You are on page 1of 4

‫الجمال القرآني من منظور صوفي وانعكاسه في الزخرفة‬

‫اإلسالمية ‪/‬ح‪1‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬
‫ادارة الموقع ‪Views  0 Comments 764‬‬
‫أ‪.‬د‪.‬ضاري مظهر صالح العامري‪/‬أستاذ علم الجمال في كلية الفنون الجميلة‪-‬جامعة بابل‬
‫الفصل االول‬
‫مقدمة‬
‫ال يزال الخطاب الهي (الق ران الك ريم) يغ ري الب احثين والمعن يين في مج ال البح وث والدراس ات منه ا‬
‫الجمالية واالدبية والفنية ومجال العلوم التطبيقي ة والعملي ة ذل ك لم ا يحمل ه من خاص ية اوج دها الح ق‬
‫تعالى في كنزية الكلمة او المفردة القرانية التي يراد لها ان تلبي حاجة الباحث عن الحقيقة في كل زمان‬
‫ومكان الى جانب الحاجيات االخرى الفكرية منها والعقائدي ة وفي ش تى من احي الحي اة ‪.‬ذل ك لم ا تحمل ه‬
‫الكلمة من قابلية لتناسالت تاويلية توازي حركة المجتمع‪.‬‬
‫لقد وصف الحق تعالى الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة دائمة العطاء باكل ك ل حين‪ ،‬ويقين ا ان كالم الح ق‬
‫هو من ارقى واعظم واطيب الكالم كما جاء في االية الكريمة ‪ :‬مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت‬
‫وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها(ابراهيم‪.)24،25:‬‬
‫من هنا يتضح ان كالم الحق محتوى الحقائق مطلق ة يس تطيع الب احث ان ياخ ذ عن ه من المع ارف مال ذ‬
‫وطاب اذا احسن تاويل خطاب الحق ‪.‬‬
‫والتاويل ملكة موهوبة من لدن الحق لخاصته من االولياء والعارفين من الص وفية في ك ل زم ان ‪،‬فك ان‬
‫من جراء ذلك توفر ارث كبير من العلوم والمع ارف والمكاش فات الص وفية ‪،‬لم ت زل تغ ري ك ذلك جمي ع‬
‫المعنيين في مجال البحث بتدشين الكثير من الدراسات والبحوث البكر في كافة االختصاصات ‪.‬‬
‫ويقف الجمال ومجاالته والمواضيع المجاورة له ك الجالل والكم ال وجالل الجم ال في مقدم ة المواض يع‬
‫التي تم الكشف عنها لدى الصوفية فكانت بحق ارثا جماليا فخما استحق ان يكون مرجعا مهما من راجع‬
‫الخطاب الديني مم ا اغ رى الفن ان المزخ رف ان ياخ ذ عن ه مايؤص ل بحث ه العملي في مي دان الزخرف ة‬
‫االسالمية ‪.‬‬
‫ان االرث الصوفي الكبير باعتباره خطابا دينيا استبطن الخط اب االلهي ش كل في اغلب ميادين ه الخلفي ة‬
‫الفكرية لفن الزخرف ة او العم ود الفق ري لمض امين الزخرف ة االس المية ه ذا من ج انب واذا ك انت ه ذه‬
‫المضامين الزخرفية عسيرة على الذائقة بحيث يص عب معهم تاويله ا ت اويال مباش رة ف ان تل ك االش كال‬
‫الزخرفية تحيل الذائقة الى الخطاب الصوفي ومجمل الخطاب الديني باعتباره المرجع الثاني بع د الق ران‬
‫الكريم ‪.‬‬
‫انم ا تحي ل الي ه الزخرف ة س واء ك ان خط اب الهي او خط اب دي ني ص وفي هم ا ال ذين منح ا الزخرف ة‬
‫االسالمية هويتهما االسالمية بحيث تميزت هويتها عن سائر الفنون الزخرفية في الحض ارات المج اورة‬
‫وهنا تكمن مشكلة البحث واهميته والحاجة اليه من كونه يكشف عن العالقة م ابين الزخرف ة االس المية‬
‫كفن عملي وبين العقيدة االسالمية ‪.‬‬
‫هدف البحث‬
‫يهدف البحث الحالي الى الكشف عن ‪:‬‬
‫‪ -1‬الجمال في القران الكريم من منظور صوفي‬
‫‪ -2‬انعكاس ذلك في الزخرفة االسالمية‬
‫تحديد المصطلحات‬
‫‪ -1‬الجمال‬
‫لغ ة‪:‬جم ل‪:‬الرج ل جم اال‪ ،‬حس ن خلق ا وخلق ا فه و( جمي ل وهي جميل ة) الجم ال ‪:‬رق ة‬
‫الحسن‪،‬جملة‪:‬زينه‪،‬تجمل‪:‬تزين وتحسن اذا اجتلب البه اء واالض اءة‪(.‬الش رتوني‪،‬س عيد الخ وري‪،‬ب‪.‬ت‪،‬‬
‫ص ‪)139‬‬
‫‪ -2‬الجمال فلسفيا‬
‫أ‌‪ -‬يرى سقراط‪:‬الجميل هو مايحقق النفع او الفائدة او الغاية االخالقية ويجب ان يك ون م ؤداه للخ ير ‪،‬ال‬
‫الى اللذة الحسية‪(.‬مطر‪،‬اميرة حلمي ‪:1973‬ص ‪)22،26‬‬
‫ب‌‪ -‬يعرفه افالطون‪ :‬الجمال‪:‬نظام وتناسب في كل مايخضع للعدد والقياس ومحاكيا لجم ال المث ل‪،‬ويبعث‬
‫فين ا ل ذة غ ير مص حوبة ب الم‪ ،‬وي رى ان االش كال كلم ا ك انت اق رب الى الخط وط المس تقيمة وال دوائر‬
‫والمسطحات والحجوم المكونة منها بواسطة المساطر والزوايا كلما كانت اجمل ‪،‬ذلك الن جمالها ي وحي‬
‫بالجمال المطلق ‪(.‬مطر‪،‬اميرة حلمي ‪:‬المصدر السابق ص ‪.)56‬‬
‫ت‌‪ -‬ويرى افلوطين‪:‬ان الجمال ه و الخ ير ‪،‬والخ ير ك امن خل ف الجم ال وه و مص دره ومب دؤه‪،‬فالواح د‬
‫المطلق ‪،‬خير قبل ك ل ش يء‪،‬وه و جمي ل الن ه خ ير ف الخير المب دا االول ال ذي يص در عن ه الجم ال وان‬
‫الوسيلة الدراك هذا الجمال هي الروح ‪ ،‬اما الحواس فال تدرك سوى ظالل الجم ال(اس ماعيل ع ز ال دين‬
‫‪:1986‬ص ‪.)39‬‬
‫ث‌‪ -‬الفارابي ي رى ان الجم ال‪:‬هي المعرف ة ال تي تعطي االنس ان الس عادة والس رور الم ترعرين في تل ك‬
‫الحدود التي تنمو فيها ثقته‪ ،‬فهو عندما يفهم يكتشف في نفسه الجمال والكمال‪ )5(.‬اوفيسناكوف‪1979:‬‬
‫ص ‪ )51‬ج‌‪ -‬ويعرف ابو حيان التوحيدي‪:‬الجمال‪:‬بانه يكمن في االعض اء وتناس ب في االج زاء ومقب ول‬
‫عند النفس‪()6(.‬الهندسي‪،‬عفيف‪ 1972:‬ص‪.)31‬‬
‫‪ -3‬الجمال كما تراه الصوفية‬
‫‪ -1‬يرى الغزالي‪:‬ان الجمال هو صفات الجالل اذا نسبت الى البصيرة المدركة لها ويس مى المتص ف به ا‬
‫جميال‪()7(.‬الحسيني محمد عبد الكريم‪ 2005:‬ص‪)361‬‬
‫‪ -2‬عب د الق ادر الكيالني ي رى ب ان الجم ال‪:‬تجلي القل وب ب االنوار والس رور وااللط اف والكالم اللذي ذ‬
‫والحديث االنيس والبشارة بالمواهب الجسام والمنازل العالي ة والق رب عن ه ‪()8(.‬الحس يني محم د عب د‬
‫الكريم‪ :‬المصدر السابق ج‪ 4‬ص ‪.)361‬‬
‫‪ -3‬يعرفه االنصاري‪:‬فيرى ان االجمال على قسمين‪،‬مطلق ومقيد ‪ ،‬والمطلق وصف الح ق تع الى وينف رد‬
‫به‪,،‬المقيد على قس مين‪ :‬كلي وج زئي‪،‬الكلي‪:‬ن ور قدس ي ف ائض من جم ال الحض رة االلهي ة س اري في‬
‫جميع الموجودات‪ ،‬علوا وسفال‪..‬ظاهرا وباطنا‪،‬يدرك هذا الجم ال من ك انت ذات ه كلي ة‪،‬أي تحق ق ب الحق‬
‫فانيا فيه ‪،‬فان ذاته تناسب جميع الذوات فتدركها‪،‬اما الجمال الجزئي فهو ن ور عل وي يس نح للنفس عن د‬
‫ادراك الص ورة الجميل ة الحاص لة من ل وح الخي ال المنتقش بقلم الحس البص ري تتهيج ب ه‪ ،‬والجم ال‬
‫الج زئي ينقس م الى ظ اهر وب اطن‪،‬فالظ اهر لالجس ام والب اطن ه و الجم ال العقلي المج رد‪.‬‬
‫(االنصاري‪:‬ب‪.‬ت‪،‬ص‪.)42،43،44 ،‬‬
‫‪ -4‬ابن عربي يرى‪ :‬ان الجمال معنى يرجع منه تعالى الينا وهو الذي اعطانا ه ذه المعرف ة ال تي تحص ل‬
‫عندنا به ‪ :‬ومعرفة الت نزالت والمش اهدات واالح وال ول ه فين ا ام ران الهيب ة واالنس‪(.‬ابن ع ربي‪،‬محي‬
‫الدين‪،1990:‬ص‪)36‬‬
‫‪ -5‬ي رى الجيلي‪:‬ان جم ال الحقنوع ان‪،‬معن وي‪،‬كمع ان االس ماء الحس نى واالوص اف العال‪،‬وه ذا الن وع‬
‫مختص بشهود الحق اي اه‪ ،‬واالخ ر‪ :‬ص وري وه و جم ال ه ذا الع الم المع بر عن ه ب الخلق بك ل تفاريع ه‬
‫والوانه وهو جمال مطلق ظهر في مج ال االلهي ة س ميت تل ك المج الي بالخ اق‪،‬وي دخل في ه المحس وس‬
‫والمعقول الوهم والخيال‪،‬واالول واالخر والظاهر والباطن والقول والفعل والصورة والمعنى‪ ،‬فان جمي ع‬
‫ذلك صور جماله وتجليات كماله ‪(.‬الجيلي‪،‬عبد الكريم‪:‬ب‪.‬ت‪:‬ص ‪.)4،3‬‬
‫‪ -6‬القاشاني‪:‬يعرف الجمال ‪:‬بانه تجلي الحق تعالى بوجهه لذاته‪،‬فلجماله المطلق جالل‪،‬هو قهاريته للك ل‬
‫عند تجليه بوجهه وهو علو الجمال‪،‬وله دنو يدنو ب ه من ا وه و ظه وره في الك ل‪(.‬الحس يني محم د عب د‬
‫الكريم‪:‬المصدر السابقج‪ 4‬ص ‪.362‬‬
‫التصوف‬
‫لغة‬
‫ص فا‪ :‬الم اء‪،‬يص فو وص فاءا نقيض ك در‪،‬والج و‪:‬لم تكن لم تكن في ه لطخ ة غيم‪ ،‬الص فاء ‪:‬نقيض‬
‫الكدر‪،‬والصفو‪:‬االخالص في المودة‪،‬الصفي الحبيب الصافي‪(،‬الشرتوني‪:‬المصدر السابق ج‪ 1‬ص ‪.)653‬‬
‫‪ -1‬يعرف عب د الق ادر الكيالني‪  ‬التص وف‪:‬ف يرى الت اء تع ني توب ة الظ اهر ب الرجوع عن ال ذنب وتوب ة‬
‫الب اطن ‪:‬بتص فية القلب وت رك المخالف ات الباطن ة‪،‬والص اد ص فاء القلب والس ر من الك دورات ومحب ة‬
‫ماسوى هللا تعالى ‪،‬وال واو بل وغ مرتب ة الوالي ة‪،‬والغ اء الفن اء في هللا تع الى‪(.‬الكيالني عب د الق ادر‪:‬ص‬
‫‪)27،28‬‬
‫‪ -2‬يعرفه ابن عربي‪:‬هو الوقوف مع االداب الشرعية ظاهرا وباطنا وهو الخلق االلهية وق د يق ال ب إزاء‬
‫إتيان مكارم االخالق وتجنب سفاسفها‪(.‬الجبوري‪،‬فظلة‪ 1999‬ص ‪.)154‬‬
‫‪ -3‬يعرفه الكسنزان‪:‬فيرى‪:‬الصوفي اطلق هذا على المرء الذي اعتزل مباهج الحي اة ال دنيا وتوج ه بقلب‬
‫خاشع ولسان ذاكر وادب جم الى محراب العبادة قائم الليل ص ائم النه ار يبتغي رض وان هللا وح ده‪،‬جم ع‬
‫بين طه ارة الج وارح وزك اة النفس وي واظب على ذك ر الال ه اال هللا ‪،‬وذك ر هللا م ع حض ور القلب ‪.‬‬
‫(الحسيني‪،‬محمد عبد الكريم)‪:‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.)433،444‬‬
‫‪ -4‬يعرفه الباحث‪:‬هو توجه سلوكي منظم يتبنى منهج ا قائم ا على االداب الش رعية ظ اهرا وباطن ا ق وال‬
‫وعمال‪،‬ف رائض ونواف ل غايته ا رض ا هللا تع الى والتق رب الي ه ويتم ذل ك عن طري ق المع ارف االلهي ة‬
‫والعلوم اللدنية التي يهبها لهم عن طريق الكشف والمشاهدة والذوق‪.‬‬
‫االنعكاس‬
‫لغة‬
‫‪ ‬عكس ‪:‬الكالم ونحوه عكسا‪،‬قلبه والشيء رد اخره الى اوله‪.‬‬
‫‪ ‬تع اكس الش يء وانعكس واعتكس ‪:‬انقلب‪،‬كالم معك وس‪:‬أي مقل وب غ ير مس تقيم ال ترتيب والمع نى‪.‬‬
‫(الشرتوني‪،‬سعيد الخوري‪:‬المصدر السابق ج‪ 2‬ص ‪.)815‬‬
‫‪ -1‬االنعكاس‪ :‬سبل معالجة تاثيرات االش ياء على االجه زة العاكس ة ‪(.‬الموس وعة الفلس فية)‪1980:‬ص‬
‫‪.)61‬‬
‫‪ -2‬االنعك اس‪:‬ض رب من االس تدالل المباش ر وه و يق وم على اس تنتاج قض ية من قض ية اخ رى يجع ل‬
‫المحمول موضوعا والموضوع محموال ‪(.‬المعجم الفلسفي‪:1979:‬ص‪.)121‬‬
‫‪ ‬يعرف الباحث االنعكاس‪،‬هي تمثالت االفكار والخطابين االلهي والص وفي في الزخ ارف االس المية على‬
‫شكل رموز وتجريدات هندسية ونباتية او كالهما)‪.‬‬
‫الزخرفة‬
‫‪ ‬لغة‬
‫زخرفة‪:‬زينه وحسنه وكمله‪،‬والقول حسنه بترقيش الكذب والزخرف من االرض ‪:‬الوان نباتي المزخ رف‬
‫المزين والمموه والمزور ‪،‬الزخرف‪:‬الذهب وكما حسن الشيء‪(.‬الشرتوني سعيد الخ وري‪:‬ب‪.‬ت‪،‬ج‪،1‬ص‬
‫‪.)460‬‬
‫‪ -1‬يعرفها العاني‪:‬استخدام عناصر هندسية ونباتية ومعمارية وكتابية من قبل الفن ان المزخ رف ب افراغ‬
‫طاقته الكامنة فيها ‪(.‬العاني ‪،‬عالء الدين‪1982:‬ص‪.)123‬‬
‫‪ -2‬يعرفها مرزوق‪:‬ان الفن الزخرفي هو كل مايزين العمائر القائمة او مجمل التحف المنقولة من خ زف‬
‫واقمشةوخشب وعاج وزجاج ومعادن وجلود وورق‪(.‬مرزوق‪ 1974:‬ص ‪.)63‬‬
‫‪ -3‬يعرفها الحسيني‪:‬الزخرفة االسالمية تتكون من اشكال نباتية لورق االشجار واالزهار ومايتفرع منها‬
‫وعلى اجزائها مع االسراف في اس تطالة االغص ان واالزه ار واالش جار الى ج انب س ريان المرون ة في‬
‫انعطافها تكاد تبعث الحيوية والحياة باالضافة الى استخدام االشكال واالحجام الهندسية كالمثمن والمعين‬
‫والمربع وغيرها من االشكال الهندسية‪( .‬الحسيني‪:‬محمد عبد العزيز‪:‬ب‪.‬ت‪،‬ص‪.)6‬‬
‫‪ -4‬يعرفها الباحث‪:‬الزخرفة‪:‬هي تجريدات واشكال نباتية وكتابية وحيوانية وقد تكون مركب ة من ش كلين‬
‫او اكثر يراعى فيها التكراروالتقابل والتن اظر والتماث ل ق د تك ون منفص لة او متداخل ة بعض ها ب البعض‬
‫االخر تعبر عن مضامين فكرية‪ -‬عقائدي ة او تحي ل ال ذائق اليه ا ‪ ,‬وق د تك ون ه ذه الزخ ارف غ ائرة في‬
‫الجدران او بارزة على السطح نفذت بعدة خامات متعددة‪.‬كالجدران او الزجاج او الخش ب او القم اش او‬
‫المصاحف او النحاس والعاج او أي مادة قابلة وصالحة للزخرفة‪.‬‬
‫يتبع ‪.‬‬

You might also like