Professional Documents
Culture Documents
الموت:
س َذاِئقَةُ اْل َم ْو ِت [األنبياء ]35:وقال
ثانياً الموت :وال بد منه لكل حي ،قال اهلل عز وجلُ :ك ُّل َن ْف ٍ
وج ُم َشَّي َد ٍة [النساء ]78:ولو كنت ت َولَ ْو ُك ْنتُ ْم ِفي ُب ُر ٍ
ونوا ُي ْد ِر ْك ُك ُم اْل َم ْو ُ
سبحانه وتعالىَْ :أيَن َما تَ ُك ُ
البساً جميع أنواع األقنعة والكمامات واأللبسة ،وتسكن في عاشر أدوار تحت األرض يدركك
الموت لو شاء اهلل سبحانه وتعالى ،فينزل فيقبض ملك الموت روحك ،ألن اهلل أراد ذلكَْ :أيَن َما
وج ُم َشَّي َد ٍة [النساء.]78:
ت َولَ ْو ُك ْنتُ ْم ِفي ُب ُر ٍ
ونوا ُي ْد ِر ْك ُك ُم اْل َم ْو ُ
تَ ُك ُ
األخذ باألسباب:
رابعاً :البد للمسلم من األخذ باألسباب ،وال تعني النقطة السابقة أنك ترى ِ
الحمام أمامك ،وترى
مواقع القتل أمامك فتدخل فيها ،فليس ذلك من معاني دين اإلسالم وال من أوامره ،بل إذا لقيت شراً
فانأ عنه وادرأ بنفسك عنه ما استطعت ،إذا كان نأيك عنه مشروعاً ،واتخاذ األسباب المشروعة في
أمر مشروع ،فوضع مكان ٍ
آمن في البيت ،أو هذه الملصقات على الزجاج حتى الوقاية من الهالك ٌ
ٍ
منخفض بأسرع من سرعة الصوت مثالً ال يتهشم الزجاج وال يتناثر مستوى
ً طيار على
لو طار ٌ
غاز لو حصل أن جاء -ونسأل اهلل أن ال
أمر مشروع وال بأس به ،وسد المنافذ حتى ال يدخل ٌ
فهذا ٌ
أمر ال بأس به ،ووضع بعض األطعمة في البيت حتى إذا غلقت األسواق ولم تجد مكاناً
يأتيٌ -
أمر ال بأس به ،ووضع مصدر لإلنارة في البيت حتى إذا قطعت الكهرباء يكون عندك
تشتري منه ٌ
أمر مشروع ،فإذاً اتخاذ األسباب المشروعة لوقاية النفس من
أمر ال بأس به ،وهو ٌ
مصدر آخرٌ ،
ٌ
األخطار ،والتي هي من عين الحكمة ،ومن عين العقل أن تتخذها.
قوة اهلل:
الحمد هلل رب العالمين ،وأشهد أن ال إله إال اهلل ولي الصالحين ،وأشهد أن محمداً رسول اهلل؛ صلى
اهلل عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .أال إن القوة هلل جميعاً ،ومهما ملك البشر ،فال يملكون إال
َأخ َر َج ِت ض ِزْل َزالَهَا * َو ْ ِ
أشياء بسيطة ال تقارن أبداً بقوة اهلل ،تأمل قوله عز وجلِ :إ َذا ُزْل ِزلَت ْ
اَأْلر ُ
ك َْأو َحى لَهَا [الزلزلة-1: َأخَب َار َها * بِ َّ
َأن َرَّب َ ث ْ ان َما لَهَا * َي ْو َمِئ ٍذ تُ َح ِّد ُ اَأْلرض َأثْقَالَها * وقَ َ ِأْل
ال ا ْن َس ُ َ َ ْ ُ
ض َع ٍة َع َّما الناس اتَّقُوا رَّب ُكم ِإ َّن َزْل َزلَةَ السَّاع ِة َشيء ع ِظيم * يوم تَروَنها تَ ْذه ُل ُك ُّل مر ِ
ُْ ْ ٌ َ ٌ َْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ..]5يا َُّأيهَا َّ ُ
اب اللَّ ِه َش ِد ٌ
يد ِ
اس ُس َك َارى َو َما ُه ْم بِ ُس َك َارى َولَك َّن َع َذ َ ات َح ْم ٍل َح ْملَهَا َوتََرى َّ
الن َ
ت وتَضع ُك ُّل َذ ِ
ض َع ْ َ َ ُ َْأر َ
[الحج .]2-1:فهذا لو قارنته بأكبر انفجار في األرض يحدثه العباد بقنابلهم وصواريخهم؛ فماذا
يم * َي ْو َم تََر ْوَنهَا تَ ْذ َه ُل ُك ُّل ِ الناس اتَّقُوا رَّب ُكم ِإ َّن َزْل َزلَةَ الس ِ
َّاعة َش ْي ٌء َعظ ٌ َ َ ْ يعد؟ ال شيء أبداً َيا َُّأيهَا َّ ُ
ات َح ْم ٍل َح ْملَهَا [الحج .]2-1:ونحن مع األسف في مثل هذه ت وتَضع ُك ُّل َذ ِ ِ ٍ
ض َع ْ َ َ ُ ُم ْرض َعة َع َّما َْأر َ
األوقات قد ننسى قوة اهلل عز وجل ،بمعنى أننا ال نقدر قوة اهلل قدرها ،وال نعرف ما أمرنا اهلل به
ات بَِي ِمينِ ِه
ط ِوَّي ٌ
ات َم َّْم َاو ُ امة َوالس َ
ق قَ ْد ِر ِه واَأْلرض ج ِميعاً قَْبضتُه يوم اْل ِقي ِ
َ ُ َْ َ َ َ َ ْ ُ َ بقوله :و َما قَ َد ُروا اللَّهَ َح َّ
َ
ض َج ِميعاً ) جميعاً ون [الزمر ( ]67:و َما قَ َد ُروا اللَّهَ َح َّ
ق قَ ْد ِر ِه َو ْ
اَأْلر ُ ُس ْب َح َانهُ َوتَ َعالَى َع َّما ُي ْش ِر ُك َ
َ
تأملوا -يا جماعة -تأملوا هذه :كل األرض والبالد والعباد ،والصواريخـ واألسلحة ،واألشجار،
ات )َّم َاو ُ واألنهار والبحار ،والحيوانات كلها ( :واَأْلرض ج ِميعاً قَْبضتُه يوم اْل ِقي ِ
امة َوالس َ َ ُ َْ َ َ َ َ ْ ُ َ
ات بَِي ِمينِ ِه ط ِوَّي ٌ
ات َم ْ
َّم َاو ُ السماوات :التي ما وصلوا إليها حتى اآلن وال لمسوها بمخترعاتهم ( َوالس َ
ان [الرحمن ]26:بكل مساعيهم وأسلحتهم وعتادهم كل من ُس ْب َح َانهُ َوتَ َعالَى )ُ .ك ُّل َم ْن َعلَْيهَا فَ ٍ
الل َواِأْل ْك َر ِام [الرحمن.]27: ك ُذو اْل َج ِ عليها فان ،ومنشآتهم وبيوتهم وعماراتهم َوَي ْبقَى َو ْجهُ َرِّب َ
فينبغي أال تغيب عن أذهاننا -ونحن نسمع األخبار -قوة اهلل عز وجل أبداً ،من فوق؟ اهلل فوق
الجميع سبحانه وتعالى ،له علو الذات ،وعلو الصفات ،وعلو القهر والغلبة على خلقه أجمعين:
ت الثََّرى اَأْلر ِ
ض َو َما َب ْيَنهُ َما َو َما تَ ْح َ ِ ِ ِ الر ْح َم ُن َعلَى اْل َع ْر ِ
َّم َاوات َو َما في ْ
استََوى * لَهُ َما في الس َ
ش ْ َّ
[طه.]6-5:
اللجوء إلى اهلل أيام الفتن:
أيها اإلخوة :في الفتن نلجأ إلى اهلل ،نعتصم بحبل اهلل ،ال نغفل عن ربنا وال عن ذكره ،وال عن
مراقبته سبحانه وتعالى ،ونذكره وال نجعل ألسنتنا تلهج بذكر األخبار فقط ،وننسى ذكر ربنا،
انتبهوا -يا إخواني -ويسألونك يقولون :ما حكم الخروج من المنطقة أو من البلد ،فلقد قلنا عدة
شيء
ٌ مرات ،وأنقل الفتوى عن علمائنا وأكابر علمائنا :ال حرج لمن أراد أن يخرج ولم يكن لديه
يوجب البقاء أن يخرج ،فاإلنسان الذي ليس رجل أمن مكلف بالبقاء وال عنده شيء يجب أن يبقى
فعلت ذلك
منطقة أخرى فال بأس ،وليس هناك حرج شرعي ،ولو أني ُ ٍ من أجله ،لو أخرج أهله إلى
إرضاء لوالديه ،ما عنده سبب معين في البقاء ،فتقول
ً مثالً وذهبت بأهلي ،وقد يذهب اإلنسان أحياناً
له أمه :تعال إلينا مثالً ،فيذهب إليهم فال حرج شرعاً في ذلك ،ال هو فرار من قضاء اهلل واعتقاد
ين َخ َر ُجوا ِم ْن ِدَي ِار ِه ْم َو ُه ْم ُألُ ٌ َِّ
وف َح َذ َر أنك لو هربت فأنت تهرب من قضاء اهلل ،الَ :ألَ ْم تََر ِإلَى الذ َ
ال لَهُ ُم اللَّهُ ُموتُوا [البقرة ]243:ممكن تلقاك المنية في الطريق ،وكذلك ليس فراراً من اْل َم ْو ِت فَقَ َ
الزحف ،ألنك لم تحضر صف المعركة بين المسلمين والكفار وأنت تجاهد بسالحك ،وإ نما أنت
تذهب أن تذهب ،ولو كانت مصلحتك في
َ رج ٌل من عامة الناس (مدني) فلك الخيار إذا أردت أن
البقاء ،وعندك أعمال ،وعندك وظيفة ،وعندك عمال ترعاهم ،عندك شيء ،فإنك إذا جلست فال
أمور تنزل عليك فيها تدمير ،فيمكن لك أن تخرج في
بأس بذلك ،فإذا صار الخطر محققاً ،وهناك ٌ
تلك الحالة وجوباً فراراً من القتل ،أو فراراً من األخطار المحدقة مثالً .وكذلك -أيها اإلخوة-
فالبد أن يكون عندنا اهتمام بأذكار الصباح والمساء (أعوذ بكلمات اهلل التامات من شر ما خلق)
ثالثاً في الصباح والمساء ،وتأمل( :من شر ما خلق) وهذه تشمل اآلدميين ،وتشمل األسلحة،
وتشمل نفسك وتشمل كل شيء ،من الدواب والعقارب والثعابين والنحل وكل ٍ
شيء يؤذي ،فأنت
تستعين باهلل من شره ،أعوذ بأي شيء؟ بشيء عظيم ،أعوذ بكلمات اهلل التامات من شر ما خلق،
وتمت كلمة ربك صدقاً وعدالً ،ال مبدل لكلماته سبحانه وتعالى ،فأنت تستعيذ بكلماته عز وجل من
شيء في األرض وال في السماء وهو
ٌ شر ما خلق ،وتقول( :باسم اهلل الذي ال يضر مع اسمه
السميع العليم) .ومن المشروع اآلن القنوت في الصلواتـ بعد الركوع من الركعة األخيرة من جميع
سواء قنت في الفجر والمغرب والعشاء ،أو الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء،
ً الصلوات
صلوات قنت فيها عليه الصالة والسالم ،وثبت كما في الصحيحين ومسند
ٌ فال حرج في ذلك ،كلها
قنت عليه الصالة والسالم للنوازل ،وهذه من النوازل ،وتدعو باألدعية المناسبة ،ويدعو
أحمد َ ،
اإلمام بهم ،فيدعو اهلل أن ينصر اإلسالم ،وينصر المسلمين ،ويحفظ المسلمين وبالد المسلمين ،وأن
يقمع الشرك والمشركين والكافرين ،وأن يحفظ العباد والبالد ،واألهل واألنفس واألموال ،وأن يقينا
شرور النفس ،وأن يمتع باألسماع واألبصار .يدعو اهلل سبحانه وتعالى في القنوت بما ورد عنه
صلى اهلل عليه وسلم من األدعية ،وغيرها من األدعية المشروعة الطيبة .ثم -أيها اإلخوة -إذا
حصل أن سافر اإلنسان ،فلينو -فعالً -أن يعمل هذا السفر طاعة ،ألن بعض الناس قد يعمل السفر
سفر هرب ،وينسى أن ينوي السفر في طاعة ،ولذلك ليس أجر الذي ذهب للعمرة طائعاً مختاراً
مثل الذي ذهب للعمرة رغماً عنه ،هناك أناس ذهبوا للعمرة رغماً عنهم ،وأناس ذهبوا لصلة الرحم
رغماً عنهم ،لكن اجعل النية هلل في هذا السفر ال هروباً فقط لو حصل ،وإ نما هو فعل األمور من
الطاعات األخرى ،وكذلك أنبه على مسألة اإليثار ،اآلن يوجد ناس فقراء ،يوجد ناس مقطوعون،
قد يتعذر عليهم شراء األشياء من األسواق ،تفقد جيرانك ،تفقد من حولك ،إذا كان هناك ناس
يحتاجون إلى مساعدة ،هناك ناس عندهم نقص فيما يحتاجونه في البيت ،وأنت عندك منها فأعطهم
منها ،قد تكون أشياء نفدت من السوق مثالً ،وعندك ما يزيد عن حاجتك ،فاهدها إليهم ،أو تصدق
أوان يظهر فيه هذا الخلق العظيم من أخالق اإلسالم ،وهو اإليثار ،فآثر وأعط وقدم
بها عليهم ،هذا ٌ
وضح ،وتصدق هلل سبحانه وتعالى ،فإن الصدقة في أوقات الشدة ليست كالصدقة في أوقات
ّ
الرخاء ،وال تنسوا الصالة على نبيكم محمد صلى اهلل عليه وسلم في هذا اليوم العظيم يوم الجمعة،
ٍ
صالة يصليها عليه من اهلل ٍ
محمد صلى اهلل عليه وسلم ،فله بكل وال تنسوا أن من صلى على النبي
عشراً.