.1أقوال أهل العلم في السباق وبعض أحكامه .2حكم صيام يوم عاشوراء .3مسائل متفرقة في عاشوراء
أحكام المسابقات وأضواء على عاشوراء:
أصل المسابقات مشروع في اإلسالم ،ولكن بشروط وأركان ،وقد َّ جد اليوم ما جد من الحوادث، وتوسع الناس في المسابقات حتى دخلت في أمور هي محل نظر عند أهل العلم ،وفي هذا الدرس تجد نبذة عن هذا الموضوع وما يحل منه وما يحرم ..ثم تجد حديثاً لطيفاً عن يوم عاشوراء وحكم صومه ،وما أحدث فيه أهل البدع...
فأما السباق -أيها المسلمون -فإن األصل فيه الجواز بالسنة واإلجماع ،أما السنة فروى ابن عمر رضي اهلل عنهما أن النبي صلى اهلل عليه وسلم (سابق بين الخيل المضمرة\ من الحيفاء إلى ثنية الوداع وبين التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق) وهذه مسافة معلومة سابق فيها النبي صلى اهلل عليه وسلم -أي :أذن بالسباق فيها -والمسابقة سنة إذا كانت بقصد التأهب للقتال طعتُم ِم ْن قُ َّو ٍة و ِم ْن ِرب ِ اط اْل َخْي ِل [األنفال]60: ِ َ َ بإجماع العلماء ولقوله تعالىَ :وَأع ُّدوا لَهُ ْم َما ْ استَ َ ْ ْ وفسر النبي صلى اهلل عليه وسلم القوة بالرمي ،وقد روى البخاري رحمه اهلل أن النبي صلى اهلل عليه وسلم خرج على ٍ قوم من أسلم ينتضلون فقال( :ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً) ولخبر أنس رضي اهلل عنه وأرضاه( :كانت ناقة لرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم تسمى العضباء ال تسبق ،فجاء أعرابي على ٍ قعود له فسبقها ،فاشتد ذلك على المسلمين ،وقالوا :سبقت العضباء، ٌ فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :إن حقاً على اهلل أن ال يرفع شيئاً من الدنيا إال وضعه) قال الزركشي رحمه اهلل :وينبغي أن تكون المسابقة والمناضلة فرض كفاية؛ ألنهما من وسائل الجهاد، وما ال يتوصل إلى الواجب إال به فهو واجب ،والمسابقة في السهام آكد لقول النبي صلى اهلل عليه حسن ٌ وسلم( :ارموا واركبوا ،وألن ترموا أحب إلي من أن تركبوا) وقال الترمذي -رحمه اهلل- صحيح ،ومعناه أن السهام تنفع في السعة الضيق ،بخالف الفرس فإنه ال ينفع في مواضع الضيق؛ بل قد يضر ،ولذلك يكره لمن تعلم الرمي أن يتركه كراهة شديدة ،بل قد يكون حراماً لظاهر الخبر ت المسابقة لغير الجهاد ،فالمسابقة حينئذ مباحة عن النبي صلى اهلل عليه وسلم .أما إذا قُ ِ صد ْ بالشروط الشرعية .واعلموا رحمكم اهلل أن المسابقة تكون على جوائز وتكون على غيرها.
من أحكام المسابقة:
فأما المسابقة بغير جوائز كالمسابقة على األقدام ،وبالسفن والبغال والحمير ،والمصارعة ،ورفع الحجر ليعرف األشد ،والمسابقة على األقدام قد وردت بالسنة عن النبي صلى اهلل عليه وسلم و عائشة ؛ فمثل هذه المسابقات جائزة إذا كانت بغير جوائز ،وبغير عوض كما ذكر ذلك الفقهاء إيذاء للنفس ،أو التي فيها فعل محرمات أو التي فيها رحمهم اهلل تعالى ،أما المسابقات التي فيها ٌ ٍ طبول ومزامير ،وإ ضاعة للصلوات \،فال شك أنها حرام ،سواء ٍ قصير وإ ظهار عورة ،ودق لبس ٍ بعوض وجوائز ٍ بعوض أو بغير عوض .أما النوع الثاني من المسابقات :وهو المسابقة كانت كغالب المسابقات اليوم؛ فال شك أن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أنه ال يجوز السباق بعوض إال في نصل أو ٍ خف أو النصل والخف والحافر؛ ألجل حديث النبي صلى اهلل عليه وسلم( :ال سبق إال في ٍ حافر) أي :ال جائزة تجعل للسباق وال عوض إال في هذه األشياء الثالثة .قال ابن قدامة -رحمه اهلل :-المراد بالنصل هنا السهم ،وبالحافر الفرس ،وبالخف البعير ،فهذا المقصود به المسابقة بجوائز وعوض في كل ما يعين على الجهاد ،وذهب بعض الفقهاء رحمهم اهلل ،إلى إلحاق الرماح، بمقالع ،والرمي بالمنجنيق ونحوه ،والتردد بالسيوف والرماح ،أن ذلك داخ ٌل ٍ والرمي باألحجار فيما يجوز بعوض ؛ ألنه يعين في الجهاد .وكذلك المسابقة في الرمي باآلالت الحديثة ،جائزة بعوض قياساً على ما ذكره النبي صلى اهلل عليه وسلم؛ قال الفقهاء رحمهم اهلل :وال تصح المسابقة َّ دواب ،ويقذفون بالكرة ٍ بعوض على كرة الصولجان ،وكان عندهم لعبة يركب فيها بعض الناس بعضهم إلى بعض ،قال العلماء :ال تصح المسابقة بعوض -بجوائز -على كرة الصولجان ،وال ظر من الذي يصمد أكثر ،وال على معرفة ما على الشطرنج ،وال على الوقوف على ٍ رجل واحدة ُلين َ في يده شفع أو وتر فإن قال :اعلم ما في يدي إذا كان خمساً أو ستاً أو سبعاً أو ...شفعاً أو وتراً ولك كذا فهذا ال يجوز ،وكذلك سائر أنواع اللعب كالمسابقة على األقدام؛ ألن هذه األمور ال تنفع في الحرب؛ كاللعب بكرة الصولجان والشطرنج فإنه ال يجوز جعل الجوائز فيها؛ فضالً عن كون ٍ بعوض على الكالب ومهارشة الديكة بعضها محرماً عند ٍ كثير من أهل العلم .وال تصح المسابقة ٍ خالف بين أهل العلم ،وذهب بعضهم إلى جواز جعل الجوائز على مسابقات ومناطحة الكباش بال الغطس ألنه يستعان به في الحرب .فأنت ترى -رحمك اهلل تعالى -أنهم إنما أباحوا الجوائز على عداد للعدة فيه؛ ألن هذه األمة أمة جهاد ،وال يجوز لها تدرب على الجهاد وإ ٌ ٌ المسابقات التي فيها ترك الجهاد ،ولو تركت الجهاد ذلت؛ ولذلك حثت الشريعة على كل ما يعين على الجهاد ،وأباحت الجوائز بالمسابقات على كل ما يعين على الجهاد ،وأما غير ذلك فال يجوز جعل الجوائز فيه على قول جمهور العلماء ،وألحق شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل ،وتلميذه ابن القيم رحمه اهلل جعل الجوائز على مسابقات حزب القرآن الكريم والحديث ،ونشر العلم والسنة ،والدين والشريعة اإلسالمية قياساً على إباحة الجوائز في مسابقات الجهاد؛ ألن ذلك مما يرفع شأن الدين ويقويه ،أما ٍ مسابقات ال عالقة لها بالعلوم الشرعية ،وال عالقة لها بالجهاد؛ فإن جمهور جعل الجوائز على حرام ال يجوز. ٌ العلماء أخبروا على تحريم ذلك ،وأن المال الذي يؤخذ منه
توسع الناس في العصر الحاضر في المسابقات التجارية:
أيها المسلمون انظروا -رحمكم اهلل -فيما توسع فيه الناس اليوم في جعل الجوائز على المسابقات، نصل أو ٍ خف أو حافر) فهذا وما جاء في حديث المصطفى صلى اهلل عليه وسلم( :ال سبق إال في ٍ واضح في جعل الجوائز لمسابقات الجهاد ،أما غيرها مما ال يعين على الدين ،فال يجوز جعل ٌ ٍ بشروط ذكرها الجوائز في المسابقة عليه ،وحتى المسابقات التي فيها جوائز إنما تشرع وتجوز الفقهاء؛ منها تحديد المسافة ،وتعيين أول المسافة ،وتعيين الفرسين أو البعيرين ،وكذلك أن يكون يعين بدايته ونهايته ،وأن يكون فيها محل ٌل ال يدفع من الجائزة شيئاً عند الجمهور .وكذلك هناك من ّ فإن لهم شروطاً في السباق في السهام؛ كأن يستوي عدد الرشق ،وصفة اإلصابة ،ومعرفة قدر الغرض وهو الهدف الذي يرمى ،ونحو ذلك من األمور .وكذلك فإن هذه المسابقات التي توسع فيها الناس اليوم في ٍ كثير من األمور التي ال تخدم الجهاد ،وال تعين على نشر الدين؛ فإن كانت بغير عوض ،وكانت المسابقة مباحة كالسباق على األقدام وغيره فال بأس به ،أو من يرفع حجراً فال بأس به إذا كان بغير جائزة ،أما إذا كان في ٍ أمر محرم كنطاح الكباش ومهارشة الديكة ونحو ذلك؛ ٍ بعوض وال بغير عوض ،فتأمل اآلن حال هذه المسابقات التجارية التي يكتبون فإنه حرام ال يجوز فيها عن اسم المنتج وصفته ولونه ،والذي يحلها له جائزة ،وعند جمهور أهل العلم أخذ الجوائز نصل أو ٍ خف أو حافر) .قارن مخالف لحديث( :ال سبق إال في ٍ ٌ على هذه المسابقات ال يجوز ألنه اآلن بين الحديث وكالم أهل العلم وبين التوسع الذي يحصل لتعلم -رحمك اهلل -أن القضية اآلن ال خداع ،أو دعاية رخيصة، ٍ ٍ تغرير أو تدور على الشريعة في ٍ كثير من األمور ،وإ نما هي داخلة في أو إضاعة ألوقات الناس ،أو إكساد لسلع التجار اآلخرين ومنافسة غير شريفة ونحو ذلك .وقد كثر الحرام في األموال وال حول وال قوة إال باهلل ،نسأل اهلل السالمة والعافية ،ونسأل اهلل عز وجل أن يحعلنا من الذين يدورون على الشريعة ،وأن يجعلنا من المتمسكين بها الحريصين عليها ,أقول قولي هذا وأستغفر اهلل لي ولكم ،فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ،وأوسعوا وأفسحوا إلخوانكم يفسح اهلل لكم.
حكم صيام يوم عاشوراء:
الحمد هلل رب العالمين ،الرحمن الرحيم ،مالك يوم الدين ،أشهد أن ال إله إال هو رب األولين ورب اآلخرين ،أشهد أنه الحي القيوم ،ال يموت والجن واإلنس يموتون ،وأشهد أن محمداً رسول اهلل ٍ بإحسان إلى يوم صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبه ،وذريته الطيبين الطاهرين ،وعلى من تبعهم الدين .عباد اهلل :مناسبة عاشوراء في األمة اإلسالمية مناسبة عظيمة وشرعية ،وقد جاء في الصحيحين عن ابن عباس قال( :قدم رسول صلى اهلل عليه وسلم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم يوم عاشوراء ،فقال لهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا :هذا ٌ عظيم أنجى اهلل فيه موسى وقومه ،وأغرق فرعون وقومه ،فصامه موسى شكراً فنحن نصومه، ٌ فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :فنحن أحق وأولى بموسى منكم) نحن أمة التوحيد وموسى من الموحدين ،ونحن أحق وأولى بموسى منكم ،فصامه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأمر بصيامه؛ انتزع الفضيلة فلم يب ِ ق لهم فضيلة ،وإ ظهاراً للمخالفة فإنه صلى اهلل عليه وسلم أمر بصيام ٍ يوم قبله وقال( :لئن عشت إلى قابل ألصومن التاسع) ،وصار المستحب صيام تاسوعاء وعاشوراء.
وجوب صيام عاشوراء قبل فرض رمضان:
كان عاشوراء صياماً واجباً ،فلما فرض رمضان قال النبي صلى اهلل عليه وسلم( :إن عاشوراء يوم من أيام اهلل ،فمن شاء صامه ومن شاء تركه) ألنه صلى اهلل عليه وسلم أول ما قدم المدينة ٌ صامه وأمر بصيامه فكان صياماً واجباً فرضاً ،فلما فرض رمضان صار صيام عاشوراء مستحباً ونسخت فرضيته ،وقال( :فمن شاء صامه ومن شاء تركه) رواه مسلم ،ولما قال عليه الصالة عظيم لهذا اليوم؛ ألن إضافة الشيء إلى ٌ شرف ٌ يوم من أيام اهلل ) علمنا أنه والسالم ( :عاشوراء ٌ يوم من أيام اهلل ) دل ذلك على شرف هذا اليوم اهلل تدل على عظمة هذا الشيء ،فلما قالٌ ( : وعظمته ،وفي الصحيحين عن الربيع بنت معوذ تروي لنا قصة جميلة ،وتعرض لنا لوحة فذة مما كان عليه المجتمع األول ،حيث كانت العبادة في المجتمع األول من الرأس إلى القاعدة ،وكانت العبادة على جميع المستويات قالت( :فكنا بعد ذلك نصومه ونصوم صبياننا الصغار منهم ،ونذهب من المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن -الصوف \-فإذا بكى أحدهم على الطعام -أي :بسبب الجوع -أعطيناه إياها حتى يكون عند اإلفطار) يلهون األوالد تصبراً لهم على الصيام ،وفي رواية( :فإذا سألونا الصيام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم) رواه مسلم رحمه اهلل .هذا اليوم العظيم الذي احتسب النبي صلى اهلل عليه وسلم على اهلل أن يكفر بصيامه السنة التي قبله ،وال ووعد ٍ أكيد من اهلل عز وجل. ٍ يحتسب عليه الصالة والسالم إال على حق
استحباب صيام التاسع والعاشر من محرم:
أيها المسلمون! صار األفضل صيام تاسوعاء وعاشوراء ،وإ ن صام عاشوراء ويوماً بعده صح أيضاً ،وإ ن صام عاشوراء وحده جاز أيضاً .وأما الذين صاموا األربعاء والخميس فال حرج عليهم في ذلك أبداً ،ولو اكتشفوا أن عاشوراء الجمعة فإن صيامهم األربعاء ال حرج عليهم فيه ،كيف وقد شهر يصام بعد رمضان محرم ،فأيصيام محرم ،وأن أفضل ٍِ رغب النبي صلى اهلل عليه وسلم في مستحب ألنه من محرم ،فال حرج عليك -أيها المسلم -إذا ٌ موافق للشريعة ،فهو ٌ شرعي ٍ صيام فيه ٌ صمت األربعاء ،والخميس ،وإ ن أضفت إليه الجمعة احتياطاً فهو أحسن وأحوط إلصابة عاشوراء، فإن من صام الخميس والجمعة أصاب عاشوراء قطعاً في هذه السنة ،ولو صام األربعاء ال حرج عليه ولو صارت ثالثة أيام ،وفي رواية الميموني عن اإلمام أحمد قال :نصومهما -أي التاسع والعاشر -فإن اختلف في الهالل صام ثالثة ٍ أيام احتياطاً ،و ابن سيرين يقول ذلك ،وممن قال بصيامهما الشافعي وأحمد وإ سحاق ،وإ ذا جاءك حكم منهم فحسبك به!..
مسائل متفرقة في عاشوراء:
وجه مخالفة النبي صلى اهلل عليه وسلم لليهود في يوم عاشوراء: لقد ظهر في هذا اليوم مخالفة النبي صلى اهلل عليه وسلم ألهل الكتاب؛ حيث كانت اليهود من أهل المدينة و خيبر في عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يتخذونه عيداً ،وكان أهل الجاهلية يقتدون بهم في ذلك ،وكانوا يكسون فيه الكعبة ،وقد ورد شرعنا بخالف ذلك ،ففي الصحيحين عن أبي موسى قال( :كان يوم عاشوراء يوماً تعظمه اليهود وتتخذه عيداً ،فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :صوموه أنتم) ،وفي رواية لـمسلم ( :كان أهل خيبر يصومون عاشوراء ويتخذونه عيداً، ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم -والشارة :هي اللباس الحسن الجميل ،والمظهر الحسن- فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :فصوموه أنتم) وهذا يدل على النهي عن اتخاذه عيداً ،وعلى استحباب صيام أيام أعياد المشركين؛ ألن الصيام ينافي معنى العيد؛ ألن العيد فيه توسعٌ ومآك ٌل، والصيام فيه امتناعٌ عن األكل والشرب؛ لذلك ال يجوز صيام عيد الفطر وال األضحى ،وال صيام الجمعة فقد ورد النهي عنه ألنه عيد المسلمين في األسبوع .لما كان اليهود يظهرون الفرحة فيه أمر النبي صلى اهلل عليه وسلم بصيامه ،وإ ن كانوا صاموه فقد خالفهم بصيام ٍ يوم قبله ،فال يبقى في الشريعة موافقة ألهل الكتاب بالكلية.
حكم تخصيص عاشوراء بالتوسعة على العيال أو اتخاذه مأتماً:
حديث حكم عليه شيخ اإلسالم ابن تيمية بالوضع وما ٌ أما مسألة التوسعة على العيال فقد ورد فيه أبعد ،وقد سئل عن الحديث اإلمام أحمد فقال :ال أراه شيئاً ،فال تقوم به حجة ،وسع على عيالك ٍ بعيديات وال بتوسعة .قال ابن رجب رحمه اهلل في كتابه لطائف سائر السنة وال تخص عاشوراء المعارف :وأما اتخاذه مأتماً -أي اتخاذ عاشوراء مأتماً -كما تفعل الرافضة ألجل قتل الحسين بن علي رضي اهلل عنه فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعاً. ِ ض َّل َس ْعُيهُ ْم ِفي اْل َحَي ِاة ُّ َِّ ُق ْل َه ْل ُنَنِّبُئ ُك ْم بِ ْ ون ََّأنهُ ْم ُي ْحسُن َ ون الد ْنَيا َو ُه ْم َي ْح َسُب َ ين َ َأع َماالً * الذ َ اَأْلخ َس ِر َ ين ْ ام ِة َو ْزناً * َذِل َ ك ِ ِ ك الَِّذين َكفَروا بِ ِ آيات َرِّب ِه ْم َوِلقَاِئ ِه فَ َحبِ َ ص ْنعاً * ُأولَِئ َ يم لَهُ ْم َي ْو َم اْلقَي َ َأع َمالُهُ ْم فَال ُنق ُ ت ْ طْ َ ُ ُ َج َزاُؤ ُه ْم َجهََّن ُم بِ َما َكفَ ُروا َواتَّ َخ ُذوا َآياتِي َو ُر ُسِلي ُه ُزواً [الكهف .]106-103:قال ابن رجب رحمه اهلل :ولم يأمر اهلل وال رسوله باتخاذ أيام مصائب األنبياء وموتهم مأتماً ،فكيف بمن دونهم، كـالحسين وغيره ،لم يؤمر باتخاذ يوم أحد مأتماً وقد قتل فيه سبعون من المسلمين األخيار األبرار، وال يوم بئر معونة الذي قتل فيه سبعون من القراء من حفظة كتاب اهلل من الصحابة ،وال في يوم موت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،وأما أهل الشرك فهم يفعلون المآتم ،واهلل يريد أن يعذبهم في الدنيا بأيديهم قبل اآلخرة ،يعذبون أنفسهم بأيديهم ويصدون الناس عن دين اإلسالم ،ليأخذ الناس الفكرة السيئة عن دينهم وأصحابه وأهله ،والكفرة مهرة في اقتناص مثل هذه الفرصة إعالمياً.
دروس وعبر من يوم عاشوراء:
يوم من أيام اهلل نجى اهلل فيه أيها المسلمون! يوم عاشوراء يذكرنا بالتوبة إلى اهلل عز وجل ،هذا ٌ موسى وصامه النبي صلى اهلل عليه وسلم ،فهو موسم عبادة ،قال بعض السلف :آدم أخرج من الجنة ٍ بذنب واحد وأنتم تعملون الذنوب وتكثرون منها وتريدون أن تدخلوا بها الجنة. ِ العابد تجي درج الجنان بها وفوز تصل الذنوب إلى الذنوب وتر منـها إلـى الـدنيا بذنـ ٍب ِ واحد ونسيت أن اهلل أخـرج آدمـاً اء ِم ْن ُدونِي العجب ممن عرف ربه ثم عصاه ،وعرف الشيطان ثم أطاعهَ :أفَتَتَّ ِخ ُذ َ ونهُ َو ُذ ِّرَّيتَهُ َْأوِلَي َ ِ َّ ِ ِ ين َب َدالً [الكهف ]50:نريد أن يكون هذا اليوم موسم انطالقة في العبادة َو ُه ْم لَ ُك ْم َع ُد ٌّو بِْئ َس للظالم َ والطاعة والتوبة واالعتراف بالذنب؛ ربنا إنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا وارحمنا ،نريد أن يكون هذا اليوم تجديداً للعهد مع اهلل تعالى ،وتجديد عقد التوبة مع اهلل -عز وجل -أيها المسلمون ،ال نريد أن ملتزم بالدين ،في أول سنة صار ٌ يكون منعطفاً أو انتكاسات .تقول إحدى النساء :تزوجته وهو يدخن ،وفي السنة الثانية عكف على أهل السوء والفسق ،وفي السنة الثالثة صار يشرب الخمر، وبعد ذلك ترك الصالة بالكلية ،إذا سافر ألهله أو جاءه ضيف قام يصلي مجاملة ،فإذا ذهبوا ترك الصالة .وتقول األم المسكينة :صبرت عليه وتعبت عليه ،وعالجته وأدخلته المستشفى من المخدرات ،ثم يخرج فيرجع إلى رفقاء السوء ،ويقول :تبت وتبت وأقلعت كيف أصدقه؟! كيف يتوب وأنا أرى بين أغراضه إبر المخدرات وعليها أثر الدم ،نريد أن يكون هذا اليوم توبة إلى اهلل، نريد أن نجعل هذا اليوم عودة إلى اهلل ،نريد أن نجعله ذكراً هلل تعالى .وصلت إليكم معشر األمة رسالة من أبيكم إبراهيم بعد وفاته ،مع النبي صلى اهلل عليه وسلم؛ قال عليه الصالة والسالم: (رأيت يوم أسري بي إبراهيم فقال :يا محمد أقرئ أمتك مني السالم ،وأخبرهم أن الجنة عذبة الماء ،طيبة التربة ،وأنها قيعان ،وأن غراسها سبحان اهلل والحمد هلل وال إله إال اهلل واهلل أكبر) وقال عليه الصالة والسالم( :من قال سبحان اهلل وبحمده غرست له نخلة في الجنة) قال الحسن رحمه اهلل[ :المالئكة يعملون لبني آدم في الجنان ،يغرسون ويجنون ،من قال سبحان اهلل غرسوا له نخلة، ومن بنى بيتاً بنى اهلل له بيتاً في الجنة ،وربما أمسكوا وتوقفوا عن الغرس والبناء فيقال :لهم ما لكم توقفتم؟ فيقولون :حتى تأتينا النفقة ،فهل نبني بغير نفقة ونغرس بغير نفقة ،قال :فابعثوهم بأبي أنتم وأمي على العملبذكر اهلل تعالى ،أرض الجنة اليوم قيعان واألعمال الصالحة لها عمران ،بها تبنى القصور وتغرس أرض الجنان ،فإذا تكامل الغراس والبنيان انتقل إليه السكان ] .رأى بعض الصالحين في منامه قائالً يقول له :قد أمرنا بالفراغ من بناء دارك ،واسمها دار السرور فأبشر، وقد أمرنا بتنجيدها وتزيينها والفراغ منها إلى سبعة أيام ،فلما كان بعد سبعة ٍ أيام مات ،فرئي في المنام فقال :أدخلت دار السرور وأنا في سرور ،فال تسأل عما فيها لم ير مثل الكريم إذا حل به المطيع .ورأى بعضهم كأنه أدخل الجنة ،وعرض عليه منازله وأجواده ،فلما أراد أن يخرج تعلق به أزواجه ،وقالوا له :باهلل حسن عملك ،فكلما حسنت عملك ازددنا نحن حسنا .العاملون اليوم يسلفون رءوس أموال األعمال فيما تشتهي األنفس وتلذ األعين ،إلى أجل ٍ يوم مزيد في سوق الجنة، فعجلوا رحمكم اهلل باألعمال ،وقدموها أمامكم ،وانتقلوا بخير ما بحضرتكم .اللهم تب علينا ،واغفر ِ واشف مريضنا ،وارحم ميتنا ،واهد ضالنا ،اللهم آمنا في أوطاننا ودورنا، ِ واقض ديننا، ذنبنا، واجعلنا في بلدنا هذا آمنين مطمئنين ،من أرادنا بسو ٍء فاكشف زيفه ،واجعل شأنه في تباب وأمره إلى خراب ،يا رب العالمين ،اللهم وفق والة أمور المسلمين للعمل بكتابك وسنة نبيك محمداً صلى اهلل عليه وسلم ،اللهم انصر المجاهدين في سبيلك يا رب العالمين ،انصر إخواننا الذين يقاتلون إلعالء كلمتك يا رب العالمين .وهاهم وقد اجتمع عليهم من الغرب والشرق ،وال ناصر إال اهلل، وال معين إال هو سبحانه ،وأنتم ترونهم في بالد البوسنة و كشمير و الشيشان ال منقذ لهم إال اهلل، اللهم إنا نسألك أن تنصرهم على عدوهم ،وأن تسدد رميتهم ،وأن تجمع كلمتهم على التوحيد يا رب العالمين .وهاهم قد اقتحموا المنطقة التي وقف عندها العسكريون النازيون األلمان في الحرب العالمية ،وسموها بوابة موسكو قد اقتحمها المجاهدون المسلمون في بالد البوسنة ،وانتزعوها من أيدي الصرب ،وقتل اهلل منهم أكثر من مائة ،واختار اهلل الشهداء ،نسأل اهلل أن يجعلهم كذلك ،وأن يغفر لهم وأن يرفع درجتهم في عليين .ونسأل اهلل عز وجل أن يرزقنا وإ ياكم الشهادة ،وأن يجعلنا وسالم على المرسلين والحمد هلل رب ٌ يوم الدين من الفائزين ،سبحان ربك رب العزة عما يصفون، العالمين ،وقوموا إلى صالتكم يرحمكم اهلل.