Professional Documents
Culture Documents
مقدمة:
يشكل العنصر البشري حجر الزاوية داخل أي إستراتيجية تحديثية تستهدف الرفع من أداء الجهاز اإلداري
وتقوية كفاءته ،لذلك فإن رصد المظاهر السلبية في تدبير وتقويم المورد البشري يعد الزما قبل البدء في أي
عمل تحديثي بغية دفعه إلى االنخراط والمساهمة فيه[.]1
من هذا المنطلق ،فإن فعالية وأداء اإلدارة مرتبطان أوثق االرتباط بمستوى مردودية العنصر البشري المكون
لها ،فالموارد البشرية تعد ركيزة أساسية للنهوض باإلدارة وتأهيلها لالندماج في محيطها االجتماعي
واالقتصادي ،ومن تم المساهمة في رفع التحديات التي تفرضها العولمة والتنافسية الدولية[.]2
بطبيعة الحال ،وما دام موضوع تدبير الموارد البشرية يشمل المسار المهني للموظف بشكل عام ،بدءا من
التعين في منصب قار والترسيم في إحدى رتب السلم الخاص بأسالك اإلدارة ،وانتهاءا بما يسمى بالخروج عن
العمل أو مغادرتها ،ونظرا لتطرق العروض السابقة لجميع المراحل والمحطات التي يمر منها الموظف داخل
مساره المهني ،باستثناء المرحلة األخيرة تحت مسمى الخروج عن الوظيفة ،سنقف بدورنا عندها وفحص
محتواها ومدلوالتها.
فالمقصود بالخروج عن الوظيفة /العمل يعني إنهاء الموظف العمومي لخدمته لسبب من األسباب التي حددها
المشرع على سبيل الحصر وهي :االستقالة ،اإلعفاء ،العزل ،واإلحالة على التقاعد.
وعلى هذا األساس ،تتجلى أهمية الموضوع من خالل المكانة الراهنة للخروج من العمل /الوظيفة ،ارتباطا بما
يطرحه تعدد وارتفاع العنصر البشري داخل اإلدارة المغربية من ارتفاع كتلة األجور وإنهاك لميزانية الدولة.
إلى أي حد يمكن الحديث عن مرونة وسالمة المقتضيات القانونية المتعلقة بالخروج عن الوظيفة العمومية وما
مدى مساهمة تجربة المغادرة الطوعية في تحديث وعقلنة تدبير الموارد البشرية؟
المبحث األول:
تشخيص الوضعية الراهنة للخروج من الوظيفة
إن الحديث عن تشخيص وضعية الخروج Sمن العمل/الوظيفة ،تقودنا بداية إلى معرفة اإلطار القانوني المنظم له
(مطلب أول) ،ثم بعد ذلك الوقوف عند واقع الممارسة (مطلب ثان).
كما يجوز لنا أن نضيف حالة أخرى والمتمثلة أساسا في الوفاة بالرغم من عدم التنصيص عليها في القانون
المنظم للوظيفة العمومية.
وتظل هذه االستقالة بدون أثر قانوني ،إال إذا وافقت عليها السلطة اإلدارية المختصة التي لها حق التسمية،
ويسري مفعولها ابتداء من التاريخ التي تحدده هذه السلطة.
ويتعين على هذه األخيرة ،أن تصدر مقررها في أجل شهر واحد ابتداء من تاريخ توصلها بطلب االستقالة،
وفي حالة عدم اإلجابة من طرف اإلدارة بعد نفاذ هذه المدة ،فإنه يعتبر بمثابة قبول ضمني لالستقالة.
غير أنه في حالة ما إذا توقف الموظف المعني عن عمله بمجرد تقديم طلب استقالته ،وقبل موافقة السلطة
المختصة أو انقطع عن عمله قبل التاريخ المحدد له ،فإنه يمكن أن تتخذ في حقه عقوبة تأديبية.
بطبيعة الحال ،ففي حالة عدم قبول طلب استقالة الموظف ،فإنه يجوز للمعني باألمر أن تحيل القضية على
اللجنة اإلدارية المتساوية األعضاء ،التي تبدي رأيا معلال باألسباب وتوجهه إلى السلطة ذات النظر[.]5
vاإلعـفـاء:
يقصد باإلعفاء استغناء اإلدارة عن الموظف العمومي بصفة نهائية ،وإجماال فإنه يمكن إعفاء الموظفين من
وظائفهم في الحاالت التالية:
بسبب تخفيض المناصب المالية بموجب ظهائر خاصة تنص على تخفيض من عدد موظفي اإلدارات
العمومية ،ولإلشارة فهذه الحالة لم تتحقق لحد اآلن[.]6
باإلضافة إلى ذلك فإنه ال يمكن تسريح موظفين إال بعد إعالمهم مسبقا بذلك ومنحهم تعويضات عن هذا
اإلعفاء.
يمكن إصدار قرار اإلعفاء في حق الموظفين الموجودين في وضعية االستيداع الذين لم يطالبوا بإعادة
إدماجهم بأسالك إدارتهم في األجل القانوني المحدد لهم ،أو عند رفضهم المنصب المسند إليهم بعد إعادة
إدماجهم ،وذلك بعد استشارة اللجنة اإلدارية المتساوية األعضاء المختصة.
في حالة ثبوت فقدان الكفاءة المهنية لموظف وتعذر إدراجه في أسالك اإلدارة أخرى ،فإما بعض من
مهامه إذا لم يكن الحق في التقاعد أو يتم إحالته على التقاعد إذا كان يتوفر على الشروط النظامية.
إذا ثبت عدم توفر الكفاءة المهنية لموظف متمرن عند نهاية السنة الثانية من التمرين ،فإنه يتم إعفاؤه من
وظيفته بصفة تلقائية.
في حالة ترك الوظيفة بدون عذر مقبول أو إذن مسبق ،يوجه رئيس اإلدارة إنذار إلى الموظف المتغيب
قصد استئناف عمله يحيطه فيه باإلجراءات التي يمكن أن يتعرض لها في حالة رفضه التحاقه بعمله[.]7
vالـعـزل:
ينقسم العزل إلى ثالثة أنواع :العزل التأديبي ،والعزل غير التأديبي أو ما يسمى بالفصل غير التأديبي أو
التحكمي أو اإلداري أو السياسي ،وكذا العزل ألسباب صحية الذي يحق فيه لإلدارة فصل الموظف العمومي
من الخدمة إذا ثبت عدم لياقته صحيا لالستمرار في خدمتها .وعلى هذا األساس ،ولتجاوز اإلدارة الشطط في
استعمال هذا الحق ،فهي تخضع للرقابة القضائية ،للتحقيق من جدية األسباب الصحية التي بني عليها قرار
الفصل[.]8
vاإلحالة على التقاعد:
تقبل إحالة الموظف العمومي على التقاعد بطلب منه أو بصفة حتمية ،وذلك طبقا للشروط المقررة في التشريع
الخاص برواتب التقاعد ،وتتم اإلحالة على التقاعد في الحاالت التالية ،وهي :بلوغ المعني باألمر سن التقاعد،
عدم قدرته البدنية ،بموجب عقوبة تأديبية ،أو لعدم الكفاءة المهنية[.]9
ولإلشارة فإننا لم نقم بتحصيل هذه النقطة ،نزرا إلدراج عرض خاص بالتقاعد ضمن محاور هذه المادة.
vالـوفـاة:
تعتبر الوفاة السبب الطبيعي إلنهاء عالقة الموظف العمومي بالدولة ،وهو سبب خارج عن إرادة كل من
الموظف نفسه والدولة ،وتبعا لذلك فإن العالقة الوظيفية تنتهي لتنشأ عالقة أخرى من نوع معين ،وهي عالقة
ما بين الدولة وذوي حقوق الموظف المتوفى في صرف كافة مستحقات ذلك الموظف إن كان له الحق في ذلك[
.]10
المطلب الثاني :واقع الخروج من الوظيفة بالمغرب
من الصعوبة بمكان الحديث عن الخروج عن العمل من الناحية الممارستية والعملياتية في المغرب ،وذلك نظرا
لصعوبة تفعيله على أرض الواقع ،اللهم إذا كان ناتج عن حالة الوفاة ،وذلك من منطلق المسلمات واألوضاع
التي تعرفها منظومة التوظيف التشغيل ببالدنا (كثرة البطالة ،صعوبة الحصول على العمل…).
من هذا المنطلق ،يمكن القول بأن تفعيل الحاالت التي حددها المشرع في النظام األساسي العام للوظيفة
العمومية السالفة الذكر في المطلب األول -تصطدم بصعوبات جمة ،أو أن اإلدارة تستعملها بشكل غير ذلك
المنصوص عليه في القوانين واألنظمة.
فبالرجوع إلى االستقالة التي يقدمها الموظف بمحض إرادته رغبة منه بالخروج Sعن العمل ،نجدها إلى حد ما
من الناحية الممارستية تجد إكراهات وصعوبات في أجرتها ،خصوصا إذا كان الموظف (ة) المعني يشتغل في
بعض المناصب الحساسة أو التقنية التي تعرف الخصاص بشأنها.
إذ أن اإلدارة في هذه الحالة "تبقى لها السلطة التقديرية في قبول أو عدم قبول رغبته ،وذلك تبعا لما تقتضيه
المصلحة العامة"[.]11
وبالنسبة لإلعفاء كإجراء من اإلجراءات التي تتخذها اإلدارة في حق موظفيها ومن تم االستغناء عنهم ،يجوز
لنا القول بأنه بالرغم من تنصيص القانون على هذه اإلمكانية خاصة فيما يتعلق بإصدار ظهائر شريفة يمكن من
خاللها تخفيض من عدد موظفي األسالك ،نجد هذا المقتضى لم يتحقق لحد اآلن[.]12
بطبيعة الحال ،وتبقى تقنية العزل من أخطر اإلجراءات التي يمكن أن يتعرض لها الموظف (ة) إلنهاء عمله،
ألنه من الناحية العملية يمكن لإلدارة أن تتعسف في استعمال هذا الحق ،أو أن تتخذه العتبارات أخرى.
وعلى هذا األساس ،فالعزل غير التأديبي مثال أو ما يسمى بالفصل التحكيمي أو اإلداري أو السياسي ،تعترف
به قوانين بعض الدول لرئيس الدولة أو للحكومة إذا قدرت أن الصالح العام يقتضي ذلك ،وذلك دون أن يكون
الموظف قد ارتكب خطأ محددا يستحق عنه العقاب.
ولما كان هذا النوع من العزل يحتوي على خطورة كبيرة في كون الموظف يفصل دون تحقيق أو محاكمة فإن
قوانين بعض الدول كفرنسا مثال تقتصر إمكانية الفصل بغير الطريق التأديبي على الموظفين الذين يعينون
بمرسوم ،وهم كبار الموظفين أو القادة أو القادة اإلداريين .نظرا ألن وظائفهم تستلزم تمتعهم الدائم بثقة
الحكومة ،كما أن قوانين بعض الدول تحدد الحاالت التي يجوز فيها الفصل بغير الطريق التأديبي رغم عدم
قصره على كبار الموظفين[.]13
كما ال تفوتنا اإلشارة إلى أن اإلحالة على التقاعد خاصة النسبي ،ال يفعل عادة من الناحية العملية علما إذا كان
الموظف (ة) بسيطا أي إذا كان ينتمي إلى ساللم األجور المتوسطة ،ولعل السبب في ذلك يكمن في نظرنا في
الصعوبات والتحديات التي يواجهها الموظف المغربي بشكل عام ،وبالتحديد تزايد غالء المعيشة في مقابل
ضعف الدخل الفردي للموظف.
المبحث الثاني:
الخروج من الوظيفة المغادرة الطوعية (نموذجا)
المقصود بالمغادرة الطوعية مبادرة جاءت بها الحكومة قصد تشجيع موظفي الدولة المدنيين على مغادرة
وظيفتهم إذا توفرت فيهم الشروط المطلوبة مقابل تعويض مالي وهي مبادرة استثنائية انطلقت في فاتح يناير
،2005وانتهت في 30يونيو من نفس السنة ،وسنحاول الوقوف في هذا المبحث على السياق الذي جاءت فيه
واألهداف التي حاولت تحقيقها (المطلب األول) ،ثم التدابير والمساطر التي خضعت لها هذه المبادرة (المطلب
الثاني).
والواقع أن عملية المغادرة الطوعية جاءت في كنف ظروف داخلية وأخرى دولية حتمت اتخاذ هذا القرار.
üالظروف الخارجية :تتمثل هذه العوامل في إمالءات البنك الدولي التي تدعوا الحكومة إلى تقليص كتلة
األجور والتي تمثل حوالي % 3 من الناتج الوطني اإلجمالي الشيء الذي ينعكس سلبا على المالية العمومية،
مما يؤثر في قدرة المغرب على سداد ديونه الخارجية للبنك الدولي.
ومن جانب آخر فإن االنفتاح االقتصادي الذي يعرفه المغرب يدعوا بإلحاح العمل على عصرنة وتطوير Sالجهاز
اإلداري حتى يكون قادرا على جني ثمار هذا اإلنفتاح االقتصادي من خالل خلق األرضية المناسبة لجلب
االستثمارات الخارجية.
وهكذا بدا للمسؤولين على تدبير الشأن العام أنه من الضروري Sإعادة النظر في عدد موظفي اإلدارة العمومية
كخطوة أساسية في مسلسل تحديث القطاعات العامة.
Øالظروف الداخلية :انطلقت عملية المغادرة الطوعية من الوظيفة العمومية ،في ظرفية اتسمت باالتجاه
نحو إرساء مقومات الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العام ،والتصدي إلى ظاهرة الفساد اإلداري في محاولة
لتخليق المرفق العام[.]14
ولعل أهم اإلشكاالت التي طرحت في هذا المضمار ،هي تلك المتعلقة بالموظفين األشباح البالغ عددهم قبل
إجراء المغادرة الطوعية 80ألف أي ما يعادل 17من مجموع عدد الموظفين العموميين ،هذا المعطى يعتقد
بعض الباحثين أنه كان حاضر بقوة وراء اعتماد هذا الخيار[.]15
وهكذا اتجهت الحكومة ودون سابق إنذار ،على وضع الشروط والتدابير التي سيتم بناءا عليها تنظيم عملية
المغادرة الطوعية منفرد باتخاذ القرار دون استشارة المنظمات النقابية للموظفين ،التي كان بإمكانها أن تلعب
دورت جوهريا في إطار الحوار االجتماعي[ ،]16ولعل غياب هذه االستشارة كانت من بين األسباب التي أدت
إلى فشل ما جاء به مرسوم 31دجنبر 2003المتعلق بهذا الموضوع.
إن المغادرة الطوعية استطاعت تحقيق بعض األهداف ،ولكن بشكل جزئي كان أولها التخفيض من كتلة
األجور التي تثقل كاهل المالية العمومية ،بالرغم من انخفاض نسبة الموظفين من مجموع عدد السكان اإلجمالي
مقارنة مع دول أخرى في وضعية متقاربة مع المغرب من حيث اإلمكانيات االقتصادية والمالية كتونس ومصر،
كما أن هذا االنخفاض على مستوى كتلة األجور لن يظل مستقرا نظرا لحجم البطالة في صفوف حاملي
الشهادات العليا خاصة إذا لم يتم اتخاذ التدابير الالزمة لتحديث اإلدارة العمومية من خالل نهج تدبير توقعي
للموارد البشرية يقوم على تحديد حاجيات التوظيف بناءا على توظيف دقيق للوظائف ومن حب الشغل ،التي
يسمح بتكوين رؤية استراتيجية واضحة على المدى المتوسط حول الحاجيات من األطر لدى جميع الوزارات[
.]17
أما الهدف الثاني فقد تحدد في تشبيب اإلدارة وإتاحة فرص جديدة تسمح لألطر الشابة بأن تلج مناصب
المسؤولية داخل اإلدارة .إال أنم الوجه اآلخر لهذا الهدف والمتمثل في الفراغ الذي شاب بعض اإلدارات
والمرافق على مستوى األطر ذات التجربة والخبرة كانت له انعكاسات سلبية خاصة في صفوف األساتذة
والمعلمين التابعين لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين األطر والبحث العلمي الشيء الذي تنبهت له
الحكومة مؤخرا عندما أقدمت على عمليات توظيف مباشر لحاملي الشهادات العليا لدى هذه الوزارة.
وقد كان من بين أهداف هذه المبادرة ،خلق الشروط المالءمة لتدبير األمثل للموارد البشرية بالوظيفة العمومية
مما سيساعد على التوزيع العقالني للموارد المتاحة سواء على المستوى الجغرافي أو القطاعي أو الهرمي
عالوة على تفعيل الحركية ورهينا بإصالحات أخرى جوهرية تتوقف أساسا على إعادة النظر في المنظومة
القانونية…
وأخيرا ،هناك هدف يمكن اعتباره هدفا ثانويا ويتعلق بخلق الظروف المناسبة إلدماج المستفيدين من العملية في
القطاع الخاص من خالل إقامة مشاريع استثمارية ساهم في خلق فرض للشغل ،إذ أن تجربة هؤالء وتمرسهم
سيمكنهم من إحداث مشاريع ذات مردودية وتنافسية عالية.
وهكذا يمكن القول بأن عملية المغادرة الطوعية بقدر ما سعت إلى تحقيق أهداف يمكن اعتبارها ذات وقع
إيجابي قد تساعد على وضع الخطوة األولى نحو عصرنة اإلدارة المغربية بقدر ما خلفت بعض اآلثار السلبية
ينبغي العمل على تجاوزها.
شروط االستفادة من عملية المغادرة الطوعية :إن عملية المغادرة الطوعية للوظيفة العمومية
همت باألساس موظفي الدولة المدنيين الذين استوفوا شروط مدة هذه الخدمة المنصوص عليها في القانون
المتعلق بنظام المعاشات المدنية[ ، ]18والذين اختاروا المغادرة الطوعية من أجل التقاعد حد السن القانوني[
، ]19كما همت هذه العملية موظفي الدولة المدنيين الذين ال يستوفون الشروط التي تخول الحق في الحصول
على معاش التقاعد ،كما هو منصوص عليها في البند األول من الفصل الرابع من القانون السالف الذكر،
والذين اختاروا المغادرة الطوعية لإلدارة بعد الحصول على إذن اإلدارة التابعين لها.
باإلضافة إلى موظفي الدولة الذين هم في وضعية اإللحاق أو اإلحالة على االستيداع أو رهن اإلشارة[.]20
كما تم تحديد شرط آخر لالستفادة من المغادرة الطوعية ،ويتعلق بضرورة توفر على 21سنة من الخدمة
بالنسبة للموظفين ،و 15سنة بالنسبة للموظفات.
لالستفادة من المغادرة الطوعية كان على الموظف إبداء رغبته في ذلك بواسطة طلب مكتوب يوجه إلى
الرئيس اإلداري داخل أجل ستة أشهر من فاتح يناير إلى 3يونيو ،2005باإلضافة إلى توجيه نسخة من هذا
الطلب إلى وزارة تحديث القطاعات العامة.
الغالف الزمني :لقد تم تحديد أجال القيام بمختلف اإلجراءات التي يقتضيها نظام المغادرة الطوعية
للوظيفة في خمسة عشرة يوما كحد أقصى ،ابتداء من تاريخ التوصل بالطلبات ،لتقوم الغدارة بالبت فيها وإعداد
قوائم الخدمات الخاصة ألصحاب هذه الطلبات ،ومشاريع قرارات المغادرة الطوعية ،ثم بعد ذلك تبعت اإلدارة
المعنية قوائم الخدمات التي قامت بإعدادها إلى الصندوق المغربي للتقاعد ،قصد البت فيها داخل أجل أقصاه
عشرة أيام ابتداء من تاريخ التوصل بها.
وإثر مصادقة الصندوق المغربي للتقاعد على تلك القوائم تعرض قرارات المغادرة الطوعية دون تأثيره على
المراقب المركزي Sلاللتزام بنفقات الدولة ،لإلدارة التي ينتمي إليها المعنيون باألمر ،والذي يبث فيها في أجل
أقصاه خمسة أيام[.]21
التعـويـض :تمكن الموظفون الذين نالت طلباتهم بالموافقة من الحصول على تعويض من ميزانية
الدولة معفى من الضريبة العامة على الدخل ،IGR تم احتسابه على أساس كافة جميع عناصر األجرة خاضعة
لالقتطاع من أجل المعاش.
وقد تحددت قيمة التعويض في أجرة شهر ونصف عن كل سنة من الخدمة الفعلية ،وحسب النسبة عن كل
الفترة من الخدمة تقل عن سنة ،دون أن يتجاوز المبلغ اإلجمالي للتعويض أجرة 36شهرا بالنسبة للموظفين
المرتبين في سلم 6وما فوق ،بدون تقيد بأي سقف بالنسبة للموظفين المرتبين في السلم 1إلى السلم 5غير أن
مبلغ التعويض ال ينبغي أن يتعدى نصف مجموع مبالغ األجرة والتعويضات القارة الممكن صرفها للمعني
باألمر بين الفترة الممتدة من تاريخ حذفه من األسالك بسبب المغادرة الطوعية للعمل إلى بلوغه حد السن
القانوني لإلحالة على التقاعد ،وقد تكلف مكتب أداء األجور الرئيسي للخزينة العامة بصرف التعويض
للمستفيدين من المغادرة الطوعية للوظيفة في نهاية الشهر الموالي للشهر الذي يحذف فيه الموظف من
األسالك[.]22
يمكن القول بأن تدبير اآلجال المتعلق بالبث في الطلبات كان قصيرا ،بحيث تم الحسن في جلها خالل فترة
زمنية لم تتجاوز ثالثة أشهر ابتداء من تاريخ إيداع الطلب إلى تاريخ صرف المعاش.
إال أن اإلشكال الجوهري الذي أثير بالنسبة لتدابير المغادرة الطوعية ،يتجسد في المعيار المعتمد لموافقة
السلطة اإلدارية التسلسلية على طلبات مرؤوسيها الراغبين في المغادرة الطوعية للوظيفة ،إذ أن خلو هذه
التدابير من أي إشارة في هذا المضمار يضعنا أمام عدة احتماالت:
إما أن اإلدارة اعتمدت معيارا ماليا صرفا ،وبذلك وافقت دون تردد على طلبات الموظفين الذين ال يكلف
تعويضهم عن المغادرة الطوعية مبلغا مرتفعا.
أو أن اإلدارة وافقت على طلبات الموظفين المصنفين في مختلف الدرجات دون تمييز ،والموازاة فيما
بينها.
غير أن التساؤل سيبقى مطروحا حول النسبة –إن كانت هناك نسبة -مخصصة لكل فئة حتى ال يصرف
الغالف المالي المخصص لفائدة فئة دون األخرى.
أو أن اإلدارة وافقت على الطلبات المرفوعة إليها حسب تاريخ التوصل بها ،في حدود ال يسمح به
الغالف المالي[.]23
خاتمة
كخاتمة لهذا الموضوع يمكن لنا الخروج Sبالخالصات التالية:
عن تفعيل اإلطار القانوني للخروج من الوظيفة من الناحية العملية يطرح عدة إشكاالت ،فاالستقالة على
سبيل المثال نجد اإلدارة تتمتع بسلطات واسعة من أجل قبولها أو رفضها ،خصوصا إذا كانت الوظيفة /المهنة
التي يشتغلها الموظف (ة) نادرة .نفس األمر بالنسبة للعزل الذي يمكن أن تتخذه اإلدارة في غير محله
العتبارات سياسية ومحاسبية أخرى.
إن واقع الخروج Sمن الوظيفة هي المغرب يصعب من الناحية العملية الحديث عنه ،وذلك بسبب كثرة
البطالة التي تعتري صفوف حاملي الشواهد وخريجي الجامعات والمعاهد العليا في الشأن.
إن األهداف المتوخاة من عملية المغادرة الطوعية ،وإن تم تحقيقها بشكل جزئي أو كلي ،لن تكون لها
انعكاسات إيجابية على أداء اإلدارات العمومية إذا لم يتم تنفيذ اإلصالحات والتي حاولت المغادرة الطوعية
التمهيد في تفعيلها ،وكذا تفادي اآلثار السلبية الناجمة عنها.