You are on page 1of 8

‫( بدعة المولد ومحنة مقدونيا )‬

‫عناصر الموضوع ‪:‬‬


‫‪ .1‬تعظيم الصحابة ومحبتهم للرسول صلى اهلل عليه وسلم‬
‫‪ .2‬بدعة احتفال المولد‬
‫‪ .3‬محاربة أهل الزندقة للنبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫‪ .4‬محنة المسلمين في مقدونيا‬

‫بدعة المولد ومحنة مقدونيا‪:‬‬


‫يا مدعي حب طه ال تخالفه الخلف يحرم في دنيا المحبين وقد طرأ على المسلمين في القرون‬
‫المتأخرة من المحدثات ما هي مخالفة لهدي النبي صلى اهلل عليه وسلم مع ادعاء كمال‬
‫محبته‪ ،‬والندري كيف استطاعوا الجمع بين محبته ومخالفة هديه المخالفة التامة‪ ،‬وإ ذا أردت‬
‫معرفة ذلك ففي هذه المادة بيان لما ذكرت‪ ،‬ما بيان لمحنة مقدونيا أحد الجروح النازفة في‬
‫أمة اإلسالم‪.‬‬

‫تعظيم الصحابة ومحبتهم للرسول صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬


‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من‬
‫يهده اهلل فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪،‬‬
‫اهداً َو ُمَب ِّشراً َوَن ِذيراً * ِلتُْؤ ِمُنوا‬
‫ك َش ِ‬
‫وأشهد أن محمداً عبده ورسوله‪ .‬قال تعالى‪ِ :‬إَّنا َْأر َسْلَنا َ‬
‫َأصيالً [الفتح‪ ]9-8:‬وهكذا أمرنا اهلل‬ ‫بِاللَّ ِه ورسوِل ِه وتُع ِّزروه وتُوقِّروه وتُسبِّحوه ب ْكرةً و ِ‬
‫ََ ُ َ َ ُ ُ َ َ ُ ُ َ َ ُ ُ ُ َ َ‬
‫سبحانه وتعالى بتعظيم نبينا صلى اهلل عليه وسلم وتضمنت الشهادة التي يدخل بها اإلنسان‬
‫اإلسالم توحيدين‪ :‬األول‪ :‬توحيد العبادة هلل سبحانه وتعالى‪ .‬والثاني‪ :‬توحيد االتباع لرسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم فينبغي أن نؤمن به وأن نتبعه وأن نوقره وأن ننصره صلى اهلل عليه‬
‫وسلم فحرمته عظيمة‪ ،‬ومحبته من أركان الدين‪ ،‬وهذه المحبة التي تسابق الصحابة لبذلها‬
‫لنبيهم حتى قال علي رضي اهلل عنه عن النبي صلى اهلل عليه وسلم لما سئل عن حبه‪[ :‬كان‬
‫واهلل أحب إلينا من أموالنا وأوالدنا وآبائنا وأمهاتنا‪ ،‬ومن الماء البارد على الظمأ] و خبيب‬
‫رضي اهلل عنه لما سئل‪ :‬هل يسرك أن محمداً عندنا اآلن مكانك وأنت في أهلك ‪-‬وكان‬
‫مصلوباً أمامهم ليقتلوه‪ -‬قال‪[ :‬واهلل ما أحب أن محمداً اآلن في مكانه الذي هو فيه تصيبه‬
‫شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي] فشهد أبو سفيان بعد ذلك عند ملك الروم بقوله‪ :‬ما رأيت‬
‫ٍ‬
‫محمد محمدا‪ ،‬وهكذا بذلوا النفوس لحمايته‪ ،‬وكانوا‬ ‫من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب‬
‫يتسابقون للموت بين يديه كما مات منهم تسعة متتاليين في غزوة أحد ‪ ،‬وهكذا حكموه في‬
‫أنفسهم وأموالهم‪ ،‬وقالوا‪ :‬هذه أموالنا بين يديك‪ ،‬فاحكم فيها بما شئت‪ ،‬وهذه نفوسنا بين يديك‬
‫لو استعرضت بنا البحر لخضناه نقاتل بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك‪ ،‬فنشهد‬
‫أن ال إله إال اهلل ونشهد أن محمداً رسول اهلل‪ ،‬كيف كانت محبتهم رضوان اهلل عليهم لنبيهم؟‬
‫قدموه على كل ٍ‬
‫أحد من البشر وكان الواحد يقول‪ :‬فداك أبي وأمي‪ .‬إن األدب مع النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم ‪-‬أيها اإلخوة‪ -‬شيء عظيم‪ ،‬وخصوصاً عندما نثني عليه ونصلي إذا ذكر؛‬
‫ِّ‬
‫يصل عليه‪ ،‬واإلكثار من ذكره‬ ‫ألن البخيل من ذكر عنده النبي عليه الصالة والسالم فلم‬
‫والتأدب معه عند ذكره‪ ،‬وحتى في مسجده وعند قبره وتوقير حديث النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم كما كان المحدثون يجلسون في مجالس الحديث على وضوء ٍ‬
‫تام ونظافة وطهارة‬
‫خشعاً؛ ألجل التحديث عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬ومر مالك بن أنس على أبي حازم‬
‫وهو يحدث فجازه وقال‪ :‬إني لم أجد موضعاً أجلس فيه‪ ،‬فكرهت أن آخذ الحديث حديث‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأنا قائم‪ .‬وكان محمد بن سيرين يتحدث فيضحك فإذا جاء‬
‫الحديث خشع‪ .‬وكان مجلس عبد الرحمن بن مهدي مملوءاً بالوقار‪ ،‬ال يبرى فيه قلم‪ ،‬وال‬
‫أحد؛ ألجل الحديث الذي يقوله عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫أحد‪ ،‬وال يتكلم ٌ‬
‫يبتسم فيه ٌ‬

‫بيان المحبة والتعظيم الحقيقي للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬


‫أيها المسلمون! إن المحبة الحقيقية في تصديقه صلى اهلل عليه وسلم بما أخبر وعدم الشك‬
‫فيما جاء به واتباعه وطاعته والتأسي بسنته‪ ،‬وليس ترك السنة وال اإلعراض عنها‬
‫ومخالفتها‪ ،‬فالعجب كل العجب من هؤالء الذي يزعمون محبة النبي عليه الصالة والسالم‬
‫في الموالد ثم ترى أشكالهم ال تتفق مع سنة النبي عليه الصالة والسالم‪ ،‬وترى أفعالهم فيها‬
‫من المعاصي والمخالفات لما جاء به النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬عباد اهلل‪ :‬إن التحاكم إلى‬
‫أمر مهم جداً‪ ،‬والذب عن‬
‫أمر مهم جداً‪ ،‬والرضوخ‪ f‬لحديث النبي عليه الصالة والسالم ٌ‬
‫السنة ٌ‬
‫سنة النبي عليه الصالة والسالم واجب علينا‪ ،‬والذب عن أصحابه من محبته‪ُ :‬م َح َّم ٌد َر ُسو ُل‬
‫َِّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ َِّ‬
‫ين‬
‫اء َب ْيَنهُ ْم [الفتح‪ ]29:‬وهكذا الترضي عنهم‪َ :‬والذ َ‬ ‫اء َعلَى اْل ُكفَّ ِار ُر َح َم ُ‬
‫ين َم َعهُ َأش َّد ُ‬
‫الله َوالذ َ‬
‫يم ِ‬ ‫اغ ِفر لَنا وِإِل ْخوانِنا الَِّذين سبقُ ِ ِأْل‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ان [الحشر‪]10:‬‬ ‫ونا با َ‬‫َ ََ َ‬ ‫ون َرَّبَنا ْ ْ َ َ َ َ‬ ‫اءوا م ْن َب ْعده ْم َيقُولُ َ‬
‫َج ُ‬
‫واالهتداء بهدي الصحابة من توقير النبي صلى اهلل عليه وسلم والذب عن زوجاته عليه‬
‫ات ِللطَِّّيبِين والطَّيِّبون ِللطَّيِّب ِ‬
‫ات [النور‪ ]26:‬نخل السنة‬ ‫َّ‬
‫الصالة والسالم من محبته‪َ :‬والطيَِّب ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫مما علق بها من األحاديث الموضوعة‪ ،‬وكذلك التنبيه على األحاديث الضعيفة ونشرها نقية‬
‫بين الناس‪ ،‬وعقد الدروس ألجل ذلك من حق النبي صلى اهلل عليه وسلم علينا‪ .‬أيها اإلخوة!‬
‫إن االتباع الحقيقي للنبي صلى اهلل عليه وسلم االتباع فيما جاء به وعدم االبتداع ولتعلم أن‬
‫أمر في غاية األهمية‪ ،‬فلذلك ال نزيد عليها ال‬
‫الحذر من الخروج عن السنة‪ ،‬وعن المخالفة ٌ‬
‫قدراً وال كماً وال كيفاً وال عدداً‪ .‬أيها اإلخوة! إننا نرضى بحكم رسول اهلل عليه الصالة‬
‫ٍ‬
‫بتحريف‬ ‫والسالم‪ ،‬وإ ننا كذلك نحترم نصوصه التي جاء بها من اهلل تعالى وال نعتدي عليها‬
‫وال تعطيل وال نطعن فيها‪ ،‬وال نقول‪ :‬إن العقل ال يقبل هذا‪ ،‬أو ال يقبل هذا‪ ،‬فال يمكن أن نقدم‬
‫عقالً على سنة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وكذلك فإننا ال يمكن أن نقدم كالم ٍ‬
‫رجل من‬
‫الرجال على محبة النبي صلى اهلل عليه وسلم أبداً‪.‬‬

‫بدعة احتفال المولد‪:‬‬


‫ولما ثقلت السنة على بعض الناس وخالفت أهواءهم أرادوا من منطلق االنسحاب النفسي‬
‫رمز يعبرون به عن محبتهم هذه المزعومة دون أن‬
‫وإ راحة أنفسهم بزعمهم أن يكون لهم ٌ‬
‫يتمسكوا بالسنة الثقيلة على أنفسهم‪ ،‬وتداخلت قضية االبتداع بالدين‪ ،‬مع شيء من الرغبات‬
‫شيء من التشبه بالنصارى‪ ،‬مع ٍ‬
‫شيء من مكائد الباطنية الذين كانوا‬ ‫النفسية المنحرفة‪ ،‬مع ٍ‬
‫في بعض بالد المسلمين وأرادوا إلهاء المسلمين بمناسبات ابتدعوها‪ ،‬تداخلت هذه األمور‬
‫لتولد في القرن السادس أو السابع الهجري بدعة وهي بدعة االحتفال بمولده عليه الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬فجاءت هذه البدعة لتغطي على تقصير أولئك في السنة بزعمهم‪ ،‬ولكي تريحهم‬
‫شيئاً ما نفسياً من تقصيرهم طوال العام بهذه الحفلة التي يعملونها‪ ،‬كما يعمل الكفار اليوم في‬
‫عيد األم فيقذفون على أمهاتهم بهدية في ٍ‬
‫يوم في السنة وهم يعقونها بقية العام ويريحون‬
‫ضمائرهم بزعمهم بعيد األم ثم يعصونها ويهجرونها بقية العام فال يتذكرونها إال في ذلك‬
‫اليوم يوم األم وعيد األم كما يزعمون‪ .‬وهكذا قام المبتدعة في المسلمين بإحياء هذه‬
‫االحتفاالت نتيجة لهذه العوامل المتداخلة‪ ،‬وخرجوا علينا بأن هذا االحتفال عبادة يعظمون به‬
‫النبي عليه الصالة والسالم؛ لكن أيهم أشد تعظيماً للنبي عليه الصالة والسالم أهؤالء أم‬
‫أصحابه؟! هل احتفلوا إذاً بمولده أصحابه؟ ولماذا لم يحتفلوا بما هو أعظم كالبعثة والهجرة؟‬
‫أليست البعثة والهجرة مناسبتين أعظم من المولد؛ ألن التغيير الذي ترتب على البعثة‬
‫والهجرة في التاريخ أشد بل ال يقارن بالتغيير الذي حصل بمجرد مولده‪ ،‬بل إنك ال تكاد تجد‬
‫تغييراً واضحاً بمجرد مولده‪ ،‬لكنك تجد التغيير بهجرته وبعثته‪ ،‬فلماذا إذاً جعلوها في مولده‬
‫بالذات؟! لما احتفل النصارى بميالد عيسى واتبع هؤالء ملة النصارى في هذه القضية‬
‫مصداقاً لما أخبر به عليه الصالة والسالم‪( :‬لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة) وأقام‬
‫هؤالء الموالد واحتجوا بأن أكثر المسلمين يفعلونها‪ ،‬فمتى كانت األكثرية دليالً على الحق؟‬
‫يل اللَّ ِه [األنعام‪ ]116:‬وقالوا‪:‬‬ ‫ضلُّو َ‬
‫ك َع ْن سبِ ِ‬
‫َ‬
‫ضي ِ‬
‫اَأْلر ِ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقد قال اهلل‪َ :‬وِإ ْن تُط ْع َأ ْكثََر َم ْن في ْ‬
‫نحيي ذكراه‪ ،‬فنقول‪ :‬هو حي في قلوب المؤمنين الصادقين على مدار العام‪ ،‬فكل ٍ‬
‫يوم‬ ‫ٌ‬
‫يذكرونه ويصلون عليه‪ ،‬ويسمعونه في النداء‪ ،‬وقد قرن اهلل اسمه باسمه في األذان للصالة‪:‬‬
‫ك [الشرح‪ ]4:‬وهكذا يحيون سنته ويروون أحاديثه يومياً‪ ،‬فمتى كان جعل‬ ‫ك ِذ ْك َر َ‬
‫َو َرفَ ْعَنا لَ َ‬
‫يوماً في السنة مغنياً؟ ومتى كان إحداث هذا العيد دليالً على المحبة؟ إذا كانت المحبة واجبة‬
‫في جميع أيام السنة‪ ،‬وإ ذا نظرنا فلم نجد في أصحاب النبي عليه الصالة السالم وال في‬
‫السلف من فعل ذلك وإ نما هي على أحسن الحاالت استحسانات قام بها بعض الجهلة‪ .‬عباد‬
‫مهم جداً‪ ،‬ولكن لماذا تخصيص‬
‫أمر ٌ‬
‫اهلل‪ :‬ال شك أن معرفة سيرة النبي عليه الصالة والسالم ٌ‬
‫قراءة السيرة في هذا اليوم بالذات يوم المولد؟! أليس الصادق في المحبة يقرأ سيرته ويتداول‬
‫سيرته على مدار العام صلى اهلل عليه وسلم؟! إذاً ينبغي أن تكون الذكرى حية على مدار‬
‫العام وليس أن تحصر في يوم من أيام العام‪.‬‬

‫مفاسد االحتفال بالمولد‪:‬‬


‫لقد صار االحتفال بالمولد فيه من المفاسد األمور العظيمة‪ ،‬ومن ذلك ما يرتزق به تجار‬
‫الحلوى‪ ،‬ومؤجرو األلعاب والمالهي‪ ،‬والباعة الجوالون‪ ،‬والقصاصون والمداحون‬
‫والمغنون‪ ،‬وأخيراً الراقصون‪ f‬والراقصات‪ ،‬والمغنون والمغنيات في إقامة الحفالت الغنائية‪،‬‬
‫وربما أحياناً بالمجان صدقة ألجل المولد ومشاركة باألغاني والمعاصي والمحرمات‬
‫مشاركة وهبة ألجل المولد‪ ،‬وأتيحت الفرصة أمام الفساق والفجار وصارت التعمية على‬
‫بعض المهرجانات والممارسات المعادية للدين الحق‪ .‬إن نابليون ‪-‬أيها اإلخوة‪ -‬قد أمر‬
‫بإقامة االحتفال بالمولد وأعطى شيخاً ثالثمائة لاير فرنسي وأمره بتعليق الزينات وحضر حفل‬
‫المولد من أوله إلى آخره‪ ،‬وكشف أحد مؤرخي مصر العظماء وهو عبد الرحمن الرافعي‬
‫حيلة نابليون وقال عن ذلك‪ :‬إنه يريد أن يعلن للعالم اإلسالمي أنه صديق لإلسالم والمسلمين‬
‫خدعة وكذباً ليتوصل من وراء احتالله إلى توطيد أركان ذلك االحتالل بين المسلمين‪،‬‬
‫ودغدغة عواطفهم‪ ،‬هكذا إذاً يشارك حتى الكفرة في هذه القضية ويعلنونها ويشجعون عليها‬
‫ويحضرونها وينشرونها ويطالبون بها‪ .‬فالسنة السنة يا عباد اهلل‪ ،‬والحرص الحرص على‬
‫توحيد اهلل‪ ،‬وكذلك المتابعة للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬اللهم اجعلنا من أهل سنتك‪ ،‬واجعلنا‬
‫ممن يحب صاحبها ويقدم محبته على كل بشر إنك سميع مجيب‪ .‬اللهم اجعلنا من أهل‬
‫شفاعته يوم الدين‪ ،‬واجعلنا ممن رافقه في يوم الدين؛ إنك سميع مجيب‪ .‬أقول قولي هذا‬
‫وأستغفر اهلل لي ولكم؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬

‫محاربة أهل الزندقة للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬


‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له الملك وله الحمد وهو على‬
‫كل شيء قدير‪ ،‬وأشهد أن محمداً رسول اهلل البشير والنذير والسراج المنير‪ ،‬صلى اهلل عليه‬
‫وعلى آله وصحبه وأتباعه وأزواجه وذريته الطيبين الطاهرين إلى يوم الدين‪ .‬عباد اهلل‪ :‬إن‬
‫مما يثير الحمية في النفس لسنة النبي عليه الصالة والسالم ولشخصه الكريم ما يراه المسلم‬
‫من هجمات أهل الكفر والزندقة واالنحالل‪ ،‬والنفاق في هذا العصر على النبي عليه الصالة‬
‫والسالم وسنته‪ ،‬وقد صارت هناك موجة وموضة من حرية الكفر ال حرية الفكر في كثير‬
‫من األماكن بين المسلمين‪ ،‬عندما يخرج الواحد تلو الواحد ألجل المس بهذا الدين والشريعة‬
‫والسنة ويكتب من يكتب الكتب التي تلقي الشبهات حول نبينا صلى اهلل وسلم ونبوته كما فعل‬
‫واحد منهم في هذه األيام‪ .‬وإ ن من العالمات التي تدل على صدق محبة اإلنسان لنبي اهلل‬
‫ٌ‬
‫صلى اهلل عليه وسلم المنافحة عنه وعن سنته ويغلي الدم في العروق وأنت تسمع يا عبد اهلل‬
‫تلك الشاعرة التي تلقي قصيدة في مناسبة عيد المرأة‪ ،‬وهذا من فوائد األعياد المبتدعة إن‬
‫صح أن يكون لها فوائد‪ ،‬وكلها أضرار‪ ،‬لكن حتى نعلم هذه المبتدعات تقود إلى ماذا؟ في عيد‬
‫المرأة تحدثت عبر الهواء امرأة في قصيدة لها تقول فيها‪:‬‬
‫أعوج خلقـ ِت‬
‫ٍ‬ ‫أنك من ضلع‬ ‫ملعون يا سيدتي من قال عنك‬
‫ِ‬
‫بالصمت‬ ‫ملعون يا سيدتي من أسـماك عالمة على الرضا‬
‫من هو الذي قال ذلك؟ من هو الذي قال‪( :‬إن المرأة خلقت من ضلع أعوج فإن ذهبت تقيمه‬
‫كسرته وقال‪ :‬كسرها طالقها) ومن الذي قال لما سئل عن البكر إذا استحيت أن تقول عند‬
‫عقد النكاح صراحة بالنطق نعم‪ ،‬أو تظهر الموافقة بالكالم فقال‪( :‬إذنها صماتها) من هو‬
‫القائل؟ هو النبي عليه الصالة والسالم‪ ،‬ففي عيد المرأة تخرج هذه الشاعرة التي ارتدت‬
‫بالنص‪ ،‬وتكفر على المأل في هذه الموجات البثية اإلذاعية‪ ،‬لتعلن الردة عن اإلسالم على‬
‫رءوس األشهاد‪ ،‬وعندما يقوم بعض المسلمين لإلنكار والمطالبة بالدعوى عليها وإ قامة الحد‬
‫حد مهم منسي‪ ،‬حد الردة‪ ،‬تقوم منادية الشرفاء للتصدي لالتهامات الباطلة‪.‬‬
‫الشرعي وهو ٌ‬
‫وامرأة أخرى أنالها اهلل الخزي في الحياة الدنيا واآلخرة تقوم أيضاً لتقول في مقابلة صحفية‪:‬‬
‫إن الحج مظهر من مظاهر الوثنية وكذلك تقبيل الحجر األسود ومسحه‪ ،‬وإ ن عقلها ال يقبل‬
‫ذلك‪ ،‬وقالت‪ :‬الحجاب غير إسالمي‪ ،‬هذه الموضة ‪-‬أيها اإلخوة‪ -‬من إعالن الكفر على‬
‫المأل‪ ،‬هذه الموضة واالنحالل من الدين الذي نسمع عنه‪ ،‬إنه فعالً دليل على وجود صف‬
‫للمنافقين يعمل داخل هذه األمة‪ ،‬وأن فيها من المرتدين من يجب إقامة حد اهلل عليه بضرب‬
‫رقبته بالسيف حتى يبرد‪ .‬ونعلم أيضاً أن المحبة الحقيقية للنبي عليه الصالة والسالم تكون‬
‫بإقامة الحد على هؤالء‪ ،‬وليس بإقامة االحتفاالت بالمولد‪ ،‬فإذا رأيتهم يسكتون عن هذه‬
‫األقوال ويقيمون االحتفاالت فتعلم وتفهم أي شيء؟ ماذا تستنتج يا عبد اهلل؟ إقامة البدعة‬
‫وترك الكفرة والمنافقين والمرتدين يسرحون ويمرحون‪ ،‬أين المحبة المزعومة للنبي عليه‬
‫الصالة والسالم في نفوس هؤالء؟! أيها اإلخوة! إننا نوقن أنه ليس في أفعال اهلل شر محض‪،‬‬
‫وأن اهلل عز وجل بعث نبيه صلى اهلل عليه وسلم ليبتليه ويبتلي به وقد ابتلى به هؤالء‪ ،‬ابتلى‬
‫به‪ ،‬فمنهم من آمن ومنهم من كفر‪ .‬أيها اإلخوة! تتزامن األحداث ليكتشف المسلم أين هي‬
‫المحبة للنبي عليه الصالة والسالم حقيقة والدفاع عنه وعن دينه وعن سنته وعن شخصه‬
‫الكريم صلى اهلل عليه وسلم؟ وال شك أن المسلم ال بد أن يغار على الدين وال بد أن يكون له‬
‫موقف من بطش أولئك المجرمين‪ ،‬وال بد أن يعلم بأن هذا الكفر الذي ينشر على المأل‬
‫ٌ‬
‫وخصوصاً المقابالت في تلك الفضائيات مع هؤالء الزنديقات والمنحالت وغيرهن من‬
‫المنحلين ‪-‬أيضاً‪ -‬من الدين‪ ،‬أن ذلك مما خطط له الكفار في نشر الردة والكفر علناً حتى‬
‫تستمرئ أسماع المسلمين سماع مثل تلك العبارات الشنيعة‪ ،‬فيعتادوا عليها مع الوقت‪ ،‬ولكن‬
‫في نفوس المسلمين حمية للدين لم تمت بعد‪ ،‬وعندهم غيرة لم تضمحل بعد‪ ،‬ولذلك يقوم‬
‫المخلصون منهم برفع دعاوى االحتساب‪ ،‬وعمل ما يمكن عمله والمطالبة ورفع الصوت‬
‫ألجل أخذ الحق للنبي عليه الصالة والسالم من هؤالء المردة من شياطين اإلنس‪ .‬أيها‬
‫اإلخوة! نحتاج فعالً إلى دعوة صادقة وتعليم للسنة‪ ،‬وبيان لمعاني الخروج عن الدين والردة؛‬
‫أمر قد تفشى وأذيع وأعلن‪ ،‬فال بد إذاً من الحذر والعلم والبيان‪ ،‬وهذه وظيفة أهل العلم‪.‬‬
‫ألنها ٌ‬

‫محنة المسلمين في مقدونيا‪:‬‬


‫ونحن ‪-‬أيها اإلخوة‪ -‬كذلك نعيش هذه األيام مع محنة إخواننا في مقدونيا ‪ ،‬ذلك الشعب‬
‫المسلم الذي يشكل قريباً من نصف سكان مقدونيا (‪ )%45‬وال يشكل النصارى األرثوذكس‬
‫الذين يمسكون بزمام األمور في مقدونيا إال الثلث فأقل‪ ،‬فهم أقل من المسلمين‪ ،‬ومع ذلك‬
‫يتحكمون في رقابهم‪ ،‬يغلقون جامعاتهم‪ ،‬وقد نصبت هذه الطغمة األرثوذكسية في تلك البالد‬
‫واحد من عدد من الصلبان التي‬
‫صليباً طوله اثنا عشر متراً ضمن احتفاالت األلفية‪ ،‬وهو ٌ‬
‫زرعت في أنحاء البالد كان أكبرها صليب بطول مائتي متر على قمة أعلى جبل‪ ،‬صمم‬
‫بحيث يضيء في الليل ليراه الجميع‪ ،‬رفعوا ذلك الوثن‪ ،‬ولوثوا به الهواء والفضاء‪ ،‬ولكن‬
‫ضاقت أنفسهم بمآذن أحد أعرق المساجد في مقدونيا فأمروا بإغالقه ومنع إقامة شعائر الدين‬
‫فيه‪ ،‬وهكذا ُحرم المسلمون في مقدونيا من عدد كبير من ميزاتهم وحرياتهم الدينية وحقوقهم‪،‬‬
‫فقاموا يطالبون بال فائدة‪ ،‬وهكذا لما نفذ صبرهم وقاموا للمطالبة بحقوقهم جند أولئك‬
‫النصارى جنودهم لكي يكتسحوا قرى المسلمين التي يتحصن فيها أولئك المدافعون؛ ليصبوا‬
‫عليها جام غضبهم بنيران أسلحتهم‪ ،‬وتقصف المساجد قبل البيوت كما أوضحت ذلك صور‬
‫األحداث المنقولة في الوسائل العالمية‪ ،‬تستهدف المساجد أوالً‪ ،‬وهكذا تصب حمم السالح‬
‫على رءوس المسلمين فيقتل المدنيون ويشردون باآلالف المؤلفة وفيهم ‪-‬اآلن‪ -‬من نتيجة‬
‫الحصار من الجوع والتشرد ما اهلل به عليم‪ .‬فإلى اهلل نشكو أمرهم وأمرنا وأمر المسلمين‪،‬‬
‫ونسأله سبحانه وتعالى أن يعجل بكشف الغمة‪ ،‬وإ نقاذ تلك األمة المسلمة إنه سميع مجيب‪.‬‬
‫وقد تحالف الصرب مع المقدون النصارى ومع غيرهم من األحالف األخرى الموجودة في‬
‫األرض على أولئك النفر القلة من المسلمين في مقدونيا ‪ ،‬وجاء الدور على مقدونيا وكان ذلك‬
‫معلوماً من قبل‪ ،‬بعدما صارت المذابح في البوسنة و كوسوفا جاء الدور على مقدونيا ‪ .‬أيها‬
‫اإلخوة! وال ننسى أيضاً أن إخواننا في فلسطين يعيشون تحت أنواع الحصار الذي يفرضه‬
‫أولئك اليهود عليهم‪ ،‬يقللون من غاراتهم العسكرية تارة ويكثفونها أخرى‪ ،‬ويقتحمون ديارهم‬
‫تارة وينسحبون أخرى‪ ،‬وهكذا في عمليات مدروسة لليهود ضد إخواننا‪ .‬وإ ننا لنعجب فعالً‬
‫من بطوالت ذلك الشعب األعزل المسلم في فلسطين المحتلة‪ ،‬ذهب أحد الذين يوزعون‬
‫المساعدات يمشي في طريق من الطرق في تلك البالد المحتلة بين المسلمين فاندلعت‬
‫االشتباكات فجأة في مكان قريب فدخل هذا مسرعاً إلى مكان يلتجئ فيه فقال له أحد المسلمين‬
‫في فلسطين متأمالً ومتفرساً فيه‪ :‬أنت لست من أهل هذه البلد‪ ،‬أليس كذلك؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬كيف‬
‫عرفت؟ قال‪ :‬ألنه عندنا إذا حدثت االشتباكات من كان بالداخل يخرج إلى الخارج‪ ،‬وليس‬
‫الذين في الخارج يدخلون إلى الداخل‪ ،‬ولذلك فإننا نعجب فعالً من ثبات إخواننا العزل تقريباً‬
‫في تلك الديار‪ ،‬ونحن ندعو لهم بأن يرزقهم اهلل مزيداً من الثبات‪ ،‬ومزيداً من القوة على‬
‫مواجهة أعدى أعدائنا وهم اليهود‪ ،‬وندعو اهلل بأن ينصرهم وهم يقاتلون بالنيابة عن‬
‫المسلمين في أرض فلسطين وال نبخل بما نستطيع ألجل نصرتهم‪ .‬نسأل اهلل سبحانه وتعالى‬
‫أن يوحد المسلمين على توحيده‪ ،‬وأن يجمع صفهم وأن ينزل عليهم نصره وأن يسدد رميتهم‪،‬‬
‫وأن يجعلهم حرباً على أعدائه سلماً ألوليائه إنه سميع مجيب‪ .‬اللهم عليك باليهود والنصارى‬
‫والصليبيين‪ ،‬اللهم عليك باليهود والصليبيين‪ ،‬وسائر المشركين والمنافقين المرتدين يا رب‬
‫العالمين‪ ،‬اللهم العنهم لعناً كبيرا‪ ،‬اللهم أحصهم عددا‪ ،‬واقتلهم بددا‪ ،‬وأخزهم في الدنيا‬
‫واآلخرة وصب عليهم سوط عذاب‪ ،‬اللهم فرق شملهم‪ ،‬وشتت جمعهم‪ ،‬واجعل دائرة السوء‬
‫عليهم‪ ،‬وائتهم من حيث ال يحتسبون‪ ،‬زلزل األرض من تحتهم‪ ،‬وأسقط عليهم عذاباً من‬
‫فوقهم‪ ،‬اللهم عطل أسلحتهم وخيب رميتهم‪ ،‬واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم‪ ،‬اللهم أسقط دولتهم‬
‫ومزقهم كل ممزق يا رب العالمين اللهم عجل بنصر المسلمين‪ ،‬عجل فرجنا يا أرحم‬
‫الراحمين؛ سبحان ربك رب العزة عما يصفون‪ ،‬وسالم على المرسلين‪ ،‬والحمد هلل رب‬
‫العالمين‪.‬‬

You might also like