـ ـ ــاء وال َّ
كل ذلك ابت اء وجت هللا ،وطلباً َّا عنده تعاىل ويوقِرون الكبري ،ويرعون الفضـ ـ ــيلة يف ـ ـ ــلوكهم ُّ
ضـشرًة ِ ِ
ك الْيشـ ْوم شولشقَّاه ْم نش ْ اَّلل ششـَّر شذل ش
فقد كانت بواعثهم وطواَي نفو ــهم ،كما قال تعاىل ﴿فشـ شوقشاهم َّ
و رورا *وجاياهم ِمبشا هللا شربوا جنَّةً وح ِريرا ﴾ [اإلنسان.]12 - 11 :
ش ً ش شش ْ ش ش ش ش ً
الرذيلة ،ومرجعت فيما رخذ وما يدي، ألن مقيا ـ ــت يف الفض ـ ــيلة ،و َّ إن أخالق اَّؤمن عبادة َّ َّ
اعات ر ـ ـ ــيت ـ ـ ــمائرهم ٍ ـوم ،وكم من أفر ٍاد و ضـ ـ ـ ـمري وحده ليس مبعص ـ ـ ـ ٍ هو أمر هللا و،يت ابل َّ
ش
بقبائ األعمال!(.)3
ـأمون ألنـَّت حمــدود ابلبيئــة والظُّرو ،ومتــأثِر ابألهواء والنِاياعــات ،ويف والعقــل وحــده ليس مبـ ٍ
اخللقي ،دليل وا ـ ـ ـ عل ذلك، ِ احختال ال َّ ـ ـا ـ ــع للفال ـ ــفة األخالقيِ يف مقياس احلكم
والعر ح ثبــات لــت ،وح عموم ألنـَّت يت َّري من جيـ ٍـل إىل جيــل ،ويف اجليــل الواحــد من بلـ ٍـد إىل
بلد ،ويف البلد الواحد من إقلي ٍم إىل إقليم ولذلك الت أ اَّؤمن إىل اَّصدر اَّعصوم اَّأمون الَّذأ ٍ
201
صـ ـ ـليلة ،ومن الكرب وال رور ذلك التَّطاول اَّب ُّ ومعرفتت قدر نفس ـ ــت ،فيض ـ ــعها يف موا ـ ــعها ال َّ
ض شولش ْن تشـْبـل ش ض شمشر ًح ـا إِن ـ ش
َّك لش ْن شهْ ِر شق األ ْشر ش ش ِيف األ ْشر ِ ﴿وحش َتشْ ِ
عل اجلهــل ،والطيش ،واحلمــاقــة ش
ال طوحً ﴾ [اإلسراء. ]37 : اجلِبش ش
ْ
وألن هذه الوهللاـ ـ ــاَي جامعة لك ما يصـ ـ ــل شـ ـ ــأن النسـ ـ ــان ختمها هللا تعاىل بقولت احلكيم َّ
اَّللِ إِ شيًا آخر﴾ [اإلسراء.]39 : ْم ِة شوحش شْد شع ْل شم شع َّ ك ِمن ِْ ﴿ذشلِ ِ
احلك ش ك اَّا أ ْشو شح إِلشْي ش
ك شربُّ ش ش ش
فسـ ـ َّـماها حكمةً ،وختمها ابلدَّعوة إىل التوحيد ،والنَّهي عن ال ِ ـ ـرك كما بدأها أل َّن الميان
شر وابعثت(.)1 كل ٍ كل خ ٍري ،وحافظت ،وحار ت ،والكفر بت مفتا ِ ابهلل تعاىل ِم ْفتشا ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـف اَّؤمن ،فقد كانت قائمةً عل التهلُّق مبلا ـ ـ ـ ـ ــن
هكذا كانت تربية القرآن الكر لل َّ
األخالق ،ونـشْب ِذ يِئها.
القرآين:
ِّ الصحابة على مكارم األخالق من خالل القصص
خامساً :تربية َّ
إن القص ـ ـ ـ ـ ــص القرآينَّ ابَّواعم ،واحلكم ،واألهللا ـ ـ ـ ـ ــول العقديَّة ،والتَّوجيهات األخالقيَّة، َّ
واأل ــالي ال َّ بويَّة ،واحعتبار ابألمم وال ُّ ـعوب ،والقصــص القرآينُّ ليس أموراً اترخييَّةً ح تفيد إح
وإجا هو أعل ،وأشر ،وأفضل من ذلك ،فالقصص القرآينُّ مليء ابلتَّوحيد ،والعلم، اَّؤرخ َّ ، ِ
ومكارم األخالق ،واحل ت العقليَّة ،والتَّبصرة ،والتَّذكرة ،واَّاورات الع يبة.
متأمالً يف جان األخالق الَّيت عر ــت ص ـة يو ــف عليت الســالمِ ، وأ ــرب لك مثالً من ق َّ
األمة إح مبص ـ ـ ـ ـ ـ ــلل ، الرائعة ،قال علماء األخالق ،واحلكماء «ح ينتظم أمر َّ يف م ـ ـ ـ ـ ـ ــاهدها َّ
أعمال قائم ،وفضالء مرشدين هادين ،يم شروط معلومة ،وأخالق معهودة فَن كان ورجال ٍ
ص ـ ـ ـلشةً ذكروها ،كلُّها آداب ،وفضـ ـ ــائل هبا يسـ ـ ــوس أمتشت ،وإن القائم ابألعمال نبياً فلت أربعون شخ ْ
كان رئيساً فا الً ،اكتفوا من ال ُّروط األربع ببعضها ،و يِدان يو ف عليت السالم حاز من
كمال اَّر ـ ــل ،و ال النَّبيِ ،ولقد جاء يف ـ ــريتت هذه ما يتهذه عقالء األمم هدَيً حختيار
مهام األعمال إذ قد حاز اَّلك ،والنبوة! وحنن ح قِشبل لنا ابلنُّبوة حنقطاعهاَّ ،
وإجا األكفاء يف ِ
أهم خص ـ ــال صـ ـ ـلشةً هي ُّ
نذكر ما يليق مبقام رائ ـ ــة اَّدينة الفا ـ ــلة ،ولنذكر منها اثنيت شع ْ ـ ـ ـشرةش شخ ْ
يتفكر يف القرآن ،وتنبيه ـاً للمتعلِم ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاع رئيس اَّ ــدين ــة الف ــا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ــة لتكون ذكر َّن َّ
الذاكرة ليمكنت تذكر ما اب ،ومض ـ ـ لت ــنون ليض ــبا ال ِس ـ ـيا ــات ،ويعر َّ - 5قوة َّ
ن ﴾ [يوسف.]58 : ف فش شد شخلوا شعلشْي ِت فشـ شعشرفشـه ْم شوه ْم لشت مْن ِكرو ش ﴿و شجاءش إِ ْخ شوة يو ش للنَّاس أعمايم ش
اتمة الو ـ ـ ــو ﴿إِ ْذ قش شال يو ـ ـ ـف حض أتل ابألشـ ـ ــياء َّ القوة اَّهيِلة َّ - 6جودة اَّص ـ ـ ـ ِوشرة و َّ
ِِ ِ ِ ِ ِ
دين ﴾ [يوسف.]4 :
س شوالْ شق شمشر شرأشيْـتـه ْم ِس ش اج ش َّم ش شح شد شع ش شر شك ْوشكبًا شوال ْ أل شِبيت َيأشبشت إِين شرأشيْت أ ش
آابئِي إِبْـشر ِاه شيم شوإِ ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شلـ ش
اق ِ
﴿واتَّـبشـ ْعـت ملَّـةش ش ُّ
- 7ا ـ ـ ـ ـ ـ ــتعـداده للعلم ،وحبُّـت لـت ،وَتكنـت منـت ش
َّاس شولش ِك َّن أش ْكثشـشر اَّللِ شعلشْيـنشا شو شعلش الن ِ ك ِم ْن فش ْ ٍ ِ ِ
ضـ ِل َّ وب شما شكا شن لشنشا أش ْن ن ْ ـ ِرشك ِاب ََّّلل ِم ْن ششـ ْيء ذشل ش شويشـ ْعق ش
ك وعلَّمتشِ ِمن شأتْ ِو ِيل األشح ِاد ِ ِ ِ َّاس حش ي ْ ـ ـكرو شن ﴾ [يوس ــف ،]38 :و ِ
يث ش ْ ﴿رب قش ْد آتشـْيـتشِ م شن الْم ْل ش ش ْ ش الن ِ ش
ِِ ش ﴾ [يوسف: لصاحلشحلِْق ِ ِاب َّ الدنْـيشا شوا خرةِ تشـ شوفَِّ م ْسلِ ًما شوأ ْ ت شولِيِي ِيف ُّ ض أشنْ شات شواأل ْشر ِ السماو ِ
فشاطشر َّ ش ش
ِ
.]101
وعلو منص ــبت ،فقد خاط الفتي ض ـعفاء ،وتوا ــعت مع جالل قدرهِ ، - 8ش ــفقتت عل ال ُّ
اَّلل الْو ِ ِ ِ اَّس ـ ون ابلتَّوا ــع ،فقال ﴿َي ِ ِ
احد الْ شق َّهار ﴾ هللا ـاح شِب الس ـ ْ ِن أشأ ْشرشابب متشـ شفرقو شن شخ ْري أشم َّ ش
ش ش
[يوســ ـ ـ ــف ،]39 :وحــادثهمــا يف أمور دينهمــا ،ودنيــالــا بقولــت ﴿قشـ شال حش شرْتِيك شمـا طش شعـام تـ ْرشزقشـانِـ ِت إِحَّ
نشـبَّأْتك شما بِتشأْ ِويلِ ِت﴾ [يوس ــف ،]37 :و ﴿إِِين تشـشرْكت ِملَّةش قشـ ْوٍم حش يـ ْؤِمنو شن ِاب ََّّللِ شوه ْم ِاب خرةِ ه ْم شكافِرو شن﴾
( )1انظر اَّنهاً القراينُّ يف التَّ ريع ،لعبد الستار فت هللا عيد ( ،ص 425ـ .)433
203
ان قش شال أشحدلا إِِين أشرِاين أ ْشع ِ
ص ـ ـر طشًْرا [يوس ــف ،]37 :و شش ـ ـ ِه شدا لت بقويما ﴿ودخل معت ال ِس ـ ـ ن فشـتشـي ِ
ش ش ش ْش ش شش ش ش شش
حـ ـل فشـ ْو شق شرأْ ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي خْبـًايا شأتْكـ ـل الطَّْري ِمْنـ ـت نشـبِْئـنشـ ـا بِتشـ ـأْ ِويلِـ ـ ِت إِ َّان نشـشر شاك ِم شن
وقشـ ـ شال ا خر إِِين أشرِاين أش ِْ
ش ش
سنِ ش ﴾ [يوسف. ]36 : الْمل ِ
ْ
اَّلل لشكم وهو أشرحم ا َّلر ِِ ِ
اح ش ﴾ - 9العفو عند اَّقدرة ﴿قش شال حش تشـثْ ِري ش شعلشْيكم الْيشـ ْوشم يشـ ْفر َّ ْ ش ش ْ ش
[يوسف. ]92 :
تبِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ًريا شوأْتوِين ِ ِ ِِ ِ
- 10إكرام الع ـ ـ ـ ـ ــرية ﴿ا ْذ شهبوا ب شقميص ـ ـ ـ ـ ـي شه شذا فشأشلْقوه شعلش شو ْجت أِشيب شرْ ش
شهلِكم أش ْ شعِ ش ﴾ [يوسف. ]93 : ِ
أب ْ ْ
الرعيَّة الراعي و َّ َّ - 11قوة البيان والفصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحة بتعبري ريَي اَّلِك واقتداره عل األخذ أبفئدة َّ
ش
َّك الْيشـ ْوشم
ش نِإ ال
ش ق ت مَّ
ل ك
ش َّ ش ش شا ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ لف﴿ العلم و احلكمة، السوقة ،ما كان هذا إح ابلفصاحة اَّبنيَّة عل و ُّ
شم ﴾ [يوسف. ]54 : لش شديـنشا م ِك أ ِ
ْ ش
ص ْد ُّْذ فش شذروه ِيف ْنـبلِ ِت إِحَّ قشلِيالً ِِ
- 12حسن التَّدبري ﴿قش شال تشـ ْايشرعو شن ش ْب شع ن ش شدأ ًشاب فش شما شح ش
ِاَّا شأتْكلو شن﴾ [يوسف ]47 :اتهلل! ما أ شل القرآن! وما أهبت العلم!
ألن من أهدا القصــص ِ
القرآين القرآين واألخالق متينة َّ أن العالقة ب القصــص ِ ـك َّحشـ َّ
األمة ،واحلض ــارة ،كما الدولة ،و َّ الرفيعة الَّيت تفيد الفرد ،واأل ــرة ،واجلماعة ،و َّ التذكري ابألخالق َّ
الذميمة الَّيت تكون ـ ــبباً يف هالك األمم القرآين التنفري من األخالق َّ أن من أهدا القص ـ ــص ِ َّ
ص ـلابة الكرام من تربية النِ ِب هللاــل هللا عليت و ــلم يم ،ومن اَّنهت وال ُّ ـعوب ،ولقد ا ــتفاد ال َّ
الَّذأ ـ ــار عليت ،فهذا جايء من األخالق القرآنيَّة النَّبويَّة أردت بت التمثيل وليس اح ـ ــتقص ـ ـ ـاء،
َّبوأ
وإن اَّنهت الن َّ ويف ـنَّة ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم وهديت ماييد من التَّفص ــيل والبيانَّ ،
الرابينَّ يف األخالق جا فري ــد ،وع ي ـ ـ ،ليس ل ــت مق ــارب ،وح نظري ألن ــت من ِ
رب القرآينَّ َّ
تفرد أبموٍر وخصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائص ،زاد من َّقوهتا واكتمايا وجودها جمتمعةً عل هذا الوجت العاَّ ،وقد َّ
اَّ ْل شكم ،ومنها
ابين متمثِالً يف الكتاب وال ُّسـ ـ ـ ـنَّة ،وقد حدَّدا
الر ِ
- 1وجود اَّرجع الوايف ل خالق يف اَّنهت َّ
ذم.
ما ْ شمد ،أو ي ُّ
السلوك ويبعث عل العلم ،وهو رجاء هللا والدَّار ا خرة. - 2وجود ما يضبا ُّ
- 3وجود القدوة العمليَّة ،وهي من أ ـ ـ ـ ــس ال َّ بية اخللقيَّة ،وقد َتثَّل ذلك أبو معانيت يف
204
[القلم.]4 : َّك لش شعلش خل ٍق شع ِظي ٍم ﴾
﴿وإِن ش
()1
ر ول هللا هللال هللا عليت و لم كما قال تعاىل ش
أليَّةً كبريًة،رب العاَّ -األخالق ِ ـتمد من كتاب ِ النبوأ الكر -اَّس ـ ـ ـ ـ ُّ
لقد أوىل اَّنهاً ُّ
وحذر من ارتكاب مرذويا ب ـ ـ َّـض الطُّرق، وحث عل التم ُّس ـ ـك بفض ــائلها مبهتلف األ ـ ــالي َّ ، َّ
ونظرة القرآن إىل األخالق منبثقة من نظرتت إىل الكون واحلياة ،والنسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان ،فَذا كانت العقائد
واراتت ،ومداخلت، تكون تقســيمات ح راتتَّ ، فَن التَّ ـريعات ِ ـالمي َّ
ص ـر ال ـ ِ ـكل أركان ال َّ ت ـِ
صـ ـ ـ ـ ـر اَّكتمل ،وتص ـ ـ ـ ــب ت ال ِ
ص ـ ـ ـ ـب ة الرَّابنيَّة الرونق ،واجلمال عل ال َّ واألخالق تض ـ ـ ـ ــفي البهاء ،و َّ
فَن ال َّ ـريعةـكل جذور الدَّوحة ال ــالميَّة ،وجذعهاَّ ، اَّتميِاية ،وإذا كانت العقيدة ال ــالميَّة ت ـ ِ
تكون شارها اليانعة ،وظاليا الوارفة ،ومنظرها البهيت َتثِل أ صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا،ا ،وت ـ ـ ـ ـ ـ ــعُّباهتا ،واألخالق ِ
الن ِ
َّضر(.)2
صـلابة لكي َّبوأ أ ــالي التَّأثري واح ــت ابة ،واحلتايام يف تربيتت لل َّ لقد ا ــتهدم اَّنهاً الن ُّ
َّطبيقي ،ـ ـ ـ ـ ـ ـواء كانت َّنفيذأ ،والعمل الت ِ َّول اخللق من دائرة النَّظرَيت ،إىل هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــميم الواقع الت ِ
ض ـمائر، اعتقاديَّةً ،كمراقبة هللا تعاىل ،ورجاء ا خرة ،أو عباديَّةً كال َّ ـعائر الَّيت تعمل عل تربية ال َّ
الدولة أهللا ـ ــبلت تطور الدَّعوة ال ـ ــالميَّة ،ووهللا ـ ــويا إىل َّ وهللا ـ ــقل الرادات ،وتايكية النَّفس ،ومع ُّ
هناك حوافاي إلاياميَّة أتل من خارً النفس ،متمثلةً يف
أ -التَّشريع:
الَّذأ و ـ ــع حلماية القيم اخللقيَّة ،ك ـ ـ ـرائع احلدود ،و ِ
القص ـ ــاص الَّيت حتمي الفرد ،وااتمع
من رذائــل الب ي عل ال ري (ابلقتــل ،أو ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرقــة) ،أو انتهــاك األعراض ِ
(ابلايَّن والقــذ ) أو
الب ي عل النَّفس ،وإهدار العقل (ابخلمر ،واَّسكرات اَّهتلفة).
ب -سلطة اجملتمع:
الَّيت تقوم عل أ ــاس ما أوجبت هللا تعاىل من األمر ابَّعرو ،والنَّهي عن اَّنكر ،والتَّناهللاـ
الايكاة، ب اَّؤمن ،ومس ـ ـ ــؤوليَّة بعض ـ ـ ــهم عل بعض ،وقد جعل هللا تعاىل هذه اَّسـ ـ ـ ــؤوليَّة قرينة َّ
ض﴿والْم ْؤِمنو شن شوالْم ْؤِمنشات بشـ ْعضه ْم أ ْشولِيشاء بشـ ْع ٍ الصالة ،وطاعة هللا ور ولت هللال هللا عليت و لم ش و َّ
الايشكاةش شوي ِطيعو شن َّ
اَّللش شوشر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـولشت شرْمرو شن ِابلْ شم ْعرو ِ شويشـْنـ شه ْو شن شع ِن الْمْن شك ِر شوي ِقيمو شن ال َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالشةش شويـ ْؤتو شن َّ
***
اجلور َّ
ابلدعوة ،وأساليب املشركني يف حماربتوا
األول
املبحث َّ
اجلور َّ
ابلدعوة
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ل بية أهللاــلابت ،وبناء اجلماعة بعد العداد العظيم الَّذأ قام بت الن ُّ
ـس عقديٍَّة ،وتعبُّديٍَّة ،وخلقيَّ ٍة رفيعة اَّس ـ ــتو حان موعد إعالن اَّس ـ ــلمة اَّنظَّمة األوىل عل أ ـ ـ ٍ
ك ِم شن الدَّعوة ،بنايول قول هللا تعاىل ﴿وأشنْ ِذر ع ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريتشك األشقْـربِ *واخ ِفض جناح ِ
ك ل شم ِن اتَّـبشـ شع ش
ش ش ش ش ش ْ ْ شش ش ش ش ْ ش
ن ﴾ [الشعراء. ]216 - 214 : ص ْو شك فشـق ْل إِِين بشِرأء ِاَّا تشـ ْع شملو ش ِِ
الْم ْؤمن ش *فشَِ ْن شع ش
نلت و ٍ
احد، ف مع قبيلتت هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم ،وع ـ ـ ـ ـ ــريتت ،ودعاهم عالنيةً إىل الميان ٍ
وخوفهم من العذاب ال َّ ـ ـديد إن عصـ ــوه ،وأمرهم ننقاذ أنفسـ ــهم من النَّار ،وب َّ يم مسـ ــؤولية َّ
إنسان عن نفست(.)1 كل ٍ ِ
ِ
ك األشقْـشربِ ش ﴾ هللا ــل ﴿وأشنْذ ْر شع ِ ـ ـ شريتش ش عباس ر ــي هللا عنهما قال َّا نايلت ِ
هللا ـ ـع شد ش
ش عن ابن ٍ
حضطون قريش َّ - دأ -لب ِ صـ ـ ـ ـفا ،ف عل ينادأ َي ب فِ ْهر! َي ب شع ٍ هللا عليت و ـ ـ ــلم عل ال َّ
ـتطع أن شخيرً أر ـ ـ ــل ر ـ ـ ــوحً لينظر ما هو ،ف اء أبو ي ٍ ، الرجل إذا يس ـ ـ ـ ْ اجتمعوا ،ف عل َّ
قي؟ ِ وقريش ،فقال أرأيتشكم لو أخربتكم َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـد َّ
أن خيالً ابلوادأ تريد أن ت ري عليكم ،أكنتم م ش
فَين نذير لكم ب يدأ عذاب ش ـ ــديد .فقال أبو قالوا نعم! ما شجَّربْنا عليك إح ِهللاـ ـ ـدقاً ،قال ِ
*ما أش ْ شىن شعْنت شمالت شوشما ت يش شدا أِشيب شيش ٍ شوتش َّ ش ـائر اليوم! أيذا عتنا؟ فنايلت ﴿تشـبَّ ْ ي تبَّاً لك ـ ش
اية انداهم بطناً بطناً ،ويقول ِ
لكل شكس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﴾ [املسـ ـ ـ ــد[ ]2 - 1 :البخاري ( )4971ومسـ ـ ـ ــلم ( ])208ويف رو ٍ
ش ش
فَين ح بطن «أنقذوا أنفسكم من النَّار ،»......مثَّ قال «َي فاطمة! أنقذأ نفسك من النَّارِ ،
اليشا» [البخاري ( )4771ومسـ ـ ـ ــلم ( ])204كان أملك لكم من هللا ش ـ ـ ـ ـ ــيئاً ،ري أن لكم رحاً ـ ـ ـ ـ ـ ـأشبـلُّها بِب ِ
ش ش
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة أليب احلسن النَّدوأ ،ص .138
( )2انظر احلرب النَّفسيَّة َّد ال الم ،د .عبد الوهاب كليل ،ص .121
209
[سبأ.]28 : الن ِ
َّاس حش يشـ ْعلشمو شن﴾
كل شم ْن يلتقي بت من النَّاس عل اختال وجاءت مرحلة أخر بعدها ،فأهللاب يدعو فيها َّ
احلت،
قبائلهم ،وبلدا،م ،ويتبع النَّاس يف أنديتهم ،وجمامعهم ،وحمافلهم ،ويف اَّوا ـ ـ ـ ـ ـ ــم ،ومواقف ِ
ـعيف ،و ٍ ،وفقري( )1ح نايول قولــت تعــاىل وقوأ ،و ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ ويــدعو من لقيــت من ح ٍر ،وعبـ ٍـدٍ ،
اَّللِ إِ شيًا ِ َّ ِ ض شع ِن الْم ْ ـ ـ ِركِ ش *إِ َّان شك شفْيـنش ش ِ
اك الْم ْس ـ ـتشـ ْه ِايئ ش *الذ ش
ين شْجي شعلو شن شم شع َّ هللا ـ ـ شد ْي مبشا تـ ْؤشمر شوأ ْشع ِر ْ
﴿فشا ْ
ن ﴾ [احلجر. ]97 - 94 : هللا ْدرشك ِمبشا يشـقولو ش آخر فشسو ش يـعلشمو شن *ولششق ْد نشـعلشم أشن ش ِ
َّك يشضيق ش ش ْ شْ شْ
السهرية ،واليذاء ،والتَّكذي ،والكيد الصدُّ ،والعراض ،و ُّ الص ْدي هي َّ كانت النتي ة يذا َّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم وهللاــلبت ،وب شــيو الوثنية ص ـراي ب الن ِ ـتد ال ِ
اَّدبَّر اَّدروس ،وقد اشـ َّ
مكان ،وكان هذا يف ِ
حد كل ٍ صـ ـراي يف ِمكة يتناقلون أخبار ذلك ال ِ وزعمائها ،وأهللا ــب النَّاس يف َّ
ذاتت مكسـ ـ ــباً عظيماً للدَّعوة ،ـ ـ ــاهم فيت فأشـ ـ ــدُّ ،و ُّ
ألد أعدائها ،اَّن كان ي ـ ـ ــيع يف القبائل قالة
كل الناس يسلِمون بدعاو زعماء الكفر ،وال ِ رك. السوء عنها ،فليس ُّ ُّ
كانت الو ــيلة العالميَّة يف ذلك العص ــر ،تناقل النَّاس ل خبار م ــافهةً ،ومسع القاهللا ــي،
الر ـ ـ ـ ــول هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم ،وهللا ـ ـ ـ ــار هذا احلدث العظيم حديث النَّاس يف
بنبوة َّ
والدَّاين َّ
ااالس ،ونوادأ القبائل ،ويف بيوت النَّاس(.)2
أهم اعرتاضات املشركني:
أهم اع ا ـات زعمـاء ال ِ رك موجهـةً حنو وحدانيـة هللا تعاىل ،والميان ابليوم ا خر،
كانت ُّ
َّب هللال هللا عليت و لم ،والقرآن الكر الذأ أنايل عليت من ِ
رب العاَّ . ور الة الن ِ
وفيما يلي تفصيل يذه احع ا ات والرد عليها
أوالً :اإلشراك ابهلل:
﴿ولشئِ ْن ش ـ ـ ـأشلْتشـه ْم ٍ مكةش ينكرون َّ يكن كفار َّ
كل ش ـ ـ ــيء ،قال تعاىل ش أن هللا خلقهم ،وخلق َّ
احلش ْمـد ََِّّللِ بشـ ْل أش ْكثشـره ْم حش يشـ ْعلشمو شن ﴾ [لقمان،]25 :
اَّلل قـ ِل ْ
ض لشيشـقول َّن َّ ِ
شم ْن شخلش شق ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شمـ شاوات شواأل ْشر ش
الر ـ ـ ــول هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم إىل الميان ابليوم ا خر ،فقد قابلها اَّ ـ ـ ــركون َّأما دعوة َّ
ين شك شفروا شه ْل نشدلُّك ْم شعلش شرج ٍل يـنشـبِئك ْم إِ شذا م ِايقْـت ْم ك َّل اشَّايٍق َّ ِ
﴿وشق شال ا لذ ش
ش ابل ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهرية والتَّكذي
اَّللِ شك ِذاب أ ْشم بِِت ِجنَّة ب ِل الَّ ِذين حش يـ ْؤِمنو شن ِاب خرةِ ِيف الْع شذ ِ ٍِ ِ ِ
اب ش ش ش إنَّك ْم لشفي شخ ْل ٍق شجديد * أشفْ شش شعلش َّ ً
﴿وقشالوا إِ ْن ِه شي إِحَّ شحيشاتـنشا ُّ
الدنْـيشا ش يد ﴾ [سبأ ]8 - 7 :فقد كانوا ينكرون بعث اَّوت الضالشِل الْبعِ ِ
ش شو َّ
﴿وأشقْ شسموا ِاب ََّّللِ شج ْه شد
شوشما شْحنن مبشْبـعوث ش ﴾ [األنعام ،]29 :ويقسمون عل ذلـ ـ ـ ــك ابألميان اَّ لَّظـ ـ ـ ــة ش
ِ ِ
َّاس حش يشـ ْعلشمو شن *لِيـبشِ ش شيم اَّلل شم ْن شميوت بشـلش شو ْع ـ ًدا شعلشْي ـ ِت شح ًّق ـا شولش ِك َّن أش ْكثشـشر الن ـ ِ أشْميشـاْ ِِ،م حش يشـْبـ شع ـث َّ
ين شك شفروا أ َّشْ ،م شكـانوا شكـ ِاذبِ ش ﴾ [النحل ،]39-38 :وكــانوا يظنُّون أنـَّت ح ِ ِ ِ ِ َّ ِ َّ ِ
الـذأ شخيْتشلفو شن فيــت شوليشـ ْعلش شم الـذ ش
توجد حياة يف ري الدُّنيا ،ويطلبون إحياء اابئهم ليصدقوا اب خرة.
ِ ﴿وقشالوا شما ِه شي إِحَّ شحيشاتـنشا ُّ
َّهر شوشما شي ْم الدنْـيشا شجوت شوشْحنيشا شوشما يـ ْهلكنشا إِحَّ الد ْ ش قال تعالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ات شما شكا شن ح َّ تشـه ْم إِحَّ أش ْن شقالوا آَيتنا بـيِشن ٍ ِ ِ ِب شذلِ ش ِ ِ ِ
ك م ْن ع ْل ٍم إ ْن ه ْم إَّح يشظنُّو شن * شوإ شذا تـْتـلش شعلشْي ِه ْم ش ش
اَّلل ْيِيك ْم مثَّ ميِيتك ْم مثَّ شْجي شمعك ْم إِ شىل يشـ ْوِم الْ ِقيش شام ِة حش شريْ ش فِ ِيت
هللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ِادقِ ش *ق ِل َّ ِ
ائْـتوا ِر شابئنشا إِ ْن كْنـت ْم ش
اعة يشـ ْوشمئِ ٍذ شخيْ شسـ ـ ـر
ض شويشـ ْوشم تشـقوم ال َّسـ ـ ـ ش
َّاس حش يـعلشمو شن *وََِّّللِ م ْلك ال َّسـ ـ ـماو ِ
ات شواأل ْشر ِ شش ش شولشك َّن أش ْكثشـشر الن ِ ش ْ
ِ
ن ﴾ [اجلاثية.]27 - 24 : الْمْب ِطلو ش
مرةٍ ،قــادر عل أن ييهم يوم القيــامــة ،قــال جمــاهــد ،و ريه أن الــذأ خلقهم َّأول َّ ـاهتم َّ
وفـ ش
يب بن خلف( )1إىل ر ـ ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم ويف يده عظم رميم ،وهو يفتِتت،
جاء أ شُّ
ويذروه يف ايواء وهو يقول َي حممد! أتايعم َّ
أن هللا يبعث هذا؟ قال هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم
()2
رك إىل النار» ،ونايلت هذه ا َيت «نعم ،مييتك هللا تعاىل ،مثَّ يبعثك ،مثَّ
ب لشنشا شمثشالً شونش ِس شي شخ ْل شقت ِ ِ ٍ ِ ِ ِ
﴿أ ششوشْ يشـشر النْ شسان أ َّشان شخلش ْقنشاه م ْن نطْ شفة فشَ شذا ه شو شخ صيم مب ش
*و ش شر ش
علِيم ﴾ [يس: ِ ِ ِ ِ
قش شال شم ْن ْيِي الْعظش شام شوه شي شرميم *ق ْل ْيِ شيها الَّذأ أشنْ ش ـ ـ ـأ ششها أ َّشوشل شمَّرةٍ شوه شو بِك ِل شخ ْل ٍق ش
[ ، ]79 - 77الدر املنثور (. ])76 - 75/7
213
اليت ا ـ ـ ـ ــتهدمها ر ـ ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم يف مناظراتت مع زعماء الكفر، والرباه
وال ِ رك.
الرسول صلى هللا عليه وسلم :
اثلثاً :اعرتاضوم على َّ
الر ــول ح أن َّالر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم ،فقد كانوا يتصـ َّـورون َّ اع ـوا عل شــهص َّ
َّاس أش ْن﴿وشما شمنش شع الن ش يكون ب ـ ـ ـ ـ ـ ـراً مثلهم ،وأنَّت ينب ي أن يكون شملشكاً ،أو مص ـ ـ ـ ـ ـ ــلوابً ابَّالئكة ش
﴿وقشالوا لش ْوحش أنْ ِايشل شعلشْي ِت اَّلل بش ش ًرا شر وحً ﴾ [اإلسراء ،]94 :ش ث َّ يـ ْؤِمنوا إِ ْذ شجاءشهم ا ْي شد إِحَّ أش ْن قشالوا أشبشـ شع ش
*ولش ْو شج شع ْلنشاه شملش ًكا شجلششع ْلنشاه شرجالً شولشلشبش ْس ـنشا شعلشْي ِه ْم ِ
شملشك شولش ْو أشنْـشايلْنشا شملش ًكا لشقض ـ شي األ ْشمر مثَّ حش يـْنظشرو شن ش
شما يشـ ْلبِسـ ـ ـ ـ ـو شن ﴾ [األنعام ،]9 - 8 :أأ لو بعثنا إىل الب ـ ـ ـ ــر ر ـ ـ ـ ــوحً من اَّالئكة جلعلناه عل هيئة
حض ميكنهم ملـاطبتـت ،واحنتفـاي ابألخـذ عنـت ،ولو كـان كـذلـك حلْتشـبشس عليهم األمر كمـا رج ٍـلَّ ،
هم يلبِس ــون عل أنفس ــهم يف قبول ر ــالة الب ــر( .)1وكانوا يريدون ر ــوحً ح ركل الطَّعام ،وح
ول شرْكل الطَّ شع شام شوميشْ ِ ـ ـي ِيف األش ْ ـ ـ شو ِاق لش ْوحش أنْ ِايشل إِلشْي ِت الر ـ ـ ِ
﴿وقشالوا شم ِال شه شذا َّ مي ـ ــي يف األ ـ ـواق ش
شملشـك فشـيشكو شن شم شع ـت نشـ ِذ ًيرا *أ ْشو يـ ْل شق إِلشْي ـ ِت شكْنـاي أ ْشو تشكون لشـت شجنـَّة شرْك ـل ِمْنـ شه ـا شوقشـ شال الظَّـالِمو شن إِ ْن
الر ـ ــل يعاً كانوا ركلون، كأ،م يس ـ ــمعوا َّ
أبن ُّ تشـتَّبِعو شن إِحَّ شرجالً شم ْسـ ـ ـل ًورا ﴾ [الفرقان ،]8 - 7 :و َّ
ك ِم شن الْم ْر ش ـ ـ ـ ـلِ ش إِحَّ إِ َّْ ،م لشيشأْكلو شن الطَّ شع شام شوميشْ ـ ـ ـ ـو شن ِيف ﴿وشما أ ْشر ش ـ ـ ـ ـ ْلنشا قشـْبـلش شويس ـ ـ ــعون ،ويعملون ش
صريا ﴾[الفرقان. ]20 : ض فِْتـنشةً( )2أشتشصِربو شن وشكا شن ربُّ ش ِ ضك ْم لِبشـ ْع ٍ
األش ْ شو ِاق شو شج شع ْلنشا بشـ ْع ش
ك بش ً ْ ش ش
﴿وقشالوا لش ْوحش نـ ِايشل شه شذا الْقرآن شعلش كثري اَّال ،كبرياً يف أعينهم ش الر ـ ـ ـ ـ ـ ــول ش ويريدون أن يكون َّ
ظي ٍم ﴾ [الزخرف. ]31 : رج ٍل ِمن الْ شقريـتش ِ ع ِ
ش ْش ْ ش ش
مبكة ،أو عروة بن مسعود الثَّقفي ويقصدون بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﴿رج ٍل ِمن الْ شقريشـتش ْ ِ شع ِظي ٍم ﴾ بن اَّ رية َّ
ش ْ ش
ابلطَّائف(.)3
ِ ِ
﴿وقشالوا شَيأشيـُّ شها الَّذأ نـ ِايشل شعلشْي ِت الذ ْكر إِن ش
َّك الر ول هللال هللا عليت و لم إىل اجلنون ش ونسبوا َّ
شَّن شيم ِ ص ـ ـ ِادقِ ش ﴾ [احلجر﴿ ،]7 - 6 :أ َّ ت ِم شن ال َّ ِ ِ ِ
الذ ْكشر شوقش ْد لش شم ْ نون *لش ْو شما شأتْتينشا ِابلْ شمالشئ شكة إِ ْن كْن ش
جمنون ﴾ [الدخان. ]14 - 13 : شجاءشه ْم شر ول مبِ *مثَّ تشـ شولَّْوا شعْنت شوقشالوا م شعلَّم شْ
أن القرآن الكر منايل من عند هللا ،واعتربوه ـ ـ ـرابً من ال ِ ـ ـ ـعر ،الَّذأ كذلك يصـ ـ ـ ِـدقوا َّ
كل من قارن ب القرآن ،وأش ـ ـ ـ ـ ــعار العرب يعلم أنَّت ملتلف عنها كان ينظمت ال ُّ ـ ـ ـ ـ ـعراء ،مع َّ
أن َّ
﴿وشما شعلَّ ْمنشاه ال ِ ـ ـ ـ ْعشر شوشما يشـْنـبش ِي لشت إِ ْن ه شو إِحَّ ِذ ْكر شوقرآن مبِ *لِيـْن ِذ شر شم ْن شكا شن شحيًّا شوشِ َّق الْ شق ْول
ش
ين ﴾ [يس ]70 - 69 :وكيف يكون القرآن شعراً وقد نايل فيت ذم لل عراء الَّذين ي ِضلُّون ِِ
شعلش الْ شكافر ش
ُّعشراء يشـتَّبِعهم الْ شاوو شن(* )4أششْ تشـشر أ َّشْ ،م ِيف ك ِل
﴿وال ش
()3
الناس ويقولون خال احلقيقة؟! قال تعاىل ش
*وأ َّشْ ،م يشـقولو شن شما حش يشـ ْف شعلو شن ﴾ ([ )5الشــ ـ ـ ــعراء ]226 - 224 :فهو كالم هللا اَّنايل عل ٍ ِ
شواد يشهيمو شن ش
( )1انظر الطريق إىل اَّدينة َّ ،مد العبدة ،ص .43
( )2الطَّشول هو احلبل.
218
واَّال ،فتقاتل ،فتقتل ،فتنك اَّرأة! ويقسم اَّال! فعصاه ف اهد».
وجل - عاي َّ فقال ر ول هللا هللال هللا عليت و لم «فمن فعل ذلك كان حقاً عل هللا َّ -
عاي وجـ َّـل -أن يــدخلــت اجلنـَّة ،وإن رق كـان
أن يــدخلــت اجلنـَّة ،ومن قتــل كــان حقـاً عل هللا َّ -
()1
حقاً عل هللا أن يدخلت اجلنَّة ،أو وقشص ـ ـ ـ ـ ـْتت دابتت كان حقاً عل هللا أن يدخلت اجلنة» [النس ـ ـ ــائي
ش ش
( )22 - 21/6وأمحد ( )483/3وابن حبان (. ])4593
النب (ﷺ) ،كـان من التُّهم الَّيت وِجهــت إليــت أنـَّت كــان يــدعو إىل خال مــافلمــا بعــث ُّ
العامة والدَّلاء ،وفر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا عل الدَّعوة نوعاً من
عهدوا عليت ا ابء واألجداد ،وبذلك نفَّروا منت َّ
احلصار اَّؤقت(.)2
- 3موقف أهل الكتاب املساند للوثنيَّة:
ـتعد ًة َّواجهة دعوة التَّوحيد ،وحماربتها ،ووجدت يف موقف كانت بيئة العرب الوثنيَّة مس ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ
قوَيً يذه اَّعار ـ ـ ـ ـ ــة ،فهاهم أهل التَّوراة ،والُيل ،وورثة الرافض للدَّعوة مسـ ـ ـ ـ ــتنداً َّ أهل الكتاب َّ
ويكذبو،ا ،وهم أدر ويردو،اِ ، حممد هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ُّ ، الكت ال َّس ـ ـماوية ،ينكرون دعوة َّ
﴿وانْطشلش شق الْ شم شِ ِمْنـه ْم ٍ
وتثبيت َّوقف اَّ ـ ـ ــرك ٍ
وتقوية، ابلدين ،وهذا كان مص ـ ـ ــدر دع ٍم، منَّا ِ
ش
*ما شِمس ْعنشا ِهبش شذا ِيف الْ ِملَّ ِة ا خرةِ إِ ْن شه شذا إِحَّ ِِ ِ أ ِشن ْام ـ ـ ـوا وا ْ ِ
هللا ـ ـ ـربوا شعلش آيشتك ْم إ َّن شه شذا لش ش ـ ـ ـ ْيء يـشراد ش ش
اختِالشق ﴾ [ص. ]7 - 6 : ْ
ص ـرب عل احية يف مواجهة الدَّعوة اجلديدة أ،م يســمعوا مبا جاء بت هللاــل فمن عوامل ال َّ
وحممد بن كع أَّ ، هللا عليت و ـ ـ ــلم يف اَّلَّة ا خرة ،وهي النَّصـ ـ ـ ـرانيَّة ،قالت ابن عباس ،وال ُّسـ ـ ـ ـ ِد ُّ
القرظي ،وقتادة ،وجماهد ،وهذا مب عل شــهادة أهل الكتاب للم ــرك ـ َّـد َّ
()3
الر ــول هللاــل ُّ
هللا عليــت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،وإح فمــا كــان للعرب من عل ٍم ابلكتـ ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمــاويــة ،ومــا فيهــامن احلقــائق
واألخبار(.)4
- 4سيطرة األعراف ،والعوائد القبليَّة:
الرَي ـ ــة ،وال َّ ـ ـر ،وال ُّس ـ ـؤدد ،ذا جذوٍر يف األعرا ،
القبلي ،والتَّنافس عل ِ ِ
كان الص ـ ـراي ُّ
221
املبحث الثَّاين
سنَّة االبتالء
عام ٍة -ـ ـنَّة هللا يف خلقت ،وهذا وا ـ ـ ـ يف تقريرات القرآن الكر .قال ـفة َّ احبتالء -بص ـ ـ ٍ
ات لِيشـْبـل شوك ْم ِيف شما
ض درج ٍ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـك ْم فشـ ْو شق بشـ ْع ٍ ش ش ش ف األ ْشر ِ
ض شوشرفش شع بشـ ْع ش
ِ
﴿وه شو الَّذأ شج شعلشك ْم شخالشئ ش
ِ
تعاىل ش
اب شوإِنَّت لش شفور شرِحيم ﴾ [األنعام ،]165 :وقال ـ ـ ــبلانت ﴿إِ َّان شج شع ْلنشا شما ك ـ ـ ـ ـ ِريع الْعِ شق ِ ش ِ
آاتك ْم إ َّن شربَّ ش ش
جل ش ـ ـ ـ ـ ـ ــأنت ﴿إِ َّان شخلش ْقنشا ِ
شح شسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن شع شمالً ﴾ [الكوف ،]7 :وقال َّ ض ِزينشةً شيشا لنشـْبـل شوه ْم أشيـُّه ْم أ ْ
شعلش األ ْشر ِ
صريا ﴾ [اإلنسان. ]2 : ِ ِ ا ِلنْسا شن ِمن نطْ شف ٍة أشم ش ٍ ِ ِ
اً نشـْبـتشليت فش ش شع ْلنشاه شمس ًيعا بش ً ْ ش ْ
ألم ٍة إح بعد أن احبتالء مرتبا ابلتَّمك ارتباطاً وثيقاً فلقد جرت ـنَّة هللا تعاىل أح مي ِكن َّ
َتر مبراحل احختبار اَّهتلفة ،وإح بعد أن ينص ــهر معد،ا يف بوتقة األحداث ،فيمياي هللا اخلبيث ُّ
األمة ال ـ ـ ــالميَّة ح تتهلَّف ،فقد ش ـ ـ ــاء هللا -تعاىل -أن من الطَّيِ ،وهي ـ ـ ـ ـنَّة جارية عل َّ
ليملص إميــا،م ،مثَّ يكون يم التَّمك يف األرض بعــد ذلــك ،ولــذلــك يبلي اَّؤمن ،وخيتربهم ِ
افعي ر ــي هللا عنت ح ــألت رجل أيُّهما أفضــل للمرء، جاء هذا اَّعىن عل لســان المام ال َّ ـ ِ
فَن هللا -تعاىل -ابتل نوحاً، حض يبتل َّ ، َّافعي ح ميش َّكن َّ أن مي َّكن ،أو يبتل ؟ فقال المام ال ُّ َّ
وحممداً -هللا ــلوات هللا ،و ــالمت عليهم أ ع -فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما هللا ــربوا
وإبراهيم ،ومو ـ ،وعيس ـ َّ ،
َّ
مكنهم فال يظ ُّن أحد أن خيلص من األ ألبتَّة(.)1
وابتالء اَّؤمن قبل التَّمك أمر حتمي من أجل التَّمليص ليقوم بنيا،م بعد ذلك عل
جمرد
الرحة ،ح ابتالء ال ض ،وابتالء احختيار ،ح َّ ُّ
َتك ٍن ور و ،وهذا احبتالء للمؤمن ابتالء َّ
احختبار(.)2
إن طريق احبتالء ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـَّة هللا يف الــدَّعوات ،كمــا أنـَّت الطريق إىل اجلنـَّة ،وقــد «ح َّفـت اجلنـَّة َّ
َّت النَّار ابل َّهوات» [مسلم ( )2822وأمحد ( )153/3والرتمذي (. ])2559 ابلْم شكا ِرهِ ،وحف ِ
تعرض لت ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،وبنو هاشم ،وبنو اَّطَّل احقتصادأ الَّذأ َّ
ِ واحلصار
ص ـ ـ ـفلات ـدأ ،و ري ذلك من أنواي احبتالء ،و ـ ـ ــنب يف ال َّ من قِبشل كفار َّ
مكة ،واليذاء اجلسـ ـ ـ ِ
القآدمة -نذن هللا تعاىل -أ ــالي اَّ ــرك يف حماربة ال ــالم ،وكيف تصـ َّـد يا ر ــول هللا
هللال هللا عليت و لم وأهللالابت ،وكيف دفع ر ول هللا هللال هللا عليت و لم قش شد شر نَّة احبتالء،
حض
بسنَّة األ باب ،وكيف تعامل ر ول هللا هللال هللا عليت و لم مع نَّة األخذ ابأل بابَّ ،
أقام دولة ال الم يف اَّدينة.
226
املبحث الثَّالث
إن ابن أخيك هذا قد اذاان يف اندينا ،ومس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ دان جاءت قريش إىل أيب طال ،فقالوا َّ
عمك هؤحء زعموا أنك إن ب ِ فا،ت عنَّا ،فقال أبو طال لر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم َّ
تؤذيهم يف انديهم ،ومسـ دهم ،فانْـتش ِت عن أذاهم ،فللَّق ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ببصــره
إىل ال َّسـماء ،فقال «ترون هذه ال َّ ـمس؟» قالوا نعم! قال «فما أان أبقدر أن أدي ذلك منكم
اية «وهللا! ما أان أبقدر أن أدي ما بعثت بت من أن ي ـ شعل ـعلة» ويف رو ٍ
عل أن ت ــعلوا منها ب ـ ٍ
ش
قا ،فارجعواأحد من هذه ال َّ ـمس شـعلةً من ان ٍر» فقال أبو طال «وهللا ما كذب ابن أخي ُّ
مر ٍ
ات عديد ًة راشـ ـ ـ ـ ـ ــدين» [البخاري يف التاريخ الكبري ( )51/1/4والبيوقي يف دالئل النبوة ( )1(])187/2وحاولت قريش َّ
الض ا عل ر ول هللا هللال هللا عليت و لم بوا طة عائلتت ،ولكنَّها ف لت.
َّ
ذاي أمر حاية أيب طال حبن أخيت ،وتصميمت عل مناهللارتت ،وعدم خذحنتَّ ،
فاشتد ذلك
عل قريش َّماً ،وحس ـ ـ ـ ـ ــداً ،ومكراً ،فم ـ ـ ـ ـ ـ ـوا إليت بع شمارةش بن الوليد بن اَّ رية ،فقالوا لت «َي أاب
يش ،وأ لها ،فهذه ،فلك شع ْقلت( )2ونصــره ،و َّاهذه فض يف قر ٍ طال ! هذا ع شمارة بن الوليد ،أ،د ً
( )1هللالي ِ
السرية النَّبويَّة ،لبراهيم العلي ،ص .78
( )2فلك شع ْقلت أأ ديتت إذا قتل.
227
وفرق اعة ولداً ،فهو لك ،وأ ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلِ ْم إلينا ابن أخيك هذا الذأ خالف دينك ،ودين اابئكَّ ،
()1
برجل» قال «وهللا لبئس ما تس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـومون ! فَجا هو رجل ٍ قومك ،و ـ ـ ـ ـ ـ ــفَّت أحالمنا ،فنقتلتَّ ،
أتعطون ابنكم أ ذوه لكم ،وأعطيكم اب فتقتلونت؟! هذا وهللا ما ح يكون أبداً!»[ .الس ـ ـ ـ ــرية النبوية
البن هشام ( )285/1وابن كثري يف البداية والنواية (. ])48/3
وإن اَّرء ليســمع ع باً ،ويقف مذهوحً أمام مروءة أيب طال ٍ مع ر ــول هللا هللاــل هللا عليت َّ
حممد هللاــل هللا عليت و ــلم ،بل وا ــتفاد
و ــلم ،فقد ربا أبو طال مصــريه مبصــري ابن أخيت َّ
احد ،عل احلياةحلف و ٍ من كونت زعيم ب هاش ـ ـ ـ ــم أن ـ ـ ـ ـ َّـم ب هاش ـ ـ ـ ــم ،وب اَّطل إليت يف ٍ
السواء( ،)2وأجار ابن واَّوت أتييداً لر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،مسلمهم ،وم ركهم عل َّ
حممداً إجارًة مفتوحةً ح تقبل ال ُّدد ،أو الح ام ،كانت هذه األعرا اجلاهليَّة ،والتَّقاليد أخيت َّ
َّب هللال هللا عليت و لم خلدمة ال الم ،وقد قام أبو طال ح رأ العربيَّة ت شس َّهر من قبل الن ِ
قري ـاً تصــنع ما تصــنع يف ب هاشــم ،وب اَّطل ،فدعاهم إىل ما هو عليت من منع ر ــول هللا
هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم والقيام دونت فاجتمعوا إليت ،وقاموا معت ،وأجابوه إىل ما دعاهم إليت ،إح
ما كان من أيب ي ٍ ِ
عدو هللا اللَّع .
وح شدهبم عليت ،جعل ميدحهم، ولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما رأ أبو طال ٍ من قومت ما ـ ـ َّـره من جهدهم معت ،ش
ويذكر قدميهم ،ويذكر فضـ ــل ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم فيهم ،ومكانت منهم لي ـ ـ َّـد يم
رأيهم ،وليش ْل شدبوا معت عل أمره ،فقال
هللاـ ـ ـ ـ ـ ِميمها فشـ شعْبد شمنشا ـ ـ ـ ـ ـُّرها و ش
ٍ ِ عت يوماً قـشريْش لِ شم ْف شه ٍر اجتش شم ْ إذا ْ
فشِفي شها ِش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍم أش ْش ـ ـ ـ ـ ـ ـشرافها وقش ِدْمي شها لت أ ْشرا شعْب ِد شمنشافِها ص ْ وإ ْن ح ِ
ه شو اَّصـ ـطششف ِم ْن ِ ـ ـ ِرشها وشك ِرِمي شها ت يومـ ـ ـاً ف ـ ـ َّ
ـَن حمش َّمـ ـ ـداً وإ ْن فش شهشر ْ
ت علين ـ ــا فشـلش ْم تشظْ شف ْر وطشـ ـ ـا ششـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ ت قريش شثُّـ شهـ ـ ـا شوشِْيـنه ـ ــا تشـ ـ ـدا شعـ ـ ـ ْ
ِ ِ
اخل ـ ـ ـدـ ـْـ ـودـا
هللاــ ــ ـْعهـشرـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
إذاـ ـ ـ ـ ـلماـ ـ ـ ـثـشــــــــــــــــــ ـ ــنشــ ـ ـ ـوـ ـمــــــ ـ ـْ ــواـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
وكـنَّ ـ ـ ـا قشـ ـ ـ ـدمي ـ ـ ـاً ح نـقـُّر ظـالششمـ ـ ـ ـةً ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ِ
وقال
ـد لت حاية ،فش ش ـ ـ ـ َّ ت بقو ( ـ ـ3ـت) ،
ص ــ ــ ـ ِقَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـْي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وح حاول أبو جهل أن شخيْفر جو شار أيب طال ٍ ،ن ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ
حممداً وأان عل دينت! فشـرَّد ذلك إن ا تطعت. لت ت تم َّ
فذة أن تقوم اجلاهليَّة حبماية شم ْن يس ـ ـ ُّ ايتها ،ويعي دينها ،ويسـ ـ ِـفت أحالمها، َّإ،ا ظاهرة َّ
حممداً ولو ــالت اَّقد ــات الَّيت فيت ،وأقس ــم ابلبيت أبنَّت لن ي ْس ـلِ شم َّ وبكل َّ وتعوذ ابلبيتِ ، َّ
الدماء أ،اراً ،واشتدَّت اَّعارك مع بطون قر ٍ
يش ِ
اع ْن د ْونشت ونـنشا ِ ـ ـ ـل ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما نطش ِ ت هللا نـْبـشاي حم َّمـ ـداً شكـ ـ شذبـتم وبـيـ ـ ِ
ْ ْ شْ
ِ ِ ()5
احلشالئ ـل ِ
ون ـ ْذ شه ـ شل شع ْن أشبْـنشـائنشـا و ْ ()4
ي شح ْولشت ص ـ ـ ـ ـ ـَّر ش حض ن ش ون ْس ـ ـ ـ ـ ـلِمت َّ
ات،ـ ـ ـوض ال ـ ـ َّـرواَي( )6شْحتـ ـ ـ ـت شذ ِ
ش ْ ش ش ويشـْنهض قشـ ْوم يف احلشـ ـ ِديْ ـ ـ ِد إِلشْيكم
وقشـَّري زعماء ب عبد منا ٍ
يقولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِل بيعةـال ِهللا ـ ـ بنـ ـ ـ ـ ـ ـر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
فلعتبةـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ص ـــــــــ َّ ه،
ال إَي
َّ ،م خلذح أبمسائهم ش
ض ِذ ْأ وب مْب ِ ٍ حس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوٍد شك ـ ـ ـذ ٍ
ش ْ فشـعْتـبشة حش تش ْس ـ ـ شم ْع بِنشا قشـ ْوشل شكا ِش ـ ـ ٍ
) (7
شد ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِوِل حرب يقول وأليب فيان بن ٍ
مر قشـْيـ ـ ـ ـل(ِ )8م ْن ِعظش ـ ـ ـ ِام شك شمـ ـ ـ ـا َّ ومَّر أشبو ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْفيشا شن شع ِ ش م ْع ِر ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ش
اَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ِوِل
ش
الرم .
حراء كناية عن ُّ
()1
229
ِ ِ ()1
ويشـ ْايعم ِأين لش ْست شعْنك ْم بِ شافل يشـ ـ ِفـ ـُّر إىل شُْـ ـ ـ ـ ٍد شوبشـ ـ ْرِد ِمـ ـيشـ ـ ـ ـا ِهـ ـ ـ ـ ِت
الر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم ،ولذلك نظَّمت قريش حرابً قام م ــركو َّ
مكة بت ــويت دعوة َّ
إعالميَّةً ـ ــدَّه لت ـ ــويهت ،قادها الوليد بن اَّ رية حيث اجتمع مع نفر من قومت ،وكان ذا ـ ـ ٍـن
احلت ،فقال يم َي مع ـ ـ ــر قريش! إنت قد حض ـ ــر اَّو ـ ــم ،وإن وفود فيهم ،وقد حض ـ ــر مو ـ ــم ِ
العرب ـ ـ ـ ـ ـ ــتقدم عليكم ،وقد مسعوا أبمر هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــاحبكم هذا ،فأ عوا فيت رأَيً واحداً ،وح هتلفوا،
ويرد قولكم بعضت بعضاً. كذب بعضكم بعضاًُّ ، في ِ
232
حممداً هللاــل هللا عليت
إن َّ أزد شــنوءة ،وكان يعالِت من اجلنون ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما مسع ــفهاء َّ
مكة يقولون َّ
يدأ.
َّ لعل هللا ي فيت عل
الرجل َّ و لم جمنون ،فقال لو أين رأيت هذا َّ
يدأ من ش ــاء
َّ وإن هللا ي ــفي عل قال فلقيت ،فقال َي حممد! ِإين أرقي من هذه ِ
الري َّ ،
فهل لك؟ فقال ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم « َّ
إن احلمد هلل ،حنمده ،ونســتعينت ،من يهده
هللا فال مض ـ َّـل لت ،ومن يض ــلل فال هادأ لت ،وأش ــهد أن ح إلت إح هللا وحده ح شـ ـريك لت ،و َّ
أن
حممداً عبده ،ور ولت ،أما بعد». َّ
فأعادهن عليت ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ثالث َّ علي كلماتِك هؤحء ! ِ
فقال أع ْد َّ
ات .قال فقال لقد مسعت قول الكهنة ،وقول ال َّسـ ـ ـ ـ ـ ـلرة ،وقول ال ُّ ـ ـ ـ ـ ـ ـعراء ،فما مسعت مثل مر ٍ
َّ
وس الْبش ْل ِر( ،)1فقال لر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم هات كلماتك هؤحء ،ولقد بشـلش ْ شن شانع ش
أابيعك عل ال ـ ـ ــالم ،قال فبايعت ،فقال ر ـ ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم «وعل يدك ْ
قومك» قال وعل قومي.
مروا عل قوم ـول هللا تبعث ُّ وعندما قامت دولة ال ـ ـ ـ ـ ــالم يف اَّدينة ،وكانت ـ ـ ـ ـ ـراَي ر ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ـ ـ ــماد ،فقال هللاـ ـ ــاح ال َّس ـ ـ ـريَّة لل يش هل أهللاـ ـ ــبتم من هؤحء شـ ـ ــيئاً؟ فقال رجل من القوم
ماد[ .مسلم ( )868وأمحد ( )302/1والنسائي (- 89/6 ٍ فَن هؤحء قومردوها َّ أهللابت منهم ِمطْ شهشرةً ،فقال ُّ
)90وابن ماجه (. ])1893
دروس وفوائد:
ٌ
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم ،و ِاهتامت ابجلنون حل - 1دعاية قريش ،وت ــويت شــهص َّ
للر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم من أجل رقيت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ،فكانت احلرب العالميَّة
ــماداً عل ال َّس ـري َّ
الر ول هللال هللا عليت و لم بباً يف إ المت ،وإ الم قومت. اَّكيَّة َّد َّ
َّب هللال هللا عليت و لم ،فقد عرض ماد الصرب واحللم يف شهص الن ِ - 2تتَّض هللافتا َّ
عل ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،معاجلتت من مرض اجلنون ،وهذا موقف يثري ال ض ـ ـ ،
ـماد ٍ
وهدوء ،اَّا آاثر إع اب ـ ـ ٍ لكن ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ا ـ ــتقبل األمر حبل ٍم،
و َّ
واح امت لر ول هللا هللال هللا عليت و لم.
( )1انعوس البلر معناه و طت ،أو جلَّتت ،أو قعره األقص .
234
أن النَّاس عل ـ ـ ـ ـ ٍ
ـاللة ،و َّأ،م قال شع ْمرو بن شعبش شس ـ ـ ـ ـةش ال ُّس ـ ـ ـ ـلش ِم ُّي كنت وأان يف اجلاهلية أشظ ُّن َّ
مبكةش خيِْرب أخباراً ،فقعدت عل راحليت، برجل َّ
شيء وهم يعبدون األواثن ،فسمعت ٍ ٍ ليسوا عل
فقدمت عليت ،فَذا ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم مســتهفياً ،جشراء عليت قومت ،فشـتشلطَّْفت َّ
حض
مبكة ،فقلت لت ما أنت؟ قال «أان نب» فقلت وما نب؟ قال «أر ـ ـ ـ ــل هللا»، دخلت عليت َّ
فقلت وأبأ ش ــي ٍء أر ــلك؟ قال «أر ــل بص ــلة األرحام ،وكس ــر األواثن ،وأن يـ شو َّح شد هللا ح
ي ْ ـ ـ ـ ـ ـشرك بت ش ـ ـ ـ ــيء» فقلت لت فمن معك عل هذا؟ قال «حر ،وعبد» قال ومعت يومئذ أبو
يومك هذا ،أح تر ك .قال «إنك ح تستطيع ذلك ش بكر ،وبالل اَّن امن بت ،فقلت إين متَّبِع ش
مسعت يب قد ظش شه ْرت فائت ».
ارجع إىل أهلك ،فَذا ش حاس وح شال النَّاس؟ ولكن ْ
قال فذهبت إىل أهلي ،وقدم ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم اَّدينة ،وكنت يف أهلي،
علي نفر من أهل يثرب من حض قدم َّ ف علت أهشَّرب األخبار ،وأ ـ ـ ـ ـ ـ ــأل النَّاس ح قدم اَّدينةَّ ،
الرجل الَّذأ قدم اَّدينة؟ فقالوا الناس إليت ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراي ،وقد أراد
أهل اَّدينة ،فقلت ما فعل هذا َّ
قومت قتلت ،فلم يس ـ ــتطيعوا ذلك ،فقدمت اَّدينة ،فدخلت عليت ،فقلت َي ر ـ ــول هللا! أتعرف ؟
قال «نعم ،أنت الَّذأ لقيت َّ
مبكة».
[مس ــلم ( )832وأمحد ( )112/4وأبو داود صـ ـالة ،والو ــوء.
وذكر بقيَّة احلديث ،وفيت أنَّت ــألت عن ال َّ
( )1277والنسائي ( )280 - 279/1وابن ماجه (. ])1251
دروس وعرب:
- 1شع ْمرو بن شعبش شسة كان من احلنفاء اَّنكرين لعبادة ري هللا تعاىل يف اجلاهليَّة.
ض ـ ـروس الَّيت ش ـ ـنَّتها قريش عل ر ـ ــول هللا هللا ـ ـل هللا عليت
- 2كانت احلروب العالميَّة ال َّ
الر ول هللال هللا عليت و لم . و لم بباً يف تتبُّع عمرو بن عبسة ألخبار َّ
- 3جرأة ،وشدَّة قريش عل ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،فقد وجده عمرو بن عبسة
مستهفياً وقومت جشراء عليت.
- 4األدب يف الدُّخول عل أهل الفضـ ـ ــل واَّنايلة ،قال عمرو بن عبسـ ـ ــة «فتلطَّفت َّ
حض
دخلت عليت».
حق هللاِ ،
وحق اخللق .قال هللا ــل هللا عليت و ــلم ِ اَّمدية تقوم عل ركيايت ِ -5
الر ــالة َّ
235
«أر ــل بص ــلة األرحام ،وكس ــر األواثن» ويف هذا دليل عل ِ
أليَّة هللا ــلة األرحام حيث كان
هذا اخللق العظيم من أوليات دعوة ال ـ ـ ــالم ،مع اق انت ابلدَّعوة إىل التَّوحيد ،وقد ظهر يف هذا
ـيء عند العرب ،ويف هذا دحلة عل بقوة ،مع َّأ،ا كانت أقدس ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
البيان اي وم عل األواثن َّ
تستقر وح تنت ر ،إح بايوال هذه اَّعا . أن دعوة التَّوحيد ح ُّ ِ
أليَّة إزالة معا اجلاهليَّة ،و َّ
اَّبكر نزالة األواثن مع عدم قدرتت عل تنفيذ َّب هللاـل هللا عليت و ـلم ِ
- 6ويف اهتمام الن ِ
الدين ح جيوز أتخري بيا،ا للنَّاس ،حب َّ ة عدم القدرة أن أمور ِ
ذلك يف ذلك الوقت دحلة عل َّ
عل تطبيقها ،فالَّذين يبيِنون للنَّاس من أمور ِ
الدين ما يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتطيعون تطبيقت بس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ـهولة ،وأمن،
ـيء من اَّواجهة واجلهاد هؤحء دعوهتم الدين الَّيت تاً تطبيقها إىل شـ ـ ٍو مون عن بيان أمور ِ
انقصة ،و يقتدوا بر ول هللا هللال هللا عليت و لم الذأ واجت اجلاهليَّة وط اهتا وهو يف قلَّ ٍة من
السيادة يف بلده ألعدائت(.)1 أنصاره ،و ِ
اجلو احمن يم ،وال َّسـ ـري الر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم عل هللا ــلابتت ،وتوفري ِ ِ - 7ح ْرص َّ
َّعرض للمضـ ـ ـ ـ ــايقات ،فقد قال شلع ْم ِرو ب ِن شعبش شس ـ ـ ـ ـ ـةش «إنك ح
هبم إىل ِبر األمان ،وإبعادهم عن الت ُّ
تستطيع يومك هذا».
ُّ - 8
تذكر ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ألحوال أهللالابت ،وعدم نسيان مواقفهم ،قال
مبكة».«أنت الذأ لقيت َّ
كل شم ْن أ ـ ــلم قائمةً أبمساء أتباعت، - 9يكن ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يعطي َّ
فهذا ليس لل َّسـائل منت مصــللة ،وح يتعلَّق بت بالغ ،ولذلك ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما ــألت عمرو بن عبســة َّ
عمن
تبعت قال «حر ،وعبد» وهذه تورية -كما قال ابن كثري -أبن هذا ا ـ ـ ـ ـ ـ ــم جنس فش ِه شم منت
عمرو أنَّت ا م ع (.)2
مسعت يب ظش شه ْرت فائت » ،أنخذ منت در ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً يف
- 10يف قولت «ارجع إىل أهلك ،فَذا ش
أن تكديس اَّريدين ،واألعضـ ــاء حيث اَّنة ،واليذاء ،ليس هو األهللاـ ــل فهذا ر ـ ــول الدَّعوة َّ
الرجوي إىل األقوام ،وأمر -كما ـ ـ ــنر -ابي رت إىل هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ِ
يوجت حنو ُّ
ِ
متلصناً بدين اابئت وأجداده ،ومعتقداهتم .انظر النهاية (.)234/1 حصينة يع عاقالً
()1
الصلابة ،حبن ح ر )337/1( ،وعنت نقل ال َّي حممد يو ف الكاندهلوأ يف حياة الصلابة ( ، )76 ، 75/1وبنلوه ملتصراً ( )2الهللاابة يف َتيياي َّ
رواه ال مذأ (.)3483
238
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم فأنقذه منهم( ،)1وكان أبو ٍ
ذر قبل جميئت قد أر ــل أخاه ليعلم لت علم الن ِ
حض قدم إليت ،ومسع من قولت ،مثَّ رجع إىل أيب ٍ
ذر فقال ويســمع من قولت ،مثَّ رتيت ،فانطلق األ َّ
لت رأيتت رمر مبكارم األخالق ،وكالماً ما هو ابل ِ ـ ـعر ،فقال ما شـ ــفيت ( )2اَّا أردت( ،)3وعايم
الذهاب بنفس ـ ــت لر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،فقال أخوه لت «وكن عل حذ ٍر من
عل َّ
()4
فَ،م قد ششنِفوا لتَّ ،
ودهموا» [البخاري ( )3861ومسلم (. ])2474 أهل َّ
مكة َّ
دروس ،وعربٌ ،وفوائد:
ٌ
- 1ش ــيوي ذكر ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ب القبائل ،واكثر شم ْن ــاهم يف ذلك
م ركو قريش ،مبا َّاهذوه من منهت التَّلذير والتَّ ويت لر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،وَّا جاء
ش
حض وهللال ذكره قبيلة ِفار.
بتَّ ،
َ - 2تيُّـاي أيب ٍ
ذر ر ـ ـ ــي هللا عنت أبنَّت رجل مسـ ـ ــتقل يف رأيت ،ح تؤثر عليت الشـ ـ ــاعات ،وح
الدعآَيت ،فيقبل كل ما تن ره قريش ،ولذلك أر ل أخاه يستوثق لت من خرب ر ول هللا تستفايه ِ
ُّ
هللال هللا عليت و لم ،بعيداً عن التَّأثريات العالميَّة.
العامة
الر ول هللال هللا عليت و لم ،فلم يكتف ابَّعلومات َّ ذر أبمر َّ - 3شدَّة اهتمام أيب ٍ
إن جمــال البلــث ليس اليت جــاء هبــا أخوه أنيس ،بــل أراد أن يقف عل احلقيقــة بعينهــا حيــث َّ
َّ
رجل رمر ابخلري فلس ـ ـ ـ وإجا عن ٍ
رجل يشذكر أنَّت نب ولذلك حت َّمل اَّ ـ ـ ـ َّ
ـاق ،واَّتاع ، عن ٍ
ذر ترك أهلت ،واكتف من الاياد احلق ،فأبو ٍ
وشظف العيش ،وال ربة عن األهل ،والوطن يف بيل ِ
ُّبوة(.)5
مكة َّعرفة أمر الن َّ قر ٍ
اب ،وارحتل إىل َّ
ذر ر ـ ــي هللا عنت َّا يعرفت أتَّن أبو ٍ َّأين وال َّ يُّث يف احلص ـ ــول عل اَّعلومة حيث َّ - 4الت ِ
الر ـ ـ ــول هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ،وهذا الت ِ
َّأين تص ـ ـ ـ ُّـر أم يش ِ
لكل شم ْن خياط َّ من كراهية قر ٍ
يتعرض ل ذ والطَّرد، تقتضــيت حســا ــية اَّوقف ،فلو ــأل عنت لعلمت بت قريش ،وابلتَّاس قد َّ
( )1انظر فقت الدعوة الفردية ،د .السيد حممد نو ،ص .104
البهارأ رقم ( ، )3861و(.)3522
ُّ ( )2مسلم ،كتاب الفضائل ،ابب من فضائل أيب ٍ
ذر ،رقم ( ، )2474و
هم ك ِ
ف هذا األمر. ما شفيت اَّا أردت ما بل ت ر ي ،وأزلت ع ِ َّ
()3
( )4هللالي ِ
السرية النَّبويَّة ،لبراهيم العلي ،ص .83
الصليلة ،للعمرأ (.)145/1 ( )5ششنِفوا لت أأ أب ضوه ،وانظر ِ
السرية النَّبويَّة َّ
239
وخيس ـ ــر الوهللا ـ ــول إىل هدفت ،الَّذأ من أجلت ترك مض ـ ــارب قومتَّ ،
وحتمل يف ـ ــبيلت مص ـ ــاع ،
السفر. اق َّ وم َّ
ذر ر ي هللا - 5اححتياط واحلذر قبل النُّطق ابَّعلومة ح أل علي ر ي هللا عنت أاب ٍ
ابلر م من أنَّت ا ـ ـ ـ ـ ــتضـ ـ ـ ـ ــافت ثالثة َّأَيٍم إمعاانً يف عنت عن أمره ،و ـ ـ ـ ــب جميئت إىل َّ
مكة ،خيربه َّ
احلذر ،فاش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ط عليت قبل أن خيربه أن يكتم عنت ،ويف الوقت ذاتت أن يرش ـ ـ ـ ـ ـ ــده ،فهذا اية يف
اححتياط ،وذَّ ما أراده.
ذر ر ـ ـ ــي هللا عنت عل إشـ ـ ــارةٍ ،أو علي وأيب ٍ
ٍ َّلرك ذَّ احتفاق ب
- 6التَّ طية األمنيَّة للت ُّ
كة معيَّ ٍنة ،كأنَّت يص ـ ـ ـ ـ ــل نعلت ،أو كأنت يريق اَّاء ،وذلك عندما ير علي ر ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت من حر ٍ
اَّقر (دار األرقم) ،هذا إىل جان َّ
أن لتلركهم داه ِ
ي هللا ـ ـ ـ ـ ــدلا ،أو يراقبهما ،فهذه ت طية أمنية ُّ
لكل طارئ ،قد عد هذا اَّوقف احتياطاً ،وحت ُّس ـ ـ ـ ـباً ِ
علي ،في ُّ
ـافة من ٍذر كان يس ـ ـ ــري عل مس ـ ـ ـ ٍ
أاب ٍ
َّلرك.
دث يف أثناء الت ُّ
ص ـلابة ر ــي هللا عنهم يف اجلوان تفوق ال َّ - 7هذه الشــارات األمنيَّة العابرةُّ ،
تدل عل ُّ
حض أهللا ــب مسةً ايِايًة ِ
لكل احلس األم ِ لديهم ،وت ل لت يف نفو ــهمَّ ، األمنيَّة ،وعل مد توافر ِ
حتركاهتم منظَّمةً ومدرو ـ ـةً ،فما أحوجنا َّثل هذا
العامة ،فأتت ُّ تصـ ـ ُّـر ٍ من تصـ ـ ُّـرفاهتم اخلا َّ
هللا ـ ـة و َّ
ألية ابل ة يف زوال وا ــتمرارص ـلابة ،بعد أن أهللاــب ل من يف عص ـران ِ احلس ،الَّذأ كان عند ال َِّ
اَّتطورة، هللا ـ ـة ،وتقنياتت ِ
اَّتقدمة ،وأ ـ ــاليبت ،وو ـ ــائلت ِ احلضـ ــارات( ،)1وأهللاـ ــبلت لت مدار ـ ــت اخلا َّ
وأجهايتت اَّســتقلَّة ،وميايانياتت ذات األرقام الكبرية ،وأ ــلت اَّعلومات َّ
عامةً ،واَّعلومات األمنيَّة
ض َّل يف بيل احلصول عليها ابلنَّفس إذا لايم األمر!.
خاهللاةً تباي أب ل األشان ،وي ش َّ
حض ح تص ـ ـ ــب قض ـ ـ ــاَيان
وما دام األمر كذلك ،فعل اَّس ـ ـ ــلم احهتمام ابلنَّاحية األمنية َّ
مستباحةً ل عداء ،وأ راران يف متناول أيديهم(.)2
وقوة فهمت ،فقد ذر ر ـ ـ ــي هللا عنت يف البلث عن ِ
احلق ،ورجاحة عقلتَّ ، - 8هللا ـ ـ ــدق أيب ٍ
أ لم بعد عرض ال الم عليت.
الر الة ،د .ىي اليلىي ( ،ص 91ـ .)93 ( )1انظر الوحي وتبلي ِ
( )2انظر يف ِ
السرية النَّبويَّة قراءة جلوان احلذر واحلماية ،د .إبراهيم علي ،ص .59 ، 58
240
- 9حرص ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم واهتمامت أبمن أهللا ــلابت ،و ــالمتهم حيث
حض يظهره هللا.
ابلرجوي إىل أهلت ،وكتمان أمره َّ أمر أاب ٍ
ذر ُّ
احلق فقد جهر ن ــالمت يف نوادأ قريش، وقوتت يف ِ - 10ش ـ اعة أيب ٍ
ذر ر ــي هللا عنتَّ ،
َّب هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم لت لللق( ،)1وكأنَّت فهم َّ
أن أمر الن ِ وجمتمعاهتمِ ،
حتدَيً يم وإظهاراً ِ
أبن بت َّقوًة عل ذلك ابلكتمان ،ليس عل الجياب بل عل ـ ـ ـ ـ ــبيل ال َّ ـ ـ ـ ـ ـفقة عليت ،فأعلمت َّ
احلق عند من خي منت َّب هللال هللا عليت و لم عل ذلك ،ويؤخذ منت جواز قول ِ أقره الن ُّ
ويذا َّ
األذيَّة َّن قالت -وإن كان ال ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكوت جائاياً -والتَّلقيق َّ
أن ذلك ملتلف ابختال األحوال
واَّقاهللاد ،وحبس ذلك ي تَّ وجود األجر ،وعدمت(.)2
ذر ر ي هللا عنت مفيداً للدَّعوة ،ومسالاً يف مقاومة احلرب النَّفسيَّة - 11كان موقف أيب ٍ
مكة يفالر ول هللال هللا عليت و لم ،وكانت ربةً معنويَّةً أهللاابت كفار َّالَّيت شنَّتها قريش َّد َّ
التلمل ،فقد الت ِ
الدماء ُّ ذر ر ي هللا عنت وقدرتت علالصميم ،بسب ش اعة ورجولة أيب ٍ َّ
للصدي ابل َّهادة.
مرةً أخر َّمن جسده ،مثَّ عاد َّ
ذر من أذ قريش ،دليل عل - 12مدافعة العبَّاس عن اَّس ـ ــلم ،و ـ ــعيت لتهليص أيب ٍ
مكة حيث تعاطفت مع اَّس ـ ـ ــلم ،وكان أ ـ ـ ــلوبت يف ِرد احعتداء ُّ
يدل عل خربتت بنفوس كفار َّ
َتر بدَير ِفار(.)3
حذرهم من األخطار اليت تواجهها دارهتم ،عندما ُّ َّ
ذر لل تيبات األمنيَّة ،الَّيت َّاهذها ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم يف
- 13امتثل أبو ٍ
ابلر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم ،وحبِت لت ،وحرهللا ــت عل لقائت ،إح أنَّت مكة ،فمع تعلُّق أيب ٍ
ذر َّ َّ
مكة إىل قومت ،واه َّتم بصـ ـ ـال ،وهداية امتثل أمر ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يف م ادرة َّ
األهل ،ودعوهتم لإل الم ،فبدأ أبخيت ،و ِأمت وقومت.
َّعوأ عل قومت وقدرتت عل هدايتهم ،وإقناعهم ابل الم ،ومع ذلك - 14أثر أيب ٍ
ذر الد ُّ
فَنَّت ح يص ـ ـ ــل لإلمارة ،رو مس ـ ـ ــلم يف هللا ـ ـ ــليلت عن أيب ٍ
ذر ،قال قلت َي ر ـ ـ ــول هللا! أح
وإ،ا أمانة َّ
،وإ،ا تســتعمل ؟ قال فض ـرب بيده عل شمْن ِكب ،مثَّ قال «َي أاب ذر! إنَّك ــعيفَّ ،
( )1انظر دروس يف الكتمان َّ ،مود شيت خطَّاب ،ص .9
( )2انظر الوحي وتبلي ِ
الر الة ،ص .95
( )3فت البارأ ،شر حديث رقم (.)3861
241
يوم القيامة خايأ وندامة ،إح من أخذها ِ
حبقها ،و َّأد الَّذأ عليت فيها»
[مسلم ( )1825وأمحد (،173/5
ـهره هللا فيت ،وميدانت الَّذأ يقوم بواجبت فيت ،فليس معىن
ـهص جمالت الَّذأ ـ ـ َّ
فلكل ش ـ ـ ٍ
ِ ،])267
لكل ٍ
شيء. أنَّت ُ يف الدَّعوة ،وإقناي النَّاس أنَّت يصل ِ
ذر المامة إىل ـ ـ ــيِد فار (أمياء بن شرحضـ ـ ــة) -مع تقدُّم أيب ذ ٍر عليت
- 15تفويض أيب ٍ
كل األعمال يف يده ،وتقدير يدل عل مهارةٍ إداريٍَّة ،وهي عدم ع ِ وعلو منايلتت ُّ -
يف ال ــالم ِ
النَّاس ،وإنايايم منازيم(.)1
ُ - 16ا أيب ٍ
ذر الباهر يف الدَّعوة حيث أ ــلمت نص ــف فار ،وأ ــلم نص ــفها الثَّاين
بعد اي رة(.)2
لقد ف ـ ـ ـ ـ ـ ــلت حماوحت التَّ ـ ـ ـ ـ ـ ــويت ،واحلرب العالميَّة ،واحل ر الفكرأ الَّذأ كان الكفار
ميار ــونت عل الدَّعوة ال ــالميَّة يف بداية عهدها َّ
ألن هللا ــوت ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم
كان أقو من أهللاـواهتم ،وو ـائلت يف التَّبلي كانت أبل من و ـائلهم ،وثباتت عل مبدئت ال َّسـامي
فالر ـ ــول هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم جيلس يف بيتت ،و كان أعل بكث ٍري اَّا كان يتوقَّعت أعدايه َّ
ينايِو يف ز ٍ
اوية من زواَي اَّس ـ ـ ـ ـ ـ د احلرام ليس ـ ـ ـ ــتهفي بدعوتت ،وليقي نفس ـ ـ ـ ــت من ـ ـ ـ ــهام أعدائت
اَّس ــمومة بل إنَّت امر بنفس ــت هللا ــل هللا عليت و ــلم ،فكان خيرً إىل مض ــارب العرب قبل أن
مكة ،وكان جيهر بتالوة القرآن يف اَّس ـ ـ ـ ـ د احلرام ليسـ ـ ـ ــمع من كان يف قلبت بقيَّة من يفدوا إىل َّ
حريٍَّة وإاب ٍء ،فيتس ـ ـ ـ ـ ـ َّـرب نور ايد إىل جمامع لبِت ،و ـ ـ ـ ـ ــويداء قلبت( ،)3وكان من
حياةٍ ،وآاثرةٍ من ِ
ذر ال فارأ ،والطُّفيل بن عمرو الدَّو ي ،وحص وعمرو بن شعبشسةش ،وأبو ٍ األزدأْ ،
ُّ هؤحء ماد
ش
والد عمران بن احلص ـ ر ــي هللا عنهم ،وهذا دليل قاطع ،وبرهان ــاطع ،عل ف ــل حالت
التَّ ــويت الَّيت ش ـنَّتها قريش ـ َّـد ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،فعلينا أن نعترب ،ونســتفيد من
الدُّروس ،والعرب.
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من األذ والتَّعذيب:
تعرض له ُ
اثلثاً :ما َّ
َّب يص ـ ـ ـ ـ ـ ــلِي ،ف اء أبو جهل ،فقال أ أ ،شك عن ويف حديث ابن ٍ
عباس قال « كان الن ُّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ،فايبره( ،)4فقال أبو جهل إنَّك هذا؟! أ أ،ك عن هذا؟ فانصــر الن ُّ
اند أكثر م ِ ،فأنايل هللا تعاىل ﴿فشـ ْليش ْدي شان ِديشت * ش ـنش ْدي َّ
الايشابنِيشةش ﴾ [العلق ]18 - 17 :قال لتعلم ما هبا ٍ
ابن عباس لو دعا انديت ألخذتت زابنية هللا» [الرتمذي (. ])3349
ـعود ر ــي هللا عنت «بينما ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم قائم يص ـلِي
- 2وعن ابن مسـ ٍ
عند الكعبة ،و ع قر ٍ
يش يف جمالس ـ ـ ـ ـ ـ ــهم إذ قال قائل منهم أح تنظرون إىل هذا اَّرائي؟ أيُّكم
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)293/1
الصليلة (.)153/1
السرية النَّبوية َّ ( )2انظر ِ
245
ـ ــآخرين هذا ابن أيب كب ـ ــة ،يكلَّم من ال َّس ـ ـماء! وكان أحدهم ُّ
()1
الر ـ ــول هللاـ ــل هللا
مير عل َّ
السماء؟!(.)2
ت اليوم من َّ ِ
عليت و لم فيقول لت آخراً أما كل ْم ش
جمرد ال ُّس ـ ـهرية ،واح ـ ــتهاياء ،واليذاء النَّفسـ ـ ِـي ،بل تعدَّاه إىل اليذاء
و يقتصـ ــر األمر عل َّ
َّب هللا ـ ــل هللا عليت
عدو هللا أميَّة بن خلف يف وجت الن ِ ِ
البدين ،بل قد وهللا ـ ــل األمر إىل أن يبص ـ ــق ُّ
و ــلم (َّ ،)3
وحض بعد ه رتت -عليت ال َّس ـالم -إىل اَّدينة ،تتوقف حدَّة احبتالء واألذ ،بل
أخذت خطاً جديداً ،بظهور ٍ
أعداء جدد ،فبعد أن كانت العداوة تكاد تكون مقص ـ ـ ـ ـ ـ ــورة عل
قريش َّ
مبكة هللا ـ ــار لت هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم أعداء من اَّنافق اااورين ابَّدينة ،ومن اليهود،
الروم ،وأحالفهم ،وبعد أن كان األذ َّ
مبكة شــتماً ،و ــهريةً ،وحصــاراً ،و ـرابً ،هللاــار والفرس ،و ُّ
مواجهةً عسكريَّة مسلَّلةً ،حامية الوطيس ،فيها كر ،وفر ،و رب ،وطعن فكان ذلك بالء يف
األموال ،واألنفس عل ال َّس ـ ـ ـواء( ،)4وهكذا كانت ف ة ر ـ ـ ــالتت هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم وحياتت،
حض
َّ ــلســلةً متَّصــلةً من اَّن ،واحبتالء ،فما وهن َّا أهللاــابت يف ــبيل هللا ،بل هللاــرب ،واحتسـ
لقي ربَّت(.)5
ابل ،يف الر ول هللال هللا عليت و لم من الفنت ،واألذ ،واَّن ماح خيطر عل ٍ لقد واجت َّ
مواقف متع ِـددةٍ ،وكان ذلك عل قدر ِ
الر الـة الَّيت ِ
حلهـا ،ولذلـك ا تلق اَّقام اَّمود ،واَّنايلـة
الرفيع ـ ـ ـ ـ ـ ــة عند ربِت ،وقد هللارب عل ما أهللاابت إشفاقاً عل قومت أن يصيبهم مثل ما أهللااب األمم
َّ
اَّا ـ ـ ـ ـ ـ ــية من العذاب وليكون قدوةً للدُّعاة ،واَّصـ ـ ـ ـ ـ ــلل ( ،)6فَذا كان احعتداء األثيم قد انل
ـول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،فلم يعد هناك أحد أكرب من احبتالء ،واَّنة ،وتلك ـنة هللا
رـ ش
أأ الناس أش ـ ُّـد بالءً؟ ِ
اخلدرأ ر ــي هللا عنت قلت َي ر ــول هللا! ُّ يف الدَّعوات فعن أيب ــعيد
الر اعة.
الر ول هللال هللا عليت و لم من َّ
والد َّ
()1
رابعاً :ما تعرض له أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من األذ والتَّعذيب:
الروا ـ ــي ال َّ ـ ـ ـاملات ،وبذلوا ص ـ ـ ـلابة ر ـ ــي هللا عنهم من البالء العظيم ما تنوء بت َّ حتمل ال َّ
َّ
أموايم ودماءهم يف ــبيل هللا ،وبل هبم اجلهد ما شــاء هللا أن يبل ،و يش ْس ـلش ْم أش ـرا اَّســلم
من هذا احبتالء ،فلقد أوذأ أبو بكر ر ـ ـ ـ ــي هللا عنت ،وحثي عل رأ ـ ـ ـ ــت ال ُّ اب ،و ـ ـ ـ ـ ـرب يف
وحل إىل بيتت يف ثوبت ،وهو ما ب احلياة حض ما يعر وجهت من أنفتِ ، اَّس ـ ـ ـ د احلرام ابلنِعال َّ
َّب هللال هللا عليت و لم واَّوت( ،)1فقد روت عائ ة ر ي هللا عنها أنَّت ل َّـما اجتمع أهللالاب الن ِ
،وكانوا شانية وثالث رجالً ،أأَّ أبو بكر ر ي هللا عنت عل ر ول هللا هللال هللا عليت و لم يف
حض ظهر ر ـ ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ـ ـل هللا الظُّهور ،فقال «َي أاب بكر! َّإان قليل» .فلم يايل أبو بكر يل ُّ َّ
جل يف ع ـريتت ،وقام أبو بكر يف النَّاس كل ر ٍ
وتفرق اَّسـلمون يف نواحي اَّسـ دُّ ، عليت و ـلم َّ ،
خطيباً ور ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم جالس ،فكان َّأول خطي دعا إىل هللا تعاىل وإىل
ر ولت هللال هللا عليت و لم ،واثر اَّ ركون عل أيب بكر ،وعل اَّسلم ،فضربوهم يف نواحي
اَّس د رابً شديداً ،وو ِطأ ش أبو بكر ،و رب رابً شديداً ،ودان منت الفا ق عتبة بن ربيعة،
حضف عل يض ـ ـربت بنعل ملص ــوفت ،و ِرفهما لوجهت ،ونايا عل بطن أيب بك ٍر ر ــي هللا عنتَّ ،
لت بنوما يعر وجهت من أنفت ،وجاءت بنو تشـْي ٍم يتعادون ،فأجلت اَّ ــرك عن أيب بك ٍر ،وحش ْ
تيم أاب بك ٍر يف ثوب حض أدخلوه منايلــت ،وح ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـكون يف موتــت ،مثَّ رجعــت بنو تي ٍم ،فــدخلوا
لنقتلن عتبة بن ربيعة ،فرجعوا إىل أيب بكر ،ف عل أبو اَّسـ ـ ـ ـ د ،وقالوا وهللا لئن مات أبو بكر َّ
حض أجاب ،فتكلَّم آخر النَّهار ،فقال ما فعل ر ــول قلافة (والده) وبنو تشـْيم يكلِمون أاب بكر َّ
ألمت ِأم اخلري انظرأ أن هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ؟ فم ُّسـ ـ ـ ـوا منت أبلس ـ ـ ــنتهم ،وعذلوه ،وقالوا ِ
248
القبلية ،كان يا يف ذلك احل دور يف توجيت األحداث والتَّعامل مع َّ - 3
إن العص ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـبية َّ
حض مع اختال العقيدة فهذه قبيلة أيب بك ٍر ِ
هتدد بقتل عتبة إن مات أبو بكر(.)1 األفرادَّ ،
لعل من ألها تصر ٍ
فات َّ احلس األم ُّ ِ
ألم ٍيل ر ي هللا عنها ،فقد برز يف عدَّة ُّ ُّ - 4
إخفاء ال َّهصيَّة ،واَّعلومة عن طريق النكار
الر ـ ـ ــول هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ،أنكرت َّأ،ا
عندما ـ ـ ــألت ُّأم اخلري َّأم يل ،عن مكان َّ
حذر ـ ـ ـ ـ ــليم إذ تكن ُّأم اخلري ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ـاعتئذ ِ وحممد بن عبد هللا ،فهذا تص ـ ـ ـ ـ ـ ُّـر
تعر أاب بكرَّ ،
تود أن تعلم بت ُّأم اخلري ،ويف الوقت ذاتت أخفت مس ـ ــلمةً ،و ُّأم يل كانت هفي إ ـ ــالمها ،وح ُّ
الر ول هللال هللا عليت و لم ملافةش أن تكون عيناً لقر ٍ
يش(.)2 عنها مكان َّ
است الل املوقف إليصال املعلومة:
فأم ٍيل أرادت أن تقوم نيصال اَّعلومة بنفسها أليب بك ٍر ر ي هللا عنت ،ويف الوقت ذاتت ُّ
ألم اخلري إمعاانً يف ال ِس ـ ـ ـ ِريَّة ،والكتمان ،فا ـ ـ ــت لَّت اَّوقف لصـ ـ ــاحلها قائلةً «إن
تظهر ذلك ِ
كنت حتبِ أن أذه معك إىل ابنك فعلت» ،وقد عر ت عليها هذا الطَّل بطر ٍ
يقة تنم عن ِ
َّصر ،فقويا «إن كنت حتبِ -وهي ُّأمت »-وقويا «إىل ابنك» ،و تقل الذكاء وحسن الت َُّّ
كل ذلك ِرك يف ِأم اخلري عاطفة األمومة ،ف الباً ما تر ـ ـ يذا الطَّل ،هذا يا إىل أيب بك ٍرُّ ،
ما ذ ابلفعل حيث أجابتها بقويا «نعم» وابلتَّاس ُلت ُّأم يل يف إيصال اَّعلومة بنفسها.
است الل املوقف يف كسب عطف ِّأم أب بكر:
أن َّأم يل حاولت أن تكس ـ عطف ِأم اخلري ،فا ــت لَّت و ــع أيب بك ٍر ر ــي هللا يبدو َّ
ت شم ْن قام هبذا الفعل بقويا « َّ
إن عنت ،الَّذأ يظهر فيت هللا ـ ـ ـريعاً دنِفاً ،فأعلنت ابل ِ
ص ـ ـ ـيا ،و ش ـ ـ ـبَّ ْ ش
أن هذا اَّوقف من ِأم ٍيل ي ـ ــفي بعض منك ألهل فس ـ ـ ٍـق ،وكف ٍر» فال ش ـ ــك َّ قوماً انلوا هذا ش
ألم يل ،وهبذا تكون ُّأم ليل ِأم اخلري من الَّذين فعلوا ذلك اببنها ،فقد ت ِك ُّن شـ ـ ــيئاً من احل ِ ِ
مهمة ِأم يل يف إيصــال اَّعلومة إىل يل كســبت عطف ِأم اخلري ،وثقتها ،األمر الذأ يسـ ِـهل َّ
( )1انظر يف ِ
السرية النَّبويَّة قراءة يف جوان احلذر واحلماية ،ص .50
( )2اَّصدر السابق نفست ،ص .51
( )3انظر يف ِ
السرية النَّبويَّة ـ قراءة جلوان احلذر واحلماية ،ص ، 52 ، 51 ، 50وقد ا تفدت من هذا الكتاب يف هذه الدُّروس األمنيَّة.
( )4انظر حمنة اَّسلم يف العهد ِ
اَّك ِي ،ص .79
250
ص ـ ِديق مدافعاً عنت ،وفادَيً َّإَيه بنفســت ،فيصــيبت من
يتعرض فيها ل ذ من قومت ،فينربأ ال ِ كان َّ
صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِديق يعترب من كبــار رجــال قريش اَّعروف ابلعقــل،
أن ال ِ
أذ القوم و ـ ـ ـ ـ ـ ــفههم ،هــذا مع َّ
والحسان(.)1
ما أهللارب بالحً ،وما أهللالبت ر ي هللا عنت! فقد كان هللاادق ال الم ،طاهر القل ،ولذلك
َّلدَيت ،وأمام هللانو من العذاب ،وكان هللاربه ،وثباتت اَّا ي يظهم، هللال و تشلِن قناتت أمام الت ِ
ْ ش ش
الرجل الوحيد من ــعفاء اَّس ــلم الَّذأ ثبت عل ال ــالم، هللاـ ـةً أنَّت كان َّ
وياييد حنقهم ،خا َّ
مردداً كلمة التَّوحيد ٍ
بتلد هللاـ ـ ـ ــارٍ ،وهانت عليت نفسـ ـ ـ ــت يف هللا، ات الكفار فيما يريدونِ ، فلم يو ِ
وهان عل قومت(.)3
حمنة منلة فقد هلَّص بالل من العذاب والنَّكال ،وهلَّص من أ ـ ـ ـ ـ ـ ــر العبودية، كل ٍوبعد ِ
وعاش مع ر ول هللا هللال هللا عليت و لم بقيَّـ ـ ـ ـ ـ ــة حياتت مالزماً لت ،ومات را ياً عنت مب ِ راً َّإَيه
يدأ
َّ ف نعليك ب ابجلنَّة ،فقد قال هللاــل هللا عليت و ــلم لبالل «ِ ...
فَين مسعت الليلةش شخ ْ ـ ش
صـ ـ ـلابة ،فقد كان عمر ر ـ ــي هللا عنت
يف اجلنة» [البخاري ( )1149ومسـ ــلم ( .])2458و َّأما مقامت عند ال َّ
يقول «أبو بكر يدان ،وأعتق يِدان» يع بالحً(.)4
فك رقاب اَّستضعف من اخلطَّة الَّيت تبنَّتها القيادة ال المية الص ِديق يف ِ وأهللاب منهت ِ
َّقاومة التَّعذي الَّذأ نايل ابَّس ــتض ــعف ،فمض ـ يض ــع مالت يف حترير رقاب اَّؤمن اَّنض ـ ِـم
الرِق.
الدين اجلديد من ِإىل هذا ِ
رقاب بالل ابعهم عامر بن ت ٍ «مثَّ أعتق معت عل ال الم قبل أن يهاجر إىل اَّدينة َّ
فهرية ش ــهد بدراً ،وأحداً ،وقتل يوم بئر معونة ش ــهيداً ،و ُّأم عبيس ،وِزنِرية ،وأهللا ــي بص ــرها حض
ِ
للبالذرأ (.)157 ، 100/1 ( )1انظر أنساب األشرا ،
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام (.)68/2 (ِ )2
ِ
للعامرأ (.)92/1 ( )3هب ة اَّافل ،
( )4هللالي ِ
السرية النَّبويَّة ،لبراهيم العلي ،ص .98 ، 97
( )5انظر حمنة اَّسلم يف العهد ِ
اَّك ِي ،ص .99
( )6ال َّ بية القياديَّة (.)217/1
( )7هللالي ِ
السرية النَّبويَّة ،ص .98
255
مدار التَّاري هذه الظَّاهرة «هللارباً ال َي ر! َّ
فَن موعدكم اجلنَّة» [سبق خترجيه](. )1
عمار ر ـ ـ ــي هللا عنت ،فقد عاش بعد أهلت زمناً يكابد من هللا ـ ـ ــنو العذاب ألواانً ،فهو َّأما َّ
مبكة حتميهم ،وليس ــت يم منعة ،وح َّقوة، يص ـنَّف يف طائفة اَّس ــتض ــعف ،الَّذين ح ع ــائر يم َّ
عمار مبكة يف منتص ـ ـ ـ ـ ـ ــف النَّهار لريجعوا عن دينهم ،وكان َّ الرمض ـ ـ ـ ـ ـ ــاء َّ
تعذهبم يف َّفكانت قريش ِ
َّب هللال حض َّ الن َّ حض ح يدرأ ما يقول( .)2ول ـ ـ َّـما أخذه اَّ ركون ليعذبوه ي كوه َّ عذب َّ ي َّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم قال «ما وراءك؟» هللا عليت و ــلم ،وذكر ايتهم ٍري ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما أت الن َّ
قال ش ـ ـ ـ ـ ـ ــر ،وهللا ما ترك اَّ ـ ـ ـ ـ ـ ــركون حض نلت منك! وذكرت ايتهم ري ،قال «كيف دد
قلبك؟» قال مطمئناً ابلميان ،قال « فَن عادوا فعد » [احلاكم ( ) 357/2والزيلعي يف نصـ ـ ـ ـ ــب الرايـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
عمار .قال تعاىل ﴿من شك شفر ِاب ََّّللِ َّ إميان هللادق عل تعاىل هللا هادة ب الوحي ونايل . ()3
شْ ش (])158/4
ِ ِ ِ ِ ِ ِِ
ضـ هللا ـ ْد ًرا فشـ شعلشْي ِه ْم ش شم ْن بشـ ْعد إِميشانت إِحَّ شم ْن أ ْك ِرشه شوقشـ ْلبت مطْ شمئن ِاب ِلميشان شولشك ْن شم ْن شش ـشر ش ِابلْك ْف ِر ش
اَّللِ شوشي ْم شع شذاب شع ِظيم ﴾ [النحل ]106 :وق ـ ــد حضر اَّ اهد كلَّها مع ر ول هللا هللال هللا عليت ِم شن َّ
و لم (. )4
ويف حــادثيت ٍ
بالل ،وع َّم ـا ٍر فقــت عظيم ي او ب العايميــة ،و ُّ
الرخصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ،تــاً الـ ُّـدعــاة أن
يا. اط ،أو تفر ٍ الصلي ،ويف معايريه الدَّقيقة دون إفر ٍ
يستوعبوه ،ويضعوه يف إطاره َّ
- 4عد بن أيب وقَّاص ر ي هللا عنت
حض يعود إىل تعرض للفتنـ ـ ـ ـ ـ ـة من قِبش ـ ـ ـ ـ ـ ِـل والدتت الكافرة ،فقد امتنعت عن الطَّعام ،وال َّ راب َّ
َّ
س ﴿وإِ ْن شج ش ِ ِ ِ دينها .رو الطَّرباينُّ أن ـ ـ ــعداً قال أنايلت َّ
اه شد شاك لت ْ ـ ـ ـرشك يب شما لشْي ش يف هذه ا ية ش
ط ْعهما﴾[العنكبوت.]8 : ِ لش ش ِِ ِ
ك بت ع ْلم فشالش ت ش
أبمي ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما أ لمت ،قالت َي عد! ما هذا ِ
الدين الَّذأ أراك قد قال كنت رجالً ابراً ِ
قاتل
عري يب ،فيقال َي ش حض أموت ،فت َّ
لتدعن دينك هذا ،أو ح اكل ،وح أش ـ ـ ـ ـ ـ ــرب َّ
َّ أحدثت؟!
فأهللابلت
ْ فمكثت يوماً وليلةً أتكل،
ْ فَين ح أدي دي ل يء، أمت! فقلت ح تفعلي َي أ َّمت ِ
يدل عل مد ت ل ل الميان يف ـعد حمنة عظيمة ،وموقفت موقف شفذُّ ، ( .)2(])3189فملنة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
قلبت ،وأنَّت ح يقبل فيت مساومةً مهما كانت النَّتي ة(.)3
اَّكيُ ،د أنَّت بر م قطع الوحء ،ـ ـ ـواء يف احل ِ ،أو النُّص ـ ــرة ب
ومن خالل تتبُّع القرآن ِ
وبربهم ،والحس ــان إليهم ،ومع ذلك فَن القرآن أمر بعدم قطع هللا ــلتهمِ ،
اَّس ــلم وأقاربت الكفَّارَّ ،
ألن الوحء هللِ ولر ولت هللال هللا عليت و لم ،لدينت ،وللمؤمن (.)4
فال وحء بينهم َّ
- 5مصع بن ع شمري ر ي هللا عنت
أجودها حلَّةً ،وكان أبواه بِانت ،وكانت ُّأمت مليئةً مبكة ،و ش كان مصـع بن عمري أنعم ٍ
الم َّ
ش
احلضرمي، مكة ،يلبس ِ
كثرية اَّال ،تكسوه أحسن ما يكون من الثياب ،وأرقَّت ،وكان أعطر أهل َّ
َّ ش
وقع احلشْيس( )6عند رأ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ،فَذا ِ ِ ()5
من النعال ،وبل من ش ـ ـ ـ ـ ـ ــدَّة كلف أمت بت أنَّت كان يبيت ْ
ولل ـ ــي ـ ــلمان العودة -حفظت هللا -تعليق لطيف عل هذا احلديث ،هو َي ـ ــبلان
احر وجت اَّصـ ــطف هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،وقعد من ـ ـ عتت ،وخاط
هللا! ماذا جر حض َّ
القوأ اَّؤثِر ،مثَّ عاتبهم عل اح ــتع ال أل،م طلبوا الدُّعاء منت هللاــل
أهللاــلابت هبذا األ ــلوب ِ
أبمتت.
الرحيم َّ
الريو َّ
هللا عليت و لم ؟ كال ،حاشاه من ذلك ،وهو َّ
إن أ ــلوب الطَّل أح تدعو لنا؟ أح تســتنصــر لنا؟ يوحي مبا وراءه ،وأنَّت هللاــادر من ٍ
قلوب َّ
أ ــناها العذاب ،وأ،كها اجلهد ،وهدَّهتا البلو ،فهي تلتمس الفرً العاجل ،وتســتبطئ النَّصــر،
أن قبل النَّصر أن األمور مرهونة أبوقاهتا ،وأ باهبا ،و َّ فتستدعيت ،وهو هللال هللا عليت و لم يعلم َّ
الر ـل شوظشنُّوا أ َّشْ ،م قش ْد
شس ُّ ِ
﴿ح َّض إ شذا ا ْ ـتشـْيأ ش
فالر ــل تبتل ،مثَّ تكون يا العاقبة ،قال تعاىل ش البالءُّ ،
ن الْ شقوِم الْم ْ ِرِم ش ﴾ [يوسف. ]110 : ِ ِ
صرشان فشـن شي شم ْن نش ش اء شوحش يـشرُّد شأبْ نشا شع ِ ْ
كذبوا شجاءشه ْم نش ْ
ويلمس -عليت ال َّس ـ ـالم -من واقع أهللاـ ــلابت ،ومالبسـ ــات أحوايم ،بشـشرمهم ابلعذاب الذأ
حض يفتنوا عن دينهم ،ويستعلي عليهم الكفرة ،وميوت منهم من ميوت حتت التَّعذي . يالقونَّ ،
وقد ح يكون من اَّيس ــور أن يدرك اَّرء -مب َّرد قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراءة الن ِ
َّص -حقيقة احلال اليت كانوا
ص ـالة وال َّس ـالم -الدُّعاء ،واح ــتنصــار ،وح أن يعر اَّ ـاعر عليها ،ح طلبوا منت -عليت ال َّ
والحس ـ ــا ـ ــات الَّيت كانت تثور يف نفو ـ ــهم ،إح أن يعيش حاحً قريباً من حايم ،ويعاين -يف
بعض ما عانوا.
بيل هللا -ش
لقد كان صلى هللا عليه وسلم يربِّيوم على:
أ -التأ ِ ـ ـ ـ ـي ابل َّس ـ ـ ـ ـابق من األنبياء واَّر ـ ـ ــل وأتباعهم ،يف ُّ
حتمل األذ يف ـ ـ ــبيل هللا،
ويضرب يم األمثلة يف ذلك.
الصابرين من النَّعيم ،وعدم اح ار مبا يف أيدأ
َّ ب -التَّعلُّق مبا أعدَّه هللا يف اجلنة للمؤمن
الكافرين من زهرة احلياة الدُّنيا.
260
ً -التَّطلُّع للمس ــتقبل ،الَّذأ ينص ــر هللا فيت ال ــالم يف هذه احلياة الدُّنياُّ ،
ويذل فيت أهل
الكفر ،والعصيان.
خيطا،وشَّة أمر آخر كبري ،أح وهو أنَّت هللاــل هللا عليت و ــلم مع هذه األشــياء كلِها كان ِ
كف اَّ رك عن فتنتهم، اَّتعددة لرفع األذ والظُّلم عن أتباعت ،و ِ اَّاديَّة ِ
ويستفيد من األ باب ِ
لكل مسـ ــل ٍم أن يعبد ربَّت حيث شـ ــاء، وإقامة ال َّدولة الَّيت داهد يف ـ ــبيل ِ
الدين ،وتتي الفرهللاـ ــة ِ
وتاييل احلواجاي ،والعقبات الَّيت تع ض طريق الدَّعوة إىل هللا(.)1
عنت ،و ــوء وقد حتدَّث خباب ر ــي هللا عنت عن بعض ما كانوا يلقونت من اَّ ــرك ،من ٍ
حض يعودوا إىل الكفر ،فقال كنت رجالً قشـْي ناً( ،)2وكان س ـاومة عل احلقوقَّ ، معاملة ،ومسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
مبلمد ،فقلت لن حض تكفر َّ عل العاص بن وائل شديْن ،فأتيتت ألقتضيت ،فقال س لن أقضيك َّ
وإين َّبعوث بعد اَّوت؟ فَن كان ذلك فلسو أقضيك إذا حض َتوت ،وتبعث ،قال ِ أكفر َّ
رجعت إىل ماس وولدأ ،فنايلت فيت ﴿أشفشـرأشي ِ
ت الَّذأ شك شفشر ِر ش
َيتنا شوشق شال ألشِوتشش َّ شماحً شوشولش ًدا ﴾ شْ ش
إىل قولت ﴿ورْتِينشا فشـرًدا ﴾ [مرمي[ ]80 - 77 :البخاري ( )2091ومسلم (. ])2795
شش ْ
عما لقي يف ذات هللا أن عمر بن اخلطَّاب ر ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت يف خالفتت ـ ـ ـ ـ ــأل خبَّاابً َّ وذكِشر َّ
تعاىل ،فك ف خباب عن ظهره ،فَذا هو قد برص ،فقال عمر ما رأيت كاليوم ،فقال خباب
أمري اَّؤمن ،لقد ْأوقشدوا س انراً ،مثَّ ـ ـ ــلقوين فيها ،مثَّ و ـ ـ ــع شرجل ِر ْجلشت عل هللا ـ ـ ــدرأ ،فما
َي ش
اتَّقيت األرض -أو قال برد األرض -إح بظهرأ ،وما أطفأ تلك النَّار إح شلمي(.)3
ٍ
مسعود ر ي هللا عنت - 7عبد هللا بن
كان منهت ر ول هللا (ﷺ) يف معاملتت للنَّاس حكيماً ،وكان يعامل األكابر وزعماء القبائل
ص ـ ـ ـ ـ ار فهذا ابن مس ـ ـ ـ ــعود ر ـ ـ ـ ــي هللا عنت ِدثنا عن لقائت
ص ـ ـ ـ ـبيان ال ِ
بلطف وترفُّ ٍق ،وكذلك ال ِ
ٍ
اللَّطيف بر ـ ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم يقول كنت الماً َيفعاً أرع نماً لع ْقبة بن أيب
ب؟ قلت فمر يب ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،وأبو بك ٍر ،فقال َي الم! هل من ل ٍ م شعْياَّ ،
نعم ،ولك مؤَتن ،قال فهل من ش ــاةٍ يشـْنـاي عليها فلل؟ فأتيتت ب ــاةٍ ،فمسـ ـ ــرعها ،فنايل
261
ضـ ـري اقلص ،فقلص ،قال مثَّ أتيتت بعد إانء ،ف ـ ـرب ،و ش ـ ـ شق أاب بك ٍر ،مثَّ قال لل َّ لب فللبت يف ٍ
ـول هللا! علِم من هذا القول ،قال فمس ـ ـ ـ ـ رأ ـ ـ ـ ــي ،وقال «يرحك هللا! هذا فقلت َي ر ـ ـ ـ ـ ش
فَنَّك لشيِم معلَّم» [أمحد ( 379/1و )462وأبو يعلى ( )4985والطيالسي ( )353واحللية (.)1(])125/1
وهكذا كان ِم ْفشتا إ ـ ـ ـ ـ ـ ــالمت كلمت عظيمت األوىل قايا عن نفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت « ِإين مؤَتن»،
والثانية كانت من الصادق اَّصدوق ،حيث قال لت «إنك لشيِم معلَّم».
ولقــد كــان يــات الكلمت دور عظيم يف حيــاتــت ،وأهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــب فيمــا بعــد من أعيــان علمــاء
الص ـ ـ ـ ــلابة ر ـ ـ ـ ــي هللا عنهم ،ودخل عبد هللا يف رك الميان ،وهو ميهر حبار ال ِ ـ ـ ـ ـ ـرك يف قلعة
السابق الَّذين مدحهم هللا يف قرآنت العظيم( ،)2وقد قال عنت األهللانام ،فكان واحداً من أولئك َّ
األول ،أ ـ ـ ــلم قدمياً ،وهاجر اي رت ،وش ـ ـ ــهد بدراً ،واَّ ـ ـ ــاهد َّ ابن ح ر «أحد ال َّس ـ ـ ـ ـابق
َّب هللال هللا عليت و لم ،وكان هللااح نعليت»(.)3 بعدها ،وحزم الن َّ
َّأول من جور ابلقرآن الكرمي:
ـعود ر ــي هللا عنت كان حليفاً ،وليس لت ع ــرية حتميت ،ومع أنَّت كان أن ابن مس ـ ٍ ابلر م من َّ
َّ
وقوة نفســت ر ــي هللا عنت فَن ذلك ش ْل دون ظهور ش ـ اعتتَّ ، ــئيل اجلســم ،دقيق ال َّس ـاق َّ ،
مكة ،وإِ َّابن الدَّعوة ،وشـ ـ ــدَّة وطأة قر ٍ
يش ولت مواقف رائعة يف ذلك منها ذلك اَّ ـ ـ ــهد اَّثري يف َّ
عليهــا ،فلقــد وقف عل شملشئِهم ،وجهر ابلقرآن ،فقري بــت أمســاعهم اَّقفلــة ،وقلوهبم اَّ لَّقــة(،)4
فكان َّأول من جهر ابلقرآن بعد ر ول هللا هللال هللا عليت و لم َّ
مبكة.
اجتمع يوماً أهللاـ ـلاب ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم فقالوا وهللا! ما مسعت قريش هذا
ٍ
مسعود أان! قالوا َّإان َن اهم قا ،فش شم ْن رجل ي ْس ِمعهموه؟ فقال عبد هللا بن القرآن جيهر يا بت ُّ
عليكَّ ،إجا نريد رجالً لت ع ـ ـ ــرية مينعونت من القوم إن أرادوه! قال دعوين َّ
فَن هللا ـ ـ ــيمنع !
حض قام عند اَّقام ،مث ضـ ـ ـل وقريش يف أنديتها َّ حض أت اَّقام يف ال ُّ قال ف دا ابن مس ـ ـ ٍ
ـعود َّ
*علَّ شم الْقرآن ﴾ ،قال مثَّ الرِحي ِم ﴾ -رافعاً هبا هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــوتت َّ - الر ْح ِ قرأ ﴿بِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِم َِّ
﴿الر ْحشان ش ان َّ اَّلل َّ ش ْ
264
مرةً أخر ،فرفض(.)1 طس! مثَّ عرض عليت الوليد اجلوار َّ
يدل عل مد َّقوة إميانت ر ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت ،ور بتت يف األجر ،واَّثوبة عند هللا ولذلك وهذا ُّ
ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما مات ،رأت ُّأم العالء األنصاريَّة -وكان عثمان اَّن وقع يف همها عندما اق ي األنصار
أن لت عيناً درأ ،ف اءت ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم عل ــكىن اَّهاجرين -يف اَّنام َّ
فأخربتت ،فقال «ذلك عملت» [البخاري (. ])7004
الرها من ال َّ ـ ـ ـبابتعرض للتَّعذي ،وهكذا نر أولئك َّ ص ـ ـ ـلابة الكرام َّ و ري هؤحء من ال َّ
التفوا حول الر ـ ـ ــول هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ،وا ـ ـ ــت ابوا يا ،و ُّ
القرش ـ ـ ـ ِـي ،قد أقبلوا عل دعوة َّ
ـلوا بكل الر م من مواقف آابئهم ،وذويهم ،وأقرابئهم اَّت ـ ـ ِـددة داههم ،فضـ ـ ُّ هللاـ ــاحبها عل َّ
وتعر ـ ـ ـوا للفتنة ر بةً فيما عند هللاات قبل دخويم يف ال ـ ـ ــالمَّ ، ما كانوا يتمتَّعون بت من امتياز ٍ
وحتملوا أذ ً كثرياً ،وهــذا فعــل الميــان يف النفوس عنــدمــا خيــالطهــا، تعــاىل من األجر ،والثَّوابَّ ،
يؤدأ إىل الفوز بر ـ ــا هللا تعاىل، وحرمان إذا كان ذلك ِ ٍ بكل ما يص ـ ــيبها من ٍ
عنت، ِ فتس ـ ــته
وجنَّتت.
هذا ،و يكن التَّعذي واألذ مقص ـ ـ ـ ــوراً عل رجال اَّس ـ ـ ـ ــلم دون نس ـ ـ ـ ــائهمَّ ،
وإجا طال
المهن ،كسميَّة بنت خياط ،وفاطمة بنت َّ النِساء أيضاً قسا كبري من األذ والعنت بسب إ
س ،وحامةش أِم بالل، اَّؤمل ،وِزنِرية ُّ
الروميَّة ،والنـ َّْهدية ،وابنتها ،و ِأم عبشـْي ٍ اخلطَّاب ،ولبيبة جارية ب ِ
ريهن(.)2
و َّ
َّب صــلى هللا عليه وســلم ابلبناء
مكة واهتمام الن ِّ خامس ـاً :حكمة ِّ
الكف عن القتال يف َّ
الداخلي:
أن اَّوقف ال ِس ـلمي أ ا بعضــهم، الدفاي عن أنفســهم ،ويبدو َّ كان اَّســلمون ير بون يف ِ
هللا ـةً ال َّ ـباب منت ،وقد أت عبد الرحن بن عو وأهللا ــلابت ر ــي هللا عنهم إىل النَّ ِب هللا ــل وخا َّ
عايةٍ وحنن م ركون ،فل ـ َّـما امنَّا هللاران أذلَّةً! قال مبكة ،فقالوا َي نب هللا! كنا يف َّ هللا عليت و لم َّ
«ِ
إين أمرت ابلعفو ،فال تقـاتلوا القوم» [(النسـ ـ ـ ـ ــائي ( )3/6والبيوقي يف السـ ـ ـ ـ ــنن الكرب ( )11/9واحلاكم (67 - 66/2
(ِ )1
السري واَّ ازأ ،حبن إ لاق ( ،ص 178ـ .)180
( )2انظر حمنة اَّسلم يف العهد ِ
اَّك ِي ( ،ص .)117 ، 116
265
و.)1(])307
مكة ،ومن هؤحء األ تاذ الرَّابنيَّة يف عدم فر ية القتال يف َّ
وتعرض بعض الباحث لللكمة َّ َّ
هللا ـل إليت ألنَّنا ٍ
حينئذ َّ
نتأىل عل هللا ما ــيِد قط -رحت هللا تعاىل -فقد قال ح ُايم مبا نتو َّ
ٍ
حكمة ،ونفرض أ ـ ـ ــباابً ،وعلالً قد ح تكون هي األ ـ ـ ــباب ،والعلل احلقيقية ،أو يبِ لنا من
قد تكون.
أأ حك ٍم من أحكام ال َّ ـ ـ ـ ـ ـريعة هو التَّس ـ ـ ـ ــليم ٍ
تكليف ،أو ِ أن ش ـ ـ ـ ــأن اَّؤمن أمام ِ
أأ ذلك َّ
وإجا نقول هذه احلكم ،واأل باب من ابب احجتهاد، ألن هللا بلانت هو العليم اخلبريَّ ، اَّطلق َّ
جمرد احتمــال ألنـَّت ح يعلم احلقيقــة إح هللا ،و ـ ِـددهــا هو لنــا ،ويطلعنــا عليهـا ٍ
بنص وعل أنـَّت َّ
هللاري ( ،)2ومن هذه األ باب واحلكم والعلل نجيا ٍز
ٍ
وإعداد ،يف بي ٍئة اَّكيَّة كانت ف ة تر ٍ
بية، ألن الف ة ِ الكف عن القتال يف َّ
مكة رمبا َّ أن َّ َّ - 1
معيَّ ٍنةٍ ،
لقوم معيَّن ،و ـ ـ ـ ـ ـ ــا ظرو ٍ معيَّ ٍنة ،ومن أهدا ال َّ بية يف مثل هذه البيئة تربية الفرد
ضـ ـيم ح يقع عليت ،أو عل من يلوذون صـ ـرب ،عل ما ح يص ــرب عليت عادة من ال َّ ِ
العريب عل ال َّ
مهيت ومن ألول ٍ ألول مؤثِر ،وح يهيت َّ بت ليهلص من ش ــهص ــت ،ويت َّرد من ذاتت ،فال يندفع َّ
يتم احعتدال يف طبيعتت ،وحركتت ،مثَّ تربيتت عل أن يتَّبع نظام ااتمع اجلديد ،أبوامر القيادة مثَّ ُّ
يتصر إح وفق ما أتمره -مهما يكن ملالفاً َّألوفت وعادتت -وقد كان هذا اجلديدة ،حيث ح َّ
هو ح ر األ اس يف إعداد شهصيَّة ِ
العريب اَّسلم لن اء (ااتمع اَّسلم).
ألن الدَّعوة ال ِس ـ ـلميَّة أشـ ـ ُّـد أثراً وأنفذ يف مثل بيئة قريش ،ذات
- 2ورمبَّا كان ذلك أيض ـ ـاً َّ
العن هيَّـة وال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ،والَّيت قـد يـدفعهـا القتـال معهـا -يف مثـل هـذه الف ة -إىل زَيدة العنـاد،
دموية جديدةٍ ،كثارات العرب اَّعروفة أمثال داحس ،وال رباء ،وحرب البسـ ـ ــوس، ات ٍ ون ـ ـ ــأة اثر ٍ
ات تنس معها فكرتت األ ا ية. يتلول ال الم من دعوةٍ ،إىل اثر ٍ وحينئذ ٍَّ
( )1الوحء والرباء َّ َّ ،مد القلطاين ،خلَّص نقاطاً من الظالل ،ص ، 171 ، 170 ، 169ويف ظالل القران ( ، )715 ، 714/2ويف (معا يف الطَّريق)
(ص 69ـ .)71
للاي شحيلي (.)325/7
( )2انظر التفسري اَّنري ُّ ،
السابق نفست .)326/7( ، اَّصدر َّ
()3
268
وتع َّمقت جذور ش رة التَّوحيد يف نفو هم(.)1
الرَّابنيَّة ،ش
العقيدة َّ
ابلصرب ،وكان كان ر ول هللا هللال هللا عليت و لم قد أمر أهللالابت بضبا النَّفس والتَّللِي َّ
َّقرب إليت ابلعبادة ،وقد نايلت ويوجههم حنو توثيق ال ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـلة ابهلل ،والت ُّ يريب أهللاـ ـ ـ ـ ـ ــلابت عل عينتِ ،
ِ
ص ِمْنت قشلِيالً *أ ْشو ِزْد ِ ِ ِ
﴿َيأشيـُّ شها الْمَّايمل *ق ِم اللَّْي شل إِحَّ قشليالً *ن ْ
ص شفت أش ِو انْـق ْ
ِ
ا َيت يف اَّرحلة اَّكيَّة ش
ص ـ ـلابة إىل حاجة الدُّعاة علشي ِت ورتِ ِل الْقرآن تشـرتِيالً ﴾ [املزمل ،]4 - 1 :فقد أرش ــدت ــورة ِ
اَّايمل ال َّ ْ ش ْ شش
الصرب
الصرب ،ومع َّ الذكر ،والتَّوُّكل عل هللا يف يع األمور ،و رورة َّ الدوام عل ِ إىل قيام الليل ،و َّ
الصاحلة.
اي ر اجلميل ،واح ت فار بعد األعمال َّ
ص ـص شــطراً اَّايِمل ،أتمر النَّب هللاــل هللا عليت و ــلم أن خي ِ كانت ا َيت األوىل من ــورة َّ
َّ
صـ ـ ـالة نص ـ ــف اللَّيل ،أو ياييد عليت ،أو ينقص خريه هللا تعاىل أن يقوم لل َّ صـ ـ ـالة ،وقد َّ من اللَّيل لل َّ
حض ورمت أقدامهم ،فنايل عامَّ ، َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم ،وأهللا ــلابت معت قريباً من ٍ منت ،فقام الن ُّ
التَّهفيف عنهم بعد أن علم هللا منهم اجتهادهم يف طل ر اه ،وت مريهم لتنفيذ أمره ومبت اه،
ِ ِ فرحهم رُّهبم ،فهفَّف عنهم ،فقال ﴿إِ َّن شربَّ ش
َّك تشـقوم أ ْشد شَّن م ْن ثـلثش ِي اللَّْي ِل شون ْ
صـ شفت شوثـلثشت ك يشـ ْعلشم أشن ش
ِ وطشائِشفة ِمن الَّ ِذين م عك و َّ ِ
اب شعلشْيك ْم شفاقْـشرأوا شما اَّلل يـ شقدر اللَّْي شل شوالنـ ش
َّه شار شعل شم أش ْن لش ْن ْحتص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوه فشـشت ش ش ش شش ش ش ش
ض يشـْبـتشـ و شن ِم ْن فش ْ
ضـ ـ ِل ضـ ـ ِربو شن ِيف األ ْشر ِ تشـيش َّسـ ـشر ِم شن الْقرآن شعلِ شم أش ْن ش ـ ـيشكون ِمْنك ْم شم ْر ش ـ ـ شوآخرو شن يش ْ
الايشكا شة شوأشقْ ِر ـ ـوا َّ
اَّللش ص ـ ـالششة شوآتوا َّ اَّللِ فشاقْـشرأوا شما تشـيش َّس ـ ـشر ِمْنت شوأشقِيموا ال َّ
اَّللِ شوآخرو شن يـ شقاتِلو شن ِيف ش ـ ـبِ ِيل َّ
َّ
شجًرا شوا ْ ـ ـتشـ ْ ِفروا َّ
اَّللش
قشـر ـ ـا حسـ ـناً وما تـ شق ِدموا ألشنف ِسـ ـكم ِمن خ ٍري شِددوه ِعْن شد َِّ
اَّلل ه شو شخ ْ ًريا شوأ ْشعظش شم أ ْ ْ ْ شْ ْ ً ش ش شش
ِ
اَّلل شفور﴾[املزمل.]20 :
إ َّن َّش
كان امتلا،م يف الفر ِش ،ومقاومة النَّوم ،ومألوفات النَّفس ل بيتهم عل اااهدة ،وحتريرهم
حبد من ٍ
إعداد من اخلض ـ ـ ـ ـ ـ ــوي ألهواء النفس َتهيداً حلمل زمام القيادة ،والتَّوجيت يف عاَّهم إذ َّ
عال يم ،وقد اختارهم هللا حلمل ر ــالتت ،وائتمنهم عل دعوتت ،و َّاهذ منهم ش ــهداء عل روحي ٍ
ٍ
النَّاس ،فالع رات من اَّؤمن يف هذه اَّرحلة التَّارخيية ،كانت أمامهم اَّهمات العظيمة يف دعوة
مهمة عظيمة يقدر عل تنفيذها أولئك الذين النَّاس إىل التَّوحيد ،وهليصـ ــهم من ال ِ ـ ـرك ،وهي َّ
اج ِع يش ْدعو شن شرَّهب ْم شخ ْوفًا شوطش شم ًعا﴾ ﴿تشـت ا ش جنوهبم ع ِن الْمض ِ
ْ ش ش ش شش
ص ـادقة من مقاييس األعمال ،وأهللاــبلت اَّبَّة يف هللا من أفضــل األخوة ال َّ وهكذا أهللاــبلت َّ
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم اَّســلم من أن األعمال ،ويا أفضــل الدَّرجات عند هللاَّ ،
وحذر َّ
الرابطة ،وو ـ ـ ـ ـ ـ ــع يم أ ـ ـ ـ ـ ـ ــاس احلفا عليها ،فقال يم «ح تبا ض ـ ـ ـ ـ ـ ــوا ،وح
هتون عليهم هذه َّ
َّاخلي ،وتوحيد جبهتت لتكون قويَّة يف مواجهة َّب (ﷺ) يف ربا ااتمع الد ِ وا ـ ـ ـ ـ ـ ــتعان الن ُّ
احلريَّة ،فهم ح يدخلون اَّوجهة دَّها ابَّساواة ب أفراد هذه اجلبهة ،وإعطائهم ِ احلرب النَّفسيَّة َّ
حريَّة الرأأ ِ
وحريَّة التعبري ،واَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورة ،فقد ابحلريَّة ،مثَّ كانت يم يف داخلت ِ
إىل هذا ااتمع إح ِ
حممد (ﷺ) مببدأ اَّسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاواة ب يع النَّاس ،احلاكم واَّكوم ،وال ُّ والفقري ،وب يع أت َّ
َّب هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـلم ، الطَّبقات ،وقد كان يذا اَّبدأ العظيم أكرب األثر يف نفوس أتباي الن ِ
بكل ما أوتوا من َّقوةٍ وعاي ٍ
مية وجعلهم يتلابُّون ويتما ــكون ،ويفتدون أبرواحهم ،ويدافعون عنت ِ
أهللال ،أو حس ٍ أو نس ٍ ، لد ،أو ٍ يقر تفاواتً ب الب ر بسب مو ٍ َّ فهو هللال هللا عليت و لم
يؤدأ إىل اختال ٍ يف لون ،واحختال يف األنسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب واألجنــاس ،واأللوان ح ِ أو وراثـ ٍـة ،أو ٍ
مكة من َّ فالكل أمام هللا ـ ـ ـ ــوآ ـ ـ ـ ــيا ،وعندما طل أش ـ ـ ـ ـرا
ُّ احلقوق ،والواجبات أو العبادات
حض ح ضـ ـ ـ ـعفاءَّ ، ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم أن جيعل يم جملسـ ـ ـ ـاً ري جملس العبيد وال ُّ
أن يع النَّاس متسـ ــاوون يف الر ـ ــول هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم َّ
وإَيهم جملس واحد ب َّ َّ يضـ ـ َّـمهم َّ
تلقي الوحي ،وايداية. ِ
وم ْن يعتربو،م ـ ــعفاء مكة ،و ـ ــاداهتا يف ذلك الوقت أن جيلسـ ـ ـوا مع العبيد ،ش ورفض كفَّار َّ
أذحَّء من أتباي َّ ٍ
كهللاـ ـِ ْرب نشـ ْف شسـ ـ ش
﴿وا ْحممد هللا ــل هللا عليت و ــلم ،فنايل القرآن الكر بقولت تعاىل ش
احلشيشاةِ ُّ
الدنْـيشا اك شعْنـه ْم ت ِريد ِزينشةش ْ ين يش ْدعو شن شرَّهب ْم ِابلْ ش شداةِ شوالْ شع ِ ِي ي ِريدو شن شو ْج شهت شوحش تشـ ْعد شعْيـنش ش َّ ِ
شم شع الذ ش
ِ ِ
﴿وحش شوحش تط ْع شم ْن أش ْ شف ْلشنا قشـ ْلشبت شع ْن ذ ْك ِرشان شواتـَّبش شع شه شواه شوشكا شن أ ْشمره فـرطًا ﴾[الكوف ،]28 :وقولت تعاىل ش
ك ِم ْن ِح شسـاهبِِ ْم ِم ْن ششـ ْي ٍء شوشما ِم ْن ِ
ين يش ْدعو شن شرَّهب ْم ِابلْ ش شداة شوالْ شع ِ ـ ِي ي ِريدو شن شو ْج شهت شما شعلشْي ش
ِ َّ ِ
تشطْرد الذ ش
ض لِيشـقولوا ض ـ ـه ْم بِبشـ ْع ٍ ِ ِ َّ ِ ِ ٍ ِحس ـ ـابِ ش ِ ِ
ك فشـتشـنَّا بشـ ْع ش
*وشك شذل شك شعلشْيه ْم م ْن شش ـ ـ ْيء فشـتشطْرشده ْم فشـتشكو شن م شن الظالم ش ش ش
اَّلل علشي ِهم ِمن بـينِنشا أشلشيس َّ ِ ِ ِ ِ
َّب هللال هللا إن الن َّ ين﴾[األنعام 52 :ـ ـ ـ ـ ،]53بل َّ اَّلل أب ْشعلش شم ابل َّاك ِر ش أ ششهؤحشء شم َّن َّ ش ْ ْ ْ شْ ْ ش
مكتوم األعم ،من الً مبلاورة بعض األشرا عاتبت هللا عليت و لم ل ـ ـ ـ َّـما أعرض عن ابن ِأم ٍ
يك لش شعلَّت يشـَّايَّك *أ ْشو *وشما ي ْد ِر ش س شوتشـ شوَّىل *أش ْن شجاءشه األ ْشع شم ش أشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـد العتاب ،كما يف ا َيت ش
﴿عبش ش
ِ
ك أشحَّ يشـَّايَّك * شوأ َّشما شم ْن شجاءش شك *وشما شعلشْي شص َّد ش ت لشت تش شيش َّذ َّكر فشـتشـْنـ شف شعت الذ ْكشر * أ َّشما شم ِن ا ْ تشـ ْ شىن *فشأشنْ ش
ِ َّ ِ
كره ﴾ [عبس1 :ـ.]12
ت شعْنت تشـلش َّه * شكالَّ إ،شا تشذْكشرة *فش شم ْن ششاءش ذش ش ش *وه شو شخيْ ش *فشأشنْ ش يش ْس شع ش
271
ـالمي ،وتوحيده،
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم يف ربطت ااتمع ال ـ َّ وكان من أكرب أ ــالي الن ِ
وتقويتت لل بهة الدَّاخلية ،وجعلها قويَّة البنيان متما ــكةً ما دعا إليت هللا ــل هللا عليت و ــلم من
القوأ الضَّعيف ،وليعطف ال ُّ عل الفقري، اَّعنوأ ب اَّسلم ليع منهم ُّ التَّكافل ِ
اَّاد ِأ و ِ
ـالمي
ف ال ـ ِ صـ ِ
و ي ك هللاــل هللا عليت و ــلم ث رًة واحد ًة تنفذ منها احلرب النفسـيَّة إىل هذا ال َّ
كل اجلهود واخلطا الَّيت بذيا األول ،وأهللا ــبلت اجلماعة األوىل هللا ــهرةً عظيمةً حتطَّمت عليها ُّ
َّ
مكة للقضاء عل الدَّعوة(.)1 زعماء َّ
الصحابة:
سادساً :أثر القرآن الكرمي يف رفع معنوايت َّ
كان للقرآن الكر أثر عظيم يف ش ـ ـ ِـد أزر اَّؤمن من جان ٍ ،وتوعُّده الكفار ابلعذاب من
جان ٍ آخر ،اَّا كان لت وقع القنابل عل نفو ـ ــهم ،وقد كان دفاي القرآن الكر عن ال َّ
صـ ـ ـلابة
يتمثَّل يف نقطت
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم عل رعايتهم ،وحســن جمالســتهم ،وا ــتقبايم، األوىلُّ :
حث َّ
ومعاتبتت عل بعض اَّواقف الَّيت ترك فيها بعض َّ
الصلابة حن الت أبمر الدَّعوة أيضاً.
الثاني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة :التَّهفيف عن ال َّ
صـ ـ ـلابة ،بض ـ ــرب األمثلة والقص ـ ــص يم ،من األمم ال َّسـ ـ ـابقة،
وأنبيائها ،وكيف حقوا ِم ْن قومهم األذ والعذاب ليص ــربوا ،ويس ـ ُّ
ـتهفوا مبا يالقون ،وأيض ـاً مبد
بعض تص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـرفاهتم ،مثَّ بوعدهم ابلثَّواب ،والنَّعيم اَّقيم يف اجلنَّة ،وكذلك ابلتَّنديد أبعدائهم الَّذين
كانوا يذيقو،م األ واألذ (.)2
أما النُّقطـة األوىل حينما كان النَّب هللال هللا عليت و لم جيلس يف اَّس د مع اَّستضعف
وعمار ،وابن فكيهة يس ـ ـ ـ ــار موىل هللا ـ ـ ـ ــفوان بن أميَّة ،وهللا ـ ـ ـ ــهي ،
من أهللا ـ ـ ـ ــلابت مثل خبَّابَّ ،
لبعض هؤحء أهللالابت كما ترون ،مثَّ يقولون وأشباههم ،فكانت قريش هتايأ هبم ،ويقول بعضهم ٍ
حممد خرياً ما بقنا هؤحء إليت، احلق ،لو كان ما جاء بت َّ من هللا عليهم من بيننا ابيد و ِأهؤحء َّ
خصهم هللا بت دوننا(.)3
وما َّ
صـرب عل وب َّ -ــبلانت -فضــل التَّم ُّسـك بعبادتت بر م األذ ،والتعذي ،وب َّ جاياء ال َّ
اج ًدا شوقشائِ ًما شْ شذر اْ خرشة شويشـ ْرجو شر ْحشةش شربِِت ق ْل آانء اللَّي ِل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ِ
ذلك ،قال تعاىل ﴿أ َّشم ْن ه شو قشانت ش ْ ش
اب * ق ْل شَي ِعبش ِاد الَّ ِذي شن شآمنواشهل يس ـ ـ ـتش ِوأ الَّ ِذين يـ ْعلشمو شن والَّ ِذين حش يـ ْعلشمو شن إَِّجشا يـتش شذ َّكر أولو األشلْب ِ
ش ش ش ش ش شش ْ شْ
شجشره ْم بِ ش ِْري اَّللِ شوا ِ شعة إَِّجشا يـ شو َّ َّ
الصابِرو شن أ ْ الدنْـيشا شح شسنشة شوأ ْشرض َّ شح شسنوا ِيف شه ِذهِ ُّ ِِ
اتـَّقوا شربَّك ْم للَّذ ش
ين أ ْ
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن كثري (.)4/2
275
[الزمر. ]10 - 9 : ِحس ٍ
اب ﴾ ش
صـ ـ ـ ـ ـ ـنهم ـ ـ ـ ـ ـ َّـد احلربصـ ـ ـ ـ ـ ـلابة ،ويدافع عنهم ،و ِ وهكذا كان القرآن الكر ِ
خيفف عن ال َّ
صـ ـلابة بفض ــل اَّنهت النَّفسـ ـيَّة ،وبذلك تؤثِر تلك احلمالت ،وو ــائل التَّعذي عل قلوب ال َّ
الر ول هللال كل أ الي اَّ رك يف حماربة َّ القرآين ،واأل الي النَّبويَّة احلكيمة ،فلقد حتطَّمت ُّ ِ
األول.
الرعيل َّ السليم الَّذأ تش ش َّربت َّ
الصليلة ،واَّنهت َّ هللا عليت و لم وأهللالابت أمام العقيدة َّ
اجتمع اَّ ــركون يوماً ،فقالوا انظروا أعلمكم ابل ِس ـلر ،والكهان ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ،وال ِ ـعر ،فليأت هذا
الرجل الَّذأ َّفرق اعتنا ،وشتَّت أمران ،وعاب ديننا فليكلِمت ،ولينظر ماذا يـ ـ ـ ُّ
ـرد عليت ؟ فقالوا َّ
ما نعلـ ـ ـ ــم أحداً ري عتب ـ ـ ـ ـةش بن ربيعة ،فقالوا أنت َي أاب الوليد! فأاته عتبة ،فقال َي حممد! أنت
خري أم عبد اَّطل ؟ فسـ ـ ــكت ر ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم .قال فَن كنت تايعم َّ
أن
حضهؤحء خري منــك فقــد عبــدوا احيــة الَّيت عبــت ،وإن كنــت تايعم أنـَّك خري منهم ،فتكلَّم َّ
قا أشأم عل قومك منك! َّفرقت اعتنا ،وشتَّت أمران، نسمع قولكَّ ،إان وهللا ما رأينا ش ْهلشةً ُّ
أن يف قريش أن يف قريش ـ ـ ـ ـ ـ ــاحراً ،و َّ حض لقد طار فيهم َّ وعبت ديننا ،وفض ـ ـ ـ ـ ـ ــلتنا يف العرب َّ
حض نتفاَّن.
َّ بعض ابلسيُّو كاهناً ،وهللا ما ننتظر إح مثل هللايلة احلبل ! أن يقوم بعضنا إىل ٍ
حض تكون أ ىن قريش رجالً، الرجل! إن كان َّإجا بك احلاجة عنا لك من أموالنا َّ أيُّها َّ
فلنايوجك ع راً .فقال ر ول هللا هللال أأ نس ـ ـ ــاء قريش شئت ِ وإن كان َّإج ـ ـ ــا بك الباءة فاخ َّ
هللا عليت و لم «فر ت؟» ق ــال نعم ! فقال ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ﴿حم *تشـْن ِاييل
ت آَيتت قرآانً شعشربِيًّا لِشق ْوٍم يشـ ْعلشمو شن ﴾ [فصـ ـ ـ ــلت ]3 - 1 :إىل أن بل الرِحي ِم *كِتشاب ف ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـلش ْ ان َّالر ْح ِ ِ
م شن َّ ش
ود ﴾ [فصلت ،]13 :فقال عتبة حسبك! اع شقةً ِمثْل ِ ِ ٍ ﴿فشَِ ْن أ ْشعر وا فشـقل أشنْ شذرتكم هللا ِ
هللااع شقة شعاد شوشش ش ش ش ْ ْ ْ ش ش
يش ،فقالوا ما وراءك؟ قال ما تركت ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاً أر ما عندك ري هذا؟ قال «ح» فرجع إىل قر ٍ
أنَّكم تكلِمونت إح كلَّمتت ،قالوا فهل أجابك؟ فقال نعم [ابن هشـ ـ ـ ـ ــام ( )314 - 313/1والبيوقي يف الكرب
276
(. )1(])204 - 203/2
ويف رواي ـ ــة ابن إ لاق فل ـ ـ َّـما جلس إليهم قالوا ما وراءك َي أاب الوليد ؟! قال ورائي أين
قا ! وهللا ما هو ابل ـ ـ ـ ـ ــعر ! وح ابل ِسـ ـ ـ ـ ـ ـلر ،وح ابلكهانةَ ..ي مسعت قوحً وهللا ما مسعت مثلت ُّ
مع ر قريش! أطيعوين ،واجعلوها يب ،وخلُّوا ب هذا َّ
الرجل وب ما هو فيـ ـ ـ ــت ،فاعتايلـ ـ ـ ــوه ،فوهللا
صْب ــت العرب فقد كفيتموه ب ريكم ،وإن يشظْ شه ــر ليكونَّن لقول ــت الَّذأ مسعت منت نبأ عظيم ،فَن ت ِ
ـعد النَّاس بت ،قالوا ش ـ ـ ـ ـ شلشرك وهللا َي أاب وعايه ُّ
عايكم ،وكنتم أ ـ ـ ـ ـ ش عل العرب ،فملكت م ْلككم ُّ ،
الوليد بلسانت؟ قال هذا رأيي فيت فاهللانعوا ما بدا لكم(.)2
دروس ،وعربٌ ،وفوائد:
ٌ
كة جانبيَّ ٍة حول أفض ـ ــليتت عل أبيت،
الر ـ ــول هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يف معر ٍ
- 1يدخل َّ
ض شي األمر دون أن يسمع عتبة شيئاً. وجده ،أو أفضليتهما عليت ،ولو فعل ذلك لق ِ ِ
َّهصي
ِ خيض هللال هللا عليت و لم معركة جانبيَّةً حول العروض اَّ رية ،و ضبت ال
ْ -2
يذا ِ
احهتام َّإجا ترك ذلك كلت يد ٍ أبعد ،وترك عتبة يعرض َّ
كل ما عنده ،وبل من أدبت هللاــل
هللا عليت و لم أن قال «أفر ت َي أاب الوليد؟!» فقال نعم(.)3
وإن اختياره يذه ا َيت لدليل - 3كان جواب ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم حامساًَّ ،
أن هذا القرآن تناييل من عل حكمتت ،وقد تناولت ا َيت الكرمية قض ـ ـ ـ ــاَي رئيس ـ ـ ـ ــيةً كان منها َّ
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم ،وأنَّت ب ــر، مهمة َّ
هللا ،وبيان موقف الكافرين ،وإعرا ــهم ،وبيان َّ
أن اخلالق واحد هو هللا ،وأنَّت خالق ال َّس ـ ـ ـموات واألرض ،وبيان تكذي األمم ال َّس ـ ـ ـابقة، وبيان َّ
عاد ،وشود(.)4 يش هللااعقةً مثل هللااعقة ٍ وما أهللااهبا ،وإنذار قر ٍ
- 4خطورة اَّال ،واجلاه ،والنِسـ ـ ـ ــاء عل الدُّعاة ،فكم من الدُّعاة ـ ـ ـ ــقا يف الطَّريق حتت
ليكفوا عن دعوهتم! والذين ثبتوا أمام بريق اَّال! وكم ع ِر ـ ـ ـ ــت احح من األموال عل الدُّعاة ُّ
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم ،وخطورة اجلاه وا ــلة َّ
ألن ال َّ ـ ـيطان يف إ راء اَّال هم اَّقتدون ابلن ِ
يش يف عدم حصــويم وهذه الوفود ،واَّفاو ــات تبِ مد الف ــل الَّذأ أهللاــاب زعماء قر ٍ
ـيء منعل التَّنازل الكلِ ِي عن ال ـ ــالم ،األمر الَّذأ جعلها تل أ إىل طل احلص ـ ــول عل ش ـ ـ ٍ
أن التنــازل الَّـذأ طلبوه يف اَّرة األوىل أكرب اـَّا طلبوه يف اَّرة الثــانيــة ،وهــذا التَّنــازل ،ويالحم َّ
تدرجهم يف التَّنازل من األكرب إىل األهللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ر لعلَّهم جيدون اذاانً هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــا يةً لد قائد
يدل عل ُّ ُّ
الر ـ ــول هللا ـ ـل هللا الدَّعوة ،كما َّأ،م كانوا ي ِريون األش ــهاص اَّتفاو ـ ـ ،فالَّذين تفاو ـ ـوا مع َّ
اَّرة الثَّانية ،ما خال الوليد بن اَّ رية اَّرة األوىل ،ري الَّذين تفاو ـ ـ ـ ـ ـوا معت يف َّعليت و ـ ـ ـ ــلم يف َّ
تتكرر الوجوه ،ويف الوقـت ذاتـت تنويع الكفـاءات ،والعقول اَّفـاو ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ،فرَّمبـا أثَّر حض ح َّوذلـك َّ
ذلك يف نظرهم بعض ال َّ ـ ـيء ،ويف هذا درس للدَّعاة إىل يوم القيامة ،أح تنازل عن ال ـ ــالم -
ولو كان هذا التنازل شيئاً يسرياً -فال الم دعوة رَّابنيَّة ،وح جمال فيها للمساومة إطالقاً ،مهما
كــانــت األ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبــاب ،والـ َّـدوافع ،واَّربرات« ،وعل الـ ُّـدعــاة اليوم احلــذر من مثــل هــذه العروض،
اَّاديَّة ،الَّيت قد ح تعرض بطر ٍيق مباش ـ ـ ٍر ،فقد أتخذ ش ـ ــكالً ري مباش ـ ـ ٍر ،يف ش ـ ــكل وال راءات ِ
هطا لت اَّؤ َّ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ــات مرحبة ،وهذا ما ِ
ـفقات داريٍَّة ٍ عمل جماي ٍية ،أو هللا ـ ـ ـ ٍ
وظائف عليا ،أو عقود ٍ
هللا ـ ـ ـ ـ ٍة القياديون منهم ،وهناك تعاون اتم يف العاَّيَّة اَّ ـ ـ ـ ــبوهة لصـ ـ ـ ــر الدُّعاة عن دعوهتم ،و ا َّ
ـلة دعوتت، َّب هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم قد أقام احل ت ،والرباه ،واألدلَّة عل هللا ـ ـ ـ َّ
كان الن ُّ
ويتصد ِ
للرد َّ وكان هللال هللا عليت و لم يتق ـ ـ ــن اختيار األوقات ،وانتهاز الفرص واَّنا ب ـ ـ ــات،
عل ال ُّ ـبهات مهما كان نوعها ،وقد ا ــتهدم يف جمادلتت مع الكفار أ ــالي كثريًة ،ا ــتنبطها
( )1يف ِ
السرية النَّبويَّة ـ قراءة جلوان احلذر واحلماية ،ص .89
( )2انظر يف ِ
السرية النَّبويَّة ـ قراءة جلوان احلذر واحلماية ،ص .89
( )3اَّصدر السابق نفست ،ص .91
282
من كت ـ ــاب هللا تعاىل يف إقامة احل َّ ة العقليَّ ـ ــة ،وا تهدام األقيسة اَّنطقيَّة ،وا تلضار التَّفكري،
التأمل ،ومن األ الي الَّيت ا تهدمها هللال هللا عليت و لم مع كفَّار َّ
مكة و ُّ
- 1أ لوب اَّقارنة
وذلك بعرض أمرين أحدلا هو اخلري اَّطلوب ال َّ ي فيت ،وا خر هو ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـُّر اَّطلوب
ال َّ هي منت ،وذلك اب ـ ـ ـ ـ ـ ــتثارة العقل ُّ
للتفكر يف كال األمرين ،وعاقبتهما ،مثَّ الوهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــول -بعد
اَّقارنة -إىل تفضيل اخلري ،واتِباعت.
شحيشـْيـنشـاه شو شج شع ْلنشـا لشـت ن ًورا ميشْ ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي بِـ ِت ِيف النـ ِ
َّاس شك شم ْن شمثشـلـت ِيف قـال تعـاىل ﴿أ ششوشم ْن شكـا شن شمْيـتًـا فشـأ ْ
ات لشيس ِ ارًٍِ ِمْنـها شك شذلِ ِ ِ ِ
ن ﴾ [األنعام. ]122 : ين شما شكانوا يشـ ْع شملو ش ك زي شن ل ْل شكاف ِر ش ش ش الظُّل شم ِ ْ ش ش
قال ابن كثري يف تفس ـ ـ ـ ـ ـ ــريه «هذا مثل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـربت هللا تعاىل للمؤمن الَّذأ كان ميتاً أأ يف
الضاللة هالكاً حائراً ،فأحياه هللا أأ أحيا قلبت ابلميان وهداه لت ،ووفَّقت حتِباي ر لت»(.)1
- 2أ لوب التَّقرير
وهو أ ـ ـ ـ ـ ـ ــلوب يؤول ابَّرء بعد اَّاكمة العقليَّة إىل القرار ابَّطلوب ،الَّذأ هو مض ـ ـ ـ ـ ـ ــمون
اخلالِقو شن *أشم خلشقوا َّ ِ ٍ ِ ِ
ض بش ْلالس شم شاوات شواألشْر ش ْ ش الدَّعوة ،قال تعاىل ﴿أ ْشم خلقوا م ْن ش ِْري شش ْيء أ ْشم هم ْش
يطرو شن *أ ْشم شي ْم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلَّم يش ْس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتش ِمعو شن فِ ِيت فشـ ْليشأْ ِت ك أشم هم الْمس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ْ
ِ ِ ِ
حش يوقنو شن *أ ْشم عْن شده ْم شخشايائن شربِ ش ْ
شجًرا فشـه ْم ِم ْن شم ْشرٍم مثْـ شقلو شن *أ ْشم ٍ ِ
م ْس ـتشمعه ْم بِس ـ ْلطشان مبِ ٍ *أ ْشم لشت الْبشـنشات شولشك ْم الْبشـنو شن *أ ْشم تش ْس ـأشي ْم أ ْ
ِعْنـ شدهم الْ شيـ فشـهم ي ْكتـبو شن *أشم ي ِريــدو شن شكيـ ًدا فشـالَّـ ِذين شك شفروا هم الْم ِكيــدو شن *أشم شيم إِلشـت شري َِّ
اَّلل ْ ْ ْ ش ش ْ ْ ْش ْ
الس شم ِاء ش اقِطًا يشـقولوا ش شلاب شم ْركوم *فش شذ ْره ْم شح َّض *وإِ ْن يشـشرْوا كِ ْس ًفا ِم شن َّ بلا شن َِّ
اَّلل شع َّما ي ْ ِركو شن ش ْش
ِ ِِ
ن ﴾ [الطور. ]45 - 35 : ص شعقو ش يالشقوا يشـ ْوشمهم الَّذأ فيت ي ْ
الربوبية ،وتوحيد األلوهيَّة ،فقال تعاىل أأ قال ابن كثري يف تفسريه «هذا اَّقام يف إثبات ُّ
وجد؟ أم ﴿أ ْشم خلِقوا ِم ْن ش ِْري شش ـ ـ ْي ٍء أ ْشم هم ْ
اخلشالِقو شن ﴾ ْأو شجدوا أنفسـ ــهم؟ أأ أشوِجدوا من ري م ٍ
ح هذا ،وح هذا بل هللا هو الَّذأ خلقهم ،وأن أهم بعد أن يكونوا شيئاً مذكوراً»(.)2
َّكرب والتَّفاخر.
لف الت ُّ
الص ش
(َّ )3
السابقة من هذا الكتاب.
َّ ( )4انظر مقومات الدَّاعية النَّاج ،د .علي ابدحد ،ص 59إىل ، 69واأل الي
284
ض شوشم ـا بشـْيـنشـه شم ـا إِ ْن كْنـت ْم موقِنِ ش * قشـ شال لِ شم ْن شح ْولشـت أشحش
ات شواأل ْشر ِ ب ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـاو ِ
ش ش الْ شع ـالش ِم ش * قشـ شال شر ُّ
ب آابئكم األ َّشولِ ش * قش شال إِ َّن شر ـ ـ ـولشكم الَّ ِذأ أ ْرِ ـ ـ ـ شل إِلشْيك ْم لش شم ْ نون * تش ْس ـ ـ ـتش ِمعو شن * قش شال شربُّك ْم شوشر ُّ
ِ ِ ب الْم ْ ـ ـ ـ ِرِق والْم ْ ِر ِ
َّك ت إِ شيًا ش ِْريأ أل ْ
شج شعلشن ش ب شوشما بشـْيـنشـه شما إِ ْن كْنـت ْم تشـ ْعقلو شن * قش شال لشئ ِن َّاهش ْذ ش ش ش قش شال شر ُّ ش
ِمن الْمس ونِ ش ﴾[الشعراء.]29 - 23 :
ش شْ
الركياية ،يف جمادلة ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت وهكذا كانت األ ـ ــالي القرآنيَّة الكرمية ،هي َّ
الر ول هللال هللا عليت و لم ،و يكونوا عل و لم للم رك ،ولـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما احتار اَّ ركون يف أمر َّ
وإجا عناداً وكفراً ،كما قال يكذبونتَّ ، أل،م ِ ـتعداد يف تصـ ــديقت أنَّت ر ـ ــول من عند هللا ،ليس َّ ا ــ ٍ
ك شولش ِك َّن الظَّـالِ ِم ش ِرَيت َّ
اَّللِ ِ ِ
ك الَّـذأ يشـقولو شن فشـَِ َّْ ،م حش ي شك ـذبونشـ ش
تعــاىل ﴿قشـ ْد نشـ ْعلشم إِنـَّت لشيش ْلاين ـ ش
الر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم اَّعو ًُّ إىل أن يطلبوا من َّ شْجي شلدو شن ﴾ [األنعام ،]33 :هداهم تفكريهم ش
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ولكن ر ـ ــهم منها مطال ليس ال رض منها التَّأكد من هللا ـ ــدق الن ِ
الر ول هللال هللا عليت و لم التعنُّت والتَّع ياي ،وهذا ما طلبوه من َّ
- 1أن يف ر يم من األرض ينبوعاً أأ جيرأ يم اَّاء عيوانً جاريةً.
- 2أو تكون لت جنَّة من َنيل وعن ٍ يف ِ ر األ،ار خاليا تف رياً أأ تكون لت حديقة
فيها النَّهل والعن ،واأل،ار تـ شف َّ ر بداخلها.
السماء قطعاً كما يكون يوم القيامة.
السماء كسفاً عليهم أأ يسقا َّ
- 3أو يسقا َّ
- 4أو رل ابهلل واَّالئكة قبيالً.
- 5أو يكون لت بيت من ز ْخر ٍ أأ ذه .
- 8طلبوا من ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم أن يدعو يم ،في شس ـ ـِري يم اجلبال ،ويقطع
( )1انظر ِ
اَّعوقون للدَّعوة ال الميَّة ،د .مسرية حممد ،ص .172 ، 171
285
األرض ،ويبعث من مض من اابئهم من اَّوت (.)1
إن عملية طل اخلوارق واَّع ايات ،هي خ طَّة متَّبعة عل مد اتري الب ـ ـ ـ ـ ـ ــريَّة الطَّويل، َّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم عل إميان قومت ،وتفانيت يف ذلك ،إح أنَّت رفض طلبهم وبر م حرص الن ِ
هذا ألنَّت علم من آَيت القرآن َّأ،م إن يؤمنوا بعد إجابتهم َّا طلبوا ع ِذبوا عذاابً شـ ـ ـ ـ ــديداً،
وكانت إجابتت هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم «ما هبذا بعثت إليكمَّ ،إجا جئتكم من هللا مبا بعث بت،
علي
تردوه َّ وقد بلَّ تكم ما أر ـ ـ ـ ـ ــلت بت إليكم ،فَن تقبلوه فهو حظُّكم يف الدُّنيا وا خرة ،وإن ُّ
أهللارب ألمر هللا تعاىل حض كم هللا بي وبينكم» [سبق خترجيه](.)2
طمع فيت من وانص ــر ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم إىل أهلت حاييناً أش ِ ـ ـفاً َّا فاتت ،اَّا ِ
قومت ح دعوه ،ولـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما رأ من مباعدهتم َّإَيه( ،)3وقد ذكر هللا بلانت وتعاىل هذه التعنُّتات،
وعا * أ ْشو تشكو شن ض يشنب ً ك شح َّض تشـ ْف شر لششنا ِم شن األ ْشر ِ ﴿وشقالواْ لشن نـ ُّْؤِم شن شل شالرد عليها يف قولت تعاىل ش و َّ
ت شعلشْيـنشا ا ال َّسـ ـ ـ شماء شك شما شز شع ْم ش ك شجنَّة ِمن ََِّن ٍيل شو ِعنش ٍ فشـتـ شف ِ شر األ ْش،ش شار ِخال شيشا تشـ ْف ِ ًريا * أ ْشو ت ْس ـ ـ ِق ش لش ش
ك بشـْيت ِم ْن ز ْخر ٍ أشْو تشـ ْرقش ِيف ال َّس ـ ـ ـ شم ِاء شولش ْن ِ
كِ شس ـ ـ ـ ًفا أ ْشو شأتِْلش ِابَّلل شوالْ شمآلئِ شك ِة قشبِيالً * أ ْشو يشكو شن لش ش
ِ ِِ
*وشما شمنش شع ِ
ك شح َّض تـنشـ ِايشل شعلشْيـنشا كتش ًااب نشـ ْقشرأه ق ْل ـ ـ ـْب شلا شن شرِيب شه ْل كْنت إحَّ بش ش ـ ـ ـًرا شر ـ ـ ـوحً ش نـ ْؤِم شن لرقيِ ش
ض اَّلل بش ش ـ ـ ـ ـ ـًرا شر ـ ـ ـ ـ ـوحً *ق ْل لش ْو شكا شن ِيف األ ْشر ِث َّ َّاس أش ْن يـ ْؤِمنوا إِ ْذ شجاءشهم ا ْي شد إِحَّ أش ْن قشالوا أشبشـ شع ش الن ش
مالشئِ شكة ميشْ و شن مطْمئِنِ لشنـَّايلْنا علشي ِهم ِمن َّ ِ
يدا بشـْي ِ شوبشـْيـنشك ْم الس شماء شملش ًكا شر وحً *ق ْل شك شف ِاب ََّّللِ شش ِه ً ش ش ش ش شْ ْ ش ش
صريا ﴾ [اإلسراء.]96 - 90 : ِِ ِِ ِ ِ ِ
إنَّت شكا شن بعبشاده شخب ًريا بش ً
ت بِِت األ ْشرض أ ْشو كلِ شم بِِت الْ شم ْوتش ِ
اجلبشال أ ْشو قط شع ْ
ت بِِت ِْ شن قرآانً ـِ شري ْ ﴿ولش ْو أ َّ
ونايل قولت ـبلانت ش
َّ ِ اَّلل شي شد الن ِ بل ََِّّللِ األشمر شِ يعا أشفشـلشم يـيأ َّ ِ
ين
َّاس ش ًيعا شوحش يشـشايال الذ ش ش ين شآمنوا أش ْن لش ْو يش ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاء َّ ش شس الذ ش ْ ً ْ شْ ْ شْ
اَّللش حش خيْلِف هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنشـعوا قشا ِر شعة أ ْشو شحت ُّل قش ِريبًا ِم ْن شدا ِرِه ْم شح َّض شرِْلش شو ْعد َّ
اَّللِ إِ َّن َّ ِ ِ
شك شفروا تص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيبـه ْم مبشا ش
اد ﴾[الرعد.]31 : ِ
الْم شيع ش
إن احلكمة يف َّأ،م جيابوا َّا طلبوا َّأ،م يس ـ ـ ـ ــألوا مسـ ـ ـ ـ ـ ش ـ ـ ـ ــدين وج ِادينَّ ،
وإجا ـ ـ ـ ــألوا َّ
احلق ـ ـ ـ ـ ــبلانت َّأ،م لو عاينوا ،وش ـ ـ ـ ــاهدوا ما طلبواَّ ،ا امنوا، متعنِت ،ومس ـ ـ ـ ــتهايئ ،وقد علم ُّ
حتدَّث القرآن الكر عن ب إ ـرائيل طويالً يف ــوٍر كثريةٍ ،بل ت طس ـ ــورةً يف اَّرحلة
اَّكيَّة ،ويف اَّرحلة اَّدنيَّة كان دور اليهود كبرياً يف حماولة إطفاء نور هللا ،والقضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء عل دعوة ِ
م ِملَّة من اَّلل ،وح قوم من ال ـ ـ ــالم ،وعل حياة ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ،و حت ش
األقوام ابحلديث عنهم مبثل هذا ال ُّ ـ ـ ـ ـ ـ ـمول ،وهذه التَّفصـ ـ ـ ـ ـ ــيالت ،ما حظي بت اليهود ،وحديث
مرت هبا دعوة ال ـ ــالم ،فقد دقيق يتنا ـ ـ مع اَّراحل الدَّعوية الَّيت َّ مبنهت ٍ القرآن عنهم يتَّس ـ ــم ٍ
احلق ،الَّذأ جاء بت ر ــول هللا هللاــل هللا أن فلة اَّ ــرك عن ِ جاءت ا َيت الكرمية ت ــري إىل َّ
وشود ،وفرعون، عادٍ ، عليت و ــلم ،وعدم اك اثهم بت ،وبدعوتت لت جاذً ب ـ ـريَّة تقدَّمتهم مثل ٍ
الرس(.)2
وب إ رائيل ،وقوم تـبَّ ٍع ،وأهللالاب َّ
اَّايمل -وهي ال ُّس ـ ـ ـورة الثَّالثة يف ترتي اقرأ معي تلك الش ـ ـ ــارات ،يف قولت تعاىل يف ـ ـ ــورة َّ
ص ـ فِْر شع ْون ِ ِ
النُّايول ﴿إِ َّان أ ْشر ش ـ ْلنشا إِلشْيك ْم شر ـ ًوح شش ـاه ًدا شعلشْيك ْم شك شما أ ْشر ش ـ ْلنشا إِ شىل ف ْر شع ْو شن شر ـ ًوح فشـ شع ش
()3
ف تشـتـَّقو شن إِ ْن شك شف ْر ْذ يشـ ْوًما شْجي شعل الْ ِولْ شدا شن ِشـ ـيبًا *ال َّسـ ـ شماء مْنـ شف ِطر
شخ ًذا شوبِيالً *فش شكْي ش
شخ ْذ شانه أ ْ
ول فشأ ش
الر ـ ـ ش
َّ
ذ إِ شىل ربِ ِت بِيالً ﴾ [املزمل. ]19 - 15 : َّ ِ ِِ ِ ِِ
بت شكا شن شو ْعده شم ْفعوحً *إ َّن شهذه تشذْكشرة فش شم ْن ششاءش اهش ش ش ش
وكذلك ما ورد يف ـ ـ ـ ـ ــورة األعل ،وهي ال ُّسـ ـ ـ ـ ـ ـورة الثَّامنة يف ترتي النُّايول ،فبعد أن ذكرت
جل جاللت ،وما أ ـ ـ ـ ــب بت من النِعم الدُّنيويَّة وا خرويَّة عل عباده، بعض ال ِ
ص ـ ـ ـ ـفات اجلليلة هلل َّ
السورة بقولت تعاىل ﴿إِ َّن شه شذا لشِفي
أن ا خرة خري وأبق ،ختمت ُّ وذكر طريق الفال يف الدُّنيا و َّ
﴾ [األعلى. ]19 - 18 : ِ ِ ِ الصل ِ
وىل *هللالف إبْـشراه شيم شومو ش
ف األ ش ُّ
( )1هللالي ِ
السرية النَّبوية ،ص .90
( )2انظر الوفود يف العهد اَّكي ،ص 40ـ .51
( )3معا قرانيَّة يف ِ
الصراي مع اليهود َّ ،صطف مسلم ،ص .31 ، 30
288
ات الْعِ شم ِاد *الَِّيت شْ خيْلش ْق ِمثْـل شها ِيف
ك بِع ٍاد *إِرم ذش ِ
ف فشـ شع شل شربُّ ش ش ش ش ويف ـ ـ ـ ـ ـ ــورة الف ر ﴿أششْ تشـشر شكْي ش
ين طش ش ْوا ِيف الْبِالش ِد *فشأش ْكثشـروا ِ َّ ِ ِ صـ ـ ـ ـهر ِابلْو ِاد ِ الْبِالش ِد * وشش َّ ِ
*وف ْر شع ْو شن ذأ األ ْشو شاتد *الذ ش ين شجابوا ال َّ ْ ش ش ش ود الذ ش
ش ش
اد ﴾ [الفجر. ]14 - 6 : اب *إِ َّن ربَّك لشبِالْ ِمرهللا ِ
ك و شط شع شذ ٍ ِ ِ
ْش ش ش ص َّ شعلشْيه ْم شربُّ ش ش ْ
ف شيها الْ شف شس شاد *فش ش
تعر ت للفتنة ،واح طهاد ،فمنهموجاء يف ورة النَّ م ِذ ْكر ب إ رائيل ،كنماذً ب ريَّة َّ
من احنر و قا يف هذا احبتالء ،ومنهم من هللامد ،وُ يف احبتالء.
ك شمْبـلش ه ْم ِم شن ِ ض شعن َّم ْن تشـ شوَّىل شع ْن ِذ ْك ِرشان شوشْ ي ِرْد إِحَّ ْ
احلشيشا شة ُّ
الدنْـيشا * شذل ش قال هللا تعاىل ﴿فشأ ْشع ِر ْ
ين أش ش ـ ـ ـ ـاءوا ِمبشا الْعِْل ِم إِ َّن ربَّك هو أشعلشم ِمبن ـ ـ ـ ـ َّل عن ـ ـ ـ ـبِيلِ ِت وهو أشعلشم ِمب ِن اهت شد * لِي ِاي َّ ِ
أ الذ ش شْ ش ش ش ْ ش ْش ش ش ش ْ شْ ش ش ْ ش
ِ ِ ِ َّ ِ ع ِملوا وشجي ِاي َّ ِ
كش إِحَّ اللَّ شم شم إِ َّن شربَّ ش
ين شْجيتشنبو شن شكبشائشر ا ِل ِْمث شوالْ شف شواح ش ِ
شح شس ـ ـ ـنوا اب ْحل ْس ـ ـ ـ شىن * الذ ش
ين أ ْ
أ الذ ش ش شْ ش
ون أ َّم شهاتِك ْم فشالش تـشايُّكواض وإِ ْذ أشنْـتم أ ِشجنَّة ِيف بط ِ ِ ِ ِ ِ ِ
شوا ـ ـ ـع الْ شم ْفشرةِ ه شو أ ْشعلشم بك ْم إ ْذ أشنْ ش ـ ـ ـأشك ْم م شن األ ْشر ِ ش ْ
شعْن شده ِع ْلم الْ شْي ِ فشـه شو أشنْـف سكم هو أ ْشعلشم ِمبش ِن اتَّـ شق *أشفشـرأشيت الَّ ِذأ تشـوَّىل *وأ ْشعطش قشلِيالً وأش ْك شد *أ ِ
ش ش شْ ش ش ْ ش
ِ ف مو ـ ـ ِ ِ َّ ِ يـر *أ ْشم ش يـنشـبَّأْ ِمبشا ِيف هللا ـ ـل ِ
س*وأش ْن لشْي ش*وإبْـشراه شيم الذأ شو َّ *أشحَّ تش ِاير شوازشرة ِوْزشر أخر ش ش ش ْ شش
ك الْمْنـتشـ شه ﴾ شن إِ شىل شربِ ش
*وأ َّ ان إِحَّ شما ش ـ شع *وأ َّ لِ ِإلنْس ـ ِ
اجلششاياءش األ ْشو ش ش
شن ش ـ ْعيشت ش ـ ْو ش يـشر *مثَّ ْجيشاياه ْ ش
[النجم.]42 - 29 :
مقررة يف هللا ـ ـ ــلف مو ـ ـ ـ ـ -عليت ال َّسـ ـ ـ ـالم -اَّر ـ ـ ــل إىل ب إ ـ ـ ـ ـرائيل، إن تلك اَّبادئ َّ َّ
حممد هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم ،وكذلك يف هللا ـ ـ ـ ــلف
ـك من أمر َّ فلريجعوا إليها إن كانوا يف ش ـ ـ ـ ـ ٍ
ويعظمون شـ ـ ـرائعت الَّيت توارثوها ،كما هو إبراهيم ،وهم «أأ قريش» يايعمون َّأ،م ينتمون إليتِ ،
حايم يف القيام عل دانة الكعبة ،وخدمة احل يت(.)1
ويف ـ ـ ـ ـ ـ ــورة (ص ،ويس ،ومر ،وطت) عرض جاذً من قص ـ ـ ـ ـ ـ ــص األنبياء مع أقوامهم ،وما
أهللا ـ ـ ـ ـ ــاهبم من الفتنة واحبتالء ،وكيف أوذوا فص ـ ـ ـ ـ ــربوا ،وبيان ـ ـ ـ ـ ـنَّة هللا تعاىل يف أولئك ِ
اَّتلايب
شحاي ِ ِ ِ اَّناهض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ لدعوة ِ
اب * شك َّذبش ْ
ت قشـْبـلشه ْم قشـ ْوم نو ٍ شو شعاد ك شم ْهايوم م شن األ ْ ش احلق ﴿جْند شما هنشال ش
ِ ِ
بشحشاياب *إِ ْن كـل إِحَّ شكـ َّذ ش ك األ ْ هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شلـاب األشيْ شكـ ِة أولشئِـ ش ٍ
*وششود وقشـ ْوم لوط شوأش ْشوف ْر شع ْون ذو األ ْشو شاتد ش
*وقشالوا شربـَّنشا شع ِ ْل لشنشا ٍ ِ ِ ِ ِ ِ
*وشما يشـْنظر شهؤحشء إِحَّ ش
هللاـ ـ ـ ـْي شلةً شواح شد ًة شما شيشا م ْن فشـ شواق ش الر ـ ـ ـ ـ شل فش شل َّق ع شقاب ش ُّ
ود شذا األشيْـ ِد إِنـَّت أ َّشواب ﴾ احلِسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ِ ِ َّ
هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـِ ْرب شعلش شمـا يشـقولو شن شواذْك ْر شعْبـ شد شان شداو ش
اب *ا ْ قطنشـا قشـْبـ شل يشـ ْوم ْ ش
َّب هللال هللا عليت و لم مأخوذة من رية هؤحء دحلة تربويٍَّة ألهللالاب الن ِ
َّإ،ا إشارة ذات ٍ
فلق عليهم كلمة العذاب ،وانتص ـ ــر حتايبوا ـ ـ َّـد دعوة ِ
احلق لقد َّ
كذبوا أنبياءهمَّ ، األقوام الَّذين َّ
أهل ِ
احلق عليهم.
وعايهتم يف جمتمعاهتم، يس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم أحد من األنبياء من إيذاء األقوام ،مهما كانت مكانتهمَّ ،
عامة النَّاس ،فما قولك يف داود فلئن كان نو ،وهود ،ومو ـ ـ ـ ،وهللا ـ ــاأ ،ولوط ،وش ـ ــعي من َّ
القوة ،وال ُّس ـ ـ ـلطة ،واَّلك ،الَّذأ كانت مع اياتت ابرزة للعيان من تس ـ ـ ــبي اجلبال معت، َّ هللا ـ ـ ــاح
دونوا يف كتبهم عن ـماي مايامريه ،وتالوتت؟ ماذا تقول عنت بنو إ ـ ـرائيل؟ وماذا َّ وح ْ ـ ـ ِر الطُّيور لسـ ـ ِ
ش
األواب ،ومثل ذلك ما قالوه عن َّب العابد َّ ــريتت؟ َّإ،م ي كوا نقيص ـةً إح ألصــقوها فيت ،وهو الن ُّ
السالم -وقد أورد القرآن الكر حلها ،ووحدهتا ،واخلوارق الَّيت مر البتول -عليها وعل ابنها َّ
ك ه شو شعلش َّي شهِ شولِنش ْ شعلشت حص ـ ـ ـ ــلت يما حيث جعلها وابنها ايةً للعاَّ ﴿قش شال شك شذلِ ِ
ك قشا شل ربُّ ِ
ش
َّاس شوشر ْحشةً ِمنَّا شوشكا شن أ ْشمًرا شم ْق ِضيًّا ﴾ [مرمي ]21 :فَذا كان هذا شأن ب إ رائيل مع أنبيائهم، آيشةً لِلن ِ
وهم أهل الكتاب وب أيديهم التَّوراة﴿ ،فِ شيها هد ً شونور﴾ ،فال رابة أن تقول قريش عن دعوة
احلق َّالقاة أعدائت يدل عل ـ ـ ـ ـ ـ ــاليا ،وجهلهاَّ ،إ،ا هتيئة للنُّفوس ،وتثبيت يا عل ِ احلق ما ُّ ِ
اَّف ين اَّكـ ِـذب من اَّ ـ ـ ـ ـ ـ ــرك ومن أهــل الكتــاب ،و يكن هــذا موقفهم من األنبيــاء الَّـذين
كذبوهم و يؤمنوا يم بل كانت يم مواقف ريبة م ـ ـ ـ ـ ـ ــينة مع أعظم أنبيائهم الَّذين يفتهرون َّ
بنس ــبتهم إليت ،وهم يايعمون َّأ،م أهل كتابت الَّذأ أنايل عليت ،وحلة ش ـ ـرائعت وهدآَيتت ،إنَّت نبيُّهم
السالم -أعظم أنبياء ب إ رائيل قاطبةً.
-عليت َّ مو
َتردهم عل أوامر وتذكر لنا ـ ـ ـ ـ ــورة (طت) كيف كان احلال معت ،وما عاانه من ـ ـ ـ ـ ــفههم ،و ُّ
اَّتعمد ،فما كاد مو ـ ـ ـ -عليت السـ ـ ــالم -ي ادرهم َّناجاة ربِت ،وقد ترك ب هللا ،وعصـ ـ ــيا،م َّ
ظهرانيهم أخاه هارون ليصل من شأن القوم ،وح يتَّبع بيل اَّفسدين ،إح واتمروا عليت ،و عوا
امرأ ع الً جسداً لت خوار ،فيقوم النَّاس ابلطَّوا بت لعبادتت وليقولوا الس ُّ
زينة القوم ليهرً يم َّ
﴿ه شذا إِ شيك ْم شوإِلشت مو ش فشـنش ِس شي ﴾ [طه ، ]88 :ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما عر احلقيقة ،ا ـتدع كلمتهم الكبرية ش
ال َّس ـ ـ ـامرأ ليسـ ـ ــأل عن الدَّافع لت عل هذا التصـ ـ ـ ُّـر ال َّس ـ ـ ـفيت﴿ ،قش شال بشص ـ ـ ـ ْرت ِمبشا شْ يشـْبص ـ ـ ـروا بِِت
سي ﴾ [طه.]96 : ك َّولشت ِس نشـ ْف ِ ِ ضةً ِم ْن أشثشِر َّ
الر ِ
ول فشـنشـبش ْذهتشا شوشك شذل ش ش ْ ضت قشـْب ش
فشـ شقبش ْ
290
الايي ،والضـَّالل ،والفســاد ،فهل يـ ْؤشمن جانبهم، إن قوماً يصــل هبم ال َّسـفت إىل هذا ِ
احلد من َّ َّ
احلق؟! لقد كان لقصـ ـ ـ ـ ــص ب إ ـ ـ ـ ـ ـرائيل يف هذه اَّرحلة ِ
اَّكيَّة ويتوقَّع منهم اخلري ،أو مناهللا ـ ـ ـ ــرة ِ
اَّتقدمة آاثر بعيدة الدَّحلة يف تكوين ال َّهصيَّة ال الميَّة اَّتميِاية عن هذه الطَّوائف والنِ شل ِل(.)1 ِ
ومن لطائف األ ـ ـ ـ ـ ـرار القرآنيَّة ،ومن يل وجوه اَّنا ـ ـ ـ ــبات أن رل احلديث عن عاَّيَّة الدَّعوة
َّب
ال ــالميَّة ،من خالل ذكر العهد واَّيثاق اَّأخوذ عل ب إ ـرائيل أنفســهم لكي يؤمنوا ابلن ِ
األم ِي عندما رتيهم بدعوتت العاَّيَّة ،وكان ذلك يف ـ ـ ــورة األعرا ،وكان إيراد التَّفص ـ ـ ــيالت يف ِ
فَ،متنكروا يمَّ ، احنرافات ب إ ـ ـ ـ ـرائيل لتهيئة نفوس اَّؤمن ،أبح يتأثَّروا مبوقف اليهود إن هم َّ
حممداً هللا ــل هللا
كذبوا َّقوم هبْت ،وتلك ــريهتم مع أنبيائهم ،فَن أعر ـ ـوا عن دعوة ال ــالم ،و َّ
عليت و لم ،وقد وجدوا أوهللاافت يف كتبهم ،فال يست رب ذلك من القوم اَّفسدين(.)2
ك قش شال شع شذ ِايب أ ِهللاي الدنْـيشا شح شسنشةً شوِيف ا خرةِ إِ َّان ه ْد شان إِلشْي ش ﴿وا ْكت ْ لشنشا ِيف شه ِذهِ ُّ ش قال تعالـ
ين ه ْم ِرَيتنشا بِِت من أششـ ـاء ور ْح ِيت و ِ ـ ـعت ك َّل شـ ـي ٍء فشسـ ـأش ْكتـبـها لِلَّ ِذين يـتـَّقو شن ويـؤتو شن َّ َّ ِ
الايشكا شة شوالذ ش شْ شش ش ْ ش ش ش ْ ش شش ش ش ش ْ
واب ِعْنـ شده ْم ِيف التـ َّْوشراةِ شوا ِل ُِْي ِـل ول النِ َّ ِ ِ ِ ين يشـتَّبِعو شن َّ َّ ِ ِ
َّب األم َّي الَّـذأ شجيـدونشـت شمكْت ً الر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ش يـ ْؤمنو شن * الـذ ش
الطيِب ِ ِ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع شعْنـه ْمث شويش ش اخلششبائِ ش
ات شو ش ِرم شعلشْي ِهم ْ ِ ِ
شرْمره ْم ِابلْ شم ْعرو شويشـْنـ شهاه ْم شع ِن الْمْن شك ِر شو ُّل شيم ش
ُّور الَّ ِذأ أنْ ِايشل شم شعت ص ـروه شواتَّـبشـعوا الن ش
ِ
ين شآمنوا بِت شو شعَّايروه شونش ش
ِ َّ ِ
ت شعلشْيه ْم فشالذ ش إِ ْ
هللا ـشره ْم شواألش ْ الش شل الَِّيت شكانش ْ
اَّللِ إِلشيكم شِ يعا الَّ ِذأ لشت م ْلك ال َّس ـ ـ ـ ـ ـماو ِ ِ
ات شش ك هم الْم ْفللو شن *ق ْل شَيأشيـُّ شها النَّاس إِِين شر ـ ـ ـ ـ ـول َّ ْ ْ ً أولشئِ ش
َّب األ ِم ِي الَّـ ِذأ يـ ْؤِمن ِاب ََّّللِ شوشكلِ شمـاتـِ ِت ض حش إِلشـتش إِحَّ ه شو ْيِي شوميِيـت فشـ ِآمنوا ِاب ََّّللِ شوشر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـولِـ ِت النِ ِ شواأل ْشر ِ
ن ﴾[األعراف. ]158 - 156 : شواتَّبِعوه لش شعلَّك ْم شهتْتشدو ش
مكة ،وش ـ ـ ـ ــعاهبا ،وجبايا إىل أقطار العا يعاًَّ ،إ،ا نقلة روحيَّة نعمَّ ،إ،ا نقلة من هللا ـ ـ ـ ــعيد َّ
مكة إىل هرً من َّ نفس ـ ـيَّة كبرية حيث نالحم ـ ــياق ا َيت ير ـ ــم معا الدَّعوة العاَّيَّة عندما َّ
حممد ألمة َّ أن ا َيت يف ـ ـ ــورة األعرا مليئة ابلدُّروس ال َّ بويَّة العظيمة َّ العاَّي ،كما َّ ِ ص ـ ـ ـ ـعيد
ال َّ
ٍ
أحداث َّارخيي حلياة ب إ ـ ـرائيل ،وما اعتورها من هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،من خالل ال َّس ـ ـرد الت ِ
عظام ،وهذه اَّداخالت الَّيت تلفت النَّظر إىل َّأمة ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم ودورها ٍ
ومهمتها يف قيادة العا ،ويف الوقت نفسـ ـ ـ ــت حتذير يا لكي تت نَّ ما وقعت فيت بنو إ ـ ـ ـ ـرائيل، َّ
ض ـ ـالَّة َّ
حض تـتش نَّ فتلديد هذا النَّهت ،وبيان ال ِ
ص ـ ـراط اَّسـ ــتقيم يسـ ــتدعي بيان اَّناهت ال َّ
التعرض لعقائد اليهود، تؤدأ بصاحبها إىل اَّايالق ،واَّهالك ،فكان ُّ اَّتفرقة الَّيت ِ
ِ السبل األخر
ُّ
واحنرافاهتم ،ومواقفهم مع أنبيائهم أمراً تقتضــيت دواعي التكوين لل ــهص ـيَّة ال ــالميَّة اَّتميِايةَّ ،
إن
( )1انظر مباحث يف التَّفسري اَّو وعي َّ ،صطف مسلم ،ص .189
أتمالت يف ورة الكهف ،لل َّي أيب احلسن النَّدوأ ،ص ، 46وانظر معا قرانيَّة يف ِ
الصراي مع اليهود ،ص .61 ( )2انظر ُّ
294
الرَّاب ِين ،وال ِ
ص ـراط اَّســتقيم ـ َّد اَّناهت ـتمرة َّ
أل،ا معركة ب اَّنهت َّ معركتنا مع اليهود معركة مسـ َّ
الساعية لإلفساد يف األرض(.)1 اجلاهليَّة ِ
اَّرفة لكلمات هللاَّ ،
السابع من البعثة:
واالجتماعي يف آخر العام َّ
ي ي
عاشراً :احلصار االقتصاد ي
الر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم واَّس ــلم عل ازداد إيذاء اَّ ــرك من قريش ،أمام هللا ــرب َّ
قمتت يفاألذ ،وإهللا ـ ـ ـرارهم عل الدَّعوة إىل هللا ،وإزاء ف ـ ــو ال ـ ــالم يف القبائل ،وبلوغ األذ َّ
اَّعنوأ الَّذأ ـ ـربتت قريش ظلماً ،وعدواانً عل الن ِ
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم اَّادأ ،و ِ
احلص ـ ــار ِ
وم ْن عطف عليهم ِم ْن قرابتهم(.)2
وأهللالابت ،ش
ـتدوا عل اَّسـ ــلم كأشـ ـ ِـد ما كانوا َّ
حض بل اَّسـ ــلم هرأ «مثَّ َّ
إن اَّ ـ ــرك اشـ ـ ُّ الاي ُّ
قال ُّ
ـتد عليهم البالء ،وأ عت قريش أن يقتلوا ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم عالنيةً اجلهد ،واشـ َّ
دخلوا ر ول هللا هللال هللا فل ـ ـ ـ َّـما رأ أبو طال عمل القوم ع ب عبد اَّطل ،وأمرهم أن ي ِ
عليت و ـ ــلم ِش ـ ـ ْعبشهم ،ومينعوه اَّن أراد قتلت ،فاجتمعوا عل ذلك مس ـ ــلمهم وكافرهم ،فمنهم شم ْن
أن القوم قد منعوا ر ول هللا هللالحيَّةً ،ومنهم من فعلت إمياانً ،ويقيناً ،فل ـ ـ َّـما عرفت قريش َّفعلت شِ
حض يس ـ ـ ــلمواهللا عليت و ـ ـ ــلم أ عوا أمرهم أح جيالسـ ـ ـ ــوهم ،وح يبايعوهم ،وح يش ْدخلوا بيوهتم َّ
ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم للقتل ،وكتبوا من مكرهم هللاــليفةً ،وعهوداً ومواثيق أح يتقبَّلوا
حض يسلموه للقتل(.)3 من ب هاشم أبداً هللاللاً ،وح أتخذهم هبم رأفة َّ
اية « ...عل أح ينكلوا إليهم ،وح يـْنكلوهم ،وح يبيعوهم ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاً ،وح يبتاعوا ويف رو ٍ
الرزق يص ــل إليهم ،وح يقبلوا منهم هللاـ ـللاً ،وح أتخذهم هبم منهم ،وح يش شدعوا ــبباً من أ ــباب ِ
حض ي ْس ـلِموا إليهم ر ـ ش
ـول رأفة ،وح خيالطوهم ،وح جيالســوهم ،وح يكلِموهم ،وح يدخلوا بيوهتمَّ ،
صـ ـ ـليفة يف جو هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم للقتل ،مثَّ تعاهدوا وتواثقوا عل ذلك ،مثَّ علَّقوا ال َّ
الكعبة توكيداً عل أنفسهم»(.)4
( )1معركة الوجود ب القران والتلمود ،ص ، 79 ، 78نقالً عن معا قرانيَّة َّ ،صطف مسلم ،ص .29
( )2انظر ظاهرة الرجاء ،د .فر احلواس (.)50/1
ُّبوة للبيهقي ( 80/2ـ ، )85و ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن كثري ( 43/2ـ ، )72 قصة ال ِ ْع وما هلَّلها من أحداث ،انظر دحئل الن َّ
(َّ )3عرفة تفصيالت َّ
الروض ( 101/2ـ ، )129والسرية النبوية حبن ه ام ( 375/1ـ .)376 و َّ
( )4السرية النبوية ،حبن ه ام ( ، )350/1وزاد اَّعاد ( ، )46/2والكامل يف التاري (.)87/2
295
فلبث بنو هاشـ ـ ـ ــم يف ِش ـ ـ ـ ـ ْعبهم ثالث ـ ـ ـ ــن ،واشـ ـ ـ ـ َّ
ـتد عليهم البالء ،واجلهد ،وقطعوا عنهم
مكة وح بيعاً إح ابدروهم إليت ،فاش وه ،يريدون بذلك أن األ واق ،فال ي كون طعاماً يقدم من َّ
يدركوا فك دم ر ول هللا هللال هللا عليت و لم (. )1
ـول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم فأت
وكان أبو طال إذا أخذ النَّاس مضـ ـ ــاجعهم أمر ر ـ ـ ـ ش
حض يراه من أراد بت مكراً ،أو ائلة ،فَذا انم النَّاس أخذ أحد بنيت ،أو إخوتت ،أو ب فراش ـ ـ ـ ـ ـ ــت َّ
ـول هللا هللا ــل هللا عليت
عمت ،فا ــط ع عل فراش ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ،وأمر ر ـ ش ِ
و لم أن رل بعض فرشهم ،فريقد عليها(.)2
حض ا ـ ــطروا إىل أكل ورق ص ـ ـ ـلابة ،وب هاشـ ـ ــم ،وب اَّطل َّ ، واش ـ ـ َّ
ـتد احلص ـ ــار عل ال َّ
أن أحدهم خيرً ليبول ،فيس ـمع بقعقعة ال َّ ـ ر ،وحض أهللاــيبوا ب ــظف العيش ،وشــدَّتت إىل ِ
حد َّ
ـيء حتتت ،فَذا هي قطعة من جلد بع ٍري ،فيأخذها ،في س ـ ـ ـ ـ ــلها ،مثَّ رقها ،مث يس ـ ـ ـ ـ ــلقها ،مثَّ شـــــ ٍ
وحض لتسـ ـ ــمع قريش هللاـ ـ ــوت ال ِ
ص ـ ـ ـبية يسـ ـ ــتفُّها ،وي ـ ـ ــرب عليها اَّاء ،فيتقو هبا ثالثة أَيم(َّ ،)3
يتضا ون من وراء ال ِ ْع من اجلوي(.)4
ص ـليفة أان ـاً من
فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما كان رأس ثالث ــن ،قيَّض هللا -ــبلانت وتعاىل -لنقض ال َّ
ص ـليفة ،ه ــام بن عمرو اياطي، يش ،وكان الَّذأ َّ
توىل احنقالب الدَّاخلي لنقض ال َّ أش ـرا قر ٍ
فقصــد زهري بن أيب أميَّة اَّهايومي ،وكانت ُّأمت عاتكة بنت عبد اَّطَّل ،فقال لت َي زهري! أقد
ر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـت أن أتكـل الطَّعـام ،وتلبس الثِيـاب ،وتنك النِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء وأخوالـك حيـث قـد علمـت ،ح
يبتــاعون ،وح يبتــاي منهم ،وح يشنكْلون ،وح يـْنك إليهم؟ أمــا إين أحلف ابهلل ،لو كــانوا أخوال
أيب احلكم بن ه ـام ،مثَّ دعوتت إىل مثل ما دعاك إليت منهم ما أجابك إليت أبداً ،قال و ك َي
ه ام! فماذا أهللانع؟ َّإجا أان رجل واحد ،وهللا لو كان معي رجل آخر لقمت يف نقضها! فقال
لت قد وجدت رجالً ،قال من هو؟ قال أان ،فقال لت زهري أبْ ِنشا اثلثاً.
عدأ ،فقال لت َي مطْعِم! أقد ر ــيت أن يشـ ْهلِك بطنان من ب عبد
فذه إىل اَّطْعِم بن ٍ
يش فيهم؟ أما وهللا لو أمكنتموهم من هذه لت َّ
د،م منا ،وأنت شــاهد عل ذلك ،موافق لقر ٍ
( )1انظر يف ِ
السرية النَّبويَّـة ـ قراءة جلوان احلذر واحلماية ،ص .96
( )2انظر يف ِ
السرية النَّبويَّة قراءة ـ جلوان احلذر واحلماية ،ص .97 ، 96
299
وحوه كأث ٍر من أعرا اجلاهليَّة ،ومن هنا ،ومن ريه ،أنخذ أنَّت يسـ ـ ــع اَّسـ ـ ــلم أن يس ـ ــتفيد من
ٍ
هللاليلة من أهلها(.)1 قوان الكفر فيما خيدم الدَّعوة ،عل أن يكون ذلك مبنِياً عل فتو
الدينيَّة يف كثري من البلداناحلريَّة ِ إن حقوق النس ــان يف عصـ ـران ــمان للمس ــلم ،و ِ َّ - 10
يس ـ ـ ـ ـ ــتفاد منها ،وقوان كثرية من أقطار العا تعطي للمس ـ ـ ـ ـ ــلم فرهللا ـ ـ ـ ـ ـاً ،وعل اَّس ـ ـ ـ ـ ــلم أن
انت ٍ
دقيقة(.)2 يستفيدوا من ذلك ،و ريه من خالل مواز ٍ
أن حاية أقارب ر ول هللا هللال هللا عليت و لم لت تكن حايةً اَّهم أن تعلم َّ - 11من ِ
وإجا كانت ل ـهصـت من ال ري ،وإذا أمكن أن تسـت َّل هذه احلماية من للر ـالة الَّيت بعِث هباَّ ، ِ
قِب ِل اَّسـ ـ ـ ــلم كو ـ ـ ـ ـ ٍ
ـيلة من و ـ ـ ـ ــائل اجلهاد والت لُّ عل الكافرين ،و ِ
الرد َّكائدهم وعدوا،م ش
جهد م كوٍر ،و ٍ
بيل ينتبهون إليها!(.)3 فأنعم بذلك من ٍ
- 12يستطع أبو طال أن يقاوم هذا التَّلالف البا ي إح ابحلرب السيا ية من ٍ
جهة،
وحماولة تفتيت هذا التَّلالف ،فعمل قصيدتت الالَّمية اَّ هورة ويف بدايتها قال
وقش ْد قشطشعوا ك َّل العشرا والْ شو ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـائِ ِل ولـ ـ ـ ـ ـ َّـما رأشيْت ال شق ْوشم ح وَّد ِعْن شده ْم
ِ ِ ()4 وقشـ ـ ْد ح ـ ـالشفوا قشـوم ـ ـاً علشيـنشـ ـا أ ِ
ضـو شن شْيظاً شخ ْل شفنشا ابأل ششانمل يشـ شع ُّ شظنَّـ ـةً ْ شْ ش
حترك كامن العصــبية عند مكة ،وا ــتطاعت أن ِ وكان يذه القصــيدة أثر خطري زلايل أو ــاي َّ
الصليفة(.)5 أقارب ب هاش ٍم ،حيث ائتمروا راً ،ودعوا إىل نقض َّ
هايت كيانت هاياً، ض ـهمة ،الَّيت َّ - 13انتصــر أبو طال يف ايو ااتمع القرشـ ِـي بقصــائده ال َّ
ابة ،أو رح ٍم لب صـليفة من ذكران ِمن قبل ،أولئك اخلمســة الَّذين ميتُّون بصــلة قر ٍ وحترك لنقض ال َّ
َّ
ْ شْ
هاشم ،وب اَّطَّل ،وا تطاعوا أن يرفعوا هذه الظُّالمة وهذا احليف ،عن اَّسلم ،وأنصارهم،
أن كثرياً من النُّفوس -والَّيت وحلفائهم ،وخطَّطوا لت ،وُلوا فيت ،ويف هذا اَّوقف إشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارة إىل َّ
ـاهلي -قــد َتلــك يف أعمــاقهــا رفضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً يــذا الظُّلم، تبــدو يف ظــاهر األمر من أعمــدة احلكم اجلـ ِ
يهتموا هبذه ال َّ رائ ،وينفذوا والب ي ،وتست ُّل الفرهللاة اَّنا بة لزاحتت ،وعل أبناء اَّسلم أن ُّ
أأ ٍ
وقت يسع لتطبيق شري هللا أن يضع يف حسبانت احتماحت - 25عل كل شش ْع ٍ يف ِ
***
( )1انظر يف ِ
السرية النَّبويَّة قراءة جلوان احلذر واحلماية ،ص .98
304
الرابع
الفصل َّ
هجرة احلبشة ،وحمنة الطَّائف ،ومنحة اإلسراء
األول
املبحث َّ
َّب صلى هللا عليه وسلم مع سنَّة األخذ ابألسباب
تعامل الن ِّ
305
الرابنيَّة ،فكان -وهو يؤ ِ ـس لبناء َّ
الدولة هللا ــل هللا عليت و ــلم كان أوع النَّاس هبذه ال ُّس ـنَّة َّ
بكل ما يف و ــعت من أ ــباب ،وح ي ك شــيئاً يســري جايافاً ،ولقد َّســنا ذلك ال ــالمية -رخذ ِ
فيما مض ،و نلمس ذلك فيما بقي نذن هللا تعاىل.
الرَّابنيَّة ،يف أمورهم
يوجت أهللا ــلابت دائماً إىل مراعاة هذه ال ُّس ـنَّة َّ وكان هللا ــل هللا عليت و ــلم ِ
الاياهر َّ
أن األمة ال ــالميَّة ،يف هللا ــدرها َّحس َّ الدُّنيويَّة ،وا خرويَّة عل ال َّس ـ ـواء( .)1وقد كان يف ِ
إميا،ا بقدرة هللا تعاىل اَّطلقة ،وقضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائت ،وقدره ح يتعارض مع ِاهاذ األ ـ ـ ـ ـ ـ ــباب ،فلقد كانوا
قابلة للتَّ يري ،ومع َّ
أن هلل تعاىل أن هلل تعاىل ــنناً يف هذا الكون ،ويف حياة الب ــر ،ري ٍ يدركون َّ
أن هللا تعاىل -جلَّت قدرتت -قد ـيء ،وح يع ايها شــيء إح َّ ــنناً خارقةً َتلك أن تصــنع كل شـ ٍ
َّ
قض أبن تكون نَّتت اجلارية اثبتةً يف احلياة الدُّنيا ،وأن تكون نَّتت اخلارقة ا تثناءً يا ،وكلتالا
بد يم من جماراة ال ُّسـ ـ ـ ـنن اجلارية إذا ر بوا يف معلَّقة مب ـ ـ ــيئة هللا ،لذلك كان يف ح ِسـ ـ ـ ـهم أنَّت ح َّ
الوهللا ــول إىل نتي ٍة معيَّنة يف واقع حياهتم أأ أنَّت ح بد من ِاهاذ األ ــباب ِ
اَّؤدية إىل النتائت،
السنن اجلارية(.)2
حبس تلك ُّ
الايعامة العاَّيَّة يكن ظلماً نايل هبم ،بل كان العدل وإن هلُّف اَّسـ ـ ـ ـ ـ ــلم اليوم عن شرْك ِ َّ َّ
هائل من األهواء، كام ٍ قوم نشس ـ ـ ـ ـ ـوا ر ـ ـ ـ ــالتهم ،وحطُّوا من مكانتها ،وش ـ ـ ـ ــابوا معد،ا بر ٍ اليي مع ٍ
ُّ
أن التمك قد الرابنيَّة ،وظنُّوا َّ واألوهام يف جمال العلم ،والعمل عل ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـواء ،وأللوا ال ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـنشن َّ
س بِظشالٍَّم يشل اَّلل
َّ َّ
شن أ
و م يك يكون ابألم ــاين ،واألحالم ،ولكن هيه ــات! ﴿ذشلِ ـك ِمب ـا قش ـ َّدم ـت أشي ـ ِ
د
ش ْ ش ش ْ ش ش ش ْ ْ
يد﴾ [آل عمران ]182 :ورمبَّا ــائل يقول ولكن إذا كان هذا عقاب هللا للمؤمن الَّذين عص ــوه، لِْلعبِ ِ
ش
اكنون يف األرض -من ـَ،م َّ ابَّرة ،ومع ذلــك فـ َّ فمــا ابل الكــافرين الَّـذين جلــدوه ـ ـ ـ ـ ـ ــبلــانــت َّ
النَّاحية ِ
اَّاديَّة -اية التمك ؟!
أل،م أقرب إىل هللا ،أو أر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ لت ،و يبل وا ما بل واإن هؤحء الكفار ،يبل وا ما بل وه َّ َّ
أل،م خلق آخر متميِاي ،و يقيموا ال ِ
صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـناعات ،أو جيوبوا البلار ،أو بس ـ ـ ـ ـ ـ ــل ٍر ،أو مبع ايةٍ ،أو َّ
ألن فكرهم ـ ــليمَّ ،إ،م بل وا بذلك أل َّن السـ ــبيل ألن عقيدهتم حق ،أو َّ خي قوا أجواء الفضـ ــاء َّ
إىل هــذا التَّقــدُّم درب مفتو جلميع خلق هللا ،مؤمنهم ،وكــافرهمِ ،برهم ،وفــاجرهم .قــال تعــاىل
ـرأ ،وابلطَّاقة إن هللا -ـ ـ ـ ـ ــبلانت وتعاىل -جعل التَّمك يف احلياة ميضـ ـ ـ ـ ــي ابجلهد الب ـ ـ ـ ـ ـ ِ َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـادق،
قدم اجلهد ال َّ تتلول فمن ي ِ الب ـ ـ ـ ـ ـريَّة ،عل ـ ـ ـ ـ ـن ٍن رَّابنيَّ ٍة ٍ
اثبتة ،وقوان ح تتبدَّل ،وح َّ
وخيضع لسنن احلياة يصل عل قدر جهده ،وبذلت ،وعل قدر عيت ،وعطائت.
َّإ،ا ال ُّس ـ ـ ـنَّة الَّيت أرادها هللا يف هذه احلياةَّ ،إ،ا م ـ ـ ــيئتت ،و ـ ـ ـنَّتت ،وإرادتت هللاـ ـ ــلي َّ
أن هذا
التَّقدُّم كلَّت ح يفت للكافرين أبواب اجلنَّة ،وح ي عنهم ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاً ،و َّ
لكن التَّقص ـ ـ ـ ـ ـ ــري من جان
اَّسلم إمث ا عليت(.)1
التَّوُّكل عل هللا واألخذ ابأل باب
التَّوُّكل عل هللا -تعاىل -ح مينع من األخذ ابأل ــباب ،فاَّؤمن يتَّهذ األ ــباب من ابب
الميان ابهلل ،وطاعتت فيما رمر بت من ِاهاذها ،ولكنَّت ح جيعل األ ــباب هي الَّيت تن ــئ النَّتائت،
فيتوَّكل عليها.
إن الَّذأ ين ـ ـ ــئ النَّتائت -كما ين ـ ـ ـئ األ ـ ـ ــباب -هو قدر هللا ،وح عالقة ب ال َّس ـ ـ ـب
َّ
السب عبادة ابلطاعة ،وحتقُّق النتي ة قدر من هللا مستقل عن ِ
والنَّتي ة يف شعور اَّؤمن ..اهاذ َّ
يتلرر شعور اَّؤمن من التعبُّد ل باب والتَّعلُّق هبا ،ويف السب ،ح يقدر عليت إح هللا ،وبذلك َّ َّ
الوقت ذاتت هو يستوفيها بقدر طاعتت لينال ثواب طاعة هللا يف ا تيفائها(.)2
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم يف أحاديث كثريةٍ ــرورة األخذ ابأل ــباب مع التَّوُّكل
ولقد َّقرر الن ُّ
السالم -عل عدم تعار هما. الصالة و َّ
عل هللا تعاىل ،كما نـشبَّتش -عليت َّ
وهم
أن رجالً وقف بنــاقتــت عل ابب اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدَّ ، يروأ أنس بن مــالـ ٍ
ـك ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنــت َّ
ابلدُّخول ،فقال َي ر ول هللا! أر ل راحليت ،وأتوكل؟ ...وكأنت كان يفهم أن األخذ ابأل باب
أن مباش ـ ــرة األ ـ ــباب أمر َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم إىل َّ ينايف التَّوُّكل عل هللا تعاىلَّ ،
فوجهت الن ُّ
حبال من األحوال -التَّوُّكل عل هللا تعاىل ،ما هللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدقت النِيَّة يف األخذ مطلوب ،وح ينايف ٍ -
بتصر .
انظر لقاء اَّؤمن ، )124/2( ،وما بعدها ُّ
()1
وهــذا احلــديــث من األحــاديــث الَّيت تبِ أنـَّت ح تعــارض ب التَّوُّكـل ،واألخــذ ابأل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبــاب
ب رط عدم احعتق ـ ـ ــاد يف األ باب ،واحعتماد عليها ،ونسي ـ ـ ــان التَّوُّكل عل هللا .ورو عمر بن
اخلطاب ر ي هللا عنت عن ر ول هللا هللال هللا عليت و لم «لو أنكم توَّكلتم عل هللا ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـق
ِ
كل ــت لرزقكم كما يرزق الطَّري ،ت دو طاهللااً ،وترو بِطاانً» [أمحد ( )52 ،30/1والرتمذي ( )2344وابن ماجه توُّ
( )4164وأبو يعلى ( )247واحلاكم (.])318/4
- 2احعتماد علىاألخذ ابأل باب وحدها ،مع ترك التوُّكل عل هللا ،شرك.
- 4اَّطلوب من اَّسلم إذاً ،هو ِاهاذ األ باب مع التوُّكل عل هللا تعاىل(.)1
ـالمية ،أبن يت اوزوا مرحلة الوهن ،وال ثاء ،إىل األمة ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ
موجت جلماهري َّ إن ِ
النداء اليوم َّ َّ
بكل األ ـ ـ ـ ـ ــباب الَّيت
يودعوا األحالم ،واألمنيات ،وينهض ـ ـ ـ ـ ـوا ل خذ ِ القوة ،والبناء ،وأن ِ
مرحلة َّ
تعينهم عل إقامة دولة ال الم ،وهللاناعة حضارة النسان اَّوهللاول ِ
برب العاَّ .
األمة أن تراعي نن هللا اَّبثوثة يف كونت ،والظَّاهرة يف قرآنت الكر وذلك لتسري عل
وعل َّ
طريق النُّهوض بنوٍر من هللا تعاىل.
يفرط يف ٍ
أأ َّب هللاــل هللا عليت و ــلم أخذ بســنن هللا تعاىل منذ البعثة ح َّض وفاتت ،و ِ َّ
إن الن َّ
َّدرً يف بناء
منها ،فتعامل مع ـ ـ ـ ـ ـنَّة هللا يف ت يري النُّفوس ،و ـ ـ ـ ـ ـنَّة التَّدافع مع الباطل ،و ـ ـ ـ ـ ـنَّة الت ُّ
اجلماعة ،مثَّ الدولة ،و ـ ـ ـنَّة احبتالء ،وا ـ ـ ــتفرغ (ﷺ) جهده يف األخذ ابأل ـ ـ ــباب الَّيت توهللا ـ ـ ــل
للتَّمك ،فكانت ه رات احلب ــة ،وذهابت للطَّائف ،وعر ــت للدَّعوة عل القبائل ،مثَّ ه رتت إىل
اَّدينة ،فأقام َّ
الدولة ،وحافم عليها ،و ـ ــار أهللا ـ ــلابت من بعده عل ،ت ،وتعاملوا مع ال ُّسـ ـ ـنن
حض يومنا هذا. بوع ٍي ،وبصريةٍ ،وهللانعوا حضارًة يعر التَّاري الب ُّ
رأ مثلها َّ
األمة ،وإقامة َّ
الدولة نور يهتد بت ،و ـ ـ ـ ـنَّة َّب هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم يف تربية َّ َّ
إن حركة الن ِ
يقتد هبا يف هذه البلور اَّتالطمة ،واَّناهت اَّت ايرة ،والظَّالم البهيمَّ ،
وإ،ا ليس ـ ـ ـ ـ ـ ــرية عل من
يسرها هللا عليت.
َّ
***
حممد هللال هللا القرطب -رحت هللا! قول قتـ ــادة -رحت هللا! « -اَّراد أهللالاب َّ
ُّ فقـ ــد نقل
حض حلق طائفة منهم ابحلب ـ ــة ،مثَّ َّبوأهم هللا
مبكة ،وأخرجوهم َّ عليت و ـ ــلم ،ظلمهم اَّ ـ ــركون َّ
تعاىل دار اي رة ،وجعل يم أنصاراً من اَّؤمن »(.)2
وقد ذكر الباحثون أ ــباابً عديدةً يف ــب ه رة اَّس ــلم إىل احلب ــة منها ما ذكرت،
ومنها ظهور الميان حيث كثر الدَّاخلون يف ال ـ ـ ـ ـ ــالم ،وظهر الميان ،وحتدَّث الناس بت .قال
لدث بت الايهرأ يف حديثت عن عروة يف ه رة احلب ة فلـ ـ ـ ـ ـ َّـما كثر اَّسلمون ،وظهر الميان ،فت ِ ُّ
اثر اَّ ـ ـ ـ ــركون من كفَّار قريش مبن امن من قبائلهم ،يع ِذبو،م ،ويس ـ ـ ـ ـ ـ نو،م ،وأرادوا فتنتهم عن
ـول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم قال لِلَّذين امنوا بت « َّ
تفرقوا يف دينهم ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما بل ذلك ر ـ ـ ـ ش
األرض» ،قالوا فأين نذه َي ر ول هللا؟! قال «ها هنا» ،وأشار إىل أرض احلب ة(.)2
ومنوا :الفرار ِّ
ابلدين:
كان الفرار ِ
ابلدين خ ـ ـية احفتتان فيت ـ ــبباً مهماً من أ ـ ــباب ه رهتم لللب ـ ــة .قال ابن
إ لاق «فهرً عند ذلك اَّسلمون من أهللالاب ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،إىل أرض
احلب ة ملافة الفتنة ،وفراراً إىل هللا بدينهم»(.)3
الر ول هللال هللا عليت و لم ( )265/1عن ال َّامي ،ص .111 رية َّ
()1
َّب ٍ
شهاب ،ويف نن ابن ماجت َّأ،ا كانت تصنع للن ِ ومسلم ( ،])1771ونقل ذلك عن ابن
هللا ــل هللا عليت و ــلم طعاماً ،فقال ما هذا؟ فقالت طعام نص ــنعت أبر ــنا ،فأحببت
[ابن ماجه (. ])3336 أن أهللانع لك منت ر يفاً.
السري واَّ ازأ ،حتقيق هيل زَّكار ،ص .232 (ِ )1
السنَّة ،ص .97
الر ول هللال هللا عليت و لم وأهللالابت يف القران و ُّ
انظر ه رة َّ
()2
(ِ )3
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام (.)397/1
( )4اي رة األوىل يف ال الم ،ص .46
الايهرأ ،ص .96 ( )5م ازأ ُّ
( )6هللالي ِ
السرية النَّبويَّة (.)152/2
315
َّب هللال هللا عليت و لم فيما ح تستطيع و تستطع أن ت ِري لكنتها احلب يةَّ ،
ورخص يا الن ُّ
َّب هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم عن طبيعة أر ـ ـ ـ ـ ـ ــها ،وجمتمعها،
نطقت ،فال يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتبعد حديثها للن ِ
َّب هللال هللا عليت و لم كان خبرياً بطبائع وأحوال الدُّول الَّيت كانت يف َّ
وحكامها( ،)1كما َّ
أن الن َّ
زمانت.
- 3وقت خروج املواجرينِّ ،
وسريَّـة اخلروج ،والوصول إىل احلبشة:
ادر أهللاــلاب ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم َّ
مكة يف رج من ال َّس ـنة اخلامســة للبعثة،
رجال ،وأربع نسـ ـ ـ ــوةٍ ،وقيل طس نسـ ـ ـ ــوةٍ ،وحاولت قريش أن تدركهم ل َّدهم إىل
وكانوا ع ـ ـ ـ ــرة ٍ
لكن اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم كـانوا قـد أحبرواِ ،
متوجه إىل م َّكـة ،وخرجوا يف إثرهم َّ
حض وهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــلوا البلر ،و َّ
احلب ة(.)2
اَّروَيت يتب َّ لنا ِ ـ ـ ـ ـ ـ ِريَّة خروً اَّهاجرين األوائل ففي رواية الو ِ
اقدأ التأمل يف فقت َّ
وعند ُّ
«فهرجوا متســلِل ـَّـراً»( ،)3وعند الطَّ ِ
ربأ( ،)4واَّن يذكر ال ِسـ ِريَّة يف اي رة ابن ــيِد النَّاس(،)5
وابن القيِم( ،)6و ُّ
الايرقاينُّ( .)7ولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما وهللا ــل اَّس ــلمون إىل أرض احلب ــة أكرم النَّ اش ـ ُّـي مثواهم،
وأحس ـ ـ ـ ــن لقاءهم ،ووجدوا عنده من الطُّمأنينة ،واألمن ما جيدوه يف وطنهم ،وأهليهم ،فعن ِأم
َّب هللال هللا عليت و لم قالت «ل ـ ـ ـ ـ َّـما نايلنا أرض احلب ة ،شج شاوْران هبا خ شري جا ٍر - لمة زوً الن ِ
ذ ،وح نسمع شيئاً نكرهت» [سبق خترجيه] . اشي -أ ِشمنَّا عل ديننا ،وعبدان هللا ح نـ ْؤ ش
النَّ َّ
( )1انظر اي رة األوىل يف ال الم ،ص ، 48ويعترب مبلث احلب ة جلُّت قد أخذ من هذا الكتاب والذأ بعده.
( )2انظر اي رة يف القران الكر ،ألحايمي امعون ،ص .291 ، 290
( )3طبقات ابن عد (.)204/1
( )4اتري الطَّربأ (.)329/2
( )5عيون األثر (.)116/1
( )6زاد اَّعاد (.)23/3
( )7شر اَّواه ( .)271/1ـ البداية والنِهاية ( ,)97 , 96/3و رية ابن ه ام ( 344/1ـ )452واي رة يف القرآن الكر ص 292إىل .294
316
أمساء أصحاب اهلجرة األوىل إىل احلبشة:
الرجال:
عثمان بن عفَّان بن أيب العاص بن أميَّة بن عبد طس.
عبد هللا بن عو بن عو بن عبد بن احلارث بن زهرة.
العوام بن خ شويلد بن أ د. ُّ
الايبري بن َّ
أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد طس.
مصع بن عمري بن هاشم بن عبد منا بن عبد الدار.
أبو لمة بن عبد األ د بن هالل بن عبد هللا بن عمر بن ملايوم.
. عثمان بن مظعون بن حبي بن وه بن حذافة بن
عامر بن ربيعة ،حليف آل اخلطَّاب من شعْناي بن وائل.
ـ شهيل بن بيضــاء ،وهو ــهيل بن وه بن ربيعة بن هالل بن أ شهي بن ش ـبَّة بن
احلارث.
أبو ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْربة بن أيب رْهم بن عبد العَّاي بن أيب قيس عبد وَّد بن نص ـ ـ ـ ـ ــر بن مالك بن
ِح ْسل بن عامر.
فكان هؤحء الع رة َّأول من خرً من اَّسلم إىل أرض احلب ة.
النساء:
رقيَّة بنت الن ِ
َّب هللال هللا عليت و لم .
ــهلة بنت ــهيل بن عمرو ،أحد ب عامر بن لؤأ ،والَّيت هاجرت مع زوجها أيب
حممد بن أيب حذيفة.
حذيفة ،وولدت لت أبرض احلب ة َّ
ُّ أم لمة بنت أيب أمية بن اَّ رية بن عبد هللا بن عمر بن ملايوم ،امرأة أيب لمة.
ليل بنت أيب شحثمة بن حذافة بن امن (بن عامر) بن عبد هللا بن عو بن عبيد
317
ابن عويت بن ِ
عدأ بن كع ،امرأة عامر بن ربيعة.
ُّ أم كلثوم بنت هيل بن عمرو بن عبد طس ،امرأة أيب ش ْربة بن أيب رْهم(.)1
وكان أول من هاجر منهم ،عثمان بن عفان ،وامرأتت رقية بنت ر ـ ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت
لوط» [ابن أب عاصــمألول من هاجر أبهلت بعد ٍ و ــلم ،فقد رو يعقوب بن ــفيان « َّ
إن عثمان َّ ش ْ
()2
. يف السنة (])1311
( )1البداية والنِهاية ( ، )67/3نقالً عن (اي رة يف القران الكر ) ،ص .294وانظر فت البارأ ،شر حديث رقم (.)3872
( )2أنساب األشرا للبالذرأ ( 156/1ـ ، )198وابن ه ام ( 392/1ـ .)396
( )3انظر اي رة األوىل يف ال الم ،ص .37
( )4انظر اي رة يف القران الكر ،ص .295
318
اثنياً :أسباب عودة املسلمني إىل َّ
مكة بعد هجرهتم األوىل:
قصة ال رانيق:
- 1شبوة عودة املواجرين بسبب َّ
اَّؤرخ واَّف ِس ـ ـرين عودة اَّس ـ ــلم من احلب ـ ــة بعد اي رة إىل َّ
مكة أل ـ ــطورة يعايو بعض ِ
مساحات وا عةً من كت اَّست رق ،قاهللادين بذلك تروجيها ،وجعلها ٍ راجت كثرياً ،واحتلَّت
حقيقةً واقعةً يف اتري الدَّعوة ال الميَّة.
إن الَّذين تعر ـ ـ ـوا لذكر تلك األ ـ ـ ــطورة ينه ون حيايا مناهت ش ـ ـ ـ َّـض فمنهم شم ْن يذكرها، َّ
ويس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكــت عنهــا ،ح ينفيهــا ،وح يثبتهــا ،ومنهم شم ْن ــاول إثبــاهتــا ،ومنهم شم ْن يورد األدلَّـة عل
بطال،ا(.)1
أن ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم جلس يوماً عند الكعبة، تتلهص يف َّ
وتلك األ ــطورة َّ
ت شوالْعَّاي شوشمشنا شة الثَّالِشثةش األخر ﴾
حض بل قولت تعاىل ﴿أشفشـشرأشيْـتم الالَّ ش
وقرأ ـ ـ ـ ـ ـ ــورة النَّ مَّ ،
[النجم.]20-19 :
319
حض أمس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ،مثَّ أاته جربيل ،فقرأ عليت ـ ـ ـ ـ ـ ــورة النَّ م ،فقال
كرب عليت ذلك ،وجلس يف بيتت َّ
ـفاعتهن ل ج » فلاين َّ جربيل أوجئتك هبات الكلمت ؟ يقصـ ـ ــد «تلك ال رانيق العالَّ ،
وإن شـ ـ ـ
﴿وشما أ ْشر ش ْلنشا ِم ْن
ش
()1
الر ول هللال هللا عليت و لم حايانً شديداً ،وخا من ربِت ،فأنايل هللا عليت َّ
اَّلل شما يـ ْل ِقي ال َّ ـ ـْيطشان مثَّ
ول شوحش نشِ ٍب إِحَّ إِذشا شَتشَّىن أشلْ شق ال َّ ـ ـْيطشان ِيف أ ْمنِيَّتِ ِت فشـيشـْن شس ـ ـ َّ ك ِمن ر ـ ـ ٍ ِ
قشـْبل ش ْ ش
الر ـ ـ ــول هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم إىل وحينئذ عاد َّ ٍ اَّلل شعلِيم شح ِكيم ﴾ [احلج،]52 : اَّلل ِ
آَيتت شو َّ ْ ِكم َّ
عي ايتهم ،وتسفيت عقويم ،وعادوا هم كذلك إىل إيذاء اَّسلم .
- 2تفنيد القصة الباطلة:
ص ـ ـ ـة الكثري من علماء ال ـ ـ ــالم ال َّس ـ ـ ـابق ،واَّ ْل شدث ،نقالً ،وعقالً وذلك
أنكر هذه الق َّ
نبوتت هللال هللا عليت و لم،
الر ول هللال هللا عليت و لم بل وتطعن يف َّ أل،ا تتنا مع عصمة َّ َّ
العلمي ،ومن األدلة النقليَّة عل بطال،ا
ِ كما َّأ،ا تتهاو أمام البلث
يتقول
أن النب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ح يس ـ ــتطيع أن َّ أن القرآن الكر ب َّ بو ـ ــو َّ أ َّ -
ض األشقشـا ِويـ ِـل ألش شخ ـ ْذ شان ِمْن ـت ِابلْيش ِم ِ *مثَّ لششقطش ْعنش ـا ِمْن ـت
﴿ولش ْو تشـ شق َّوشل شعلشْيـنش ـا بشـ ْع ش
عل هللا تعــاىل ش
الْوتِ ش ﴾ [احلاقة.]46 - 44 :
ش
وجل -قد أخرب أنَّت فم القرآن من أن يدخل عليت ما ليس منت ،أو عاي َّ ب َّ -
أن هللا َّ -
الذ ْكشر شوإِ َّان لشت شحلشافِظو شن﴾
ينقص منت شـ ـ ــيء ،أو َّر عن موا ـ ـ ــعت .قال تعاىل ﴿إِ َّان شحنن نشـَّايلْنا ِ
ْ ش
[احلجر.]9 :
الر ـ ـ ــول هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم نطق يف أثناء قراءتت ابلكلمت اَّذكورت ، ولو هللا ـ ـ ـ َّ َّ
أن َّ
لدخل يف القرآن ما ليس منت ،فال يكون هناك حفم ،وهو ملالف للن ِ
َّص.
ين شآمنوا شو شعلش شرهبِِ ْم يشـتشـ شوَّكلو شن﴾ [النحل،]99 : َّ ِ ِ
س لشت ـ ـ ـ ـ ْلطشان شعلش الذ ش
ً -قال تعاىل ﴿إنَّت لشْي ش
وهل هناك ب ـ ــر أهللاـ ــدق إمياانً ،وأشـ ـ ُّـد توُّكالً عل هللا من األنبياء ،وح ـ ـيَّما خاَتهم هللاـ ــل هللا
أقر رئيس ال َّياط أبنَّت ح لطان لت عل عباد هللا اَّهلص ،قال تعاىل
عليت و لم ؟! وقد َّ
( )1هللابأ خرً من دين إىل دي ٍن اخر ،القاموس اَّيا ،ابب ايماية (.)20/1
الرشاد للصاحلي (.)499 ، 498/2 بل ايد و َّ
()2
َّمد يد الوكيل ،ص ، 59واي رة يف القران الكر ،ص .302الر ول هللال هللا عليت و لم َّ ،
أتمالت يف رية َّ
(ُّ )3
323
أن هذه التَّ يريات الَّيت جرت عل حياة اَّس ــلم يف َّ
مكة تص ــل إىل أرض تظن َّ
أحد؟! وهل ُّ
البلارة الَّذين كانوا ُّ
ميرون قدَّة؟! احلب ة ،ولو عن طريق َّ
ـك َّ
أن هؤحء ال رابء قد فرحوا بذلك كثرياً ،وح كل ذلك قد وهللا ـ ـ ـ ـ ــلهم ،وح ش ـ ـ ـ ـ ـ َّ بد َّ
أن َّ ح َّ
يست رب أحد بعد ذلك أن يكون احلن إىل الوطن -وهو فطرة فطر هللا عليها يع اَّهلوقات
مكة ُّأم القر ،وإىل حيث -قد عاودهم ،ور بت نفو ـ ـ ــهم يف العودة إىل حيث الوطن العاييايَّ ،
ظل الظُّرو اجلديدة ،واَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ عة ،وحتت إحلا
مكة يف ِيوجد األهل ،والع ـ ـ ـ ـ ـ ــرية ،فعادوا إىل َّ
النَّفس ،وحنينها إىل حرم هللا ،وبيتت العتيق»(.)1
لقد رجع اَّهاجرون إىل َّ
مكة بسـ ـ ـ ـ ـ ــب ما علموا من إ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم حاية ،وعمر ،واعتقادهم َّ
أن
يعتاي بت اَّسلمون ،وتقو بت شوكتهم.
الصلابيَّ ْ اجلليل ُّ ،
إ الم هذين َّ
ات جديدة ،يت لَّ فيها لكن قري ـاً واجهت إ ــالم حاية ،وعمر ر ــي هللا عنهما ،بتدبري ٍ
و َّ
انحية ،والقسـ ـ ــوة ،والعنف من ٍ
انحية أخر ،فايادت يف أ ـ ــللة الرهاب الَّيت اَّكر والدَّهاء من ٍ
( )1انظر القول اَّب يف رية يِد اَّر ل هللال هللا عليت و لم ،د .حممد النَّ ار ،ص ، 111واي رة يف القران الكر ،ص .302
( )2طبقات ابن عد (( )207/1ط .بريوت) ،واي رة يف القران الكر ،ص .303
324
« أنتم مهاجرون إىل هللا تعاىل ،وإلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـي ،لكم هااتن فقال ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم
اي رتـان يعـاً» قال عثمان فلسبنـا َي ر ول هللا(!)1
وهاجر معهم كثريون ريهم أكثر منهم ،وعدَّهتم -كما قال ابن إ ـ ـ ـ ـ ـ ــلاق و ريه -ثالثة
وشــانون رجالً إن كــان ع َّم ـار بن َي ـ ـ ـ ـ ـ ــر فيهم ،واثنــان وشــانون رجالً إن يكن فيهم .قــال
()2 ال ُّس ـ ـهيلي وهو األهللا ـ ـ ُّ عند أهل ال ِس ـ ـري كالو ِ
اقدأ ،وابن عقبة ،و ريلا ،وشاين ع ـ ــرة امرأةً
إحد ع ــرة قرش ـيَّات ،و ــبع ري قرش ـيَّ ٍ
ات ،وذلك عدا أبنائهم الَّذين خرجوا معهم هللا ـ اراً ،مثَّ
الذين ولِدوا يم فيها(.)3
َّجاشي يف ِّ
رد املواجرين: - 1سعي قريش لد الن ِّ
ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما رأت قريش َّ
أن أهللالاب ر ول هللا هللال هللا عليت و لم قد أمنوا ،واطمأنُّوا أبرض
احلب ــة ،و َّأ،م قد أهللاــابوا هبا داراً وا ــتقراراً ،وح ْس ـ شن جوا ٍر من النَّ اشـ ِـي ،وعبدوا هللا ،ح يؤذيهم
أحد ائتمروا فيما بينهم أن يبعثوا وفداً للنَّ اشـ ِـي لحضــار شم ْن عنده من اَّســلم إىل َّ
مكة بعد
أن يوقعوا بينهم وب ملك احلب ـ ـ ــة ،إح َّ
أن هذا الوفد خدم ال ـ ـ ــالم واَّس ـ ـ ــلم من حيث ح
يدرأ ،فقد أ ـ ـ ـ ــفرت مكيدتت عند النَّ اش ـ ـ ـ ـ ِـي عن حوا ٍر هاد ،دار ب أحد اَّهاجرين ،وهو
جعفر بن أيب طال ،وب ملك احلب ـ ـ ـ ــة ،أ ـ ـ ـ ــفر هذا احلوار عن إ ـ ـ ـ ــالم النَّ اش ـ ـ ـ ـ ِـي ،وأتم
اَّهاجرين اَّسلم عنده.
فعن ِأم لمة بنت أيب أميَّـ ـ ـ ـ ـ ــة بن اَّ رية زوً الن ِ
َّب هللال هللا عليت و لم قالت ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما نايلنا
خري جا ٍر (النَّ اش ـ ـ ـ ِـي) أ ِشمنَّا عل ديننا ،وعبدان هللا تعاىل ،ح نـ ْؤذش ، جاوْران هبا شأرض احلب ـ ـ ــة ،ش
وح نس ـ ــمع ش ـ ــيئاً نكرهت ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما بل ذلك قري ـ ـ ـاً ائتمروا أن يبعثوا إىل النَّ اش ـ ــي فينا رجل
مكة ،وكان من أع ما رتيت شج ْلدين( ،)4وأن يـ ْهدوا للنَّ اش ـ ـ ِـي هداَي اَّا يس ـ ــتطر من متاي َّ
قالت فكان الذأ كلَّمت جعفر بن أيب طال ٍ ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت ،فقال لت أيُّها اَّلك! كنَّا
قوماً أهل جاهليَّة ،نعبد األهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــنام ،وأنكل اَّيتة ،وأنل الفواحش ،ونقطع األرحام ،ون ِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيء
حض بعث هللا إلينا ر ـ ــوحً نعر نس ـ ــبت،
ض ـ ـعيف ،فكنَّا عل ذلكَّ ،
القوأ منَّا ال َّ
اجلوار ،وركل ُّ
وهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــدقت ،وأمانتت ،وعفافت ،فدعاان إىل هللا ِ
لنوحده ،ونعبده ،وَنلع ما كنا نعبد حنن واابيان من
الرحم ،وحسن اجلوار، دونت من احل ارة ،واألواثن ،وأمران بصدق احلديث ،وأداء األمانة ،وهللالة َّ
الكف عن اَّ ــارم وال ـ ِـدم ــاء ،و ،ــاان عن الفواحش ،وقول ُّ
الايور ،وأك ــل م ــال اليتيم ،وقشـ ـ ْذ و ِ
الايكاة ،وال ِ
ص ـ ـ ـيام. ص ـ ـ ـالة ،و َّ
اَّصـ ـ ــنات ،وأمران أن نعبد هللا وحده ،ح ن ـ ـ ــرك بت شـ ـ ــيئاً ،وأمران ابل َّ
قالت فعدَّد عليت أمور ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالم -فص ـ ـ ـ ـ ـ ــدَّقناه ،وامنَّا بت ،واتَّبعناه عل ما جاء بت ،فعبدان هللا
أحل لنا ،فعدا علينا قوم نا،
وحرمنا ما شحَّرم علينا ،وأحللنا ما َّ
وحده ،فلم ن ـ ـ ـ ـ ـ ــرك بت ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاًَّ ،
ـتلل
ـتلل ما كنَّا نسـ ُّ
لريدوان إىل عبادة األواثن من عبادة هللا ،وأن نسـ َّ
فعذبوان ،وفتنوان عن دينناُّ ، َّ
من اخلبائث ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما قهروان ،وظلموان ،وشـ ُّـقوا علينا ،وحالوا بيننا وب ديننا خرجنا إىل بلدك،
ظلم عندك أيُّها اَّلك(.)4
واخ انك عل شم ْن واك ،ور بنا يف جوارك ،ورجوان أح ن ش
( )1ابتلت ابلدُّموي يقال خضل وأخضل إذا ندأ ،النهاية (.)43/3
اَّعىن وح يعودون إىل قومهم ليكيدوهم ِ ،
ويعذبوهم. ( )2مسند المام أحد ( ، )203 ، 202/1وح يكادون لعل َّ
أجتث بت ش رة حياهتم.
( )3أ تأهللال بت خضراءهم أأ مبا ُّ
ميسها رجل ،وهي البكر.
العذارء اجلارية اليت َّ
()4
جاشي:
- 4إسالم النَّ ِّ
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم ،وإن كان قد أخف إميانت بنبوة الن ِ
وقد أ ــلم النَّ اش ـ ُّـي ،وهللا ــدَّق َّ
عن قومت لِ شما علمت فيهم من الثَّبات عل الباطل ،وحرهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــهم عل ال َّ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالل ،و ودهم عل
العقائد اَّنلرفـ ـ ـ ــة -وإن هللاآدمت العقل ،والنَّقـ ـ ـ ــل [ -البخاري ( )1245ومسلم ( 62/951و ،])63فعن أيب
أن ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم نع النَّ اش ـ َّـي يف اليوم الَّذأ مات
هريرة ر ــي هللا عنت « َّ
ات»( ،)2وعن جاب ـ ٍر ر ي هللا عن ــتكرب عليت أربع تكبري ٍ
فصف هبم ،و َّ فيت ،وخرً هبم إىل اَّصلَّ َّ ،
اشي «مات الي ـ ـ ــوم رجل هللااأ فقوموا، َّب هللال هللا عليت و لم ح مات النَّ ُّ ق ـ ـ ــال قال الن ُّ
فصلُّوا عل أخيكم أهللالمة» [البخاري ( . ])3877وكانت وفاتـ ـ ـ ـ ـ ــت -رحت هللا! -نـ ـ ـ ـ ـ ــة تس ٍع عند
ـان قبل فت َّ
مكة»(.)3 األكثر ،وقيل نـة ش ٍ
للدكتور مصطف ِ
السباعي ،ص .57 (ِ )1
السرية النَّبوية ُّ ،
( )2انظر اي رة يف القران الكر ،ص .312
( )3انظر ال َّ بية القياديَّة ،لل ضبان (.)333/1
حممد بع ،ص .427
( )4أ واء عل اي رة ،لتوفيق َّ
330
ص ـ ْل ،وأوكل األمر إىل جعفر ر ــي هللا
ص ـلابة يف بداية األمر ،مثَّ حلق هبم أكثر ال َّ
ــادات ال َّ
عنت(.)1
إن وجود اب ــن ِ
عم ر ول هللا هللال هللا عليت و لم جعفر ،وهللاهره عثمان ،وابنتت رقيَّ ــة َّ - 4
أن األخطار ح َّ
بد -ر ـ ـ ــي هللا عنهم يعاً -يف ِ
مقدمة اَّهاجرين لت دحلة عميقة ،ت ـ ـ ــري إىل َّ
اص القــائــد يف منــأ ً عن اَّقربون إىل القــائــد ،وأهلــت ،ورحــت ،أ َّمـا أن يكون خو ُّ
أن يت َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمهــا َّ
َّب هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت
اخلطر ،وي ْدفشع إليت األبعدون ري ذوأ اَّكانة فهو منهت بعيد عن ،ت الن ِ
و لم (.)3
مكة عل فض ـ ــلها -إذا كان اخلروً - 5م ـ ــروعية اخلروً من الوطن -وإن كان الوطن َّ
فراراً ِ
ابلدين -وإن يكن إىل دار إ ــالم َّ -
فَن أهل احلب ــة كانوا نص ــار ،يعبدون اَّس ــي ،
حديث ِأم ـ ـ ـ ـ ــلمة اَّتق ِدم - وح يقولون هو عبد هللا ،وقد تب َّ ذلك يف هذا احلديث -يع
ومسُّوا هبذه مهاجرين ،وهم أهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــلاب اي رت الَّذين أثىن هللا تعاىل عليهم ابل َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبق ،فقال
السابِقو شن األ َّشولو شن﴾
﴿و َّ
ش
وجاء يف التفســري َّإ،م هم الذين شــهدوا بيعة ِ
الر ـوان( ،)2فانظر كيف أثىن هللا عليهم هبذه
اي رة ،وهم قد خرجوا من بيت هللا احلرام إىل دار الكفر ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما كان فعلهم ذلك احتياطاً عل
دينهم ،ورجاء أن خيلي بينهم وب عبادة رهبم يذكرونت امن مطمئن ،وهذا حكم مســتمر مض
لللق ،ورجا أن يكون يف ٍ
بلد احلق مؤمن ،ورأ الباطل قاهراً ِبلد ،وأوذأ عل ِ ل اَّنكر يف ٍ
أأ ٍ
بلد كان -خيلَّ بينت وب دينت ،ويظهر فيت عبادة ربِت فَن اخلروً عل هذا الوجت آخر َّ -
﴿وََِّّللِ الْ شم ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِرق شوالْ شم ْ ِرب َّ
حق عل اَّؤمن ،هــذه هي اي رة اليت ح تنقطع إىل يوم القيــامــة ش
اَّللش شوا ِ ع شعلِيم ﴾ [البقرة.)3(]115 :
اَّللِ إِ َّن َّ
فشأشيْـنش شما تـ شولُّوا فشـثش َّم شو ْجت َّ
- 6جيوز للمسلم أن يدخلوا يف حاية ري اَّسلم ،إذا دعت احلاجة إىل ذلك ،واء
331
كان اَّ ِ ري من أهل الكتاب كالنَّ اشـ ـ ــي إذ كان نص ـ ـ ـرانياً ٍ
عندئذ ،ولكنَّت أ ـ ـ ــلم بعد ذلك ،أو
كان م ركاً كأولئك الَّذين عاد اَّسلمون إىل َّ
مكة يف حايتهم ،عندما رجعوا من احلب ة ،وكأيب
الر ــول هللاــل هللا عم ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،وكاَّطْعِم بن ِ
عدأ ،الذأ دخل َّ طال ٍ ِ
عليت و لم مكةش يف حايتت عندما رجع من الطَّائف(.)1
وهذا م ــروط -حبكم البداهة -أبحَّ تســتلايم مثل هذه احلماية إ ـراراً ابلدَّعوة ال ــالميَّة،
اَّرمات ،وإحَّ شجي ْاي للمس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم أو ت يرياً لبعض أحكام ِ
الدين ،أو ـ ـ ـ ـ ـ ــكواتً عل اق ا بعض َّ
الدُّخول فيها ودليل ذلك ما كان من موقفت هللاــل هللا عليت و ــلم حينما طل منت أبو طال
ـوء ،فقد وطَّن أن يبقي عل نفسـ ـ ــت ،وح ِملت ما ح يطيق ،فال يتلدَّث عن اية اَّ ـ ـ ــرك بسـ ـ ـ ٍ
نفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت إذ ذاك للهروً من حاية ِ
عمت ،وأشىب أن يس ـ ـ ـ ـ ـ ــكت عن ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍي اَّا جي عليت بيانت،
وإيضاحت(.)2
نقطة ا اتي يَّ ٍة
الر ول هللال هللا عليت و لم اي رة إىل احلب ة ي ري إىل ٍ َّ - 7
إن اختيار َّ
مهم ٍةَ ،تثَّلت يف معرفة َّ
الر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم مبا حولت من الدُّول ،واَّمالك ،فقد كان َّ
يعلم طيِبها ِمن خبيثها ،وعاديا ِمن ظاَّها ،األمر الَّذأ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعد عل اختيار دا ٍر ٍ
امنة ي رة ْ ْ
أهللا ــلابت ،وهذا ما ينب ي أن يكون عليت حال قائد الدَّعوة الَّذأ ح َّ
بد أن يكون ملماً مبا جيرأ
حولت ،مطَّلعاً عل أحوال ،وأو اي األمم ،واحلكومات(.)3
األول يف ه رهتم األوىل ،وكيفيــة اخلروً ،فيتمثـَّل يف
الرعيــل َّ
احلس األم ُّ عنــد َّ
- 8يظهر ُّ
ٍ
نطاق ـ ــيِ ٍق ،يايد حض ح تفطن لت قريش ،فتلبطت ،كما أنَّت ذَّ عل كونت ذَّ تس ـ ـلُّالً ،وخفيةً َّ
عل ــتة ع ــر فرداً ،فهذا العدد ح يلفت النَّظر يف حالة تسـ ـلُّلهم ،فرداً ،أو فردين ،ويف الوقت
ذاتت يسـ ــاعد عل ال َّس ـ ـري بسـ ـ ٍ
ـرعة ،وهذا ما يتطلَّبت اَّوقف َّ
فالرك يتوقَّع اَّطاردة ،واَّالحقة يف
لعل ال ِسـ ـ ـ ـ ِريَّة اَّض ـ ـ ــروبة عل هذه اي رةَّ ،فوتت عل قر ٍ
يش العلم هبا يف حينها ،فلم أأ ٍ
حلظة ،و َّ ِ
السابق نفست.
اَّصدر َّ
()1
333
- 12كان شو ْعي القيادة النَّبويَّة عل مس ـ ـ ـ ـ ـ ــتو األحداث ،ولذلك و ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع جعفر بن أيب
طال ٍ عل إمارة اَّسلم يف اي رة ،وذَّ اختياره من قِبش ِل اَّسلم اَّهاجرين ليتلدَّث ابمسهم
ليتمكن من مواجهة داهية العرب عمرو بن العاص ،وقد امتازت ش ـ ـ ـ ــهص ـ ـ ـ ـيَّة ب يدأ اَّلك و َّ
أن جعفر بن أيب طال ٍ من جعفر بعدَّة أموٍر ،جعلتها تتقدَّم لس ـ ـ ـ ـ ـ ِـد هذه الثُّ رة العظيمة منها َّ
بيت و ٍ
احد ،فهو أخرب النَّاس ألصــق النَّاس بر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،فقد عاش معت يف ٍ
األمة من ب ِ
كل اَّهاجرين إىل احلب ة. بقائد الدَّعوة ،و يِد َّ
قمة قريش نســباً، وهذا اَّوقف ب يدأ النَّ اشـ ِـي تاً إىل بال ٍة ،وفصـ ٍ
ـاحة ،وبنو هاشــم َّ
وفض ـ ـالً ،وجعفر يف ُّ
الذيابة( )1من ب هاش ــم ،وهللا تعاىل قد اختار هاطاً من كنانة ،واختار نبيَّت
من ب هاشم فهو أفص النَّاس لساانً ،وأو طهم نسباً.
اشي أكثر اطمئناانً ،وثقةً مبا
عم ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،وهذا جيعل النَّ َّوهو ابن ِ
يعرض عن ابن ِ
عمت(.)2
ُّبوة ،و ال شخ ْل ِقت اَّنلدر من أهللاــالب ب هاشــم ،فقد
خلق جعفر اَّقتبس من م ــكاة الن َّ
[البخاري ( )2699والرتمذي قال ر ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم جلعفر «أشـ ــبهت شخ ْلقي ،وخلقي»
الايمان ،و ِ
كر العصــور، ( ])3765فال َّس ـفري ب يدأ النَّ اشــي كان قدوًة لســفراء اَّســلم عل ِ
مر َّ
فقد اتَّصــف بســمات ال ُّس ـفراء اَّســلم كال ــالم ،واحنتماء إليت ،والفصــاحة ،والعلم ،وحســن
الصرب ،وال َّ اعة ،واحلكمة ،و عة احليلة ،واَّظهر َّ
اجلذاب(.)3 اخللق ،و َّ
- 13كان عمرو بن العاص ر ـ ـ ــي هللا عنت ،وهو ميثِل يف تلك اَّرحلة عداوة هللا ور ـ ـ ـ ـولت
الذكاء ،والدَّهاء ،واَّكر ،وكان قبل دخول جعفر هللا ــل هللا عليت و ــلم عل مس ــتو كب ٍري من َّ
ً
كل ما لديت من ح َّ ٍة ،وألق هبا ب يدأ النَّ اش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـي ،من خالل النقاط
وحديثت قد ش ـ ـ ـ ـ ـ ــلن َّ
حممد هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت ا تية حتدَّث عن بلبلة ِ
جو مكة ،وفس ـ ـ ـ ـ ــاد ذات بينها ،من خالل دعوة َّ
( )1انظر يف ِ
السرية النَّبويَّة قراءة جلوان احلذر واحلماية ،ص .106
( )2انظر ال َّ بية القياديَّة (.)337/1
336
كمــا خيوض الكــاذبون بــل عيس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ابن مر كلمــة هللا ،وروحــت ألقــاهــا إىل مر البتول العــذراء
الطَّاهرة ،وليس عند النَّ اشي زَيدة َّ
عما قال جعفر ،وح مقدار هذا العود(.)1
هم ح يس ـ دون للنَّ اشــي ،فهم معاذ هللا أن يعدلوا ابهلل شــيئاً! وح ينب ي ال ُّس ـ ود إح هلل
لكنَّهم ح يس ـ ــتهفُّون ابَّلك بل يوقِرونت ،ويس ـ ــلِمون عليت كما يس ـ ــلِمون عل نبيِهم ،و يُّونت مبا
أنفسهم بت يف اجلَّنة(.)3
يي أهل اجلنَّة ش
أبن هؤحء هللا ـ ـ ِـديقون ،وعايم عل أن
انته األمر أبن أعلن النَّ اش ـ ـ ُّـي هللا ـ ــدق القوم ،وأيقن َّ
يكون يف خدمة ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ،الَّذأ رتيت انموس كناموس مو ـ ـ ـ ،وأن
أكد لعم ٍرو أنَّت ح يض ـ ـ ـ ـ ــريه دارة قريش ،وح مال قريش ،وح
يتقرب إىل هللا حبماية أهللا ـ ـ ـ ـ ــلابت ،و َّ
َّ
جاهها ،ولو قطعت عالقتها معت(.)2
- 15ا،ايمت قريش يف هذه اجلبهة ـ ـ ــيا ـ ـ ــية ،ومعنوَيً ،وإِعالمياً أمام مقاومة اَّس ـ ـ ــلم
اَّوفَّقة ،وخطواهتم ،وأ اليبهم َّ
الرهللاينة.
- 16كان موقف جعفر ،وإخوانت مثاحً تطبيقياً لقول ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم
«من التمس ر ا هللا بسها النَّاس كفاه هللا م ْؤنشة النَّاس ،ومن التمس ر ا النَّاس بسها هللا
ص ـ ـ ـلابة ر ـ ـ ــي هللا
شوشكلشت هللا إىل النَّاس» [الرتمذي ( )2414وابن حبان ( )276وابن املبارك يف الزهد ( ])66فهؤحء ال َّ
أن الظَّاهر يف األمر أنَّت ي تَّ عليت يف هذه
وجل -مع َّ
عاي َّ
عنهم قد التمس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا ر ـ ـ ـ ـ ـ ــا هللا َّ -
عاي القض ـ ـيَّة ـ ــها أولئك النَّص ـ ــار ،وهم الَّذين يم اييمنة عليهم ،فكانت النَّتي ة َّ
أن هللا َّ -
َّب هللال هللا عليت و لم ،مع حض نطق ِ
ابحلق اَّوافق لدعوة الن ِ وجل َّ -هر يم ملك احلب ةَّ ، َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ــة َّعتقــدهم اَّنلر الَّـذأ قــام عليــت م ْلكهم ،ومــا ي لـ عل الظَّ ِن من ثورة
ملــالفتــت ال َّ
ِ
اَّتعصب عليت(.)3 النَّصار
- 17كان عند بعض النَّصار إميان هللالي بدينهم ،ولكنَّهم يكتمون ذلك ،لكون ال لبة
337
اَّر ،ومن الَّذين كانوا عل احعتقاد ال َّ
ص ـ ـ ـلي ملك وال ِس ـ ـ ـيادة يف األرض ألهللاـ ـ ــلاب ِ
الدين َّ
احلب ـ ــة ،وكان خيفي إميانت هذا مدارا ًة لقومت ،وإبقاءً عل نفس ـ ــت ،وملكت ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما وقع يف هذا
احبتالء أظهر إميانت ،إر اءً لربِت ،وإراحةً لضمريه ،وانتصاراً حلايب هللا اَّؤمن ،مهما ترتَّ عل
ذلك من نتائت فكان هبذا اَّوقف من عظماء التَّاري (.)1
أن اجلهل ببعض أحكام ال ـ ـ ــالم َّصـ ـ ــللة ر ٍ
اجلة ح - 18ومن دروس ه رة احلب ـ ـ ــة َّ
يقرر العذر ابجلهل «ول َّـما ِز ش
يد يف هللاالة احلضر ح يضر .قال ابن تيميَّة -رحت هللا! -وهو ِ
ُّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم إىل اَّدينة ،كان شم ْن بعيداً عنت -مثل من كان َّ
مبكة ،وأبرض هاجر الن ُّ
الصالة»(.)2 احلب ة -يصلُّون ركعت ،و رمرهم الن ُّ
َّب هللال هللا عليت و لم نعادة َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـلابة
هب «فال رمث أحد إح بعد العلم ،وبعد قيام احل َّ ة ،وقد كان ـ ـ ـ ـ ــادة ال َّ وقال َّ
الذ ُّ
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،فال يبل هم إح بعد أش ـ ــهر، ابحلب ـ ــة ينايل الواج ،والتَّلر عل الن ِ
َّص»(.)3
حض يبل هم الن ُّ
فهم يف تلك األمور معذورون ابجلهلَّ ،
- 19ومن دروس ه رة احلب ة تفا ل اجلهاد حس احلاجة ،فَذا كانت اي رة للمدينة
ص ـ ـهم ِ
ابلذكر ،والفضـ ــيلة ،فقد انل هذا الفضـ ــل أهللاـ ــلاب ه رة جهاداً ،ميَّاي هللا أهللا ــلاهبا ،وخ َّ
حض فت خيرب ،وذلك لللاجة لبقائهم
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم َّ
احلب ــة ،وإن آتخر حلوقهم ابلن ِ
ِ
األشعرأ ر ي هللا عنت السفينت ( ،)4فعن أيب مو
َّب ألهللالاب َّ يف احلب ة ،وهذا ما َّ
أكده الن ُّ
قال ودخلت أمساء بنت ع شميس -وهي اَّن قدم معنا -عل حفصةش زوً النَّ ِب هللال هللا عليت
اشي فيمن هاجر ،فدخل عمر عل حفصة -وأمساء
و لم زائرًة ،وقد كانت هاجرت إىل النَّ ِ
عندها -فقال عمر ح رأ أمساء من هذه؟ قالت أمساء بنت ع شميس ،قال عمر احلب ـ ـ ــية
أحق بر ول هللا هللال هللا
بقناكم ابي رة ،فنلن ُّ هذه؟ البلرية هذه؟ قالت أمساء نعم ،قال
- 20كانت بداية إ ــالم عمرو بن العاص ر ــي هللا عنت أبرض احلب ــة ،وهذا بال ش ـ ٍ
ـك
أثر من آاثر اي رة لللب ــة ،وبرهان عل ما حقَّقت اَّهاجرون من مكا ـ للدَّعوة ،من خالل
مكوثهم أبرض احلب ة ،وإن كانت كثري من اَّروَيت تتَّ ت إىل أن بداية إ الم عمرو بن العاص
كانت عل يد النَّ اشـ ـ ـ ـ ـ ِـي ،وهو اَّ ـ ـ ـ ـ ــهور كما يقول ابن ح ر( ،)1وهي لطيفة ح مثل يا إذ
الايرقاين( ،)2وهناك ما يفيد إ الم عمرو عل يد جعفر
اتبعي ،كما يقول ُّ
أ لم هللالايب عل يد ٍ
ر ي هللا عنت.
الر ـ ــول هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ِ
أبم حبيبة هب رة احلب ـ ــة ارتباطاً وثيقاً، - 21يرتبا زواً َّ
معىن كبرياً ،وكان عقد
الايواً منت هللاــل هللا عليت و ــلم لحد اَّهاجرات الثابتات ً
و مل هذا َّ
الايواً عل ِأم حبيبة ر ــي هللا عنها وهي يف أرض احلب ــة ،وجاء أتكيده يف كت ال ُّس ـنَّة ،فقد
َّ
رو أبو داود يف ننت ٍ
بسند هللالي عن ِأم حبيبة ر ي هللا عنها َّأ،ا كانت حتت عبيد هللا بن
***
هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،وانلوا منت ما يكونوا يطمعون فيت يف حياة أيب طال ٍ ( .)1وابتدأت
الر ـ ـ ـ ـ ــول هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم واجت فيها كثرياً من اَّ ـ ـ ـ ـ ــكالت،
مرحلة عصـ ـ ـ ـ ــيبة يف حياة َّ
الساحة وحيداً ح انهللار لت إح هللا -بلانت وتعاىل
واَّصاع ،واَّن ،والفنت حينما أهللاب يف َّ
-ومع هذا فقد مض ـ ـ يف تبلي ر ـ ــالة ربِت إىل النَّاس كافَّةً ،عل ما يلق من اخلال واألذ
ال َّ ـديد الَّذأ أفا ــت كت احلديث ،وكت ال ِس ـري ،أب ــانيدها ال َّ
ص ـليلة الثَّابتة يف احلديث
وحتمل هللال هللا عليت و لم من ذلك ما تنوء اجلبال حبملت .ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّما تكالبت الفنت ،واَّن
عنتَّ ،
عل ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم يف بلده الَّذأ نبت فيت ،وب قومت الَّذين يعرفون عنت َّ
كل
بلد ري بلدهٍ ،
وقوم ري قومت هللاـ ـ ـ ـ ـ ريةٍ وكبريةٍ ،عايم هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم عل أن ينتقل إىل ٍ
عاي
ليعرض عليهم دعوتت ،ويلتمس منهم نص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرهتم رجاءش أن يقبلوا منت ما جاءهم بت من هللا َّ -
ش
وجل -فهرً إىل الطَّائف ،وهي من أقرب البالد إىل َّ
مكة(.)2 َّ
الرسول صلى هللا عليه وسلم إىل الطَّائف(:)3
اثنياً :رحلة َّ
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،يقتدأ ابألنبياء واَّر ـ ــل الَّذين ـ ــبقوه يف الدَّعوة إىل كان الن ُّ
ف ش ـ ـ ـ ـنش ٍة إِحَّ طشْ ِس ـ ـ ـ ـ ش شع ًاما﴾ [العنكبوت ،]14 :فكانت هذه هللا ،فهذا نو لبث يف قومت داعياً ﴿أشلْ ش
ك ِم ْن قشـْب ِل ِ
وحا إِ شىل قشـ ْوِم ِت أش ْن أشنْذ ْر قشـ ْوشم ش األعوام الطَّويلة عمالً دائباً ،وتنويعاً ِ ِ
متكرراً ﴿إ َّان أ ْشر ش ـ ـ ْلنشا ن ً
ون *يشـ ْ ِف ْر
شطيع ِاَّلل واتَّـقوه وأ ِ ِ ِ ِ ِ ِِ ِ ِ
ش أش ْن شرْتيشـه ْم شع ـ شذاب أشليم * قشـ شال شَيقشـ ْوم إين لشك ْم نشـذير مب *أشن ْاعب ـدوا َّش ش
يدل عل َّعوأ ال ِس ـيا ـ ُّـي اح ـ اتي ُّي ،الَّذأ قام بت َّ
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم ُّ التَّلرك الد ُّ
ـلمة ،أو َّقوةٍ جديدةٍ ،تطر نفس ـ ــها داخل حلبةحرهللا ـ ــت يف األخذ ابأل ـ ــباب ،لجياد دو ٍلة مس ـ ـ ٍ
345
ـادأ إح َّأ،ما مع ذلك يكوان يف العامة ،والعالقة اخلارجيَّة ،والنُّفوذ احقتصـ ِ
الايعامة الســيا ــية َّ َّ
الدفاي عن منطقة الطَّائف الَّيت كانت من أخصـ ـ ـ ـ ـ بالد العرب ،وأكثرها و ـ ـ ـ ـ ـ ٍع ميكنهما من ِ
جذابً ل نظار واألطماي ،فكاان خيافان قبيلة هوازن ،وخيافان قري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ،وخيافان ب عامر ،وكلُّها
قبائل قويَّة وقادرة عل احنقضاض واح تالب ،ولذلك فقد اعتمد زعماء الطَّائف عل يا ة
اَّهادنة ،وحفم اح ـ ــتقرار ال ِس ـ ـيا ـ ـ ِـي عن طريق اَّعاهدات واَّوازانت ،وهي الطَّريقة عينها اليت
مالك يوثِقون عالقاهتم مع هوازن ليأمنوا شـ ـ َّـرها ،وهللاـ ــار
كانت تسـ ــري عليها قريش ،فصـ ــار بنو ٍ
األحال يرتبطون بقر ٍ
يش ليأمنوا جانبها(.)1
الر ـ ـ ـ ــول هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم افالً عن هذه ال َّ ـ ـ ـ ـ ـبكة من العالقات،
هذا ،و يكن َّ
أن الطَّائف تكن توجد هبا لطة مركاييَّة واَّعاهدات ،وهو يتَّ ت إىل الطائف ،بل كان يعر َّ
السلطة فيها بطنان من بطون العرب ،مبوج اتفاقيَّ ٍة داخليَّ ٍة ،و َّ
أن أَيً منهما واحدة ،وإجا يقتسم ُّ
قبيلة خارجيَّ ٍة أقو ،فَذا ا ــتطاي أن يســتميل إليت أَيً منهما ،فســو يكون
كان يدور يف فلك ٍ
لذلك أثر كبري يف ميايان القو السـ ـ ـ ــيا ـ ـ ـ ــية ،هذا عل وجت العمومَّ ،أما إذا ا ـ ـ ـ ــتطاي عل وجت
فَن خطَّتت تكون قد اخلص ــوص أن يس ــتميل إليت األحال ،وهو اَّعس ــكر اَّتلالف مع قر ٍ
يش َّ
أن مو َّادة هذا اَّعس ـ ـ ـ ــكر لقر ٍ
يش ح تقوم عل بل ت َتامها ،وهو أمر ري مس ـ ـ ـ ـ ٍ
ـتليل ،فهو يعلم َّ
يش ،وعل هذا َّهو من قر ٍ الدي ِ ،بقدر ما تقوم عل أ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاس الت ُّالقناعة اَّذهبيَّة ،أو الوحء ِ
الر ول هللال هللا عليت و لم مباشرةً -حينما دخل الطَّائف - السيا ِي ،ادت َّالتَّقدير للو ع ِ
ٍ
مالك يش ،و يذه إىل بإىل ب عمرو بن عمري ،الَّذين ي أ ـ ـ ـ ــون األحال ،ويرتبطون بقر ٍ
الَّذين يتلالفون مع هوازن(.)2
قال ابن ه ام يف ِ
السرية ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما انته ر ول هللا هللال هللا عليت و لم إىل الطَّائف شع شم شد
يومئذ ـ ـ ــادة ثقيف ،وأشـ ـ ـ ـرافهم ،وهم إخوة ثالثة عبد َي لشْيل بن عمرو ثقيف ،هم ٍ إىل نف ٍر من ٍ
جل
درده هلل َّ -
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ،ومبل ُّ وإان لنلم يف هذا الدُّعاء عمق توحيد الن َِّ
وعال -فهو ي ـ ــعر هبذا احلاين اَّفضـ ــي ،و ِ
ايم اَّتواهللاـ ــل ليدرأ عن نفسـ ــت األذ ،أو لي ل
ِ
لللميدأ (.)20/3 المي ،
انظر التَّاري ال ُّ
()1
( )2انظر يف ِ
السرية النَّبوية ،قراءة جلوان احلذر واحلماية ،ص .113 ، 112
( )3انظر مقومات الدَّاعية النَّاج ،ص .76
349
َّب هللال هللا عليت و لم َّ ،أ،ا ألت ر ول هللا هللال هللا
عن عائ ة ر ي هللا عنها زوً الن ِ
عليت و ـ ـ ـ ــلم هل أت عليك يوم كان أش ـ ـ ـ ـ َّـد من أحد؟ قال لقد لقيت من قومك ما لقيت،
الع شقبشة إذ عر ْ ـت نفســي عل ابْ ِن شعْب ِد شَيلشْي ِل بْ ِن شعْب ِد كالل ،فلم
وكان أشـ َّـد ما لقيت منهم يوم ش
تفق إح وأان ب شق ْرِن الثَّعال (،)1 جيب إىل ما أردت ،فانطلقت وأان مهموم عل وجهي ،فلم أش ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ
فرفعت رأ ــي ،فَذا أان بس ــلابة قد أظلَّت ،فنظرت فَذا فيها جربيل ،فناداين ،فقال َّ
إن هللا قد
ـئت فيهم.
لتأمره مبا ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ش
ردوا عليك ،وقد بعث هللا إليك ملك اجلبال ش
مسع قول قومك لك ،وما ُّ
شئت أن أطْبِ شق
شئت ،إن ش علي ،مثَّ قال َي حممد! فقال ذلك فيما ش فناداين شملشك اجلبال ،فسلَّم َّ
عليهم األخ ـ ــب ِ .فقال الن ُّ
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم بل أرجو أن خيْرًِ هللا من أهللا ـ ــالهبم من
[البخاري ( )3231ومسلم (.])1795 وحده ح ي رك بت شيئاً.
يعبد هللا ش
كانت إهللا ــابتت هللا ــل هللا عليت و ــلم يوم ٍ
أحد ،أبل من النَّاحية اجلس ــميَّةَّ ،أما من النَّاحية
فَن إهللا ـ ـ ــابتت يوم الطَّائف أبل ،وأش ـ ـ ـ ُّـد َّ
ألن فيها إرهاقاً كبرياً لنفس ـ ـ ــت ،ومعاان ًة فكريَّةً النفس ـ ـ ـيَّة َّ
شديدةً ،جعلتت يست رق يف التَّفكري من الطَّائف إىل قشـ ْرن الثَّعال (.)2
- 5من مناهت التَّ يري
كان م ْق شش ش ملك اجلبال أن يطبق عليهم األخ ب ،وهو يدخل حتت أ لوب اح تئصال،
لوط .قــال تعــاىل ﴿فشك ًّال أش شخ ـ ْذ شان بِـ شذنبِ ـ ِت فش ِمْنـهم َّم ْن وشود ،وقوم ٍ ـادٍ ، وقــد نفــذ يف قوم نو ٍ ،وعـ ٍ
350
الطَّـائف ،انص ـ ـ ـ ـ ـ ــر إىل م َّك ـة ومعــت موحه زيــد بن حــارثــة حمايوانً ،وهو يــدعو بــدعــاء الطَّـائف
ك اجلبال إليت يســتأمره أن يطبق األخ ــب عل أهل
اَّ ــهور ،فأر ــل ربُّت -تبارك وتعاىل -شملش ش
َّ
مكة ،ولا جبالها اللَّذان كانت بينهما ،فقال «ح ،بل أ تأين هبم َّ
لعل هللا خيرً من أهللاالهبم
من يعبده ،وح ي ـرك بت شـيئاً» ،وأقام بنهلةش أَيماً ،فقال لت زيد بن حارثة كيف تدخل عليهم
الطَّائف -فقال هللاــل قري ـاً -وخرجت تســتنصــر ،فلم تنصــر -يع وقد أخرجوك -يع
«َي زيد! إن هللا جاعل َّا تر فرجاً ،وملرجاًَّ ،
وإن هللا انهللا ـ ـ ـ ــر دينشت ،ومظهر هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم
نبيَّت»(.)1
َّب هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم رفض منهت اح ـ ـ ــتئص ـ ـ ــال ،وامتنع عن فكرة احعتايال ،أو َّ
إن الن َّ
وقرر الدُّخول إىل َّ
مكة الكافرة ليواهللاــل جهاده ـتمرة ،ونظر إىل اَّســتقبل بنور الميانَّ ،
اي رة اَّسـ َّ
كل ما يس ـ ــتطيعت من أجل دعوة التَّوحيد ،شخيْشِ الن ُّ
َّب هللا ـ ـل هللا عليت و ـ ــلم اَّيمون ،ويس ـ ــتثمر َّ
بل تقدَّم حنو اَّنهت البديل الَّذأ عايم عليت ،وهو منهت يقوم عل ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـابق أحد اَّنه
ـ ـ ـ ـ ـ ــرورة الوجود عل األرض فكرة دخول َّ
مكة الكافرة ،وليس احنس ـ ـ ـ ـ ـ ــلاب منها ،ويقوم عل
ذاهتا ،الَّيت يقف عليها الكافرون ،واعتص ـ ـ ــار مؤ َّ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ــاهتا ،وا ـ ـ ــتثمار عالقاهتا ،وحتوير آَيهتا
بكل ذلك جمتمع اَّؤمن ،الَّذأ ـ ـ ــيولد من أح ـ ـ ــائها أأ أنَّت كان هللا ـ ـ ــل هللا عليت
ِ ليت َّذ
و ــلم يريد أن يتَّهذ من أهللاــالب الكافرين ،مصــانع ب ـرية هرً أجياحً من اَّســلم ،اَّقاتل
َّبوأ هنا مص ـ ـ ـ ـ ـ َّوب حنو اَّسـ ـ ـ ـ ــتقبل بصـ ـ ـ ـ ــورةٍ جليَّ ٍة ،و يكن ذلك يع
يف ـ ـ ـ ـ ــبيل هللا ،فالنَّظر الن ُّ
احنسلاب من احلا ر(.)2
أن ظاهر األحوال مرًة اثنية ،ري َّ كان النَّب ُّـي هللال هللا عليت و لم قد عايم عل دخول َّ
مكة َّ
أن دخول َّ
مكة يكن أمراً هيناً ،وح امناً ،وهنالك احتمال كبري لل در بت ،أو ا تيالت تدل عل َّ ُّ
من قِبش ِل قريش ،الَّيت ح ميكن أن تص ـ ـ ـ ــرب أكثر وهو قد أعلن اخلروً عليها ،وذه يس ـ ـ ـ ــتنص ـ ـ ـ ــر
السيا ِي يف القران ِ
اَّك ِي ،ص .178 ، 177 ( )1انظر أهللاول الفكر ِ
( )2زاد اَّعاد (.)47/2
حممد ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،لصادق عرجون (.)324/2
(َّ )3
352
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم اجلديدة ،فبدحً من أنلقد ت َّري الو ــع كثرياً بســب منه يَّة َّ
يدخل مكة منهايماً ،ملتفياً ،دخلها و ر ـ ــت ابل ِسـ ـ ـال ـ ــيِد من ـ ــادات قريش ،عل مس ـ ــم ٍع
الر ـ ـ ـ ــول هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم قد اختار رجالً من خاياعة، منهم ،ومرأ ،هذا ونالحم َّ
أن َّ
فبعثت ر ــوحً ،ويف هذين احختيارين حْن شكة ــيا ــية مده ــة ،ووعي اترخيي ،ودبلوما ــي عميق
ألن نوفالً -وهو األب األكرب لقبيلــة ب نوفــل الَّيت يتايعَّمهــا الْمطْعِم بن عـ ِ
ـدأ آنــذاك -كــان َّ
ٍ
أفنية، جد ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم يف اجلاهليَّة ،فقد وث عل ِ خص ــيماً لعبد اَّطَّل
و ـ ٍ
ـاحات كانت لعبد اَّطَّل ،وا تصــبها فا ــطرب عبد اَّطَّل لذلك ،وا ــتنهض قومت ،فلم
ينهض كبري ٍ
أحد منهم فكت إىل أخوالت من ب النَّ ار من اخلايرً قص ــيد ًة يس ــتنص ــرهم فقدم
القسي ،وعلَّقوا الِ اس فل ـ ـ ـ ـ َّـما راهم نوفل
َّ عليت منهم ع كثيف ،فأانخوا ِبفناء الكعبةَّ ،
وتنكبوا
ورد أركا عبد اَّطل إليت فلـ ـ ـ َّـما نصر بنو اخلايرً قال لِ ش ٍر ما قدم هؤحء؟ فكلَّموه ،فهافهمَّ ،
عبد اَّطَّل ،قالت خاياعة -وهم قد قوواُّ ،
وعايوا -وهللا! ما رأينا هبذا الوادأ أحداً أحس ـ ـ ـ ـ ـ ــن
وجهاً ،وح أذَّ خلقاً ،وح أعظم ِحلماً من هذا النســان ،يعنون عبد اَّطل ،وقد نصــره أخوالت
يفرق ب من يعادأ هذه العقيدة، العقدأ فر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ِ ِ فر م العداء
و ــارهبــا ،ومن ينــا ِهللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرهــا ،ويس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاَّهــاَّ ،إ،م وإن كــانوا كفــاراً فليس من مســة الن َّ
ُّبوة أن َّ
تتنكر
لل ميل(.)1
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم ،ح َّسـان بن ٍ
اثبت عل موقف اَّطعم ،فقال وقد أثىن شــاعر َّ
يف مدحت
اليوم مطْعِ شم ـا اس َُّ شْجم ـده ش ِم شن النَّ ـ ِ فشـلشو شك ـ ـا شن شْجم ـ ـد ملْلِـ ـ شد اليشـ ْوشم شواحـ ـ شـداً
ِع ـبشـ ـ ـ ـ شادك شمـ ـ ـ ـا ل ـ َّـىب ِحمـ ـ ـ ـل شوأش ْح ـشرشم ـ ـ ـا أشجرت ر ـ ـ ـ ـ ش ِ ِ
هللاـ ـ ـ ـبشلوا هم فشأش ْ ول هللا مْن ْ شْ ش ش
شوقش ْلطش ـ ـ ـان أ ْشو شابقِي بشِقيَّـ ـ ـ ـة ج ْرلش ـ ـ ـا ت شعْنـت شم شعـد ِأبش ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِرشهـا ِ
فشـلش ْو ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـئلشـ ْ
شوِذ َّمتِ ـ ـ ـت يشـ ْوم ـ ـ ـاً إذشا شم ـ ـ ـا د َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شم ـ ـ ـا لشـ ـ شقـ ـ ـ ـالـ ـوا ه ـو اَّـ ـ ِويف ِ ـ ـ ْفـ ـرةِ شجـ ـ ـ ـا ِرهِ
ش ش
شع ـلشـ ِم ـثْ ـلِ ـ ـ ـ ِت فِـْي ـ ِه ـ ْم أش شع ـَّاي شوأش ْك ـشرشم ـ ـ ـا هم ِ
شوشم ـا تشطْلع ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْمس اَّن ْ شرية فشـ ْوقش ْ
شوأشنْـ شوم شع ْن جــا ٍر إِ شذا اللَّْي ـل أظْلش شم ـا إِ شابء إذا شر شىب شوأشلْ ـ ـ ـ ش ِش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـْيـ ـ ـ ـ شمـ ـ ـ ـةً
()2
355
ـبكة اجتماعيٍَّة وإجا ينظر إليت ٍ
كفرد يف شـ ـ ـ ٍ لإلنسـ ـ ــان الكافر ليس ابعتباره رقماً حسـ ـ ــابياً منقطعاًَّ ،
يتلول هووإن النسـ ـ ـ ـ ــان ميلك الفرهللاـ ـ ـ ـ ــة ،والمكان ألن َّالدوافعَّ ، متداخلة العالقات ،ومتنوعة َّ
نفست ،وطوي إرادت ـ ـ ـ ــت إىل َّقوةٍ اجتماعيَّ ٍة مؤثِ ـ ـ ـ ــرةٍ ،ولت وزن يف ِاهاذ القرار ،ونقضت شوفْقاً للقيم الَّيت
وإجا كان مؤ َّ سةً ،وهي مؤ َّ سة تول ـ ـ ـ ـ ــد مبيالدهَّ ،
وإجا عدأ يكن فرداًَّ ، خيتارها ،واَّطعم بن ٍ
يرجع وجوده ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا إىل اتري ٍ قد ٍ ،تص ــارعت فيها قيم التَّوحيد والش ـراك ،فَن هللا ــارت مؤ َّ ـس ـةً
خالص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً للكافرين ا ن ،فال يع ذلك ا ـ ـ ـ ـ ـ ــتلالة احنتفاي هبا ،وتس ـ ـ ـ ـ ـ ــهريها للعودة لإلميان،
والتَّوحيد(.)1
356
َي عدَّاس؟! وما دينك؟ قال نصراين ،وأان رجل من أهل نِينو .
صـ ـ ـاأ يونس بن شم َّض .فقال لت
الرجل ال َّ
من قرية َّ فقال ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم
ذاك أخي ،كان مض؟ فقال ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم
عداس وما يدريك ما يونس بن َّ
نبياً ،وأان نب ،فأك َّ عدَّاس عل ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم يقبِل رأ ــت ،ويديت ،وقدميت.
قال يقول ابنا ربيعة أحدلا لصاحبت َّأما المك فقد أفسده عليك فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما جاءلا عدَّاس
الرجل ،ويديت ،وقدميت؟! قال َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيِدأ ،ما
قاح لت ويلك َي عداس! ما لك تقبِل رأس هذا َّ
يف األرض ش ـ ــيء خري من هذا ،لقد أخربين أبم ٍر ما يعلمت إح نب! قاح لت و ك َي عداس! ح
يصرفنَّك عن دينكَّ ،
فَن دينك خري من دينت[ .ابن هشام ( )63 - 62/2وتفسري القرطب (.)1(])196 - 195/16
َّب هللال هللا عليت و لم قبل األكل تطبيق لسن ٍَّة من نش ِن ال الم الظَّاهرة، * َّ
إن تسمية الن ِ
الرجل النَّص ـراينُّ إىل ال ــالم ،فما إن ذكر ر ــول هللا هللاــل
وقد كان من بركة ذلك اُذاب هذا َّ
حض اهتاي كيان ذلك اَّوىل النَّصـ ـ ـ ـر ِ
اين ،وجاش ـ ـ ــت هللا عليت و ـ ـ ــلم ا ـ ـ ــم هللا تعاىل قبل األكل َّ
َّب هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم بع بت من ذلك حيث ح يعر أهل تلك البالد
م ـ ــاعره ،فأخرب الن َّ
ذكر ا م هللا تعاىل.
إن التَّس ــمية قبل األكل -كس ــائر ال ُّسـ ـنن الظَّاهرة -من أ ــباب َتيُّاي اَّس ــلم عل من
* َّ
حويم من الوثني ،وهذا التميُّاي يلفت أنظار الكفار ،ويدفعهم إىل ال ُّسـ ـؤال عن ــب ذلك ،مثَّ
المي ،واحُذاب إليت(.)2
الدين ال ِ يقودهم ذلك إىل فهم ِ
( )1هللالي ِ
السرية النَّبوية ،ص .137 ، 136
المي (.)22/3
انظر التَّاري ال ُّ
()2
الرشاد (.)578/2
انظر بل ايد و َّ
()3
357
* يف قول عدَّاس «وهللا ما عل األرض خري من هذا» موا ـ ـ ـ ـ ــاة عظيمة ،فلئن اذاه قومت،
فهذا وافد من العراقِ ،م ْن نينو يك ُّ عل يديت ،ورجليت ،ويقبِلهما ،وي ــهد لت ِ
ابلر ــالةَّ ،
وإن
هذا ل شق شدر شرَّابين ،يسـ ـ ــوق ِم ْن نينو شم ْن يؤمن ابهلل ور ـ ـ ـولت حيث كان ال َّ
ص ـ ـ ـ ُّد من أقرب الناس
إليت!(.)1
ب -إسالم ِّ
اجلن:
مكة ،ح يئس من خري َّب هللال هللا عليت و لم من الطَّائف ،راجعاً إىل َّ
لـ ـ ـ ـ َّـما انصر الن ُّ
اجلن ،الَّذين ذكرهم حض إذا كان بنهلة قام من جو اللَّيل يصـ ـ ـ ــلِيَّ ،
فمر بت النَّفر من ِ ثقيفَّ ،
الر ول هللال هللا عليت و لم
جن أهل نصيب ،فا تمعوا لتالوة َّ هللا تعاىل ،وكانوا بعة نفر من ِ
فلما فرغ من هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــالتت ،ولَّْوا إىل قومهم منذ ِرين قد امنوا ،وأجابوا إىل ما مسعواَّ ،
فقص هللا تعاىل
اجلِ ِن يش ْس ـ ـ ـتش ِمعو شن ك نشـ شفًرا ِم شن ْ هللا ـ ـ ـشرفْـنشا إِلشْي ش
﴿وإِ ْذ ش
َّب هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ،فقال ش خربهم عل الن ِ
ين قشالوا شَيقشـ ْوشمنشا إِ َّان شِمس ْعنشا ِ َّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ضروه قشالوا أشنْصتوا فشل ـ ـ َّـما قض شي شول ْوا إ شىل قشـ ْومه ْم مْنذر ش الْقرآن فشل ـ ـ َّـما شح ش
احلشِق شوإِ شىل طش ِر ٍيق م ْس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتش ِقي ٍم ﴾
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِدقًا لِ شما بشْ ش يش شديْ ِت يشـ ْه ِدأ إِ شىل ْ ِ ِ ِ
كتش ًااب أنْ ِايشل م ْن بشـ ْعد مو ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ م ش
[األحقاف. ]30 - 29 :
َّب هللال هللا عليت و لم وهو يقرأ ببطن َنلة ،فلـ ـ ـ ـ َّـما مسعوه قالوا
اجلن عل الن ِ
هبا هؤحء ُّ
﴿أشنْ ِ
صتوا﴾.
هذه الدَّعوة اليت رفضــها اَّ ــركون ابلطَّائف تنتقل إىل عاٍ آخر ،هو عا ِ
اجلن ،فتل َّقوا دعوة
فارأ إىل قومت، َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،ومضـ ـ ـوا هبا إىل قومهم ،كما مضـ ـ ـ هبا أبو ٍ
ذر ال ُّ الن ِ
اجلن دعاة ،يبل ون دعوة األزدأ إىل قومت ،فأهللاـب يف عا ِ ُّ والطفيل بن عم ٍرو إىل قومت ،و شـماد
اب أشلِي ٍم ﴾
اَّللِ و ِآمنوا بِ ِت يـ ْ ِفر لشكم ِمن ذنوبِكم و ِجيركم ِمن شع شذ ٍ
ْش ْْ ْ ش ْ ْ ْ
ِ ِ
﴿َيقشـ ْوشمشنا أشجيبوا شداع شي َّ ش
هللا تعاىل ش
[األحقاف. ]31 :
ت شحشر ً ـ ـا شش ـ ـ ِد ً ِ
يدا شوش ـ ـهبًا شح ًدا شوأ َّشان لش شم ْس ـ ـنشا ال َّس ـ ـ شماءش فشـ شو شج ْد شان شها ملئش ْ اَّلل أ ش
ث َّ ظشنشـْنـت ْم أش ْن لش ْن يشـْبـ شع ش
هللا ًدا شوأ َّشان حش نش ْد ِرأ ِ ِ ِ
لس ْم ِع فش شم ْن يش ْستشم ِع ا ن شجي ْد لشت ش شه ًااب شر ش اع شد لِ َّ
وأ َّشان كنَّا نشـ ْقعد ِمْنـها م شق ِ
ش ش ش
ك كنَّا طششرائِ شق ِ ض أشم أشراد هبِِم رُّهبم رش ًدا وأ َّشان ِمنَّا َّ ِ
الصاحلو شن شوِمنَّا دو شن ذشل ش ش يد ِمبش ْن ِيف األ ْشر ِ ْ ش ش ْ ش ْ ش ش ششر أ ِر ش أش
ض شولش ْن نـ ْع ِ شايه شهشرًاب شوأ َّشان ل ـ َّـما شِمس ْعنشا ا ْي شد شآمنَّا اَّللش ِيف األ ْشر ِ قِ شد ًدا شوأ َّشان ظشنشـنَّا أش ْن لش ْن نـ ْع ِ شاي َّ
ِ ِ ِ
ه ًقا ﴾ [اجلن. ]13 - 1 : بِت فش شم ْن يؤم ْن بِشربِت فشالش شخيشا ش ْ ًسا شوحش شرش
الرابينُّ يف جمال الدَّعوة ور ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ببطن َنلة عاجاي كان هذا الفت َّ
مكة ،فهل يس ـ ـ ــتطيع عتاة َّ
مكة ،وثقيف أن ر ـ ـ ـ ــروا هؤحء اَّؤمن من ِ
اجلن ،وينايلوا عن دخول َّ
َّب هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم َّ
مكة يف جوار اَّطعم بن ()1
هبم ألوان التَّعذي ؟! وعندما دخل الن ُّ
اجلن ،فتت اوب أفئدهتم خ ـ ــوعاً ،وأتثُّراً من روعة الفت
عدأ ،كان يتلو عل هللا ـ ــلابتت ـ ــورة ِ
العظيم يف عا الدَّعوة ،وارتفاي رآَيهتا ،فليس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا هم وحدهم يف اَّعركة ،هناك إخوا،م من ِ
اجلن
خيو ون معركة التَّوحيد مع ال ِ رك.
وبعد عدَّة أشـ ـ ــه ٍر من لقاء الوفد األول من ِ
اجلن بر ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ،جاء
الوفد الثَّاين مت ـ ـ ِـوقاً لريية احلبي اَّص ـ ــطف هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،واح ـ ــتماي إىل كالم ِ
رب
ــألت ابن مس ــعود ،فقلت هل ش ــهد أحد منكم مع ر ــول هللا العاَّ ( .)2فعن علقمةش قال
***
362
وء آيشةً أخر ﴾ [طه ]22 - 17 :فلـ ـ َّـما م قلبت مب اهدة هذه ا َيت الكرب ،قال لت بعد ذلك ٍ
ك ِمن آَيتنشا الْك ْرب ﴾ [طه.]23 : ِ
ش ﴿لن ِريش ش ْ
يف رحلة ال ـ ـ ـراء واَّعراً أطلع هللا نبيت هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم عل هذه ا َيت الكرب ،
ض ـ ـ ـالل ،والفسـ ـ ــوق .وا َيت اليت اجهة عل مد التَّاري للكفر ،وال َّ توطئةً لله رة ،وألعظم مو ٍ
الذهاب إىل بيت اَّقدس ،والعروً إىل راها ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم كثرية منها َّ
ال َّس ـ ـ ـ ـ ـماء ،وريية األنبياء ،واَّر ـ ـ ـ ــل ،واَّالئكة ،وال َّس ـ ـ ـ ـ ـموات ،واجلنَّة ،والنار ،وجاذً من النعيم
والعذاب ...إخل.
كان حديث القرآن الكر عن ال ـ ـ ـراء يف ـ ـ ــورة ال ـ ـ ـراء ،وعن اَّعراً يف ـ ـ ــورة النَّ م،
وذكر حكمة ال ـ ـ ـراء يف ـ ــورة ال ـ ـ ـراء بقولت ﴿لِن ِريشت ِم ْن آَيتنشا﴾ [اإلس ـ ـراء ]1 :ويف ـ ــورة الن م
بقولت ﴿لششق ْد شرأش ِم ْن آَيت شرِب ِت الْك ْ شرب ﴾ [النجم .]18 :ويف ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراء واَّعراً علوم ،وأ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرار،
ودقائق،ودروس ،شو ِع شرب(.)1
ـيا رأ فيت فردأ بسـ ـ ـ ٍ
حادث ٍ ٍ جمرديقول األ ـ ـ ــتاذ أبو احلسـ ـ ــن النَّدوأ « يكن ال ـ ـ ـراء َّ
ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم ا َيت الكرب ،ودلَّ لت ملكوت ال َّس ـ ـ ـ ـ ـموات ،واألرض
معان دقي ٍ
قة ٍ الرحلة النَّبوية ال يبية عل م ـ ــاهد ًة ،عياانً بل -زَيد ًة إىل ذلك -اش ـ ــتملت هذه ِ
ص ـ ـة ال ـ ـراء ،وأعلنت ال ُّس ـ ـوراتن الكرميتان ٍ
حكيمة بعيدة اَّد فقد ـ ـ َّـمت ق َّ كثريةٍ ،وشـ ــار ٍ
ات
نب القبلت ، اللَّتان نايلتا يف شـ ــأنت «ال ـ ـراء» و«النَّ م» َّ
أن حممداً هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم هو ُّ
وإمام اَّ رق واَّ رب ،ووارث األنبياء قبلت ،وإمام األجيال بعده ،فقد التقت يف شهصت ،ويف
إ ـرائت مكة ابلقدس ،والبيت احلرام ابَّسـ د األقصـ ،وهللاـلَّ ابألنبياء خلفت ،فكان هذا إيذاانً
الايمان ،وأفادت
بعموم ر ــالتت ،وخلود إمامتت ،وإنســانيَّة تعاليمت ،وهللاــالحيتها حختال اَّكان و َّ
ـ ــورة ال ـ ـراء تعي ش ــهص ــية النَّب هللا ــل هللا عليت و ــلم ،ووهللاـ ــف إمامتت ،وقيادتت ،وحتديد
األمة اليت بعث فيها ،وامنت بت ،وبيان ر ــالتها ودورها الَّذأ ــتمثِلت يف العا ،ومن ب مكانة َّ
ال ُّعوب ،واألمم»(.)2
السنَّة (.)292/1
انظر األ اس يف ُّ
()2
363
أوالً :قصة اإلسراء واملعراج كما جاءت يف بعض األحاديث:
مالك ر ـ ـ ــي هللا عنت قال قال ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم «أتِيت عن أنس بن ٍ
ابلرباق -وهو داب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة أبيض طويل ،فوق احلمار ودون الب ل ،يض ــع حافره عند منته طشْرفت - ش
حض أتيــت بيــت اَّقــدس ،قــال فربطتــت ابحللقــة الَّيت يشـ ْربِا بــت األنبيــاء .قــال مثَّ
)1 (
قــال فركبتــت َّ
نانء من ط ٍر، دخلت اَّس ـ ـ ـ د فص ـ ـ ـلَّيت فيت ركعت ،مثَّ خرجت ،ف اءين جربيل عليت الس ـ ــالم ٍ
ٍ
وإانء من ل ٍ
ت الفطرة»( ...)2فذكر احلديث [مسلم (. ])162 ب ،فاخ ت اللَّب ،فقال جربيل اخ ش
نب هللا هللاــل هللا عليت و ــلم حدَّثت عن أن َّويف حديث مالك بن هللاــعصــعة ر ــي هللا عنت َّ
ليلة أ ـ ـ ـ ـ ـ ــرأ بت ،قال «بينما أان يف احلطيم( - )3ورمبا قال يف احلِ ر -مض ـ ـ ـ ـ ـ ــط عاً إذ أاتين
ات( ،)4فشـ شق َّد -قال ومسعتت يقول ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـق -ما ب هذه إىل هذه ،فقلت لل ارود وهو إىل ٍ
صـ ـ ـ ِت( )7إىل ش ـ ــعرتت -جنب ما يع بت؟ قال من ث رةِ حن ِرهِ ()5إىل ِشـ ـ ـعرتت()6ومسعتت يقول من قش ِ
ْش
ت من ذه ٍ الوءةٍ إمياانً ،فشـ ِس ـ ـ شل قلب ،مثَّ ح ـ ـ شـي ،مثَّ أ ِع ش
يد ،مثَّ فا ـ ــتهرً قلب ،مثَّ أتيت بطشس ـ ـ ٍ
ْ
الرباق َي أاب حاية؟! قـال ٍ
أتيـت بـدابـة دون الب ـل ،وفوق احلمـار أبيض -فقـال لـت اجلـارود هو ش
أنس نعم -يض ـ ـ ـ ـ ـ ــع شخطْ شوه عند أقص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ طشْرفت( ،)8فل ِملت عليت ،فانطشلش شق يب جربيل َّ
حض أت
()9
حممد ،قيل قيل ومن معك؟ قال َّ ش ، جربيل قال هذا؟ ن
ْ م
ش فقيل ال َّس ـ ـ ـماء الدُّنيا ،فا ـ ــتفت ش
وقد أرِ ـ ـ ـ ـ ـ شل إليت؟ قال نعم .قيل مرحباً بت( ،)10فنعم اايء جاء ،فشـ شفتش ،فلما شخلشص ـ ـ ـ ــت فَذا
فرد الســالم ،مثَّ قال مرحباً ابحبن فيها آدم ،فقال هذا أبوك آدم ،فش شس ـلِم عليت ،فس ـلَّمت عليتَّ ،
حض أت ال َّسـ ـ ـماء الثَّانية فا ـ ــتفت ،قيل شم ْن هذا؟ قال صـ ـ ـاأ .مثَّ هللا ـ ــعِد يب َّ
َّب ال َّ
صـ ـ ـاأ ،والن ِ
ال َّ
جربيل ،قيل ومن معك؟ قال حممد ،قيل وقد أر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل إليت؟ قال نعم ،قيل مرحباً بت ،فنعم
بيل التَّنويت بقدرة هللا وعظيم كرمت. بيل النَّقص ،بل عل ( )1أبكي ألن الماً ...ليس هذا عل
( )2رفعت س قـ ِربت س.
السدر.( )3النَّبق هو شر ِ
365
اذان الفيلة ،قال هذه ِ ـ ـ ـ ـدرة اَّنته ،وإذا أربعة أ،ا ٍر ،ران ابطنان،
ه ر( ،)1وإذا ورقها مثل ِ
شش
و،ران ظاهران ،فقلت ما هذان َي جربيل؟! قال َّأما الباطنان فنهران يف اجلنَّة ،و َّأما الظاهران
فع س البيت اَّعمور. ِ
فالنيل والفرات ،مثَّ ر ش
ٍ وإانء من ل ٍ نانء من ط ٍرٍ ، مثَّ أتي ــت ٍ
ب ،فق ــال هي ب ،وإانء من عس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـل ،ف ــأخ ــذت اللَّ ش
الفطرة( )2الَّيت أنت عليها ،و َّأمتك.
ِ ٍ
كل يوم ،فرجعت ،فمررت عل مو ـ ـ ،قال ش ص ـ ـالة طس ـ ـ هللا ـ ــال ًة َّ علي ال َّ ـت َّ مثَّ ف ِر ـ ـ ْ
إن َّأمتك ح تســتطيع طسـ هللاــال ًة كل ٍ
يوم، يوم .قال َّ أ ِمرت؟ قال أمرت مسـ هللاــال ًة كل ٍ
َّ َّ
فارجع إىل ربِك،
ْ جربت النَّاس قبلك ،وعاجلت ب إ ـ ـ ـ ـ ـ ـرائيل أشـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـد اَّعاجلة(،)3 وإين وهللا! قد َّ ِ
ألمتك ،فرجعت ،فو ع ع ِ ع راً ،فرجعت إىل مو ،فقال مثلت ،فرجعت، فا ألت التَّهفيف َّ
فو ـ ــع ع ِ ع ـ ـراً ،فرجعت إىل مو ـ ـ ،فقال مثلت ،فرجعت ،فو ـ ــع ع ِ ع ـ ـراً ،فرجعت إىل
كل ي ٍوم ،فرجعت ،فقال مثلت ،فرجعت مو ـ ـ ـ ـ ،فقال مثلت ،فرجعت ،فأمرت بع ـ ـ ـ ــر هللاـ ـ ـ ــلوات َّ
ت؟ قلت أمرت مس ِ ِ ٍ فأمرت مس هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــلو ٍ
كل يوم ،فرجعت إىل مو ـ ـ ـ ـ ـ ـ ،فقال ش أم ْر ش ات َّ
ات كل ٍ ات كل ٍ
جربت النَّاس
وإين قد َّ يومِ ، إن أمتك ح تسـ ـ ـ ــتطيع طس هللاـ ـ ـ ــلو ٍ َّ يوم ،قال َّ هللاـ ـ ـ ــلو ٍ َّ
فارجع إىل ربك فا ـ ـ ـ ــألت التهفيف ألمتَّك ،قال ْ قبلك ،وعاجلت ب إ ـ ـ ـ ـرائيل أش ـ ـ ـ ـ َّـد اَّعاجلة،
مناد أمضــيتٍ ــألت ِريب حض ا ــتلييت ،ولكن أر ـ ،وأ ــلِم ،قال فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما جاوزت اند
فريضيت ،وخففت عن عبادأ» [البخاري ( )3207ومسلم (. ])164
ـنة ،هكذا قال القا ـ ــي كانت حادثة ال ـ ـ ـراء واَّعراً قبل ه رتت -عليت ال َّسـ ـ ـالم -بس ـ ـ ٍ
عياض يف ال ِ فا(.)4
ولـ ـ ـ َّـما رجع ر ول هللا هللال هللا عليت و لم من رحلتت اَّيمونة أخرب قومت بذلك ،فقال يم
عدأ ،وعمرو بن ه ام ،والوليد بن اَّ رية ِإين هللاليت اللَّيلة الع اء جملس حضره اَّطعم بن ٍ يف ٍ
يف هذا اَّسـ ـ ـ د ،وهللا ـ ــليت بت ال داة ،وأتيت فيما دون ذلك بيت اَّقدس ،فشـن ِ ـ ـ ـر س رها من
األنبياء منهم إبراهيم ،ومو ـ ـ ـ ـ ـ وعيس ـ ـ ـ ـ ـ ،وهللا ـ ـ ـ ـ ـلَّيت هبم ،وكلَّمتهم ،فقال عمرو بن ه ـ ـ ـ ــام
( )1قالل ه ر يضرب هبا اَّثل لكربها ،وه ر قرية يف البلرين ،والقلَّة اجلرة الكبرية.
( )2الفطرة دين ال الم.
أشد اَّعاجلة مار ت ب إ رائيل َّ
أشد اَّمار ة. ( )3عاجلتهم َّ
( )4انظر ال ِ فا بتعريف حقوق اَّصطف (.)108/1
366
الصدر ،ظاهر الربعة ،ودون الطول ،عريض َّ كاَّستهايئ بت ِهللا ْفهم س ،فقال َّأما عيس ففوق َّ
الدَّم ،جعد ،أش ــعر ،تعلوه هللاـ ـ ْهبشة( ،)1كأنَّت عروة بن مس ــعود الثَّقفي .و َّأما مو ـ ـ فض ــهم آدم،
طوال ،كأنَّت من رجال شش ـ ـ ـ ـ ـنوءش شة ،م اك األ ـ ـ ـ ـ ــنان ،مقلَّص ال َّ ـ ـ ـ ـ ـفة ،خارً اللَّثة ،عابس ،و َّأما
إبراهيم فوهللا إنت ألشبت النَّاس يب ،شخ ْلقاً ،وخلقاً(.)2
فقالوا َي حممد! فص ـ ـ ـ ـ ـ ــف لنا بيت اَّقدس ،قال «دخلت ليالً ،وخرجت منت ليالً» ،فأاته
جربيل بص ـ ـ ـ ــورتت يف جناحت ،ف عل يقول «ابب منت كذا ،يف مو ـ ـ ـ ــع كذا ،وابب منت كذا ،يف
مو ع كذا».
ت انقة يم، ابلروحاء ،قد ش ـ ـ ـلَّ ْ
مثَّ ـ ـ ــألوه عن عريهم ،فقال يم «أتيت عل عري ب فالن َّ
فانطلقوا يف طلبها ،فانتهيت إىل رحايم ،ليس هبا منهم أحد ،وإذا قد ماء ،ف ـ ـ ـ ـ ـ ــربت م نت،
فا ـ ـ ـ ـ ـ ــألوهم عن ذلك» -قالوا هذه واللت اية! « -مثَّ انتهيت إىل عري ب فالن ،فنفرت م ِ
البــل ،وبرك منهــا ــل أحر ،عليــت جوالِق( )3ملطَّا ببيــاض ،ح أدرأ أكس ـ ـ ـ ـ ـ ــر البعري ،أم ح؟
فالن يف التَّنعيم، ٍ فا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــألوهم عن ذلك» -قالوا هذه واللت اية! « -مثَّ انتهيت إىل عري ب
يقــدمهــا ــل أورق( ،)4وهــا هي تطلع عليكم من الثَّنِيَّـة»()5فقــال الوليــد بن اَّ رية ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحر،
فانطلقوا ،فنظروا ،فوجدوا األمر كما قال ،فرموه ابل ِس ـ ـ ـلر ،وقالوا هللا ـ ـ ــدق الوليد بن اَّ رية فيما
قال [املطالب العالية ( ،204 - 201/4وجممع الزوائد ( )76 - 75/1وابن هشام يف السرية النبوية (. ])11/2
تدوا ،وذهكانت هذه احلادثة فتنةً لبعض النَّاسِ ،اَّن كانوا امنوا ،وهللا ـ ـ ـ ـ ــدَّقوا ابلدَّعوة ،فار ُّ
الص ِديق ر ي هللا عنت ،فقالوا هل لك إىل هللااحبك؟ يايعم أنَّت أ رأ بعض النَّاس إىل أيب بك ٍر ِ
بت اللَّيلة إىل بيت اَّقدس!
قال أشو قشال ذلك؟! قالوا نعم! قال لئن كان قال ذلك لقد هللادق! قالوا أو ِ
تصدقت أنَّت ش
ذه اللَّيلة إىل بيت اَّقدس ،وجاء قبل أن يصب ؟!
قال نعمِ ،إين ألهللاـ ِـدقت فيما هو أبعد من ذلك ،أهللاـ ِـدقت رب ال َّس ـماء ،يف دوةٍ أو روحة .
ودروس ،وعربٌ:
ٌ اثنياً :فوائد،
ٍ
عظيمة ،فهذه تعرض ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم َّ ٍن كل ٍ
حمنة منلة ،وقد َّ - 1بعد ِ
ـت
ثقيف ،ويف قبـائـل العرب ،وأحكم ْ قريش قـد ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدَّت الطَّريق يف وجـت الـدَّعوة يف م َّكـة ،ويف ٍ
َّب هللال هللا عليت و لم يف خط ٍر بعد كل جان ٍ ،وأهللاب الن ُّاحلصار َّد الدعوة ورجاحهتا من ِ
ماض يف طريقت ،هللاــاب ٍر ألمرعمت أيب طال ٍ أكرب حاتت ،ور ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ٍ وفاة ِ
حمارب ،وح كيد مس ـ ـ ـ ــتهاي ٍء ،فقد ان األوان للملنة ربِت ،ح أتخذه يف هللا لومة حئ ٍم ،وح حرب ٍ
رب العاَّ ،فيعرً بت من دون اخلالئق العظيمة ،ف اءت حادثة ال راء واَّعراً ،عل قش شد ٍر من ِ
اب ،ويطلعت عل ـول ،وح ح ٍ يعاً ،ويكرمت عل هللا ــربه ،وجهاده ،ويلتقي بت مباش ــرة دون ر ـ ٍ
احد ،فيكون المام، ـعيد و ٍ الر ـ ـ ـ ـ ــل يف هللا ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
عوا ال ي دون اخللق كافَّةً ،وجيمعت مع إخوانت من ُّ
والقدوة يم ،وهو خاَتهم ،وآخرهم هللال هللا عليت و لم (. )1
مرحلة جديدةٍ ،مرحلة اي رة، ٍ الر ـ ـ ــول هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم كان م ْق ِدماً عل
إن ََّّ - 2
الدولة ،يريد هللا تعاىل لِلَّبِنشات األوىل يف البناء أن تكون ـ ـ ـ ــليمةً قويَّةً ،م ا َّ
هللا ـ ـ ـ ـةً واحنطالق لبناء َّ
الضعا اَّ ِددين ،والَّذين ف من ِ متما كةً ،ف عل هللا هذا احختبار والتَّمليص ليهلِص َّ
الص َّ
يف قلوهبم مرض ،ويثبِت اَّؤمن األقوَيء واخللَّص الذين َّسـوا عياانً هللاــدق نبيِهم بعد أن َّســوه
ـعد ي مرهم ،وهم حول أأ ـ ـ ـ ٍ حم وطهم ،و ُّ فأأ ٍ
تص ـ ــديقاً ،وش ـ ــهدوا مد كرامتت عل ربِتُّ ،
َّب اَّص ـ ـ ـ ـ ـ ــطف ،وقد امنوا بت ،وقدَّموا حياهتم فداءً لت ،ولدينهم؟! كم ي َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ الميان يف هذا الن ِ
مكة يف جوا ٍر ،وبعد أذ قلوهبم أمام هذا احلدث الَّذأ ذَّ بعد وعثاء ال طَّائف؟! وبعد دخول َّ
السفهاء؟!(.)2 الصبيان ،و ُّ ِ
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم العالية ،تت َّس ـد يف مواجهتت للم ــرك أبم ٍر إن ش ـ اعة الن ِ َّ - 3
تنكره عقويم ،وح تدركت يف َّأول األمر تص ـ ـ ـ ـ ُّـوراهتم ،و مينعت من اجلهر بت اخلو من مواجهتهم،
ألمتت أروي األمثلة يف اجلهر وتلقي نكريهم ،وا ــتهايائهم ،فض ــرب بذلك هللا ــل هللا عليت و ــلم َّ ِ
كل ما يف و عهم ،وكان من حكمة احلق ،وجنَّدوا حلربت َّ حتايبوا َّد ِابحلق أمام أهل الباطل ،وإن َّ ِ
القوأ يف هذا احلدث اجلشلش ِل ،فعندما أخربه الكفَّار، الص ِديق ر ي هللا عنت ُّ - 4يظهر إميان ِ
قال بلسـ ـ ـ ــان الواثق لئن كان قال ذلك لقد هللاـ ـ ـ ــدق! مثَّ قال ِإين ألهللاـ ـ ـ ـ ِـدقت فيما هو أبعد من
الص ِديق ،وهذا منته الفقت، ِ تلق لق
روحة ،وهبذا ا َّ السماء يف دوةٍ ،أو ٍ ذلكِ ،
أهللادقت رب َّ
واليق ،حيث وازن ب هذا اخلرب ،ونايول الوحي من ال َّس ـ ـماء ،فب َّ يم أنَّت إذا كان ريباً عل
ليب
ص ـ ـ ـ ـ َّ ص ـ ـ ـ ـليبيَّة خيربان َّ
أن (أرانط) ال َّ والتَّاري قدمياً وحديثاً يؤكِد هذاَّ ،
فَن اتري احلروب ال َّ
الر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم ، هللا ــاح الكة الكرك ،أر ــل بعثةً للل از لالعتداء عل قرب َّ
َّبوأ ،وحاول الربت اليُّون (النَّصـ ـ ــار الكاثوليك) يف بداية العصـ ـ ــوروعل جثمانت يف اَّس ـ ـ ـ د الن ِ
ص ـليبيُّون ،ولكن اَّقاومة احلديثة الوهللاــول إىل احلرم ال َّ ـريف لتنفيذ ما ع اي عنت أ ــالفهم ال َّ
اجلهنمي ،وبعد ِ ال َّ ـ ـ ـ ـ ـديدة الَّيت أبداها اَّماليك ،وكذا العثمانيُّون ،حالت دون إَتام م ـ ـ ـ ـ ـروعهم
أبن ايد بعد ذلك حرب ( 1967م) ،الَّيت احتل اليهود فيها بيت اَّقدس هللا ـ ـ ـ ـ ــر زعمايهم َّ
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب فارس ،ص .213
371
مقدمة ذلك مدينة ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،وخيرب. احتالل احل از ،ويف ِ
لقد وقف دافيد بن جوريون زعيم اليهود بعد دخول اجليش اليهودأ القدس ،يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعرض
جنوداً وشـ ـبَّاانً من اليهود ابلقرب من اَّسـ ـ د األقصـ ـ ،ويلقي فيهم خطاابً انرَيً ،خيتتمت بقولت
«لقد ا تولينا عل القدس ،وحنن يف طريقنا إىل يثرب»(.)1
ووقفت جولدا مائري رئيس ـ ـ ــة وزراء اليهود ،بعد احتالل بيت اَّقدس ،وعل خليت إيالت
العقبــة ،تقول «إنَّ أش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـم رائلــة أجــدادأ يف اَّــدينــة ،واحل ــاز ،وهي بالدان اليت ـ ـ ـ ـ ـ ــو
نس جعها»(.)2
وبعد ذلك ن ر اليهود خريطةً لدولتهم اَّنتظرة الَّيت طلت اَّنطقة من الفرات إىل النِيل ،مبا
يف ذلك اجلاييرة العربيَّة ،واألردن ،و ـ ـ ــورية ،والعراق ،ومص ـ ـ ــر ،واليمن ،والكويت ،واخلليت العريب
ووزعوا خريطة دولتهم هذه بعد انتصارهم يف حرب ( )1967م يف أوروبة(.)3 كلِتَّ ،
اية واحدةٍ فقا .قال ص ـ ـة ال ـ ـراء يف ٍ - 10ير القارئ يف ـ ــورة ال ـ ـراء َّ
أن هللا ذكر ق َّ
صـ الَّ ِذأ شاب شرْكنشا ِِ تعاىل ﴿ ـْبلا شن الَّ ِذأ أش ْ ـر بِعْب ِدهِ لشْيالً ِمن الْمسـ ِ ِد ْ ِ
احلششرام إِ شىل الْ شم ْسـ د األشقْ ش ش شْ ش ش ش
حولشت لِن ِريت ِمن آَيتنشا إِنَّت هو ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ِميع الْب ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـري ﴾ [اإلسـ ـ ـ ـراء ]1 :مثَّ أخذ يف ذكر فض ـ ـ ـ ــائ اليهود، ش ش شْ ش ْ
أن هذا القرآن يهدأ لِلَّيت هي أقوم ،واحرتباط ب ا َيت يف ـ ـ ـ ـ ـ ــورة وجرائمهم ،مثَّ نبَّههم إىل َّ
األمة النسانيَّة َّا ارتكبوا من اجلرائم عايلون عن منص قي ــادة َّ أن اليه ــود ي ش ال راء ،ي ي ــر إىل َّ
يبق معها جمال لبقائهم عل هذا اَّنص ،وأنَّت يصري إىل ر ولت هللال هللا عليت و لم ، الَّيت ش
وجي شمع لت مركايا الدَّعوة البراهيمية كاللا(.)4
ائيلي ،وبيَّنت كيف هتاو ب ملال القو تعر ـ ــت لال ـ ــتبداد ال ـ ـر ِ إن ـ ــورة ال ـ ـراء َّ َّ
ـَن من الفوائــد العظيمــة يف رحلــة الايمــان «الفرس ،والروم» ولــذلــك فـ َّ الـ َّـدوليــة الكرب يف ذلــك َّ
ألن من أو ـ آَيت هللا ال ـراء لر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم و َّأمتت ريية بعض آَيت هللا َّ
الروماينُّ الفار ـ ـ ُّـي - اَّتعلقة ابَّس ـ ـ ـ د األقص ـ ـ ـ هي آَيتت التَّارخييَّة الَّيت كان يعكس ـ ــها ال ِ
ص ـ ـ ـراي ُّ
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب فارس ص .314
( )2جريدة ا ُّلد تور األردنيَّة ،العدد ( )4613بقلم أميل ال ورأ ،نقالً عن ِ
السرية النَّبوية ،أليب فارس ،ص .314
( )3انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب فارس ،ص .215
الرحيق اَّهتوم ،للمباركفورأ ،ص ، 120بتصر . انظر َّ
()4
372
ائيلي قبل ال راء(.)1 ال ر ُّ
َّهذوا ِم ْن د ِوين شوكِيالً قال تعاىل ﴿وآتشـيـنشا مو ـ الْ ِكتشاب وجع ْلنشاه هد لِب ِ إِ ـرائِيل أشحَّ تشـت ِ
ً ش ْش ش ش ش شش ش ْ ش
ابضـ ـ ـ ـ ـْيـنشا إِ شىل ب ِ إِ ْ ـ ـ ـ ـ ـرائِيل ِيف الْ ِكتش ِ ذ ِريَّةش شم ْن شحشْلنشا شم شع نو ٍ إِنَّت شكا شن شعْب ًدا ششـ ـ ـ ـ ـك ًورا شوقش ش
ش ش ش
اب لشتـ ْف ِسـ ـ ـ ـ ـد َّن ِيف األ ْشر ِ
ض شمَّرتش ْ ِ شولشتشـ ْعل َّن ض مَّرتش ْ ِ ولشتشـ ْعل َّن عل ًّوا شكبِريا الْ ِكتش ِ
ً
ِ ِ
لشتـ ْفسـ ـ ـ ـ ـد َّن يف األ ْشر ِ ش ش
عل ًّوا شكبِ ًريا فشَِذشا شجاءش شو ْعد أوحشلشا بشـ شعثْـنشا شعلشْيك ْم ِعبش ًادا لشنشا أ ِوس شأبْ ٍس ششـ ـ ـ ـ ـ ـ ِدي ٍد فش ش ا ـ ـ ـ ـ ـ ـوا ِخالش شل
الـ ِـد شَي ِر شوشك ـا شن شو ْع ـ ًدا شم ْفعوحً مثَّ شرشد ْد شان لشكم الْ شكَّرشة شعلشْي ِه ْم شوأشْم ـ شد ْد شانك ْم ِأب ْشم شو ٍال شوبشنِ ش شو شج شع ْلنش ـاك ْم
شح شس ـْنـت ْم ِألنْـف ِس ـك ْم شوإِ ْن أش ش ـأْ ْذ فشـلش شها فشَِ شذا شجاءش شو ْعد ا خرةِ لِيشس ـوءوا ِ
أش ْكثشـشر نشف ًريا إِ ْن أ ْ
شح شس ـْنـت ْم أ ْ
علشوا تشـْتبِريا ﴾ [اإلسراء. ]7 - 2 : ٍ ِِ ِ ِ
وهك ْم شوليش ْدخلوا الْ شم ْس شد شك شما شد شخلوه أ َّشوشل شمَّرة شوليـتشربوا شما ش ْ ً وج ش
أن ( تنصـ ـ ـ ـ ـ ــر) أبم ٍر من ملك الفرس( ،)2قد قام بتهري ذكر ابن كث ٍري يف البداية والنِهاية َّ
وتفرقت بسـ ـ ــب ذلك بنو إ ـ ـ ـرائيل ،فنايلت طائفة احل از، الدَيرَّ ، الكة اليهود ،وجاس خالل ِ
وطائفة يثرب ،وطائفة بوادأ القر ،وذهبت شـ ـ ــرذمة َّصـ ـ ــر( ،)3وقد وقع هذا الدَّمار الفار ـ ـ ـ ُّـي
السادس قبل اَّيالد (597ق.م)(.)4 لدولة اليهود ،يف القرن َّ
الروماين للدَّولة اليهوديَّة «بعد أن أعيد بنايها» ،فقد وقع يف َّأما الدَّمار الثاين ،وهو الدَّمار ُّ
وفر
الروماين (تيتوس) هيكل أورش ـ ـ ـ ــليمَّ ، األول ( 70م) ،وذلك ح هدم القائد ُّ القرن اَّيالدأ َّ
الدي ِ ،وتتابعت ه رهتم ،وانته بعضـ ـ ــهم إىل وماين ال ِس ـ ـ ـيا ـ ـ ـ ِـي ِ
الر ِ اليهود من وجت اح ـ ـ ــطهاد ُّ
جنوب اجلاييرة العربية ،حيث بقهم أجدادهم األوائل(.)5
اليهودأ يف أطرا اجلاييرة العربيَّة ،ما زال مل جرثومة الفس ــاد يف األرض ،فَذا
ُّ فال َّ ـ ـتات
ـتعد يا ،فعليت أن لِل
الر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم قد ا ــتوع الظَّاهرة القرش ـيَّة ،وا ـ َّكان َّ
جمرد َّأم ٍة اترخييَّ ٍة ،كعاد ،وشود ،ت شورد أخبارها ()6
الظاهرة اليهوديَّة ،ويس ـ ـ ـ ـ ـ َّ
ـتعد يا ،فاليهود ليسـ ـ ـ ـ ـ ـوا َّ
العريب الَّذأ يعيش فيت َّ
الر ـ ـ ـ ـول لإلرش ـ ـ ــاد ،واحعتبارَّ ،
وإجا هم َّأمة يا حض ـ ـ ــور كثيف يف الواقع ِ
الر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم عن ملاطر األمراض احجتماعيَّة ،وب َّ
- 13حتدَّث َّ
عقوبتها ،كما شاهد ذلك يف ليلة ال راء واَّعراً ومن هذه األمراض وعقوبتها
رأ ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم أان ـ ـ ـ ـاً ركلون عقوبة جرمية ال يبة واَّ تاب
[أمحد (. ])257/1 اجليف ،فأخربه جربيل «هؤحء الَّذين ركلون حلوم النَّاس»
رأ ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم رجاحً يم م ــافر - عقوبة أكلة أموال اليتام
ش ـ ـ ـ ـ ـ ــفاه كبرية -كم ـ ـ ـ ـ ـ ــافر البل يف أيديهم قطع من انر كاألفهار -أأ احل ارة -
الصلابة ر ي هللا عنهم ،مسؤوليتهم أللية اَّس د األقص أدرك َّ الصلابة ِ - 14إدراك َّ
فلرره يف عهد عمر بن اخلطَّاب الرومانَّ ،حنو اَّسـ ـ ـ ـ د األقصـ ـ ـ ـ ،وهو يقع أ ـ ـ ـ ـرياً حتت حكم ُّ
صـ ـليبيُّون فس ــاداً فيت بعد طس ــة قرون، حض عاث ال َّ
وظل ينعم ابألمن ،واألمانَّ ، ر ــي هللا عنتَّ ،
فلرره اَّسلمون
من ه رة اَّصطف هللال هللا عليت و لم ،ومكثوا ما يعادل قرانً يعيثون فساداًَّ ،
هودأ ،فم ــا الطَّريق إىل
األيويب ،وه ــا هو ذا يقع حت ــت اححتالل الي ِ ِ بقي ــادة هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــال ال ـ ِـدين
هليصت؟(.)3
الطَّريق إىل هليصـ ـ ــت اجلهاد يف ـ ـ ــبيل هللا عل اَّنهت الَّذأ ـ ـ ــار عليت ال َّ
ص ـ ـ ـلابة الكرام
ر ي هللا عنهم.
***
كل ما ورد من رواَيت يف هذه العقوابت الَّيت راها النَّب هللال هللا عليت و لم يف رحلة اَّعراً ،هو حديث مروأ عن أيب عيد اخلدرأ ر ي هللا عنت،
و ُّ
()1
قصة اَّعراً ،ري أنَّت يرد يف هذا نص هللالي عن ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،و
وهو موجود يف بعض كت التفا ري ،ويف رية ابن ه ام يف َّ
ِ
البهارأ أو يف مسلم ،وهللا أعلم. خيرً هذا احلديث يف
( )2تفسري الطَّربأ ( ، )7/15والفت الرابين (.)257/20
( )3انظر اخلصائص الكرب ( )171/1و ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب فارس ،ص .220
376
الفصل اخلامس
األول
املبحث َّ
الطَّواف على القبائل طلباً للنيصرة
بعد رجوعت هللا ــل هللا عليت و ــلم من الطَّائف بدأ يعرض نفس ــت عل القبائل يف اَّوا ــم،
جل -وكان عاي و َّ حض يبلِ كالم هللا َّ -ي ـ ـ ــر يم ال ـ ـ ــالم ،ويطل منهم اليواء ،والنُّص ـ ـ ــرةَّ ،
احلت الَّيت دتمع فيها القبائل يتلرك يف اَّوا م التِ ارية ،وموا م ِ ر ول هللا هللال هللا عليت و لم َّ
ص ـ ِديق
وفْق خطٍَّة ــيا ـيَّ ٍة دعويٍَّة وا ــلة اَّعا ،وحمدَّدة األهدا ،وكان يص ــاحبت أبو بكر ال ِ
ش
ص ـ ـ ـص يف معرفة أنسـ ـ ــاب العرب ،واترخيها ،وكاان يقصـ ـ ــدان « شرر النَّاس ،ووجوه الرجل الَّذأ ه َّ
َّ
القبائل ،وكان أبو بكر ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت ،يس ـ ـ ـ ـ ـ ــأل وجوه القبائل ،ويقول يم كيف العدد فيكم؟
وكيف اَّنعة فيكم؟ وكيف احلرب فيكم؟ وذلك قبل أن يتلدَّث ر ول هللا هللال هللا عليت و لم
،ويعرض دعوتت»(.)1
يقول اَّقريايأ «مثَّ عرض هللال هللا عليت و لم نفست عل القبائل َّأَيم اَّوا م ،ودعاهم إىل
مرة ،وبنو حنيفة ،وبنو ـ ــليم ،وبنو عبس، ال ـ ــالم ،وهم بنو عامر ،و َّس ـ ـان ،وبنو فشـشايارة ،وبنو َّ
وبنو نص ـ ـ ـ ـ ـ ــر ،وثعلبـة بن عكـابـة ،وكنـدة وكلـ ،وبنو احلـارث بن كعـ ،وبنو عـذرة ،وقيس بن
اقدأ أخبار هذه القبائل قبيلةً قبيلةً، اخلطيم ،وأبو اليس ـ ــر أنس بن أيب رافع» وقد ا ـ ــتقصـ ـ ـ الو ُّ
ويقال إنَّت هللا ــل هللا عليت و ــلم بدأ بكندة ،فدعاهم إىل ال ــالم ،مثَّ أت كلباً ،مثَّ ب حنيفة،
حض أبل ر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالة ِريب ف َّ
َن َّ مثَّ ب عامر ،وجعل يقول « شم ْن رجل مل إىل قومت ،فيمنع
قري ـ ـاً قد منعوين أن أبلِ ر ـ ــالة ِريب؟» هذا وأبو ي وراءه يقول للنَّاس ح تسـ ــمعوا منت فَنَّت
كذاب» [أمحد ( )493 ،492/3وابن هشام (. )2(]65 - 64/2
مذأ عن جاب ٍر ر ي هللا عنت تعرض هللال هللا عليت و لم ل ذ العظيم ،فقد رو الِ ُّ وقد َّ
للسمعاين (.)36/1
انظر األنساب َّ ،
()1
الرِد ،ويؤذونت، فريدون عليت أقب َّ تردده عل القبائل يدعوهمُّ ، َّب هللال هللا عليت و لم يف ُّ
وظل الن ُّ
َّ
ويقولون قومت أعلم بت ،وكيف يصـ ـ ـ ــللنا شم ْن أفسـ ـ ـ ــد قومت؟! فلفظوه( )1وكانت ال َّ ـ ـ ـ ـائعات الَّيت
تن ـ ــرها قريش يف أو ـ ــاط احل َّ اً دد رواجاً ،وقبوحً مثل الص ـ ــابئ ،و الم ب هاش ـ ــم الَّذأ
الر ـ ــول هللاـ ــل هللا عليت
ـك أن هذا كان اَّا ُّاي يف نفس َّ يايعم أنَّت ر ـ ــول ،و ري ذلك ،وح شـ ـ َّ
و لم ،ويضاعف أ التَّكذي ،وعدم اح ت ابة(.)2
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم ما هو أشــدُّ ،وأقسـ ، و يقتصــر األذ عل ذلك ،بل واجت َّ
البهارأ يف اترخيت ،والطَّرباينُّ يف الكبري عن مدرك ابن مني أيضـ ـاً ،عن أبيت عن ِ
جده ُّ فقد رو
ر ـ ـ ــي هللا عنت قال رأيت ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم يف اجلاهليَّة ،وهو يقول «َي أيها
النـَّاس! قولوا ح إلــت إح هللا تفللوا» ،فمنهم من تفـ شـل يف وجهــت ،ومنهم من حثــا عليــت ال ُّ اب،
ماء ،ف سل وجهت ،ويديت ،وقال س من ٍ حض انتصف النَّهار ،فأقبلت جارية بِع ٍ ومنهم من بَّت َّ
«َي بنية ! ح شهْ ش ْي عل أبيك لبةً ،وح ذلَّةً !» فقلت من هذه ؟ قالوا زين بنت ر ول هللا
هللال هللا عليت و لم ،وهي جارية و يئة[ .البخاري يف التاريخ الكبري ( )14/2/4والطرباين يف املعجم الكبري ()342/20
ـات مع ب عام ٍر ،وقامت تلك اَّفاو ـ ـ ــات عل الر ـ ـ ــول (ﷺ) أن جيرأ مفاو ـ ـ ـ ٍ اختار َّ
أن ب عامر فالر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم ،وهللاــاحبت أبو بكر ،كاان يعلمان َّ ٍ
وهطياَّ ، درا ـ ٍـة
قبيلة مقاتلة كبرية العدد ،وعايياية اجلان بل هي من القبائل اخلمس الَّيت مي َّس ـ ـها ِ ـ ـبشاء( ،)2و
الر ـ ـ ــول هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم أن َّ تؤد إاتوة ،مثلها مثل قريش ،وخاياعة( ،)3كما َّ َّلك ،و ِ تتبع ٍ
أن هنالك تض ـ ـ ـ ـ ــاداً قدمياً ب ب عام ٍر ،وثقيف ،فَذا كانت ثقيف امتنعت عليت من كان يعلم َّ
الدَّاخل ،فلماذا ح اول أيض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً تطويقها من اخلارً ،واح ـ ـ ـ ـ ـ ــتفادة يف ذلك من ب عامر بن
فَن موقف ٍ
ثقيف َّب هللال هللا عليت و لم أن يربم حلفاً مع ب عامر َّ هللاعصعة ،فَذا ا تطاي الن ُّ
يكون عل حافة اخلطر(.)4
الر ول هللال هللا عليت و لم لـ ـ ـ َّـما أت ب عامر بـ ـ ــن هللاعصعـ ـ ــة، السرية َّ
أن َّ يذكر أهللالاب ِ
فدعا إىل هللا ،وعرض عليهم نفس ـ ـ ـ ــت ،قال لت رجل منهم يقال لت بشـْي شلشرة بن فِراس وهللا! لو أين
أخذت هذا الفض من قريش ،ألكلت بت العرب ،مثَّ قال لت أرأيت إن حنن اتبعناك عل أمرك،
مثَّ أظهرك هللا عل من خالفك ،أيكون لنا األمر من بعدك؟ قال األمر هلل يضــعت حيث ي ــاء،
فقــال لــت أشفشـتـ ْه ـ شد حنوران للعرب دونشـك ،فــَذا أظهرك هللا كــان األمر ل ريان؟! ح حــاجــة لنــا
أبمرك! فأبوا عليت[ .ابن هشـ ـ ـ ـ ــام ( )66/2وأبو نعيم يف الدالئل ( )215والطربي يف اترخيه ( )351 - 350/2وابن سـ ـ ـ ـ ــعد خمتص ـ ـ ـ ـ ـراً
(. ])216/1
وجل -نبيَّت هللال هللا علي بن أيب طال ٍ ر ي هللا عنت قال لـ ـ َّـما أمر هللا َّ -
عاي َّ ففي رواية ِ
عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم أن يعرض نفس ـ ـ ـ ـ ــت عل قبائل العرب خرً ،وأان معت ...إىل أن قال مثَّ دفعنا إىل
اَّثىن -وأ ــلم بعد ذلك -قد اَّثىن ،ش ــيهنا ،وهللا ــاح حربنا ،فقال َّ
بن حارثة ،فقال وهذا َّ
مسعت مقالتك َي أخا قريش! واجلواب فيت جواب هانئ بن قبيص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة يف تركنا ديننا ،ومتابعتنا
381
أحدلا اليمامة ،وا خر ال َّس ـمامة ،فقال لت ر ــول هللا هللاــل وإان َّإجا نايلنا ب هللا ـري
دينكَّ ،
فأما ما كان من أ،ار
ص ـ ـ ـرَين؟ قال أ،ار كس ـ ـ ــر ،ومياه العربَّ ،
هللا عليت و ـ ـ ــلم ما هذان ال َّ
ٍ
عهد أخذه علينا كس ـ ـ ـ ـ ــر ،فذن هللا ـ ـ ـ ـ ــاحبت ري م فوٍر ،وعذره ري ٍ
مقبولَّ ،
وإان إجا نايلنا عل
وإين أر هذا األمر الَّذأ تدعوان إليت َي أخا قريش!
كسر ،أح حندث حداثً ،وح نؤوأ حمداثًِ ،
اا تكره اَّلوك ،فَن أحببت أن نؤويك وننصرك اَّا يلي مياه العرب فعلنا .فقال ر ول هللا هللال
جل -لن ينصــره عاي و َّ
وإن دين هللا َّ - هللا عليت و ــلم ما أ ــأذ يف ِ
الرد إذ أفصــلتم ابل ِ
ص ـدقَّ ،
حض ِ
يورثكم هللا تعــاىل أر ـ ـ ـ ـ ـ ــهم، إح من حــاطــت من يع جوانبــت ،أرأيتم إن تلبثوا إح قليالً َّ
هم فلك ودَيرهم ،ويفرش ــكم نس ــاءهم ،أتس ــبِلون هللا ِ
وتقد ــونت؟ فقال النُّعمان بن ش ـ ـريك اللَّ َّ
ذاك[ .أبو نعيم يف دالئل النبوة (. )1(])214
رابعاً :فوائد ،ودروس ،وعرب:
الرشاد (.)597 ، 596/2 ( )1انظر البداية والنِهاية ( ، )145 ، 143 ، 142/3وفيها زَيدات ليست عند َّ
الصاحلي يف بل َّ
382
َّب هللال هللا عليت و لم ،صوص طل النُّصرة أنَّت كان يطلبها - 4يالحم يف رية الن ِ
ألمرين اثن
حض تس ــري ب الناس حمميَّة اجلان ، أ -كان يطل النُّص ــرة من أجل حاية تبلي الدَّعوة َّ
بعيد ًة عن ال اءة إليها ،وإىل أتباعها.
َّب هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم مقاليد احلكم، ب -كان يطل النُّصـ ــرة ،من أجل أن يتس ـ ـلَّم الن ُّ
السلطان عل أ اس تلك الدَّعوة ،وهذا ترتي طبيعي ل مور. و ُّ
َّب هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم أن يعطي القو اَّس ـ ـ ـ ـ ــتعدة لتقد نصـ ـ ـ ـ ـ ـرهتا أيَّة
- 5رفض الن ُّ
السلطان عل بيل الثَّمن ،أو اَّكافأة َّا ماانت ،أبن يكون ألشهاهللاهم شيء من احلكم ،و ُّ ٍ
ألن الدَّعوة ال ـ ــالميَّة َّإجا هي دعوة إىل وأتييد للدَّعوة ال ـ ــالميَّة وذلك ٍَّ يقدمونت من نص ـ ــرةٍ، ِ
تعد لنصرهتا أن يكون الخالص هلل ،ون دان ر اه هللا ،فال َّرط األ ا ُّي فيمن يؤمن هبا ،ويس ُّ
نفوذ ،أو ر ٍبة يف ـ ـ ٍ
ـلطان، لا ال اية الَّيت يس ـ ــع إليها من النُّص ـ ــرة والتَّض ـ ــلية ،وليس طمعاً يف ٍ
ألن ال اية اليت يضــعها النســان لل َّ ـيء هي الَّيت تكيِف ن ــاط النســان يف ال َّس ـعي إليت، وذلك َّ
ماديٍَّة لضــمان ـللة ِ
أأ مصـ ٍفالبد -إذاً -أن تت َّرد ال اية اَّســتهدفة من وراء نصــرة الدَّعوة عن ِ َّ
أأ احنرا ٍ ،و مان أقص ما ميكن من بذل الدَّعم دوام التأييد يا ،و مان اَّافظة عليها من ِ
كل من يريد أن يلتايم ابجلماعة الَّيت تدعو يا ،وتقد التَّضـ ـ ــليات يف ـ ـ ــبيلها( ،)1في عل ِ
ألن هذه الدَّعوة هلل ،واألمر هلل إىل هللا أح ي ـ ـ ـ ط عليها منص ـ ــباً ،أو عر ـ ـ ـاً من أعراض الدُّنيا َّ
يضعت حيث ي اء ،والدَّاخل يف أمر الدَّعوة َّإجا يريد ابتداءً وجت هللا ،والعمل من أجل رفع رايتت،
َّأما إذا كان اَّنص ـ هو شلَّت ال َّ ـ ـا ل فهذه عالمة خطرية ،تنبئ عن شد شخ ٍن يف نيَّة هللا ـاحبها(،)2
الرَي ة»(.)3ت منت رائلة ِ الرازأ «ح يفل شم ْن شطش ْم ش لذا قال ىي بن معاذ َّ
- 6ومن هللافة النُّصرة الَّيت كان ر ول هللا هللال هللا عليت و لم يطلبها لدعوتت من زعماء
مبعاهدات تتناقض مع الدَّعوة ،وح يس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتطيعونٍ القبائل أن يكون أهل النُّص ـ ـ ـ ـ ـ ــرة ري مرتبط
عر ــها خلطر القضــاء عليهاِ ،م ْن ألن احتضــا،م للدَّعوة -واحلالة هذه -ي ِ التلرر منها وذلك َّ
ُّ
قِبشـ ِل الــدُّول الَّيت بينهم وبينهــا تلــك اَّعــاهــدات ،والَّيت دــد يف الــدَّعوة ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالميَّـة خطراً عليهــا،
. ])340
َّأوالً :االتِّصاالت األوىل ابألنصار يف مواسم ِّ
احلج ،والعمرة:
الصامت
- 1إ الم شويد بن َّ
كان ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،ح يس ـ ــمع ٍ
بقادم يقدم َّ
مكة من العرب ،لت ا ـ ــم،
احلق ،فقدم ـ شويد وشــر ،إح تصـ َّـد لت ،ودعاه إىل هللا ،وعرض عليت ما جاء بت من ايد ،و ِ
مكة حاجاً ،أو معتمراً ،وكان ـ ـ ـ شويد يس ـ ـ ِـميت قومت
صـ ـ ـامت -أخو ب عمرو بن عو َّ - بن ال َّ
فيهم الكامل ،شجلشلده ،و ِشـ ْعره ،وشــرفت ،ونســبت ،فتصـ َّـد لت ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ح
فلعل الذأ معك مثل الَّذأ معي؟ فقال مسع بت ،فدعاه إىل هللا ،وإىل ال ــالم ،فقال لت ـ شويد َّ
لت ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم «وما الَّذأ معك؟» قال جملَّة( )1لقمان ،فقال لت ر ـ ــول
إن هذا الكالم حس ـ ــن ،والَّذأ معي أفض ـ ــل من علي» فعر ـ ــها عليت ،فقال « َّ
هللا «اعر ـ ــها َّ
هد ونور» ،فتال عليت ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم القرآن،علي ،وهو ً هذا؟ قرآن أنايلت هللا َّ
وعل أيَّة ٍ
حال ،ح توجد دحئل عل قيام ـ ـ شويد بن الص ــامت ابلدَّعوة إىل ال ــالم و ــا
قومت(.)1
- 2إ الم إَيس بن معاذ
ل ـ ـ ـ َّـما قدم أبو احلشْيسر بن رافع َّ
مكة ،ومعت فتيان من ب عبد األ ْش شهل ،فيهم إَيس بن معاذ، ش
يلتمس ــون احللف من قريش عل قومهم من اخلايرً مسع هبم ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ،
فأاتهم ،ف لس إليهم ،فقال « هل لكم يف خري اَّا جئتم لت؟» قالوا لت وما ذاك؟ قال «أان
علي
ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا ،بعث إىل العباد ،أدعوهم إىل أن يعبدوا هللا ،وح ي ـ ـ ـ ـ ـ ــركوا بت ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاً ،وأنايل َّ
الكتاب» ،مثَّ ذكر يم ال الم ،وتال عليهم القرآن ،فقال إَيس بن معاذ -وكان الماً حداثـً ـ ـ
اب ،و ـ ـ ــرب هبا وجهت ،وقال دعنا هذا وهللاِ خري اَّا جئتم لت ،فأخذ أبو احليس ـ ـ ــر ح ْفنشةً من تر ٍ
ش
منك ،فلش شعم ِرأ لقد جئنا ل ري هذا! فصــمت إَيس ،وقام ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم عنهم،
وانص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرفوا إىل اَّدينة ،وكانت وقعة ب عاث ب األوس ،واخلايرً ،مثَّ يلبث إَيس بن معاذ أن
حض هلك ،وقد رو من حض ـ ـ ـ ـ ــره من قومت ،أنَّت ما زال يهلِل هللاِ ،
ويكربه ،و مده ،ويس ـ ـ ـ ـ ــبلت َّ
مات ،فما كانوا ي ـ ُّـكون أنَّت مات مس ــلماً ،لقد ا ــت ــعر ال ــالم يف ذلك االس ،ح مسع
[ابن هش ــام ( )70 - 69/2وأمحد ( )427/5والطرباين يف املعجم الكبري من ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ما مسع.
( )805والبيوقي يف دالئل النبوة ( )421 - 420/2والطربي يف اترخيه ( )353 - 352/2وجممع الزوائد ( )36/6واإلصابة (. ])102/1
احلت عند عقبة مىن ،قال يم ر ـ ــول هللا كانت البداية اَّثمرة مع ٍ
وفد من اخلايرً يف مو ـ ــم ِ
فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما كلَّم ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم أولئك النَّفر ،ودعاهم إىل هللا قال بعضـ ــهم
َّب الَّذأ َّ
توعدكم بـت يهود ،فال تسبقنَّكم إليت ،فأجابوه فيما لبعض َي قوم! تعلمون وهللا أنَّـت للن ُّ
دعاهم إليت ،أبن هللادَّقوه ،وقشبِلوا من ـ ـ ـ ــت ما عرض عليهم من ال الم ،وقالوا َّإان قد تركنا قومن ـ ـ ـ ــا،
وح قوم بينهم من العداوة وال ِر ما بينهم ،فعس أن جيمعهم هللا بك ،فسنقدم عليهم ،فندعوهم
إىل أمرك ،ونعرض عليهم الَّـ ـ ــذأ أجبناك إليت من هذا ِ
الديـ ـ ــن ،فَن جيمعهم هللا عليك ،فال رجل
أعاي منك .مثَّ انص ـ ـ ــرفوا عن ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم راجع إىل بالدهم ،وقد آمنوا،
ُّ
وهللادَّقوا( ،)1وكانوا تَّة نف ٍر ،وهم أبو أمامة أ عد بن زرارشة ،وعو بن احلارث من ب النَّ ار،
ورافع بـن مالك ،وقطْبـة بـن عام ٍر ،وع ْقبـة بـن عام ٍر ،وجابر بـن عبد هللا بـن رائب( .)2فل َّـما قدموا
حض ف ا ودعوهـم إىل ال ـالمَّ ، ول هللا هللال هللا عليت و لم ،ش اَّدينـة إىل قومهم ذكروا يـم ر ش
بينهم ،فلم تب شـق دار من دور األنصار إح وفيها ِذ ْكـر لر ول هللا هللال هللا عليت و لم (. )3
وإجا أخذ العهد عل نفس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت أن ِ
يكتف ابلميان َّ فهذا َّأول موك ٍ من مواك اخلري،
يدعو إليت قومت ،وقد و َّ كل منهم لدينت ،ور ولتَّ ،
فَ،م ح رجعوا ن طوا يف الدَّعوة إىل هللا، ش
َّمد
تبق دار من دور اَّدينة إح وفيها ذكر َّ
وعر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا كلمة ايد عل أهلهم ،وذويهم ،فلم ش
هللاــل هللا عليت و ــلم ،وهكذا عندما رذن هللا أتل ــاعة احلســم الفاهللاــلة ،فقد كان لقاء هؤحء
الر ول هللال هللا عليت و لم عل ري موعـ ـ ـ ٍـد ،لكنَّت لقاء هيَّأه هللا ليكون نبع اخلري اَّت ِ دد
مع َّ
َّلول احلا م يف التَّاري ،و اعة اخلالص اَّقَّق من عبادة األح ار بل َّإ،ا
اَّوهللاول ،ونقطة الت ُّ
388
نفست من اجتذاب رجال األوس ،وكان ذلك بداية ائتال القبيلت حتت راية ال الم(.)1
اخلايرجي عن البيعة ،يف العقبة األوىل ،فقال «كنت فيمن
ُّ صـ ـ ـ ـامت
وقد حتدَّث عبادة بن ال َّ
ـول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم عل بيعة
فبايعنا ر ـ ـ ش
حض ـ ــر العقبة األوىل ،وكنا اث ْ شع ش ـ ـشر رجالًْ ،
النس ـاء ،وذلك قبل أن تف ض علينا احلرب ،عل أحَّ ن ــرك ابهلل ،وح نســرق ،وح نايين ،ح نقتل
أوحدان ،وح أنل ببهتان نف يت من ب أيدينا ،وأرجلنا ،وح نعص ـ ـ ــيت يف معرو ،فَن وفَّيتم فلكم
وجل -إن ش ـ ـ ــاء فر ،وإن ش ـ ـ ــاء اجلنَّة ،وإن ش ِ ـ ـ ـ ـيتم من ذلك ش ـ ـ ــيئاً ،فأمركم إىل هللا َّ -
عاي َّ
[البخاري ( 18و 92و 38و )3999ومسلم (. ])1709 َّ
عذب»
الر ـ ـ ــول هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم عليها النِس ـ ـ ــاء فيما بعد،
وبنود هذه البيعة ،هي الَّيت ابيع َّ
ولذلك عرفت اب م بيعة النِساء ،وقد بعث َّ
()2
الر ول هللال هللا عليت و لم مع اَّبايع مصع
بن عمري ،يعلِمهم الـ ِـدين ،ويقرئهم القرآن ،فكــان يس ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـم ابَّــدينــة (اَّقرئ) ،وكــان ُّ
يؤمهم يف
الصالة ،وقد اختاره ر ول هللا هللال هللا عليت و لم عن عل ٍم ب هصيَّتت من ٍ
جهة ،وعل ٍم ابلو ع َّ
جهة أخر ،حيث كان قان حفظت َّا نايل من القرآن ميلك من اللَّباقة، القائم يف اَّدينة من ٍ
للدين ،ولذلك وايدوء ،وحســن اخللق ،واحلكمة قدراً كبرياً ،فض ـالً عن َّقوة إميانت ،وشــدَّة حا ــت ِ
َّ
َتكن خالل أشه ٍر أن ين ر ال الم يف معظم بيواتت اَّدينة ،وأن يكس لإل الم أنصاراً من
ض ـ ـ ـ ـ ْري ،وقد أ ـ ـ ــلم ن ـ ـ ــالمهما خلق كثري من
كبار زعمائها ،كس ـ ـ ــعد بن معاذ ،وأ ش ـ ـ ـ ـْيد بن ح ش
قومهم(.)3
لقد ُلت ـ ــفارة مصـ ــع بن عمري ر ـ ــي هللا عنت يف شـ ــر تعاليم ِ
الدين اجلديد ،وتعليم
َّب الروابا األخويَّة ب أفراد القبائل اَّؤمنة من ٍ
انحية ،وب الن ِ القرآن الكر ،وتفسـ ـ ـ ـ ـ ــريه ،وتقوية َّ
هللال هللا عليت و لم وهللالبت َّ
مبكة اَّكرمة ،لجياد القاعدة األمينة حنطالق الدَّعوة.
دأ قومهما من ب عبد األشهل ،وكاان م رشك ْ كان عد بن معاذ ،وأ ش ْيد بن حضري ،يِ ْ
عل دين قومهما ،فل ـ ـ ـ ـ ـ َّـما شِمس شعا مبصع بن عمري ،ون اط ـ ـ ـ ـ ــت يف الدَّعوة إىل ال الم قال عد
الرجل ،اللَّذين أتيا دارينا لي شسـ ـ ـ ِفها ـ ــعفاءان ،فازجرلا،
أل ش ـ ـ ـْي ٍد ح أاب لك! انطلق إىل هذين َّ
دارينا فَنَّت لوح أ ـ ـ ـ ـ ـ ــعد بن زرارشة م ِ حيث قد علمت كفيتك ذلك ،هو ابن وا،هما أن رتيا ش
خاليت ،وح أجد عليت مقدماً ،فأخذ أ ش ْيد حربتت ،مثَّ أقبل عليهما ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما رآه أ عد بن زرارة
جيلس أكلِ ْمت ،فوقف ِ
قال هذا ـ ـ ـ ــيد قومت ،وقد جاءك فاهللاـ ـ ـ ــدق هللا فيت ،قال مصـ ـ ـ ــع إن ْ
عليهما مت ــتِماً ،فقال ما جاء بكما تسـ ِـفهان ــعفاءان؟! اعتايحان إن كانت لكما أبنفســكما
حاجة ،فقال لت مصع بلسان اَّؤمن ايادئ الواثق من مساحة دعوتت أو دلس ،فتسمع ،فَن
نكف عنك ما تكره؟
ُّ ر يت أمراً قبلتت ،وإ ْن كرهتت
ـفت ،مثَّ رَّكاي حربتت ،وجلس إليهما ،فكلَّمت مصـ ــع ابل ـ ــالم ،وقرأ عليت
قال أ ش ـ ـْيد أنصـ ـ ش
القرآن ،فقاح -فيما يذكر عنهما -وهللا! لعرفنا يف وجهت ال ـ ــالم قبل أن يتكلَّم يف إش ـ ـراقت،
الكالم ،وأ ْ شلشت! كيف تصـ ـ ــنعون إذا أردذ أن تدخلوا يف هذا
ش وتسـ ـ ـ ُّـهلت ،مثَّ قال ما أحسـ ـ ـ شـن هذا
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)442/1
391
ذه بت من عندكم ،فلـ ـ ـ ـ َّـما وقف عليهم قال َي ب عبد األشهل! كيف تعلمون أمرأ فيكم؟
حض
علي حرام َّ ـ ـ ــيِدان ،وأفض ـ ـ ــلنا رأَيً ،وأميننا نقيبةً! قال َّ
فَن كالم رجالكم ونس ـ ـ ــائكم َّ قالوا
تؤمنوا ابهلل ،ور ولت! قال فوهللا ،ما أمس يف دار ب عبد األشهل رجل ،وح امرأة إح مسلماً،
أو مسلمةً.
ورجع أ ــعد ،ومصــع إىل منايل أ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد بن زرارة ،فأقام عنده يدعو النَّاس إىل ال ــالم
[قصة إسالم سعد بن معاذ تبق دار من دور األنصار إح وفيها رجال مسلمون ،ونساء مسلمات
حض شَّ
رواه ــا الطربي يف اترخي ــه ( )359 - 357/2وابن س ـ ـ ـ ـ ـع ــد ( )421 - 420/3والبيوقي يف ال ــدالئ ــل ( )432 - 431/2والطرباين يف الكبري
هللا ِْريم ،وهو عمرو بـ ــن اثبت بـ ــن وقش فَنـَّ ــت َّ
أتخر إ المت إىل يوم ( ])362/20إح ما كـ ــان من األ ش
ـا ،وأخرب ر ول هللا هللال هللا عليت و لم يصل هلل دةً ق ُّأبحد ،و ِ أح ٍـد ،فأ لم وا ت ِه ـد ٍ
[أمحد هللا ـ ـ ـ ِْريم ب عبد األش ـ ــهل» دخل اجلنَّة يص ـ ـ ِـل هللا ـ ــال ًة ُّ
قا ،فَذا يعرفت النَّاس ،قال هو أ ش
( )429 - 428/5وجممع الزوائد (. )1(])364/9
ودروس ،وعربٌ:
ٌ خامساً :فوائد،
ِِ ِ ِ هاجر إِلشي ِهم وحش شِجيدو شن ِيف هللادوِرِهم ح ِ
اهللاة
ص ش اجةً اَّا أوتوا شويـ ْؤثرو شن شعلش أشنْـفس ِه ْم شولش ْو شكا شن هب ْم شخ ش ْ ش ش ش شش ْ ْ ش
ن ﴾ [احلشر. ]9 : ك هم الْم ْفلِلو ش
وق ش َّ نشـ ْف ِس ِت فشأولشئِ ش
شوشم ْن ي ش
(ب) التَّ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحن ،والتَّطاحن اَّوجود ب قبيليت اَّدينة ،األوس واخلايرً ،وقد قامت بينهما
احلروب الطَّاحنة كيوم بعاث ،و ريه ،وقد أفنت هذه احلرب كبار زعمائهم ،اَّن كان نظرايهم يف
يبق إح القيادات ال َّ ـ ـ ـ ـ ـابَّة اجلديدة،
مكة ،والطائف ،و ريها ،ح ر عثرة يف ـ ـ ـ ــبيل الدَّعوة ،و ش َّ
معروفة ،يتوا ـ ــع اجلميع عل التَّسـ ــليمٍ احلق إ ـ ــافةً إىل عدم وجود قيادةٍ ابرزةٍ
اَّسـ ــتعدَّة لقبول ِ
حباجة إىل من رتلفون عليت ،ويلتئم طلهم حتت ظلِت .قالت عائ ـ ـ ـة ر ـ ــي هللا عنها يا ،وكانوا ٍ
عاث أمراً قدَّمت هللا تعاىل لنبيِت هللال هللا عليت و لم ،فشـ شق ِد شم ر ول هللا هللال هللا عليت
«كان يوم ب ش
و ــلم وقد اف ق شملشؤهم ،وقتِلت ش ـشرشواهتم( )2وج ِرحوا ،فقدَّمت هللا لر ـولت هللاــل هللا عليت و ــلم يف
دخويم ال الم»[ .البخاري ( 3777و 3846و )3930وأمحد ( )61/6والبيوقي يف دالئل النبوة (. ])421/2
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب احلسن الن ِ
َّدوأ ،ص .154
السشروات األشرا . َّ
()2
- 4كان التَّطُّور اجلديد الَّذأ أشرتت بيعة العقبة قد بعث مص ــع بن عمري اثالً ش ــهص ــياً
للر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم إىل اَّدينة يعلِم النَّاس القرآن الكر ،ومبادئ ال ــالم ،وا ــتطاي
َّ
السيا ِي أن ِقق انتصار ٍ
ات كبريةً لإل الم(.)4 مصع حبكمتت ،وحصافتت ،وذكائت ِ
عام و ٍ
احد الكثري ،وما - 5ا ـ ــتطاي ـ ــفري ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم أن يفعل يف ٍ
ذلك إح بتوفيق هللا تعاىل ،مثَّ بصــدق ذلك الدَّاعية وإخالهللاــت ،فأين ــفراء دول اَّســلم اليوم
من ـ ــفري ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،فعل وحة األمر أن خيتاروا ال َّسـ ـ ـفري اَّؤمن اَّلتايم
اَّوهوب الَّـذأ يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتطيع أن ميثِـل بالده ،ودينـت قوحً وعمالً ،وخلقـاً و ـ ـ ـ ـ ـ ــلوكـاً ،فري النـَّاس،
ويسمعون من خاللت.
- 6ا ـ ـ ــتطاي ال َّس ـ ـ ـفري مص ـ ـ ــع ر ـ ـ ــي هللا عنت أن يهيِئ البيئة ال َّ
ص ـ ـ ـاحلة ،حنتقال الدَّعوة
للسيوطي (.)216/1
الدُّر اَّنثور ُّ ،
()1
الر ول هللال هللا عليت و لممن التَّكوين إىل التَّمك ،ص .356
انظر دولة َّ
()1
396
املبحث الثَّالث
( )1األزر الـثِـياب ،واَّقصـود النِسـاء أو األنفس ،واَّعىن لنمنعنَّك اَّا جنع منت نساءان ،وأنفسنا.
398
ضـ ـ ـ ـلة وهللا الَّذأ بعثك ابحلق! إن ش ـ ـ ـ ش
ـئت يص ـ ـ ــر منذراً قري ـ ـ ـ ـاً ،فقال العبَّاس بن عبادة بن نش ْ
لنميلن عل أهل ِم ًىن داً أب يافنا. َّ
فقال ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم « نـ ْؤشمر بذلك ولكن ارجعوا إىل رحالكم».
عما بل هم من بيعتهم
صـ ـ ـ ـبا جاءهم ع من كبار قريش ،يس ـ ـ ــألو،م َّفرجعوا إىل رحايم ،ويف ال َّ
َّب هللاـل هللا عليت و ـلم ،ودعوهتم لت لله رة ،فللف اَّ ـركون من اخلايرً ،واألوسَّ ،
أب،م للن ِ
يفعلوا ،واَّسلمون ينظرون إىل بعضهم( ،)1قال مثَّ قام القوم وفيهم احلارث بن ه ام بن اَّ رية
القوم فيما ِ
جديدان ،قال فقلت لت كلمةً ِ - اَّهايومي ،وعليت نعال ِن
كأين أريد أن أش ـ ـ ـ ـ ـ ــرك هبا ش ُّ
قالوا َ -ي أاب جابر! أما تس ـ ــتطيع أن تتَّهذ ،وأنت ـ ــيِد من ـ ــاداتنا ،مثل نشـ ْعلشي هذا الفض من
إس ،وقال وهللا لتشـْنـتشعِلشـ ـ ـ ـ ـ ـنَّهما،
يش؟ قال فسمعهما احلارث ،فهلعهما من رجليت ،مثَّ رم هبا َّ قر ٍ
فاردد إليت نعليت .قال قلتت (أأ أ ضـ ـ ـ ـ ـ ــبت) وهللا الفضْ ، شح شفظْ ش
قال يقول أبو جابر شم ْت! أ ْ
أردلا ،فأل وهللا هللااأ! لئن هللادق الفأل أل ْ لبـنَّت[ .أمحد ( )462 - 460/3واحلاكم (- 624/2ح وهللا! ح ُّ
ش
)625والطربي يف اترخيه ( )362 - 360/2والبيوقي يف سننه الكرب (. ])9/9
ِ
للعمرأ ()201/1 الصليلة ،
السرية النَّبويَّة َّ ( )1انظر ابن ه ام ( ، )61/1ن ٍ
ناد حسن ،وانظر ِ
399
القتاس يف ـبيل إعالء كلمة هللا ،عل ت ـمري انهض ِ
بكل ما ميلك أهللاـلاهبا من و ـائل اجلهاد ِ
حض يكون ِ
الدين كلُّت هلل ،وهي يف واقعها الت ِ
َّارخيي هللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدق، كل ٍ
عال مس ـ ـ ـ ـ ـ ــتك ٍرب يف األرض َّ ِ
وعدل ،ونصر ،وا ت هاد ،وتبلي لر الة ال الم»(.)1
َّ - 2
إن حقيقة الميان ،وأثره يف تربية النفوس ،تظهر آاثرها يف ا ـ ـ ـ ـ ـ ــتعداد هذه القيادات
الكرب ألن تبذل أرواحها ،ودماءها يف ــبيل هللا ،ور ـولت هللاــل هللا عليت و ــلم ،وح يكون يا
اجلاياء يف هذه األرض كســباً ،وح منصــباً ،وح قياد ًة ،وح زعامةً ،وهم الَّذين أفنوا ع ـرات ال ِسـن
الايعامة ،والقيادة ،إنَّت أثر الميان ابهلل ،وحبقيقة هذا ِ
الدين ،عندما من أعمارهم ،يتصــارعون عل َّ
يت ل ل يف النُّفوس(.)2
ص ـ ـ ـعوب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة، - 3يظهر التَّهطيا العظيم يف بيعة العقبة حيث َتَّت يف ظرو ٍ ٍ
اية يف ال ُّ
حتدي ـاً خطرياً ،وجريئ ـاً لق ـو ال ِ رك ف ـي ذل ـك الوقت ،ولذلك كان التَّهطيا الن ُّ
َّبوأ وكانت َتثِـل ِ
لن احها يف اية الحكام و ِ
الدقَّة عل النَّلو التَّاس
()3
ـف األمر ،فقد كان وفد اَّبايعة حض ح ينك ـ ش َّ أ ِ -ـ ِريَّة احلركة ،واحنتقال جلماعة اَّبايع
السبع
يثريب قوامت حنو طسمئة اَّا جيعل حركة هؤحء َّ وفد ٍ ٍ اَّسلم بع رجالً وامرأت من ب
هللاعبةً ،وانتقايم أمراً ري ميسوٍر ،وقد حتدَّد موعد اللِقاء يف اثين أَيم التَّ ريق ،بعد ثلث اللَّيل،
الر ْجل ،كما ذَّ حتديد اَّكان يف ال ِ ـ ـ ـ ْع
حيث النَّوم قد ـ ـ ــرب أع القوم ،وحيث قد هدأت ِ
ٍ
حلاجة(.)4 األمين ،بعيداً عن ع شم ْن قد يستيقم من النَّ ِوم
ب -اخلروً اَّنظَّم جلماعة اَّبايع ،إىل موعد ،ومكان احجتماي ،فقد خرجوا يتس ـ ـ ـ ـ ـلَّلون
مستهف ،رجالً رجالً ،أو رجل رجل .
ً -رب ِ
الس ِريَّة التَّامة عل موعد ،ومكان احجتماي ،حبيث يعلم بت و العبَّاس بن
كان عيناً للمسـ ـ ـ ــلم عل فم ال ِ ـ ـ ـ ـع ،وأبو بكر الَّذأ كان عل فم الطَّريق -وهو ا خر -
عيناً للمس ـ ــلم (َّ ،)2أما شم ْن عداهم من اَّس ـ ــلم ،و ريهم فلم يكونوا يعلمون عن األمر ش ـ ــيئاً،
ص ـ ـوت ،وأح يطيلوا يف الكالم حذراً من وجود ع ٍ تسـ ــمع وقد أمر اعة اَّبايع أح يرفعوا ال َّ
دس حركتهم(.)3
هللاوهتم ،أو ُّ
ِ
د -متابعة الخفاء والس ـ ِريَّة ح ك ــف ال َّ ـيطان أمر البيعة ،فأمرهم الن ُّ
َّب هللاــل هللا عليت
و ــلم أن يرجعوا إىل رحايم ،وح دثوا ش ــيئاً رافضـ ـاً اح ــتع ال يف اَّواجهة اَّس ـلَّلة اليت
تتهيَّأ يا الظُّرو بعد ،وعندما جاءت قريش تسـ ــتربئ اخلرب َّ
موه اَّسـ ــلمون عليهم ابل ُّس ـ ـكوت،
أو اَّ اركة ابلكالم الَّذأ ي ل عن اَّو وي(.)4
هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ اختيار اللَّيلة األخرية من لياس ِ
احلت ،وهي الليلة الثالثة شع ْ ـرة من ذأ احل َّ ة حيث
ــينفر احل اً إىل بالدهم ظهر اليوم التَّاس ،وهو يوم الثالث ع ــر ،ومن شمثَّ تضــيق الفرهللاــة أمام
قريش يف اع ا هم ،أو تعويقهم إذا انك ف أمر البيعة ،وهو أمر متوقَّع ،وهذا ما حدث(.)5
القوة حبيث ح تقبل التَّمييع وال َّ اخي ،إنَّت
- 4كانت البنود اخلمسـ ــة للبيعة من الو ـ ــو ،و َّ
ال َّس ـمع ،والطَّاعة يف النَّ ــاط والكســل ،والنَّفقة يف اليســر ،والعســر ،واألمر ابَّعرو والنَّهي عن
اَّنكر ،والقيام يف هللا ح أتخذهم فيت لومة حئم ،ونصر لر ول هللا هللال هللا عليت و لم وحايتت
إذا قدم اَّدينة(.)6
ترد ٍد -الرباء بن شم ْعرور ،قائالً والذأ
- 5ـ ـ ــرعان ما ا ـ ـ ــت اب قائد األنص ـ ـ ــار -دون ُّ
بعثك ابحلق! لنمنعنَّك اا جنع منت أزشران ،فبايعنا َي ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا! فنلن وهللا أبناء احلرب! وأهل
هللاـفر قبل قدومت هللاـل هللا عليت و ـلم ب ـه ٍر ،وأوهللاـ بثلث مالت إىل الن ِ
َّب هللاـل هللا عليت و ـلم
ورده عل ولده ،وهو َّأول من أوهللا بثلث مالت(.)2
،فقبلتَّ ،
ويستوقفنا يف هذا اخلرب:
أ -احنضــباط ،واحلتايام من اَّســلم بســلوك ر ــويم هللاــل هللا عليت و ــلم ،وأوامرهَّ ،
وإن
أأ اق ا ٍ مهما كان مص ـ ــدره ،يتعارض مع ذلك يـ شع ُّد مرفو ـ ـ ـاً ،وهذه األمور من أولوَيت الفقت
َّ
يف دين هللا ،أتخذ حيِايها يف حياهتم ،وهم -بعد -ما زالوا يف بداية الطَّريق.
أأ ٍ
إنسان، وإن توقري ِ
ألحد ري ر ول هللا هللال هللا عليت و لم َّ ، السيادة تعد ٍ إن ِب َّ -
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)444/1
( )2اَّصدر السابق نفست (.)445/1
402
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم ،وهكذا بدأت واح امت َّإجا هو انعكاس لســلوكت ،والتايامت أبوامر َّ
تنايا تقــاليــد جــاهليَّـة لتلـ َّـل حملَّهــا قيم إميــانيَّـة ،فهي اَّقــاييس احلقـَّة الَّيت هبــا ميكن احلكم عل
النَّاس تصنيفاً وترتيباً(.)1
- 6كان أبو اييثم بن الـ ـ ـتَّ ـ ــيِهان هللار اً عندما قال َّ
للر ول هللال هللا عليت و لم َّ
إن بيننا
عسيت إن حنن فعلنا ذلك ،مث أظهرك
ش وإان قاطعوها -يع اليهود -فهل وب ِ
الرجال حباحًَّ ،
هللا أن ترجع إىل قومك ،وتدعنا؟ فتب َّس ـ ـ ـم ر ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم وقال «بل الدَّم
الدَّم ،وايدم ايدم ،أان منكم ،وأنتم م ،أحارب من حاربتم ،وأ ا من اَّتم».
احلريَّة العالية الَّيت رفع هللا تعاىل اَّسلم إليها ابل الم ،حيث
وهذا احع اض يدلُّنا عل ِ
حريَّتت( ،)2وكان جواب ــيِد اخللق هللاــل هللا عليت و ــلم عظيماً ،فقد
عما يف نفســت بكامل ِ
عرب َّ
َّ
جعل نفست جايءاً من األنصار ،واألنصار جايءاً منت(.)3
مهمة منها
- 7يؤخذ من اختيار النُّقباء دروس َّ
الر ـ ـ ــول هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم يعِ النُّقباء َّإجا ترك طريق اختيارهم إىل الَّذين أ َّ -
أن َّ
ابيعواَّ ،
فَ،م ـ ـ ــيكونون عليهم مسـ ـ ــؤول وكفالء ،واألوىل أن خيتار النسـ ـ ــان من يكفلت ،ويقوم
أبمره ،وهذا أمر شورأ ،وأراد الر ول هللال هللا عليت و لم أن ميار وا ال ُّور عملياً من خالل
اختيار نقبائهم.
ب -التَّمثيل النِس ـ ـ ــب يف احختيار ،فمن اَّعلوم َّ
أن الذين حض ـ ـ ــروا البيعة من اخلايرً ،أكثر
من الذين حضــروا البيعة من األوس ،ثالثة أ ــعا من األوس بل ياييدون ،ولذلك كان النقباء
ثالثة من األوس ،وتسعة من اخلايرً(.)4
ـ ــري الدَّعوة يف يثرب، ً -جعل ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم النقباء م ـ ــرف عل
مع ِ
السرية النَّبويَّة ،لل َّامي ،ص .135 ( )1انظر
ِ
لللميدأ (.)97/3 المي ،
التَّاري ال ُّ ( )2انظر
ال َّ بية القياديَّة (.)67/2 ( )3انظر
ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب فارس ،ص .209 ( )4انظر
403
الر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم
حيث ا ــتقام عود ال ــالم هناك ،وكثر مثقَّفوه ،ومعتنقوه ،فأراد َّ
أن ي ـ ــعرهم َّأ،م يعودوا رابء لكي يبعث إليهم أحداً من ريهم ،و َّأ،م دوا أهل ال ـ ــالم،
وحاتت ،وأنصاره(.)1
ص ـفقة ،الَّيت َتَّت ب ر ــول هللا هللا ـل هللا عليت و ــلم أتكد زعماء َّ
مكة من حقيقة ال َّ َّ - 8
واألنصار ،فهرجوا يف طل القوم ،فأدركوا عد بن عبادة أبذشاخر( ،)2واَّنذر بن عمرو ،وكاللا
القوم ،و َّأما عد ،فأخذوه ،فربطوا يديت إىل عنقت بنِ ْسع( )3شر ْحلت،
فأما اَّنذر ،فأع اي ش كان نقيباًَّ ،
مكة ،يضربونت ،وجيذبونت ق َّمتت( - )4وكان ذا شع ٍر كث ٍري ،)5(-وا تطاي حض أدخلوه َّ
مثَّ أقبلوا بت َّ
أن يتهلَّص من قريش ،بوا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـطـة احلـارث بن حرب بن أميَّـة ،وجبري بن مطْعِم ألنـَّت كـان جيري
دارهتم ببلده فقد أنقذتت أعرا اجلاهليَّة ،و تنقذه ـ ـ ـ ـ ـ ــيو َّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،و جيد يف نفس ـ ـ ـ ـ ـ ــت
أن اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلم مطاردون يف َّ
مكة ،وعاجايون عن حاية َّ ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً من ذلك ،فهو يعر
أنفسـ ـ ــهم( ،)6وقد قيل يف هذه احلادثة َّأول شـ ـ ــع ٍر يف اي رة ،بيتان قايما ـ ـ ـرار بن اخلطَّاب بن
مرداس حيث قال
دارْك ـت مْن ـ ِذرا ِ
وكــا شن ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفــاءً لشو تش ـ ش دارْكـ ـت ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْعـ ـداً شعْنوةً ف ــأ شخـ ـ ْذت ـت
تشـ ـ ش
وك ـ ـ ــا شن ح ـ ِرََّيً أش ْن يـ ـ شهـ ـ ـ ـا شن ويـ ـ ْهـ ـ ـ ـ شدرا اك ِجراح ـ ـت ت( )7هنش ـ ـ ش ِ
ولو ن ْلتـ ــت طلَّـ ـ ْ
الركبان ورد عليت أببيات من ال ِ عر ،تناقلتها ُّ
حسان بن اثبت ابَّرهللاادَّ ، وكان َّ
ِ شولش ْس ـ ـ ـ ـ ـت إِ شىل ش ـ ـ ـ ـ ـ ْع ٍد وحش اَّ ْرء ِمْن ِذر
إِذشا شما شمطشاَي ال شق ْوم أش ْ
()8
هللابش ْل شن َّمرا
ش
ِ ِ ِ فشالش تشـ ـ ـك ك ـ ــالو ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنشـ ـ ـ ِ
بِشق ْريشـة ك ْس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشر أ ْشو بِشق ْريشـة قشـْي ش
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشرا ان شْلم أشنـَّ ـ ـت شْ
فَن أمر القدام ،أو الح ام م وك لنظر ااتهدين ،بعد التَّ ــاور ،ودرا ــة األمر ش ـري اجلهاد َّ
اَّهمات
َّ من يع جوانبت( ،)2وكلَّما كانت عبقريَّة التَّهطيا ال ِس ـ ـ ـ ـ ـيا ـ ـ ـ ـ ـ ِـي أقو َّأدت إىل ُا
أكثر ،وإخفاء اَّهطَّطات ،وتنفيذها عن ِ
العدو ،هو الكفيل -نذن هللا -بن احها «ولكن
ارجعوا إىل رحالكم» [سبق خترجيه](.)3
- 10كانت البيعة ابلنِسبة ِ
للرجال ببسا ر ول هللا هللال هللا عليت و لم يده ،وقويم لت
ابسا يدك ،فبسا يده ،فبايعوه ،و َّأما بيعة اَّرأت اللَّت شهدات الوقعة ،فكانت قوحً ما هللااف
قا ،فلم يتهلَّف أحد عن بيعتت هللاـ ـ ــل هللا عليت
ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم امرأ ًة أجنبيةً ُّ
(أم عمارة)،
فأما ن شس ـ ـيبة بنت كع ُّ
حض اَّرأاتن ابيعتا بيعة احلرب ،وهللاـ ــدقتا عهدلاَّ ،
و ـ ــلم َّ ،
حد ،وقد أهللا ـ ــاهبا اثنا ع ـ ــر جرحاً ،وقد خرجت يوم ٍ
أحد مع زوجها زيد بن فقد ـ ــقطت يف أ ٍ
عاهللام بن كع ،ومعها قاء تسقي بت اَّسلم ،فلـ ـ ـ ـ َّـما ا،ايم اَّسلمون احنازت إىل ر ول هللا
ٍ
عميقة، وتذب عنت ابل َّس ـيف ،وقد أهللاــيبت قرا ٍ
هللاــل هللا عليت و ــلم ،فكانت تباشــر القتالُّ ،
الر وان( ،)4وقطَّع مسيلمة َّ
الكذاب ابنها إرابً إرابً ،فما وهنت ،وما ا تكانت(،)5 وشهدت بيعة ِ
حض قطعـت يـدهـا،
الردة مع خـالـد بن الوليـد ،فقـاتلـت َّ
وش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـدت معركـة اليمـامـة ،يف حروب َّ
***
( )1ابن ه ام ( ، )80/2وأ د ال ابة ( ، )395/5والبداية والنِهاية ( 158/3ـ ، )166والهللاابة ( )8/8رقم ، 49 ، 48نقالً عن اَّرأة يف العهد الن ِ
َّبوأ
،ص 108
( )2انظر اَّرأة يف العهد الن ِ
َّبوأ ،ص .108
( )3انظر ال َّ بية القياديَّة (.)140/2
406
الرابع
املبحث َّ
اهلجرة إىل املدينة
أوالً :التَّمويد ،واإلعداد هلا:
- 2العداد يف يثرب
الر ـ ــول هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،يس ـ ــاري ابحنتقال إىل األنص ـ ــار من األَيم نالحم َّ
أن َّ
حض َّ
أتكد من وجود القاعدة الوا ـ ـ ـ ـ ــعة نسـ ـ ـ ـ ــبياً ،كما َّ أخر ذلك ألكثر من عام األوىل َّ
وإجا َّ
هللا ـ ـةً بعد انتقال مص ــع ر ــي
يتم إعدادها يف أجواء القرآن الكر ،وخا َّ
كان يف الوقت نفس ــت ُّ
هللا عنت إىل اَّدينة.
ِ - 1ذ ْكر كلمـ ــة اَّنـ ــافق ،ومن اَّعلوم َّ
أن النِفـ ــاق ح يكون إح عنـ ــدمـ ــا تكون ال لبـ ــة
للمسلم حيث خي بعض النَّاس عل مصاحلهم ،فيظهرون ال الم ،ويبطنون الكفر ،ومن
القوة وال لبة ألهل ال ِ ـ ـ ـ ـرك ،فما منا ـ ـ ــبة جميء أن ااتمع يف َّ
مكةش كان جاهلياً ،وكانت َّ اَّعلوم َّ
ين آمنوا شولشيشـ ْعلش شم َّن الْمنشـافِ ِق ش ﴾ اَّنــافق يف هــذه ال ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـورة ،يف قولــت تعــاىل ﴿ولشيـعلشم َّن َّ َّ ِ
اَّلل ال ـذ ش ش شْ ش
مكيَّة كما قلنا فهل كانت ا مال قد قويت عند الفئة اَّؤمنة حبيث [العنكبوت ،]11 :وهي ـ ـ ـ ـ ـ ــورة ِ
مكيَّ ٍة
أن هذه ا ية مدنيَّة و ــعت يف ــورةٍ ِ تراء يم الفرً ،والنَّصــر قاب قو ـ أو أدَّن؟ أم َّ
ِ ن وقتت بعد ،كما ذه إىل ذلك بعض ِ
اَّفسرين؟(.)1 ألن النِفاق
َّ
ْ
- 2ورد األمر مب ــادلــة أهــل الكتــاب ابلَّيت هي أحس ـ ـ ـ ـ ـ ــن ،وكــأنـَّت هتيئــة للنُّفوس للمرحلــة
القادمة الَّيت ـ ـ ـ ـ ـ ــيكون ب اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم وب أهل الكتاب فيها احتكاك ،فال يكونون البادئ
اب إِحَّ ِابلَِّيت ِه شي
ابل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدَّة ،فيأل التَّنبيت عل هذا األمر يف قولت تعاىل ﴿وحش شد ِادلوا أ ْشهل الْ ِكشت ِ
ش ش
احد شوشْحنن أشحسـ ـن إِحَّ الَّ ِذين ظشلشموا ِمْنـهم وقولوا آمنَّا ِابلَّ ِذأ أنْ ِايشل إِلشيـنشا وأنْ ِايشل إِلشيكم وإِ شينشا وإِ شيكم و ِ
ْ ْش ش ْش ْ ش ش ْش ش ْش
اب يـ ْؤِمنو شن بِِت شوِم ْن شهؤحشِء شم ْن ِ
ين آتشـْيـنشاه ْم الْكتش ش
َّ ِ
اب فشالذ ش
ك أشنْـايلْنشا إِلشي ش ِ
ك الْكتش ش
ِ
لشت م ْسلمو شن شوشك شذل ش ش ْ
ِ
ن ﴾ [العنكبوت. ]47 - 46 : يـ ْؤِمن بِِت شوشما شْجي شلد ِرَيتنشا إِحَّ الْ شكافِرو ش
- 3هتيئة النُّفوس لله رة يف أرض هللا الوا ـ ـ ـ ـ ـ ــعة ،ورمبا كانت اَّدينة قد بدأت تس ـ ـ ـ ـ ـ ــتقبل
س ذشائِشقة
جل ش ـ ـ ـ ـ ــأنت ﴿ك ُّل نـش ْف ٍ كل ٍ
نفس واجدة مرارة اَّوت ،فقال َّ أن َّ ذكرهم تعاىل َّ كما َّ
ن ﴾ [العنكبوت. ]57 : الْمو ِ
ت مثَّ إِلشْيـنشا تـ ْر شجعو ش شْ
الذائق طعم اَّذوق ،ومعناه إنَّكم ميِتون ،فواهللاــلون إىل
أأ واجدة مرارتت ،وكربت ،كما جيد َّ
التايود يا ،واح ـ ـ ـ ـ ــتعداد قهده( ،)4وهذا
يكن لت ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد من ُّ اجلاياء ،ومن كانت هذه عاقبتت
ه شل عليها مفارقة وطنها(.)5 يع للنَّفس عل اي رة َّ
ألن النَّفس إذا تيقَّنت ابَّوت ت
قال ابن كثري يف ا ية أأ أينما كنتم يدرككم اَّوت ،فكونوا يف طاعة هللا ،وحيث أمركم
الصراي مع اليهود ،د .مصطف مسلم ،ص .63 ، 62 معا قرانيَّة يف ِ ( )1انظر
تفسري القرطب (.)5073/6 ( )2انظر
تفسري ابن كثري (.)360/3 ( )3انظر
للايمل رأ ( ، )310/3وتفسري أيب السعود ( ، )45/7وتفسري فت القدير (.)210/4
الك ا َّ ( )4انظر
حو (.)4223/8 األ اس يف التفسري ،لسعيد َّ ( )5انظر
410
ـَن اَّوت حبـ َّـد منــت ،وح حميــد عنــت ،مثَّ إىل هللا اَّرجع واَّــآب ،فمن كــان هللا فهو خري لكم ،فـ َّ
ين آمنوا شو شع ِملوا مطيعاً لت جازاه أفضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل اجلاياء ،ووافاه أذَّ الثَّواب( ،)1ويذا قال تعاىل َّ ِ
﴿والذ شش
شجر الْ شع ِاملِ ش اجلن َِّة رفًا شْد ِرأ ِمن شْحتتِها ا ،شار خالِ ِد ِ ِ
ين ف شيها ن ْع شم أ ْ
ش ش ْ ش
ال َّ ِ ِ ِ ِ
ص ـ ـ ـ ـاحلشات لشنـبشـوئشـنـَّه ْم م شن ْش ش
هللا ـ شربوا شو شعلش شرهبِِ ْم يشـتشـ شوَّكلو شن ﴾ [العنكبوت ،]59- 58أأ هللا ــربوا عل دينهم ،وهاجروا إىل هللا، َّ ِ
ين ش الذ ش
وانبايوا األعداء ،وفارقوا األهل ،واألقرابء ابت اء وجت هللا ،ورجاء ما عنده ،وتصديق موعوده ،و
()2
يتوَّكلوا يف يع ذلك إح عل هللا
411
مثَّ مكث أَيماً ،مثَّ خرً إىل أهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــلابت مس ـ ـ ـ ـ ـ ــروراً فقال «قد أخربت بدار ه رتكم ،وهي
يثرب ،فمن أراد اخلروً فليهرً إليها» ف عل القوم يتَّ هون ،ويتوافقون ،ويتوا ـ ــون ،وخيرجون،
وخيفون ذلك ،فكان َّأوشل من قدم اَّدينة من أهللا ـ ــلاب ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،أبو
ـ ــلمة بن عبد األ ـ ــد ،مثَّ قدم بعده عامر بن ربيعة ،معت امرأتت ليل بنت أيب شحثْ شمة ،فهي َّأول
ٍ
ظعينة قدمت اَّدينة ،مثَّ قدم أهللاـ ـ ــلاب ر ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم أر ـ ـ ــاحً ،فنايلوا عل
يؤم اَّهاجرين
األنصـ ــار يف دورهم ،فآووهم ،ونصـ ــروهم ،وآ ـ ــوهم ،وكان ـ ــا موىل أيب حذيفةُّ ،
َّب هللال هللا عليت و لم ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما خرً اَّسلمون يف ه رهتم إىل اَّدينة،
بقباء ،قبل أن يقدم الن ُّ
ت( )1قريش عليهم ،وحربوا ،وا تاظوا عل شم ْن خرً من فتيا،م ،وكان نفر من األنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار ِ
شكلشب ْ
ابيعوا ر ول هللا هللال هللا عليت و لم يف البيعة ا خرة ،مثَّ رجعوا إىل اَّدينة ،فل ـ ـ ـ ـ َّـما قدم َّأول شم ْن
حض قدموا مع أهللا ـ ـلابت يف هاجر إىل قباء خرجوا إىل ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم َّ
مبكةَّ ،
اي رة ،فهم مهــاجرون أنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاريُّون ،وهم ذكوان بن عبــد قيس ،وعقبــة بن وه ـ بن كلــدة،
يبق َّ
مبكة والعباس بن عبادة بن نض ـ ـ ـ ــلة ،وزَيد بن لبيد ،وخرً اَّس ـ ـ ـ ــلمون يعاً إىل اَّدينة ،فلم ش
فيهم إح ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،وأبو بكر ،وعلي ،أو مفتون ،أو مريض ،أو ــعيف
[ابن سعد (. ])325/1 عن اخلروً.
رابعاً :من أساليب قريش يف حماربة املواجرين ،ومن مشاهد العظمة يف اهلجرة:
عملت قيادة قريش مايف و ـ ـ ـ ــعها للليلولة دون خروً من بقي من اَّس ـ ـ ـ ــلم إىل اَّدينة،
منها واتَّبعت يف ذلك عدَّة أ الي
قالت و ضـ ـ عند ذلك بنو عبد األ ــد ،رها أيب ــلمة ،فقالوا ح وهللا ،ح ن ك ابننا
عندها إذ نايعتموها من هللااحبنا.
حض خلعوا يده ،وانطلق بت بنو عبد األ د ،وحبس بنو قالت فت اذبوا ب َّ لمة بينهمَّ ،
اَّ رية عندهم ،وانطلق زوجي أبو لمة إىل اَّدينة.
قــالــت فــارحتلــت بعريأ ،مثَّ أخــذت اب ،فو ـ ـ ـ ـ ـ ــعتــت يف ِح رأ ،مثَّ خرجــت أريــد زوجي
ابَّدينة ،وما معي أحد من شخ ْلق هللا.
حض إذا كن ــت ابلتَّـْنعيم ،لقي ــت ق ــال ــت فقل ــت أتبلَّ مبن لقي ــت َّ
حض أق ــدم عل زوجيَّ ،
عثمان بن طللة بن أيب طللة ،أخا ب عبد الدَّار.
فهذا مثل عل الطُّرق القا ــية ،الَّيت ــلكتها قريش لتلول ب أيب ــلمة واي رة ،فرجل
كل ذلك من أجل أن يثنوه يفرق بينت وب زوجت شعْنـ شوةً ،وبينت وب فلذة كبده عل مرأ ً منتُّ ، َّ
َتكن الميان من القل ا ـ ـ ـ ـ ـ ــتلال أن ِ
يقدم هللاـ ـ ـ ـ ـ ــاحبت عل ال ـ ـ ـ ـ ــالم لكن مض َّ عن اي رة ،و ْ
حض لو كان ذلك ال َّ ـ ـيء ،فلذة كبده ،أو ش ـ ـريكة حياتت ،لذا انطلق أبو ـ ــلمة والميان شـ ــيئاًَّ ،
أحد ،وف ـ ــل معت هذا األ ـ ــلوب ،وللدُّعاة إىل هللا فيت ٍ ر ـ ــي هللا عنت إىل اَّدينة ،ح يلوأ عل
أ وة(.)2
و َّأما هللانيع عثمان بن طللة ر ي هللا عنت ،فقد كان يومئذ كافراً «وأ لم قبل الفت » ،ومع
ـدق عل نفا ــة هذا ص ـل ِبة ،وذلك ش ــاهد هللا ـ ٍ
ذلك ت ـ شـهد لت ُّأم ــلمة ر ــي هللا عنها بكرم ال ُّ ْ
()1
العريب األهللا ــيل ،أن
ضـ ـعيف ،فقد أبت عليت مروءتت ،وخلقت ُّ اَّعدن ،وكمال مروءتت ،وحايتت لل َّ
الصلراء اَّوح ة ،وإن كانت عل ري دينت ،وهو يعلم يش شدي امرأ ًة شريفةً ،تسري وحدها يف هذهِ َّ
َّأ،ا هب رهتا ترا مت ،وأمثالت من كفَّار قريش.
فأين من هذه األخالق َ -ي قومي اَّس ـ ــلم ! -أخالق احلض ـ ــارة يف القرن الع ـ ـرين من
كل تصاب ل عراض بل وعل قارعة الطَّريق ،وما تطالعنا بت َّ
الصلافة َّ ٍ ط ٍو عل ِ
احلرَيت ،وا
ٍ
أحداث يند يا جب النسانيَّة ِمن تشـ شفنُّ ٍن يف و ــائل اح تص ــاب ،وانتهاك األعراض، ٍ
يوم من
السطو عل األموال!.
و َّ
ـيد من الفض ـ ــائل أن ما كان للعرب من رهللا ـ ـ ٍ إن هذه القص ـ ــة -ويا مثل ونظائر -لت ـ ــهد َّ َّ
كان أكثر من مثالبهم ،ورذائلهم ،فش ِم ْن مثَّ اختار هللا منهم خاذ أنبيائت ور ـ ـ ـ ـ ــلت هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت
و لم ،وكانوا أهالً حلمل ِ
الر الة ،وتبلي ها للنَّاس كافَّةً(.)2
415
ــالمة فطرة عثمان بن طللة الَّيت قادتت أخرياً إىل ال ــالم بعد هللا ــل احلديبية ،و َّ
لعل إ ــاءة
ألم لمة ر ي هللا عنها(.)1 الرحلة يف مصاحبتت ِ قلبت بدأت منذ تلك ِ
قال فأهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــبلت أان ،وعياش بن أيب ربيعة عند التَّنا ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ،وحبِس عنَّا ه ـ ـ ـ ـ ـ ــام ،وفنت،
فافتنت(.)6
فل ـ َّـما قدمنا اَّدينة نايلنا يف ب عمرو بن عو بقباء ،وخرً أبو جهل بن ه ام ،واحلارث
حض قدما علينا اَّدينة، عمهما ،وأخالا ِ
ألمهماَّ ، بن ه ــام ،إىل عيَّاش بن أيب ربيعة ،وكان ابن ِ
ميس رأ ها م اإن َّأمك قد نذرت أح َّ ور ول هللا هللال هللا عليت و لم َّ
مبكة ،فكلَّماه ،وقاح َّ
حض تراكَّ ،
فرق يا ،فقلت لت عيَّاش ،إنَّت وهللا إن يريدك القوم طس َّتستظل من ٍ
َّ حض تراك ،وح َّ
إح ليفتنوك عن دينك ،فاحذرهم ،فوهللا لو قد آذ َّأمك القمل ،حمت ـ ـ ـ ــطت ،ولو قد اش ـ ـ ـ ـ َّ
ـتد
حر مكة ح تظلَّت.
عليها ُّ
الركوب واحنقياد.
أذيا العمل ،فصارت هلة ُّ ( )1الذلول َّ
( )2تعقب دعل أعقبك عليها لركوهبا.
الصليلة (.)205/1 ( )3انظر ال ِسرية النَّبوية َّ
( )4ذو طو و ٍاد من أودية َّ
مكة.
( )5اي رة النَّبويَّة اَّباركة ،ص .131
417
أعد عمر ر ـ ــي هللا عنت خطَّة اي رة لت ،ولص ـ ــاحبيت عيَّاش بن
هذه احلادثة تظهر لنا كيف َّ
احد من ٍ
قبيلة ،وكان مكان كل و ٍهمي ،وكان ثالثتهم ُّ
أيب ربيعة ،وه ــام بن العاص بن وائل ال َّسـ ـ ِ
اللِقــاء الَّـذأ اتَّـ شعـدوا فيــت بعيــداً عن م َّكـة ،وخــارً احلرم ،عل طريق اَّــدينــة ،ولقــد حتــدَّد الايمــان،
ِ
فليمض هللاـ ــاحباه ،وح ينتظرانت ألنَّت قد حبس، ض ـ ـبا حبيث إنَّت إذا هلف أحدهم
واَّكان ابل َّ
وكما توقعوا ،فقد حبس ه ــام بن العاص ر ــي هللا عنت ،بينما مضـ ـ عمر ،وعيَّاش هب رهتما،
وُلت اخلطَّة كاملة ،ووهللاال اَّدينة ش الِ شم ْ ِ (.)1
أن قري ـ ـ ـ ـاً هللا ـ ـ ـ َّـممت عل متابعة اَّهاجرين ،ولذلك أعدَّت خطَّةً حمكمةً ،قام بتنفيذها
إح َّ
هللا ـ ـ ـ ٍة
يطمئن يما ،و ا َّ
ُّ شخ شوا عياش من ِأمت ،األمر الذأ جعل عياش ـ ـ ـاً
أبو جهل ،واحلارث ،ولا أ ش
أبمت ،فاختلق أبو جهل هذه احليلة لعلمت مبد ش ـ ـ ــفقة ورحة عيَّاش أب ِمت، إذا كان األمر يتعلَّق ِ
والَّـذأ ظهر جلي ـاً عنــدمــا أظهر موافقتــت عل العودة معهمــا ،كمــا تظهر احلــادثــة َّ
احلس األم
الرفيع الَّذأ كان يتمتَّع بت عمر ر ي هللا عنت حيث هللادقت فرا تت يف أمر احختطا (.)2
َّ
األخوة اليت بناها ال ــالم يف هذه النُّفوس فعمر يض ـ ِـلي
كما يظهر اَّس ــتو العظيم من َّ
بنص ـ ــف مالت حرهللاـ ـ ـاً عل ـ ــالمة أخيت ،وخوفاً عليت من أن يفتنت اَّ ـ ــركون بعد عودتت ،ولكن
فيرب قس ـ ــم ِأمت ،ورل مبالت لبت عياش ـ ـاً عاطفتت حنو ِأمتِ ،
وبره هبا ولذلك َّقرر أن ميض ـ ــي َّ
َّكة َّ
من هناك ،وأتىب عليت عفَّتت أن رخذ نصـ ــف مال أخيت عمر ر ـ ــي هللا عنت ،ومالت قائم يف َّ
مكة
أن أفق عمر ر ي هللا عنت كان أبعد ،فكأنت ير رأأ الع ،اَّصري اَّ ؤوم ،الَّذأس ،ري َّ
مي َّ
الذلول النَّ يبة ،وحدثمكة ،وح ع اي عن إقناعت أعطاه انقتت َّ بعياش لو عاد إىل َّ
ـ ـ ـ ـ ـ ــينايل ٍ
لعياش ما توقَّعت عمر من در اَّ رك بت(.)3
أن هللا تعاىل ح يقبل هللا ـ ــرفاً ،وح عدحً ،من هؤحء الذين فتِنوا، و ـ ــاد يف الص ـ ـ ِ
ـف اَّس ـ ــلم َّ
فكل من تقبض عليت ،وهو اول اي رة جلأت قريش إىل احلبس كأ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ـلوب َّنع اي رةُّ ،
كانت تقوم حببس ـ ـ ـ ــت داخل أحد البيوت مع و ـ ـ ـ ــع يديت ،ورجليت يف القيد ،وتفرض عليت رقابةً،
يتمكن من ايرب ،وأحياانً يكون احلبس داخل ٍ
حائا بدون ـ ــقف، حض ح َّوحرا ـ ـةً م ـ ــدَّدةً َّ
بيت ح ش قف كما فعل مع عيَّاش ،وه ام بن العاص ر ي هللا عنهما ،حيث كاان حمبو يف ٍ
شْ
بيئة جبليَّ ٍة
لت( ،)2وذلك زَيدة يف التَّعذي إذ يضا إىل وح ة احلبس ،حرارة ال َّمس ،و ا ٍ
شديدة احلرارة مثل َّ
مكة.
فقيــادة قريش تريــد بــذلــك حتقيق هــدف َّأويمــا منع اَّبو ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ من اي رة ،وا خر أن
لكل من اول اي رة من أولئك الَّذين ِ ِ
يفكرون هبا اَّن بقي يكون هذا احلبس در ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً وعظشةً ِ ،ش ْ
مبكة ،ولكن مينع هذا األ لوب اَّسلم من اخلروً إىل اَّدينة اَّنَّورة ،فقد كان من اَّسلم َّ
مكة مثل عيَّاش ،وه ـ ـ ــام ر ـ ـ ــي هللا عنهما ،ولكنَّهما َّ
َتكنا من بعض اَّس ـ ــلم حمبو ـ ـ ـ يف َّ
عامةً، َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم بعد ه رتت ي ْقنت ،ويدعو للمس ـ ـتض ـ ــعف يف َّ
مكة َّ كان الن ُّ
النب هللاــل هللا عليت و ــلم كان إذا
أن َّهللاـةً ،فعن أيب هريرة ر ــي هللا عنت َّ
ولبعضــهم أبمسائهم خا َّ
الركعة األخرية يقول «اللَّهم أشنْ ِت عيَّاش بن أيب ربيعة ،اللَّ َّ
هم أنت ش لش شمةش بن ه ام، رفع رأ ت من َّ
ليد بن الوليد ،اللهم أنت اَّستضعف من اَّؤمن ،اللَّهم ا ْشد ْد وطأتك عل م ش
ضر، اللَّهم أنت الو ش
ِ
[البخاري ( )1006وأمحد (. ])418/2 اللهم اجعلها ن ش كس ِ يو ش
ف»
مكة ،فنثل( )1كنانتت، وعن عكرمة -رحت هللا -قال ل َّـما خرً هللاهي مهاجراً تبعت أهل َّ
كل ٍ
رجل منكم ــهماً ،مثَّ أهللاــري إس حض أ ــع يف ِ فأخرً منها أربع ــهماً ،فقال ح تش ِ
ص ـلون َّ
مبكة قينت ،فهما لكم» [احلاكم ( ،])398/3وقال بعد إىل ال َّس ـيف ،فتعلمون ِأين رجل ،وقد خلَّفت َّ
َّاس من ي ْ ـ ِرأ نـش ْفس ـت ابتِ شاء مر ـاةِ ِ
ش ْ ش شْ ش ﴿وم شن الن ِ ش ْ ش
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ش
عكرمة ونايلت عل الن ِ
اد ﴾ [البقرة.]207 :اَّلل ريو ِابلْعِب ِ َِّ
ش اَّلل شو َّ ش
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم قال «أاب ىي! رب البيع!» قال وتال عليت ا ية فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما رآه الن ُّ
لكأين( )2بصـ ـ ـ ــهي ٍ ر ـ ـ ـ ــي هللا عنت ِ
يقدم الدَّليل القاطع عل فسـ ـ ـ ــاد عقل أولئك [احلاكم (ِ ])398/3
اَّادة الَّيت ـ ـ ـ ـ ـ ــو الَّذين يشِاينون حركات التَّاري ،وأحداثشت كلَّها مبيايان َّ
اَّادة ،فأين هي َّ اَّادي
يكسبها هللاهي يف ه رتت ،والَّيت َّل من أجلها ِ
بكل ما ميلك؟!
- 1دار مب ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر بن عبد اَّنذر بن شزنْشرب بقباء ونايل هبا جمموعة من اَّهاجرين ،نسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاءً،
ورجاحً ،وقد َّمت هذه الدُّور ،عمر بن اخلطاب ،ومن حلق بت من أهلت وقومت ،وابنتت حفصة،
وزوجها ،وعيَّاش بن أيب ربيعة.
()2
نايل هبا طللة بن عبيد - 2دار خبشي بن إ ـ ــا أخي بشـ ْللارث بن اخلايرً ابل ُّسـ ـ ـْن
هللا بن عثمان ،و ُّأمت ،وهللاهي بن نان.
- 3دار أ عد بن زرارشة من ب النَّ ار ،قيل نايل هبا حاية بن عبد اَّطَّل .
بيت العاياب ،ونايل هبا العَّاياب - 4دار ـ ـ ــعد بن خيثمة أخي ب النَّ ار ،وكان يسـ ـ ـ َّـم
من اَّهاجرين.
- 5دار عبــد هللا بن ـ ـ ـ ـ ـ ــلمــة أخي بشـ ْلع الن بقبــاء ،ونايل هبــا عبيــدة بن احلــارث ،وأ ُّم ـت
وم ْسـ ـ ـ ـطش بن أاثثة بن عبَّاد بن اَّطل ،والطُّفيل بن احلارث ،وطلي بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن عمري،ـ ـ ـ ـهيلةِ ،
ص ْ بـن احلارث نايلوا يعاً عل عبد هللا بـن لمة بقبـاء.
واحل ش
- 8دار ب النَّ ار ،واَّلتضـ ـ ـ ـ ـ ــن هو أوس بن اثبت بن اَّنذر ،نايل هبا عثمان بن عفان،
وزوجتت رقيَّة بنت ر ول هللا هللال هللا عليت و لم (. )2
لعيس ابن مر ،ونشرا قيادات اَّهاجرين الكرب ،الَّيت وهللالت اَّدينة ،والذين ا تقوا يعاً
َّبوأ الثـ َِّر( ،)2واقتبسوا من هديت(.)3
من النَّبع الن ِ
ومن معا هذا ااتمع اجلديد ذوابن العص ـ ـ ـ ــبية فقد كان إمام اَّس ـ ـ ـ ــلم ،ـ ـ ـ ــا موىل أيب
حذيفة ر ي هللا عنت ألنت كان أكثرهم قرآانً ،فهذا ااتمع الَّذأ يوجد فيت ِع ْليشة أهللالاب َّ
حممد
الصلبة ،الَّيت بذل ر ول هللا هللال هللا عليت و لم وقتاً وجهداً يف تربيتها ،بدأت َّ
إن القاعدة ُّ
تعطي شارها أكثر ،بعد أن التلمت اباتمع ِ
اَّدين اجلديد ،وانص ـ ـ ـ ــهر كاللا يف معاين العقيدة،
أخوة الدين.
و َّ
كون هبم لقد َّ
أعد ر ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم األفراد ،وهللاـ ـ ــقلهم يف بوتقة اجلماعة ،و َّ
ـالمي الَّذأ تقوم عليت َّ
الدولة إح بعد بيعة احلرب وبذلك ص ـ ـ ـلبة ،و يقم ااتمع ال ـ ـ ـ ُّ
القاعدة ال ُّ
القوة اَّنا بة حلمايتت يف األرض(.)1
المي قام بعدما هتيَّأت َّ نقول َّ
إن ااتمع ال َّ
وهكذا انتقلت اجلماعة اَّس ــلمة اَّنظَّمة القويَّة إىل اَّدينة ،والتلمت مع إخوا،ا األنص ــار،
وت ـ َّـكل ااتمع اَّس ــلم الَّذأ أهللا ــب ينتظر قائده األعل هللا ــل هللا عليت و ــلم ليعلن وحدة
دولة ال الم ،الَّيت هللانعت -فيما بعد -حضارًة يعر ِ التَّاري مثلها َّ
حض يومنا هذا.
كان من حكمة هللا تعاىل يف اختيار اَّدينة داراً لله رة ،ومركاياً للدَّعوة -عدا ما أراده هللا
طبيعي ٍ
حريب ،ح تاياحها يف ٍ من إكرام أهلها -أ ـ ـ ـ ـرار ح يعلمها إح هللا َّإ،ا امتازت بتل ُّ
صـ ـ ـ ـن
وحَّرة
الوبْـشرة ،مطبقةً عل اَّدينة من النَّاحية ال ربية ،ش ذلك مدينة قريبة يف اجلاييرة ،فكانت شحَّرة ش
واقِم مطبقةً عل اَّدينة من النَّاحية ال َّ ـ ـ ـ ـ ـرقيَّة ،وكانت اَّنطقة ال َّ ـ ـ ـ ـ ـمالية من اَّدينة هي الناحية
الوحيدة اَّك ــوفة -وهي الَّيت ح َّ
ص ـنها ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ابخلندق ــنة طس يف
الايروي
ايوة األحاياب -وكـانـت اجلهـة األخر من أطرا اَّـدينـة ،حمـاطـة أبش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـار النَّهيـل و ُّ
مكة ،وما حويا وكان األوس ،واخلايرً من قلطان ،واَّهاجرون وشم ْن ــبق إىل ال ــالم يف َّ
ش
من عدانن ،ولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما هاجر ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم إىل اَّدينة ،وقام األنص ــار بنص ــره
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،للن ِ
َّدوأ ،ص .157
427
اجتمعت بذلك عدانن ،وقلطان حتت لواء ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالم ،وكانوا ك س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد و ٍ
احد ،وكانت بينهما
مفا ـلة ،ومسـابقة يف اجلاهليَّة ،وبذلك جيد ال َّ ـيطان ـبيالً إىل قلوهبم لاثرة الفتنة ،والت ِ
َّعايأ
لكل ذلك مدينة يثرب أهللاـ ـ ـ ـ ــل ش بعاياء اجلاهليَّة ،اب ـ ـ ـ ـ ــم احلميَّة القلطانيَّة ،أو العداننيَّة ،فكانت ِ
حض يقو الر ـ ـ ـ ــول هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم وأهللاـ ـ ـ ــلابت ،و ِاهاذهم يا داراً ،وقراراًَّ ، ٍ
مكان ي رة َّ
ِ
اَّتمدن(.)1 ال الم ،وي َّق طريقت إىل األمام ،ويفت اجلاييرة ،مثَّ يفت العا
حض فضــلت
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم إليهاَّ ،
اَّنورة اَّباركة ،هب رة الن ِ
لقد عظم شــر اَّدينة َّ
اَّكرمة -وفضائلها كثرية منها
مكة َّائر بقاي األرض -حاشا َّ عل
- 1كثرة أمسائها
إن كثرة األمساء ُّ
تدل عل ش ــر اَّس ـ َّـم ،وح توجد بلدة يف الدُّنيا يا من األمساء ،مثل ما َّ
حض ربعت ،وقد بل العلماء أبمسائها حواس مئة ا ـ ـ ٍم( ،)1وقد ذكراَّنورة ،أو نصـ ــفت ،أو َّ
للمدينة َّ
الايرك ــي يف (إعالم ال َّس ـ ـاجد أبحكام اَّس ــاجد)( ،)2وااد الفريوز اابدأ هللا ــاح
هذه األمساء َّ
وحممد بن
الدين ال َّس ـ ـمهودأ يف (وفاء الوفا أبخبار دار اَّصـ ــطف )َّ ، (القاموس اَّيا)( ،)3ونور ِ
السنَّة (.)333/1
انظر األ اس يف ُّ
()1
( )2انظر اي رة النَّبويَّة اَّباركة ،ص ، 155وهذا الكتاب هو اَّرجع األ ا ي يف فضائل اَّدينة.
()3
السهاوأ لت يف الضَّوء الالمع ( )86 79/1مؤلفات منها اَّ امن.
ذكر َّ
428
وقد ورد النَّهي عن تسـ ــميتها هبذا اح ـ ــم ،و َّأما تسـ ــميتها يف القرآن «يثرب» فذلك حكاية
عن قول اَّنافق .
(ب) طابة فعن الرباء بن ٍ
عازب ر ي هللا عنت قال قال ر ول هللا هللال هللا عليت و لم
اية «هي طابة ،هي طابة ،هي فَجا هي طابة» ويف رو ٍ
«من مسَّ اَّدينة يثرب فليسـ ـ ـ ــت فر هللا َّ
طابة»(.)1
اَّنورة دون ريها (ً) اَّدينة وهذا أشهر أمسائها ،وهذا اح م إذا أطلق أريدت بت اَّدينة َّ
﴿وِاش ْن شح ْولشك ْم ِم شن من مــدن الــدُّنيــا ،وقــد جــاءت ا َيت الكثرية هبــذا اح ـ ـ ـ ـ ـ ــم ،كقولــت تعــاىل ش
اق حش تشـ ْعلشمه ْم شْحنن نشـ ْعلشمه ْم ش نـ شع ِذهب ْم شمَّرتش ْ ِ مثَّ اب منشافِقو شن وِمن أ ْشه ِل الْم ِدينش ِة مردوا علش النِ شف ِ
ش شش ش ش ْ
األ ْشعر ِ
ش
اب شع ِظي ٍم ﴾ [التوبــة ،]101وقولــت تعــاىل ﴿ شم ـا شك ـا شن ِأل ْه ـ ِل الْ شم ـ ِدينشـ ِة شوشم ْن شح ْوشي ْم ِم شن يـرُّدو شن إِ شىل شع ـ شذ ٍ
ش
ك ِأب َّش،م حش ي ِ ِِ ِ ِ ِِ ول َِّ اب أش ْن يـتشهلَّفوا شعن ر ـ ِ
ص ـيبـه ْم ظش شمأ اَّلل شوحش يشـ ْر شبوا أبشنْـفسـ ـه ْم شع ْن نشـ ْفسـ ـت شذل ش ْ ْش األ ْشعشر ِ ش ش
َّار شوحش يشـنشالو شن ِم ْن شعد ٍو نشـْيالً إِحَّ ِ ِ وحش نشصـ وحش ملشْمصـة ِيف ـبِ ِيل َِّ
اَّلل شوحش يشطشؤو شن شم ْوطئًا يش يم الْكف ش ش ش ش ش ش ش
شجشر الْم ْل ِسـ ـ ـنِ ش ﴾ [التوبة ]120 :وقد وهللا ـ ــفت اَّدينة ِ هللاـ ـ ـالِ إِ َّن َّ
اَّللش حش يضـ ـ ـيع أ ْ
ِ ِ
كت ش شي ْم بِت شع شمل ش
اَّنورة ،واَّ َّرفة ،و ري ذلك من األوهللاا الفا لة(.)2 ابَّباركة ،و َّ
- 2حمبتت هللال هللا عليت و لم يا ،ودعايه برفع الوابء عنها
حب إلينا اَّدينة كلبِنا َّ
مكة ،أو هم ِدعا النَّب هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ربَّت قائالً «اللَّ َّ
َّب هللال هللا عليت و لم إذا قدم من ف ٍر ،فنظر إىل أنس ر ي هللا عنت « َّ
أن الن َّ أشدَّ!( »)3وعن ٍ
النب هللال
وعن أيب هريرة ر ي هللا عنت قال «كان النَّاس إذا رأوا َّأول الثَّمر جايوا بت إىل ِ
هم ابرك لنا يف شران!، هللا عليت و ــلم ،فَذا أخذه ر ـ ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ـ ــلم قال «اللَّ َّ
إن إبراهيم عبدك ،وخليلك هم َِّ َّ
وابرك لنا يف مدينتنا! وابرك لنا يف هللا ــاعنا! وابرك لنا يف مدان! الل ش
َّكةِ ،
ومثلت وإين أدعوك للمدينة مبثل ما دعاك َّ ونبيك ،وإ نَّت دعاك َّ
َّكةِ ، وإين عبدكُّ ، ونبيك ِ ُّ
معت» قال مثَّ يدعو أهللا ـ ـ شر و ٍ
ليد لت ،فيعطيت ذلك الثَّمر[ .مس ــلم ( )1373والرتمذي ( )3454والنس ــائي يف عمل
ْ ش
اليوم والليلة ( )302وابن ماجه ( )3329وابن السين (. ])279
َّ
إن هللا تعاىل قيَّض يا مالئكةً ر ـ ــو،ا ،فال يسـ ــتطيع الدَّجال إليها ـ ــبيالً بل يلقي إليها
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ابل ِ
ص ـ َّلة ورفع نخوانت من الكفَّار ،واَّنافق ،كما َّ
أن من لوازم دعاء الن ِ
[البخاري ( )1880ومســلم الوابء أحَّ ينايل هبا الطَّاعون ،كما أخرب بذلك اَّعصــوم هللاــل هللا عليت و ــلم .
430
(. )1(])1379
الصرب عل شدَّهتا
- 5فضيلة َّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم من هللاــرب عل شــدَّة اَّدينة ،و ــيق عي ـها ،ابل َّ ـفاعة
فقد وعد الن ُّ
يوم القيامة( ،)2فعن عد بن أيب وقَّاص ر ي هللا عنت قال قال ر ول هللا هللال هللا عليت و لم
«اَّدينة خري يم لو كانوا يعلمون ،ح يدعها أحد ر بةً عنها إح أبدل هللا فيها شم ْن هو خري
وج ْه ِدها ،إح كنت لت ش ـ ــفيعاً -أو ش ـ ــهيداً -يوم القيامة» ِ ()3
منت ،وح يثبت أحد عل أل شْوائ شها ش
[مسلم (. ])1361
- 6فض ــيلة اَّوت فيها فعن ابن عمر ر ــي هللا عنت قال قال ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت
[الرتمذي ()3917 و ـ ــلم «من ا ـ ــتطاي أن ميوت ابَّدينة فليشمت هباِ ،
فَين أش ـ ــفع َّن ميوت هبا»
وابن ماجه ( )3112وابن حبان ( )3733والبيوقي يف الشـــعب ( ،])4184وكان عمر بن اخلطَّاب ر ـ ــي هللا عنت يدعو
هبذا الدُّعاء «اللَّهم ارزق ش ـ ـ ــهادةً يف ـ ـ ــبيلك ،واجعل مول يف بلد ر ـ ـ ـولك هللا ـ ـ ــل هللا عليت
[البخاري (. ])1890 و لم»
وقد ا ــت اب هللا للفاروق ر ــي هللا عنت ،فا ــت ــهد يف حمراب ر ــول هللا هللاـ ـل هللا عليت
يؤم اَّسلم يف هللاالة الف ر.
و لم ،وهو ُّ
- 7هي كهف الميان ،وتنفي اخلبث عنها
الميان يل أ إليها مهما ـ ـ ـ ـ ـ ــاقت بت البالد ،واألخباث ،واألش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرار ح مقام يم فيها ،وح
ا تقرار ،وح خيرً منها أحد ر بةً عنها إح أبديا هللا خرياً منت من اَّؤمن الصادق (.)4
- 8تنفي ُّ
الذنوب واألوزار
عن زيد بن اثبت ر ي هللا عنهما قال قال ر ول هللا هللال هللا عليت و لم « َّإ،ا -أأ
[البخاري ( )4589ومسلم (. ])1384 اَّدينة -طشْيـبشة تنفي ُّ
الذنوب( ،)2كما تنفي النَّار خبث الفضَّة»
َّب هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم شم ْن ٍ ٍ قد تكفَّل هللا حبفظها من ِ
كل قاهللاـ ـ ــد َّإَيها بسـ ـ ــوء ،وتوعَّد الن ُّ
أح ــدث فيه ــا ح ــداثً ،أو آو فيه ــا حمـ ـ ِداثً ،أو أخ ــا أهله ــا ،بلعن ــة هللا ،وع ــذاب ــت ،وابيالك
العاجل( ،)3فعن ــعد بن أيب وقَّاص ر ــي هللا عنت قال قال ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم
أهل اَّدينة أحد إح اجاي( ،)4كما ينماي اَّل يف اَّاء» [البخاري ( )1822ومســ ـ ـ ــلم (،])1387
«ح يكيد ش
()6 ()5
فعليت وقال هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم «اَّدينة شحشرم ،فمن أحدث فيها شح شداثً أو آو حمداثً
ع ْدل ،وح هللار » [مسلم (.])1371 ِ
شْ يوم القيامة ش
لعنة هللا ،واَّالئكة ،والنَّاس أ ع ،ح يـ ْقبشل منت ش
- 10حترميها
َّب هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم بوح ٍي من هللا ،فال يراق فيها دم ،وح ْمل فيها
حرمها الن ُّ
قد َّ
يروي فيها أحد ،وح يقطع فيها ش ـ ـ ـ ر ،وح شِحت ُّل لقطتها إح َّن ـ ـ ٍـد ،و ري ذلك اَّا ـ ــال ،وح َّ
***
الرط فيها.
ح خيْتشل شخالشها ح جيُّاي ،وح يقطع احل يش َّ
()1
األول
املبحث َّ
الرفيع للوجرة
ي َّ فشل خطَّة املشركنيَّ ،
والرتتيب النَّبو ي
أوالً :فشل خطَّة املشركني الغتيال الن ِّ
َّب صلى هللا عليه وسلم:
ص ـ ـلابة ر ـ ــي هللا عنهم من اي رة إىل اَّدينة عل بعد أن منيت قريش ابلف ـ ــل يف منع ال َّ
الر م من أ اليبها ال َّنيعة ،والقبيلة ،فقد أدركت قريش خطورة اَّوقف ،وخافوا عل مصاحلهم َّ
احجتماعي القائم ب قبائل العرب لذلك اجتمعت قيادة قريش يف دار ِ احقتص ـ ـ ـ ـ ـ ــاديَّة ،وكيا،م
النَّدوة للت ـ ـ ــاور يف أمر القض ـ ـ ــاء عل قائد الدَّعوة ،وقد حتدَّث ابن عباس يف تفس ـ ـ ــريه لقول هللا
اَّلل شخ ْري
اَّلل شو َّ وك أ ْشو خيْ ِرج ش
وك شوميشْكرو شن شوميشْكر َّ ين شك شفروا لِيـثْبِت ش
وك أ ْشو يشـ ْقتـل ش تعاىل ﴿وإِ ْذ ميشْكر بِ َّ ِ
ك ا لذ ش ش ش
الْماكِ ِرين ﴾ [اآلنفال. ]30 :
ش ش
مبكة ،فقال بعض ـ ـ ـهم إذا أهللاـ ـ ــب فأثبتوه ابلوثق خرب اجتماي فقال ت ـ ـ ــاورت قريش ليلةً َّ
قريش ذكره ابن ه ـ ـ ـ ـ ـ ــام ( )126 - 124/2وابن ـ ـ ـ ـ ـ ــعد ( )228 - 227/1والبيهقي يف
دحئ ـ ــل النبوة ( )468 - 466/2وأبو نعيم يف دحئل ـ ــت ( )64 - 63والطربأ يف اترخي ـ ــت
()2
َّب هللال هللا عليت و لم ،
( )372/2واييثمي يف جممع الايوائد ( ، ])53 - 52/6يريدون الن َّ
وقال بعض ـ ـ ـ ـ ــهم بل اقتلوه ،وقال بعض ـ ـ ـ ـ ــهم بل أخرجوه ،فأطلع هللا نبيَّت عل ذلك ،فبات علي
َّب هللال هللا عليت و لم -تلك اللَّيلة أحد ( )348/10وعبد الرزاق يف اَّصنف عل فراش الن ِ
() 3
َّب
( )389/5والطربأ يف اترخي ــت ( )372/2وجممع الايوائ ــد ( . ])53 - 52/6وخرً الن ُّ
رد هللا مكرهم ،فقالوا أين هللال هللا عليت و لم ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما أهللابلوا اثروا إليت ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما رأوا علياً َّ
لقد كانوا ميكرون ليوثقوا ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،و بسوه ح َّض ميوت أو ليقتلوه،
مكة منفياً مطروداً ،ولقد ائتمروا هبذا كلِت ،مثَّ اختاروا قتلت ،عل
ويتهلَّصوا منت ،أو ليهرجوه من َّ
ليتفرق دمت يف القبائل ،ويع اي بنو هاش ــم عن قتال أن َّ
يتوىل ذلك اَّنكر فتية من القبائل يعاً َّ َّ
العرب يعاً ،فري وا ِ
ابلدية ،وينتهي األمر.
ِ َّ
ين ﴾ ،وهي يف الوقت ذاتت هللاـ ــورة مفايعةاَّلل شخ ْري الْ شماك ِر ش
اَّلل شو َّ
﴿وميشْكرو شن شوميشْكر َّ
إ،ا هللاـ ــورة ش
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعا اَّهازيل ،من تلك القدرة القادرة ،قدرة هللا اجلبَّار ،القاهر فوق فأين هؤحء الب ـ ـ ـ ـ ـ ــر ال ِ
شيء حميا؟!(.)2 بكل ٍ عباده ،ال ال عل أمره ،وهو ِ
حض يؤدأ فَن ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم أمره أن يتهلَّف َّ
َّأما علي ر ــي هللا عنتَّ ،
عن ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم الودائع الَّيت كانت عنده للنَّاس ،وكان ر ــول هللا هللاــل هللا
مبكة أحد عنده شـ ــيء خي ـ ـ عليت إح و ـ ــعت عنده َّا يعلم من هللاـ ــدقت، عليت و ـ ــلم ،وليس َّ
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم ،وأيب بك ٍر ر ــي هللا عنت ،فهرجا من ()9
وأمانتت ،وكان اَّيعاد ب َّ
فطنة ،وذكاء ،واَّراد اثبت اَّعرفة مبا تاً إليت ،النِهاية (.)216/1( )1ثقف ذو ٍ
( )2لقن فش ِهم ،حسن الت ِ
َّلقي َّا يسمعت ،النِهاية (.)266/4
( )3يدجل أدجل إذا ار َّأول الليل ،وادَّجل ـ ابلت ديد ـ إذا ار اخره.
( )4يكتادان أأ يطل يما فيت اَّكروه ،وهو من الكيد.
الر يف اللَّب اَّر و ،وهو الذأ طر فيت احل ارة َّ
اَّماة ابل َّمس ،أو النَّار ،لينعقد وتايول رخاوتت. َّ
()5
( )6ينعق نعق ب نمت ،أأ هللاا هبا ،وزجرها ،القاموس اَّيا (.)295/3
الصبا ،النِهاية (.)377/3( )7ال لس ظلمة اخر الليل إذا اختلطت بضوء َّ
( )8مس حلقاً أأ أخذ بنصي من عقدهم ،وحلفهم رمن بت.
(ِ )9
السرية النَّبويَّة ،حبن كثري (.)234/2
437
حض ح تتبعهمــا قريش، خوخــة( ،)1أليب بكر يف ظش ْه ِر بيتــت ،وذلــك لإلمعــان يف اح ـ ـ ـ ـ ـ ــتهفــاء َّ
الرحلــة اَّبــاركــة ،وقــد اتَّـ شعـدا مع اللَّيــل عل أن يلقــالــا عبــد هللا بن أريقا ،يف
وَتنعهمــا من تلــك ِ
ار ثور ،بعد ثالث ٍ
ليال(.)2
َّب صلى هللا عليه وسلم عند خروجه من َّ
مكة: رابعاً :دعاء الن ِّ
وقد دعا النَّب هللال هللا عليت و لم عند خروجت من َّ
مكة إىل اَّدينة قائالً
هم أع ِ عل هول الدُّنيا ،وبوائق الدَّهر ،ومصائ «احلمد هلل الَّذأ خلق و أشك شيئاً! اللَّ َّ
هم اهللالب يف فرأ ،واخلف يف أهلي ،وابرك س فيما رزقت ،ولك ف شذلِل ، اللَّياس واألَيم! اللَّ َّ
رب اَّســتضــعف ! وأنت ريب، فقوم ،وإليك رب فلبِب ،وإىل النَّاس فال تك ْل ! َّ وعل خلقي ِ
أعوذ بوجهك الكر الَّذأ أشـرقت لت ال َّسـموات ،واألرض ،وك ِ ـفت بت الظُّلمات ،وهللاــل عليت
علي ضبك ،أو تنايل يب هطك! أعوذ بك من زوال نعمتك، حتل َّ
األول ،وا خرين أن َّ أمر َّ
وحتول عافيتك ،و يع ـ ـ ـ ـ ـ ـهطك ،لك العْت شىب عندأ خري ما ا ـ ـ ـ ـ ـ ــتطعت ،ح شوف ش اءشة نقمتكُّ ،
حول ،وح َّقوة إح بك» [عبد الرزاق يف املصنف (. )3(])9234
مكة ،وقال «وهللا إن ِ
َّك الر ول هللال هللا عليت و لم عند خروجت ابحلشْايورة يف وق َّ ووقف َّ
شش
ِ
جت» [الرتمذي ( )3925وأمحدخلري أرض هللا ،وأح ُّ أرض هللا إىل هللا ،ولوح ِأين أ ْخ ِرجت منك ما شخشر ْ
( )305/4وابن ماجه (. ])3108
مثَّ انطلق ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،وهللااحبت ،وقد حفظهما هللا من بطش اَّ رك ،
وهللارفهم عنهما.
اقتصوا أثر ر ول هللا هللال ُّ أن اَّ رك رو المام أحد عن ابن ٍ
عباس ر ي هللا عنهما « َّ
هللا عليت و لم ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما بل وا اجلبل -جبل ثور -اختلا عليهم ،فصعدوا اجلبل ،فمُّروا ابل ار،
فرأوا عل اببت نسـ ـ ـ ــيت العنكبوت فقالوا لو دخل هاهنا ،يكن نس ـ ـ ـ ــت العنكبوت عل اببت»
اليت خيذل هبا الباطل ،وينصـ ـ ـ ـ ـ ــر هبا احلق أل َّن
وجل َّ -
عاي َّ
[أمحد ( ،])348/1وهذه من جنود هللا َّ -
خامساً :عناية هللا سبحانه وتعاىل ورعايته لرسوله صلى هللا عليه وسلم:
كل األ ـ ــباب الَّيت اهذها ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،فَنَّت يركن إليها ابلر م من ِ
َّ
الرجاء يف نص ــره ،وأتييده ،دائم الدُّعاء ابل ِ
صـ ـي ة الَّيت كامل الثِقة يف هللا ،عظيم َّ َّ
مطلقاً وإجا كان ش
ِ ٍ ِ ٍ علَّمت هللا َّإَيها( .)4قال تعاىل ﴿وقل ر ِ ِ
شخ ِر ْج ِ ملْشر شً هللاـ ـ ـ ْدق شو ْ
اج شع ْل ب أ ْشدخ ْل ِ م ْد شخ شل هللاـ ـ ـ ْدق شوأ ْ ش ْش
ِ
صريا ﴾ [اإلسراء. ]80 : ِس ِم ْن لشدنْ ش
ك ْلطشاانً نش ً
ويف هــذه ا يــة الكرميــة« ،دعــاء يعلِمــت هللا لنبيِـت ليــدعوه بــت ،ولتتعلَّم َّأمتــت كيف تــدعو هللا،
الرحلة كلِها بدئها،
وكيف تتَّ ت إليت؟ دعاء بصــدق اَّ ْد شخل ،وهللاــدق اَّ ْهرً ،كنايةً عن هللاــدق ِ
ش
صـدق هنا قيمتت مبنا ــبة ما حاولت اَّ ــركون األول وا خر ،ولل ِ َّ وختامهاَّ ،أويا ،وآخرها ،وما ب
من فتنتت عما أنايلت هللا عليت ليف أ عل هللا ريه ،وللص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدق كذلك ظاللت ظالل الثَّبات،
واحطمئنان والنَّظافة ،والخالص.
وقوة
صـ ـ ًريا ﴾ ،وهيبةً أ ــتعلي هبما عل ــلطان األرضَّ ، ك ـ ـ ْلطشاانً نش ِاج شع ْل ِس ِم ْن لشدنْ ش
﴿و ْ
ش
ك﴾ ،واحتِصــال ابهلل ،واح ــتمداد من عونت مباشــرًة ،واللُّ وء اَّ ــرك ،وكلمة تصـ ِـور ِ
﴿م ْن لشدنْ ش
إىل حاه.
السلطان إح من هللا ،وح ميكن أن يهاب إح بسلطان َّ
يستمد ُّ وهللااح الدَّعوة ح ميكن أن
ال شق ْوم شجلشباً هللااحوا وأجلبوا ،والبلر ا طرب موجت ،فهو شجلِ . (ِ )1
شجل ش
الرازأ (.)208/30 تفسري َّ ( )2انظر
السعود (.)60/9تفسري أيب ُّ ( )3انظر
اي رة النَّبويَّة اَّباركة ،ص .72 ( )4انظر
439
ـتظل حباك ٍم ،أو ذأ جاهٍ ،فينص ـ ــره ،ومينعت ما يكن اداهت قبل ذلك إىل هللا ،وح ميكن أن يس ـ ـ َّ
هللا ،والدَّعوة قد ت ايو قلوب ذوأ ال ُّس ـ ـ ـ ـلطان ،واجلاه ،فيص ـ ـ ـ ــبلون يا جنداً ،وخدماً ،فيفللون،
ولكنَّها هي ح تفل إن كانت من جند ال ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلطان ،وخدمت ،فهي من أمر هللا ،وهي أعل من
السلطان ،واجلاه»(.)1
ذوأ ُّ
الر ـ ــول هللا ـ ــل هللا عليت
أأ الع طمأن َّ وعندما أحاط اَّ ـ ــركون ابل ار ،وأهللا ـ ــب منهم ر ش
ص ـ ـ ِديق ر ــي هللا عنت قال قلت للن ِ
َّب هللا ــل هللا ص ـ ـ ِديق مبعيَّة هللا يما ،فعن أيب بك ٍر ال ِ
و ــلم ال ِ
أن أحدهم نظر حتت قدميت ألبصران ،فقال هللال هللا عليت و لم عليت و لم وأان يف ال ار لو َّ
اية «ا ـ ــكت َي «ما ظنُّك َي أاب بكر! ابثن هللا اثلثهما؟» [البخاري ( )3653ومسـ ــلم ( .])2381ويف رو ٍ
أاب بكر! اثنان هللا اثلثهما» [البخاري (. ])3922
شخشر شجت اَّلل إِ ْذ أ ْ وجل -ذلك يف قولت تعاىل ﴿إِحَّ تشـْنص ـ ـ ـروه فشـ شق ْد نش ش
ص ـ ـ ـشره َّ عاي َّ احلق َّ - و ـ ـ ـ ل ُّ
اَّلل ش ـ ـ ِكينشـتشت الَّ ِذين شك شفروا شاثِين اثْـنش ِ إِ ْذ لا ِيف الْ شا ِر إِ ْذ يـقول لِص ـ ـ ِ
احبِ ِت حش شْحتشاي ْن إِ َّن َّ
اَّللش شم شعنشا فشأشنْـشايشل َّ ش ش ش ش ْ ش
اَّلل شع ِايياي شح ِكيم ِ ِ ِ ِ َّ ِ ٍ ِ ِ
اَّلل ه شي الْع ْليشا شو َّالس ْفلش شوشكل شمة َّ شعلشْيت شوأشيَّ شده قنود شْ تشـشرْوشها شو شج شع شل شكل شمةش الذ ش
ين شك شفروا ُّ
﴾ [التوبة. ]40 :
ربأ يف تفسـ ــريه عن هذه ا ية الكرمية ،فقال هذا إعالم من هللا ألهللاـ ــلاب وقد حتدَّث الطَّ ُّ
اَّتكفل بنصــر ر ـولت عل أعداء دينت ،وإظهاره عليهم دو،م ر ـولت هللاــل هللا عليت و ــلم أنَّت ِ
ـدو يف كثرةٍ،أعــانوه ،أو يعينوه ،وتــذكري منــت يم بفعــل ذلــك بــت ،وهو من العــدد يف قلَّـ ٍة ،والعـ ُّ
ـدو يف قلَّ ـة؟! يقول يم جـ َّـل ثنــايه إح تنفروا -أيُّهــا فكيف بــت وهو من العــدد يف كثرةٍ والعـ ُّ
اَّؤمنون -مع ر ــوس إذا ا ــتنص ــركم فتنص ــروه فاهلل انهللا ــره ،ابهلل من قريش ،من وطنت ،وداره
َّ ِ
ين شك شفروا شاثِينش اثْـنش ْ ِ ﴾ ،وإَّج ـا عىن ج ـ َّل ثنــايه بقولــت يقول أخرجوه وهو أحــد ﴿إِ ْذ أ ْ
شخشر شج ـت ال ـذ ش
أل،ما كاان اللَّذين خرجا هارب من قريش ﴿ شاثِين اثْـنش ْ ِ ﴾ هللا (ﷺ) ،وأاب بك ٍر ر ــي هللا عنت َّ
ش
إذ لُّوا بقتل ر ــول هللا (ﷺ) ،واختفيا يف ال ار ،وقولت (إذ لا يف ال ار) يقول إذ ر ــول هللا
احبِ ِت﴾ يقول إذ يقول هللا ــل هللا عليت و ــلم وأبو بكر ر ــي هللا عنت يف ال ار(﴿)2إِ ْذ يـقول لِصـ ـ ِ
ش ش
الر ول لصاحبت أيب بكر ح حتاين وذلك أنَّت خا من الطَّل أن يعلموا مبكا،ما ،ف ايي من َّ
وقد حتدَّث الدكتور عبد الكر زيدان ،عن اَّعيَّة يف هذه ا ية الكرمية ،فقال «وهذه اَّعيَّة
اَّللش شم شعنشا﴾ ،أعل من معيَّتت للمتَّق ،واَّسـ ـ ــن يف قولت الرابنية اَّسـ ـ ــتفادة من قولت تعاىل ﴿إِ َّن َّ َّ
ين ه ْم ْحم ِسـ ـ ـ ـ ـ ـنو شن ﴾ [النحلَّ ]128 :
ألن اَّعيَّة هنا هي لذات َّ ِ َّ ِ تعاىل ﴿إِ َّن َّ
ين اتـَّق ْوا شوالذ ش
اَّللش شم شع الذ ش
ـف هو عمل يما ،كوهللا ــف التَّقو ،والحس ــان بل الَّر ــول ،وذات هللا ــاحبت ،ري مقيَّدةٍ بوهللا ـ ٍ
خاهللاة بر ولت ،وهللااحبت ،مكفولة هذه اَّعيَّة ابلتأييد اب َيت ،وخوارق العادات»(.)1 هي َّ
ٍ
مبلمد ذرعاً، الظالل عن هذه ا َيت ،فقال «ذلك ح اقت قريش وحتدَّث هللااح ِ
احلق ،ح َتلك يا دفعاً ،وح تطيق عليها هللا ـ ـرباً ،فائتمرت القوة ال اطة دائماً بكلمة ِ كما تضـ ــيق َّ
وقررت أن تتهلَّص منت ،فأطلعت هللا عل ما ائتمرت بت ،وأوح إليت ابخلروً وحيداً ،إح من بتَّ ،
وقوهتم إىل قوتت ظاهرة ،مثَّ ماذا كانت ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِديق ،ح جيش ،وح عدَّة ،وأعدايه كثـرَّ ،
هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــاحبت ال ِ
جمرد؟ العاقبة ،والقوة اَّادية كلُّها من جان ٍ ،و َّ
الر ـ ــول هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم مع هللا ـ ــاحبت منها َّ
كان النَّص ـ ــر اَّؤزَّر من عند هللا قنود يرها النَّاس ،وكانت ايايمية لِلَّذين كفروا و ُّ
الذ ُّل وال َّ
صـ ـ ـ ار،
الس ْفلش ﴾ ،وظلَّت كلمة هللا يف مكا،ا العاس منتصرًة قويَّةً انفذ ًة. ين شك شفروا ُّ ِ َّ ِ
﴿و شج شع شل شكل شمةش الذ ش ش
ذلك مثل عل نص ـ ـ ـ ـ ـ ــرة هللا لر ـ ـ ـ ـ ـ ــولت ،ولكلمتت ،وهللا قادر عل أن يعيده عل أيدأ ٍ
قوم
ٍ
حاجة بعد قول هللا إىل آخرين ري الَّذين يتثاقلون ويتباطؤون وهو مثل من الواقع إن كانوا يف
ٍ
دليل!»(.)2
سادساً :خيمة أم معبد يف طريق اهلجرة:
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم يف ال ار خرً ر ــول هللا هللا ــل هللا وبعد ثالث ٍ
ليال من دخول الن ِ
عليت و ـ ــلم وهللاـ ــاحبت من ال ار ،وقد هدأ الطَّل ،ويئس اَّ ـ ــركون من الوهللاـ ــول إىل ر ـ ــول هللا
هللا ـ شهل( ،)18ويف عنقت ش ـطشع( ،)19ويف حليتت كثاثة ،أز ًُّ( ،)20أقرن( ،)21إن ()17
شوطشف ،ويف هللاــوتت ش
هللاــمت فعليت الوقار ،وإن تكلَّم مسا( )22وعاله البهاء ،أ ل النَّاس ،وأهباهم من ٍ
بعيد ،وأحالهم
كأن احلسن هللاار لت مسةً. ( )15و يم الو يم اَّ هور ابحلسن َّ ،
( )16شد شعت شدَّة واد الع يف شدَّة بيا ها.
( )17يف أشفاره شوطشف يف شعر أجفانت طول.
حاد الصوت. هللا شهل كالب َّلة وهو أح يكون َّ ش
()18
( )1ح هذر ،وح ناير ايذر من الكالم ما ح فائدة فيت ،والنَّاير القليل ،واَّعىن و ا ،ح قليل ،وح كثري.
( )2شربْع ليس ابلقصري ،وح ابلطويل.
( )3حأبس من طول ح جياوز الناس طوحً.
( )4ح تقتلمت الع من قصر ح تايدريت ،وح حتتقره.
( )5حمفود ملدوم.
( )6حم ود جيتمع الناس حواليت.
( )7ح عابس وح مفنَّد ليس عابس الوجت ،وح مفنَّد ليس منسوابً إىل اجلهل ،وقلَّة العقل.
( )8قاح نايح يف وقت القيلولة عل اخليمت .
( )9و ؤدد من ِ
السيادة.
( )10حائل ري حامل.
( )11مايبد الصري ومعناها اخلالص ،والضرة حلم الضري.
( )12انظر اي رة النبوية اَّباركة ،ص .107
444
سابعاً :سراقة بن مالك يالحق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم:
َّب (ﷺ) ،حيَّـاً ،أو ميت ـاً ،فلــت مئــة انقـ ٍـة، أعلنــت قريش يف نوادأ م َّك ـة أنـَّت من ِ
رت ابلن ِ
وانت ـ ـ ـ ــر هذا اخلرب عند قبائل األعراب ،الَّذين يف ـ ـ ـ ـ ـواحي َّ
مكة ،وطمع ـ ـ ـ ـ ـراقة بن مالك بن
ج ْع ـم يف نيل الكسـ ،الَّذأ أعدَّتت قريش َّن رل بر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،فأجهد
نفس ـ ـ ـ ـ ـ ــت لينال ذلك ،ولكن هللا بقدرتت الَّيت ح ي لبها ال جعلت يرجع مدافعاً عن ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا
هللال هللا عليت و لم بعدما كان جاهداً عليت.
الرحن بن مالك اَّ ْد ِجل ُّي -وهو ابن أخي ـ ـراقة بن مالك
قال ابن شـ ــهاب وأخربين عبد َّ
أن أابه أخربه ،أنَّت مسع راقة بن ج ْع م يقول جاءان ر ل كفَّار قريش ،جيعلون بن ج ْع ٍم َّ -
كل و ٍ
احد منهماَّ ،ن قتلت أو أ ره ،فبينما أان يف ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،وأيب بك ٍر ديةش ِ
حض قام علينا وحنن جلوس، جملس من جمالس قومي ب م ْدلِت إذ أقبل رجل منهم َّ جالس يف ٍ
فقال َي ـ ـ ـراقة! ِإين قد رأيت آنفاً أش ْ ـ ـ ـ ِود ًة ابل َّس ـ ـ ـاحل ،أراها َّ
()1
حممداً وأهللاـ ـ ــلابت ،قال ـ ـ ـراقة
فعرفت َّأ،م هم ،فقلت لت َّإ،م ليس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا هبم ،ولكنَّك ر ش
أيت فالانً ،وفالانً ،انطلشقوا أبعيننا ،مثَّ
لبثت يف االس ـ ـ ـ ــاعةً ،مثَّ قمت ،فدخلت ،فأمرت جارييت أن شهْر شً بفر ـ ـ ـ ـ ــي -وهو من وراء
ِ ِ ِ()3 ٍ ()2
علي ،وأخـذت رْحمي ،فهرجـت بـت من ظش ْهر البيـت ،فهططـت بايجـت أكمـة -فتش ْلبِ شس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شهـا َّ
حض أتيت فر ـ ــي فركبتها ،فرفعتها (أأ أ ـ ــرعت هبا ال َّس ـ ـري) تـ شق ِرب
ض ـ ـت عاليتَّ ، وخ شف ْ
األرض ،ش
ش
حض دنوت منهم ،فشـ شعثشرت يب فر ـ ـ ـ ـ ـ ــي ،فهررت عنها ،فقمت ،فأهويت يدأ إىل كنانيت،
يبَّ ،
فا تهرجت منها األزحم( ،)4فا تقسمت هبا أ ُّرهم ،أم ح؟ فهرً الَّذأ أكره ،فركبت فر ي،
حض إذا مسعت قراءة ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،وهو ح وعصـ ـ ــيت األزحم ،ت ِ
قرب يبَّ ،
( )1أ ودة ع قلَّ ٍة لسواد ،وهو ال َّهص ير من بعيد أ ود ،اي رة يف القران ،ص .344
الرابية.
األكمة وهي َّ
()2
الرم .
الايً احلديدة يف أ فل ُّ
()3
( )4األزحم األقدا اليت كانت يف اجلاهليَّة ،مكتوب عليها األمر ،أو النهي افعل ،أو ح تفعل.
445
الركبت ،فهررت حض بل تا ُّ ت( )1يدا فر ي يف األرض َّ اخ ْ
يلتفت ،وأبو بكر يكثر احلتفات ،ش ش
ـت ،فلم تكــد هْرًِ يــديهــا ،فل َّم ـا ا ـ ـ ـ ـ ـ ــتوت قــائم ـةً إذا ألثر يــديهــا
عنهــا ،مثَّ زجرهتــا ،فنهض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ
عثان( )2ـ ـ ــاطع يف ال َّسـ ـ ـ ـماء مثل الدخان ،فا ـ ـ ــتقس ـ ـ ــمت ابألزحم ،فهرً الَّذأ أكره ،فناديتهم
حض جئتهم ،ووقع يف نفس ـ ــي ح لشِقيت ما لشِقيت من احلبس ابألمان ،فوقفوا ،فركبت فر ـ ــي َّ
إن قومك قد جعلوا فيك عنهم ،أن ش ـ ـيظهر أمر ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،فقلت لت َّ
الـ ِـديــة ،وأخربهتم أخبــار مــا يريــد النـَّاس هبم ،وعر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت عليهم َّ
الاياد واَّتــاي ،فلم يشـ ْرزاين( ،)3و
يسأحين ،إح أن قال ْ ِ
عامر بن فهرية ،فكت فأمر ش كتاب أم ٍن ،ش
أخف عنا ،فسألتت أن يكت س ش
رقعة من شأدٍم( ،)4مثَّ مض ر ول هللا هللال هللا عليت و لم [ .البخاري ( )3906ومسلم (. ])91/2009 يف ٍ
وكان اَّا اشتهر عند النَّاس من أمر راقة ،ما ذكره ابن عبد ِ
الرب ،وابن ح ر ،و ريلا.
ــفيان بن عيينة عن أيب مو ـ ،عن احلســن َّ
أن ر ــول هللا هللاــل قال ابن عبد ِ
الرب رو
ِ
لبست وارأ كسر ؟!» قال فل ـ ـ ـ َّـما ألشهللا عليت و لم قال لسراقة بن مالك «كيف بك إذا ش
عمر بسـ ـوارأ كس ــر ِ ،
ومْنطششقتت واتجت دعا ـ ـراقة بن ٍ
مالك ،فألبس ــت َّإَيها ،وكان ـ ـراقة رجالً
ب( )5كثري شـ ــعر ال َّس ـ ـاعدين ،وقال لت ارفع يديك ،فقال هللا أكرب ،احلمد هللِ الَّذأ ـ ــلبهما
شأز َّ
كسر بن ه ْرماي ،الَّذأ كان يقول أان ُّ
رب النَّاس ،وألبسهما راقة بن مالك بن ج ْع ٍم أعرابيَّاً
من ب م ْدلِت ،ورفع هبا عمر هللا ـ ــوتت ،مثَّ أرك ـ ـ ـراقةَّ ،
()6
وطو بت اَّدينة ،والنَّاس حولت ،وهو
يرفع عقريتت مردداً قول الفاروق هللا أكرب ،احلمد هللِ الذأ ــلبهما كس ــر بن هرماي ،وألبس ــهما
راقة بن ج ْع ٍم أعرابياً من ب م ْدلِت(.)7
( )7انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)495/1
446
اثمناً :سبحان مقلِّب القلوب:
كان ـ ـ ـراقة يف بداية أمره يريد القبض عل ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،وتس ـ ــليمت
يرد الطل عن مكة لينال مئة انقة ،وإذا ابألمور تنقل رأ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً عل شع ِق ،ويص ـ ـ ـ ـ ــب ُّ
لايعماء َّ
رده ،قائالً كفيتم هذا ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،ف عل ح يلق أحداً من الطَّل إح َّ
ص
اَّنورة ،جعل راقة يق ُّ
َّب هللال هللا عليت و لم وهللال إىل اَّدينة َّ اطمأن إىل َّ
أن الن َّ َّ الوجت ،فل َّـما
حض امت ت بت نوادأ
ص ـ ـة فر ـ ــت ،واش ـ ــتهر هذا عنت ،وتناقلتت األلس ـ ــنة َّ
ص ـ ـتت ،وق َّ
ما كان من ق َّ
مكة ،فها ري ــاء قريش أن يكون ذلك ــبباً ل ــالم بعض أهل َّ
مكة ،وكان ـراقة أمري ب َّ
م ْدلِت ،ورئيسهم ،فكت أبو جهل إليهم
مكةش ،فكانوا ي دون «ولـ ـ َّـما مسع اَّسلمون ابَّدينة ملشْرً ر ول هللا هللال هللا عليت و لم من َّ
شش
حر الظَّهرية ،فــانقلبوا يوم ـاً بعــدمــا أطــالوا انتظــارهم،
يردهم ُّ
حض َّكـ َّـل ــداةٍ إىل احلشَّرة فينتظرونــتَّ ،
فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما أ ششوْوا إىل بيوهتم أو رجل من يهود عل أط ٍم( )2من آطامهم ،ألم ٍر ينظر إليت ،فبص ـ ـ ـ ـشر
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة ( ، )494/1وانظر أيضاً فت البارأ ،شر حديث رقم (.)3906
( )2أطم ـ بضم أولت واثنيت ـ احلصن.
447
اليهودأ
ُّ السراب( ،)2فلم ِ
ميلك ()1
بر ول هللا هللال هللا عليت و لم وأهللالابت مبشـيَّض ،يايول هبم َّ
أن قال أبعل هللا ـ ـ ـ ـ ــوتت َي معاش ـ ـ ـ ـ ـ شـر العرب! هذا شج ُّدكم( )3الَّذأ تنتظرو شن ،فثار اَّس ـ ـ ـ ـ ــلمون إىل
حض نشـشايل
فتلقوا ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم بظهر احلشَّرة ،فعدل هبم ذات اليم َّ ، ال ِسـ ـال َّ ،
األول( ،)5فقام أبو بكر للنَّاس، من ش ــهر ربيع َّ
()4
هبِِم يف ب عمرو بن عو ،وذلك يوم الثن
وجلس ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم هللاــامتاً ،فطفق من جاء من األنصــار -اَّن يشـشر ر ــول
ول هللا هللال هللا عليت و لم
َّمس ر ش هللا هللال هللا عليت و لم -شيِي أاب بك ٍرَّ ،
حض أهللاابت ال ْ
حض ظلَّ شل عليت بردائت ،فعر النَّاس ر ول هللا هللال هللا عليت و لم عند ذلك، ،فأقبل أبو بكر َّ
س ـ ـ ـ فلبث ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم يف ب عمرو بن عو بضـ ـ ــع ع ْ ـ ـ ـرشة ليلةً( ،)6وأ ِ
ش ش ش ش
س عل التَّقو ،وهللالَّ فيت ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،مثَّ رك راحلتت» اَّس د الذأ أ ِ
ش
[البخاري (. ])3906
وبعد أن أقام ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم اَّدَّة الَّيت مكثها بقباء ،وأراد أن يدخل
نب هللا هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم وأيب بكر ،فسـ ـ ـ ـ ـلَّموا
اَّدينة «بعث إىل األنص ـ ـ ـ ــار» ف ايوا إىل ِ
ِ
نب هللا هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم ،وأبو بك ٍر ،ش
وح ُّفوا اع ْ ،فرك ُّعليهما ،وقالوا اركبا آمنش ْ مطش ش
دو،ما ِ
ابلسال ». ش
نب هللا
نب هللا ،جاء ُّ
وعند وهللاـ ـولت هللا ــل هللا عليت و ــلم إىل اَّدينة ،قيل يف اَّدينة «جاء ُّ
[البخاري (. ])3911 نب هللا»
هللال هللا عليت و لم ،فأشرفوا ينظرون ،ويقولون جاء ُّ
كأ،م يف يوم بتهاً ،تر اَّدينة يوماً مثلت ،ولبس النَّاس أحسن مالبسهمَّ ،
فكان يوم فرٍ وا ٍ ش
ضـ ـ ـ ـ ـ ـيِق يف عيد ،ولقد كان حقاً يوم ٍ
عيد ألنَّت اليوم الَّذأ انتقل فيت ال ـ ـ ـ ـ ــالم من ذلك احليِاي ال َّ ٍ
ض ـ ـ ـعيفة،
ومن مكر أهل الباطل وخصـ ـ ــوم الدَّعوة ا ـ ـ ــتهدام ـ ـ ــال اَّال ل راء النُّفوس ال َّ
انقةَّ ،ن رل بر ول هللا هللال هللا عليت و لم للقضاء عل الدَّعوة والدُّعاة ،ولذلك رهللادوا مئة ٍ
فتلرك الطَّامعون ،ومنهم راقة الَّذأ عاد بعد هذه اَّ امرة اخلا رة مادَيً ،أبوفر
حياً ،أو ميتاًَّ ،
رزق ،وهو رزق المي ــان ،وأخ ــذ ِ
يعمي الطريق عل الطَّـ ـامع ا خرين ،الَّـ ـذين ٍ رب ٍ ،وأطي ـ ـ
- 3أمر هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم أاب بكر أن خيْرًِ شمن عنده ،وَّا تكلَّم يبِ إح األمر
( )3يف ِ
السرية النَّبويَّة ـ قراءة جلوان احلذر واحلماية ،ص .141
451
ابي رة ،دون حتديد احداه.
( )1انظر من مع ِ
السرية ،ص .147
( )2انظر اي رة يف القران الكر ،ص .361
452
ويسلِم الودائع ،ويللق َّ
ابلر ول هللال هللا عليت و لم بعد ذلك.
حتركات ِ
العدو. الصادق ،وكاشف ُّ
- 2عبد هللا بن أيب بكر رجل اَّهابرات َّ
الر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم ابأل ــباب اَّعقولة ،أخذاً قوَيً حس ـ ا ــتطاعتت،
لقد أخذ َّ
وقدرتت ومن مثَّ ابتت عناية هللا متوقَّعةً(.)1
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم وقعت مع ايات ح ِس ـ ـيَّة ،وهي دحئل ملمو ـ ــة عل
ويف ه رة الن ِ
حفم هللا ،ورعايتت لر ولت هللال هللا عليت و لم ،ومن ذلك -عل ما روأ -نسيت العنكبوت
عل فم ال ار ،ومنها ما جر لر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم مع ِأم معبد ،وما جر لت مع
صـ ـ ـلوا من هذه اخلوارق ،بل
ـ ـ ـراقة ،ووعده َّإَيه أبن يلبس ـ ـ ـوارأ كس ـ ــر ،فعل الدُّعاة أح يتن َّ
يذكروها ما دامت اثبتةً ابل ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنَّة النَّبويَّة ،عل أن ينبِهوا الناس عل أن هذه اخلوارق ،هي من
السالم(.)2
نبوتت ،ور التت عليت َّ
لة دحئل َّ
- 6جواز اح تعانة ابلكافر اَّأمون
وجيوز للدُّعاة أن يســتعينوا مبن ح يؤمنون بدعوهتم ما داموا يثقون هبم ،ورَتنو،م فقد رأينا
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم وأاب بك ٍر ا ـ ــتأجرا م ـ ــركاً ليديما عل طريق اي رة ،ودفعا إليت َّ
أن الن َّ
َّب هللاــل هللا ـك َّ
أن الن َّ راحلتيهما ،وواعداه عند ار ثور ،وهذه أمور خطرية أطلعاه عليها ،وحشـ َّ
عليت و ـ ــلم ،وأاب بكر وثقا بت ،و َّأمناه ،اَّا ُّ
يدل عل َّ
أن الكافر ،أو العاهللاـ ــي ،أو ري اَّنتس ـ ـ
إىل الدُّعاة ،قد يوجد عند هؤحء ما يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتدعي وثوق الدُّعاة هبم ،كأن تربطهم رابطة القرابة ،أو
اَّعرفة القدمية ،أو اجلوار ،أو عمل معرو كان قد قدَّمت الدَّاعية يم ،أو ألن هؤحء عندهم نوي
جيِد من األخالق األ ـ ـ ـ ــا ـ ـ ـ ـيَّة مثل األمانة ،وح ِ عمل اخلري ،إىل ري ذلك من األ ـ ـ ـ ــباب،
واَّسألة تقديريَّة ،ي ك تقديرها إىل فطنة الدَّاعي ،ومعرفتت ابل َّهص(.)1
( )1انظر من مع ِ
السرية ،ص .148
( )2انظر اَّستفاد من قصص القران (.)108/2
454
- 7دور اَّرأة يف اي رة
وقد َّعت يف مساء اي رة أمساء كثرية ،كان يا فضــل كبري ،ونصــي وافر من اجلهاد منها
صـ ـ ـ ـ ِديق الَّيت حفظت لنا الق َّ
صـ ـ ـ ـة ،ووعتها ،وبلَّ تها ل َّمة ،و ُّأم ـ ـ ــلمة عائ ـ ـ ــة بنت أيب بك ٍر ال ِ
فهذا درس من أمساء ر ـ ــي هللا عنها تعلِمت لنسـ ــاء اَّسـ ــلم جيالً بعد جيل ،كيف هفي
أ ـرار اَّس ــلم عن األعداء ،وكيف تقف هللا ــامد ًة ش ــاملةً أمام قو الب ي والظُّلم! و َّأما در ــها
الثَّاين البلي ،فعندما دخل عليها جدُّها أبو قلافة ،وقد ذه بص ـ ـ ـ ـ ـ ــره ،فقال «وهللا ِإين ألراه
قد ف عكم مبالت مع نفســت» ،قالت «كال َي أبت! ــع يدك عل هذا اَّال» قالت «فو ــع
يده عليت» ،فقال «حأبس ،إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسـ ــن» ،ويف هذا بالغ لكم ،قالت
«وح وهللا ما ترك لنا شيئاً ،ولك ِ أردت أن أ ِكن ال َّي بذلك»(.)3
ِ
جدها الضـ ـ ـ ـرير ،من ري أن وهبذه الفطنة ،واحلكمة ،ـ ـ ـ ـ ت أمساء أابها ،و ـ ـ ـ َّـكنت قل
كومتها لتطمئن يا نفس ال َّ ـ ـ ـي ! إح أنت فَن أابها قد ترك يم حقاً هذه األح ار الَّيت َّ تكذب َّ
حتركت العواهللاــف ايوً ،وح يتأثر بقلَّ ٍة أو كثرةٍ يف
قد ترك يم معها إمياانً ابهلل ح تايلايلت اجلبال ،وح ِ
َّب هللال
حض بعث الن ُّ وظلَّت أمساء مع أخواهتا يف َّ
مكة ،ح ت كو يقاً ،وح تظهر حاجةًَّ ،
هللا عليت و ــلم زيد بن حارثة ،وأاب رافع موحه ،وأعطالا بعريين وطســمئة دره ٍم إىل َّ
مكة ،فقدما
عليت بفاطمة ،وأم كلثوم ابنتيت ،و ـ ـ ــودة بنت زمعة زوجت ،وأ ـ ـ ــامة بن زيد ،وأ ُّمت بركة اَّكنَّاة أبم
أمين ،وخرً معهم عبد هللا بن أيب بك ٍر بعيال أيب بك ٍر ،فيهم عائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ،وأمساء ،فقدموا اَّدينة،
فأناييم يف بيت حارثة بن النُّعمان(.)2
يف إيداي اَّ رك ودائعهم عند ر ول هللا هللال هللا عليت و لم مع حماربتهم لت ،وتصميمهم
عل قتلت دليل ابهر عل تناقض ـ ـ ـ ـ ـ ــهم الع ي ،الَّذأ كانوا واقع فيت ففي الوقت الَّذأ كانوا
كذاب ،يكونوا جيدون فيمن حويم شم ْن هو خري يكذبونت ،ويايعمون أنَّت احر ،أو جمنون ،أو َّ ِ
منت أمانةً وهللا ـ ـ ــدقاً ،فكانوا ح يض ـ ـ ــعون حوائ هم ،وح أموايم الَّيت خيافون عليها إح عنده! وهذا
تكربهم ،وا تعالئهم
ُّ وإجا بسب أن كفرا،م ،يكن بسب ال ِ
َّك لديهم يف هللادقت َّ يدل عل َّ ُّ
احلق الَّـذأ جـاء بـت ،وخوفـاً عل زعـامتهم ،وط يـا،م( ،)3وهللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدق هللا العظيم إذ يقول عل ِ
ك شولش ِك َّن الظَّالِ ِم ش ِرَيت ا ََّّللِ شْجي شلدو شن ﴾ ِ ﴿قش ْد نشـعلشم إِنَّت لشيلاين ِ
ك الَّذأ يشـقولو شن فشَِ َّْ ،م حش ي شكذبونش ش
شْ ش ْ
[اآلنعام. ]33 :
الراحلة ابلثَّمن
َّ - 9
حض أخذها بثمنها من أيب بك ٍر
الراحلةَّ ،
يقبل ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم أن يرك َّ
َّ
أبن حلة َّ
الدعوة ح ينب ي أن يكونوا بذمتت ،وهذا درس وا
تقر الثَّمن شديْناً َّ
ر ي هللا عنت ،وا َّ
كل ٍ
شيء. وقت من األوقات ،فهم مصدر العطاء يف ِ ٍ
أحد يف ٍ عالةً عل
إن يدهم إن تكن العليا ،فلن تكون ال ُّسـ ـ ـ ـفل ،وهكذا يص ـ ـ ـ ُّـر هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم أن َّ
شج ٍر إِ ْن ِِ
﴿وشما أش ْ ـ ـ ـ ـأشلك ْم شعلشْيت م ْن أ ْ
رخذها ابلثَّمن ،و ـ ـ ـ ــلوكت ذلك هو ال َّ ة احلقَّة لقولت تعاىل ش
ب الْعالش ِ
ِ
م ش ﴾ [الشعراء. ]109 :
شج ِرأ إِحَّ شعلش شر ش
أْ
َتتد أيديهم إىل ٍ
أحد إح إن الذين ملون العقيدة ،والميان ،ويب ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـرون هبما ،ما ينب ي أن َّ
َّ
تعود النَّاس أن يعوا ل ة احلال َّ
أل،ا أبل من ل ة هللا َّ
ألن هذا يتناقض مع ما يدعون إليت ،وقد َّ
أتخر اَّسـ ــلمون ،وأهللاـ ــاهبم ما أهللاـ ــاهبم من ايوان إح يوم أهللاـ ــبلت و ـ ــائل الدَّعوة،
اَّقال ،وما َّ
حتول العمل إىل ٍ
عمل اَّادة إذ ينتظر الواحد منهم مرتَّبت ،ويومها َّ والعاملون هبا خا ـ ـ ـ ـ ـ ــع لِل ة َّ
الرو ،واحليويَّة ،والو ـ ـ ـ ـ ــاءة ،وأهللاـ ـ ـ ـ ــب ل مر ابَّعرو موظَّفون ،وأهللاـ ـ ـ ـ ــب اخلطباء ٍ
مادأ ف شقد ُّ
األئمة موظَّف .
َّ موظَّف ،وأهللاب
صـوت الَّذأ ينبعث من حن رةٍ وراءها اخلو من هللا ،واألمل يف ر ـاه ،ري ال َّ
صـوت َّ
إن ال َّ
الَّذأ ينبعث َّ
ليتلق دراهم معدودة ،فَذا توقَّفت توقف َّ
الصوت ،وقدمياً قالوا «ليست النَّائلة
َّب هللال هللا عليت و لم عن راقة عرض عليت راقة اَّساعدة ،فقال «وهذه لـ ـ ـ ـ َّـما عفا الن ُّ
ـتمر نبلي ،و نمي يف مو ـ ـ ـ ـ ـ ــع كذا ،وكذا ،فهذ منها
كنانيت فهذ منها ـ ـ ـ ـ ـ ــهماً وإنَّك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ
[أمحد ( )3/1ومسـ ـ ـ ــلم حاجتك» .فقال ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم «ح حاجة س فيها»
(/3014م)](. )2
فل يايهــد الـ ُّـدعــاة فيمــا عنــد النـَّاس ،بُّهم النــاس ،وح يطمعون يف أموال النـَّاس ،ينفر
النَّاس منهم ،وهذا درس بلي للدُّعاة إىل هللا تعاىل(.)3
وحده برفقة ر ول ِ
رب الصلبة أنَّت يكون ش فالص ِديق ر ي هللا عنت ،يعلم َّ
أن معىن هذه ُّ ِ
األقل ،وهو الَّذأ ـ ـ ِ
ـيقدم حياتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت لس ـ ــيِده ،وقائده ،وحبيبت ِ العاَّ ،بض ـ ــعة ع ـ ــر يوماً عل
صـ ـ ِديق
يتفرد ال ِ
فأأ فوٍز يف هذا الوجود يفوق هذا الفوز أن َّ
اَّص ــطف هللا ــل هللا عليت و ــلم ُّ ،
يعاً برفقة ــيِد اخللق هللا ــل هللا عليت و ــلم صـ ـل
وحده من دون أهل األرض ،ومن دون ال َّ ش
كل هذه اَّدَّة( .)1وتظهر معاين احل ِ يف هللا يف خو أيب بك ٍر ،وهو يف ال ار من أن وهللاـ ــلبتت َّ
ص ـادق مع قائده جندأ الدَّعوة ال َّ
ُّ ص ـ ِديق مثالً َّا ينب ي أن يكون عليت
يرالا اَّ ــركون ليكون ال ِ
ـفاق عل حياتت فما كان أبو بكر ـ ٍ
ـاعتئذ ابلَّذأ دق بت اخلطر من خو ٍ ،وإشـ ٍ األم ح
ـول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يف هذه
خي ـ ـ ـ عل نفس ـ ــت اَّوت ،ولو كان كذلك َّا رافق ر ـ ـ ش
أقل جايائت القتل إن أمسـ ــكت اَّ ـ ــركون مع ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا اي رة اخلطرية ،وهو يعلم َّ
أن َّ
الر ول الكر هللال هللا عليت و لم ،وعل مستقبل
عل حياة َّ عليت و لم ولكنَّت كان خي
الر ول هللال هللا عليت و لم يف قبضة اَّ رك (.)2
ال الم إن وقع َّ
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم ،يف مواقف ص ـ ـ ِديق يف ه رتت مع الن ِ
الرفيع لل ِ احلس األم ُّ َّ
ويظهر ُّ
هاد يهديالرجل الَّذأ ب يديك؟ فقال هذا ٍ كثريةٍ منها ح أجاب ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـائل شم ْن هذا َّ
صـ ـ ـ ـ ِديق يقص ـ ـ ــد الطريقَّ ،
وإجا كان يقص ـ ـ ــد ـ ـ ــبيل اخلري[ .البخاري أبن ال ِ فظن الس ـ ـ ــائل َّ
ال َّسـ ـ ـ ـبيلَّ ،
ـيء ،وتسـ ـ ـ ــتطيع أن كل شـ ـ ـ ـ ٍص ـ ـ ـ ـليلة هي الَّيت تسـ ـ ـ ــتطيع أن تقود األروا قبل ِ َّ
إن القيادة ال َّ
تتعامل مع النُّفوس قبل ريها ،وعل قدر إحسـ ـ ـ ــان القيادة ،يكون إحسـ ـ ـ ــان اجلنود ،وعل قدر
البذل من القيادة يكون احل ُّ من اجلنود ،فقد كان هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم رحيماً ،وش ـ ـ ـ ـ ــفيقاً
يبق إح اَّسـ ـ ـ ــتضـ ـ ـ ــعفون، قنوده ،وأتباعت ،فهو يهاجر إح بعد أن هاجر معظم أهللاـ ـ ـ ــلابت ،و ش
خاهللاة ابي رة(.)2
مهمات َّ واَّفتونون ،ومن كانت لت َّ
- 13ويف الطَّريق أ لم بريدة األ ْ لش ِم ُّي ر ي هللا عنت يف رك ٍ من قومت
إن اَّس ــلم الَّذأ ت ل لت الدَّعوة يف شـ ـ ا قلبت ،ح يف حلظة واحدةً عن دعوة النَّاس إىل َّ
دين هللا تعاىل ،مهما كانت الظُّرو قا ـ ــيةً ،واألحوال مض ـ ــطربةً ،واألمن مفقوداً بل ينتهاي َّ
كل
نب هللا تعاىل يو ف عليت السالم حينما ز ًَّ بت يف ٍ ٍ
فرهللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة منا بة لتبلي دعوة هللا تعاىل ،فهذا ُّ
ب حظَّت ،و ت ـ لت هذه احلياة اَّظلمة عن ِ ِ
السـ ن ظ ْلماً ،واجتمع ابل ُّسـ ناء يف السـ ن يند ْ
مللوق.ألأ ٍ دعوة التَّوحيد ،وتبلي ها للنَّاس ،وحماربة ال ِ رك ،وعبادة ري هللا ،واخلضوي ِ
قال تعاىل ﴿ شق شال حش شرْتِيك شما طش شعام تـ ْرشزشقانِ ِت إِحَّ نشـَّبأْتك شما بِشتأْ ِو ِيل ِت قشـْب شل أش ْن شرْتِيشك شما ذشلِك شما ِاَّا
آابئِي ِ ِ ِ ِ ِ ٍ ِ
شعلَّ شم ِ شرِيب إِين تشـشرْكت مَّلةش قشـ ْوم حش يـ ْؤمنو شن ِاب ََّّلل شوه ْم ِاب خرةِ ه ْم شكافرو شن شواتَّـبشـ ْعت مَّلةش ش
اَّللِ شعلشْيـنشا شو شعلش ك ِم ْن فش ْ ٍ ِ ِ
ض ـ ِل َّ وب شما شكا شن لشنشا أش ْن ن ْ ـ ِرشك ِاب ََّّلل ِم ْن شش ـ ْيء شذل ش اق شويشـ ْعق ش إبراهيم شوإِ ْ ـ شل ش
اَّلل الْو ِ ِ ِ َّاس حش ي ْ كرو شن َي ِ ِ الن ِ ِ
احد هللااح شِب الس ْ ِن أشأ ْشرشابب متشـ شفرقو شن شخ ْري أشم َّ ش ش ش َّاس شولشك َّن أش ْكثشـشر الن ِ ش
ان إِ ِناَّلل ِهبا ِمن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْل طش ٍ *ما تشـ ْع بدو شن ِم ْن دونِ ِت إِحَّ أ ْ
آابيك ْم شما أشنْـشايشل َّ ش ْ وها أشنْـت ْم شو ش شمسشاءً شمسَّْيـتم ش الْ شق َّهار ش
اس حش ك ال ـ ـ ـ ِـدي ــن الْ ـ شق ـيِ ـم شولش ـ ِك ـ َّن أش ْك ـثشـ ـشر ال ـنَّ ـ ـ ـ ِ ِ ِِ
ا ْحل ـ ْك ـم إِحَّ ََّّلل أششم ـشر أشحَّ تشـ ـ ْع ـب ـ ـ ـدوا إِحَّ إِ ََّيه ذشلـ ـ ـ ـ ش
[يوسف. ]40- 37 : يشـ ْعلشمو شن﴾
( ])74/4ويف هذا اخلرب يظهر اهتمامت هللال هللا عليت و لم ابلدَّعوة إىل هللا حيث ا تنم فرهللاةً يف
ص إىل ال الم ،فأ لما ،ويف إ الم هذين اللِص مع ما ألفاه من حياة طريق ـ ـ ـ ـ ــت ،ودعـ ـ ـ ـ ـ ـا اللِ َّ
َّ
وإن يف رفع معنوية النس ـ ـ ــان تقويةً ل ـ ـ ــهص ـ ـ ــيتت ،ودفعاً لت إىل األمام ليبذل كل طاقتت يف
بيل اخلري ،والفال (.)1
الايبري ،وطللة ر ي هللا عنهما ،والتقايلا بر ول هللا هللال هللا عليت و لم يف طريق
ُّ - 15
اي رة
العوام يف رك ٍ من واَّا وقع يف الطَّريق إىل اَّدينة أنَّت هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم لقي ُّ
الايبري بن َّ
ول هللا هللال هللا عليت و لم وأاب بكر ثياابً الايبري ر ش
اَّسلم كانوا داراً قافل من ال َّ ام ،فكسا ُّ
أن طللة بن عبيد بيض ــاء[ .البخاري ( )3906والبيوقي يف الدالئل ( ،)2(])498/2وكذا رو أهللا ــلاب ال ِس ـ شري َّ
هللا لقيهما أيضاً وهو عائد من ال َّام ،وكسالا بعض الثِياب [البيوقي يف الدالئل (. )3(])498/2
الض ائن
الدين يف إزالة العداوة و َّ ِ - 16
أليَّة العقيدة و ِ
ِ
لللميدأ (.)178/3 المي ،
انظر التَّاري ال ُّ
()1
( )2انظر ِ
السرية النبوية ،أليب شهبة (.)495/1
السابق نفست ( ، )495/1وهللالي ِ
السرية النَّبوية ،ص .181 اَّصدر َّ
()3
463
الصافية يف النُّفوس.
وح توجد يف الدُّنيا فكرة ،أو شعار آخر فعل مثلما فعلت عقيدة ال الم َّ
السَّر يف عي األعداء الدَّائ إىل إ عا هذه العقيدة ،وتقليل أتثريها يف ومن هنا ندرك ِ
نفوس اَّسـ ـ ــلم ،واندفاعهم اَّسـ ـ ـ ِ
ـتمر حنو تايكية النَّعرات العصـ ـ ــبيَّة ،والوطنيَّة ،والقوميَّة ،و ريها،
الصليلة(.)1 وتقدميها ٍ
كبديل للعقيدة َّ
َّب هللال هللا عليت و لم
- 17فرحة اَّهاجرين واألنصار بوهللاول الن ِ
كانت فرحة اَّؤمن من ــكان يثرب من أنص ــا ٍر ،ومهاجرين بقدوم ر ــول هللا هللا ــل هللا
الرجال عل عليت و ـلم ووهللاـولت إليهم ـاَّاً فرحةً أخرجت النِسـاء من َّ
بيوهتن ،والوحئد ،وحلت ِ
ترك أعمايم ،وكان موقف يهود اَّدينة ،موقف اَّ ـ ـ ــارك لس ـ ـ ـ َّـكا،ا يف الفرحة ظاهراً ،واَّتأِ من
الايعامة اجلديدة ابطناًَّ ،أما فرحة اَّؤمن بلقاء ر ـ ـ ـ ـ ــويم فال ع فيها ،فهو الَّذأ منافس ـ ـ ـ ـ ــة َّ
أخرجهم من الظُّلمات إىل النُّور نذن رهبم إىل هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراط العايياي احلميد ،وأما موقف اليهود ،فال
رابـة فيـت فهم الـذين ع ِرفوا ابَّلق ،والنِفـاق للم تمع الَّـذأ فقـدوا ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيطرة عليـت ،وابل يم،
واحلقد األ ـ ـ ــود اَّن يسـ ـ ــلبهم زعامتهم عل ال ُّ ـ ـ ـعوب ،وش ول بينهم وب ـ ـ ــل أموايم اب ـ ـ ــم
كل من خيلِص القروض ،و ــفك دمائها اب ــم النُّصـ ـ ،واَّ ــورة ،وما زال اليهود قدون عل ِ
ال ـُّعوب من ـيطرهتم ،وينتهون من احلقد إىل الد ِ
َّس ،واَّؤامرات ،مثَّ إىل اح تيال إن ا ـتطاعوا،
ذلك دينهم ،وتلك ِجبِلَّتهم(.)2
ويسـ ــتفاد من ا ـ ــتقبال اَّهاجرين واألنصـ ــار لر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،م ـ ــروعية
ا تقبال األمراء والعلماء عند مقدمهم ،ابحلفاوة والكرام ،فقد حدث ذلك لر ول هللا هللال هللا
عليت و ـلم ،وكان هذا الكرام ،وهذه احلفاوة ،انبع من ح ٍ للر ـول هللاـل هللا عليت و ـلم
ال ما نراه من ا ـ ـ ــتقبال الايعماء واحلكام يف عاَّنا اَّعاهللا ـ ـ ــر ،ويس ـ ـ ــتفاد كذلك التنافس يف
كانت اي رة النَّبويَّة ال َّ ـ ـ ـريفة عل النَّلو الَّذأ كانت عليت ،و ـ ـ ــارت عل الو ـ ـ ــع الَّذأ
حض توجد القدوة ،وتتلقَّق األ ـ ــوة ،ويس ــري اَّسـ ــلمون عل ٍ ،ت مألو ٍ ، كل مهاج ٍر َّ يس ــلكت ُّ
وجل -لت هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم الرباق ليهاجر
عاي َّـبيل معرو ٍ ،ولذلك ،فلم ير ـ ـ ِـل هللا َّ - و ــ ٍ
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم يف يوم ه رتت أحوً عليت -كما حدث يف ليلة ال ـراء -مع َّ
أن َّ
ـت آخر َّ
ألن القوم ي بَّص ـ ـ ـ ـ ـ ــون بــت هنــا ،و يكن هنــاك تربُّص يف ليلــة أأ وقـ ٍ
إىل الرباق منــت يف ِ
ال راء ،ولو ظفروا بت يف ه رتت ل فوا نفو هم منت بقتلت.
ين شآوْوا قال تعاىل ﴿إِ َّن الَّ ِذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا ِأبشموايِِم وأشنْـف ِسـ ـ ِهم ِيف ـ ـبِ ِيل َِّ َّ ِ
اَّلل شوالذ ش ْ ش ْش ْ ش شش ش ش ش ش ش
اجروا شما لشك ْم ِم ْن شوحشيشتِ ِه ْم ِم ْن شش ْي ٍء شح َّض ض والَّ ِذين آمنوا وش يـه ِ
شْ ش
ِ
ك بشـ ْع ضه ْم أ ْشوليشاء بشـ ْع ٍ ش ش صروا أولشئِ ششونش ش
صـ ـ ـ ـر إِحَّ شعلش قشـ ْوٍم بشـْيـنشك ْم شوبشـْيـنشـه ْم ِميثشاق شو َّ
اَّلل ِمبشا ِ ِ ِ
يـ شهاجروا شوإِن ا ْ ـ ـ ـتشـْن ش
ص ـ ـ ـروك ْم ِيف الدي ِن فشـ شعلشْيكم النَّ ْ
صري ﴾ [اآلنفال. ]72 - تشـعملو شن ب ِ
ْش ش
يف ،وتقدي ٍر ،كما كانت إكراماً من هللا - َّأما رحلة ال ـ ـ ـ ـراء ،واَّعراً ،فكانت رحلةش ت ـ ـ ـ ـر ٍ
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب فارس ،ص .359 ، 358
( )2انظر اي رة يف القران الكر ،ص .365
465
وجل -لنبيِت هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ليطلعت عل عا ال ي ،ويريت من آَيتت الكرب ،
عاي َّ
َّ
ِ
فالرحلة من أويا إىل آخرها خوارق ،ومع ايات ،وم ــاهد لل يبيَّات ،فنا ـ أن تكون و ــيلتها
م اهبةً ل ايتها.
أن رحلة ال راء خصوهللايَّة للر ول هللال هللا عليت و لم ،وليس ٍ
ألحد من ِزْد عل ذلك َّ
فَن حص ـ ــويا عل النَّلو الَّذأ
النَّاس أن يتطلَّع َّثلها ،ولس ـ ــنا مطالب ابحقتداء بت فيها ،ولذا َّ
كانت عليت ،هو أنس األو اي حلدوثها(.)1
َّدرً
نَّة الت ُّ - 19و و
إنَّت اَّنهت الَّذأ هد هللا نبيَّت هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم إىل التايامت ،ففي البيعة األوىل ،ابيعت
هؤحء األنص ــار اجلدد عل ال ــالم عقيد ًة ،ومنهاجاً ،وتربية ،ويف البيعة الثانية ،ابيعت األنص ـار
ـالمي الذأ نضـ ـ ـ ت شاره ،واش ـ ــتدَّت قواعده َّقوًة
عل حاية الدَّعوة ،واحتض ـ ــان ااتمع ال ـ ـ ِ
وهللاالبةً.
وقد اقتضت رحة هللا بعباده «أحَّ ش ِملشهم واج ش القتال إىل أن توجد يم دار إ الم ،تكون
اَّنورة َّأول دار إ ٍ
الم»(.)2 يم مبثابة ٍ
معقل روون إليت ،ويلوذون بت ،وقد كانت اَّدينة َّ
لقد كانت البيعة األوىل قائمةً عل الميان ابهلل ،ور ـ ـ ـ ـولت هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم ،والبيعة
الثـَّانيـة عل اي رة ،واجلهـاد ،وهبـذه العنـاهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــر الثالثـة الميـان ابهلل ،واي رة ،واجلهـاد ،يتلقَّق
لتتم لوح وجود الفئة اَّسـ ـ ـ ـ ــتعدَّة لإليواء اعي اك ٍن ،واي رة تكن َّ ٍ وجود ال ـ ـ ـ ـ ــالم يف واقع
ين شآوْوا ويذا قال تعاىل ﴿إِ َّن الَّ ِذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا ِأبشموايِِم وأشنْـف ِسـ ِهم ِيف ـبِ ِيل َِّ َّ ِ
اَّلل شوالذ ش ْ ش ْش ْ ش شش ش ش ش ش ش
اجروا شما لشك ْم ِم ْن شوحشيشتِ ِه ْم ِم ْن شش ْي ٍء شح َّض ض والَّ ِذين آمنوا وش يـه ِ
شْ ش
ِ
ك بشـ ْع ضه ْم أ ْشوليشاء بشـ ْع ٍ ش ش صروا أولشئِ ششونش ش
صـ ـ ـ ـر إِحَّ شعلش قشـ ْوٍم بشـْيـنشك ْم شوبشـْيـنشـه ْم ِميثشاق شو َّ
اَّلل ِمبشا ِ ِ ِ
يـ شهاجروا شوإِن ا ْ ـ ـ ـتشـْن ش
ص ـ ـ ـروك ْم ِيف الدي ِن فشـ شعلشْيكم النَّ ْ
صري ﴾ [اآلنفال. ]72 : تشـعملو شن ب ِ
ْش ش
ك ِمْنك ْم شوأولو األ ْشر شح ِام وقال تعاىل َّ ِ
اهدوا شم شعك ْم شفأولشِئ ش
اجروا شو شج ش
ِ
ين آمنوا م ْن بشـ ْعد شوشه ش ﴿وا لذ شش
علِيم ﴾ [اآلنفال. ]75 : ٍ اَّللِ إِ َّن َّ ض ِيف كِتش ِ
اَّللش بِك ِل شش ْيء ش اب َّ بشـ ْعضه ْم أ ْشوشىل بِبشـ ْع ٍ
عرب
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم وأهللا ـ ــلابت من البلد األم تض ـ ــليةً عظيمةًَّ ،
كانت ه رة الن ِ
َّب هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم بقولت «وهللا! إنك خلري أرض هللا ،وأح ُّ أرض هللا إىل هللا،
عنها الن ُّ
أين أخ ِرجت منك ما خرجت» [أمحد ( )305/4والرتمذي ( )3925وابن ماجه (. ])3108 ولوح ِ
وعن عائ ة ر ي هللا عنها قالت ل ـ َّـما قدم ر ول هللا هللال هللا عليت و لم اَّدينة قدمها،
احلم ،وكان واديها جيرأ ُالً -يع ماءً آجناً -فأهللا ـ ـ ــاب أهللاـ ـ ـ ـلابشت
وهي أوأب أرض هللا من َّ
منها بالء ،و ــقم ،وهللا ــر هللا ذلك عن نبيِت ،قالت فكان أبو بكر ،وعامر بن فهرية ،وبالل،
ول هللا هللال هللا عليت و لم يف عيادهتم ،فأذن، احلم ،فا تأذنت ر ش بيت و ٍ
احد ،فأهللاابتهم َّ يف ٍ
فدخلت إليهم أعودهم ،وذلك قبل أن يضرب علينا احل اب ،وهبم ما ح يعلمت إح هللا من شدَّة
أبت كيف ددك؟ فقال الوعك( ،)2فدنوت من أيب بك ٍر ،فقلت َي ِ
واَّـ ْوت أ ْشد شَّن ِمـ ْن ِشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشر ِاك نشـ ْعـلِـ ـ ـ ـ ِت ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبَّ ـ ِيف أش ْه ـلِـ ـ ـ ـ ِت
ش ك ـ ـ ـ ُّـل ا ْم ـ ِرئ م
ش
قــالــت فقلــت وهللا! مــا يــدرأ أيب مــا يقول ،مث دنوت من عــامر بن فهرية ،فقلــت كيف
ددك َي عامر؟! فقال
بِ ـ ـ شو ٍاد شو شح ـ ـ ْوِس إِ ْذ ِخ ـ ـر( )2و شج ـ ـلِ ـ ـْي ـ ـ ـل نت لشْيـلش ـةً ت ِش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْع ِرأ شه ـ ْل أشبِْي ش َّ أح لشْي ـ ش
ِ ()3
ـامة شوطشفْيل شوشه ْل يشـْبد شو ْن ِس شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ش وشه ـ ـ ـ ْل أش ِرشد ْن يش ـ ـ ْومـ ـ ـ ـاً ِم ـ ـيش ـ ـ ـ شاه شجمشـ ـنَّـ ـ ـ ـ ٍة
اللهم! حبِ ْ إلينا اَّدينة، ـول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم بذلك ،فقال « َّ قالت فأخربت ر ـ ش
ابرك لنا يف م ِدان ،وهللا ـ ــاعنا» هم! ْ مكة ،أو أش ـ ــدَّ ،وانقل حَّاها إىل اجل ْل شف ِة .اللَّ َّ كما حببت إلينا َّ
[البخاري ( )1889ومسلم (])1376
وقد ا ـ ـ ـ ــت اب هللا دعاء نبيِت هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم ،وعويف اَّس ـ ـ ـ ــلمون بعدها من هذه
تنوي احلم ،و دت اَّدينة موطناً اتازاً ِ
لكل الوافدين ،واَّهاجرين إليها ،من اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم عل ُّ َّ
بيئاهتم ،ومواطنهم(.)4
َّب هللال هللا عليت و لم ِ
ألم معبد - 21مكافأة الن ِ
فمر أبو بكر ،فرآه وقد روأ َّأ،ا كثرت نمها ،وجت َّ
حض جلبت منها شجلشباً إىل اَّدينةَّ ،
الرجل الَّذأ كان مع اَّبارك.
ابنها فعرفت ،فقال َي أ َّمت! هذا هو َّ
الرجل الَّذأ كان معك؟ قال أو ما تدرين من هو؟!
فقامت إليت فقالت َي عبد هللا! شم ِن َّ
نب هللا ،فأدخلها عليت ،فأطعمها ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،
قالت ح! قال هو ُّ
اية فانطلقت معي ،وأهدت لر ـ ـول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ش ــيئاً من ٍ
أقا، وأعطاها ،ويف رو ٍ
ومتاي األعراب ،فكس ـ ـ ـ ـ ـ ــاها ،وأعطاها ،قال وح أعلمت إح قال وأ ـ ـ ـ ـ ـ ــلمت ،وذكر هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــاح
(الوفاء) َّأ،ا هاجرت هي وزوجها ،وأ لم أخوها خنشـْيس ،وا ت هد يوم الفت (.)5
ألهللامعي َّ
إن رجالً عقرت رجلت ،فرفعها عل األخر وجعل يصي ،فصار كل من رفع هللاوتت يقال لت رفع عقريتت وإن يرفع ُّ ( )1عقريتت هللاوتت ،قال ا
رجلت .ـ ]304الذخر نبات طيِ َّ
الرائلة.
()2
بعد أن َّأد عن ر ول هللا (ﷺ) األماانت الَّيت كانت عن ــده للنَّ ــاس حل ــق بر ول هللا هللال
ث ،فكانت إقامتت بقباء ليلت ،مثَّ خرً هللا عليت و لم ،وأدركت بقباء بعد وهللاولت بليلت ،أو ثال ٍ
َّب (ﷺ) إىل اَّدينة يوم اجلمعة( ،)3وقد ححم ــيِدان علي مدَّة إقامتت بقباء امرأةً مســلمة
مع الن ِ
ح زوً يا ،ورأ إنساانً رتيها من جو اللَّيل ،فيضرب عليها ابهبا ،فتهرً إليت ،فيعطيها شيئاً
معت ،فتأخذه ،قال فا بت ب أنت ،فقلت يا َي أمةش هللا! شم ْن هذا الرجل الذأ يضرب عليك
كل ٍ
ليلة فتهرج إليت ،فيعطيك شـ ـ ــيئاً ح أدرأ ما هو! وأنت امرأة مسـ ـ ــلمة ح زوً لك؟ اببك َّ
قالت هذا ــهل بن حنيف ،قد عر أين امرأة ح أحد س ،فَذا أمس ـ عدا عل أواثن قومت،
فكســرها ،مثَّ جاءين هبا ،فقال احتطب هبذا ،فكان علي ر ــي هللا عنت رثر ذلك من أمر ــهل
بن حنيف ،ح هلك عنده ابلعراق(.)4
***
تذوق أ الي القرآن الكر ،واح تفادة منها يف أ لوب الدَّعوة إىل هللا.
ُّ - 1
- 2الوقو عل ِ
السرية النَّبويَّة من خالل ا َيت القرآنيَّة(.)2
- 1الخالص
ِ ِ
اَّلل ش ين أ ْخ ِرجوا ِم ْن ِد شَي ِرِه ْم شوأ ْشم شوايِِ ْم يشـْبـتشـ و شن فش ْ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالً ِمن َِّ اج ِر َّ ِ
ين الذ ش
ِ
قال تعاىل ﴿ل ْلف شقشراء الْم شه ش
يدل عل َّأ،م صـ ـ ِادقو شن ﴾ [احلشــر ]8 :قولت تعاىل ُّ ك هم ال َّ اَّللش شوشر ـ ـولشت أولشئِ ش
شوِر ْ ـ ـ شواانً شويشـْنصـ ـرو شن َّ
اَّللِ شوِر ْ ـ ـ ـ ـ ـ شواانً﴾ ،وأموايم إح أن يكونوا مللص ـ ـ ـ ـ ـ هلل ،مبت ض ـ ـ ـ ـ ـالً ِم شن َّ
خيرجوا من ﴿يشـْبـتشـ و شن فش ْ
مر اتت ،ور وانت(.)2
الصرب
َّ - 2
ومن هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــفات اَّهاجرين ،وأخالقهم اَّتميِاية الَّيت أثىن هللا عليهم هبا ال َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرب .قال تعاىل
شجر ا خرةِ أش ْك شرب لش ْو شكانوا اَّللِ ِم ْن بشـ ْع ِد شما ظلِموا لشنـبشـ ِوئشـنـَّه ْم ِيف ُّ
الدنْـيشا شح شسنشةً شوأل ْ اجروا ِيف َّين شه ش
َّ ِ
﴿والذ ش ش
هللا ـ ـ ـ شربوا شو شعلش شرهبِِ ْم يشـتشـ شوَّكلو شن ﴾ [النحل ،]42 ،41 :وقال َّ َّ ِ
كوجل ﴿مثَّ إِ َّن شربَّ شعاي َّ ين شيشـ ْعلشمو شن الذ ش
ك ِمن بـع ِدها لش شفور رِ ِ ِ ِ ِِ
حيم ﴾ [النحل]110 :
ش هللا شربوا إِ َّن شربَّ ش ْ ش ْ ش اهدوا شو ش اجروا م ْن بشـ ْعد شما فتنوا مثَّ شج ش للَّذ ش
ين شه ش
الصدق ِ -3
لصدق .ق ــال ومن الصفات احلميدة الَّيت أثىن هللا -بلان ــت وتعاىل -هبا عل اَّهاجري ــن ا ِ
ِ ِ
اَّللِ شوِر ْ ـ ـ ـ ـ شواانً ين أ ْخ ِرجوا ِم ْن ِد شَي ِرِه ْم شوأ ْشم شوايِِ ْم يشـْبـتشـ و شن فش ْ
ضـ ـ ـ ـ ـالً ِم شن َّ اج ِر َّ ِ
ين الذ ش
ِ
تعاىل ﴿ل ْلف شقشراء الْم شه ش
ن ﴾ [احلشر. ]8 : الص ِادقو ش
ك هم َّ اَّللش شوشر ولشت أولشئِ ش
شويشـْنصرو شن َّ
التصر اليسري.
اَّصدر السابق نفست ،ص ، 85وهذا اَّبلث أخذتت من هذا الكتاب مع ُّ
()1
473
الص ِادقو شن ﴾ أأ يف ك هم َّ اَّللش شوشر ولشت أولشئِ ش
﴿ويشـْنصرو شن َّ
ـوأ يف تفسيـ ـ ـ ـ ــره قولـ ـ ـ ـ ــت ش
قال الب ـ ـ ـ ـ ـ ُّ
الدَير ،واألموال ،والع ائر ،وخرجوا حبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً هلل، إميا،م .قال قتادة هؤحء اَّهاجرون الَّذين تركوا ِ
حض ذكِر لن ــا َّ
أن ولر ولت هللال هللا عليت و لم ،واختاروا ال الم عل ما كانوا في ــت من ش ــدَّةٍَّ ،
الرجل يتَّهذ احلصرية يف
الرجل كان يعص احل ـر عل بطن ـت ليقي ـم ب ـت هللالب ـت من اجلوي ،وكان َّ َّ
ال ِ تـاء ،ما لت من داث ٍر ريها(.)1
- 4اجلهاد والتَّضلية
وقد اشــتمل حدث اي رة عل أنو ٍاي من التَّضــلية ،والفداء ،وبذل النَّفس ،واَّال يف ــبيل
هللا(.)3
إن هللِ يف نفو ــهم أن تت َّرد لت ،وأح ت ــرك بت ش ــيئاً ش ــركاً ظاهراً ،أو خفياً ،وأح تس ــتبقي
َّ
كل ما حت ُّ وهتو ،وأنفيها معت أحداً ،وح ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاً ،وأن يكون هللا أح َّ إليها من ذاهتا ،ومن ِ
حتك شمت يف ر باهتا ،ونايواهتا ،وحركاهتا ،و ــكناهتا ،و ـ ِـرها وعالنيتها ،ون ــاطها كلِت ،وخل اهتا،
ِ
وإن هللِ شـ ـ ـريعةً ،ومنهاجاً لللياة ،تقوم عل قواعد ،وموازين،
فهذا نص ـ ــر هللا يف ذوات النُّفوسَّ .
خاص للوجود كلِت ،ولللياة ،ونصــر هللا يتلقَّق بنصــرة ش ـريعتت ،ومنهاجت ،وحماولة وقي ٍم ،وتصـ ُّـور ٍ
حتكيمها يف احلياة كلِها بدون ا ٍ
تثناء ،فهنا نصر هللا يف واقع احلياة(.)2
﴿وقش شال مو ش ـ َيقشـ ْوِم إِ ْن كْنـت ْم شآمْنـت ْم ِاب ََّّللِ فشـ شعلشْي ِت تشـ شوَّكلوا إِ ْن كْنـت ْم م ْس ـلِ ِم ش ﴾ ش وقال تعال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
[يونس. ]84 :
الرجاء
َّ - 7
ِ َّ ِ ومن هللاــفات اَّهاجرين احلميدة الَّيت مدحهم هللا هبا َّ
الرجاء .قال تعاىل ﴿إ َّن الذ ش
ين آمنوا
اَّللِ شو َّ
اَّلل شفور رِ والَّ ِذين هاجروا وجاهدوا ِيف بِ ِيل َِّ
حيم ﴾ [البقرة. ]218 :
ش اَّلل أولشئِ ش
ك يشـ ْرجو شن شر ْحشةش َّ ش ش ش ش ش شش ش
َّ
وإجا قال وقد مدحهم ألنَّت ﴿يشـ ْرجو شن﴾ يعلم أحد يف هذه الدُّنيا أنَّت هللاائر إىل اجلنَّة ،ولو
بل يف طـاعـة هللا ك َّـل مبل ٍ ألمرين أحـدلـا أنـَّت ح يـدرأ مبـا خيتم لـت ،والثـَّاين لئال يتَّكـل عل
عملت ،فهؤحء قد فر هللا يم ،ومع ذلك يرجون رحة هللا ،وذلك زَيدة ٍ
إميان منهم(.)2
- 8اتِباي َّ
الر ول هللال هللا عليت و لم
أن اي رة يا مكانة عظيمة يف القرآن الكر َّ
أن هللا -ـ ـ ـ ـ ـ ــبلانت وتعاىل - واَّا ُّ
يدل عل َّ
476
ب
الر ول هللال هللا عليت و لم .قال تعاىل ﴿لششق ْد شات ش وهللاف اَّهاجرين ،وأنصارهم َّ
أب،م يتَّبعون َّ
اع ِة الْع ْس ـ ـشرةِ ِم ْن بشـ ْع ِد شما شك شاد يشِايي قـلوب
ين اتَّـبشـعوه ِيف ش ـ ـ ش
َّ ِ ِ
َّب شوالْم شهاج ِر ش
ين شواألنص ــار الذ ش اَّلل شعلش النِ ِ َّ
ب شعلشْي ِه ْم إِنَّت هبِِ ْم شريو شرِحيم ﴾ [التوبة ]117 :فاَّهاجرون ،واألنصـ ـ ـ ـ ــار ،هم الذين ِ
فش ِر ٍيق مْنـه ْم مثَّ شات ش
الر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم يف أقوالت ،وأعمالت بل يف ــاعة العس ــرة ،اَّا ُّ
يدل عل يتَّبعون َّ
وجل. َّأ،م يستلقُّون بذلك الدَّرجة العظم ،والتَّوبة من هللا َّ
عاي َّ
وقد نايلت هذه ا ية يف ايوة تبوك ،وذلك َّأ،م خرجوا إليها يف ش ـ ـ ـ ــدَّةٍ من األمر ،يف ش ـ ـ ـ ـنش ٍة
وحر ٍ
شديد ،وع ْس ٍر يف َّ
الاياد ،واَّاء. ْجم ٍ
دبةٍ ،
احلر ،عل ما يعلم هللا من اجلهد ،أهللااهبمقال قتادة «خرجوا إىل ال َّام عام تبوك يف يبان ِ
أن الرجل كاان ي قَّان التَّمرة بينهما ،وكان النَّفر يتداولون حض لقد ذكِشر لنا َّ
فيها جهد شديدَّ ،
ص ـها هذا ،مث ي ــرب عليها ،فتاب هللا عليهم، ص ـها هذا ،مثَّ ي ــرب عليها ،مث مي ُّ
التَّمرة بينهم مي ُّ
وأقفلهم( )1من ايوهتم»(.)2
الدينِ ،
ويفرق يدل عل حقيقة الميان ،وحقيقة ِ إن اتِباي َّ
الر ـ ـ ـ ــول هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم ُّ َّ
جالء ،كما أنَّت دليل عل ح ِ هللا ،وح ُّ هللا ليس دعو تفريقاً حامساً ب الميان ،والكفر يف ٍ
ابللِسـان ،وح هياماً ابلوجدان ،إح أ ْن يصـاحبت احتِباي لر ـول هللا هللاـل هللا عليت و ـلم ،وال َّسـري
ٍ
كلمات ت قال ،وح م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعر شديش ،وح عل هداه ،وحتقيق منه ت يف احلياةَّ .
إن الميان ليس
الر ــول ،وعمل مبنهت هللا الَّذأ ملت َّ
الر ــول هللا ــل هللا عليت ش ــعائر تقام ،ولكنَّت طاعة هللا ،و َّ
اَّلل شويشـ ْ ِف ْر لشك ْم ذنوبشك ْم شو َّ
اَّلل شفور و ـ ــلم .قال تعاىل ﴿ق ْل إِ ْن كْنـت ْم ِحتبُّو شن َّ
اَّللش فشاتَّبِع ِوين ْبِْبكم َّ
كافِ ِرين ﴾ [آل عمران. ]32 - 31 : ول فشَِ ْن تشـولَّوا فشَِ َّن َّ ِ رِحيم *قل أ ِ
اَّللش حش ُّ الْ ش ش شْ الر ش اَّللش شو َّ
شطيعوا َّ ْ ش
قال ابن كث ٍري يف تفس ـ ـ ـ ـ ـ ــريه لآلية اَّذكورة «هذه ا ية الكرمية ،حاكمة عل ِ
كل شم ِن ا َّدع
الرازأ وال َّس ـ ـ ـ ـ ـبق موج للفضـ ـ ـ ـ ــيلة فَقدامهم عل هذه األفعال ي ِ
وج اقتداء ريهم قال َّ
هبم .قال هللاـل هللا عليت و ـلم «من َّـن يف ال ـالم ـنَّةً حسـنةً ،فلت أجرها ،وأجر من عمل
[أمحد ( )358 - 357/4ومسـ ـ ـ ـ ــلم ( )1017والرتمذي ( )2675والنسـ ـ ـ ـ ــائي ( )77 - 75/5وابن ماجه هبـا ،إىل يوم القيـامـة»
( .])203فــدواعي النـَّاس تشقو مبــا يرون من أمثــايم ،يف أحوال الـ ِـدين ،والــدُّنيــا ،وثبــت هبــذا َّ
أن
اَّهاجرين هم ري اء اَّسلم و ادهتم(.)2
وهكذا اختار هللا -ــبلانت وتعاىل -ال َّسـ ـابق من اَّهاجرين ،من تلك العناهللا ــر الفريدة
النَّادرة ،الَّيت حتتمل الض ـ ـ ـ ـ ـ ـ وط ،والفتنة ،واألذ ،واجلوي ،وال ربة ،والعذاب ،واَّوت يف أب ـ ـ ـ ـ ـ ــع
مكة ،مثَّ ليكونوا هم القاعدة الصلبة يذا ِ
الدين يف َّ الصور يف بعض األحيان ليكونوا هم القاعدة ُّ ُّ
السابق من األنصار الذين وإن كانوا يصطلوا هبا الدين بعد ذلك يف اَّدينة ،مع َّ الصلبة يذا ِ ُّ
أن بيعتهم لر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم (بيعةيف َّأول األمر كما اهللا ـ ــطالها اَّهاجرون ،إح َّ
مكافئة لطبيعة هذا ِ
الدين. ٍ طبيعة ٍ
أهللايلة أن عنصرهم ذو ٍ العقبة) ،قد دلَّت عل َّ
478
مرةً أخر ،وكان هذا النَّوي قليالً ،فقد كان األمر كلُّت معروفاً مك ـ ـ ــوفاً من قبل ،فلم يكن يقدم
َّ
ابتداء عل احنتقال من اجلاهليَّة إىل ال الم ،وقطع الطريق ال َّائك اخلطر اَّرهوب إح العناهللار
()1
وعلو طبقتهم يف
اَّهتارة اَّمتازة الفريدة التَّكوين .وبذلك أيضـ ـ ـ ـاً تتَّضـ ـ ـ ـ لنا منايلة اَّهاجرينُّ ،
ظل ٍ
منفعة ،وح الفضــل حيث أنفقوا ،وقاتلوا والعقيدة مطاردة ،واألنصــار قلَّة ،وليس يف األفق ُّ
يدل عل َّأ،م ح يس ـ ـ ــتوون مع ريهم من الَّذين أنفقوا وقاتلوا بعد تلك رخاء ،اا ُّ ـلطان ،وح ٍ ـــ ٍ
اَّللِ وََِّّللِ ِمرياث ال َّس ـ ـ ـ ـ ـماوا ِ ِ ِ ِ الظُّرو ال َّ
﴿وشما لشك ْم أشحَّ تـْنفقوا يف ش ـ ـ ـ ـ ـب ِيل َّ ش ش
()2
ت شش ص ـ ـ ـ ـ ـعبة .قال تعاىل ش
ِ َّ ِ
ين أشنْـ شفقوا
ك أ ْشعظشم شد شر شجةً م شن الذ ش ض حش يش ْس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتش ِوأ ِمْنك ْم شم ْن أشنْـ شف شق ِم ْن قشـْب ِل الْ شفْت ِ شوقشاتش شل أولشئِ ششواأل ْشر ِ
خبِري ﴾ [احلديد.]10 : احلسىن و َّ ِ
اَّلل مبشا تشـ ْع شملو شن ش اَّلل ْ ْ ش ش ِم ْن بشـ ْعد شوقشاتشـلوا شوكالًّ شو شع شد َّ
وقد حتدَّث ابن كث ٍري عن آية ـ ـ ـ ـ ـ ــورة التَّوبة الَّيت بيَّنت فض ـ ـ ـ ـ ـ ــل ال َّسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـابق من اَّهاجرين،
األول من اَّهاجرين، َّ واألنصـ ـ ـ ـ ــار ،فقال فقد أخرب هللا العظيم أنَّت قد ر ـ ـ ـ ـ ــي عن ال َّس ـ ـ ـ ـ ـابق
ـان ،فيا ويل من أب ض ـ ـ ــهم ،أو ـ ـ ـ ـبَّهم أو أب ض ،أو ـ ـ ـ ـ َّ واألنص ـ ـ ــار ،والذين اتَّبعوهم نحس ـ ـ ـ ٍ
الر ول هللال هللا عليت و لم وخريهم ،وأفضلهم ،أع بعضهم ،وح يما يِد َّ
الصلابة بعد َّ
فَن الطَّائفة اَّهذولة من َّ
الرافضـ ـ ـ ـ ــة ال ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـديق األكرب ،واخلليفة األعظم ،أاب بك ٍر بن أيب قلافة َّ
أن عقويم الصلابة ،ويب ضو،م ،ويسبُّو،م ،عياذاً ابهلل من ذلك! وهذا ُّ
يدل عل َّ يعادون أفضل َّ
معكو ـ ــة ،وقلوهبم منكو ــة ،فأين هؤحء من الميان ابلقرآن إذ يس ـ ـبُّون من ر ــي هللا عنهم؟!
عمن ر ــي هللا عنهم ،ويس ـبُّون من ـبَّت هللا ور ـولت ،ويوالون من و َّأما أهل ال ُّس ـنَّة َّ
فَ،م ي َّ ـون َّ
يواس هللا ،ويعادون من يعادأ هللا ،وهم متَّبعون ،ح مبتدعون ،ويقتدون ،وح يبتدعون ويذا هم
حايب هللا اَّفللون ،وعباده اَّؤمنون(.)3
احلقيقي
ُّ - 11الميان
ص ـ ـ ـفات احلميدة الَّيت أثىن هللا عل اَّهاجرين هبا يف كتابت الكر هللا ـ ــفة الميان ومن هذه ال ِ
احلق .قال تعاىل ﴿والَّ ِذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا ِيف ـ ـبِ ِيل َِّ َّ ِ
ك همصـ ـروا أولشئِ ش
ين شآوْوا شونش ش
اَّلل شوالذ ش ش شش ش ش ش ش ش ش
ِ
السعود (.)53/4
تفسري أيب ُّ
()1
480
شك ِر ﴾ [اآلنفال .]4 - 2 :وهذه ِ
الصفات احلميدة تتمثَّل يف حياة اَّهاجرين ،كما َّ
أن اَّتَّصف هبذه
حق الميان(.)1 ِ
الصفات هم اَّؤمنون َّ
اثنياً :الوعد للمواجرين:
ذكر هللا تعاىل بعض النِعم الَّيت وعد هبا اَّهاجرين يف الدُّنيا ،وا خرة ومن هذه النِعم
ومن ـ ـ ـ ــعة رزق هللا يم يف الدُّنيا هص ـ ـ ـ ــيص ـ ـ ـ ــهم مبال الفيء ،وال نائم .قال تعاىل ﴿لِْلف شقشر ِاء
اَّللِ شوِر ْ ـ ـ ـ ـ ـ شواانً شويشـْنص ـ ـ ـ ـ ـرو شن َّ
اَّللش ض ـ ـ ـ ـ ـالً ِم شن َّين أ ْخ ِرجوا ِم ْن ِد شَي ِرِه ْم شوأ ْشم شوايِِ ْم يشـْبـتشـ و شن فش ْ اج ِر َّ ِ
ين الذ ش
ِ
الْم شه ش
أحق النَّاس أل،م أخرجوا من دَيرهم ،فهم ُّ ص ـ ِادقو شن﴾ [احلشــر ]8 :فاَّال يؤحء َّ ك هم ال َّ شوشر ـولشت أولشئِ ش
بت(.)2
وجل -األنص ــار من شـ ـ ِ النفس ،وو َّ ـ ـع عاي َّ الرزق أن خلَّص هللا َّ - ومن ــعة هللا يم يف ِ
ِ ِ ِ هللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدورهم للمهاجرين .قال تعاىل َّ ِ
َّار شوا ِل ميشا شن م ْن قشـْبل ِه ْم بُّو شن شم ْن شه ش
اجشر ين تشـبشـ َّوءوا الد ش
﴿وا لذ ش
ش
ِِ ِ ِ إِلشي ِهم وحش شِجيدو شن ِيف هللاـدوِرِهم ح ِ
هللاـة شوشم ْن اجةً اَّا أوتوا شويـ ْؤثرو شن شعلش أشنْـفسـ ِه ْم شولش ْو شكا شن هب ْم شخ ش
ص ـا ش ْ ش ش ْ ْش
ن﴾[احلشر.]9 : ك هم الْم ْفلِلو ش
وق ش َّ نشـ ْف ِس ِت فشأولشئِ ش
ي ش
وجل -وعد اَّهاجرين ـ ـ ـ ـ ـ ــعة ِ
الرزق يف الدُّنيا ،وحتقَّق ذلك الوعد الكر عاي َّ َّ
إن هللا َّ -
ابين القرآين يعاجل هذه النَّفس يف و ـ ــو ٍ وفص ـ ـ ٍ
ـاحة، الر ِ
وجل -يف منه ت َّ
عاي َّ وذلك َّ
ألن هللا َّ -
فال يكتم عنها ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاً من اَّهاو ،وح يدارأ عنها ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاً من األخطار -مبا يف ذلك خطر
ومن النِعم الَّيت وعد هبا هللا -ــبلانت وتعاىل -اَّهاجرين تكفري ــيِئاهتم ،وم فرة ذنوهبم.
اب شي ْم شرُّهب ْم أِشين حش أ ِ ـيع شع شم شل شع ِام ٍل ِمْنك ْم ِم ْن ذش شك ٍر أ ْشو أنْـثش بشـ ْعض ـك ْم ِم ْن قال تعاىل ﴿فشا ْ ـتش ش ش
اجروا شوأ ْخ ِرجوا ِم ْن ِد شَي ِرِه ْم شوأوذوا ِيف ش ـبِيلِي شوقشاتشـلوا شوقتِلوا أل شك ِفشر َّن شعْنـه ْم ش ـيِئشاهتِِ ْم ين شه ش
بـع ٍ َّ ِ
ض فشالذ ش شْ
اب﴾ اَّلل ِعْنـ ـ شده حس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن الثـَّو ِ
ش ْ ات شْد ِرأ ِم ْن شْحتتِ شهـ ـا األ،ـش ـار ثشـ شو ًااب ِم ْن ِعْنـ ـ ِد َّ
اَّللِ شو َّ ألد ِخلشنـَّهم جنَّـ ـ ٍ
شو ْ ْ ش
[آل عمران. ]195 :
وقد ورد عن ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،أحاديث كثرية تبِ َّ
أن اي رة من أعظم
الو ـ ـ ـ ـ ــائل ِ
اَّكفرة لل َّس ـ ـ ـ ـ ـيِئات ،و َّأ،ا ـ ـ ـ ـ ــب َّ فرة ذنوب أهلها ،ومن هذه األحاديث عن ابن
وحول وجهت ()2
حضران عمرو بن العاص وهو يف ياقة اَّوت ،فبك طويالًَّ ، طا ة ِ
اَّهرأ قال ش
إىل اجلدار ،ف عل ابنت يقول َي أبتاه! أما ب َّ ـ ـ ـرك ر ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم بكذا؟ شأما
إن أفضـ ـ ــل ما نعِ ُّد
ب َّ ـ ـ ـرك ر ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم بكذا؟ قال فأقبل بوجهت ،فقال َّ
ٍ
أطباق( )3ثالث ،لقد رأيت وما حممداً ر ــول هللاِ .إين كنت عل ش ــهادة أن ح إلت إح هللا ،و َّ
أن َّ
وعد هللا -بلان ـ ـ ـ ـ ــت وتعاىل -الَّذين انلوا أفضل الميان ،واي ـ ـ ـ ـ ـ ــرة ،واجلهاد يف بيل هللا
اهدوا ِيف َّ ِ
اجروا شو شج ش
ين آمنوا شوشه ش أبموايم ،وأنفس ـ ـ ـ ـ ـ ــهم أعظم الدَّرجات عند هللا .قال تعاىل ﴿ا لذ ش
ك هم الْ شفائِايو ش اَّللِ ِأبشموايِِم وأشنْـف ِس ِهم أشعظشم درجةً ِعْن شد َِّ
ن ﴾ [التوبة. ]20 : اَّلل شوأولشئِ ش ْ ْ شش ش ش ب ِيل َّ ْ ش ْ ش
ِ
ف نُّوا َّ
علي ال ُّ اب أأ هللابُّوه متفرقاً ،انظر اي رة يف القران الكر ،ص .136 ()1
( )2انظر شر النَّووأ لصلي مسل ٍم لللديث اَّذكور ،واي رة يف القران الكر ،ص .138
483
ألن إن اَّوهللاـ ـ ـ ـ ـ ــوف هبذه ال ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـفات األربعة ،يف اية اجلاللة و ِ
الرفعة َّ الرازأ َّ
يقول الفهر َّ
الرو فل َّـما زال عنها الكفر،
الرو ،والبدن ،واَّالَّ ،أما ُّ النسان ليس لت إح جمموي أموٍر ثالثة ُّ
وحصـ ــل فيها الميان فقد وهللاـ ــلت إىل مرات العادات الالَّئقة هبا ،و َّأما البدن ،واَّال فبسـ ــب
عر ش ـ ـ ـ ْ ِ للهالك ،والبطالن ،وح
اي رة وقعا يف النُّقص ـ ــان ،وبس ـ ــب احشـ ـ ــت ال ابجلهاد هللاـ ـ ــارا م َّ
أن كالً من النَّفس ،واَّال حمبوب لإلنسـ ــان ،والنسـ ــان ح يعرض عن جمموعت إح للفوز ـك َّشـ ـ َّ
رجلوا أن طل ِ
الر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوان أذُّ عندهم من النَّفس ،واَّال َّا َّ األول ،فلوح َّ ٍ
مبلبوب أكمل من َّ
جان ا خرة عل جان النَّفس ،واَّال ،وَّا شر ـ ـ ـ ـوا نهدار النَّفس ،واَّال لطل مر ـ ـ ـ ــاة هللا
تعاىل.
أن عند حصــول ال ِ
ص ـفات األربعة هللاــار النســان واهللا ـالً إىل أعل درجات الب ـريَّة، فثبت َّ
و َّأول مرات درجات اَّالئكة ،وهم بذلك يكونون أفضـ ـ ــل من ِ
كل شم ْن ـ ـ ـواهم من الب ـ ـ ــر عل
الصفات(.)1 وفضيلة لإلنسان أعل وأكمل من هذه ِ ٍ الطالق ألنَّت ح يعقل حصول عادةٍ،
فالذين آمنوا ،وهاجروا ،وجاهدوا يف ـ ـ ــبيل هللا أبموايم ،وأنفسـ ـ ــهم أعظم ،وأعل مقاماً يف
احلاً وعمارة اَّس ـ ـ ـ ـ ـ د
مرات الفضـ ـ ـ ـ ــل ،والكمال يف حكم هللا ،وأكرب مثوبةً من أهل ـ ـ ـ ـ ــقاية ِ
َّ
أن عملهم َّإَيلا من أفضل القرابت بعد ال الم. احلرام الَّذين رأ بعض اَّسلم
ومن النِعم الَّيت أعدَّها هللا -ـ ــبلانت وتعاىل -للمهاجرين اجلنَّة ،واخللود فيها .قال تعاىل
ِ ﴿الَّ ِذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا ِيف بِ ِيل َِّ ِِ
ك هم اَّلل ِأب ْشم شواي ْم شوأشنْـف ِس ِه ْم أ ْشعظشم شد شر شجةً ِعْن شد ا ََّّلل شوأولشئِ ش ش شش ش ش ش ش ش
ين فِ شيها أشبش ًدا ِِ ٍ ِ ِ ِ ِ ٍِ ِ ٍ ِ
الْ شفائايو شن يـبش ره ْم شرُّهب ْم بشر ْحشة مْنت شور ْ شوان شو شجنَّات شي ْم ف شيها نشعيم مقيم شخالد ش
ِ
الرحــة، شجر شع ِظيم ﴾ [التوبــة ]22 - 20 :قــال ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوكــاين يف تفس ـ ـ ـ ـ ـ ــريه والتنكري يف َّ إِ َّن َّ ِ
اَّللش عْن ـ شده أ ْ
الر ـ ـوان ،واجلنَّات للتَّعظيم ،واَّعىن َّأ،ا فوق وهللا ـ ــف الواهللا ـ ــف ،وتص ـ ـ ُّـور اَّتص ـ ـ ِـورين .والنَّعيم وِ
ـتمر الَّذأ ح يفارق هللاــاحبت ،شوِذ ْكر األبد بعد اخللود أتكيد لت( .)3هذه ب ــر اَّقيم الدَّائم اَّسـ ُّ
ما بعدها ب ـ ــر ،وقد وعد هللا -ـ ــبلانت وتعاىل -هبا اَّؤمن واَّؤمنات .قال تعاىل ﴿ شو شع شد
َّات شْد ِرأ ِمن شْحتتِها ا ،شار خالِ ِدين فِيها ومس ـ ـ ـ ـ ـ ـاكِن طشيِبةً ِيف جن ِ
َّات ات جن ٍ ِ ِ َّ ِ ِ
ش ش ش ش ش ش شش ش ْ ش اَّلل الْم ْؤمن ش شوالْم ْؤمنش ش
ك هو الْ شفوز الْع ِ ِ ع ْد ٍن وِر ْ وان ِمن َِّ
ظيم ﴾ [التوبة. ]72 :
اَّلل أش ْك شرب شذل ش ش ْ ش ش ش ش ش
- 5الفوز العظيم ور وان هللا عليهم
ومن النِعم الَّيت وعد هللا -ـ ـ ـ ــبلانت وتعاىل -هبا اَّهاجرين َّأ،م ـ ـ ـ ــينالون الفوز العظيم.
اَّللِ ِأب ْشم شوايِِ ْم شوأشنْـف ِسـ ِه ْم أ ْشعظشم شد شر شجةً ِعْن شد َّ
اَّللِ اهدوا ِيف ش ـبِ ِيل َّ
اجروا شو شج ش
ين آمنوا شوشه ش
َّ ِ
قال تعاىل ﴿الذ ش
ك هم الْ شفائِايو ش
ن ﴾ [التوبة. ]20 : شوأولشئِ ش
أجل ،وأعظم اَّا هم فيت من النَّعيم ،وهو ،اية الحسـ ــان،
ور ـ ـوان هللا تعاىل عليهم أكرب ،و ُّ
الرازأ (.)14/16
تفسري َّ
()1
إن اَّهاجرين هذا بعض ما وعد هللا بت اَّهاجرين من اجلاياء ،والثَّواب بسب جهادهم اَّريرَّ .
مكة من وأد الدَّعوة وهي يف مسـ ـ ـ ـ ــت ِ
هل الرا ـ ـ ـ ـ ـ ،ويقينهم اخلالص ِ
ميكنوا اجلاهليَّة يف َّ نميا،م َّ
حياهتا لقد ا ــتمســكوا مبا أوحي إىل نبيِهم ،و تايدهم حاقة قريش إح اعتصــاماً مبا اهتدوا إليت،
صـابرين
وآمنوا بت ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما أ ــرفت اجلاهليَّة يف عســفها ،وا ــطهادها ،وأذن هللا يؤحء اَّؤمن ال َّ
مكة خرجوا من دَيرهم ،وأموايم ،وميَّموا هللاـ ـ ــوب اَّدينة ليس رهبة من الكفر ،وح ابي رة من َّ
ر بة يف الدنيا ولكنهم كانوا بذلك يرجون رحة هللا ،ويبت ون فضالً منت ور واانً ولذلك هللااروا
ض ٍل يف الدُّنيا ،وما أعدَّه يم يوم القيامة من ثو ٍ
اب عظيم(.)3 أهالً َّا أ ب ت هللا عليهم من فش ْ
اثلثاً :الوعيد للمتخلِّفني عن اهلجرة:
( )1تفسري ابن كثري ( ، )320/2وتفسري اَّرا ي ( ، )79/10واي رة يف القران الكر ،ص .144
( )2يف ظالل القران (.)1705/3
السنَّة ،لل مل ،ص .333 ، 332
الر ول هللال هللا عليت و لموهللالابتت يف القران و ُّ
انظر ه رة َّ
()3
486
يدفعها إىل الطَّاعة ،واح تقامة ،وخ ٍية َتنعها من اَّعصية ،وتسري هبا إىل اح ت فـ ــار ،والتَّوبـ ــة،
ٍ ٍِ
يقع فريسـ ـةً لليأس ،والقنوط ،وح يندفع إىل اجلرأة عل واَّؤمن بينهما يف معادلة ج ُّد دقيقة لئال ش
حمارم هللا ،أو التهاون فيما أمر هللا ،ولقد ا تطاي القرآن الكر بسالحي ــت هذين أن فم للف ــرد
الدين( ،)1وهي كلِيات مقوماتت يف احلياة ،واَّال ،والعقل ،والعِرض ،و ِ
ْ ش ـ ـ ـ ــهص ـ ـ ـ ــيتت ،وللم تمع ِ
أجيال عديدةٍ ،أانرها القرآن الرش ـ ـ ـ ـ ـ ــيدة الفا ـ ـ ـ ـ ـ ــلة .ولقد رأت احلياة النُّور يف ٍ
تقوم عليها احلياة َّ
ت ذلك النور بِبعد النَّاس عن القرآن اهللاطدم
ابلوعد ،والرجاء ،وابلوعيد ،واخل ية ،ولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما شخ شف ش
الفرد بفطرتت ،وااتمع بواقعت فا ـ ـ ـ ـ ـ ــطربت القيم ،وا،ارت األخالق ،وفس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدت اَّ عامالت،
األمة إح مبا هللاــل بت َّأويا ،وأن ه ـ هللا ح ه ـ
واَّناهت والتَّصـ ُّـورات ،ولن يصــل اخر هذه َّ
وجل -هبا اَّتهلِف ـ ـ ـ ـ ـواه ،وأن ترجوه ح ترجو إح َّإَيه( )2ومن العقوابت الَّيت توعَّد هللا َّ -
عاي َّ
ين تشـ شوفَّاهم الْ شمالشئِ شكة ظشالِ ِمي أشنْـف ِس ِه ْم قشالوا فِ شيم كْنـت ْم ِ َّ ِ
عن اي رة وء اَّصري .قال تعاىل ﴿إ َّن الذ ش
ِ ِ ض قشالوا أشش تشكن أشرض َِّ ض ـ ـ ـ شع ِف ش ِيف األ ْشر ِ
ك شمأْ شواه ْم اَّلل شوا ِ ـ ـ ـ شعةً فشـتـ شهاجروا ف شيها فشأولشئِ ش ْ ْ ْ قشالوا كنَّا م ْس ـ ـ ـتش ْ
صريا ﴾ [النساء. ]97 : جهنَّم و اء ْ ِ
ت شم ً شش ش ش ش
أن ان ـ ـاً من اَّس ــلم كانوا مع اَّ ــرك ، البهارأ عن ابن ٍ
عباس ر ــي هللا عنهما َّ ُّ رو
يكثرون ـ ـو شاد اَّ ــرك عل ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ،رل ال َّسـ ـهم يـ ْرشم بت ،فيص ــي
ين تشـ شوفَّاهم الْ شمالشئِ شكة ظشالِ ِمي أشنْـف ِس ـ ـ ـ ِه ْم﴾ ِ َّ ِ
ض ـ ـ ـشرب ،فيقتل ،فأنايل هللا ﴿إ َّن الذ ش
أحدهم فيقتلت ،أو ي ْ
ش
( 4596و.)7085
تهفون عباس ر ـ ـ ـ ــي هللا عنهما قال كان قوم من أهل َّ
مكة أ ـ ـ ـ ــلموا ،وكانوا يش ْس ـ ـ ـ ـ ْ عن ابن ٍ
ابل ـالم ،فأخرجهم اَّ ـركون يوم بد ٍر معهم ،فأهللاـي بعضـهم ،فقال اَّسـلمون كان أهللاـلابنا
ين تشـ شوفَّاهم الْ شمالشئِ شكة ظشالِ ِمي أشنْـف ِسـ ـ ـ ـ ِه ْم﴾، ِ َّ ِ
مس ـ ـ ــلم ،وأكرهوا ،فا ـ ـ ــت فروا يم ،فنايلت ﴿إ َّن الذ ش
مبكة من اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم هبذه ا ية ،ح عذر يم ،قال فهرجوا ،فللقهم قال فكت إىل من بقي َّ
وجل -وعيده للمتهلِف عن اي رة بس ـ ــوء مص ـ ــريهم ا ـ ــتثىن من عاي َّ وبعد أن ذكر هللا َّ -
الدين ،واحلرمان من احلياة يف َّعرض للفتنة يف ِ ذلك شم ْن ح حيلة يم يف البقاء يف دار الكفر ،والت ُّ
ابلرجاء يف عفو هللا، ض ـ ـ ـ ـ ـعا ،والنِسـ ـ ـ ـ ــاء ،واألطفال ،فيعلقهم َّ دار ال ـ ـ ـ ـ ــالم من ال ُّ ـ ـ ـ ـ ـيو ،وال ِ
وم فرتت ،ورحتت بس ـ ــب عذرهم البِ ،وع ايهم عن الفرار( .)4قال تعاىل ﴿إِحَّ الْمسـ ـ ـت ْ ِ
ضـ ـ ـ شعف شْش
ِ
اَّلل أش ْن
ك شع شس ـ َّالر شج ِال شوالنِ شس ـاء شوالْ ِولْ شد ِان حش يش ْس ـتش ِطيعو شن ِحيلشةً شوحش يشـ ْهتشدو شن ش ـبِيالً فشأ ْولشئِ ش
ِم شن ِ
[النساء. ]99 - 98 : اَّلل شعف ًّوا شف ًورا ﴾
يشـ ْعف شو شعْنـه ْم شوشكا شن َّ
***
أن ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم دخل اَّدينة راكباً راحلتشت ،فســار البهارأ بســنده َّ
ُّ رو
ت عند مسـ د ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ابَّدينة ،وهو يصــلِي حض بشـشرشك ْ
مي ــي معت النَّاس َّ
ـهل ،و ـ ـ شهْي ٍل الم يتيم يف ِح ْ ر فيت ٍ
يومئذ رجال من اَّسـ ــلم ،وكان ِم ْربشداً( )2للتَّمر ،لسـ ـ ٍ
أ ــعد بن زشر شارة ،فقال ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ح بركت بت راحلتت «هذا إن شــاء هللا
اَّنايل» ،مثَّ دعا ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ال الم ،فس ــاومهما ابَِّْربشد ليتَّه شذه مسـ ـ داً،
ـول هللا! فأىب ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم أن يقبلت منهما ِهبشةً فقاح ح ،بل ،بت لك َي ر ـ ش
[البخاري (. ])3906 حض ابتاعت منهما.
َّ
ويف رواية أنس بن ٍ
مالك فكان فيت ما أقول كان فيت شَنْل ،وقبور اَّ ـ ـ ــرك ،وخرب ،فأمر
ت. ِ
وابخلرب ،فسـ ِويش ْ ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ابلنَّهل ،فقطع ،وبقبور اَّ ــرك ،فنبِ ش ـ ْ
ت،
ض ـ شادتشـْي ِت ح ارًة .قال فكانوا يردايون ،ور ــول هللا هللاــل هللا ِ
ص ـ ُّفوا الن ش
َّهل قبلةً ،وجعلوا ع ش قال فش ش
عليت و لم معهم وهم يقولون
فشانْص ِر األنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار واَّه ِ
اجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شـرْه ال ـلَّ ـه ـ َّم! ح شخ ـ ْ شري إح شخ ـ ْري ا خـ ْـره
ش
[البخاري ( )428ومسلم (. ])524
الر ـ ــول هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يف العمل مع أهللا ـ ــلابت ،و ـ ــرب َّأول ٍ
معول يف حفر ش ـ ــري َّ
وب لر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ح ش ر حول مسـ ـ ده ال َّ ـ ـريف لتكون مس ــاكن لت،
يوت شم ْن تشـشرفَّ شع عن
وألهلت ،و تكن احل ر كبيوت اَّلوك ،واألكا ـ ـ ـ ــرة ،والقياهللا ـ ـ ـ ــرة بل كانت ب ش
الدَّار ا خرة ،فقد كانت كمسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ده مبينةً من اللَّب ،والط ،وبعض الدُّنيا ،وزخارفها ،وابت
احل ارة ،وكانت ــقوفها من جذوي النَّهل ،واجلريد ،وكانت هللا ـ رية الفناء ،قصــرية البناء ،ينايا
ـرأ -وكان الماً مع ِأمت خرية موحة ِأم ـ ــلمة « -قد ال الم الفاري بيده .قال احلس ـ ــن البص ـ ـ ُّ
كنت أانل أول ـ ـ ـ ٍ
ـقف يف ح ش ِر الن ِ
َّب هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم بيدأ»( .)4وهكذا كانت بيوت
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم يف اية البس ــاطة ،بينما كانت اَّدينة ت ــتهر ابحلص ــون العالية ،الَّيت الن ِ
كان يتَّهذها ِع ْلشية القوم تباهياً هبا يف ال ِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلم ،واتقاءً هبا يف احلرب ،وكانوا من تفاخرهم هبا
يضــعون يا أمساء ،كما كان حصــن عبد هللا بن أ ِيب ابن ــلول امست (ماياحم) ،وكما كان حصــن
( )1انظر نور اليق ،للهضرأ ،ص ( ، )88 ، 87واتري خليفة بن خياط ،ص ، 56نقالً عن اتري دولة ال الم األوىل ،د .فايد حَّاد عاشور ،
و ليمان أبو عايب ،ص .108
للسمهودأ (.)321/1 انظر وفاء الوفا َّ ،
()2
اثلثاًَّ :أول ٍ
خطبة خطبوا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ابملدينة:
كانت َّأول ٍ
خطبة خطبها ر ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ابَّدينة أنت قام فيهمِ ،
فلم شد
هللا ،وأثىن عليت مبا هو أهلت ،مثَّ قال « َّأما بعد أيُّها النَّاس! فقدموا ألنفس ـ ـ ـ ـ ـ ــكم .تعلم َّن وهللا
لن لت ربُّت وليس لت تر ان ،وح حاج ص ـ ـ ـ شع شق َّن أحدكم ،مثَّ لشيش شد شع َّن شنش شمت ليس يا ر ٍاي ،مثَّ ليقو َّ
لي ْ
بت دونت أ رتك ر ـ ــوس ،فبلَّ ك؟! وآتيتك ماحً ،وأفض ـ ــلت عليك ،فما قدَّمت لنفسـ ـ ـك؟
َّ
لينظرن قدَّامت ،فال ير ري جهنَّم فمن ا ـ ـ ــتطاي أن فشـلشيشـْنظشر َّن مييناً ،وطاحً ،فال ير ش ـ ـ ــيئاً ،مثَّ
فبكلمة طيِ ٍبة َّ
فَن هبا داي احلس ـنة ٍ يقي وجهت من النَّار ولو ب ـ ٍـق من َترةٍ فليفعل ،ومن جيد
[البيوقي يف الدالئل ( )524/2وابن ع ــر أمثايا ،إىل ــبعمئة ـ ٍ
ـعف .وال َّس ـالم عليكم ورحة هللا وبركاتت»
هشام (. ])146/2
إن احلمد هلل ،أحده،مرًة أخر ،فقال « َّ مثَّ خط ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم َّ
ضلِ ْل وأ تعينت ،نعوذ ابهلل من شرور أنفسنا ،و يِئات أعمالنا ،شم ْن يهده هللا فال َّ
مضل لت ،ومن ي ْ
أحسن احلديث كتاب هللا تبارك
ش فال هادأ لت ،وأشهد أن ح إلت إح هللا ،وحده ح شريك لتَّ .
إن
وتعاىل .قد أفل من شزيـَّنشت هللا يف قلبت ،وأدخلت يف ال ـالم بعد الكفر ،واختاره عل ما ـواه من
أحبُّوا من أح َّ هللاِ ،
أحبُّوا هللا من ِ
كل قلوبكم، أحاديث النَّاس ،إنَّت أحس ـ ـ ـ ـ ـ ــن احلديث ،وأبل تِ ،
وذكره ،وح تشـ ْقس عنت قلوبكم فَنَّت من ِ
كل ما خيلق هللا خيتار ،ويص ـ ـ ــطفي ،قد ُّ
وح شَتلوا كالم هللا ش
494
صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاأ من احلديث ،ومن ِ
كل ما أول مسَّاه هللا خريتشت من األعمال ،ومص ـ ـ ـ ـ ـ ــطفاه من العباد ،وال َّ
هللاـدقوا هللا هللاــاأ ما
حق تقاتت ،وا ْ
النَّاس احلالل واحلرام ،فاعبدوا هللا ،وح ت ــركوا بت شــيئاً ،واتَّقوه َّ
ث عهده ،وال َّس ـ ـ ـالم عليكم» تقولون أبفواهكم ،وحتابُّوا برو هللا بينكمَّ ،
إن هللا ي ض ـ ـ ـ أن يـْن شك ش
[البيوقي يف الدالئل ( )525 - 524/2وابن هشام (. ])147 - 146/2
ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما ذَّ حتويل القبلة من بيت اَّقدس إىل الكعبة اَّ ـ َّـرفة أبمر هللا تعاىل ،وذلك بعد ــتة
ع ر شهراً من ه رتت هللال هللا عليت و لم إىل اَّدينة [البخاري ( )40ومسلم ( ،])545بقي حائا القبلة
األوىل يف مؤخرة اَّس ـ د النبوأ ،فأمر النب هللاــل هللا عليت و ــلم بت ،فظلِل ،أو ــقف ،وأطلق
(الصفَّة) أو (الظُّلَّة)[( ،])363و يكن لت ما يس جوانبت[(.])364
عليت ا م ُّ
الصفَّة ظلَّة يف مؤخرة مس د ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،روأ
قال القا ي عياض ُّ
الصفَّة[(.])365
إليها اَّساك ،وإليها ينس أهل ُّ
َّب هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ،يف طاس
ص ـ ـ ـفَّة كانت يف مؤخرة مس ـ ـ ـ د الن ِ
وقال ابن تيميَّة ال ُّ
اَّنورة[(.])366
اَّس د ابَّدينة َّ
َّبوأ مظلَّل ،أ َّ
عد لنايول ال رابء فيت ،اَّن مؤخر اَّس ـ د الن ِ
ص ـفَّة مكان يف َّ وقال ابن شح ش ٍر ال ُّ
ح مأو ً لت ،وح أهل[ .فتح الباري (. ])367([])738/6
الصفَّة
- 1أهل ُّ
أهل ،وح ٍ
مال، الصفَّة أ يا ال الم ،ح روون إىل ٍ
قال أبو هريرة ر ي هللا عنت «وأهل ُّ
ٍ
أحد» [البخاري (. ])6452 وح عل
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة تربية َّأمة وبناء دولة ،لل َّامي ،ص .175
( )2الفتاو (.)41 ، 40/11
السرية النَّبويَّة تربية َّأمة وبناء دولة ،ص .175 ( )3انظر ِ
للسمهودأ (.)323/1 انظر وفاء الوفا َّ ،
()4
الصلابة يم
َّب هللال هللا عليت و لم و َّ
الصفَّة ،ورعاية الن ِ
- 2نفقة أهل ُّ
صـفَّة بنفســت ،فيايورهم ،ويتفقَّد أحوا شيم ،ويعود يتعهد أهل ال َُّّب هللاــل هللا عليت و ــلم َّ كان الن ُّ
ويوجههم إىل مر ـ ــاهم ،كما كان يكثر جمالسـ ــتهم ،ويرشـ ــدهم ،ويوا ـ ــيهم ،ويذكِرهم ،ويعلِمهمِ ،
قراءة القرآن الكر ،ومدار ـ ـ ــتتِ ،
وذ ْك ِر هللا ،والتَّطلُّع إىل ا خرة( ،)2وكان هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم
ٍ
ومتنوعة منها يـؤِمن نفقتهم بو ائل ِ
متعددةٍ، ش
« - 1إذا أتتت هللال هللا عليت و لم هللادقة بعث هبا إليهم ،و يتناول منها شيئاً ،وإذا أتتت
[البخاري (. ])6452 هديَّة ،أر ل إليهم ،وأهللااب منها ،وأشركهم فيها»
- 2كثرياً ما كان يدعوهم إىل تناول الطَّعام يف إحد ح رات َّأمهات اَّؤمن ر ـ ــي هللا
الرحن بن أيب بك ٍر
عنهن ،و يكن ي فل عنهم مطلقاً بل كانت حالتهم ماثلةً أمامت فعن عبد َّ
َّب هللال هللا عليت و لم قال الصفَّة كانوا أان اً فقراءَّ ،
وإن الن َّ ر ي هللا عنهما قال َّ
إن أهللالاب ُّ
مرةً «من كــان عنــده طعــام اثن فليــذه ـ بثــالــث ،ومن كــان عنــده طعــام أربعــة فليــذه ـ
َّ
َّب هللال هللا عليت و لم ٍ ادس -أو كما قال َّ - ٍ ٍ
وإن أاب بكر جاء بثالثة ،وانطلق الن ُّ امس ،أو
فارأ ،قال «كان أيب بع ـ ـ ــرةٍ» [البخاري ( )3581ومسـ ــلم ( .])2057وعن يعيش بن طهفة بن قيس ال ِ
ابلرجل،
َّ الرجل ينقل
ص ـفَّة ،فأمر ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم هبم ،ف عل َّ
من أهللا ــلاب ال ُّ
حض بقيت خامس طسة ،فقال ر ول هللا هللال هللا عليت و لم «انطلقوا»،
َّ ابلرجل
الرجل َّ
و َّ
[أمحد ( )430 - 429/4والطيالسي (. ])1339 فانطلقنا معت إىل بيت عائ ة».
- 3وكان هللاــل هللا عليت و ــلم يطل من النَّاس أن ِ
يوجهوا هللاــدقاهتم إليهم فقد جاء يف
اَّسند َّ
أن فاطمة ل َّـما ولدت احلسن طل منها هللال هللا عليت و لم أن حتلق رأ ت ،وتتصدَّق
(.])378/1
ص ـ ـ ـ ـفة ي ـ ـ ـ ــاركون يف اجلهاد بل كان منهم ال ُّ ـ ـ ـ ـهداء ببد ٍر مثل هللاـ ـ ـ ــفوان ابن
وكان أهل ال ُّ
بيضـ ـ ــاء ،وخر بن فاتك األ ـ ـ ـ ِ
ـدأ ،وخبي بن يسـ ـ ــا ،و ـ ـ ــا بن عمري ،وحارثة بن النُّعمان
ـارأ( ،)3ومنهم من ا ــت ــهد ٍ
أبحد مثل حنظلة ال ســيل [احللية ( ،])357/1ومنهم من شــهد األنصـ ِ
احلديبية مثل جرهد بن خويلد [احللية ( ،])353/1وأبو ـ ـ ـ ـ ـ ــر ة ال فارأ [احللية ( ،])355/1ومنهم من
وهكذا يو ِ ر ي هللا عنت أنت فعل ذلك ر بةً منت يف مالزمة الن ِ
َّب هللال هللا عليت و لم،
إن أاب هريرة كان لت ـ ـ ـ ــكن يف اَّدينة ،وهو اَّكان الَّذأ تس ـ ـ ـ ــكنت ُّأمت ،والَّيت طل من الن ِ
َّب مثَّ َّ
[مسلم ( )2491وأمحد (. ])320/2 هللال هللا عليت و لم أن يدعو يا ابيداية.
َّب هللا ـ ـ ــل إن أاب هريرة ر ـ ـ ــي هللا عنت يكن فقرياً معدماً ،ففي َّأول ٍ
يوم قدم فيت عل الن ِ مثَّ َّ
ْ
499
هللا عليت و لم يف خيرب أ هم لت هللال هللا عليت و لم من ال نيمة ،كما أنَّت ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما قدم كان معت
وإذاً فالَّذأ أفقره هو إيثاره مالزمة الن ِ
َّب هللاـ ـ ـ ــل هللا ()1
ص ـ ـ ـ ـلي -
عبد خيدمت -كما ورد يف ال َّ
الصفَّة لو أراد(.)2
عليت و لم ،وا تماي أحاديثت ،وكان يستطيع اح ت ناء عن ُّ
صـفَّة يكثرون ،ويقلُّون حبسـ تبدُّل األحوال الَّيت حتيا أبهل ال ُّ
صـفَّة من عودة كان أهل ال ُّ
األهل ،أو زو ٍاً ،أو يس ٍر بعد ع ْسر ،أو شهادةٍ يف بيل هللا.
- 4عددهم وأمسايهم
كان عددهم خيتلف ابختال األوقات ،فهم ياييدون إذا قدمت الوفود إىل اَّدينة ،ويقلُّون
إذا قـ َّـل الطَّـارقون من ال رابء ،عل َّ
أن عــدد اَّقيم منهم يف الظرو العــاديَّـة ،كــان يف حــدود
حض َّ
إن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعــد بن عبــادة كــان ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبع رجالً [احلليــة ( ،])341 ،339/1وقــد ياييــد عــددهم كثرياً َّ
الصلابة [احللية (. ])341/1 يستضيف وحده شان منهم ،فضالً عن ا خرين الَّذين يتوزَّعهم َّ
ص َّفة:
ومن أهل ال ي
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة تربية َّأمة وبناء دولة ،ص .184
( )2اَّصدر السابق نفست.
اشدأ ،ل َّراب (.)222/1
الر َّ
انظر اَّدينة النَّبوية ف ر ال الم والعصر َّ
()3
500
األنصارأ ر ي هللا عنت.
ُّ - 5كع بن ٍ
مالك
501
العنربأ ر ي هللا عنت(.)1
ُّ - 26حرملة بن أَيس ،وقيل حرملة بن عبد هللا
- 27زيد بن اخلطَّاب ر ي هللا عنت.
ٍ
مسعود ر ي هللا عنت. - 28عبد هللا بن
- 29الطَّ ُّ
فاوأ الدَّو ُّي ر ي هللا عنت.
َّضرأ ر ي هللا عنت.
- 30طللة بن عمرو الن ُّ
الفهرأ ر ي هللا عنت.
ُّ - 31هللافوان بن بيضاء
وم فِ ِيت ِ ِ ٍ قال تعاىل ﴿حش تشـقم فِ ِيت أشب ًدا لشمس ـ ـ ـ ِ د أ ِ
شح ُّق أش ْن تشـق ش
س شعلش التَّـ ْق شو م ْن أ َّشول يشـ ْوم أ ش
ش ـ ـ ـ ْ ش شْ
وت أ ِشذ شن
﴿يف بـي ٍ اَّلل ِ ـ ُّ الْمطَّ ِه ِرين ﴾ [التوبة ،]108 :وقــال تعــاىل ِ
ش فِيـ ِـت ِر شجـال ِ بُّو شن أش ْن يشـتشطش َّهروا شو َّ
هللاـ ِال ِر شجال حش تـ ْل ِهي ِه ْم ِدش شارة شوحش بشـْيع ِ اَّلل أش ْن تـ ْرفش شع شوي ْذ شكشر فِ شيها ْ
امست ي شسـبِ لشت ف شيها ِابلْ د ِو شوا ش َّ
ص ـار لِيش ْ ِاييشـهم ِِ ص ـالشةِ وإِيت ِاء َّ ِ عن ِذ ْك ِر َِّ
الايشكاة شخيشافو شن يشـ ْوًما تشـتشـ شقلَّ فيت الْقلوب شواألشبْ ش اَّلل شوإِقش ِام ال َّ ش ش شْ
اَّلل يـرزق من ي ش اء بِ ش ِْري ِحس ٍ يدهم ِمن فش ْ ِ ِ ِ
اب ﴾ [النور. ]38 - 36 : ش ضلت شو َّ ش ْ ش ْ ش شح شس شن شما شعملوا شويشِاي ش ْ ْ اَّلل أ ْ
َّ
- 2اَّس د رماي ل موليَّة ال الم
- 1حيث «أن ـ ـ ـ ـ ــئ ليكون متعبَّداً لصـ ـ ـ ـ ــالة اَّؤمن ،وذكرهم هلل تعاىل ،وتسـ ـ ـ ـ ــبيلهم لت،
كل مسل ٍم ،ويقيم فيت هللاالتت ،وعبادتت،
وتقديسهم َّإَيه حبمده ،وشكره عل نعمت عليهم ،يدخلت ُّ
حق حرمتت»(.)2 يضاره أحد ما دام حافظاً لقدا تتِ ،
ومؤدَيً َّ وح ُّ
- 2كما «أن ـ ـ ــئ اَّس ـ ـ ـ د ليكون ملتق ر ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم أبهللاـ ـ ــلابت،
والوافدين عليت طلباً للهداية ،ور بةً يف الميان بدعوتت وتصديق ر التت»(.)1
- 5وهو «قد أن ئ ليكون قلع ـةً حجتماي اااهدين إذا ا تنفروا ،تعقد في ــت ألوي ــة اجلهاد،
للتوجـ ــت إىل مواقع األحداث ،ويف ظلِهاالرآَيتُّ ،والدَّعوة إىل هللا ،وهفق فيـ ــت فوق ريوس القادة َّ
يقف جند هللا يف ن وة ترقُّ النَّصر ،أو ال َّهادة»(.)1
- 6وهو «قد أن ـ ـ ـ ـ ــئ لي د فيت ااتمع اَّس ـ ـ ـ ـ ــلم اجلديد ركناً يف زواَيه ،ليكون م ـ ـ ـ ـ ــف ً
نب هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم من عيادهتم ،والنَّظر يس ــت ــفي فيت جرح كتائ اجلهاد ليتمكن ُّ
ص ٍ تقديراً لفضلهم»(.)1 ٍ
يف أحوايم ،واح تطباب يم ،ومداواهتم يف ري م قَّة ،وح نش ش
« - 7وهو قد أن ئ ليكون مركاياً لربيد ال الم منت تصدر األخبار ،وي ْ شربد الربيد ،وتصدر
تلق ا نب ـاء ِ
السيا يَّـة لماً ،أو حرب ـاً ،وفيت تتلق وتقرأ ر ائل الب ائر ابلنَّصر، الر ائ ـل ،وفيت ت َّ
َّ
ور ائل طل اَّ ــدد ،وفي ــت ينع اَّست هدون يف معارك اجلهاد ليتأ َّ هبم اَّتأ ُّ ون ،وليتنافس
يف احقتداء هبم اَّتنافسون»(.)1
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ش ـ ــارك أهللا ـ ــلابت العمل ،والبناء ،فكان من احلقائق الثَّابتة َّ
أن الن َّ
كأأ و ٍ
احد منهم ،فكان مل احل ارة ،وينقل اللَّب عل هللا ـ ـ ـ ـ ــدره ،وكتفيت ،و فر األرض بيديت ِ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيِـد ٍ
ومقود ،أو ب ومريوس ،أو ب قــائـ ٍـد
ٍ يفرق ب ر ٍ
ئيس مثــال احلــاكم العــادل ،الَّـذأ ح ِ
فالكل ـ ـ ـوا ـ ــية أمام هللا ،ح فرق ب مس ـ ــل ٍم وآخر إح ابلتَّقو ،
ُّ ـود ،أو ب ٍ ،وفق ٍري ومس ـ ـ ٍ
شيء ،والفضل فيت يكون لصاح العطاء يف العمل كل ٍ ذلك هو ال الم عدالة ،ومساواة يف ِ
الر ول هللال هللا عليت و لم ك ريه من
العامة ،وهب ــذا الفضل ثواب من هللا ،و َّ
اجلماعي للمصللة َّ
ِ
()4
َّب هللال هللا عليت و لم يف عملية
فقد كانت م اركة الن ِ اَّسلم ،ح يطل إح ث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواب هللا
ض ـربة األوىليرأ فقا ،وليس ابل َّ ككل العمال الَّذين شــاركوا فيت ،وليس بِشقطْ ِع ال َّ ـريا احلر ِ البناء ِ
َّب هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت
ش اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلمون من الن ِ ِ
ابلفأس فقا بل اص بعملية البناء كاملةً ،وقد ده ش
ض ـري ر ــي هللا عنت ليلمل عن ر ــول هللا هللاــل هللا و ــلم وقد شعلشْتت ش شربة ،فتقدَّم أ ش ـيد بن ح ش
قر إىل
عليت و لم ،فقال َي ر ول هللا! أعطنيت! فقال «اذه فاحتمل ريه فَنَّك لست أبف ش
َّب هللاـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم هبذا الوافد اجلديد عل اَّدينة ،والَّذأ يكن من
اهتم الن ُّ
فقد َّ
اَّسلم األوائل ،ووظَّف خربتت يف خلا ِ
الط ،ويف َّقوة العمل ،وهو درس للمسلم يف الثَّناء
أحوجنشا إىل
عل الكفاءات ،واح ـ ـ ــتفادة منها ،وإرش ـ ـ ــاد نبوأ كر يف كيفيَّة التعامل معها ،وما ش
هذا الفهم العميق!(.)3
َّ
أن هللا ألول دو ٍلة إ ــالميَّة عاَّيَّ ٍة «هللا أكرب ،هللا أكرب» إ َّ،ا تع
ص ـالة شــعار َّ َّ
إن أذان ال َّ
أكرب من أولئك الطُّ اة ،وأكرب من هللاانعي العقبات ،وهو ال ال عل أمره.
«أش ـ ــهد أن ح إلت إح هللا» أأ ح حاكمية ،وح ـ ــيادة ،وح ـ ــلطة ،إح هلل ِ
رب العاَّ ،
احلكْم إِحَّ ََِّّللِ﴾ ،فمعىن ح إلت إح هللا ح حاكم ،وح آمر ،وح م ش ِري ،إح هللا.
﴿إِ ِن ْ
أن حممداً ر ــول هللا» أ ـ ـلشمت هللا تعاىل القيادة ،فليس ٍ
ألحد أن ينايعها منت ،فهو «أش ــهد َّ
ْ ش
ماض هبا إىل أن يكمل هللا دينت مبا ينايلت عل ر ولت من قرآن ،ومبا يلهمت َّإَيه من نَّة( ،)1ويعٍ
السمع والطَّاعة لت(.)2 الايعامة ِ
الدينيَّة والدُّنيويَّة ،و َّ احع ا لر ول هللا ِ
ابلر الة ،و َّ
حي علـ ـ ـ ـ الفال » أقبل َي أيها النسان لالنضواء حتت لواء هذه
الصالةَّ ..
« شح َّي علـ ـ ـ ـ َّ
الدولة الَّيت أخلص ـ ـ ــت هلل ،وجعلت من أهدافها َتت العالقة ب اَّس ـ ـ ــلم وخالقت ،وَتت العالقة
َّ
صـالة من ب
صـالة» وقد اختريت ال َّ ب اَّؤمن عل أ ـ ٍ
ـاس من القيم ال َّسـامية« .قد قامت ال َّ
الس ود ،والقيام
كالركوي ،و ُّ الدين كلِتَّ ،
وأل،ا مبا فيها من ال َّعائر ُّ
أل،ا عماد ِ
ـ ـ ـ ـ ــائر العبادات َّ
اخلض ــوي ،والتذلُّل ،واح ــتكانة ،فهي أعظم مظه ٍر َّظاهر «العبادة» مبعناها الوا ــع الَّيت تع
فكل طاع ـ ـ ـ ـ ٍـة هلل عل وج ـ ـ ـ ــت اخلضوي ،والتذلُّل عبادة ،فهي طاع ـ ـ ـ ــة
خضوي ليس بعده خضويُّ ،
العبد لسيِده ،فيقف ب يديـت قـد أ لم نفست طاعةً وتذلُّـالً.
( )1انظر قراءة يا يَّة للسرية النَّبويَّة َّ ،مد قلع ي ،ص .114
الر ول هللال هللا عليت و لممن التكوين إىل التمك ،لكامل المة الدَّقس ،ص .438 انظر دولة َّ
()2
509
ظل ٍ
دولة تقوم عليها ،وتقوم هبا ،ويا ،فقد كان ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالة ،وح إقامة يا كما ينب ي إح يف ِ قيام لل َّ
مكة قبل قيام دولتهم ،أما وقد قامت حتت حاية ـ ــيواَّس ـ ــلمون يصـ ـ ـلُّون ِخ ْفيشةً يف ِشـ ـ ـعاب َّ
األنصار ،فلي هروا ابألذان ،والقامة ،ولريكعوا ويس دوا هلل ر ِ
ب العاَّ .
ظل دو ٍلة
حق عبادتت ،إح يف ِ إن الواقع التَّارخيي خري شـ ـ ٍ
ـاهد عل َّ
أن هللا ح يـ ْعبشد يف األرض َّ َّ
َّ
قويٍَّة ،حتمي رعاَيها من أعداء ِ
الدين.
السابقة(.)1
تتكرر كلمات األذان «هللا أكرب ...هللا أكرب» للتأكيد عل اَّعاين َّ
مثَّ َّ
حباجة ما َّ ـ ـ ٍة لفهم األذان ،وإدراك معانيت ،والعمل عل تر تت تر ةً عمليَّةً لن اهد يف
إنَّنا ٍ
حض ِ
ندمر شـ ـ ــعارات الكفر ،ونرفع شـ ـ ــعارات الميان ،ونقيم دولة التَّوحيد ،الَّيت حق جهادهَّ ،
هللا َّ
حتكم ب ري هللا ،ومنه ت القو .
والتَّ ـ ـ ــييد أن تقام عمارة اَّس ـ ـ ـ د ابحل ارة ،اَّا ياييد يف َّقوة بنائت ،ومتانة ـ ـ ــقفت وأركانت.
شض أنواي ِ
الايينة. الايخرفة ما جاوز أهللال البناء من َّ
والنَّقش ،و َّ
عامةً بدليل ما فعلت عمر ،وعثمان ر ي هللا فأما الت ييد فقد أجازه ،وا تلسنت العلماء َّ َّ
ألن يف ذلك عنايةً ،واهتماماً ب ــعائر هللا عنهما من إعادة بناء مسـ ده هللاــل هللا عليت و ــلم َّ
س شعلش التَّـ ْق شو ِ ِ ِِ َّ
تعاىل ،وا ـ ــتدل العلماء عل ذلك بقولت تعاىل ﴿حش تشـق ْم فيت أشبش ًدا لش شم ْس ـ ـ د أ ـ ـ ش
َّلل ِ ُّ الْمطَّ ِه ِرين ﴾ [التوبة. ]108 : وم فِ ِيت فِ ِيت ِر شجال ِ بُّو شن أش ْن يشـتشطش َّهروا شوا َّ ِ ِ ٍ
ش شح ُّق أش ْن تشـق ش
م ْن أ َّشول يشـ ْوم أ ش
ومكرهٍ
حمرٍمِ ،
الايخرفـة فقـد أ ع العلمـاء عل كراهتهمـا ،مثَّ هم يف ذلـك ب ِ
وأ َّمـا النَّقش ،و َّ
أن الذين قالوا ابحلرمة ،والَّذين قالوا ابلكراهة اتَّفقوا عل أنَّت رم هللا ـ ـ ــر اَّال كراهةش تناييت ري َّ
الايخرفة ،والنَّقش( .)2وكان َّأوشل شم ْن زخر اَّس ـ ـ ــاجد
ـيء من َّ اَّوقو لعمارة اَّس ـ ـ ــاجد عل ش ـ ـ ـ ٍ
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)33/2
الصادق عرجون (.)39/3
َّمد َّ
حممد ر ول هللا هللال هللا عليت و لمَّ ،( )2انظر َّ
( )3انظر فقت ِ
السرية النَّبويَّة ،للبوطي ،ص .146
511
س عل التَّقو ؟ قال فأخذ ِ َّ ِ
أأ اَّس ـ دين الذأ أ ـ ش
بيت بعض نســائت ،فقلت َي ر ــول هللا! ُّ
ص ـباء ،فض ــرب بت األرض ،مثَّ قال «هو مس ـ دكم هذا» [مســلم ( )1398والرتمذي ()3099
كفاً من شح ْ ش
والنسائي ( )36/2وأمحد (َّ ])8/3س د اَّدينة.
َّبوأ هو الَّذأ أ ِ س أن اَّس د الن َّ وقد تكلَّم بعض العلماء ،يف األحاديث الَّيت أشارت إىل َّ
س شعلش التَّـ ْق شو ِم ْن ِ ِ ِِ َّ
عل التَّقو حب َّ ة أ،ا معار ة لقولت تعاىل ﴿حش تشـق ْم فيت أشبش ًدا لش شم ْس د أ ش
اَّلل ِ ُّ الْمطَّ ِه ِرين ﴾ [التوبة. ]108 :
َّ و ا
و رهَّ ط
ش ت
ش ـي ن
ْ ش
أ ن
ش و ب
ُّ أ َّشوِل يـوٍم أشح ُّق أش ْن تشـقوم فِ ِيت فِ ِيت ِرجال ِ
ش ش ش ش ش شْ ش
وقد اختلف العلماء يف اَّراد ابَّس ـ ـ ـ د الَّذأ أ ـ ـ ــس عل التَّقو يف ا ية ال َّس ـ ـ ـابقة ،فقال
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،وقال آخرون هو مسـ ـ ـ د قباء ،وقد ذكر
بعض ـ ــهم هو مس ـ ـ د الن ِ
صـواب، حممد بن جري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍر الطَّ ُّ
ربأ يف تفســريه ،مثَّ قال «وأوىل القول يف ذلك عندأ ابل َّ أقوايم َّ
ـلة اخلرب بذلك عن ر ــول هللا
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم لصـ َّ
قول شم ْن قال ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو مسـ د َّ
هللال هللا عليت و لم »(.)1
512
أحق هبذا اح م ،ومس د قباء كان ب نايول ا ية»(.)1
اَّدينة أكمل يف هذا النَّعت ،فهو ُّ
أبن اَّسـ د الَّذأ أ ِ ـس
أن ال ِسـَّر يف جوابت هللاــل هللا عليت و ــلم َّ
وذكر احلافم ابن ح ٍر َّ
عل التَّقو مس ده رفع توهم َّ
أن ذلك خاص مبس د قباء(.)2
الصالة يف اَّس د الن ِ
َّبوأ ب -فضل َّ
عن أيب هريرة ر ـ ـ ـ ــي هللا عنت قال قال ر ـ ـ ـ ـول هللا هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم «هللا ـ ـ ـ ـالة يف
ألف هللا ـ ـ ـ ــالةٍ فيما ـ ـ ـ ـ ـواه ،إح اَّسـ ـ ـ ـ ـ د احلرام» [البخاري ( )1190ومسـ ـ ــلم
مسـ ـ ـ ـ ـ دأ هذا ،خري من ِ
ش
( 506/1394و. ])507
***
( )1انظر الدارة ال الميَّة يف عصر عمر بن اخلطَّاب ،د .جمدحوأ ،ص 53 ، 52
( )2أأ ح ي كت مع شم ْن يؤذيت ،وح فيما يؤذيت بل ينصره ،ويدفع عنت.
( )3كربة أأ مة.
515
اخلاهللا ـ ـ ـ ـ ــة الَّيت شـ ـ ـ ـ ـ ـ ِرعت ،وترتبت عليه ـ ـ ـ ـ ــا حقوق،
َّأما مو وي هذا البلث ،فهو اَّؤاخاة َّ
العامـة ب اَّؤمن كافَّةً(.)1
أخص من احلقوق ،والواجبات َّ
وواجبـات ُّ
وقــد حتــدَّث بعض العلمــاء عن وجود مؤاخــاةٍ كــانــت يف م َّكـة ب اَّهــاجرين ،فقــد أش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار
مكة قبل اي رة عل ِ
احلق، َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم آخ ب اَّس ــلم يف َّ البالذرأ إىل َّ
أن الن َّ
واَّوا ـ ـ ــاة ،فآخ ب حاية ،وزيد بن حارثة ،وب أيب بك ٍر ،وعمر ،وب عثمان بن عفَّان وعبد
العوام ،وعبد هللا بن مس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ـعود ،وب عبيدة بن احلارثٍ ،
وبالل الايبري بن َّ
الرحن بن عو ،وب ُّ َّ
اجلرا ،و ـاٍ موىل احلب ِـي ،وب مصـع بن عم ٍري ،و ـعد ابن أيب وقَّ ٍ
اص ،وب أيب عبيدة بن َّ
علي بن
ِ أيب حذيفة ،وب ـ ـ ـ ـ ـ ــعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ،وطللة بن عبيد هللا ،وبينت وب
البالذرأ (ت 276ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ) أقدم من أشــار إىل اَّؤاخاة ِ
اَّكيَّة ،وقد اتبعت يف ُّ ُّ
د عـيو ()2
أيب طال
شْ شش
يصر ابلنَّقل عنت ،كما اتبعهما ابن يِد النَّاس دون
الرب (ت 463هـ ـ ـ ــ) دون أن ِ ذلك ابن عبد ِ
التَّصري ابلنَّقل عن أحدلا(.)3
وقد أخرً احلاكم يف اَّسـ ــتدرك ،من طريق يع بن عمري ،عن ابن عمر ر ـ ــي هللا عنهما
«آخ ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ب أيب بك ٍر ،وعمر ،وب طللة ،والايبري ،وب عبد
الايبري،
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ب ُّ الرحن بن عو ،وعثمان»( ،)4وعن ابن ٍ
عباس «آخ الن ُّ
ـعود» [احلاكم ( )5(])314/3وذه كل ِم ْن ابن القيِم ،وابن كثري إىل عدم وقوي اَّؤاخاة وابن مس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم -آخ ب اَّهاجرينمبكة ،فقال ابن القيِم «وقد قيل إنَّت -أأ الن َّ َّ
األول( )6فاَّهاجرون بعض ـ ـ ـ ـ ــهم مع بعض ،مؤاخا ًة اثنيةً ،و َّاهذ فيها علياً أخاً لنفس ـ ـ ـ ـ ــت ،والثَّابت َّ
أخوة الـ ـ ـ ـ ـ ــدَّار ،وقرابـ ـ ـ ـ ـ ــة النَّس عن عقـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد مؤاخـ ـ ـ ـ ـ ــاةٍ ،ال
أبخوة ال الم ،و َّ
َّ كانوا مست ن
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة الصليلة ،للعمرأ (.)240/1
( )2أنساب األشرا ،للبالذرأ ( ، )270/1وابن ه ام يف السرية النبوية ( 150/2ـ .)152
الصليلة (.)240/1 ( )3انظر ِ
السرية النَّبويَّة َّ
( )4اَّصدر السابق نفست (.)240/1
( )5فت البارأ (.)471/7
( )6يع اَّؤاخاة يف اَّدينة.
516
اَّهاجرين مع األنصار»(َّ ،)1أما ابن كث ٍري فقد ذكر َّ
أن من العلماء من ينكر هذه اَّؤاخاة للعلَّـة
نفسها ،الَّيت ذكرها ابن القيِم(.)2
فال شحيَّة إح لإل ــالم ،وتس ــقا بت فوارق النَّسـ ـ ،واللَّون ،والوطن ،فال َّ
يتأخر أحد ،أو يتقدَّم،
إح مبروءتت ،وتقواه.
أن أهل هذا ااتمع، خوة ب اَّهاجرين واألنصار هو َّ السب الَّذأ َّأد إىل تقوية هذه األ َّ
و َّ
اَّن التقوا عل دين هللا وحده ،ن َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـأهم دينهم الَّذأ اعتنقوه ،عل أن يقولوا ،ويفعلوا ،وعلَّمهم
العمل يعاً ،فهم أبعد ما يكونون عن ال ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـعارات الَّيت ح تت اوز أطرا األلس ـ ـ ـ ـ ــنة،
الميا شن ،و ش
518
- 5ومن يوق ش َّ نفست فأولئك هم اَّفللون(.)1
وهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــفات اَّدحة ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلبيَّة ح تذكر يف مقامها إح إذا كانت اكنة الوقوي ،فيكون نفيها
إن ااتمع اَّدينَّ الَّذأ أقامت ال ـالم كان جمتمعاً عقدَيً يرتبا ابل ــالم ،وح يعر اَّواحة
َّ
إح هلل ،ولر ـ ـ ـ ـ ـ ــولت ،وللمؤمن ،وهو أعل أنواي احرتباط ،وأرقاه إذ يتَّصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل بوحدة العقيدة،
آابءشك ْم شوإِ ْخ شوانشك ْم أ ْشولِيشاءش إِ ِن ا ْ ـتش شلبُّوا الْك ْفشر شعلش ِ َّ ِ
﴿َيأشيـُّ شها الذ ش
ين آمنوا حش تشـتَّهذوا ش قال تعاىل ش
ن ﴾ [التوبة. ]23 : ك هم الظَّالِمو شان شوشم ْن يشـتشـ شوَّي ْم ِمْنك ْم فشأولشئِ ش
ا ِلميش ِ
َّهذوا شعد ِوأ شو شعد َّوك ْم أ ْشولِيشاءش تـ ْلقو شن إِلشْي ِه ْم ِابلْ شم شوَّدةِ شوقش ْد وقال تعاىل ﴿َيأشيـُّها الَّ ِذين آمنوا حش تشـت ِ
ش ش ش
ول شوإِ ََّيك ْم أش ْن تـ ْؤِمنوا ِاب ََّّللِ شربِك ْم إِ ْن كْنـت ْم شخشر ْجت ْم ِج شه ًادا الر ـ ـ ـ ـ شاحلشِق خيْ ِرجو شن َّ شك شفروا ِمبشا شجاءشك ْم ِم شن ْ
ِ ِ ِ ِ ِ
ِيف ش ـ ـ ـ ـ ـبِيلي شوابْت شاءش شم ْر ش ـ ـ ـ ـ ـ ِال تسـ ـ ـ ـ ـُّرو شن إِلشْي ِه ْم ِابلْ شم شوَّدة شوأ ششان أ ْشعلشم مبشا أ ْ
شخ شفْيـت ْم شوشما أ ْشعلشْنـت ْم شوشم ْن يشـ ْف شع ْلت
ِمْنك ْم فشـ شق ْد ش ـ ـ ـ ـ َّل ش ـ ـ ـ ـ شواءش ال َّس ـ ـ ـ ـبِ ِيل إِ ْن يشـثْـ شقفوك ْم يشكونوا لشك ْم أ ْشع شداءً شويشـْبس ـ ـ ـ ـطوا إِلشْيك ْم أشيْ ِديشـه ْم
وء ووُّدوا لشو تشكْفرو شن لشن تشـْنـ شفعكم أشرحامكم وحش أشوحشدكم يـوم الْ ِقيام ِة يـ ْف ِ ِ ِ ِ
ص ـ ـل ْ ش ْ ْ ش ْ ش ْ ْ شْ ش ش ش ش شوأشلْس ـ ـنشـتشـه ْم ابل ُّس ـ ـ ش ش ْ
صري ﴾ [املمتحنة. ]3 - 1 : اَّلل ِمبشا تشـعملو شن ب ِ بشـْيـنشك ْم شو َّ
ْش ش
ألن من أبرز هللاـ ـ ـفاهتم وقد ،هللا -ـ ــبلانت -اَّؤمن عن اهاذ اَّنافق أولياء وذلك َّ
ين َّ ِ ِ مواحة الكفار ،وكراهية دين هللا .قال تعاىل ﴿بش ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِر الْمنشافِ ِق ش ِأب َّ
يما الذ ش شن شي ْم شع شذ ًااب أشل ً
يـتَّ ِه ـ ـذو شن الْ شك ـ ـافِ ِرين أشولِي ـ ـاء ِمن د ِ
ون الْم ْؤِمنِ ش أشيشـْبـتشـ و شن ِعْن ـ ـ شدهم الْعَِّايةش فش ـ ـَِ َّن الْعَِّايةش ََِّّللِ شِ ي ًع ـ ـا ﴾ ش ش ش ْ ش
[املنافقني. ]139 - 138 :
﴿َيأشيـُّ شها
اَّدين ،ومنها قولت تعاىل ش هللا ــور هذه اَّفاهللا ــلة يف القرآن ِ وقد جاءت آَيت تو ِ ـ
وا ْ ل ْم علشي ِهم ومأْواهم جهنَّم وبِْئس الْم ِ
صري ﴾ [التوبة. ]73 : ِِ النِ ِ ِ
ش ْ ْ شش ش ْ ش ش ش ش ش ش َّار شوالْمنشافق ش
َّب شجاهد الْكف ش
ُّ
﴿وحشص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالة عليهم ،أو القيام عل قبورهم .قال تعاىل ش عاي وجل -عن ال َّ و ،اَّوىل َّ -
ات أشبش ًدا شوحش تشـق ْم شعلش قشِْربهِ إِ َّْ ،م شك شفروا ِاب ََّّللِ شوشر ـ ـولِِت شوشماتوا شوه ْم فشا ِ ـ ـقو شن تص ـ ـ ِل علش أ ٍ ِ
شحد مْنـه ْم شم ش
ش ش ش
[التوبة. ]84 : ﴾
عاي وجل -لِلَّذين آمنوا جهة الوحء الوحيدة ،الَّيت تتَّفق مع هللاـ ـ ـ ـ ـ ــفة الميان، وحدَّد اَّوىل َّ -
ين ي ِقيمو شن ال َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـالششة َّ ِ
ين آمنوا الذ ش
َّ ِ وب َّ يم من يتولَّون .قال تعاىل ﴿إَِّجشا شولِيُّكم َّ
اَّلل شوشر ـ ـ ـ ـ ـولت شوالذ ش
اَّللِ هم الْ شالِبو شن﴾ ب َّ ِ
ين آمنوا فشَِ َّن ح ْاي ش
َّ ِ
اَّللش شوشر ولشت شوالذ شالايشكاةش شوه ْم شراكِعو شن شوشم ْن يشـتشـ شوَّل َّ
شويـ ْؤتو شن َّ
إن التَّـ ـ ــآخي الَّذأ ذَّ ب اَّهاجرين ،واألنصار كان مسبوقاً بعقيدةٍ ذَّ اللِقاء عليها ،والميان َّ
ووْهم، ٍ ٍ ٍ ِ
هبا فالتآخي ب ش ـ ـ ـ ــهصـ ـ ـ ـ ـ يـ ْؤمن كل منهما بفكرة ،أو عقيدة ملالفة ل خر خرافة ،ش
خص ـ ـ ـوهللا ـ ـ ـاً إذا كانت تلك الفكرة ،أو العقيدة ،اَّا شْحت ِمل هللا ـ ــاحبها عل ـ ـ ٍ
ـلوك مع َّ ٍ يف احلياة
العمليَّة ،ولذلك كانت العقيدة ال ــالميَّة الَّيت جاء هبا ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم من عند
ألن تلك العقيدة تض ـ ـ ـ ـ ـ ــع الناس كلَّهم يف
الفقرأ للمؤاخاة اليت حدثت َّ
َّ هللا تعاىل هي العمود
ص ـ ـ ـاأ إذ
فارق ،إح فارق التَّقو ،والعمل ال َّ مص ـ ــا ِ العبودية اخلالص ـ ــة هلل ،دون احعتبار ِ
ألأ ٍ
ٍ
أانس شش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتَّـتشـْتـهم العقائد ،واألفكار ليس من اَّتوقَّع أن يس ـ ـ ـ ـ ـ ــود الخاء ،والتَّعاون ،واليثار ب
اَّهتلفة ،فأهللاب كل منهم ملكاً ألاننيتت ،وأثرتت ،وأهوائت(.)1
يف، وقال «قال هللا تبارك وتعاىل حقَّت حمبَّيت للمتلابِ َّ
يف ،وحقَّت حمبَّيت للمتواهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل َّ
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم بكان للمؤاخاة أثر يف اَّناهللا ـ ــلة ب اَّس ـ ــلم ،فقد آخ الن ُّ
ــلمان ،وأيب الدَّرداء ،فايار ــلمان أاب الدَّرداء ،فرأ َّأم الدرداء ،متشـب ِذلشةً ،فقال يا ما ش ــأن ِ
ك؟ ش
قالت أخوك أبو الدَّرداء ،ليس لت حاجة يف الدُّنيا .ف اء أبو الدَّرداء فص ـ ـ ـ ـ ـ ــنع لت طعاماً ،فقال
حض أتكل .قال فأكل ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما كان اللَّيل ذه أبو لت كلِ ،
فَين هللا ــائم ،قال ما أان ٍ
ابكل َّ ْ
الدَّرداء يقوم ،قال شْمن ،فنام ،مثَّ ذه يقوم ،فقال شْمن .فلـ ـ ـ ـ ـ َّـما كان آخر اللَّيل ،قال لمان قم
إن لربِك عليك حقاً ،ولنفس ـ ـ ــك عليك حقاً ،وألهلك عليك
ص ـ ـ ـلَّيا .فقال لت ـ ـ ــلمان َّ
ا ن ،ف ش
َّب
النب هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم فذكر ذلك لت ،فقال لت الن ُّ
َّ حق حقَّت .فأت كل ذأ ٍ
حقاً ،فأعا َّ
ق لمان» [البخاري ( 1968و )6139والرتمذي (. ])2413 هللا شد ش
هللال هللا عليت و لم « ش
- 4ح ما أثنيتم عليهم ،ودعوذ هللا يم
كان األنص ـ ـ ــار قد وا ـ ـ ـ ـوا إخوا،م اَّهاجرين أبنفس ـ ـ ــهم ،وزادوا عل ذلك أبن اثروهم عل
وقوة إميا،م ،فقد رويت جاذً عالية من
أنفسـ ــهم ري الدُّنيا ،وهذا شـ ــاهد عل هللاـ ــدق حمبَّتهمَّ ،
528
مواقف األنصــار ،الَّيت كان يا أثر عميق يف نفوس اَّهاجرين ،فعن أيب هريرة ر ــي هللا عنت قال
َّهيل .قال ح .فقالوا تكفوننا اَّؤونة، « قالت األنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار للن ِ ِ
َّب اقْس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْم بيننا وب إخواننا الن ش
ككم يف الثَّمرة .قالوا مسعنا ،وأطعنا» [البخاري (])2325 ون ر
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ،أن َّ
يتوىل قســمة فهذا احلديث يفيد َّ
أن األنصــار عر ـوا عل الن ِ
َّب هللا ـ ـ ـ ـ ــل
أموايم بينهم ،وب إخوا،م اَّهاجرين ،وقد كانت أموايم هي النَّهيل ،فأىب عليهم الن ُّ
هللا عليت و ـ ــلم ،وأراد أمراً تكون فيت اَّوا ـ ــاة من ري إجلا ٍ ابألنص ـ ــار بايوال ملكية أموايم
عنهم ،فقــال األنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار للمهــاجرين تكفوننــا اَّؤونــة -أأ العمــل يف النَّهيــل من ـ ـ ـ ـ ـ ــقيهــا،
وإهللاالحها -ون رككم يف الثَّمرة ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما قالوا ذلك رأ ر ول هللا هللال هللا عليت و لم َّ
أن
هذا الرأأ ــمن ـ ِـد حاجة اَّهاجرين ،مع الرفاق ابألنصــارَّ ،
فأقرهم عل ذلك فقالوا يعاً
مسعنا ،وأطعنا(.)1
ِ
األخروأ بيان لعمق تصـ ـ ـ ُّـورهم لللياة ا خرة ،وهيمنة هذا ويف إشـ ـ ــارة اَّهاجرين إىل األجر
التَّصور عل تفكريهم(.)3
َّب هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم أن يكافئ األنص ـ ـ ــار عل تلك اَّكارم العظيمة ،الَّيت
وقد أراد الن ُّ
529
َّب هللا ــل هللا عليت قدَّموها لخوا،م اَّهاجرين ،فعن أنس بن ٍ
مالك ر ــي هللا عنت قال «دعا الن ُّ
و لم األنصار إىل أن يـ ْق ِط شع يم البلرين ،فقالوا ح ،إح أن تـ ْق ِطع لخواننا من اَّهاجرين مثلشها.
[البخاري (. ])3794 حض ت ْل شقوين فَنَّت يصيبكم بعدأ أشثـششرة»
قال َّإما ح فاهللاربوا َّ
َّقت هذه اَّؤاخاة أهدافها ،فمنها إذهاب وح ـ ـ ـ ـ ــة ال ربة للمهاجرين ،ومؤانس ـ ـ ـ ـ ــتهم
لقد حق ْ
أأ دو ٍلة الدولة اجلديدة َّ
ألن َّ وشد أزر بعضهم بعضاً ،ومنها ،وض َّ عن مفارقة األهل والع ريةِ ،
ابلايراعة ،مسـ ـ ــتعذب متاع العمل عل أن يكونوا عالةً من اشـ ـ ــت ل ابلتِ ارة ،ومنهم من عمل ِ
ٍ
أحد ،بل تطل عاية الميان ح تر ـ ـ ـ ـ لص ـ ـ ــاحبها أن يكون عالةً عل عل إخوا،م ذلك َّ
ألن َّ
منــت أن يعطي أكثر اـَّا رخــذ ،فــاليــد العليــا خري ،وأحـ ُّ إىل هللا من اليــد ال ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفل ،وقــد فهم
أن العمل عبادة ،وهي منايلة تصــل إليها النُّظم اَّعاهللاــرة، ص ـلابة الكرام من تعاليم ال ــالم َّ ال َّ
المي
اَّاديَّة واَّعنويَّة ،ويف وء هذا اَّفهوم ال ِ الَّيت قصرت فائدهتا عل ِد حاجات النسان ِ
ِ
البهارأ (فت البارأ .)249/8 ( )1هذه اجلملة من رواية الطَّربأ بنفس إ ناد
( )2انظر اي رة يف القران الكر ،ص .411
532
إن القضاء عل الفوارق القليميَّة ،والقبليَّة ،ليس ابألمر ايِ يف ااتمعات اجلاهليَّة حيث
َّ
ٍ
منطلقة العصـبية هي ِ
الدين عندهم ،وعملية اَّؤاخاة هتد إىل إذابة هذه الفوارق بصـورةٍ واقعيَّ ٍة،
من قل البيئة اجلاهليَّة.
إن اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم اليوم يف أشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد احلاجة إىل مثل هذه اَّؤاخاة الَّيت حدثت ب اَّهاجرين،
َّ
واألنص ـ ـ ـ ـ ــار ألنَّت يس ـ ـ ـ ـ ــتليل أن ت ْس ـ ـ ـ ـ ـتشأْنف حياة إ ـ ـ ـ ـ ــالميَّة عايياية قويَّة إذا تتهلَّق ااتمعات
الرفيع ،وإىل هذه التَّضـليات ِ
المياين َّ ال ـالميَّة هبذه األخالق الكرمية ،وترتقي إىل هذا اَّسـتو
الايائفة من األخوة (ابللِسان) فال ددأ فتيالً.
الكبرية ،و َّأما اَّظاهر َّ
هللا ـةً إذا إن الفرد اَّســلم ح ي ــعر َّ
أن لت إخوةً بُّهم ،و بُّونت ،وينصــرهم ،وينصــرونت ،خا َّ َّ
فَن هذا اَّا يرفع من روحت اَّعنويَّة بل تَّ ،تفاقمت األزمات ،و ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاقت عليت األرض مبا شرحشب ْ
ويرفع قدراتت َّ
الذاتية ،وجيعلت أقو مض ـ ـ ـ ـ ــاءً ،وعايميةًَّ ،
وإن فقدان مثل هذه اَّؤاخاة ،اَّا يض ـ ـ ـ ـ ــعف
كل حق ٍد، ـالمي ،وجيعل الفرد اَّســلم ي ــعر أحياانً أنَّت وحيد أمام أعداء يكنُّون لت َّ ـف ال ـ َّ الصـ َّ
الض وط النَّفسيَّة و ِ
اَّاديَّة؟!(.)2 كل هذه ُّكل جان ٍ ،فكيف يستطيع حل ِ و يطون بت من ِ
وقد حفم لنا التَّاري جهاد ااتمع اَّس ــلم مع أعدائت ،بعد حتقيق وحدتت احجتماعيَّة ،وهو
الرَّابنيَّة،
العمل عل تربية األفراد تربيةً رابنيَّةً ،وإعداد القيادة َّ
إن من أ باب التَّمك اَّعنويَّة ش َّ
وحماربة أ باب الفرقة ،واألخذ أبهللاول الوحدة ،و ِ
اححتاد(.)2 ْ
ِ
احلق، اححتاد وحدة العقيدة ،وهللا ــدق ا نتماء إىل ال ــالم ،وطل وأهم أهللا ــول الوحدة ،و ِ
ُّ
األخوة ب أفراد اَّسلم .
والتَّلرأ يف ذلك ،وحتقيق َّ
وقوة التَّالحم ،ومتانة التَّما ـ ـ ــك ب
صـ ـ ـ ـفَّ ، إن من األهللا ـ ـ ــول العظيمة اليت ِ
حتقق وحدة ال َّ َّ
األخوة يف أو اطهم.
أفراد اَّسلم حتقيق َّ
وجل -يعطيها هللا للمهلص ـ ـ ـ ـ ـ ـ من عباده ،واألهللاـ ـ ـ ـ ـ ــفياء، عاي َّ خوة منلة من هللا َّ - َّ
إن األ َّ
ك ا ََّّلل ه شو الَّ ِذأ وك فشَِ َّن شح ْسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبش ش
﴿وإِ ْن ي ِريدوا أش ْن شخيْ شدع ش
واألتقياء من أوليائت ،وجنده .قال تعاىل ش
أشيَّ شد شك بِنشص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِرهِ وِابلْم ْؤِمنِ وأشلَّف ب قـلوهبِِم لشو أشنْـ شف ْقت ما ِيف األشر ِ ِ
ت بشْ ش ض ش ًيعا شما أشلَّْف ش ْ ش ش ْ ْ ش ش شْ ش ش ش ْ
كيم﴾ [اآلنفال.]63 - 62 : اَّلل أشلَّف بـيـنشـهم إِنَّت ع ِايياي ح ِ ِِ ِ
قـلوهب ْم شولشك َّن َّش ش شْ ْ ش ش
ٍ
متبادلة مع وود ،واح ٍامٍ ،
وثقة ـادقة ،وحمبَّ ٍة ٍ
بعاطفة هللاـ ـ ٍ
ٍ وهي َّقوة إميانيَّة ،تورث شـ ــعوراً عميقاً
ِ
كل شم ْن تربطنا هبم عقيدة التَّوحيد ،ومنهت ال ـ ـ ــالم اخلالد ،يتبعها ،ويس ـ ـ ــتلايمها تعاون ،وإيثار،
ورحة ،وعفو ،وتســام ،وتكافل ،واتزر ،وهي مالزمة لإلميان .قال تعاىل ﴿إَِّجشا الْم ْؤِمنو شن إِ ْخ شوة
إن القرآن الكر ير ــم لنا هللا ــورًة يلةً ألهللا ــلاب ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم .قال َّ
ين شم شعت أ ِششدَّاء شعلش الْكفَّا ِر ر شحشاء بشـْيـنشـه ْم تشرآه ْم رَّك ًعا َّ ًدا يشـْبـتشـ و شن ﴿حم َّمد َّر ول َِّ َّ ِ
اَّلل شوالذ ش تعاىل ُّش
ك شمثشـله ْم ِيف التـ َّْوشراةِ شوشمثشـله ْم ِيف ِ ِ ِ ضـ ـالً ِمن َِّ ِ
يماه ْم ِيف وجوه ِه ْم ِم ْن أشثشِر ال ُّسـ ـ ود شذل ش ِ
اَّلل شور ْ ـ ـ شواانً ـ ـ ش فش ْ ش
الايَّراي لِي ِي ش ِِ م فشا ـتـو علش ـوقِ ِت يـع ِ ِ
َّار
م هبم الْكف ش ُّ ش ش ْ آزشره فشا ْ ـتشـ ْلش ش ْ ش ش ش شخشر شً شش ـطْأشه فش ش ا ُ ِيل شكشايْرٍي أ ْ
ظيما ﴾ [الفتح. ]29 : ِ ِ اَّلل الَّ ِذين آمنوا وع ِملوا َّ ِ ِ ِ
شجًرا شع ً الصاحلشات مْنـه ْم شم ْفشرةً شوأ ْ شش شو شع شد َّ ش
وجل -عاي َّصـ ـ ـ ـ ـورة َّإجا خيربان بتكر هللا َّ - إن القرآن الكر ح و ـ ـ ـ ــع ب دفتيت هذه ال ُّ َّ
فشـه ْم أش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدَّاء عل الكفـَّار ولو كـان فيهم ﴿أش ِش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدَّاء شعلش الْكفـَّا ِر ر شحشـاء بشـْيـنشـه ْم﴾ ،والقرابـة،
األخوة يف هللا من أهم األ باب الدين .إن َّ أخوة يف ِ األخوة يف ِ
احلق َّ واألبناء ،رحاء بينهم ،وهذه َّ
الصمود يف وجت أعض اَّن الَّيت تنايل ابَّسلم ،كما َّ
أن الفهم اَّتبادل ،والكامل اليت تعمل عل ُّ
وقوهتم ،ومن أ ــباب طوخهم ،والتَّمك
خوة يف هللا من أ ــباب َتا ــك هللاــفو اَّســلم َّ ،
ل َّ
يم(.)1
تســميتهم ابألنصــار مسَّاهم هللا ،ور ـولت هللاــل هللا عليت و ــلم هبذا اح ــم ح ابيعوا عل
ال ــالم ،وقاموا نيواء اَّؤمن ،ونص ــرة دين هللا ،ور ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ،و يكونوا
معروف بذلك ِم ْن قبل( ،)2فعن شْيالن بن جرير -رحت هللا! -قال قلت ٍ
ألنس ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا
َّب هللال هللا أنس ر ي هللا عنت قال رأ الن َُّّب هللال هللا عليت و لم ل نصار عن ٍ ح ُّ الن ِ
َّب هللا ــل ِ ِ ِ ِ
عليت و ــلم النس ــاءش ،والصـ ـبيان مقبل -قال شحسـ ـْبت أنَّت قال م ْن عرس -فقام الن ُّ
إس» قايا ثالث ِمرا ٍر [البخاري ()3785 هم أنتم ِم ْن أح ِ النَّاس َّ
هللا عليت و ـ ـ ــلم اْتشناً ،فقال «اللَّ َّ
()1
الرباء بن ٍ
عازب ر ـ ــي هللا عنت ِ
ح ُّ األنص ـ ــار عالمة الميان ،وب ض ـ ــهم عالمة النفاق عن شش
قال مسعت ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم يقول «األنصــار ح بُّهم إح مؤمن ،وح يـْب ِض ـهم
إح منافق ،فشمن أحبَّهم أحبَّت هللا ،ومن أب ضهم أب ضت هللا» [البخاري ( )3783ومسلم (. ])75
شْ شْ
ِ
متفضالً عليهم بذلك. ( )1اْتشناً يع
536
شم ْن أحبَّهم فاز حب ِ هللا َّإَيه ،ومن أب ضــهم شــقي بب ض هللا َّإَيه ،فعن أيب هريرة ر ــي هللا
أح َّ األنصـ ـ ــار أحبَّت هللا ،ومن أب ض
عنت قال قال ر ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم «من ش
األنصار أب ضت هللا» [أمحد ( 501/2و )527وأبو يعلى ( )7367والبزار ( 2792و )2793وجممع الزوائد (. ])39/10
صـ ـرب ش ــيمتان كرميتان ،تدحَّن عل أهللا ــالة معدن صـ ـرب العفة وال َّ
ال َّ ـ ـهادة يم ابلعفا ،وال َّ
َّب هللاـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ِ
اَّتهلق هبما ،وَتام مروءتت ،وكمال رجولتت ،وفتوتت ،وقد شـ ـ ـ ـ ـ ــهد الن ُّ
ـاهد!( ،)1فعن عائ ـة ر ـي هللا عنها ل نصـار هبما ،وما أعظمها من شـهادةٍ! وما أعظمت من ش ٍ
قالت قال ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم «ما يض ـ ُّـر امرأةً نايلت ب بيت من األنص ــار ،أو
[أمحد ( )257/6وابن حبان ( )7267واحلاكم ( )83/4والبزار ( )2806وجممع الزوائد (. ])40/10 نايلت ب أبويها»
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يف ا نتس ـ ــاب إليهم لوح اي رة عن أيب هريرة ر ـ ــي هللا
ر بة الن ِ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم قال «لو َّ
أن األنصــار ــلكوا وادَيً ،أو شــعباً ،لســلكت يف عنت ،عن الن ِ
[البخاري ( 3779و )7344وأمحد ( )410/2والنســائي يف وادأ األنصــار ،ولوح اي رة لكنت امرأً من األنصــار»
السنن الكرب (. ])8261
ـك َّ
أن َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم ابَّ فرة يم ،وألبنائهم ،وألزواجهم ،ولذراريهم حش ـ َّ
دعاء الن ِ
لبهارأ
ُّ الر ول هللال هللا عليت و لم مست اب ،وقد فاز األنصار هبذا الفضل ،فقد رو ا دعاء َّ
عن عبد هللا بن الفض ـ ـ ـ ـ ــل أنَّت مسع أنس بن ٍ
مالك يقول « شح ِاينْت عل من أهللا ـ ـ ـ ـ ــي ش ابحلشَّرةِ(،)2
إس زيد بن أرقم -وبشـلش شت ِشـ ـدَّة حايين -يذكر أنَّت مسع ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم فكت َّ
ـك ابن الفضــل يف أبناء أبناء األنصـار(،)3
يقول «الله َّم ا فر ل نصــار! وألبناء األنصــار» .وشـ َّ
فســأل أنسـاً بعض شم ْن كان عنده ،فقال هو الذأ يقول ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،هذا
جيش كثري ،فهايمهم ،وا تباحوا اَّدينة ،وقتِ شل من األنصار شيء كثري ،وكان أنس يومئذ ابلبصرة ،فبل ت ذلك ،
اَّرأ يف ٍ معاوية مسلم بن عقبة ِ
ش
يومئذ ابلكوفة ـ يسلِيت َّ ،
وحمصل ذلك َّ
أن الذأ يصري إىل م فرة هللا ،ح ي ُّ
تد فلاين عل من أهللاي من األنصار ،فكت إليت زيد بن أرقم ـ وكان ٍ
احلاين عليت ،فكان ذلك تعاييةً ألنس فيهم.
الصلابة ر ي هللا عنهم ،ابب من فضائل األنصار ر ي هللا عنهم ،رقم (.)2507 ، 2506 ( )3هذه الايَيدة اثبتة عند مسل ٍم ،يف كتاب فضائل َّ
537
[البخاري ( )4906ومسلم (. ])2506 الَّذأ أو هللا لت أبذنِِت(»)1
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ابلحســان إليهم ،وعدم إفاياعهم كان جهاد األنص ـار يف
وهللاــية الن ِ
الدين عظيماً ،وكان فضلهم يف ن ره ،و ِ
الدفاي عنت بلي اً إذ مينعهم من اخلفَّة إىل اخلروً بيل ِ
وعن أيب قتادة ر ـ ـ ـ ــي هللا عنت قال مسعت ر ـ ـ ـ ــول هللاِ هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم يقول عل اَّنرب
وم ْن أفايعهم
ل نصــار «....فمن وس األنصــار فليلســن إىل حمســنهم ،وليت اوز عن مسـيئهم ،ش
فقد أفايي هذا الَّذأ ب هات ،وأشار إىل نشـ ْف ِست هللال هللا عليت و لم »(.)6
الذال ،وجيوز فتلهما ،أأ أظهر هللادقت فيما أعلم بت. بضم ايماية و َّ
( )1أو هللا لت أبذنت أأ بسمعت ،وهو ِ
( )2انظر اي رة النَّبويَّة اَّباركة ،ص .150
وخاهللايت ،يريد َّأ،م مو ع ِره ،وأمانتت.
َّ ( )3كرشي ،وعيبيت أأ بطانيت ،
أن األنصار يقلُّون ،وفيت إشارة إىل دخول قبائل العرب والع م يف ال الم ،وهم أ عا أ عا قبيلة األنصار ،فمهما فرض ( )4قال ابن ح ر «أأ َّ
كل طائفة من أولئك ،فهم أبداً ابلنِسبة إىل ريهم قليل .و تمل أن يكون هللال هللا عليت و لماطَّلع عل يف األنصار من الكثرة كالتنا ل فرض يف ِ
علي بن أيب طال ٍ اَّن يتلقَّق نسبت إليت أ عا من يوجد من قبيليت ذرية ِألن اَّوجودين احن من ِ َّأ،م يقلُّون مطلقاً ،فأخرب بذلك ،فكان كما أخرب َّ
برهان» فت البارأ ،شر حديث رقم (.)3801 األوس واخلايرً اَّن يتلقق نسبت ،وقس عل ذلك ،وح التفات إىل كثرة من يدَّعي أنَّت منهم ب ري ٍ
شْ
َّب هللال هللا عليت و لم ،وينصروه عل َّ
أن يم اجلنَّة ،فوفوا َّ ن ال ا
و يؤو أن عل ( )5قضوا الَّذأ عليهم ي ري إىل ما وقع يم ليلة العقبة من اَّبايعة ،فَ،م ابيعوا
ِ
البهارأ ،رقم (.)3799 بذلك .فت البارأ ،شر حديث رقم ( ، )3799وهذا احلديث موجود بنلوه يف
البهارأ ،كتاب مناق األنصار حديث رقم ( )3948 ، 3776ومسلم ِ ( )6انظر اي رة النَّبويَّة اَّباركة ،ص 151ومن أراد اَّاييد فلريجع إىل هللالي
538
املبحث الثَّالث
الصحيفة
الوثيقة أو َّ
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم العالقات ب ـ ــكان اَّدينة ،وكت يف ذلك كتاابً أوردتت نظَّم الن ُّ
صـليفة تو ــي التايامات يع األطرا داخل اَّصــادر التَّارخيية ،وا ــتهد هذا الكتاب ،أو ال َّ
اَّدينة ،وحتديد احلقوق ،والواجبات ،وقد ِمسيت يف اَّص ـ ـ ـ ـ ـ ــادر القدمية ابلكتاب ،وال َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـليفة،
وأطلقت األحباث احلديثة عليها لفظة ُّ
(الد تور).
صـليلة» لدرا ــة طرق الدكتور أكرم ــياء العمرأ يف كتابت «ال ِسـرية النَّبويَّة ال َّ تعرض ُّ
ولقد َّ
أن أ ـ ـ ــلوب صـ ـ ـ ـليلة»( ،)1وب َّ َّ ورود الوثيقة ،وقال «ترق مب موعها إىل مرتبة األحاديث ال َّ
الر ول كلمات ،وتعابري كانت مألوفةً يف عصر َّ ٍ مكونة من
ينم عن أهللاالتها «فنصوهللاها َّ الوثيقة ُّ
اَّتعمق يف حض أهللا ــبلت م لقةً عل ري ِ هللا ــل هللا عليت و ــلم ،مث قش َّل ا ــتعمايا فيما بعدَّ ،
هص
درا ـ ـ ـ ـ ــة تلك الف ة .وليس يف هذه الوثيقة نص ـ ـ ـ ـ ــوص َتد ،أو تقد فرداً ،أو اعةً ،أو ُّ
مايورةٍ»( ،)2مثَّ َّ
إن التَّ ـ ـ ــابت الذِم لذلك ميكن القول َّ
أب،ا وثيقة أهللا ـ ـ ــلية ،و ري َّ أحداً ابلطراء ،أو َّ
َّب هللال هللا عليت و لم يعطيها توثيقاً آخر. الكبري ب أ لوب الوثيقة ،وأ الي كت ِ الن ِ
أوالً :كتابه صلى هللا عليه وسلم بني املواجرين واألنصار واليوود:
()3
نص الوثيقة
ُّ
َّب «ر ـ ــول هللا» ب اَّؤمن ،واَّس ـ ــلم من قر ٍ
يش« ،وأهل حممد الن ِ
- 1هذا كتاب من َّ
يثرب» ،شوشم ْن تبعهم ،فللق هبم ،وجاهد معهم.
َّ - 2إ،م َّأمة واحدة من دون النَّاس.
الصلابة ر ي هللا عنهم ،حديث رقم (.)2513 ، 2505 ،كتاب فضائل َّ
الصليلة ،للعمرأ .)275/1( ، ( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة َّ
الر ول هللال هللا عليت و لمالدارية يف اَّدينة ،لصاأ العلي ،ص 4ـ .5 تنظيمات َّ
()2
السيا يةَّ َّ ،مد حيد هللا ،ص 41ـ ، 47وابن ه ام ( 147/2ـ .)150 ( )3جمموعة الواثئق ِ
539
يش عل ِربْعتهم( ،)1يتعاقلون بينهم ،وهم يشـ ْفدون عانِيشهم( )2ابَّعرو
- 3اَّهاجرون من قر ٍ
والقسا ب اَّؤمن .
- 4وبنو شع ْو عل ِربْعتهم ،يتع ــاقلون مع ــاقلهم()3األوىل ،وك ـ ُّـل ط ــائف ـ ٍـة تشـ ْفـ ـدأ ع ــانِيشه ــا
ابَّعرو والقسا ب اَّؤمن .
كل ٍ
طائفة تشـ ْفدأ - 5وبنو احلارث «بنو اخلايرً» عل ِربْعتهم ،يتعاقلون معاقلهم األوىل ،و ُّ
عانِيشها ابَّعرو والقسا ب اَّؤمن .
- 6وبنو ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعــدة عل ِربْعتهم ،يتعــاقلون معــاقلهم األوىل ،وكـ ُّـل طــائفـ ٍـة تشـ ْف ـدأ عــانيهــا
ابَّعرو والقسا ب اَّؤمن .
كل ٍ
طائفة تشـ ْفدأ عانيها ابَّعرو - 7وبنو ج ش م عل ِربْعتهم ،يتعاقلون معاقلهم األوىل ،و ُّ
والقسا ب اَّؤمن .
- 8وبنو النَّ ــار عل ِربْعتهم ،يتع ــاقلون مع ــاقلهم األوىل ،وك ـ ُّـل ط ــائف ـ ٍـة تشـ ْفـ ـدأ ع ــانيه ــا
ابَّعرو والقسا ب اَّؤمن .
- 9وبنو عمرو بن عو عل ِربْعتهم ،يتع ــاقلون مع ــاقلهم األوىل ،وك ـ ُّـل ط ــائف ـ ٍـة تشـ ْف ـدأ
عانيها ابَّعرو والقسا ب اَّؤمن .
- 10وبنو النَّبيــت عل ِربْعتهم ،يتعــاقلون معــاقلهم األوىل ،وكـ ُّـل طــائفــة تشـ ْف ـدأ عــانيهــا
ابَّعرو والقسا ب اَّؤمن .
- 11وبنو األوس عل ِربْعتهم ،يتعــاقلون معــاقلهم األوىل ،وكـ ُّـل طــائفــة تشـ ْف ـدأ ع ـانيهــا
ابَّعرو والقسا ب اَّؤمن .
من فِ ـ ٍ
داء ،أو شع ْق ـل، وإن اَّؤمن ح ي كون م ْفشرح ـاً( )4بينهم أن يـ ْعطوه ابَّعرو َّ - 12
وأح الف مؤمن موىل مؤم ٍن دونشت.
- 21وإنَّت من اعتبا مؤمناً قتالً عن بيِ ٍنة فَنَّت قشـ شود بت ،إح أن ير ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ
()4 ()3
وس اَّقتول بـ
وإن اَّؤمن عليت كافَّةً ،وح ُّل يم إح قيام عليت. (الع ْقل)َّ ،
ش
أقر ِمبا يف هذه ال َّ
صـ ـ ـ ـ ـ ـليفة ،وامن ابهلل واليوم ا خر ،أن ينص ـ ـ ـ ـ ــر - 22وإنَّت ح ُّل َّؤمن َّ
فَن عليت لعنةش هللا ،و ضـ ـ ــبت يوم القيامة ،وح يـ ْؤخذ ْحم ِداثً( ،)5أو يـ ْؤِويت ،و َّ
إن شم ْن نصـ ـ ــره ،أو اواهَّ ،
منت هللار ،وح عدل.
حمم ٍد ﷺ .
مرده إىل هللا ،وإىل َّ - 23وإنَّت مهما اختلفتم فيت من ٍ
شيءَّ ،
فَن َّ
( )1يوت يهلك ،والوت ـ ابلتَّلريك ـ ايالك .واَّعىن فسد ،وهلك ،وأمث.
542
وإن اجلار كالنَّفس ري م ٍ
ضار ،وح امث. َّ - 41
- 42وإنَّت ح دار حرمة إح نذن أهلها.
فَن صـ ـ ـليفة من ٍ
حدث ،أو اش ـ ــت ار خيا فس ـ ــادهَّ ، - 43وإنَّت ما كان ب أهل هذه ال َّ
حمم ٍد ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم َّ ،
وإن هللا عل أتق ما جل -وإىل َّ
عاي و َّ
شمشرَّده إىل هللا َّ -
إن هللا ،وحايبت اَّؤمن عل ِ
الر ا بت). الصليفة و ِ
أبره (أأ َّ يف هذه َّ
يثرب.
َّصر عل من شد شه شم ش - 44وإنَّت ح دار قريش ،وح شم ْن نصرهاَّ ،
وإن بينهم الن ش
وإ،م إذا فَ،م يصـ ــاحلونت ،ويلبسـ ــونتَّ ،
- 45وإذا دعوا إىل هللاـ ــل ٍ يصـ ــاحلونت ،ويشـ ْلبشسـ ــونت َّ
أانس ِح َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـتهم كل ٍ الدين .وعل ِ دعوا إىل مثل ذلك فَنَّت يم عل اَّؤمن ،إح من حارب يف ِ
شْ
من جانبهم الَّذأ قِبشـلشهم.
ص ـ ـ ـليفة ،مع َّ - 46
وإن يهود األوس -مواليهم ،وأنفس ـ ـ ــهم -عل مثل ما ألهل هذه ال َّ
الرب دون المث ،ح يكس كا إح عل نفستَّ ،
وإن وإن َّالصليفةَّ ، ِ
الرب اَّض من أهل هذه َّ
الصليفة و ِ
أبره. هللا عل أهللادق ما يف هذه َّ
- 47وإنـَّت ح ول هــذا الكتــاب دون ظــاٍ ،أو ٍامث ،وإنـَّت شم ْن خرً امن ،ومن قعــد امن
وحممد ر ول هللا (ﷺ)(. )1 ابَّدينة ،إح من ظشلم ،شوأِشمثشَّ ،
وإن هللا جار َّن َّبر ،واتق َّ ،
دروس ،وعربٌ ،وفوائد من الوثيقة:
ٌ اثنياً:
األمة
- 1حتديد مفهوم َّ
عامةً ،درجت د ـ ـ ــاتري الدُّول احلديثة عل و ـ ـ ــعها فيها ،ويف ص ـ ـ ـليفة مبادئ َّتضـ ـ ـ َّـمنت ال َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـليفة تض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـم اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم يعهم،
فاألمة يف ال َّ
َّ األمة
طليعة هذه اَّ بادئ ،حتديد مفهوم َّ
مهاجريهم ،وأنص ـ ـ ـ ــارهم ،شوشم ْن تبعهم اَّن حلق هبم ،وجاهد معهمَّ ،أمة واحدة من دون النَّاس(،)2
كل اجلدَّة يف اتري احلياة ال ِسـ ـيا ـ ـيَّة يف جاييرة العرب إذ نقل َّ
الر ــول هللا ـل وهذا ش ــيء جديد َّ
كل من اعتنق األمة ،الَّيت تض ـ ـ ُّـم َّ هللا عليت و ـ ــلم قومت من ش ـ ــعار القبليَّة ،والتَّبعيَّة يا ،إىل ش ـ ــعار َّ
د تور ل َّمة ،د .عبد النَّاهللار العطَّار ،ص .9 ( )1انظر
السيِد عبد العايياي ا ،ص .100 احلضارأ ،دَّ .
ُّ التَّاري ِ
السيا ُّي و ( )2انظر
ِ
لمالسيا يَّة والعسكريَّة ،ألحد رات ،ص .93 الر ول هللال هللا عليت و قيادة َّ ( )3انظر
الصليلة (.)293/1 ِ
السرية النَّبوية َّ ( )4انظر
خليفة بن خياط ،ص 23ـ ، 24و رية ابن ه ام (.)550/1 ( )5اتري
544
ف ،واليهود ح تصـ ــب ال َّ ـ ـي ،فصـ ــب اَّسـ ــلمون شـ ــي عليت و ـ ــلم ألهللاـ ــلابت أن يص ـ ـلُّوا ابخل ِ
()1
النب هللاــل هللا عليت و ــلم يصــومت أيضـاً، ريو ــهم ابحلنَّاء ،وال شكتشم ،واليهود تصــوم عاشــوراء ،و ُّ
َّب هللال هللا عليت و لم مثَّ اعتايم يف أواخر حياتت أن يصوم ات وعاء معت ملالفةً يم( .)2مثَّ َّ
إن الن َّ
بقوم فهو منهم» [أمحد و ـ ــع للمسـ ـ ــلم مبدأ ملالفة ريهم ،والتميُّاي عليهم ،فقال «من ت ـ ـ ـبَّت ٍ
شْ
( 50/2و )92وأبو داود ( )4031وعبد بن محيد ( ،])848وقال أيضـ ـاً «ح ت ـ ـبَّهوا ابليهود» [أمحد ( )165/1والنســائي
( )137/8وأبو يعلى ( . ])681واألحاديث يف ذلك كثرية ،وهي تفيد معىن َتيُّاي اَّس ـ ـ ــلم ،وا ـ ـ ــتعالئهم
ابلذات ،واح ـ ـ ــتعالء أن الت ـ ـ ـبُّت ،واَّاكاة لآلخرين يتنا مع احعتاياز َّ عل ريهم ،وح ش ـ ــك َّ
ـكل حاجاياً ب اَّس ــلم ،و ريهم ،فكيان عل الكفار ،ولكن هذا التَّميُّاي ،واح ــتعالء ،ح ي ـ ِ
احنضمام إليت شم ْن يؤمن بعقيدتت(.)3
ش اجلماعة ال الميَّة مفتو ،وقابل للتو ُّ ع ،ويستطيع
الدولة ال الميَّة ،وعنصراً من عناهللارها ولذلك الصليفة اليهود جايءاً من مواط َّ واعتربت َّ
صـليفة «وإنَّت من تبعنا من يهودَّ ،
فَن لت النَّصــر واأل ــوة ،ري مظلوم ،وح متناهللاـر قيل يف ال َّ
نص فيها عليهم» (الفقرة ،)16مثَّ زاد هذا احلكم إيض ـ ـ ــاحاً ،يف الفقرة ( )25وما يليها حيث َّ
وإن يهود ب عو َّأمة مع اَّؤمن .»... هللاراحةً بقولت « َّ
أن ال ـ ـ ـ ــالم قد اعترب أهل الكتاب الَّذين يعي ـ ـ ـ ــون يف أرجائت مواطن ،و َّأ،م
وهبذا تر َّ
َّأمة مع اَّؤمن ،ما داموا قائم ابلواجبات اَّ تِبة عليهم فاختال ِ
الدين ليس -مبقتض ـ ـ ـ ـ ـ ـ
الصليفة -بباً لللرمان من مبدأ اَّواطنة(.)4
أحكام َّ
- 2اَّرجعيَّة العليا هلل ور ولت هللال هللا عليت و لم
الصليفة الفصل يف كل األمور ابَّدينة يعود إىل هللا ،ور ولت هللال هللا عليت و لم، جعلت َّ
فض اخلال يف الفقرة ( ،)23وقد جاء فيها «وإنَّت مهما اختلفتم فيت ص ـ ـ ـت عل مرجع ِ فقد ن َّ
حممد هللاــل هللا عليت و ــلم » واَّ اي من ذلك وا ـ ،وهو مرده إىل هللا ،وإىل َّ
فَن َّ من شـ ٍ
ـيءَّ ،
ـلطة عليا دينيَّ ٍة ،هتيمن عل اَّدينة ،وتفص ـ ــل يف اخلالفات منعاً لقيام ا ـ ـ ــطر ٍ
اابت يف أتكيد ـ ـ ٍ
547
اَّادة ( )44الَّيت ذهبت عدم ال َّس ـ ـ ـ ـما يم مبلالفة قريش ،أو ريها من القبائل اَّعادية .وهناك َّ
ص ـشرها» ،و يشِرْد يف
إىل ما هو أبعد ،وأهللاــر من ذلك إذ َّقررت أنَّت «ح دار قريش ،وح شم ْن نش ش
شهص ما عدا ر ِ
ول هللا هللال هللا عليت و لم (. )1 ٍ الصليفة ا م ِ
ألأ َّ
- 3إقليم َّ
الدولة
ص ـ ـ ـليفة» مادة ( ،)40وأهللاـ ـ ــل إن يثرب حرام جوفها ألهل هذه ال َّ ص ـ ـ ـليفة « َّ
وجاء يف ال َّ
التَّلر أح يقطع شـ ـ ـ ـ ـ ـ رها ،وح يقتل طريها ،فَذا كان هذا هو احلكم يف ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ر والطَّري ،فما
الدولة َّأمة واحدة ،وإقليم هو ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـليفة حدَّدت معا َّ
ابلك يف األموال ،واألنفس؟!( )2فهذه ال َّ
وحتكم مبا أنايل هللا. اَّدينة ،و لطة حاكمة يـ ْر شجع إليها ،شْ
إن اَّدينة كانت بداية إقليم الدَّولة ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالميَّة ،ونقطة ا نطالق ،ومركاي الدَّائرة الَّيت كان
َّ
حداً للقالقل واح طراابت ،ويسوده السلم ،واألمن العام. حض يضع َّ القليم يتَّسع منهاَّ ،
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم أهللا ـ ــلابت ليثبِتوا أعالماً عل حدود حرم اَّدينة من
وقد أر ـ ــل الن ُّ
يع اجلهات ،وحدود اَّدينة ب حبشـتشـْيها شرقاً و رابً ،وب جبل ثـش ْور يف ال مال ،وجبل شع ْري يف
اجلنوب(.)3
مثَّ اتس ـ ــع «القليم» ابتِس ـ ــاي الفت ،ودخول ش ـ ــعوب البالد اَّفتوحة يف ال ـ ــالم ،ح َّض َّ
عم
مســاحةً وا ــعةً يف األرض ،والبلر ،وما يعلولا من فضــاء ،فمن اَّيا األطلســي رابً ،ومناطق
ـيلة من رب ا ــية وجنوهبا ،إىل أكثر أهل ال ِ
صـ ـعة من رب أوربة ،وجنوهبا ،ومناطق فسـ ٍ وا ـ ٍ
الدولة مفتو و ري ٍ
حمدود حبدود ورو ـ ـ ـ ـ ـ ــية ش ـ ـ ـ ـ ـ ـرقاً ،و ِ
كل طال إفريقية وأوا ـ ـ ـ ـ ـ ــطها(َّ .)4
إن إقليم َّ
حض ي مل الكرة األر يَّة ج رافيَّ ٍة ،أو يا يَّ ٍة فهو يبدأ من عاهللامة َّ
الدولة «اَّدينة» ،ويتَّسع َّ
أب رها.
ض ََِّّللِ يوِرثـ شها شم ْن يش ش ـ ـاء ِم ْن ِ ِ ِِ ِ
هللا ـ ـِربوا إِ َّن األ ْشر ش
قال تعاىل ﴿قش شال مو ش ـ ـ ل شق ْومت ا ْ ـ ـتشعينوا ِاب ََّّلل شوا ْ
548
أن مفهوم األ َّمـة مفتو و ري من ٍلق عل فئـ ٍـة دون ِعبشـ ِادهِ شوالْ شعـاقِبشـة لِْلمت َِّق ش ﴾ [األعراف ]128 :كمــا َّ
فئة بل هي اتدَّة لت ـ ـ ــمل النس ـ ـ ــانيَّة كلَّها ،إذا ما ا ـ ـ ــت ابت لدين هللا تعاىل الذأ ارتض ـ ـ ــاه ٍ
لكل ٍ
فرد من أبناء اَّعمورة خللقت ،ولب ادم أينما كانوا ،فا َّلدولة ال ــالميَّة دولة ِ
الر ــالة العاَّيةِ ،
نصي فيها ،وهي تتو َّ ع بو يلة اجلهاد(.)1
ِ -4
احلرََّيت وحقوق النسان
الر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم يف هللا ــيا ة
وجالء عل عبقرية َّ ٍ تدل بو ــو ٍ ،ص ـ ـليفة ُّ َّ
إن ال َّ
ببعض فقد كانت مو ُّادها م ابطةً ،وشــاملةً ،وتصــل مو ِادها ،وحتديد عالقات األطرا بعضــها ٍ
لعالً األو ــاي يف اَّدينة آنذاك ،وفيها من القواعد واَّبادئ ما ِقق العدالة اَّطلقة ،واَّس ــاواة
َّامة ب الب ـ ـ ـ ـ ــر ،وأن يتمتَّع بنو النس ـ ـ ـ ـ ــان عل اختال ألوا،م ،ول اهتم ،وأدَي،م ،ابحلقوق الت َّ
واحل ِرََّيت أبنواعها .يقول األ ــتاذ حممد ــليم َّ
()2
العوا «وح تايال اَّبادئ اليت تضـ َّـمنها الد ــتور
-يف لتهــا -معموحً هبــا ،واأل لـ أ َّ،ـا ـ ـ ـ ـ ـ ــتظــل كــذلــك يف ملتلف نظم احلكم اَّعروفــة إىل
الر ــول هللاــل هللا
دو،ا َّ
اليوم ...وهللاــل إليها الناس بعد قرون من تقريرها ،يف َّأول وثيقة ــيا ـيَّة َّ
عليت و لم »(.)3
وحق األمن ...إخل، احلرَيت مص ــونة كلرية العقيدة ،والعبادةِ ، أن ِ ص ـ ـليفة َّ فقد أعلنت ال َّ
الدين مكفولة «للمس ـ ـ ـ ـ ــلم دينهم ،ولليهود دينهم» .قال تعاىل ﴿حش إِ ْكرآه ِيف ِ
الدي ِن فلرية ِ
ك ِابلْع ْرشوةِ الْوثْـ شق حش ِ ِ الر ْش ـ ـ ـد ِمن الْ ش ِي فشمن يكْفر ِابلطَّا ِ
وت شويـ ْؤِم ْن ِاب ََّّلل فشـ شقد ا ْ ـ ـ ـتش ْم شس ـ ـ ـ ش شْ ش ْ ش قش ْد تشـبش َّ ش ُّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـليفة ننايال الوعيد ،وإهالك من اَّلل شِمسيع شعلِيم ﴾ [البقرة ]256 :وقد أنذرت ال َّ ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شام شيشا شو َّ ِ
انْف ش
ص ـ ـ ـ ـت الوثيقة عل حتقيق العدالة ب النَّاس، خيالف هذا اَّبدأ ،أو يكس ـ ـ ــر هذه القاعدة ،وقد ن َّ
وعل حتقيق مبدأ اَّساواة.
الدولة ال ــالميَّة واج عليها أن تقيم العدل ب الناس ،وتفس ـ ااال وتي ِس ـر ال ُّس ـبل َّ
إن َّ
حقت أبيس ــر ال ُّسـ ـبل ،وأ ــرعها ،دون أن يكلِفت
ـان -يطل حقَّت -أن يص ــل إىل ِ
كل إنس ـ ٍ
أمام ِ
الر ول هللال هللا عليت و لممن التكوين إىل التمك ،ص .421
انظر دولة َّ
()1
فص ـ ـ ـ ـ ـ ــورة اخلطــاب الكينوين هنــا ﴿كونوا﴾ الَّـذأ جيعــل من العــدل طبيعــة خالئق ااتمع
ألن العدل أمانة هذا ااتمع اَّس ـلم ا بت قيادة النســانيَّة -هي هللاــورتت هناك َّ اَّســلم الَّذأ ني ش
أن األمر ق ــد اختلف يف احيت العظم الَّيت حلوه ــا ُّ
ليؤدوه ــا إىل النَّ ـاس يف حي ــاهتم( )1بي ــد َّ
الر ـ ــالة اخلالدة اخلاَتة الَّذأ ُّ
يعم اختالفاً شش شع متشـ شف ِر شق مواط ِن العدل ابعتباره أهللاـ ـ ـالً من أهللا ـ ــول ِ
وجت األمر للم تمع اَّسـ ــلم أبشـ ــر أوهللاـ ــافت -قال احلياة من يع جوانبها ففي ا ية األوىل َّ
َّ ِ
ين آمنوا﴾ -إىل أن يكون َّقوامـاً ابلعــدل ،ولو كــان يف ذلــك مرا مــة منــازي ﴿َيأشيـُّ شهـا الـذ ش
تعــاىل ش
وجت األمر للم تمع بعنوانت اَّ ـ ـ ِـر ،إىل أن يكون الود ،والقرىب ،ويف هذه ا ية الثانية َّ احل ِ ،و ِ
َّقواماً ابلعدل ،ولو كان يف ذلك مرا مة يع عواطف الب ض ،والعداوة(.)2
وملتق ا يت الكرميت يف توجيت ااتمع اَّس ــلم توجيهاً هللا ــارماً ح هوادة فيت إىل أن يكون
التوجت إىل هللا تعاىل يف
َّ،ا ـ ـ ـ ـاً ابلعدل ،قائماً بت ب النَّاس ،لت قيادتت لإلنس ـ ـ ـ ــانيَّة ،وليهلص لت ُّ
ـتد عل العراض إخالص العبوديَّة لت وحده ،ح حتملت حمبَّة مهما عظمت ،أو ب ض مهما اش ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ
عن إقامـة العدل إحقاقـاً ِ
لللق ،وإنصافاً للمظلوم ،ونصراً للضَّعيف(.)3
ص ـ ـ ـليفة حويا ،منها «أن ذ َّمة هللا َّأما مبدأ اَّسـ ـ ــاواة فقد جاءت نصـ ـ ــوص هللاـ ـ ــر ة يف ال َّ
بعض دون النَّاس»، أن «اَّؤمن بعضـهم مواس ٍ واحدة» ،وأن اَّسـلم «جيري عليهم أدانهم» ،و َّ
ضـَّراء (الفقرة .)15وتضـ َّـمنت الفقرة ()19 ومعىن الفقرة األخرية أ َّ،م يتناهللاــرون يف ال َّسـراء وال َّ
بعض ،مبا انل دماءهم يف ــبيل هللا» ،قال ال ُّسـ ـهيلي -ش ــار ٍ أن «اَّؤمن يبء بعض ــهم عل َّ
(الروض ا نف) «ومعىن قولت يبء هو من البشـ شواء ،أأ اَّساواة»(.)4 السرية -يف كتابت َّ
أقرها ال ــالم ،وهو من اَّبادئ الَّيت تســاهم يف العامة الَّيت َّ
ويعد مبدأ اَّســاواة أحد اَّبادئ َّ ُّ
أقر هذا اَّبدأ ،و ــبق بت ت ـريعات ،وقوان العصــر احلديث ،واَّا ورد بناء ااتمع اَّســلم ،ولقد َّ
﴿َيأشيـُّ شها النَّاس إِ َّان شخلش ْقشناك ْم ِم ْن ذش شك ٍر شوأنْـثش
يف القرآن الكر أتكيداً َّبدأ اَّسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاواة قولت تعاىل ش
( )1انظر حممد ر ول هللا هللال هللا عليت و لم(.)144 ، 143 ، 142/3
( )2اَّصدر نفست (.)145 ، 144/3
حممد ر ول هللا هللال هللا عليت و لم.)145/3( ،
( )3انظر َّ
الروض األنف ( ، )17/2نقالً عن نظام احلكم ،للقامسي (.)38/1 انظر َّ
()4
552
[احلجرات. ]13 : اَّللش شعلِيم شخبِري ﴾ واب شوقشـبشائِ شل لِتشـ شع شارفوا إِ َّن أش ْكشرشمك ْم ِعْن شد َّ
اَّللِ أشتْـ شقاك ْم إِ َّن َّ شو شج شع ْلنشاك ْم شع ً
إن ربَّكم واحدَّ ،
وإن أابكم وقال ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم «َي أيها النَّاس! أح َّ
ـود ،وح
ألحر عل أ ـ ـ ـ ش
عريب ،وح شٍ مي علمي ،وح ألع ٍ لعريب عل أع ٍ واحد ،أح ح فض ـ ـ ــل ٍ
ود عل أحر ،إح ابلتَّقو .أشبـلَّ ْت؟» [أمحد (. ])411/5 أل ش
ش ش
إن هـ ـ ــذا اَّبدأ كان من أهم اَّبادئ الَّيت جذبت الكثيـ ـ ــر من ال ُّ عـ ـ ــوب قدمياً حنو ال الم،
َّ
األول (.)1 َّ القوة للمسلم
فكان هذا اَّبدأ مصدراً من مصادر َّ
العامة) ب النَّاس يعاً يف أمور احلياة كافَّةً ،كما وليس اَّقص ـ ــود ابَّس ـ ــاواة هنا( ،اَّس ـ ــاواة َّ
ينادأ بعض اَّهدوع ،ويرون ذلك عدحً( )2فاحختال يف اَّواه ،والقدرات ،والتَّفاوت
لكن اَّقص ـ ـ ـ ـ ــود اَّس ـ ـ ـ ـ ــاواة الَّيت دعت إليها ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـريعة ()3
يف الدَّرجات اية من اَيت اخللق و َّ
ال الميَّة ،مساواة مقيَّدة أبحو ٍال فيها التَّساوأ ،وليست مطلقةً يف يع األحوال( ،)4فاَّساواة
عامة دون أتل يف معاملة النَّاس أمام ال َّ ـ ـ ـري ،والقضـ ـ ــاء ،واألحكام ال ـ ـ ــالميَّة كافَّةً ،واحلقوق ال َّ
تفريق بسب األهللال أو اجلنس ،أو اللَّون ،أو الثروة ،أو اجلاه ،أو ري ذلك(.)5
إن النَّاس يعاً يف نظر ال ـ ـ ـ ــالم ـ ـ ـ ـوا ـ ـ ـ ــية ،احلاكم ،واَّكومِ ،
الرجال والنس ـ ـ ـ ــاء ،العرب َّ
والع م ،األبيض واأل ـ ـ ــود ،لقد أل ال ـ ـ ــالم الفوارق ب النَّاس بس ـ ـ ــب اجلنس ،واللون ،أو
احلكام واَّكومون كلُّهم يف نظر ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـري ـ ـ ـ ـ ـ ـواء ولذلك كانت َّ
الدولة النَّسـ ـ ـ ـ ـ ـ ،أو الطَّبقة ،و َّ
ال الميَّة األوىل ،تعمل عل تطبيق هذا اَّبدأ ب النَّاس وكانت تراعي احل
ـ َّ
إن مبدأ اَّساواة أمر تعبُّدأ ،تؤجر عليت من خالق اخللق بلانت وتعاىل.
ـ ـ ـ ـ إ قاط احعتبارات الطَّبقية ،والع ْرفية ،والقبليَّة ،والعنصريَّة ،والقوميَّة ،والوطنية ،والقليمية،
و ري ذلك من ال ِ ـ ـ ـ ـ ـعارات اَّاحقة َّبدأ اَّس ـ ـ ـ ــاواة النس ـ ـ ـ ــانيَّة ،وإحالل اَّعيار ِ
اليي بدحً عنها
للتَّفا ل ،أح وهو التَّقو .
554
لد يما إح أخذاين دونت ،قالت قا مع و ٍ أح َّ و ِ
لد أيب إليت ،وإىل ِ
عمي أيب َي ـ ـ ـ ـ ـ ــر ،أل شقهما ُّ ش
فلـ ـ ـ ـ َّـما قدم ر ول هللا هللال هللا عليت و لم اَّدينة ،ونايل قباء ،يف ب عمرو بن عو ،دا عليت
وعمي أبو َي ـ ـ ــر بن أخط ،م شلِ شسـ ـ ـ ـ ْ .قالت فلم يرجعا حض كاان مع أيب حيي بن أخط ِ ،
ش ُّ
روب ال ــمس ،قالت فأتيا كالَّْ ِ ،كس ــالن ِ ،ــاقط ِ ،مي ـ ــيان اي شويْ شىن .قالت فشـ شه ِ ـ ـ ْ ـ ـت
إس واحد منهما ،مع ما هبما من ال شِم .قالت ومسعت إليهما ،كما كنت أهللانع ،فوهللا ما التفت َّ
عمي أاب َي ـ ـ ـ ـ ـ ــر ،وهو يقول أليب حيش ِي بن أخط ـ أهو هو؟ قــال نعم وهللا! قــال أتعرفــت، ِ
وتـثْبتت؟ قال نعم ،قال فما يف نفسك منت؟ قال عداوتت وهللا! ما بشِقيت(.)1
حالت إعالميَّةً ٍ وقد ش ـ ـ َّـن اليهود عل ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم والذين آمنوا معت،
الر ول هللال هللا عليت و لم ،وتنفري النَّاس منت ،ونشـ ْايي الثِقة بينت ،وب النَّاس .لقد لت ويت هللاورة َّ
الدين عل مص ـ ـ ـ ـ ــاحلهم ،وعل عقيدهتم اَّنلرفة اَّاييَّفة ،القائمة عل ش ـ ـ ـ ـ ــعر اليهود طورة هذا ِ
اليهودأ لقد جاء ينادأ بعقيدة التَّوحيد ،وهم يقولون َّ نس
اح تعالء ،واحتقار النَّاس ،عدا اجل ش
ـرأ ،وأنَّت ح يعلو ش ـ ـ ـ ــع عل «عايير ابن هللا» ،وجاء ينادأ ابَّس ـ ـ ـ ــاواة ب أفراد اجلنس الب ـ ـ ـ ـ ِ
اعة ،وهم يرون َّأ،م ش ــع هللا اَّهتار ،ي فَّعون عن بقيَّة األجناس، ٍ ش ــع ٍ ،وح اعة عل
وينظرون إليهم عل َّأ،م دو،م ،وأقـ ُّـل منهم( )2ولــذلــك يلتايموا ببنود الوثيقــة ،وش ـ ـ ـ ـ ـ ــرعوا يف
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم ور ــالتت ،وأكثروا من األ ــئلة لحراً ر ــول هللا
نبوة َّ
التَّ ــكيك يف َّ
هللال هللا عليت و لم ،وخدعوا اَّؤمن ،ودلَّسوا عليهم( ،)3و ري ذلك من األعمال اخلبيثة.
- 1حماولة اليهود تصديع اجلبهة الدَّاخلية
ف اَّس ــلم ،وهريبت صـ ـ ِ
ـتمرة لتماييق ال َّ
ومن و ــائلهم اخلبيثة يف حرب ال ــالم حماوحهتم اَّس ـ َّ
بتقطيع أواهللا ــر اَّبَّة ب اَّس ــلم ،وذلك راثرة الفنت الدَّاخلية ،وال ِ ـعارات اجلاهليَّة ،والنَّعرات
ابلد ــيســة والوقيعة ب الخوة اَّتالف اَّتو ِادين القليميَّة ،والدَّعوات القوميَّة ،وال شقبشلِيَّة ،وال َّسـعي َّ
اَّتلابِ ،فهم يف تو ِادهم ،وتعاطفهم ،وتراحهم كاجلسـد الواحد ،إذا اشـتك منت عضـو تداع
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام (.)519 ، 518/1
( )2انظر ِ
الصراي مع اليهود َّ ،مد أبو فارس (.)31/1
( )3اَّصدر السابق نفست ( 31/1ـ .)46
555
السهر(.)1
لت ائر األعضاء ابحل َّم و َّ
حيلة هد هبا إىل تفريق وحدة فقد تفتَّق ذهن أحد ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيوخهم الكبار يف الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـن ،عن ٍ
األنص ـ ـ ــار ،وذلك راثرة العص ـ ـ ــبيَّة القبليَّة بينهم ليعودوا إىل جاهليتهم ،فتعود احلروب بينهم كما
َّب هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم بذلك أقو أنصـ ـ ــاره( ،)2ويف بيان هذا اخلرب يقول كانت ،وخيسـ ـ ــر الن ُّ
()3
عظيم
ش ، ومَّر شــأس بن قيس -وكان شــيهاً قد شع شسـا حممد بن إ ــلاق -رحت هللا تعاىل! -ش َّ
ـديد احلس ــد يم -عل نف ٍر من أهللا ــلاب ر ــول هللا ضـ ـ ْن عل اَّس ــلم ،ش ـ ش ـديد ال ِ
الكفر ،ش ـ ش
جملس قد عهم يتلدَّثون فيت ،ف اظت ما رأ من هللال هللا عليت و لم من األوس ،واخلايرً ،يف ٍ
ألْ شفتِهم ،و اعتهم ،وهللاـ ــال ذات بينهم عل ال ـ ــالم بعد الَّذأ كان بينهم يف اجلاهليَّة ،فقال
قــد اجتمع م ب قشـْيـلشـة( )4هبــذه البالد ،ح وهللا! مــا لنــا معهم -إذا اجتمع شملشؤهم هبــا -من
فض ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاابً من يهود كــان معهم ،فقــال ْاع ِمـ ْد إليهم ،فــاجلس معهم ،مثَّ اذكر يوم ٍ
قرار ،فــأمر ً
بعاث ،وما كان قشـْبـلشت ،وأن دهم بعض ما كانوا يتقاولون فيت من األشعار.
ـت في ــت األوس واخلايرً ،وك ــان الظَّشفر في ــت يومئ ـ ٍـذ ل وس عل
وك ــان يوم بع ــاث يوم ـاً اقتتل ـ ْ
ض ـري ،وعل اخلايرً ٍ
ـهلي أبو أ ــيد بن ح ش ض ـ ْري بن مساك األشـ ُّ
اخلايرً ،وكان عل األوس يومئذ ح ش
عمرو بن النُّعمان البشـيشا ي ،فشـقتِال يعاً.
ِ
رجالن حض تواثقال ابن إ ـ ـ ـ ـ ــلاق ففعل ،فتكلَّم القوم عند ذلك ،وتنازعوا ،وتفاخرواَّ ،
وجبار بنظي -أحد ب حارثة بن احلارث ،من األوس َّ - الرك أوس بن قشـْي ٍ احلشيَّ ْ ِ عل ُّمن ْ
هللاــهر -أحد ب ــلمة من اخلايرً -فتقاوح ،مثَّ قال أحدلا لصــاحبت إن شــئتم رددانها ا ن
شج شذ شعة( ،)5ف ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ الفريقان يعاً ،وقالوا قد فعلنا ،موعدكم ال ظَّاهرة -وال ظَّاهرة احلشَّرة -
السال ش ،فهرجوا إليها. السال ِ ِ
ش
ـول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،فهرً إليهم فيمن معت من أهللاــلابت اَّهاجرين فبل ذلك ر ـ ش
حض جاءهم ،فقال َي مع ـ ـ ـ ـ ـ شـر اَّسـ ـ ـ ـ ــلم ! هللاش هللاش! أشبِ شد ْع شو اجلاهلية ،وأان ب أظهركم بعد أن
َّ
( )1انظر ِ
الصراي مع اليهود (.)51/1
السام اَّوت .انظر زاد اَّسري (.)189/8
َّ
()2
559
أرد عليهم ما يقولون؟ وأقول وعليكم» ،قالت فنايلت ـت تري ُّ تر ما يقولون؟ فقال «ألس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ين ،وا شع ِن ِ َّ ِ
هذه ا ية يف ذلك [البخاري ( )2935ومسلم ( ])11/2165وهي قولت تعاىل ﴿أششْ تشـشر إ شىل الذ ش
()1
ٍ
مسروق ،عن عائ ة ،وإ ناده هللالي . ( )1زاد اَّسري يف علم التفسري ( ، )189/8رواه ابن أيب حاذ من حديث األعمش عن
الر ول هللال هللا عليت و لممع اليهود ،د .حمسن النَّاظر ،ص .101
انظر حوار َّ
()2
الر ول هللال هللا عليت و لممع اليهود ،د .حمسن النَّاظر ،ص .87
انظر حوار َّ
()3
560
وما أنايل إىل إبراهيم ،وإمساعيل ،وإ ــلاق ،ويعقوب ،واأل ــباط ،وما أول مو ـ وعيس ـ ،وما
نفرق ب أحد منهم ،وحنن لت مس ـ ــلمون» ،فلما ذكر عيس ـ ـ ـ ابن مر أول النبيون من رهبم ،ح ِ
نبوتت ،وقالوا ح نؤمن بعيس ابن مر ،وح مبن امن بت( ،)1فأنايل هللا فيهم عليت السالم جلدوا َّ
اب شه ـ ْل تشـْن ِقمو شن ِمنَّـا إِحَّ أش ْن شآمنـَّا ِاب ََّّللِ شوشم ـا أنْ ِايشل إِلشْيـنش ـا شوشم ـا أنْ ِايشل ِم ْن قشـْب ـل شوأ َّ
شن ﴿ق ـل َيأش ْه ـل الْ ِكتش ـ ِ
ْ ش ش
ن ﴾ [املائدة. ]59 : أش ْكثشـشرك ْم فشا ِ قو ش
و َّأما عن حماوحهتم للنَّيل من القرآن الكر يف أ ــئلتهم ،ونقاشــهم ،الَّذأ ح ينتهي فعن ابن
عباس ر ي هللا عنت قال لـ ـ ـ َّـما قدم ر ول هللا هللال هللا عليت و لم اَّدينة قالت أحبار اليهود ٍ
﴿وشما أوتِيت ْم ِم شن الْعِْل ِم إِحَّ قشلِيالً ﴾ [اإلسـ ـراءَّ ]85 :إَيان تريد أم قومك؟ قال أيت قولك ش َي حممد! أر ش
ـيء ،فقال ر ــول هللا «كالًّ» ،قالوا فَنَّك تتلو فيما جاءك أان قد أوتينا التوراة فيها بيان كل شـ ٍ
هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم « َّإ،ا يف ِع ْلم هللا قليل ،وعندكم يف ذلك ما يكفيكم لو أقمتموه»(.)2
ض ِم ْن شش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ش شرةٍ أشقْالشم
﴿ولش ْو أَّشجشا ِيف األ ْشر ِ
قال فأنايل هللا تعاىل عليت فيما ـ ـ ـ ـ ـ ــألوه عنت من ذلك ش
اَّلل ع ِايياي ح ِ ت شكلِمات َِّ ِ ِ ِ ِِ
كيم ﴾ [لقمان. ]27 :
اَّلل إ َّن َّش ش ش شوالْبش ْلر شميدُّه م ْن بشـ ْعده ش ْبـ شعة أ ْشحب ٍر شما نشف شد ْ ش
- 4دعم حايب اَّنافق ،وآتمرهم معهم
حــدَّثنــا القرآن الكر ،عن قيــادة اليهود الفكريـَّة حلايب اَّنــافق ،فهم ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيــاط اَّنــافق
ويوجهو،م ،ويدر ـ ـ ـ ـ ـ ــون يم أ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالي الكيد ،واَّكر ،واخلداي ،والدَّهاء ،وآاثرة خيططون يمِ ، ِ
الفنت .قال تعاىل ﴿وإِ شذا لشقوا الَّ ِذين آمنوا قشالوا آمنَّا وإِ شذا خلشوا إِ شىل شش ـ ـ ـ ـي ِ
اطينِ ِه ْم قشالوا إِ َّان شم شعك ْم إَِّجشاش ش ش شْ ش ش
شْحنن م ْستشـ ْه ِايئو ش
ن ﴾ [البقرة. ]14 :
انايعاً. ٍ
بسرعة و ٍ ٍ
بعض فيقتتلوا ،ويقال اثر ،إذا قام ( )1يتثاورون أأ يتواثبون ،واَّعىن كادوا أن يشثِ ش بعضهم عل
( )2البلرية لفم يطلق عل القرية والبلد ،واَّراد بت هنا اَّدينة النَّبويَّة.
( )3يع يرئِسونت عليهم ،ويسودونت.
563
ن ــالمي قبل أن تســأيم هبتوين عندك ،ف اءت اليهود ،ودخل عبد هللا البيت ،فقال ر ــول هللا
أأ رجل فيكم عبد هللا بن ــالم!» قالوا أعلمنا وابن ِ
أعلمنا ،وأخربان هللاــل هللا عليت و ــلم « ُّ
وابن أخ ِربان ،فقال ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم «أفرأيتم إن أ ــلم عبد هللا!» قالوا أعاذه
حممداً ر ول هللا،
هللا من ذلك .فهرً عبد هللا إليهم ،فقال أشهد أن ح إلت إح هللا ،وأشهد أن َّ
فقالوا ششـ ـ ـ ـ ـ ـ ـُّران ،وابن ششـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِران ،ووقعوا فيت» [البخاري ( . ])3329فكانوا يؤذون من آمن من أحبارهم،
ويثريون حويم ال ُّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكوك ،ويقــذفو،م بته ٍم ابطلـ ٍـة قبيلـ ٍـة ،وقــد حــدَّثنــا القرآن الكر عن هــذه
وجت اليهود دَّهم تلك احلمالت الظَّاَّة(.)1 الو يلة ،ودافع عن هؤحء اَّؤمن ،الَّذين َّ
اَّللِ ش
آانءش اللَّْي ِل شوه ْم اب أ شمة قشائِ شمة يشـْتـلو شن آَيت َّ قال هللا تعاىل ﴿لشْيسـ ـ ـ ـوا ـ ـ ـ ـواء ِمن أ ْشه ِل الْ ِكتش ِ
ش شً ْ
يش ْسـ دو شن يـ ْؤِمنو شن ِاب ََّّللِ شوالْيشـ ْوِم ا خر شو شرْمرو شن ِابلْ شم ْعرو ِ شويشـْنـ شه ْو شن شع ِن الْمْن شك ِر شوي شسـا ِرعو شن ِيف
اَّلل شعلِيم ِابلْمتَّ ِق ش ﴾صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاحلِِ ش شوشم ـا يشـ ْف شعلوا ِم ْن شخ ٍْري فشـلش ْن ي ْك شفروه شو َّ ك ِم شن ال َّ اخلري ِ
ات شوأولشئِـ شْشْ ش
[آل عمران. ]115 - 113 :
ٍ
ومقاتل ل َّـما أ لم عبد هللا بن الم، احدأ يف (أ باب النُّايول) «قال ابن ٍ
عباس، قال الو ُّ
وثعلبة بن ـعيد ،وأ ـيد بن ـعية ،وأ ـد بن عبيد ،ومن أ ـلم من اليهود ،قالت أحبار اليهود
َّمد إح ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراران ،ولو كانوا من خياران َّا تركوا دين اابئهم ،وقالوا يم لقد خنتم ح
ما آمن َّ
ا تبدلتم بدينكم ديناً ريه ،فأنايل هللا تعاىل ﴿لشْيسوا ش شواءً﴾ ا ية»(.)2
َّب هللال هللا عليت و لم واَّسلم
بث الشاعات وال َّماتة ابلن ِ
ُّ - 6
عما يف ِرق كلمتهم ،ومن ذلك كان اليهود يتليَّنون الفرص للنَّيل من اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،والبلث َّ
ول هللا هللال هللا ا ت اليم -يف األشهر األوىل من ال َّهر -لوفاة أحد النُّقباء ،الَّذين ابيعوا ر ش
اخلايرجي ر ي هللا عنت ،فعندما ُّ األنصارأ
ُّ عليت و لم بيعة العقبة ،وهو أبو أمامة أ عد بن زشرارشة
أخذتت ال َّ ـ ـ ـ ْوكة( ،)3ف اءه ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يعوده ،فقال بئس اَّيِت ليهود -
مرت -ــيقولون لوح دفع عنت هللا ــاحبت ،وح أملك لت ــراً ،وح نفعاً ،وألشَتش َّللش َّن( )4لت» ،فأمر َّ
أ طَّ فوق رأ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت فمــات[ ،أمحد ( )138/4واحلاكم ( )214/4وجممع الزوائد ( . ])98/5ويف روايـ ٍـة
بــت ،فك ِو ش
( )1انظر ِ
الصراي مع اليهود (.)59/1
( )2انظر أ باب النايول ،للو ِ
احدأ ،ص .114
( )3ال وكة حرة تعلو الوجت واجلسد.
لن لت يف ٍ
حيلة ي ف بوا طتها ،انظر النهاية (.)303/4 لن أأ ألحاو َّأَتشش َّل َّ
()4
564
()1
َّب هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم «بئس اَّيت لليهود، فكواه شح ْوران ،عل عنقت ،فمات ،فقال الن ُّ
يقولون قد داواه هللا ـ ـ ـ ــاحبت ،أفال نفعت!» [الطرباين يف املعجم الكبري ( )5584وعبد الرزاق يف املصـ ـ ــنف ( )19515وجممع
الزوائد (. ])98/5
يدل عل مقدار ما فعلتت تلك الشــاعة ب اَّســلم ،شــدَّة الفرحة اليت اع هتم حيث واَّا ُّ
الايبري ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت( ،)2فعن أمساء
لود ذكر من اَّهاجرين ،وهو عبد هللا بن ُّ ولد بينهم َّأول مو ٍ
مكة ،قالت فهرجت وأان الايبري يف َّ بنت أيب بكر ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنها «أ َّ،ا شحششل ْ
ت بعبد هللا بن ُّ
متِم ،فأتيت اَّدينة ،فنايلت قباءً ،فولدت بقباء ،مث أتيت بت ر ـ ـ ش
ـول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،
ـيء دخل جوفت ريق فو ـ ــعتت يف ح ره ،مثَّ دعا بتمرةٍ ،فمضـ ـ ـ ها ،مثَّ تفل يف فيت ،فكان َّأول ش ـ ـ ٍ
أول مولود ولِ شد
ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،مثَّ شحنَّ شكت ابلتَّمرة ،مثَّ دعا لت ،فششَّربك عليت ،وكان ش
إن اليهود قد ـ ـ ــلرتكم ،فال يولد لكم» أل،م قيل يم َّيف ال ـ ـ ــالم ،ففرحوا بت فرحاً شـ ـ ــديداً َّ
اية مسـ ــلم [(« ])25/2146ومسَّاه عبد هللا ،مثَّ جاء بعد وهو [البخاري ( )5469ومس ــلم ( ،])26/2146ويف رو ٍ
الايبري ر ي هللا عنت بذلك، َّب هللال هللا عليت و لم ،أمره ُّ ابن ب ٍع ،أو ابن شاين ن ،يبايع الن َّ
َّب هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ح رآه مقبالً ،وابيعت» ،وكان َّأول من ولِ شد يف ال ـ ـ ــالم فتبس ـ ـ ــم الن ُّ
ابَّدينة بعد شم ْق شدِم ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،وكانت اليهود تقول قد أخذانهم ،فال يولد
فكرب أهللاـ ــلاب ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ح ولد عبد هللا [احلاكم
يم ابَّدينة ولد ذكرَّ ،ش
(. ])548/3
( )1شح ْوران هي كية م شد َّورة ،من حار ور إذا رجع ،وحوره إذا كواه هذه الكية ،وتسم حوراء أيضاً ،انظر النِهاية (.)459/1
اَّطهرة (.)265/1
السنَّة َّانظر اليهود يف ُّ
()2
565
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم كان أن الن َّ الرباء بن ٍ
عازب ر ــي هللا عنت َّ ()1
ال ــالميَّة الناش ــئة ،فعن شش
أول ما قش ِد شم اَّدينة نايل عل أجداده -أو قال أخوالت -من األنص ـ ـ ـ ـ ــار ،وأنَّت هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت ش
و ــلم هللا ـلَّ قِبش شل بيت اَّقدس ــتةش شع ش ـشر ش ــهراً ،أو ــبعةش شع ش ـشر ش ــهراً ،وكان يع بت أن تكون
قبلتت قِبش شل البيت ،وأنَّت هللال هللا عليت و لم هللالَّ َّأول هللاالةٍ هللاالها ،هللاال شة العصر ،وهللالَّ معت
فمر عل أهل مس ـ ٍد وهم راكعون ،فقال أشــهد ابهلل! لقد قوم ،فهرً رجل اَّن هللا ـلَّ معتَّ ،
مكة ،فداروا كما هم قِبش شل البيت ،وكانت اليهود هللاــليت مع ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم قِبشل َّ
ش
وىل وجهت قِبش شل البيت قد أع بهم أنَّت كان يصـ ــلِي قِبشل بيت اَّقدس ،وأهل الكتاب ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما َّ
)2 (
ش
أنكروا ذلك [البخاري ( )40ومس ــلم ( ،])525وقد نايلت يف هذه احلادثة آَيت عظيمة ،فيها ِع شرب ،وحكم
ِ
للصف اَّسلم. ودروس
ك ك ششـ ـ ـطْشر الْ شم ْسـ ـ ـ ِ ِد ْ
احلششرِام شوإِنَّت لشْل شل ُّق ِم ْن شربِ ش ت فشـ شوِل شو ْج شه ش
﴿وم ْن شحْيث شخشر ْج ش
قال تعاىل ِ
ش
احلششرِام شو شحْيثك شش ـطْشر الْ شم ْس ـ ِ ِد ْ ت فشـ شوِل شو ْج شه ش ِ وما َّ ِ
اَّلل بِ شاف ٍل شع َّما تشـ ْع شملو شن شوم ْن شحْيث شخشر ْج ش شش
ين ظشلشموا ِمْنـه ْم فشالش شهْ ش ْوه ْم ِ َّ ِ وهك ْم ششطْشره لِئشالَّ يشكو شن لِلن ِ
َّاس شعلشْيك ْم ح َّ ة إحَّ الذ ش شما كْنـت ْم فشـ شولُّوا وج ش
اخ ـ ـ ـ ْوِين شوألِذَّ نِ ْع شم ِيت شعلشْيك ْم شولش شعلَّك ْم شهتْتشدو شن شك شما أ ْشر ش ـ ـ ـ ْلنشا فِيك ْم شر ـ ـ ـوحً ِمْنك ْم يشـْتـلو شعلشْيك ْم
شو ْ
احلِ ْك شمةش شويـ شعلِمك ْم شما شْ تشكونوا تشـ ْعلشمو شن فشاذْكر ِوين أشذْك ْرك ْم اب شو ْ ِ ِ ش ِ
آَيتنا شويـشايكيك ْم شويـ شعلمكم الْكشت ش
ون ﴾ [البقرة. ]152 - 149 : وا ْشكروا ِس وحش تشكْفر ِ
ش ش
َّاس شما وحَّه ْم شع ْن قِْبـلشتِ ِهم الَِّيت شكانوا شعلشْيـ شها﴾ [البقرة ]142 :أخرب
* ﴿ ش ـ ـيشـقول ال ُّس ـ ـ شف شهاء ِم شن الن ِ
حتول القبلة من بيت اَّقدس إىل الكعبة من آاثرة هللا -تبارك وتعاىل -مبا ـ ـ ـ ــيقولت اليهود عند ُّ
حمم ٍد هللا ــل هللا عليت نبوة َّ
يدل عل َّ ال ُّ ـ ـكوك ،والتَّس ــايحت قبل وقوي األمر ،ويذا دحلتت فهو ُّ
أن حممداً هللا ـ ـ ــل هللا فدل ذلك عل َّ و ـ ـ ــلم إذ هو أمر يب ،فأخرب عنت قبل وقوعت ،مثَّ وقعَّ ،
الر ــول هللاــل عليت و ــلم ر ــول ،ونب خيربه الوحي مبا ــيقع إذ من األدلَّة عل هللاــدق ر ــالة َّ
هللا عليت و لم ،أن خيرب أبمور يبية مثَّ تقع بعد ذلك.
يستعد اَّسلمون ،ويهيِئوا أنفسهم
َّ حض
عالً للم اكل قبل حدوثهاَّ ،
ٍ وهو ُّ
يدل أيضاً عل
ألن األمر ح يكون مفاجئاً يم ،يكون يذه اَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاكل للت لُّ عليها ،و ِ
الرد عليها ،ودفعها َّ
اَّطهرة (.)258/1
السنَّة َّ
انظر اليهود يف ُّ
()1
ألن اجلميع خيار األمم لتكونوا يوم القيامة شـ ـ ــهداءش األمم َّ السـ ـ ــالم ،واخ انها لكم ،لن علكم ش
مع فون لكم ابلفض ــل .والو ــا هاهنا اخليار ،واألجود ،كما يقال قريش أو ــا العرب نس ــباً
وداراً ،أأ خريها ،وكان ر ول هللا هللال هللا عليت و لم و طاً يف قومت ،أأ أشرفهم نسباً ،ومنت
الصلوات وهي العصر»(.)5 الصالة الو ط الَّيت هي أفضل َّ َّ
َّصور واحعتقاد ،يف التَّفكيـ ـ ـ ـ ـ ــر وال ُّ عـ ـ ـ ـ ـ ــور ،يف التَّنظيم والتَّنسيق ،يف فهي َّأمـ ـ ـ ـ ـ ــة و ا يف الت ُّ
احرتباطات والعالقـات ،يف اَّكان يف َّـرة األرض وأو ـا بقاعها(.)6
ول ِاش ْن يشـْنـ شقلِ شعلش شع ِقبشـْي ِت ت شعلشْيـ شها إِحَّ لِنشـ ْعلش شم شم ْن يشـتَّبِع َّ
الر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ش ِ
﴿وشما شج شع ْلنشا الْقْبـلشةش الَِّيت كْن ش
* ش
َّ ِ وإِ ْن شكانش ْ ِ ِ
اَّلل﴾ [البقرة. ]143 : ين شه شد َّ ت لش شكب شريةً إحَّ شعلش الذ ش ش
َّلول من بيــت ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالة حنو بيــت اَّقــدس كــانــت فتنـةً أأ اختبــاراً ،والت ُّ أن ال َّ فــا يــة تــذكِر َّ
ـاوأ يف تفس ــريه «وما جعلنا قبلتك اَّقدس إىل الكعبة كان أيضـ ـاً اختباراً ،وامتلاانً .قال البيض ـ ُّ
570
يعد اجليل إعداداً كامالً، تبصر ،ومن خالل ما تعاين وداهد ،فا تطاي هللال هللا عليت و لم أن َّ
ِ
ومؤهالً لقيادة الب ـ ـريَّة ،وانطلق أهللا ــلابت من بعده ملون ال َّ بية القرآنيَّة ،وال َّ بية النَّبويَّة إىل كل
هللا ْق ٍع( ،)1وأهللابلوا شهداء عل النَّاس.
الر ـ ـ ــالة؟ وماذا أهللاـ ـ ــبلوا﴿ويـ شعلِمك ْم شما شْ تشكونوا تشـ ْعلشمو شن ﴾ ماذا كانوا قبل الوحي و ِ ــــــــــ ش
ومنِ ِت ،وكرمت أمةً عظيمةً، ٍ ٍ
ذلك؟ كانوا يف حروب ،وهللار ٍاي ،وجاهليَّة عمياء ،وأهللابلوا بفضل هللا ،ش
هم يا إح العمل ابت اء مر اتت بلانت وتعاىل ،وحقَّقوا العبوديَّة يا ر الة ،وهد يف احلياة ،ح َّ
هلل وحده ،والطاعة هللِ وحده ،ولر ولت هللال هللا عليت و لم ،وانتقلوا من نايعة الفردية ،وا اننيَّة،
الدول ــة ،وهللاناعة احلضارة ،وا تلقَّت بفضل هللا، األمة ،وبن ــاء َّ
وايو إىل البناء اجلماعي ،بن ــاء َّ
ت لِلن ِ
َّاس شأتْمرو شن ٍ
أعظم و ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شام ْ ِ يف الوجود ،قال تعاىل ﴿كْنـت ْم شخ ْ شري أ شمة أ ْخ ِر شج ْ
()2 ِ
ومن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ش
ش
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ك ابلْ شم ْعرو شوتشـْنـ شه ْو شن شع ِن الْمْن شكر شوتـ ْؤمنو شن اب ََّّلل﴾ [آل عمران ،]110 :وقــال -أيضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً -ش
﴿وشكـ شذلـ ش
يدا﴾ [البقرة.]143 : الر ول شعلشْيك ْم شش ِه ً شج شع ْلنشاك ْم أ َّمةً شو ش طًا لِتشكونوا ش شه شداءش شعلش الن ِ
َّاس شويشكو شن َّ
ون ﴾ فهذه اَّنن ،وهذه العطاَي ،وهذه اخلريات ـ ـ ﴿فشاذْكر ِوين أشذْكركم وا ْشكروا ِس وحش تشكْفر ِ
ش ْْش
وجل -عل ذكره، عاي َّ حتتاً لذكر هللا يف ال ِ
دو ،واحهللا ـ ـ ـ ــال ،وش ـ ـ ـ ــكره عليها ،وحثَّهم اَّوىل َّ -
ص ـ ـ ـ ـلارأ ،ـ ـ ـ ــائع يف الفيايف ،وح َّق
وبكرمت يذكرون يف اَّ األعل ،بعدما كانوا اتئه يف ال َّ
يذه النعم يعاً أن ت ْ شكر(.!)3
صـ ـ ـلابة من خالل األحداث العظيمة ،وتص ـ ــوغ ال َّ ـ ـ ـهصـ ـ ـيَّة وهكذا ا َيت الكرمية ِ
تريب ال َّ
تعرفت عل طبيعة اليهود من خالل اليت َّ اَّسـ ـ ـ ــلمة القويَّة ،الَّيت ح تر ـ ـ ـ ـ إح ابل ـ ـ ـ ــالم ديناً ،و َّ
الصورة الكلِيَّة النِهائيَّة ،الَّيت تتعمق يف ثناَي طبيعتهم احلقيقيَّة ،وانتهت إىل ُّ القرآن الكر ،وبدأت َّ
ك الْيشـهود شوحش ﴿ولش ْن تشـ ْر ش ـ ـ ـ ـ ـ شعْن ش
تربوا عليها من خالل القرآن الكر ،وال َّ بيشة النَّبويَّة .قال تعاىل ش
ت أ ْشه شواءهم بشـ ْع شد الَّ ِذأ شج ش
اءك ِ ِ ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ شار شح َّض تشـتَّبِ شع ملَّتشـه ْم ق ْل إِ َّن ه شد اَّلل ه شو ا ْي شد شولشئ ِن اتَّـبشـ ْع ش
النَّ ش
ري﴾ [البقرة. ]120 : ك ِمن اَّللِ ِمن وٍِس وحش نش ِ
صٍ ِ ِِ
ش ش م شن الْع ْلم شما لش ش ش
هللا شقاي.
الص ْقع الناحية ،واجلمع أش ْ
(ُّ )1
( )2انظر ال َّ بية القياديَّة ( 438/2ـ .)442
( )3اَّصدر السابق نفست .)442/2( ،
571
- 8من هللافات اليهود يف القرآن الكر
إن اَّتتبِع لتاري اليهود ،ومواقفهم مع اَّصــطف هللاــل هللا عليت و ــلم ي ــاهد تلك األفعال
َّ
الرذيلة ،الَّيت يتَّص ـ ـ ــف هبا هؤحء الب ـ ـ ــر ،وح رابة يف ذلك ،فهي طبيعة ِ
كل القبيلة ،واألخالق َّ
السليمة.
صلي ،وعقيدتت َّ ادمي ينسل من دينت ال َّ
ٍ
كانت معاانة ر ول هللا هللال هللا عليت و لم واَّسلم من اليهود شديدةً ،وأليمةً ،فالقرآن
السري حافلة ابألحداث اجلسيمة مع اليهود، السنَّة ،والتَّاري ،و ِ
ُّ الكر حتدَّث عن بعضها ،وكت
السنَّة النَّبويَّة هللافاهتم القبيلة كالنِفاق ،و وء األدب مع هللا، وقد حتدَّث القرآن الكر ،وبيَّنت ُّ
ور ـ ـ ـ ـ ـولت هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم ،واَّكر ،واخلداي ،واَّداهنة ،وعدم ا نتفاي ابلعلم ،واحلقد،
التكرب ،وح ُّ والكراهية ،واحلس ـ ــد ،واجل ـ ــع ،والبهل ،ونكران اجلميل ،وعدم احلياء ،وال رور ،و ُّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـاحل ،والتَّقليد األعم ،وكتمان العلم، الظهور ،والش ـ ـ ـ ـ ـ ـراك يف العبادة ،وحماربة األنبياء ،وال َّ
بقية يف تنفيذ األحكام ،و ِ
الرش ـ ـ ـ ـ ـ ــوة، َّفرق ،والطَّ َّ
وحتريف اَّعلومات ،والتَّلايل عل اَّرمات ،والت ُّ
الذميمة اليت جاءت يف القرآن والكذب ،والقذارة( ،)1و ـ ــو ن ـ ــري إىل بعض هذه ال ِ
صـ ـ ـفات َّ
الكر .
- 1الشراك يف العبادة
أن هلل ولداً ،وي ـ ـ ـ ــركون معت يف ِعبادتت ريه، فعبادة اليهود ش ـ ـ ـ ــركيَّة ابطلة حيث يعتقدون َّ
ت الْيشـهود عشاييْـر عاي وجل -عليهم بعض مظاهر الش ـ ـراك .قال تعاىل ﴿وقشالش ِ وقد ـ ـ َّ ل هللا َّ -
ش
ين شك شفروا ِم ْن َّ ِ اَّللِ شذلِك قشـويم ِأبشفْـو ِاه ِهم ي ِ ِ ابن َِّ ِ
ض ـ ـاهئو شن قشـ ْوشل الذ ش
ص ـ ـ شار الْ شمس ـ ـي ابْن َّ ش ْ ْ ش ْ ش اَّلل شوقشالشت النَّ ش ْ
ون َِّ ِ شَّن يـ ْؤفشكو شن َّاهشذوا أشحبارهم ورْهب شا،م أشراباب ِمن د ِ
اَّلل شوالْ شمس ـ ـ ـي ش ابْ شن شم ْرشش ْش ش ْ ش ش ْ ْش ً ْ اَّلل أ َّ
قشـْبل قشاتشـلشهم َّ
ن ﴾ [التوبة. ]31 - 30 : وما أ ِمروا إِحَّ لِيـعبدوا إِ شيا و ِ
اح ًدا حش إِلشتش إِحَّ ه شو ْب شلانشت شع َّما ي ْ ِركو ش ًش شْ شش
فهم يكتفوا يف الش ـ ـ ـ ـ ـراك ابلقول ِ
اَّتقدم بل عبدوا أنبياءهم ،وهللاـ ـ ـ ـ ــاحليهم ،واهذواقبورهم
اليهود َّاهذوا ()2
مس ــاجد ،وأواثانً يعبدو،ا من دون هللا .قال هللا ــل هللا عليت و ــلم «قاتش شل هللا ش
قبور أنبيائهم مساجد» [البخاري ( )437ومسلم (. ])530
ش
572
الصاحل
- 2حماربة األنبياء و َّ
يقد ـ ـ ـ ـ ـ ــون فيت أحبارهم ،ورهبا،م إىل درجة العبادة ُدهم يف اَّقابل ح يف الوقت الَّذأ ِ
يتورعون عن حماربة أنبيائهم ،وهللا ـ ـ ـ ــاحليهم ،وي ـ ـ ـ ـ ـنُّون عليهم احلمالت اَّ ر ـ ـ ـ ــة ب ـ ـ ـ ـ َّـض الطُّرق، َّ
حض عن قتلهم كما فعلوا بايكرَي ،و ىي عليهما ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـالم( ،)1وقد والو ـ ـ ـ ـ ــائل كافَّةً ،وح ميتنعون َّ
عاي وجـ َّـل -ألواانً من العــذاب أوقعــت عاي وجـ َّـل -عنهم بــذلــك ،فبعــد أن ب َّ َّ - أخربان هللا َّ -
ك ِأبش َّْ ،م شكانوا يشكْفرو شن الذلَّة والْمس ـ شكنة وابءوا بِ شض ـ ٍ ِمن َِّ ِ عليهم قال ﴿و ـ ِربت علشي ِهم ِ
اَّلل ذشل ش ش ش ش ش ْ ش شش ش ش ْ شْ
احل ِق ذشلِ ش ِ ِ ِرَيت َِّ
ن ﴾ [البقرة. ]61 : ص ْوا شوشكانوا يشـ ْعتشدو ش
ك مبشا شع ش اَّلل شويشـ ْقتـلو شن الْنَّبِيِ ش ب ش ِْري ْش
- 3كتما،م العلم ،وحتريفهم لللقائق
الايمن ،فعن أيب هريرة إن كتمان العلم ،وحتريف احلقائق هللاـ ـ ـ ـ ـ ــفتان مالزمتان لليهود من قد َّ َّ
اب
﴿و ْادخلوا الْبش شر ي هللا عنت ،قال قال ر ول هللا هللال هللا عليت و لم «قيل لب إ رائيل ش
ـ ـ ـ َّ ًدا شوقولوا ِحطَّة﴾ ،فبدَّلوا ،ودخلوا يايحفون عل أش ْ ـ ـ ـتشاههم ،وقالوا شحبَّة يف ش
ش ـ ـ ـعرةٍ» [البخاري
( )3403ومسلم (. ])3015
حمم ٍد هللا ـ ـ ـ ـ ــل ومن أعظم العلوم الَّيت كتمها أحبار اليهود ،وحاولوا إخفاء حقيقتها علم َّ
نبوة َّ
عباس ر ي هللا عنهما قال جاء ر ول هللا هللال هللا عليت و لم رافع هللا عليت و لم ،فعن ابن ٍ
ـتص ـ ـيف ،ورافع بن حرميلة ،فقالوا َي حممد! ألس ـ ش بن حارثة ،و ــالم بن ِم ْ ـ ـكم ،ومالك بن ال َّ
تايعم أنَّك عل ملَّة إبراهيم ،ودينت ،وتؤمن مبا عندان من التَّوراة ،وت ـ ـ ــهد َّأ،ا من هللا حق؟ فقال
ر ول هللا هللال هللا عليت و لم «بل ولكنَّكم أحدثتم ،وجلدذ ما فيها ،اَّا أخذ هللا عليكم
فَان أنخذ من اَّيثاق فيها ،وكتمتم منها ما أمرذ أن تبيِنوه للنَّاس ،فششِربْئت من إحداثكم» .قالوا َّ
وجل -فيهم عاي َّ احلق ،وح نؤمن بك ،وح نتبعك ،فأنايل هللا َّ - فَان عل ايد و ِ مبا يف أيديناَّ ،
اب لش ْست ْم شعلش شش ْي ٍء شح َّض ت ِقيموا التـ َّْوشرا شة [ابن هشام ( )217/2وابن جرير يف تفسريه (﴿ ])310/6قل َيأ ْشهل الْ ِكتش ِ
ْش ش
ك ط ْيشـاانً شوك ْفًرا فشالش ك ِم ْن شربِـ ش
شوا ُِيـ شـل شوشمـا أنْ ِايشل إِلشْيك ْم ِم ْن شربِك ْم شولشيش ِاييـ شـد َّن شكثِ ًريا ِمْنـه ْم شمـا أنْ ِايشل إِلشْيـ ش
كافِ ِرين ﴾ [املائدة. ]68 : ِ
س شعلش الْ شق ْوم الْ ش ش شأتْ ش
اَّطهرة (.)509/2
السنَّة َّ
انظر اليهود يف ُّ
()1
573
- 4التَّف ُّـرق
إن اليهود دائماً ،وأبداً ملتلفون يف األفكار ،مف قون يف األحكام ،حتسـ ـ ـ ــبهم يعاً وقلوهبم َّ
ِ ِ ِ ِ
عاي وجل -يف قولت تعاىل ﴿حش يـ شقاتلونشك ْم ش ًيعا إحَّ يف قر ً ش ـ َّـضَ ،تاماً كما وهللا ــفهم البارأ َّ -
ِ ِ ِ
ص ـ ـنش ٍة أ ْشو ِم شن شوشراء جد ٍر شأبْ ـ ـه ْم بشـْيـنشـه ْم شش ـ ـديد شْحت شس ـ ـبـه ْم شِ ًيعا شوقـلوهب ْم شش ـ ـ َّض شذل ش
ك ِأب َّشْ ،م قشـ ْوم حش حمش َّ
ن ﴾ [احلشر. ]14 : يشـ ْع ِقلو ش
ِ -5
الرشوة
السبل، إن من مسات اليهود يف معا جمتمعاهتم حبثشهم عن حتقيق ال اية اليت ين دو،ا ،ب َّض ُّ َّ
الرش ــوة ،واَّال احلرام ،فأكل ال ُّسـ ـلت من رش ــوةٍ، والو ــائل ولو كانت ملالفةً ل ــرعهم كدفع ِ
ب﴿مسَّاعو شن لِْل شك ِذ ِ احلق -ـ ـ ـ ـ ــبلانت وتعاىل -بذلك ش ومال حرٍام من طباعهم ،وقد وهللاـ ـ ـ ـ ــفهم ُّ
شكالو شن لِل ُّس ـ ـ ـ ـ ـل ِ
وك ض شعْنـه ْم شوإِ ْن تـ ْع ِر ْ
ض شعْنـه ْم فشـلش ْن يشض ـ ـ ـ ـ ـُّر ش احك ْم بشـْيـنشـه ْم أ ْشو أ ْشع ِر ْ ت فشَِ ْن شجاء ش
وك فش ْ ْ أ َّ
اَّلل ِ ُّ الْم ْق ِس ِ ِِ ِِ ششْيـئًا شوإِ ْن شح شك ْم ش
ط ش ﴾ [املائدة. ]42 :
احك ْم بشـْيـنشـه ْم ابلْق ْسا إ َّن َّش
ت فش ْ
- 6النِفاق
وقد أظهر بعض زعماء اليهود ال ـ ـ ـ ــالم ح قويت ش ـ ـ ـ ــوكة اَّس ـ ـ ـ ــلم ابَّدينة ،وتس ـ ـ ـ ـ َّ وا
يل شي ْم آمنوا شك شما شآم شن النَّاس قشالوا ابلنِفاق ،وقد ل هللا عليهم ذلك يف قولـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت تعاىل ﴿وإِذشا قِ
ش ش
َّ ِ ِ ِ ِ َّ ِ
ين آمنوا قشالوا أشنـ ْؤمن شك شما شآم شن ال ُّس ـ شف شهاء أشحش إْ ،م هم ال ُّس ـ شف شهاء شولشك ْن حش يشـ ْعلشمو شن شوإ شذا لشقوا الذ ش
ن ﴾ [البقرة. ]14 - 13 : اطينِ ِه ْم قشالوا إِ َّان شم شعك ْم إَِّجشا شْحنن م ْستشـ ْه ِايئو ش
آمنَّا وإِ شذا خلشوا إِ شىل ششي ِ
ش ش ش شْ
- 7اَّداهنة
عاي وجـ َّـل - فكــانوا يس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــايرون الواقع وااتمع ،وح ينكرون اَّنكر ولــذلــك لعنهم هللا َّ -
و َّ ل لعنتت عليهم يف كتاب ــت العايياي .قال تع ــاىل ﴿لعِن الَّ ِذين شك شفروا ِمن ب ِ إِ رائِيل علش لِس ِ
ان ْ ش ْش ش ش ش ش ش
اه ْو شن شع ْن مْن شك ٍر فشـ شعلوه داوود و ِعيسـ ـ ـ ـ ـ اب ِن مرش شذلِ ش ِ
صـ ـ ـ ـ ـ ْوا شوشكانوا يشـ ْعتشدو شن شكانوا حش يشـتشـنش ش
ك مبشا شع ش ش ش ش ش ْ شْ ش
ن ﴾ [املائدة. ]79 - 78 : س شما شكانوا يشـ ْف شعلو ش ِ
لشبْئ ش
574
- 8عدم احنتفاي ابلعلم
ين صـ ـفة تص ــويراً دقيقاً( .)1قال تعاىل ﴿مثل الَّ ِ
ذ وقد أخربان هللا تعاىل بذلك ،وهللا ـ َّـور هذه ال ِ
ش شش
احلِما ِر ش ِمل أش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شفارا بِْئس مثل الْ شقوِم الَّ ِذين شك َّذبوا ِرَيت َِّ ِ ِ
اَّلل ش ْ ً ش شش ْ وها شك شمثش ِل ْ ش ْ حلوا التـ َّْوشراةش مثَّ شْ شْمل ش
م ش ﴾ [اجلمعة. ]5 : اَّلل حش يـه ِدأ الْ شقوم الظَّالِ ِ
ْش شو َّ ش ْ
- 9احلقد ،والكراهية
ـيء ليس منهم ،والكراهية كل شـ ٍ ـتقرة يف أعماق نفو ــهم احلقد عل ِ من هللاــفات ِ
اليهود اَّسـ َّ
ميت إىل ر ــول هللا هللا ــل هللاـ ـةً إذا كان ُّ
يهودأ مهما كان نوعت ومص ــدره ،وخا َّ ٍ لكل ما هو ري ِ
ـلة ،كما حصـ ــل يف أمر القبلة ،وما حصـ ــل يف حتر اخلمر ،فعن عبد هللا بن هللا عليت و ـ ــلم بصـ ـ ٍ
ـعود ر ـ ــي هللا عنت قال َّا نايلت آية حتر اخلمر ،قالت اليهود أليس إخوانكم الذين ماتوا مس ـ ـ ٍ
ين آمنوا شو شع ِملوا َّ ِ
س شعلش الذ ش وجل ﴿ -لشْي ش
عاي َّ كانوا ي ـربو،ا؟! [احلاكم ( ])144 - 143/4فأنايل هللا َّ -
ات جنا فِيما طشعِموا إِ شذا ما اتَّـ شقوا وآمنوا وع ِملوا ال َّ ِ
احل ِ
ات مثَّ اتَّـ شق ْوا شوآمنوا مثَّ اتَّـ شق ْوا احل ِ ال َّ ِ
صـــــــ ش ش ْ ش شش ش ش صـــــــ ش
سنِ ش ﴾ [املائدة. ]93 : اَّلل ِ ُّ الْمل ِ
ْ شح شسنوا شو َّشوأ ْ
- 10احلسد
الر ـ ـ ـول الر ـ ــالة إذ كانوا يظنُّون َّ
أن َّ َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم عل ِ فقد حس ـ ــد اليهود الن َّ
الر ول هللال الَّذأ يبعث ،يكون منهم ،يت َّمعون حولت ،ويقاتلون بت أعداءهم ،فل ـ َّـما بعِث َّ
هللا عليت و ـ ـ ــلم من ريهم ج َّن جنو،م ،وطار هللاـ ـ ـ ـواهبم ،ووقفوا يعادونت عداوًة ش ـ ـ ــديد ًة ،ولقد
حس ــدوا أهللا ــلابت عل الميان ،ونعمة ايد الَّيت ش ــر هللا هللا ــدورهم يا( ،)2وقد قال تعاىل يف
ت ِيف الْع شق ِد شوِم ْن شش ـ ِر شحا ِ ـ ٍد إِذشا شح شس ـ شد ﴾ [الفلق ،]5 - 4 :و ــورات ذلك ﴿وِمن شش ـ ِر النشـفَّا شاث ِ
ش ْ
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم حينما ــلرتت اليهود .وقال تعاىل تعوذ هبما َّ «الفلق» و«النَّاس» َّ
ند أشنف ِس ـ ِهم ِمن بشـ ْع ِد
اب لشو يـرُّدونشكم ِمن بـع ِد إِميانِكم كفَّاراً حس ـ ًدا ِمن ِع ِ
شش ْ شْ ش ْ
ِ ِ ِ ِ
﴿وَّد شكثري م ْن أ ْشه ِل الْكتش ْ ش ش
ِ ٍ ِ ِ ِِ ِ ِ
شيء قشدير﴾ [البقرة. ]109 :
اهللا شفلواْ شح َّض شرْلش اَّلل أب ْشمره إ َّن اَّللش شعلش كل ش ْ
اعفواْ شو ْ احلش ُّق فش ْ
شما تشـبش َّ ش شيم ْ
( )2انظر ِ
الصراي مع اليهود (.)70/1
575
َّكرب
- 11ال رور والت ُّ
الايمان ،فهم يرون َّأ،م أرق من النَّاس، َّكرب عل اخللق من قد َّ اتَّصــف اليهود ابل رور ،والت ُّ
أن طريق أن اجلنَّة لليهود ،و َّ وأفض ـ ـ ـ ـ ـ ــل من النَّاس ،ويايعمون َّأ،م ش ـ ـ ـ ـ ـ ــع هللا اَّهتار ،ويعتقدون َّ
وجل -يف كتابت عن هذه عاي َّ اليهودية هو طريق ايداية ،و ـ ـ ـ ـ ـواها ـ ـ ـ ــالل ،وقد أخرب اَّوىل َّ -
ص ـ شار تِْل ش َّ ِ اخلصــلة َّ
()1
ك ن
ش
ْ ش شو
أ اود
ً ه ن
ش ا ك
ش ن م
شْ ح إ ة
ش َّ
ن اجل
ْ
ْش ش شلخ د
ْ ي نل
ش ا
و الشق﴿و
ش تعاىل قال . الذميمة فيهم
هللا ـ ِادقِ ش ﴾[البقرة ]111 :وقد مار ـوا ذلك ال رور والتَّعاس عل ِ
أ ششمانيُّـه ْم ق ْل شهاتوا بـ ْرشهانشك ْم إِ ْن كْنـت ْم ش
()2
الصورةالصور ،ومن ذلك هذه ُّ ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،ب َّض الو ائل و ُّ
ول هللا هللال هللا عليت و لم نعمان بن أ اء، عباس ر ي هللا عنهما قال أت ر ش عن ابن ٍ
عدأ ،فكلَّموه ،وكلَّمهم ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،ودعاهم رأ بن عمرو ،وشأس بن ٍ وحب ُّ
شْ
وحذرهم نِقمتت ،فقالوا ما هش ِوفنا َي حممد! حنن أبناء هللا ،وأحبَّايه -كقول النَّص ــار - إىل هللاَّ ،
اَّللِ شوأش ِحبَّايه ق ْل فشلِ شم يـ شع ِذبك ْم بِذنوبِك ْم
َّص شار شْحنن أشبْـنشاء َّ ِ
﴿وقشالشت الْيشـهود شوالن ش
فأنايل هللا تعاىل فيهم ش
ض شوشما بل أشنْـتم ب ش ـ ـر ِاشن خلشق يـ ْ ِفر لِمن ي ش ـ ـاء ويـع ِذب من ي ش ـ ـاء وََِّّللِ م ْلك ال َّس ـ ـماو ِ
ات شواألشْر ِ شش ش ش ش شْ ش ْ ش ش ش شْ ش شْ ْ ش
بـيـنشـهما وإِلشي ِت الْم ِ
صري ﴾ [املائدة. ]18 :
شْ ش ش ْ ش
- 12البهل
من هللا ـ ـ ــفات اليهود القدمية لهم ابَّال ،وعدم إنفاقت يف ـ ـ ــبيل اخلري ،فكانوا رتون رجاحً
فَان َن عليكم الفقر يف ذهاهبا ،وح تسارعوا يف من األنصار ويقولون يم ح تنفقوا أموالكم َّ
َّ ِ
ين يشـْب شهلو شن شو شرْمرو شن النَّـ ـ ش
() 3
اس عالم يكون ،ف ــأنايل هللا فيهم ﴿الـ ـذ ش النَّفق ــة ف ــَنَّكم ح ت ــدرون ش
ين شع شذ ًااب م ِهيناً ﴾ [النس ـ ـ ــاء ]37 :أأ من ِ ِ اَّلل ِمن فش ْ ِ ِ ِابلْب ْه ِل شويشكْتمو شن شما ش
ض ـ ـ ـ ـ ـلت شوأ ْشعتش ْد شان ل ْل شكاف ِر ش آاتهم َّ ْ
حممد هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ﴿وماذشا علشي ِهم لشو آمنوا ِاب ََّّللِ التَّوراة الَّيت فيها تصـ ـ ــديق ما جاء بت َّ
شش ش ْ ْ ْ
اَّلل وشكا شن َّ ِِ ِ ِ ِ
يما ﴾ [النساء . ]39 اَّلل هب ْم شعل ً شوالْيشـ ْوم ا خر شوأشنْـ شفقوا اَّا شرشزقشـهم َّ ش
576
- 13العناد
حمم ٍد هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،إح َّ
أن نبوة ور ـ ــالة َّ بر م قيام األدلَّة ،والربآه ين عل هللاـ ــدق َّ
ألن العناد يقفل َّ اليهود بسـ ـ ـ ــب عنادهم ،امتنعوا عن الميان ،وان مس ـ ـ ـ ـوا يف الكفر ،والتكذي
ِ ِ
توجل -هذه الص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفة يف قولت تعاىل ﴿ شولشئ ْن أشتشـْي ش عاي َّ العقول أبقفال ايو ،وقد ب َّ اَّوىل َّ -
ضت بِتشابِ ٍع قِْبـلشتشـه ْم شوشما بشـ ْعضه ْم بِتشابِ ٍع قِْبـلشةش بشـ ْع ٍك شوشما أشنْ ش
ِ
اب بِك ِل آيشٍة شما تشبِعوا قْبـلشتش ش ِ
ين أوتوا الْكتش ش
َّ ِ
الذ ش
َّك إِذًا لش ِم شن الظَّالِ ِم ش ﴾ [البقرة ]145 :نعم! لو ِ
ت أ ْشه شواءشه ْم ِم ْن بشـ ْعد شما شجاءش شك ِم شن الْعِْل ِم إِن ش ِ
شولشئ ِن اتَّـبشـ ْع ش
قدَّمت يم َي حممد! ألف دليل ودليل ما اقتنعوا ،وما َّريوا ،وما بدَّلوا ،ويص ـ ـ ــدق فيهم قول هللا
ض شوشما تـ ْ ِ ا َيت شوالنُّذر شع ْن قشـ ْوٍم حش يـ ْؤِمنو شن﴾ ات شواأل ْشر ِ تعاىل(﴿ )1ق ِل انْظروا ما شذا ِيف ال َّس ـماو ِ
شش ش
[يونس. ]101 :
هذه بعض ال ِ
ص ـفات الَّيت د َّس ـدت يف ال َّ ـهصــية اليهوديَّة ،والَّيت أشــار القرآن الكر إليها
أأ أأ ٍ
زمان ،أو ِ وقت ،أو ِ أأ ٍ حض ح ي َّ( )2اَّس ـ ـ ـ ــلمون هبم يف ِ لنعر اليهود عل حقيقتهمَّ ،
ٍ
مكان.
رابعاًَّ :
(إن هللا ال يصلح عمل املفسدين):
إن هذه الوثيقة و َّ ـ ـ ـ ـلت مد العدالة الَّيت َتيَّايت هبا معاملة الن ِ
َّب هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم َّ
ص ــ ، ض( )3احلائا مببدأ التَّع ُّ ِ لليهود ،وأعطت َّواط َّ
الدولة مفهوم احلرية الدينيَّة ،و ـ ـربت ع ْر ش
للر ـ ــول مرحلي ،ريثما يتس ـ ـ َّـىن َّ
ٍ ٍ
تكتيك ومص ـ ــادرة األفكار واَّعتقدات ،و تكن اَّس ـ ــألة مس ـ ــألةش
هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم تص ـ ـ ـ ــفية أعدائت يف اخلارً ،لكي يبدأ تص ـ ـ ـ ــفيةً أخر إزاء أولئك الَّذين
يعة رَّابنيَّة(.)4 منبثقة من شر ٍ
وإجا هللادر هذا اَّوقف وفْق يا ٍة إ الميَّ ٍة ٍ عاهدهم ..وحاشاه َّ
ش ش
تؤمن يم احلياة الكرمية يف الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم مع اليهود اَّعاهدات الَّيت ِ لقد عقد َّ
الذ َّمة) ،ولكن طبيعة اليهود ال در واخليانة، الدولة ال ـ ـ ــالميَّة ،حبكم َّأ،م أهل كتاب (أهل ِ ِ
ظل َّ
وعدم الوفاء ،و يس ـ ـ ـ ــتطيعوا -ولن يس ـ ـ ـ ــتطيعوا لؤماً وخ َّسـ ـ ـ ـ ـةً -أن يتهلَّوا عن تلك ال ِ
صـ ـ ـ ـ ـفات
( )3عرض ال َّيء جانبت ،وانحيتت .ويقال رب ابألمر عرض احلائا أللت ،و ي ِ
بال بت. ْ ش ْ
( )4انظر العهد واَّيثاق يف القران الكر ،د .انهللار العمر ،ص .121
577
الذميمة ،فنقض ـ ـوا عهودهم مع ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،وكانت ،ايتهم مبا يتالءم مع َّ
رجال
تلك األفعال حيث أجل ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ب قينقاي ،وب النَّضري ،شوقشـتشل ش
ب قريظة( ،)1وهذا ما ـ ـ ـ ـ ــو نرآه -نذن هللا تعاىل -يف هذا الكتاب ،ولقد أش ـ ـ ـ ـ ــار القرآن
ت ِمْنـه ْم مثَّ يشـْنـقض ـو شن شع ْه شده ْم ِيف َّ ِ
اه ْد ش
ين شع ش
الكر إىل طبيعة اليهود مع العهود ،فقال تعاىل ﴿الذ ش
ك ِل شمَّرةٍ شوه ْم حش يشـتـَّقو ش
ن ﴾ [اآلنفال. ]56 :
والعهد هنا ما عقده ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم مع اليهود ،من ٍ
عهود ،ومواثيق ،أبح
اربوه ،وح يعاونوا عليت ،كما ب َّ ذلك ِ
اَّفسرون(.)1
عدةً ،ومت ايرةًِ ،
ومتنوعةً للكيد لر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ، لقد ــلك اليهود و ــائل َّ
اَّرجوة منها ،وهي
تؤت شارها َّ أن هذه الو ـ ـ ــائل تفل ،و ِوالَّذين آمنوا معت ،ومقاومتهم ،إح َّ
السيا ِي ،فما أ باب ذلك؟ القضاء عل اعة اَّسلم ،ودولتهم ،وكيا،م ِ
الكم ايائل من الكت الَّيت تتلدَّث عن اليهود ،ودورهم العاَّي اخلطري تسـ ـ ــاهم يف إن هذا َّ َّ
ِ
ت( )2هبا َّ
األمة ،ايايائم اجلو للتسليم ابألمر الواقع ،وَتن تفسرياً جاهاياً جلميع ايايائم الَّيت منيش ْ
هتيئة ِ
حد و ٍاء.
احلضاريَّة ،والعسكرية عل ٍ
أبن كل ش ـ ـ ـ ـ ٍ
ـيء مدبـَّر ،ومبشـيَّت ،ومدروس من قِبش ِل اليهود ،أو حمافلهم إن إحس ـ ـ ـ ــاس النَّاس َّ َّ
َّ
أأ عـ ٍ
ـدو يقعــد هبم عن اَّقــاومــة ،واَّواجهــة ،واجلهــاد .ومــا يقــال عن اليهود ميكن أن يقــال عن ِ
هذه اجلماعات دد -أحياانً -من يـ شه ِول من ش ـ ـ ـ ـ ـ ــأ،ا ،ويعطيها أكرب من ح مها ،ف ُّ
كل
من يتلدَّث -مثالً -عن هذه الفئة ال الية اَّنلرفة ،أو يكت ،أو ا ـ ـ ـ ـ ـ ــر ،فهو مهدَّد يف
رزقت ،وحياتت ،إذاً فليس ـ ـ ـ ـ ـ ــكت اجلميع حفاظاً عل أرزاقهم ،وأرواحهم(َّ .)1
إن هذا التَّض ـ ـ ـ ـ ـ ــهيم
ألن أولياء ال َّ ـ ـيطان كيدهم مهما عظم ،وكرب ــعيف. الرهي ألعدائنا اليهود ليس لت حقيقة َّ َّ
وت فشـ شقاتِلوا اَّللِ والَّ ِذين شك شفروا يـ شقاتِلو شن ِيف ـبِ ِيل الطَّا ِ ِ ِ ِ َّ ِ
ش ين آمنوا يـ شقاتلو شن يف ش ـب ِيل َّ ش ش قال تعاىل ﴿الذ ش
ــعف إمياننا، ان شكا شن ش ـ ـعِي ًفا ﴾ [النســاءَّ ،]76 :
فَن َّقوهتم بس ــب ان إِ َّن شكي شد ال َّ ـ ـيطش ِأشولِياء ال َّ ـ ـيطش ِ
ْ ْ ْش ش ْ
صـ ـ ـلي تنهار أمامت يع اَّؤامرات ،وتف ـ ــل بس ـ ــببت يع ألن الميان ال َّ وبـ ْعدان عن منهت ربِنا َّ
بد من نايي عنصر اخلو الَّذأ قتل كثرياً من ايِ شمم ،وأحبا كثرياً من األعمال. اخلطا ،لكن ح َّ
أن (الوهم) قد يقتل. واألحداث تؤكِد َّ
يهودأ أمام عوامل ٍ صـابرة يتلطَّم الكيد كلُّت يهودَيًكان أم ري وح توجد الفئة اَّؤمنة ال َّ
التصدأ والنُّهوض .قال تعاىل ﴿إِ ْن َتشْ شس ْسك ْم شح شسنشة تشس ْؤه ْم شوإِ ْن ت ِصْبك ْم ش يِئشة يشـ ْفشرحوا ِهبشا شوإِ ْن ِ
اَّلل ِمبشا يـعملو شن ِ ِ تش ْ ِ
حميا ﴾ [آل عمران. ]120 :
صربوا شوتشـتـَّقوا حش يشضُّرك ْم شكْيده ْم ششْيـئًا إ َّن َّش ش ْ ش
حض لو كان حبال من األحوال -داهل َّقوة ِ
العدو ،أو التَّقليل من ش ـ ــأنتَّ ، وهذا ح يع ٍ -
عدواً حقرياً ،فضالً عن عدو م شد َّج ٍت ،وقد (الْم شد َّجت من عليت الحت).
واَّطلوب أن نس ـ ـ ـ ـ ـ ــلك طريق احعتدال يف تقدير ح م ِ
العدو ،فال نبال يف هتويل َّقوتت مبا
يوهن قواان ،ويفتِت عايميتنا ،ويسـ ِـوغ لنا ايايمية ،ويف اَّقابل ح نســته بت ،أو نت اهل وجوده(.)2
ِِ اَّلل حش ي ِ
دين ﴾ [يونس. ]81 : و تمضي يف اليهود و ريهم نَّة هللا تعاىل ﴿إِ َّن َّش ْ
صل شع شم شل الْم ْفس ش
***
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم ،ـ ـنَّةش التَّدافع ،وتظهر جلياً يف إن من ال ُّسـ ـنن الَّيت تعامل معها الن ُّ َّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ـ َّـد الف ة اَّدنيَّة مع حركة ال َّسـراَي ،والبعوث ،وال ايوات الَّيت خا ــها الن ُّ
الدين ،وقد أشـ ـ ــار هللا تعاىل إليها يف اَّ ـ ـ ــرك ،وهذه الس ـ ـ ـنَّة متعلقة تعلُّقاً وطيداً ابلتَّمك يذا ِ
ضض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ْم بِبشـ ْع ٍ كتابت العايياي ،وجاء التَّنص ـ ـ ـ ـ ـ ــيص عليها يف قولت تعاىل ﴿ولشوحش دفْع َِّ
َّاس بشـ ْع ش
اَّلل الن ش شْ ش
َّ ِ ِ ت األ ْشرض شولش ِك َّن َّ لششفس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شد ِ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍل شعلش الْ شعالشم ش ﴾ [البقرة ،]251 :ويف قولت تعاىل ﴿الذ ش
ين اَّللش ذو فش ْ ش
ت اَّللِ النَّاس بـعض ـ ـ ـ ـهم بِبـع ٍ ِ أ ْخ ِرجوا ِم ْن ِد شَي ِرِه ْم بِ ش ِْري شح ٍق إِحَّ أش ْن يشـقولوا شربـُّنشا َّ
ض شيد شم ْ اَّلل شولش ْوحش شدفْع َّ ش ش ْ ش ْ ش ْ
اَّلل شم ْن يشـْنص ـره إِ َّن َّ
اَّللش لششق ِوأ اجد ي ْذ شكر فِ شيها ا ْ ـم َّ
اَّللِ شكثِ ًريا شولشيشـْنص ـشر َّن َّ هللا ـو ِامع وبِيع وهللا ـلشوات ومس ـ ِ
ش ش ش ش ش ش ش شش ش
ع ِايياي ﴾ [احلج.]40 : ش
ِ
احلق والباطل، ونالحم يف اية البقرة َّأ،ا جاءت بعد ذكر جوذً من جاذً ال ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراي ب
﴿ولش ِك َّن ِ
وجالوت وأتباعت ،ويذيل هللا تعاىل ا ية بقولت ش ش طالوت وجنوده اَّؤمن ، ش اَّتمثِل هنا يف
أن دفع الفس ـ ـ ــاد هبذا الطَّريق ،إنعام ُّ
يعم ضـ ـ ـ ـ ٍل شعلش الْ شعالش ِم ش ﴾ [البقرة« ]251 :اَّا يفيد َّ
اَّللش ذو فش ْ
َّ
َّاس كلَّهم»(.)1 الن ش
وأتل ايــة احلت بعــد إعالن هللا تعــاىل أنـَّت يــدافع عن أوليــائــت اَّؤمن ،وبعــد إذن ـت يم -
اَّلل شم ْن يشـْن صره إِ َّن َّ ٍ ٍ
اَّللش عدوهم ،وخيتتم ا ية بتقري ٍر لقاعدة أ ا يَّة ش
﴿ولشيشـْن صشر َّن َّ بلانت -بقتال ِ
لششق ِوأ شع ِايياي ﴾
حبد لت من َّأم ٍة
أن القض ــاء عل الباطل وتدمريهَّ ، ص ـلابة هذه ال ُّسـ ـنَّة ،وعلموا َّ لقد أدرك ال َّ
ائم تنهض ب ــت، احلق ت ــاً إىل عاي ش أن َّوقوة ت ــدم الب ــاط ــل ،وتايهق ــت ،وأيقنوا َّ
ي ــا قي ــادة ومنهتَّ ،
اعد َتضـ ـ ــي بت ،وقلوب حتنو عليت ،وأعصـ ـ ــاب ترتبا بت .لقد علَّمهم الن ُّ
َّب هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـو ش
الرازأ (.)514/3
انظر مفاتي ال ي ،للفهر َّ
()1
581
و ــلم كيف يتعاملون مع هذه ال ُّسـنَّة ،فا ــت ابوا ألمر هللا تعاىل عندما أمرهم ابجلهاد يف ــبيلت،
األمة ،وجعلت فريضـ ـةً ما ــيةً إىل يوم القيامة ،ح يبطلت
وجل -اجلهاد يذه َّ عاي َّ
فقد ش ــري هللا َّ -
أذيم هللا ،و ـلَّا عليهم َّ
عدوهم .وقد شــري هللا - جور جائ ٍر ،وح عدل عادل ،وما تركت قوم إح َّ
أروض للنَّفس ،وأكثر مالءمةً للطَّبع الب ــرأ ،وأحسـ ــن
وجل -اجلهاد عل مراحل ليكون ش عاي َّ َّ
موافقةً لِ شس ِْري الدَّعوة ،وطريقة هطيطها( )1فكان ت ريع القتال عل مراحل
َّب هللا ــل هللا
مكة ،وكانوا يطالبون الن َّ اَّرحلة األوىل احلظر ،وذلك عندما كان اَّس ــلمون يف َّ
عليت و ـ ـ ـ ــلم ابلذن يم يف القتال ،في يبهم هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم «اهللا ـ ـ ـ ــربوا ف َِين أيمر
ابلقتال» [الكشاف (.)2(])199/4
ين يـ شقاتشـلو شن ِأب َّشْ ،م ظلِموا شوإِ َّن ِ ِِ ٍ
اَّرحلة الثانية الذن بت من ري إجياب .قال تعاىل ﴿أذ شن للَّذ ش
اَّلل علش نشص ِرِهم لششق ِ
دير ﴾ [احلج. ]39 :
َّش ش ْ ْ
ين اَّرحلة الثالثة وجوب قتال من قاتل اَّس ـ ـ ـ ــلم .قال تعاىل ﴿وقشاتِلوا ِيف ـ ـ ـ ـبِ ِيل َِّ َّ ِ
اَّلل الذ ش ش ش
دين ﴾ [البقرة. ]190 : ِ يـ شقاتِلونشكم وحش تشـعتشدوا إِ َّن َّ ِ
اَّللش حش ُّ الْم ْعتش ش ْش ْ
ِ ِ
﴿وقشاتلوا الْم ْ ـ ـ ـ ـ ـ ِرك ش
اَّرحلة الرابعة فرض قتال عموم الكفَّار عل اَّسـ ـ ـ ـ ــلم .قال تعاىل ش
َّق ش ﴾ [التوبة. ]36 :اَّلل مع الْمت ِ شكافَّةً شك شما يـ شقاتِلونشك ْم شكافَّةً شو ْاعلشموا أ َّ
شن َّش ش ش
الدولة ال الميَّة الناشئة ،وحالة اجليش التدرً يف حكم القتال ،كان يقتضيت و ع َّ إن هذا ُّ َّ
العدد ،والعدد والتَّدري ،وما إىل ذلك، ـالمي الَّذأ كان اخذاً يف التَّكوين ،من حيث ش ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
فكان حب َّد من مضـ ـ ـ ِـي ف ةٍ من الوقت ،يكون ُّ
التعرض فيها ألعداء الدَّعوة ال ـ ـ ــالميَّة من كفَّار
التعرضقريش -الَّذين اذوا اَّس ـ ـ ــلم ،وا ـ ـ ــطروهم إىل اخلروً من دَيرهم ..يكون فيها ذلك ُّ
صل عود ألعداء الدَّعوةَّ ،إجا هو عل بيل احختيار ،ح عل بيل الجبار ،وذلك إىل أن يش ْ
ص ـ ـمود أمام قو الكفر يف اجلاييرة العربيَّة، ـتد أب ـ ـها ،حبيث تسـ ــتطيع ال ُّ الدولة ال ـ ــالميَّة ،وي ـ ـ َّ َّ
وحينئذ رل وجوب ٍ حض لو عملت قريش عل أتليبها ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـد اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،كما وقع فيما بعد! َّ
الدولة ال ــالميَّة ،واجليش ال ــالمي ،عل أ ْهبش ِة اح ــتعداد حالة تكون فيها أو ــاي َّ القتال ،يف ٍ
( )1انظر القتال واجلهاد َّ ،مد خري هيكل (.)464 ، 463/1
السرية ص .161( )2انظر درا ات يف ِ
583
[البخاري ( )2817ومسلم (. ])109/1877 الكرامة»
العملي
ُّ - 2التَّدري
األمة القادرة عل البذل ،والعطاء، كل طاقات َّ َّب هللاــل هللا عليت و ــلم إىل اعتماد ِــع الن ُّ
ابلرم ،كل مهارةٍ يف القتال ،طعناً ُّ َّمرس عل ِ رجاحً ،ونساءً ،وهللابياانً ،وشباابً ،وشيوخاً ،وإىل الت ُّ
و ـرابً ابل َّسـيف ،ورمياً ابلنَّبل ،ومناورةً عل ظهور اخليل ،وكان هللاــل هللا عليت و ــلم ميايً شخطَّي
ال َّ بية العس ـ ـ ـ ـ ــكريَّة اَّتوازن التَّوجيت ،والتدري ،واألمل يف النَّص ـ ـ ـ ـ ــر ،أو اجلنة ،وتقد اجلهد يف
ض اَّس ــلم عل إتقان ما تعلَّموا من فنون ِ
الرماية .قال ر ــول هللا هللا ــل ــاحات القتال ،و ُّ
عص ـ ـ » [مس ــلم ( )1919وأمحد ()148/4
الرمي مثَّ تركت فليس منَّا ،أو ق ْد ش شهللا عليت و ـ ــلم «من شعلِ شم َّ
وحض شم ْن دخلوا يف ِن ال يهوخة ،للتَّدري عل األمةَّ ،
وابن ماجه ( ،])2814فهي دعوة إىل عموم َّ
ويوجهها األمة يعهاِ ، يهتم بطاقات َّ إن ال ـ ــالم ُّ إهللا ـ ــابة ايد ،ومهارة اليد ون ـ ــاط احلركةَّ .
ايمة. حنو اَّعاسِ ،
وعلو َّ
ث عل ِ
كل وحال ،و ُّ كل ظر ٍ ٍ يهتم ابألعداء عل حس ـ ـ ِ وكان هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ُّ
ـيلة يس ـ ــتطيعها اَّس ـ ــلمون ،وقد ثبت عنت هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم أنَّت قال «و ِ
أعدوا يم ما و ــ ٍ
الرمي!» [مس ــلم ( )1917وأبو
القوة َّ
إن َّالرمي! أح َّ
القوة َّ
إن َّ الرمي! أح َّ
القوة َّ ا ـ ــتطعتم من قوة أح َّ
إن َّ
داود ( )1514والرتمذي ( )3083وابن ماجه (. ])2883
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلابة يف جهادهم هلل تعاىل طمعاً يف ثوابت ،وخوفاً من عقابت ،فكان ولذلك أخلص ال َّ
كالمهم هلل ،وأنفقوا أموايم ابت اء مر ـ ـ ـ ــاة هللا ،وقدَّموا أنفس ـ ـ ـ ــهم دفاعاً عن دين هللا ،ومن أجل
الصلابة يف بيل هللا تعاىل آاثره العظيمة يف تايكية نفو هم، إعالء كلمة هللا تعاىل ،وكان جلهاد َّ
والَّيت تت لَّ يف اجلوان التَّالية
(أ) حترير النَّفس من ح ِ احلياة ،والتَّعلُّق هبا
الايهد يف الدُّنيا ،والتَّطلُّع إىل ا خرة ،والتَّ ـ ـ ـ ُّـوق َّا
اجلهاد يف ـ ـ ــبيل هللا تدري عملي عل ُّ
ـالمي يف تايكية النَّفس أعدَّه هللا لعباده يف اجلنَّة ،وهذا من أعظم ما يهد إليت اَّنهت ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ
فاااهد يبيع نفس ــت هلل تعاىل ابت اء مر ــاتت ،وهللا ــبلانت واه ا نفس ،واألموال ،ومالكها،
يكرم عباده اااهدين أبن ي أ منهم ما وهبهم إذا بذلوها يف بيلت(.)1
اجلشنَّةش يـ شقاتِلو شن ِيف ش ـ ـبِ ِيل اَّللش ا ْشـ ـ شش ِم شن الْم ْؤِمنِ ش أشنْـف شسـ ـه ْم شوأ ْشم شوا شي ْم ِأب َّ
شن شيم ْ قال تعاىل ﴿إِ َّن َّ
اَّللِ فشـيـ ْقتـلو شن ويـ ْقتـلو شن وع ـ ـ ًدا علشي ـ ـ ِت ح ًّق ـ ـا ِيف التـَّوراةِ وا ُِي ـ ِـل والْقرآن ومن أشو ش بِعه ـ ـ ِدهِ ِمن َِّ
اَّلل ش شش ْ ْ شْ ش ْش ش ش ش شْ شْ ش َّ ش
احلش ِامدو شن
ك ه شو الْ شف ْوز الْ شع ِظيم التَّائِبو شن الْ شعابِدو شن ْ ِ ِ
فشا ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـتشـْب ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـروا بِبشـْيعِكم الَّذأ شابيشـ ْعت ْم بِِت شوذشل ش
( )1منهت ال الم يف تايكية النَّفس ،د .أنس أحد كرزون (.)293/1
585
اَّللِ احلافِظو شن ِحلد ِ ِ ِ ِ ال َّس ـ ـ ـائِلو شن َّ ِ
ود َّ الراكعو شن ال َّس ـ ـ ـاجدو شن ا مرو شن ِابلْ شم ْعرو شوالنَّاهو شن شع ِن الْمْن شك ِر شو ْش
وب ِ ِر الْم ْؤِمنِ ش ﴾ [التوبة. ]112 - 111 :
شش
الصرب ،والفداء
(ب) َتليص النَّفس ،وتدريبها عل َّ
َّب هللاـل هللا عليت و ـلم يم َّ
أن اجلنَّة حمفوفة ابَّكاره ،وح صـلابة الكرام من تربية الن ِ
أيقن ال َّ
ص ـ ـعاب ليقو بنيا،ا ،وتص ــمد يف ـاق ،وال ِ
وحبد من تعويد النَّفس عل اَّ ـ ِ تنال براحة البدنَّ ،
وجت ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدائد ،واألهوال ،وتدي اخلمول ،والكسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ،والتَّواين ،وتعلَّموا من القرآن الكر َّ
أن
تتعرض النُّفوس للتَّمليص ليظهر ثباهتا ،ويس ــتقيم حايا ،و َّ
أن حكمة هللا ــبلانت اقتض ــت أن َّ
ميدان اجلهاد من أكرب اَّيادين يذا التمليص(.)1
ك األ َّشَيم ن شدا ِويشا بشْ ش الن ِ
َّاس س الْ شق ْوشم قشـ ْر ِمثْـلت شوتِْل ش قال تعاىل ﴿إِ ْن ميشْ شسـ ـ ـ ـ ـ ْسـ ـ ـ ـ ـك ْم قشـ ْر فشـ شق ْد شم َّ
ين اَّلل حش ِ ُّ الظَّالِ ِم ولِيم ِلص َّ َّ ِ اَّلل الَّ ِذين آمنوا ويـت ِ
َّه شذ ِمْنك ْم ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شه شداءش شو َّ ِ
اَّلل الذ ش ش ش ش ش شش شوليشـ ْعلش شم َّ ش
اهدوا ِمْنك ْم شويشـ ْعلش شم اجلنَّةش ول َّـما يـعلشِم َّ َّ ِ ِ ِ
ين شج ش اَّلل الذ ش ين أ ْشم شحسْبـت ْم أش ْن تش ْدخلوا ْش ش ش ْ آمنوا شوميشْ شل شق الْ شكاف ِر ش
ت ِم ْن قشـْبـ ـ ِل أش ْن تشـ ْل شق ْوه فشـ شقـ ـ ْد شرأشيْـتموه شوأشنْـت ْم تشـْنظرو شن ﴾ ين شولششقـ ـ ْد كْنـت ْم شَتشنـ َّْو شن الْ شم ْو ش ال َّ ِ
صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاب ِر ش
[آل عمران. ]143 - 140 :
وقوة يا
عاية للنَّفسَّ ،
(ً) اجلهاد َّ
أن اجلهاد يف ـ ـ ــبيل هللا تعاىل َّبوأ الكر َّص ـ ـ ـلابة ر ـ ـ ــي هللا عنهم من ايدأ الن ِ وتعلَّم ال َّ
العاية يف نفس اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،وتقويـة كيـا،ـا ،وتطهريهـا من ال ِـذلَّـة ،واَّهـانـة، و ـ ـ ـ ـ ـ ــيلـة عظيمـة لتنميـة َّ
الصفات اَّهلكة للفرد ،وااتمع ،فقد ب َّ يم بلانت وتعاىل يف كتابت واخلمول ،و ري ذلك من ِ
العاية من إميانت بربت ،وَت ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكت بدينت قال تعاىل أن اَّؤمن عايياي اجلان ألنَّت يس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ
ـتمد َّ العايياي َّ
ن﴾ [املنافقون. ]8 :﴿وََِّّللِ الْعَِّاية شولِشر ولِِت شولِْلم ْؤِمنِ ش شولش ِك َّن الْمنشافِ ِق ش حش يشـ ْعلشمو ش
ش
تعودت نفس ـ ـ ـ ــت ِ
الذلَّة ،وايوان، فَذا هلَّ اَّس ـ ـ ـ ــلم عن اجلهاد ،وشـ ـ ـ ـ ـ ل ابلدُّنيا عن ا خرة َّ
الذ َّل ،واخلضوي) قال هللال هللا عليت و لم «إذا تبايعتم ابلعينة(،)2 واح تكانة ،واخلنوي (أأ ُّ
ابلايري ،وتركتم اجلهاد ،ـ ـ ـ ـ ـ ـلَّا هللا عليكم ذحً ،ح ينايعت َّ
حض وأخذذ أذانب البقر( ،)3ور ـ ـ ـ ـ ــيتم َّ
الرأ ،وعكفتم عل ذلك ،فلم تن لوا إح بت. معناه اهذذ اَّاشية لللرث و َّ
()3
586
[أبو داود ( )3462وأمحد ( 42/2و. ])84 ترجعوا إىل دينكم»
من جعل الدُّنيا أكرب ِلت ،ومبل علمت ،وح يعمل إح يا ،وح يفكر إح من وخي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ عل ْ
ين حش يشـ ْرجو شن لِشقـاءش شان شوشر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا ِاب ْحلشيشـاةِ الـ ُّـدنْـيشـا ِ َّ ِ
أجلهــا أن يكون اَّن قــال هللا تعــاىل فيهم ﴿إ َّن الـذ ش
ك شم ـأْ شواهم النـَّار ِمبشـا شك ـانوا يش ْك ِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبو شن ﴾ ِ ِ َّ ِ
ين ه ْم شع ْن آَيتنشـا ش ـافلو شن أولشئِـ ش
شواطْ شم ـأشنُّوا هبشـا شوال ـذ ش
[يونس. ]8- 7 :
وقد قال هللال هللا عليت و لم «من مات و يـ ْاي ،و ِدث بت نشـ ْفست مات عل ش ٍ
عبة ش ش ش شْ
من ٍ
نفاق» [مسلم ( )1910وأمحد ( )374/2وأبو داود ( )2502والنسائي (. ])8/6
ص ـ ـلابة الكرام ر ــي هللا عنهم ،ــلكوا طريق اجلهاد أبنواعت ،وبذلك حظوا ابلب ــارة َّ
إن ال َّ
اهدوا فِينشا لشنشـ ْه ِديشـنـَّه ْم ـ ـ ـبـلشنشا شوإِ َّن َّ
اَّللش لش شم شع الْم ْل ِس ـ ـ ـنِ ش ﴾ ين شج ش
العظم ،وهي قولت تعاىل َّ ِ
﴿والذ شش
[العنكبوت. ]69 :
كل َّقوةٍ
الظالل «هناك واج آخر عل اجلماعة اَّسـ ـ ـ ــلمة ،وهو أن حتش ِطم َّ قال هللاـ ـ ـ ــاح ِ
حريَّـ ٍة ،أو هتـ ِـدد حريــة اعتنــاق العقيــدة ،وتفنت النـَّاس
تع ض طريق الــدَّعوة ،وإبال هــا للنـَّاس يف ِ
لقوةٍ يف األرض ،ويكون حض تصب الفتن ـ ـ ـ ــة للمؤمن ابهلل ري اكن ٍة َّ ـظل داهد َّ عنه ـ ـ ـ ــا ،وأن ت ـ ـ ـ ـ َّ
الدين هلل ح مبعىن إكرآه الناس عل الميان ،ولكن مبعىن ا ـ ـ ـ ـ ــتعالء دين هللا يف األرض ،حبيث ِ
ح خي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أن يدخل فيت من يريد الدُّخول ،وح خيا َّقوةً يف األرض تص ـ ـ ـ ـ ـ ــدُّه عن دين هللا أن
يبل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ،وأن يست ي لت ،وأن يبق عليت ،وحبيث ح يكون يف األرض و ع ،أو نظام
ـيلة ،وأبيَّة أداةٍ ،ويف حدود هذه اَّبادئ نور هللا وهداه عن أهلت ،ويضـلَّهم عن ــبيل هللا أبيَّة و ـ ٍ
العامة كان اجلهاد يف ال ـ ـ ــالم .إنَّت اجلهاد للعقيدة ،حلمايتها من احلصـ ـ ــار ،وحايتها من الفتنة، َّ
يهم ابحعتـ ــداء
وحاية منه ها ،وشريعتها يف احلياة ،وإقرار رايتهـ ــا يف األرض حبيث يشـ ـ ْـرشهبها من ُّ
تتعرض لـت ،أو َتنعت،كل را ٍ فيهـا ،ح خي ق َّـوًة أخر يف األرض َّ عليهـا ،وحبيث يل ـأ إليها ُّ
587
أو تفتنت.
ويقره ،ويثبت عليت ،ويشـ ْعتشِرب الَّذين يقاتلون
وهذا هو اجلهاد الوحيد الَّذأ رمر بت ال ـ ـ ـ ــالمُّ ،
فيت شهداء ،والَّذين شْتش ِملون أعباءه أولياء»(.)1
- 2حاية ال َّعائر ،والعبادات
ِ ِِ ٍ ٍ اَّلل ي شدافِع ع ِن الَّ ِذين آمنوا إِ َّن َّ ِ ِ
اَّللش حش ُّ ك َّل شخ َّوان شكفور أذ شن للَّذ ش
ين ش ش قال تعاىل ﴿إ َّن َّش
ين أ ْخ ِرجوا ِم ْن ِد شَي ِرِه ْم بِ ش ِْري شح ٍق إِحَّ أش ْن َّ ِ اَّلل علش نش ِ ِ
ص ـ ِره ْم لششقدير الذ ش
ِ
يـ شقاتشـلو شن ِأب َّشْ ،م ظلموا شوإِ َّن َّش ش ْ
ض شي ِدمت هللا ـ ـ ـو ِامع وبِيع وهللا ـ ـ ـلشوات ومس ـ ـ ـ ِ اَّللِ النَّاس بـ ْع ش ِ
اجد ض ـ ـ ـه ْم ببشـ ْع ٍ ش ْ ش ش ش ش ش ش ش ش ش ش اَّلل شولش ْوحش شدفْع َّ ش ش يشـقولوا شربـُّنشا َّ
ين إِ ْن شم َّكنَّاه ْم ِيف َّ ِ ي ْذ شكر فِ شيها ا ْ ـ ـم َّ
اَّللِ شكثِ ًريا شولشيشـْنص ـ ـشر َّن َّ
اَّلل شم ْن يشـْنص ـ ـره إِ َّن َّ
اَّللش لششق ِوأ شع ِايياي الذ ش
الايشك ـا شة شوأ ششمروا ِابلْ شم ْعرو ِ شوش،شْوا شع ِن الْمْن شك ِر شوََِّّللِ شع ـاقِبش ـة األموِر ﴾
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالششة شوآتشـوا َّ
ض أشقش ـاموا ال َّ األ ْشر ِ
[احلج. ]41 - 38 :
قال النَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــفي -رحت هللا! « -أأ لوح إظهاره ،وتس ـ ـ ـ ـ ـ ــليطت اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم عل الكافرين
ابااهدة ح توىل اَّ ركون عل أهل اَّلل اَّهتلفة يف أزمنتهم ،وعل متعبَّداهتم ،فهدموها ،و
ات أأ كنائس ،وح للمسـ ـ ــلم ي كوا للنَّصـ ـ ــار بيعاً ،وح لرهبا،م هللا ـ ـ ـوامع ،وح لليهود هللاـ ـ ــلو ٍ
حمم ٍد هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم عل اَّسـ ـ ــلم ،وعل أهلمس ـ ــاجد ،أو ل ل اَّ ـ ــركون يف َّأمة َّ
ذمتهم ،وهــدموا متعبَّـدات الفريق ،وقــدَّم ري اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاجــد عليهــا لتقــدُّمهــاالكتــاب الَّـذين يف َّ
وجوداً ،أو لقرهبا من التَّهد »(.)2
- 3دفع الفساد عن األرض
ِِ ِ
ت أشقْ شد شامنشا شوانْص ْرشان هللا ْ ًربا شوثـشبِ ْ
وت شوجنوده قشالوا شربـَّنشا أشفْ ِر ْغ شعلشْيـنشا ش ﴿ولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما بشـشرزوا جلشال ش
قال تعاىل ش
احلِ ْك شم ـةش
ك شو ْ علش الْ شقوِم الْ شكـ ـافِ ِرين فشـهايموهم نِِ ْذ ِن َِّ
اَّلل الْم ْلـ ـ ش
آاته َّ وت شو شاَّلل شوقشـتش ـ شل شداوود شجـ ـال ش شش ْ ش ْ ش
ت األ ْشرض شولش ِك َّن َّ ض لششفس ـ شد ِ اَّللِ النَّاس بـ ْع ش ِ ِ
ض ـ ٍل شعلش
اَّللش ذو فش ْ ض ـه ْم ببشـ ْع ٍ ش شو شعلَّ شمت اَّا يش ش ـاء شولش ْوحش شدفْع َّ ش ش
من الْمر لِ ش ﴾ [البقرة. ]252 - 250 : ك ِاب ْحل ِق وإِن ش ِ الْعالش ِم تِْلك آَيت َِّ
َّك لش ش ْ ش وها شعلشْي ش ش ش اَّلل نشـْتـل ش ش ش ش
ض لششف شسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شد ِت
ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ْم بِبشـ ْع ٍ قال ابن كث ٍري يف تفس ـ ـ ـ ـ ـ ــري قولت تعاىل ﴿ولشوحش دفْع َِّ
َّاس بشـ ْع ش
اَّلل الن ش شْ ش
السعدأ (.)309/1
تفسري َّ
()3
هللا لل هاد ،والتَّطلُّع إىل وجت هللا ،ور ـ ـ ـ ـ ــاه ،وت ـ ـ ـ ـ ــيل تلك( ،)2ويعلم هللا من هذه النُّفوس َّأ،ا
خِريت ،فاختارت ،و َّأ،ا تربَّت ،فعرفت ،و َّأ،ا ح تندفع بال وع ٍي ولكنَّها ِ
تقدر ،وهتار.
كل جو ٍلة ما
َّعرض للموت يف ِ ً -ويريد ليص ــللهم ففي معاانة اجلهاد يف ــبيل هللا ،والت ُّ
هو ،الَّذأ يكلف النَّاس الكثري من نفو ـ ـ ـ ـ ـ ــهم ،وأخالقهم، يعود النَّفس اح ـ ـ ـ ـ ـ ــتهانة طر اَّ ِ
ِ
وموازينهم ،وقيمهم ،ليتَّقوه ،وهو هِ ،هِ عند من يعتاد مالقاتت ،ـ ـ ـ ـواء ش ـ ـ ـ ـلِ شم منت ،أو حقاه،
مرةٍ ،يفعل يف النفس يف حلظات اخلطر شـ ـ ــيئاً ِ
يقربت للتَّصـ ـ ـ ُّـور فعل الكهرابء َّوجت بت هلل يف ِ
كل َّ والت ُّ
ونقاء ،وهللاال . هللافاءٍ ،
ٍ ابألجسام ،وكأنَّت هللايا ة جديدة للقلوب واألروا ،عل
ثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـم هي األ ــباب الظَّاهرة لهللا ــال اجلماعة الب ـ ـريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة كلِها عن طريق قياداهتا أبيدأ
كل زخارفها ،وهانت عليهم احلياة كل أعراض الدُّنيا ،و ِ اااهدين الَّذين فر ت نفو ـ ـ ـ ـ ـ ــهم من ِ
وهم خيو ـ ـ ـ ــون ِمار اَّوت يف ـ ـ ـ ــبيل هللا ،و يعد يف قلوهبم ما ي ـ ـ ـ ـ لهم عن هللا ،والتَّطلُّع إىل
ر اه .وح تكون القيادة يف مثل هذه األيدأ تصل األرض كلُّه ـ ـ ــا ،ويصل العب ـ ـ ــاد ،ويصب
ضـ ـالل ،والفس ــاد ،وهي قد اشـ ـ هتا عايياياً عل هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذه األيدأ أن تس ــلِم راية القيادة للكفر ،وال َّ
الاي ل ال ِ ُّ
ش. (َّ )1
( )2شال اَّيايان ارتفعت إحد كفَّتيت ،انظر لسان العرب (.)375/11
590
كل عايي ٍاي ،و ٍال أرخصتت لتتسلَّم هذه الراية ،ح لنفسها ،ولكن هلل»(.)1 ِ
ابلدماء ،واألروا ،و ُّ
- 5إرهاب الكفَّار ،وإخايايهم ،وإذحيم ،وتوه كيدهم
اخلشْي ِل تـ ْرِهبو شن بِِت شعد َّو ا ََّّللِ شو شعد َّوك ْم شع ُّدوا شي ْم شما ا ْ ـ ـتشطش ْعت ْم ِم ْن قـ َّوةٍ شوِم ْن ِرشاب ِط ْ
قال تعاىل ﴿وأ ِ
ش
اَّللِ يـ شو َّ إِلشْيك ْم شوأشنْـت ْم اَّلل يشـ ْعلشمه ْم شوشما تـْن ِفقوا ِم ْن ششـ ـ ْي ٍء ِيف ش ـ ـبِ ِيل َّو،م َّ شوآخرين ِم ْن دوْ ِِ،م حش تشـ ْعلشم ش
حش تظْلشمو شن ﴾ [اآلنفال ،]60 :وقال تعاىل ﴿قشاتِلوه ْم يـ شع ِذ ْهبم اَّلل ِأبشيْ ِديك ْم شوخيْ ِايِه ْم شويشنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْرك ْم شعلشْي ِه ْم
اَّلل شعلِيم اَّلل شعلش شم ْن يش ش ـ ـ ـ ـ ـاء شو َّ م قـلوهبِِ ْم شويشـتوب َّ ف هللاـ ـ ـ ـ ـد شور قشـ ْوٍم م ْؤِمنِ ش شوي ْذ ِه ْ شْي ش وي ْ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
شش
ت ت إِ ْذ شرشمْي ـ ش شح ِكيم ﴾ [التوبــة ،]15 - 14 :وقــال تعــاىل ﴿فشـلش ْم تشـ ْقتـلوه ْم شولش ِك َّن َّ
اَّللش قشـتشـلشه ْم شوشم ـا شرشمْي ـ ش
وهن شكْي ِد اَّلل م ِ
شن َّش اَّللش شِمسيع شعلِيم ذشلِك ْم شوأ َّ اَّللش شرشم شولِيـْبلِ شي الْم ْؤِمنِ ش ِمْنت بشالشءً شح شسناً إِ َّن َّ
شولش ِك َّن َّ
ِ
ين ﴾ [اآلنفال. ]18 - 17 : الْ شكاف ِر ش
- 6ك ف اَّنافق
يث ِم شن الطَّيِ ِ شوشما اخلشبِ ش اَّلل لِيش شذ شر الْم ْؤِمنِ ش شعلش شما أشنْـت ْم شعلشْي ِت شح َّض شميِ شياي ْ
﴿ما شكا شن َّ
قال تعاىل ش
اَّللش شْجيتشِب ِم ْن ر ـلِ ِت شم ْن يش ش ـاء فشآمنوا ِاب ََّّللِ شور ـلِ ِت شوإِ ْن تـ ْؤِمنوا
اَّلل لِيطْلِ شعك ْم شعلش الْ شْي ِ شولش ِك َّن َّ
شكا شن َّ
ظيم ﴾ [آل عمران. ]179 : وتشـتَّـقوا فشـلشكم أشجر ع ِ
ْ ْ ش ش
عدوه، قال ابن كثري «أأ َّ
حبد أن يعقد ـ ـ ـ ـ ـ ــبباً من اَّنة يظهر فيت وليُّت ،ويفتض ـ ـ ـ ـ ـ ـ فيت ُّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـابر ،واَّنافق الفاجر ،يع بذلك يوم أحد ،الذأ امتلن هللا بت اَّؤمن ، يعر بت اَّؤمن ال َّ
فظهر بت إميا،م ،وهللا ـ ـ ــربهم ،وجلشدهم ،وثباهتم ،وطاعتهم هلل ،ور ـ ـ ـولِت هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـلم ،
وهتك بت ِ ـ ـ ْ ش اَّنافق ،فظهر ملالفتهم ،ونكويم عن اجلهاد ،وخيانتهم هللِ ،ولر ـ ـولت هللا ــل هللا
عليت و لم »(.)2
- 7إقامة حكم هللا ،ونظام ال الم يف األرض
إن إقامة حكم هللا يف األرض هد من أهدا اجلهاد ،قال هللا تعاىل ﴿إِ َّان أشنْـشايلْشنا إِلشْي ش
ك َّ
صيما ﴾ [النساء. ]105 : ِ ِ ِِ اب ِاب ْحلشِق لِتش ْلك شم بشْ ش الن ِ
َّاس ِمبشا أ ششر شاك َّ ِ
اَّلل شوحش تشك ْن ل ْل شهائن ش شخ ً الْكتش ش
( )1انظر اجلهاد يف بيل هللا ،د .عبد هللا القادرأ (.)162/2
( )2انظر تفسري القرطب (.)279/5
592
قال ابن قدامة -رحت هللا « -ويتع َّ اجلهاد يف ثالثة موا ـ ـ ــع ...الثاين إذا نايل الكفار
ٍ
ببلد مع َّ ٍ عل أهلت قتايم ،ودفعهم»(.)1
العدو منت ،ف ِرض عل
خيف ه وم ِكل مو ـ ـ ٍع ش وقال بعض علماء احلنفيَّة «وحاهللا ــلت َّ
أن َّ
المام ،أو عل أهل ذلك اَّو ـ ـ ــع ،حفظت ،وإن يقدروا ف ِرض عل األقرب إليهم إعانتهم إىل
حصول الكفاية مبقاومة ِ
العدو»(.)2
حرم عل إن هللا ـ ـ ـ ـ ــبلانت َّ عدو الظُّلم ب رعاَيه -ولو كانوا كفاراً َّ - ً -أن ين ـ ـ ـ ـ ــر ال ُّ
لكل النَّاس ،وإذا يدفع اَّسلمون الظُّلم عن اَّظلوم ِ عباده الظلم ،والعدل يف األرض واج
احلق ،وإبطال الباطل ،ون ــر العدل ،والقض ـاء ِأشوا أل،م مأمورون ابجلهاد يف األرض لحقاق ِ
عل الظُّلم ،وح فال يم إح بــذلــك ،وهو األمر ابَّعرو ،والنَّهي عن اَّنكر ،ومــا كــانوا خري
ت لِلنَّ ـ ِ
اس شأتْمرو شن ٍ
أ َّم ـة أخرج ــت للنَّ ـاس إح ب ــذل ــك ،كم ــا ق ــال تع ــاىل ﴿كْنـت ْم شخ ْ شري أ شم ـة أ ْخ ِر شج ـ ْ
ٍ
َّ ِ ِ ِ ِ
ين آمنوا ِابلْ شم ْعرو شوتشـْنـ شه ْو شن شع ِن الْمْن شك ِر شوتـ ْؤمنو شن ِاب ََّّلل﴾ [آل عمران ،]110 :وقال تعاىل ش
﴿َيأشيـُّ شها الذ ش
كونوا قشـ َّو ِام ش ََِّّللِ ش ـ ـ ـ ـ ـ شه شداءش ِابلْ ِق ْس ـ ـ ـ ـ ـ ِا شوحش شْجي ِرشمنَّك ْم شش ـ ـ ـ ـ ـنشآن قشـ ْوٍم شعلش أشحَّ تشـ ْع ِدلوا ْاع ِدلوا ه شو أشقْـشرب
ن ﴾ [املائدة. ]8 : اَّللش شخبِري ِمبشا تشـ ْع شملو ش اَّللش إِ َّن َّلِلتَّـ ْق شو شواتـَّقوا َّ
كف الظُّلم عن اَّظلوم الكافر ،الَّذأ يب ضــت اَّســلم لكفره .قال ال َّس ـرخسـ ُّـي -
ومن العدل ُّ
الذ َّمة عل أن ي ْ شك كم يف رحت هللا! « -وإن كان -يقصد أحد ملوك أهل احلرب -طل ِ
هللاـ ـ ـ ْل ٍ ،أو ريه مبا ح يص ـ ــل يف دار ال ـ ــالم جيش ْ إىل أهل الكتت مبا ش ـ ــاء من ٍ
قتل ،أو ش
ألن التقرير عل الظُّلم مع إمكان اَّنع منت حرام»(.)3
ذلك َّ
إن اَّســلم مفروض عليهم د -الوقو ـ َّـد الدُّعاة إىل هللا ،ومنعهم من تبلي دعوة هللا َّ
﴿ولْتشك ْن ِمْنك ْم أ شمة ِ من قِبشل اَّوىل َّ -
وجل -أن يبل وا ر ــاحت هللا للنَّاس كافَّةً .قال تعاىل ش عاي َّ
ن ﴾ [آل عمران]104 : ك هم الْم ْفلِلو ش ِ
اخلشِْري شو شرْمرو شن ِابلْ شم ْعرو شويشـْنـ شه ْو شن شع ِن الْمْن شك ِر شوأولشئِ ش
يش ْدعو شن إِ شىل ْ
وأعداء هللا يصدُّون أولياءه عن تبلي عباده دعوتت ،وح ي كون يم بيالً إىل النَّاس ،كما ح
رذنون للدُّعاة أن ي ْسـ ـ ِمعوا النَّاس دعوة هللا ،ويض ــعون العراقيل ،والعوائق ،واحلواجاي ،ب الدَّعوة،
593
وجل -عل عباده اَّؤمن ،قتال ِ
كل شم ْن يشص ـ ُّد عن عاي َّ
ودعاهتا ،والناس ،ولذلك أوج هللا َّ -
بيل هللا تعاىل(.)1
ين آمنوا شو شع ِملوا َّ ِ قال تعاىل ﴿الَّ ِذين شك شفروا وهللا ـ ـ ـ ُّدوا عن ـ ـ ـبِ ِيل َِّ
اَّلل أش ش ـ ـ ـ َّل أ ْشع شما شي ْم شوالذ ش شْ ش شش ش
ِِ ات وآمنوا ِمبشا نـ ِايشل علش حم َّم ٍد وهو ْ ِ ِِ ال َّ ِ ِ
هللاـ ـ ـلش ش شاب شي ْم احلش ُّق م ْن شرهب ْم شكفشَّر شعْنـه ْم ش ـ ـ ـيِئشاهت ْم شوأش ْ ش ش ش ش صـ ـ ـاحلش ش
ِ اطل وأ َّ َّ ِ شذلِك ِأب َّ َّ ِ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِرب َّ
اَّلل ك يش ْاحلش َّق ِم ْن شرهبِِ ْم شك شذ ل شين آمنوا اتَّـبشـعوا ْ شن الذ ش
ِ
ين شك شفروا اتَّـبشـعوا الْشب ش ش شن الذ ش ش
اب شح َّض إِذشا أشثْ شهْنـتموه ْم فش ُّدوا الْ شو شاث شق فشَِ َّما الرقش ِب ِ ِ ِ َّ ِ لِلن ِ
ض ْر ش ين شك شفروا فش ش
َّاس أ ْشمثشا شي ْم فشَذشا لشقْيـتم الذ ش
ص ـ ـ ـ ـ ـشر ِمْنـه ْم شولش ِك ْن لِيشـْبـل شو
اَّلل حشنْـتش ش
ك شولش ْو يش ش ـ ـ ـ ـ ـاء َّ ِ
احلشْرب أ ْشوشز شارشها ذشل ش
ض ـ ـ ـ ـ ـ شع ْ ِ
شمنًّا بشـ ْعد شوإِ َّما ف شداءً شح َّض تش ش
اَّللِ فشـلش ْن ي ِض َّل أ ْشع شما شي ْم ﴾ [حممد ]4 - 1 :واَّا تقدَّم يتَّض لنا ين قتِلوا ِيف ش بِ ِيل َّ بـعضكم بِبـع ٍ َّ ِ
ض شوالذ ش شْ ش ْ ش ْ
أن اجلهاد ائد عظيمةً تتلقَّق للمســلم و ريهم ،و َّ أن لل هاد أهدافاً ــاميةً ،ومصــاأ كرميةً ،وفو ش َّ
الر ـ ـ ــول هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم اَّهمة ،وأنَّت من الدَّعائم الَّيت أقامها َّ من آاثر اي رة ،ونتائ ها َّ
قوأ عر ـ ـ ــة األمة ب ري ٍ
جيش ٍ الدولة ال ـ ـ ــالميَّة ،وتوطيد أركان ال ـ ـ ــالم( )2وذلك « َّ
ألن َّ لبناء َّ
العدو إرادهتا،
للضَّياي إذ يطمع فيها أعدايها ،وح يهابون َّقوهتا ،فَذا كان يا جيش قوأ اح م ُّ
السالم»(.)3 ٍ
ابعتداء عليها فيسود عند ذلك َّ فال ِ
حتدثت نفست
للصاليب ،ص .488 ( )1انظر فقت التمك يف القران الكر َّ ،
( )2انظر اي رة يف القران الكر ،ص .453
للر ول األعظم هللال هللا عليت و لمفي كفيت اَّيايان ،لسيف ِ
الدين ،ص .62 احلركات العسكريَّة َّ
()3
594
()1 ألن ذلك ِ
يهدد كيا،م ،ويـ شق ِوض لن ير ـ ـ ـوا أبن يقوم لإل ـ ــالم كيان -ولو كان يف اَّدينة َّ -
بنيا،م ،فهم يعلمون َّ
أن قيام ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالم معناه انتهاء اجلاهليَّة ،وعادات احابء ،واألجدادَّ ،
فالبد
من الوقو يف وجهت.
َّب هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم إىل
وقد بذلت مكة ،وأهلها اَّاوحت الكثرية لعدم وهللاـ ـ ـ ــول الن ِ
اَّدينة ،و َّاهذت مواقف عدائيَّةً لضرب ال الم ،والقضاء عل اَّسلم ،وا َّ
()2
تمر هذا العداء
أن عبد هللا بن َّب هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،ومن أهم اَّواقف الدَّالة عل ذلك َّ
بعد ه رة الن ِ
َّث عن عد بن مع ـاذ أنَّـت قال ك ـان هللاديق ـاً ألمي ـة بن شخلف ،وك ـان ٍ
مسعود ر ي هللا عنت ح ـد ش
مبكة نايل عل أميَّةش ،فل ـ ـ ـ َّـما قدم ر ول هللا مر َّ ٍ
عد ،وكان عد إذا َّ مر ابَّدينة نايل عل أ شمية إذا َّ
مبكةش ،فقال ألميةش انظر س هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم اَّدينةش ،انطلق ـ ـ ــعد معتمراً ،فنايل عل أميةش َّ
ـ ـ ـ ـ ــاعةش شخلوةٍ ،لعلِي أن أطو ابلبيت ،فهرً بت قريباً من نص ـ ـ ـ ـ ــف النَّهار ،فلقيهما أبو جهل،
فقال َي أاب هللا ـ ـ ـ ـ ــفوان! من هذا معك؟ فقال هذا ـ ـ ـ ـ ــعد .فقال لت أبو جهل أح أراك تطو
الصبشأة( ،)3وزعمتم أنَّــكم تنصرو،م ،وتعينو،م ،أما وهللا! لوح أنك مع أيب مبكة آمناً ،وقد أويتم ُّ َّ
ت إىل أهلك اَّاً .فقال لت عد -ورفع هللاوتت عليت -أما وهللا! لئن منعت رج ْع ش
هللافوان ما ش
البيوقي
ِّ رواية عند هذا ،ألمنعنَّك ما هو أش ـ ـ ُّ
ـد عليك منت ،طريقك عل اَّدينة [ »...البخاري ( ])3950ويف ٍ
ش
ألقطعن عليك مت شرك إىل ال َّام».
َّ «وهللا! لئن منعت أن أطو ابلبيت، [دالئل النبوة (])25/3
جهل) ،يشـ ْعتشِرب ( ـ ــعد بن معاذ) من أهل احلرب ابلنَّس ـ ــبة إىل أن (أاب ٍ تدل هذه الواقعة عل َُّّ
جديد من ٍ قريش ،ولوح أنَّت دخل مكة يف أمان زعي ٍم من زعمائها ألهدر دمت ،وهذا تص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـر
الدولة ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالميَّة فيها فلم يكن أحد من أهل مكة حيال أهل اَّدينة ،يكن قبل َّ ري ـ ـ ـ ـ ـ ــاء َّ
مكة! بل إن قري ـ ـ ـ ـاً كانت تكره أن أمان لكي يس ـ ـ ـ ـم لت ابلدُّخول إىل َّ اَّدينة تاً إىل عقد ٍ
ْ شش
تفكر يف حدوث حالة حرب بينها وب أهل اَّدينة قبل هذا الو ـ ـ ـ ـ ـ ــع اجلديد ،وقالوا يف هذا ِ
ض إلينا أن تن ـ ـ ـ ـ ِ
صـ ـ ـ ـت «وهللا! ما م ْن ح ٍي من العرب أب ش
صـ ـ ـ ـدد ،خياطبون أهل اَّدينة ما ن ُّ ال َّ
أن قوافل دارة قريش يف طريقها إىل صـ ـ ـ ـة ،عل َّ احلرب بيننا وبينهم منكم»( ،)4كما ُّ
تدل هذه الق َّ
تفرقت.
الصفو وااالس َّ ( )1قشـ َّوض البناء شه شد شمت ،وتشـ شق َّو ت ُّ
( )2انظر مروَيت ايوة بدر ،ألحد ابوزير ،ص .79
يسمون من أ لم هللاابئاً.
( ] )3ع هللاابئ أأ اخلارً عن دينت .وكان اَّ ركون ُّ
( )4انظر رية ابن ه ام (الروض األنف .)192/2
595
الدولة ال ــالميَّة مبكروهٍ أأ َّ
أن تتعرض يا َّ حض حدوث هذه الواقعةَّ ، ال َّ ـام كانت يف ٍ
أمان َّ
مكة معاملة أهل احلرب ،فلم تض ـ ـ ـ ــرب عليهم حض هذا الوقت تعامل أهل َّ َّ
الدولة ال ـ ـ ـ ــالميَّة َّ
أن األيدأ ـوء! ومعىن هذا َّ قافلة ،أو تقص ـ ـ ــدها بس ـ ـ ـ ٍ
ـادأ ،و تص ـ ـ ــادر يم أيَّة ٍ
احلص ـ ـ ــار احقتص ـ ـ ـ َّ
مكة هي الَّيت ابدرت ،وأعلنت احلرب عل الدَّولة ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالميَّة يف اَّمس ـ ـ ـ ـ ـ ــكة بايمام األمور يف َّ
تأمن (.)1 مكة إح بصفة م ْس ش اَّدينة ،واعتربت اَّسلم أهل حرب ،ح يسم يم بدخول َّ
ْ ش
الدولة ال ــالميَّة يف اَّدينة ما مكة إىل إعالن احلرب ،عل َّ ودليل آخر عل مبادرة ري ــاء َّ
َّب هللاــل جاء يف ــنن أيب داود عن عبد الرحن بن كع بن مالك ،عن ٍ
رجل من أهللاــلاب الن ِ
أن كفــار قريش كتبوا إىل (ابن أ ٍيب) ومن كــان يعبــد معــت األواثن من األوس هللا عليــت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم َّ
يومئذ ابَّدينة قبل وقعة بدر إنكم اويتم هللااحبناَّ ،
وإان واخلايرً ور ول هللا هللال هللا عليت و لم ٍ
حض نقتل مقاتلتكم ،ونس ـ ـ ـ ـ ــتبي نقس ـ ـ ـ ـ ــم ابهلل! لتقاتِلنَّت ،ولتهرجنَّت ،أو لشنشس ـ ـ ـ ـ ـ َّ
ـرين إليكم أب عناَّ ،
نسـ ـ ــاءكم .فلما بل عبد هللا بن أ ٍيب ومن كان معت من عبدة األواثن ،اجتمعوا لقتال ِ
النب هللاـ ـ ــل
النب (ﷺ) لشِقيشهم ،فقال «لقد بل وعيد قريش منكم اَّبال ، هللا عليت و لم ،فلـ ـ َّـما بل ذلك َّ
مــا كــانــت تكيــدكم أبكثر اـَّا تريــدون أن تكيــدوا بــت أنفس ـ ـ ـ ـ ـ ــكم ،تريــدون أن تقــاتلوا أبن ـاءكم،
تفرقوا[ .أبو داود ( )3004وعبد الرزاق يف َّب هللال هللا عليت و لم َّ وإخوانكم!» فلـ ـ ـ ـ ـ َّـما مسعوا ذلك من الن ِ
املصنف ( )9733والبيوقي يف دالئل النبوة (. ])180 - 179/3
اَّريب هللال هللا عليت و لم حيث قض عل هذه ُّبوة ،وعظمة القائد ِ وهنا تظهر عظمة الن َّ
العاية القبليَّة فقد كان هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم يدرك أ وار
الفتنة يف مهدها ،و ـ ـ ـ ــرب عل وتر َّ
النَّفس الب ريَّة الَّيت يتعامل معها ولذلك كان خطابت مؤثِراً يف نفوس م ركي يثرب ،وحنن حباجة
المي ،وزعايعة
ـف ال ـ ـ ـ ِ إىل هذا الفقت العظيم ،يف تفتيت حماوحت اَّ ـ ــرك للقض ـ ــاء عل الص ـ ـ ِ
بنيانت الدَّاخلي ،وبعد أن بدأت قريش نعالن حالة احلرب بينها وب دولة ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالم ابَّدينة،
يش حس ما ونايل الذن من هللا تعاىل ابلقتال هللاار من الطبيعي أن تتعامل دولة اَّدينة مع قر ٍ
الر ــول هللاــل هللا عليت و ــلم من أجل توطيد مكانة تقتضــيت حالة احلرب هذه ،فقد َّادت ن ــاط َّ
فادت ن ـ ــاطت هللاـ ــل هللا عليت الرد عل قريش يف إعال،ا حالة احلرب عل اَّدينةَّ ، الدولة ،و ِ
هذه َّ
598
انحية بد ٍر ،وفاتشت ك ْرز بن جاب ٍر ،فلم يدركت ،فرجع ر ول هللا هللال هللا عليت و لم إىل اَّدينة(.)1
()2 - 8رية عبد هللا بن جلش األ ِ
دأ إىل شَنْلة
ها من اَّهاجرين إىل َنلة وأر ــل النب هللاــل هللا عليت و ــلم عبد هللا بن جلش يف شانية ر ٍ
ش ُّ
يوم من رج لال ـ ـ ــتطالي ،والتَّعر عل أخبار قريش لكنَّهم تعر ـ ـ ـوا جنوب مكة يف آخر ٍ
ضـ ـ ـ ـ ـرمي ،وأ ـ ـ ـ ــروا اثن من رجايا، لقافلة داريٍَّة لقريش ،فظشِفروا هبا ،وقتلوا قائدها عمرو بن احلش ْ ٍ
َّب هللاــل هللا لا عثمان بن عبد هللا ،واحلكم بن شكْيســان ،وعادوا هبما إىل اَّدينة ،وقد توقَّف الن ُّ
احلششرِام قِتش ٍال فِ ِيت
ك شع ِن ال َّ ـ ـ ـ ْه ِر ْحض نايل عليت قولت تعاىل ﴿يش ْسـ ـ ـأشلونش ش عليت و ـ ــلم يف هذه ال نائمَّ ،
احلششرِام شوإِ ْخشراً أ ْشهلِ ِت ِمْنت أش ْك شرب ِعْن شد َّ
اَّللِ اَّللِ شوك ْفر بِِت شوالْ شم ْسـ ـ ِ ِد ْ
هللاـ ـد شع ْن ش ـ ـبِ ِيل َّ ِ ِِ
ق ْل قتشال فيت شكبِري شو ش
ك شرب ِمن الْ شقْت ِل﴾ [البقرة.]217 : ِ
شوالْفْتـنشة أش ْ ش
فل َّـما ن ـايل القرآن الكر قب ـض ر ول هللا هللال هللا عليت و لم العي ـر ،واأل ريي ـن ،ويف ري ـة
ضشرمي َّأول ٍ
قتيل قتلت اَّسلمون ،وعثمان عبد هللا ه ــذه نم اَّسلمون َّأول نيم ــة ،وعمرو ب ــن احلش ْ
بن عبد هللا ،واحلكم بن كيسان َّأول من أ ر اَّسلمون(.)3
ودروس ،وعربٌ:
ٌ رابعاً :فوائد،
600
َّب هللال هللا عليت و لم ال َّهصيَّة
الصلابة للن ِ
- 4حرا ة َّ
َّب هللال هللا عليت و لم حرا ةً شهصيَّةً ،فعن ِأم الصلابة ر ي هللا عنهم ر ون الن َّ كان َّ
ٍ
ليت
ذات ليلة ،فقال « ش اَّؤمن عائ ــة ر ــي هللا عنها قالت «أش ِر شق الن ُّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ش
ـوت ال ِس ـ ـال ،قال « شم ْن هذا؟» قال
رجالً هللا ــاحلاً من أهللا ــلايب شْر ـ ـ اللَّيلة» إذ مسعنا هللا ـ ش
حض مسعنـا شطيطت» [البخاري َّب هللال هللا عليت و لم َّ أحر ك ،فنـام الن ُّ
ول هللا! جئت ْ عـد َي ر ش
( 2885و )7231ومســلم ( ،])2410وكان ذلك قبل ايوة بد ٍر الكرب ( .)1ويف حديث عائ ــة ر ــي هللا
العدو ،واألخذ ابحلايم ،وترك اللال يف مو ـ ـ ـ ـ ـ ــع احلاجة إىل عنها م ـ ـ ـ ـ ـ ــروعية احح اس من ِ
اححتياط ،وأ َّن عل النَّاس أن ر ـ ـوا ـ ــلطا،م خ ـ ــية القتل ،وفيت الثَّناء عل شم ْن َّ
تربي ابخلري،
َّب هللال هللا عليت و لم ذلك مع َّقوة توُّكلت لال تنان بت يف ذلك(.)2 عىن الن ُّ وتسميتتَّ ،
وإجا ش
ش ْمشرة والتعليق عليها - 5نص وثيقة اَّعاهدة مع ب
حمم ٍد ر ــول هللا ،لب ش ـ ْمشرة بن بكر بن عبد مناة الرحيم ،هذا كتاب من َّ الرحن َّ
«بســم هللا َّ
أن يم النَّصـ ـ ـ ـ ــر عل شم ْن رامهم إح أن ا ِربوا بن كنانةَّ ،
أب،م آمنون عل أموايم ،وأنفسـ ـ ـ ـ ــهم ،و َّ
وذمة
ذمة هللاَّ ،
ص ـرة أجابوه ،عليهم بذلك َّ
َّب إذا دعاهم لن ْ دين هللا ،ما بش َّل حبر هللا ـوفشةً( ،)3و َّ
أن الن َّ
ر ولت ،ويم النَّصر عل شم ْن َّبر منهم ،واتَّق »(.)4
َّب هللال هللا عليت و لم يف ايوة األبْواء فرهللاةً ذهبيَّةً ،فعقد حلفاً عسكرَيً مع شي انتهاي الن ُّ
الصراي ب الدَّولة ال الميَّة قيمة عسكريٍَّة ح تقدَّر بثم ٍن يف ِ ب مرة ،فقد كان موقع بالده ذا ٍ
النَّاش ــئة ،وقريش ولذلك عمل ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم عل ــمان حيدهتم ،يف حالة
حض وقعة بدر مكة ،وكانت خطَّتت هللاــل هللا عليت و ــلم َّ وقوي هللاـ ٍ
ـدام مس ـلَّ ٍ ب اَّدينة ،وأهل َّ
أن هذه القوافل كانت جمموعات هللا ـ ـ ريةٍ من اَّهاجرين ،وخا َّ
هللا ـ ـةً َّ ٍ أن يايعت قوافل قريش نر ـ ــال
حض تلك اللَّلظة(.)5 تفكر فيت قريش َّ ِ قيش ميها ،وهو أمر مصلوبة ٍٍ ري
القرطب (.)230/6
ِ ( )1انظر تفسري
( )2انظر وحية ال رطة يف ال الم ،د .عمر حممد احلميداين ،ص .63
( )3كناية عن التأبيد واح تمرار.
السيا يَّة َّ ،مد حيد هللا ،ص 220رقم (.)159 ( )4الواثئق ِ
( )5انظر ن أة َّ
الدولة ال الميَّة ،د .عون ال ريف ،ص .43
601
ومصدر رزقهم قد و عهم
ش كان قـ ْرب ب ش ْمشرة ،وحلفائهم من اَّدينة الَّيت كانت وقشهم،
أبأ مس ـ ـ ٍ
ـلك ري موادعة َّ
الدولة ال ـ ــالميَّة النَّاش ـ ــئة ،وهو حلف عدم يف ٍ
موقف ح يس ـ ــم يم ِ
ٍ
اعتداء وفق اَّصطل احلديث(.)1
أن مقتض ـ ـ ــيات ال ِسـ ـ ـ ـيا ـ ـ ــة ال َّ ـ ـ ـ ـرعيَّة ،قد تدفع اَّس ـ ـ ــلم إىل
وقد دلَّت هذه اَّوادعة عل َّ
أن التَّلالف أأ من الكتل القائمة ،و َّ ارأ ،مع ٍ ـادأ ،أو التِ ِ ـكرأ ،أو احقتصـ ـ ـ ـ ـ ِ
التَّلالف العسـ ـ ـ ـ ـ ِ
ض ـرر احلاهللاــل ،أو اَّرتق (،)2 ال ِس ـيا ـ َّـي لت أهللاــل يف ال َّ ـريعة ،و ــرورة يوجبها ا ــتهدا رفع ال َّ
أن التَّلالف مب عل قاعـ ـ ــدة رفع الضَّرر ،واَّصللة اَّ كة ،وأن تكون ألهللال احللف ايـ ـ ــة و َّ
شرعيَّ ـ ـ ــة معلوم ـ ـ ــة ،وأن يكون للمسلم يف احللف قرار ،ورأأ ،أما إذا كانوا أتباعاً ،ومنفذين -
األمة أن رعي ،وعل قيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادة َّ
كما يف األحال احلديثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة -فهذا ح ينطبق عليت األهللاــل ال َّ ـ ُّ
َّب هللال هللا عليت و لم يف حركتت السيا ية ،وأن تفهم القاعدة ال َّرعيَّة الَّيت تست ــوع هدأ الن ِ
تقول «ح رر وح رار» [ابن ماجه ( )2341وأمحد ( )313/1والطرباين يف املعجم األوسط (. )3(])3789
نصت
الايرقا يف معرض احلديث عن هذه القاعدة ،ما ُّ
يقول ال َّي مصطف َّ
«وهذه القاعدة من أركان ال َّ ريعة ،وت هد يا نصوص من الكتاب والسنَّة ،وي مل الضرر
اَّنهي عنت ما كان ــرراً عاماً ،أو خاهللاـاً ،وي ــمل ذلك دفعت قبل الوقوي بطرق الوقاية اَّمكنة، ُّ
ـدل عل وجوب ودفعــت بعــد الوقوي مبــا ميكن من التـَّدابري الَّيت تاييــل آاثره ،وَتنع تكْراره ،كمــا يـ ُّ
ش
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرر عنــدمــا ح ميكن منعــت اختيــار أهون ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـَّرين لــدفع أعظمهمــا َّ
ألن يف ذلــك هفيفـاً لل َّ
بتااتً»(.)4
الدولة ال الميَّة معاهد ًة دفاعيَّةً بينها وب دو ٍلة أخر ، إن هذه اَّوادعة تو ِ جواز عقد َّ َّ
أأ ــرٍر عل مثل هذه اَّعاهدة ،وجي عل إذا اقتض ــت ذلك مص ــللة اَّس ــلم ،و ي تَّ ُّ
الدولة احلليفة إذا دعيت إىل هذه النُّص ـ ــرة ـ ـ َّـد الكفار
الدولة ال ـ ــالميَّة يف هذه احلال ،نص ـ ــرة َّ
َّ
الدولة احلليفة إمدادها ابل ِسـ ـال ،و ِ
الرجال للدولة ال ــالميَّة أن تطل من َّ اَّعتدين ،كما جيوز َّ
اجلهاد والقتال يف ِ
السيا ة ال َّرعية ،د .حممد خري هيكل (.)479/1 ( )1انظر
الر ول هللال هللا عليت و لممن التكوين إىل التمك ،ص .530دولة َّ ( )2انظر
الدَّعوة ال المية ،د .عبد ال فار عايياي ،ص .296 ( )3انظر
مذأ (.)277/2 هللالي نن الِ ِ ( )4انظر
السراَي والبعوث النَّبويَّة ،د .بريكك العمرأ ،ص .91
َّ ( )5انظر
السراَي والبعوث النَّبويَّة ،ص .92
َّ ( )6انظر
603
نص وثيقة اَّوادعة مع ج شهْينة ،والتَّعليق عليها
ُّ - 7
« َّإ،م امنون عل أنفس ـ ـ ــهم ،وأموايمَّ ،
وإن يم النَّص ـ ـ ــر عل من ظلمهم ،أو حارهبم ،إح يف
الدين ،واألهل ،وألهل ابديتهم من َّبر منهم ،واتَّق ما حلا رهتم»(.)1 ِ
جمموعة الواثئق ِ
السيا يَّة َّ ،مد حيد هللا ،ص .62 ( )1انظر
اَّواه اللَّدنيَّة (.)75/1 ( )2انظر
السراَي والبعوث ،ص .85
طبقات ابن عد ( ، )6/2وانظر َّ ( )3انظر
السراَي والبعوث النَّبويَّة ،ص .86
َّ ( )4انظر
ِ
اجلهاد والقتال يف السيا ة ال َّرعية (.)479 ، 478/1 ( )5انظر
604
الرع يف نفوس رجايا ،وفتلت أعينهم عل اخلطر اَّ ْلدق هبم ،والَّذأ أهللاـ ـ ـ ــب قريش ،وبثَّت ُّ
مكة منصـرفاً عن حاية وقوهتم احقتصــاديَّة( ،)1فقد قال أبو جهل ح قدم َّ يهدد طريق دارهتمَّ ،ِ
وإجا يريد أن يص ــي منكم ش ــيئاً، يثرب ،وأر ــل طالئعت َّ إن حممداً قد نايل ش «َي مع ــر قريش! َّ
َتروا يف طريقت ،وأن تقاربـ ــوه فَنـَّ ــت كاأل د الضَّارأ ،إنـ ــت شحنِـ ــق( )2عليكم نفيتموه فاحذروا أن ُّ
قا وح أحداً من أهللا ـ ــلابت ،إح إن لت لس ـ ــلرةً ،ما رأيتت ُّ
نـش ْفي القردان( )3عل اَّنا ـ ــم( ،)4وهللا! َّ
ش
ٍ ()6 ()5
رأيت معهم ال َّياط ،وإنَّكم عرفتم عداوة اب قشـْيـلشة ،فهو عدو ا تعان بعدو» .
- 8ريَّة عبد هللا بن جلش وما فيها من ٍ
دروس ،وعرب
مهمةً ،وفيها دروس ،وعرب ،وفوائد عظيمة ٍ
جلش ،حقَّقت نتائت َّ َّ
إن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرية عبد هللا بن
منها
السريَّة كتاابً ،وأمره
َّب هللال هللا عليت و لم كت ألمري َّ السريَّة َّ
أن الن َّ أ -جاء يف خرب هذه َّ
حض يس ـ ـ ـ ـ ـ ــري يوم ،وهــذا مثــل لتطبيق مبــدأ ٍ
مهم من مبــادئ احلرب ،وهو إخفــاء أحَّ ش
ينظر فيــت َّ
أمان من كيد األعداء فاَّدينة كانت حض يكون اجليش يف ٍ اخلطا احلربيَّة ،ومنها خا ال َّس ـ ـ ـ ـريَّ ،
مكةِ ،ا ري تلك تضم اليهود ،والوثني ،ومن اَّتوقع أن يساري هؤحء إىل إخبار أهل َّ آنذاك ُّ
َّب ِ
السريَّة وهم أبنفسهم ح يعلمون اداههم أهللاب الن ُّ
اَّوجهة دَّهم ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما ار أفراد َّ
السريَّة َّ
َّ
هللال هللا عليت و لم آمناً من انك ا ايد اَّقصود(.)7
َّ
وإن الباحث لري أثر ال َّ بية النَّبويَّة يف هذه ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريَّة اَّباركة حيث مسعوا ،وأطاعوا يعاً،
حض أهللاـ ـ ـ ــبلوا من ورائهم ،وهذا شـ ـ ـ ــاهد عل َّقوة إميان
و ـ ـ ـ ــاروا إىل منطقة أعدائهم ،وداوزوها َّ
الصلابة ر ي هللا عنهم ،وا تهانتهم أبنفسهم يف بيل هللا تعاىل(.)8 َّ
الرابينُّ اَّفلم ظن أهل ال َّس ـ ـ ـ ـريَّة َّأ،م قد هلكوا ،و ـ ـ ـ ـقا يف أيديهم( )6جاء ُّ
الرد َّ وعندما َّ
قطعاً أللس ـ ــنة اَّ ـ ــرك الَّذين يت َّ ـ ــون ابحلرمات ،ويتَّهذو،ا ـ ــتاراً جلرائمهم ،ففض ـ ـ ـ القرآن
ُّ
فالصد عن هؤحء اارم ،وأبطل احت اجهم ،وأجاب عل ا تنكارهم القتال يف ال َّهر احلرام،
ــبيل هللا ،والكفر بت أكرب من القتال يف ال َّ ـ ـهر احلرام ،واَّسـ ـ د احلرام ،وإخراً أهلت منت أكرب
الرجل يف دينت أكرب من القتل يف ال َّ ـ ـ ـ ـ ـهر احلرام .لقد فعلت
من القتال يف ال َّ ـ ـ ـ ـ ـهر احلرام ،وفتنة َّ
كل هذه اجلرائم ،وارتكبت هذه الكبائر ولكنَّها تنا ــتها ،أو ا ــتهانت هبا ،و تذكر إح قريش َّ
الر ول هللال هللا عليت و لم ،ل تاذ أحد ال ريف ،ص .445 ( )1انظر َّ
مكة واَّدينة يف اجلاهلية وعهد َّ
( )2انظر السراَي والبعوث النَّبويَّة ،ص .100
الر ول هللال هللا عليت و لم ،ل تاذ أحد ال ريف ،ص.445 ( )3انظر َّ
مكة واَّدينة يف اجلاهلية وعهد َّ
( )4انظر رية ابن ه ام (.)604 ، 603/1
المي (.)72/4
انظر التَّاري ال ُّ
()5
( )6قا يف أيديهم أأ ندموا عل ما فعلوا ،وهو تعبري قراين يف ورة األعرا ،احية (.)149
606
حرب شــعواء عل ال ــالم ،ودولتت لتألي القبائل الوثنيَّة حرمة ال َّ ـهر ،و َّاهذهتا و ــيلةً اثرة ٍ
اَّقد ـاتَّ ـتلل احلرمات ،ويس ــتبي عليها ،وتنفري النَّاس من الدُّخول يف هذا ِ
الدين الَّذأ يس ـ ُّ
حض َّ
إن ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم قد حلقت ال ُّم ،وحم قائد ال َّسـ ـ ـريَّة ،وأهللا ـ ــلابت عل ما َّ
يش اَّ ر ــة ،مو ــلةً أنَّت وإن كان وبقوةٍ عل دعآَيت قر ٍترد َّ فعلوا( ،)1فنايلت ا َيت البيِنات ُّ
هللاد عن بيلت(.)2ال َّهر احلرام ح ُّل فيت القتال ،ولكن ح حرمة عند هللا َّن هتك احلرمات ،و َّ
ً ِ -ح ْرص القائد عل المة اجلنود عندما هلَّف ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد بن أيب وقَّ ٍ
اص ،وعْتب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة بن
ش ْايوان بس ـ ـ ــب حبثهما عن بع ٍري يما قد ـ ـ ـ َّـل ،وجاءت قريش تريد أن تفدأ األ ـ ـ ـ ـريين ،فأىب
ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم وقال «أخا أن تكونوا قد أهللاــبتم ــعد بن مالك ،وعتبة بن
حض قدم ـ ـ ــعد ،وعتبة ،ففودَي ،فأ ـ ـ ــلم احلكم بن شكيس ـ ـ ــان( ،)3وأقام عند شايوان» فلم يفادلا َّ
ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،ورجع عثمان بن عبد هللا بن اَّ رية كافراً(.)4
أل،م هم الَّذين ِ
يقدمون يهتم القائد بسـ ـ ــالمة جنده َّ ونفهم من اَّنهاً الن ِ
َّبوأ ،ـ ـ ــرورة أن َّ
أنفسهم يف بيل نصرة دين هللا ،وإقامة دولة ال الم.
س ابهتمام القيادة بت ،وبس ــالمتت،
ُّ اجلندأ ح
َّ إن اَّدارس العس ــكريَّة احلديثة تقول َّ
إن َّ
وأبمنت ح ي َّدد يف أن يبذل اية البذل ،ويعطي أقص العطاء(.)5
جلش قد حقَّقت أهدافها، ٍ د -ظهور ال َّ بيَّة األمنيَّة يف اَّيدان كانت ـ ـ ـريَّة عبد هللا بن
وظهرت قدرهتا عل التو ُّل يف اَّناطق اخلا ــعة لنفوذ قريش ،اَّا أذهلها ،وزاد ده ــتها وذهويا
إن جوا يس قريش تستطع حض َّ َّامة ،و ِ
الدقَّة اَّتناهية الَّيت َتَّت هبا العمليَّة َّ تلك ِ
الس ِريَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الت َّ
رهللاــدها ،وح معرفة الوجهة الَّيت قصــدهتا ،وكان ذلك ما أراده ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،
الر ـ ـ ـ ـ ـ ــائل اَّكتوبة للملافظة عل الكتمان ،وحرمان ِ
العدو من وخطَّا لت اببتكاره أ ـ ـ ـ ـ ـ ــلوب َّ
أهم ٍ
عامل من عوامل احلص ـ ـ ـ ــول عل اَّعلومات الَّيت تفيده عن حركات اَّس ـ ـ ـ ــلم « ،والكتمان ُّ
( )1انظر دولة الر ول هللال هللا عليت و لممن التكوين إىل التمك ،ص .533
( )2انظر السراَي والبعوث النبوية ،ص .100
( )3اَّصدر السابق نفست.
( )4اَّصدر السابق نفست.
( )5انظر ايوة بدر الكرب َّ ،مد أبو فارس ،ص .23
607
أهم مبدأ من مبادئ احلرب»(.)1
مبدأ (اَّبا تة) ،وهي ُّ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم قويَّة، وقد أثبتت هذه ال َّس ـ ِريَّة مبا ح يدي جماحً لل ــك َّ
أن ـراَي الن ِ
اَّهمات ،وتتللَّ مباياَي القتال ،وقدرهتا عل إُاز الواجبات تندفع للقيام أبهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــع األعباء و َّ
بكل كفاءة ،واقتدا ٍر ،اَّا ُّ
يدل عل روحها اَّعنويَّة العالية. ِ
الرفيع ،الَّذأ َتيَّاي بت قائد ال َّسـ ـ ـريَّة ،وطاعتت ضـ ـ ـبا العس ـ ـ ِ
ـكرأ َّ وتظهر آاثر ال َّ بية النَّبويَّة يف ال َّ
حض امتثل فوراً ل مر حبذافريه، هاذل ،فما إن قرأ الكتابَّ ، ترد ٍد ،أو ٍ ل وامر النَّبويَّة العليا دون ُّ
معطياً من نفست القدوة احلسنة ،واباثً يف نفوس جنوده احلماس ،وهو يقول يم «من كان منكم
فماض ألمر ر ـ ــول هللا ٍ فأما أانيريد ال َّ ـ ـهادة ،وير فيها فلينطلق ،ومن كره ذلك فلريجعَّ ،
هللال هللا عليت و لم »(.)2
السراَي
َّ - 9من أهدا
عندما ندرس حركة ال َّس ـ ـراَي ،وال ايوات الَّيت قادها ر ـ ــول هللا هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم بدقٍَّة،
نتلمس كثرياً من األهدا ،وندرك بعض ما توحي بت من ٍ
دروس وعمقٍ ،
وحتليل ،نس ـ ـ ـ ـ ـ ــتطيع أن َّ ٍ
أن أفرادها كلَّهم من أتملنا يف حركة ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراَي الَّيت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـِريت قبل بد ٍر ُد َّ
وع ٍرب ،وفوائد فَذا َّ
ـعد -رحت هللا! « -وااتمع عليت َّأ،م اَّهاجرين ،ليس فيهم واحد من األنصــار .يقول ابن ـ ٍ
كانوا يعاً من اَّهاجرين ،و يبعث ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم أحداً من األنصـ ــار شمْبعثاً
حض ايا هبم بدراً»( .)3وهذا كان أمراً مدرو ـ ـاً لت أهدافت ومنها إحيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء قض ــية اَّهاجرين يف َّ
اخلارجي ،وإ،اك احقتصــاد القرشـ ِـي ،وحماهللاـرتت ،وا ــتعادة ِ أنفســهم َّأوحً ،وإحيايها عل اَّســتو
صـ ـلابة عل إتقان فنون القتال، يش عس ــكرَيً ،وتدري ال َّ بعض احلقوق اَّس ــلوبة ،وإ ــعا قر ٍ
َّاخلي يف اَّدينة ،وما حويا ،واختبار قوة العد ِو( ،)4وقد العدو الد ِ حتركات قريش ،وإرهاب ِ ورهللاد ُّ
السراَي أهدافها ،والَّيت من ألها حقَّقت تلك َّ
السراَي وال ايوات ،أن أ -بسا هيب ـ ــة َّ
الدول ـ ــة يف الدَّاخ ـ ــل ،واخل ـ ــارً فقد ا تطاعت تلك َّ
َّب هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم بتل يم دور األعراب كي ح يكون يم وجود يف طرق وقام الن ُّ
اَّار يف مناطق نفوذهم، هتديد للقوافل التِ ارية ،وكان ُّ التِ ارة ،فقد كان األعراب ي ـ ـ ِكلون َّقوة ٍ
ش
ـالمية جيدوا ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاً منها ف َّربوا
مير إح ناتوة ت ْدفع إليهم ،وحينما قامت الدَّولة ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ ح ُّ
الفهرأ ولكنَّت وجد ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم يطارده إىل
ُّ مها تهاَّ ،
وتوىل هذا ك ْرز
الر ول هللال هللا عليت و لممن التكوين إىل التمك ،ص .532
دولة َّ ( )1انظر
ورة قريش ( 1ـ .)4 ( )2انظر
ااتمع اَّدين ،د .أكرم ياء العمرأ ،ص .27 ( )3انظر
السرية َّ ،ؤنس ،ص .19درا ات يف ِ ( )4انظر
609
السري فوان «ابلقرب من بد ٍر مسافةً تبعد عن اَّدينة حواس 150كيلو م اً» ،وقد مسَّ أهل ِ
لكل األعراب ،فلم صـل َّ
أن أعرابيَّاً عد هذه ال ايوة در ـاً ِ صـ ر ،وت ُّ هذه اَّطاردة ايوة بدر ال ُّ
األمة ال ـ ــالميَّة إاتو ٍ
ات وم ْن مثَّ تدفع َّ ـ ـ َّـولت لت نفس ـ ــت أن يهاجم اَّدينة بعد هذه اَّطاردةِ ،
لقطَّـاي الطُّرق بــل أجربهتم عل احنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلــاب ،والــدُّخول يف اتِفــاقـ ٍ
ـات مع اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم فــأمنوا
شرهم(.)1َّ
ـتمرت حركة ال َّس ـ ـراَي ،والبعوث،
ً -عالقة هذه ال َّس ـ ـراَي حبركة الفتو ال ـ ــالميَّة وقد ا ـ ـ َّ
ات حيَّ ٍة جلند ال ــالم ،وكان هذا النَّ ــاط اَّتدفِق ينات عس ــكريٍَّة تعبويٍَّة ،ومناور ٍ
وكانت مبثابة َتر ٍ
أن دولة ال ـ ــالم يف متعاقبة من جند ال ـ ــالم األوائل ،دحلةً قاطعةً عل َّ ٍ ٍ
موجات عل ش ـ ــكل
َّب القائد هللاـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم -كانت مثل خلية النَّلل ،ح هتدأ ،وحاَّدينة -وبقيادة الن ِ
َّب هللاــل هللا
وإن الباحث ليللم يف حركة ال َّسـراَي ،والبعوث ،وال ايوات الكرب يف زمن الن ِ تش ِك ُّلَّ ،
ص ـلابة عل اَّ ــاركة كقادة ،وجنود ،فكان هللاــل هللا عليت و ــلم يعدُّهم عليت و ــلم ،حرص ال َّ
الدولة ،واح تعداد للفتوحات اَّرتقبة ،والَّيت ما فتئ هللال هللا عليت و لم يب ِ ر هبا لتثبيت دعائم َّ
السلم ،واخلو ،واألمن. أهللالابت ب ال شفيـنشة واألخر يف أوقات احلرب ،و ِ
ْ
إنَّت بنظرةٍ فاحصـ ٍـة يف َّقواد وجنود تلك ال َّس ـراَي ،والبعوث ،تطالعنا أمساء َّعت كثرياً يف اتري
األمة -أيب عبيدة بن اجلرا ، َّ ـالمي فيما بعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد مثل قائد فتوحات ال َّ ـام -أم
الفت ال ـ ِ
و عد بن أيب وقاص هللااح القاد يَّ ـ ـ ـ ـ ــة ،وفاتـ ـ ـ ـ ـ ـ اَّدائن ،وخالد بن الوليد يف هللا اَّسلول
الروم يف الريموك ،وعمرو بن الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص فات مص ـ ــر ،وليبيا ،و ريهم ر ـ ــي هللا عنهم .لقد
هازم ُّ
التلق خالد ،وعمرو فيما بعد حبركة ال َّسـ ـ ـراَي ،وقادا بعض ـ ــها بعد إ ـ ــالمهم .لقد كانت ال َّس ـ ـراَي
وال ايوات الَّيت أ شر عليها احلبي اَّصطف هللال هللا عليت و لم يف حياتت ،مبثابة تدري ٍ ٍ
حي
ـان للقادة الَّذين فتلوا م ارق األرض ،وم ارهبا فيما بعد. انبض بل ميكن اعتبارها دورات أرك ٍ
ٍ
الصلابة ر ي هللا عنهم ،خالل األربع والع رين اعةً اليوميَّة ،عبارة عن تدري ٍ إن حياة َّ َّ
مبكراً من هللاالة الف ر ،الَّيت تـؤَّد يف ٍ
اعة مع قائدهم تمر فالربانمت اليومي اَّنتظم ،يبدأ ِ مس ٍ
ش ُّ
األعل هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم الَّذأ كان ثُّهم عل أداء هذه ال َّ
ص ـ ـالة اع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ويف وقتها،
( )1انظر درا ات يف عهد النُّبوة ،د .عبد الرحن ال ُّ اي ،ص .131
610
مليء ابلنَّ اط واحليويَّة .قال هللال هللا عليت و لم وألمتـت َّأ،ـا اَِّْفتا الع ي ليوم ٍمو لاً يمَّ ،
كل عقدةٍثالث ع شق ٍد ،يضرب مكان ِ ِ
«يشـ ْعقد ال يطان عل قافيـ ـ ـ ــة رأس أحدكم إذا هو نـ ـ ـ ــام ش
عليك ليل طويل ،فارق ْد ،فـ ــَن ا تيقم ،فذكر هللا احنلَّت عقدة ،فَن تو َّأ احنلَّت ع ْق شدة ،فَن
ِ
خبيث النَّفس كس ــالن »
ش هللاـ ـلَّ احنلت ع شقده كلُّها ،فأهللاـ ـب ن ــيطاً طي ش النَّفس ،وإح أهللا ــب ش
[البخاري ( )1142ومسلم (. ])776
حض إذا ما هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلَّوا مثَّ ينطلق كل منهم إىل عملت الَّذأ تتهلَّلت ف ات ال َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلوات الباقية َّ
ص ـالة ا خرة (هللاــالة الع ــاء) انموا ،حض إذا ما أخذوا قس ـط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً وافراً من النَّوم َّأول الليل إىل ال َّ
الثلث األخري منت قام معظمهم ألداء هللا ـ ــالة التَّه ُّ د الَّيت َت قلوهبم روحانيَّةً ،وتكس ـ ــبهم ماييداً
من النَّ اط ألدائها يف ٍ
وقت يكون اجلسم فيت مراتحاً.
التامة َّتطلبات دولة ال ــالم ،فكانوا يقومون هذا ابل ــافة إىل اح ــتعداد الدَّائم ،واليقظة َّ
َّب هللا ـ ــل هللا عليت بن ـ ـ ٍ
ـاطات تدريبيَّ ٍة مرَّكايةٍ ،تتمثَّل يف ركوب اخليل ،وال َّس ـ ـ ـبق ،و ِ
الرماية ،وكان الن ُّ
و ــلم ثُّهم عل فعل ذلك بل وي ــاركهم فيت ،معطياً من نفس ــت القدوة ،وكان هللا ــل هللا عليت
يعد من َّقوةٍ ا تعداداً للكفَّار.الرماية كثرياً ،مو ِ لاً َّأ،ا خري ما ُّ و لم يركِاي عل تعلُّم ِ
صـ ـ ـ ـناعة احلربيَّة ،اَّتمثِلة يف ذلك الوقت يف وكان هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ي ـ ـ ـ ـ ِ عهم عل ال ِ
أن األجر الذأ ايتت اجلنَّة ينس ـ ـ ــل عل هللا ـ ـ ــانعها ،واَّتنبِل هبا، هللا ـ ـ ــناعة األ ـ ـ ــهم ،وخيربهم َّ
إن هللا يدخل ابل َّس ـ ـهم الرامي هبا ،فريوأ لنا عقبة عن ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم قولت « َّ و َّ
الواحد ثالثة نف ٍر اجلنَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة هللاــانعت الَّذأ احتس ـ يف هللاــنعتت اخلري ،ومتنبِلت ،و َّ
()1
الرامي ،ارموا،
إس من أن تركبوا ،وليس من اللَّهو إحَّ ثالثــة أتدي ـ َّ
الرجــل فر ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت، واركبوا ،وأ ْن ترموا أح ـ ُّ َّ
كـت ،فهي نعمـة كفرهـا» [أبو داود ومالعبتـت زوجتشـت ،ورميـت بنبلـت عن قو ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ،ومن علِم َّ
الرمي مثَّ تر
( )2513والرتمذي ( )1637والنسائي ( )223 - 222/6واحلاكم ( )95/2والبيوقي يف الشعب (.] )4301
عضوا عليها
الرَّابنيَّة ،و ُّ
الصلابة ر ي هللا عنهم ابلتعاليم القرآنيَّة َّ فيا لشت من عص ٍر َّ
َتسك فيت َّ
ابلنَّواجذ ،وقاموا بتطبيقها حرفياً يف شـ َّـض شــؤون حياهتم ،ف ايوا ،وا ــتعلوا عل أمم األرض شـرقاً،
و رابً ر م قلَّتهم ،وبس ــاطتهم! وح ابتعد اَّس ــلمون عن تلك التَّعاليم ،وألقوا هبا وراء ظهورهم
611
السيل. الذ ُّل ،و َّ
الص ار ،وتداعت عليهم األمم من أقطارها بعد أن أهللابلوا ثاءً ك ثاء َّ ركبهم ُّ
إن اَّه َّمـات ،واألهـدا الَّيت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـت لتلقيقهـا ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراَي ،والبعوث كـانـت تتفـاوت تشبعـاً
َّ
حختال الظُّرو اَّيطــة واحلــادثــة ،فكــانــت ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراَي األوىل يف معظمهــا عبــارةً عن دور ٍ
َيت
تطورت إىل راَي اع ا يَّ ٍة ،توقع ا ُّلرع ،والفايي يف نبض ،مثَّ َّ وجس ٍ ا تطالعيَّة ،وا تك افيَّةِ ،
القوافل القرشيَّة ،وذلك قبل ايوة بد ٍر الفاهللالة ،وعندما قويت شوكة اَّسلم بعدها أهللابلت
الدولة ال ـ ـ ــالميَّة ،الَّذين
مهمة بعض ال َّس ـ ـ ـراَي ،والبعوث تنص ـ ـ ـ ُّ يف تص ـ ـ ــفية األفراد من أعداء َّ َّ
اولون النَّيل من مس ــريهتا مثل كع بن األش ــر ،والعص ــماء بنت شم ْرشوان ،وأيب عفك ،فكان
صماء ،وأيب عفك ردي للم رك ،واَّنافق يف اَّدينة. الع ْ
يف قشـْتل كع ردي لليهود ،وقتل ش
وعندما انقلبت األمـ ــور ل ري هللاـ ــاأ اَّسلم بعد أحـ ـ ٍـد طمع األعراب يف خريات اَّدينـ ــة،
وا تهانوا ابَّسلم لدرجة َّأ،م ـ ــدروا ببعض البعوث التَّعليميَّـ ــة -كما يف الَّرجيع ،وبئر معونـ ــة
ابلسراَي منَّ -ري تبعاً لذلك ر ول هللا هللال هللا عليت و لم (ا اتي يَّتـ ــت) العسكريـَّ ــة ،فانتقل َّ
أهم ما ميِياي تلك الس ـراَي،
يعة ،ومبا ٍتة ،وكان َّ ـارمة ،و ـر ٍ
يقة هللا ـ ٍ
يش إىل األعراب لتأديبهم بطر ٍ قر ٍ
ه ومها التَّعر ُّي ل عراب قبل حت ُّدهم ،و ع أمرهم ابي وم عل اَّسلم .
اخلاهللاة خلدمة أهدا الدَّعوة، مبهامها َّ تؤدأ دورها ،وتقوم ِ السراَي ،والبعوث النَّبويَّة ِ وظلَّت َّ
َيت قتاليَّ ٍة ،إىل ـ ـ ـراَي تعقُّبيَّ ٍة ،وأخر َتويهيَّ ٍة ،ح َّض إذا ما توطَّد األمر للمسـ ـ ــلم بعد فمن دور ٍ
ميت للوثنيَّة بصـ ـ ـ ـ ٍ
ـلة ،فبعث ال َّس ـ ـ ـ ـراَي، َّب هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم نزالة ِ
كل ما ُّ فت َّ
اهتم الن ُّ
مكةَّ ،
مكة لتلطيم بقيَّة رموز ال ِ ـ ـرك ،والوثنيَّة ،فانطلقت ال َّس ـ ـراَي لتلطيم العَّاي ،ومناة، والبعوث من َّ
والالَّت ،و واي ،وذأ اخلشلصة( ،)1و ريها من األهللانام ،والطَّوا يت الوثنيَّة(.)2
وبعد ذلك انطلقت دعوة ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالم يف أرجاء اجلاييرة ،ودخل النَّاس يف دين هللا أفواجاً ،مثَّ
الر ـ ــول هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم لن ـ ــر دين هللا يف اَّعمورة،
الراشـ ــديَّة بعد وفاة َّ
حتركت اجليوش َّ
َّ
كل العوائق ،والقو الَّيت تقف يف وجت الدَّعوة. وإزالة ِ
لقد أده ــت النتائت ال َّسـ ـريعة الجيابيَّة حلركة الفتو ال ــالميَّة يع اَّلِل عل اختال
( )1اخللصة بفت اخلاء اَّع مة والالَّم ،بعدها مهملة ،وحك ابن دريد فت أولت ،وإ كان اثنيت ،وحك ابن ه ام َّمهما ،وقيل بفت أولت و ِم
األول أشهر ،وانظر فت البارأ ،شر حديث رقم (.)4355 اثنيت ،و َّ
السراَي والبعوث النَّبوية ( ،ص 61ـ .)65
انظر َّ
()2
612
دَيانهتم ،وأفكارهم ،وم ـ ـ ــارهبم ولكن ـ ـ ــتايول ده ـ ـ ــة اَّلِل اَّنص ـ ـ ــف ،عندما يقريون تلك
السراَي ،والبعوث ،والَّيت هي نواة حركة الفتو ال الميَّة، لقواد ،وجنود َّ
التَّعاليم ،والوهللااَي النَّبويَّة َّ
تتكرر عل ألسنة اخللفاء ،وقادة جيوش الفتو ،وتظهر يف أعمايم فيما بعد(.)1 والَّيت هللاارت َّ
عن أنس ر ــي هللا عنت قال كان ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم إذا بعث جي ـ ـاً قال
«انطلقوا اب ـ ـ ـ ـ ــم هللا ،ح تقتلوا ش ـ ـ ـ ـ ــيهاً فانياً ،وح طفالً هللا ـ ـ ـ ـ ـ رياً ،وح امرأ ًة ،وح ت لُّوا ،و ـ ـ ـ ـ ـ ُّـموا
ُّ اَّسـ ــن » [أبو داود ( )2614والبيوقي يف الس ــنن الكرب ()90/9 نائمكم ،وأهللاـ ــللوا ،وأحسـ ــنواَّ ،
إن هللا
وعبد الرزاق يف املصنف (. ])9430
وعن أيب مو ر ي هللا عنت قال كان ر ول هللا هللال هللا عليت و لم إذا بعث أحداً من
أهللا ـ ــلابت يف بعض أمره قال «ب ِ ـ ـ ـروا ،وح تـنشـ ِفروا ،وي ِسـ ـ ـروا ،وح تـع ِ
سـ ـ ـروا» [مسـ ــلم ( )1732وأبو داود
ش ش ش
( )4835وأمحد (.])399/4
***
613
املبحث اخلامس
والعلمي
ِّ الرت ِّ
بوي استمرارية البناء َّ
مقدمات ــورة البقرة ،الَّيت حتدَّثت اَّدين ِ
كان من أوائل ما نايل من القرآن الكر يف العهد ِ
عن هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفــات أهــل الميــان ،وأهــل الكفر ،وأهــل النِفــاق ،مثَّ إش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارة ألهــل الكتــاب -اليهود
أل،م الذين تص ـ ـ َّـدوا للدَّعوة ال ـ ــالميَّة من والنَّص ـ ــار -وكان ال َّكياي عل بيان حقيقة اليهود َّ
َّأول ٍ
يوم دخلت فيت اَّدينة ،وتتضـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـمن ـ ـ ـ ـ ـ ــورة البقرة جانباً طويالً منها ل ـ ـ ـ ـ ـ ــر هللاـ ـ ـ ـ ـ ــفة يهود،
وطباعهم(.)1
توجت الدَّعوة اَّدين -كانت ِ أن ـ ـ ــورة البقرة -وهي من أوائل ما نايل يف العهد ِ واَّالحم َّ
﴿َيأشيـُّ شها النَّاس ْاعبدوا يتوجهوا لت ابلعبادة .قال تعاىل ش للنَّاس أ ع أن يدخلوا يف دين هللا ،وأن َّ
ض فِشرا ًش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ِ ربَّكم الَّـ ِذأ خلش شقكم والَّـ ِذ ِ ِ
ين م ْن قشـْبلك ْم لش شعلَّك ْم تشـتـَّقو شن الَّـذأ شج شع ـ شل لشكم األ ْشر ش ش ْ ش ش ش
وال َّس ـ ـ ـماء بِنشاء وأشنْـايشل ِمن ال َّس ـ ـ ـم ِاء ماء فشأشخرً بِِت ِمن الثَّمر ِ
ات ِرْزقًا لشك ْم فشالش شْد شعلوا ََِّّللِ أشنْ شد ًادا شوأشنْـت ْمش ش ً ْ ش ش ش شش ش ش ش ًش ش ش
ن ﴾ [البقرة. ]22 - 21 : تشـ ْعلشمو ش
حتذر اَّسـ ـ ــلم من احتِصـ ـ ــا بصـ ـ ــفات اَّنافق ، اَّدين ِ وكانت ا َيت القرآنيَّة يف العهد ِ
الدولة اجلديدة ،و تظهر حركة النِفاق ـ ـ ـ ـ ـ َّـد وتو ِ ـ ـ ـ ـ ـ خطورة اَّنافق عل ااتمع النَّاشـ ـ ـ ـ ــئ و َّ
القوة ،والنُّفوذ مكة « يكونوا من َّ ألن اَّسلم يف َّ
اَّدين َّ الدولة اَّسلمة إح يف العهد ِ ااتمع ،و َّ
فئة من النَّاس ترهبهم ،أو ترجو خريهم ،فتتملَّقهم ،وتشـتشـشايلَّف إليهم يف حالة تس ـ ـ ـ ـ ـ ــتدعي وجود ٍ
يف ٍ
وجت عام.. الظَّاهر ،وتتآمر عليهم ،وتكيد يم ،وَتكر هبم يف اخلفاء ،كما كان ش ـ ـ ـ ـ ـ ــأن اَّنافق ب ٍ
حض ح وا َيت تتضـ ـ ـ ـ ـ َّـمن أوهللاـ ـ ـ ـ ــا ،وأخبار ،ومواقف اَّنافق .واحلمالت عليهم كثرية جداًَّ ،
أن هذه احلركة ظلَّت ِطيلشةش وخاهللاةً الطَّويلة ،واَّتو طة ،وهذا يع َّ َّ تكاد هلو ورة مدنيَّة منها،
األول»(.)2 اَّدين تقريباً ،وإن كانت أخذت تضعف من بعد نصفت َّ العهد ِ
تمر القرآن اَّدينُّ يتلدَّث عن عظمة هللا ،وحقيقة الكون ،وال َّ ي يف اجلنة ،وال َّ هي
وا َّ
- 4رب األمثال
اَّعنوأ يف هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــورةٍ
َّ ذلك أنَّت ِ
يقدم للمثل أثر ابل يف إيص ـ ـ ـ ـ ـ ــال اَّعىن إىل العقل ،والقل
ِ
البهارأ رقم (.)3567 النب هللال هللا عليت و لم كان ش ِدث حديثاً لو عدَّه ُّ
العاد ألحصاه ،انظر أن َّ( )1عن عائ ة ر ي هللا عنها َّ
أ بِ أهللالي النَّافلة ،وهي ُّ
السبلة ،وقيل هللاالة الضُّل . ()2
يتهولنا يتعهدان.
َّ
()3
616
أن للمثل مبهتلف هللا ـ ـ ـ ــوره بال ةً أتخذ الذهن فضـ ـ ـ ـ ـالً عن َّ ويقربت إىل ِ ح ِس ـ ـ ـ ـيَّ ٍة ،فريبطت ابلواقعِ ،
هللا ـ ـ ٍة عقول البل اء ولذلك ا ــتكثر القرآن من ــرب مب امع القلوب ،وتس ــتهوأ العقول ،و ا َّ
َّاس شوشما ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِرهبشا لِلن ِ
ك األ ْشمثشال نش ْ ﴿وتِْل شاألمثال ،وذكر حكمة ذلك يف آَيت كثرية ،فقال تعاىل ش
يشـ ْع ِقل شه ـا إِحَّ الْ شع ـالِمو شن ﴾ [العنكبوت ،]43 :وق ــال تع ــاىل ﴿لش ْو أشنْـشايلْنش ـا شه ـ شذا الْقرآن شعلش شجبش ـ ٍل لششرأشيْـتش ـت
ن ﴾ [احلشر. ]21 : ض ِرهبشا لِلن ِ
َّاس لش شعلَّه ْم يشـتشـ شف َّكرو ش ك األ ْشمثشال نش ْ اشعا متص ِدعا ِمن خ ْ ي ِة َِّ
اَّلل شوتِْل ش شخ ً ش ش ً ْ ش ش
ِ
فهذا اح ــتلســان ،والتَّ ـ يع يبعث اَّتعلِم عل ال ُّ ـعور ابحرتيا ،والثِقة ابلنَّفس ،ويدعوه
إىل طل ،وحفم اَّاييد من العلم ،وحتصيلت(.)2
السؤال
- 6إلقاء اَّعاين ال ريبة اَّثرية لالهتمام ،والدَّاعية إىل اح تفسار ،و ُّ
أن ر ـ ــول هللا هللاـ ــل ومن ألطف ذلك ،وأ لت ما رواه جابر بن عبد هللا ر ـ ــي هللا عنهما َّ
()4
ك فمر قش ْد ٍأ أ ش ـ ـ ـ ـ َّ ()3
العالية ،والنَّاس كنشـ شفتشت َّ ،
مر ابل ُّس ـ ـ ـ ـوق ،داخالً من بعض ش
هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم َّ
أن هذا لت بدرهم؟» ،فقالوا ما حن ُّ أنَّت لنا ميت ،فتناولت ،فأخذ أبذنت ،مثَّ قال «أيكم ُّ َّ ٍ
ـيء ،وما نصـ ـ ـ ــنع بت؟ قال «أحتبُّون أنَّت لكم؟» قالوا وهللا لو كان حياً كان عيباً فيت ألنت ب ــــ ٍ
ك ،فكيف ،وهو ميت؟! فقال «فو هللا! للدُّنيا أهون عل هللا من هذا عليكم» [مسـ ـ ـ ـ ــلم أ ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ
(. ])2957
ً -التَّعبري برفع ،وإظهار ال َّ ـ ـ ـيء مو ـ ــع احلديث ،كما فعل هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم عند
نب علي بن أيب طال ٍ ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت قال َّ
إن َّ الذه ،فعن ِ احلديث عن حكم لبس احلرير ،و َّ
هللا هللال هللا عليت و لم أخذ حريراً ،ف علت يف ميينت ،وأخذ ذهباً ،ف علت يف طالت ،مثَّ قال « َّ
إن
هــذين حرام عل ذكور َّأميت» [أبو داود ( )4057والنس ـ ـ ـ ـ ــائي ( ،])160/8وزاد يف روايــة «حــل لانثهم»
الذه ،واحلرير،َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ب القول ،وب رفع َّ اَّصــدران الســابقان] ،ف مع الن ُّ
السماي ،واَّ اهدة ،فيكون ذلك أو ش ،وأعو شن عل احلفم. حض جيمع يم َّوإظهارلاَّ ،
هللاـ ـعِ شد هللا ــل هللا عليت و ــلم
العملي بفعل ال َّ ـ ـيء أمام النَّاس ،كما فعل عندما ش
ُّ د -التَّعليم
اَّنرب ،فصـ ـ ـلَّ حبيث يراه النَّاس أ عون ،فعن ـ ــهل بن ـ ـ ٍ
ـعد ال َّسـ ـ ـ ِ
اعدأ ر ـ ــي هللا عنت قال ش
كرب ،وقام النَّاس خلفت، ـول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم قام عل اَّنرب ،فا ــتقبل القبلة ،و َّ
رأيت ر ـ ش
619
فقرأ وركع ،وركع النَّاس خلفت ،مثَّ رفع رأ ـ ــت ،مثَّ رجع ال شق ْه شقر ( ،)1فسـ ـ ـ د عل األرض ،مثَّ عاد
إىل اَّنرب ،مثَّ قرأ ،مثَّ ركع ،مثَّ رفع رأ ت ،مثَّ رجع ال شق ْه شقر ،فس د عل األرض ،مثَّ عاد إىل اَّنرب،
حض ـ ـ ـ د ابألرض ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما فرغ أقبل علمثَّ قرأ ،مثَّ ركع ،مثَّ رفع رأ ـ ــت ،مثَّ رجع ال شق ْه شقشر َّ ،
هللاالل» [البخاري (. ])377 الناس ،فقال «أيُّها النَّاس! َّإجا هللانعت هذا لِتشأْشَتُّوا يب ،ولشتشعلموا
َّ ()2
( )1القه شقر اَّ ي إىل خلف ،من ري أن يعيد وجهت إىل جهة م يت.
( )2ولتعلَّموا أأ لتتعلموا ،فلذ إحد التاءين.
الصلابة يف التعلُّم والتَّعليم ،ص .74
( )3انظر مناهت واداب َّ
( )4اَّصدر السابق نفست ،ص .85
620
ب -الشفاق عل اَّهطئ ،وعدم تعنيفت
يقدر ظرو النَّاس ،ويراعي أحوايم ،ويعذرهم قهلهم، كان هللاـ ـ ـ ـ ــلوات هللا و ـ ـ ـ ـ ــالمت عليت ِ
أن ذلك مي قل ـك َّ ويتلطَّف يف تصـ ـ ـ ـ ــلي أخطائهم ،وي فَّق يف تعليمهم ال َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـواب ،وح شـ ـ ـ ـ ـ َّ
للر ــالة ،وهللا ــاحبها ،وحرهللا ـ ـاً عل حفم الواقعة ،والتَّوجيت ،وتبلي هما ،كما جيعل اَّنص ــو حباً ِ
َّ ()1
الرقيق مهيَّأ ًة حلفم الواقعة مبالبس ــاهتا كافةً قلوب احلا ـ ـرين اَّع بة هبذا التَّص ـ ُّـر ،والتَّوجيت َّ
لمي ر ي هللا عن ــت قال «بشـ ْـي ــنش ــا أان أهللالي مع ر ول هللا الس ُّ
ومن ذلك ما رواه معاوية بن احلكم ُّ
هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم إذ شعطشس رجل من القوم ،فقلت يرحك هللا! فرماين القوم أببصـ ــارهم،
ْل أ ِميش ْاه! ما شأنكم تنظرون َّ
()2
إس؟ ف علوا يضربون أبيديهم عل أفهاذهم ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما فقلت واثك ش
ـكت ،فلما هللاـلَّ ر ـول هللا هللاـل هللا عليت و ـلم ،فبأيب هو ،و ِأمي! ُّ صـ ِمتونش ،لك ِ رأيتهم ي ش
أحسن تعليمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً منت ،فو هللا! ما شك شهشرن ـ ـ ـ ـ ـ ــي( ،)3وح رب ،وح ش ما رأيت معلِماً قبل ـ ـ ـ ـ ـ ــت ،وح بعده
صل فيها شيء من كالم النَّاس َّإجا هو التَّسبي ،والتَّكبري، الصالة ح يش ْ شتم ،قال «إن هذه َّ
وقراءة القرآن» [مسلم ( )537وأبو داود ( 930و )931والنسائي ( )18 - 14/3وأمحد (. ])447/5
أئمة بعد أن الصالة ،وهم َّ ومن ذلك ضبت هللال هللا عليت و لم من تطويل بعض أهللالابت َّ
يؤدأ إليت من ٍ
فتنة كان هللال هللا عليت و لم قد ،عن ذلك َّا فيت من تعس ٍري ،وم ق ٍَّة ،وَّا ِ
ـارأ ر ــي هللا عنت ،قال ض ـعفاء ،واَّعذورين ،وذوأ األش ـ ال ،فعن أيب مسـ ٍ
ـعود األنصـ ِ لبعض ال ُّ
ب هللا ـ ـ ــل هللا
ص ـ ـ ـال شة اَّا يطول بنا فالن .فما رأيت النَّ َّ
ـول هللا! ح أكاد أدرك ال َّ
قال رجل َي ر ـ ـ ـ ش
يومئذ ،فقال «أيُّها النَّاس! إنَّكم منشـ ِفرون ،فمن هللا ـ ـلَّ
موعظة أش ـ ـ َّـد ض ـ ــباً من ٍ
ٍ عليت و ـ ــلم يف
َّعيف ،وذا احلاجة» [البخاري ( )90ومسلم (. ])466 هفف َّ ابلنَّاس ف ْلي ِ
فَن فيهم اَّريض ،والض ش
تصي . الر اء هللاوت البل عند رفع األحال عليهـا ،واخلوار هللاوت البقر ،وتيعر يع
ُّ
()1
622
صـ ـ ـ ـلابة ،وداديم يف ال شقد ِر ،فعن عبد هللا بن عمرو بن ومن ذلك ض ـ ـ ــبت من اختص ـ ـ ــام ال َّ
العاص ر ـ ـ ـ ــي هللا عنهما قال خرً ر ـ ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم عل أهللا ـ ـ ـ ــلابت وهم
الرَّمان من ال ض ،فقال «هبذا أمرذ؟ أو يذا خيتصمون يف القدر ،فكأجا يفقأ يف وجهت ح ُّ ُّ
ببعض؟ هبذا هلكت األمم قبلكم» [ابن ماجه (. ])85 خلقتم؟ تضربون القرآن بعضت ٍ
صرون عل اَّ احة يفأمره ،وي ُّ
الصلابة ش ومن ذلك ضبت هللال هللا عليت و لم ح خيالف َّ
أن ذلك أفضـ ـ ــل اَّا أمروا بت ،وأقرب إىل هللا ،فعن الدين ،والتَّ ـ ـ ــديد عل أنفسـ ـ ــهم ،ظناً منهم َّ ِ
عائ ة ر ي هللا عنها قالت كان ر ول هللا هللال هللا عليت و لم إذا أمرهم أمرهم من األعمال
إن هللا قد فر لك ما تقدَّم من ذنبك ،وما ـول هللا! َّمبا ي ِطيقون ،قالوا َّإان لس ـ ــنا كهيئتك َي ر ـ ـ ش
حض يـ ْعر ش يف وجهت ال ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ،مثَّ يقول « َّ
إن أتقاكم وأعلمكم ابهلل أان» أتخر ،في ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ ،
َّ
[البخاري (. ])20
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يف تلك اَّواقف إح عمالً توجيهياً ،وتعليمياً
و يكن ضـ ـ ـ الن ِ
للصلاب ــة عل التَّيقُّم ،وحتذيراً يم من الوقوي يف هذه األخطاء ،فالواعم «من شأنت أن حتريض ـاً َّ
ألن مقامت يقتضي تكلُّف ا نايعاً ألنَّت يف هللاورة اَّْن ِذر ،وكذا اَّعلِم
يكون يف هللاورة ال ضبان َّ
إذا أنكر عل شم ْن يتعلَّم منت وءش فه ٍم وحنوه ألنَّت قد يكون أدع للقبول منت ،وليس ذلك حزماً
أحد بل خيتلف ابختال أحوال اَّتعلِم »(.)1 كل ٍ يف ِ
حق ِ
هـ انتهاز بعض الوقائع لبيان وتعليم ٍ
معان منا بة
كان هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم حتدث أمامت أحداث معيَّنة ،فينتهاي م ـ ــاهبة ما ير َّع ًىن مع ٍ
وعندئذ يكون هذا اَّعىن، ٍ ٍ
لتوجيت منا ـ ٍ يريد بثَّت ألهللاــلابت، صـلابة ،وم ــاكلتت يريد تعليمت لل َّ
وذلك التَّوجيت أو ما يكون يف نفو هم ر ي هللا عنهم ومن ذلك ما رواه عمر بن اخلطَّاب
ر ـ ــي هللا عنت قال قش ِد شم عل الن ِ
َّب هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ش ـ ـ ْب( ،)2فَذا امرأة من ال َّس ـ ـب شْحتل
()4 ()3
َّب
ثش ْديشها تس ــقي ،إذا وجدت هللا ــبياً يف ال َّس ـب أخذتت فألص ــقتت ببطنها ،وأر ــعتت ،فقال الن ُّ
لفم اخر شحتشلَّ ش ثديها ،أو ثدَيها أأ هتيأ ألن ْلش ش . ( )3شحتْل ثديها ،ويف ٍ
ش
السعي ،وهو اَّ ي بسرعة ،أأ تسع وتضررت ابجتماي اللب فيت ،ويف رو ٍ
اية (تسع ) وهو من َّ ألن ثديها قد امت َّ ، ( )4تسقي تبت ي ولداً تر عت َّ
للبلث عن ولدها الَّذأ ف ِق شد منها .ـ ]734أتـشرْو شن ـ بضم اَّثناة ـ أأ أتظنُّون.
623
هللال هللا عليت و لم «أشت ـ ـ ـ ـ ـ ـ شـرْون( )1هذه طارحةً ولدها يف النَّار؟» قلنا ح وهي تقدر عل أح
()2
تشطرحت ،فقال «هلل أرحم بعباده من هذه بولدها!» [البخاري ( )5999ومسلم (. ])2754
شش
«فانتهاي هللاــل هللا عليت و ــلم اَّنا ــبة القائمة ب يديت مع أهللاــلابت ،واَّ ــهود فيها حنان
َّاس ِ ِ
األم الفاقدة ر ــيعها إذ وجدتت ،و ــرب هبا اَّ ــاكلةش واَّ ــاهبةش برحة هللا تعاىل ليعر الن ش
رب النَّاس بعباده»(.)3 رحةش ِ
قال ال َّ ـ ـي عبد الفتا أبو دَّة -رحت هللا « -أهللا ـ ــلت َّ
أن ال راب يقع عل رأس البعري،
يتلرك البعري حينئـ ٍـذ لئال ينفر عنــت ال راب ويبق القراد يف رأس البعري
فيلقا منــت القراد ،فال َّ
فيؤَّت ،فقيل منت كأن عل ريو هم الطري»(.)4
يدل عل ال ُّسـكون الت ِ
َّام ،وا نصـات الكامل ،هيبةً لر ـول هللا و َّأَيً ما كان أهللاـل اَّثل ،فهو ُّ
هللال هللا عليت و لم ،وتعظيماً لت ،وإجالحً حلديثت(.)5
()1
( )2أأ ح تطرحت ما دامت تقدر عل حفظت معها ووقايتت وعدم طرحت يف النَّار.
للدكتور الر ول اَّعلِم هللال هللا عليت و لم ،لعبد الفتا أبو دة ،ص ، 160وهذا اَّبلث اختصرتت من مناهت واداب َّ
الصلابة يف التعلم والتعليم ُّ ، َّ
()3
عما خفي عليهم ،وا ـ ــتو ـ ــلوا ما أشـ ــكل عليهم فهمت ،وهذه
ص ـ ـلابة َّ
وهكذا ا ـ ــتفهم ال َّ
اَّناق ة واَّراجعة كان يا أثر كبري يف الفهم ،والوعي ،واحلفم(.)1
- 4مذاكرة احلديث
َّب هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،
ص ـ ـ ـلابة -ر ـ ـ ـوان هللا عليهم -إذا مسعوا ش ـ ــيئاً من الن ِ
كان ال َّ
وحلوا عنت علماً جلسـ ـوا ،فتذاكروه فيما بينهم ،وتراجعوه عل ألس ــنتهم أتكيداً حلفظت ،وتقويةً
مالك ر ــي هللا عنت قال «كنَّا نكون عند النَّب ح ــتيعابت ،و ــبطت ،والعمل بت ،فعن أنس بن ٍ
هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ،فنس ـ ــمع منت احلديث ،فَذا قمنا تذاكرانه فيما بيننا ،حض حنفظت»(.)2
حض بعد وفاتت هللاــل هللا عليت و ــلم فعن أيب نضــرة صـلابة َّ وقد بقي مبدأ اَّذاكرة قائماً ب ال َّ
اَّنذر بن مالك بن قطعة -رحت هللا !-قال «كان أهللاــلاب ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم
إذا اجتمعوا تذاكروا العلم ،وقريوا شوشره»(.)3
()4
السؤال بقصد العلم ،والعمل
ُّ - 5
ص ـ ـ ـ ـ ـلابة بقصـ ـ ـ ـ ــد العلم ،والعمل ،ح للعبث ،واللع ،فكانت أ ـ ـ ـ ـ ــئلتهم
كانت أ ـ ـ ـ ـ ــئلة ال َّ
م ــفوعةً هبذا القصــد لِ شما علموا من كرآه ة الن ِ
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم للمســائل العبثيَّة الَّيت ح
تاً إليها ،ولِما مسعوا من حتذيره هللا ــل هللا عليت و ــلم من كثرة ال ُّس ـؤال ،فعن ــهل بن ـ ٍ
ـعد ش
وعاهبا»(.)5
اَّسائل ،ش
ش اعدأ ر ي هللا عنت قال « شك ِره ر ول هللا هللال هللا عليت و لم الس ِ
َّ
َّووأ «اَّراد كرآه ة اَّس ـ ـ ــائل الَّيت ح ْتاً إليها ،ح ـ ـ ـ ـيَّما ما كان فيت هتك ـ ـ ـ ـ
قال الن ُّ
ـلمة ،قال العلماء َّأما إذا كانت ـناعة عل مس ـ ــل ٍم ،أو مس ـ ـ ٍ
مس ـ ــل ٍم ،أو إش ـ ــاعة فاح ـ ـ ٍـة ،أو ش ـ ـ ٍ
الدين ،وقد وقع ،فال كرآه ة فيها»(.)6 اَّسائل اَّا تاً إليت يف أمور ِ
627
ابلسؤال
- 9مراعاة أحوالت هللال هللا عليت و لم وعدم الحلا عليت ُّ
هللاـ ـ ـ ٍة ،بعد أن ،وا عن ال ُّسـ ـ ـؤال ولذلك كانوا يدفعون األعراب لسـ ـ ـؤالت هللا ـ ــل هللا عليت
و ا َّ
و لم ،ويتليَّنون ،وينتظرون جمأأ العقالء منهم ليسألوا ر ول هللا هللال هللا عليت و لم ،وهم
مالك ر ي هللا عنت قال ِ،ينا أن نسأل ر ول هللا هللال هللا عليت و لم يسمعون فعن أنس بن ٍ
الرجل من أهل البادية العاقل ،فيسـ ــألت ،وحنن نسـ ــمع ،ف اء ـيء ،فكان يع ِ بنا أن جييء َّ عن شـ ـ ٍ
أن هللا أر ــلك .قال رجل من أهل البادية ،فقال َي حممد! أاتان ر ـولك ،فايعم لنا أنَّك تايعم َّ
« هللادق» ....احلديث [مسلم ( )92وأبو داود ( )486والرتمذي ( )619والنسائي ( )122 - 121/4وأمحد ( 143/3و])193
.
***
628
السادس
املبحث َّ
أحداث وتشريعات
ٌ
أوالً :معاجلة األزمة االقتصاديَّة:
َّأدت ه رة اَّسـ ـ ـ ـ ـ ــلم إىل اَّدينة ،إىل زَيدة األعباء احقتصـ ـ ـ ـ ـ ــاديَّة اَّلقاة عل عاتق َّ
الدولة
بطرق عديدةٍ ،وأ ـ ــالي
النَّاشـ ــئة ،وش ـ ــري القائد األعل هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ش ُّل هذه األزمة ٍ
ص ـ ـ ـ ـفَّة التَّابعة للمس ـ ـ ـ ـ د الن ِ
َّبوأ ٍ
متنوعة ،فكان نظام اَّؤاخاة ب اَّهاجرين واألنص ـ ـ ــار ،وبناء ال ُّ
اهتم هللا ــل هللا عليت و ــلم بدرا ــة األو ــاي عدد اك ٍن من فقراء اَّهاجرين ،و َّ ح ــتيعاب أكرب ٍ
أن القَّوة احقتص ــاديَّة بيد اليهود ،و َّأ،م ميلكون ال ُّس ـوق التِ اريَّة يف احقتص ــاديَّة يف اَّدينة فرأ َّ
ويتلكمون يف األ ـ ــعار وال ِسـ ـ ـلع ،و تكرو،ا ،ويس ـ ــت لُّون حاجة النَّاس ،فكان َّ اَّدينة ،وأموايا،
وق للمسلم لينافسوا اليهود عل مصادر الثَّروة ،واحقتصاد يف اَّدينة ،وتظهر حبد من بناء ٍ َّ
للسوقالرفيعة يف عا التِ ارة ،فلدَّد هللال هللا عليت و لم مكاانً ُّ فيها آداب ال الم ،وأخالقت َّ
وخطَّت برجلت ،وقال «هذا ـ ــوقكم ،فال ينتقصـ ـ َّـن ،وح يض ـ ـرب َّن عليت
يف رب اَّس ـ ـ د النَّبوأ ،ش
خراً» [ابن ماجه (. ])2233
وقد قامت ال ُّسـوق يف عهده هللاــل هللا عليت و ــلم شر ْحبةً وا ــعةً ،وقد حظي ال ُّسـوق ابهتمام
ا ،و ـ َّـن لت
فتعهده ابلش ـرا ،واَّراقبة ،وو ــع لت ـواب ش َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ،ورعايتتَّ ، الن ِ
ش ،واخلداي ،كما وطهره من كث ٍري من بـيوي اجلاهليَّة اَّ ــتملة عل ال ش ْ ِ
ب ،وال ششرِر( ،)1وال ِ آداابًَّ ،
حبريتت ،وإاتحة الفرص اَّتكافئة فيها للبيع وال ِ ـ ـراء ،ب اجلميع عل ع ِ هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ِ
السواء(.)2
َّ
ٍ
وحرمات عديد ًة لسوق اَّدينة لكي تصان وح وقد أر هللال هللا عليت و لم آداابً كثرية،
األمة عل شم ِر الدُّهور،
تنتهك ،وحتفم فال هدش ،وح يسـتهان هبا ،ولكي يصـب قدوًة أل ـواق َّ
وشك ِر العصــور ،وتواس األزمان ،فمن ــريتت ميكننا أن نســتنبا لةً من ا داب الَّيت كان رمر هبا،
السوق يف ال الم ،ألحد الدرويش ،ص .36 ، 35 انظر أحكام ُّ
()2
629
أو ينه عنها أثناء دخولت إىل ال ُّس ـ ـ ـوق ،وإش ـ ـ ـرافت عليت ،ومتابعتت ـ ـ ــري اَّعامالت فيت ،فقد كان
أقره ،ور يف اَّواظبة عليت،
هللاـل هللا عليت و ـلم ح ير منكراً إح َّريه ،وأزالت ،وح معروفاً إح َّ
﴿وشما ِ
كل ذلك من توجيهات ،وتعليمات ربت ـ ــبلانت وتعاىل ،قال تعاىل ش واحلتايام بت ،مسـ ــتمداً َّ
ِ ِ ِ
يشـْنطق شع ِن ا ْيششو إ ْن ه شو إحَّ شو ْ ش
حي يوح ﴾ [النجم.]4 - 3 :
( )4اللَّ َّعان ْ اَّراد هبا األمرين اجلالب لِلَّعن ،احلامل النَّاس عليت ،وقد يكون الالَّعن مبعىن اَّلعون ،والتَّقدير اتقوا األمرين اَّلعون فاعلهما.
630
يشـتش شهلَّ يف طريق النَّاس ،أو يف ِظلِهم» [مسلم ( )269وأبو داود (. ])25
- 4احح از يف حل ال ِس ـ ـال َّن دخل ال ُّس ـ ـوق ،ومعت ـ ــال فقد ثبت عنت هللاـ ــل هللا
مر أحدكم يف مس ـ دان ،أو يف ــوقنا ،ومعت نشـْبل فشـ ْلي ْم ِس ـ ْ
()1
ك عل عليت و ــلم أنَّت قال «إذا َّ
يء» [البخاري ()7075 بكفت -أن يصي أحداً من اَّسلم منها ب ٍ نِصايا ( )2ـ ـ ـ أو قال فليقبض ِ
ْ ش
ٍ ()3 ومسلم ( ])2615ويقاس عليت األ للة ،مع ما فيها من خط ٍر حمق ٍ
َّق عند أدَّن مالمسة يا .
- 5األمر ابلوفاء ابلعقود ،والعهود ،و ــائر احلتايامات ،والتَّلذير من نقض ــهما ،أو ال در
اَّللِ إِ شذا عاه ْد ُّذ وحش تشـْنـقض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا األْشميا شن بـع شد تشـوكِ ِ
يد شها شوقش ْد شج شع ْلتم ِ ِ
ش شْ ْ ﴿وأ ْشوفوا ب شع ْهد َّ ش ش ْ ش فيهما ،قال تعاىل ش
اَّللش شعلشْيك ْم شك ِفيالً إِ َّن َّ
اَّللش يشـ ْعلشم شما تشـ ْف شعلو شن ﴾ [النحل. ]91 : َّ
السهولة ،واليسر ،واَّساحمة يف البيع ،وال ِ راء ،وحنولا من هللانو التِ ارة ،قال هللال ُّ - 6
،مسلاً إذا اقتض ـ ـ ـ » [البخاري هللا عليت و ـ ـ ــلم « شرِح شم هللا عبداً مسشْلاً إذا ابي ،مسلاً إذا اش ـ ـ ـ
( )2076والرتمذي ( )1320وابن ماجه (. ])2203
احلشلِف
- 8وجوب احبتعاد عن األْشميان الكاذبة ،فقد قال هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم « ْ
شمْنـ شف شقة( )4لل ِس ـ ـ ـ ـ ْل شع ِة ،اشْ شل شقة ِ
للربْ ِ » [البخاري ( )2087ومسـ ـ ــلم ( ،])1606وقال هللاـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ــلم
ف يف البيع! فَنَّت يـْن ِفق ،مثَّ ميشْ شلق» [مس ــلم ( )1607والنس ــائي ( )246/7وابن ماجه (. ])2209 احللِ ِ
« َّإَيكم وشكثرةش ْ
الرواً ،وذلك ا نفاق مو ع لنقصان الربكة ،ومظنَّة يروً لعتت ،وينفقها ،لكن هذا َّ «فاحلالف ِ
لت يف اَّال ،أبن يس ــلا هللا عليت وجوهاً يتلف فيها َّإما ــرقاً ،أو حرقاً ،أو رقاً ،أو ص ــباً ،أو
إن نقص اَّكيال ،واَّيايان ،كان من األ ــباب اليت َّأدت إىل هالك قوم شــعي ٍ ،قال تعاىل َّ
ِ ِ
﴿ شكأش ْن شْ يشـ ْنشـ ْوا ف شيها أشحش بـ ْع ًدا ل شم ْديش شن شك شما بشعِ شد ْ
ت ششود ﴾ [هود. ]95 :
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم ص ـة شــعي ٍ مع قومت من ــمن اَّنهاً الن ِ
َّبوأ يف تربية الن ِ كانت ق َّ
ابين معناه الدَّمار ،وايالك ،و َّ
أن طو َّلية الر ِ
أن ا حنرا عن اَّنهت َّ ألهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــلابت ولذلك فهموا َّ
هذا ِ
الدين تدخل يف شؤون حياهتم كافَّةً.
الرابينَّ ،عاجل اَّ ــكلة احقتصــاديَّة عن طريق القصــص ِ
القرآين ،لكي يتَّعم النَّاس، إن اَّنهت َّ َّ
َّعبدأ ،الَّذأ لت أثر يف البناء
يعي الت َّ ِ
ويعتربوا مبش ْن مض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ من األقوام ،و ي ك اجلان التَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر َّ
األمة ،وينقل خطاها لكي تكون وجل -يرع هذه َّ عاي َّ بوأ ،فقد كان اَّوىل َّ - َّنظيمي ال َّ ِ
الت ِ
صـ رية ،واألمور الر ــالة ،وح فرق يف و ــا هذه َّ
الدولة ب األمور ال َّ مؤهلةً حلمل األمانة ،وتبلي ِ َّ
أل،ا كلَّها تعمل لرفع بنائها ،ووقوفها شــاملةً أمام األعاهللاــري الَّيت حتتمل مواجهتها ومن الكبرية َّ
الايكاة ،وزكاة الفطر ،و ِ
الصيام، السنت األولي من اي رة َّ هذه ال عائر التعبُّديَّة اليت ف ِر ت يف َّ
َّدرً يف بناء ااتمع اَّس ــلم ،ومراعاتت لواقع النَّاس ،واحنتقال هبم حنو األفض ــل ونالحم ـ ـنَّة الت ُّ
دون اعتسا ٍ ،أو تع ٍيل ،بل كل ٍ
شيء يف وقتت(.)2 ُّ
633
اثنياً :بعض التَّشريعات:
- 1ت ريع فريضة ِ
الصيام
يام ،وجعلت ركناً من أركان ِ
يف شـ ـ ــهر شـ ـ ــعبان من السـ ـ ــنة الثانية لله رة فرض هللا تعاىل الص ـ ـ ـ ش
أليَّة هذه العبادة اجلليلة، ال ـ ـ ـ ـ ــالم ،كما فر ـ ـ ـ ـ ــت عل األمم ال َّسـ ـ ـ ـ ـ ـابقة ،ويف ذلك أتكيد عل ِ
ين ِم ْن قشـْبلِك ْم َّ ِ ِ ِ ِ َّ ِ
﴿َيأشيـُّ شها الذ ش
ين آمنوا كت ش شعلشْيكم الصيشام شك شما كت ش شعلش الذ ش ومكانتها .قال تعاىل ش
لش شعلَّك ْم تشـتـَّقو شن ﴾ [البقرة. ]183 :
ص ـت من ب ــائر ال ُّ ـهور لنايال القرآن العظيم، ص ـيام ،واخت َّ وامتد هللا ــبلانت شــهر ال ِ
ات ِم شن ا ْي شدَّاس وبـيِنش ٍ ِ ِِ ِ
ضـ ـ ـ ـ ـ ـا شن الَّذأ أنْ ِايشل فيت الْقرآن هد ً للن ِ ش ش عاي وجل ﴿ -ششـ ـ ـ ـ ـ ـ ْهر شرشم ش فقال َّ -
يضا أ ْشو شعلش ش شف ٍر فشعِدَّة ِم ْن أ َّشَيٍم أ شخشر ي ِريد َّهشر فشـ ْليشص ْمت شوشم ْن شكا شن شم ِر ً
ِ ِ
شوالْف ْرقشان فش شم ْن شش ِه شد مْنكم ال ْ
ْملوا الْعِـ َّد شة شولِت شكِربوا َّ
اَّللش شعلش شم ـا شه ـ شداك ْم شولش شعلَّك ْم اَّلل بِكم الْيس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر وحش ي ِريــد بِكم الْعس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ولِتك ِ
ْ ش ش ْ ش ش َّ
تش ْ كرو شن﴾ [البقرة. ]185 :
ص ـ ـائمون اَّهلصـ ــون أحش وقد و َّ ـ ـلت ا ية الكرمية األوىل الثَّمرة العظم الَّيت ظ هبا ال َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـيام ابلنِسـ ـ ـ ـ ــبة ل َّمة ﴿لش شعلَّك ْم تشـتـَّقو شن ﴾ ،مدر ـ ـ ـ ـ ــة فريدة ،ودورة
وهي بلوغ درجة التَّقو فال ِ
تــدريبيَّـة عل طهــارة النُّفوس لكي تنهلع من افــاهتــا ،وتتللَّ ابلفض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائــل ،وترتقي يف مــدارً
الصال (.)1 التَّقو ،و َّ
الصيام يف تربية ااتمع اَّسلم ،فقد ر َّ النَّب هللال هللا عليت و لم يف َّأَيٍم ِ
للصيام، وأللية ِ ِ
ُّ
وحث عل هللاــيامها ،ور َّ يف األجر ،واَّثوبة من هللا تعاىل وبذلك أهللاــبلت مدر ــة الصــيام َّ
ٍ
وحاجة ل ويض أحس بقســوةٍ يف قلبت،
مفتوحةً أبواهبا ِطيلشةش ال َّسـنة لكي يبادر اَّســلم إليها كلَّما َّ
نفس ـ ـ ـ ــت ،ور ٍبة يف اَّاييد من األجر ،والفض ـ ـ ـ ــل عند هللا ـ ـ ـ ــبلانت ،وقد جاء يف احلديث عن أيب
هللا شام يوماً يف
اخلدرأ ر ي هللا عنت أنَّت قال قال ر ول هللا هللال هللا عليت و لم «من ش ِ عيد
بيل هللا بشـعَّ شد هللا شو ْج شهت عن النَّا ِر بع خريفاً» [البخاري ( )2840ومسلم (. ])1153
- 2ت ريع زكاة الفطر
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة ( ، )106/2ومنهت ال الم يف تايكية النَّفس (.)252 ، 251/1
634
ويف رمضــان من العام نفســت ،شــري هللا -ــبلانت وتعاىل -زكاة الفطر ،وهي عل ك ِل ح ٍر
أو ٍ
عبد ،ذك ٍر أو أنث ،هللاـ ـ ـ ـ ـ ٍري أو كب ٍري من اَّس ـ ـ ـ ــلم ،واحلكمة من فر ـ ـ ـ ــية هذه َّ
الايكاة ،وإلايام
اَّسلم هبا ظاهرة وجليَّة ،قال عبد هللا بن عباس ر ي هللا عنهما «فرض ر ول هللا هللال هللا
الصالة
الرفث ،وط ْعمةً للمساك ،من َّأداها قبل َّ للصائم من اللَّ و و َّعليت و لم زكاة الفطر ط ْهشرًة َّ
ص ـ ـ ـ ـدقات» [أبو داود ( )1609وابن ماجه
صـ ـ ـ ـالة فهي هللا ـ ـ ــدقة من ال َّ
فهي زكاة مقبولة ،ومن أداها بعد ال َّ
()1
أن احلكمة مرَّكبة من أمرين َّص عل َّ ( )1827واحلاكم ( ،])409/1ففي هذا احلديث الن ُّ
أ -يتعلَّــق َّ
ابلصوم يف شهر رمض ــانَّ ،
فَن النُّفوس جمبول ــة عل اخلطأ ،والتَّقصري ،والوقوي يف
ل و القول الَّذأ ح فائدة فيت ،أو فيت رر من الكالم الباطل ،وحنو ذلك ،اَّا ح يسلم النسان
هللاومت من ذلك.
للصائم اَّا خالا ش منت الباً ،ف اءت هذه َّ
الايكاة يف ختام ال َّهر تطهرياً َّ
ب -إ ناء اَّتاً يف يوم العيد الذأ يعق الفطر من رمض ـ ـ ـ ـ ـ ــان ،فهذا يوم يس ـ ـ ـ ـ ـ ــعد فيت
كف هؤحء الايكاة ل ِ يعم هذا ال ُّس ـرور عل اجلميع ،ف ـ ِرعت هذه َّ ااتمع اَّســلم كلُّت ،فينب ي أن َّ
هللاـةً ابلفقراء ،واَّســاك ،ح تـ ْعطش ل ريهم، عن ذ ِل ال ُّسـؤال ،وا ــت داء النَّاس ،لذلك كانت خا َّ
اَّتقدم «طعمةً للمس ـ ـ ـ ـ ـ ــاك » ولذلك نر أ َّن كما يف حديث ابن عباس ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنهما ِ
ر ول هللا هللال هللا عليت و لم جيعلها شيئاً كثرياً يع اي كثري من النَّاس عنت بل جعل الواج
يتمكن منحض َّ شـ ـ ـ ــيئاً قليالً ،اَّا يسـ ـ ـ ــهل عل النَّاس ،وح ي ـ ـ ـ ـ ُّـق عليهم من ال قوت البلدَّ ،
الدين!( )2ويذه أدائها كثري من اَّسلم ،فيلصل ال شناء بذلك يؤحء اَّتاج ،فما أعظم هذا ِ
ش
الايكاة أحكام وتفصيالت تطْلش من كت الفقت(.)3 َّ
- 3هللاالة العيد
َّب هللاــل هللا عليت و ــلم هللاــالة العيد ،فكانت َّأول هللاــالةٍ هللا ـالَّها، ِ
ويف هذه ال َّس ـنشة هللا ـلَّ الن ُّ
ويعظمونت شكراً عل ما أفاء عليهم من النِعم ويكربونتِ ،صلَّ يهلِلون هللاِ ، وخرً ابلنَّاس إىل اَّ ش
اَّتتالية.
َّ
إن العيد مو ــم من موا ــم اخلري ،والتَّعاطف ،والتَّلاب ،وكان من دأب ر ــول هللا هللا ــل
كان يشنايحن ،فيقول يوم يص ـ ـ ـ ـ ــب العباد فيت إح ملش ِ وقال هللا ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم «ما من ٍ
ش
أعا اْ ِ
س ـ ـ ـ ـ ـكاً تشـلشفاً» [البخاري ( )1442ومس ـ ـ ــلم أعا منفقاً خلشفاً ،ويقول ا خر اللَّه َّم ِ هم ِ أحدلا اللَّ َّ
ش
(.])1010
يتم تطهري نفس اَّســلم من افة ال ُّ ـ ِ ،والبهل ،ويســاري إىل ا نفاق ،موقناً بفضــل
وهكذا ُّ
هللا ،ووعده الذأ ح يتهلَّف ِ
ابلرزق الوا ع(.)1
ً -حصول األمن يف الدُّنيا وا خرة
شجره ْم ِعْن شد شرهبِِ ْم شوحش ِ قال تعاىل ﴿الَّ ِذين يـْن ِفقو شن أشموا شيم ِابللَّي ِل والنـ ِ
َّها ِر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـًّرا شو شعالشنيشةً فشـلشه ْم أ ْ
ْش ْ ْ ش ش ش
شخ ْو شعلشْي ِه ْم شوحش ه ْم شْشاينو شن ﴾ [البقرة. ]274 :
عما ،اهم هللا أل،م َّأدوا ما أمرهم هللا تعاىل بت ،وانتهوا َّ ابل َّ احة ٍ فهم يف أم ٍن ،و ـ ـ ــعادةٍ ،ور ِ
عنت.
الايكاة عل ااتمع حص ــول اَّبَّة ب األ نياء والفقراء ،وش ــيوي األمن والطُّ شمأْنِينشة ومن آاثر َّ
يف أو ـاطت ،وشـعور األفراد فيما بينهم َّأ،م كاجلسـد الواحد ،قال هللاـل هللا عليت و ـلم « شمثشل
اَّؤمن يف تو ِادهم ،وتراحهم ،وتعاطفهم ،مثشل اجلسـد الواحد إذا اشـتك منت عضـو ،تداع لت
احلم » [مسـ ـ ــلم ( )2586وأمحد ( ،])270/4ومن ا اثر أيض ـ ـ ـ ـاً حفم التوازن
ـ ـ ـ ــائر اجلسـ ـ ـ ــد ابل َّس ـ ـ ـ ـهر و َّ
احجتماعي(.)2
كل من د عليت ،وتن شفق يف ـ ـ ـ ـ ــبلها اَّ ـ ـ ـ ـ ــروعة يف هللا ـ ـ ـ ـ ــدر الايكاة ْد شمع من ِ عندما كانت َّ
واتلف ،وات ٍ ، ـاء ،ور ـ ٍـد ،وَتتُّ ٍع ابلطَّيبــاتٍ ، ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالم كــان ااتمع ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالمي يعيش يف رخـ ٍ
ُّ
الراش ـ ــدين ،عمر بن عبد العايياي ر ـ ــي هللا الرواة أنَّت يف عهد خامس اخللفاء َّ وحتاب ٍ فقد رو ُّ
( )1انظر ِ
السرية النَّبوية ،أليب شهبة (.)115/2
السرية ،ص .168 ( )2انظر من مع ِ
السنَّة (.)420/1
انظر األ اس يف ُّ
()3
640
ألكلت بت العرب»( ،)1ونللم يف قول بشـْي شلشرة
َّاب يف م ْقتشـبش ِل العمر ،اَّمتلئ حيويةً ،ون اطاً.
عرب عنت بـ (الفض) ،والفض هو ال ُّـ َّ
الر ــول الكر هللاــل هللا
عما ححظت يف شــهصــية َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ويف قولت «ألكلت بت العرب» ِ
يعرب َّ
عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم من حيويٍَّة ،ولٍَّة ح تقف يف وجهها وي العرب قاطبةً ،كانت هذه نظرة بشـْي شلشرة،
الر ــول هللا ــل هللا عليت و ــلم يف اخلمسـ ـ من العمر ٍ
يومئذ إنَّت ال ــباب ش ــكالً ،ومض ــموانً، و َّ
مظهراً ونفسيَّةً ،لَّةً ،وروحاً(.)2
نب هللا هللال هللاأنس ر ي هللا عنـت قال «أقبل ُّ البهارأ عن ٍ
ُّ ب -ويف خبـر اي رة ،رو
ِ
عليت و ـ ـ ــلم إىل اَّدينة ،وهو م ْرد أاب بك ٍر ،وأبو بك ٍر ش ـ ـ ــي يـ ْعشر ُّ ،
ونب هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت
الرجل الذأ الرجل أاب بك ٍر ،فيقول َي أاب بكر! من هذا َّ و ـ ـ ــلم ش ـ ـ ــاب ح يـ ْعشر ،قال فيلق َّ
ِ ِ
الرجل يهدي الس ــبيل ،قال فيلسـ ـ احلا ـ ـ أنَّت َّإجا يع الطَّر ش
يق، ب يديك؟ فيقول هذا َّ
ـبيل اخلري» [البخاري ( )3911وأمحد ( ،])211/2وكان هللا ــل هللا عليت و ــلم يش ِ ـ ْ ،وكان وإجا يع ـ ش
َّ
أ َّن من أيب بك ٍر(.)3
أن أاب بك ٍر كان يبدو يف ـ ــنِ ِت احلقيقي ش ـ ــيهاً( )4بينما كان ويالحم من الن ِ
َّص بو ـ ــو ٍ َّ
هللاــل هللا عليت و ــلم يبدو شــاابً لعدم ظهور ال َّ ـي فيت ،كما أو ـ ذلك القســطالَّينُّ بقولت
وكان هللال هللا عليت و لم يش ْ ،وكان أ َّن من أيب بك ٍر(.)5
إن الفارق يف العمر بينت هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم وب عائ ـ ــة، وبذلك نسـ ــتطيع أن نقول َّ
الفارق الكبري من وجهة النَّظر العمليَّة ،فها هو هللاــل هللا عليت و ــلم يســابق ال َّس ـيدة
يكن ذلك ش
مرةً ،ويس ــبقها أخر ،فيقول «هذه بتلك» [أمحد ( )264/6وأبو داود ( )2578وابن ماجه عائ ــة ،فتس ــبقت َّ
( )1979وابن حبان ( ،])4691واألمثلة يف حياتت هللال هللا عليت و لم كثرية(.)6
***
643
صـ ـلابة، القافلة فرجعا إليت ربها( )1وقد حص ــل خال ب اَّص ــادر ال َّ
صـ ـليلة حول عدد ال َّ
َّب هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ـ ــلم يف ايوتت هذه إىل بد ٍر ،ففي ح جعلهم البهارأ
الذين رافقوا الن َّ
وثالشئة» [البخاري ( )3957و( ])3958يذكر مس ــلم َّأ،م كانوا « ٍ
ثالشئة وتس ــعة شع ش ـ ـشر ٍ «بض ــعة ع ــر
الصلابة البدري (.)2 ٍ
ثالشئة وأربع من َّ رجالً» [مسلم ( ،])1763يف ح ذكرت اَّصادر أمساء
للدولة ال الميَّة ذلك كانت َّقوات اَّسلم يف بد ٍر ،ح َتثِل القدرة العسكريَّة القصو َّ
َّأ،م إَّج ـا خرجوا حع اض قــافلـ ٍـة ،واحتوائهــا ،و يكونوا يعلمون َّأ،م ـ ـ ـ ـ ـ ــو يواجهون َّقوات
يش ،وأحالفه ــا جمتمعـ ـةً لللرب ،والَّيت بل تع ــداده ــا ألفـ ـاً [مســ ـ ـ ــلم ( ،])1763معهم مئت ــا ٍ
فرس، قر ٍ
القيان( )3يض ـ ـ ـ ـ ـربن ابلدُّفو ،وي نِ هب اء الن ِ
َّب هللاـ ـ ـ ـ ــل هللا ايم ،ومعهم ِ يقودو،ا إىل جان
ان ،وكان عليت و ـ ــلم وأهللا ـ ــلابت( ،)4يف ح يكن مع القوات ال ـ ـ ــالميَّة من اخليل إح فشـر ـ ـ ـ ِ
شش
كوهبا[ .الطرباين يف املعجم الكبري ( )12105واهليثمي يف جممع الزوائد (. ])69/6
معهم بعون بعرياً يتعاقبون ر ش
أوالً :بعض احلوادث يف أثناء املسري إىل بد ٍر:
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم وأهللا ــلابت فيها من
وقد حدثت بعض احلوادث يف أثناء مس ــري الن ِ
العِشِرب واَّواعم ال َّيء الكثري
َّب هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم
عازب وابن عمر لص ـ ـ ـ رلا وبعد خروً الن ِ الرباء بن ٍ
- 1إرجاي شش
وأهللا ـ ــلابت من اَّدينة يف طريقهم إىل مالقاة ِعري أيب ـ ـ ــفيان وهللاـ ـ ــلوا إىل (بيوت ال ُّس ـ ـ ـقيا) خارً
َّب هللال هللا عليت و لم ،وا تعرض هللال هللا عليت و لم شم ْن خرً معت، اَّدينة ،فعسكر فيها الن ُّ
قتال معهم، ض ـ ـ ِي مع جيش اَّسـ ــلم ،ومالقاة من تشمل ن ـ ــوب ٍ فرد من ليس لت قدرة عل اَّ ِ
شْ ش َّ ش ْ
الرباء بن عازب ،وعبد هللا بن عمر لصـ ـ ـ ـ رلا ،وكاان قد خرجا مع النب فرد عل هذا األ ـ ـ ــاس ششَّ
هللال هللا عليت و لم را ب ،وعازم ْ ِ عل احش اك يف اجلهاد[ .البخاري ( )3955و(. ])3956
ش
رك) عن عائ ةش ر ي هللا عنها قالت خرً ر ول هللا هللال ( - 2فارجع فلن أ تع مب ٍ
ش ْ
ِ ِ ِ
وُدةالوبشـشرةِ ،أ ْشدركت شرجل ،قد كان يذْكر منت ج ْرأشة ،شْ ٍ
هللا عليت و ــلم قبش شل بدر ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما كان حبشَّرة ش
ص ـعاب فعن ابن مســعود ر ــي هللا َّب هللاــل هللا عليت و ــلم أهللاــلابت يف ال ِ
- 3م ــاركة الن ِ
وعلي بن أيب طال ٍ زميلش ْي ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول
كل ثالثة عل بع ٍري ،وكان أبو لبشابشةشُّ ، عنت قال كنَّا يوم بد ٍر ُّ
هللا هللال هللا عليت و لم .قال وكانت عقبشة ر ول هللا هللال هللا عليت و لم .قال فقاح حنن
ج ــي عنك ،فقال «ما أنتما أبقو م ِ ،وح أان أب ىن عن األجر منكما» [أمحد ( )411/1وابن حبان
( )4733وأبو يعلى ( )5359والبزار ( )1759وجممع الزوائد (.])69/6
َّب هللال هللا عليت و لم ،أبهللالابت من اَّدينة ،بقصد اع اض بل أاب فيان خرب مسري الن ِ
ضـ شم
قافلتت ،واحتوائها ،فبادر إىل حتويل مســارها إىل طريق ال َّس ـاحل ،يف الوقت نفس ـت أر ــل ش ـ ْم ش
يش يس ـ ـ ـ ــتنفرها لنقاذ قافلتها ،وأموايا ،فقد كان أبو ـ ـ ـ ــفيان يشِقظاً بن عمرو ال ِ شف َّ
ارأ إىل قر ٍ
()1
حتركاهتم بل يتل َّس ـ ـس أخبارهم بنفسـ ــت ،فقد تقدَّم شحذراً ،يتلقَّا أخبار اَّس ــلم ،ويس ــأل عن ُّ
أحد؟ قالوا ح ،إح رجل ،قال أروين إىل بد ٍر بنفس ـ ـ ـ ــت ،و ـ ـ ـ ــأل من كان هناك هل رأيتم من ٍ
شْ
يثرب(،)2
مشنا ش ركاهبما ،فأروه ،فأخذ البعر فشـ شفتَّت ،فَذا هو فيت النَّو ،فقال هذه وهللا! عالئف ش
حض خرب ال َّس ـ ـ ـريَّة اح ـ ـ ــتطالعيَّة عن طريق ذاء دو ِاهبا، حتركات عدوهَّ ، فقد ا ـ ــتطاي أن يعر ُّ
الرجل من اَّدينة أأ من اَّسـ ــلم ،وابلتَّاس أن َّبفلصـ ــت البعر الَّذأ خلَّفتت البل إذ عر َّ
يش ،و َّري طريق القافلة ،و َّادت حنو ــاحل بن عم ٍرو ،إىل قر ٍ فقافلتت يف خط ٍر ،فأر ــل ش ـ ـ ْم ش
ض ـ ـ شم ش
َّب هللال َّب هللال هللا عليت و لم ُاة القافلة ،وإهللارار زعماء َّ
مكة عل قتال الن ِ لـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما بل الن َّ
هللا عليت و ــلم ا ــت ــار ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم أهللا ــلابت يف األمر( ،)7وأبد بعض
يش حيث َّإ،م يتوقَّعوا اَّواجهة ،و ص ـ ـ ـ ـ ـلابة عدم ارتياحهم َّسـ ـ ـ ـ ــألة اَّواجهة احلربيَّة مع قر ٍ ال َّ
ص ـلابة ـعد م ـ ِ عةً لر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم وملهبةً َّ ــاعر ال َّ
كانت كلمات ـ ٍ
َّب هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم
إن حرص الن ِ ص ـ ـلابة ،وش ـ ـ َّ عتهم عل القتالَّ ،فقد رفعت معنوَيت ال َّ
ابلذات ذلك ألية ال ُّ ـ ـور يف احلروب َّ يدل عل أتكيد ِ عل ا ــت ــارة أهللا ــلابت يف ال ايواتُّ ،
وإما حتت ال رباء(.)1
فَما إىل العلياءَّ ، تقرر مصري األممَّ ، ألن احلروب ِ َّ
ويف مس ــاء ذلك اليوم الَّذأ خرً فيت ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ،وأبو بك ٍر ،أر ــل
اص ،يف نف ٍر من عد بن أيب وقَّ ٍ العوام ،و ش علي بن أيب طال ٍ ،و ُّ
الايبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شـر بن َّ هللال هللا عليت و لم َّ
يش ،فوجدوا الم يس ــتقيان جليش أهللا ــلابت إىل ماء بد ٍر يتس ــقَّطون لت األخبار عن جيش قر ٍ
اَّ ـ ـ ــرك ،فأتوا هبما إىل ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ،فقال يما «أخرباين عن جيش
يش» فقاح هم -وهللا! -وراء هذا الكثي الَّذأ تر ابلعدوة القص ـ ــو ،فقال يما «كم قر ٍ
القوم؟» قاح كثري ،قال «ما عدَّهتم؟» قاح ح ن ْد ِرأ ،قال َّ
الر ـ ـ ــول هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم
يوم؟» قاح يوماً تســعاً ،ويوماً ع ـراً ،فقال ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم «كم ينلرون كل ٍ
َّ
«القوم ما ب التِس ـ ـ ــعمئة واأللف» مثَّ قال يما «فمن فيهم من أشـ ـ ـ ـرا قريش؟» فذكرا عتبة،
خلف ،يف آخرين من هللاـ ــناديد قريش ،فأقبل ر ـ ــول هللا وشـ ــيبة اب ربيعة ،وأاب جهل ،وأميَّة بن ٍ
مكة قد ألقت إليكم أفالذ كبدها» [ابن هش ـ ــام هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم إىل أهللا ـ ـ ــلابت قائالً «هذه َّ
(])269/2
العدو ،والوقو عل َّب هللال هللا عليت و لم ،حرهللات عل معرفة جيش ِ كان من هدأ الن ِ
هللاد عدوانت ،فقد ألن ذلك يعينت عل ر م اخلطا احلربيَّة اَّنا بة ااهبتت ،و ِ أهدافت ،ومقاهللاده َّ
كانت أ ــاليبت يف ايوة بد ٍر يف ع اَّعلومات اترةً بنفســت ،وأخر ب ريه ،وكان هللاــل هللا عليت
و ـ ــلم يطبِق مبدأ الكتمان يف حروبت ،فقد أرش ـ ــد القرآن الكر اَّس ـ ــلم إىل ألية هذا اَّبدأ.
ول شوإِ شىل أ ْوِس اخلشْو ِ أش شذاعواْ بِ ِت شولش ْو شرُّدوه إِ شىل َّ
الر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ﴿وإِ شذا شجاءه ْم أ ْشمر ِم شن األ ْشم ِن أش ِو ْ قال تعاىل ش
ضـ ـ ـ ـل اَّللِ شعلشْيك ْم شوشر ْحشتت حشتَّـبشـ ْعتم ال َّ ـ ـ ـ ـْيطشا شن إِحَّ ين يش ْس ـ ـ ـتشنبِطونشت ِمْنـه ْم شولش ْوحش فش ْ ِ َّ ِ ِ
األ ْشم ِر مْنـه ْم لش شعل شمت الذ ش
قشلِيالً﴾ [النساء.]83 :
عامةً ،فعن كع بن مالكوقد حتلَّ ر ول هللال هللا عليت و لم بصفة الكتمان يف ايواتت َّ
ور ب ريها»
ر ـ ـ ــي هللا عنت ،قال «و يكن ر ـ ـ ــول هللا هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم يريد ايوةً إح َّ
[البخاري ( ،])2947ويف ايوة بد ٍر ظهر هذا اخللق الكر يف ا ل
حمم ٍد وجي ــت ،وعن قريش
- 1ـؤالت هللاــل هللا عليت و ــلم ال َّ ـي الَّذأ لقيت يف بد ٍر عن َّ
649
وجي ها.
الر ـ ــول هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يف إجابتت عل ـ ـؤال ال َّ ـ ـي اَّن أنتما؟ بقولت
- 2تورية َّ
الر ـ ـ ــول (ﷺ) كتما شن أخبار(ﷺ) «حنن من م ٍاء» ،وهو جواب يقتضـ ـ ــيت اَّقام ،فقد أراد بت َّ
يش.جيش اَّسلم عن قر ٍ
- 3ويف انصـ ـرافت فور ا ــت وابت كتمان -أيضـ ـاً -وهو دليل عل ما يتمتَّع بت ر ــول هللا
هللال هللا عليت و لم من احلكمة’ فلو أنَّت أجاب هذا ال َّي مثَّ وقف عنده ،لكان هذا بباً يف
طل ال َّي بيان اَّقصود من قولت (ﷺ) «من ٍ
ماء»(.)1
- 4أمره هللا ــل هللا عليت و ــلم بقطع األجراس من البل يوم بد ٍر ،فعن عائ ــة ر ــي هللا
أن ر ول هللا هللال هللا عليت و لم أمر ابألجراس أن تقطع من أعناق البل يوم بد ٍر[ .أمحد عنها َّ
( )150/6وابن حبان ( )4699و( )4702واهليثمي يف جممع الزوائد (.])174/5
- 5كتمانت هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم خرب اجلهة الَّيت يقص ـ ـ ــدها عندما أراد اخلروً إىل بدر،
معنا» [مس ــلم حيث قال هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم) « َّ
إن لنا طشلبةً فمن كان ظش ْهره حا ـ ـراً فريك ْ
(.])1901
َّووأ «يف هذا ا ـ ـ ـ ـ ـ ــتلباب التَّورية يف احلرب ،وأحَّ يب المام جهة إ ارتت،
قال المام الن ُّ
العدو»(.)2
وإ ارة راَيه لئال ي يع ذلك فيلذرهم ُّ
َّبوأ مسـ ـ ـ ــتمرة منذ الف ة ال ِس ـ ـ ـ ـ ِريَّة واجلهريَّة َّ
مبكة ،و أن ال َّ بية األمنيَّة يف اَّنهاً الن ِ
ونللم َّ
الر ول هللال هللا عليت تطورها ،وخصوهللااً يف ايوات َّ الدولة ،وأهللابلت تنمو مع ِ تنقطع مع بناء َّ
و لم.
خامساً :مشورة احلُباب بن املُْن ِّذر يف بد ٍر:
651
اب اتي يَّ ٍة جديدةٍ.
السمع
الرأأ ،وأدركت مفهوم َّ الرفيعة ،عرفت أهللاول اَّ ورة ،وأهللاول إبداء َّ َّ
إن هذه النَّفسيَّة َّ
الرأأ اَّعارض لرأأ ـ ـ ــيِد ولد آدم هللا ـ ـ ــل هللا عليت
والطَّاعة ،ومفهوم اَّناق ـ ـ ــة ،ومفهوم عرض َّ
و لم .
وتبدو عظمة القيادة النَّبويَّة يف ا ـ ـ ـ ـ ـ ــتماعها للهطَّة اجلديدة ،وتب ِ اخلطَّة اجلديدة اَّطروحة
قوادها[(.])817 جندأ من جنودها ،أو ٍ
قائد من َّ ٍ من
سادساً :الوصف القرآيني خلروج املشركني:
ين شخشرجوا ِم ْن ِد شَي ِرِه ْم بشطشًرا شوِرشائءش الن ِ
َّاس شويشصـ ـ ـ ـدُّو شن شع ْن ش ـ ـ ـ ـبِ ِيل َّ ِ
﴿وحش تشكونوا شكالذ ش
قال تعاىل ش
اَّللِ شو َّ
اَّلل ِمبشا يشـ ْع شملو شن ِحميا ﴾ [اآلنفال. ]47 : َّ
وجل -اَّؤمن عن الت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبُّت ابلكافرين الَّذين خرجوا من دَيرهم بطراً،
عاي َّ
ينه اَّوىل َّ -
ورائء النَّاس ،وتفسري ا ية الكرمية
وجل -وما
عاي َّ
القرطب «والبطر يف الل ة ،أأ التَّقوية بنعم هللا َّ -
ُّ ﴿ - 1بشطشًرا﴾ قال
ألبست من العافية عل اَّعاهللاي»(.)1
﴿وِرشائء﴾ ومعناه ،أو الفعل الَّذأ ح يقصد معت الخالص َّ
وإجا يقصد بت التَّظاهر، -2ش ش
وح ُّ الثناء.
اَّللِ﴾ معطوفاً عل ﴿ بشطشًرا ﴾ ،وال َّس ـ ـبيل الطَّريق الَّذأ فيت ﴿ - 3شويشص ـ ـدُّو شن شع ْن ش ـ ـبِ ِيل َّ
الصال .
هولة ،واَّراد بسبيل هللا دينت ألنَّت يوهللال النَّاس إىل اخلري ،و َّ
فقد وهللاف -بلانت -الكافرين يف هذه ا ية بثالثة أشياء
الص ُّد عن بيل هللا. األول البطر ،والثَّاين ِ
الرَيء ،والثالث َّ
عرب عن بطرهم ،بص ـ ــي ة اح ـ ــم الد ِ
َّال عل التَّمك ،والثُّبوت ،وعن ونللم َّ
أن هللا تعاىل َّ
بِ بلانت وتعاىل موقف اَّ رك ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما قدموا إىل بد ٍر ،قال تعاىل ﴿إِ ْن تش ْستشـ ْفتِلوا فشـ شق ْد
ِ
تشجاءشكم الْ شفْت شوإِ ْن تشـْنـتشـهوا فشـه شو شخ ْري لشك ْم شوإِ ْن تشـعودوا نشـع ْد شولش ْن تـ ْ ِ ش شعْنك ْم فئشـتك ْم ششـْيـئًا شولش ْو شكثـشر ْ
اَّلل مع الْم ْؤِمنِ ش ﴾ [اآلنفال. ]19 : شوأ َّ
شن َّش ش ش
أن أاب جهــل قــال ح التق القوم -يف بــد ٍر -
رو المــام أحــد عن عبــد هللا بن ثعلبــة َّ
للرحم ،وااتان اَّا ح يعر ،فأ ِ
شحْنت -أأ أهلكت -ال دا شة. اللَّهم! أقطعنا َّ
[أمحد ( )431/5وابن هشام ( )280/2والبيوقي يف الدالئل (. ])74/3 فكان اَّ ْستشـ ْفتِ .
الر ول هللال هللا عليت و لم(.)68/1انظر حديث القران الكر عن ايوات َّ
()1
ضرمي الَّذأ قتلت وافد بن عبد هللا يف ريَّة عبد هللا بن جلش يف ال َّهر احلرام.
هو عمرو بن احلش ْ
()3
654
أحتمل ديتت ،وا ْذه ْ إىل ابن احلشْنظشليَّـة( - )1يع أاب جهل -فقل لـت هل لـك أنت وذاك ،وأان َّ
اعة من ب يديت ،ومن ورائت، ٍ عمك؟ ف ئتت ،فَذا هو يف أن ترجع اليوم مبن معك عن ابن ِ
مي( )2واقف عل رأ ــت وهو يقول قد فســهت عقدأ من عبد طس ،وعقدأ ض ـشر ِ
وإذا ابن احلش ْ
عمك مبن ملايوم ،فقلت لت يقول لك عْت بة بن ربيعة هل لك أن ترجع اليوم عن ابن ِ ٍ إىل ب
معك؟ قال أما وجد ر ـ ـ ـ ـ ـ ــوحً ش ْ شريك؟ قلت ح ،و أكن ألكون ر ـ ـ ـ ـ ـ ــوحً ل ريه! قال حكيم
فهرجت مبادراً إىل عتبة لئال يفوت من اخلرب ش ـ ـ ـ ـ ــيء[ .ابن هشـ ـ ـ ــام ( )275 - 274/2والبيوقي يف الدالئل
(. ])66 - 65/3
( )1ابن احلشْنظشلِيَّة هو أبو جهل ،وهي أمساء بنت ملَّربة من ب َتيم.
( )2اَّقصود هنا عامر أخو عمرو ِ
اَّتقدم.
( )3انظر مروَيت ايوة بدر ،ص .155
حض َتوت.
( )4البالَي ع بلية ،وهي النَّاقة أو الدَّابة تربا عل قرب اَّيت فال تعلف ،وح تسق َّ
( )5شمنش شاَي ع شمنِيَّة ،وهي اَّوت.
البل الَّيت يستق عليها اَّاء. ( )6نوا
( )7النَّاقع الثَّابت البال يف الفناء ،يقال موت انقع ،أأ دائم.
( )8انظر البداية والنِهاية (.)269/3
655
مكة ابتداءً خوفاً من اَّوت« ،فأاته أبو ج ٍ
هل، وهذا أميَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة بن خلف ،رفض اخلروً من َّ
فت وأنت ـ ـ ــيد أهل الوادأ هلفوا معك، فقال َي أاب هللاـ ـ ــفوان! إنَّك مض يراك النَّاس قد هلَّ ش
ين أجود بع ٍري َّ
مبكة ،مثَّ قال أميَّة َي حض قال أما إ ْذ لبت ،فوهللا! ألش ـ ـ َّ فلم يايل بت أبو جهل َّ
اليثريب؟ تقصـ ــد
ـيت ما قال لك أخوك ُّ َّأم هللاـ ــفوان! شج ِهايي .فقالت لت َي أاب هللاـ ــفوان! وقد نسـ ـ ش
ــعد بن معاذ عندما قال لت مسعت ر ـ ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم يقول « َّإ،م قاتلوك» ؟
بعريه،
أجوز معهم إح قريباً ،فل ـ ـ ـ ـ َّـما خرً أميَّ ـ ـ ـ ــة أخذ ح ي ك منايحً إح شع شق شل ش
قال ح ،ما أريد أن ش
وجل -ببد ٍر» [البخاري ( )3950والبيوقي يف الدالئل (. ])27- 25/3 عاي َّحض قتلت هللا َّ -
فلم يايل بذلك َّ
ومن دهاء أيب جهل -لعنت هللا -أن لَّا عقبةش بن أيب م شعْيا ،عل أميَّةش بن خلف ،فأاته
حض و ـ ـ ـ ـ ـ ــعهــا ب يــديــت ،مثَّ قــال
يتبهر بــت)َّ ، عقبــة مبش ْ شمرةٍ ملهــا ،فيهــا انر شْ
وجم شمر (العود َّ
دهاي ،وخرً من فَجا أنت من النِسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء ،قال قبَّلك هللا ،وقبَّ ما جئت بت! مثَّ َّ
مر َّا ـ ـ ـ ـ ـ ــت ْ
النَّاس(.)1
القوة اَّعنويـَّة جليش م َّكـة ،متايعايعـةً يف النُّفوس ،وإن كــان مظهره َّ
القوة ،والعايم، لقــد كــانــت َّ
أن يف ملربه اخلو ،واجلب ،وال ُّدد(.)2 والثبات ،إح َّ
مكة فقد رأت يف اَّنام َّ
أن وكان لريَي عاتكة بنت عبد اَّطل أثر عل معنوَيت أهل َّ
مبكة ،فتفتَّتت ،ودخلت ائر دوِر رجالً ا تنفر قري اً ،وألق بصهرةٍ من رأس جبل أيب قـبشـْيس َّ
ض ـ ـ ـم ،وأعلمهم رب حض قدم ش ـ ـ ـ ْم شجهلَّ ،الريَي خصـ ـ ــومةً ب العبَّاس ،وأيب ٍ
قريش ،وقد آاثرت ُّ
ص ـ ْلت بن اَّطل بن عبد منا الريَي( ،)3كما أن ج شهيم بن ال َّ وأتولت ُّ القافلة ،فســكنت َّ
مكةَّ ،
حض وقف ،ومعت بعري لت، رأ ريَي عندما نايلت قريش اجل ْلفة ،فقد رأ رجالً أقبل عل ٍ
فرس َّ
مثَّ قال قتل عتبة بن ربيعة ،وش ـ ـ ــيبة بن ربيعة ،وأبو احلكم بن ه ـ ـ ــام ،وأميَّة بن خلف ،وفالن،
وفالن ،فعدَّد رجاحً اَّن قتِ شل يوم بدر من أش ـ ـرا قريش ،مثَّ رأيتت ــرب يف لشبَّة بعريه ،مثَّ أر ــلت
ض ـ ( )4من دمت ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما بل ت أشاب يف العســكر ،فما بقي خباء من أخبية العســكر إح أهللاــابت نش ْ
656
الريَي ،قال وهذا أيض ـ ـ ـ ـ ـاً نب اخر من ب اَّطل ،ـ ـ ـ ـ ــيعلم داً من اَّقتول إن حنن
جهل هذه ُّ
()1
الرشي قد الت بتوفيق هللا تعاىل ،يف إ عا النَّفسيَّة القرشيَّة اَّ ركة. التقينا .كانت تلك ُّ
اثمناً :الوصف القرآيني ملواقع املسلمني واملشركني يف أرض املعركة:
ِ ِ قال تعاىل ﴿إِ ْذ أشنْـت ْم ِابلْع ْد شوةِ ُّ
اع ْد ُّْذ
الرْك أش ْ ـ شف شل مْنك ْم شولش ْو تشـ شو ش الدنْـيشا شوه ْم ِابلْع ْد شوة الْق ْ
صـ شو شو َّ
ك شع ْن بشـيِنش ٍة شوشْيشا شم ْن شح َّي ِ ِ حشختشـلش ْفتم ِيف الْ ِميع ِاد ولش ِكن لِيـ ْق ِ
ك شم ْن شهلش ش
اَّلل أ ْشمًرا شكا شن شم ْفعوحً ليشـ ْهل ش
ض شي َّ ش ش ْ ش ْ ْ
علِيم ﴾ [اآلنفال. ]42 : عن بـيِنش ٍة وإِ َّن َّ ِ
اَّللش لش شسميع ش شْ ش ش
هذه ا ية الكرمية تو ِ ـ األماكن يف ايوة بد ٍر ،وهللاـ َّـور لنا -ــبلانت وتعاىل -احلالة اليت
كان عليها اجلي ـ ـ ــان يوم اللقاء ،فقد كان اَّس ـ ـ ــلمون قان الوادأ وحافتت األقرب إىل اَّدينة،
وكانت أر ـ ـ ـ ــت رخوًة ،ت وص فيها األقدام ،و يكن هناك ماء ،وكان الكفَّار ابجلان ا خر من
الوادأ -األبعد من اَّدينة -وكانت أر ــت اثبتةً ،وكان فيها ماء ،وكان رك العري الَّذأ يقوده
أبو فيان ابلقرب من احل البلر
الدنْـيشا﴾ أأ وجل -اَّؤمن بنعمتت عليهم ،قال ﴿إِ ْذ أشنْـت ْم ِابلْع ْد شوةِ ُّ عاي َّ ذكر اَّوىل َّ - فقد َّ
حض كنتم أأ قــان ـ ﴿ ِابلْع ـ ْدوةِ اذكروا أيهــا اَّؤمنون وقــت أن خرجتم من اَّــدينــة ،فس ـ ـ ـ ـ ـ ــرذ َّ
ش
اَّنورة أأ والكفار ابجلان األبعد األقص ـ ـ ﴿وهم ِابلْع ْدوةِ الدنْـيشا﴾ ،وحافَّتت األقرب إىل اَّدينة َّ
ُّ
ش ش ْ
الرْك أش ْ ـ شف شل ِمْنك ْم﴾ ــفيان ومن ﴿و َّ ِ ِ
ص ـ شو ﴾ الذأ هو بعيد ابلنس ــبة للمدينة -أأ وعري ش
َّ الْق ْ
ميال منكم. فيها كانت أ فل منكم من انحية احل البلر األحر عل بـ ْع ِد ثالثة أ ٍ
ويف ا ية تص ـ ـ ــوير ما دبَّر -ـ ـ ــبلانت -من أمر ايوة بد ٍر ليقض ـ ـ ــي أمراً كان مفعوحً من
إعاياز دينــت ،وإعالء كلمتــت ،ح وعــد اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم إحــد الطَّـائفت مبهم ـةً ري مبينـ ٍـةَّ ،
حض
تعرض اَّس ـ ـ ــلم ألموايم، خرجوا ليأخذوا العري را ب يف اخلروً ،وأقلق قري ـ ـ ـ ـاً ما بل هم من ُّ
حض أان هؤحء ابلعــدوة الــدُّنيــا ،وهؤحء ابلعــدوة فنفروا ليمنعوا ِع شريهم ،و ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبَّـ األ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبــاب َّ
اق ،وكان ما كان(.)2 ٍ القصو ،وراءهم العري امون عليها ،حض قامت احلرب عل
اَّلل أ ْشمًرا شكا شن وقولت تعاىل بيان لتدبري هللا ﴿ولشو تشـواع ْد ُّْذ حشختشـلش ْفتم ِيف الْ ِميع ِاد ولش ِكن لِيـ ْق ِ
ضـ شي َّ ش ش ْ ش ْ ْ شْ شش
657
شم ْفعوحً﴾ ،وإرادتــت النــافــذة أأ ولو تواعــدذ أنتم وهم عل التالقي للقتــال هنــاك حختلفتم يف
اَّيعاد لكرآه تكم لللرب عل قلَّتكم ،وعدم إعدادكم ش ـ ــيئاً من العدَّة يا ،واحنص ـ ــار ِلكم يف
أل،م كانوا يهابون وألن رض األكثرين منهم كان إنقاذ العري دون القتال أيض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً َّ أخذ العريَّ ،
ألن كفر أكثرهم بت كان عناداً، قتال ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،وح رمنون نصــر هللا لت َّ
اَّلل أ ْشمًرا شكا شن أو ا ـ ـ ـ ـ ـ ــتكباراً ،ح اعتقاداً أأ ولكن تالقيتم هنالك عل ري ﴿ولش ِكن لِيـ ْق ِ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شي َّ ش ْ ش
حبد منت، شم ْفعوحً﴾ ،وح ر بة يف القتال ليقض ــي هللا أمراً كان اثبتاً يف علمت ،وحكمتت أنَّت واقع َّ
وهو القتال اَّفضــي إىل خاييهم ،ونصــركم عليهم ،وإظهار دينت ،وهللاــدق وعده لر ـولت هللاــل هللا
عليت و لم كما تقدَّم(.)1
اَّللش لش شس ِميع شعلِيم ﴾
ك شع ْن بشـيِنش ٍة شوشْيشا شم ْن شح َّي شع ْن بشـيِنش ٍة شوإِ َّن َّ
ك شم ْن شهلش ش
ِ ِ
وقولت تعاىل ﴿ليشـ ْهل ش
قــال احلو ـ ـ ـ ـ ـ ــي أأ ليموت من ميوت عن ح َّ ـ ٍة عــاينهــا ،ويعيش من يعيش عن ح َّ ـ ٍة
فَن وقعة بد ٍر من ا َيت الوا ـ ـ ـ ـ ــلة ،واحل ت ال ِر ش ـ ـ ـ ــاهدها ،فال يبق حمل ٍ
لتعليل ابألعداد َّ
اَّ َّ لة(.)2
اَّللش لش شس ِميع شعلِيم ﴾ ،وال َّ هي من الكفر ،أأ ح
﴿وإِ َّن َّ ِ
وقولت تذييل قص شد بت ال َّ ي يف ش
خيف عليت ش ــيء من أقوال أهل الميان ،عليم مبا تنطوأ عليت قلوهبم ،و ــمائرهم -و ــي ازأ
اب ،أو ٍ
عقاب عل حس ـ ـ ما يعلم ،وما يس ــمع ـان مبا يس ــتلقُّت ِمن ثو ٍ
كل إنس ـ ٍ
-ــبلانت َّ -
ْ
عنت(.)3
***
للايمل ِ
رأ (.)160/2 ( )1انظر تفسري الك َّا َّ
( )2انظر تفسري الطَّربأ (.)11/10
( )3انظر تفسري احلو ي ( )7/10بتصر .
658
املبحث الثَّاين
َّب هللال هللا عليت و لم واَّسلم معت ،عل أدَّن ماء بد ٍر من اَّ رك اق بعد نايول الن ِ
يش لت يكون مقراً لقيادتت ،ورمن ــعد بن معاذ عل ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم بناء عر ٍ
نب هللا! أح نب لك عري ـاً تكون فيت ،ونعِ ُّد العدو ،وكان اَّا قالت ــعد يف اق احت «َي َّ فيت من ِ
عدوان كان ذلك ما أحببنا ،وإن ِ أعايان هللا ،وأظهران عل
عدوان ،فَن َّ
َّ عندك ركائبك ،مث نشـ ْل شق
ِ
نب هللا! ت مبن وراءان ،فقد هلَّف عنك أقوامَ ،ي َّ ـت عل ركائبك ،فلل ْق ش كانت األخر جلس ـ ـ ش
مــا حنن أبش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـد لــك حب ـاً منهم ،ولو ظنُّوا أنـَّك تلق حرابً ،مــا هلَّفوا عنــك ،مينعــك هللا هبم،
َّب هللال هللا عليت و لم خرياً ،ودعا لت ٍري ،مثَّ بىن يناهللالونك ،وجياهدون معك» فأثىن عليت الن ُّ
اَّســلمون العريش لر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،عل ٍتل م ــر ٍ عل ــاحة القتال ،وكان
معاذ ،ر ون معت فيت أبو بكر ر ي هللا عنت ،وكانت ثـلَّة من شباب األنصار ،بقيادة عد بن ٍ
عريش ر ول هللا هللال هللا عليت و لم [ .ابن هشام ( )273 - 272/2والبيوقي يف الدالئل (. ])44/3
الرازأ (.)133/15
انظر تفسري الفهر َّ
()1
( )3انظر ايوة بد ٍر الكرب احلامسة َّ ،مود خطَّاب ،ص .24 ، 23
662
الايحف وب َّ أفض ــلية األ ــالي الَّيت ا ــتلدثها الن ُّ
َّب هللا ــل هللا عليت و ــلم بقولت «وقتال َّ
ص ـ ـ ـفو ،وتس ـ ـ َّـو كما
الايحف ترت فيت ال ُّ الفر وذلك َّ
ألن قتال َّ الكر ،و ِ
أوثق وأشـ ـ ـ ُّـد من قتال ِ
العدو قدماً فلذلك تكون أثبت عند الصالة ،ومي ون بصفوفهم إىل ِ َّ تسو القدا ،أو هللافو
اَّمتد ،والقص ــر اَّ ــيد ح يطمع يفللعدو ألنَّت كاحلائا ِ
ِ اَّص ــاري ،وأهللا ــدق يف القتال ،وأره
إزالتت»(.)1
َّب هللاــل
فَن هذه األ ــالي تدعو إىل الع اب ب ــهص ـيَّة الن ِ ومن جهة النَّظرة العســكرية َّ
ألن التَّعليمات العسـ ــكريَّة الَّيت كان يصـ ــدرها خالل تطبيقت
هللا عليت و ـ ــلم ،وبراعتت العسـ ــكريَّة َّ
يا ،تطابق َتاماً األهللاول احلديثة يف ا تهدام األ للة(.)2
يش ،وكانت الدفاي و يهاجم َّقوة قر ٍ وتفصيل ذلك فقد اتَّبع هللال هللا عليت و لم أ لوب ِ
العدو ،وإ ــعا نفس ـيتت بكل دقٍَّة ــبباً يف زعايعة مركاي ِ توجيهاتت التَّكتيكيَّة الَّيت نفَّذها جنوده ِ
تفوقـ ــت(( )3بنسبة 3إىل ،)1فقد العدو بر م ُّ ِ وبذلـ ــك حتقَّق النَّصر احلا م -بتوفيق هللا -عل
كل موقف حس ـ ـ ـ ـ ما تدعو إليت اَّصـ ـ ـ ــللة وذلك كان هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم يتص ـ ـ ـ َّـر يف ِ
الر ـ ــول هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يف اجلان
حختال مقتضـ ــيات األحوال ،والظرو ،وقد طبَّق َّ
القناعي يف ايوة
ِ الصلي َّ ،أما أخذه ابأل لوب العسكرأ أ لوب القيادة التَّوجيهيَّة يف مكا،ا َِّ
متعددةٍ ألنَّت هللال هللا عليت و لم ح يقود بد ٍر فقد دلَّ يف اار ة فقت اح ت ارة يف موا ع ِ
ش
جنده مبقتض ـ ال ُّس ـلطة بل ابلكفاءة ،والثِقة ،وهو هللاــل هللا عليت و ــلم أيض ـاً ح يسـ ُّ
ـتبد برأيت،
الرأأ الَّذأ يبدو هللاـ ـ ـوابت ،ومارس هللا ـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يف
بل يتَّبع مبدأ ال ُّ ـ ـ ـور ،وينايل عل َّ
()4
ايوة بد ٍر أ لوب القيادة التَّوجيهيَّة ،فقد دلَّ يف أموٍر منها
الرمي الصلابة برمي األعداء إذا اق بوا منهم َّ
ألن َّ األول أمره هللال هللا عليت و لم َّ األمر َّ
()5
َّبل» [ابن هشـ ــام
أقرب إىل الهللا ـ ــابة يف هذه احلالة «إن دان القوم منكم فانض ـ ــلوهم ابلنـْ
يكون ش
( )278/2والبيوقي يف الدالئل (. ])81/3
( )1انظر ِ
اَّقدمة ،حبن خلدون ،ص .273
( )2اَّصدر السابق نفست ،ص .271
()3
َّمد حمفو ،ص .121
اَّدخل إىل العقيدة واح اتي يَّة العسكريَّة َّ ،
( )4انظر مقومات النَّصر ،د .أحد أبو ال باب (.)154/2
اق بوا منكم ـ فارموهم ،وا ْ تشـْبـقوا نبلكم ،وح تسلُّوا هذه األمور الثالثة موجودة يف حديث رواه أبو داود ،قال ر ول هللا هللال هللا عليت و لم «إذا أكثبوكم ـ يع ()5
حض ي وكم».
َّ السيو
ُّ
663
«وح ()1
األمر الثاين ،يت هللال هللا عليت و لم عن ِل السيو إىل أن تتداخل ُّ
الصفو
حض ي وكم» [أبو داود (. ])2664
َّ تسلُّوا ُّ
السيو
()2
«وا ْ ـ ـ ـتشـْبـقوا الرميص ـ ـ ـلابة ابحقتص ـ ـ ــاد يف َّ
األمر الثالث أمره هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ال َّ
نشـْبـلشكم» [البخاري ( )3984/2و )3985وأبو داود (.])2663
أن ر ـ ـ ـ ــول هللا (ﷺ) الدفاي دد َّ وعندما تقارن هذه التَّعليمات احلربيَّة ابَّبادئ احلديثة يف ِ
َّب (ﷺ) ِ ٍ ٍ
كان ـ ـ ـ ـ ـ ــباقاً إليها ،من ري عكو عل الدَّرس ،وح التلاق ابلكليات احلر َّبية ،فالن ُّ
يرمي ِم ْن وراء تعليماتت الَّيت ا ـ ـ ـ ـ ـ ــتعر ـ ـ ـ ـ ـ ــناها انفاً إىل حتقيق ما يعر حديثاً بكبت النِريان إىل
العدو يف اَّد اَّؤثِر يذه األ ـ ــللة ،وهذا ما قص ـ ــده هللا ـ ــل هللا عليت الللظة الَّيت يص ـ ــب فيها ُّ
و لم يف قولت «وا ْ تشـْبقوا نـشْبلكم» [سبق خترجيه] .
ويف ايوة بد ٍر الكرب ،قال ر ـ ـ ــول هللا هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ألهللاـ ـ ــلابت «قوموا إىل جن ٍَّة
ـول هللا!ـارأ ر ــي هللا عنت َي ر ـ ش عر ــها ال َّسـ ـموات ،واألرض» ،فقال ع شم ْري بن احل شم ِام األنص ـ ُّ
السموات واألشرض؟! قال «نعم» قال بش ٍ ،ب ٍ ! (كلمة تع ) ،فقال ر ول هللا شجنَّة عر ها َّ
ـول هللا! إح هللاـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم «ما ملك عل قولك بش ٍ بش ٍ ؟!» قال ح وهللا! َي ر ـ ـ ـ ش
(جعبشة النُّ َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاب)، ِِ ٍ
رجاءش أن أكون من أهلها .قال «فَنَّك من أهلها» فأخرً َترات من قشـشرنت ْ
حض آكل َترال هذهَّ ،إ،ا حلياة طويلة ،قال فرم منهن ،مث قال لئن أان شحيِيت َّ ف عل ركل َّ
[مسلم (. ])1901 حض قتل.
مبا كان معت من التَّمر ،مثَّ قاتلهم َّ
ويف رو ٍ
اية قال قال أنس ر ي هللا عنت فرم ما كان معت من التَّمر ،وقاتل وهو يقول
إح الـ ـ ـ ـتُّ ـ ـ ـ ـ شقـ ـ ـ ـ شو شعـ ـ ـ ـ شمـ ـ ـ ـ شل اَّـ ـ ـ ـ شعـ ـ ـ ـ ِاد شرْكضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً إىل هللاِ بِـ ـ ـ ـ ـ شـ ـ ـ ـ ـ ِْري شز ٍاد
ش
وكـ ـ ـ ـ ُّل ز ٍاد عـ ـ ـ ـر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة الـ ـ ـ ـنَّ ـ ـ ـ ـ شفـ ـ ـ ـادِ والصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ شرب يف هللا عـ ـلـ ـ اجلِـ ـ شهـ ـ ـ ـ ِاد
ْش
الر شش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِاد ش ْري التُّـ شق و ِ ِ
الرب و َّ ش
حض ا ت ْ ِهد(.)4 فقاتل -رحت هللا! َّ -
الصوت ،واجلشلشبة.
الو ش احلشْرب َّا فيها من َّ ش
()2
فرد يف التَّ ُّرد من النَّفس.وه ــذا درس رَّابين مهم لك ـ ِـل ق ــائ ـ ٍـد ،أو ح ــاك ٍم ،أو زعي ٍم ،أو ٍ
وحظها ،واخللوص ،واللُّ وء هلل ش
وحده ،وال ُّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ود ،واجلثـ ِو ب يدأ هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــبلانت لكي ينايل ِ
نص ــره ،ويبق م ــهد نبيِت وقد ــقا ردايه عن كتفت وهو ماد يديت يس ــت يث ابهلل ،يبق هذا
اَّ ـ ـ ـ ـ ــهد حمفوراً بقلبت ،ووجدانت ،اول تنفيذه يف مثل هذه ال َّس ـ ـ ـ ـ ـاعات ،ويف مثل هذه اَّواطن،
حيث تناط بت اَّسؤوليَّة ،وتلق عليت أعباء القيادة(.)4
اَّللش شرشم ﴾ ت شولش ِك َّن َّت إِ ْذ شرشمْي ش
﴿وشما شرشمْي ش
ش
بعد أن دعا هللال هللا عليت و لم ربَّت يف العريش ،وا ت اث ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ،خرً من العريش ،فأخذ
اهت الوجوه» قبضـ ـ ـ ـ ـةً من ال ُّ اب ،وحص هبا وجوه اَّ رك ،وقال هللال هللا عليت و لم «ش ِ
ش
ص ـدقوا احلملة إثرها ،ففعلوا ،فأوهللاــل[ابن هشــام ( ])280/2مثَّ أمر هللاــل هللا عليت و ــلم أهللاــلابت أن يش ْ
يبق أحد منهم إح انلت منها ما شـ لت عن حالت، هللا تعاىل تلك احلصــباء إىل أع اَّ ــرك ،فلم ش
ت شولش ِك َّن ا ََّّللش شرشم ﴾ [اآلنفال ،]17 :ومعىن ا يــة َّ
أن هللا ت إِ ْذ شرشمْيـ ش﴿وشمـا شرشمْيـ ش
ويــذا قــال هللا تعــاىل ش
***
674
اثنياً :انتصــار املســلمني على املشــركني ،وحديث رســول هللا صــلى هللا عليه وســلم ألهل
ال َقليب(:)1
انتهت معركة بد ٍر ابنتص ـ ــار اَّس ـ ــلم عل اَّ ـ ــرك ،وكان قتل اَّ ـ ــرك ش ـ ــبع رجالً،
وأ ِ ـ ـر منهم ـ ــبعون ،وكان أكثرهم من قادة قريش ،وزعمائهم ،وا ْ ـ ـت ـ ــهد من اَّس ـ ــلم أربعةش
شع ش شر رجالً ،منهم تَّة من اَّهاجرين ،وشانية من األنصار ،وَّا ذَّ الفت ،وا،ايم اَّ ركون أر ل
يد بن حارثة ،ليب ِ ـ ـرا اَّس ــلم يف اَّدينة بنص ــر هللا
عبد هللا بن شرشواحة ،وز ش
هللا ــل هللا عليت و ــلم ش
للمسلم ،وهايمية اَّ رك (.)2
ـك عن أيب طللة ومكث هللال هللا عليت و لم ثالث ــة َّأَيم يف بد ٍر ،فق ــد ذكر أنس ب ــن مال ـ ٍ
ثالث ٍ
ليال» [البخاري ٍ « َّ
هللاة ش ابلع ْر ش
نب هللا هللال هللا عليت و لم ...وكان إذا ظش شهشر عل قوم أقام ش أن َّ
لعل احلكمة يف ذلك ( ])3976و َّ
- 1تص ـ ــفية اَّوقف ابلقض ـ ــاء عل أيَّة حر ٍ
كة من اَّقاومة اليائس ـ ــة الَّيت تمل أن يقوم هبا
ِ
الفارين. فلول اَّنهايم
- 2دفن من ا ـ ـ ـ ـ ـ ــت ـ ـ ـ ـ ـ ــهد من جند هللا ،اا ح تكاد هلو منت معركة ،فقد دفن شـ ـ ـ ـ ـ ــهداء
الصالة عليهم ،و يدفن أحد منهم خارً بد ٍر(.)3 اَّسلم يف أرض اَّعركة ،و يشِرْد ما ي ري إىل َّ
- 3ع ال نائم ،وحفظها ،وإ ـ ــناد أمرها إىل من يقوم هبذا احلفم حض تـ شؤَّد كاملةً إىل
مس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ـتلقيها ،وقد أ ـ ـ ـ ـ ـ ــندت أنفال ،و نائم بدر ،إىل عبد هللا بن كع ٍ األنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ـارأ أحد ب
مازن(.)4 ٍ
ض ـ ِ الَّذأ - 4إعطاء اجليش الظَّافر فرهللا ـةً يس ـ ي فيها ،بعد اجلهد النَّفسـ ِـي ،و ِ
البدين الْم ْ
ويضمد فيها جرا جمروحيت ،ويذكر نعم هللا عليت فيما أفاء هللا عليت بذلت أفراده يف ميدان اَّعركةِ ،
ـهل اَّنال ،ويتذاكر أفراده ،و اعاتت ما كان َّ
من النَّص ـ ـ ــر اَّؤزَّر ،الذأ يكن داينش القطو ،ـ ـ ـ ش
إن مناداة الر ول هللال هللا عليت و لم لقتل قريش بيَّنت أمراً عظيماً ،وهو َّأ،م بديوا حيا ًة
َّ
الركِ ِي طر البئر
شفة َّ
()3
676
هللاـ ـ ـ ـ ـة ،وهم فيها يس ـ ـ ـ ــمعون كالم األحياء ،ري َّأ،م ح جييبون ،وح جديدةً ،هي حياة الربز اخلا َّ
يتكلمون ،والميان هبذه احلياة من عقائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد اَّس ـ ـ ــلم ،ونعيم القرب وعذابت اثبتان يف هللا ـ ـ ــلا
مر بقربين ،وقال «إ،ما لشيـ شع َّذبشـ ـ ـ ــان ،وما يـ شع َّذبشـ ـ ـ ــان يف حض إنَّت هللال هللا عليت و لم َّ األحاديثَّ ،
أن ـب تعذيبهما الن َُّّم ب النَّاس ،وعدم اح ـتناياه من كب ٍري» [البخاري ( )218ومسلم ( . ])292وذكر َّ
وحبد من التَّســليم هبذه احلقائق ال يبيَّة ،بعد أن حتدَّث عنها الصــادق اَّصــدوق هللاــل البشـ ْوِل(َّ .)1
هللا عليت و ـ ـ ـ ـ ــلم ،وقطع هبا القرآن الكر يف تعذي ال فرعون ،قال تعاىل ﴿النَّار يـ ْعشر ـ ـ ـ ـ ـ ـو شن
الساعة أشد ِخلوا ش ِ
اب ﴾ [غافر]46 : شش َّد الْع شذ ِ
آل ف ْر شع ْو شن أ ش ش شعلشْيـ شها د ًّوا شو شع ِ يًّا شويشـ ْوشم تشـقوم َّ ش ْ
اَّللِ أشْم شو ًاات بش ْل
ين قتِلوا ِيف ش ـ ـ ـ ـبِ ِيل َّ و َّأما ال ُّ ـ ـ ـ ـهداء فقد قال هللا تعاىل فيهم ﴿وحش شحتس ـ ـ ـ ـ َّ َّ ِ
ب الذ ش ش ْش ش
شحيشاء ِعْن شد شرهبِِ ْم يـ ْرشزقو ش
ن ﴾ [آل عمران.]169 : أْ
***
اَّهايومي
ِ أ -مصري أيب جهل بن ه ٍام
ف يوم بد ٍر ،فنظرت عن الرحن بن عو ٍ ر ـ ـ ــي هللا عنت بشـْيـنشا أان واقف يف ال َّ
ص ـــ ِ قال عبد َّ
()1
وطاس ،فَذا أان ب الششم ْ ِ من األنصـ ـ ـ ــار حديثة أش ْ ـ ـ ـ ـنشا،ما ،شَتشنـَّْيت أش ْن أشكو شن ب أ ـ ـ ـ ـلش شع ميي ِ ،
جهل؟ قلت نعم ،وما حاجتك إليت عم ! هل تعر أاب ٍ منهما ،ف مايين أحد لا ،فقال َي ُّ
()2
ـول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،والَّذأ نفســي بيده! لئن َيبن أخي؟! قال أ ْخِ ْربت أنَّت يشسـ ُّ ر ـ ش
ميوت األع ل منا( ،)3فتع بت لذلك ،ف مايين ا خر، حض ش رأيتت ح يفارق ـ ـ ـ ـ ـ ـوادأ ـ ـ ـ ـ ـ ـو شاده َّ
إن هــذا فقــال س ِمثْـلش شهـا ،فلم أشنْ ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ ( )4أش ْن نظرت إىل أيب جهـ ٍـل شجيول يف النـَّاس ،فقلــت أح َّ
حض قتاله ،مثَّ انص ــرفا إىل ر ــول هللا احبكما الَّذأ ــألت شماين ،فابتدرآه بس ــيفيهما ،فض ـرابه َّ هللا ـ ِ
ش
احد منهما أان قتلتت! فقال كل و ٍ هللال هللا عليت و لم فأخربآه ،فقال «أيُّكما قش ـ ـ ــتشـ ـ ـ ـلشت؟» قال ُّ
«هل شم شسـ ْلت شما ش ـْيـ شفْيكما؟» ،قاح ح .فنظر يف ال َّسـيف ،فقال «كِالكما قتلت ،ش ـلشبت َّعاذ بن
ذ بن عمرِو بن اجلمو » [البخـاري ( )3141ومسـ ـ ـ ـ ــلم عمرو بن اجلشمو » وكــاان معــا شذ بن شع ْفشراء ،وم شعـا ش
(. )5(])1752
أنس قال قال ر ول هللا هللال هللا عليت و لم يوم بد ٍر « شم ْن ينظر ما فعل أبو ويف حديث ٍ
حض بشـشرشد( ،)6فأخذ بلليتت ،فقال
جهل؟» فانطلق ابن مسـ ـ ـ ـ ــعود ،فوجده قد ـ ـ ـ ـ ـ شـربشت ابنا عفراء َّ
ويف حديث عبد هللا بن مس ـ ـ ــعود ر ـ ـ ــي هللا عنت قال «أدركت أاب جهل يوم بد ٍر هللا ـ ـ ـريعاً،
رجل قتلت قومت( ،)1ومعي عدو هللا ،قد أخاياك هللا! قال و أخاياين؟ هل أ ْشعمد من ٍ أأ َّ
فقلت ْ
ـ ـ ــيف س ،ف علت أ ـ ـ ـربت ،وح تك فيت شـ ـ ــيء ،ومعت ـ ـ ــيف لت جيِد ،فض ـ ـ ـربت يده ،فوقع
النب هللاــل هللا ِ
ال َّس ـيف من يده ،فأخذتت ،مثَّ ك ــفت اَّ ْ شفشر عن رأ ــت ،فض ـربت عن شقت ،مثَّ أتيت َّ
عليت و لم ،فأخربتت ،فقال «هللا الَّذأ ح إلت إح هو؟!» قلت هللا الَّذأ ح إلت إح هو!
مثل الطَّائر ،مث جئت ،وأان أ ـ ـ ـ ــع مثل
قال فانطلق فا ـ ـ ـ ــتثبت ،فانطلقت وأان أ ـ ـ ـ ــع ش
الطائر أ لك ،فأخربتت.
فقال ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم «انطلق» فانطلقت معت فأريتت ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما وقف عليت
األمة» [أمحد ( 403/1و )444وأبو داود ( )2709خمتصراً] .
هللال هللا عليت و لم قال «هذا فرعون هذه َّ
جهل ما مسعاه من أنَّت كان يس ُّ كان الدَّافع من حرص األنصاريَّْ ِ ال َّابَّْ ِ عل قتل أيب ٍ
ـول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ،وهكذا تبل حمبَّة ش ــباب األنص ــار لر ــول هللا هللا ــل هللا عليت
رـ ش
تعرض لت ابألذ .
و لم ،إىل بذل النَّفس يف بيل ا نتقام اَّن َّ
الرمق األخري من
جهل -وهو يف َّ وما جر ب عبد هللا بن مس ـ ـ ـ ـ ٍ
ـعود ر ـ ـ ـ ــي هللا عنت وأيب ٍ
حياتت -فيت عربة بلي ة ،فهذا الطَّا ية الذأ كان ش ـ ـ ـ ـ ــديد األذ للمس ـ ـ ـ ـ ــلم يف َّ
مكة ،قد وقع
هللاريعاً ب أيدأ من كان يؤذيهم.
وي ــاء هللا تعاىل أن يكون الذأ يقض ــي عل اخر ٍ
رمق من حياتت ،هو أحد اَّس ــتض ــعف ،
ولقد كان أبو جهل مســتكرباً جباراً حض وهو هللا ـريع ويف اخر حلظات حياتت ( ،)2فقد جاء يف
ٍ
قيت مرتق ً
رواية حبن إ لاق أنَّت قال لعبد هللا بن مسعود ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما أراد أن َّتاي رأ ت «لقد ارت ش
هللاعباً َي رويْعِي ال نم!» [ابن هشام (. ])289/2
ش
«فاهلل تعاىل يع ِ ْل يذا اخلبيث أيب ٍ
جهل بضرابت األبطال من أشبال األنصار فلس ،
السهيلي « ها تنبيت ،وذا إشارة إىل نفست ،وقال بعضهم إىل القسم ،أأ هذا قسمي ،وأراها إشارة إىل اَّقسم الروض ،قال ُّ ( )1كذا يف شر ِ
السرية و َّ
مقسم ،وفصل ابح م اَّقسم بت ب ،وخفض ا م هللا حبر القسم أ مره ،وقام التَّنبيت مقامت ،كما يقوم اح تفهام مقامت ،فكأنَّت قال ها أنذا ِ
(ها) و(ذا) ،فعلم أنَّت هو اَّقسم ،فا ت ىن عن أان ،ومثلت قول أيب بك ٍر ح ها هللاِ! يف هللالي مسل ٍم (.»)1751
681
خلف من قتـ ٍـل مفايٍي در ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً بلي ـاً للطُّ ــاة اَّت ِربين ،وعربةً إن فيمــا جر ألميَّـةش بن ٍ َّ - 2
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعفــاء،
بقوهتم ،وينهــدعون قــاههم ،ومكــانتهم ،فيعتــدون عل ال ُّ للمعتربين الَّـذين ي ُّون َّ
ميكن هللا للضُّعفاء منهم يف ووخيمة يف ا خرة ،وقد ِ ٍ عاقبة يِ ٍئة،
ويسلبو،م حقوقهم ،فمايم إىل ٍ
﴿ون ِريد
ش تعاىل قال ، ()1
الدُّنيا قبل ا خرة كما حدث أل شميةش بن خلف ،وأ رابت من ط اة الكفر
ض شوشُْ شعلشه ْم أشئِ َّمةً شوشُْ شعلشهم الْ شوا ِرثِ ش ﴾ [القصص. ]5 : ضعِفوا ِيف األ ْشر ِ َّ ِ
أش ْن شج َّن شعلش الذ ش
ين ا ْ ت ْ
ـت ْأدراعي ،وف ع الرحن بن عو « يرحم هللا بالحً! ذهب ـ ـ ـ ْ - 3ويف قول عب ـ ـ ــد َّ
بالل من معار ـ ٍـة وانتاياي األ ــريين من يده َّ
بقوة األنص ــار الَّذين أ»( ،)2مع ما جر من ٍ ـري َّ
أب ـ ش
الصلابة الكرام(.)3
َّ ا تن د هبم ،دليل عل َّقوة ِ
الرابط األخوأ ب
ألم هللا ـ ـ ـ ـ ــفوان بن أميَّة (زوجة أميَّةش بن شخلف) قيل ِ
ألم هللا ـ ـ ـ ـ ــفوان بن أميَّة بعد - 4موقف ِ
علي بن أميَّة يوم بد ٍر،
مبكة هذا الذأ قشطش شع ِر ْج شل ِإ ـ ـ ــالمها ،وقد نظرت إىل احلبشاب بن اَّنذر َّ
قالت شدعوان من ذ ْك ِر شم ْن قتِل عل ال ِ ـ ـرك! قد أهان هللا علياً بض ـ ـربة احلبشاب بن اَّنذر ،وأكرم
اب بض ـ ـ ـربت علياً ،قد كان عل ال ـ ـ ــالم ح خرً من هاهنا ،فقتِ شل عل ري ذلك(،)4 هللا احلبش ش
يدل عل َّقوة إميا،ا ،ور ـ ـ ـ ـ ـ ــو يقينها حيث اتَّض ـ ـ ـ ـ ـ ــلت يا عقيدة الوحء والرباء، وهذا اَّوقف ُّ
فأهللابلت حت ُّ اَّسلم وإن كانوا من ري قبيلتها ،وتكره الكافرين وإن كانوا من أبنائها(.)1
علي «قد كان عل ال ــالم ح خرً من هاهنا ،فقتل عل ري ذلك» وقويا عن ابنها ٍ
مبكة ،وخرجوا مع قومهم يوم بد ٍر مكشْره فلـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما التق تع أنَّت كان اَّن عر عنهم ال الم َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفَّان فتِنوا حينما رأوا قلَّة اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،فقالوا قد شَّر هؤحء دينهم( ،)5فنايل فيهم قول هللا ال َّ
ين ِيف قـلوهبِِ ْم شمشرض شَّر شهؤحشِء ِدينـه ْم شوشم ْن يشـتشـ شوَّك ْل شعلش َّ
اَّللِ شفَِ َّن َّ ِ ِ ِ
تعاىل ﴿إ ْذ يشـقول الْمشنافقو شن شوا لذ ش
اَّلل ع ِايياي ح ِ
كيم ﴾ [اآلنفال. ]49 :
َّش ش ش
وح يظهر منت شيء. ( )1م شد َّجت قيم األوىل ثقيلة ومفتوحة ـ وقد تكسر ـ أأ م طَّ ِ
ابلسال
العنشاية شبيت العكازة يا زً من أ فلها يطْ شعن بت.
ش
()2
ِ
لللميدأ (.)154/4 المي ،
انظر التَّاري ال ُّ
()3
684
حض قتل(.)2
حا راً( »)1فنايي درعاً كانت عليت ،فقذفها ،مثَّ أخذ يفت ،فقاتل القوم َّ
الصلابة الكرام اب خرة ،وحرهللاهم عل ر وان هللا تعاىل، يدل عل َّقوة ارتباط َّ وهذا اخلرب ُّ
ولذلك انطلق عو بن احلارث ر ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت كال َّسـ ـ ـ ـ ـ ـهم ،وهو حا ـ ـ ـ ـ ــر ري ِ
متدرٍي يثهن يف
حض أكرمت هللا ابل ـ ـ ـ ـ ـ ــهادة ،لقد ت َّريت مفاهيم ااتمع اجلديد ،وتعلَّق أفراده اب خرة، األعداءَّ ،
وأهللا ـ ـ ــبلوا حريص ـ ـ ـ عل مر ـ ـ ــاتت ،بعد أن كان ج َّل ِلهم أن تتلدث النس ـ ـ ــاء عن بطوحهتم،
يد القبيلة عنهم ،وتن د األشعار يف ش اعتهم(.)3 وير
ً -ا ت هاد عد بن خيثمة ،مثَّ أبيت ر ي هللا عنهما
قال احلافم بن ح ر قال مو ـ ـ ـ بن عقبة ،عن ابن ش ـ ــهاب ا ـ ــتهم يوم بدر ـ ــعد بن
عد ،فقال لت أبوه َي ب ! اثرين اليوم ،فقال عد َي ِ
أبت! لو كان خيثمة ،وأبوه ،فهرً هم ٍ
َّ
ري اجلنَّة فعلت ،فهرً عد إىل بد ٍر ،فقتل هبا ،وقتل أبوه خيثمة يوم أح ٍد(.)4
ص ـلابة يف تنافس ــهم ،وتس ــابقهم عل اجلهاد وهذا اخلرب يعطي هللا ــورًة م ــرقةً عن بيواتت ال َّ
يف ــبيل هللا تعاىل فهذا ــعد بن خيثمة ،ووالده ح يس ــتطيعان اخلروً معاً ححتياً أ ـ ـرهتما
حض ا ـ ـ ـ ــطروا إىل احق اي
لبقاء أحدلا ،فلم يتنازل أحدلا عن اخلروً ر بةً يف نيل ال َّ ـ ـ ـ ـهادةَّ ،
ـعد ر ـي هللا عنهما ،وكان احبن يف اية األدب مع والده بينهما ،فكان اخلروً من نصــي ـ ٍ
ـت! لو كــان ري اجلنـَّةولكنـَّت كــان م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتــاقـاً إىل اجلنـَّة ،فــأجــاب هبــذا اجلواب البلي «َي أبـ ِ
فعلت»(.)5
َّب هللال هللا عليت و لم أليب حذيفة بن عتبة بن ربيعة
د -دعاء الن ِ
عن عائ ـ ـ ـ ـ ــة ر ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنها يف حديثها عن طر قتل قريش يف ال شقلِي بعد معركة بد ٍر،
قالت فل ـ ـ ـ ـ ـ َّـما أمر هبم ،فسلبوا ع ِر ش يف وجت أيب حذيفة بن عتبة الكراهية ،وأبوه يسل إىل
ال شقلي ،فقال لت ر ول هللا هللال هللا عليت و لم «َي أاب حذيفة! وهللا لكأنَّت اءك ما كان يف
قمة إن هذا اَّوقف يبِ قوة التَّ اذب ب الميان يف ِذ ْرشوشة اليق ،والعاطفة الب ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـرية يف َّ َّ
عصبية جاهليَّ ٍة ،إىل ٍ فيلويا من َّبوأ فالميان ح مييت اَّ اعر الب ريَّة ولكنَّت ِ
يهذهباِ ، الوفاء الن ِ
هتايه
لي فَميان أيب حذيفة ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت إميان ح ُّ الرَّابينُّ يف تطبيقت العم ِ ٍ
وفاء ح ينكره اَّنهت َّ
يش كافراً ،ويلق معهم يف قشلِي بد ٍر زحزل األحداث ،فهو إذ ير أابه يقتل يف أش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرا قر ٍ
الرا ـ ـ ـ ر ـ ــو ويظل أبو حذيفة مشايَّمالً نميانت َّ
رخذه أ ـ ــف العاطفة الب ـ ـ ـريَّة وفاءً يذا األبُّ ،
األشطْ شواد( )1ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاملات ،فال ياييد عل أن يع يت احكتئاب عل ما فات أابه من خ ٍري يرجوه لت
ابيداية إىل ال الم( )2ويذا اَّقصد النَّبيل الَّذأ آاثر حاين أيب حذيفة ،دعا لت ر ول هللا هللال
هللا عليت و لم ٍري(.)3
ه ـ ـ ـ ـ ع شم ْري بن أيب وقَّاص لـ ـ ـ ـ َّـما ار ر ول هللا هللال هللا عليت و لم إىل بد ٍر ،وعرض عليت
رد ع شم ْري ابن أيب وقَّاص ،فبك عمري ،فأجازه ،فعقد عليت حائل ـ ـ ــيفت ،ولقد كان جيش بد ٍر َّ
حض ح يراه ر ــول هللا هللا ــل هللا عليت و ــلم ،فقال ــعد رأيت أخي ع شم ْري بن ع شم ْري يتوار َّ
أيب وقَّاص قبل أن يعر ـ ــنا ر ـ ــول هللا هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم يوم بدر يتوار ،فقلت ما لك َي
أخي؟ ! قال ِإين أخا أن يراين ر ــول هللا هللاــل هللا عليت و ــلم ،فيســتص ـ شرينَّ ،
ويردين ،وأان
لعل هللا أن يرزق ال َّهادة( .)4وقد ا ت هد ابلفعل. أح ُّ اخلروً َّ
***
َّب(ﷺ) ،ف ـ ـ ــهدت معت بدراً، ص ـ ـ ـامت ر ـ ـ ــي هللا عنت قال خرجنا مع الن ِ
عن عباد شة بن ال َّ
ت طائفة يف آاثرهم يشـ ْه ِايمون ويقتلون، العدو ،فانطشلش شق ْ
فالتق النَّاس ،فهايم هللا -تبارك وتعاىل َّ -
وأكبَّت طائفة عل العسـ ــكر شْوونت ،وجيمعونت ،وأحدقت طائفة بر ـ ــول هللا(ﷺ) ح يصـ ــي
حض إذا كان اللَّيل ،وفشاءش( )1النَّاس بعضهم إىل ٍ
بعض. العدو منت َِّرًة َّ
ُّ
قال الَّذين عوا ال نائم حنن حويـْناها ،و عناها فليس ٍ
ألحد فيها نصـ ـ ـ ـ ـ ــي ،وقال الَّذين ش شش
العدو ،وهايمناهم ،وقال الَّذين أبحق هبا منَّا حنن نشـ شفْي نا عنها َّ ِ
العدو لس ـ ـ ـ ـ ـ ــتم َّ خرجوا يف طل
وخفنا أن يصي أبحق هبا ِمنَّا حنن أحدقنا بر ول هللا(ﷺ) ِ ، أحدقوا بر ول هللا(ﷺ) لستم َّ
اَّللش
ول فشاتـَّقوا َّ ك شع ِن األشنْـ شف ِال ق ِل األشنْـ شفال ََِّّللِ شو َّ
الر ـ ِ العدو منت َّرةً ،واشـت لنا بت فنايلت ﴿يش ْسـأشلونش ش
ُّ
اَّللش شوشر ـ ـ ـ ـولشت إِ ْن كْنـت ْم م ْؤِمنِ ش ﴾ [األنفال ]1 :فقس ـ ـ ــمها ر ـ ـ ــول وأشهللاـ ـ ـ ـلِلوا شذات بـينِكم وأ ِ
شطيعوا َّ ش شْ ْ ش ش ْ
هللا(ﷺ) عل فـ شو ٍاق ب اَّسلم [أمحد (.])324/5
ص ـ ـامت عن األنفال ح ـ ـئِ شل عن ـ ــورة األنفال فينا مع ـ ــر اية قال عبادة بن ال َّ ويف رو ٍ
أهللالـ ـ ـ ــاب بد ٍر نايلت ح اختلفنـ ـ ـ ــا يف النَّفل( ،)2و اءت فيـ ـ ـ ــت أخالقنا ،فانتايعت هللا -تبـ ـ ـ ــارك
وتعاىل -من أيدينا ،ف علـت إىل ر ول هللا(ﷺ) ،فقسم ـت ر ول هللا(ﷺ) فينا عن بو ٍاء .يقول
[أمحد (.])322/5 السواء.
عل َّ
مهمة جداً يف ابلتَّقو ،وإهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــال ذات الب ،والطَّاعة هلل و َّ
الر ـ ـ ـ ـ ـ ــول(ﷺ) ،وهي أوامر َّ
مو ـ ــوي اجلهاد فاجلهاد إذا ين ـ ــأ عن تقو فليس جهاداً ،واجلهاد تاً إىل وحدة هللا ـ ـ ٍ
ـف،
ومن شمثَّ ف َّ
البد من إهللا ـ ـ ـ ــال ذات الب ،واحنض ـ ـ ـ ــباط هو األ ـ ـ ـ ــاس يف اجلهاد إذ ح جهاد بال
أن الطَّاعة هلل ولر ولت(ﷺ) عالمة الميان.
وجل َّ -
عاي َّ
انضباط ،مثَّ ب َّ هللا َّ -
مهمان يف
وجل -هللا ـ ــفات اَّؤمن احلقيقي ،وهذا الوهللا ـ ــف ،والتَّلديد َّ
عاي َّ
وحدَّد هللا َّ -
ألن الميان احلقيقي هو الَّذأ يقوم بت اجلهاد ال ـ ُّ
ـالمي .لقد حدَّد ـالمي َّ
مو ــوي اجلهاد ال ـ ِ
َّ
أب،م إذا ذكر هللا فايعت قلوهبم ،وخافت ،وفرقت ،وإذا وجل -هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــفات اَّؤمن
عاي َّ
هللا َّ -
قرئ عليهم القرآن ازداد إميا،م ،وجا.
وال ِ
ص ـ ـفة الثَّالثة هي التوُّكل عل هللا ،فال يرجون ـ ـواه ،وح يقصـ ــدون إح َّإَيه ،وح يلوذون
إح قنابت ،وح يطلبون احلوائت إح منت ،وح ير بون إح إليت ،ويعلمون َّ
أن (ما شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء هللا كان،
معق حلكمت ،وهو ريع اَّتصر يف اخللق وحده ح شريك لت ،وح ِِ وما ي أ يكن) ،وأنَّت
احلساب.
688
من واج ٍ ،ومس ـ ـ ـ ـ ـ ــتل ٍ ،واخللق كلُّهم عباد هللا فأحبُّهم إليت أنفعهم خللقت ،مثَّ ب َّ هللا َّ -
عاي
نازل ،ومقامات،أن يم عند هللا م ش حق الميان ،و َّ
الصفات هم اَّؤمنون َّ أن اَّتَّصف هبذه ِ وجل َّ -
َّ
السورة السيِئات ،وي كر احلسنات ،وهبذا تنتهي ِ
مقدمة ُّ أن هللا ي فر يم َّ ودرجات يف اجلنَّات ،و َّ
كل عوامل اخلذحن من اختال ٍ عل نائم ،أو ت َّ بعد أن رفعت ايمم ِ
لكل لوازم اجلهاد ،ونشـ شف ْ
شيء ،داعيةً إىل الطَّاعة ،واحرتفاي إىل منازل الميان الكامل(.)1ٍ خال ٍ بسب
حممد أمني املص ـ ـ ــري :تذكر ا َيت ش ـ ـ ـ ــيئاً من أعمال اَّؤمن يف بد ٍر، يقول األس ـ ـ ــتاذ َّ
الرجوي إىل أنفســهم ،واح ـتلياء من رِهبم، ولكن ذكرت عتاابً أليماً موجعاً ،شْ ِمل اَّؤمن عل ُّ
ض ـ ـعف فيت بياانً جلياً قوَيً بتصـ ــوير
وهناك نقاط أر ـ ــلت ا َيت النُّقاط عليها ،وبيَّنت نواحي ال َّ
ما يف النفوس وهللافاً دقيقاً رائعاً ،ت اهد الع فيت احلركات واخلل ات.
كل ذلك من شـ ــأنت أن ينبت ـ ــمري اَّؤمن ليلمس اَّسـ ــافة بينت وب درجات الميان الَّيت
و ُّ
يهفو قلبت للوهللا ـ ـ ــول إليها ،ولقد كانت ا َيت من تربية احلكيم العليم ،وي ـ ـ ــعر َّ
الذوق ال َّس ـ ـ ـ ـليم
هاهنا روعة األ ـ ــلوب يف عرض العتاب ب ري عتاب ولكنَّت تصـ ـ ــوير مايف النُّفوس تصـ ـ ــويراً يوقن
معت العادأ من النَّاس أنَّت ما كان َّؤم ٍن هللاــلي الميان أن يتَّصــف هبا ،ولذلك اق نت ا َيت
الرفيعة ،الَّيت تص ـ ـ ِـور الف وة البعيدة ب اَّؤمن وب ِ
أأ بتقد خص ـ ــائص الميان العالية ،وميِاياتت َّ
آَيتت شز شاد ْهت ْم إِميش ً ِ ِ ِ ِ َّ ِ
اان ت قـلوهب ْم شوإِذشا تليش ْ
ت شعلشْي ِه ْم ش ين إِذشا ذكشر اَّلل شوجلش ْ َِّ
إ ـ ـ ـ ــفا ﴿ إجشا الْم ْؤمنو شن الذ ش
بدأت ال ُّسـ ـورة مبو ــوي األنفال ،واختالفهم يف قس ــمتها ،و ـ ـؤايم عنها ،فس ــاقت يف ذلك
وطهرهتــا من احختال الَّـذأ ين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأ عن حـ ِ اَّــال، أربع آَي ٍ
ت عــاجلــت هبــا نفوس اَّؤمن َّ ،
والتَّطلُّع إىل اَّادة(.)2
ِ
وألليَّة هذا اَّو ـ ـ ــوي يف حياة اَّؤمن بدأت بت ال ُّسـ ـ ـ ـورة -وإ ْن كان اختالفهم يف قس ـ ـ ــمة
متأخراً يف الوجود عن اختالفهم يف اخلروً إىل بد ٍر ،وقتال األعداء -ومن ـ ـ ـ ـنَّة هللا يف األنفال ِ
كتابت أنَّت يف ذكر القصص والواقع ح يعرض يا مشرتَّبةً حس وقوعها(.)3
اَّللش شوشر ـ ـولشت﴾ و َّأول الطَّاعة هنا طاعتت يف حكمت الَّذأ قض ــاه يف األنفال ،فقد ﴿وأ ِ
شطيعوا َّ ش
( )1من هدأ ورة األنفال ،د .حممد اَّصرأ ،ص 95ـ .96
( )2اَّصدر السابق نفست ،ص .67
( )3اَّصدر السابق نفست ،ص 67ـ .68
690
الر ول(ﷺ) خرجت من أن تكون ٍ
ألحد من ال اياة عل الطالق ،وارتدَّت ملكيتها ابتداءً هلل ،و َّ
حق التَّصـ ُّـر فيها إىل هللا ور ـولت(ﷺ) ،فما عل الذين امنوا إح أن يســتســلموا فيها
،فانته ُّ
حلكم هللا ،وقش ْس ـ ـ ـم ر ـ ــول هللا(ﷺ) طيبةً قلوهبم ،را ـ ــيةً نفو ـ ـ ـهم ،وإح أن يص ـ ــللوا عالئقهم،
ويصفوا قلوهبم بعضهم ٍ
لبعض(.)1 وم اعرهمُّ ،
الرَّابينُّ يؤكِد حقيقةً أكرب من النَّصـ ـ ــر عل اَّ ـ ـ ــرك ،يؤكِد أ َّن هللاـ ـ ــال ذات
وهذا العرض َّ
احلقيقي عل مس ـ ـ ــارب النُّفوس ،وم ـ ـ ــارب القلوب هو األكرب يف ميايان هللا،
َّ الب ،واحنتص ـ ـ ــار
ف واختال يف القلوب. الص ِ
وهو األعظم يف ميايان هللا ،وح جدو من نص ٍر يعقبت هللاراي يف َّ
وتبِ ا َيت َّ
أن قض ـ ـ ـيَّة التَّقو ،والميان ،تدخل يف شـ ـ ــؤون حياة اَّسـ ـ ــلم كافَّةً ،وهبا ينبع
حتركت يف احلياة ،وجهاده لعالء كلمة هللا تعاىل(.)2
ُّ
ابين ،ونايلت ا َيت تبِ
الر ِ
ص ـ ـ ـ ـلابة الكرام ر ـ ـ ـ ــي هللا عنهم يذا التَّوجيت َّ
لقد ا ـ ـ ــت اب ال َّ
يتصر يف األنفال.
لر ول هللا(ﷺ) كيف َّ
وجل -كيف توزَّي هذه ال نائم.
عاي َّ
بعد أن أهللابلت ال نائم هلل ولر ولت(ﷺ) ب َّ اَّوىل َّ -
ول شولِ ِذأ الْق ْرشىب شوالْيشـتش شام
شن ََِّّللِ طس ـ ـ ـت ولِ َّلر ـ ـ ـ ِ
ش ش قال تعاىل ﴿ شو ْاعلشموا أَّشجشا شنِ ْمت ْم ِم ْن شش ـ ـ ـ ْي ٍء فشأ َّ
اجلمع ِ ِ ِ ِ شوالْ شم شساكِ ِ شوابْ ِن َّ
ان السبِ ِيل إِ ْن كْنـت ْم شآمْنـت ْم ِاب ََّّلل شوشما أشنْـشايلْنشا شعلش شعْبد شان يشـ ْوشم الْف ْرقشان يشـ ْوشم الْتشـ شق ْش ْ ش
شي ٍء قش ِدير ﴾ [األنفال.]41 : ِ
شوا ََّّلل شعلش كل ش ْ
ت قلوهبم من األخالط ،وأخلص ـ ـ ـ ـ ــت إىل عالَّم ال يوب يف الطَّاعة ،وَتثَّلت
وهذا بعدما طشهشر ْ
ا َيت ،فتلقَّقت مبعىن العبودية اخلالصـ ــة هلل ،وهذا احلكم هللا ـ ـري يف َّ
أن أربعة أطاس ما نموه
مقســوم بينهم ،واخلمس هلل ،ولر ـولت(ﷺ) ،وهذا اخلمس نفســت مردود فيهم أيضـاً ،وموزَّي عل
بوأ يف إرجاء إنايال جواب ال ُّس ـ ـؤال عن اجلهات اَّذكورة -كما ثبت ابل ُّس ـ ـنَّة َّ .-
إن التَّوجيت ال َّ َّ
وتؤل أطي النتائت إذ يت لَّ فيها أكمل احللول ،وهكذا هللا ـ ـ ــر اَّوىل -ج َّل ش ـ ـ ــأنت -
عباده اَّسلم عن التعلُّق ابل ري َّأوحً ،وابل نائم اثنياً ليكونوا لت من اَّهلص اجلديرين بنصره،
تفر وا للهالق ،وأخلصوا يف اجلهاد أكرمهم ابلنَّصر من لدنت ،وأ ب عليهم
وإَتام نعمتت ،فل ـ ـ َّـما َّ
يودون( ،)1فعن عبد هللا بن عمرو ر ـ ــي هللا عنهما قال خرً ر ـ ــول
من فضـ ــلت أبكثر اَّا كانوا ُّ
هللا(ﷺ) يوم بدر يف ثالشئة وطسة ع ر رجالً من أهللالابت ،فلما انته إليها قال «اللهم إ،م
جياي فأش ـ ـ ـ ـ ــبعهم ،اللهم إ،م حفاة فاحلهم ،اللهم إ،م عراة فا ْكس ـ ـ ـ ـ ـ ـهم» ففت هللا لت يوم بدر،
[أبو داود فانقلبوا ح انقلبوا ،وما منهم رجل إح وقد رجع قمل أو ل ،واكتش شسـ ـ ـ ـ ْوا وش ـ ـ ــبعوا.
( ،)2747والبيوقي يف السنن الكرب ( ،)57/9واحلاكم (.])145 ،133 - 132/2
َّب(ﷺ) يف تقسـ ـ ـ ـ ــيم ال نائم ،إعطايه من هذه ال نيمة شم ْن هلَّف أبمر ر ـ ـ ـ ـ ــول
ومن عدل الن ِ
هللا(ﷺ) َّه ـ ٍـام أ ْشوشكلشه ــا إليهم ،فض ـ ـ ـ ـ ـ ــرب يم بس ـ ـ ـ ـ ـ ــهمهم من ال نيم ــة ،وأبجرهم ،فك ــانوا كمن
ألن هللا تعاىل حضــرها( ،)2فكان(ﷺ) يراعي ظرو اجلنود الَّيت َتنعهم من اَّ ــاركة يف القتال َّ
يكلِف عبــاده ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيئ ـاً فوق طــاقتهم ،قــال تعــاىل ﴿حش ي شكلِف َّ
اَّلل نشـ ْف ًس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا إِحَّ و ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شع شه ـا﴾
[البقرة.]286 :
ولذلك كان ر ول هللا(ﷺ) ح يكلِف اَّسلم فوق طاقتهم ،واء أكان ذلك يف ِ
السلم،
صـ ـ ـلابة ألن ظروفهم األ ـ ـ ـرية تتطلَّ منهم أم احلرب ،ويف ايوة بد ٍر أعف الن ُّ
َّب(ﷺ) بعض ال َّ
القيام عليها ،ورعايتها ،فقد أعف عثمان بن عفَّان ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت من اخلروً يوم بد ٍر َّ
ألن
البهارأ يف هللاليلت َّ
أن عبد هللا ُّ وحباجة إىل من يرع شؤو،ا ،رو ٍ زوجتت رقيَّة كانت مريضةً،
بن عمر ر ي هللا عنهما أخرب عن ب ت يُّ عثمان ر ي هللا عنت يف ايوة بدر ،فقال ر ي
قال ابن عباس ر ي هللا عنت فل ـ ـ ـ َّـما أ روا األ ار ،قال ر ول هللا(ﷺ) أليب بك ٍر ،وعمر
نب هللا! هم
ر ــي هللا عنهما «ما ترون يف هؤحء األ ــار ؟» فقال أبو بكر ر ــي هللا عنت َي َّ
بنو ِ
العم ،والع ـ ـ ـ ـ ـ ــرية ،أر أن أتخذ منهم فديةً ،فتكون لنا َّقوةً عل الكفَّار ،فعس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ هللا أن
يهديهم إىل ال ــالم ،فقال ر ــول هللا(ﷺ) «ما تر َيبن اخلطاب؟» قال ح وهللا َي ر ــول
هللا! ما أر الَّذأ يراه أبو بكر ،ولك ِ أر أن َتش ِكنَّا منهم ،فنضـ ـ ــرب أعناقهم ،ف ِ
تمكن علياً من
أئمة الكفر،
فَن هؤحء َّ ع ِق ٍيل ،فيض ـ ــرب عنقت ،وَتك ِ من ٍ
فالن (نس ـ ــيباً لعمر) فأ ـ ــرب عنقت َّ ش
وهللا ـ ــناديدها ،فهوأ ر ـ ــول هللا(ﷺ) ما قال أبو بكر ،و يشـ ْه شو ما قلت ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما كان من ال د
جئت فَذا ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ،وأبو بكر قاعدان يبكيان ،قلت َي ر ـ ـ ــول هللا! أخربين من ِ
أأ
شيء تبكي أنت وهللااحبك ،فَن وجدت بكاءً بكيت ،وإن أجد بكاء تباكيت لبكائكما؟ ٍ
ِ
علي أهللاـ ـ ـ ـ ــلابك من أخذهم الفداء ،لقد ع ِر ش
ض ض َّ فقال ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) «أبكي للَّذأ شعشر ش
نب هللا(ﷺ) .-يبة من ِ علي عذاهبم أدَّن من هذه ال َّ رةِ» -ش رةٍ قر ٍ
َّ
وجل ﴿ -شما شكا شن لِنشِ ٍب أش ْن يشكو شن لشت أش ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشر شح َّض يـثْ ِه شن ِيف األ ْشر ِ
ض﴾ إىل عاي َّ
وأنايل هللا َّ -
ِ
فأحل هللا ال نيمة يم ،)31 - 30/1([.ومس ـ ـ ـ ـ ــلم (،)1763 قولت ﴿فشكلوا اَّا شنِ ْمت ْم شحالشحً طشيًِبا﴾ َّ
وأبو داود ( ،)2690والرتمذي (.])3081
ٍ
مسعود ر ي هللا عنت قال ل َّـما كان يوم بد ٍر قال ر ول هللا(ﷺ) ويف رواية عبد هللا بن
«ما تقولون يف هؤحء األ ــر ؟» فقال أبو بكر َي ر ــول هللا! قومك ،وأهلك ،ا ْ ـتشـْب ِق ِهم،
كذبوك فا ـ ــرب لعل هللا أن يتوب عليهم ،وقال عمر َي ر ـ ــول هللا! أخرجوك ،و َّ وا ْ ـ ـتشأْ ِن هبمَّ ،
أعنـاقهم ،وقـال عبـد هللا بن رواحـة َي ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا! انظر وادَيً كثري احلطـ ،فـأدخلهم فيـت ،مثَّ
يرد عليهم ش ـ ـ ــيئاً،
أ ـ ـ ــرم عليهم انراً ،فقال العبَّاس قطعت رحك! فدخل ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) و َّ
فقال انس رخذ بقول أيب بك ٍر ،وقال انس رخذ بقول عمر ،وقال انس رخذ بقول عبد هللا
694
حض تكون أل إن هللا ليلِ قلوب ٍ
رجال فيت َّ بن رواحة ،فهرً عليهم ر ول هللا(ﷺ) فقال « َّ
وإن هللا لشي ـ ُّد قلوب ٍ
وإن مثلك َي أاب بكر! حض تكون أش َّـد من احل ارةَّ ، رجال فيت َّ من اللَّب َّ ،ش
َّك شفور شرِحيم﴾ ص ـ ـ ـ ـ ـاِين فشَِن ش ِ
كمثل إبراهيم عليت الس ـ ـ ـ ــالم ،إذ قال ﴿فش شم ْن تشبِ شع ِ فشَِنَّت م ِ شوشم ْن شع ش
[إبراهيم ،]36 :ومثلك َي أاب بكر! كمثل عيس عليت السالم إذ قال ﴿إِ ْن تـ شع ِذ ْهب ْم فشَِ َّْ ،م ِعبشاد شك
احلش ِكيم ﴾ [األنفــالَّ ،]118 : ِ
وإن مثلــك َي عمر كمثــل نو ٍ إذ ت الْ شع ِايياي ْ شوإِ ْن تشـ ْف ْر شي ْم فشـَِنـ ش
َّك أشنْـ ش
ِ ب حش تش شذر علش األشر ِ ِ قال ﴿ر ِ
ين شد ََّي ًرا ﴾ [نوح.]26 : ض م شن الْ شكاف ِر ش ْ ْ ش ش
س شعلش أ ْشم شوايِِ ْم شوا ْش ـد ْد ِ
وإن مثلك َي عمر! كمثل مو ـ عليت الســالم إذ قال ﴿ شربـَّنشا اطْم ْ َّ
اب األشلِيم ﴾ [يونس.]88 : ِ ِِ
شعلش قـلوهب ْم فشالش يـ ْؤمنوا شح َّض يشـشروا الْ شع شذ ش ش
بفداء ،أو ربة ٍ
عنق». نت منهم أحد إح ٍ مثَّ قال(ﷺ) «أنتم عالة ،فال يشـْنـ شفلِ ش َّ
فَين قد مسعود ر ي هللا عنت فقلت َي ر ول هللا! إح هيل بن بيضاء ِ ٍ قال عبد هللا بن
علي ح ارة من ٍ
مسعتت يذكر ال ـ ـ ــالم ،قال فس ـ ـ ــكت ،قال فما رأيت يف يوم أخو أن تقع َّ
حض قال «إح هيل بن بيضاء» فأنايل هللا ﴿ شما شكا شن لِنشِ ٍب أش ْن يشكو شن لشت
السماء يف ذلك اليوم َّ َّ
ض ﴾...إىل آخر ا ية ،)384 - 383/1([ .وأبو يعلى ( ،)5187والرتمذي أش ْ شر شح َّض يـثْ ِه شن ِيف األ ْشر ِ
( 1714و ،)3085واحلاكم (.])22 - 21/3
هامةً يف بناء الدَّولة حينما تكون يف مرحلة التَّكوين ،والعداد، وهذه ا ية تض ـ ـ ـ ـ ـ ــع قاعد ًة َّ
حض تـ ْرشه من قِبش ِل أعدائها ،ويف ـ ـ ـ ـبيل هذه الكلِيَّة يطر
َّ وكيف ينب ي أح تظهر مبظهر اللِ
ش
حض ولو كانت احلاجة مللةً إليها .)1(- احهتمام ابجلايئيَّات َّ -
صـلابة يف أ ـر اَّ ـرك كره ذلك ،ورأ
وكان ـعد بن معاذ ر ـي هللا عنت ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما شـري ال َّ
ـعد َّا يص ـ ـ ــنع النَّاس فقال لت ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) «وهللا! ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) الكراهية يف وجت ـ ـ ـ ٍ
لكأنَّك َي ـعد! تكره ما يصـنع القوم!» قال أجل وهللا! َي ر ـول هللا! كانت أول وقعة أوقعها
( )1انظر من مع ِ
السرية ،ص .209
695
[ابن هشـ ـ ــام (- 280/2 الرجل. هللا أبهل ال ِ ـ ـ ـ ـرك ،فكان الثهان ابلقتل أح َّ َّ
إس من ا ـ ـ ـ ــتبقاء َّ
.)1(])281
وهذا احلديث تعبري عن الوفاء ،واحع ا ابجلميل ،فقد كان للمطعم مواقف تذ شكر ٍري،
الر ـ ـ ـ ــول(ﷺ) يف جواره حينما عاد من الطَّائف ،كما كان من أشـ ـ ـ ـ ِـد القائم
فهو الَّذأ دخل َّ
الصليفة يوم ح ِ
صر اَّسلمون ،وبنو هاشم(.)2 عل نقض َّ
قمة الوفاء َّواقف ِ
الرجال -ولو كانوا م رك .)3(- وهذا ُّ
يدل عل َّ
ب -مقتل عُقبة بن أب ُم َع ْي ٍط والنَّضر بن احلارث:
لرجل مثل اَّطعم بن ٍ
عدأَّ ،
فالبد من احلايم مع جمرمي احلرب ،وريوس وإذا كان هذا الوفاء ٍ
الفتنة من أمثال عقبة بن أيب م شعْيا ،والنَّضــر بن احلارث ،فقد كاان من أكرب دعاة احلرب ـ َّـد
ـدر خط ٍر كب ٍري عل ال ــالم ،وح ـيَّما الدوائر ،فبقايلا يـ شع ُّد مصـ ش ال ــالم ،واَّ بِصـ ابَّســلم َّ
تورعا عنَتر هبا الدَّعوة ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالميَّة ،فلو أطلِق ـ ـ ـ ـ ـ ـراحه شما َّا َّ
يف تلك الظُّرو احلامسة ،الَّيت ُّ
َّمد أحد ابطيل ،ص .162 ( )1انظر ايوة بدر الكرب َّ ،
الصفراء و ٍاد كثري النَّهل ،و َّ
الايري ،واخلري. (َّ )2
( )3انظر ال َّ بية القياديَّة (.)60/3
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام (.)440 ، 439/1 ( )4انظر ِ
( )5انظر ال َّ بية القياديَّة (.)57/3
697
هللا عنت(.)1
الربيع ِدثنا ،قال كنت يف شرْه ٍا من األنصار جاياهم هللا خرياً ،كنَّا إذا وهذا أبو العاص بن َّ
الرجل
إن َّحض َّ تع َّينا ،أو ت دَّينا ،اثروين ابخلْب ِاي ،وأكلوا الت َّْمشر ،واخلباي معهم قليل ،والت َّْمر زادهمَّ ،
مثل ذلك ،وياييد «وكانوا إس ،وكان الوليد بن الوليد بن اَّ رية يقول ش لتقع يف يده كِ ْسشرة فيدفعها َّ
ملوننا ،ومي ون»(.)7
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام (.)255/2
( )2ايشوادة اللِ و ِ
الرفق. ش
( )3انظر ال َّ بية القياديَّة (.)60/3
( )4انظر البداية والنِهاية (.)306/3
( )5اَّصدر السابق (.)307/3
( )6الربُّ شح ُّ القم .
( )7انظر اَّ ازأ ،للو ِ
اقدأ (.)119/1
698
الرحيم الَّذأ و ـ ــع أ ـ ــا ـ ــت القرآن الكر يف ثنائت عل اَّؤمن َّ ،
وذكر بت كان هذا اخللق َّ
فاهذوه خلقاً ،وكان يم طبيعةً ،قد أثر يف إ ـ ـ ـ ـ ـراي جمموعة ِم ْن أش ـ ـ ـ ـ ـرا
َّب(ﷺ) أهللا ـ ـ ـ ــلابت َّ
ش الن ُّ
األ ر ،وأفا لهم إىل ال الم ،فأ لم أبو عايياي ع شقْي ش بد ٍر ،ب ْعيد وهللاول األ ر إىل اَّدينة،
عبيد( )1بعد أن فد نفست ،فقد رت السائ بن ٍ وتنفيذ وهللايَّة ر ول هللا(ﷺ) ،وأ لم معت َّ
بالدهم وأهليهم ،يتلدَّثون عن وطهرت نفو ـ ـهم ،وعاد األ ــر إىل ِ دعوة ال ــالم إىل قلوهبمَّ ،
ش
حم َّمـ ٍد(ﷺ) ،ومكــارم أخالقــت ،وعن حمبَّتــت ،ومســاحتــت ،وعن دعوتــت ،ومــا فيهــا من ِ ِ
الرب والتَّقو ،
والهللاال واخلري(.)2
هذا ،والعربة بعموم اللَّفم ح ص ـ ـ ـ ــوص ال َّس ـ ـ ـ ـب ،فهذه ا ية الكرمية وإن كانت نايلت يف
عامة يف يع األ ر .العباس إح َّأ،ا َّ
ـول هللا(ﷺ) ،فقالوا ائذن لنا فلن ك حبن أختنا العبَّاس فداءه.
ا ــتأذن بعض األنصــار ر ـ ش
[البخاري ( 2537/1و 3048و ،)4018والبيوقي يف دالئل النبوة فقال «وهللا! ح تذرون منت درلاً»
( ،)2(])142/3أأ ح ت كوا للعبَّاس من الفداء شيئاً.
ويظهر أدب هللاار مع ر ول هللا(ﷺ) يف قويم لر ول هللا ابن أختنا( ،)3لتكون اَّنَّة عليهم
عمك لكانت اَّنَّة عليت(ﷺ) ،وهذا من َّقوة َّ
الذكاء وحس ـ ـ ـ ـ ـ ــن يف إطالقت ،ال لو قالوا َّ
الدين نوي حماابة(.)4وهنا وإجا امتنع النَّب(ﷺ) عن إجابتهم لئال يكون يف ِ األدب يف اخلطابَّ ،
ُّ
يتعلَّم األ ـ ـ ــر ،واَّس ـ ـ ــلمون أيض ـ ـ ـاً در ـ ـ ـ ـاً بلي اً يف عدم حماابة ذوأ القرىب ،بل كان األمر عل
خال ذلك فقد أ ل ر ول هللا الفداء عل ِ
عمت العباس(.)5
ورجع العبَّاس َّ
َّكة ،وقد دفع فداءه ،وفداء اب ْ أخويت ،وأخف إ ـ ـ ـ ـ ـ ــالمت ،وأهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــب يقود
وكان ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) أخذ عليت ،أو وعده أن خيشلِ شي ـ ـ ـ ـ ـ ــبيل زين إليت ،وبعث ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول
َتر بكمــا هللا(ﷺ) زيــد بن حــارثــة ،ورجالً من األنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار ،فقــال «كوان ببطن رْ شجت(َّ ،)5
حض َّ
[انظر ختريج احلديث السابق]. حض أتتيا هبا»
زين ،فتصلباهاَّ ،
الر ـ ـ ـ ـ ـ ــول(ﷺ) يعر عنت ُّ
قا الربيع زوً زين ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنها ِ
بنت َّ َّ
إن أاب العاص بن َّ
ش
كف يده ،ولسـ ـ ـ ـ ــانت عن أهللاـ ـ ـ ـ ــلاب ر ـ ـ ـ ـ ــول
لون من ألوا،ا ،وقد َّ أبأ ٍ
موقف يف مقاومة الدَّعوة ِ
هللا(ﷺ) ،وش ـ ـ شلت مالت ودارتت ،وحيايه من ر ـ ــول هللا(ﷺ) عن مو ِ
اقف ال َّ ـ ـرا ـ ــة القرش ـ ـيَّة يف
مقاومة الدَّعوة إىل هللا ،ويف بد ٍر كان أبو العاص ِهللا ـ ْهر ر ــول هللا(ﷺ) من ب األ ـر الَّذين
وهدت يم يف ٍ
قتال جولة ،وبعد أن يسـ ـ ــمع يم يف اَّعركة هللا ـ ــوت ،و يعر يم رأأ ،وح ش ـ ـ ـ ْ
بدأت قريش تفدأ أ ـ ـ ـراها أر ـ ــلت ال َّسـ ـ ـيدة زين بنت ر ـ ــول هللا(ﷺ) ،وزوجة أيب العاص
سويل بن عم ٍرو ،ووقوعُه يف األسر ،وماذا قالت سودةُ رضي هللا عنوا:
ُ ز-
الرحن بن أ ـ ـ ــعد بن زرارة ر ـ ـ ــي هللا عنت ق ِدم ابأل ـ ـ ــار ح ق ِدم هبم اَّدينة قال عبد َّ
ومعوذ اب عفراء - َّب(ﷺ) عند آل عفراء يف مناحتهم عل شع ْو ٍ ِ ، و ـ ـ ـ ــودة بنت زمعة زوً الن ِ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشرب احل اب ،-قالت ـ ـ ـ ـ ـ ــودة فوهللا ِإين لشعِْندهم إذ أتينا فقيل هؤحء
وذلك قبل أن ي ْ
األ ــار قد أِلش هبم ،فرجعت إىل بييت ور ــول هللا(ﷺ) فيت فَذا أبو ياييد ــهيل بن عم ٍرو يف
يد كذلك أن حببل ،فوهللا ما ملكت ح رأيت أاب ياي ٍ انحية احل ْ شرة ،ويداه جمموعتان إىل عنقت ٍ
ق لت أاب ياييد! أعطيتم أبيديكم؟ أح متُّم كراماً؟! فما انتبهت إح بقول ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) من
أعلش هللا ور ـولت حتش ِر ـ ؟!» فقلت َي ر ــول هللا! والَّذأ بعثك ِ
ابحلق ،ما البيت «َي ــودة! ش
[البيوقي يف ملكت نفس ـ ـ ـ ـ ـ ــي ح رأيت أاب ياييد جمموعةً يداه إىل عنقت ابحلبل أن قلت ما قلت.
(.)1(])460/2
األخيشف يف فداء ـ ــهيل بن عمرو ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما فاوض اَّسـ ـ ـلم ، ِ
وقدم مكشْرز بن حفص بن ْ
هات الَّذأ لنـ ـ ـ ـ ـ ــا ،قال يم ِمكشْرز بن حفص اجعلوا رجلي مكان وانته إل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ر ائهم ،قالوا ِ
حض يشبعث إليكم بفدائت ،فهلُّوا بيل هيل ،وحب سوا ِمكْرزاً عندهم ،وجاء رجلت ،وخلُّوا بيلت َّ
أن عمر بن اخلطاب ر ـ ــي هللا عنت قال لر ـ ــول هللا(ﷺ) دع أنايي ثشنِيَّة ٍ
حديث م ْر ش ـ ـ ـ ٍل َّ يف
هيل بن عم ٍرو ،يدلع لسانت ،فال ي ـقوم علي ـك خطيباً ف ـي موط ٍن آخر ! فقـال ر ول هللا(ﷺ)
«ح أمثِل بـت ،فيمثِل هللا يب وإن كنت نبيَّاً» [ابن أب شيبة يف املصنف ( .)2(])387/14مثَّ قال ر ول
تذمت»(.)3
هللا(ﷺ) لعمر «إنَّت عس أن يقوم مقاماً ح ُّ
مبكة ح مات ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) وار َّ
تد قال ابن كثري وهذا هو اَّقام الَّذأ قامت ـ ـ ـ ـ ـ ــهيل َّ
العرب ،وُم النِف ــاق ابَّ ــدين ــة و ريه ــا ،فق ــام مب َّك ـ ـة ،فهط ـ ـ يف النَّـ ـاس ،وثبَّتهم عل ال ـ ِـدين
احلنيف( ،)4فقد قال يف ذلك «َي مع ــر قريش! ح تكونوا آخر النَّاس إ ــالماً ،و َّأويم َّ
رد ًة ،شم ْن
شرابنشا ربنا عنـ شقت»(.)5
َّ
أن ذلك من ابب التَّمثيل وت ـ ـ ـ ــويت فقد أىب ر ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) أن ينايي ثنيَّة ـ ـ ـ ـ ٍ
هيل ،ورأ
خلقة النس ــان ،وقال لعمر «ح أمثِل بت ،فيمثِل هللا يب! وإن كنت نبياً» وهذا جوذً من منهت
ألمتت يف انتصاراهتا عل أعدائها(.)6
ر التت(ﷺ) ،و عت ليكون نربا اً َّ
اس ر ي هللا عنت كان انس من األ ار يوم بد ٍر ليس يم فداء ،ف عل ر ول قال ابن عبَّ ٍ
هللا(ﷺ) فداءهم أن يـ شعلِموا أوحد األنصـ ـ ـ ــار الكتابة( ،)1وبذلك شـ ـ ـ ــري األ ـ ـ ـ ــر يعلِمون لمان
َّب(ﷺ) كل شم ْن يـ شعلِم ع ش ـ ـ ـ ـ ـرةً من ال لمان يفدأ نفسـ ـ ـ ـ ــت( ،)2وقشبول الن ِ
اَّدينة القراءة ،والكتابة ،و ُّ
تعليم القراءة والكتابة بدل الفداء يف ذلك الوقت الَّذأ كانوا فيت يف أش ـ ِـد احلاجة إىل اَّال ،يرينا
مسو ال الم يف نظرتت إىل العلم ،واَّعرفة ،وإزالة األميَّة ،وليس هذا بع ي ٍ ِم ْن دي ٍن كان َّأول ما َّ
نايل من كتابت الكر ﴿اقْـرأْ ِاب ـ ِم ربِ ِ
كك الَّذأ شخلش شق شخلش شق ا ِلنْ شسـا شن ِم ْن شعلش ٍق اقْـشرأْ شوشربُّ شش ْ ش ش
األش شكشرم الَّ ِذأ شعلَّ شم ِابلْ شقلشِم ﴾ [العلق .]4 - 1 :وا ـ ــتفا ـ ــت فيت نصـ ــوص القرآن ،وال ُّس ـ ـنَّة يف
َّب(ﷺ) َّأول من و ع ح ر ال َّ ي يف العلم ،وبيان منايلة العلماء ،وهبذا العمل اجلليل يعترب الن ُّ
السبق يف هذا لإل الم(.)3 األميَّة ،وإشاعة القراءة ،والكتابة ،و َّ
أن َّ األ اس يف إزالة ِ
هللالي ِ
السرية النَّبويَّة ،ص .261 ( )1انظر
ال َّ بية القياديَّة (.)74/3 ( )2انظر
ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة ( 164/2ـ .)165 ( )3انظر
ايوة بدر الكرب ،ص .101 ( )4انظر
705
السادس
املبحث َّ
نتائج غزوة بد ٍر وحماولة اغتيال الن ِّ
َّب(ﷺ)
- 1كان من نتائت ايوة بد ٍر أن قويت شوكة اَّسلم ،وأهللابلوا مرهوب يف اَّدينة ،وما
يفكر ،و ِ
يفكر قبل أن جاورها ،وأهللا ــب من يريد أن ي ايو اَّدينة ،أو ينال من اَّس ــلم عليت أن ِ
شْ
الر ـ ـ ـ ـ ــول(ﷺ) يف اَّدينة ،وارتفع ُم ال ـ ـ ـ ـ ــالم فيها ،و يعد
وتعايزت مكانة َّ
قدم عل فشـ ْعلتتَّ ، ي ِ
ـككون يف الدَّعوة اجلديدة ،واَّ ـ ـ ـ ــركون يف اَّدينة يت َّريون عل إظهار كفرهم ،وعداوهتم اَّت ـ ـ ـ ـ ِ
لإل ـ ـ ـ ـ ـ ــالم لــذا ظهر النِفــاق ،واَّكر ،واخلــداي ،فــأعلنوا إ ـ ـ ـ ـ ـ ــالمهم ظــاهراً أمــام الن ِ
َّب(ﷺ) ،
وأهللاــلابت ،فدخلوا يف عداد اَّســلم ،وأب شقوا عل الكفر ابطناً ،فظلُّوا يف عداد الكفار ،فال هم
مس ـ ــلمون مللص ـ ــون يف إ ـ ــالمهم ،وح هم كافرون ظاهرون بكفرهم ،وعداوهتم للمس ـ ــلم ،قال
ض ـ ـ ـ ـلِ ِل َّ
اَّلل فشـلش ْن شِد شد لشت ش ـ ـ ـ ـبِيالً ﴾ ِ ِ ِ
تعاىل ﴿م شذبْ شذبِ ش بشْ ش شذل ش
ك حش إِ شىل شهؤحشء شوحش إِ شىل شهؤحشء شوشم ْن ي ْ
[النساء.]143 :
ومن أجل هذا اَّوقف اَّتذبذب ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنَّع هللا عليهم ،ومسَّع هبم يف كث ٍري من آيلتتَّ ،
وتوعدهم
أبشد أنواي العذاب ،قال تعاىل ﴿إِ َّن الْمنشافِ ِق ِيف الدَّرِك األش شف ِل ِمن النَّا ِر ولشن شِد شد شيم نش ِ
ص ًريا﴾ ِ
ْ شْ ش ْ ْ ش
[النساء.]145 :
ومن نتائت موقعة بدر ازدَيد ثقة اَّسلم ابهلل -بلانت وتعاىل ،-وبر ولت الكر (ﷺ)،
يش يف ال ــالم ،وقد ــاعد ذلك وقوهتم ،ودخول ٍ
عدد كب ٍري من م ــركي قر ٍ واشــتداد ــاعدهمَّ ،
عل رفع معنوَيت اَّسـ ـ ــلم اَّسـ ـ ــتضـ ـ ــعف الَّذين كانوا ح يايالون يف َّ
مكة ،فا تبطت نفو ـ ـ ــهم
بنص ـ ـ ـ ـ ـ ــر هللا ،واطمــأنـَّت قلوهبم إىل أن يوم الفرً قريـ ،فــازدادوا إميــاانً عل إميــا،م ،وثبــااتً عل
عقيدهتم.
706
وإىل جان ذلك ،فقد كس ـ ـ ـ اَّسـ ـ ــلمون مهارةً عسـ ـ ــكريَّةً ،وأ ـ ـ ــالي ش جديدةً يف احلرب،
وشـ ـ ــهرًة وا ـ ـ ــعةً داخل اجلاييرة العربيَّة ،وخارجها إذ أهللاـ ـ ــبلوا َّقوًة س ـ ـ ـ يا حسـ ـ ــاهبا يف بالد
العرب ،فال هتـ ِـدد زعــامــة قريش وحـ شـدهــا ،بــل زعــام ـةش يع القبــائــل العربيــة اَّنت ـ ـ ـ ـ ـ ــرة يف ملتلف
للدولة اجلديدة مصـ ـ ـ ــدر للدَّخل من نائم اجلهاد ،وبذلك هللا ـ ـ ـ ـ شقاي( )1واألماكن ،كما أهللاـ ـ ـ ــب َّ
األش ْ
ؤس ،وفق ٍر
ـادأ مبا أفاء هللا عليهم من نائم ،بعد ب ٍ
اَّاد ِأ واحقتص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ِ انتعش حال اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم
شديدين ،داما تسعةش شع ش شر شهراً(.)2
أن مقتل أيب جهل بن ه ــام ،وأميَّة َّ - 2أما قريش ،فكانت خســارهتا فادحةً ،فَ ــافةً إىل َّ
بن خلف ،وعتبة بن ربيعة ،و ِريهم من زعماء الكفر الَّذين كانوا من أش ــد القرش ــيِ شـ ـ اعةً،
وقوًة ،وأب ـ ـاً يكن خس ــارًة حربيَّةً لقر ٍ
يش فلس ـ ـ ،بل كان خس ــارًة معنويَّةً أيض ـ ـاً ذلك َّ
أن
هتدد أيضاً يادهتا ونفوذها يف احل از كلِت(.)3 اَّدينة تعد هتش ِدد دارشهتا فقا ،بل أهللابلت ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاعقة ،و يص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـدقوا ذلك يف بداية األمر ،قال ابن كان خرب ايايمية عل أهل َّ
مكة كال َّ
مبصاب قريش احلشْيسمان بن عبد هللا اخلاياعي، ِ قدم َّ
مكةش إ لاق -رحت هللا « -وكان َّأول من ِ
فقالوا لت ما وراءك؟
قال قتِل عتبة بن ربيعة ،وشـ ـ ــيبة بن ربيعة ،وأبو احلكم بن ه ـ ـ ــام ،وأميَّة بن خلف ،شوزمعة
بن األ ود ،ونبيت ،ومنبَّت ابنا احل َّ اً ،وأبو البش ْه ِأ بن ه ام ،فل ـ َّـما جعل يـ شع ِدد أشرا قريش،
قال هللافوان بن أميَّة وهللا إن يعقل هذا! فسلوه ع ِ !
قال هو ذاك جالس يف احلِ ْ ر ،قد وهللا! رأيت أابه ،وأخاه ح قتِال»(.)4
أهللا شقاي.
الص ْقع النَّاحية ،واجلمع ْ
(ُّ )1
ِ
( )2انظر التَّاري السيا ي والعسكرأ ،د .علي معطي ،ص 274ـ .275
( )3اَّصدر السابق نفست ،ص 375ـ .376
يش إىل َّ
مكة). ( )4انظر هللالي ِ
السرية النَّبويَّة ،ص ،257وانظر رية ابن ه ام (بلوغ مصاب قر ٍ
707
يش عل أيب ي ٍ -
ـقص علينا أثر خرب هايميـ ـ ــة قر ٍ
وهذا أبـ ـ ــو راف ٍع موىل ر ول هللا(ﷺ) ،يـ ـ ـ ُّ
للعباس بن عبد اَّطَّل ،وكان ال ـ ـ ـ ـ ـ ــالم قد دخلنا أهل
لعنت هللا ،-حيث قال كنت الماً َّ
قومت ،ويكره أن خيال شفهم ،وكان
ـلمت ُّأم الفض ـ ـ ــل ،وأ ـ ـ ــلمت ،وكان العبَّاس يهاب ش
البيت ،وأ ـ ـ ـ ْ
عدو هللا -قد هلَّف عن
متفرق يف قومت ،وكان أبو ي ُّ - يكتم إ ـ ـ ـ ـ ـ ــالمت ،وكان ذا ٍ
مال كث ٍري ِ
بد ٍر ،فبعث مكانت العاص بن ه ام بن اَّ رية ،فلـ ـ ـ ـ ـ َّـما جاء اخلرب عن مصاب أهللالاب بد ٍر من
قريش شكبشـتشت()1هللا ،وأخاياه ،ووج ْدان يف أنفسنا َّقوة وعاياً.
قـال كنـت رجالً ـ ـ ـ ـ ـ ــعيفـاً ،وكنـت أعمـل األقـدا ،و ْأحنشتهـا يف ح ْ رة زمايم ،فوهللا! ِإين
جلالس فيها أحنشت القدا ،وعندأ ُّأم الفض ـ ـ ـ ـ ــل (زوجة العبَّاس بن عبد اَّطل ) جالسـ ـ ـ ـ ـ ـةً ،وقد
ِ ()2
حض جلس عل طن جير رجليت ب ش ـ ـ ٍرَّ ،
ـ ـ َّـران ما جاءان من اخلرب إذ أقبل الفا ـ ــق أبو ي ُّ
احل رة ،فكان ظهره إىل ظهرأ ،فبينما هو جالس إذ قال النَّاس هذا أبو ـ ـ ـ ــفيان بن احلارث
إس ،فعنــدك لعمرأ اخلرب! قــال ف لس إليــت،
هلم َّ
َّ بن عبــد اَّطَّل ـ قــد قــدم ،فقــال أبو ي ـ
والنــاس قيــام عليــت ،فقــال َيبن أخي! أخربين كيف كــان أمر النـَّاس؟ قــال وهللا! مــا هو إح أن
لقينا القوم فش شمنش ْلناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شايوا ،ور روننا كيف شايوا ،وا ْ هللا! مع ذلك ما
خيل بـ ْلق( )3ب ال َّسـ ـماء واألرض ،وهللا! ما تلِيق( )4ش ــيئاً،
ٍ لمت النَّاس لقينا رجاحً بيضـ ـاً عل
وح يقوم يا شيء ،قال أبو رافع فرفعت طن احل رة بيدأ ،مثَّ قلت تلك وهللا اَّالئكة!
َّ - 3أما اليهود فقد هايم أن ينتص ــر اَّس ــلمون يف بد ٍر ،وأن تقو ش ــوكتهم فيها ،وأن
يشعَِّاي ال ـ ــالم ،ويظهر عل دينهم ،ويكون لر ـ ـولت(ﷺ) دو،م احلظوة ،واَّكانة ،فص ـ ـ َّـمموا عل
قدم اَّدينة ،وأظهروا عداوهتم الَّيت كانت كامنةًنقض العهد الَّذأ عاهدوا عليت النَّب(ﷺ) عندما ِ
َّ
يف نفو ـ ــهم ،وأخذوا جياهرون هبا القول ،ويعلنون ،مثَّ راحوا يكيدون لإل ـ ــالم ولر ـ ـ ـولت(ﷺ) ،
َّب(ﷺ) ،
يتلرش ـ ـ ـ ـ ـ ــون ابلن ِ ()5 ويعملون للقضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء عليت ِ
بكل الو ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائل اَّتاحة لديهم ،وبديوا َّ
َّب(ﷺ) ليهف عليت ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيء من ذلك ،فقد كان يراقبهم عن حذ ٍر، واَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،وما كان الن ُّ
قررات اخللقيَّة ،واحلرمات الَّيت ُّ
يعتاي هبا اَّس ــلمون ،وا ــتعلنوا ابلعداوة، حض ا ـ ُّ
ـتهفوا ابَّ َّ ويقظة َّ ٍ
ِ
نفصل ذلك فيما بعد إن شاء هللا .)6(- فلم يكن بد من حرهبم ،وإجالئهم عن اَّدينة -كما
الرجل إذا أهللاابت ذلك ،وهي هرً يف موا ع من اجلسد من جنس الطَّاعون ،وتقتل هللااحبها
الع شد ش ة قرحة قاتلة كالطَّاعون ،وقد عدس َّ ( )1ش
الباً.
السرية النَّبوية ،حبن ه ام (.)258/2 ( )2انظر ِ
( )3هو أبو فيان بن حرب نذر أح ميس رأ ت ماء جنابة حض ي ايو اَّسلم .
( )4انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)171/2
السيا ي والعسكرأ ،ص .274 ( )5انظر التَّاري ِ
( )6انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)171/2
709
َّب(ﷺ) وإسالم عُمري بن وهب (شيطان قريش):
اثنياً :حماولة اغتيال الن ِّ
عليهم علي ليس عندأ قضايه ،وعيال أخ هللادقت! أما وهللا ! لوح دين َّ
ش قال لت ع شم ْري
فَن س فيهم ِعلَّة( )3اب أ ري يف أيديهم. حمم ٍد َّ
حض أقتلشتَّ ، ()2
الضَّيعة بعدأ لركبت إىل َّ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ِت عنك ،وعيالك مع عياس
قال فا تنمها هللا ـ ـ ـ ـ ــفوان بن أميَّة ،فقال علي دينك ،أان أق ِ
َّ
أوا يهم( )4ما بشـقوا ،ح يسع شيء ،ويع ِ اي عنهم ،فقال لت ع شم ْري فاكتم شأين ،وشأنك .قال
شفعل.
أش
قال مثَّ أمر ع شم ْري بس ـ ـ ــيفت ،ف ـ ـ ـ ـ ِلذ لت ،و ـ ـ ـ ـ َّم ،مثَّ انطلق َّ
حض قدم اَّدينة ،فبينما عمر بن
اخلطاب يف نف ٍر من اَّس ـ ــلم يتلدَّثون عن يوم بدر ،ويذكرون ما أكرمهم هللا بت ،وما أراهم يف
عدوهم إذ نظر عمر إىل ع شم ِْري بن وه ٍ ،وقد أان راحلتشت عل ابب اَّس ـ ـ د متو ِش ـ ـلاً ـ ــيفتِ
حرش()5بيننا، عدو هللا ع شم ْري بن وه ٍ ،وهللا! ما جاء إح ل ـ ـ ـ ـ ٍـر ،وهو الَّذأ َّ
ُّ فقال هذا الكل
وحايران( )6للقوم يوم بد ٍر.
ش
عدو هللا ع شم ْري بن وه ٍ قد جاء
نب هللا! هذا ُّ
مث دخل عمر عل ر ــول هللا(ﷺ) فقال َي َّ
ِ
متوشلاً يفت.
مثَّ دخل بت عل ر ول هللا(ﷺ) ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما رآه ر ول هللا(ﷺ) وعمر آخذ ِحب شمالشة يفت يف
عنقت ،قال «أر لت َي عمر! ْادن َي ع شم ْري!».
فدان ،مثَّ قال انعموا هللا ــباحاً -وكانت حتيَّة أهل اجلاهلية بينهم -فقال ر ــول هللا(ﷺ)
«أكرمنا هللا بتليَّ ٍة خ ٍري من حتيَّتك َي عمري! َّ
ابلسالم حتية أهل اجلنَّة»(.)3
فقال أما وهللا َي حممد! إن كنت هبا حلديث ٍ
عهد.
فقال «فما جاء بك َي ع شم ْري؟!» قال جئت يذا األ ري الَّذأ يف أيديكم ،فأحسنوا فيت.
ـديد األذ َّن كان عل ـول هللا! ِإين كنت جاهداً عل إطفاء نور هللا ،ش ـ ـ ـ ـ ش مثَّ قال َي ر ـ ـ ـ ـ ش
عاي وج ـ َّـل -وأان أح ـ ُّ أن أتذن س ،ف ــأق ــدم م َّك ـة ،ف ــأدعوهم إىل هللا تع ــاىل ،وإىل
دين هللا َّ -
لعل هللا يهديهم ،وإح آذيتهم يف دينهم ما كنت أوذأ أهللا ــلابك
ر ـ ـولت(ﷺ) ،وإىل ال ــالمَّ ،
يف دينهم ،قال فأذن لت ر ــول هللا(ﷺ) ،فللق َّ
مبكة ،وكان هللا ــفوان بن أميَّة ح خرً عمري
بن وه ،يقول أب روا ٍ
بوقعة أتتيكم ا ن يف َّأَيٍم ،تـْنسيكم وقعة بد ٍر ،وكان هللافوان يسأل عنت
[الطرباين يف حض قدم راك فأخربه ن ـ ـ ـالمت ،فللف أحَّ يكلِمت أبداً ،وح ينفعت بنف ٍع أبداً.
الركبانَّ ،
ُّ
الكبري ( ،)58/17وجممع الزوائد ( ،)286/8واإلصابة (.)1(])37/3
ِ - 1ح ْرص اَّ ـ ـ ــرك عل التَّصـ ـ ــفية اجلسـ ـ ــديَّة للدُّعاة فهذا هللاـ ـ ــفوان بن أميَّة ،وع شم ْري بن
أن أعداء الدَّعوة قد ح يكتفون برفض َّب(ﷺ) ،وهذا يرش ـ ـ ـ ـ ـ ــدان إىل َّ وه ،يتَّفقان عل قتل الن ِ
الدَّعوة ،والتَّ ـ ـ ـ ـ ـ ــويش عليها ،وهللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد النَّاس عنها بل اولون ا تيال الدُّعاة ،وتدبري اَّؤامرات
لقتلهم ،وقد يسـ ــتأجرون اارم لتنفيذ هذا ال رض اخلسـ ــيس( ،)2وقد يسـ ــت ُّل األ نياء اَّ ْ فون
فيوجهو،م لقاء مبل من اَّال إىل خدمة مارهبم ،وإ ْن من أعداء الدَّعوة حاجة الفقراء ،وفقرهمِ ،
َّأد ذلك إىل هالكهم ،فهاهو هللافوان قد ا ت ل فقر ع شم ٍْري ،وقلَّة ذات يده ،ش
وديْـنشت لري لت إىل
هالكت(.)3
َّب(ﷺ) ،فقد أحسن إىل ع شم ٍْري ،وداوز عنت ،وعفا عنت مع أنَّت جاء مسو أخالق الن ُِّ - 4
ليقتلت( )1بل أطلق ولده األ ــري بعد أن أ ــلم ع شم ْري ،وقال ألهللا ــلابت « ِفقهوا أخاكم يف دينت،
وأقرئوه القرآن ،وأشطْلِقوا لت أ ريه»(.)2
- 5قـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـوة إميان عم ٍْري ،فقد قـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـرر أن يواجت َّ
مكـ ـ ـ ـ ـ ــة كلَّها ابل الم ،وقد أذن لـ ـ ـ ـ ـ ــت ر ول ش
هللا(ﷺ) ،وفعل ،وواجتَّ ،
وحتد ،وعاد أدراجت إىل اَّدينة ،وأ ـ ـ ـ ـ ـ ــلم عل يديت انس كثري ،وكان
رجل ،وكان أحد األربعة الَّذين الرجال يطرحت عمر ر ـ ــي هللا عنت اَّن ياين عنده ألف ٍ ح تـ شع ُّد ِ
عمرو بن العــاص ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنهم ،الَّـذين كــان كـ ُّـل واح ـ ٍد منهم
أمـ َّـد هبم أمري اَّؤمن ع شمر ش
ٍ
أبلف(.)3
إن حقيقة النَّص ـ ــر يف بد ٍر كان من هللا تعاىل ،فقد ب َّ -ـ ــبلانت وتعاىل َّ -
أن النَّص ـ ــر ح َّ
اَّلل إِحَّ ب ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشر لشك ْم شولِتشطْ شمئِ َّن قـلوبك ْم بِِت شوشما
يكون إح من عند هللا تعاىل يف قولت ﴿ شوشما شج شعلشت َّ
كي ِم﴾ [آل عمران.]126 : احل ِ النَّصر إِحَّ ِمن ِعْن ِد َِّ
اَّلل الْ شع ِايي ِاي ْش ْ ْ
صـ ـر إِحَّ ِم ْن ِعْن ِد َّ
اَّللِ إِ َّن ِ ِ ِ
اَّلل إِحَّ ب ْ ـ ـشر شولتشطْ شمئ َّن بِت قـلوبك ْم شوشما النَّ ْ
وقولت تعاىل ﴿ شوشما شج شعلشت َّ
كيم﴾ [األنفال.]10 : اَّلل ع ِايياي ح ِ
َّش ش ش
وجل -واَّعىن
عاي َّ يف هات احيت أتكيد عل َّ
أن النَّص ـ ـ ـ ـ ـ ــر ح يكون إح من عند هللا َّ -
العاية اليت ح ترام( ،)1و(احلكيم) أأ
ليس النَّصــر إح من عند هللا دون ريه ،و(العايياي) أأ ذو َّ
احلكيم فيما شرعت من قتال الكفَّار مع القدرة عل تدمريهم ،وإهالكهم حبش ْولِِتَّ ،
وقوتت -بلانت
وتعاىل .)2(-
تعليم اَّؤمن احعتماد عل هللا وحده ،وتفويض أمورهم إليت، ويسـ ـ ـ ــتفاد من هات احيت
أن النَّصر َّإجا هو من عند هللا وحده ،وليس من اَّالئكة ،أو ريهم ،فاأل باب
مع التَّأكيد عل َّ
جي ـ أن رخــذ هبــا اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلمون لكن جي ـ أحَّ ي ُّوا هبــا ،وأن يكون اعتمــادهم عل خــالق
ـ ـ ــبلانت مظاهر فضـ ـ ــلت عل اَّؤمن ،و َّ
أن األ ـ ـ ــباب ،حض ميدَّهم هللا بنصـ ـ ــره ،وتوفيقت ،مث ب َّ
َّب(ﷺ) اَّ رك ابل ُّ اب يوم بد ٍر إجا كان
النَّصر الَّذأ كان يف بدر ،وقتلهم اَّ رك ،ورمي الن ِ
يريب القرآن اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،ويعلِمهم احعتمــاد عليــت ،قــال تعــاىل ﴿فشـلش ْم وهبــذه ا يــة الكرميــةِ ،
اَّللش شرشم شولِيـْبلِ شي الْم ْؤِمنِ ش ِمْنت بشالشءً شح شسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـناً
ت شولش ِك َّن َّ
ت إِ ْذ شرشمْي ش تشـ ْقتـلوه ْم شولش ِك َّن َّ
اَّللش قشـتشـلشه ْم شوشما شرشمْي ش
مسيع شعلِيم ﴾ [األنفال.]17 : اَّلل شِ
إ َّن َّش
ِ
أن النَّص ـ ـ ـ ــر كان من عنده و َّ ـ ـ ـ ـ ـ بعض احلِ شكم من ذلك وَّا ب َّ -ـ ـ ـ ــبلانت وتعاىل َّ -
ك ِِ ِ ِ ِ َّ ِ ِ
س لش ش
ين شك شفروا أ ْشو يش ْكبتشـه ْم فشـيشـْنـ شقلبوا شخائب ش لشْي ش
النَّص ـ ـ ـ ـ ـ ــر .قال تعاىل ﴿ليشـ ْقطش شع طششرفًا م شن الذ ش
وب شعلشْي ِه ْم أ ْشو يـ شع ِذ شهب ْم فشَِ َّْ ،م ظشالِمو شن ﴾ [آل عمران.]128 - 127 : ِ
م شن األ ْشم ِر ششيء أ ْشو يشـت ش
يتذكروا دائماً تلك النِعمة العظيمة ،نعمةش النَّصــر يف وأمر -ــبلانت وتعاىل -اَّؤمن ،أبن َّ
بد ٍر ،وح ينسوا كيف كانت حالتهم قبل النَّصر ،قال تعاىل ﴿ شواذْكروا إِ ْذ أشنْـت ْم قشلِيل م ْستش ْض شعفو شن
ض شهشـافو شن أش ْن يـتشهطَّشفكم النـَّاس فش ـآواكم وأشيَّـ شدكم بِنشص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِرهِ ورزقشكم ِمن الطَّيِب ـ ِ
ات لش شعلَّك ْم ِيف األ ْشر ِ
ش شش ْ ش ش ش ْ ش ْ ْ ش ش
[األنفال.]26 : تش ْ كرو شن﴾
فقال لقد كانت ايوة بدر -الَّيت بدأت ،وانتهت بتدبري هللا ،وتوجيهت ،وقيادتت ،ومدده
ِ
احلق والباطل -كما يقول اَّفسـرون إ احً -وفرقاانً مبعىن أطل ،وأدق، -فرقاانً ...فرقاانً ب
وأو ع ،وأعمق كثرياً.
فارقشت.
( )1شزيَّل َّفرق .شزايشلت ش
716
إعالانً عاماً لتلرير النسان يف األرض بتقرير ألوهيَّة هللا وحده وحاكميتت ،ومطاردة الطَّوا ي ،
الَّيت ت تص ألوهيتت(.)1
ـدلول آخر ،ذلــك اَّــدلول احلق والبــاطــل مبـ ٍ ِ إىل أن قــال وأخرياً فلقــد كــانــت بــدر فرقــاانً ب
شن شري شذ ِ ِ ِ َّ الَّذأ يوحي بت قول هللا تعاىل ﴿وإِ ْذ يعِدكم َّ ِ
ات اَّلل إ ْح شد الطَّائ شفتش ْ أش،شا لشك ْم شوتشـ شوُّدو شن أ َّ ْ ش ش ش
ين لِي ِل َّق ْ
احلش َّق ِ ِ اَّلل أش ْن ِ َّق ْ ِ ِ ِ ِ
احلش َّق ب شكل شمـاتـت شويشـ ْقطش شع شدابشر الْ شكـاف ِر ش ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْوشكـ ِة تشكون لشك ْم شوي ِريــد َّ
ك ِرشه الْم ْ ِرمو شن ﴾ [األنفال.]8 - 7 : ويـب ِطل الْب ِ
اط شل شولش ْو ششْ ش ش
لقد كان الَّذين خرجوا للمعركة من اَّس ـ ـ ــلم َّإجا خرجوا يريدون ِع شري أيب ـ ـ ــفيان ،وا تنام
ت منهم قافلة أيب فيان ( ري ذات ال َّوكة)، ِ
القافلة ،فأراد هللا يم ري ما أرادوا أراد يم أن تفل ش
وأن يالقوا نفري أيب جهل (ذات ال َّ ـ ـ ـ ـ ـوكة) ،وأن تكون معركةً ،وقتاحً ،وقتالً ،وأ ـ ـ ـ ـراً ،وح تكون
قافلةً ،و نيمةً ،وِر ْحلةً مر ةً ،وقد قال هللا -ـ ـ ــبلانت -إنَّت هللاـ ـ ــنع هذا ﴿لِي ِل َّق ْ
احلش َّق شويـْب ِط شل
حقيقة كبريةٍ...
ٍ اط شل﴾ ،وكانت هذه إشارة لتقرير الْب ِ
ش
َّظرأ ِ
لللق ـاين -مب َّرد البيان الن ِ احلق ح ُّقَّ ،
وإن الباطل ح يبطل -يف ااتمع النسـ ـ ِ إن ََّّ
احلق ح ُّقَّ ،
وإن الباطل ح إن َّأبن هذا حق ،وهذا ابطلَّ ، ِ
النظرأ َّ والباطل ،وح مب َّرد احعتقاد
يبطل ،وح يذه من دنيا النَّاس ،إح أبن يتلطَّم ـ ــلطان الباطل ،ويعلو ـ ــلطان احلق ،وذلك
احلق ،ويظهروا ،ويهايم جنــد البــاطــل ،وينــدحروا ..فهــذا الـ ِـدين منهت
يتم إح أبن ي لـ جنــد ِ
ح ُّ
لب! جمرد نظر ٍية للمعرفة ،واجلدل ،أو ارد احعتقاد َّ
الس ِ حركي واقعي ،ح َّ
ِ
احلق العملي فرقاانً واقعيـ ـ ـ ـاً ب
ُّ احلق وبط ـ ـ ــل الباطل ابَّوقع ـ ـ ــة ،وكان هذا النَّصر
حق ُّولق ـ ـ ــد َّ
والباطل هبذا احعتبار ،الَّذأ أش ـ ـ ــار إليت قول هللا تعاىل يف معرض بيان إرادتت -ـ ـ ــبلانت -من
ابحلق ،ومن وراء إفـالت القافلـة ( ري ذات
الر ول(ﷺ) من بيتـت َّ
وراء اَّعركـة ،ومن وراء إخراً َّ
ال َّوكـة ) ،ولقاء الفئـة (ذات ال َّوكة).
إىل مفهومــات بعض شم ْن يقومون بــدعوة النــاس إىل هــذا الــدين! وهكــذا كــان يوم بــدر ﴿يشـ ْوشم
اَّنوعة ،ال َّاملة ،العميقة.
ان﴾ [األنفال ]41 :هبذه اَّدلوحت َّ اجلمع ِ ِ
الْف ْرقشان يشـ ْوشم الْتشـ شق ْش ْ ش
يء قش ِدير ﴾ ،مثل ح ِ
جيادل فيت اَّلل علش ك ِل ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ ويف هذا اليوم شمثشل من قدرتت عل ِ
ش كل ﴿ شو َّ ش
جمادل ،وح ميارأ فيت اا ٍر( ،)1مثل من الواقع اَّ ـهود الَّذأ ح ـبيل إىل تفسـريه إح بقدرة هللا،
كل ٍ
شيء قدير(.)2 أن هللا عل ِو َّ
األمة هللاـ ـ ــوراً م ـ ـ ـرقةً يف الوحء ،والرباء ،وجعلت خطاً فاهللا ـ ـ ـالً ب
رمست ايوة بدر ألجيال َّ
التامة ب ال ــالم ،والكفر ،وفيها اَّادأ ،واَّفاهللاــلة َّ
احلق ،والباطل ،فكانت الفرقان النَّفسـ َّـي ،و َّ ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـلابة واقعاً ِ
مادَيً ،وحقيقةً نفس ـ ـ ـ ـ ـيَّةً ،وفيها هتاوت القيم د َّس ـ ـ ـ ـ ـدت هذه اَّعاين ،فعاشـ ـ ـ ـ ــها ال َّ
اجلاهليَّة ،فالتق احبن أببيت ،واأل أبخيت
- 1كان أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة يف هللاـ ِ
ـف اَّســلم ،وكان أبوه عتبة ،وأخوه الوليد،
وعمت شيبة يف ِ
هللاف اَّ رك ،وقد قتلوا يعاً يف اَّبارزة األوىل. ُّ
الرحن يف ِ
هللاف اَّ رك . الص ِديق يف ِ
هللاف اَّسلم ،وكان ابنت عبد َّ - 2كان أبو بكر ِ
- 3كان مص ــع بن عمري حامل لواء اَّس ــلم ،وكان أخوه أبو عايياي بن عمري يف هللاـ ِ
ـف
اَّ ــرك ،مثَّ وقع أ ـرياً يف يد أحد األنصــار ،فقال مصــع ل نصـ ِ
ـارأ ش ـ َّد يدك بت َّ
فَن َّأمت
إنَّت أخي دونك ،تلك ذات متاي ،فقال أبو عايياي َي أخي! هذه وهللا ـ ـيَّتك يب؟! فقال مصـ ــع
ولإلميان فقت عظيم ،ومن هذا الفقت حينما هاجر ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) إىل اَّدينة ،هاجر إليها
مكة ،وحبِس من كان مضطهداً ،و يستطع ذلك ،فلما
كل من ا تطاي ذلك من اَّسلم يف َّ
ُّ
كان يوم بدر كان بعض هؤحء يف ِ
هللاف اَّ رك منهم عبد هللا بن هيل بن عمرو ،واحلارث
لي بن أميَّة بن ِ
بن زمعة بن األ ـ ـ ـ ـ ـ ــود ،وأبو قيس بن الفاكت ،وأبو قيس بن الوليد بن اَّ رية ،وع ُّ
خلف ،والعاص بن منبِت.
فأما عبد هللا بن ـ ـ ــهيل بن عمرو فقد احناز من هللاـ ـ ــف اَّ ـ ـ ــرك إىل ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ،
الصلابة الذين انلوا هذا ال َّر العظيم(.)4
أحد َّ
ف هد اَّعركةش ،وكان ش
ف اَّ ــرك ،وقد أهللا ــيبوا يعاً(،)5 و َّأما ا خرون فلم يفعلوا ذلك ،وش ــهدوا اَّعركة يف هللاـ ـ ِ
ين تشـ شوفَّاهم الْ شمالشئِ شكة ظشالِ ِمي أشنْـف ِس ِه ْم ِ َّ ِ ِ
فقتلوا حتت راية الكفر ،فنايل يف حقهم قولت تعاىل ﴿إ َّن الذ ش
اجروا فِ شيها اَّللِ وا ِ ـ ـ ـ ـعةً فشـتـه ِ
ض قشالوا أششْ تشك ْن أ ْشرض َّ ش ش ش ض ـ ـ ـ ـ شع ِف ش ِيف األ ْشر ِ
قشالوا فِ شيم كْنـت ْم قشالوا كنَّا م ْس ـ ـ ـ ـتش ْ
ريا ﴾ [النساء[ ،]97 :البخاري (.])4596 ك مأْواهم جهنَّم و اء ْ ِ ِ
ت شمص ً فشأولشئ ش ش ش ْ ش ش ش ش ش
من اَّع ايات الَّيت ظهرت عل يش شد ْأ ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) يف بد ٍر إخباره عن بعض اَّ يَّبات،
اطالي يم ص ـ ـ ـ ـ ـالة وال َّس ـ ـ ـ ـ ـالم -ح يعلمون ال ي ،وح ِ ومن اَّعلوم َّ
أن األنبياء -عليهم ال َّ
اَّللِ شوحش أ ْشعلشم الْ شْي ش شوحش أشقول ـيء منت ،فقد قال تعاىل ﴿ق ْل حش أشقول لشك ْم ِعْن ِدأ شخشايائِن َّ عل ش ـ ـ ـ ٍ
س قل هل يس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتش ِوأ األ ْشعم والْب ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـري أشفشالش تشـتشـ شف َّكرو شن ﴾ لشكم إِِين ملشك إِ ْن أشتَّبِع إِحَّ ما ي ِ
ش شش وح إ شَّ ْ ش ْ ش ْش ش ْ ش
[األنعام.]50 :
721
نطالي هللا لت عل اَّ يَّبات( ،)1وكان ألحداث ايوة بد ٍر نص ـ ـ ـ ـ ـ ــي من تلك اَّع ايات ال يبيَّة
منها
عن عبد هللا بن مس ــعوٍد ر ــي هللا عنت قال انطلق ــعد بن معاذ معتمراً ،قال فنايل عل
فمر ابَّدينة نايل عل ـ ـ ٍ
عد ،فقال أميَّةش بن خلف أيب هللا ــفوان ،وكان أميَّة إذا انطلق إىل ال َّ ـ ـامَّ ،
فطفت! فبينا عد يطو لسعد أح تنتظر حض إذا انتصف النَّهار ،و فل النَّاس انطلقت أميَّة ٍ
ش
إذا أبو جهل ،فقال شم ْن هذا الذأ يطو ابلكعبة؟ فقال ـ ـ ـ ــعد أان ـ ـ ـ ــعد ،فقال أبو جهل
حيا( )2بينهما ،فقال أميَّةحممداً ،وأهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــلابت؟ فقال نعم ،فشـتشالش ش
تطو ابلكعبة امناً ،وقد اويتم َّ
ترفع هللاــوتك عل أيب احلكم ،فَنت ــيِد أهل الوادأ ،مثَّ قال ــعد وهللا! لئن منعت ٍ
لســعد ح ْ
فع هللاـ ـ ـ ــوتك، ٍ
رك ابل َّ ـ ـ ـ ـام ،قال ف عل أميَّة يقول لسـ ـ ـ ــعد ح تر ْألقطعن مت ش
َّ أن أطو ش ابلبيت
فَين مسعت حممداً(ﷺ) يايعم أنَّت قاتلك، وجعل ميسـ ـ ــكت ،ف ض ـ ـ ـ ـ ـ ــعد ،فقال دعنا عنك ِ
أ؟ قــال نعم! قــال وهللا! مــا يكــذب حم َّمـد إذا حــدَّث ،فرجع إىل امرأتــت ،فقــال أمــا
قــال َّإَي ش
اليثريب؟ قـالـت ومـا قـال؟ قـال زعم أنـَّت مسع حم َّمـداً يايعم أنـَّت قـاتلي.
ُّ تعلم مـا قـال س أخي
حممد.
قالت فوهللا! ما يكذب َّ
ذكرت ما قال لك أخوك ص ـري قالت لت امرأتت أما شقال فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما خرجوا إىل بد ٍر وجاء ال َّ
اليثريب؟ قال فأراد أحَّ خيرً ،فقال لت أبو جهل إنَّك ِمن أشرا الوادأِ ،
فس ْر يوماً ،أو يوم ، ُّ
ْ ش
فسار معهم ،يوم ،فقتلت هللا[ .البخاري (.])3632
ايالل،
مكة ،واَّدينة ،ف اءينا ش عن أنس بن ٍ
مالك ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت قال كنَّا مع عمر ب َّ
ش
جـ ـ ـ إخبار العباس بن عبد املطَّلب ابملال الَّذي دفنه ،وإعالم عُمري بن وهب ابحلديث
الَّذي َح َد َ
ث بينه وبني صفوان:
ومن ذلك ل ـ ـ ـ َّـما طل ر ول هللا(ﷺ) من ِ
عمت دفع الفداء ،وأجابت العبَّاس ما ذاك عندأ
فقلت يا إن أهللا ـ ـ ـ ـبت يف
ـول هللا! فقال لت «أين اَّال الذأ دفنتت أنت ،و ُّأم الفض ـ ـ ـ ــل ،ش
َي ر ـ ـ ـ ـ ش
فرأ هذا فهذا اَّال الَّذأ دفنتت لب الفضل ،وعبد هللا ،وقثم؟» قال وهللا َي ر ول هللا! ِإين
إن هذا األمر ما علمت أحد ريأ ،و ري ِأم الفضل.
ألعلم أنَّك ر ول هللا َّ
َّب(ﷺ) ابتِ ٍ
فاق وما حدَّث بت عمري بن وه ل َّـما جاء متظاهراً بفداء ابنت ،وهو يريد قتل الن ِ
أمية ،فقد أنبأه نبأ اَّؤامرة ،فكانت ـ ـ ـ ـ ـ ــبباً يف إ ـ ـ ـ ـ ـ ــالمت ،وهللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدق إميانت.
مع هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــفوان بن َّ
[سبق خترجيه](.)2
يف ايوة بد ٍر ،ويف األحداث الَّيت ـ ــبقتها ،أراد م ـ ــرك أن يللق قيش اَّس ـ ــلم ،وطل
َّب(ﷺ) اَّوافقة عل قبولت معهم ،واحش ـ ـ اك فيما هم ذاهبون إليت ،فقال(ﷺ) «ارجع،
من الن ِ
[أمحد ( ،)149/6ومســلم ( ،)1817وأبو داود ( ،)2732والرتمذي ( ،)1558وابن فلن أ ــتع مب ــرك».
ماجه (.])2832
قال حذيفة ما منعنا أن ن هد بدراً إح ِأين وأيب أقبلنا نريد ر ول هللا(ﷺ) ،فأخذان كفَّار
قريش ،فقــالوا إنَّكم تريــدون حم َّمـداً ،فقلنــا مــا نريــده إَّجـا نريــد اَّــدينــة ،فــأخــذوا علينــا عهــد هللا
حمم ٍد(ﷺ) ،فل ـ ـ ـ ـ ـ َّـما جاوزانهم أتينا ر ول هللا(ﷺ) ، وميثاقت لتصرين إىل اَّدينة ،وح تقاتلوا مع َّ
فذكران لت ما قالوا ،وما قلنا يم فما تر ؟ قال «نســتع هللا عليهم ،ونفي بعهدهم» ،فانطلقنا
[احلاكم (.])202 - 201/3 إىل اَّدينة ،فذاك الَّذأ منعنا أن ن هد بدراً.
ب -أُسيد بن احلضري:
* * *
( )1أأ ما أطي اَّ الذين يقودهم جربيل وميكائيل ـ عليهما السالم ـ.
( )2انظر ِ
السرية النَّبويَّة حبن ه ام (.)30/3
ِ
لللميدأ (.)199/4 المي
( )3انظر التَّاري ال ُّ
السرعة.
الس أو فتلها أو كسرها ـ تقويا للتَّع ُّ من ُّ( )4رعان ـ بضم ِ
( )5انظر اَّنهت احلركي ِ
للسرية النَّبويَّة ،ص 354ـ .355
727
املبحث الثَّامن
()1
أه يم األحداث الَّيت وقعت بني غزويت بد ٍر ،وأحد
يف أعقاب ايوة بد ٍر أخذت اييبة العسـ ــكريَّة للمسـ ــلم مداها الكبري ،يف دائرةٍ وا ـ ـ ٍ
ـعة يف
أحس ــعفاء اَّ ــرك ابخلطر ،وشــعر أقوَييهم ب لبة ال ــالم ،وبدأت النُّفوس اجلاييرة العربيَّة ،و َّ
تتطلَّع إىل الميان فتو َّ ـ ـعت دائرة الدُّخول يف ال ــالم ،ورأ الكثريون أن يدخلوا يف ال ـ ــالم
ـاي جديدةٍ من اَّكر ،والتَّألُّ ، نفاقاً ،أو خديعةً وهبذا كلِت أهللا ـ ــبلت َّ
الدولة اجلديدة أمام أو ـ ـ ٍ
ـات أعــداء لكن أتييــد هللا تعــاىل ،مثَّ جهــاز أمن الـ َّـدولــة ِ
اَّتيقم أف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ملطَّطـ ِ والتَّلــالفــات و َّ
ال الم(.)2
أوالً :ال زوات الَّيت قادها رسول هللا(ﷺ) بعد بد ٍر ،وقبل أ ٍ
ُحد:
- 3غزوة ذي أمر:
ويف هذه ال ايوة أ ــلم دعثور بن احلارث الَّذأ كان ــيِداً مطاعاً ،بعد أن حدثت لت مع اية
يدأ ر ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) فقد أهللا ـ ـ ـ ــاب اَّس ـ ـ ـ ــلم يف هذه ال ايوة مطر كثري ،فابتلَّت ثياب
ْ عل
ف ،وا ـ ـ ــتطاي دعثور أن ينفرد بر ـ ـ ــول
ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ،فنايل حتت ش ـ ـ ـ رة ،ون ـ ـ ــر ثيابت لت َّ
هللا(ﷺ) بس ـ ــيفت ،فقال َي حممد ! من مينعك م ِ اليوم ؟ قال هللا .ودفع جربيل هللا ـ ــدره ،فوقع
ال َّسـيف من يده ،فأخذه ر ــول هللا(ﷺ) ،فقال من مينعك م ِ ؟ قال ح أحد! وأان أشــهد أح
أن حممداً ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا ،وهللاِ ح أكثر عليك عاً أبداً ! فأعطاه ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ)
إلت إح هللا ،و َّ
يفت ،فل َّـما رجع إىل أهللالابت قالوا ويلك ! ما لك؟ فقال
رجل ٍ
طويل ،فدفع هللا ـ ـ ــدرأ ،فوقعت لظهرأ ،فعرفت أنَّت شملشك ،وشـ ـ ـ ــهدت َّ
أن نظرت إىل ٍ
حممداً ر ـ ـ ـ ــول هللا ،وهللاِ ح أكثر عليت عاً وجعل يدعو قومت إىل ال ـ ـ ـ ــالم[ .البيوقي يف الدالئل
َّ
(.)2(])169 - 168/3
- 4غزوة ََْبران(:)3
ب(ﷺ) يفالسنة الثالثة لله رة ،وقد خرً النَّ ُّ كانت هذه ال ايوة يف شهر اد األوىل من َّ
حض بل شْحبرا شن ب َّ
مكة ،واَّدينة ،يريد قتال ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلشيم ،فوجدهم قد َّ ٍ
ثالشئة من اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم
ش
َّب(ﷺ) يف ـ ــوقهم ابَّدينة ،ونص ـ ــلهم ،ودعاهم إىل ال ـ ــالم ،وح َّذرهم أن وقد عهم الن ُّ
يصـ ــيبهم ما أهللاـ ــاب قري ـ ـاً يف بد ٍر( )6ري َّأ،م واجهوا النَّب(ﷺ) ابلت ِ
َّلدأ ،والتَّهديد ،ر م ما َّ
يف ض أن يلتايموا بت من الطَّاعة ،واَّتابعة لبنود اَّعاهدة الَّيت جعلتهم حتت رائ ـ ــتت ،فقد جاهبوه
بقويم «َي حممـد! ح ي رنـَّك من نفس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك أنـَّك قتلـت نفراً من قريش كـانوا أ مـاراً ،ح يعرفون
لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما انتصــر اَّســلمون يف بد ٍر ،وقال ر ــول هللا(ﷺ) لليهود ما قال أ ــمرت بنو قينقاي
نقض العهد الَّذأ بينهم وب اَّسـ ــلم ،وأخذوا يتليَّنون الفرهللاـ ــة ال َّس ـ ـاحنة َّناوشـ ــة اَّسـ ــلم ،
حض جاءهتم فرهللاــتهم احلقرية الدَّنيئة عندما جاءت امرأة من العرب ِقشلش ٍ ( )1يا ،فباعتت بســوق َّ
يهودأ ،ف علوا يريدو،ا عل شك ْ ـ ـ ـ ـف وجهها ،فأبت ،فعمد ٍ ب قينقاي ،وجلس ـ ـ ــت إىل هللا ـ ـ ــائ ٍ
صـ ـ ـائ إىل طر ثوهبا فعقده إىل ظهرها ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما قامت انك ـ ــفت ش ـ ـ ـ ْوءشهتا ،فض ـ ــلكوا هبا،
ال َّ
ص ـائ فقتلت -وكان يهودَيً -وشـ َّـدت اليهود عل
فصــاحت ،فوث رجل من اَّســلم عل ال َّ
اَّس ــلم ،فقتلوه ،فا ــتص ــر أهل اَّس ــلم اَّس ــلم عل اليهود ،ف ضـ ـ اَّس ــلمون ،فوقع ال َّ ـ ـُّر
بينهم ،وب ب قينقاي(.)2
فل علم ر ــول هللا(ﷺ) بذلك ،ــار إليهم عل رأس ٍ
جيش من اَّهاجرين ،واألنص ـ ـار،
وذلك يوم ال َّس ـ ـ ـ ـ ـبت للنِصـ ـ ـ ـ ــف من شـ ـ ـ ـ ـ َّـوال من ال َّس ـ ـ ـ ـ ـنة الثَّانية لله رة( ،)3وكان الَّذأ حل لواء
ٍ
يومئذ حاية بن عبد اَّطل ر ـ ــي هللا عنت ،وا ـ ــتهلف(ﷺ) عل اَّدينة أاب لبشابشةش بن اَّسـ ــلم
طس شع ْ ـ ـشرشة
َّب(ﷺ) ش
صـ ـنوا يف حص ــو،م ،فلاهللا ــرهم الن ُّ
مبقدمت(ﷺ) حت َّ
وح علم اليهود ش
()3
الرع ،وا ــطروا
حض قذ هللا يف قلوهبم ُّ ـتمر احلص ــار َّ
ليلةً -كما ذكر ابن ه ــام ، -وا ـ َّ
للنُّايول عل حكمت هللا ـ ـ ــل هللا عليت و ـ ـ ــلم ،فقد فاجأهم(ﷺ) أب ـ ـ ــلوب احلصـ ـ ـ ــار ،فأربكهم،
مدد ،و َّد حركتهم ،فعاش ـوا يف ـ ٍن اَّا كل ٍوأوقعهم يف حريةٍ من أمرهم بعد أن قطع عنهم َّ
الصرب ،فبعد أن كانوا ِ
يهددون ر ول هللا(ﷺ) َّ ،
وأب،م جعلهم يف النِهاية ييأ ون من اَّقاومة ،و َّ
قوم خيتلفون أب ـ ـ ـ ـاً ،وشـ ـ ـ ـ َّـد ًة عن م ـ ـ ـ ــركي قريش ،إذا هبم يضـ ـ ـ ــطرون للنُّايول عل حكم ر ـ ـ ــول
هللا(ﷺ) ( ،)4فأمر هبم ،فربطوا ،فكانوا يكتَّفون أكتافاً ،وا ـ ــتعمل ر ـ ــول هللا(ﷺ) عل كتافهم
لمي األو َّي(.)5
الس َّ
اَّنذر بن قدامة َّ
- 3مصري يوود بين قينقاع:
حــاول ابن ـ ـ ـ ـ ـ ــلول زعيم اَّنــافق أن ـ َّـل حلفــاءه ِم ْن و شاثقِ ِهم ،فعنــدمــا َّ
مر عليهم قــال
حلُّوهم ،فقال اَّنذر أحتلُّون قوماً ربطهم ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ؟! وهللا ح لُّهم رجل إح ش ـ ـ ـ ـ ـشربْت
عن شقت( ،)6فا ــطر عبد هللا بن أ ِيب بن ــلول أن ي اجع عن أمره ،ويل أ إىل ا ــتصــدار األمر من
اس -وكانوا شح ِس ـ ـ ْن يف مو َّ
ـول هللا(ﷺ) ،فقال َي حممد! أ ْ
َّب(ﷺ) ِ
بفك أ ـ ــرهم( ،)7فأت ر ـ ـ ش الن ِ
فهلَّ ر ــول هللا(ﷺ) ــبيلشهم ،مثَّ أمر نجالئهم ،و نم ر ــول هللا(ﷺ) واَّســلمون ما كان
حممد بن مسـ ــلمة ر ـ ــي هللا عنت( ،)4وحاول
توىل ع أموايم ،وإحصـ ــاءها َّ لديهم من ٍ
مال ،وقد َّ
قرهم يف دَيرهم ،فوجدـول هللا(ﷺ) يف يهود ب قينقاي لكي ي َّ ابن أيب بن ــلول أن ِدث ر ـ ش
فرده عو ،وقال ح تدخل ح َّض
األنصارأ األو َّيَّ ،
َّ عل ابب ر ول هللا(ﷺ) عو بن اعدة
رذن ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) لــك ،فــدفعــت ابن أ ٍيب ،ف لَّم عليــت عو َّ ،
حض شج شلش( )5وجــتش ابن أ ٍيب
اجلدار ،فسال الدَّم(.)6
الصامت منوم:
- 4تربيؤ عبادة بن َّ
ِ
لللميدأ (.)32/5 ( )1انظر التَّاري ال المي ،
( )2انظر ِ
الصراي مع اليهود ،أليب فارس (.)148/1
اَّطهرة ( 282/1ـ .)283
السنَّة َّ
( )3انظر اليهود يف ُّ
736
ابلرحيل ،والجالء ،وطلبوا التنفُّس ،فقال يم وح ـ ـ ـ ـ ــاعةً من ،ا ٍر ،لكم ثالث
وأخذهم عبادة َّ
ح أزيد عليها ،هذا أمر ر ول هللا(ﷺ) ،ولو كنت أان ما نفَّستكم ،فل ـ ـ ـ ـ َّـما مضت ثالث ،خرً
حض ــلكوا إىل ال َّ ـام ،وهو يقول ال َّ ـر األبعد ،األقصـ ،فاألقصـ ،وبل خلف
يف آاثرهم َّ
ٍ
أبذرعات(.)1 ُّ
الذابب مثَّ رجع ،وحلقوا
ـالحهم ،وتركوا أموايم نيمةً وهكذا خرً بنو قينقاي من اَّدينة هللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا رين ،قد أل شقوا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ش
أشدهم أب اً ،وأكثرهم عدداً وعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـد ًة ولذلك للمسلم ،وهم كانوا من أش ع يهود اَّدينة ،و ِ
يقل عن خطر الَّذين ي ـ شـهرون ال ُّسـ ـيو لقتال اَّس ــلم ـ عل الفتنة ح ُّ إن خطر ِ
اَّر َّ
ـ ـ ـ ــون َّا قامت الفتنة لذلك أخذ ر ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) يتتبَّع هؤحء اَّ ِر ـ ـ ـ ـ ـ ، إذ لوح هؤحء ِ
اَّر
لللق ،وقد قشتل منهم خلقاً بعد موقعة بد ٍر( ،)3ومنهم
ويقتلهم إطفاء لنار الفتنة ،وَتكيناً ِ
ً
أ -عصماء بنت َم ْروان:
طمي
دأ اخل ُّ َّب(ﷺ) ،وتعي ال الم ،فقد أقدم ع شم ْري بـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ع ٍ الَّيت كانت ِ
حترض عل الن ِ
عما إذا كـ ـ ــان عليـ ـ ــت
ر ي هللا عنـ ـ ــت عل قتلها ،وح أل النَّبيَّصل هللا عليت و لم بعد ذلـ ـ ــك َّ
َّب(ﷺ) «نصرت هللا ور ول ـ ـ ـ ــت َي عمري!» ،مثَّ قال «ح ينتط فيها عنايان»
شيء ؟ قال لت الن ُّ
ِّ
اليوودي: ب -مقتل أب ٍ
عفك
كان أبو عفك ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيهاً كبرياً من ب عمرو بن عو ،وكان يهودَيًِ ،رض عل ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول
لايب
ص ـ ـ ـ ُّ هللا(ﷺ) ويقول ال ِ ـ ـ ـعر ،فقال ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) «من س هبذا اخلبيث؟» فهرً لت ال َّ
ا بن ع شم ٍْري ،فقتلت(.)2
اَّر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ عل الدَّولة ما ب بد ٍر ،وأ ٍ
حد هو مقتل كع بن ٍ
حدث يف تص ـ ـ ـ ـ ـ ــفية ِ أهم
و ُّ
األشر .
ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِل ابحلششرِم
ت َّأم ال شف ْ وات ِرك أشنْـ ـ شش ت شْ شْحتل ـ ـ ـ ْل ِمبشْنـ شقبشـ ـ ـ ٍة ِ
أش شذاه ـ ـ ـ أشنْـ ـ ـ ش
ِ ()6
ِم ْن ِذأ ال شقوا ِريْ ِر واحلِنَّاء وال شكتشم رتصـ ْ صـر انْـ شع ش
ِ
هللاـ ْفشراء شراد شعة لش ْو تـ ْع ش
ش
ت شك ْعباً ِم شن ال َّس ـ شق ِم شولش ْو تش ش ـاء شش ـ شف ْ إ ْح ـ شد بشِ شع ـ ِام ٍر شه ـ شام الفؤاد هبــا
ِ ُّ ِ ()7
ت لشـ ــنشا ِيف لشْيـلشة الظلشم شح َّض تشـ ــبش َّد ْ ت شْ أ ششر شطْ شس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً بِلشْي ٍل قشـْبـلش شها طشلش شع ْ
كانت احلرب العالميَّة اليت ششـ ـنَّها ح َّسـ ـان ـ َّـد كع بن األش ــر ،قد حققت أهدافها
حسان بن اثبت ر ي هللا عنت يف ِ
الرد عل كع بن األشر وهذه بعض األبيات الَّيت قايا َّ
َّعاً حش يش ْس ـ ـ ـ ـ شمع؟ ِ أبـ ـ ـ ـ ـ ـ شك لِ شكع ٍ مثَّ ع َّل( )3بِعربةٍ
اش جمشد ش
مْنت شو شع ش ش ْش ْ ش
قشـْتـلش تشس ـ ـ ـ ُّ شيشا العيون وتش ْد شمع شولششقـ ـ ْد رأشيْـ ـت بِبشطْ ِن بشـ ـ ْد ٍر ِمْنـهم
ِش ـْبتش الكلشْي ِ إِ شىل الكلشْيب ِة يشـْتـبشع ت شعْب شداً شرا ِ ـعاً ِ
فشابْك فشـ شق ْد أشبْ شكْي ش
وأ ششها شن قشـ ْوماً شقاتشـلوه شوهللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِرعوا الر ْح شن ِمنَّا ش ـ ـ ـ ـيِداً
شولشقد ششـ ـ ـ ـ شف َّ
()4
صـ ـدَّي ِ ِِ ِ ت ِمْنـهم شم ْن قشـ ْلبـ ـ ـت
ششـ ـ ف يشظش ُّل خلشْوفت يشـتش ش شوشُـ ـ ـا وأفْـلشـ ـ ـ ش
قال «قل».
الرجل قد ــألنا هللاــدقةً ،وإنَّت قد شعنَّاان(ِ ،)4
وإين قد حممد بن مســلمة( )3فقال َّ
إن هذا َّ فأاته َّ
أتيتك أ ــتس ــلفك ،قال وأيض ـ ـاً وهللا لشتش شملُّنَّت! قال َّإان قد اتَّبعناه ،فال حن ُّ أن ندعت َّ
حض ننظر
إىل أأ شيء يصري شأنت ،وقد أردان أن تسلفنا شو ْ قاً ،أو شو ْ شق .
أشم رأ ك؟
قال ما رأيت كاليوم ر اً! -أأ أطي -أأتذن س أن َّ
أشم أهللالابت ،مثَّ قال أأتذن س؟
قال نعم! ف َّمت ،مثَّ َّ
[البخاري َّب(ﷺ) ،فأخربوه.
قال نعم ،فل ـ َّـما ا تمكن منت ،قال دونكم فقتلوه ،مث أتشوا الن َّ
( ،)4037ومسلم (.])1801
حممد بن مس ــلمة مكث ثالثة أَيم بعد أن ا ــتعد أن َّ وجاء يف ال ِس ـ ـرية النَّبوية حبن ه ــام َّ
لقتل كع بن األش ـ ـ ـ ــر ،ح ركل ،وح ي ـ ـ ـ ــرب إحَّ ما يـ ْعلِق بت نف شسـ ـ ـ ـ ـت ،فذكِشر ذلك لر ـ ـ ـ ــول
هللا(ﷺ) ،فدعاه ،فقال لت «ِش تركت الطَّعام وال َّ راب؟».
حممد بن مسلمة ،و ِ لْ شكان بن المة بن وقش ،وهو أبو انئلة ،أحد ب عبد األشهل
أن الَّذين قاموا بقتلت طسة نف ٍر ،هم َّ ( )1ويف كت ِ
السرية َّ
الر اعة ،وعبَّـاد بن ب ر بن وقش ،أحد ب عبد األشهل ،وأبو شعْبس بن جرب ،أحد ب حارثة ،هؤحء ،وكان أخا كع بن األشر من َّ
ليلدث كع بن األشر . ِ قدَّموا أاب انئلة
743
فقال َي ر ول هللا! قلت لك قوحً ح أدرأ هل أشفِ ش َّ لك بت ،أم ح؟!
دروس وعربٌ:
ٌ
َّب(ﷺ) يف تعاملت مع َّ
إن يف مقتل كع بن األشــر ،درو ـاً ،وعرباً ،وفوائد يف فقت الن ِ
الدولة ال ــالميَّة ،فقد اتَّض ـ َّ
أن عقوبة النَّاقض للعهد القتل ،وهذا خصــوم ال ــالم ،و َّ
ـول(ﷺ) ،ويؤذيت هب ٍاء ،أو اه ِد الَّذأ يش ْ ـتم َّ
الر ـ ش َّب(ﷺ) ،وعقوبة اَّ شع شما حكم بت الن ُّ
الر ــول(ﷺ) ريه هي القتل ،وهذا ما كان حبن األش ــر ،ويؤخذ من هذا َّ
أن ش ــاذ َّ
ض ـ ـ ـرب عنقت عقوبةً لت ،وقد أجاد ش ـ ــي ال ـ ــالم ابن
ـ ـ ـواء أكان معاهداً ،أو ريه ،ت ْ
تيميَّة يف تفص ـ ـ ـ ـ ـ ــيل هذه األحكام ،يف كتابت القيِم «الص ـ ـ ـ ـ ـ ــارم اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلول عل شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاذ
الر ول(ﷺ) ».
َّ
ْم قد َّ
أن احلك ش ِ
ابليهودأ ابن األش ـ ـ ـ ـ ـ ــر يؤخذ من طريقة تنفيذ حكم َّ
الر ـ ـ ـ ـ ـ ــول(ﷺ)
ويتأكد هذا إن كان ي تَّ عل العامة للمس ـ ــلم أن يـنشـفَّذ ـ ــراًَّ ،
تقتض ـ ــي اَّص ـ ــللة َّ
صـ ـ ـ ـورة ال ِسـ ـ ـ ـ ِريَّة ،فتنة ،أو خطر قد يكلِف اَّس ـ ـ ــلم ابهظاً( .)1وقد
تنفيذه ب ري هذه ال ُّ
الدولة ال ـ ــالميَّة ،ح ص ـ ـورة َّ
أن مواجهة الكفَّار أعداء ال ـ ــالم ،وحماريب َّ بيَّنت هذه ال ُّ
كل ٍ
عمل حتص ـ ـ ـ ــل بت يتعد ذلك إىل ِ
وإجا َّ يقتص ـ ـ ـ ــر عل مواجهتهم يف ميدان اَّعاركَّ ،
رجل لت دوره البارز يف حرب ٍ النِكاية ابألعداء ما يكن إشاً ،وقد يوفِر القض ـ ـ ـ ــاء عل
( )1انظر ِ
الصراي مع اليهود ،أليب فارس (.)115/1
744
اَّسلم جهوداً كبرية ،وخسائر فادحةً يتكبَّدها اَّسلمون.
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ شو ( )1أجسـ ـ ـ ـ ـ ــامهم ،وتشـ ْايشهق إن أهللاـ ـ ـ ـ ـ ــلاب الدَّعوات ،يؤثِرون أن َّ
تندق أعناقهم ،وأن تش ْ َّ
أرواحهم عل أن ي اجعوا عن كلمــاهتم وعهودهم ومواثيقهم يس ـ ـ ـ ـ ـ ــتعــذبون اَّوت والعــذاب يف
بيل عقائدهم وإ المهم(.)2
يف قول ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) « َّإجا عليك اجلش ْهد» [س ـ ــبق خترجيه]( )3توجيت نبوأ كر ،وهو
ك ِم ْن ص ـ ـ ـ ـ ـرب عند احبتالء ،قال تعاىل ﴿تِْل ش أن النصـ ـ ـ ـ ــر ح رل إح بعد بذل اجلش ْه ِد ،وال َّ َّ
هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـِ ْرب إِ َّن ك ما كْنت تشـعلشم ها أشْنت وحش قشـوم ش ِ ِ ِ ِ
ك م ْن قشـْب ِل شه شذا شفا ْ أشنْـشباء الْ شْي ِ نوح شيها إلشْي ش ش ش ْ ش ش ش ْ
َّق ش ﴾ [هود.]49 : الْعاقِبةش لِْلمت ِ
ش ش
وطاقة جس ــميَّ ٍة يف ــبيل حتقيق فكرأٍ ، جهد ٍكل ما يف و ـ ـعِ ِت من ٍ وعل اَّس ــلم أن يـ شف ِرغ َّ
ْ
ما وعد ،مثَّ يتوَّكل عل هللا بعد ذلك يف النتائت(.)4
ويف قولت(ﷺ) «قولوا ما بدا لكم» [س ـ ـ ـ ـ ــبق خترجيه] فقت نبوأ كر ،فقد قالوا كالماً
()5
اَّؤهل ألن يفتوا فيها ،خص ـ ـ ـ ـوهللا ـ ـ ـ ـاً يف الظُّرو هناك بعض القض ـ ـ ــاَي حتتاً ألهل الفتو َّ
أل،ا حتتاً إىل اح ـ ـ ـ ــتثنائيَّة ،واحلاحت اح ـ ـ ـ ــطراريَّة ،ويف اَّكات ال ِسـ ـ ـ ـ ـيا ـ ـ ـ ـ ـيَّة ،والعس ـ ـ ـ ــكريَّة َّ
ـان ،فاألحكام األهللاـ ـ ـ ـليَّة ليس ـ ـ ــت كل إنس ـ ـ ـ ٍ اَّوازانت ،والفتاو اح ـ ـ ــتثنائيَّة الَّيت ح يس ـ ـ ــتطيعها ُّ
وإجا األحكام اح ـ ــتثنائيَّة الَّيت تقتض ـ ــيها الظُّرو اح ـ ــتثنائيَّة حتتاً إىل علماءش رابنيِ ،
جمهولةًَّ ،
وفقهاءش را ه ،يم القدرة عل فهم مقاهللاد ال َّ ريعة ،وواقعهم الَّذأ يعي ون فيت(.)2
ويف قولت(ﷺ) «قولوا ما بدا لكم» فقت عظيم يو ِ ـلت قولت(ﷺ) «احلرب شخ ْد شعة»
[البخاري ( ،)3029ومسلم (.)3(])1740
قولت(ﷺ) «انطلقوا عل ا ـ ـ ـ ـ ـ ــم هللا ،اللهم أ ِ
شعْنهم!» [سـ ـ ـ ـ ــبق خترجيه] كان يذا التَّذكري
ابلخالص يف اجلهاد «انطلقوا عل ا ـ ـ ـ ــم هللا» والدُّعاء يم ابلتَّوفيق ،والعون «اللَّهم
قوة ابنللمعنوَيت ،فلم يعبؤوا ب َّ
َّ أعنهم!» ك ـ ُّـل ذل ــك ك ــان ح ــافاياً عل الثَّب ــات ورافعـ ـاً
الر ــول(ﷺ) ربَّت وم ْن حولت من النَّاس َّ
أل،م ا ــت ــعروا معيَّة هللا يم ،ودعاء َّ األشــر ،ش
نعانتهم ،وحتقيق مسعاهم.
َّبوأ األخذ قميع األ ـ ـ ــباب ِ
اَّاديَّة ،والتَّهطيا ال َّسـ ـ ـ ـديد ،وح ينسـ ـ ـ ـ ونللم يف ايدأ الن ِ
جان الدُّعاء الن ِ
َّبوأ الكر ،فَ،م ي فلوا األ ـ ـ ــباب اَّوهللا ـ ـ ــلة هبم إىل ُا مقص ـ ـ ــودهم َّ
ألن
السنَّة وفقهها ِ
السرية النَّبوية ( 537/2ـ .)538 ( )1انظر األ اس يف ُّ
( )2اَّصدر السابق نفست.
ُّم اخلاء ،وفت م اخلاء ،وإ كان الدَّال ،والثَّالثة دعة فيها ثالث ل ات م هورات ،أفصلهن فت اخلاء ،وإ كان الدَّال ،والثَّانية ( )3شخ ش
الدَّال.
747
()1
اَّســلم مأمور ابجلمع ب التوُّكل عل هللا تعاىل ،واألخذ ابأل ــباب الَّيت شــرعها هللا ــبلانت
ولذلك كانت خطَّة َّ
حممد بن مسلمة مع إخوانت حمكمةً ،وأتقنوا فقت نَّة األخذ ابأل باب ،فقد
كانت األ باب الَّيت اعدت عل ُا اخلطَّة ،كالتاس
َّ
اطمأن -و ِدثت عن حاجتت حض أخرً كعباً من حص ـ ــنت ،وظلُّوا يتلدَّثون ـ ــاعةًَّ ،
حض
إليهم ،وكان ذلك من ـ ـ ـ ـ ــبل التَّوفيق ،ولو بقي أولئك هناك لرمبا ك ـ ـ ـ ـ ــف األمر فلديثهم معت
عل انفر ٍاد كان يف اية التوفيق.
أأ ٍ
وقت -أخذ اَّوعد من كع بن األشر كان إحكاماً يف اخلطَّة حبيث َّ
يتسىن يم يف ِ
من اللَّيل أن رتوه ،ويطرقوا عليت الباب دون أن ي َّ
ك فيهم ،ويف نيَّتهم.
وحممد بن مسـ ــلمة جعلت خيرً يف ٍ
وقت ح خيرً فيت -اطمئنان ابن األش ــر إىل أيب انئلةَّ ،
عدو عل ح َِّرة ،و ٍ
فلة(.)2 حتسباً لقتال ٍ
النسان من بيتت عاد ًة ُّ
ِ
لللميدأ (.)56/5 ( )1انظر التَّاري ال المي
( )2انظر ِ
الصراي مع اليهود (.)122/1
748
-إن خطَّة إبعاد ابن األشر عن بيتت ،إىل مك ٍ
ان خيلو بت فيت دون رقي ٍ ،أو نص ٍري كانت
موفَّقةً.
-ا تدراً أيب انئلة حبن األشر ،وطُّت طي رأ ت ،وإمساكت ب ش ْع ِرهِ لي َّمت ،كان موفقاً،
وتشـ ْق ِد شمةً ليمسـ ـ ــك هبذا َّ
الرأس اخلبيثَّ ،
ويتمكن منت ،لتكون الفرهللاـ ـ ــة ـ ـ ــاحنةً لتنفيذ حكم هللا يف
اليهودأ اللَّع (.)1
ِ هذا
وقام هؤحء اَّ اوير( )3بتنفيذ أدوار اخل طَّة اَّكمة ،الَّيت اتَّفقوا عليها ،وأدركوا مقص ـ ـ ـ ـ ـ ــودهم
األمس ،ور ــول هللا(ﷺ) معهم نحســا ــت الكبري ،وم ــاعره الفيَّا ــة ،فقد كانوا يقومون بتنفيذ
توىل قيادهتا العليا ابحتِصــال ابهلل تعاىل ،ودعائت
العمليَّة بعقويم ،وأجســامهم ،ور ــول هللا(ﷺ) ي َّ
يم ابلنَّصر والعانة(.)4
انت ر خرب مقتل ابن األشر يف اَّدينة ،فأ ري أحبار اليهود إىل ر ول هللا(ﷺ) ي تكون
أكد مقتلت ،الَّذأ كان نتي ةً
َّب(ﷺ) هبم بل َّ
و ت ُّ ون عل ما فعلت أهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــلابت ،فلم شْ شف ِل الن ُّ
الرع يف نفوس اليهود يعهم ،فلم يعد أحد
حتميَّةً َّوقفت اَّعادأ ،وقد أوقعت هذه احلادثة ُّ
من عظمائهم جيري عل اخلروً من حص ـ ـ ـ ـ ـ ــنت ،كما يعد أحد من يهود اَّدينة إح وخيا عل
لياس ،مثَّ خطبها ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ،فأنكلتها َّإَيه ،فلقي أبو بك ٍر ،فقال لعلَّك
فلبثت ش
علي حفصة ،فلم أرجع إليك شيئاً؟
ت َّ علي ح عر ش
وجدت َّ
علي ،إح ِ
ـت َّ
مينع أن أ ْشرج شع إليك فيما عر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ش
قال عمر قلت نعم ،قال أبو بكر فَنَّت ْ
ـكت ،فقال «لعلك جئت فقال ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) «ما جاء بك؟ ألك حاجة؟» فسـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ
ـيء تس ــتللُّها بت؟» فقلت ح وهللا َيهط فاطمة؟» فقلت نعم! فقال «وهل عندك من ش ـ ٍ
ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا! فقال «ما فعلت ِد ْري ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلَّ ْلت شكها؟ فوالذأ نفس ٍ
علي بيده! َّإ،ا شحلطش ِميَّة( )1ما
قيمتها أربعة دراهم» ،فقلت عندأ ،فقال «قد زوجتكها ،فابعث إليها هبا ،فا ـ ـ ـ ـ ــتللَّها هبا»
جهاي ر ول بنت ر ول هللا(ﷺ) [البيوقي يف الدالئل ( )2(])160/3وقد َّ فَ،ا كانت لشصداق فاطمةش ِ َّ
ش
ٍ ()4 ِ (ِ )3
إذخر( )5ر ي هللا عنها(.)6 هللا(ﷺ) فاطمة يف شط ٍيل ،وق ْربشة ،وو ادة أ ششدم ،ح وها ْ
وهكذا كانت حياهتم يف اية البس ـ ـ ــاطة بعيدةً عن التعقيد ،وهي إىل ش ـ ـ ــظف العيش أقرب
َّبوأ يف تربية أهل بيتت ،وأقرابئت ،فلقد أخفقت مسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعي ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيدة
وهكذا كان ايدأ الن ُّ
ص ـالة والســالم
ب يريد -عليت ال َّ َّ
وعلي ر ــي هللا عنهما لللصــول عل خادم ألن ال َّس ـ ْ ش
فاطمةٍ ،
هللاـة ر ــول صـفَّة الَّذين َّ
يتلوون من اجلوي ،فهم أيضـاً من خا َّ -أن يبيعت ،وينفق شنت عل أهل ال ُّ
***
األول
املبحث َّ
أحداث ما قبل املعركة
قال اب ــن إ لاق «َّا أهللاي يوم ب ــد ٍر من كف ــار قريش أهللالاب ال شقلي ،ورجع فشـلُّهم إىل
مكةش ،ورجع أبو ــفيان بِعِ ِريهِ ،فأوقفها بدار النَّدوة -وكذلك كانوا يصــنعون ،-فلم ِركها ،وحَّ
عبد هللا بن َّفرقها ،فطابت أن ـ ـ ــفس أشرافهم أن ِ
جيهايوا منها جي اً لقتال ر ول هللا(ﷺ) ،م
العاي ،وهللا ـ ـ ــفوان بن
أيب ربيعة ،وعكرمة بن أيب جهل ،واحلارث بن ه ـ ـ ــام ،وحويط بن عبد َّ
أميَّة يف ٍ
رجال من قريش اَّن أهللاــي اابيهم ،وأبنايهم ،وإخوا،م يوم بد ٍر ،فكلَّموا أاب ــفيان بن
حممداً قد
إن َّ ٍ
حرب ،ومن كانت ل ـ ـ ـ ــت يف تل ـ ـ ـ ــك العري من قري ـ ـ ـ ــش دارة ،فقالوا َي مع شر قريش! َّ
وتشـشرك ْم( ،)3وقتل خياركم فأعينوان هبذا اَّال عل حربت ،فلعلَّنا ندرك منت أثران مبن أهللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب منا،
فقال أبو فيان أان أول من أجاب إىل ذلك»(.)4
ي:
السبب االقتصاد ي
َّ - 3
ش ،وفر ت الدولة ال الميَّة ،قد أثَّرت عل اقتصاد قري ٍ السراَي الَّيت تقوم هبا َّ
كانت حركة َّ
ص ـيف رحلة اَّك ُّي قائماً عل رحليت ال ِ ـتاء ،وال َّ
عليهم حص ــاراً اقتص ــادَيً قوَيً ،وكان احقتص ــاد ِ
الصيف إىل ال َّ ام ،حتمل إليها ال ِ تاء إىل اليمن ،وحتمل إليها بضائع ال َّام ،وحماهللايلها ،ورحلة َّ
الرحلت ــر لل نا ا خر َّ
ألن دارشهتم أحد جناحي هات ِ حماهللاــيل اليمن ،وبضــائعها ،وقشطْع ِ
لع ال َّام(.)2 لع اليمن ،ودارهتم إىل اليمن قائمة عل إىل ال َّ ام قائمة عل
ب شه شذا
ف فشـ ْليشـ ْعبدوا شر َّ ش إِيالشفِ ِه ْم ِر ْحلشةش ال ِ ـ ـ ـتش ِاء شوال َّ
صـ ـ ـْي ِ قال تعاىل ﴿ ِليالش ِ قـشريْ ٍ
خو ٍ ﴾ [قريش. ]4 - 1 : ِ ت الَّ ِذأ أشطْ شع شمه ْم ِم ْن ج ٍ
وي شو شآمنشـه ْم م ْن ش
الْبـي ِ
شْ
وي ـ ــري إىل هذا قول هللا ـ ــفوان بن أميَّة « َّ
إن حممداً ،وأهللا ـ ــلابت قد عوزوا علينا متاجران ،فما
الساحل ،قد وادعهم( ،)3ودخل َّ
عامتهم معت ،فما ندرأ كيف نصنع أبهللالابت ،وهم ح يربحون َّ
ندرأ أين نس ـ ـ ـ ـ ـ ــلك ،وإن أقمنا أنكل ريوس أموالنا ،وحنن يف دَيران هذه ،ما لنا هبا بقاء ،و َّإجا
نايلناها عل التِ ارة إىل ال َّام يف الصيف ،ويف ال ِ تاء إىل احلب ة»(.)4
ياسي:
الس يالسبب ِّ
َّ - 4
أخذت ـ ــيادة قريش يف اح،يار بعد ايوة بد ٍر ،وتايعايي مركايها ب القبائل بوهللاـ ــفها زعيمةً
ٍ
جهود ،وم ـ ٍ
ـال ي ــا ،فال ب ـ َّـد من ِرد احعتب ــار ،واحلف ــا عل زع ــامته ــا مهم ــا كلَّفه ــا األمر من
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام (.)79/3
( )2انظر ايوة أحد درا ة دعويَّة ،ص .74
( )3وادعهم أأ هللااحلهم ،و اَّهم.
( )4انظر اَّ ازأ ،للو ِ
اقدأ ( 195/1ـ .)196
756
و لاَي.
أهم األ ــباب الَّيت جعلت قري ـاً تبادر إىل اَّواجهة العس ــكريَّة ـ َّـد َّ
الدولة ال ــالميَّة هذه ُّ
ابَّدينة(.)1
اثنياً :خروج قريش من َّ
مكة إىل املدينة:
ا ـ ـ ــتكملت قريش قواها يف يوم ال َّس ـ ـ ـبت ،لس ـ ـ ــبع خلون من ش ـ ـ ـوال ،من ال َّس ـ ـ ـنة الثَّالثة من
اَّكون من ثالثة اح مقاتل ،مس ــتص ــلب معهم النِس ــاء ،والعبيد، شت جي ــها َّوعبَّأ ْ
()2
اي رة ،ش
حبدها ،وحديدها وأحابي ـ ـ ـ ـ ـ ــها( ،)3ومن ومن تبعها من القبائل العربيَّة اااورة ،فهرجت قريش ِ
شْ
يفروا.
التماس احلفيظة لئال ُّ
ش تبعها من كنانةش وأهل هتامة ،وخرجوا ابلظُّعن(،)4
فهرً أبو ــفيان -وهو قائد النَّاس ٍ -
هبند بنت عتبة بن ربيعةش( ،)5وخرً هللاــفوان بن أميَّة
أبم حكي ٍم بنت احلارث بن ـعود الثَّقفية ،وخرً عكرمة بن أيب جهل ِ بن خلف بِربزشة بنت مس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
ش ْش
ه ـ ـ ـ ــام بن اَّ رية ،وخرً احلارث بن ه ـ ـ ـ ــام بن اَّ رية بفاطمةش بنت الوليد بن اَّ رية( ،)6فأقبلوا
السبهة من قناة ،عل شفري الوادأ اَّا يلي اَّدينة(.)7
حض نايلوا ببطن َّ
َّ
عاية عمرو بن عبد توىل كِ ْ شربشها أبو َّ
كانت التَّعبئة القرش ـيَّة قد ــبقتها حلة إعالميَّة ــهمةَّ ،
الايبعر ،وقـد َّ
حققــت نتــائت كبريًة(،)8 اَّهايومي ،وابن ِ
ُّ هللا اجل شم ِل ُّي ،وعمرو بن العــاص ،وهبرية
وبل ت النَّفقات احلربيَّة جليش قريش طس ألف دينا ٍر ذهباً(.)9
كان العبَّاس بن عبد اَّطل ،يرق حركات قريش ،وا ــتعداداهتا العســكريَّة ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما حترك
َّب(ﷺ) َّ ،منها يع تفصيالت اجليش ،وأ ري هذا اجليش بعث العباس ر الةً عاجلةً إىل الن ِ
حض إنَّت قطع الطريق ب َّ
مكة واَّدينة -الَّيت وج َّد يف ال َّس ـ ـ ـري َّ ر ـ ـ ــول العبَّاس نبالغ ِ
الر ـ ـ ــالة ،ش
َّب(ﷺ) ،وهو يف مس د تبل مسافتها طسمئة كيلو م اً -يف ثالثة أَيم ،و ش لَّم ِ
الر الة إىل الن ِ ش
قباء(.)1
كان النَّب(ﷺ) يتابع أخبار قريش بدقٍَّة بوا ـ ـ ـ ـ ـ ــطة ِ
عمت العبَّاس .قال ابن عبد ِ
الرب «وكان ُّ
يتقوون بت َّ
مبكة، ر ـ ــي هللا عنت يكت أخبار اَّ ـ ــرك إىل ر ـ ــول هللا(ﷺ) ،وكان اَّس ـ ــلمون َّ
أن مقامك يف َّ
مكة ُّ أن يقدم عل ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ،فكت إليت ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) َّ وكان
خري»(.)2
كانت اَّعلومات الَّيت قدَّمها العبَّاس لر ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) دقيقةً فقد جاء يف ر ـ ـ ـ ـ ــالتت « َّ
إن
توجهوا إليك ،وهم ـري إليك ،فما كنت هللاــانعاً إذا حلُّوا بك فاهللاــنعت ،وقد َّ
قري ـاً قد أ عت اَّسـ ش
من () 3
بع ٍري ،وأوعبوا ثالثـ ــة اح ،وقـ ــادوا مئيت فرس ،وفيهم ـ ـ ـ ـ ـ ــبعمئـ ــة داري ،وثالثـ ــة اح
السال »(.)4ِ
- 2ح م اجليش ،وقــدراتــت القتــاليَّـة ،وهــذا يع عل و ـ ـ ـ ـ ـ ــع خطَّـ ٍة تواجــت هــذه َّ
القوات
ــعد ،وقال َي ر ــول هللا! ِإين خفت أن يف ــو اخلرب ،ف ِأين أان اَّف ــي لت وقد ا ْ ـتشكْتش ْمتش
َّإَيه ،فقال ر ول هللا(ﷺ) « ِ
خل عنها»(.)1
ويف هذه احلادثة ،درس ابل للعس ـ ـ ـ ـ ــكريِ ،وحتذير يم من إطالي زوجاهتم عل أ ـ ـ ـ ـ ـ ـرارهم
العسكريَّة،
- 4م اركة النِساء ،واألبناء يف القتال ،وبذلك يتضاعف عدد اَّقاتل .
- 5ا تهدام اَّدافع أ للةً يا أثر يف هللافو األعداء مثل األح ار و ريها ،وتكون
يف متناويم(.)1 إهللاابة اَّها
حض
عود أهللالابت عل التَّصري ابرائهم عند م اورتت يم َّ الر ول(ﷺ) َّ ، َّ
أن َّ من الوا
ولو خالفت رأيت ،فهو َّإجا ي ــاورهم فيما ح َّ
نص فيت تعويداً يم عل التَّفكري يف األمور الع َّامة،
الرأأ ،و دث أن حم
األمة ،فال فائدة من اَّ ورة إذا تق ن حبرية إبداء َّ
ومعاجلة م كالت َّ
فَن األخذ ابل ُّور م ْل ِايم الر ول(ﷺ) أحداً ألنت أخطأ يف اجتهاده ،و يوفَّق يف رأيت ،وكذلك َّ َّ
ت الر ـ ـ ـ ـ ـ ــول(ﷺ) التَّوجيت القرآين ﴿فشبِما ر ْح ٍة ِمن َِّ ِ فالبد أن يطبِق َّ لإلمامَّ ،
ت شي ْم شولش ْو كْن ش اَّلل لْن ش ش شش ش
ِ ِ فشظًّا شلِي ش
تاعف شعْنـه ْم شوا ْ ـتشـ ْف ْر شي ْم شو شش ـا ِوْره ْم ِيف األ ْشم ِر فشَِ شذا شعشايْم ش
ك فش ْ ض ـوا ِم ْن شح ْول ش
م الْ شق ْل ِ حشنْـ شف ُّ
األمة عل اار ــة ال ُّ ـور ، اَّللش ِ ُّ الْمتشـ شوكِلِ ش ﴾ [آل عمران ]159 :لتعتاد َّ اَّللِ إِ َّن َّ
فشـتشـ شوَّك ْل شعلش َّ
الرأأ ،إح أنَّت أن يم إبداءش َّ ص ـ ـلابة ر ـ ــي هللا عنهم ،فر م َّ وهنا يظهر الوعي ال ِس ـ ـيا ـ ـ ُّـي عند ال َّ
ليس يم فر ت عل القائد ،فلسبهم أن يبينوا رأيهم ،وي كوا للقائد حرية اختيار ما ي َّج لديت
َّب(ﷺ) ق ــد عايم عل اخلروً ،وق ــد أعلن ح ــال ــة الطَّوارئ الع ــا َّمـ ـةَّ ،
ودهاي اجلميع ك ــان الن ُّ
حض عند نومت ،وأمر(ﷺ) ضـ ـ ـ ْوا ليلتهم يف حذ ٍر كل يص ـ ــل ـ ــالحت ،وح يفارقت َّ للقتال ،وأ ْشم ش
حممد بن مسلمة ر ي هللا
حبرا ة اَّدينة ،واختار طس من أشدَّاء اَّسلم ،وحماربيهم بقيادة َّ
اهتم الصــلابة حبرا ــة ر ــول هللا(ﷺ) ،فبات ــعد بن معاذ ،وأ ش ـْيد بن حضـري ،و ــعد عنت ،و َّ
صـ ـ ـ ـلابة ر ـ ـ ــي هللا عنهم ليلة اجلمعة ،م شد َّج ِ ش ابل ِسـ ـ ـ ـال عل ابب
بن عبادة ،يف عدَّةٍ من ال َّ
اَّس د ،ر ون ر ول هللا(ﷺ) (. )2
خامساً :خروج جيش املسلمني إىل ٍ
أحد:
ول هللا!
مير بنا عليهم؟» ،فأبد أبو خيثمة ر ي هللا عنت ا تعداده قائالً أان َي ر ش من طريق ح ُّ
مال لربعي بن قشـْيظ ٍي -ويف رواية ابن حض ــلك بت يف ٍ فنفذ بت يف شحَّرةِ ب حارثة وب أموايمَّ ،
يظي ،-وكان رجالً منافقاً رير البصر ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما أحس بر ول هللا(ﷺ) ومن
ه ام َّربع بن قش ٍ
حل لك
ول هللا فال أ ُّ
كنت ر ـ ـ ـ ـ ش
معت من اَّس ـ ـ ــلم ،قام ثي يف وجوههم ال ُّ اب ،وهو يقول إن ش
أن تدخل حائطي.
وقد ذكر أنَّت أخذ حفنةً من تر ٍ
اب بيده ،مثَّ قال وهللا! لو أعلم ِأين ح أهللاي هبا ريك َي
حممد! لضـ ـربت هبا وجهك ،فابتدره القوم ليقتلوه ،فقال(ﷺ) ح تقتلوه فهذا األعم أعم
القل أعم البصـ ـ ـ ــر ،وقد ب شدر إليت ـ ـ ـ ــعد بن ز ٍ
يد أخو ب عبد األشـ ـ ـ ــهل( )2قبل ،ي ر ـ ـ ـ ــول شش
هللا(ﷺ) عنت ،فض ـ ـ ـ ـربت ابلقوس يف رأ ـ ـ ــت ،ف ـ ـ ـ ـ َّ ت[ .الواقدي يف امل ازي ( ،)218/1والطربي يف اترخيه
( ،)506/2وابن هشام (.])69/3
أن مروره ( هللال هللا عليت و لم ) ب األش ار ،والبسات ،يدلُّنا عل حرهللات
وح شك يف َّ
ألن الطُّرق
( هللا ــل هللا عليت و ــلم ) عل األخذ ابححتياطات األمنيَّة اَّنا ــبة يف أثناء ال َّس ـري َّ
فالر ــول(ﷺ) علَّم َّ
األمة العامة تك ــف ل عداء عن مقدار َّقوات اَّســلم ،وهذا أمر حمذورَّ ، َّ
األخذ ِ
ابلس ِريَّة من حيث اَّكان ،ومن حيث َّ
الايمان لئال يستطيع األعداء معرفة َّقواهتم ،فيضعوا
اخلطا اَّنا بة ااهبتها ،وبذلك يذه تنظيم القادة ،وإعدادهم جليوشهم يف مه ِ ا ِلرَي .
الدين مقدَّم عل ما يكون بت حفم النَّفس عند والعقل ،والنَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــل ،واَّال ،فما يكون بت حفم ِ
تعـار ـ ـ ـ ـ ـ ــهمـا ،ومـا يكون بـت حفم النَّفس مقـدَّم عل مـا يكون بـت حفم العقـل ،ومـا يكون بت
حفم النَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــل مقدَّم عل ما يكون بت حفم اَّال ،وال َّ تي هبذا ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكل من هذه الكلِيات
ظ ابتفاق العلماء(.)3
عندما وهللاــل جيش اَّســلم ال َّ ـ ْوط( ،)3انســل اَّنافق ابن ــلول بثالشئة من اَّنافق ،
حب َّ ة أنَّت لن يقع قتال مع اَّ ـ ـ ـ ـ ـ ــرك ،ومع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً عل قرار القتال خارً اَّدينة ،قائالً أطاي
()4
الرئيس من
الولدان ،ومن ح رأأ لت ،أطاعهم ،وعص ـ ـ ـ ــاين ،عالم نقتل أنفس ـ ـ ـ ــنا؟! وكان هدفت َّ
العدو،
ـالمي ،لتنهار معنوَيتت ،ويت ـ َّ ع ُّ َّمرد ،أن دث بلبلةً ،وا ــطراابً يف اجليش ال ـ ِ
هذا الت ُّ
ض لإل ـ ــالم واَّس ـ ــلم ،وقد اقتض ـ ــت ٍ
خيانة عظم ،وبـ ْ ٍ وتعلو لَّتت ،وعملت هذا ينطوأ عل
ا اَّهلص ابَّ ْرض،
حض ح خيتل ش
َّ حكمة هللا أن ِ
ميلص هللا اجليش ليظهر اخلبيث من الطَِّي
واَّؤمن ابَّنافق(.)5
يث ِم شن الطَّيِ ِ شوشما اَّلل لِيش شذ شر الْم ْؤِمنِ ش شعلش شما أشنْـت ْم شعلشْي ِت شح َّض شميِ شياي ْ
اخلشبِ ش قال تعاىل ﴿ شما شكا شن َّ
اَّلل لِيطْلِ شعك ْم شعلش الْ شْي ِ ﴾ [آل عمران.]179 : شكا شن َّ
فاجلب ،والنُّكوص لا اللَّذان ك فا عن طوية اَّنافق ،فافتضلوا أمام أنفسهم وأمام النَّاس
يفضلهم القرآن(.)6
قبل أن ش
ج -موقف عبد هللا بن عمرو بن َح َرام من اخنذال املنافقني:
حاول عبد هللا بن حرام ر ـ ـ ــي هللا عنت إقناي اَّنافق ابلعودة ،فأبوا ،فقال َي قوم! أذكِركم
لكن هللا
ول ـ ـ َّـما رجع ابن أيب بن لول ،وأهللالابت لَّت بنو لمةش ،وبنو حارثة أن ترجعا ،و َّ
ان ِمْنك ْم أش ْن تشـ ْف ش ـ ـ ـ ـ ـالش شو َّ
اَّلل ت طشائِشفتش ِ
ثبَّتهما ،وعص ـ ـ ـ ــمهما ،ويف ذلك نايل قولت ـ ـ ـ ــبلانت ﴿إِ ْذ شلَّ ْ
اَّللِ فشـ ْليشـتشـ شوَّك ـ ِل الْم ْؤِمنو شن ﴾ [آل عمران ]122 :قــال جــابر بن عبــد هللا نايلــت هــذه شولِيُّـه شم ـا شو شعلش َّ
اَّلل شولِيُّـه شم ـا﴾ا يــة فينــا -ب ـ ـ ـ ـ ـ ــلمــة ،وب حــارثــة ،ومــا أح ـ ُّ أ ،ـا تنايل ،وهللا يقول ﴿ شو َّ
[آل عمران[ .]122 :البخاري (.])4051
لقـد أثَّر موقف اَّنـافق يف نفوس طـائفت من اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،ففكروا يف العودة إىل اَّـدينـة،
ضـ ـ ـ ـعف الذأ أ َّ هبم ،وانتص ـ ـ ــروا عل أنفس ـ ـ ــهم بعد أن توحَّهم هللا تعاىل ،فدفع
ولكنَّهم البوا ال َّ
عنهم الوهن ،فثبتوا مع اَّؤمن .
وجلشبشة،
عندما وهللا ـ ـ ــل ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) إىل مكان يدع ال َّ ـ ـ ـيه ،رأ كتيبةً يا هللا ـ ـ ــوت ش
فقال ما هذه؟ فقالوا هؤحء حلفاء عبد هللا بن أيب بن ـ ـ ـ ـ ـ ــلول من يهود ،فقال(ﷺ) «ح
الركون إىل
َّب(ﷺ) يف عدم ُّ
()2 ِ ِ
نس ــتنص ــر أبهل ال ـ ـرك عل أهل ال ـ ـرك» وهذا أهللا ــل و ــعت الن ُّ
أعداء ال الم يف اح تنصار هبم(.)3
الصحابة لص ر سنِّوم:
َّب(ﷺ) بعض َّ
و َ -ر يد الن ِّ
اعةً من الفتيان لص ـ ـ ر أعمارهم إذ كانوا يف ــن النب(ﷺ) يف معس ــكره ابل َّ ـ ـيه
رد َُّّ
الرابعة ع ــرة ،أو دون ذلك منهم عبد هللا بن عمر ،وزيد بن اثبت ،وأ ــامة بن زيد ،وزيد بن
َّ
أرقم ،والرباء بن عازب ،وأبو ـ ـ ــعيد اخلدرأ بل عددهم أربعة ع ـ ـ ــر هللاـ ـ ــبياً ،وقد ثبت َّ
أن ابن
عمر كان منهم( ،)4وأجاز منهم رافع بن خديت لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما قيل لت إ نَّت رٍام ،فبل ذلك شمسشرشة بن
رىب ِ
اخلدرأ ،وهو الذأ َّ عم أيب ــعيد مرأ بن ــنان بن ثعلبة ِ - جْندب ،فذه إىل زوً ِأمت ِ
وردين ،وأان أهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــري شمسرة يف ِح ِره -يبكي ويقول لت َي ِ
أبت! أجاز ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) رافعاًَّ ، ْ ش
ومسشرةش ،فقال َّب(ﷺ) إىل رافع ،ش َّب(ﷺ) ،وأخربه بذلك ،فالتفت الن ُّ رافعاً ،فذه زوً ِأمت إىل الن ِ
يما تصــارعا ،فصــري مسرة رافعاً ،فأجازه كما أجاز رافعاً ،وجعلهما من جنده ،وعســكر كتائبت،
و ٍ
لكل منهما جمالت ،واختصاهللات(.)5
ِ
السرية النَّبويَّة الصليلة (.)382/3 ( )1انظر
هللالي ِ
السرية النَّبويَّة ،ص .278 ( )2انظر
َّمد عرجون (.)561/3
حممد ر ول هللا َّ ، َّ ( )3انظر
السرية النبوية الصليلة (.)383/2 ( )4انظر
حممد ر ول هللا ( 571/3ـ .)572 ( )5انظر
768
ومسرة حمتيا ٍز عس ـ ـ ـ ٍ
ـكرأ امتازوا بت عل أقرآ،ما، ونللم َّ
أن ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) أجاز رافعاً ،ش
السهام ،وطعن ِ
الرما ، السيو ،ورمي ِ الس ِن خ ية أحَّ يكون يم هللارب عل رب ُّ ورد هللا ار ِ
َّ
فيفروا من اَّعركة إذا حي الوطيس( ،)1في ْل ِدث فرارهم خلهلةً يف هللافو اَّسلم (.)2
ُّ
حض
ـت ابحلركة ،ويسـ ــع لل َّ ـ ـهادة ،شـ ــيوخاً ،وش ـ ـباابً َّ
ـالمي يضـ ـ ُّ ونللم َّ
أن ااتمع ال ـ ـ َّ
ـالة ،ور ٍبة يف ال َّ ـ ـهادة ،تبعث عل الدَّه ـ ــة ،دون أن جيربهم الصـ ــبيان يقبلون عل اَّوت ببسـ ـ ٍ
يدل عل أثر اَّنهت النَّ ِ
بوأ الكر ، قانون التَّ نيد ،أو تدفع هبم قيادة إىل ميدان القتال ،وهذا ُّ
األمة ِ
اَّتعددة ،عل ح ِ ا خرة ،وال فُّع عن أمور الدُّنيا. يف تربية شرائ َّ
يش حيث اختار اَّوقع الر ـ ـ ـ ــول(ﷺ) خطَّةً حمكمةً َّواجهة اَّ ـ ـ ـ ــرك من قر ٍ
أ -شو ش ـ ـ ـ ـ ـ شع َّ
ورد من يكن هللا ـ ــاحلاً ،واختار طس ـ ـ ـ منهم ِ
للرماية، اَّنا ـ ـ ـ ،وانته شم ْن يص ـ ــل للقتالَّ ،
وشــدَّد الوهللاـيَّة عليهم ،وقام بتقســيم اجليش إىل ثالث كتائ ،وأعط اللِواء ألحد أفراد الكتيبة،
وهذه الكتائ هي
ب -وكان من هديت(ﷺ) أن ِرض أهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــلابت عل قتال األعداء ،و ثَّهم عل التَّللِي
ص ـ ـ ـ ـ ـرب يف ميادين القتال ،لكي تتقو روحهم اَّعنويَّة ،ويصـ ـ ـ ـ ــمدوا عند مالقاة أعدائهم ،ومن
ابل َّ
اقدأ «مثَّ قام ر ول هللا(ﷺ) ،فهط النَّاس ذلك ما فعلت يوم أ ٍ
حد ،ويف ذلك يقول الو ُّ
إن هذا ايدأ اَّبارك الَّذأ ش ـ ـنَّت ( هللاـ ــل هللا عليت و ـ ــلم ) يعلِمنا حقائق اثبتةً ،وهي َّ
أن َّ
اجليوش مهما عظم تس ـ ـ ـ ـ ـ ــليلها ،وتنظيمهاَّ ،
فَن ذلك ح ي ش ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاً إح إذا حلتت نفوس قويَّة،
حترص عل اَّوت أش ـ ـ ـ َّـد ِم ْن حرهللا ـ ـ ــها عل احلياة ،وهذا يكون بتعبئة اجلنود ابَّوعظة والتَّوجيت،
و رس ح ِ اجلهاد ،وال َّهادة يف نفو هم.
الر ـ ـ ـ ــول(ﷺ) ِ
ألية جبل أحد حلماية جيش اَّسـ ـ ـ ــلم ،فعندما وهللا ـ ـ ــل جيش ً -أدرك َّ
ظهورهم إىل اجلبل ،ووجوههم إىل اَّدينة ،وانتق
الر ـ ــول(ﷺ) ش اَّس ـ ــلم إىل جبل أحد جعل َّ
الرماة حتت إمرة عبد هللا بن جبش ٍْري( ،)3وو ــعهم فوق جبل شعين اَّقابل جلبل أحد،
طسـ ـ من ُّ
للرمــاة «الايموا مكــانكم ،ح تربحوا منــت ،فــَذا رأيتموان ِ ْ،ايمه ْم َّ
حض وابن هشـ ـ ـ ـ ـ ــام ( .])70/3وقــال ُّ
ن ــدخ ــل عس ـ ـ ـ ـ ـ ــكرهم فال تف ــارقوا مك ــانكم ،وإن رأيتموان نقت ــل فال ت يثوان ،وح ت ــدفعوا عنَّ ـا،
هم وارش ـ ـ ـ ـ ــقوهم ابلنـَّْبل َّ
فَن اخليل ح تقدم عل النَّبل ،إان لن نايال الب ما مكثتم مكانكم ،الل َّ
ِإين أشهدك عليهم»(.)1
يطر اَّسلمون عل اَّرتفعات ،وتركوا الوادأ جليش َّ
مكة ليواجت أحداً ،وظهره إىل اَّدينة،
الرماة يف النقاط التالية احتالل اَّوقع ،حاية اَّســلم من اخللف ،هللاـ ُّـد اخليل
مهمة ُّ
وأهللاــبلت َّ
عن اَّسلم (.)2
ص ـفو ،وتنظيم اجليش تقدَّم ر ــول هللا(ﷺ) أهللاــلابت ،وهللاـ َّـفهم عل هيئة
د -تســوية ال ُّ
صـ ـفو ِ ،
ويبوئ صـ ـالة ،وجعل ر ــول هللا(ﷺ) مي ــي عل رجليت ،يس ـ ِـوأ تلك ال ُّ
هللا ــفو ال َّ
حض ا ـ ـ ـ ـ ـ ــتوت أهللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ــاب ــت للقت ــال ،يقول تق ــدَّم َي فالن! وأتخر َي فالن! فهو ِ
يقومهمَّ ...
الصفو األشداء لكي يفتلوا الطَّريق الصفو ( ،)3فو ع ( هللال هللا عليت و لم ) يف ِ
مقدمة ُّ ُّ
،وتعبيتت للقتال) ،وفت البارأ شر حديث رقم ( )1انظر السرية احللبية ( ، )496/2وانظر رية ابن ه ام (نايول الر ول (ص) ابل ع
ربأ (.)507/2 الرحيق اَّهتوم (خطة الدفاي) ،واتري الطَّ ِ
( ، )4043و َّ
( )2انظر ايوة أحد درا ة دعويَّة ،ص .90
( )3انظر اَّ ازأ ،للواقدأ (.)219/1
771
الر ول(ﷺ) هبذا األ لوب ألنَّت أبل يف قتال األعداء(.)1
َّن خلفهم ،وقد أخذ َّ
ربأ «ف عل ظهره ،وعس ـ ـ ـ ـ ـ ــكره إىل ٍ
أحد، ه -عدم القتال إح أبم ٍر من القائد قال الطَّ ُّ
حض أنمره ابلقتال»(.)2
يقاتلن أحد َّ
وقال ح َّ
مهمة ،وهي توحيد القيادة واَّسؤوليَّة ألنَّت(ﷺ) أدر ابَّصللة.
ويف هذا التَّوجيت فائدة َّ
الر ول هللال هللا عليت و لمَّ ،مد فرً ،ص 355ـ .356
( )1انظر العبقرية العسكريَّة يف ايوات َّ
ربأ (.)507/2 ( )2انظر اتري الطَّ ِ
772
املبحث الثَّاين
()1
يف قلب املعركة
علي بن أيب طال ٍ ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت ،وطللةش بن عثمان حامل لواء ِ وبدأ القتال مببارزةٍ ب
حد ،يقول هللا ـ ـ ـ ـ ــاح ال ِس ـ ـ ـ ـ ـ ـرية احللبية خرً طللة بن عثمان ،وكان بيده لواءاَّ ـ ـ ـ ـ ــرك يوم أ ٍ
ـلاب حممد! إنَّكم تايعمون َّ
أن اَّ ـ ــرك ،وطل اَّبارزة مراراً ،فلم خيرً إليت أحد ،فقال َي أهللاـ ـ ش
هللا -تعاىل -يع لنا بسيوفكم إىل النَّار ،ويع لكم بسيوفنا إىل اجلنَّة ،فهل أحد منكم يع ل
علي بن أيب طال ٍ ر ـ ـ ـ ــي هللا عنت،
بسـ ـ ـ ــيفت إىل النَّار ،أو أع لت بسـ ـ ـ ــيفي إىل اجلنَّة؟ فهرً إليت ُّ
فقال لت علي ر ــي هللا عنت والَّذأ نفســي بيده! ح أفارقك حض يع لك هللا بســيفي إىل النَّار،
أو يع ل بس ــيفك إىل اجلنَّة ،فض ـ ـربت علي فقطع ِر ْجلشت ،فوقع عل األرض ،فانك ــفت عورتت،
حد ،قال وجدت يف نفس ــي ح العوام يص ــف لنا ما فعلت أبو دجانة يوم أ ٍ الايبري بن َّ
وهذا ُّ
عمتِتِ ،
وم ْن ف ،فمنعنيت وأعطاه أاب دجانة ،وقلت أان ابن هللا ــفيَّة َّ ــألت ر ــول هللا(ﷺ) ال َّسـ ـْي ش
َّ
ألنظرن ما يص ـ ـ ــنع، يش ،وقد قمت إليت ،و ـ ـ ــألتت َّإَيه قشـْبـلشت ،فأعطاه أاب دجانة ،وترك ،وهللا! قر ٍ
ص ـابة ِ
فاتبعتت ،فأخرً عص ــابةً لت حراء ،فعص ـ هبا رأ ــت ،فقالت األنص ــار أخرً أبو دجانة ع ش
تعص هبا ،-فهرً وهو يقول اَّوت -وهكذا كانت تقول لت إذا َّ
وشْحنن ابل َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْف ِ لش شد الن ِ
َّهْي ِل ش َّأان الَّـ ـ ـذأ عـ ـ ــا شه ـ ـ ـ شدين شخلِْيلي
ف هللاِ و َّ
ِ ()3 ب بِسْي ِ ِ ِ ( )2
الر ول أ ْر ْ ش َّهر يف ال شكيُّول أقوم ال ــد ش
أح ش
ف عل ح يشـ ْلق أحداً إح قتلت ،وكان يف اَّ ـ ـ ــرك رجل ح يشدي لنا جر اً إح ذفَّف( )4عليت،
الرسول(ﷺ) :
اثنياً :خمالفة ال يرماة ألمر َّ
ت ،وا ــتماتوا يف ٍ
قتال ِ ِ
ت ....أم ْ ا ــتبســل اَّســلمون يف مقاتلة اَّ ــرك ،وكان شــعارهم أم ْ
مللمي ،ـ ـ ـ َّ ل فيت أبطال ال ـ ـ ــالم هللاـ ـ ــوراً رائعةً من البطولة ،وال َّ ـ ـ ـ اعة( ،)4و ـ ـ ـ َّ ل
ٍ ٍ
بطوس
بطوحت حايشة بن عبــد اَّطلـ ،ومص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ بن عمري ،وأيب دجــانـةش ،وأيب طللــة ِ ائع
التـَّاري رو ش
ـارأ ،و ــعد بن أيب وقَّاص ،وأمثايم كثري( ،)5وحقَّق اَّس ــلمون احنتص ــار يف اجلولة األوىل األنص ـ ِ
من اَّعركة(.)6
ورأ خالد بن الوليد -وكان عل خيَّالة اَّ ـ ـ ـ ــرك ،-الفرهللاـ ـ ـ ــة ـ ـ ـ ــاحنةً ليقوم ابحلتفا
جديد ،وأحاطوا ابَّسلم من حول اَّسلم ،ول ـ ـ ـ َّـما رأ اَّ ركون ذلك ،عادوا إىل القتال من ٍ
ٍ
هطيا ،فأهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــبلوا يقاتلون جهت ،وفقد اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلمون مواقعهم األوىل ،وأخذوا يقاتلون بدون
وح شدة ت ــملهم ،بل يعودوا مييِايون بعضــهم ،فقد قشـتشـلوا اليشما شن متفرق ،فال نظام جيمعهم ،وح ْ ِ
-والد حذيفة بن اليشمان -خطأً [البخاري ( ،)4065وابن هش ـ ـ ـ ـ ــام ( . ])129/3وأخذ اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلمون
ابلر ـ ــول(ﷺ) ،وش ـ ــاي أنَّت قتِل( ،)1واختلا يتس ـ ــاقطون ش ـ ــهداء يف اَّيدان ،وفقدوا اتِص ـ ــايم َّ
احلابِل ابلنَّابل واش ــتدَّت حرارة القتال ،وهللا ــار اَّ ــركون يقتلون َّ
()2
كل من يلقونت من اَّس ــلم ،
َّب(ﷺ) ،فرموه حب ر كس ــر أنفت ال َّ ـ ـريف ،ورابعيش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت(،)3
وا ــتطاعوا اخللوص قريباً من الن ِ
وش َّ ت( )4يف وجهت الكر ،فأثقلت تف َّ ر الدَّم( )5منت(ﷺ) .
( )1انظر ِ
السرية النَّبوية ،حبن ه ام (.)81/3
( )2انظر ايوة أحد درا ة دعويَّة ،ص .100
( )3اَّصدر السابق ،ص .101
777
اَّللش شعلشْي ِت
اهدوا َّ ِِ ِ
ويف هذا ،وأمثالت نايل قول هللا تعاىل ﴿م شن الْم ْؤمن ش ِر شجال ش
هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شدقوا شما شع ش
ظر شوشما بشدَّلوا تشـْب ِديالً ﴾ [األحزاب.]23 : فش ِمْنـهم من قشض شْحنبت وِمْنـهم من يـْنـتش ِ
ْ شْ ش ش ش ْ شْ ش
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمود،
َّب(ﷺ) يم ابل ُّ ـيء ر م دعوة الن ِ أ َّمـا أولئــك النَّفر الَّـذين ُّفروا ح يلوون عل ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ
شح ٍد شو َّ
الر ـ ـ ـ ـ ـول يش ْدعوك ْم ِيف ص ـ ـ ـ ـ ـعدو شن شوحش تشـ ْلوو شن شعلش أ ش
والثَّبات ،فقد نايل فيهم قولت تعاىل ﴿إِ ْذ ت ِ
ْ
اَّلل شخبِري ِمبشا تشـ ْع شملو شن ﴾ ِ
أ ْخشراك ْم فشأش شاثبشك ْم ش ًّما بِ شٍم ل شكْيالش شْحتشاينوا شعلش شما فشاتشك ْم شوحش شما أش ش
هللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ـابشك ْم شو َّ
[آل عمران.]153 :
يفك هذا احلص ـ ـار ،وأن يص ــعد يف اجلبل ليمض ــي إىل جي ــت ،وا ـ ـتبس ــل
وكان ايد أن َّ
وقاتل ـ ـ ــعد بن أيب وقَّاص ر ـ ـ ــي هللا عنت ب يدأ ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ،وكان يناولت النِبال
أمي!» [أمحد ( ،)137/1والبخاري ( ،)4055ومسلم (.])2412 ارم َي عد! فداك أيب ،و ِ ويقول لت « ِ
الرماة ،وهو الَّذأ قال عنت كما قاتل ب يديت أبو طللة األنص ـ ـ ـ ــارأ الَّذأ كان من أمهر ُّ
فئة» [أمحد ( ،)203/3وعبد النَّب(ﷺ) «لصــوت أيب طللة يف اجليش ،أشـ ُّـد عل اَّ ــرك من ٍ
ُّ
ـديد النَّايي ،شك شسـ ـ ـشر بن محيد ( .])1384وقد كان مت ِ ـ ـ ـاً عل ر ـ ــول هللا حب ٍ
فة لت ،وكان رامياً ش ـ ـ ش شش
مير معت اجلش ْعبشة( )3من النـَّْبل ،فيقول ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ)
الرجل ُّ ٍ
يومئذ قو ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ،أو ثالاثً ،وكان َّ
نب هللا! أبيب أنت وأمي! ح «انثرها أليب طللة» ،مثَّ ي ـ ـ ـ ــر إىل القوم ،فيقول أبو طللة «َي َّ
حن ِرأ دون حنرك([ »!)5البخاري (.])4064 يصيبك هم من ِ هام القوم ،شْ
ِ ()4
ت ْر
تذب عن ر ـ ــول هللا(ﷺ) ابل َّس ـ ـيف ،وترمي ابلقوس ،وأهللا ــيبت
ُّ ووقفت ن شس ـ ـْيبة بنت كع
وترس أبو دجانة دون ر ــول هللا(ﷺ) بنفس ــت يقع النَّبل يف ظهره وهو مْن شل ٍن عليت قرا ٍ كبريةٍَّ ،
حض كثر فيت النـَّْبل(.)6َّ
الر ـ ــول(ﷺ) يف تلك اللَّلظات العص ـ ــيب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة أبو بك ٍر ،وأبو عبيدة ،وقام أبو
التف حول َّ
و َّ
قال تعاىل ﴿مثَّ أشنْـشايشل شعلشْيك ْم ِم ْن بشـ ْع ِد الْ شِم أ ششمنشةً نـ شعا ً ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا يشـ ْ ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ طشائِشفةً ِمْنك ْم شوطشائِشفة قش ْد
اهلِيَّ ِة يشـقولو شن شه ْل لشنشا ِم شن األ ْشم ِر ِم ْن شش ـ ـ ـ ـ ْي ٍء ق ْل إِ َّن اجل ِ
احلشِق ظش َّن ْش أ ششلَّْتـه ْم أشنْـفس ـ ـ ـ ـه ْم يشظنُّو شن ِاب ََّّللِ ش ْ شري ْ
ك يشـقولو شن لش ْو شكا شن لشنشا ِم شن األ ْشم ِر شش ـ ـ ـ ـ ـ ْيء شما قتِْلنشا ِِ
األ ْشمشر كلَّت ََّّلل خيْفو شن ِيف أشنْـف ِس ـ ـ ـ ـ ـ ِه ْم شما حش يـْبدو شن لش ش
اجعِ ِه ْم شولِيشـْبـتشلِ شي َّ
اَّلل شما ِيف هاهنا قل لشو كْنـتم ِيف بـيوتِكم لشربز الَّ ِذين كتِ علشي ِهم الْ شقْتل إِ شىل مض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
شش ْ ششش ش ش ش ْ ش ش ْ ْ ْ
الصدوِر ﴾ [آل عمران.]154 : اَّلل علِيم بِ شذ ِ ِ ِ
ات ُّ ص شما ِيف قـلوبِك ْم شو َّ ش هللادوِرك ْم شولي شمل ش
أن الطَّائفـة الَّيت قد ألَّتهم أنـفسهم هم اَّنافقون(.)3
وقد أ ع اَّفسرون عل َّ
َّأما قريش َّ
فَ،ا يئست من حتقيق نص ٍر حا ٍم ،وأ ْجهد رجايا من طول اَّعركة ،ومن هللامود
ص ـ ـ ـمود ،ف ُّ
التفوا حول هللا ـ ـ ـةً بعد أن اطمأنُّوا ،وأنايل هللا عليهم األمنة ،وال ُّ
وجلشدهم ،وخا َّ
اَّس ـ ــلم ش
َّب(ﷺ) ولذلك شك ُّفوا عن مطاردة اَّسلم ،وعن حماولة اخ اق َّقواهتم(.)4
الن ِ
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة َّ ،نري ال ضبان ،ص 468ـ .470
( )2انظر نضرة النَّعيم (.)305/1
( )3اَّصدر السابق نفست.
( )4انظر نضرة النَّعيم (.)306/1
780
رابعاً :من شوداء أُحد:
قاتل أ ــد هللا حاية قتاحً ــارَيً ،وأثهن يف اَّ ــرك قتالً ،وأطا بريوس نف ٍر من حلة لواء
اَّ ـ ـ ـ ـ ـ ــرك من ب عبد الدَّار ،وبينما هو عل هذه احلال من ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ اعة ،والقدام ،شك شم شن لت
حض َّ
َتكن منت ،مثَّ رماه حبربتت ،فأهللا ـ ـ ـ ـ ــاب منت مقتالً ،ولندي وح ـ ـ ـ ـ ــياً خيربان عن هذا وح ـ ـ ـ ـ ــي َّ
عدأ بن اخليار ببد ٍر ،فقال س موحأ جبش ْري إن حاية قتل ط شعْيمةش بن ِاَّ ــهد اَّؤ .قال وح ــي َّ
بعمي فأنت حر ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما أ ْن خرً النَّاس عام شعْيـنش -وعين جبل بن مطْعِم إ ْن قتلت حايشة ِ
ش
اهللاطفوا للقتال خرً ِ بشاي، أحد ،بينت وبينت و ٍاد ،-خرجت مع النَّاس إىل القتال ،فل ـ ـ َّـما ُّ حبيال ٍ
مثَّ خرجت إىل الطَّائف ،فأر ـ ـ ـ ـ ـ ــلوا إىل ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالً ،فقيل س إنَّت ح يشهيت
حض قدمت عل ر ــول هللا(ﷺ) ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما راين قال « أنت الر ـ شل( ،)4قال فهرجت معهم َّ ُّ
قتلت حاية؟ » قلت قد كان من األمر ما قد بل ك،
وح ـ ُّـي؟ » قلت نعم ،ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال « أنت ش
قال « فهل تستطيع أن تـ شيِ ش وجهك ع ِ ؟ » قال فهرجت ،فل ـ ـ ـ ـ َّـما قبض ر ول هللا(ﷺ) ،
ألخرجن إىل مس ـ ـ ـ ـ ـ ــيلمـة لش شعلِي أقتلـت فـأكـافئ بـت حاية ،قـال
َّ فهرً مس ـ ـ ـ ـ ـ ــيلمـة الك َّـذاب ،قلـت
بعد انتهاء اَّعركة ،ــأل ر ــول هللا(ﷺ) أهللاــلابت « شم ْن رأ مقتل حاية؟» فقال رجل أان
حض وقف عل حاية ،فرآه وقد ش ـ ـ َّق رأيت مقتلت ،قال «فانطلق أرانه» فهرً ر ـ ــول هللا(ﷺ) َّ
بطنت ،وقد مثِل بت ،فقال َي ر ـ ــول هللا! مثِل بت وهللا![الطرباين يف الكبري ( ،)82/19وجممع الزوائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
َّب(ﷺ) قتل حاية بك ،فلـ ـ ـ َّـما نظر إليت ش ِهق ،ووقف ب ٍ ()3
( . ])119/6ويف رواية َّا بل ـ ـ ـ الن َّ
كفنوهم يف دمائهم ،فَنَّت ليس جر جير يف هللا ظهراين القتل ،فقال «أان ش ـ ـ ــهيد عل هؤحءِ ،
قدموا أكثرهم قرآانً ،فاجعلوه يف إح جاء ي ـ ـ ـ ــوم القيامة يدم لونت لون الدَّم ،ور ت ري اَّسكِ ،
ش
اللَّلــد» [البخــاري ( ،)2079وأبو داود ( ،)3138والرتمــذي ( ،)1036والنس ـ ـ ـ ـ ـ ــائي ( ،)1954وابن مــاجــه
(.])1514
ـول هللا(ﷺ) ،فقد واب ــت ــهاد حاية وأهللا ــلاب ر ــول هللا(ﷺ) يف أ ٍ
حد حتقَّقت ريَي ر ـ ِ
حض كادت العوام ر ي هللا عنت إنَّت ل ـ ـ َّـما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسع َّ ، الايبري بن َّ
قال ُّ
الايبري أن ت ـ ـ ـ ـ ـ ــر عل القتل ،قــال فش شك ِرشه الن ُّ
َّب(ﷺ) أن تراهم ،فقــال اَّرأة ...اَّرأة! قــال ُّ
فتومست َّأ،ا هللافيَّة ،قال فهرجت أ ع إليها ،قال فأدركتها قبل أن تنتهي إىل القتل ،قال
َّ
قــال فوقفــت ،وأخرجــت ثوب معهــا ،فقــالــت هــذان ثوابن جئــت هبمــا ألخي حاية ،فقــد
لنكفن فيهمــا حاية ،فــَذا إىل جنبــت رجــل من ِ بل مقتلــتِ ،
فكفنوه فيهمــا .قــال ف ئنــا ابلثَّوب
األنصـ ـ ــار قتيل فعِ شل بت كما فعل حبماية ،قال فوجدان ضـ ـ ــا ـ ـ ـةً وحياءً أن يكفَّن حاية يف ثوب
فقدرانلا ،فكان أحدلا أكرب من ـارأ ثوبَّ ، ـارأ ح كفن لت ،فقلنا حلماية ثوب ول نصـ ِ واألنصـ ُّ
احد منهما يف الثَّوب الَّذأ هللا ـ ـ ــار لت[ .أمحد ( ،)165/1والبزار كل و ٍ
ا خر ،فأقرعنا بينهما ،فكفَّنا َّ
( ،)1797وأبو يعلى ( ،)686والبيوقي يف الدالئل ( ،)290/3وجممع الزوائد (.)3(])118/6
وخب ِري بشـنشـ ـ ـات أِشيب ِم ْن أ ْشع ش م اب أ ْحـ ٍد شملشـافـةً ِ
ٍ () 4
ش أش ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـائلــة أ ْ
هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شلـ ش
ول هللاِ شخـ ـ ْري شوِزيْـ ـ ِر وِزي ـ ـر ر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
شْ ش إن حشْشايشة قش ْد ثـش شو فشـ شق شال اخلشبِ ْري َّ
شإىل جنَّ ـ ـ ـ ٍة شْيش ـ ـ ـا ِهبشـ ـ ـا شو ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرْوِر الع ْر ِش شد ْع شوًة احلق ذو ش شد شعاه إلـت ِ
ِحلمايشة يـوم احل ْ ـ ـ ـ ـ ـ ِر خري م ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ِْري ك شمـ ـ ـ ـا كنَّـ ـ ـ ـا نـشرِجي شونشـ ْرشِدي ِ
فشـ ـ ـ ـ شذلـ ـ ـ ـ ش
ش ْش ش شْ ش شْ ش ش
( )1انظر شرحـت يف فت البـارأ ،وكـذا كتـاب اَّ ازأ ،ابب ايوة أحـد (يف َّ
مقدمـة الباب) ،و رية ابن ه ام (ريَي راها ر ول هللا هللال هللا عليت
و لم) .
( )2لدمت ربت ،ودفعت.
( )3انظر هللالي ِ
السرية النَّبويَّة ،ص ، 285وانظر رية ابن ه ام (هللافيَّة وحاي،ا عل حاية).
( )4انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام (.)185/3
783
ض ـ ـ ـ ـرأ شوشم ِس ـ ـ ـ ـ ِْريأ
ب شكاءً شوح ْايانً شْحم ش ص ـ ـ ـ ـ ـبا
ت ال َّ اك ما هبَّ ِفشـ شوهللاِ حش أشنْ شس ـ ـ ـ ـ ـ ش
يشـذ ْود شع ِن ال ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالشِم كـ َّـل شكف ْوِر شعلش أش ش ـ ـ ـ ـ ِد هللا الَّ ِذ ْأ شكا شن ِم ْد شرهاً
()1
ِ ()2
أ ْ ـ ـ ـ ـب ٍع تشـ ْعتشادِين شونس ـ ـ ـور لش شد ت ِش ـ ـ ْلوأ ِعْن شد شذ شاك شوأ ْشعظ ِمي فشـيشا لشْي ش
هللا شخ ْرياً ِم ْن أ ٍ شونشصـ ـ ْري
ِ ِ ()3
شجشاي أعلش النَّعِ ُّي شع ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ شريِلأشقول شوقشـ ـ ـ ْد ْ
الايمن نايل الوحي ي ِدد عل حتر حرمت النِياحة عل اَّيت ،وبعد ف ة من َّ ( .])120/6وبذلك ِ
النِياحة عل اَّيت ،وجيعلها من كبائ ـ ـ ــر ُّ
الذنوب ،وهو بذلـ ـ ــك يت ل ـ ـ ــل داخ ـ ـ ــل أعماق اَّؤمن ،
واَّؤمنات ،يتتبَّع آاثر اجلاهلية لكي ميلوها ،وي رس مكا،ا تعاليم ال الم(.»)5
[أمحد وقال(ﷺ) «اثنتان يف النَّاس لا هبم كفر الطَّعن يف النَّس ،والنِياحة عل اَّيِت»
( ،)496/2ومسلم ( .])67فتوقف النُّوا ،و تتوقف الدُّموي.
وجوك ِّ
عين» ب َ ِّ
[البخاري ( ،)4072وأمحد (])5073 « - 6فول تستطيع أن تُـ َي َ
يف هذا التَّوجيت الكر ح يوجد فيت ش ـ ــيء من اَّؤاخذة والتَّأثيم لوح ـ ـ ٍـي َّ
وإجا هو تذكري لت
أبن رييتت َّإَيه دل لت ش ــيئاً من اَّتاع النَّفسـ ـيَّة ،وحت ِرك يف نفس ــت ذكرَيت حادث القتل ،وما َّ
ات ب ـ ـريَّة رمبا ح يكون من اَّسـ ــتطاي منعها، بعمت ،فتثري عنده حاياز ٍ َتثيل شـ ــني ٍع ب ـ ـ ٍع ِ
تبعت من ٍ
ش
َّب(ﷺ) ويـ ْقلِقت( ،)1فأش ــار ِ ٍ
ومقاومتها إح ب ــيء من العس ــر ،والعنت ال َّ ـ ـديد اَّا قد ي ْ ـ ـ ل الن َّ
اية هللاـ ٍ
ـليلة قال حض يفقد مصــدر التَّذكري بتلك اَّصــيبة( .)2يف رو ٍ عليت(ﷺ) أبن ي يِ وجهت َّ
َّب(ﷺ) ،فقال س «وح ي» قلت نعم ،قال «قتلت حاية؟» ،قلت نعم، وح ُّي أتيت الن َّ
احلمد هلل الَّذأ أكرمت بيدأ ،و يه ِ بيده ،فقالت لت قريش أحتبُّت وهو قاتل حاية .فقلت َي
ر ـ ــول هللا! فا ـ ــت فر س ،فتفل ر ـ ــول هللا(ﷺ) يف األرض ثالثةً ،ودفع هللا ـ ــدرأ ثالثةً ،وقال
فقاتل يف ـ ـ ـ ـ ــبيل هللا ،كما قاتلت لِتشص ـ ـ ـ ـ ـ َّد عن ـ ـ ـ ـ ــبيل هللا» [الطرباين يف الكبري
«وح ـ ـ ـ ـ ــي ،اخرً ْ
( ،)139/22وجممع الزوائد (.])127/6
قال خبَّاب ر ـ ـ ـ ــي هللا عنت هاجران مع ر ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) وحنن نبت ي وجت هللا ،فوقع أجران
عل هللا فش ِمنَّا شم ْن مضـ ـ يف ــبيلت ،و ركل ِم ْن أجره ش ــيئاً ،منهم مص ــع بن عمري قتل يوم
أ ٍ
حد ،و ي ك إح شجشرةً ،فكنَّا إذا طَّينا رأ ـ ـ ــت بدت رجاله ،وإذا طَّينا رجليت بدا رأ ـ ـ ـت ،فقال
ر ــول هللا(ﷺ) « طُّوا رأ ش ـت ،واجعلوا عل رجليت الذخر»( ،)3ومنا من أينعت لت شرتت ،فهو
يشـ ْه ِدهبا([ .)4البخاري ( )1276و(.])3897
الرحن بن عو أنَّت أل ٍ
بطعام ،وكان هللا ـ ـ ـ ــائماً ،فقال قتل مص ـ ـ ـ ــع بن ومن حديث عبد َّ
عمري ،وك ـ ـ ـ ــان خرياً م ِ ،فلم يوجد لت ما يكفَّن فيت إح بـ ْرشدة ،وقتل حاية -أو رجل آخر -خري
م ِ ،فلم يوجد لت ما يكفَّن فيت إح بـ ْرشدة ،لقد شخ ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ يت أن يكون قد ع ِ لت لنا طيِبات نا يف
حض ترك الطَّعام [البخاري ( ،)1274و( ،)1275و(.])4045 حياتنا الدُّنيا ،مثَّ جعل يبكي َّ
إن ر ــول هللا(ﷺ) ح انص ــر من أ ٍ
حد ،مَّر ومن حديث أيب هريرة ر ــي هللا عنت قال َّ
عل مصـ ـ ــع بن عمري وهو مقتول عل طريقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ،فوقف عليت ،ودعا لت ،مثَّ قرأ هذه ا ية
ض ـ ـ ـ ـ شْحنبشت شوِمْنـه ْم شم ْن يشـْنـتش ِظر شوشما ﴿ ِمن الْم ْؤِمنِ ِرجال هللا ـ ـ ـ ـ شدقوا ما عاهدوا َّ ِ
اَّللش شعلشْيت فش ِمْنـه ْم شم ْن قش ش ش شش ش ش ش ش
بشدَّلوا تشـْب ِديالً ﴾ [األحزاب ،]23 :مثَّ قال ر ـ ــول هللا(ﷺ) «أش ـ ــهد أ َّن هؤحء ش ـ ــهداء عند هللا
يوم القيامة ،فائتوهم ،وزوروهم ،والَّذأ نفسـ ـ ـ ــي بيده ،ح يسـ ـ ـ ــلِم عليهم أحد إىل يوم القيامة ،إح
ت يسقا.(ُّ )1
ِ
حممد ر ول هللا ،لصادق عرجون ( ، )602/3والبهارأ ،رقم ( )4072لة «لعلي أقتلت فأكافأ بت حاية» وشرحها يف الفت .
( )2انظر َّ
( )3الذخر نوي من الع .
( )4أينعت أأ نض ت .يهدهبا أأ جيتنيها.
786
عليت» [احلاكم ( ،)200/3والبيوقي يف الدالئل (.])284/3 ردوا
ُّ
ٍ
جحش رضي هللا عنه: د -عبد هللا بن
حد أح تدعو جلش قال لت يوم أ ٍ ٍ قال ــعد بن أيب وقَّاص ر ــي هللا عنت َّ
إن عبد هللا بن
العدو ،فشـلش ِق رجالً ش ـ ــديداً أب ـ ـت،
رب! إذا لقيت َّ انحية ،فدعا ـ ــعد ،فقال َي ِ هللا ،فشهلشوا يف ٍ
شْ
فأمن عبد هللا بن شـ ــديداً حرده ،أقاتلت ،ويقاتل ،مثَّ ارزق الظَّشفشر عليت َّ
حض أقتلشت ،واخ شذ ش ـ ـلشبشتَّ ،
جلش ،مثَّ قال اللَّ َّ
هم ارزق رجالً شـ ـ ـ ـ ـ ــديداً حرده ،شـ ـ ـ ـ ـ ــديداً أب ـ ـ ـ ـ ـ ـت ،أقاتلت فيك ويقاتل ،مثَّ ٍ
ي أن شفك ،وأذنشك؟ فأقول فيك،
قلت من شج شد ش
رخذين ،فشـيش ْ شدي أنفي ،وأذين ،فَذا لقيتك داً ،ش
( )1انظر ِ
السرية احللبيَّة (.)532/2
علي يف ااثر اَّ رك ).
( )2رية ابن ه ام (خروً ٍ
( )3انظر هللالي ِ
السرية النَّبوية ،ص .294
787
ـدقت .قال ـ ـ ــعد َي ب َّ ،كانت دعوة عبد هللا بن جلش خرياً من ويف ر ـ ـ ـ ـولك ،فتقول هللا ـ ـ ـ ش
وإن أنفــت ،وأذنــت َّعلَّقــان يف ٍ
خيا( .)1ويف هــذا اخلرب جواز دعــاء دعول ،لقــد رأيتـت آخر النَّهــار َّ
الرجل أن يقتل يف بيل هللا ،وَتنِيت ذلك ،وليس هذا من َت ِ اَّوت ِ
اَّنهي عنت(.)2 َّ
هـ حنظلةُ بن أب عام ٍر رضي هللا عنه (غَ ِّسيل املالئكة):
حرب ،فوقع عل األرض، ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما انك ــف اَّ ــركون ــرب حنظلة فرس أيب ــفيان بن ٍ
ش
فصا وحنظلة يريد ذحبت ،فأدركت شدَّاد بن األ ود ،ويقال لت ابن ششعوب ،فلمل عل حنظلةش
ابلرم وقد أثبتت ،مثَّ ــرب الثَّانية فقتلت ،فذكِر ذلك لر ــول
ابلرم ،فأنفذه ،وم ـ إليت حنظلة ُّ ُّ
السماء واألرض مباء اَّ ْاين ،يف ِهللا شلا ِ الفضَّة»
هللا(ﷺ) فقال « ِإين رأيت اَّالئكة ت ِسلت ب َّ
فقال ر ـ ــول هللا(ﷺ) «فا ـ ــألوا أهلشت ما ش ـ ــأنت؟» فس ـ ــألوا هللا ـ ــاحبتت عنت ،فقالت خرً وهو
[احلاكم (204/3 جن ح مسع اياتفة( ،)3فقال ر ـ ــول هللا(ﷺ) «فلذلك ش َّس ـ ـلشْتت اَّالئكة»
( ،)15/4والطرباين الكبري ( ،)12094وجممع الزوائد (.)4(])23/3 ،)205 -والبيوقي يف السنن الكرب
- 1يف تعلُّق يلــة بنــت عبــد هللا بن أيب ،حبنظلــة بن أيب عــامر ح رأت لــت تلــك ُّ
الريَي
الَّيت ف َّس ـ ـ ـ ـرهتا ابل َّ ـ ـ ـ ـهادة ،فاَّظنون يف مثل هذه احلال أن حتاول احبتعاد عنت َّ
حض ح حتمل منت،
فتكون بعــد ذلــك ري حظيَّـة لــد اخلطَّـاب ،لكنَّهــا تعلَّقــت بــت رجــاءش أن حتمــل منــت ،فتلــد ولــداً
صـال أوحً ،مثَّ مبا ترجوه من نيلت ال َّ ـهادة. ٍ
درجات عليا يف ال َّ ينسـ لذلك ال َّ ـهيد ،الَّذأ بل
ولقد حصـ ـ ـ ــل يا ما َّأملت بت ،فلملت منت ،وولدت ولداً ذكراً ِمسي عبد هللا ،وكان لت ِذ ْكر بعد
ذلك ،وكان ِم ْن أعل ما يفتهر بت أن يقول أان ابن ش ِسْي ِل اَّالئكة.
- 3ش ـ اعتت الفائقة الَّيت تظهر يف تصـ ِـديت لقائد اَّ ــرك ،أيب ــفيان بن حرب ،والقائد
الباً يكون حولت شم ْن ميت ،وهو فارس ،وحنظلة راجل.
- 4ت ريف رابين كر ،يف نايول اَّالئكة لت سيل حنظلة مبياه الْم ْاين يف هللالا الفضَّة.
عما قامت بت اَّالئكة ِم ْن ت ٍ
سيل حيث رأ (هللال الصلابة َّ
- 5مع اية نبويَّة يف إخبار َّ
الصلابة ذلك(.)1
هللا عليت و لم ) اَّالئكة وهي ت سل ،و شير َّ
- 6إذا كان ال َّهيد جنباً ِسل ،كما سلت اَّالئكة حنظلةش بن أيب عامر(.)2
حد ،فهاط ابنت جابراً بقولت َي أهللار عب ـ ـ ـ ـ ــد هللا بن عمرو بن حرٍام عل اخلروً يف ايوة أ ٍ
َّ
فَين وهللا لوح ِأين أترك
حض تعلم إىل ما يصري أمرانِ ،
جابر! ح عليك أن تكون يف نظارأ اَّدينة َّ
ِ
لللميدأ ( 129/5ـ .)130 ( )1انظر التَّاري ال المي ،
( )2انظر زاد اَّعاد (.)214/3
789
[أمحد ( ،)398 - 397/3وجممع الزوائد (.])135/4 يدأ.
َّ تل ب
بنات س بعدأ ألحببت أن تـ ْق ش
َّب(ﷺ) ِ ،
وإين ح وقال حبنت أيض ـ ـ ـاً ما أراين إح مقتوحً يف َّأول من يـ ْقتشل من أهللا ـ ـ ــلاب الن ِ
فاقض ،وا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ
ـتوص علي ديناً ِ
وإن َّ علي منك شري ِ
نفس ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) َّ ، أعَّاي َّ
أترك بعدأ ش
خرياً [البخاري (.])1351 نخوتك
وخرً مع اَّســلم وانل و ــام ال َّ ـهادة يف ــبيل هللا ،فقد قتل يف معركة أ ٍ
حد ،وهذا جابر
أحد ،جعلت أك ف عن وجهت ،وأبكي ، ِدثنا عن ذلك ،حيث يقول ل ـ ـ ـ َّـما قتل أيب يوم ٍ
َّب(ﷺ)
عميت تبكيت ،فقال الن ُّ ت َّ وج شعلش ْ
وجعل أهللالاب ر ول هللا(ﷺ) ينهون وهو ح ينهاين ،ش
«تبك ،أو ح تبك ،م ــا زال ــت اَّالئك ــة ت ِظلُّ ـت أبجنلته ــا َّ
حض شرفشـ ْعتموه» [البخــاري (،)1244
ومسلم (.])130/2471
وقال ر ــول هللا(ﷺ) «َي جابر! ماس أراك منكسـراً؟» قال َي ر ــول هللا ،ا ــت ــهد أيب،
وديناً .قال(ﷺ) «أفال أب ـ ـ ـ ــرك مبا لقي هللا بت أابك؟» قال بل َي ر ـ ـ ـ ـول هللا!
وترك عياحً ،ش
قا إحَّ من وراء ح ــاب ،وكلَّم أابك كفــاحـاً(َ .)1ي جــابر! أمــا قــال(ﷺ) «مــا شكلَّم هللا أحــداً ُّ
ش
عطك .قال َي رب! حتيي فأقتل فيك َتن علي أ ِ علمت َّ
أن هللا أحيا أابك ،فقال َي عبدأ! َّ َّ
ب ــبلانت إنَّت ــبق م ِ َّأ،م إليها ح يرجعون .قال َي رب! فأبل شم ْن ورائي» الر ُّ
اثنيةً .فقال َّ
ين قتِلوا ِيف [الرتمذي ( ،)3010وابن ماجه ( )190و( ،)2(])2800فأنايل هللا تعاىل ﴿وحش شحتس ـ ـ ـ ـ ـ َّ َّ ِ
ب الذ ش ش ْش ش
شحيشاء ِعْن شد شرهبِِ ْم يـ ْرشزقو شن ﴾ [آل عمران.]169 : بِ ِيل َِّ
اَّلل أ ْشم شو ًاات بش ْل أ ْ ش
وقـد رأ عبد هللا بـن عمرو رييـا يف منامـت قبل أحـد قال رأيت فـي النَّوم قبل أ ٍ
حد ،مب ِ ر
بن عبد اَّنذر يقول س أنت قادم علينا يف ٍ
أَيم ،فقلت وأين أنت؟ فقال يف اجلنَّة نش ْسشر فيهـ ـا
كيف ن ــاء .قلت لت أ ت ـ ْقتشل يوم ب ــد ٍر ؟ قال بل ! مثَّ أحييت .فذكر ذلك لر ول هللا(ﷺ)،
قال خيثمة أبو ــعد -وكان ابنت ا ــت ــهد مع ر ــول هللا(ﷺ) يوم بد ٍر -لقد أخطأت
حض ـ ـ ـ ـ ـ ــالت اب يف اخلروً ،فهرً ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْهمت ،فرِز شق وقعة بد ٍر ،وكنت وهللا عليها حريص ـ ـ ـ ـ ـ ـاًَّ ،
ال َّ ـ ـ ـ ـهادة ،وقد رأيت البارحة اب يف النَّوم يف أحسـ ـ ـ ــن هللاـ ـ ـ ــورةٍ ،يسـ ـ ـ ــر يف شار اجلنَّة ،وأ،ارها،
ويقول احلق بنــا ترافقنــا يف اجلنـَّة ،فقــد وجــدت مــا وعــدين ريب حقـاً ،وقــد وهللا َي ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا
ت ِ ـ ـ ِ ،شور َّق عظمي ،وأحببت لقاء ِريب ،فادي ِ
كرب ْ
أهللا ــبلت م ــتاقاً إىل مرافقتت يف اجلنَّة ،وقد ش
ـعد يف اجلنَّة ،فدعا لت ر ــول هللا(ﷺ) بذلك، هللا َي ر ــول هللا! أن يرزق ال َّ ـ ـهادة ،ومرافقة ـ ٍ
أقبل وه بن قابوس اَّايينُّ ،ومعت ابن أخيت احلارث بن عقبة بن قابوس ب ن ٍم يما من جبل
مايينة ،فوجدا اَّدينة خلواً ،فسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأح أين النَّاس؟ فقالوا أب ٍ
حد خرً ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) يقاتل ش
حض أتيا النَّب(ﷺ) أب ٍ
حد ،في دان يش .فقاح ح نبت ي أثراً بعد ع ،فهرجا َّ اَّ ـ ـ ـ ــرك من قر ٍ
القوم يقتتلون ،و َّ
الدولة لر ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) وأهللا ـ ـ ـ ــلابت ،فأ ارا مع اَّس ـ ـ ـ ــلم يف النـ َّْه ،وجاءت
اخليــل ِم ْن وراءهم ،خــالــد بن الوليــد وعكرمـة بن أيب جهــل ،فــاختلطوا ،فقــاتال أش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـد القتـال،
فانفرقت فرقة من اَّ ــرك ،فقال ر ــول هللا(ﷺ) «من يذه الفرقة؟» فقال وه بن قابوس
حض انصرفوا ،مثَّ رجع.
أان َي ر ول هللا! فقام فرماهم ابلنـَّْبل َّ
فانفرقت فرقة اثنية ،فقال ر ــول هللا(ﷺ) «من يذه الكتيبة؟» فقال اَّايينُّ أان َي ر ــول
وكان بالل بن احلارث اَّايينُّ ِدث ،يقول شهدان القاد يَّة مع عد بن أيب وقَّاص ،فل ـ ـ َّـما
()1
فض من ال قابوس من مايينة ،ف ئت ـ ـ ــعداً ا ً فت هللا علينا ،وقسـ ـ ــمت بيننا نائمنا ،فأ ْ ـ ـ ـ ِق ش
ح فرغ من نومـت ،فقــال بالل؟ قلــت بالل! قــال مرحبـاً بـك ،شم ْن هـذا معـك؟ قلــت رجــل
من قومي ِم ْن ال قابوس .قال ـ ـ ـ ـ ـ ــعد ما أنت َي فض من اَّايين الَّذأ قتل يوم أحد؟ قال ابن
الرجل شــهدت منت يوم أحد م ـهداً أخيت .قال ــعد مرحباً ،وأهالً ،وأنْـ شع شم هللا بك شعْيناً ،ذلك َّ
كل ٍ
انحية ،ور ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) أحد ،لقد رأيتنا وقد أحدق اَّ ـ ـ ـ ـ ـ ــركون بنا من ِ ما شـ ـ ـ ـ ـ ــهدتت من ٍ
()2
وإن ر ــول هللا(ﷺ) لريمي ببص ــره يف النَّاس َّ
يتومسهم كل ٍ
انحيةَّ ، و ــطنا ،والكتائ تطلع من ِ
يرده ،فما أنس ـ ـ
كل ذلك ُّ
كل ذلك يقول اَّايينُّ أان َي ر ـ ــول هللا! ُّ
يقول «من يذه الكتيبة؟» ُّ
مرٍة قامها ،فقال ر ــول هللا(ﷺ) «قم وأب ــر ابجلنَّة!» قال ــعد وقمت عل أثره ،يعلم آخر َّ
حض رجعنا فيهم الثَّانية ،هللا ِأين أطل مثل ما يطل يومئذ من ال َّ ـ ـ ـ ـهادة ،فهض ـ ـ ــنا شح ْومتهم َّ
أجلِي ا ـ ــتأخر ،مثَّ
لكن ش
وأهللا ـ ــابوه -رحت هللا ! -ووِددت وهللا ِأين كنت أهللا ـ ــبت ٍ
يومئذ معت ،و َّ ش ْ
الرجوي إىل ض ـ ـ ـلت ،وقال اخ يف اَّقام عندان ،أو ُّ دعا ـ ـ ــعد من ـ ـ ــاعتت بسـ ـ ــهمت ،فأعطاه ،وف َّ
ـول هللا!
ويف رواية أت عمرو بن اجلمو ر ــي هللا عنت إىل ر ــول هللا(ﷺ) ،فقال َي ر ـ ش
حض أقتل ،أم ــي برجلي هذه هللاــليلة يف اجلنَّة -وكانت رجلت
أيت إ ْن قاتلت يف ــبيل هللا َّ
أر ش
فمر
عرجاء -؟ فقال ر ول هللا(ﷺ) «نعم» ،فقتلوه يوم أحد هو ،واب ـ ـ ـ ـ ــن أخيت ،وموىل يماَّ ،
رب واحد [أمحد ( ،)299/5والبيوقي يف الدالئل ( ،)246/3والواقديهبم ر ـ ــول هللا(ﷺ) ،ف علوا يف ق ٍ
يف امل ازي ( ،)264/1وابن هشام ( ،)96/3وجممع الزوائد (.])315/9
وفيت دليل عل شـ اعة عمرو بن اجلشمو ،ور بتت يف نيل ال َّ ـهادة ،وهللاــدقت يف طلبها ،وقد
أكرمت هللا بذلك.
حد ،رفع ح شس ـ ـيل بن جابر ،وهو اليمان أبو حذيفة ابن لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما خرً ر ـ ــول هللا(ﷺ) إىل أ ٍ
اليمان ،واثبت بن وقش يف احطام( ،)2مع النِس ـ ـ ــاء ،وال ِ
صـ ـ ـ ـبيان ،فقال أحدلا لص ـ ـ ــاحبت -ولا ش
شـ ـ ـ ــيهان كبريان -ح أاب لك! ما تنتظر؟ فو هللا ما بقي لو ٍ
احد منَّا من عمره إح ِظمء( )3حا ٍر،
َّإجا حنن هامة اليوم ،أو د ،أفال أنخذ أ ـ ـ ــيافنا ،مثَّ نللق بر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) َّ ،
()4
لعل هللا يرزقنا
شهاد ًة مع ر ول هللا(ﷺ) ؟!
ويف هـذا اخلرب يظهر أثر الميـان يف نفوس ال ُّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيو الكبـار الَّـذين عـذرهم هللا يف اجلهـاد،
طلباً لل َّ ـهادة ،وحباً ،وشــوقاً للقاء هللا تعاىل،
الو
وكيف شتركوا احلصــون ،وخرجوا إىل ــاحات ش
وفيت موقف عظيم حلذيفة حيث تص ـ ــدَّق بدية والده عل اَّس ـ ــلم ،ودعا يم ابَّ فرة لكو،م
قتلوا والده خطأً ،وفيت أيضـ ـ ـ ـاً َّ
أن اَّس ـ ـ ــلم إذا قتلوا واحداً منهم يف اجلهاد يظنُّونت كافراً فعل
أ اليمان أاب حذيفة ،فامتنع من أخذ ِ المام ِديشـتت من بيت اَّال َّ
ألن ر ول هللا(ﷺ) أراد أن يشد ش
الدية ،وتصدَّق هبا عل اَّسلم (.)2 ِ
ك -األمور خبواتيموا:
إن األمور واتيمهـا ،وقـد وقع يف ايوة أح ٍـد مـا ِقق هـذه القـاعـدة اَّه َّمـة يف هـذا ال ِـدين،
َّ
َّعم ،ومعت ٍرب( ،)3ولا لكل مسل ٍم مت ٍ
فقد وقع حاداثن يؤكِدان هذا األمر ،وفيهما عظة ،وعربة ِ
حد ،فبدا لت ال ـ ـ ــالم ،فأ ـ ـ ــلم ،وأخذ ـ ـ ــيفت ،ورحمت ،وأخذ ألمتشت، فس ـ ـ ــأل عن قومت ،فقيل أب ٍ
حض دخل يف ع ْرض النَّاس ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما رآه اَّسلمون قالوا إليك عنا َي عمرو!
ورك فر ت ،فعدا َّ
قال ِإين قد امنت .فقاتل َّ
حض أثهنتت اجلرا ،فبينما رجال من ب عبد األش ـ ـ ـ ـ ـ ــهل يلتمس ـ ـ ـ ـ ـ ــون
ِ ٍ
جر وقيل مات ،فدخل اجلنة ،وما هللا ـ ـ ـلَّ من هللاـ ـ ــالة ،فقال الن ُّ
َّب(ﷺ) « شعم شل يس ـ ـ ـرياً وأ ش
كثرياً» [البخاري ( ،)2808ومسلم (.])1900
حد ،وخرً ر ول هللا(ﷺ) يقاتل اَّ رك ،ع ملشْرييق قومت اليهود وقال ل ـ َّـما كانت ايوة أ ٍ
صنشع فيت ما شاء .مثَّ دا إىل ر ول فأخذ يفت ،وع َّدتشـ ـ ـ ـ ـ ــت ،وقال إن أ ِهللابت فماس َّ ٍ
َّمد يش ْ ْ
هللا(ﷺ) ،فقــاتــل معــت حض قتِـل ،فقــال ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) «ملشِْ
رييق خري يهود» [ابن سـ ـ ـ ـ ـ ـعــد
( ،)501/1وأبو نعيم يف الدالئل (ص ،)18والطربي يف اترخيه ( ،)531/2والواقدي يف امل ازي (.])263/1
ِ ()2
هب فـي التَّ ريد ،وابن ح ر يف الهللاابة عن الواقدأ وقد اختلف يف إ المـت ،فنقل َّ
الذ ُّ
الروض األنف أنَّت مس ـ ــلم ،وذلك ح قال ِ
معقباً هيلي يف َّ َّ
أن ملرييق مات مس ـ ــلماً .وذكر ال ُّسـ ـ ـ ُّ
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام ( 100/3ـ ، )101وانظر فت البارأ يف شر حديث رقم (.)2808
الصلابة ( ، )70/2والهللاابة (.)393/3
( )2انظر دريد أمساء َّ
796
عل رواية ابن إ لاق عن ر ول هللا(ﷺ) أنَّت قال «ملشْرييق خري يهود» قال وملشِْرييق مسلم،
وح جيوز أن يقال يف مس ــلم هو خري النَّص ــار ،وح خري اليهود َّ
ألن أفعل من كذا إذا أ ــيف،
فهو بعض ما أ ـ ــيف إليت ،فَن قيل وكيف جاز هذا؟ قلنا ألنَّت قال خري يهود ،و يقل خري
اليهود ،ويهود ا م علم كثمود ،يقال َّإ،م ن سبوا إىل يهوذا بن عقوب ،مثَّ عربت َّ
الذال داحً(،)1
اَّطهرة» وذه وقد حقَّق هذه اَّس ــألة ُّ
الدكتور عبد هللا ال ــقارأ يف كتابت «اليهود يف ال ُّس ـ ـنَّة َّ
أن ملشِْرييق قد أ لم ،ودفعت ذلك إىل القتال مع اَّسلم ،وإىل التصدُّق مبالت مع كثرتت ،ومع
إىل َّ
ما عر عن اليهود من ح ِ اَّال ،والتَّكال عليت(.)2
ويف هذا اخلرب ،بيان َّكان ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيَّة يف اجلهاد ،وأنَّت شم ْن قاتل حيَّةً عن قومت ،أو ليقال
ش اي ،و تكن أعمالت هلل تعاىل ح يقبل هللا منت.
هيلي ( 408/4ـ .)409للس ِالروض األنف ُّ ، ( )1انظر َّ
اَّطهرة (.)306/1
السنَّة َّ
( )2انظر اليهود يف ُّ
( )3انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام ( ، )99/3و ايوة أحد درا ة دعويَّة ،ص .113
797
يبوة:
خامساً :من دالئل الن َّ
- 1عني قتادة بن النيعمان رضي هللا عنه:
ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـيب ـ ــا مبشـ ـ ـ ٍاء فشـ شع ـ ـ ـ شادا بشـ ْع ـ ـ ـد أشبْـ شواح ان(ِ )2م ْن لشش ٍ
ب تِْل ـ ـ ش
ك اَّ شك ـ ـا ِرم ح قشـعب ـ ـ ِ
ْش
()3
ش
مثَّ وهللالت ،فأحسن جائايتت .
> ُب بن خلف:
- 2مقتل أ ِّ
إن عندأ ال شع ْوذ فر ـ ـ ـ ـاً مبكة ،فيقول َي حممد! َّ ـول هللا(ﷺ) َّ
يب بن خلف يشـ ْل شق ر ـ ـ ـ ش كان أ شُّ
كل يوم فشـشرقاً( )4من ذ شرةٍ ،أقتلك عليت ،فيقول ر ول هللا(ﷺ) «بل أان أقتل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك إن شاء أعلِفت َّ
ْ
يب بن خلف ،وهو يقول هللا» فلـ ـ َّـما كان يـ ــوم أحد ،وأ ند ر ول هللا(ﷺ) يف ال ِ ْع أدركت أ شُّ
ُوت! فقال القوم َي ر ــول هللا! أيعطف عليت رجل منا؟ فقال ر ــول أأ حممد! ح ُوت إن ش
هللا(ﷺ) «دعوه» ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما دان ،تناول ر ول هللا(ﷺ) احلربةش من احلارث بن ِ
الص َّمة ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما شْ ش ش
تطاير ال َّ ـعراء( )5عن ظهر البعري إذا أخذها ر ــول هللا(ﷺ) منت انتفض هبا انتفا ــة تطايشران عنت ش
الصليلة ( ، )388/2و رية ابن ه ام (بالء قتادة وحديث عينت). ( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة َّ
( )2القع قد هم ليم.
( )3انظر البداية والنِهاية ( ، )35/4وأ د ال ابة (.)389/4
( )4الفرق مكيال يسع تة ع ر رطالً ،وهي اثنا ع ر مداً.
ض احليَّة ،والعقرب ،و ُّ
الذابب. ( )5ال َّعراء ذابب لت لدغ ،واللَّدغ شع ُّ
798
انتفض هبا ،مثَّ ا تقبلت ،فطعنت يف عنقت طعنةً تدأدأ( )1منها عن فر ت مراراً ،فل ـ َّـما رجع إىل قريش
وقد شخ شد شش ـ ـ ـ ـ ـت يف عنقت شخدش ـ ـ ـ ـ ـاً ري كب ٍري ،فاحت شق شن الدَّم ،قال قتل وهللا حممد! قالوا لت ذه
صـ ـق أبس ،قال إنَّت قد كان قال س َّ
مبكة أان أقتلك ،فو هللا! لو بش ش وهللا فؤادك! وهللا إ ْن بك من ٍ
[الطربي يف اترخيه (- 518/2 عدو هللا بس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ٍ ( )2وهم قافلون بت إىل َّ
مكة. لي لقتل ،فمات ُّ
ع َّ
ش
،)519والواقدي يف امل ازي ( ،)251/1وابن سعد ( ،)46/2والبيوقي يف الدالئل ( 211/3و.)3(])258
ويف هذا اخلرب شمثشل رفيع عل ش ـ ـ ـ ـ اعة ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ،فقد كان أيب بن خلف م شد َّج اً
ابل ِسـ ـ ـ ـال ِ ،
ومتدرعاً ابحلديد الواقي ،ومع ذلك ا ـ ـ ــتطاي ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) أن يطعنت اب ُّلرم من
فـرج ٍة هللا ـ رية يف عنقت ب ِ
الد ْري ،والبيضــة ،وهذا ُّ
يدل عل قدرة ر ــول هللا(ﷺ) القتاليَّة ،ودقَّتت ْش
َّب(ﷺ) ،فقد أخرب أبشـياً أبنت و يقتلت مب يئة هللا، يف إهللاابة ايد .ويف هذا اخلرب مع اية للن ِ
َّب(ﷺ) ،وأنت إذا قال ش ـ ــيئاً وقع ،فقد
وذَّ ذلك ،ويف اخلرب عربة يف إميان اَّ ـ ــرك بص ـ ــدق الن ِ
يب بن خلف عل يق ٍ أبنَّت ـ ـ ــيموت من تلك الطَّعنة ،ومع ذلك يدخلوا يف ال ـ ـ ــالم
كان أ ُّ
لعنادهم ،وعبادة أهوائهم(.)4
ال ـ ـ ـ َّـر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـول أ شيب يشـ ـ ـ ـ ْوشم شاب شرشزه ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالشلشةش شع ْن أشبِْي ِت لششق ْد شوِر ش
ث ال َّ
( )5
بِـ ـ ِت شجه ْول ت ِ
شوتـ ْوعـ ـده شوأشنْـ ـ ش ت إِلشْي ـ ـ ـ ِت شْحت ِم ـ ـ ـل ِرَّم شعظٍْم أتْي ـ ـ ـ ش
***
الرسول(ﷺ) وأصحابه:
أوالً :حوار أب سفيان مع َّ
حممد؟ فقال ر ـ ـ ـ ـ ــول
الرباء ر ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت وأش ـ ـ ـ ـ ــر ش أبو ـ ـ ـ ـ ــفيان ،فقال أيف القوم َّ
قال ش
هللا(ﷺ) «ح ديبوه» فقال أيف القوم ابن أيب ق شلافشةش؟ قال «ح ديبوه» .فقال أيف القوم ابن
اخلطَّاب؟ فقال َّ
إن هؤحء القوم قتلوا ،فلو كانوا أحياءً ألجابوا فلم ميلك عمر ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت
عدو هللا! أبق هللا عليك ما خياييك .قال أبو ـ ـ ـ ـ ــفيان ْاعل هبشل(!)1
كذبت َي َّ
ش نف شس ـ ـ ـ ـ ـت ،فقال
أجل» .قال أبو ــفيان
َّب(ﷺ) «أجيبوه» .قالوا ما نقول؟ قال قولوا «هللا أعل و ُّ فقال الن ُّ
َّب(ﷺ) «أجيبوه» .ق ــالوا م ــا نقول؟ ق ــال قولوا «هللا لن ــا العَّاي .وح عَّاي لكم .فق ــال الن ُّ
موحان ،وح موىل لكم» .قال أبو ـ ـ ـ ــفيان يوم بيوم بدر ،واحلرب ِ ـ ـ ـ ـ ش ال ،وددون مثلةً ام ْر
اية قال عمر ح واء! هبا ،و تشس ْؤين[ .البخاري ( ،)4043والبيوقي يف الدالئل ( )2(])268/3ويف رو ٍ
[أمحد ( ،)3()463/1وجممع الزوائد (.])110/6 قتالان يف اجلنَّة ،وقتالكم يف النَّار».
كان يف ـ ـؤال أيب ــفيان عن ر ــول هللا(ﷺ) ،وأيب بك ٍر ،وعمر ر ــي هللا عنهما دحلة
وا ـ ــلة عل اهتمام اَّ ـ ــرك هبؤحء دون ريهم ألنَّت يف علمهم َّأ،م أهل ال ـ ــالم ،وهبم قام
هللا ْرحت ،وأركان دولتت ،وأعمدة نظامت ،ففي موهتم يعتقد اَّ ركون أنَّت ح يقوم ال الم بعدهم.
ش
حض إذا انت ـ ـ ـ ـ ،وم ه ِ
الك ْرب وكان ال ُّسـ ـ ـ ـكوت عن إجابة أيب ـ ـ ــفيان َّأوحً تصـ ـ ـ ـ رياً لتَّ ،
ويف هــذا يقول ابن القيِم يف تعليقــت عل هــذا احلوار فــأمرهم قوابــت عنــد افتهــاره ابيت ـت،
وقوة جانبت ،وأنَّت ح يـ ْلش ،وحنن
بعاية من شعبش شده اَّس ـ ــلمونَّ ،
وب ـ ــركت تعظيماً للتَّوحيد ،وإعالماً َّ
حممد؟ أفيكم ابن أيب قلافة؟ أفيكم عمر؟
حايبت ،وجنده ،و رمرهم نجابتت ح قال أفيكم َّ
بــل روأ أنـَّت ،ــاهم عن إجــابتــت ،وقــال «ح ديبوه» َّ
ألن ك ْل شمهم يكن برد يف طلـ القوم،
وانر يظهم بعد متوقِدة ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما قال ألهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــلابت أما هؤحء فقد كفيتموهم حي عمر بن
اخلطـَّاب ،واش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـد ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـت ،وقـال كـذبـت َي ع َّ
ـدو هللا! فكـان يف هـذا العالم من الذحل،
بقوة القوم ،وبس ـ ـ ـ ــالتهم، َّعر إىل ِ
العدو يف تلك احلال ما يؤذ،م َّ وال َّ ـ ـ ـ ـ ـ اعة ،وعدم اجلب ،والت ُّ
و َّأ،م ي ِهنوا ،و يش ْ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعفوا ،وأنـَّت ،وقوشم ـت جــديرون بعــدم اخلو منهم ،وقــد أبق هللا يم مــا
يسـ ــويهم منهم ،وكان يف العالم ببقاء هؤحء الثَّالثة وهلة بعد ظنِتِ ،
وظن قومت أ َّ،م قد أهللاـ ــيبوا
ـ ـ ـ ـ ــأل عنهم العدو ،وحايبت ،و ِ
الفت يف شعضـ ـ ـ ـ ـ ـده ما ليس يف جوابت ح من اَّص ـ ـ ـ ـ ــللة ،و يم ِ
َّب(ﷺ) واحداً ،واحداً ،فكان ؤالت عنهم ،ونعيهم لقومت آخر هام ِ
العدو ،وكيده ،فصرب لت الن ُّ
فرد بسـ ــهام كيده عليت ،وكان ترك اجلواب عليت أحسـ ــن،
حض ا ـ ــتويف كيده ،مثَّ انتدب لت عمرَّ ،
َّ
ألت عنهم إهانةً لت ،وتص رياً ل أنت ،فل ـ ـ َّـما وذكره اثنياً أحسن ،وأيضاً َّ
فَن يف ترك إجابتت ح
وظن أ،م قد قتلوا ،وحص ــل لت بذلك من الكرب ،واألش ــر()2ما حص ــل ،كان
شمنَّـْتت نفس ــت موهتمَّ ،
َّب(ﷺ) «ح ديبوه» فَنَّت َّإجا يف جوابت إهانة لت ،وحتقري ،وإذحل ،و يكن هذا ملالفاً لقول الن ِ
حممد؟ أفيكم فالن؟ و يشـْنتش عن إجابتت ح قال أما هؤحء ،عن إجابتت ح ـ ــأل أفيكم َّ
أحسن ِم ْن إجابتت اثنياً(.)3
ش أحسن ِم ْن ترك إجابتت أوحً ،وح
ش
وبكل ٍ
حال ،فال فقد قتلواِ ،
وأمر ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) أن يدفنوا حيث هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِرعوا ،وأعيد شم ْن أ خذ ليدفن داخل اَّدينة.
[النسائي (.])79/4
ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما رأ ر ــول هللا(ﷺ) حايشة بن عبد اَّطل وقد مثِل بت حاين حايانً شــديداً ،وبك
حض ن ـ ـ ( )1من البكاء( )2وقال(ﷺ) «لوح أن حتاين هللاـ ــفيَّة ،ويكون ـ ــنةً من بعدأ ل كتت َّ
حض يكون يف بطون ال ِس ـ ـ ـباي ،وحواهللا ـ ـ ــل الطَّي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ،ولئن أظهرين هللا عل قر ٍ
يش يف موطن من َّ
ألمثلن بثالث رجالً منهم» فلـ ـ ـ َّـما رأ اَّسلمون ح ْاي شن ر ول هللا(ﷺ) و يظت عل شم ْن
َّ اَّواطن
لنمثلن هبم مثشلةً ميشثِْل شها
َّ فعل ِ
بعمت ما فعل ،قالوا وهللا! لئن أظفران هللا عليهم يوماً من الدَّهر،
[أمحـد ( ،)128/3وأبو داود ( ،)3136والرتمـذي ( ،)1016واحلـاكم ( ،)196/3وابن أب أحــد من العرب.
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام (.)106/3
أحد ،أليب فارس ،ص .104( )2انظر ايوة ٍ
( )3انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،أليب شهبة (.)210/2
803
رجايك ،وعذابك .اللَّه َّم قاتل الكفرة الَّذين أوتوا
اجعل عليهم ش
ك ،ويصـ ــدُّون عن ـ ــبيلك ،و ْ
ر ـ ـلش ش
[أمحد ( ،)424/3والبزار ( ،)1800والطرباين يف املعجم ( ،)4549والبخاري يف األدب الكتاب ،إلت اخلشْلق»
املفرد ( ،)699وجممع الزوائد ( ])122 - 121/6مثَّ رك فر ت ،ورجع إىل اَّدينة.
وهذا أمر عظيم ،ش ـ ـ ـ ـ ــرعت ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) أل َّمتت ،لكي يطلبوا النَّص ـ ـ ـ ـ ــر ،والتَّوفيق من ِ
رب
أن الدُّعاء مطلوب يف اعة النَّصر ،والفت ،ويف اعة ايايمية َّ
ألن الدُّعاء ألمتت َّ
العاَّ ،وب َّ َّ
م ُّ العبادة ،كما أنَّت من أقو األ ـ ـ ـ ـ ــباب يف دفع اَّكروه ،وحص ـ ـ ـ ـ ــول اَّطلوب ،وجيعل القلوب
ٍ
عظيمة ،ف تفع متعلِقة القها ،فينايل عليها ال َّس ـ ـكينة ،والثَّبات ،واحطمئنان ،وميدُّها َّ
بقوةٍ روحيَّ ٍة
اَّعنوَيت حنو اَّعاس ،وتتطلَّع إىل ما عند هللا تعاىل.
يف أعقاب اَّعركة ،يتَّهذ النَّب(ﷺ) أهبـتشتِ ،
وينظم اَّس ــلم هللا ــفوفاً ،لكي يـثِْ ش عل ربِت - ْش ُّ
وجل -إ نَّت َّوقف عظيم ،جيشلِي إمياانً عميقاً ،ويك ـ ـ ـ ـ ـ ــف عن العبودية اَّطلقة ل ِ
رب العاَّ عاي َّ َّ
الفعال َّا يريد ،فهو القابض ،والبا ا ،واَّعطي ،واَّانع ،ح ر َّاد ،وح مع ِق حلك ِ
ْمت. َّ
ش
إن هذا اَّوقف من أعظم مواقف العبوديَّة الَّيت تس ـ ـ ـ ـ ـ ــمو ابلعابدينُّ ،
ودل اَّعبود كأعظم ما َّ
يكون الجالل ،والكبار ،وأبرز ما يكون احلش ْمد والثَّناء(.)1
وإن ركبوا اخليل ،و ـ ــاقوا البل ،فهم يريدون اَّدينة ،والَّذأ نفس ـ ــي بيده! إن أرادوها أل ـ ـ ـ َّ
رين
َّب(ﷺ) أقـ ــام يف أرض اَّعركـ ــة بعـ ــد أن انتهـ ــت تف َّق ـ ـد خاليـ ــا اجلرح ، ونللم َّ
أن الن َّ
كل ذلك وال ُّهداء ،وأمر بدفنهم ،ودعا ربَّت ،وأثىن عليت بلانت ،وأر ل علياً ليتتبَّع خرب القوم ُّ
من أجل أن افم عل النَّص ـ ـ ــر الذأ أحرزه اَّس ـ ـ ــلمون يف ايوة أح ٍد ،وهذا من فقت ـ ـ ــنن هللا
تعاىل يف احلروب واَّعارك ،فقد جعل ـ ـ ـ ــبلانت من ـ ـ ـ ــننت يف خلقت أن جعل للنَّصـ ـ ـ ــر أ ـ ـ ـ ــباابً،
وللهايمية أ باابً ،فمن أخذ أب باب النَّصر ،وهللادق التَّوُّكل عل هللا -بلانت وتعاىل -حقيقة
ت ِم ْن قشـْبل عاي وجل ،-كما قال تعاىل ﴿ ـ ـنَّةش َِّ
اَّلل الَِّيت قش ْد شخلش ْ التوُّكل انل النَّصـ ــر نذن هللا َّ -
َّب(ﷺ) يف اار ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنَّة األخذ اَّللِ تشـْب ِديالً ﴾ [الفتح.]23 :ويت لَّ فقت الن ِ
شولش ْن شِد شد لِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن َِّة َّ
ابأل باب ،يف ايوة حراء األ د.
حض بعد
َّب(ﷺ) اتبع أخبار اَّ ــرك بوا ــطة بعض أتباعتَّ ،
أن الن َّ ُد يف بعض ِ
الرواَيت َّ
حممد،
مكة ،وبل ت مقالـ ـ ـ ـ ـ ــة أيب فيان يلوم فيها جنده لكو،م ي فوا ليلهم من َّ رجوعهم إىل َّ
عباس ر ــي هللا عنهما قال ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما انصــر أبو ــفيان واَّ ــركون من أ ٍ
حد، وجنده ،فعن ابن ٍ
()3
حممداً قتلتم ،وح الكواع أردفتم ،شـ ــر ما هللاـ ــنعتم! فبل
الرْوحاء ،قال أبو ـ ــفيان ح َّ
وبل وا َّ
وعندما مسع ما كانت تعايم عليت قريش من العودة إىل اَّدينة ،خرً مبن حضره يوم أح ٍد من
اَّسلم دون ريهم إىل حراء األ د.
قال ابن إ ـلاق كان يوم أحد يوم ال َّسـبت للنِصـف ِم ْن ش َّـوال ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما كان ال د من يوم
ـول هللا(ﷺ) يف النَّاس بطل ا ِ
لعدو، ـت ع ــرة ليلةً مضــت من شـ َّـوال أذَّن مؤذن ر ـ ِ
األحد لسـ َّ
أحد إح شم ْن حضـ ـ ـ ــر يومنا ابألمس ،فا ـ ـ ــتأذنت جابر بن عبد هللا يف وأذَّن ِ
مؤذنت أحَّ
خيرجن معنا ش
َّ
وإجا خرً م ْرِهباً ِ
للعدو ،وليظنُّوا َّ
أن الذأ أهللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهبم يوهنهم عن طل اخلروً معت ،فأذن لتَّ ،
َّب(ﷺ) عدوهم[ .ابن هشام ( ،)107/3والبيوقي يف الدالئل ( .)1(])314/3وقد ا ت اب أهللالاب الن ِ ِ
حض الَّذين أهللايبوا ابجلرو فهذا رجل من ب عبد األشهل يقول شهدت أحداً لن ــداء اجلهادَّ ،
مؤذن ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ابخلروً يف طل العد ِو قلت أان ،وأ س ،فرجعنا جر ،فلما أذَّن ِ
ش
ألخي -أو قال س -أتفوتنا ايوة مع ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ؟ وهللا ما لنا من ٍ
دابة نـش ْرشكبها ،وما منا
إح جري ثقيل ،فهرجنا مع ر ـ ــول هللا(ﷺ) ،وكنت أيس ـ ـ شـر ج ْرحاً منت ،فكان إذا ل حلتت
حض انتهينا إىل ما انته إليت اَّسلمون(.)2
عقبةً (ف ًة)َّ ، عقبةً وم
و ار ر ول هللا(ﷺ) إىل حراء األ د ،واق ب قنوده من جيش اَّ رك ،فأقام فيت ثالثة
أمر نش ــعال أَيم َّ
يتلد اَّ ــرك ،فلم يت ـ ـ َّ عوا عل لقائت ،ونايالت ،وكان ر ــول هللا(ﷺ) قد ش
وقت واحد طسمئة انر(.)3 النِريان ،فكانوا ي علون يف ٍ
فثىن ذلك أاب ـ ــفيان ومن معت ،وحاول أبو ـ ــفيان أن ي ِطي انسـ ــلابت هذا ب ـ ـ ِـن ٍ
حرب
نفس ـ ـ ـ ـ ـ ـيَّة عل اَّسـ ـ ـ ـ ـ ــلم ،لعلَّت يرهبهم ،فأر ـ ـ ـ ـ ـ ــل مع شرْك ِ عبد القيس -وكانوا يريدون اَّدينة
لي(.)3
عايشة اجل شم ِ
و أيب َّ و ي ْـؤ ش ْر من اَّ رك
حد فقد اُلت اَّعركة عن بع شهيداً من اَّسلم ، و َّأما عدد القتل من اَّسلم يف أ ٍ
كان خروً ر ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) َّالحقة اَّ ـ ـ ـ ــرك يف ايوة حراء األ ـ ـ ـ ــد ،يهد إىل حتقيق
اَّهمة منها
جمموعة من اَّقاهللاد َّ
- 1أحَّ يكون آخر ما تنطوأ عليت نفوس الَّذين خرجوا يوم أ ٍ
حد هو ال ُّعور ابيايمية.
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة حبن ه ام (.)116/3
( )2انظر شرحت و ببت يف الفت .
( )3انظر البداية والنِهاية (.)53/4
( )4اَّرر الوجياي ،حبن عطية (.)411/3
( )5مروَيت ايوة أحد ،للباكرأ ،ص 367ـ .369
809
لدعوة هللا ،ور ولت(ﷺ) .
حض عس ـ ــكروا حبمراء األ ـ ــد ،وكان قال ابن ـ ــعد «ومض ـ ـ ر ـ ــول هللا(ﷺ) أبهللا ـ ــلابت َّ
حض تر من اَّكان البعيد ،وذه هللا ـ ـ ـ ـ ـ ــوت اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ــلمون ِ
يوقدون تلك اللَّياس طس ـ ـ ـ ـ ـ ــمئة ان ٍر َّ
عدوهم»(.)3
ت هللا تعاىل بذلك َّ معسكرهم ،نريا،م يف ِ ٍ
كل وجت فكبش ش
سادساً :مشاركة نساء املسلمني يف معركة أ ٍ
ُحد:
كانت ايوة ٍ
أحد َّأول معركة يف ال ـالم ت ـارك فيها نسـاء اَّسـلم ،وقد ظهرت بطوحت
إميا،ن يف هذه اَّعرك ـ ـ ــة ،فقد خرجن لكي يسق العط ،ويداوين اجلرح ، َّ ال ـ ـ ــنِساء ،وهللادق
للر ــول(ﷺ) ،واَّن ش ــاركن يف ايوة ٍ
أحد ُّأم ومنهن من قامت ِ
برد ـ ـرابت اَّ ــرك اَّ شو َّجهة َّ َّ ش ْ
ش األ ديَّة ،و ُّأم ش لِيا ،و ُّأم
الص ِديق ،و ُّأم عمارة ،وحشْنشة بنت شج ْل ٍ
اَّؤمن عائ ة بنت أيب بكر ِ
[مسلم ( 1809و 1810و.])1811 لشْيم ،ونسوة من األنصار.
وقال كع بن ٍ
مالك ر ي هللا عنت «رأيت َّأم لشيم بنت مللان ،وعائ ة ،عل ظهورلا
ٍ
جلش تسقي العط ،وتداوأ اجلرح ،وكانت القرب ،مال،ا يوم أ ٍ
حد ،وكانت حشْنشة بنت ِ
ش
ُّأم أمين تسقي اجلرح ».
َّب(ﷺ) اَّ ـ ـ ــاهد ،ويس ـ ـ ــق هرأ كان النِس ـ ـ ــاء ي ـ ـ ــهدن مع الن ِ
الاي ِ
الرزاق عن ُّ
وأخرً عبد َّ
الربيِع بنت م شع ِوٍذ ،قالت كنَّا مع الن ِ
َّب(ﷺ) نس ـ ـ ـ ـ ـ ــقي القوم، ()3
اَّقاتلة ،ويداوين اجلرح .وعن ُّ
كة يف ال ــالم حممد أحد ابطيل فقد قال «وقد كانت معركة أ ٍ
حد َّأول معر ٍ و َّأما األ ــتاذ َّ
قاتلت فيها اَّرأة اَّســلمة اَّ ــرك ،ومن الثَّابت َّ
أن امرأ ًة واحد ًة فقا اشـ كت يف هذه اَّعركة،
أن اَّرأة الَّيت اش ـ ـ ـ كت يف معركة
وهي تدافع عن ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ،كما أنَّت من الثَّابت أيض ـ ـ ـاً َّ
كالرجال َّ
وإجا خرجت لتنظر ما يصـ ـ ـ ـ ـ ــنع أحد هرً بقصـ ـ ـ ـ ـ ــد القتال ،فهي تكن جمنَّدةً فيها ٍِ
النَّاس لتقوم أبيَّة مسـ ــاعدةٍ ميكنها القيام هبا للمسـ ــلم كَ اثة اجلرح ابَّاء ،وما شـ ــابت ذلك،
أن هذه اَّرأة الَّيت خا ت معركة أ ٍ
حد ،هي امرأة قد هطَّت ِ َّن ال َّباب ،كما يضا إىل هذا َّ
أ َّ ،ـا هرً إىل اَّعركــة إحَّ مع زوجهــا ،وابنيهــا ،الَّـذين كــانوا من اجلنــد الَّـذين قــاتلوا يف اَّعركــة،
الدينيَّة ،فال يقاس عل الرهللا ـ ـ ــيد ايائل الَّذأ لديها من اَّناعة اخللقيَّة وال َّ بية ِ
يض ـ ـ ــا إىل هذا َّ
الايمان ،الَّالئي يرتدين لباس اَّيدان ،وعنص ـ ـ ـ ـ ـ ــر ال راء،
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلابية اجلليلة ،جمنَّدات هذا َّ
هذه ال َّ
للرجال فأين الثـشَّر ِم شن الثُّـشرََّي؟!
أهم عنص ٍر يتميَّاين بت ،و رهللان عل إظهاره ِوالفتنة هو ُّ
الايمان ،من انحية ال َّهامة،
كذلك رجال ذلك العصر ح يقاس عليهم أحد من رجال هذا َّ
لألمة:
ات َّ الصرب ِّ
تقدموا صحابيَّ ٌ سابعاً :دروس يف َّ
العوام ر ــي هللا عنت إىل ر ــول هللا(ﷺ) فأخربه بذلك ،قال « شخ ِل
الايبري بن َّ
فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما جاء ُّ
بيلها» فأتتت ،فنظرت إليت ،فصلَّت عليت ،وا جعت( ،)2وا ت فرت لت[ .سبق خترجيه](.)3
ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما فرغ ر ول هللا(ﷺ) من دفن أهللالابت ر ي هللا عنهم ،رك فر ت ،وخرً اَّسلمون
ٍ
جلش ،فقــال يــا ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) َي حنــة! حولــت راجع إىل اَّــدينــة ،فلقيتــت حشْنشـة بنــت
ٍ
جلش ،فا ـ جعت ،وا ــت فرت عبد هللا بن
احتس ــب! قالت شم ْن َي ر ــول هللا؟! قال أخاك ش
قلت هذا؟ قالت َي ر ول هللا! والبيوقي يف الدالئل ( ،)301/3وابن هشام ( .])104/3مثَّ قال يا وِ ِ
ش
ذكرت يـْتم بنيت ،فراع ،فدعا يا ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ،ولو ِ
لدها أن س ـ ـ ـ ـ ـ ــن هللا تعاىل عليهم من ش ش
()2 ِ ()1
حممد بن طللة
حممداً ،وعمران ،وكان َّ
فتايوجت طللةش بن عبيد هللا ،فولدت منت َّ
ف َّ ، اخلشلش
أوهللال النَّاس لولدها(.)3
ج -املرأة ِّ
الدينارية رضي هللا عنوا:
مر ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ابمرأةٍ من ب دينار ،وقد قال ـ ـ ـ ـ ــعد بن أيب وقَّ ٍ
اص ر ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنت َّ
أهللاي زوجها ،وأخوها ،وأبوها مع ر ول هللا(ﷺ) أب ٍ
حد ،فل َّـما نـعوا يا قالت فما فعل ر ول
أنظر إليت ،فأشري
حض شهللا(ﷺ) ؟ قالوا خرياً َي َّأم فالن! هو حبمد هللا كما حتبِ ،قالت أشرونيت َّ
جلشل([ .)4الواقدي يف امل ازي ( ،)292/1والطربي يف كل مصـ ـ ـ ٍ
بعدك ش
ـيبة ش حض إذا رأتت قالت ُّيا إليتَّ ،
اترخيه ( ،)533/2والبيوقي يف الدالئل ( ،)302/2وابن هشام (.])105/3
البداية والنِهاية ( ، )47/4و ايوة أحد درا ة دعويَّة ،ص .236 ( )1انظر
الهللاابة ( ، )88/8رقم (.)11060 ( )2انظر
ايوة أحد ،أليب فارس ،ص .109 ( )3انظر
ِ
البداية والنِهاية ( ، )48/4و رية ابن ه ام (شأن اَّرأة الدينارية). ( )4انظر
815
ان( )1فر ــت ،فقال ــعد َي ر ــول هللا! ِأمي! فقال ر ــول هللا(ﷺ)
و ــعد بن معاذ اخذ بعنش ِ
ـول هللا ،فقالت أما إذ رأيتك ــاَّاً فقد أشــوت( )2اَّصــيبة،
أتملت ر ـ ش
حض َّ
مرحباً هبا ،فدنت َّ
أن فعاياها ر ــول هللا(ﷺ) بعمرو بن ٍ
معاذ ابنها ،مثَّ قال َي َّأم ــعد! أب ــرأ ،وب ِ ـرأ أهليهم َّ َّ
قتالهم قد ترافقوا يف اجلنَّة يعاً -وهم اثنا ع ــر رجالً -وقد شـ ِفعوا يف أهليهم .قالت ر ــينا
ول هللا! َّن خلِفوا .فقال ر ول
َي ر ول هللا! ومن يبكي عليهم بعد هذا؟! مثَّ قالت ادي َي ر ش
ف عل من خلِفوا».
اجب ـ ـ ـ ـ ْـر مصيبتهم ،وأحسن اخلشلش ش
هللا(ﷺ) « الله َّم أذه ح ـ ـ ـ ــاين قلوهبم ،و ْ
[م ازي الواقدي (.])316 - 315/1
***
حد وهللافاً دقيقاً ،وكان التَّصوير القرآينُّ لل ايوة أقو حيويَّة، لقد وهللاف القرآن الكر ايوة أ ٍ
كمـا ُـد احليويـَّة يف التَّص ـ ـ ـ ـ ـ ــوير ،واليقـاي ،وال ـاء ،حبيـث تتمـاوً اَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعر مع التَّعبري،
فهو وهللاـ ــف والتَّصـ ــوير َتاوجاً عميقاً عنيفاً ،وح َتلك أن تقف جامدةً أمام الوهللاـ ــف والتَّعقي
تتلرك ،وي ــيع حويا النَّ ــاط اَّؤثِر ،والشــعاي النَّافذ،
ـاه شد كما لو كانت َّحي ،يســتلضــر اَّ ـ ِ
وجاء التَّعبري بلفم «كيف» الدَّال عل اح ـ ـ ـ ـ ــتفهام ،اَّقص ـ ـ ـ ـ ــود بت تص ـ ـ ـ ـ ــوير حالة هؤحء
اَّكـ ِـذب الَّيت تــدعو إىل التع ُّ ـ ،وتثري اح ـ ـ ـ ـ ـ ــت راب ،وت رس احعتبــار واحتِع ـا يف قلوب
مكن هللا يم يف األرض ،ومنلهم الكثري من نعم ــت ،ولكنَّهم ألن هؤحء اَّك ـ ِـذب َّ
َّ اَّؤمن
ي كروه عليها ،فأهلكهم بسب ط يا،م(.)3
ويف قولــت تعــاىل دعــاهم إىل ترك ﴿ شوحش شهتِنوا شوحش شْحتشاينوا شوأشنْـتم األ ْشعلش ْو شن إِ ْن كْنـت ْم م ْؤِمنِ ش ﴾،
األعلش ْون بسب إميا،م. أل،م هم ْ وحماربة اجلب ،والتَّهلُّص من الوهن ،وعدم احلاينَّ ،
العدو وذلكجدهم ،واجتهادهم يف جهاد ِ أن اجلرو ،والقتل جي أحَّ تؤثِر يف ِ ب َّ يم َّ
عدوهم ِمثْـلت من قبل ذلك ،فَذا كانوا مع ابطلهم ،و ـ ــوء
ألنَّت كما أهللا ـ ــاهبم ذلك فقد أهللا ـ ــاب َّ
عاقبتهم يف وا ألجل ذلك يف احلرب ،فبِأ ْن ح يللقكم الفتور مع حس ـ ـ ــن العاقبة ،والتم ُّس ـ ـ ـك
حد فقد نِلتم منهم قبلت ابحلق أوىل( .)1وقال هللا ـ ـ ــاح الك َّ ـ ـ ـ ـا واَّعىن إن انلوا منكم يوم أ ٍ
ِ
قلوهبم ،و يثبِطْهم عن مع ــاودتكم ابلقتـ ــال ،فـ ــأنتم أوىل أحَّ ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعِ ْ
ف ذل ــك ش يوم بـ ــد ٍر ،مثَّ ي ْ
تضعفوا(.)2
عباس ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنهما قال إنَّت كان يوم أحد بيوم بد ٍر ،قتل اَّؤمنون يوم أ ٍ
حد، عن ابن ٍ
و َّاهذ هللا منهم شهداءش ،و ل ر ول هللا(ﷺ) يوم بد ٍر اَّ رك ،ف عل َّ
الدولة عليهم(.)3
وجواب ال َّ ـرط يف قولت تعاىل ﴿إِ ْن ميشْ شسـ ْسـك ْم قشـ ْر ﴾...إخل حمذو ،والتَّقدير إن ميســكم
مسهم قر مثلت قبل ذلك. قر فاهللاربوا عليت ،واعقدوا عايمكم عل قتال أعدائكم ،فقد َّ
وعما
حد بصي ة اَّضاري «ميسسكم» لقربت من زمن احلالَّ ، عما أهللااب اَّسلم يف أ ٍوعرب َّ
َّ
أهللااب اَّ رك بصي ة اَّا ي لبـ ْع ِدهِ َّ
ألن ما أهللااهبم كان يف ايوة بد ٍر.
الرازأ (.)14/9
( )1انظر تفسري َّ
( )2انظر تفسري الك َّا (.)465/1
الرازأ (.)105/4
( )3انظر تفسري َّ
819
ك األ َّشَيم ن شدا ِويشا بشْ ش الن ِ
َّاس﴾ بيان لسـ ـنَّة هللا اجلارية يف كونت ،وتس ــلية للمؤمن وقولت ﴿ شوتِْل ش
حد(.)1 عما أهللااهبم يف أ ٍ
َّ
القرطب معنــاه وإَّجـا كــانــت هــذه اَّــداولــة شلري ين شآمنوا﴾ قــال وقولــت ﴿ولِيـعلشم َّ َّ ِ
ُّ اَّلل الـذ ش ش شْ ش
بعضهم من ٍ
بعض(.)2 ِ
فيمياي ش
اَّؤمن م شن اَّنافق ،ش
يـ ْقتشـلون يف ــبيلت ،ويشـْبذلون م شه ش ه ْم َّه شذ ِمْنك ْم ش ـ شه شداءش﴾ قال ابن كثري يع
وقولت ﴿ويـت ِ
شش
يف مر اتت(.)3
وق ــد ذكر هللا تع ــاىل أربع حك ٍم َّ ــا ح ــدث للمؤمن يف ايوة أح ـ ٍـد ،وهي حتقُّق علم هللا
تعاىل ،وإظهاره للمؤمن ،وإكرام بعض ــهم ابل َّ ـ ـهادة الَّيت توهللا ــل هللا ــاحبها إىل أعل الدَّرجات،
وتطهري اَّؤمن ،وهليص ـ ـ ـ ــهم من ذنوهبم ،ومن اَّنافق ،وحمق الكافرين ،وا ـ ـ ـ ــتئص ـ ـ ـ ــايم رويداً،
رويداً(.)1
قال ابن كث ٍري قد كنتم -أيَّها اَّؤمنون ! -قبل هذا اليوم ،تتمنَّون لقاء ِ
العدو ،وحت قون
وتودون مناجايهتم ،ومصـ ـ ــابرهتم ،فها قد حصـ ـ ــل لكم الَّذأ َتنَّيتموه ،وطلبتموه ،فدونكم،
عليت ُّ ،
فقاتلوا ،وهللاابروا(.)3
السابقني:
رابعاً :ضرب املثل ابجملاهدين َّ
اَّللِ شوشما ِ ِ ِ
قال تعاىل ﴿ شوشكأشيٍن من نشِ ٍب قشاتش شل شم شعت ِربِيُّو شن شكثري فش شما شوشهنوا ل شما أش ش
هللا ـ ـ ـ ـ شاهب ْم ِيف ش ـ ـ ـ ـبِ ِيل َّ
ين شوشما شكا شن قشـ ْوشي ْم إِحَّ أش ْن قشالوا شربـَّنشا ا ْ ِف ْر لشنشا ذنوبشـنشا اَّلل ِ ُّ ال َّ ِ
صـ ـ ـاب ِر ش ش ـ ـ ـعفوا شوشما ا ْ ـ ـ ـتش شكانوا شو َّ
ِ ِ
الدنْـيشا شوح ْس شن اب ُّاَّلل ثشـ شو ش
آاتهم َّ ين فش ش شوإِ ْ شرافشـنشا ِيف أ ْشم ِرشان شوثشـبِ ْ
ت أشقْ شد شامنشا شوانْص ْرشان شعلش الْ شق ْوم الْ شكاف ِر ش
ل ِسنِ ش ﴾ [آل عمران.]148 - 146 : اب ا ِخرةِ و َّ ِ
اَّلل ُّ الْم ْ ش ش
ثشـو ِ
ش
حد ،وتركوا القتال لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما قال ابن كثري عات هللا هبذه ا َيت والَّيت قبلها م ِن ا،ايم يوم أ ٍ
ش
حممداً قد قتل ،فشـ شع شذ شيم( )2هللا عل فرارهم ،وتركهم القتال(.)3 الصائ يصي أبن َّ مسعوا َّ
و ــرب هللا يم مثالً نخوا،م اااهدين ال َّس ـابق ،وهم اعات كثرية ،ـاروا وراء أنبيائهم
يف درب اجلهاد يف ـ ــبيل هللا ،فما وهنوا َّا أهللا ـ ــاهبم يف ـ ــبيل هللا ،وما ش ـ ـ ـعفوا عن اجلهاد بعد
الَّذأ أهللا ــاهبم منت ،وما ا ــتكانوا ِ
للعدو بل ظلُّوا هللا ــابرين اثبت يف جهادهم ،ويف هذا تعريض
ابَّس ــلم الَّذين أهللا ــاهبم الوهن ،واحنكس ــار عند الرجا بقتل ر ــول هللا(ﷺ) ،وبض ــعفهم
أن اَنذال عبد هللا بن أ ٍيب ،ومن معت من اَّنافق ،يؤثِر عل اَّس ـ ـ ـ ـ ـ ـلم ،بينما األمر نللم َّ
لكل و ٍ
احد منهم عمالً، الرماة الَّذين أحس ــن َّ
الر ــول(ﷺ) ترتيبشـه ْم ،وأ ــند ِ اخلطأ الَّذأ ارتكبت ُّ
عامةً ،حيث ـ ـ ـ ـلَّا هللا عليهم َّ
عدوهم ،وذلك مثَّ خالفوا أمره(ﷺ) كان ـ ـ ــرره عل اَّس ـ ـ ــلم َّ
وتفرقت كلمتهم ،وكاد يـ ْقض ـ ـ ـ ـ ـ ـ عل الدَّعوة
بسـ ـ ـ ـ ـ ــب عصـ ـ ـ ـ ـ ــيان األوامر ،مثَّ اختلطت أمورهمَّ ،
ال الميَّة وهي يف مهدها.
«ومن آاثر عدم الطَّاعة ما حص ـ ـ ـ ـ ــل من معصـ ـ ـ ـ ـ ــية بعض يقول ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـي حممد بن عثيم
للنب(ﷺ) وهم جياهدون يف ـ ـ ـ ــبيل هللا لعالء كلمة هللا ،والَّذأ
ص ـ ـ ـ ـلابة ر ـ ـ ـ ــي هللا عنهم ِ
ال َّ
أن اَّ ــرك ا،ايموا تركوا اَّو ـع الرماة َّحصــل أنَّت لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما كانت ال لبة للمؤمن ،ورأ بعض ُّ
ـدو عليهم من اخللف، كر العـ ـ ُّ الَّـ ـذأ أمرهم الن ُّ
َّب(ﷺ) أحَّ يربحوه ،وذهبوا مع النَّ ـ ـاس ،وهبـ ــذا َّ
وحص ــل ما حص ــل من احبتالء ،والتَّمليص للمؤمن ،وقد أش ــار هللا تعاىل إىل هذه العلَّة بقولت
ِ اَّلل و ْع شده إِ ْذ شحت ُّس ـ ش ِِ
وْ ،م نِِ ْذنت شح َّض إِذشا فش ـ ْلت ْم شوتشـنش شاز ْعت ْم ِيف األ ْشم ِر شو شع ش
ص ـْيـت ْم هللا ـ شدقشكم َّ ش تعاىل ﴿ شولششق ْد ش
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
م ْن بشـ ْع ـد شم ـا أ ششراك ْم شم ـا حتبُّو شن مْنك ْم شم ْن ي ِريــد الـ ُّـدنْـيشـا شومْنك ْم شم ْن ي ِريــد ا خشرشة مثَّ ش
هللا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشرفشك ْم شعْنـه ْم
ض ٍل شعلش الْم ْؤِمنِ ش ﴾ [آل عمران.]152 : لِيشـْبـتشلِيشك ْم شولششق ْد شع شفا شعْنك ْم شو َّ
اَّلل ذو فش ْ
هذه اَّعصـ ـ ــية الَّيت فات هبا نصـ ـ ــر انعقدت أ ـ ـ ــبابت ،وبدأت أوائلت ،وهي معص ـ ـ ـية واحدة،
إن اَّعاهللاـي من آاثرها َّ
أن الر ـول(ﷺ) ب أظهرهم ،فكيف ابَّعاهللاـي الكثرية؟! ويذا نقول َّ
و َّ
العاية بقدر
بعض مبا كانوا يكسبون ،ويفوهتم من أ باب النَّصر ،و َّ ٍ هللا يسلِا بعض الظاَّ عل
ما ظلموا فيت أنفسهم»(.)2
َّ ِ َّ
وس األمر أمر ـ ـ ـ ـ ـرورأ ،أتل بعد طاعة هللا ور ـ ـ ـ ـ ـولت .قال تعاىل ﴿ شَيأشيـُّ شها الذ ش
ين إن طاعة ِ
الر ـ ـ ِ
ول ول شوأ ِوس األ ْشم ِر ِمْنك ْم فشَِ ْن تشـنش شاز ْعت ْم ِيف ششـ ـ ْي ٍء فشـرُّدوه إِ شىل َّ
اَّللِ شو َّ الر ـ ـ ش اَّلل وأ ِ
شطيعوا َّ ِ
شآمنوا أشطيعوا َّش ش
األئمة يف لة
حض أدرجها َّ وس األمر «أهللاـل عظيم من أهللاـول الواجبات ِ
الدينيةَّ ، َّ
إن طاعة ِ
العقائد الميانيَّة»(.)2
نلهص ِ
أليَّة الطَّاعة يف النقاط احتية الدولة ،وميكن أن ِ
األمة ،وإقامة َّ ويا ِ
أليَّة يف تربية َّ
َّ ِ
عاي وجـ َّـل ،-وطــاعتــت فيمــا أمر .قــال هللا تعــاىل ﴿ شَيأشيـُّ شهـا الـذ ش
ين - 1احمتثــال ألمر هللا َّ -
الر ـ ـ ِ
ول ول شوأ ِوس األ ْشم ِر ِمْنك ْم فشَِ ْن تشـنش شاز ْعت ْم ِيف ششـ ـ ْي ٍء فشـرُّدوه إِ شىل َّ
اَّللِ شو َّ الر ـ ـ ش
شطيعوا َّاَّلل وأ ِ ِ
شآمنوا أشطيعوا َّش ش
ِ ِ ِ
شحسن شأتْ ِويالً ﴾ [النساء.]59 :
ك شخ ْري شوأ ْ ش إِ ْن كْنـت ْم تـ ْؤِمنو شن ِاب ََّّلل شوالْيشوم ا ِخ ِر ذشل ش
َّ - 2
إن طاعة ِ
وس األمر و يلة وليست ايةً و يلة لقامة شري هللا يف األرض ،وإحقاق
ِ
احلق ،وإق ــام ــة األمر ابَّعرو والنَّهي عن اَّنكر لتلقيق خريي ــة ه ــذه األ َّمـ ـة ،وإعالء كلم ــة
وجل .-
عاي َّ
التَّوحيد ،وإفراد العبوديَّة هلل َّ -
َّ
ألن يف اخلال فساد أحوايم ،يف دينهم ،ودنياهم(.)3 - 3اجتماي كلمة اَّسلم
َّ - 5
إن فيها عاد شة الدُّنيا.
أئمتنا ووحة
ويذا كان من أهللا ــول مذه أهل ال ُّسـ ـنَّة واجلماعة أننا «ح نر اخلروً عل َّ
أموران وإن جاروا ،وح ندعو عليهم ،وح ننايي يداً ِم ْن طاعتهم ،ونر طاعتهم ِم ْن طاعة هللا -
ابلصال ،واَّعافاة»(.)4 ٍ
مبعصية ،وندعوا يم َّ وجل -وهي فريضة ،ما رمروا
عاي َّ
َّ
وردت نصـ ــوص عديدة من آَيت ،وأحاديث ،تبِ منايلة الدُّنيا عند هللا ،وتص ـ ـف زخارفها،
َّاس ح ُّ ال َّ ـ ـ ـ ـهو ِ
ات شش وحتذر من احلرص عليها .قال تعاىل ﴿زيِ شن لِلن ِ وأثرها عل فتنة النسـ ـ ـ ــانِ ،
احلر ِ ِ ِ ِ الذه ِ والْ ِفض ِ ِِ ِِ ِ ِ ِ ِ
كث ذشل ش اخلشْي ِل الْم شس َّوشمة شواألشنْـ شعام شو ْشْ
َّة شو ْ م شن الن شساء شوالْبشن ش شوالْ شقنشاطري الْم شقْنطششرة م شن َّ ش ش
احلشيشاة
آب﴾ [آل عمران ،]14 :وقال تعاىل ﴿فشالش تشـ َّرنَّكم ْ اَّلل ِعْن شده حسـ ـن الْم ِ
ْ ش احلشيشاةِ ُّ
الدنْـيشا شو َّ شمتشاي ْ
الدنْـيشا شوحش يشـ َّرنَّك ْم ِاب ََّّللِ الْ شرور ﴾ [لقمان.]33 :
ُّ
الر ـ ـ ـ ــول الكر (ﷺ) َّأمتت من اح ار ابلدُّنيا ،واحلرص ال َّ ـ ـ ـ ـديد عليها يف أكثر وقد َّ
حذر َّ
عامةً ،وعل شم ْن ملون لواء الدَّعوة األمة َّمن مو ٍع ،وذلك َّا يذا احلرص من أثر ِىي ٍء عل َّ
خاهللاةً ومن ذلك
َّ
إن الدُّنيا ح ْل شوة شخ ِضشرةَّ ،
وإن هللا َّب(ﷺ) قال « َّ درأ ر ي هللا عنت عن الن ِ عن أيب ٍ
عيد اخل ِ
فَن َّأول فتنة ب إ ـ ـرائيلمسـ ــتهلفكم فيها ،فينظر كيف تعملون ،فاتقوا الدُّنيا ،واتَّقوا النِسـ ــاء َّ
كانت يف النِساء» [مسلم ( ،)2742وأمحد ( ،)22/3وابن حبان ( ])3221ويظهر للباحث أثر احلرص
عل الدُّنيا يف ايوة ٍ
أحد.
الرماة «أدركوا النَّاس عباس ر ي هللا عنهما ل َّـما هايم هللا اَّ رك يوم أ ٍ
حد ،قال ُّ قال ابن ٍ
حض رذن لنا ونب هللا حيس ـ ــبقوكم إىل ال نائم فتكون يم دونكم» .وقال بعض ـ ــهم «ح نر (َّ )1 َّ
الدنْـيشا شوِمْنك ْم شم ْن ي ِريد ا ِخرشة﴾ [آل عمران.]152 :
ُّ يد
رَّب(ﷺ) »( )2فنايلت ﴿ ِمْنك ْم شم ْن ي ِ الن ُّ
ش
الدنْـيشا﴾ ما كنت أر ربأ قولـ ـ ـ ــت بلانت يع ال نيمة .قال ابن ﴿ ِمْنك ْم شم ْن ي ِريد ُّ قال الطَّ ُّ
أحداً من أهللا ـ ـ ـ ـ ـ ــلاب ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) يريد الدُّنيا حض نايل فينا يوم ٍ
أحد(ِ ﴿ )3مْنك ْم شم ْن ي ِريد
الدنْـيشا شوِمْنك ْم شم ْن ي ِريد ا ِخشرةش﴾
ُّ
( )1انظر شر العقيدة الطَّلاوية ،حبن أيب العاي احلنفي ،حتقيق د .عبد هللا ال ُّكي (.)540/2
( )2ح نر ح نرب اَّكان .رام مكانت رْمياً بشِر شحت.
( )3انظر تفسري الطربأ (.)474/3
826
أبن ح َّ الدُّنيا قد يتس ـ ـ ـ ـ ـ ـلَّل إىل إن الَّذأ حدث يف أ ٍ
حد ،عربة عظيمة للدُّعاة ،وتعليم يم َّ َّ
قلوب أه ــل المي ــان ،وخيف عليهم ،فيؤثرون ال ــدُّني ــا ،ومت ــاعه ــا عل ا خرة ،ومتطلَّب ــات الفوز
ص ـر ة ٍ
بتأويل الر ــول(ﷺ) ال َّ
الرماة أوامر َّ
ص ـر ة كما عص ـ ُّ بنعيمها ،ويعصــون أوامر ال َّ ـري ال َّ
كل هذا
ـاقا ،يرفعت هو النَّفس ،وح ُّ الدُّنيا ،فيهالفون ال َّ ـري ،وينســون اَّكم من أوامرهُّ ، ـ ٍ
دث ،ويقع من اَّؤمن وهو افل عن دوافعت اخلفيَّة ،وعل رأ ـ ــها ح ُّ الدُّنيا ،وإيثارها عل
ا خرة ،ومتطلَّبات الميان ،وهذا يســتدعي من الدُّعاة التَّفتيش الدَّائم الدَّقيق يف خباَي نفو ــهم،
حتول بينهم وب أوامر ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـري ،وح توقعهم يف مل ــالفت ــت حض ح ش واقتالي ح ـ ِ ال ــدُّني ــا منه ــاَّ ،
ملفوفة هبو النَّفس ،وتشلفُّتها إىل الدُّنيا ،ومتاعها(.)1 ٍ ٍ
بتأويالت
سابعاً :التَّعليق واالرتباط ِّ
ابلدين:
قال ابن كثري ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما ا،ايم م ِن ا،ايم من اَّس ـ ـ ـ ـ ــلم يوم أ ٍ
حد ،وقتل شم ْن قتِل منهم ،اند ش
حممداًَّ ،
وإجا حممداً قد قتل ،ورجع ابن قميئةش إىل اَّ ـ ـ ـ ــرك ،فقال يم قتلت َّ
ال َّ ـ ـ ـ ـيطان أح إن َّ
ول هللا(ﷺ) ف َّ ت يف رأ ت ،فوقع ذلك يف قلوب كث ٍري من الناس ،واعتقدوا كان قد رب ر ش
قص هللا عن كث ٍري من األنبياء -عليهم وج َّوزوا عليت ذلك ،كما قد َّ ِ َّ
أن ر ـ ــول هللا(ﷺ) قد قتل ،ش
وأتخر عن القتال ،ففي ذلك أنايل هللا تعاىل ﴿ شوشما حمش َّمد إِحَّ السالم -فلصل عف ،ووهنُّ ، َّ
ات أ ْشو قتِ شل انْـ شقلشْبـت ْم شعلش أش ْع شقابِك ْم شوشم ْن يشـْنـ شقلِ ْ شعلش ت ِم ْن قشـْبلِ ِت ُّ
الر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل أشفشَِ ْن شم ش شر ـ ـ ـ ـ ـ ـول قش ْد شخلش ْ
ين ﴾ [آل عمران ]144 :أأ لت أ ـ ــوة هبم يف ِ
اَّلل ال َّ ـ ـاك ِر ش شع ِقبشـْي ِت فشـلش ْن يشض ـ ـَّر َّ
اَّللش شش ـ ـْيـئًا شو ش ـ ـيش ْ ِايأ َّ
ِ
الر الة ،ويف جواز القتل عليت(.)2
فكل ٍ
نفس الر ـ ــل ليس ـ ــت ابقيةً يف أقوامها أبداًُّ ، وقد جاء يف تفس ـ ــري ا ية ال َّس ـ ـ ـابقة « َّ
إن ُّ
الر ـ ــول تبلي ما أر ـ ــل بت وقد فعل ،وليس من لوازم ر ـ ــالتت البقاء دائماً
ومهمة َّ
ذائقة اَّوتَّ ،
مع قومت ،فال خ ــلود ٍ
ألحد يف هذه الدُّني ــا ،مثَّ قال تعاىل منكراً عل شم ْن حصل لت عف َّوت ش
السابق نفست.
( )1اَّصدر َّ
( )2انظر اَّستفاد من قصص القران (.)197/2
827
ات أ ْشو قتِ شل انْـ شقلشْبـت ْم شعلش ﴾ أأ رجعتم ﴿أ ْشع شقابِك ْم﴾ ،وقعدذ عن َّب(ﷺ) ،أو قتلت ﴿أشفشَِ ْن شم ش الن ِ
اجلهــاد ،واحنقالب عل األعقــاب يع الدابر ع َّم ـا كــان ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) يقوم بــت من أمر
اجلهاد ومتطلَّباتت ،الَّذين ﴿ شوشم ْن يشـْنـ شقلِ ْ شعلش شع ِقبشـْي ِت فشـلش ْن يشض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـَّر َّ
اَّللش شش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـْيـئًا شو ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيش ْ ِايأ َّ
اَّلل
ين﴾ ،أو ظلُّوا اثبت عل دينهم ،متَّبع ر ولت حياً ،أو ميتاً»(.)1 ِ
ال َّاك ِر ش
لقد كان من أ ــباب البالء واَّصــائ الَّيت حدثت للمســلم يوم أ ٍ
حد َّأ،م ربطوا إميا،م،
الربا ب عقيدة
وعقيدهتم ،ودعوهتم إىل هللا لعالء كلمتت ،ب ـ ـ ــهص ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ،فهذا َّ
َّب(ﷺ) خالداً فيهم خالطت احل ُّ اَّ لوب وحده ،وب بقاء شهص الن ِ الميان ابهلل ربـ ـ ـ ـ ـاً معبوداً ش
الر ـ ـ ـ ــول(ﷺ) الب ـ ـ ـ ــر الَّذأ يللقت اَّوت كان من الربا ب ِ
الر ـ ـ ـ ــالة اخلالدة وب َّ ابلعاطفةَّ ،
صـ ـ ـ ـلابةش ر ـ ـ ــي هللا عنهم من الفو ـ ـ ـ ـ ،والدَّه ـ ـ ــة ،واح ـ ـ ــت راب ،ومتابعة
أ ـ ـ ــباب ما انل ال َّ
صـ ـ ـ ـرب عل اَّكا ِره ،والعمل الدَّائ عل ن ـ ـ ــر الر ـ ـ ــول(ﷺ) أ ـ ـ ــاس وجوب التأ ِ ـ ـ ـ ـي بت يف ال َّ َّ
الر الة ،وتبلي الدَّعوة ،ونصرة ِ
احلق. ِ
وهذا التَّأ ِ ـ ـي هو اجلان األ ُّر من جوان منهت ر ــالة ال ــالم ،ألنَّت ِ
الد شع شامة األوىل يف
بناء مس ــرية الدَّعوة لعالء كلمة هللا ،ون ــرها يف افاق األرض ،وعدم ربا بقاء ِ
الدين وا ـ ـتمرار
ت ،أو ٍ
قتل ،وإجياب َّب(ﷺ) يف هذه الدُّنيا ،ح يللقت فناء مبو ٍاجلهاد يف بيلت ببقاء شهص الن ِ
الوشي ة العظم لتما ك ااتمع اَّسلم ،وح ِ
الر ول(ﷺ) والتأ ي بت علماً ،وعمالً لا ش متابعة َّ
يَّما الدُّعاة إىل هللا من أتباعت(.)2
أحد كانت ِ
مقدمةً ،وإرهاهللاـ ـ ـاً ب يدأ موت ر ـ ــول هللا(ﷺ) ، إن ايوة ٍ
قال ابن القيِم « َّ
فثبَّتهم ،ووَّ هم عل انقالهبم عل أعقاهبم إن مات ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ،أو قتل ،بل الواج لت
حمم ٍد ،وهو عليهم أن يثبتوا عل دينت ،وتوحيده ،وميوتوا عليت ،أو يقتلوا ،فَ،م َّإجا يعبدون َّ
رب َّ
فكل
حممد ،أو قتل ،ح ينب ي يم أن يص ـ ــرفهم ذلك عن دينت ،وما جاء بتُّ ،
ح ميوت ،فلو مات َّ
حض ما
َّ هللا عنت قال وهللا! ما هو إح أن مسعت أاب بك ٍر ر ـ ـ ــي هللا عنت تالها ،فشـ شع ِق ْرت
()3
َّب(ﷺ) قد مات» وحض أهويت إىل األرض ،ح مسعتت تالها علمت َّ
أن الن َّ تقلَّ رجالأَّ ،
[البخاري (.])4454
أ -ال يرماة:
صـ ـ ِ
ف ،و الر ــول(ﷺ) خارً ال َّ الرماة الَّذين أخطؤوا احجتهاد يف ايوة أ ٍ
حد خيْ ِر ْجهم َّ َّ
إن ُّ
يقل يم إنَّكم ح تص ـ ــللون ل ـ ـ ٍ
ـيء من هذا األمر بعدما بدا منكم يف التَّ ربـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة من النَّقص،
ٍ
مساحة ،مثَّ طل -بلانت وتعاىل - والضَّعف ،بل قبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل عفهم هذا يف رحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة ،وعف ٍو ،ويف
وْ ،م نِِ ْذنِِت شح َّض إِ شذا فش ِ ـ ـ ْلت ْم شوتشـنش شاز ْعت ْم ِيف األ ْشم ِر
اَّلل شو ْع شده إِ ْذ شحت ُّسـ ـ ش
هللاـ ـ شدقشكم َّ
قال تعاىل ﴿ شولششق ْد ش
ِ وعص ـ ـ ـ ـ ـيـتم ِمن بـع ِد ما أشراكم ما ِحتبُّو شن ِمْنكم من ي ِريد ُّ ِ
الدنْـيشا شومْنك ْم شم ْن ي ِريد ا خشرشة مثَّ ش
هللا ـ ـ ـ ـ ـشرفشك ْم ْ شْ ش ش ش ْ ْ ْ شْ ش ش ْ ش
ض ٍل شعلش الْم ْؤِمنِ ش ﴾ [آل عمران.]152 : اَّلل ذو فش ْ شعْنـه ْم لِيشـْبـتشلِيشك ْم شولششق ْد شع شفا شعْنك ْم شو َّ
وهناك أمر مهم يتَّصــل هبذا العفو ،قد ي ك أثراً يف نفو ــهم ِ
يعوقها بعض ال َّ ـيء ،ذلك هو
الر ــول(ﷺ) هو وحده الَّذأ حت َّمل موقف ر ــول هللا(ﷺ) اَّا حدث منهم َّإ،م ي ــعرون َّ
أن َّ
وتتم بت نعمة هللا عليهم نتي ة تلك األخطاءَّ ،
فالبد أن ينالوا منت عفواً تطي بت نفو ـ ـ ـ ـ ـ ــهمُّ ،
يذا أمر هللا -بلانت وتعاىل -نبيَّت(ﷺ) أبن يعفو عنهم ،وحثَّت عل اح ت فار يم ،كما أمره
أن رخذ رأيهم ،واح ـ ـ ــتماي إىل م ـ ـ ــورهتم ،وح جيعل ما حدث هللا ـ ـ ــارفاً لت عن اح ـ ـ ــتفادة من
خرباهتم ،وم ورهتم(.)1
ِ ت فشظًّا شلِي ش قال تعاىل ﴿فشبِما ر ْح ٍة ِمن َِّ ِ
ضـ ـ ـ ـ ـ ـوا ِم ْن شح ْول ش
ك م الْ شق ْل ِ حشنْـ شف ُّ ت شي ْم شولش ْو كْن ش اَّلل لْن ش ش شش ش
اَّللِ إِ َّن َّ
اَّللش ِ ـ ُّ ِ
ت فشـتشـ شوَّك ـ ْل شعلش َّ اعف شعْنـه ْم شوا ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتشـ ْف ْر شي ْم شو شش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ِوْره ْم ِيف األ ْشم ِر فشـَِذشا شعشايْم ـ شفشـ ْ
الْمتشـوكِلِ ش ﴾ [آل عمران.]159 :
ش
ب -اخنذال ابن سلول املنافق:
ٍ
بثالشئة من اَّنافق ،أن دث بلبلةً ،وا ــطراابً كان هد عبد هللا بن ــلول ابنس ــلابت
معنوَيتت ،ويت ـ ـ ـ ـ ـ َّ ع العدو ،وتعلو لَّتت .وعملت هذا ينطوأ عل
ـالمي لتنهار َّ
يف اجليش ال ـ ـ ـ ـ ِ
تهانة مبستقبل ال الم ،و د ٍر بت يف أحلك الظُّرو ،وقد حاول عبد هللا بن حرام أن مينعهم ٍ ا
بفض ــل احل ارة الص ـ َّـماء ،ويض ــفي عليها من األخالق ال َّسـ ـامية ما ح وإن الَّذأ يع
أح َّ
فضل يكون من ب النسان ،وإذا كان يتَّصف بت إح أفا ل العقالء جلدير بت أن يع أبدَّن ٍ
فأخلِ ْق بب النسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان األوفياء أن
حض حاز أرق العبارات وأرقَّها ْ
وفايه(ﷺ) لل ماد قد شمسشا َّ
ينالوا منت أعظم ِم ْن ذلك ،فضالً عمن دمعت هبم َّ
األخوة يف هللا تعاىل!(.)2
( )1انظر البداية والنِهاية ( ، )53/4و رية ابن ه ام (شأن عبد هللا بن أيب بعد ذلك).
( )2انظر التَّاري ال المي (.)198/5
833
كرم ،و ش ُّ انطالقاً من هـ ـ ـ ـ ـ ــذا القول الكر ، ِ
المياين ،وإذا «أحد» ي ش تتساو اَّفاهيم يف إطارها
وكيف ح يكرم وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد اختاره هللا ليثوأ فيت حاية ،وأهللا ـ ـ ــلابت ،اَّن اختارهم هللا يف ذلك اليوم،
ف ادوا أبنفسهم ابت اءش مر اتت؟!(.)1
عاشراً :املالئكة يف أ ٍ
ُحد:
قال عد بن أيب وقَّاص ر ي هللا عنت رأيت عن مي ر ول هللا(ﷺ) وعن طالت يوم أ ٍ
حد
يل، ِ ٍ
رجل عليهما ثياب بياض ،يقاتالن عنت كأشد القتال ،ما رأيتهما قبل ،وحبعد -يع جرب ش
السالم [ -البخاري ( ،)4054ومسلم (.])2306
وميكائيل عليهما َّ
ش
ألن هللا تكفَّل بعصـ ـ ـ ـ ــمتت من النَّاس ،و يص ـ ـ ـ ـ ـ َّ َّ
أن َّب(ﷺ) َّ وهذا خاص ِ
ابلدفاي عن الن ِ
حد ـ ـ ـ ـ ـ ــو هذا القتال -وإ ْن وعدهم هللا تعاىل أ ْن ميدَّهم -أل نت جعل اَّالئكة قاتلت يف أ ٍ
ْفيك ْم أشن ميِـ َّدك ْم شربُّكم بِثشالشثشـ ِة آحش ٍ ِم شن الْ شمآلئِ شك ـ ِة ﴿إِ ْذ تشـقول لِْلمؤِمنِ أشلشن يك ِ قــال تعــاىل
ْ ش ش
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـِربوا شوتشـتـَّقوا شورْتوك ْم ِم ْن فشـ ْوِرِه ْم شه شذا ميْ ِد ْدك ْم شربُّك ْم ِ ش ْم شس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِة آحش ٍ ِم شن
إِ ْن تش ْ م شنايلِ ش بشـلش
ش ﴾ [آل عمران .]125- 124 الْ شمالشئِ شك ِة م شس ِوِم
ـيء من التَّفص ـ ــيل ،وحتدَّثت ـ ــورة ال عمران عن حتدَّثت ـ ــورة األنفال عن ايوة بد ٍر ب ـ ـ ٍ
األمة كثرياً من اَّفاهيم ،تتعلَّق مبفهوم القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء والقدر ،ومفهوم احلياة ايوة أ ٍ
حد ،لكي تتعلَّم َّ
الرب واخلس ــارة ،ومفهوم الميان والنِفاق ،ومفهوم اَّنة
واَّوت ،ومفهوم النَّص ــر وايايمية ،ومفهوم ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلابة ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنهم من خالل أحداث بد ٍر،
واَّق ...إخل ،ومن اَّفاهيم الَّيت تعلَّمها ال َّ
( )1انظر من مع ِ
السرية ،ص .427
الصليلة .391/2 ( )2انظر ِ
السرية النَّبويَّة َّ
834
و ٍ
أحد ،و ـ ـ ـ ـ ـ ــورل األنفال ،وال عمران قوان النَّص ـ ـ ـ ـ ـ ــر وايايمية ،وهذه القوان قد بيَّنتها ا َيت
الكرمية ،وميكن تلهيصها يف النقاط التالية
وجل -وليس م ْلكاً ٍ
ألحد من اخللق ،يهبت هللا َّن عاي َّ
- 1النَّصر ابتداءً وانتهاءً بيد هللا َّ -
اَّلل إِحَّ ب ْ ـ ـ ـ ـشر
الرزق ،واألجل ،والعمل ﴿ شوشما شج شعلشت َّ عمن ي ـ ـ ـ ــاء ،مثلت مثل ِ ي ـ ـ ــاء ،ويصـ ـ ـ ــرفت َّ
اَّلل ع ِايياي ح ِ َّصر إِحَّ ِمن ِعْن ِد َِّ ِ ِ ِ ِ
كيم ﴾ [األنفال.]10 : اَّلل إ َّن َّش ش ش ْ شولتشطْ شمئ َّن بِت قـلوبك ْم شوشما الن ْ
- 2وح ِ
يقدر هللا تعاىل النَّص ـ ـ ـ ــر فلن تس ـ ـ ـ ــتطيع قو األرض كلُّها احليلولة دونت ،وح
األمة .قال تعاىل ﴿إِ ْن يشـْنصـ ـ ـ ْركم َّ
اَّلل َّ يقدر ايايمية فلن تس ـ ــتطيع قو األرض أن حتول بينت وب ِ
فشالش شالِ ش لشك ْم شوإِ ْن ش ْخيذلْك ْم فش شم ْن ذشا الَّ ِذأ يشـْنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرك ْم ِم ْن بشـ ْع ِدهِ شو شعلش َّ
اَّللِ فشـ ْليشـتشـ شوَّك ِل الْم ْؤِمنو شن ﴾
[آل عمران.]160 :
حباجة إىل فقهها، ٍ وجل -حنن عاي َّلكن هذا النَّص ـ ـ ـ ـ ـ ــر لت نواميس اثبتة عند هللا َّ - - 3و َّ
َّ ِ ِ َّ
الراية خالصـ ـ ـ ـةً هلل ـ ـ ــبلانت عند الذين ميثلون جنده .قال تعاىل ﴿ شَيأشيـُّ شها الذ ش
ين فالبد أن تكون َّ َّ
شآمنوا إِ ْن تشـْنصـ ـ ـ ـ ـروا َّ
اَّللش يشـْنصـ ـ ـ ـ ـ ْرك ْم شويـثشـبِ ْ
ت أشقْ شد شامك ْم ﴾ [حممد ،]7 :ونص ـ ـ ـ ــر هللا يف اح ـ ـ ـ ــت ابة لت،
واح تقامة عل منه ت ،واجلهاد يف بيلت.
شحيشاء ِعْن شد شرهبِِ ْم يـ ْرشزقو شن ب الَّ ِذين قتِلوا ِيف بِ ِيل َِّ
اَّلل أ ْشم شو ًاات بش ْل أ ْ ش قال هللا تعاىل ﴿ شوحش شْحت شس ش َّ ش
ين شْ يشـ ْل شلقوا هبِِ ْم ِم ْن شخ ْل ِف ِه ْم أشحَّ شخ ْو شعلشْي ِه ْم ِ َّ ِ ِ اَّلل ِمن فش ْ ِ ِ
ض ـ ـلت شويش ْس ـ ـتشـْب ـ ـرو شن ابلذ ش آاتهم َّ ْفش ِرِح ش ِمبشا ش
شجشر الْم ْؤِمنِ ش ﴾ ِ
اَّللش حش يض ـ ـ ـ ـ ـيع أ ْ
شن َّ اَّللِ شوفش ْ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ٍل شوأ َّ شوحش ه ْم شْشاينو شن يش ْس ـ ـ ـ ـ ـتشـْب ِ ـ ـ ـ ـ ـرو شن بِنِ ْع شم ٍة ِم شن َّ
[آل عمران.]171 - 169 :
إخوانشنا يعلمون ما أهللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابنا من اخلري كي يايدادوا يف اجلهاد ر بةً ،فقال هللا تعاىل أان أبلِ هم
شجشر ِ ين قتِلوا ِيف﴾ إىل قولت ﴿ شوأ َّ عنكم ،فأنايل هللا تعاىل ﴿وحش شحتس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ َّ ِ
اَّللش حش يض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيع أ ْ
شن َّ ب الذ ش ش ْش ش
الْم ْؤِمنِ ش ﴾(. )2
عبد هللا بن مسـ ـ ٍ
ـعود عن هذه ا ية ﴿ شوحش وق ،قال ـ ــألنا ش ورو مسـ ــلم بسـ ــنده عن مسـ ــر ٍ
شحيشاء ِعْن شد شرهبِِ ْم يـ ْرشزقو شن ﴾ [آل عمران.]169 : ب الَّ ِذين قتِلوا ِيف بِ ِيل َِّ
اَّلل أ ْشم شو ًاات بش ْل أ ْ ش شْحت شس ش َّ ش
ضـ ـ ٍر ،يا قناديل معلَّقة قال شأما َّإان قد ـ ـأشلْنا عن ذلك ،فقال «أرواحهم يف جو ط ٍري خ ْ
اطالعةً، ابلعرش ،تسـ ــر من اجلنَّة حيث شـ ــاءت ،مثَّ أتوأ إىل تلك القناديل ،فاطَّلشع إليهم رُّهبم ِ
ش
ـيء ن ــتهي وحنن نش ْس ـشر من اجلنَّة حيث شــئنا؟! ففعل أأ شـ ٍ
فقال هل ت ــتهون شــيئاً؟ قالوا َّ
رب! نريد أن تشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرَّد ثالث مر ٍ
ات ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما رأوا أ،م لن ي ْكوا من أن يسألوا ،قالوا َي ِ ذلك هبم ش
ْ ش
مرةً أخر ،فل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما رأ أن ليس يم حاجة ت ِركوا» حض نـ ْقتش شل يف ـبيلك َّ احنا يف أجسـادان َّ
أرو ش
[مسلم (.])1887
( )1انظر تفسري الطَّربأ ( ، )170/4و رية ابن ه ام (مصري قتل أحد).
احدأ ،ص ، 125وتفسري الطَّ ِ
ربأ (.)269/4 ( )2انظر أ باب النايول ،للو ِ
837
اإلعالمي على املشركني:
ي اثلث عشر :اهلجوم
َّبوأ يقوم عل ال ِ ـ ـ ـعر ،وكان ش ـ ــعراء اَّ ـ ــرك يف بد ٍر يف موقف كان العالم يف العهد الن ِ
الراثء ،ويف أ ٍ
حد حاول ش ـ ـ ــعراء قريش أن يض ـ ـ ــهموا هذا النَّص ـ ـ ــر ،ف علوا من احلبة قبَّةً، ِ
الدفاي و ِ
مالك ،وعبد هللا بن رواحة ِ
للرد وأمام هذا الكربَيء اَّاييَّف انرب ح َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـان بن ٍ
اثبت ،وكع بن ٍ
عل حالت اَّ ـ ـ ـ ـ ـ ــرك العالميَّة الَّيت قادها ش ـ ـ ـ ـ ـ ــعرايهم كهبرية ابن أيب وه ٍ ،وعبد هللا بن
الايبعر ،و رار بن اخلطَّاب ،وعمرو بن العاص(.)1 ِ
وكانت قصـ ـ ــائد ح َّس ـ ـ ـان كالقنابل عل اَّ ـ ـ ــرك ،وقد أش ـ ــاد ب ـ ـ ـ اعة اَّس ـ ــلم ،حيث
ا ـ ــتطاعوا أن يقتلوا حلةش لو ِاء اَّ ـ ــرك ،ويوبِ اَّ ـ ــرك ،ويص ـ ــفهم ابجلب حينما يس ـ ــتطيعوا
ووىل أشـ ـرافهم ،وتركوه ،ويف هذا اي اء تذكري حض كان يف النِهاية بيد امرأةٍ منهمَّ ، حاية لوائهمَّ ،
حض ح ي ُّوا مبا حص ـ ــل يف الذ ِل ،واجلب الَّيت َّ
تعر ـ ـ ـوا يا يف بداية اَّعركةَّ ، للم ـ ــرك مبواقف ُّ
،ايتها من إهللاابة اَّسلم .
ولقد أهللا ـ ـ ــاب ح َّس ـ ـ ـان من اَّ ـ ـ ــرك مقتالً ،حينما شع َّشريهم ابلتهلِي عن اللِواء ،وإقدام امر ٍأة
ِ
أقدمت امرأة عل ما نش شكلوا منهم عل حلت ،وهذا يتض ـ ـ ـ ـ َّـمن وهللا ـ ـ ـ ــفهم ابجل ْ ِ
ب ال َّ ـ ـ ـ ـ ـديد ،حيث
عنت(.)2
اب فشـ شهـ ْر ْذ ِابلـلِـو ِاء شو ششـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـُّر فشـ ْهـ ٍر
لِـ ـ ـ ـ ـواء ِحـ ـ ـ ـ ـ ْ ش رَّد إىل هللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـؤ ِ
ش
اب ش شجـ شعـ ْلـتـ ْم فشـ ْهـشركـ ْـم فِـْيـ ـ ـ ـ ِت بِـ شعـْبـ ـ ـ ـ ٍد
شألم مـ ـ ـ ـن يـ ـ ـ ـطشـ ـ ـ ـا شعـ ـ ـ ـ شفـ ـ ـ ـر الـ ـ ـ ـ ُّ ِ
شوأ ش ْ ش
ِ
ِ () 1
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شواب ظشنشـْنـت ْم وال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِفْيـ ـ ـت لش ـ ـت ظنون
شوشمـ ـ ـا إِ ْن ذش شاك ِم ْن أ ْشم ِر ال َّ
مالك ر ي هللا عنت يف ِ
الرد عل بعض شعراء قريش واَّا قالت كع بن ٍ
( )2
األلباب شم ْقبول ِ ص ـ ْدق ِعْن شد شذ ِوأ وال ِ ْأبِل ْ ق ـشريْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً شو شخ ْري ال شق ْوِل
أش ْهـ ـ ـ ـ شل الـلِـ شو ِاء فشـ ِفـْيـ شم ـ ـ ـا يشـ ْكـث ـر الـ ِقـْي ـ ـ ـل هللا ـ ـقشـ ـ ـْـدـ ـ ـ ـقشـتشـ ـْلـ ـنشـ ـاـ ـ ـ ـبِـ ـشـق ـْتـ ـ ـالشدقشانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـش ـر ـ ـاتشـ ـ ـ ـكـتم
أش ْنْ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِر ِمْي شك ـ ـ ـال شوِج ِْربيْ ـ ـ ـل ِ ِ
فْي ـ ـ ـت شم شع النَّ ْ شويشـ ْوشم بش ْد ٍر لشِقْيـنشاك ْم لشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنشا شم شدد
وال شقْتـ ـل ِيف احل ِق ِعْنـ ـ شد هللا تشـ ْف ِ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـْيـ ـل ش ش احلشِق فِطْشرتـنشـا وان فشـ ِديْن ْ إِ ْن تشـ ْقتـل ش
ِ ()3
ضـ ـ ـلْيل ف ال ْ ـ ـ ـالش شم تش ْ فشـشرأْأ شم ْن شخالش ش شوإِ ْن تشـشروا أ ْشمشران ِيف شرأْيِك ْم ش شفهاً
شوِم ْن أع ما قرأت يف اَّعركة العالميَّة ب اَّس ـ ـ ـ ـ ــلم ،واَّ ـ ـ ـ ـ ــرك حماولة ـ ـ ـ ـ ـ ـرار بن
اخلطَّاب قبل إ ــالمت أن يفتهر ببد ٍر عل اعتبار النَّص ــر كان لر ــول هللا(ﷺ) واَّهاجرين ،ويف
ذلك قولت
ِأبش ْح ـ ـ شد أشمس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ج ـ ـ ُّدكم وهو ظش ـ ـ ِ
اهر ش ْ ش ش ش ْش فش ـ ـَِ ْن تشظْ شفروا ِيف يشـ ْوِم بشـ ـ ْد ٍر فش ـ ـََّجشـ ـا
ش ـام ْو شن ِيف ال َّو ِاء شوالْ شم ْوت شح ـا ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر شوِابل ـنَّ ـ شف ـ ِر األ ْخ ـيشـ ـ ـ ـا ِر ه ـ ْم أ ْشولِـيشـ ـ ـ ـايه
ت ذاكر شوب ْد شع ْن شعلِ ٍي شو ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ش
ا شم ْن أشْن ش ي ـ ـ شعـ ـ ـ ـ ُّد أشبـ ـو بشـ ـ ْكـ ـ ٍر شوحشْـ ـشاية فِـ ـْيـ ـ ِهـ ـم
ب حا ـ ـ ـ ـر احلر ِ ِ
شو ش ـ ـ ـ ـ ْعد إذشا شما شكا شن ِيف ْشْ ص شوعثْ شمان ِمْنـهم شوي ْد شع أشبو شح ْف ٍ
( )1انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام (.)87/3
( )2األلباب العقول.
( )3انظر ِ
السرية النَّبويَّة ،حبن ه ام (.)164/3
839
()1 بـنو األشو ِس والنَّ َّ ا ِر ِح ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ شف ِ
اخر ْش ش ْ ئك حش شم ْن نشـ ـ ـ ـتَّ ش ت ِم ْن ِد شَي ِرها
أولش ش
قبلية ،تقوم عل مفاهيم جاهليَّ ٍة ،ولقد أجابت كع ر ي هللا عنت حويا إىل ل ة ٍ وهكذا َّ
لشت شم ْع ِقل ِمْنـه ْم شع ِاييْـاي شو شان ِهللا ـ ـ ـ ـ ـ ـر األوس شح ْولشت وفينا ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا و ْ
ميْس ـ ـ ـو شن ِيف اَّأ شذ والنَّـ ْقع شاثئِر ت لِشوائِـ ـ ِت
و شْع بشِ النَّ َّ ـ ـا ِر شْحت ـ ـ ش
إىل أن قال
َّإجا أشنْت ـ ـ ـ ـ ِ
احر ش ش فشولَّوا وقالوا شوشكا شن شر ْول هللاِ قش ْد قش شال أشقْبِلوا
شحَّ ـ ـت النَّ ـ ـار شز ِاجر س أل ْشم ٍر
ولشْي ش ألم ٍر شأر شاد هللا أش ْن يشـ ْهلِكوا بِـ ـ ـ ِت
ْ
كما أجابت بقولت
***
( )1انظر من مع ِ
السرية ،ص.252
( )2اَّصدر السابق نفست.
840
الفصل العاشر
أه يم األحداث ما بني ٍ
أحد واخلندق
األول
املبحث َّ
حماوالت املشركني لزعزعة َّ
الدولة اإلسالميَّة
األعراب اَّ ـ ـ ــرك نمكان مناوش ـ ـ ــة اَّس ـ ـ ــلم ،والتَّ لُّ عليهم ،و َّادهت أنظار اَّ ـ ـ ــرك من
األعراب إىل ايو اَّدينة ح ــتئصــال شش ـأْفشتِهم( ،)1وكســر شــوكتهم ،فطمعت بنو أ ــد يف َّ
الدولة
ضل
ودرأت شع ش
ذس جلمع احل ود لكي يهاجم هبا اَّدينةَّ ،
ال الميَّة ،وشري خالد بن فيان اي ُّ
وقارة( )2عل خداي اَّس ــلم ،وقام عامر بن الطُّشفيل بقتل القَّراء الدُّعاة احمن ،وحاولت يهود
ش
ـول هللا(ﷺ) ،فتص ـ َّـد يذه اَّاوحت اَّاكرة احلبي اَّص ــطف (ﷺ)
ب النَّض ــري أن ت تال ر ـ ش
ٍ
وتنفيذ ٍ
دقيق. ٍ
وهطيا لي ٍم، فائقة ،و يا ٍة ماهرةٍ،
اعة ٍ ٍ ب
أوالً :طمع بين ٍ
أسد يف َّ
الدولة اإلسالميَّة:
َّب(ﷺ) بوا ـطة عيونت اَّنبثة يف اجلاييرة العربيَّة أخبار اح ـتعدادات الَّيت قام هبا بنو
بل ت الن َّ
أ ِد بن خايمية بقيادة طلشْيلة األ ِ
دأ من أجل ايو اَّدينة طمعاً يف خرياهتا ،وانتصاراً ل ركهم،
ومظاهرةً لقريش يف عدوا،ا عل اَّسلم ،فساري النَّب(ﷺ) إىل ت كيل ر ٍية من ٍ
مئة وطس ُّ
قال فهرجت هبا عل النَّاس ،فقالوا ما هذه العصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا؟ قال قلت أعطانيها ر ـ ـ ـ ـ ـ ــول
هللا(ﷺ) ،وأمرين أن أمسـ ـ شكها ،قالوا شأو ح ترجع إىل ر ــول هللا(ﷺ) فتس ــألت عن ذلك؟ قال
فرجعت إىل ر ـ ـ ــول هللا(ﷺ) ،فقلت َي ر ـ ـ ــول هللا! ِش أعطيت هذه العص ـ ـ ــا؟ قال «آية بي
أقل النَّاس اَّهتصـ ــرون( )3يومئذ يوم القيامة» فقر،ا عبد هللا بسـ ــيفت ،فلم
وبينك يوم القيامة ،إن َّ
[أمحد ( ،)496/3وأبو يعلى حض إذا مات أمر هبا ،فضـ ـ َّـمت معت يف كفنت ،مثَّ دفنا يعاً.
تايل معتَّ ،
( ،)905وجممع الزوائد ( ،)203/6وأبو داود خمتصراً (.])1249
تضمن هذا اخلرب بعض األحكام ،والفوائد منها (هللاالة الطَّال ) .قال اخلطَّ ُّ
ايب واختلفوا َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـلِ شي إمياءً ،وإذا كان
يف هللاـ ـ ـ ـ ـ ــالة الطَّال ،فقال عوام أهل العلم إذا كان مطلوابً كان لت أن ي ش
طالباً نايل إن كان راكباً ،وهللا ـ ـ ـ ـلَّ ابألرض راكعاً ،و ـ ـ ــاجداً( ،)3وكذلك قال ابن اَّنذر(َّ ،)4أما
قل الطَّالبون عن اَّطلوب وانقطع الطَّالبون عن َّافعي ف رط شرطاً ي طت ريه ،قال إذا َّ ال ُّ
أهللالاهبم ،فيهافون عودة اَّطلوب عليهم ،فَذا كان هكذا كان يم أن يصلُّوا يومئون إمياءً.
َّب(ﷺ) :
- 5جواز االجتواد يف زمن الن ِّ
َّب(ﷺ) فعبــد هللا بن أنيس ر ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا عنــت َّأداه اجتهــاده أن جيوز احجتهــاد يف زمن الن ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـالة عند شـ ـ ـ ـ ـ ــدَّة اخلو
يدل عل جواز ال َّ يصـ ـ ـ ـ ـ ــلِي هذه ال َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـالة ،و ينكر عليت(ﷺ) اَّا ُّ
ابلمياء(.)2
حض َّ
إن ايذس لعبد هللا بن أنشيس وهللاــفاً دقيقاً دون أن يراهَّ ،
خالد بن ــفيان َّ
ف(ﷺ) ش هللا ـ ش
شو ش
رد عل ر ول هللا(ﷺ) متع باً -كما وقع يف رواية الو ِ
اقدأ َ -ي ر ول هللا! ابن أنيس عندما َّ
ما فش ِرقْت( )4من ٍ
شيء ُّ
قا ،قال لت ر ول هللا(ﷺ) «بل ،آية ما بي وبينت أن دد لت ق ش عريرةً
صـفة الَّيت ذكر ر ـول هللا(ﷺ) ،ذس عل ال ِ
خالد اي َّ
()5
إذا رأيتت » ،وقد وجد عبد هللا بن أنيس ش
يقول عبد هللا فلما رأيتت هبتت ،وفش ِرقْت منت ،فقلت هللادق هللا ،ور ولت(.)6
الرجيع(:)2
ارة ،وفاجعة َّ
ضل وال َق َّ
اثلثاً :غدر قبيليت َع ُ
الرجيع فيمــا بينهــا كثرياً حول ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ الَّـذأ من أجلــت بعــث
اختلفــت مروَيت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريَّـة َّ
البهارأ أبنَّت إجا بعث عيناً لت مع اَّعلومات ُّ َّب(ﷺ) هذه ال َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريَّة ،ويف الوقت الَّذأ يورد
الن ُّ
ـليلة ورد فيها أنَّت ِ
قدم عل ٍ
مروَيت أخر أب ـ ـ ـ ـ ــانيد هللا ـ ـ ـ ـ ـ ٍ فَن عن ِ
العدو [البخاري (َّ ،])4086
ضريـَّ ـ ـ ــتش ـ ـ ـ ـ ْ ِ إىل اَّدينة وقالوا « َّ
إن فينا إ الماً، ر ول هللا(ﷺ) رها من قبيليت عضل ،وال شق َّارة اَّ ش
يفقهوننا ،ويقرئوننا القرآن ويعلِموان شـ ـرائع ال ــالم»( )3ويظهر فابعث معنا نفراً من أهللا ــلابك ِ
ٍ
خلالد ابن ـ ـ ـ ــفيان ِ
ايذس ،فل أت إىل اخلديعة َّ
أن قبيلة هذيل قد ـ ـ ـ ــعت للثَّأر من اَّس ـ ـ ـ ــلم
ت إىل اقدأ(َّ )4
أبن السـب هو أن ب حليان -وهم حي من ه شذيل -شم ش ـ ْ وال در .وقد جايم الو ُّ
ض ـ ـل ،وال شق َّارة ،وجعلت يم ج ْعالً ليهرجوا إىل ر ـ ــول هللا(ﷺ) ويطلبوا منت أن خيرً معهم شم ْن
شع ش
الدين ،فيكمنوا يم ،ور روهم ،ويصيبوا هبم شناً يف َّ
مكة(.)5 ويفقههم يف ِ يدعوهم إىل ال المِ ،
[البخاري الر ـ ـ ـ ــول(ﷺ) هذه ال َّس ـ ـ ـ ـ ـريَّة الَّيت تتألَّف من ع ـ ـ ـ ــرةٍ من ال َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـلابة وهكذا بعث َّ
حض إذا كانوا ب عسفان َّ
ومكة أ ار ( ،])3989وجعل عليهم عاهللام بن اثبت بن األقل أمرياًَّ ،
ْ
بنو حليان -وهم قري من مئيت مقاتل ،-فأجلؤوهم إىل ٍتل مرتفع بعد أن أحاطوا هبم من كل
ذمة كاف ٍر(،)6
جان ،مث أعطوهم األمان من القتل ،ولكن قائد السـ ـ ـرية أعلن رفض ـ ــت أن ينايل يف َّ
ذه عنت الدَّبْر ،فلما جاء اللَّيل بعث هللا عليت ـ ــيالً -و يكن يف ال َّس ـ ـماء ـ ـلاب يف وجت
من الوجوه ،-فــاحتملــت ،فــذه ـ بــت فلم ي ِ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلوا إليــت[ .البيوقي يف الــدالئــل ( ،)328/3وابن هشـ ـ ـ ـ ـ ــام
ش
فأما خبشـْي فقد اش ـ ـ ـ ـ ـ اه بنو احلارث بن عامر بن نوفل ،ليقتلوه ابحلارث الذأ كان خبي
قد قتلت يوم بدر ،فمكث عندهم أ ـ ـ ـ ـرياً ،حض إذا أ عوا قتلت ا ـ ـ ــتعار مو ش ـ ـ ـ ـ من بعض بنات
ـب يا ،فدرً ف لس عل فشهذه ،ففايعت اَّرأة احلارث ليس ـ ـ ـ َّ
ـتلد هبا ،فأعارتت ،و فلت عن هللا ـ ـ ـ ٍ
لئال يقتلت انتقاماً منت ،فقال خبي أه ـ ش أن أقتلت؟! ما كنت ألفعل ذلك إن شــاء هللا تعاىل،
قا خرياً من خبي لقد رأيتت ركل من قطف عن وما مبكة فكانت تقول ما رأيت أ ـ ـ ـ ـ ـ ـرياً ُّ
يومئذ شرة ،وإنت َّوثق يف احلديد وما كان إح رزق شرشزقشت هللا ،فهرجوا بت من احلرم ليقتلوه ،فقال ٍ
دعوين أهللاـ ـ ِـل ركعت ،مثَّ انصـ ــر إليهم ،فقال لوح أن تقولوا َّ
إن ما يب شجشايي من اَّوت لايدت،
الركعت عند القتل هو( ،)4مثَّ قال «الله َّم أحص ــهم عدداً ،واقتلهم بشدداً(،)5 فكان َّأول شم ْن ـ َّـن َّ
وح تـْب ِق منهم أحداً» [البخاري ( ،)3989والبيوقي يف الدالئل ( ،)325 - 324/3وابن هشـ ـ ـ ـ ــام ( ])182 - 181/3مثَّ
قال
قشـبشـ ـ ـ ـائِشل ه ْم شوا ْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشت ْ شم عوا كـ ـ ـ ـ َّل شْجم شم ِع لشـ شقـ ـ ـ ـ ْد أش ْ شـ شع األ ْحـشاياب شحـ ْوِس شوألَّـبـوا
ألين ِيف شو شاث ٍق مبش ْ
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيش ـ ـ ـ ـ ِع شع ـ ـ ـ ـلش ـ ـ ـ ـ َّي ِ شوكـلُّـهــم مـْب ـ ـ ـ ِدأ الـ شعـ ـ ـ ـ شداوة شجـ ـ ـ ـا ِهـ ـ ـ ـد
شوق ـ ـ ِربْـ ـ ـ ـت ِم ـ ـ ْن ِجـ ـ ـ ـ ْذ ٍي طشـ ـ ِويْـ ـ ـ ـ ٍل اشـ ـنَّـ ـ ِع شوقشـ ـ ـ ـ ْد قشـَّربوا أبْـنشـ ـ ـ ـاءشهم شونِ شس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاءشه ْم
وفيت َّ
أن هللا يبتلي عبده اَّؤمن مبا شاء كما بق يف علمت ،ليثيبت ،ولو شاء ربُّك ما فعلوه،
ابلتأملَّ .
وإجا وفيت ا ـ ـ ــت ابة دعاء اَّس ـ ـ ــلم ،وإكرامت حياً وميتاً ،و ري ذلك من الفوائد اَّا يظهر ُّ
ا ــت اب هللا لت ِم ْن حاية حلمت من اَّ ــرك ،و مينعهم من قتلت َّا أراد من إكرامت ابل َّ ـهادة،
ومن كرامتت حايتت ِم ْن هتك حرمتت بقطع حلمت»(.)1
حَّت املوت:
- 2بني التَّسليم ،والقتال َّ
وه ــذا احل ــدث يفت أمام اَّسلم ابابً وا عاً يف التَّعامل مع األحداث يف اختيارهم األ ر
ٍ
شيء». ( )1فت البارأ ،شر حديث رقم ( ، )4086فقرة «فلم يقدروا منت عل
( )2انظر فقت ِ
السرية ،للبوطي ،ص 188ـ .189
851
حض اَّوت مــا دام الطَّـال ـ ح يطلبهم بعـ ٍ
ـدل ،ومــا إذا طلبوا مظلوم ،أو اختيــارهم القتــال َّ
السلطة ري إ الميَّة(.)1
دامت ُّ
َّب(ﷺ) :
- 3تعظيم سنَّة الن ِّ
ـنَّة اح ـتلداد ،وا ـتعار أنَّت ـيقتل ب ع ـيَّ ٍة ،أو ـلاها ،ومع ذلك كان حريصـاً عل
ال ِسـ ـ ـ ِك لذلك ،ويف هذا تذكري لِ شم ْن يس ـ ــته بكث ٍري من ال ُّسـ ـ ـنن ،بل والواجبات حب َّ ة أنَّت ح
األمة ،ويف الواقع ح منافاة ب تعظيمَتر هبا َّ ينب ي أن ين ـ ـ ـ ـ ـ ل اَّس ـ ـ ـ ــلمون بذلك للظُّرو الَّيت ُّ
السنَّة والدُّخول يف شرائع ال الم كافَّةً(.)2
ُّ
- 4اإلسالم ينتزع ال در ،واألحقاد:
الصحابة:
َّب(ﷺ) عند َّ
حب الن ِّ
-5ي
أوفر ،ذل ــك َّ
أن اَّبَّـ ـة شرة اَّعرف ــة ،وهم ِ إن َّ
َّ
ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ــاب ــة من حبـ ـت(ﷺ) ك ــان أذَّ ،و ش
حم ال َّ
بقدره(ﷺ) ،ومنايلتت أعلم ،وأعر ِم ْن ريهم ،فبالتَّاس كان حبُّهم لت(ﷺ) أش َّد ،وأكرب(.)3
الرجيع يظهر هذا احل ُّ يف احلوار ايادئ ب أيب ـ ـ ـ ـ ــفيان ،وب ز ٍ
يد ابن الدثنَّة يف حادثة َّ
حممداً ا ن عندان مكانك تضرب عنقت ،وأنَّك يف أهلك؟ فقال إذ قال لت أبو فيان أحت ُّ َّ
أن َّ
حممداً ا ن يف مكانت الَّذأ هو فيت تص ـ ـ ـ ـ ـ ــيبت ش ـ ـ ـ ـ ـ ــوكة ِ
وإين جالس يف زيد وهللا! ما أح ُّ َّ
أن َّ
أهلي( .)4وهذا احل ُّ من الميان ،فقد قال(ﷺ) «ثالث شم ْن ك َّن فيت وجد حالوة الميان شم ْن
وم ْن يكره أن يعود يف
وم ْن أح َّ عبداً ح بُّت إح هلل ،ش
كان هللا ور ـ ـ ـولت أح َّ إليت اَّا ـ ـ ـوالا ،ش
الكفر بعد إذ أنقذه هللا كما يكره أن يلق يف النَّار» [البخاري ( ،)21ومسلم (.])43
بقوم فيهم اَّنذر بن عمرو ،وهو الَّذأ ُد من شـ ـ ـ ـ ـ ــئت .فبعث إليهم ٍ
ٍ
يم جار ،فابعث إىل أهل ش ْ
يقال لت الْم ْعنِق لِيشموت( ،)2أو أعنق اَّوت ،فا ـ ـ ـ ـ ـ ــت اش( )3عليهم عامر بن الطُّفيل ب عامر،
الع ش األ نَّة ،فا ت اش عليهم ب لشيم ،فأطاعوه ،فأتبعهم فأبوا أن يطيعوه ،وأبوا أن خيفروا م ِ
بقري من مئة رجل رٍام ،فأدركهم ببئر شمعونة ،فقتلوهم إح عمرو بن أميَّة(.)4
البد َّ
للدعوة من تضحيات: َّ - 1
رأينا كيف ش شدر حلفاء ه شذيل أبهللاـ ـ ــلاب َّ ِ
ب(ﷺ) الرجيع من الق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـراء ،الَّذين أر ـ ـ ــلهم النَّ ُّ ْ ش
القراء ،الَّـذين
َّ الرجيع ،وهــا هنــا عــامر بن الطُّفيــل ي ــدر ابل َّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبع معلِم ِ ،
ومفقه يف ايوة َّ
رهيبة ٍ
دنيئة ،وذلك يف يوم بئر معونة. ا تنفروا للدَّعوة إىل هللا ،والتَّفقيت يف دين هللا ،يف جمايرة ٍ
حض إنَّتكت هذه اَّصـ ـ ـ ــائ يف نفس ر ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) آاثراً ائرًة ،بعيدة األعماقَّ ، وقد تر ْ
()1
ت هللاش ،ور ـولشت(ﷺ)لبث شــهراً يـ ْقنت يف هللاــالة الف ر داعياً عل قبائل ـلشيم الَّيت عص ـ ِ
شش ْ ش
عباس ر ـ ــي هللا عنهما قال قنت ر ـ ــول هللا(ﷺ) شـ ــهراً متتابعاً يف الظُّهر ،والعصـ ــر، فعن ابن ٍ
الركعةكل هللاــالة ،إذا قال «مسع هللا َّن حده» من َّ صـب ،يف دبر ِ واَّ رب ،والع ــاء ،وهللاــالة ال ُّ
ويؤمن شم ْن خلفت[ .أمحد ٍ
أحياء من ب ـ ـ ـ ـ ـلشيم عل ِر ْع ٍل وذش ْكوا شن وعصـ ـ ـ ـ ـيَّةش ِ األخرية ،يدعو عل
ش ش
( ،)302 - 301/1وأبو داود ( ،)443وابن خزمية (.])618
يفت يف شعضـ ِد اَّســلم ،وح ف َّ من حيَّتهم يف الدَّعوة إىل هللا ،وح كســر من
َّ لكن ذلك
إن ألن مص ـ ــللة الدَّعوة فوق األنفس و ِ
الدماء بل َّ عايمهم يف مواهللا ـ ــلة الدَّعوة ،وخدمة دين هللاَّ ،
الدعوة ح يكت يا النَّص ــر إذا تـب شذ ْل يف ــبيلها األروا ،وح ش ــيء ِ
ميكن َّ
للدعوة يف األرض ْ
الصالبة يف مواجهة األحداث ،واألزمات ،وا خاص التَّضليات من أجلها.
مثل َّ
إن الدَّعوات بدون قو ،أو تضـ ــليات ،يوشـ ــك أن تكون مبثابة فلسـ ــفات ،وأخي ٍلة ،تلفُّها
َّ
الايمن.
الكت ،وترويها األ اطري ،مثَّ تطْ شو مع َّ
ضـ ـ ـ ـهمة عن دين هللا ،والدَّعوة إليت، الرجيع وبئر معونة ،تـب ِ
ص ـ ـ ـراننا ابَّس ـ ـ ــؤولية ال َّ إن حادثيت َّ
ش ش
ص ـ ـ ش أعيننا( )2جاذً من التَّض ــليات العظيمة الَّيت قدَّمها ال َّ
ص ـ ـلابة الكرام ر ــي هللا و ــعت ن ْ
عنهم ،من أجل عقيدهتم ،ودينهم ،ومر اة رِهبم.
اارد عن الميان جعل شجبَّار بن الرائع الَّذأ ح يتص ـ ـ ـ َّـوره العقل الب ـ ـ ـ ُّ
ـرأ َّ وهذا اَّنظر البديع َّ
ـ ـ ــلم ،وهو الَّذأ طعن حرام بن مللان يتس ـ ـ ــاءل عن قول حرام «فايت ِ
ورب الكعبة» وهذا
إن اَّا دعاين إىل ال ـ ــالم ِأين طعنت رجالً منهم ٍ
يومئذ برم ب جبَّار ِدثنا بنفسـ ــت ،فيقول َّ
كتفيت ،فنظرت إىل ِ ـ ـ ـنشان ُّ
الرم ح خرً من هللا ـ ــدره ،فس ـ ــمعتت يقول «فايت ِ
ورب الكعبة!»
حض ـ ـ ــألت بعد ذلك عن قولت ،فقالوا
الرجل؟! َّ
فقلت يف نفسـ ـ ــي ما فاز ،ألسـ ـ ــت قد قتلت َّ
لل َّهادة .فقلت فاز لش شع ْمر هللا! فكان بباً ل المت[ .البيوقي يف الدالئل (.)2(])353/3
وأتتينا الجابة ال َّ ـ ـ ـ ـ ـافية من ر ـ ـ ـ ـ ــول هللا(ﷺ) الَّذأ ح ينطق عن ايو يف قولت «ما جيد
[الرتمذي ( ،)1668والنسـ ـ ـ ـ ــائي مس القتل إح كما جيد أحدكم من شم ِ
س ال شق ْرهللا ـ ـ ـ ـ ـ ـةش» ال َّ ـ ـ ـ ـ ـ ـهيد من ِ
( ،)36/6وابن ماجه (.])2802
هللاـ ـ ـة عند هللا ،ف اياء الثَّمن الباهم الَّذأ يدفعت ،وهو روحت رخيصـ ـ ـةً يف فلل ـ ــهيد منايلة خا َّ
كل
ـت جوائايُّ ، وجل ،-يبهسـ ـ ـ ـ ــت احلكم العدل حقَّت ،فكافأه مكافأ ًة بسـ ـ ـ ـ ـ ِ
عاي َّ ـ ـ ـ ـ ــبيل هللا َّ -
واحدةٍ منها تعدل الدُّنيا وما فيها ،فعن اَّقدام بن معد يكرب ر ـ ـ ــي هللا عنت قال قال ر ـ ـ ــول
دفعة من دمت ،ويشر مقعده من ـال ي شفر لت يف َّأول ٍ هللا(ﷺ) «لل َّ ـ ـ ـهيد عند هللا ِ ـ ـ ـ ُّ
ت خص ـ ـ ـ ٍ
اجلنـَّة ،وجي ـار من عــذاب القرب ،ورمن من الفايي األكرب ،و شلَّ حلَّ ـة الميــان ،وي َّايوً من احلور
الع ،وي فَّع يف بع إنساانً من أقاربت» [الرتمذي ( ،)1663وابن ماجه (.)3(])2799
ِ
لللميدأ (.)50/6 المي ،
( )1انظر التَّاري ال ِ
( )2انظر رية ابن ه ام (حديث بئر معونة) ،وفت البارأ (شر حديث رقم )4092 ، 4091ففيت فوائد كثرية.
( )3اجلامع ألحكام القران (تفسري ا ية 171من ورة ال عمران).
857
الَّذأ رل بت يوم القيامة وج ْرحت كهيئتت يوم هذا ابل ـ ـ ـ ــافة إىل الو ـ ـ ـ ــام اَّميَّاي اَّ ـ ـ ـ ـ َّـر
الري ري اَّسك» [الرتمذي (.])1656 ج ِر «اللَّون لون الدَّم ،و ِ
أن حياة ال ُّهداء ح تنتهي مب َّرد موهتم ،بل هم أحياء يرزقون ،ويتنعمون عند رِهبم(.)1 كما َّ
شحيشـاء ِعْن ـ شد شرهبِِ ْم يـ ْرشزقو شن ﴾ ب الَّـ ِذين قتِلوا ِيف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبِيـ ِـل َِّ
اَّلل أ ْشم شو ًاات بشـ ْل أ ْ ش ش قــال تعــاىل ﴿ شوحش شْحت شس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ش َّ
[آل عمران.]169 :
َّب(ﷺ) لل يب:
- 3عدم معرفة الن ِّ
أن الَّر ـ ـ ـ ـ ـ ــول(ﷺ) ح يعلم ال ي ،كما الرجيع ،و ريلا تدحَّن عل َّ إن حادثيت بئر شمعونة و َّ َّ
وجل ﴿ -ق ْل حش أ ْشملِك لِنشـ ْف ِس ـ ـي نشـ ْف ًعا شوحش ش ـ ـًّرا إِحَّ دلَّت عل ذلك أدلَّة أخر منها قولت َّ -
عاي َّ
اخلشِْري شوشما شم َّسـ ِ ش ال ُّسـوء إِ ْن أ ششان إِحَّ نش ِذير شوبش ِ ـري
اَّلل شولش ْو كْنت أ ْشعلشم الْ شْي ش حش ْ ـتش ْكثشـ ْرت ِم شن ْ
شما ششـاءش َّ
لِشق ْوٍم يـ ْؤِمنو شن ﴾ [األعراف.]188 :
الر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل واَّالئكــة ح يعلمون من ال يـ إح مــا عاي وجـ َّـل -وحــده عــا ال يـ ،و ُّ فــاهلل َّ -
ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِم ْن ِ ِ
شح ًدا إِحَّ شم ِن ْارتش ش
وجل ﴿ شعا الْ شْي ِ فشالش يظْ ِهر شعلش شْيبِت أ ش علَّمهم رُّهبم َّ -
()2
عاي َّ
ِِ ِ ِ ِ ٍ
هللا ًدا ﴾ [اجلن.]27 - 26 : شر ول فشَِنَّت يش ْسلك م ْن بشْ ِ يش شديْت شوم ْن شخ ْلفت شر ش
- 4الوفاء ابلعود:
رأ ر ي هللا عنت أ رياً يف بئر شمعونة ،ول ـ ـ َّـما علم عامر بن الطُّشفيل
َّم ُّ
وقع عمرو بن أميَّة الض ْ
وجاي انهللايتت ،وأعتقت عن رقبة زعم َّأ،ا كانت عل ِأمت ،فلـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـما خرً عمرو
أنَّت من مضر أطلقتَّ ،
قاهللاـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداً اَّدينة ،نايل يف طريقت يف ٍ
ظل ،والتق برجل من ب عامر -وكان معه ما عقد من
ر ــول هللا ،وجوار ،يعلم بت عمرو بن أميَّة -وقد ــأيما ح نايح اَّن أنتما؟ فقاح من ب
حض إذا انما ،عدا عليهما ،فقتلهما ،وهو ير أنَّت قد أهللااب هبما ثـ ْؤرةً( )3من
عامر ،فأمهلهماَّ ،