.1أصناف الناس في القرآن والسنة .2أصناف الناس في الدين والدنيا عند العلماء .3أقسام الناس باعتبار الحسنات والسيئات ونسبتها إلى اهلل .4أقسام الناس في المحبة والقدرة .5أقسام الناس في مسألة الغضب للرب والغضب للنفس .6أقسام الناس في مسألة العبادة واالستعانة
أي الناس أنت؟:
خلق اهلل الناس وقسمهم على الخير والشر درجات مختلفة ،وقد بين اهلل أصناف الناس في القرآن ،وذلك في مختلف المواقف ،فما عليك إال أن تتبع القرآن لتنظر من أي الناس أنت ،أو فطالع هذه المادة تفتح لك الطريق في ذلك.
أصناف الناس في القرآن والسنة:
الحمد هلل ،نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده اهلل فال مضل له ،ومن يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله إال اهلل ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبه وسلم .وبعد :فأي الناس أنت؟ هذا سؤال سألنا أنفسنا فيه :من أي أنواع الناس نحن؟ وقد ذكر اهلل عز وجل أنواعاً من الناس فقال ِ ِ َّ ِ ين [البقرة .]8:وقال آمَّنا بِالله َوبِاْلَي ْوِم اآْل خ ِر َو َما ُه ْم بِ ُمْؤ ِمن َ اس َم ْن َيقُو ُل َ الن ِسبحانهَ :و ِم َن َّ ب اللَّ ِه [البقرة ]165:وقال ون اللَّ ِه َْأن َداداً ُي ِحُّب َ ونهُ ْم َك ُح ِّ اس َم ْن َيتَّ ِخ ُذ ِم ْن ُد ِ جل وعالَ :و ِم َن َّ الن ِ الد ْنَيا َوُي ْش ِه ُد اللَّهَ َعلَى َما ِفي َقْلبِ ِه َو ُه َو َألَ ُّد ك قَ ْولُهُ ِفي اْل َحَي ِاة ُّ اس َم ْن ُي ْع ِجُب َ جل شأنهَ :و ِم َن َّ الن ِ اس َم ْن ُي َج ِاد ُل ِفي اللَّ ِه بِ َغ ْي ِر ِعْلٍم ص ِام [البقرة .]204:وقال سبحانه وتعالىَ :و ِم َن َّ الن ِ اْلخ َ ِ اس م ْن يعب ُد اللَّه علَى حر ٍ ان َم ِر ٍيد [الحج .]3:وقال جل وعالَ :و ِم َن َّ َوَيتَّبِعُ ُك َّل َش ْي َ ف الن ِ َ َ ْ ُ َ َ َ ْ طٍ ك ُه َو الد ْنَيا َواآْل ِخ َرةَ َذِل َ ب َعلَى و ْج ِه ِه َخ ِس َر ُّ َ ِ َأص َابتْهُ فتَْنةٌ ْان َقلَ َ طم َّ ِ َأن بِه َوِإ ْن َ فَِإ ْن َ َأص َابهُ َخ ْيٌر ا ْ َ ي ِفي َّ ِ آمَّنا بِالله فَِإ َذا ُأو ِذ َاس َم ْن َيقُو ُل َ الن ِ ين [الحج .]11:وقال سبحانهَ :و ِم َن َّ ان اْل ُمبِ ُ اْل ُخ ْس َر ُ اب اللَّ ِه [العنكبوت .]10:وقال جل وعالَ :و ِم َن َّ الن ِ اس َم ْن َي ْشتَ ِري اس َك َع َذ ِ الن ِاللَّ ِه َج َع َل ِفتَْنةَ َّ يل اللَّ ِه [لقمان .]6:وهناك في الجانب المقابل يقول اهلل جل وعال: ض َّل َع ْن سبِ ِ َ يث ِلي ِِ ِ لَ ْه َو اْل َحد ُ ِ و ِم ْنهُ ْم َم ْن َيقُو ُل َرَّبَنا آتَِنا ِفي ُّ الن ِار [البقرة..]201: اب َّ الد ْنَيا َح َسَنةً َو ِفي اآْل خ َر ِة َح َسَنةً َو ِقَنا َع َذ َ َ وف بِاْل ِعَب ِاد [البقرة ]207:إذاً هناك ات اللَّ ِه َواللَّهُ َرُؤ ٌ اس م ْن ي ْش ِري َن ْفسه ْابتِ َغاء مرض ِ َ َْ َ َُ الن ِ َ َ َو ِم َن َّ من الناس ألوان وأنواع وأصناف وأجسام وأشكال ذكرها اهلل عز وجل في كتابه ،وهذا التنويع في الناس يجعلنا نلتفت -أيها اإلخوة -إلى هذه األقسام ،ثم نحن نتعرف على حال أنفسنا من خالل هذه األقسام المذكورة في الكتاب والسنة .فمثالً :اهلل -سبحانه وتعالى -قال: ظ ِالم ِلَن ْف ِس ِه و ِم ْنهم م ْقتَ ِ ص ٌد َو ِم ْنهُ ْم َسابِ ٌ ق ثَُّم َأورثَْنا اْل ِكتَاب الَِّذين اص َ ِ ِ ِ ِ َ ُْ ُ طفَْيَنا م ْن عَبادَنا فَم ْنهُ ْم َ ٌ َ ْ َ َْ ات [فاطر ]32:فجعل اهلل -سبحانه وتعالى -األمة على هذه األصناف الثالثة، بِاْل َخ ْير ِ َ فالمسلم الذي لم يقم بواجب اإليمان هو الظالم لنفسه ،والمقتصد :هو الذي يؤدي الواجبات ويترك المحرمات ،والسابق بالخيرات :هو المحسن الذي يعبد اهلل كأنه يراه فيزيد في المستحبات ويتقرب إلى اهلل بالنوافل باإلضافة للفرائض ..فهذه ثالثة أقسام -أيضاً -من ظ ِال ٌم ِلَن ْف ِس ِه الناس ذكرها ربنا عز وجل ،قسم هذه األمة إلى هذه األقسام الثالثة :فَ ِم ْنهُ ْم َ ات [فاطر .]32:وقد ذكر لنا النبي صلى اهلل عليه وسلم ق بِاْل َخ ْير ِ و ِم ْنهم م ْقتَ ِ ص ٌد َو ِم ْنهُ ْم َسابِ ٌ َ َ ُْ ُ سراً من األسرار في أصل تكوين الناس وأصل خلقتهم ،وكيف كان هناك ارتباط بين أصل الخلقة والتكوين من تربة األرض وبين الطبائع والدين الموجود في النفوس ،فقال عليه الصالة والسالم في هذا الحديث( :إن اهلل عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع األرض ،فجاء بنو آدم على قدر هذه القبضة المأخوذة من جميع األرض ،جاء منهم األبيض، واألحمر ،واألسود -هذا من جهة األلوان :جاء من الناس أبيض وأحمر وأسود -وبين ذلك، والخبيث ،والطيب ،والسهل ،والحزن وبين ذلك ،فهذه القبضة التي أخذها ربنا من جميع األرض جاءت فيها اختالف األلوان والطباع) .يقول المبارك فوري في شرح الحديث :هذه الثالثة هي أصول األلوان ،وما عداها مركب منها ،هذه الثالثة أصول األلوان :األبيض، واألحمر ،واألسود ،واأللوان األخرى إذا خلطت بنسب مختلفة جاءت األلوان األخرى .ثم بالنسبة للطبائع قال :وجاء منهم السهل :اللين ،والحزن :الصعب الشرس الغليظ ،والخبيث: خبيث الخصال ،والطيب :بحسب األرض التي خلقوا منها ،لوناً وطبعاً وخلقاً ،وهكذا تجد الناس باختالف الطبائع يرجع اختالف طبعهم إلى اختالف األرض ،هناك أرض سبخة مالحة ما ينبت فيها شيء ،وهناك أرض صخرية ليس فيها أي لين وال سهولة ،وهناك أرض لينة طيبة ،وهكذا نفوس الناس من هذه القبضة ،وهذا سر من األسرار وقد اطلعنا عليه من حديث النبي صلى اهلل عليه وسلم .وكذلك فإنه عليه الصالة والسالم قد أخبرنا عن أنواع من الناس من جهة عطاء الدنيا واآلخرة فقال في حديث اإلمام أحمد ( :الناس أربعة ،واألعمال ستة ،فالناس :موسع عليه في الدنيا واآلخرة ،وموسع له في الدنيا مقصور عليه في اآلخرة، ومقصور عليه في الدنيا موسع عليه في اآلخرة ،وشقي في الدنيا واآلخرة) أي :ال دين وال مال .وأما األعمال فقد قال عليه الصالة والسالم( :األعمال موجبتان ،ومثل بمثل ،وعشرة أضعاف ،وسبعمائة ضعف .فالموجبتان :من مات مسلماً مؤمناً ال يشرك باهلل شيئاً فوجبت له الجنة -وما هي الموجبة الثانية؟ -من مات مشركاً باهلل عز وجل كافراً وجبت له النار، ومن هم بحسنة لم يعملها علم اهلل أنه قد أشعرها قلبه وحرص عليها كتبت له حسنة ،ومن هم بسيئة لم تكتب عليه ،ومن عملها كتبت واحدة ولم تضاعف عليه ،ومن عمل حسنة كانت له بعشر أمثالها ،ومن أنفق نفقةً في سبيل اهلل كانت له بسبعمائة ضعف) .اآليات واألحاديث تتكلم عن أنواع من الناس ،تقسم الناس إلى أنواع باعتبارات مختلفة ،وهذا التقسيم -أيها اإلخوة -يفيدنا في فهم الطبائع واألحوال ،حتى إذا عرضنا أنفسنا عليها عرفنا أين نحن؟ ما هو نوعنا؟ ما هو جنسنا نحن؟
أصناف الناس في الدين والدنيا عند العلماء:
بالرجوع إلى كالم العلماء -أطباء النفوس -يتبين أن هناك أنواعاً -أيضاً -من الناس باعتبارات كثيرة ،ومن هؤالء العظماء :شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل وتلميذه ابن القيم ، اخترت لكم من كالمهما هذه األنواع :الناس في الدين والدنيا أقسام ،يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل :منهم أصحاب دنيا محضة ما عندهم إال الدنيا ،أما اآلخرة فهم معرضون عنها وليس لهم في اآلخرة نصيب ،ما لهم نصيب إال في الدنيا ،ومنهم أصحاب دين فاسد وهم الكفار والمتبعة الذين يتدينون بما لم يشرعه اهلل من أنواع العبادات من جنس الصابئة و الهند وغيرهم .الشيخ العالم /محمد أمين المصري رحمه اهلل ،ذهب يدرس في بريطانيا فنزل في عمارة وسكن فيها ،وكان له جار بروفيسور هندوسي ،فاشترى الشيخ لحماً لبيته -لحم بقر مفروماً -فلما جعله على النار يطبخه مر ذلك الجار به وهو يطبخ اللحم ،فنظر إليه فذرفت عيناه وجعل يبكي ،فتعجب وقال :ما لك؟ ما الذي يبكيك؟! قال :ال تدري لماذا أبكي؟ قال :ال ،لحم مفروم يطبخ ..قال :إني أرى إلهي يقلى في المقالة وال أبكي؟!! ألنه هندوسي من عباد البقر ..هذا شغلهم .وبعض هؤالء يتدينون بترك اللحم ،من هذه التدينات من جنس تدين الرهبان ما أنزل اهلل بها من سلطان كما يقول شيخ اإلسالم رحمه اهلل :مثل بعض الجهال يمزح يقول :فالن ما نكح وال ذبح .يعني :أنه زاهد في الدنيا ،ال زواج وال لحم، وهذا زهد فاسد؛ ألن هدي النبي صلى اهلل عليه وسلم( :أتزوج النساء ،وآكل اللحم ،فمن رغب عن سنتي فليس مني) .فإذاً قال :الناس في مسألة الدين والدنيا أقسام :منهم أصحاب دنيا محضة ،غارقون في الدنيا يعبدون الدرهم والدينار فقط ،ومنهم أصحاب دين فاسد ،مثل هؤالء الهندوس وغيرهم ،وقسم ثالث وهم :أهل الدين الصحيح ،أهل اإلسالم المستمسكون بالكتاب والسنة والجماعة ،إمامهم محمد صلى اهلل عليه وسلم ،والحمد هلل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لوال أن هدانا اهلل.
أقسام الناس باعتبار الحسنات والسيئات ونسبتها إلى اهلل:
تقسيم آخر للناس باعتبار الحسنات والسيئات ونسبتها إلى اهلل عز وجل ،الناس -أيضاً- يتفاوتون ،يقول شيخ اإلسالم :فشرهم الذي إذا أساء أضاف ذلك إلى القدر ،واعتذر بأن القدر سبق ذلك وأنه ال خروج له عن القدر ،فركب الحجة على ربه في ظلمه لنفسه ،وإ ن أحسن أضاف ذلك لنفسه ونسي نعمة اهلل في تيسيره لليسرى ،فإذا عصى قال :شيء مقدر ومكتوب ،ولماذا تلومونني على ما قدر اهلل علي من المعصية؟ وإ ذا أحسن قال :أنا فعلت ،أنا ..أنا ...ولم ينسب إلى اهلل أن يسره لهذا العمل ،يسره لليسرى ،كما قال الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي :أنت عند الطاعة قدري ،وعند المعصية جبري ،أي مذهب وافق هواك تمذهبت به .اآلن لو أن شخصاً أعطى شخصاً ماالً لكي يضارب به قال :هذه مائة ألف شغلها لي .جاء في آخر السنة قال :يا فالن المبلغ خسر .قال :ماذا؟! قال :واهلل قضاء وقدر .ماذا سيفعل؟ يناقشه ،تعال ..قضاء وقدر! ماذا فعلت ،ولماذا خسرت؟ رجل أعطى شخصاً من رأس ماله يفتح متجراً ،كل يوم يمر أمام المتجر ،ومرة جاء الشخص متأخراً قال :اليوم شمسك مرتفعة .يعني :معناها أنك متأخر عن المتجر -فتحه متأخراً -فإذا جاءه في الدنيا ال يقبل قضاء وال قدراً ،ال ،يناقشه في قضية األسباب ولماذا ما فعل كذا؟ ولماذا ما فعل كذا؟ وإ ذا صارت المعصية قال :قضاء وقدر! تلومونني على القضاء والقدر؟ فهؤالء شر الناس .قال :وخير األقسام -وهو القسم المشروع الذي جاءت به الشريعة -إذا أحسن شكر نعمة اهلل عليه ،وحمده إذا أنعم عليه أن جعله محسناً ولم يجعله مسيئاً ،فإنه فقير محتاج إلى اهلل ،وإ ذا أذنب تاب واستغفر ،وهذا هو حال المؤمن.
أقسام الناس في المحبة والقدرة:
تقسيم آخر :الناس في المحبة والقدرة -يقول شيخ اإلسالم -أقسام :فمنهم من لهم قدرة وإ رادة قوية ،عندهم عزم وتصميم وجهد كبير ،لكنهم -قال شيخ اإلسالم -يستعملون جهدهم وطاقتهم ال في سبيل اهلل بل في سبيل آخر ،إما محرم كالفواحش ما ظهر منها وما بطن ،واإلثم والبغي بغير الحق ،واإلشراك باهلل ،وإ ما في سبيل ال ينفع عند اهلل مما جنسه مباح ال ثواب فيه ،لكن الغالب أن مثل هذا كثيراً ما يقترن به ما يجعله في سبيل اهلل أو في سبيل الشيطان ،أي :مباح ال ثواب فيه وال عقاب ،ال يستمر ،ال يصفو إما أن يصير في النهاية إلى طاعة اهلل وإ ما إلى معصيته .فيقول شيخ اإلسالم :هناك أناس عندهم قدرة، وإ رادة ،وعمل ،وعزيمة قوية؛ لكن يسخرونها في الشر ،أو في مباحات ليس منها نتيجة في اآلخرة ،وال فائدة له قال :ومن الناس مؤمن قوي ،قوم لهم إرادة صالحة ،ومحبة كاملة هلل، فهؤالء سادة المحبين المحبوبين المجاهدين في سبيل اهلل ،ال يخافون لومة الئم ،كالسابقين األولين من المهاجرين واألنصار الذين عملوا مع النبي صلى اهلل عليه وسلم في رفعة شأن الدعوة ،والذين جاهدوا ،وعملوا هلل تعالى ،وحملوا راية اإلسالم ،دعوا إلى اهلل ،فتحوا البالد، ذهبوا شرقاً وغرباً ،ضحوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اهلل ،عندهم همة وعمل وجهد فرغوه، وأين وضعوه؟ وضعوه لنصرة دين اهلل عز وجل .قال :والقسم الثالث :قوم فيهم إرادة صالحة ومحبة هلل ،لكن قدرتهم ناقصة ،من ناحية القدرة على نصرة الدين ناقصة ،لكن نيته طيبة ،عنده إرادة حسنة .قال :هؤالء يأتون بمحبوبات الحق من مقدورهم لكن قدرتهم قاصرة ،وما زال في المؤمنين على عهد النبي صلى اهلل عليه وسلم ومن بعده من هؤالء خلق كثير ،منهم الذين قال النبي صلى اهلل عليه وسلم فيهم( :إن بـالمدينة رجاالً ما سرتم مسيراً وال سلكتم وادياً إال كانوا معكم وهم بـالمدينة ،قالوا :وهم بـالمدينة؟! قال :هم بـالمدينة حبسهم العذر) وهؤالء لهم فائدة عظيمة وهي التي قال النبي صلى اهلل عليه وسلم فيها: (وهل تنصرون وترزقون إال بضعفائكم) .هتلر كان عنده مبدأ ،هتلر يقول :كيف يكون في المجتمع أناس أصحاب عاهات؟ أي :صاحب عاهة البد أن نعدمه ،نقتله؛ ألنه عالة على المجتمع ،فنخلص من ميزانية العجزة الكبار والمرضى !..هؤالء النبي صلى اهلل عليه وسلم والمبدأ اإلسالمي ماذا يقول فيهم؟ (هل تنصرون وترزقون إال بضعفائكم؟) هذه النوايا الحسنة التي عند هؤالء لها فائدة عظيمة في المجتمع ،تمكين النصر ،النصر يأتي من اهلل لسببين :بسبب الضعيف الخيِّر ،هذا الضعيف الخيِّر ،أما الذي يالم من هو؟ الذي عنده مشكلة في نيته أو عنده قدرة على نصرة الدين وال ينصره ،عنده قدرة وال يستعملها.
أقسام الناس في مسألة الغضب للرب والغضب للنفس:
تقسيم آخر :الناس أنواع في مسألة الغضب للرب والغضب للنفس ،قال شيخ اإلسالم رحمه اهلل :والناس في هذا المقام أربعة أقسام :منهم من يغضب لربه ال لنفسه وهذا أعلى نوع، ومنهم بالعكس يغضب لنفسه وال يغضب لربه ،ومنهم من يغضب لهما -يغضب هلل ويغضب لنفسه -ومنهم الذي ما من ورائه رجاء ،ال يغضب لنفسه وال لربه .قال :فأعالهم حال النبي صلى اهلل عليه وسلم ومن اتبعه ،يصبرون على أذى الناس ويجاهدون في سبيل اهلل، وينتقمون هلل ال لنفوسهم ،ويعاقبون هلل ال ألشخاصهم ،وهكذا في جهاد الكفار وإ قامة الحدود. قال شيخ اإلسالم :وأدناهم عكس هؤالء ،يغضبون وينتقمون ويعاقبون لنفوسهم ،إذا أخذت رياالً من دراهمه ثارت ثورته ،إذا آذيت ولده ثارت ثورته ،ولكن إذا انتهكت محارم اهلل؟ قال شيخ اإلسالم :فإذا أوذي أحدهم أو خولف هواه غضب وانتقم وعاقب ،ولو انتهكت محارم اهلل أو ضيعت حقوقه لم يهمه ذلك ،وهذا حال الكفار والمنافقين .وأما الذي ال يغضب ال هلل وال لنفسه فهذا إنسان جبان ضعيف ،خائر القوى ،ال دين وال دنيا ،ال عنده قدرة في االنتصار للدين وال في االنتصار للنفس ،ومن الناس من تجده يغضب لنفسه ويغضب لربه لكن ما هو األفضل؟ أن اإلنسان يسامح في حق نفسه وال يسامح في حق الدين ،إذا انتهكت حرمات الدين يقوم هلل ،إذا اعتدي عليه هو يسامح في حق نفسه وأجره على اهلل ..فَ َم ْن َعفَا َأج ُرهُ َعلَى اللَّه [الشورى .]40:قريب منه -أيضاً -تقسيم آخر ذكره رحمه اهلل في َأصلَ َح فَ ْ َو ْ موضع آخر في مسألة االنتقام ،وأن النبي صلى اهلل عليه وسلم ما قال ألنس عشر سنين: (أف) أبداً ،وال قال له لشيء فعله :لم فعلته؟ وال لشيء لم تفعلهِ :ل َم لم تفعله؟ مع أنه خادم عنده .أيها اإلخوة ..هذه قضية صعبة جداً ،شخص عنده خادم ،تصور أن عندك خادمة في البيت عشر سنوات ال تقول لها :لماذا لم تعملي كذا؟ لماذا عملت كذا؟ انظروا !..هذا أنس خدم عند رسول اهلل عشر سنوات ما قال له لشيء فعله :لم فعلت؟ ولشيء ما فعلهِ :ل َم ْلم تفعله؟ وهذه قدرة عجيبة على ضبط النفس تخلق بها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم.
أقسام الناس في مسألة العبادة واالستعانة:
تقسيم آخر في مسألة العبادة واالستعانة :يقول شيخ اإلسالم رحمه اهلل :الناس في عبادتهم واستعانتهم على أربعة أقسام :فالمؤمنون المتقون له وبه ،أي :العبادة له -هلل -واالستعانة بمن؟ باهلل ،هذا معنى :له وبه ،هؤالء المؤمنون المتقون له وبه ،يعبدونه ويستعينون به، وطائفة تعبده من غير استعانة وال صبر ،فتجد عند أحدهم تحرياً للطاعة والورع ولزوم السنة ،انظر هذه نوعية موجودة من الناس ،لكن أحياناً ما نتفطن ،وما نربط األشياء ببعضها ربطاً جيداً ،يقول شيخ اإلسالم :هناك أناس عندهم ٍ تحر للطاعة والورع ولزوم السنة ،لكن ليس لهم توكل واستعانة وصبر بل فيهم عجز وجزع ،أي :أنك قد تجد شخصاً في الصف األول في صالة الفجر في المسجد ،ويجلس إلى طلوع الشمس ،ويصلي الضحى ،ويأتي باألذكار واألدعية وقراءة القرآن واألوراد والمحافظة عليها وعبادات ،لكن إذا مات ولده سقط وانهار ..انهار!! إذا صار لزوجته حادث انهار! إذا ذهب ماله انهار! يعني :عنده عبادة لكن ليس عنده صبر وتوكل ،فهذا الشخص إذاً هو ناقص من هذه الجهة .وطائفة ثالثة فيها االستعانة والتوكل والصبر لكن على غير استقامة وال متابعة للسنة ،عندهم صبر وعندهم االستعانة لكن على غير متابعة للسنة ،ولذلك تجد بعض الكفار إذا مات ولده يتجلد ويصبر لفقد الولد ،ويوجد شخص مؤمن يموت ولده وال يصبر ..لماذا؟ هذا الكافر عنده صبر وتجلد لكن ال يؤجر عليه؛ ألنه لم يفعله هلل
أريهم أني لريب الدهر ال أتضعضع:
ُ وتجلدي للشامخين دخلوا عليه فتجلد عند المصيبة ،قالوا :لماذا تجلدت؟ ما شاء اهلل صبرت ،قال :من أجل أال يشمت الناس بي .ما صبر هلل ،فيوجد أناس عندهم صبر وعندهم -كما يقولون -صبر كصبر الحمار ،لكن ليس هلل ،فهناك أناس عندهم صبر وتجلد لكن ما عندهم لزوم السنة وال استقامة على الدين ،توجد نماذج من هذا في المجتمع؟ موجودة ،ما يقوله شيخ اإلسالم موجود ،بعض الكفار عنده قلب أجرأ من بعض المسلمين ،وبعض الناس عندهم توكل في المعصية ،شخص ذهب لبلد من بالد الفحش يفعل الفاحشة ،فواحش ،جاء شخص وقال له :يا أخي ..اتق اهلل ،وهذه فيها أمراض ،فيها أشياء يصيبك إيدز ،يصيبك مرض وبالء .قال :أنا ب اللَّهُ لََنا [التوبة ]51:أنا ذاهب ،لن يصيبني إال المقدور، ِ متوكل ..لَ ْن ُيص َيبَنا ِإاَّل َما َكتَ َ وهذا شيء مكتوب ،وإ ذا عزمت فتوكل على اهلل ،فبعض الناس -ذكر شيخ اإلسالم رحمه اهلل في كالم له -آخر قضية توكل بعض قطاع الطرق ،إن بعض قطاع الطرق عندهم توكل ٍ ومفازات ،ويقطعون صحاري ٍ عقبات وأخطاراً عجيب ،وأنهم بسبب هذا التوكل يتجاوزون وينجون ويسلمون ويسرقون ويهربون ،عندهم هذه القضية ،لكن على ماذا؟ على إجرام، وعلى فساد .فالمقصود :ال نستغرب إذا وجدنا تجلداً وصبراً عند أهل المعاصي ،وبعض هؤالء عندهم توكل في األشياء وهم على جريمة ،وينجحون في أشياء بسبب ما عندهم من هذه االستعانة وهذا التوكل ،وقد يكونون من أصحاب البدع ،كثير منهم أصحاب بدع لكن عندهم توكل ،لكن على بدعة .فإذاً من هم الطائفة؟ ومن هو القسم الناجي؟ ومن هو الذي ك َنعب ُد وِإ َّي َ ِ ِإ ين [الفاتحة: اك َن ْستَع ُ عنده االستعانة والتوكل مع العبادة والطريقة الصحيحةَّ ،يا َ ْ ُ َ ]5؟! من كان على سنة محمد صلى اهلل عليه وسلم لكن بصبر واستعانة وتوكل.