Professional Documents
Culture Documents
05نصوص محللة في الشعور بالانا والغير
05نصوص محللة في الشعور بالانا والغير
«ليس الغريب الذي هو اسم مستعار للحقد ولآلخر هو ذلك الدخيل المسؤول عن شرور
المدينة كلها ...وال ذلك العدو الذي يتعين القضاء عليه إلعادة السلم إلى الجماعة .إن الغريب
يسكننا على نحو غريب .إنه القوة الخفية لهويتنا ،والفضاء الذي ينسف بيتنا ،والزمن الذي
يتبدد فيه وفاقنا وتعاطفنا .ونحن إذ نتعرف على الغريب فينا ،نوفر على أنفسنا أن نبغضه في
ذاته .إن الغريب ،بوصفه عرضا داال يجعل الـ «نحن» إشكاليا وربما مستحيال ،يبدأ عندما ينشأ
لدي الوعي باختالفي ،وينتهي عندما نتعرف على أنفسنا جميعا وندرك أننا غرباء متمردون على
الروابط و الجماعات ...كيف يصبح اإلنسان غريبا ؟
نادرا ما يخطر على بالنا هذا السؤال ،لشدة اقتناعنا بكوننا مواطنين بصورة طبيعية ...أما
نحن انسقنا إلى طرحه طرحا سطحيا ،فسنضع ،على الفور ،من يتمتعون بالحقوق الوطنية ،في
جهة ونقصي من ينتمون إلى بلد آخر ولم يعرفوا كيف يحرصون على االنتماء إليه في الجهة
المقابلة .حقا إن لفكرة الغريب اليوم ،داللة حقوقية ،فهي تدل على من ال يتمتع بمواطنة البلد
الذي يقطنه .ومن المؤكد أن هذا الضبط من شأنه تهدئة الخواطر وإتاحة إخضاع األهواء
الشائكة للقوانين ،تلك األهواء التي يستثيرها تطفل اآلخر وانحشاره داخل انسجام أسرة أو
جماعة بشرية .غير أن يسكت عن ضروب القلق واالنزعاج التي تتصل بهذه الوضعية الشاذة ،
التي تتمثل في أن يتخذ اإلنسان وضعية المختلف داخل جماعة بشرية تنغلق على نفسها مقصية
المخالفين لها» .
من مؤلفاتها:
-اللغة،ذلك المجهول:مدخل إلى اللسانيات ...األمراض الجديدة للنفس.
-3اإلشكال:
ما هو الموقف الذي يجب اتخاذه من الغير البعيد :هل هو النبذ واإلقصاء أم التعايش
واالعتراف ؟
-9مفاهيم النص:
الغريب :هوا المجهول ،وغير المألوف ،والغامض ،والمخيف ،والمهمش ...ويتحدد
الغريب في إطار العالقات البشرية الملموسة بكونه كل من يتطفل على جماعة بشرية منظمة
ومتماسكة أو يرفضها ،محدثا في الحالتين خالال وعدم توازن في الجماعة.
-5أفكار النص:
إن تعرف الذات على الغريب فيها يوفر عليها أن تبغضه في ذاته . -
إن لفكرة الغريب اليوم داللة حقوقية ،فهي تدل على من ال يتمتع بمواطنة البلد الذي -
يقطنه.
-7أطروحة النص:
ترى كرستيفا أن وحدة الجماعة ليست في الحقيقة سوى مظهر عام ،عندما ندقق فيها
ينكشف لنا أن الجماعة بحكم اختالفاتها وتناقضاتها الداخلية تحمل غريبا في ذاتها ،فليس
المختلف عن الجماعة هو ذلك الدخيل أو العدو الذي يتعين القضاء عليه إلعادة السلم إلى
الجماعة .بل « إن الغريب يسكننا على نحو غريب ».
-8الحجاج:
تعتمد كرستيفا مجموعة من التقنيات الحجاجية لتدعيم أطروحتها ،منها :
حجة النقد « :ليس الغريب – الذي هو اسم مستعار للحقد ولآلخر – هو ذلك الدخيل»...
حجة اإلثبات « :إن الغريب يسكننا على نحو غريب»
حجة السلطة « :إن لفكرة الغريب اليوم ،داللة حقوقية ،فهي تدل على من ال يتمتع بمواطنة
البلد الذي ينتمي اليه» ...
-4خالصة تركيبية:
إن الموقف الذي ينبغي اتخاذه من الغريب ،هو االعتراف به و التعايش معه ،بدل النظر إليه
بأنه ذلك الدخيل الذي يهدد وحدة الجماعة و تماسكها ،والذي يتعين تدميره و إقصاؤه.فالجماعة
في ذاتها-حسب كرستيفا -تحمل غريبا.
-11قيمة النص:
للنص قيمة أخالقية تتجسد في الدعوة إلى االعتراف باآلخر المخالف للجماعة ،والتجاوب
معه و احترامه ،بدل نبذه و تدميره.ألن الغريب مضمر في الجماعة ذاتها و ليس فقط يوجد
خارجها.
الغيرية
« كل شيء فينا ينتمي لإلنسانية ،وكل شيء يأتينا منها :الحياة ،والثروة ،والموهبة
والمعرف والحنان ( )...وهكذا ،فعندما تختزل النزعة الوضعية كل األخالق اإلنسانية في فكرة
واحدة هي أن يحيا اإلنسان من أجل غيره ،فأن هذه النزعة تهدف إلى تهذيب الغريزة البشرية
الكونية وتسييجها ؛ بعد أن تم االرتقاء بالفكر النظري البشري تجاوز كل التركيبات الذهنية
الالهوتية والميتافيزيقية (.)...
ال يمكن لإلنسان األكثر مهارة وفطنة ونشاطا أن يرد إلنسانية ولو جزءا صغيرا مقابل ما
تلقاه منها .يستمر اإلنسان ،كما كان في طفولته ،يتغذى باإلنسانية ،ويتلقى الحماية من
اآلخرين ،ويطور قدراته داخلها ( )...وذلك كله بفضل اإلنسانية عليه ( )...لكن وبدل أن يتلقى
كل شيء منها بواسطة آبائه ،تنقل اإلنسانية له خيراتها عبر فاعلين متعددين غير مباشرين ،لن
يتعرف على الكثير منهم.
أن يحيى اإلنسان من أجل الغير ،يعني إذن ،عد كل واحد منا ،واجبا ضروريا ومستمرا ينبثق
عن هذه الواقعة المتعذر تجاوزها وهي :أن يحيى اإلنسان بفضل الغير .إنها ،وبدون حماس
عاطفي ،النتيجة الضرورية المستخلصة من تقدير دقيق لمجريات الوقع المدرك فلسفيا في
مجموعه ()...
عالوة على ذلك ،يجب أن يقوم انسجام أخالقي ،وبصفة جوهرية ،على الغيرية ،فهي وحدها
القادرة أن تزودنا بأعظم زخم للحياة .إن الكائنات البشرية المنحطة ،التي تطمح اليوم أن تحيى
بفضل الغير ،يجب عليها أن تتخلى عن أنانيتها الهمجية .فإذا ما تذوقت هذه الكائنات ،بما فيه
الكفاية ،ما تفضلت بتسميته ملذات الوفاء ،ستفهم آنذاك أن الحياة من أجل الغير تمنح الوسيلة
الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري بحرية ()...
وحدها دوافع التعاطف اإلنسانية تصنع االنطالقة الحقيقية الثابتة لحياة من أجل الغير ،حياة
يجد فيها كل واحد من أفراد المجتمع مساعدة من طرف اآلخرين ،لكن مقابل هذه المساعدة يقوم
هؤالء بكبح ميوالت الفرد الشخصية واألنانية» .
هذا النص مقتطف من كتاب كونت ” مواعظ وضعية“ الصادر سنة .1852و هو عبارة عن
حوار بين رجل داعية للفلسفة الوضعية ،و امرأة تبحث عن حقائق المجتمع في صورته
المتماسكة .و يطور كونت من خالله فكرة اإلنسانية باعتبارها ” مقدسا جديدا“ يبنى داخل
المجتمع بمجموع أفراده .و يندرج هذا النص ضمن مجزوءة الوضع البشري و ذلك من خالل
مفاهيم صريحة ،و هي :اإلنسانية ،األخالق ،الغير ،الغيرية...
ولد كونت بمدينة مونييه الفرنسية لوالدين كاثوليكيين ،التحق بمدرسة الفنون التطبيقية
بباريس عام ،1813وفي عام 1811تزعم حركة عصيان قام بها الطالب ،فصل عقبها من
المدرسة .واصل دراسته في مدرسة الهندسة إلى أن عين معيدا بها ،ثم عمل سكرتيرا للكاتب
االشتراكي سان سيمون .وفي عام 1825تزوج من كارولين ماسان .بدأ في عام 1821بإلقاء
سلسلة من المحاضرات العامة في الفلسفة الوضعية ،وفيها قدم تصوره للمعرفة و العلوم،
وحاول وضع أسس علمه الجديد الذي أطلق عليه ”علم االجتماع“.
-3اإلشكال:
-9مفاهيم النص:
-الغيرية :عند المحدثين هي اإليثار .و هي مقابلة لألنانية ،و تطلق في علم النفس على
الميل الطبيعي إلى الغير ،و في علم األخالق على القول بوجوب تضحية المرء بمصالحه الخاصة
في سبيل اآلخرين.
-األنانية :هي حب الذات الشديد الذي يمنع صاحبه من حب شيء آخر غير نفسه ،فاإلنسان
األناني تعليق مصالح الناس على مصلحته الخاصة و ينظر إلى جميع األشياء من زاوية نفسه.
-النزعة الوضعية :اتجاه فلسفي جدد في الفكر العلمي ،و اعتبره حالة قصوى في تطور
الفكر البشري ،و يعتبر أوغيست كونت مؤسس هذا االتجاه.
-5أفكار النص:
-تهدف النزعة الوضعية إلى تهذيب الغريزة البشرية الكونية و وتسييجها ،ألن اإلنسان يحيا
من أجل الغير و بفضل الغير.
-إن الحياة من أجل الغير تمنح الوسيلة الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري ،و لذلك يجب أن
يقوم انسجام أخالقي ،و بصفة جوهرية على الغيرية.
-تضع دوافع التعاطف اإلنساني االنطالقة الثابتة لحياة من أجل الغير ،شريطة كبح ميوالت
الفرد الشخصية و األنانية.
-1أطروحة النص:
يختزل كونت كل األخالق اإلنسانية في فكرة " أن يحيا اإلنسان من اجل غيره " ،ألن الحياة
من أجل الغير تمنح الوسيلة الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري بحرية انطالقا من دوافع
التعاطف اإلنساني التي تجعل كل فرد من أفراد المجتمع يتلقى مساعدة من طرف اآلخرين مقابل
كبح ميوالته الشخصية و األنانية.
-7الحجاج:
-حجة التفسير " :كل شيء فينا ينتمي لإلنسانية ،و كل شيء يأتينا منها :الحياة ،الثروة،
الموهبة" ...
-حجة التوكيد " :إن هذه النزعة تهدف إلى تهذيب الغريزة البشرية "
-حجة التحليل التاريخي " :تم االرتقاء بالفكر النظري البشري و تجاوز كل التركيبات
الذهنية الالهوتية و الميتافيزيقية" .
-حجة النفي " :ال يمكن لإلنسان ...أن يرد لإلنسانية و لو جزءا صغيرا مقابل ما تلقاه
منها".
-8خالصة التركيبية:
تتأسس العالقة مع الغير على اإليثار باعتباره الوسيلة الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري
بحرية لغاية تهذيب الغريزة اإلنسانية و وتسييجها.
-4قيمة النص:
تبرز قيمة هذا النص في أن أوغست كونت قطع مع الفلسفات المثالية و الميتافيزيقية،
مؤسسا بذلك فلسفة تجريبية تمجد الفكر العلمي و تعتبره أرقى ما وصلت إليه البشرية بعد أن
تجاوزت المرحلة الالهوتية و المرحلة الميتافيزيقية .و هذا ما يعرف عند كونت بقانون المراحل
الثالث.
الغير حاضر دوما
" يعتقد أن الغير يحولني إلى موضوع وينفيني ،مثلما أنني أحوله إلى موضوع وأنفيهه .لكهن
في الواقع ،ال تحولني نظرة الغير إلى موضوع ،وال تحوله نظرتي إلى موضوع إال إذا احتمى كهل
واحد منها بأعمهاق طبيعتهه الفكريهة ،و إال إذا تبادلنها نظهرة ال إنسهانية ،إال إذا أحهس كهل واحهد منها
بأفعالهه ،ال مههن حيههث ههي أفعههال مفهومههة ،وإنمهها مهن حيههث يههتم إدراكههها وكأنهها أفعههال حشههرة مههن
الحشرات .ذلك ما يحدث ،مثال ،عندما أكون موضوع نظرة إنسان مجهول .
لكن حتى في هذه الحالة ،ال يتم اإلحساس بالطابع الموضوعي الذي تحدثهه نظهرة الواحهد علهى
اآلخر إحساسا ثقيال إال ألنه يأخذ مكان تواصل ممكن .
فنظرة كلب إلي قلما تقلقني .لكن رفض التواصل هو نمط من أنماط التواصل .
فالحرية المتعددة الشكل ،والطبيعة المفكرة ،والعمق غير القابل لإلستيالب ،والوجهود الهذي
ال صفة له ،كل تلك العناصر الموجودة في وفي الغير تسجل حدود كل تعهاطف ،وتوقهف بالتأكيهد
التواصل ،لكنها ال تعدمه .
إذا كان علي أن أتعامل مع إنسان مجهول لم ينطق بعد الكلمة ،فإمكان أن أعتقد أنه يعهيش فهي
عههالم آخههر ،عههالم ال تسههتحق فيههه أفعههالي ،أفكههاري أن توجههد .لكههن مهها إن ينطههق بكلمههة ،أو يقههوم
بحركة تنم عن حالة نفاذ الصبر ،حتى يكف عهن التعهالي علهى ذاتهي ،وأقهول فهي نفسهي إن ذلهك
الصوت صوته ،وتلك األفكار أفكاره ،ها هو إذن المجال الذي اعتقدت أنه صعب اإلدراك .إن كهل
وجود اآلخرين ال يتعالى بشكل نهائي إال عندما يظل خامال ومنطويا على اختالفه الطبيعي .
فحتى التأمالت الكلية التي تفصل الفيلسوف عن أمته ،وعن أصدقائه ،وعن أحكامه المسهبقة
،وعن وجوده اإلمبريقي ،وبعبارة واحدة تفصله عن العالم ،والتي يبدو أنها تتركه وحيدا وحدة
مطلقة ،هي في الواقع فعل ،وكالم ،وبالتالي حوار .فاألنا وحدية ال يمكنها أن تكون أمرا حقيقيها
بشكل صارم ،إال عند شخص استطاع إدراك وجوده إدراكها ضهمنيا دون أن يكهون كائنها ودون أن
يفعل شيئا .وهو أمر محال ،ما دام وجود المرء يعني كونه في العالم .وال يمكن للفيلسوف أثنهاء
خلوته التأملية أال يحمل معه اآلخرين ،ألنه في هذا العالم المظلهم ،تعلهم بشهكل أبهدي أن يعهاملهم
على أنهم أشباهه ،وأن كل علم ال بد وأن ينبني على هذا الرأي .فالذاتية المتعالية ...ههي بهين –
ذاتية " ( .ترجمة فريق التأليف )
-2اإلشكال:
هل يمكن إدراك الغير ؟ وإذا كان األمر كذلك فما هي الطريقة الممكنة إلدراكه ؟ هل معرفتي
للغير تتوقف على ما يظهر لي من مظاهر ؟
-2األطروحة:
ال تتوقف معرفة الغير على ما يبدو لي و يظهر ألن ذلك يؤدي إللى تشييئه ،و إنما عن
طريق التواصل الواعي و الالشكلي...معرفة الغير تنتفي إذا كان هناك إلغاء تام أما في حالة
تحقيق التواصل فأن المعرفة تكون ممكنة.
-3األفكار األساسية:
ال يجب أن ننظر إلى عالقة األنا باآلخر وكأنها تتلخص في صراع حول الموضعة ،بل
يجب أن ننظر على أنها عالقة تواصل الشيء الذي ينفي العالقة المعرفية الموضوعية التي هي
نتيجة للنظر من موقع األنا أفكر أو العقل في نشاطه القائم على التجريد والتقييم ،وهذه
الوضعية يمكن تجاوزها عندما يدخل األنا والغير في عالقة معرفية متبادلة كل منهما في
فرديته ووعيه وحريته ،ويحضر التواصل حتى في حالة الالتواصل ألن غياب التواصل هو
تواصل ممكن .
ال يجب أن ننظر إلى عالقة األنا باآلخر وكأنها تتلخص في صراع حول الموضعة ،بل
يجب أن ننظر على أنها عالقة تواصل الشيء الذي ينفي العالقة المعرفية الموضوعية التي هي
نتيجة للنظر من موقع األنا أفكر أو العقل في نشاطه القائم على التجريد والتقييم ،وهذه
الوضعية يمكن تجاوزها عندما يدخل األنا والغير في عالقة معرفية متبادلة كل منهما في
فرديته ووعيه وحريته ،ويحضر التواصل حتى في حالة الالتواصل ألن غياب التواصل هو
تواصل ممكن .
-5حجج النص:
-1قيمة النص:
ال بد من إقامة عالقة جدلية تركيبية بين الذات والغير ،إذ ال وجود الستقالل كامل إال للكائن
المطلق أو للكل المطلق فالفرد ال يعرف االستقالل الكامل عن اآلخرين ،بل يكتسب استقالله
ضمن وجوده معهم مما يجعل الفرد ليس مسئوال على نفسه فقط وانه سيد على نفسه
ومستقل وحر كليا في أفعاله والحكم عليها وإنما المسؤولية تتعداه إلى اآلخرين .
عزلة األنا
كيف ال أحس ( )...بأن هذه الحميمية مع ذاتي التي تحميني وتحددني ،هي عائق نهائي أمام
كل تواصهل مهع الغيهر ؟ فقبهل قليهل ،كنهت بالكهاد موجهودا وسهط اآلخهرين .وآلن ،اكتشهفت فرحهة
اإلحساس بأنني أحيا إال أنني وحيهد فهي االنتشهاء بفرحهي .إن روحهي ملهك لهي فعهال ،غيهر أننهي
سجين داخلها ،وال يمكن لآلخرين اختراق وعيي ،مثلما ال يمكننهي فهتح أبوابهه لههم حتهى ولهو
تمنيت ذلك بكل صدق ( )...إن نجاحي الظاهر يخفي هزيمة شاملة :فالتجربهة الذاتيهة وحهدها ههي
الوجود الحقيقي ،وهي تجربة تظل غير قابلة ،اعتبارا لجوهرها ،لتكون موضوع نقل أو إخبار
.فأنا أعيش وحيدا محاطا بسور ؛ وأشعر بالعزلة أكثر من شعوري بالوحهدة ،وعهالمي السهري
سجن منيع .
واكتشف ،في نفس الوقت ،أن أبواب عالم اآلخرين موصدة في وجهي وعهالمهم منغلهق بقهدر
انغهالق عههالمي أمههامهم .إن ألهم الغيههر ،يكشههف لهي بمههرارة انفصههالنا الجهدري عههن بعضههنا الههبعض
،انفصههاال ال يقبههل بتاتهها االختههزال .فعنههدما يتههألم صههديقي ،يمكننههي ،بكههل تأكيههد ،مسههاعدته بفعاليههة
،ومواساته بكالمي ،ومحاولة تعويض األلم الذي يمزقه بلطف .غير أن ألمه يبقى رغم ذلهك ،ألمها
برانيا بالنسبة لذاتي .فتجربة األلم تظل تجربته الشخصية هو وليست تجربتي أنا .إني أتعذب بقدر
ما يتعذب ،وربما أكثر منه ،لكن دائما بشكل مغاير تماما عنه .فأنا ال أكون أبدا "معه" بشكل كلي
()......
هكذا هو اإلنسان ،سجين في آالمه ،ومنعزل في لذاته ووحيد في موته ()...محكوم عليه بهان
ال يشبع أبدا رغبته في التواصل،والتي لن يتخلى عنها أبدا.
غاستون بيرجي ،من القريب إلى الشبيه ،حضور الغير ،عمل جماعي ، 1957 ،ص 89
– 88
-2اإلشكال:
هل يمكن االستغناء عن الغير والعيش في عزلة مطلقة ؟ أم أن الغير ضروري لمعرفة
الذات وتطورها ؟
-3األطروحة:
تشكل الذات عالما فردا من نوعه في استقالل وانفصال عن الغير ،إذ ال يمكن سبر أغوار
أحدهما رغم حضورهما معا .
-9األفكار األساسية:
-استحالة معرفة الغير من فضل الحواجز والعوائق التي تنصبها الذات أمام اآلخرين مما
يجعلها ذاتا مبهمة أو شاذة تستعصي على اإلدراك والمعرفة .
-ال يمكن معرفة الغير كذاتي ،ألنه وإن كان شبيها لي فإنه ليس مثلي ،وهنا تطرح مسألة
االختالف وأن الغير ال يمكن أن يماثل الذات و إنما يختلف عنها ،وهذا االختالف يخرج الغير من
دائرة المعرفة والضبط واإلحكام
استحالة معرفة الغير تطرح لنا مسالة عزلة األنا الذي له إمكانية االستغناء عن اآلخرين
وبالتالي نسقط في الفر دانية المتطرفة أو األنا وحدية ،مما يجعل مسألة التعايش والتفاهم
مستحيلة ما دام ال يوجد أساس مشترك يمكن أن نتفق عليه وأن ننطلق منه في عملية بناء
الذات انطالقا مما تنتجه هذه الذوات .
-1حجج النص:
-7مفاهيم النص:
الحميمية :هي المجال الخاص الذي ال ينبغي أن ينكشف وينفتح أمام اآلخرين ألنه لو كان
.األمر كذلك لما كانت هناك حميمية
االنغالق :ضد االنفتاح أو هو شكل من أشكال االنعزال أو االنكماش على الذات مما يجعلها
غامضة ومبهمة ألنها غير واضحة ومتجلية .
-8قيمة النص:
يقدم لنا النص تصور مثالي وواقعي لما يمكن ان يكون عليه األنا والغير ،أي هناك مشاركة
لكن ليست إلى حد الحلول ،مما يطرح صعوبة التوافق والتفاهم بين األفراد وخلق عالم مثالي
خال من الشر واأللم واإلقصاء .
نظرة الغير
إذا كان الغير موجودا ،مهما يكن هذا الوجود أو أينما يوجد ،و أيا كانت عالقته معي ،و دون
أن يؤثر في ذاتي إال بمجرد انبثاق وجوده ،فإن لي مظهرا خارجا ،و لي طبيعة ،و سقوطي
األصلي هو وجود الغير .إن الخجل – مثله مثل الكبرياء -هو إدراك ذاتي بوصفها طبيعة ،و إن
كانت هذه الطبيعة نفسها تفلت مني ،و غير قابلة ألن تعرف .ليس هذا األمر شعورا مني بفقدان
حريتي ألصير شيئا ،لكن هذه الحرية توجد هناك ،خارج حريتي المعيشة ،باعتبارها صفة معطاة
لهذا الوجود الذي أكونه بالنسبة إلى الغير.
إنني أتملك نظرة الغير في صميم فعلي ،بوصفها تجميدا لممكناتي الخاصة و استالبا لها ( ...
) إن الغير بوصفه نظرة ليس غير تعالي أنا المعلو عليه ). (Transcendance transcendé
( )...أقدم نفسي لتقديرات الغير و أحكامه من حيث إني موضوع زماني أو مكاني في العالم ( ...
) [ فكوني أنظر هو كوني] موضوعا مجهوال لتقديرات ال يمكن معرفتها ،خصوصا التقديرات
المرتبطة بأحكام القيمة :لكن ،و بدقة ،في نفس الوقت الذي أتعرف فيه ،بواسطة الخجل أو
الكبرياء ،أساس تلك التقديرات ،فإني ال أكف عن اعتبارها كما هي ،أعني إحداث تجاوز حر
للمعطى تجاه عالم الممكنات .إن الحكم ( القيمي ) هو الفعل المتعالي للموجود الحر .و هكذا فإن
كوني مرئيا ( من طرف الغير ) يشكلني بوصفي موجودا بدون دفاع عن حرية ليست هي حريتي.
بهذا المعنى نظهر للغير ،بحيث نستطيع اعتبار أنفسنا " عبيدا " ،لكن هذه العبودية ليست
النتيجة التاريخية و الممكن تجاوزها ،لحياة ذات شكل مجرد للشعور .فأنا عبد بالقدر الذي يرتبط
فيه وجودي بحرية ليست حريتي ،لكنها الشرط األساسي في وجودي
جان بول سارتر ،الوجود و العدم ،بحث في االنطولوجيا الظاهراتية ،ترجمة عبد الرحمان
بدوي ،منشورات دار اآلداب ،بيروت ،1411ص ( 998-991 :بتصرف ).
-1تــأطـيـر الــنـص:
النص عبارة عن مقاربة فلسفية مقتبس من كتاب" الوجود و العدم " ،و فيه يروم الكتاب
إلى إبراز طبيعة الموقف الوجودي بصدد العالقة الوجودية بين األنا و الغير.
-2صــاحــب الــنــص:
جون بول سارتر ( )1481-1415فيلسوف و كاتب فرنسي .اشتغل في البداية كأستاذ للفلسفة
في التعليم الثانوي ،قبل أن يعتزل التدريس و يتفرغ للفكر و الكتابة.و قد بدأ نشاطه الثقافي
بتأسيس مجلة " األزمنة الحديثة ".أم في المجال الفلسفي فقد تأثر بفلسفة هوسرل – المعروفة
باسم الفينومينولوجيا – كما أسس نزعة فلسفية جديدة تحت اسم "الوجودية" ليتكفل احد تالمذة
سارتر المخلصين له أال و هو فرانسيس جانسون على توضيح وجودية سارتر و ذلك بالقول في
كتابه » «sartre par lui-mêmeإلى أن سارتر عمد على تفسير الظواهر البشرية تفسيرا
ذاتيا ،بحيث كان يريد للوجودية أن تواصل الحمالت التي بدأها كيركجارد ضد أولئك الذين كانوا
يفسرون الموقف البشري تفسيرا موضوعيا .هذا و اهتم سارتر بتحليل مفهوم " الطبقة
اإلجتماعية " في مقالة نشرها بمجلته المسماة باسم " العصور الحديثة " سنة .1452و
خالصة رأيه في هذا الصدد هي أن الطبقة ال يمكن أن تكون مجرد واقعة سليبة متقبلة من
الخارج ،كما أنها في الوقت نفسه ال يمكن أن تكون مجرد ناتج تلقائي محض .كما اهتم بتحليل
الوعي العمالي و ذلك بدراسة الظروف التاريخية التي أحاطت بنشأة الحركة العمالية .وليس من
شك في أن كل هذه الدراسات تشهد بأن سارتر قد وجد نفسه مضطرا إلى تأكيد الطابع االلتزامي
للحرية و ضم صوته إلى صوت األحرار في كل بقاع العالم من أجل إعالء صوت االنسان ضد
شتى مظاهر العبودية و الطغيان.
و من مؤلفاته الفلسفية ندكر :الوجود و العدم -الوجودية مذهب انساني -نقد العقل الجدلي
-3إشكال النص:
-9مفاهيم النص:
التعالي :يدل لفظ التعالي على الخاصية األساسية للذات و التي ال تنفصل عن حريتها ،فما هو
لذاته يمضي أبعد مما هو معطى في مشروع يصممه لذاته .فاالنسان بطبيعته يتجاوز االنسان ،و
هذا التجاوز تجاوز باطني في دائرة العالم .كما يخلق االنسان مما هو عرضي شيئا ضروريا ،كما
يخلق مما هو اقتصادي شيئا عقليا.
الحرية :استقالل الذات فكريا و سلوكيا ،و عدم خضوعها الكراهات خارجية.
االستالب :سيرورة ال واعية ،يعيش الفرد داخلها حالة من التبعية إما للغير او لقوى
خارجية أخرى .فقد يعني االستالب لحظة انغماس الفكر في الطبيعة ،حيث يفقد الفكر كل حرية.
وقد يعني االستالب عملية اسقاط االنسان نشاطه الخاص.
-5أطروحة النص:
إن الوجود مع الغير هو وجود يشوبه نوع من الصراع ،فكل ذات تحاول أن تشيء اآلخر
لتشل من إمكاناتها من خالل النظرة .لكن هذا الصراع هو صراع ضروري من أجل أن تحقق األنا
وعيا بذاتها بوصفها ذات حرة و متعالية.
-1أفكار النص:
-وجود الغير في عالقته باألنا ضروري فقدانا لحرية الفرد و إنما هي إدراك الذات لذاتها
-نظرة الغير بالنسبة لألنا هي استالب لحرية الفرد و تجميد لممكانته الخاصة.
-7حجاج النص:
-أسلوب االستدالل ":إذا كان الغير موجودا ...فإن لي مظهرا خارجا ".
-حجة التقابل ... ":لكن هذه الحرية توجد هناك ،خارج حريتي المعيشة "
-حجة العرض و التفسير " :إن الغير بوصفه نظرة ليس غير تعالي"...
إن حضور الغير بالنسبة لألنا هو سلب للذات و قتل لعفويتها و ذلك بوصف األنا موضوعا،
فكل محاولة الدراك الغير هي مجاوزة للذات في فهم اآلخر .فادراك الغير بوصفه أنا آخر مخالف
ألناي هي عالقة بين أشياء ال عالقة بينهما.
-4قــيـمـة الــنــص
إن قيمة النص السارتري يتجلى في ما يراهن عليه الفيلسوف في فعل النظرة ،ذلك أن فعل
النظرة هو فعل مزدوج ،فهو ضروري من أجل إدراكي كوعي و كذات .و في الوقت نفسه يصبح
هذا الفعل بمثابة قيد يحد من حرية الذات ليصبح االنسان عبدا أمام فعل هذا األخير .لكن رغم
عبوديته ،فالفيلسوف يراهن على حرية الفرد و استقاللية الذات من تبعية هذا االخير.
tafalsouf.com