You are on page 1of 13

‫( خالصات في أحكام الزكاة )‬

‫عناصر الموضوع ‪:‬‬


‫‪ .1‬الزكاة الركن الثاني من أركان اإلسالم‬
‫‪ .2‬بعض أحكام الزكاة‬
‫‪ .3‬أحكام الزكاة في البقر والغنم واإلبل‬
‫‪ .4‬أحكام َّ‬
‫الدين‬
‫‪ .5‬أحكام مختلفة في الزكاة‬
‫‪ .6‬عقوبة مانع الزكاة يوم القيامة‬
‫‪ .7‬عاقبة إخراج الزكاة‬

‫خالصات في أحكام الزكاة‪:‬‬


‫تطرق الشيخ في هذه الخطبة إلى الكالم عن الزكاة ومسائلها الكثيرة‪ ،‬فتحدث عن‪ :‬حكم إخراج‬
‫الزكاة‪ ..‬مصارف الزكاة‪ ..‬عقوبة مانع الزكاة في الدنيا واآلخرة‪ ..‬زكاة الذهب والفضة‪ ..‬زكاة‬
‫الحلي‪ ..‬زكاة الدين‪ ..‬زكاة عروض التجارة‪ ..‬زكاة الزروع والثمار‪ ..‬إضافة إلى مسائل أخرى‬
‫في ثنايا الخطبة‪.‬‬

‫الزكاة الركن الثاني من أركان اإلسالم‪:‬‬


‫إن الحمد هلل‪ ،‬نستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل فال‬
‫مضل له ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له وأشهد أن محمداً عبده‬
‫ِ‬ ‫اَّل‬ ‫ورسوله‪ .‬يا َُّأيها الَِّذين آمُنوا اتَّقُوا اللَّه ح َّ ِ ِ‬
‫ون [آل عمران‪.]102:‬‬ ‫ق تُقَاته َوال تَ ُموتُ َّن ِإ َو َْأنتُ ْم ُم ْسل ُم َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ث ِم ْنهُ َما ِر َجاالً َكثِيراً‬
‫ق ِم ْنها َزو َجها وَب َّ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫الن ُ َّ‬‫َيا َُّأيهَا َّ‬
‫اس اتقُوا َرَّب ُك ُم الذي َخلَقَ ُك ْم م ْن َن ْفس َواح َدة َو َخلَ َ َ ْ َ َ‬
‫َِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َِّ‬
‫ان َعلَْي ُك ْم َر ِقيباً [النساء‪َ .]1:‬يا َُّأيهَا الذ َ‬
‫ين‬ ‫اَأْلر َح َام ِإ َّن اللهَ َك َ‬‫ون بِه َو ْ‬ ‫اء َواتَّقُوا اللهَ الذي تَ َس َ‬
‫اءلُ َ‬ ‫َونِ َس ً‬
‫ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫صِل ْح لَ ُك ْم ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫وب ُك ْم َو َم ْن ُيط ِع اللهَ َو َر ُسولَهُ‬
‫َأع َمالَ ُك ْم َوَي ْغف ْر لَ ُك ْم ُذُن َ‬ ‫آمُنوا اتَّقُوا اللهَ َوقُولُوا قَ ْوالً َسديداً * ُي ْ‬
‫َ‬
‫فَقَ ْد فَ َاز فَ ْوزاً َع ِظيماً [األحزاب‪ .]71-70:‬أما بعد‪ :‬فإن أصدق الحديث كتاب اهلل‪ ،‬وخير الهدي‬
‫هدي محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وشر األمور محدثاتها‪ ،‬وكل محدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضاللة‪،‬‬
‫وكل ضاللة في النار‪ .‬اللهم لك الحمد على ما بلغتنا من هذا الشهر الكريم‪ ،‬وعلى ما أنعمت به‬
‫علينا من البدء في صيامه‪ ،‬فأتمم نعمتك علينا إنك سميع مجيب‪ .‬أيها المسلمون‪ :‬بدخول شهر‬
‫رمضان تتجدد أمور كثيرة من الذكريات‪ ،‬ويطوف ببال المسلم قضايا مهمة من األمور التي‬
‫يعيشها إخوانه المسلمون في هذا العصر واألوان‪ ،‬ويرتبط بشهر الصيام أمور متعددة سنقتصر‬
‫على بيان واحد منها‪ :‬أوالً‪ :‬ألنه ركن من أركان اإلسالم‪ .‬وثانياً‪ :‬أنه يهم كل مكلف‪ ،‬وهو فرض‬
‫عين‪ ،‬بل حتى غير المكلفين يشملهم هذا الحكم‪ ،‬ونظراً ألن كثيراً من الناس قد ارتبط قيامهم بهذا‬
‫األمر وهو الزكاة في هذا الشهر العظيم؛ كان ال بد من الكالم عنه‪ ،‬وبيان شيء من أحكامه؛ ليكون‬
‫المسلم على بينة‪ ،‬ويعبد ربه بالدليل والبينة فيما يقوم به من أموره وعباداته كلها‪.‬‬

‫الزكاة في القرآن‪:‬‬
‫ق َواْل َم ْغ ِر ِب َولَ ِك َّن اْلبَِّر‬
‫وه ُك ْم ِقَب َل اْل َم ْش ِر ِ‬ ‫ُّ‬
‫أيها المسلمون‪ :‬يقول اهلل عز وجل‪ :‬لَْي َس اْلبَِّر ْ‬
‫َأن تَُولوا ُو ُج َ‬
‫ِ‬
‫النبِي َ‬ ‫م ْن آم َن بِاللَّ ِه واْلَيوِم اآْل ِخ ِر واْلمالِئ َك ِة واْل ِكتَ ِ‬
‫امى‬ ‫ِّين َوآتَى اْل َما َل َعلَى ُحبِّه َذ ِوي اْلقُ ْرَبى َواْلَيتَ َ‬ ‫اب َو َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫الز َكاةَ [البقرة‪ ]177:‬إذاً ال بد‬ ‫اب وَأقَ َام الصَّالةَ وآتَى َّ‬ ‫ين و ِفي ِّ ِ‬ ‫ِئِ‬ ‫ين و ْاب َن َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الرقَ َ‬ ‫السبيل َوالسَّا ل َ َ‬ ‫َواْل َم َساك َ َ‬
‫من إخراج الزكاة وهي من البر‪ ،‬قال سبحانه وتعالى مبيناً من هم المسلمون‪ ،‬ومن هم إخواننا في‬
‫اموا الصَّالةَ وآتَوا َّ‬
‫الز َكاةَ‬ ‫ِإ‬
‫َ ُ‬ ‫الدين‪ ،‬ومن هم الذين يجب الكف عن قتالهم‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬ف ْن تَ ُابوا َوَأقَ ُ‬
‫ِإ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫اموا الصَّالةَ وآتَوا َّ‬
‫الز َكاةَ‬ ‫َ ُ‬ ‫يم [التوبة‪ ]5:‬وقال‪ :‬فَ ْن تَ ُابوا َوَأقَ ُ‬ ‫ور َرح ٌ‬ ‫فَ َخلوا َسبِيلَهُ ْم ِإ َّن اللهَ َغفُ ٌ‬
‫ين [التوبة‪ ]11:‬ومن هذه اآلية وغيرها أخذ بعض أهل العلم أن تارك الزكاة كافر‬ ‫فَِإ ْخ َو ُان ُك ْم ِفي ِّ‬
‫الد ِ‬
‫ين [التوبة‪ ]11:‬فإذا لم‬ ‫الز َكاةَ فَِإ ْخ َو ُان ُك ْم ِفي ِّ‬
‫الد ِ‬ ‫اموا الصَّالةَ وآتَوا َّ‬ ‫ِإ‬
‫ولو لم يكن جاحداً فَ ْن تَ ُابوا َوَأقَ ُ‬
‫َ ُ‬
‫يتوبوا من الشرك‪ ،‬ولم يقيموا الصالة‪ ،‬ولم يؤتوا الزكاة؛ فليسوا بإخواننا في الدين‪ .‬وذهب بعض‬
‫أهل العلم إلى عدم كفر تارك الزكاة إذا منعها بخالً ولم يمنعها جحوداً‪ ،‬قال اهلل عز وجل عن‬
‫الز َك ِاة [مريم‪ ]55:‬ووصف اهلل المؤمنين بقوله‪:‬‬ ‫َّالة و َّ‬‫ِ‬
‫َأهلَهُ بالص َ‬
‫ان َيْأمر ْ ِ‬
‫إسماعيل عليه السالم‪َ :‬و َك َ ُ ُ‬
‫ون [المؤمنون‪ ]4:‬وهدد وتوعد وقارن بين الربا والزكاة فقال‪َ :‬و َما آتَْيتُ ْم ِم ْن‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َِّ‬
‫ين ُه ْم ل َّلز َكاة فَاعلُ َ‬
‫َوالذ َ‬
‫ون َو ْجهَ اللَّ ِه فَُأولَِئ َ‬
‫ك ُه ُم‬ ‫يد َ‬ ‫اس فَال َي ْرُبو ِع ْن َد اللَّ ِه َو َما آتَْيتُ ْم ِم ْن َز َك ٍاة تُِر ُ‬
‫الن ِ‬ ‫ِرباً ِلَيرُبو ِفي َأمو ِ‬
‫ال َّ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ‬
‫ون [الروم‪ ]39:‬فبعض الناس يخرج الزكاة ابتغاء عرض دنيوي من ذكر أو شهرة أو ثناء‬ ‫اْلم ْ ِ‬
‫ضعفُ َ‬ ‫ُ‬
‫ون َو ْجهَ اللَّ ِه‬ ‫من الناس ونحو ذلك‪ ،‬أو يخرجها ال عن طيب نفس فقال اهلل‪َ :‬و َما آتَْيتُ ْم ِم ْن َز َك ٍاة تُِر ُ‬
‫يد َ‬
‫ون [الروم‪ ]39:‬أي‪ :‬الذين يضاعف لهم األجر‪ .‬أيها المسلمون‪ :‬وألن الزكاة‬ ‫ك ُهم اْلم ْ ِ‬ ‫ِئ‬
‫ضعفُ َ‬ ‫فَُأولَ َ ُ ُ‬
‫ركن من أركان اإلسالم والشريعة تبين األركان كما تبين غيرها؛ فقد بين اهلل في كتابه من هم الذين‬
‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫اء واْلمس ِ‬
‫اك ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّدقَ ُ ِ‬
‫يستحقون الزكاة‪ ،‬وإ لى أي أصناف الناس تصرف‪ِ :‬إَّن َما الص َ‬
‫ين َواْل َعامل َ‬ ‫ات لْلفُقَ َر َ َ َ‬
‫ِ َّ ِ َّ‬ ‫يل اللَّ ِه َو ْاب ِن َّ‬
‫السبِ ِ‬ ‫ين و ِفي سبِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبهم و ِفي ِّ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫يل فَ ِر َ‬
‫يضةً م َن الله َواللهُ‬ ‫َ‬ ‫الرقَاب َواْل َغ ِارم َ َ‬ ‫َعلَْيهَا َواْل ُمَؤ لفَة ُقلُ ُ ُ ْ َ‬
‫يم [التوبة‪ ]60:‬عليم بعباده‪ ،‬حكيم فيما شرع لهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم َحك ٌ‬ ‫َعل ٌ‬

‫حكم مانع الزكاة في الدنيا‪:‬‬


‫أيها المسلمون! قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬أمرت أن أقاتل الناس؛ حتى يشهدوا أن ال إله إال اهلل‪،‬‬
‫ويقيموا الصالة‪ ،‬ويؤتوا الزكاة‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إال بحق اإلسالم‪،‬‬
‫وحسابهم على اهلل) لقد فهم أبو بكر رضي اهلل عنه هذا الحديث‪ ،‬فلما ارتد العرب وبعضهم منع‬
‫الزكاة جاء في حديث أبي هريرة تفاصيل ما حدث فقال‪( :‬لما توفي رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬واستخلف أبو بكر بعده‪ ،‬وكفر من كفر من العرب‪ ،‬قال عمر لـأبي بكر ‪ :‬كيف تقاتل الناس‬
‫وقد قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا‪ :‬ال إله إال اهلل‪ ،‬فمن قال‬
‫ال إله إال اهلل؛ عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابه على اهلل‪ ،‬فقال أبو بكر ‪ :‬واهلل ألقاتلن من‬
‫فرق بين الصالة والزكاة‪ ،‬فإن الزكاة حق المال‪ ،‬واهلل لو منعوني عقاالً كانوا يؤدونه إلى رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم لقاتلتهم على منعه‪ ،‬فقال عمر ‪ :‬فواهلل ما هو إال أن رأيت اهلل قد شرح صدر‬
‫أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق) رواه البخاري وغيره‪ .‬ولذلك جاء حكم مانع الزكاة في السنة‪،‬‬
‫فقال صلى اهلل عليه وسلم عن الزكاة‪( :‬من أعطاها مؤتجراً‪ ،‬يبتغي األجر؛ فله أجرها‪ ،‬ومن منعها؛‬
‫فإنا آخذوها ‪-‬بالقوة‪ -‬وشطر ماله ‪-‬وفي رواية‪ -‬وشطر إبله ‪-‬ألن المناسبة كانت في اإلبل‪-‬‬
‫عزمة من عزمات ربنا تبارك وتعالى‪ ،‬ال يحل آلل محمد منها شيء) حديث حسن‪ .‬إذاً‪ :‬يجب على‬
‫إمام المسلمين أو من يقوم مقامه أن يأخذ الزكاة من مانعه بالقوة ولو اضطروا لقتاله‪ ،‬زائد شطر‬
‫ماله عقوبة على المنع‪ ،‬هذا هو الحكم الشرعي في مانع الزكاة‪.‬‬

‫عقوبة مانع الزكاة في اآلخرة‪:‬‬


‫قال صلى اهلل عليه وسلم عن حكمه في الدار اآلخرة‪( :‬ما من صاحب ذهب وال فضة‪ ،‬ال يؤدي‬
‫منها حقها إال إذا كان يوم القيامة‪ ،‬صفحت له صفائح من نار‪ ،‬فأحمي عليها في نار جهنم‪ ،‬فيكوى‬
‫بها جنبه وجبينه وظهره‪ ،‬كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؛ حتى يقضى‬
‫بين العباد‪ ،‬فيرى سبيله إما إلى الجنة وإ ما إلى النار)‪ .‬أيها المسلمون‪ :‬ليست صفيحة واحدة ولكنها‬
‫صفائح من نار‪ ،‬ليست نار الدنيا ولكنها نار جهنم فضلت على نارنا بتسعة وستين جزءاً‪ .‬أيها‬
‫المسلمون‪ :‬ال يكوى بها طرف واحد من جسده‪ ،‬ولكن يكوى بها جنبه وجبينه وظهره‪ .‬أيها‬
‫المسلمون‪ :‬إذا بردت ال ينتهي األمر‪ ،‬كلما بردت أعيدت له‪ .‬أيها المسلمون‪ :‬ليس في ساعة وال في‬
‫يوم وال في جمعة‪ ،‬وال في أسبوع‪ ،‬وال في سنة يستمر ذلك العذاب‪ ،‬إنما هو في يوم كان مقداره‬
‫خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد‪( .‬وال صاحب إبل ال يؤدي منها حقها‪ ،‬ومن حقها عليه‬
‫حلبها يوم وردها للفقراء على الماء‪ ،‬إال إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت ال‬
‫يفقد منها فصيالً واحداً‪ ،‬تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها‪ ،‬كلما مرت عليه أوالها؛ رد عليه أخراها‬
‫في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة‪ ،‬حتى يقضى بين العباد)‪ .‬وفي البقر والغنم قال صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬تأتي وتمر عليه تنطحه بقرونها‪ ،‬وتطؤه بأظالفها‪ ،‬كلما مرت عليه أوالها رد عليها‬
‫أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة)‪ .‬فماذا بعد أيها المسلمون؟ ماذا تريدون من األدلة‬
‫التي تدفع المسلم إلى إخراج زكاته عاجالً عند حلول الحول‪ ،‬قبل أن يتوفاه اهلل‪ ،‬فيلقى ربه غضبان‬
‫عليه‪ ،‬ويعذب في قبره‪ ،‬وفي الدار اآلخرة بما جنى من منع الزكاة وعدم إخراجها‪ ،‬ماذا يقول‬
‫األغنياء من المسلمين الذين تصل زكاتهم إلى الماليين‪ ،‬وهم يمنعونها ألنهم قد استكثروا هذه الزكاة‬
‫ولم يخرجوها كما أمر اهلل‪.‬‬

‫بعض أحكام الزكاة‪:‬‬


‫أيها المسلمون‪ :‬هاكم طائفة من األحكام ‪-‬وإ ن أطلنا قليالً‪ -‬نظراً للحاجة إليها والبيان في هذا‬
‫المجتمع العظيم الذي أنتم فيه‪.‬‬

‫شروط إخراج الزكاة‪:‬‬


‫الزكاة‪ :‬هي النماء والزيادة‪ ،‬ومن ملك أي صنف من األصناف التي تجب فيها الزكاة من الذهب‬
‫والفضة أو ما يقوم مقامهما من األوراق النقدية أو عروض التجارة‪ ،‬أو الغنم واإلبل والبقر‪،‬‬
‫وغيرها من األصناف الزكوية إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول وجب إخراج الزكاة فيها‪ ،‬حق‬
‫اهلل ويشترك فيها حق للفقير أيضاً‪ ،‬ال بد من إخراج الزكاة‪ ،‬ولو كان المال ليتيم أو مجنون ال بد من‬
‫إخراج الزكاة‪ ،‬ويخرجها عنه وليه‪.‬‬

‫نصاب الذهب والفضة في الزكاة‪:‬‬


‫أيها المسلمون‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ليس في أقل من عشرين مثقاالً من الذهب وال في أقل‬
‫وبناء‬
‫ً‬ ‫من مائتي درهم ‪-‬يعني‪ :‬من الفضة‪ -‬صدقة) فهذا هو الحد في زكاة النقدين‪ .‬حديث صحيح‪.‬‬
‫قوم أهل العلم هذا النصاب‬
‫على ذلك‪ :‬فإنك إذا سألت‪ :‬كم يساوي الذهب اآلن باألوزان المتداولة؟ ّ‬
‫الوارد في الحديث بما مقداره إحد عشر جنيهاً ذهبياً متداوالً هنا‪ ،‬وثالثة أسباع من الذهب‪ ،‬أو ستة‬
‫وخمسون رياالً من الفضة‪ ،‬وإ ذا أردتها بالغرامات فإنها تقريباً خمسة وثمانون غراماً من الذهب‬
‫تنقص قليالً أو تزيد قليالً‪ ،‬بحسب ما رأى أهل العلم والخبرة المقدرون لذلك‪ .‬ونصاب الفضة ما‬
‫يعادل ستمائة وأربعة وثالثين واثنين في العشرة غراماً من الفضة‪ ،‬هذا هو النصاب في النقدين‪،‬‬
‫وألن الرياالت في هذه البلد أول ما خرجت وتجولت كانت مبنية على الفضة وكانت مقدرة‪ ،‬وكان‬
‫المستعمل هو لاير الفضة‪ ،‬وألن هذا هو األحظ للفقير‪ ،‬صار النصاب من األوراق النقدية مقدراً‬
‫بالفضة في مبدأ األمر‪ ،‬ولو تغير بعد ذلك فإنه األحظ للفقير‪ .‬أن الرجل إذا كان عنده ستة وخمسون‬
‫لاير فضة فأكثر‪ ،‬يخرج عن كل مائة اثنان ونصف‪ ،‬فإذا قيل لك‪ :‬إن لاير الفضة اآلن في السوق‬
‫يساوي عشرة رياالت مثالً أو تسعة‪ ،‬فإنك تعلم أن نصاب المال تقريباً اآلن خمسمائة لاير فأكثر‪،‬‬
‫وهو األحظ للفقير يخرج من كان عنده هذا المبلغ‪ ،‬وأكثر الرياالت الموجودة الزكاة اآلن في كل‬
‫ألف خمسة وعشرين رياالً‪ ،‬والحمد هلل إن أكثر الناس يملكون أكثر من هذا النصاب‪ ،‬فالواجب‬
‫عليهم إذاً المبادرة إلخراج الزكاة فيها‪ .‬ويقول الناس‪ :‬إنا ال نستلم رواتب فماذا نفعل؟ نقول‪ :‬خذوا‬
‫أول يوم استلمتم فيه مرتباً وليكن الثالثين من شعبان في عام (‪1410‬هـ) مثالً‪ ،‬فإذا جاء عندك في‬
‫ثالثين من شعبان (‪1411‬هـ) فانظر مثالً ماذا عندك من الرصيد؟ أخرج في كل ألف خمسة‬
‫وعشرين رياالً‪ ،‬وأرح نفسك من العناء حول كل راتب‪ ،‬ومعرفة ما أخذت منه وما وفرت؛ فإنك‬
‫ستتعب‪ ،‬فإن أردت سبيل الراحة والسماح وطيب النفس؛ فأخرج بهذه الطريقة‪ .‬فإن كنت متعوداً‬
‫على إخراج زكاة المال مثالً في الخامس عشر من رمضان‪ ،‬فإذا جاء هذا اليوم؛ فانظر ما عندك‬
‫من األموال؟ فأخرج على كل ألف خمسة وعشرين رياالً‪ ،‬فإذا كان عندك أو عند زوجتك سبائك‬
‫ذهب أو حلي وغيرها؛ فال بد من إخراج الزكاة من كل‪ ،‬خمسة وثمانين غراماً فأكثر‪ ،‬ويعامل‬
‫بمفرده في قيمة الذهب الحالية في السوق عند حلول الحول‪ .‬وكذلك فإن كل ما لدى اإلنسان من‬
‫أقالم أو ساعات ذهب وغيرها مع أنه ال يجوز أصالً لبس الذهب للرجال‪ ،‬ولكن نقول‪ :‬من ملك‬
‫أشياء فيها ذهب‪ ،‬كلها تدخل مع النصاب‪ ،‬فإذا وصل خمسة وثمانين غراماً تقريباً تجب فيه الزكاة‬
‫أو في قيمته الحالية في السوق في كل ألف خمسة وعشرين رياالً‪.‬‬

‫حكم الزكاة في المعادن الثمينة‪:-‬‬


‫وأما المعادن الثمينة فإنه ال زكاة فيها ولو كانت أغلى من الذهب‪ ،‬مثل األلماس وغيرها ال زكاة‬
‫فيها‪ ،‬لعدم ورود النص فيها‪ ،‬واألصل براءة الذمة إال إذا أعدت للتجارة فصارت من عروض‬
‫التجارة‪ .‬وال يجب تكميل نصاب الذهب بالفضة التي عندك‪ ،‬فإنك تعامل الذهب بنصاب مستقل‬
‫والفضة بنصاب مستقل‪ ،‬وتعامل ما ملكت البنت األولى كنصاب مستقل وما ملكت البنت الثانية‬
‫كنصاب مستقل‪ ،‬وال يجب أن تجمعه جميعه‪ .‬وكذلك فإنه إذا نقص عن النصاب شيئاً يسيراً جداً‪،‬‬
‫فأخرج الزكاة ألنه يصعب ضبطه‪ ،‬وكذلك إذا كان عندك شيء مخلوط بالذهب والفضة أو ذهب‬
‫وألماس؛ فقدر الذهب عند أهل الخبرة‪ ،‬ثم ضم الذهب بعضه إلى بعض مما كنت تملكه أنت‪ ،‬أو‬
‫ضم بعضه إلى بعض فيما تملكه زوجتك؛ لتعلم كم مقدار الزكاة فيه؟ ومن كان عنده هواية جمع‬
‫نقود‪ ،‬فيجب إخراج الزكاة فيها إذا بلغت مع بقية ماله نصاباً‪.‬‬

‫حكم الزكاة في عروض التجارة‪:‬‬


‫وأما عروض التجارة فتقوم السلع المعدة للبيع في آخر السنة‪ ،‬ويجب إخراج قيمة الزكاة عند حلول‬
‫الحول في كل ألف خمسة وعشرين رياالً‪ .‬وأما أموال السيولة في البنك مثالً فإنه يخرج زكاتها‬
‫أيضاً‪ ،‬واألراضيـ المعدة للبيع يجب إخراج الزكاة فيها؛ ألنها صارت من عروض التجارة إذا نوى‬
‫بها البيع وعرضها للبيع‪ ،‬فبمجرد نية البيع وعقد العزم يبدأ الحول‪ ،‬فإذا حال عليها الحول؛ وجب‬
‫إخراج الزكاة في قيمتها الحالية عند حلول الحول؛ ألن األراضي معرضة لالرتفاع واالنخفاض‪،‬‬
‫وأما األرض المعدة لإليجار أو للسكن أو لبناء مشروع عليها أو محطة بنزين أو عمارات أو‬
‫دكاكين لإليجار فال زكاة فيها‪ ،‬وإ نما الزكاة في اإليجارات إذا استلمت وحال عليها الحول‪ ،‬وأما إذا‬
‫أعدت للبيع؛ فيجب فيها الزكاة‪ ،‬وإ ذا ترددت النية بين البيع والتأجير أو االحتفاظ للنفس مثالً؛ فإنه‬
‫ال زكاة حتى تجزم بالبيع‪.‬‬

‫حكم زكاة الحلي‪:‬‬


‫ت بطيب نفس أن‬
‫تبرع َ‬
‫ْ‬ ‫تجب الزكاة في حلي الزوجة على الزوجة ألنها صاحبة المال‪ ،‬إال إذا‬
‫تخرج عنها؛ فلك األجر بعد أن تعلمها بإخراج الزكاة عنها‪ ،‬وإ ذا كانت تجهل حكم الزكاة في‬
‫الماضي؛ فال إعادة عليها فيما مضى؛ لجهلها بهذا الحكم الذي وقع فيه اختالف‪ ،‬لكن جاء الدليل‬
‫الصحيح به في امرأة جاءت به إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب‬
‫(سواران) قال‪( :‬أتؤدين زكاة هذا؟ قالت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ :‬أيسرك أن يسورك اهلل بهما سوارين من نار‬
‫سواء ما كان مستعمالً أو لإلعارة‪ ،‬أو يلبس‬
‫ً‬ ‫يوم القيامة) فدل على وجوب إخراج الزكاة في الحلي‬
‫مرة في السنة أو طيلة السنة أو ال يلبس أبداً‪ ،‬تجب فيه الزكاة على القول الراجح المسنود بالدليل‬
‫من أقوال أهل العلم‪.‬‬
‫حكم زكاة األسهم‪:‬‬
‫وأما األسهم فإنها تقوم عند حلول الحول‪ ،‬فيعرف قيمة األسهم في السوق اآلن وتخرج قيمتها‪،‬‬
‫وأرباحها تضاف إليها‪ ،‬فليس هناك حول منفصل لألرباح ورأس المال‪ ،‬ولكن إذا حال الحول على‬
‫رأس المال وهو األسهم؛ تخرج زكاتها مع زكاة األرباح ولو خرجت األرباح قبلها بيوم‪.‬‬

‫حكم الزكاة فيما هو معد لالستعمال الشخصي‪:‬‬


‫وأما ما أعده اإلنسان لسكنه من أنواع األثاث واألواني والسجاجيد وغيرها فال زكاة فيها‪ ،‬كذلك‬
‫السيارات إذا كانت معدة لالستعمال؛ فليس فيها زكاة ولو بلغت مائة سيارة والحمد هلل‪ ،‬وصاحب‬
‫سيارة األجرة (التاكسي) ال يخرج الزكاة على سيارته؛ ألنها ليست معدة للبيع‪ ،‬فكل ما هو معد‬
‫لالستعمال الشخصي ال زكاة فيه إال الذهب والفضة‪ .‬يجب على المرأة إخراج الزكاة في الصداق‬
‫إذا كان عندها‪ ،‬أو إذا كانت متى طالبت زوجها أعطاها‪ ،‬أما إذا لم تستطع المطالبة‪ ،‬فإنه ليس عليها‬
‫إال حين تقبضه وتخرجه مرة واحدة‪.‬‬

‫زكاة المزارع والزروع والثمار‪:‬‬


‫وكذلك فإن المزارع ال زكاة فيها إال إذا أعدت للبيع‪ ،‬وما يخرج من المزارع إذا كان من األصناف‬
‫الزكوية كالحبوب والثمار تجب فيها الزكاة حسب ما ورد في النصوص الشرعية من المقادير‪،‬‬
‫وأما إذا كانت خضروات مثالً فال زكاة فيها لحديث‪( :‬ليس في الخضروات زكاة) فمن كان عنده‬
‫بيوت محمية فيها خضروات؛ فال زكاة فيها والحمد هلل‪ ،‬اإلسالم ال يهدف إلضرار الناس أبداً‪ ،‬في‬
‫كل مائة اثنين ونصف في األموال التي عندك‪ ،‬وبقية األشياء مقادير يسيرة للمصالح العامة‬
‫ولمصلحتك أنت قبل كل شيء‪.‬‬

‫حكم الزكاة في المنافذ المؤجرة‪:‬‬


‫المنافذ المؤجرة وغيرها ال تجب فيها الزكاة إال في األجرة إذا حال عليها الحول‪ ،‬واألموال المعدة‬
‫لشراء بيت أو للزواج أو لقضاء دين يجب فيها الزكاة؛ إذا كانت ال زالت عندك‪ ،‬أما إذا صرفتها‬
‫في تسديد الديون قبل الحول؛ فال زكاة فيها‪.‬‬

‫حكم الزكاة على الدين‪:‬‬


‫إذا كان عليك ديون وعندك أموال‪ ،‬فالصحيح أن الدين ال يمنع إخراج الزكاة التي عندك‪ ،‬ولو كان‬
‫الدين أكثر من المال الذي عندك‪ ،‬تخرج منه اثنين ونصف في المائة‪ ،‬إال إذا أخرجت المال لتسديد‬
‫الدين قبل حلول الحول فال زكاة فيه‪ .‬وكذلك إذا كان لديك أموال عند الناس أسلفتهم إياها؛ فال يجب‬
‫عليك إخراج الزكاة فيها إال إذا قبضتها منهم‪ ،‬فإذا كانوا أغنياء متى طالبتهم أعطوك ‪-‬هذا تعريف‬
‫الغني في هذا الحكم‪ -‬تخرج عن كل السنوات الماضية‪ ،‬أما إذا كان مماطالً أو فقيراً؛ فال زكاة‬
‫عليك إال إذا قبضتها‪ ،‬وتخرجها مرة واحدة فقط‪ .‬ويحسن إخراج زكاة المال من جنسه‪ ،‬من الثمار‬
‫ثمار‪ ،‬ومن الغنم غنم‪ ،‬ومن التجارة أموال‪ ،‬وهكذا تقوم‪ ،‬ويحسن ولكن ال يجب‪ ،‬فلو أخرجها ماالً‬
‫كلها فال بأس‪.‬‬

‫مصارف الزكاة‪:‬‬
‫ويجب إعطاء الزكاة لمستحقيها والمستحقون هم المذكورون في اآلية‪ ،‬والفقير هو من ال يجد شيئاً‬
‫من األشياء الضرورية‪،‬ـ إذا كان ال يجد طعاماً أو شراباً أو سكناً أو أشياء ضرورية في البيت‬
‫كالثالجة والمكيف مثالً ضرورية في البيت لكن الكنب ليس ضروري‪ ،‬فإذا كان ال يجد األشياء‬
‫الضرورية فهو فقير يعطى‪ .‬ويجوز إعطاء الزكاة للذين عليهم ديون ال يستطيعون أداءها وهم‬
‫مطالبون اآلن‪ ،‬أو مهددون بالسجن مثالً‪ ،‬أو تخرجه من السجن لتسديد ما عليه‪ .‬وكذلك أصحاب‬
‫الجنايات والديات يجوز إعطاؤهم منها؛ ليسددوا الجنايات والديات التي عليهم‪ ،‬وال يجوز إعطاء‬
‫الزكاة لتارك الصالة والكافر أبداً‪ ،‬ويجوز إعطاؤها للفاسق الذي يرتكب شيئاً من المنكرات ولكن‬
‫إعطاؤها للتقي أولى‪ ،‬وال حرج في دفع الزكاة لألخ الفقير‪ ،‬الخال الفقير‪ ،‬العم الفقير‪ ،‬األخت‬
‫الفقيرة‪ ،‬العمة الفقيرة وهكذا‪ ،‬إال من يلزمك نفقتهم فال يجوز إعطاؤهم كاألصول (اآلباء واألجداد)‬
‫والفروع (األبناء) والزوجة؛ ألنك مكلف بالنفقة عليهم شرعاً‪ .‬وكذلك ال يجوز صرف الزكاة لبناء‬
‫مساجد أو طباعة مصاحف؛ ألنها ليست من مصارف الزكاة‪ ،‬وال يعطى الخادم وال السائق وال‬
‫الخادمة من الزكاة؛ ألن لهم راتباً إال إذا كان فقيراً ال يكفيه راتبه وهو فقير في أهله؛ وال يزال‬
‫محتاجاً؛ فيجوز إعطاؤه‪ ،‬مع أن األولى أال يعطى؛ لئال تحصل مكاسب وأشياء تعود عليك من‬
‫إعطائه الزكاة‪ ،‬كأن يحسن خدمته أو ال يريد أن يجلس عندك‪ ،‬فيجلس عندك؛ ألنك أعطيته هذه‬
‫الزكاة‪.‬‬

‫حكم النية في الزكاة‪:‬‬


‫ال بد من النية عند إخراجها‪ ،‬فإن اإلنسان لو تصدق قبل شهرين بخمسمائة لاير صدقة ولما جاءت‬
‫الزكاة قال‪ :‬أحسب الخمسمائة من الزكاة نقول‪ :‬ال يجزئ؛ ألنك ما نويت الزكاة عند إخراج تلك‬
‫الصدقة‪ ،‬فأما إذا نويت من قبل قلت هذه الزكاة مقدم خمسمائة لاير؛ فتحسب من الزكاة وال بأس‬
‫بذلك‪.‬‬

‫حكم إعطاء الزكاة للجمعيات الخيرية‪:-‬‬


‫واحذروا إذا دفعتم زكواتكم للجمعيات الخيرية‪ ،‬فالبد من التأكد أنها تصرف للمستحقين‪ ،‬وإ ال من‬
‫يعطي للجمعيات من غير تدقيق في من يأخذ وأين تصرف؛ فإن هذا على خطر عظيم‪ .‬وكذلك فإن‬
‫أموال صناديق البر والصناديق الخيرية والرصيد في البنك لبناء مسجد والمجمع من متبرعين ال‬
‫زكاة فيه‪.‬‬

‫حكم التصرف في مال الزكاة‪:‬‬


‫وكذلك ال يجوز التصرف في المال بل ال بد من إعطائه الفقير‪ ،‬ال تشتر له بها أشياء ثم تعطيه‪،‬‬
‫أعطه المال وهو يتصرف‪ ،‬إال إذا كان أحمق أخرق ال يحسن التصرف؛ فيجوز أن تتصرف بشراء‬
‫أشياء ضرورية له؛ ألنه ال يحسن التصرف‪ ،‬وأما إن كان عاقالً يحسن التصرف‪ ،‬فال تتصرف له‬
‫في أمواله‪.‬‬

‫حكم إعطاء الزكاة لألقارب‪:‬‬


‫وإ ذا لم يوجد عندك فقراء هنا؛ تعطيها لفقراء آخرين في بلدان أخرى خصوصاً إذا كانوا من‬
‫األقارب‪ ،‬فأنت تعطيها لهم إذا كانوا من الذين ال تلزمك نفقتهم‪ .‬افرض أن لك عماً فقيراً في مصر‬
‫أو األردن أو غيرها من البلدان‪ ،‬فيجوز أن ترسلها إليه وتعطيها إياه‪ ،‬وهو أولى من غيره‪.‬‬

‫حكم تأخير الزكاة بسبب الضرر‪:‬‬


‫وكذلك فإنه لو قال إنسان‪ :‬أنا أتضرر لو أخرجت اآلن‪ ،‬أي‪ :‬إذا أخذت بعض ممتلكاتي أتضرر‪،‬‬
‫نقول‪ :‬ال بأس أن تتأخر الشهر والشهرين؛ فتخرج الزكاة مقسطة خاللها‪ ،‬ولكن ال تؤخر حق اهلل‬
‫وحق الفقير‪.‬‬

‫حكم أخذ موزع الزكاة من زكاة الغني‪:‬‬


‫وكذلك فإنه ال يجوز إلنسان أن يأخذ الزكاة من غني لنفسه وإ ن قال‪ :‬آخذها وأعطيها محتاجين‪ ،‬ال‬
‫يجوز أن يأخذها إال بعد أن يخبر صاحب المال أنه هو المحتاج‪ .‬وال يلزم إخبار الفقير عند إعطائه‬
‫الزكاة أنها زكاة‪ ،‬فال داعي للحرج‪ ،‬تعطيها وترسلها بأي طريقة‪ ،‬ومن يوقف الفقراء أمام بيته‬
‫بالطابور؛ فعليه أن يخشى اهلل من إذالل الناس‪ ،‬إنما يوصلها إليهم في بيوتهم مخفية‪ ،‬ال يطلع عليها‬
‫إال اهلل‪ ،‬ومن فاتت الزكوات الماضية منه؛ فعليه أن يخرجها اآلن‪ ،‬ويتدارك أمره قبل العذاب األليم‬
‫المترتب على عدم إخراجها‪ .‬نسأل اهلل سبحانه وتعالى أن يفقهنا وإ ياكم في دينه‪ ،‬وأن يرزقنا اتباع‬
‫سنة نبيه‪ ،‬اللهم اجعلنا ممن يحفظ حدودك‪ ،‬ويؤدي حقوقك‪ ،‬اللهم اجعلنا من الوقافين عند حدودك ال‬
‫من المعتدين‪ ،‬واغفر لنا أجمعين‪ .‬أقول قولي هذا‪ ،‬وأستغفر اهلل لي ولكم‪.‬‬

‫أحكام الزكاة في البقر والغنم واإلبل‪:‬‬


‫الحمد اهلل الذي ال إله إال هو وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل ٍ‬
‫شيء قدير‪ ،‬هو‬
‫األول واآلخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم‪ ،‬وصلى اهلل وسلم على نبينا محمد السراج‬
‫المنير‪ ،‬والداعي إلى اهلل بإذنه‪ ،‬تركنا على البيضاء ليلها كنهارها‪ .‬أيها المسلمون‪ :‬من كان عنده‬
‫سائمة من اإلبل أو البقر أو الغنم؛ فإن كان يعدها للتجارة؛ فيجب إخراج الزكاة في قيمتها؛ ألنها‬
‫صارت من عروض التجارة‪ ،‬أما إن كانت عنده يعدها الستعماله الشخصي‪ ،‬أو يذهب إليها بين‬
‫حين وآخر فقط ولم يعدها للبيع فال زكاة‪ ،‬وإ ذا كانت ترعى من هذه األعشاب في األرض‪ ،‬فتجب‬
‫فيها الزكاة كما جاء في الحديث‪( :‬في كل أربعين شاة) وهكذا في اإلبل في كل خمس إبل شاة‪،‬‬
‫وهكذا في البقر إلى آخر األنصبة‪ .‬وإ ما إن كان هو الذي يطعمها ويشتري لها شعيراً وهو الغالب‬
‫في أمره؛ فإنه ال زكاة فيها إال إذا أعدت للتجارة والبيع منها؛ فإنها تجب فيها الزكاة ولو كان هو‬
‫الذي يعلفها‪.‬‬

‫أحكام الدَّين‪:‬‬
‫وكذلك فإننا نقول ونعيد الكالم في الدين؛ للحاجة إلى بيانه لكثرة المداينات التي تحصل بين الناس‪:‬‬
‫إذا كان عندك نقود‪ ،‬وعليك دين؛ أخرج الزكاة على المال الذي عندك؛ إذا حال عليه الحول‪ ،‬وإ ذا‬
‫كان لك مال عند الناس فإذا قبضته‪ ،‬فإن كان الشخص الذي أسلفته غنياً‪ ،‬ويمكن أن تأخذ مالك في‬
‫أي وقت‪ ،‬فأخرج الزكاة عن كل سنة مضت والمال عنده‪ ،‬وإ ن كان المال عند فقير أو مماطل؛‬
‫فليس عليك إال إخراج زكاة واحدة عند االستالم‪ ،‬وإ ذا مات إنسان قبل حلول الحول؛ فال زكاة في‬
‫ماله؛ ألنه لم يكن حياً وقت الوجود‪ ،‬وليس على الورثة الزكاة‪ ،‬فإذا صارت من نصيب الورثة؛ بدأ‬
‫الحول على الورثة‪ ،‬فإذا استمر المال مجموعاً لم يقسم وحال عليه الحول‪ ،‬فإنه يخرج كل وارث‬
‫الزكاة من نصيبه من اإلرث ولو لم يقسم بعد‪ ،‬وإ ذا استلمه‪ ،‬يجب عليه أن يخرج ما مضى من‬
‫الزكوات في نصيبه وهو منذ أن ملك المال بوفاة المورث‪.‬‬

‫أحكام مختلفة في الزكاة‪:‬‬


‫وكذلك فإن اإلنسان إذا كان عنده أموال يحول حولها في رمضان مثالً‪ ،‬فاشترى بها في شعبان‬
‫عروض تجارة‪ ،‬فالصحيح أنه إذا جاء رمضان وقت حلول الحول على المال والسيولة األصلية؛‬
‫تجب الزكاة فيها‪ ،‬ولو حولها إلى عروض تجارة‪ ،‬ألن هذا بعضه من بعض‪ .‬وكذلك فإننا ال بد أن‬
‫نتقي اهلل في إخراجها‪ ،‬فبعض الناس ال يضبطونها وإ نما يأخذ من عرض المال كمشة من المال‬
‫ويقول‪ :‬هذه زكاة‪ ،‬وقد تكون أكثر‪ ،‬فيجب عليه أن يحسب ويضبط‪ ،‬وإ ذا أراد أن يخرج زيادة‪،‬‬
‫الحمد هلل له األجر‪ .‬والمقاولون الذين عندهم رافعات أو آالت أو تركتالت ‪-‬كما يسمونها‪ -‬أو‬
‫قالبات وشاحنات؛ فليس فيها زكاة إال إذا أعدت للتجارة‪ ،‬وإ نما الزكاة في المكاسب التي تأتي منها‪.‬‬
‫وكذلك الفقير يعطى ما يكفيه لمدة سنة‪ ،‬فإذا قال إنسان‪ :‬كم أعطي الفقير أكثر ما أعطيه؟ نقول‪:‬‬
‫يجوز لك أن تعطيه مصروف سنة من الزكاة‪ .‬ويجوز إعطاء الشاب الذي ال يستطيع الزواج من‬
‫الزكاة؛ إذا كان سيقع في الحرام لو لم يتزوج ويخشى على نفسه العنت‪ ،‬وال يجوز محاباة األقرباء‬
‫بها‪ ،‬فبعض الناس يعطون أقرباء وليسوا فقراء‪ ،‬وبعض الناس يعطون عائالت كانت فقيرة منذ‬
‫عشر سنوات‪ ،‬لكن تغير حالها‪ ،‬واشتغل األوالد فيها‪ ،‬وصاروا أغنياء فال يجوز إعطاؤهم جرياً‬
‫على العادات السابقة‪ ،‬وإ نما يبحث عن المستحقين الحقيقيين الجدد‪ .‬وكذلك فإنه ال يجوز إسقاط‬
‫الدين من الزكاة مقابل الزكاة على القول الصحيح‪ ،‬فلو أن لك ألف لاير عند فقير‪ ،‬وال يستطيع‬
‫إعطاءك إياها‪ ،‬وعليك زكاة ألف لاير‪ ،‬فال يجوز أن تقول‪ :‬يا فقير سامحتك باأللف وبالتالي ليس‬
‫طهُِّر ُه ْم َوتَُز ِّكي ِه ْم بِهَا [التوبة‪:‬‬ ‫علي زكاة‪ .‬والسبب أن الزكاة أخذ وإ عطاء‪ُ :‬خ ْذ ِم ْن ِ‬
‫َأم َوال ِه ْم َ‬
‫ص َدقَةً تُ َ‬ ‫ْ‬
‫‪ ]103‬وأنت ال أخذت وال أعطيت‪ ،‬وإ نما أسقطت شيئاً بشيء‪ ،‬وكذلك فإن هذا العمل نفعت به‬
‫نفسك؛ لتحصيل مال غير متحصل‪ ،‬وال يجوز االنتفاع من إخراج الزكاة بأي شيء من الدنيا‪ ،‬ألن‬
‫هذا المال غير المتحصل دنيء‪ ،‬فكيف تفدي به ماالً عزيزاً وهو الزكاة‪ .‬فإذاً‪ ،‬احرصوا على‬
‫إخراج الزكاة بالطريقة الشرعية‪ ،‬ومن كان عنده بضاعة في المخازن استوردها وخزنها ومضى‬
‫عليها سنة وهو معدها للبيع‪ ،‬ففيها الزكاة‪ ،‬لكن لو قال‪ :‬ال أعلم ثمنها اآلن في السوق نقول‪ :‬انتظر‬
‫حتى تبيع‪ ،‬ثم أخرج الزكاة عن هذه السنة التي مضت‪.‬‬
‫عقوبة مانع الزكاة يوم القيامة‪:‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعاً أقرع) شجاع‪:‬‬
‫الحية الذكر‪ ،‬أقرع‪ :‬الذي سقط شعره من كثرة سمنه ( يفر منه صاحبه ) الذي منع الزكاة وكنـز‬
‫اب َِأل ٍيم * َي ْو َم ُي ْح َمى‬‫يل اللَّ ِه فََب ِّش ْر ُهم بِ َع َذ ٍ‬
‫ونها ِفي سبِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َواْل ِف َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ضةَ َوال ُي ْنفقُ َ َ‬ ‫ون الذ َه َ‬
‫ين َي ْكن ُز َ‬ ‫المال َوالذ َ‬
‫النفُ ِس ُك ْم فَ ُذوقُوا َما ُك ْنتُ ْم‬
‫ور ُه ْم َه َذا َما َكَن ْزتُ ْم ْ‬ ‫وبهُ ْم َوظُهُ ُ‬ ‫َعلَْيهَا ِفي َن ِار َجهََّن َم فَتُ ْك َوى بِهَا ِجَب ُ‬
‫اههُ ْم َو ُجُن ُ‬
‫ون [التوبة‪ ]35-34:‬هذا مانع الزكاة يفر من ماله يوم القيامة‪ ،‬وماله يتحول إلى ثعبان عظيم‬ ‫ِ‬
‫تَ ْكن ُز َ‬
‫سام (يفر منه صاحبه‪ ،‬فيطعمه هذا الثعبان‪ ،‬ويقول‪ :‬أنا كنـزك‪ ،‬قال‪ :‬واهلل ال يزال يطلبه حتى يبسط‬
‫يده ‪-‬حتى يحاصر الرجل وال بد له من مواجهة الثعبان‪ -‬فيبسط يده فيلقمها ‪-‬يجد نفسه مضطراً‬
‫لبسط يده لفم الثعبان‪ -‬فيلقمها فاه) رواه البخاري‪ .‬وقال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬من آتاه اهلل ماالً؛‬
‫فلم يؤد زكاته؛ مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع‪ ،‬له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه ‪-‬‬
‫َِّ‬
‫بشدقيه‪ -‬يقول‪ :‬أنا مالك‪ ،‬أنا كنـزك‪ ،‬ثم تال صلى اهلل عليه وسلم هذه اآلية‪َ (( :‬وال َي ْح َسَب َّن الذ َ‬
‫ين‬
‫ام ِة ))‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ون َما َبخلُوا به َي ْو َم اْلقَي َ‬ ‫اه ُم اللَّهُ ِم ْن فَ ْ‬
‫ضِل ِه ُه َو َخ ْيراً لَهُ ْم َب ْل ُه َو َشٌّر لَهُ ْم َسُي َ‬
‫ط َّوقُ َ‬ ‫ون بِ َما آتَ ُ‬
‫َي ْب َخلُ َ‬
‫[آل عمران‪ .)]180:‬وعن األحنف بن قيس قال‪( :‬قدمت المدينة ‪ ،‬فبينا أنا في حلقة فيها مأل من‬
‫قريش‪ ،‬إذ جاء رجل أخشن الثياب أخشن الجسد‪ ،‬أخشن الوجه‪ ،‬فقام عليهم فقال‪ :‬بشر الكانزين‬
‫برضف ‪-‬حجار محماة بالنار‪ -‬يحمى عليها في نار جنهم‪ ،‬فيوضع على حلمة ثدي أحدهم؛ حتى‬
‫يخرج من نغض كتفيه ‪-‬هذا العظم الرقيق في أعلى الكتف‪ -‬يتزلزل من األلم يقول‪ :‬فرأيت القوم‬
‫وضعوا رءوسهم فما رأيت أحداً منهم رجع إليه شيئاً) رواه البخاري ‪ .‬وعن األحنف بن قيس قال‪:‬‬
‫(كنت في نفر من قريش‪ ،‬فمر أبو ذر وهو يقول‪ :‬بشر الكانزين ‪-‬والكانز الذي ال يخرج زكاة‬
‫ماله‪ -‬بكي في ظهورهم يخرج من جنوبهم‪ ،‬وبكي من قبل أقفائهم ‪-‬من تحت‪ -‬يخرج من جباههم‪،‬‬
‫قال‪ :‬ثم تنحى فقعد‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬من هذا؟ قالوا‪ :‬هذا أبو ذر ‪ ،‬قال‪ :‬فقمت إليه‪ ،‬فقلت‪ :‬ما شيء‬
‫سمعتك تقول قبيل؟ ‪-‬قبل قليل‪ -‬قال‪ :‬ما قلت إال شيئاً قد سمعته من النبي صلى اهلل عليه وسلم) هذا‬
‫عقاب الذي ال يؤدي الزكاة‪ ،‬فأنت وشأنك يا عبد اهلل! اتق اهلل في مالك وأد الزكاة‪.‬‬

‫عاقبة إخراج الزكاة‪:‬‬


‫أيها الناس! لو أن المسلمين أخرجوا زكاة أموالهم اآلن كما يرضي اهلل عز وجل؛ من ِمن‬
‫المسلمين سيبقى فقيراً على وجه األرض؟! ولكن لما عصت هذه األمة؛ سلط اهلل علينا ذالً وهزيمة‬
‫وضعفاً‪ ،‬وحروباً وجوعاً‪ ،‬وخوفاً ومصائب ال يعلم بها إال اهلل‪ ،‬ما طبقوا الشريعة ال في أنفسهم وال‬
‫في مجتمعاتهم؛ صار أمرنا اآلن إلى ما ترون من تالعب أمم الكفر بنا‪ .‬أيها المسلمون‪ :‬عوداً عوداً‬
‫إلى الدين‪ ،‬وهذا شهر رمضان؛ فليكن شهر عودة إلى اهلل‪ ،‬وليكن شهر توبة وإ نابة‪ ،‬وتصحيح‬
‫األوضاع وتصحيح األخطاء واستدراك ما فات‪ .‬نسأل اهلل سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى أن‬
‫يجعلنا وإ ياكم من المغفورين لهم في هذا الشهر العظيم‪ .‬اللهم اغفر لنا في يومنا هذا أجمعين‪ ،‬وتب‬
‫علينا إنك أنت التواب الرحيم‪ ،‬اللهم كثرت ذنوبنا وإ سرافنا في أمرنا وتقصيرنا‪ ،‬فاغفره لنا يا رب‬
‫العالمين‪ ،‬وارزقنا التوبة واإلخالص وعبادتك كما تحب وترضى‪ .‬اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات‬
‫يوم القيامة‪ ،‬اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة‪ ،‬اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة‪.‬‬

You might also like