You are on page 1of 12

‫‪50‬نصوص محللة في الشعور باالنا والغير‬

‫نظرة الغير – جان بول سارتر‬


‫عزلة األنا – غاستون بيرجي‬
‫الغير حاضر دوما ‪ -‬موريس ميرلوبونتي‬
‫الغيرية – اوغست كونت‬
‫انا و الغريب ‪ -‬جوليا كرستيفا‬
‫‪tafalsouf.com‬‬

‫«ليس الغريب الذي هو اسم مستعار للحقد ولآلخر هو ذلك الدخيل المسؤول عن شرور‬
‫المدينة كلها ‪ ...‬وال ذلك العدو الذي يتعين القضاء عليه إلعادة السلم إلى الجماعة ‪ .‬إن الغريب‬
‫يسكننا على نحو غريب ‪ .‬إنه القوة الخفية لهويتنا ‪ ،‬والفضاء الذي ينسف بيتنا ‪ ،‬والزمن الذي‬
‫يتبدد فيه وفاقنا وتعاطفنا ‪ .‬ونحن إذ نتعرف على الغريب فينا‪ ،‬نوفر على أنفسنا أن نبغضه في‬
‫ذاته‪ .‬إن الغريب ‪ ،‬بوصفه عرضا داال يجعل الـ «نحن» إشكاليا وربما مستحيال ‪ ،‬يبدأ عندما ينشأ‬
‫لدي الوعي باختالفي ‪ ،‬وينتهي عندما نتعرف على أنفسنا جميعا وندرك أننا غرباء متمردون على‬
‫الروابط و الجماعات ‪ ...‬كيف يصبح اإلنسان غريبا ؟‬

‫نادرا ما يخطر على بالنا هذا السؤال‪ ،‬لشدة اقتناعنا بكوننا مواطنين بصورة طبيعية‪ ...‬أما‬
‫نحن انسقنا إلى طرحه طرحا سطحيا‪ ،‬فسنضع‪ ،‬على الفور‪ ،‬من يتمتعون بالحقوق الوطنية‪ ،‬في‬
‫جهة ونقصي من ينتمون إلى بلد آخر ولم يعرفوا كيف يحرصون على االنتماء إليه في الجهة‬
‫المقابلة‪ .‬حقا إن لفكرة الغريب اليوم ‪ ،‬داللة حقوقية ‪ ،‬فهي تدل على من ال يتمتع بمواطنة البلد‬
‫الذي يقطنه ‪ .‬ومن المؤكد أن هذا الضبط من شأنه تهدئة الخواطر وإتاحة إخضاع األهواء‬
‫الشائكة للقوانين‪ ،‬تلك األهواء التي يستثيرها تطفل اآلخر وانحشاره داخل انسجام أسرة أو‬
‫جماعة بشرية‪ .‬غير أن يسكت عن ضروب القلق واالنزعاج التي تتصل بهذه الوضعية الشاذة ‪،‬‬
‫التي تتمثل في أن يتخذ اإلنسان وضعية المختلف داخل جماعة بشرية تنغلق على نفسها مقصية‬
‫المخالفين لها» ‪.‬‬

‫‪Julia Kristéva: Etrangers à nous même, Fayard, 1988‬‬


‫‪ -1‬تأطير النص‪:‬‬
‫هذا النص مقتطف من كتاب كرستيفا الموسوم بعنوان « اللغة ؛ ذلك المجهول » ويعالج‬
‫طبيعة العالقة بالغير من خالل العودة إلى الذات ‪ .‬فكرستيفا تدعو إلى الكشف عن الغير الغريب‬
‫الذي يسكننا ‪ ،‬والذي نضمره فينا قبل االنتباه إلى الغير الذي يوجد خارجنا ‪ ،‬وهو يحيل صراحة‬
‫على مجزوءة الوضع البشري‪.‬‬
‫‪ -2‬صاحب النص‪:‬‬
‫ولدت جوليا كرستيفا ببلغاريا في عام ‪ ،1491‬وغادرت لتستقر في باريس‪ /‬فرنسا في عام‬
‫‪ ،1411‬في فرنسا عملت ككاتبة‪ ،‬وكمدرسة بالجامعة‪ ،‬ومن بعد كمحللة نفسية‪ .‬كرستيفا معروفة‬
‫كثيرا ً بمساهمتها من أجل االختالف الجنسي‪ .‬فقد طوّ رت في كتاباتها سالسل قوية‪ ،‬ومضادة‬
‫لألرثوذكسية عن طريق المزج بين الماركسية‪ ،‬والفينومينولوجيا "الظاهراتية" والتحليل‬
‫النفسي‪ ،‬ونظرية األدب‪ .‬تتمثل فكرتها األساسية في أن عالم الطفل الصغير وأمه‪ -‬أي ما ستدعوه‬
‫بالسيميائية‪ -‬يُ ْكبَ ُح ويُكت َ ُم بالعقالنية اليومية‪ ،‬وباللغة‪ ،‬الشيء الذي يفرض عليه شبكة من‬
‫الهويات‪ ،‬واالختالفات‪ ،‬هدف عمل كرستيفا يرمي لتسكيننا من االستجابة لهذه الموضوعات‬
‫السينمائية المقموعة‪.‬‬

‫من مؤلفاتها‪:‬‬
‫‪-‬اللغة‪،‬ذلك المجهول‪:‬مدخل إلى اللسانيات‪ ...‬األمراض الجديدة للنفس‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلشكال‪:‬‬
‫ما هو الموقف الذي يجب اتخاذه من الغير البعيد‪ :‬هل هو النبذ واإلقصاء أم التعايش‬
‫واالعتراف ؟‬
‫‪ -9‬مفاهيم النص‪:‬‬
‫الغريب ‪ :‬هوا المجهول ‪ ،‬وغير المألوف ‪ ،‬والغامض ‪ ،‬والمخيف ‪ ،‬والمهمش ‪ ...‬ويتحدد‬
‫الغريب في إطار العالقات البشرية الملموسة بكونه كل من يتطفل على جماعة بشرية منظمة‬
‫ومتماسكة أو يرفضها‪ ،‬محدثا في الحالتين خالال وعدم توازن في الجماعة‪.‬‬
‫‪ -5‬أفكار النص‪:‬‬
‫إن تعرف الذات على الغريب فيها يوفر عليها أن تبغضه في ذاته ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إن لفكرة الغريب اليوم داللة حقوقية‪ ،‬فهي تدل على من ال يتمتع بمواطنة البلد الذي‬ ‫‪-‬‬
‫يقطنه‪.‬‬
‫‪-7‬أطروحة النص‪:‬‬
‫ترى كرستيفا أن وحدة الجماعة ليست في الحقيقة سوى مظهر عام ‪ ،‬عندما ندقق فيها‬
‫ينكشف لنا أن الجماعة بحكم اختالفاتها وتناقضاتها الداخلية تحمل غريبا في ذاتها ‪ ،‬فليس‬
‫المختلف عن الجماعة هو ذلك الدخيل أو العدو الذي يتعين القضاء عليه إلعادة السلم إلى‬
‫الجماعة ‪ .‬بل « إن الغريب يسكننا على نحو غريب »‪.‬‬
‫‪ -8‬الحجاج‪:‬‬
‫تعتمد كرستيفا مجموعة من التقنيات الحجاجية لتدعيم أطروحتها ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫حجة النقد‪ « :‬ليس الغريب – الذي هو اسم مستعار للحقد ولآلخر – هو ذلك الدخيل‪»...‬‬
‫حجة اإلثبات‪ « :‬إن الغريب يسكننا على نحو غريب»‬
‫حجة السلطة‪ « :‬إن لفكرة الغريب اليوم‪ ،‬داللة حقوقية‪ ،‬فهي تدل على من ال يتمتع بمواطنة‬
‫البلد الذي ينتمي اليه‪» ...‬‬
‫‪ -4‬خالصة تركيبية‪:‬‬
‫إن الموقف الذي ينبغي اتخاذه من الغريب‪ ،‬هو االعتراف به و التعايش معه‪ ،‬بدل النظر إليه‬
‫بأنه ذلك الدخيل الذي يهدد وحدة الجماعة و تماسكها‪ ،‬والذي يتعين تدميره و إقصاؤه‪.‬فالجماعة‬
‫في ذاتها‪-‬حسب كرستيفا‪ -‬تحمل غريبا‪.‬‬
‫‪ -11‬قيمة النص‪:‬‬
‫للنص قيمة أخالقية تتجسد في الدعوة إلى االعتراف باآلخر المخالف للجماعة‪ ،‬والتجاوب‬
‫معه و احترامه‪ ،‬بدل نبذه و تدميره‪.‬ألن الغريب مضمر في الجماعة ذاتها و ليس فقط يوجد‬
‫خارجها‪.‬‬

‫الغيرية‬

‫« كل شيء فينا ينتمي لإلنسانية‪ ،‬وكل شيء يأتينا منها‪ :‬الحياة‪ ،‬والثروة‪ ،‬والموهبة‬
‫والمعرف والحنان (‪ )...‬وهكذا ‪ ،‬فعندما تختزل النزعة الوضعية كل األخالق اإلنسانية في فكرة‬
‫واحدة هي أن يحيا اإلنسان من أجل غيره ‪ ،‬فأن هذه النزعة تهدف إلى تهذيب الغريزة البشرية‬
‫الكونية وتسييجها ؛ بعد أن تم االرتقاء بالفكر النظري البشري تجاوز كل التركيبات الذهنية‬
‫الالهوتية والميتافيزيقية (‪.)...‬‬

‫ال يمكن لإلنسان األكثر مهارة وفطنة ونشاطا أن يرد إلنسانية ولو جزءا صغيرا مقابل ما‬
‫تلقاه منها‪ .‬يستمر اإلنسان ‪ ،‬كما كان في طفولته ‪ ،‬يتغذى باإلنسانية ‪ ،‬ويتلقى الحماية من‬
‫اآلخرين ‪ ،‬ويطور قدراته داخلها (‪ )...‬وذلك كله بفضل اإلنسانية عليه (‪ )...‬لكن وبدل أن يتلقى‬
‫كل شيء منها بواسطة آبائه‪ ،‬تنقل اإلنسانية له خيراتها عبر فاعلين متعددين غير مباشرين‪ ،‬لن‬
‫يتعرف على الكثير منهم‪.‬‬

‫أن يحيى اإلنسان من أجل الغير‪ ،‬يعني إذن‪ ،‬عد كل واحد منا‪ ،‬واجبا ضروريا ومستمرا ينبثق‬
‫عن هذه الواقعة المتعذر تجاوزها وهي‪ :‬أن يحيى اإلنسان بفضل الغير‪ .‬إنها ‪ ،‬وبدون حماس‬
‫عاطفي ‪ ،‬النتيجة الضرورية المستخلصة من تقدير دقيق لمجريات الوقع المدرك فلسفيا في‬
‫مجموعه (‪)...‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬يجب أن يقوم انسجام أخالقي‪ ،‬وبصفة جوهرية‪ ،‬على الغيرية‪ ،‬فهي وحدها‬
‫القادرة أن تزودنا بأعظم زخم للحياة‪ .‬إن الكائنات البشرية المنحطة‪ ،‬التي تطمح اليوم أن تحيى‬
‫بفضل الغير‪ ،‬يجب عليها أن تتخلى عن أنانيتها الهمجية‪ .‬فإذا ما تذوقت هذه الكائنات‪ ،‬بما فيه‬
‫الكفاية‪ ،‬ما تفضلت بتسميته ملذات الوفاء‪ ،‬ستفهم آنذاك أن الحياة من أجل الغير تمنح الوسيلة‬
‫الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري بحرية (‪)...‬‬

‫وحدها دوافع التعاطف اإلنسانية تصنع االنطالقة الحقيقية الثابتة لحياة من أجل الغير ‪ ،‬حياة‬
‫يجد فيها كل واحد من أفراد المجتمع مساعدة من طرف اآلخرين ‪ ،‬لكن مقابل هذه المساعدة يقوم‬
‫هؤالء بكبح ميوالت الفرد الشخصية واألنانية» ‪.‬‬

‫‪Auguste Comte: catéchisme positiviste.‬‬


‫‪ -1‬تأطير النص‪:‬‬

‫هذا النص مقتطف من كتاب كونت ” مواعظ وضعية“ الصادر سنة ‪ .1852‬و هو عبارة عن‬
‫حوار بين رجل داعية للفلسفة الوضعية‪ ،‬و امرأة تبحث عن حقائق المجتمع في صورته‬
‫المتماسكة‪ .‬و يطور كونت من خالله فكرة اإلنسانية باعتبارها ” مقدسا جديدا“ يبنى داخل‬
‫المجتمع بمجموع أفراده‪ .‬و يندرج هذا النص ضمن مجزوءة الوضع البشري و ذلك من خالل‬
‫مفاهيم صريحة‪ ،‬و هي ‪ :‬اإلنسانية‪ ،‬األخالق ‪ ،‬الغير‪ ،‬الغيرية‪...‬‬

‫‪ -2‬صاحب النص‪ :‬أوغيست كونت(‪)1857/1748‬‬

‫ولد كونت بمدينة مونييه الفرنسية لوالدين كاثوليكيين‪ ،‬التحق بمدرسة الفنون التطبيقية‬
‫بباريس عام ‪ ،1813‬وفي عام ‪ 1811‬تزعم حركة عصيان قام بها الطالب‪ ،‬فصل عقبها من‬
‫المدرسة‪ .‬واصل دراسته في مدرسة الهندسة إلى أن عين معيدا بها‪ ،‬ثم عمل سكرتيرا للكاتب‬
‫االشتراكي سان سيمون‪ .‬وفي عام ‪ 1825‬تزوج من كارولين ماسان‪ .‬بدأ في عام ‪ 1821‬بإلقاء‬
‫سلسلة من المحاضرات العامة في الفلسفة الوضعية‪ ،‬وفيها قدم تصوره للمعرفة و العلوم‪،‬‬
‫وحاول وضع أسس علمه الجديد الذي أطلق عليه ”علم االجتماع“‪.‬‬

‫‪ -3‬اإلشكال‪:‬‬

‫هل تقوم عالقة األنا بالغير على األنانية أم على اإليثار؟‬

‫‪ -9‬مفاهيم النص‪:‬‬

‫‪ -‬الغيرية‪ :‬عند المحدثين هي اإليثار‪ .‬و هي مقابلة لألنانية‪ ،‬و تطلق في علم النفس على‬
‫الميل الطبيعي إلى الغير‪ ،‬و في علم األخالق على القول بوجوب تضحية المرء بمصالحه الخاصة‬
‫في سبيل اآلخرين‪.‬‬

‫‪ -‬األنانية‪ :‬هي حب الذات الشديد الذي يمنع صاحبه من حب شيء آخر غير نفسه‪ ،‬فاإلنسان‬
‫األناني تعليق مصالح الناس على مصلحته الخاصة و ينظر إلى جميع األشياء من زاوية نفسه‪.‬‬

‫‪ -‬النزعة الوضعية‪ :‬اتجاه فلسفي جدد في الفكر العلمي‪ ،‬و اعتبره حالة قصوى في تطور‬
‫الفكر البشري‪ ،‬و يعتبر أوغيست كونت مؤسس هذا االتجاه‪.‬‬

‫‪ -5‬أفكار النص‪:‬‬

‫‪ -‬تهدف النزعة الوضعية إلى تهذيب الغريزة البشرية الكونية و وتسييجها‪ ،‬ألن اإلنسان يحيا‬
‫من أجل الغير و بفضل الغير‪.‬‬

‫‪ -‬إن الحياة من أجل الغير تمنح الوسيلة الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري‪ ،‬و لذلك يجب أن‬
‫يقوم انسجام أخالقي‪ ،‬و بصفة جوهرية على الغيرية‪.‬‬

‫‪ -‬تضع دوافع التعاطف اإلنساني االنطالقة الثابتة لحياة من أجل الغير‪ ،‬شريطة كبح ميوالت‬
‫الفرد الشخصية و األنانية‪.‬‬
‫‪ -1‬أطروحة النص‪:‬‬

‫يختزل كونت كل األخالق اإلنسانية في فكرة " أن يحيا اإلنسان من اجل غيره " ‪ ،‬ألن الحياة‬
‫من أجل الغير تمنح الوسيلة الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري بحرية انطالقا من دوافع‬
‫التعاطف اإلنساني التي تجعل كل فرد من أفراد المجتمع يتلقى مساعدة من طرف اآلخرين مقابل‬
‫كبح ميوالته الشخصية و األنانية‪.‬‬

‫‪ -7‬الحجاج‪:‬‬

‫يدافع كونت عن أطروحته باآلليات الحجاجية التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬حجة التفسير‪ " :‬كل شيء فينا ينتمي لإلنسانية‪ ،‬و كل شيء يأتينا منها‪ :‬الحياة‪ ،‬الثروة‪،‬‬
‫الموهبة‪" ...‬‬

‫‪ -‬حجة التوكيد‪ " :‬إن هذه النزعة تهدف إلى تهذيب الغريزة البشرية "‬

‫‪ -‬حجة التحليل التاريخي ‪ " :‬تم االرتقاء بالفكر النظري البشري و تجاوز كل التركيبات‬
‫الذهنية الالهوتية و الميتافيزيقية‪" .‬‬

‫‪ -‬حجة النفي ‪ " :‬ال يمكن لإلنسان ‪ ...‬أن يرد لإلنسانية و لو جزءا صغيرا مقابل ما تلقاه‬
‫منها‪".‬‬

‫‪ -8‬خالصة التركيبية‪:‬‬

‫تتأسس العالقة مع الغير على اإليثار باعتباره الوسيلة الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري‬
‫بحرية لغاية تهذيب الغريزة اإلنسانية و وتسييجها‪.‬‬

‫‪ -4‬قيمة النص‪:‬‬

‫تبرز قيمة هذا النص في أن أوغست كونت قطع مع الفلسفات المثالية و الميتافيزيقية‪،‬‬
‫مؤسسا بذلك فلسفة تجريبية تمجد الفكر العلمي و تعتبره أرقى ما وصلت إليه البشرية بعد أن‬
‫تجاوزت المرحلة الالهوتية و المرحلة الميتافيزيقية‪ .‬و هذا ما يعرف عند كونت بقانون المراحل‬
‫الثالث‪.‬‬
‫الغير حاضر دوما‬

‫" يعتقد أن الغير يحولني إلى موضوع وينفيني ‪ ،‬مثلما أنني أحوله إلى موضوع وأنفيهه ‪ .‬لكهن‬
‫في الواقع ‪ ،‬ال تحولني نظرة الغير إلى موضوع ‪ ،‬وال تحوله نظرتي إلى موضوع إال إذا احتمى كهل‬
‫واحد منها بأعمهاق طبيعتهه الفكريهة‪ ،‬و إال إذا تبادلنها نظهرة ال إنسهانية ‪ ،‬إال إذا أحهس كهل واحهد منها‬
‫بأفعالهه ‪ ،‬ال مههن حيههث ههي أفعههال مفهومههة ‪ ،‬وإنمهها مهن حيههث يههتم إدراكههها وكأنهها أفعههال حشههرة مههن‬
‫الحشرات‪ .‬ذلك ما يحدث ‪ ،‬مثال ‪ ،‬عندما أكون موضوع نظرة إنسان مجهول ‪.‬‬

‫لكن حتى في هذه الحالة ‪ ،‬ال يتم اإلحساس بالطابع الموضوعي الذي تحدثهه نظهرة الواحهد علهى‬
‫اآلخر إحساسا ثقيال إال ألنه يأخذ مكان تواصل ممكن ‪.‬‬

‫فنظرة كلب إلي قلما تقلقني ‪ .‬لكن رفض التواصل هو نمط من أنماط التواصل ‪.‬‬

‫فالحرية المتعددة الشكل ‪ ،‬والطبيعة المفكرة ‪ ،‬والعمق غير القابل لإلستيالب ‪ ،‬والوجهود الهذي‬
‫ال صفة له ‪ ،‬كل تلك العناصر الموجودة في وفي الغير تسجل حدود كل تعهاطف ‪ ،‬وتوقهف بالتأكيهد‬
‫التواصل ‪ ،‬لكنها ال تعدمه ‪.‬‬

‫إذا كان علي أن أتعامل مع إنسان مجهول لم ينطق بعد الكلمة ‪ ،‬فإمكان أن أعتقد أنه يعهيش فهي‬
‫عههالم آخههر ‪ ،‬عههالم ال تسههتحق فيههه أفعههالي‪ ،‬أفكههاري أن توجههد ‪ .‬لكههن مهها إن ينطههق بكلمههة ‪ ،‬أو يقههوم‬
‫بحركة تنم عن حالة نفاذ الصبر ‪ ،‬حتى يكف عهن التعهالي علهى ذاتهي ‪ ،‬وأقهول فهي نفسهي إن ذلهك‬
‫الصوت صوته ‪ ،‬وتلك األفكار أفكاره ‪ ،‬ها هو إذن المجال الذي اعتقدت أنه صعب اإلدراك ‪ .‬إن كهل‬
‫وجود اآلخرين ال يتعالى بشكل نهائي إال عندما يظل خامال ومنطويا على اختالفه الطبيعي ‪.‬‬

‫فحتى التأمالت الكلية التي تفصل الفيلسوف عن أمته ‪ ،‬وعن أصدقائه ‪ ،‬وعن أحكامه المسهبقة‬
‫‪ ،‬وعن وجوده اإلمبريقي ‪ ،‬وبعبارة واحدة تفصله عن العالم ‪ ،‬والتي يبدو أنها تتركه وحيدا وحدة‬
‫مطلقة ‪ ،‬هي في الواقع فعل ‪ ،‬وكالم ‪ ،‬وبالتالي حوار ‪ .‬فاألنا وحدية ال يمكنها أن تكون أمرا حقيقيها‬
‫بشكل صارم ‪ ،‬إال عند شخص استطاع إدراك وجوده إدراكها ضهمنيا دون أن يكهون كائنها ودون أن‬
‫يفعل شيئا ‪ .‬وهو أمر محال ‪ ،‬ما دام وجود المرء يعني كونه في العالم ‪ .‬وال يمكن للفيلسوف أثنهاء‬
‫خلوته التأملية أال يحمل معه اآلخرين ‪ ،‬ألنه في هذا العالم المظلهم ‪ ،‬تعلهم بشهكل أبهدي أن يعهاملهم‬
‫على أنهم أشباهه ‪ ،‬وأن كل علم ال بد وأن ينبني على هذا الرأي ‪ .‬فالذاتية المتعالية ‪ ...‬ههي بهين –‬
‫ذاتية " ‪ ( .‬ترجمة فريق التأليف )‬

‫‪Maurice Merleau-ponty , la phénoménologie de la perception , ed‬‬


‫‪.Gallimad .1945‬‬

‫‪ -1‬التعريف بصاحب النص‪:‬‬

‫موريس ميرلوبونتي (‪ )1411-1418‬فيلسوف فرنسي ينتمي إلى المذهب الفينومنولوجي‬


‫كان معاصرا لسارتر‪ ،‬من أهم مؤلفاته "بنية السلوك" (‪ )1492‬و "فنومنولوجيا اإلدراك"(‬
‫‪ )1497‬و "مغامرات الجدل" ( ‪.)1453‬‬

‫‪ -2‬اإلشكال‪:‬‬
‫هل يمكن إدراك الغير ؟ وإذا كان األمر كذلك فما هي الطريقة الممكنة إلدراكه ؟ هل معرفتي‬
‫للغير تتوقف على ما يظهر لي من مظاهر ؟‬

‫‪ -2‬األطروحة‪:‬‬

‫ال تتوقف معرفة الغير على ما يبدو لي و يظهر ألن ذلك يؤدي إللى تشييئه ‪ ،‬و إنما عن‬
‫طريق التواصل الواعي و الالشكلي‪...‬معرفة الغير تنتفي إذا كان هناك إلغاء تام أما في حالة‬
‫تحقيق التواصل فأن المعرفة تكون ممكنة‪.‬‬

‫‪ -3‬األفكار األساسية‪:‬‬

‫ال يجب أن ننظر إلى عالقة األنا باآلخر وكأنها تتلخص في صراع حول الموضعة ‪ ،‬بل‬
‫يجب أن ننظر على أنها عالقة تواصل الشيء الذي ينفي العالقة المعرفية الموضوعية التي هي‬
‫نتيجة للنظر من موقع األنا أفكر أو العقل في نشاطه القائم على التجريد والتقييم ‪ ،‬وهذه‬
‫الوضعية يمكن تجاوزها عندما يدخل األنا والغير في عالقة معرفية متبادلة كل منهما في‬
‫فرديته ووعيه وحريته ‪ ،‬ويحضر التواصل حتى في حالة الالتواصل ألن غياب التواصل هو‬
‫تواصل ممكن ‪.‬‬

‫‪ -9‬خالصة تركيبية ‪:‬‬

‫ال يجب أن ننظر إلى عالقة األنا باآلخر وكأنها تتلخص في صراع حول الموضعة ‪ ،‬بل‬
‫يجب أن ننظر على أنها عالقة تواصل الشيء الذي ينفي العالقة المعرفية الموضوعية التي هي‬
‫نتيجة للنظر من موقع األنا أفكر أو العقل في نشاطه القائم على التجريد والتقييم ‪ ،‬وهذه‬
‫الوضعية يمكن تجاوزها عندما يدخل األنا والغير في عالقة معرفية متبادلة كل منهما في‬
‫فرديته ووعيه وحريته ‪ ،‬ويحضر التواصل حتى في حالة الالتواصل ألن غياب التواصل هو‬
‫تواصل ممكن ‪.‬‬

‫‪ -5‬حجج النص‪:‬‬

‫‪ -‬االعتراض ‪ :‬يقتضي جملة من الضوابط ‪:‬‬

‫– نفي اإلعتقاد الشائع‪.‬‬

‫– تحليل هذا اإلعتقاد وتفكيكه أو النبش في مدى صدقيته ‪.‬‬

‫‪ -‬استعمال أدوات الربط المنطقي من نفي وإثبات واعتراض وشرط ‪.‬‬

‫‪ -1‬قيمة النص‪:‬‬

‫ال بد من إقامة عالقة جدلية تركيبية بين الذات والغير ‪ ،‬إذ ال وجود الستقالل كامل إال للكائن‬
‫المطلق أو للكل المطلق فالفرد ال يعرف االستقالل الكامل عن اآلخرين ‪ ،‬بل يكتسب استقالله‬
‫ضمن وجوده معهم مما يجعل الفرد ليس مسئوال على نفسه فقط وانه سيد على نفسه‬
‫ومستقل وحر كليا في أفعاله والحكم عليها وإنما المسؤولية تتعداه إلى اآلخرين ‪.‬‬
‫عزلة األنا‬

‫كيف ال أحس (‪ )...‬بأن هذه الحميمية مع ذاتي التي تحميني وتحددني ‪ ،‬هي عائق نهائي أمام‬
‫كل تواصهل مهع الغيهر ؟ فقبهل قليهل ‪ ،‬كنهت بالكهاد موجهودا وسهط اآلخهرين ‪ .‬وآلن ‪ ،‬اكتشهفت فرحهة‬
‫اإلحساس بأنني أحيا إال أنني وحيهد فهي االنتشهاء بفرحهي ‪ .‬إن روحهي ملهك لهي فعهال ‪ ،‬غيهر أننهي‬
‫سجين داخلها ‪ ،‬وال يمكن لآلخرين اختراق وعيي ‪ ،‬مثلما ال يمكننهي فهتح أبوابهه لههم حتهى ولهو‬
‫تمنيت ذلك بكل صدق (‪ )...‬إن نجاحي الظاهر يخفي هزيمة شاملة ‪ :‬فالتجربهة الذاتيهة وحهدها ههي‬
‫الوجود الحقيقي ‪ ،‬وهي تجربة تظل غير قابلة ‪ ،‬اعتبارا لجوهرها ‪ ،‬لتكون موضوع نقل أو إخبار‬
‫‪ .‬فأنا أعيش وحيدا محاطا بسور ؛ وأشعر بالعزلة أكثر من شعوري بالوحهدة ‪ ،‬وعهالمي السهري‬
‫سجن منيع ‪.‬‬

‫واكتشف‪ ،‬في نفس الوقت ‪،‬أن أبواب عالم اآلخرين موصدة في وجهي وعهالمهم منغلهق بقهدر‬
‫انغهالق عههالمي أمههامهم ‪ .‬إن ألهم الغيههر ‪ ،‬يكشههف لهي بمههرارة انفصههالنا الجهدري عههن بعضههنا الههبعض‬
‫‪،‬انفصههاال ال يقبههل بتاتهها االختههزال ‪.‬فعنههدما يتههألم صههديقي ‪،‬يمكننههي ‪،‬بكههل تأكيههد ‪ ،‬مسههاعدته بفعاليههة‬
‫‪،‬ومواساته بكالمي ‪،‬ومحاولة تعويض األلم الذي يمزقه بلطف ‪.‬غير أن ألمه يبقى رغم ذلهك ‪،‬ألمها‬
‫برانيا بالنسبة لذاتي ‪.‬فتجربة األلم تظل تجربته الشخصية هو وليست تجربتي أنا ‪.‬إني أتعذب بقدر‬
‫ما يتعذب ‪ ،‬وربما أكثر منه ‪،‬لكن دائما بشكل مغاير تماما عنه ‪.‬فأنا ال أكون أبدا "معه" بشكل كلي‬
‫(‪)......‬‬

‫هكذا هو اإلنسان ‪،‬سجين في آالمه ‪،‬ومنعزل في لذاته ووحيد في موته (‪)...‬محكوم عليه بهان‬
‫ال يشبع أبدا رغبته في التواصل‪،‬والتي لن يتخلى عنها أبدا‪.‬‬

‫غاستون بيرجي ‪ ،‬من القريب إلى الشبيه ‪ ،‬حضور الغير ‪ ،‬عمل جماعي ‪ ، 1957 ،‬ص ‪89‬‬
‫‪– 88‬‬

‫‪Gaston berger , du prochain au semblable , Esquisse d'une‬‬


‫‪phénoménoloqie de la solitude .‬‬

‫‪ -1‬التعريف بصاحب النص‪:‬‬

‫غاستون بيرجي (‪ )1841-1411‬فيلسوف و صناعي فرنسي ولد بالسنغال ‪،‬مؤسس المركز‬


‫الجامعي الدولي ‪ ،‬اشتهر ‪ ،‬أساسا‪ ،‬بدراساته عن هوسرل و في علم الطبائع ‪،caractérologie‬‬
‫أصبح عضوا بأكاديمية علوم األخالق و السياسة سنة ‪ .1455‬أصدر مع أندريه غرو‬
‫مجلة"تطلعات مستقبلية" ‪ Prospective‬سنة ‪ .1457‬له عدة كتب و دراسات من أهمها‪:‬‬
‫"أبحاث في شروط المعرفة" (‪ " ،)1491‬الكوجيطو في فلسفة هوسرل" (‪" ،)1451‬بحث‬
‫تطبيقي في تحليل الطبائع"(‪ " )1451‬الطبع و الشخصية" (‪... )1459‬‬

‫‪ -2‬اإلشكال‪:‬‬

‫هل يمكن االستغناء عن الغير والعيش في عزلة مطلقة ؟ أم أن الغير ضروري لمعرفة‬
‫الذات وتطورها ؟‬
‫‪ -3‬األطروحة‪:‬‬

‫تشكل الذات عالما فردا من نوعه في استقالل وانفصال عن الغير ‪ ،‬إذ ال يمكن سبر أغوار‬
‫أحدهما رغم حضورهما معا ‪.‬‬

‫‪ -9‬األفكار األساسية‪:‬‬

‫‪-‬استحالة معرفة الغير من فضل الحواجز والعوائق التي تنصبها الذات أمام اآلخرين مما‬
‫يجعلها ذاتا مبهمة أو شاذة تستعصي على اإلدراك والمعرفة ‪.‬‬

‫‪-‬ال يمكن معرفة الغير كذاتي ‪ ،‬ألنه وإن كان شبيها لي فإنه ليس مثلي ‪ ،‬وهنا تطرح مسألة‬
‫االختالف وأن الغير ال يمكن أن يماثل الذات و إنما يختلف عنها ‪ ،‬وهذا االختالف يخرج الغير من‬
‫دائرة المعرفة والضبط واإلحكام‬

‫‪ :‬خالصة تركيبية ‪5-‬‬

‫استحالة معرفة الغير تطرح لنا مسالة عزلة األنا الذي له إمكانية االستغناء عن اآلخرين‬
‫وبالتالي نسقط في الفر دانية المتطرفة أو األنا وحدية ‪ ،‬مما يجعل مسألة التعايش والتفاهم‬
‫مستحيلة ما دام ال يوجد أساس مشترك يمكن أن نتفق عليه وأن ننطلق منه في عملية بناء‬
‫الذات انطالقا مما تنتجه هذه الذوات ‪.‬‬

‫‪ -1‬حجج النص‪:‬‬

‫حجة المثال " يتألم صديقي "‬

‫حجة التجربة " التجربة الذاتية وحدها هي الوجود الحقيقي "‬

‫‪ -7‬مفاهيم النص‪:‬‬

‫الحميمية ‪ :‬هي المجال الخاص الذي ال ينبغي أن ينكشف وينفتح أمام اآلخرين ألنه لو كان‬
‫‪ .‬األمر كذلك لما كانت هناك حميمية‬

‫االنغالق ‪ :‬ضد االنفتاح أو هو شكل من أشكال االنعزال أو االنكماش على الذات مما يجعلها‬
‫غامضة ومبهمة ألنها غير واضحة ومتجلية ‪.‬‬

‫‪ -8‬قيمة النص‪:‬‬

‫يقدم لنا النص تصور مثالي وواقعي لما يمكن ان يكون عليه األنا والغير ‪ ،‬أي هناك مشاركة‬
‫لكن ليست إلى حد الحلول ‪ ،‬مما يطرح صعوبة التوافق والتفاهم بين األفراد وخلق عالم مثالي‬
‫خال من الشر واأللم واإلقصاء ‪.‬‬
‫نظرة الغير‬

‫إذا كان الغير موجودا‪ ،‬مهما يكن هذا الوجود أو أينما يوجد‪ ،‬و أيا كانت عالقته معي‪ ،‬و دون‬
‫أن يؤثر في ذاتي إال بمجرد انبثاق وجوده‪ ،‬فإن لي مظهرا خارجا ‪ ،‬و لي طبيعة‪ ،‬و سقوطي‬
‫األصلي هو وجود الغير‪ .‬إن الخجل – مثله مثل الكبرياء‪ -‬هو إدراك ذاتي بوصفها طبيعة‪ ،‬و إن‬
‫كانت هذه الطبيعة نفسها تفلت مني‪ ،‬و غير قابلة ألن تعرف‪ .‬ليس هذا األمر شعورا مني بفقدان‬
‫حريتي ألصير شيئا‪ ،‬لكن هذه الحرية توجد هناك‪ ،‬خارج حريتي المعيشة‪ ،‬باعتبارها صفة معطاة‬
‫لهذا الوجود الذي أكونه بالنسبة إلى الغير‪.‬‬

‫إنني أتملك نظرة الغير في صميم فعلي‪ ،‬بوصفها تجميدا لممكناتي الخاصة و استالبا لها ( ‪...‬‬
‫) إن الغير بوصفه نظرة ليس غير تعالي أنا المعلو عليه )‪. (Transcendance transcendé‬‬
‫(‪ )...‬أقدم نفسي لتقديرات الغير و أحكامه من حيث إني موضوع زماني أو مكاني في العالم ( ‪...‬‬
‫) [ فكوني أنظر هو كوني] موضوعا مجهوال لتقديرات ال يمكن معرفتها‪ ،‬خصوصا التقديرات‬
‫المرتبطة بأحكام القيمة‪ :‬لكن‪ ،‬و بدقة‪ ،‬في نفس الوقت الذي أتعرف فيه‪ ،‬بواسطة الخجل أو‬
‫الكبرياء‪ ،‬أساس تلك التقديرات‪ ،‬فإني ال أكف عن اعتبارها كما هي‪ ،‬أعني إحداث تجاوز حر‬
‫للمعطى تجاه عالم الممكنات‪ .‬إن الحكم ( القيمي ) هو الفعل المتعالي للموجود الحر‪ .‬و هكذا فإن‬
‫كوني مرئيا ( من طرف الغير ) يشكلني بوصفي موجودا بدون دفاع عن حرية ليست هي حريتي‪.‬‬

‫بهذا المعنى نظهر للغير‪ ،‬بحيث نستطيع اعتبار أنفسنا " عبيدا "‪ ،‬لكن هذه العبودية ليست‬
‫النتيجة التاريخية و الممكن تجاوزها‪ ،‬لحياة ذات شكل مجرد للشعور‪ .‬فأنا عبد بالقدر الذي يرتبط‬
‫فيه وجودي بحرية ليست حريتي‪ ،‬لكنها الشرط األساسي في وجودي‬

‫جان بول سارتر‪ ،‬الوجود و العدم‪ ،‬بحث في االنطولوجيا الظاهراتية‪ ،‬ترجمة عبد الرحمان‬
‫بدوي‪ ،‬منشورات دار اآلداب‪ ،‬بيروت ‪،1411‬ص‪ ( 998-991 :‬بتصرف )‪.‬‬

‫‪ -1‬تــأطـيـر الــنـص‪:‬‬

‫النص عبارة عن مقاربة فلسفية مقتبس من كتاب" الوجود و العدم "‪ ،‬و فيه يروم الكتاب‬
‫إلى إبراز طبيعة الموقف الوجودي بصدد العالقة الوجودية بين األنا و الغير‪.‬‬

‫‪ -2‬صــاحــب الــنــص‪:‬‬

‫جون بول سارتر (‪ )1481-1415‬فيلسوف و كاتب فرنسي‪ .‬اشتغل في البداية كأستاذ للفلسفة‬
‫في التعليم الثانوي‪ ،‬قبل أن يعتزل التدريس و يتفرغ للفكر و الكتابة‪.‬و قد بدأ نشاطه الثقافي‬
‫بتأسيس مجلة " األزمنة الحديثة "‪.‬أم في المجال الفلسفي فقد تأثر بفلسفة هوسرل – المعروفة‬
‫باسم الفينومينولوجيا – كما أسس نزعة فلسفية جديدة تحت اسم "الوجودية" ليتكفل احد تالمذة‬
‫سارتر المخلصين له أال و هو فرانسيس جانسون على توضيح وجودية سارتر و ذلك بالقول في‬
‫كتابه »‪ «sartre par lui-même‬إلى أن سارتر عمد على تفسير الظواهر البشرية تفسيرا‬
‫ذاتيا‪ ،‬بحيث كان يريد للوجودية أن تواصل الحمالت التي بدأها كيركجارد ضد أولئك الذين كانوا‬
‫يفسرون الموقف البشري تفسيرا موضوعيا‪ .‬هذا و اهتم سارتر بتحليل مفهوم " الطبقة‬
‫اإلجتماعية " في مقالة نشرها بمجلته المسماة باسم " العصور الحديثة " سنة ‪ .1452‬و‬
‫خالصة رأيه في هذا الصدد هي أن الطبقة ال يمكن أن تكون مجرد واقعة سليبة متقبلة من‬
‫الخارج‪ ،‬كما أنها في الوقت نفسه ال يمكن أن تكون مجرد ناتج تلقائي محض‪ .‬كما اهتم بتحليل‬
‫الوعي العمالي و ذلك بدراسة الظروف التاريخية التي أحاطت بنشأة الحركة العمالية‪ .‬وليس من‬
‫شك في أن كل هذه الدراسات تشهد بأن سارتر قد وجد نفسه مضطرا إلى تأكيد الطابع االلتزامي‬
‫للحرية و ضم صوته إلى صوت األحرار في كل بقاع العالم من أجل إعالء صوت االنسان ضد‬
‫شتى مظاهر العبودية و الطغيان‪.‬‬

‫و من مؤلفاته الفلسفية ندكر‪ :‬الوجود و العدم ‪ -‬الوجودية مذهب انساني‪ -‬نقد العقل الجدلي‬

‫‪ -3‬إشكال النص‪:‬‬

‫هل و جود الغير ضروري من أجل إدراكي كذات ؟‬

‫‪ -9‬مفاهيم النص‪:‬‬

‫التعالي‪ :‬يدل لفظ التعالي على الخاصية األساسية للذات و التي ال تنفصل عن حريتها‪ ،‬فما هو‬
‫لذاته يمضي أبعد مما هو معطى في مشروع يصممه لذاته‪ .‬فاالنسان بطبيعته يتجاوز االنسان‪ ،‬و‬
‫هذا التجاوز تجاوز باطني في دائرة العالم‪ .‬كما يخلق االنسان مما هو عرضي شيئا ضروريا ‪ ،‬كما‬
‫يخلق مما هو اقتصادي شيئا عقليا‪.‬‬

‫الحرية ‪ :‬استقالل الذات فكريا و سلوكيا‪ ،‬و عدم خضوعها الكراهات خارجية‪.‬‬

‫االستالب ‪ :‬سيرورة ال واعية‪ ،‬يعيش الفرد داخلها حالة من التبعية إما للغير او لقوى‬
‫خارجية أخرى‪ .‬فقد يعني االستالب لحظة انغماس الفكر في الطبيعة‪ ،‬حيث يفقد الفكر كل حرية‪.‬‬
‫وقد يعني االستالب عملية اسقاط االنسان نشاطه الخاص‪.‬‬

‫‪ -5‬أطروحة النص‪:‬‬

‫إن الوجود مع الغير هو وجود يشوبه نوع من الصراع‪ ،‬فكل ذات تحاول أن تشيء اآلخر‬
‫لتشل من إمكاناتها من خالل النظرة‪ .‬لكن هذا الصراع هو صراع ضروري من أجل أن تحقق األنا‬
‫وعيا بذاتها بوصفها ذات حرة و متعالية‪.‬‬

‫‪ -1‬أفكار النص‪:‬‬

‫‪ -‬وجود الغير في عالقته باألنا ضروري فقدانا لحرية الفرد و إنما هي إدراك الذات لذاتها‬

‫‪ -‬نظرة الغير بالنسبة لألنا هي استالب لحرية الفرد و تجميد لممكانته الخاصة‪.‬‬

‫‪ -‬العبودية هي نتيجة العالقة الوجودية مع الغير‪ ،‬رغم أن وجودي رهين بوجوده‬

‫‪ -7‬حجاج النص‪:‬‬

‫‪ -‬أسلوب االستدالل ‪ ":‬إذا كان الغير موجودا ‪...‬فإن لي مظهرا خارجا ‪".‬‬

‫‪ -‬حجة التعريف ‪ ":‬إن الخجل هو إدراك ذاتي‪"...‬‬

‫‪ -‬حجة التقابل ‪ ... ":‬لكن هذه الحرية توجد هناك‪ ،‬خارج حريتي المعيشة "‬
‫‪ -‬حجة العرض و التفسير ‪ " :‬إن الغير بوصفه نظرة ليس غير تعالي‪"...‬‬

‫‪ -‬حجة االثبات ‪ " :‬بهذا المعنى نظهر للغير ‪" ...‬‬

‫‪ -8‬خالصة تركيبية ‪:‬‬

‫إن حضور الغير بالنسبة لألنا هو سلب للذات و قتل لعفويتها و ذلك بوصف األنا موضوعا‪،‬‬
‫فكل محاولة الدراك الغير هي مجاوزة للذات في فهم اآلخر‪ .‬فادراك الغير بوصفه أنا آخر مخالف‬
‫ألناي هي عالقة بين أشياء ال عالقة بينهما‪.‬‬

‫‪ -4‬قــيـمـة الــنــص‬

‫إن قيمة النص السارتري يتجلى في ما يراهن عليه الفيلسوف في فعل النظرة‪ ،‬ذلك أن فعل‬
‫النظرة هو فعل مزدوج‪ ،‬فهو ضروري من أجل إدراكي كوعي و كذات‪ .‬و في الوقت نفسه يصبح‬
‫هذا الفعل بمثابة قيد يحد من حرية الذات ليصبح االنسان عبدا أمام فعل هذا األخير‪ .‬لكن رغم‬
‫عبوديته‪ ،‬فالفيلسوف يراهن على حرية الفرد و استقاللية الذات من تبعية هذا االخير‪.‬‬

‫‪tafalsouf.com‬‬

You might also like