You are on page 1of 7

‫( التحميد في الكتاب والسنة )‬

‫عناصر الموضوع‪:‬‬
‫‪ .1‬فضل التحميد في القرآن الكريم‬
‫‪ .2‬فضل التحميد في السنة النبوية‬
‫‪ .3‬أوقات يسن فيها حمد اهلل‬
‫‪ .4‬الحث على حمد اهلل وشكره في كل وقت‬

‫التحميد في الكتاب والسنة‪:‬‬


‫لقد ورد في الكتاب والسنة فضل حمد اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬وأنه من صفات أهل الجنة عند دخولهم‬
‫جنة ربهم‪ ،‬وقد كان نبينا محمد صلى اهلل عليه وسلم يحمد اهلل في كل وقت وحين‪ ،‬وقد ورد عن‬
‫المصطفى صلى اهلل عليه وسلم ذكر أوقات يستحب فيها حمد اهلل‪ ،‬منها‪ :‬عند األكل والشرب‪ ،‬ولبس‬
‫الجديد‪ ،‬والرجوع من السفر‪ ،‬وحال الحج‪ ،‬وإ ذا جاء أمر محزن أو مفرح‪ ،‬وهكذا نحمد اهلل حتى‬
‫ننال األجر العظيم‪.‬‬

‫فضل التحميد في القرآن الكريم‪:‬‬


‫إن الحمد هلل؛ نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده‬
‫اهلل فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله‬
‫ِ‬ ‫اَّل‬ ‫الحمد وهو على كل شيء قدير‪ .‬يا َُّأيها الَِّذين آمُنوا اتَّقُوا اللَّه ح َّ ِ ِ‬
‫ق تُقَاته َوال تَ ُموتُ َّن ِإ َو َْأنتُ ْم ُم ْسل ُم َ‬
‫ون‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ق ِم ْنها َزو َجها وَب َّ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫الن ُ َّ‬ ‫[آل عمران‪َ .]102:‬يا َُّأيهَا َّ‬
‫ث‬ ‫اس اتقُوا َرَّب ُك ُم الذي َخلَقَ ُك ْم م ْن َن ْفس َواح َدة َو َخلَ َ َ ْ َ َ‬
‫ان َعلَْي ُك ْم َر ِقيباً [النساء‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَأْلر َح َام ِإ َّن اللهَ َك َ‬
‫ون بِه َو ْ‬ ‫اء َواتَّقُوا اللهَ الذي تَ َس َ‬
‫اءلُ َ‬ ‫م ْنهُ َما ِر َجاالً َكثيراً َونِ َس ً‬
‫ِ‬ ‫صِل ْح لَ ُك ْم ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َِّ‬
‫وب ُك ْم َو َم ْن‬
‫َأع َمالَ ُك ْم َوَي ْغف ْر لَ ُك ْم ُذُن َ‬ ‫آمُنوا اتَّقُوا اللهَ َوقُولُوا قَ ْوالً َسديداً * ُي ْ‬ ‫‪َ .]1‬يا َُّأيهَا الذ َ‬
‫ين َ‬
‫ُي ِط ِع اللَّهَ َو َر ُسولَهُ فَقَ ْد فَ َاز فَ ْوزاً َع ِظيماً [األحزاب‪ .]71-70:‬أما بعــد‪ :‬فإن أصدق الحديث كتاب‬
‫محدثة بدعة‪ ،‬وكل‬ ‫ٍ‬ ‫اهلل‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وشر األمور محدثاتها‪ ،‬وكل‬
‫ٍ‬
‫ضاللة في النار‪ .‬إخواني‪ :‬إن هناك أنواعاً من العبادات تفوت على المسلم مع‬ ‫ٍ‬
‫بدعة ضاللة‪ ،‬وكل‬
‫ما فيها من الفضل العظيم‪ ،‬والثواب الجزيل‪ ،‬وقد تكون في غاية السهولة‪ ،‬واهلل سبحانه وتعالى‬
‫يعطي األجر العظيم على العمل القليل‪ ،‬ألن من أسمائه (الكريم والمنان) يعطي وال ينفد ما عنده‬
‫سبحانه‪ ،‬ونحن بحاجة دائماً أن نتذكر من العبادات ما يعيننا على بلوغ الدار اآلخرة‪ ،‬والوصول إلى‬
‫بر السالمة‪ ،‬ومن أعظم األمور ذكر اهلل تبارك وتعالى‪ ،‬وذكر اهلل أنواع‪ :‬األول‪ :‬ذكر لساني يرتبط‬
‫بالقلب‪ ،‬وهذا هو ذكر اهلل‪ ،‬يرتبط بالمعاني الموجودة في القلب‪ ،‬فكل ذكر وكل نوع من هذا يجري‬
‫على لسان العبد‪ ،‬وحقيقته قائمة في قلبه‪ ،‬واهلل سبحانه وتعالى هو المحمود حقاً‪ ،‬وله الحمد في‬
‫األولى واآلخرة‪ ،‬وله الحمد فالق اإلصباح‪ ،‬وله الحمد وهو الحكيم الخبير‪ ،‬وله الحمد على ما‬
‫أعطى‪ ،‬وله الحمد على ما منع‪ ،‬وله الحمد على ما يفعل سبحانه وتعالى‪ .‬وقد حمد اهلل نفسه في‬
‫َأن اْل َح ْم ُد ِللَّ ِه‬
‫آيات كثيرة‪ ،‬وأمرنا بحمده سبحانه وتعالى‪ ،‬وأهل الجنة الذين هم أهلها آخر دعواهم‪ِ :‬‬
‫ص َدقََنا َو ْع َدهُ [الزمر‪ .. ]74:‬اْل َح ْم ُد ِللَّ ِه الَِّذي َه َد َانا‬ ‫َِّ ِ َِّ‬
‫ين [يونس‪ .. ]10:‬اْل َح ْم ُد لله الذي َ‬
‫ِ‬ ‫َر ِّ‬
‫ب اْل َعالَم َ‬
‫ب َعَّنا اْل َح َز َن [فاطر‪ .]34:‬فحمد اهلل عبادة عظيمة‪،‬‬ ‫َِّ ِ َِّ‬ ‫ِ‬
‫لهَ َذا [األعراف‪ .. ]43:‬اْل َح ْم ُد لله الذي َأ ْذ َه َ‬
‫وهي تعني رضا العبد عن أفعال ربه‪ ،‬وتعبر عن تسليم العبد لقضاء ربه‪ .‬أيها المسلمون‪ :‬الحمد هلل‬
‫تمأل الميزان‪ ،‬هذه الكلمة العظيمة في ثوابها وثقلها تمأل الميزان‪ ،‬وقد قال النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪( :‬أفضل الدعاء الحمد هلل)‪ ،‬كما قال‪( :‬أفضل الذكر ال إله إال اهلل) ونبينا صلى اهلل عليه وسلم‬
‫هو صاحب لواء الحمد يوم القيامة‪ ،‬فاهلل سبحانه وتعالى هو المحمود ُيحمد على كل شيء‪ ،‬يعطي‬
‫سيد األولين واآلخرين بيده لواء الحمد‪ ،‬فيقوم به صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬و(كان النبي عليه الصالة‬
‫استَ ْغ ِف ْرهُ [النصر‪ ]3:‬قال عليه‬ ‫ِّح بِ َح ْم ِد َرِّب َ‬
‫ك َو ْ‬ ‫والسالم يتأول القرآن‪ ،‬فلما نزل قول اهلل تعالى‪ :‬فَ َسب ْ‬
‫الصالة والسالم‪ :‬سبحانك اللهم وبحمدك ‪ .)...‬واهلل قد أمرنا أن نسبحه بحمده‪ ،‬وأن نقول‪ :‬سبحان‬
‫اهلل وبحمده‪ ،‬دائماً نحافظ على هذه الكلمات العظيمة التي يغفل عنها أهل المعصية‪ ،‬لكن المؤمن‬
‫دائماً يشتغل بذكر اهلل‪ ،‬ومن أفضله وأعظمه‪ :‬الحمد هلل‪ ،‬ألم تر أن أعظم سورة في القرآن هي‬
‫ين [الفاتحة‪،]2:‬‬ ‫ِ‬
‫ب اْل َعالَم َ‬ ‫سورة الفاتحة‪ ..‬كيف ابتدئت؟! تبتدئ بهذه الجملة العظيمة‪ :‬اْل َح ْم ُد ِللَّ ِه َر ِّ‬
‫ين [الفاتحة‪]2:‬‬ ‫ِ‬ ‫قال عليه الصالة والسالم‪( :‬أال أخبرك بأخير سورة في القرآن اْل َح ْم ُد ِللَّ ِه َر ِّ‬
‫ب اْل َعالَم َ‬
‫ين [الفاتحة‪ ]2:‬قال اهلل‪ :‬حمدني عبدي)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫إذا قال العبد‪ :‬اْل َح ْم ُد ِللَّ ِه َر ِّ‬
‫ب اْل َعالَم َ‬

‫فضل التحميد في السنة النبوية‪:‬‬


‫وقد ورد فضل هذه الكلمة العظيمة مع غيرها‪ ،‬وورد فضلها مستقالً في عدد من النصوص داللة‬
‫على أهميتها‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬خذوا جنتكم من النار‪ ،‬قولوا‪ :‬سبحان اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬وال‬
‫إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكبر‪ ،‬فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات‪ ،‬ومعقبات‪ ،‬ومجنبات‪ ،‬وهن الباقيات‬
‫الصالحات) يأتين يوم القيامة أمام الذاكر‪ ،‬ومن خلفه‪ ،‬وعن يمينه‪ ،‬وشماله يحطنه‪ ،‬هذا إكرام اهلل‬
‫للذاكر الذي يكثر من قول‪ :‬سبحان اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬وال إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكبر‪ ،‬وقد التقى نبينا محمد‬
‫صلى اهلل عليه وسلم بإبراهيم الخليل لما أسري به‪ ،‬فماذا قال له إبراهيم؟ (أقرئ أمتك السالم‪،‬‬
‫وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة‪ ،‬عذبة الماء‪ ،‬وأخبرهم أن غراسها ‪-‬غراس الجنة‪ -‬سبحان اهلل‪،‬‬
‫والحمد هلل‪ ،‬وال إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكبر) فهذه وصية من إبراهيم عليه السالم إلينا جاءتنا عبر نبينا‬
‫محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬أن نقول ذلك دائماً‪ .‬وقال عليه الصالة والسالم في الحديث الصحيح‪:‬‬
‫(إن اهلل تعالى اصطفى لكم من الكالم أربعاً‪ :‬سبحان اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬وال إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكبر‪ ،‬فمن‬
‫قال‪ :‬سبحان اهلل؛ كتبت له عشرون حسنة‪ ،‬وحطت عنه عشرون سيئة‪ ،‬ومن قال‪ :‬اهلل أكبر مثل‬
‫ذلك‪ ،‬ومن قال‪ :‬ال إله إال اهلل مثل ذلك‪ ،‬ومن قال‪ :‬الحمد هلل رب العالمين من قبل نفسه ‪-‬خالصاً‬
‫هلل‪ -‬كتب له ثالثون حسنة‪ ،‬وحط عنه ثالثون خطيئة) رواه اإلمام أحمد رحمه اهلل تعالى‪ .‬وعن أبي‬
‫مر به وهو يغرس غرساً‪ ،‬فقال‪( :‬يا أبا هريرة ! ما الذي‬
‫هريرة أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم َّ‬
‫تغرس؟ قال‪ :‬هذه غراس لي أغرسها‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم ‪-‬الرحيم بأمته الحريص على‬
‫تعليمهم‪ :-‬أال أدلك على غراس هو خير من هذا؟ قال‪ :‬أجل يا رسول اهلل! قال‪ :‬تقول‪ :‬سبحان اهلل‪،‬‬
‫والحمد هلل‪ ،‬وال إله إال اهلل‪ ،‬واهلل أكبر؛ يغرس لك بكل كلمة منها شجرة في الجنة)‪ ،‬كما قال النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬وما في شجرة في الجنة إال وساقها من ذهب)‪ ،‬وقال‪( :‬من قال‪ :‬سبحان اهلل‬
‫وبحمده؛ غرست له نخلة في الجنة)‪ .‬فاستكثروا يا أيها المسلمون من شجر الجنة‪ ،‬فما أسهل القول!‬
‫وما أسهل الفعل! وما أسهل هذا العمل! وما أعظم األجر والثواب! ما أعظم الجزاء من ٍ‬
‫رب كريم‬
‫يمن على عباده! يقول‪ :‬خذوا بال حساب‪ ،‬لكن أين العاملون؟! وأين المشمرون؟! وأين الذاكرون‬
‫اهلل كثيراً والذاكرات؟!ـ وقال عليه الصالة والسالم لـأبي أمامة معلماً إياه فضل الحمد‪ ،‬قال‪( :‬أال‬
‫أدلك على ما هو أكثر من ذكرك اهلل الليل مع النهار؟ تقول‪ :‬الحمد هلل عدد ما خلق‪ ،‬الحمد هلل عدد‬
‫ما في السماوات وما في األرض‪ ،‬الحمد هلل عدد ما أحصى كتابه‪ ،‬والحمد هلل عدد كل شيء‪ ،‬والحمد‬
‫هلل ملء كل شيء‪ ،‬وتسبح اهلل مثلهن‪ ،‬تعلمهن وعلمهن عقبك من بعدك)‪ .‬تعلمهن أيها المسلم!‬
‫وعلمهن أوالدك‪ ،‬وعقبك من بعدك‪ .‬وعندما تتجدد النعمة يجب على العبد أن يحمد ربه‪ ،‬وإ ذا علم‬
‫العبد عظم الحمد بجانب النعمة أسرع لسانه إلى الحمد‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم‪( :‬ما أنعم اهلل‬
‫على عبد نعمة‪ ،‬فحمد اهلل عليها؛ إال كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة) فالحمد هلل على ما أنعم‬
‫وها [إبراهيم‪ .]34:‬والحمد سبب لرضا الرب عن‬ ‫وعلى نعمه‪ :‬وِإ ْن تَع ُّدوا نِعم َ َّ ِ‬
‫ص َ‬‫ت الله ال تُ ْح ُ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫العبد‪ ،‬فقال عليه الصالة والسالم‪( :‬إن اهلل ليرضى عن العبد يأكل األكلة فيحمده عليها‪ ،‬أو يشرب‬
‫الشربة فيحمده عليها)‪ ،‬وقال عليه الصالة والسالم لما ُدخل عليه وبنت له تقضي قال كالماً عظيماً‪،‬‬
‫وهذه القصة صحيحة رواها ابن عباس قال‪( :‬أخذ النبي صلى اهلل عليه وسلم بنتاً له تقضي ‪-‬‬
‫تحتضر تموت‪ -‬فاحتضنها فوضعها بين ثدييه فماتت وهي بين ثدييه‪ ،‬فصاحت أم أيمن‪ ،‬فقيل‪:‬‬
‫أتبكي عند رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؟! فقالت‪ :‬أنت تبكي يا رسول اهلل! فقال‪ :‬لست أبكي إنما‬
‫هي رحمة‪ ،‬ذرفت عيناه عليه الصالة والسالم‪ ،‬وقال‪ :‬إن المؤمن بكل خير على كل حال‪ ،‬إن نفسه‬
‫تخرج من بين جنبيه وهو يحمد اهلل عز وجل) حتى آخر لحظة من الدنيا والمؤمن تخرج نفسه من‬
‫بين جنبيه وهو يحمد اهلل عز وجل‪ ،‬فهو يحمد اهلل على كل حال‪ ،‬حتى لو كانت روحه تخرج من‬
‫بين جنبيه‪ ،‬فهو ال يزال يحمد اهلل‪ ،‬لماذا؟ يحمد اهلل على الخروج من سجن الدنيا‪ ،‬ويحمد اهلل على‬
‫قضائه فيه وأنه اآلن يقبض روحه‪ ،‬فيحمد اهلل على كل شيء‪ ،‬وعلى كل مكروه‪ ،‬وعلى كل قضاء‪،‬‬
‫حتى إن المؤمن يحمد اهلل وربه يقبض روحه من بين جنبيه‪ ،‬فيحمد اهلل على قضائه فيه‪ ..‬يحمد اهلل‬
‫على لذة الحياة ونعمتها التي أفناها في طاعة اهلل‪ ،‬فهو يحمد اهلل على أنه أعطاه النعمة التي حيا بها‪،‬‬
‫فذكر ربه وعبده‪.‬‬

‫أوقات يسن فيها حمد اهلل‪:‬‬


‫حمد اهلل عند القيام من النوم والركوع وعند العطاس‪:‬‬
‫أيها المسلم‪ :‬إذا تأملت الحمد في أي شيء ورد من األذكار الشرعية لتعجبن أشد العجب من عظم‬
‫هذه الكلمة عند رب العالمين‪ ،‬وتعجب أشد العجب من شدة تفريطنا وغفلتنا عن اإلتيان بهذه الكلمة‬
‫علي روحي‪ ،‬وإ ذا رأى مبتلى قال‪ :‬الحمد هلل‬
‫دائماً‪ ،‬فعند القيام من النوم يقول‪ :‬الحمد هلل الذي رد َّ‬
‫الذي عافاني مما ابتالك به‪ ،‬يسر بها‪ .‬وعند الركوع يقول اإلمام‪ :‬سمع اهلل لمن حمده‪ ،‬فيقول‬
‫الناس‪ :‬اللهم ربنا ولك الحمد‪ ،‬ولما قال رجل‪ :‬الحمد اهلل حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه‪ ،‬تعجبت‬
‫المالئكة من هذه الكلمة‪ .‬وإ ذا عطس اإلنسان يقول‪ :‬الحمد هلل‪ ،‬والسبب‪ :‬أن العطاس من اهلل‪،‬‬
‫والتثاؤب من الشيطان‪ ،‬فإذا عطس حمد اهلل سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫حمد اهلل في أول الخطب والمواعظ وأدبار الصلوات‪:‬‬


‫كان النبي صلى اهلل عليه وسلم ما ال يحصى إذا تكلم وخطب يحمد اهلل ويثنى عليه‪ .‬كذلك بعد‬
‫الصلوات ثالثاً وثالثين تحميدة يقولها العبد‪ ،‬وكان عليه الصالة والسالم إذا أتاه األمر يسره قال‪:‬‬
‫(الحمد اهلل الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬وإ ذا أتاه األمر يكرهه قال‪ :‬الحمد اهلل على كل حال) فهو‬
‫دائماً يحمد اهلل‪.‬‬

‫حمد اهلل عند لبسه للجديد‪:‬‬


‫كان النبي صلى اهلل عليه وسلم إذا استجد ثوباً ليلبسه يقول‪( :‬الحمد اهلل‪ ،‬أنت كسوتنيه‪ ،‬أسألك من‬
‫خيره وخير ما صنع له‪ ،‬وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له) ألن الثياب فيها خير وشر‪ ،‬فقد‬
‫يختال فيها ويتكبر‪ ،‬وقد تلبس عند الفجرة ويتزين فيها‪ ،‬وقد يتبرج فيها وبالذات للنساء‪ ،‬فالمالبس‬
‫لها خير ولها شر‪ ،‬ولذلك كان عليه الصالة والسالم يقول‪( :‬أسألك من خيره وخير ما صنع له‪،‬‬
‫وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له)‪.‬‬

‫حمد اهلل بعد الطعام والشراب‪:‬‬


‫في رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حفظها‬
‫الحمد في الطعام له عبارات عجيبة خرجت من ِّ‬
‫الصحابة‪ ،‬ولو تأملت في هذه العبارات ‪-‬يا عبد اهلل‪ -‬لوجدت شاهداً على شدة حمد الرسول لربه‪،‬‬
‫وإ خالصه هلل في هذا الحمد‪ ،‬كان إذا قرب إليه طعام قال‪ :‬باسم اهلل‪ ،‬فإذا فرغ قال‪( :‬اللهم إنك‬
‫أطعمت وسقيت‪ ،‬وأغنيت وأقنيت‪ ،‬وهديت واجتبيت‪ ،‬اللهم فلك الحمد على ما أعطيت) وكان إذا‬
‫أكل أو شرب قال‪( :‬الحمد هلل الذي أطعم وسقى‪ ،‬وسوغ وجعل له مخرجاً) وكان إذا رفعت مائدته‬
‫قال‪( :‬الحمد هلل حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه‪ ،‬الحمد هلل الذي كفانا وآوانا غير مكفي‪ ،‬وال مكفور‪ ،‬وال‬
‫ٍ‬
‫مستغن عنه ربنا)‪.‬‬ ‫مودع‪ ،‬وال‬

‫حمد اهلل إذا أوى إلى فراشه‪:‬‬


‫كان إذا أوى إلى فراشه صلى اهلل عليه وسلم يتذكر نعمة اهلل عليه‪ ،‬هذا التذكر الذي نفتقده وننساه‬
‫ونغفل عنه‪ ،‬كان إذا أوى إلى فراشه قال‪( :‬الحمد هلل الذي أطعمنا وسقانا‪ ،‬وكسانا وآوانا‪ ،‬فكم ممن‬
‫ال كافي له وال مئوي له) فيحمد ربه أنه كفاه وآواه سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫حمد اهلل إذا قفل من حج أو عمرة‪:‬‬


‫وكان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر اهلل على كل شرف من األرض ثالث تكبيرات‪ ،‬ثم‬
‫يقول‪( :‬ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير‪ ،‬آيبون‪،‬‬
‫تائبون‪ ،‬عابدون‪ ،‬لربنا حامدون‪ ،‬صدق اهلل وعده‪ ،‬ونصر عبده‪ ،‬وهزم األحزاب وحده)‪.‬‬

‫حمد اهلل إذا لبى في الحج‪:‬‬


‫وفي التلبية يقول الحاج والمعتمر‪ :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك ال شريك لك لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك‬
‫ان [الرحمن‪ ]13:‬من سورة الرحمن قال كما‬ ‫َأي ِ‬
‫آالء َرِّب ُك َما تُ َك ِّذَب ِ‬ ‫والملك‪ ،‬وإ ذا مر المسلم بآية‪ :‬فَبِ ِّ‬
‫قال المسلمون من الجن‪ :‬وال بشيء من نعمك ربنا نكذب‪ ،‬فلك الحمد حتى ترضى‪ ،‬ولك الحمد إذا‬
‫رضيت‪.‬‬

‫حمد اهلل حال االستسقاء‪:‬‬


‫وفي الموقف العظيم في صالة االستسقاء فيما رواه أبو داود قال‪( :‬شكا الناس إلى النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم قحط المطر‪ ،‬فوعدهم يوماً‪ ،‬ثم خرج إلى المصلى ‪-‬لما أمر بالمنبر‪ -‬فقام عليه‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫إنكم شكوتم جدب دياركم‪ ،‬واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم‪ ،‬وقد أمركم اهلل عز وجل ووعدكم‬
‫أن يستجيب لكم‪ ،‬ثم شرع صلى اهلل عليه وسلم بدعاء ربه ‪-‬فماذا قال؟‪ -‬أول ما بدأ بالدعاء قال‪:‬‬
‫ين [الفاتحة‪ ]4-2:‬ال إله إال اهلل يفعل ما‬ ‫الر ِح ِيم * َم ِال ِك َي ْوِم ِّ‬
‫الد ِ‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬‫ين * َّ‬ ‫ِ‬ ‫اْل َح ْم ُد ِللَّ ِه َر ِّ‬
‫ب اْل َعالَم َ‬
‫يريد‪ ،‬اللهم أنت اهلل ال إله إال أنت‪ ،‬أنت الغني ونحن الفقراء‪ ،‬أنزل علينا الغيث‪ ،‬واجعل ما أنزلت‬
‫ين‬ ‫الر ِح ِيم * َم ِال ِك َي ْوِم ِّ‬
‫الد ِ‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫ين * َّ‬ ‫ِ‬
‫ب اْل َعالَم َ‬ ‫لنا قوة وبالغاً إلى حين) بدأ بـ اْل َح ْم ُد ِللَّ ِه َر ِّ‬
‫[الفاتحة‪ ]4-2:‬يقول اهلل‪ :‬هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ‪-‬ثم شرع في الدعاء‪ -‬فأنشأ اهلل سحابة‬
‫يأت مسجده حتى سالت السيول‪ ،‬فلما رأى سرعتهم إلى‬ ‫فرعدت وبرقت‪ ،‬ثم أمطرت بإذن اهلل‪ ،‬فلم ِ‬
‫البيوت ضحك صلى اهلل عليه وسلم حتى بدت نواجذه‪ ،‬فقال‪( :‬أشهد أن اهلل على كل شيء قدير‪،‬‬
‫وأني عبد اهلل ورسوله)‪ .‬فاللهم لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه‪ ،‬اللهم لك الحمد كما ينبغي‬
‫لجالل وجهك وعظيم سلطانك‪ ،‬اللهم ارض عنا وارزقنا حمدك وشكرك‪ .‬أقول قولي هذا‪ ،‬وأستغفر‬
‫اهلل فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬

‫الحث على حمد اهلل وشكره في كل وقت‪:‬‬


‫الحمد هلل على كل حال‪ ،‬والصالة والسالم على محمد واآلل‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل هو الحميد‬
‫وهو المحمود سبحانه وتعالى‪ ،‬ال إله إال اهلل يفعل ما يريد‪ ،‬وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا محمد‬
‫وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان‪ .‬أيها المسلمون‪ :‬ال تغفلوا عن حمد اهلل‪ ،‬واذكروه سبحانه‬
‫ون [البقرة‪ .]152:‬الحمد هلل على كل‬‫وتعالى دائماً‪ :‬فَا ْذ ُك ُرونِي َأ ْذ ُك ْر ُك ْم َوا ْش ُك ُروا ِلي َوال تَ ْكفُُر ِ‬
‫حال‪ ،‬فهذا فعل النبي صلى اهلل عليه وسلم وهذا قوله‪( :‬الحمد هلل على كل حال) وقد حدثنا النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم عن رجل من بني إسرائيل قال‪( :‬ألتصدقن الليلة بصدقة‪ ،‬فأخرج صدقته‬
‫فوضعها في يد سارق‪ ،‬فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على سارق‪ ،‬فلما سمع الرجل وعلم قال‪:‬‬
‫اللهم لك الحمد على سارق‪ ،‬ألتصدقن الليلة بصدقة‪ ،‬ألتصدقن الليلة بصدقة‪ ،‬فخرج بصدقته‬
‫فوضعها في يد زانية‪ ،‬فأصبحوا يتحدثون‪ :‬تصدق الليلة على زانية‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم لك الحمد على‬
‫زانية‪ ،‬ألتصدقن الليلة بصدقة‪ ،‬فخرج بصدقته فوضعها في يد غني‪ ،‬فأصبحوا يتحدثون تصدق‬
‫على غني فقال‪ :‬اللهم لك الحمد على سارق‪ ،‬وعلى زانية‪ ،‬وعلى غني‪ ،‬فأتي الرجل)‪ .‬قال العلماء‪:‬‬
‫أتي في المنام وهذه من الرؤى الصالحة‪ ،‬فقيل له‪( :‬أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن‬
‫سرقته‪ ،‬وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها‪ ،‬وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما أعطاه اهلل)‬
‫رواه اإلمام البخاري رحمه اهلل‪ .‬لما فوض الرجل ورضي بقضاء اهلل‪ ،‬وقال‪ :‬اللهم لك الحمد‪ ،‬ألنه‬
‫يحمد اهلل عز وجل على كل حال‪ ،‬فجعل اهلل لهذه الصدقات الثالث ثواباً عظيماً‪ ،‬واألمور بالظواهر‬
‫واهلل يتولى السرائر‪ ،‬ونية المتصدق تنفعه ولو وقعت في غير موقعها‪ ،‬وهذا يدل على فضل صدقة‬
‫السر‪ ،‬وبركة التسليم ألمر اهلل‪ .‬والحمد هلل على كل حال حتى على المكروهات‪ ،‬وهذه صفة‬
‫المؤمنين التي ال تكون للذين يبغضون القضاء ويعترضون عليه‪ ،‬ولذلك فإن اهلل سبحانه وتعالى‬
‫يكافئ الراضي بقضائه الحامد له على قضائه وقدره مكافأة عظيمة‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا‬
‫مات ولد العبد قال اهلل تعالى لمالئكته‪ :‬قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون‪ :‬نعم‪ .‬فيقول‪ :‬قبضتم ثمرة‬
‫فؤاده؟ فيقولون‪ :‬نعم‪ .‬فيقول‪ :‬ماذا قال عبدي؟ فيقولون‪ :‬حمدك واسترجع ‪-‬حمدك‪ :‬أي قال‪ :‬الحمد‬
‫هلل على كل حال‪ ،‬إنا هلل وإ نا إليه راجعون‪ -‬فيقول اهلل تعالى‪ :‬ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة‪ ،‬وسموه‬
‫بيت الحمد)‪ .‬فالحمد هلل أوالً وأخيراً‪ ،‬والحمد هلل ظاهراً وباطناً‪ ،‬والحمد هلل عدد كل شيء‪ ،‬والحمد‬
‫هلل ملء كل شيء‪ ،‬والحمد هلل عدد ما في السماوات وما في األرض‪ ،‬والحمد هلل على كل حال‪ ،‬ما‬
‫أصابنا من نعمة فالحمد هلل‪ ،‬وما أصابنا من نقمة وبلية وعذاب فالحمد هلل‪ ،‬الحمد هلل على ما أصاب‬
‫إخواننا المسلمين في أنحاء العالم‪ ،‬والحمد هلل على كل مصيبة وقعت بنا‪ ،‬ونحتسب أجرها عند اهلل‪،‬‬
‫وال نقول إال ما يرضي الرب‪ ،‬الحمد هلل على كل حال‪ ،‬وإ نا هلل وإ نا إليه راجعون‪ .‬فهذه العبادة‬
‫العظيمة التي نحن عنها غافلون ينبغي أن نتيقظ لها يا عباد اهلل! اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من‬
‫الذاكرين اهلل كثيراً‪ ،‬اللهم اجعلنا من الذاكرين لك كثيراً‪ ،‬واجعلنا لك شاكرين‪ ..‬لك عابدين‪ ..‬إليك‬
‫تائبين‪ ..‬إليك أواهين منيبين‪ ،‬اللهم ال تسلبنا النعمة‪ ،‬اللهم إنا نعوذ بك من تحول عافيتك‪ ،‬وفجأة‬
‫نقمتك‪ ،‬وجميع سخطك‪ ،‬اللهم ارفع الظلم عنا وعن المسلمين‪ ،‬اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً‪ .‬اللهم‬
‫أنزل علينا الغيث وال تجعلنا من القانطين‪ ،‬اللهم إنا نسألك أن تنـزل علينا غيثاً مغيثاً‪ ،‬اللهم اجعله‬
‫بالغاً لنا إلى كل خير‪ ،‬اللهم إنا نسألك أن تصلح شأننا كله‪ ،‬اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإ سرافنا في أمرنا‬
‫وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين‪.‬‬

You might also like