You are on page 1of 114

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة محمد خيضر * بسكرة *‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫قسم العلوم السياسية‬

‫عنـــوان المـــذكـــرة‪:‬‬
‫السياسة العامة االقتصادية وأتثريها على االستقرار السياسي‬
‫دراسة حالة اجلزائر‬

‫"مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في العلوم السياسية "‬

‫تخصص‪ :‬سياسة عامة وادارة محلية‬

‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالب‪:‬‬

‫جدو فؤاد‬ ‫كتفي فيصل‬

‫السنة الجامعية‪.4102-4102 :‬‬


‫إهـ ـ ـ ــداء‬
‫إلى أمي وأبـي شفـاهما هللا وأطال عمرهما‪.‬‬

‫‪ ...‬أخي وأخواتي‪ ،‬وكل أفراد العائلـ ــة‪.‬‬

‫‪ .......‬األصدقـاء الذين يقدرون الصداقة الحقيقية‪،‬‬

‫‪ ...........‬كل األساتذة الذين درسوني في مشواري‪.‬‬

‫‪ ...............‬زمالء الدفعة بجامعة قـالمة وجامعة بسـكرة ‪.‬‬

‫أهديهم جميعـا عملي هـذا ‪ ......................................‬فيصل‪.‬‬


‫شكر و تقدير‬
‫قـال هللا تعالى‪َ﴿:‬ل ِئ ْن َش َكْرُت ْم ََل َِز َيدَّن ُك ْم﴾‬
‫سورة إبراهيم اآلية‪7‬‬

‫الحمد هلل الذي أنعم علينا بالعقـل والسداد والتوفيق إلنجاز هذه المذكرة‪.‬‬

‫شكر خاص موصول لألستاذ جدو فواد على طيب عطائه وحسن معونته‪.‬‬

‫إلى كل من علمني حرفـا أو أسداني نصحا‪ ،‬كل أساتذتي طيلة مشواري‬


‫الدراسي‪.‬‬

‫إى موظفي المكتبة بجامعتي بسكرة وسطيف‪.‬‬

‫شكرا لكم جميعا‪......................................................................‬فيصل‬


‫مـقدمـة‬
‫مقدمــة‬

‫مقدمـة‬

‫تلعب السياسة العامة دو ار بالغ األهمية في تشكيل الحاضر ووضع األسس األولى للمستقبل للنهوض بالدولة‬
‫و تنميتها في كل المجاالت والنواحي ‪ ،‬فإنها حظيت باهتمام متزايد من طرف الباحثين الغربيين لحد جعل منها‬
‫تخصصا قائما بذاته خصصت له برامج ودراسات و حوليات و نشريات علمية ساهمت بدرجة كبيرة في ترشيد‬
‫عملية صنعها وتنفيذها‪ ،‬وهذا ما نجده في الدول المتقدمة أين تحظى السياسة العامة بقدر من األهمية‪،‬‬
‫خاصة في الصنع والتنفيذ مما ينعكس على كافة مستويات التنمية في هذه الدول‪ ،‬وبالتالي تحقيق أعلى‬
‫درجات االستقرار السياسي فيها ‪.‬‬

‫كما يعتبر االستقرار السياسي من بين أهم األهداف التي تسعى الدول إلى تحقيقها والوصول إليها‪ ،‬فاالستقرار‬
‫السياسي هو نتاج تفاعالت جملة من المتغيرات السياسية واالقتصادية واألمنية‪ ،‬باإلضافة إلى الظروف‬
‫الدولية وان كان المتغير الداخلي له من األهمية بما كان في تحقيق هذا االستقرار‪.‬‬

‫كما تشير العديد من الدراسات إلى ضرورة تبني سياسات عامة رشيدة تتماشى مع المتطلبات الداخلية‬
‫والتحوالت الدولية في إطار تحقيق االستقرار السياسي وفق األطر العلمية وأساليب منهجية تسمح بتجسيد أهم‬
‫األهداف بغية الوصول إلى تحقيق االستقرار السياسي‪.‬‬

‫وتعتبر الجزائر من بين الدول التي تبنت هذه اإلستراتيجية في إطار السعي إلى تحقيق التنمية على جميع‬
‫مستوياتها وكذا االستقرار السياسي‪ ،‬أين عمدت إلى تبني العديد من السياسات خاصة منذ بداية حكم الرئيس‬
‫عبد العزيز بوتفليقة‪ ،‬بحيث تنوعت البرامج والسياسات الهادفة إلى تحقيق االستقرار السياسي‪.‬‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬

‫يعتبر موضوع السياسات العامة من بين المواضيع التي يهتم بها حقل العلوم السياسية‪ ،‬كما يحظى باهتمام‬
‫الباحثين واألكاديميين في فهم وتحليل السياسات العامة من منطق أنها األساس لتحقيق التنمية بجميع‬
‫مستوياتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫أ‬
‫مقدمــة‬

‫كما ترتكز أهمية هذه الدراسة على متغير أساسي هو اإلستقرار السياسي‪ ،‬من خالل البحث في عن سبل‬
‫تحقيقه والوصول إلية خاصة في ظل تفاعالت النظام الدولي الجديد‪.‬‬
‫تعتبر السياسات العامة في الجزائر من بين المواضيع التي تحظى بنقاش عالي جدا‪ ،‬وذلك ألهميته‬
‫وضرورته من أجل الخروج بالجزائر إلى الوضعية االقتصادية والسياسية المالئمة ووفق متطلبات التنمية‬
‫المستدامة‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪ :‬تهدف هذه الدراسة البحثية إلى ما يلي‪:‬‬

‫ـ تحديد العالقة بين السياسات العامة االقتصادية واالستقرار السياسي‪.‬‬

‫ـ ابراز العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة في صنع السياسات العامة االقتصادية‪.‬‬

‫ـ معرفة تأثير السياسات العامة االقتصادية على االستقرار السياسي في الجزائر خاصة في ظل ما تعرفه‬
‫الساحة الداخلة واالقليمية من تحوالت‪.‬‬

‫ومن هذا نطرح اإلشكالية الرئيسية على النحو التالي‪:‬‬

‫كـيف تؤثـر السياسـات العامـة االقتـصادية في اإلستـقرار السياسـي من خـالل‬


‫حـالة الجـزائر (‪)0224-0222‬؟‬

‫وتندرج تحت هذه االشكالية الرئيسية التساؤالت الفرعية التالية‪:‬‬

‫ـ ما المقصود بالسياسات العامة االقتصادية واالستقرار السياسي؟‬

‫ـ ما هي عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي؟‬

‫ـ ماهي انعكاسات السياسات العامة االقتصادية في الجزائر(‪ )0202-0222‬على االستقرار السياسي؟‬

‫وسنحاول اإلجابة على هذه االشكالية والتساؤالت انطالقا من الفرضيات التالية‪:‬‬

‫ـ ترتكز السياسات العامة االقتصادية على درجة قوة االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمــة‬

‫ـ ترتبط فعالية السياسات العامة االقتصادية بمتغيرات البيئة الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫ـ االستقرار السياسي مرهون برشاده السياسات العامة االقتصادية وفعاليتها‪.‬‬

‫أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬

‫أ‪-‬أسباب موضوعية‪:‬‬

‫‪ -‬طبيعة التخصص الدراسي تحتم علينا دراسة المواضيع ذات الصلة‪ ،‬خاصة وأن الموضوع المدروس في‬
‫صلب التخصص العلمي‪.‬‬

‫‪ -‬موضوع السياسات العامة من المواضيع الحيوية كونها تمثل جزء مهم في الحياة السياسية للمواطن‪ ،‬والتي‬
‫عرفت والتزال تحوال في الجانب األكاديمي والمنهجي ما يدفعنا إلى البحث والتعمق في دراستها‪.‬‬
‫‪ -‬أهمية االستقرار السياسي الذي يعتبر كمطلب رسمي وجماهيري مما يدفعنا إلى دراسته وفهمه‪.‬‬
‫أسباب ذاتية‪:‬‬
‫‪ -‬الرغبة الذاتية والعلمية في دراسة هذا الموضوع من خالل البحث والتعمق فيه إلثراء الرصيد المعرفي‬
‫الخاص من جهة واثراء المكتبة بمرجع جديد في موضوع ضمن التخصص‪.‬‬
‫‪ -‬بحكم إنتمائي الوطني ودارس للعلوم السياسية؛ دفعني هذا إلى تقديم دراسة بسيطة تساعد على قراءة‬
‫أسباب تحقيق اإلستقرار السياسي من خالل السياسات العامة االقتصادية‪.‬‬
‫منهج الدراسة‪ :‬تعتبر دراستنا هذه وصفية تحليلية‪ ،‬وتعتمد على منهج أساسي وهو منهج دراسة الحالة الذي‬
‫يهدف إلى نقطتين أساسيتين؛ األولى التعمق والثانية اإلستدالل من خالل اإلستقراء من الخاص إلى العام‪،‬‬
‫وهذا ما اعتمدناه في دراستنا هذه‪ ،‬ألنه يحتم علينا إسقاط السياسات العامة االقتصادية ودورها في اإلستقرار‬
‫السياسي من خالل حالة الجزائر‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‪ :‬سنتطرق إلى بعض الدراسات التي تناولت موضوع دراستنا ولو بجانب معين منه‪.‬‬
‫* دراسة عبد المجيد بوزيدي تحت عنوان "تسعينات االقتصاد الجزائري" سنة ‪ ،0111‬حيث يرى الباحث أن‬
‫تسعينات القرن الماضي هي منعرج االقتصاد الجزائري‪ ،‬وكذلك حتمية االنفتاح االقتصادي وابراز السياسات‬
‫االقتصادية إلرساء المعالم الجديدة للنظام االقتصادي واقتصاد السوق‪.‬‬

‫ج‬
‫مقدمــة‬

‫* دراسة بن سمينة دالل تحت عنوان " تأثير السياسات االقتصادية على تنمية االستثمارات األجنبية المباشرة في‬
‫ظل التحوالت االقتصادية‪-‬الجزائر‪ ،-‬حيث ترى الباحثة في الموضوع أن الجزائر تبنت جملة االصالحات‬
‫االقتصادية بعد أزمة ‪ 0191‬وهذا بالتعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين‪ ،‬نجحت من خاللها في تحقيق توازن‬
‫اقتصادي‪ ،‬ثم مواصلة االصالحات االقتصادية تنفيذا لبرامج التنمية الشاملة‪.‬‬
‫* دراسة فريح زينب‪" :‬دور العامل االقتصادي في التحوالت السياسية الراهنة بالمنطقة المغاربية " ‪،0202‬‬
‫حيث ترى أن العامل االقتصادي لعب دو ار بار از في التحوالت التي حدثت في المنطقة ومدى تأثيره على‬
‫االستقرار السياسي‪ ،‬السياسات االقتصادية هي أساس باقي السياسات العامة في باقي المجاالت‪.‬‬
‫منهجية الدراسة‪ :‬لقد اعتمدنا في دراستنا هذه منهج دراسة الحالة نظ ار لتناسبه مع موضوع الدراسة‪ ،‬اضافة‬
‫إلى التحليل ومن ثم االستقراء من العام الى الخاص وهذا من خالل التطرق إلى تأثير السياسات العامة‬
‫االقتصادية على االستقرار السياسي في الجزائر‪.‬‬
‫تقسيم الدراسة‪ :‬انطالقا من متغيرات اشكالية الدراسة والمتمثلة في السياسة العامة االقتصادية واالستقرار‬
‫السياسي والتنمية االقتصادية كحلقة وصل بينهما‪ ،‬فقد قسمنا دراستنا هذه كالتالي‪:‬‬
‫* الفصل األول‪ :‬إطار مفاهيمي ونظري للدراسة‪ ،‬تناولنا فيه في المبحث األول ماهية السياسات العامة‬
‫االقتصادية‪ ،‬من خالل تعريف السياسات العامة ثم السياسات العامة االقتصادية‪ ،‬باإلضافة إلى أنواعها‬
‫وأهدافها‪ ،‬أما في المبحث الثاني تطرقنا إلى ماهية االستقرار السياسي‪.‬‬
‫* الفصل الثاني‪ :‬تناولنا فيه عالقة السياسات العامة االقتصادية؛ من خالل محددات العالقة بين االستقرار‬
‫االقتصادي والسياسات العامة االقتصادية في مبحث أول ثم عالقة االستقرار السياسي باالستقرار االقتصادي‬
‫والتنمية االقتصادية في المبحث الثاني‪.‬‬
‫* الفصل الثالث‪ :‬وهو محور دراستنا فتطرقنا فيه إلى عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي‬
‫في الجزائر‪ ،‬وذلك في مبحثين؛ األول تناولنا فيه أهم السياسات االقتصادية في الجزائر (‪، )0202-0222‬‬
‫ثم االنعكاسات االقتصادية واالجتماعية والسياسية لهذه السياسات في المبحث الثاني‪.‬‬

‫د‬
‫خطـة الدراســــــة‬

‫مقدمـ ــة‬

‫الفصل األول ‪ :‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬ماهية السياسات العامة االقتصاديـة‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف السياسات العـ ـ ـامة‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تعريف السياسات العامة االقتصادية‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬أنواع السياسات العامة االقـتصادية‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬أهداف السياساات العامة االقتصادية‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬ماهـية االستقرار السيـاس ـي‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف االستقرار السيـاسي‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مقومات االستقرار السيـاسي‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬مؤشرات االستقرار السياسي‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬معـيقات االستق اررالسياسي‬

‫الفصل الثاني‪ :‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي‬

‫المبحث األول‪:‬عالقة االستقرار االقتصادي بالسياسات العامة االقتصادية‬

‫المطلب األول‪ :‬عالقة التوازن االقتصادي باالستقرار االقتصادي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عالقة االستقرار االقتصادي باالستقرار الخارجي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬دور اإلستقرار االقتصادي في التنمية االقتصادية‬

‫ه‬
‫خطـة الدراســــــة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬عالقة التنمية االقتصادية باالستقرار السياسي‬

‫المطلب األول‪ :‬عالقة االق ـتصاد بالسياسـة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التنمية االقتصادية بين دورالدولة والقطاع الخاص‬

‫المطلب الثالث‪ :‬دور التنمية االقتصادية في تحقيق االستقرار السياسي‬

‫الفصل الثالث‪ :‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪ )0202-0222‬على اإلستقرارالسياسي‬

‫المبحث االول‪ :‬أهم السياسات العامة االقتصادية في الجزائرخالل الفترة (‪.)0202-0222‬‬

‫المطلب األول‪ :‬برنامج دعم االنعاش االقتصادي (‪.)1002-1002‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المطلب الثاني‪ :‬البرنامج التكميلي لدعم النمو ( ‪.)1002-1002‬‬


‫المطلب الثالث‪ :‬المطلب الثالث‪ :‬برنامج التنمية الخماسي (‪.)1022-1020‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إنعكاسات السياسات العامة االقتصادية (‪.)0202-0222‬‬

‫المطلب األول‪ :‬االنعكاسات اإلقتصاديـة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االنعكاسات اإلجتماعيـة‬

‫المطلب الثالث‪ :‬االنعكاسات السيـاسيـة‬

‫خاتمة و استنتاجات‬

‫و‬
‫‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار‬


‫المفاهيمي والنظري‬
‫للدراسة‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫تمهيد‬

‫يعتبر موضوع السياسات العامة بشكل عام والسياسات االقتصادية بشكل خاص من أهم المواضيع التي‬
‫تم التطرق إليها من طرف العديد من الباحثين والمفكرين في مجال العلوم السياسية واالجتماعية‪ ،‬واضافة‬
‫إلى ذلك فإن موضوع اإلستقرار السياسي هواآلخر حظي باهتمام كبير من خالل الدراسات والتحليالت‬
‫الفكرية التي تطرق إليها عدة أساتذة وباحثين‪ ،‬وهذا نظ ار إلرتباطهما بشكل كبير بالحياة العامة ألفراد‬
‫المجتمع من جهة والنظام السياسي من جهة أخرى‪ .‬وانطالقا من هذا فإننا سنتطرق في هذا الفصل‬
‫المفاهيمي والنظري إلى كل من السياسات العامة االقتصادية واالستقرار السياسي كونهما المتغيرين‬
‫األساسيين للدراسة‪ ،‬وهذا في مبحثين؛ األول نتناول فيه ماهية السياسة العامة االقتصادية‪( ،‬من خالل‬
‫التطرق إلى تعريف السياسات العامة‪ ،‬ثم السياسات العامة اإلقتصادية‪ ،‬أنواعها وأهدافها)‪ ،‬أما في المبحث‬
‫الثاني فسنتطرق فيه لماهية اإلستقرار السياسي‪( ،‬من خالل تعريف االستقرار السياسي‪ ،‬ثم مقوماته‪،‬‬
‫مؤشراته ومعيقاته)‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية السياسات العامة االقتصادية‬

‫عرف مجال السياسات العامة كغيره من المجاالت المعرفية في العلوم االجتماعية بصفة عامة والسياسية‬
‫بصفة خاصة تحليالت ودراسات من طرف العديد من المفكرين والباحثين‪ ،‬وهو ما قاد إلى التطرق إلى‬
‫مواضيع أخرى ذات صلة‪ ،‬من بينها موضوع السياسات العامة االقتصادية‪ ،‬والتي سنتطرق لها في هذا‬
‫المبحث‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف السياسات العامة‬

‫على الرغم من حداثة مصطلح السياسات العامة ومحدودية الدراسات والبحوث في هذا المجال مقارنة بما‬
‫كتب عن غيره من المصطلحات السياسية واالدارية‪ .‬كما أن دراسته كتخصص ال تزال ناشئة وحديثة على‬
‫مستوى األقطارالعربية‪ ،‬فإن هناك العديد من التعريفات والمفاهيم التي قدمت له من طرف مجموعة من‬
‫الباحثين والمفكرين في حقل العلوم السياسية‪ ،‬ومع أن هناك تباين واختالف في الكلمات والمعاني التي تحملها‬
‫هذه التعريفات من حيث درجة تركيبها وبساطتها وكذا غموضا ووضوحها إال أن هناك في كل تعريف شيء‬
‫ما يعبر عن ماهية السياسات العامة ومضامينها المختلفة‪.‬‬

‫فبعض التعريفات تشبه السياسات العامة بالقوانين واألنظمة‪ ،‬بينما تشبهها تعريفات أخرى بالق اررات تارة‬
‫وباالستراتيجيات تارة أخرى‪.‬‬

‫إن بعض التعريفات تبرزالمحتوى االيجابي الذي يقرر ويوجه بالتصرف الذي يلزم الجهات المعنية بوضع‬
‫البرامج والخطط وتقديم الخدمات‪ ،‬بينما تبرز األخرى النهي واإلمتناع والكف عن التدخل أو القيام ببعض‬
‫‪1‬‬
‫التصرفات والمنهيات‪ ،‬بل إن السكوت ذاته قد يعتبر سياسة عامة بموجب بعض التعريفات‪.‬‬

‫إضافة لذلك فإن من التعريفات ما يربط السياسات العامة باألهداف الكبرى المستقبلية فيما تقتصر تعريفات‬
‫أخرى على األساليب والوسائل الموجهة لمعالجة المشكالت وتلبية الحاجيات المجتمعية‪.‬‬

‫‪-1‬عامر خضر الكبيسي‪ ،‬السياسات العامة مدخل لتطوير آداء الحكومات‪ ،‬بيروت‪:‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪،8002،‬‬
‫ص‪.5‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫ولقد تطورت مفاهيم السياسات العامة في ضوء المنظورات الفكرية الحديثة لعلماء السياسة واإلدارة العامة‬
‫واإلجتماع‪ ،‬ومن خالل توجهاتهم التي أولت العناية بموضوع السياسة العامة حاولوا أن يربطوا مفهوم السياسة‬
‫العامة بقضايا الشؤون المجتمعية العامة ومجاالتها على الرغم من وجود تفاوت وتباين حول األسس التي‬
‫ينطلقون منها عند بيان مواقفهم أوتعريفهم للسياسة العامة‪.‬‬

‫وسنحاول تقديم تعريفات للسياسات العامة بحسب المنطلقات الفكرية التي تمثل توجهات أصحابها من‬
‫العلماء والداعين لها‪.‬‬

‫‪-1‬السياسة العامة من منظور القوة‪:‬‬

‫فالقوة تمثل القدرة التي يحظى بها شخص ما للتأثير على األفراد والجماعات والق اررات ومجريات األمور بشكل‬
‫يميزه عن غيره نتيجة المتالكه لواحد أوألكثر من مصادر القوة المعروفة مثل اإلكراه‪ ،‬المال‪ ،‬المنصب‪ ،‬الخبرة‬
‫‪1‬‬
‫والشخصية‪.‬‬

‫قد عرف هارولد الزويل السياسة العامة بأنها‪ ":‬من يحوز على ماذا ؟ متى؟ وكيف؟" من خالل نشاطات‬
‫تتعلق بتوزيع الموارد والمكاسب والقيم والمزايا المادية والمعنوية وتقاسم الوظائف والمكانة اإلجتماعية بفعل‬
‫‪2‬‬
‫ممارسة القوة أوالنفوذ‪ ،‬والتأثير بين أفراد المجتمع من قبل المستحوذين على مصادر القوة‪.‬‬

‫فمنظورالقوة يعكس إمكانية الصفوة في حصولها على القيم الهامة عبر التأثيرعلى اآلخرين ‪ ،‬ويمكن‬
‫للسياسات العامة أن تكون انعكاسا لوجهة نظر وارادة أصحاب النفوذ والقوة‪ ،‬غيرأن هذا المنظور وجهت له‬
‫انتقادات من طرف كثير من المفكرين والعلماء الذين ال يرون أن القوة لوحدها قادرة على تفسير كل العالقات‬
‫والتفاعالت في المجتمع‪ ،‬فضال على تداخل المضامين السياسية و غير السياسية للقوة من جهة وكذلك أن‬
‫‪3‬‬
‫القوة ليست العامل الوحيد الذي يتحكم في النشاطات والتفاعالت المعبرة عن جوهر السياسة العامة‪.‬‬

‫‪ -1‬فهمي خليفة الفهداوي‪ ،‬السياسة لعامة‪ ،‬مظور كلي في البنية والتحليل‪ ،‬الجزائر‪ :‬دارالمسيرة للطباعة والنشر‪ ،8002،‬ص‪.28‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.28‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫‪-2‬السياسات العامة من منظور تحليل النظام‪:‬‬

‫يشكل مفهوم النظام اهتماما عند دافيد استون الذي كان يرى أنه يتألف من مجموع متغيرات ذات عالقة مكثفة‬
‫وتأثير متبادل فيما بينها‪ ،‬وبالتالي فإنه ينظر للسياسة العامة كنتيجة متحصلة في حياة المجتمع‪ ،‬من منطلق‬
‫تفاعلها الصحيح مع البيئة الشاملة وصوال إلى الظاهرة السياسية التي يتعامل معها النظام السياسي‪ ،‬فهو‬
‫يعرفها بأنها توزيع القيم في المجتمع بطريقة سلطوية آمرة من خالل الق اررات واألنشطة اإللزامية الموزعة لتلك‬
‫القيم في إطار عملية تفاعلية بين المدخالت والمخرجات والتغذية الراجعة‪.‬‬

‫فالمدخالت تمثل (مطالب األفراد أو دعمهم)‬

‫والمخرجات تمثل (الق اررات واألنظمة واألنشطة الملزمة لألفراد)‬

‫التغذية الراجعة تمثل (ردود أفعال األفراد حيال المخرجات)‬

‫وعلى نفس النحو يرى غابريال ألموند(‪ (G.Almond‬بأن السياسة العامة تمثل محصلة عملية من تفاعل‬
‫المدخالت (مطالب و دعم) مع المخرجات (قدرات و ق اررات و سياسات) للتعبير عن آداء النظام السياسي‬
‫في قد ارته (االستخراجية‪ ،‬التنظيمية‪ ،‬التوزيعية‪ ،‬الرمزية‪،‬االستجابية والدولية) من خالل الق اررات والسياسات‬
‫‪1‬‬
‫المتخذة‪.‬‬

‫ويتفق معهما في هذا التوجه كل من بربارة مكلينان(‪ )B.Mclennan‬التي تعرف السياسات العامة بأنها‬
‫النشاطات والتوجيهات الناجمة عن العمليات الحكومية استجابة للمطالب المجتمعية‪ ،‬وكذلك ميشيل روكسن‬
‫)‪(M.Roksin‬و زمالؤه فهم يعرفون السياسات العامة بأنها طلبات المواطنين التي يستشعرها متخذ القرار و‬
‫معالجتها عن طريق المخرجات التي تتمثل في العمليات و النشاطات والق اررات السلطوية وتفعيل دور‬
‫‪2‬‬
‫التغذية الراجعة ألغراض التعديل وألغراض االضافات ‪.‬‬

‫إن هذا المنظور الذي استطاع أن يقدم نظرة كلية واسعة لحركية البيئة وتفاعل نظمها ذات التأثير المتبادل‬
‫بينها‪ ،‬اضافة إلى كونه يمثل أهمية كبيرة لدى المعنيين بالسياسة العامة‪ ،‬إال أنه لم يسلم من اإلنتقادات‬
‫خاصة فيما يتعلق بتناوله للقيم بصورة مطلقة دون حصرها في إطار السياسة العامة‪ ،‬إضافة إلى إغفاله‬

‫‪-1‬محمد نصر مهنا‪ ،‬النظرية السياسية والسياسة المقارنة‪،‬االسكندرية‪ :‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬د س ن‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪-2‬فهمي خليفة الفهداوي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫للجوانب غير الرسمية ومدى تأثيرها على ق اررات السياسة‪ ،‬وكذلك عدم عنايته بالسلوك الفردي لألشخاص‬
‫ممن لهم دور في مجريات السياسة العامة‪ ،‬فضال عن تغييب واضح لفاعلية النظم األخرى‪.‬‬

‫وفي النهاية فإن هذا المنظور يفترض استم اررية وبقاء النظام السياسي والعمل بآلية منتظمة ضمن هذه الدائرة‬
‫من التفاعالت مما يعكس صالحية نسبية للتطبيق العملي ضمن البيئات المحافظة وعدم صالحيته في‬
‫‪1‬‬
‫البيئات المتحركة والثورية والمتغيرة‪.‬‬

‫‪-3‬السياسات العامة من منظور الحكومة‪:‬‬

‫بوصف الحكومة سلطة تمارس السيادة في الدولة لحفظ النظام العام وتنظيم األمور داخليا وخارجيا‪ ،‬اضافة‬
‫الى أنها بنية تنظيمية تتكون من أجهزة ومؤسسات وقواعد قانونية فإن السياسة العامة يمكن النظر لها من‬
‫خالل كونها مارسة التخاذ الق اررات ورسم السياسات في سبيل صيانة بنيتها التنظيمية وممارسة أعمالها ألجل‬
‫حفظ النظام واألمن لمجتمعها داخليا وخارجيا‪.‬‬

‫فمن هذا المنطلق عرفها هنري توني‪-‬مبر از األطرالفنية‪-‬بأنها‪" :‬تلك الوسائل المعتمدة من طرف الحكومة في‬
‫‪2‬‬
‫سبيل احداث تغييرات معنية داخل النظام االجتماعي للدولة"‪.‬‬

‫وثمة تعريفات متعددة أخرى لعدد من األساتذة والمفكرين العرب ومعظمها تندرج في اطار ما قدمناه من‬
‫تعريفات بحسب المنظورات الثالث‪ ،‬فقد قدم مجموعة من األساتذة الذين اشتركوا في وضع معجم‬
‫المصطلحات السياسية تعريفا جيدا ومناسبا للسياسة العامة يعكس الطابع الفني والعلمي لمضمون السياسة‬
‫العامة ومحتواها ونتائجها وهو‪" :‬السياسة العامة هي مجموعة القواعد والبرامج الحكومية التي تشكل ق اررات أو‬
‫مخرجات النظام السياسي بصدد مجال معين‪ ،‬ويتم التعبير عن السياسة العامة في عدة صور وأشكال منها‬
‫‪3‬‬
‫القوانين واللوائح و الق اررات االدارية واألحكام القضائية"‪.‬‬

‫‪ -1‬عثمان ياسين الرواف‪ "،‬تطور مفاهيم علم السياسة و تحديد الظاهرة السياسية"‪ ،‬الرياض‪:‬مجلة العلوم االدارية‪ ،‬م‪ ،8‬ع‪،1‬‬
‫ص‪.122‬‬
‫‪ -2‬فهمي خليفة الفهداوي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ -3‬عثمان ياسين الرواف‪ ،‬مرجع سابق‪.198،‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫هذا وان تقديم تعريف محدد بذاتة دون غيره للسياسة العامة يعتبر من األمور غير المنطقية أو المقبولة نظ ار‬
‫لتعدد المجاالت ولتباين وجهات النظر في الفلسفة واألفكار والمعارف‪ ،‬لكن تجدر اإلشارة إلى أن جل‬
‫التعريفات المقدمة للسياسات العامة تتشارك في خصائص معينة من خصائص السياسات العامة‪ ،‬لعل أبرزها‬
‫أن السياسات العامة هي نشاطات حكومية وأنها تسعى إلى تحقيق أهداف معينة أو تلبية للحاجات العامة‬
‫ألفراد المجتمع‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف السياسات العامة االقتصادية‬

‫يقصد بالسياسة اإلقتصادية عامة كل ما يتعلق باتخاذ الق اررات وادارة النشاطات الخاصة باإلختيار بين‬
‫الوسائل المختلفة واآلليات المعتمدة لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية معينة‪ ،‬والبحث عن أفضل الطرق‬
‫الموصلة إلى تحقيق هذه االهداف‪ ،‬كما يعرفها بعض المفكرين والدارسين على أنها مجموعة االجراءات‬
‫‪1‬‬
‫الحكومية التي بموجبها يتم تحديد معالم البيئة االقتصادية التي تعمل في ظلها الوحدات االقتصادية‪.‬‬

‫وهناااك ماان يعرفهااا بأنهااا مجموعااة األدوات واألهااداف االقتصااادية والعالقااات المتبادلااة بينهااا تحاات مسااؤولية‬
‫الدولة على إعتبار أنها هي المساؤولة عان إعاداد وتنفياذ السياساات العاماة الكلياة بماا فيهاا االقتصاادية‪ ،‬إضاافة‬
‫إلااى ذلااك فهااي مجموعااة التوجيهااات والتصارفات العموميااة التااي لهااا إنعكاسااات علااى الحياااة االقتصااادية‪ ،‬فعلااى‬
‫ساابيل المثااال سياسااة اإلنفاااق الحكااومي والسياسااة النقديااة‪ ،‬وتعباار السياسااة العامااة عاان تصاارف عااام للساالطات‬
‫‪2‬‬
‫العمومية في المجال اإلقتصادي‪ ،‬كأن تتعلق باإلنتاج‪ ،‬التبادل‪ ،‬االستهالك وتكوين رأس المال‪.‬‬

‫فالسياسة اإلقتصادية تسعى إلى تحقيق عدد من األهداف باستعمال وسائل متعددة وآليات معينة‪ ،‬وبالتالي‬
‫فهي مجموعة الق اررات المترابطة المتخذة من طرف السلطات المختصة والهادفة باستخدام مختلف الوسائل‬
‫إلى تحقيق األهداف المتعلقة بالحالة االقتصادية في األجل القصير أو األجل الطويل‪.‬‬

‫ويتضا ا ااح ما ا اان خا ا ااالل التعا ا اااريف العديا ا اادة للسياسا ا ااات العاما ا ااة االقتصا ا ااادية أنها ا ااا تتمثا ا اال فا ا ااي قيا ا ااام الدولا ا ااة‬
‫ب ا ااالخطوات واإلج ا ا اراءات الالزم ا ا اة التاا ااي تمكننهاا ااا ماا اان تحقيا ا ااق أه ا ااداف اقتص ا ااادية واجتماعياا ااة‪ ،‬لهاا ااذا وجاا ااب‬

‫‪ -1‬نعمة هللا نجيب وآخرون‪ ،‬مقدمة في االقتصاد‪ ،‬بيروت‪ :‬الدار الجامعية ‪ ،1990،‬ص‪.141‬‬
‫عبد المجيد قدي ‪ ،‬المدخل للسياسات االقتصادية الكلية‪ ،‬دراسة تحليلية وتقييمية‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫‪-8‬‬

‫‪ ،8002‬ص‪.89‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫عل ا ااى السياس ا ااة االقتص ا ااادية الت ا ااي تنتهجه ا ااا الدول ا ااة أن تك ا ااون ق ا ااادرة عل ا ااى الوص ا ااول ال ا ااى أقص ا ااى ح ا ااد م ا اان‬
‫الكفا اااءة عنا ااد اسا ااتخدامها للم ا اوارد المتاحا ااة لتحقيا ااق أقصا ااى الغايا ااات‪ ،‬أو بمعنا ااى آخا اار اسا ااتخدام أقا اال حجا اام‬
‫من الموارد لتحقيق أكبر قدر من األهداف‪ ،‬وهذه الكفاءة تتوقف على أمرين أساسيين‪:‬‬

‫‪ -‬تحقيق التوازن المالي للدولة حيث يتم التنسيق بين االيراد العام واالنفاق الحكومي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬زيادة حجم المدخرات المحلية لحجم اإلستثمار‪.‬‬

‫إن السياسة العامة اإلقتصادية تهدف في األجل الطويل إلى الوصول إلى عدد من الغايات‪ ،‬والمتمثلة في‬
‫تحقيق التضامن الوطني والعدالة االجتماعية وتقليل الالمساواة وتحسين مستوى معيشة األفراد‪ ،‬ويضاف إلى‬
‫ذلك أن السياسة االقتصادية لدولة ما يمكن تحديدها على أنها مجموعة األهداف واألدوات االقتصادية‬
‫والعالقات المتبادلة بينها‪ ،‬وبالتالي فإن مفهوم السياسة االقتصادية اليخرج عن األهداف المنشودة واألدوات‬
‫المستعملة والزمن الالزم لتنفيذها‪.‬‬

‫ويستخدم االقتصاديون عادة مصطلحي السياسة االقتصادية الكلية والسياسة االقتصادية الجزئية حين يفرقون‬
‫بين السياسات التي يتأثر بها االقتصاد الوطني كتلك المتعلقة باألسعار‪ ،‬الرواتب واألجور‪ ،‬العملة الوطنية‪،‬‬
‫اإلستيراد والتصدير‪ ،‬االستثمار واالدخار وحرية التجارة وانتقال رؤوس األموال أو الديون أو المنافسة‬
‫‪2‬‬
‫واإلحتكار أو التخصيص والتأميم‪.‬‬

‫هذا وتتمثل إجراءات ومضامين السياسات االقتصادية ‪-‬التي بدورها تعتبر مظه ار خاصا من مظاهر‬
‫السياسة العامة الكلية للدولة‪-‬في‪:‬‬

‫‪-1‬تحديد األهداف التي تسعى السلطات العامة لتحقيقها‪ ،‬حيث تتمثل أساسا في النمو االقتصادي‪ ،‬التشغيل‬
‫الكامل‪ ،‬توازن ميزان المدفوعات وكذا استقرار األسعار‪.‬‬

‫‪-2‬وضع تدرج في األهداف‪ ،‬ذلك أن بعض األهداف تكون غير منسجمة مع بعضها‪.‬‬

‫‪ -8‬دراوسي مسعود‪" ،‬السياسة المالية ودورها في تحقيق التوازن االقتصادي‪ ،‬حالة الجزائر"‪ ،‬رسالة دكتوراه ( العلوم االقتصادية‪،‬‬
‫كلية العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة الجزائر)‪ ، 8005 ،‬ص‪.42‬‬
‫ص‪.82‬‬ ‫‪ -2‬عامر خضرالكبيسي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫‪-3‬تحليل اإلرتباط بين الهداف‪ ،‬حيث أنه عند وضع تدرج في األهداف البد من وضع نموذج اقتصادي‬
‫يوضح العالقات بين المتغيرات االقتصادية األساسية‪.‬‬

‫‪-4‬اختيار الوسائل‪ ،‬حيث ترتبط الوسيلة المختارة بالغايات المجسدة في األهداف‪ ،‬وتتكون هذه الوسائل من‬
‫‪1‬‬
‫فروع السياسة االقتصادية والتي من أهمها السياسة المالية والسياسة النقدية وسياسة الصرف األجنبي‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أهداف السياسات العامة االقتصادية‬

‫على غرار باقي السياسات العامة في مختلف المجاالت‪ ،‬تعتبر أهداف السياسات العامة االقتصادية مرنة‬
‫وغايتها تلبية الحاجات العامة وصوال في النهاية إلى تحقيق الرفاهية العامة‪ ،‬ويكمن ترجمتها في أربعاة أهداف‬
‫أساسية تتمثل في‪:‬‬

‫أوال‪ :‬البحث عن النمو االقتصادي‬

‫ويعتبر الهدف األكثر عمومية بحيث يتعلق بارتفاع مستمر لإلنتاج والمداخيل‪ ،‬وعادة ما يتم إعتماد الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي كأداة لقياس النمو‪ ،‬إال أن هذا المقياس قد يطرح مشاكل تتعلق بمضمون الناتج المحلي‬
‫‪2‬‬
‫اإلجمالي الخام‪ ،‬وهذا راجع الختالف نظم المحاسبة الوطنية في تحديد حقل اإلنتاج‪.‬‬

‫ويعبر عن الناتج المحلي اإلجمالي بالعالقة التالية‪:3‬‬

‫الناتج المحلي اإلجمالي = مجموع القيمة المضافة ‪+‬مجموع الرسم على القيمة المضافة‬
‫‪ +‬مجموع الحقوق الجمركية‪.‬‬

‫‪-1‬عبد المجيد قدي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ -2‬وليد عبد الحميد عايب‪ ،‬اآلثار االقتصادية الكلية لسياسة االنفاق الحكومي‪ ،‬دراسة تطبيقية قياسية لنماذج التنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬بيروت‪ :‬مكتبة حسين العصرية للنشروالتوزيع‪ ،8010 ،‬ص‪.28،22‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫أو بالعالقة التالية‪:‬‬

‫التركم الخام لألصول الثابتة‬


‫الناتج المحلي اإلجمالي = مجموع اإلستهالك النهائي‪ +‬مجموع ا‬
‫‪ +‬مجموع تغير المخزون ‪ +‬مجموع الصادرات – مجموع الواردات‪.‬‬

‫وبالت ااالي ف ااإن النم ااو االقتص ااادي ف ااي بل ااد م ااا يتجس ااد بزي ااادة اإلنت اااج خ ااالل فتا ارة طويل ااة نس اابيا وه ااذا م ااايميز‬
‫اقتصاديات الدول المتقدمة‪ ،‬ويعد اإلنتاج الصناعي والدخل الوطني والناتج الوطني ثاالث مجمعاات اقتصاادية‬
‫‪1‬‬
‫لبلد ما تحدد مدى اتساع النمو‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬البحث عن التشغيل الكامل‬

‫يعتبر التشغيل الكامل بمفهومه الواسع االستعمال الكامل لكل عوامل اإلنتاج والتاي يعاد عنصار العمال أهمهاا‪،‬‬
‫ويعرف االقتصاديون العمالاة الكاملاة بأنهاا مساتوى العمالاة التاي يتحقاق مان االساتخدام الكافء لقاوة العمال ماع‬
‫السماح لمعدل عادي من البطالة يناتج مان التغيارات الدينامكياة والظاروف الهيكلياة للبنياان االقتصاادي‪ ،‬وتقسام‬
‫البطالة لثالثة أنواع‪:‬‬

‫‪-1‬بطالة احتكاكية‪ :‬وهي بطالة ناشئة عن تغيرات ثابتة في اإلقتصاد تمنع العمال المؤهلين العاطلين من‬
‫اإل لتحاق بفرص العمل المتاحة‪ ،‬وتنتج جراء نقص المعلومات عن فرص العمل المتاحة‪ ،‬ويقل هذا النوع من‬
‫البطالة كلما زادت نسبة توفر المعلومات ومرونتها‪.‬‬

‫يمكن أن نحدد األسباب التي تؤدي إلى ظهور هذا النوع من البطالة فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬اإلفتقار إلى المهارة والخبرة الالزمة لتأدية العمل المتاح‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬صعوبة التكيف الوظيفي الناشئ عن تقسيم العمل والتخصص الدقيق‪.‬‬
‫‪-2‬بطالة هيكلية‪ :‬تعرف البطالة الهيكلية على أنها البطالة التي تنشأ بسبب اإلختالف والتباين القائم بين‬
‫‪3‬‬
‫هيكل توزيع القوى العاملة وهيكل الطلب عليها‪.‬‬

‫‪ -1‬وليد عبد الحميد عايب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28.22‬‬


‫‪ -2‬بشير الدباغ و عبد الجبار الجرمود‪ ،‬مقدمة في االقتصاد الكلي‪ ،‬األردن‪ :‬دارالمناهج للنشروالتوزيع‪ ،3002،‬ص‪.293‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.292‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫كما يقترن ظهورها بإحالل اآللة محل العنصر البشري أو عند وقوع تغيرات في قوة العمل كدخول المراهقين‬
‫والشباب إلى سوق العمل بأعداد كبيرة مما يؤدي إلى اإلستغناء عن عدد كبير من العمال‪.‬‬
‫وقد عرفت البلدان الصناعية المتقدمة تزايدا في البطالة الهيكلية بسبب إف ارزات النظام العالمي الجديااد والذي‬
‫تسارعت وتيرته عبر نشاط الشركات المتعددة الجنسيات التي حولت صناعات كثيرة منها إلاى الادول النامي ااة‬
‫بسبب ارتفاع معدل الربح في هذه األخيرة‪ ،‬هذا االنتقاال أفقاد كثيا ار مان العماال الاذين كاانوا يشاتغلون فاي هاذه‬
‫الدول مناصب عملهم وأحالهم إلى بطالة هيكلية طويلة المدى‪.‬‬
‫‪-3‬بطالة موسمية‪ :‬ينشأ هذا النوع من البطالة نتيجة ركود قطاع األعمال وعدم كفاية الطل اب الكلي على‬
‫العمل‪ ،‬كما قد تنشأ نتيجة لتذبذب الدورات االقتصادية ‪.‬‬

‫تعادل البطالة الموسمية الفرق الموجود بين العدد الفعلي للعاملين وعددهم المتوقع عند مستوى اإلنتاج‬
‫المتاااح وعلياه فعندما تعادل البطالة الموسمية الصفر فإن ذلك يعني أن عدد الوظائف الشاغرة خالل الفترة‬
‫‪1‬‬
‫يسااوي عادد األشخااص العاطلين عن العمل‪.‬‬
‫ولمحاربة البطالة وتحقيق التشغيل الكامل يجب أن تمس السياسة النقدية تنشيط اإلقتصاد الزيادة اإلستثمار‬
‫‪2‬‬
‫وبالتالي زيادة العمالة‪ ،‬إلى جانب تنشيط الطلب الفعال‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التحكم في التضخم‪:‬‬

‫باعتبار أن التضخم هو بمثابة اتجاه مستمر في ارتفاع مستوى األسعار في األسواق فإنه يهدد في آن واحد‬
‫اإل ستقرار االقتصادي والسياسي‪ ،‬لذا فالدولة تعمل على التأثير على األسعار عن طريق االنفاق العام بغية‬
‫تحقيق جملة من األ هداف حيث يتم هذا التأثير عن طريق إما دعم لبعض السلع الواسعة االستهالك أو عن‬
‫‪3‬‬
‫طريق توجيه النفاق العام أو زيادة االستثمار واستبعاد (تخفيض) النفقات غير المنتجة‪.‬‬

‫‪ -1‬بشير الدباغ و عبد الجبار الجرمود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.296‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Frederic mishkin, Monnairie, Banques et marchés financieres, 7eme édition, France : 2004.p156.‬‬
‫‪ -3‬محمد بن عزة‪" ،‬ترشيد سياسة االنفاق العام باتباع منهج االنظباط باألهداف‪-‬دراسة تقييمية لسياسة االنفاق العام في الجزائر‬
‫خالل الفترة ‪ ،"2119/1991‬مذكرة ماجستير( العلوم االقتصادية‪،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارة‪،‬جامعة تلمسان) ‪،2111‬‬
‫ص‪.99‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫فالمؤش ارات االقتصااادية قااد تختاال نتيجااة عاادم الااتحكم فااي معاادل التضااخم وهااو مااا يااؤثر فااي اتخاااذ الق ا اررات‬
‫االقتصااادية‪ ،‬ويسااتعمل هااذا المصااطلح لوصااف العديااد ماان الحاااالت ويختلااف حسااب مصاادر التضااخم‪ ،‬مثاال‬
‫اإلرتفاع المفرط في المستوى العام لألسعار وارتفاع الدخول النقدياة وارتفااع التكااليف‪ .‬وتعتبار األرقاام القياساية‬
‫األدوات األكثاار فعاليااة لقياااس التضااخم‪ ،‬كمااا يعتباار ال ارقم القياسااي ألسااعار المسااتهلك مؤش ا ار احصااائيا لقياااس‬
‫تط ااور مجم ااوع أس ااعار التجزئ ااة للس االع والخ اادمات المس ااتهلكة م اان قب اال الع ااائالت‪ ،‬وم اان ث اام يس ااتخدم كمؤش اار‬
‫‪1‬‬
‫التجاهات التضخم واإلنكماش االقتصادي‪.‬‬

‫ويتم قياس التضخم باستخدام عدة مؤشرات أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬الرقم القياسي ألسعار المستهلك‪ :‬من خالل تغيرات القوة الشرائية للنقود وأسعار السلع والخدمات‪.‬‬

‫‪ -‬معاماال االسااتقرار النقاادي‪ :‬وينطلااق هااذا المعيااار ماان النظريااة الكميااة للنقااود والتااي تاارى أن الزيااادة فااي كميااة‬
‫النقود التي ال تقابلها زيادة في الناتج تؤدي إلى الزيادة في األسعار‪.‬‬

‫‪ -‬معيار فائض الطلب‪ :‬من خالل الطلب الفعلي وتحديد المستوى العام لألسعار‪ ،‬وذلك أن الزيادة في الطلب‬
‫‪2‬‬
‫الفعلي إذا لم تقابل زيادة في الناتج فإن هذا سيؤدي إلى تضخم‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬البحث عن التوازن الخارجي‬

‫والذي يتمثل في توازن ميزان المدفوعات* الذي يتحدد من خالل موقف اإلقتصاد القومي تجاه باقي‬
‫اإل قتصاديات‪ ،‬حيث يؤدي االختالل في ميزان المدفوعات الذي يعبر في الغالب عن زيادة مديونية البالد مما‬
‫يجعلها تعيش فوق إمكاناتها وهو ما يؤدي إلى تدهور قيمة العملة‪ ،‬ويتم ذلك وفق المؤشرات التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬وليد عبدالحميد عايب ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ -8‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫* ميزان المدفوعات‪ :‬هو سجل تدون فيه كل المعامالت االقتصادية التي تتم بين بلد معين والبلدان األخرى خالل فترة زمنية‬
‫معينة عادة ما تكون سنة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫‪ -‬نسبة االحتياطي األجنبي للديون‪ :‬وتعبر عن مدى قدرة االقتصاد على مواجهة أعباء المديونية في األوقات‬
‫الحرجة لذا فإن ارتفاع هذه النسبة يدل على وفرة في السيولة الخارجية‪ ،‬ألن االحتياطي هوبمثابة هامش أمان‬
‫تلجأ إليه السلطات للحفاظ على أسعار الصرف ومواجهة االختالالت الظرفية‪.‬‬

‫‪ -‬نسبة الدين الخارجي للصادرات‪ :‬فالصادرات هي المصدر الرئيسي لتسديد الديون على المدى الطويل‬
‫والمتوسط‪ ،‬وبقدر ماتكون نسبة خدمة الدين مرتفعة بقدر ما يواجه االقتصاد القومي خطر التوقف عن التسديد‬
‫ولهذا تحرص الدول على أن ال تتجاوز هذه النسبة ‪ 01‬بالمئة أي يجب أن تكون الصادرات مرتفعة لكي‬
‫‪1‬‬
‫تستمر الدولة بالسداد‪.‬‬

‫لقد تمحورت الفكرة األساسية في هذه العناصر حول األهداف الرئيسية للسياسات العامة االقتصادية والتي‬
‫تضمن بتحققها تحقيق استقرار اقتصادي كلي‪ ،‬ومن خالل التطرق لها نالحظ وجود ارتباط بين مختلف هذه‬
‫األهداف‪ ،‬فالبحث عن التشغيل الكامل يؤثر على معدل النمو االقتصادي من خالل زيادة االنتاجية ويؤدي‬
‫تحقيق التشغيل الكامل الى استخدام كافة الموارد االقتصادية مما يؤدي الى رفع معدالت النمو االقتصادي‬
‫‪2‬‬
‫ومستويات األسعار كما تؤدي التقلبات في مستويات األسعار إلى تقلبات مقابلة في النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أنواع السياسات العامة االقتصادية‬


‫يمكن التمييز بين عدة أنواع للسياسات العامة االقتصادية وذلك حسب معياري الهدف واألجل‪ ،‬فنجد‬
‫السياسات العامة االقتصادية الظرفية التي تهدف إلى استرجاع التوازنات االقتصادية قصيرة األجل‪،‬‬
‫وكذلك السياسات العامة االقتصادية الهيكلية التي تهدف إلى تغير هيكل وبنية االقتصاد الوطني في‬
‫األجل الطويل‪.‬‬

‫أوال‪-‬السياسات العامة االقتصادية الظرفية‪ :‬ويهدف هذا النوع من السياسات إلى إسترجاع التوازنات‬
‫االقتصادية في األجل القصير وتتبناها الدولة لسد أي عجز أوخلل في النشاط االقتصادي والذي من شأنه أن‬
‫يهدد استقرارها االقتصادي‪ ،‬وتشمل أربعة أنواع تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -1‬عبد المجيد قدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.42‬‬


‫‪-8‬وليد عبدالحميد عايب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫‪-1‬سياسة االستقرار‪ :‬وهي سياسة اقتصادية تهدف الى التحكم في النشاط االقتصادي ومنه مستوى‬
‫األسعار واألجور‪ ،‬وذلك باستعمال سياسات مالية ونقدية انكماشية‪ ،‬وترتكز سياسات اإلستقرار على‬
‫‪1‬‬
‫محاربة التضخم وتخفيضه‪.‬‬
‫وتعني هذه السياسة بمفهومها الواسع مجموعة اإلجراءات في المجال االقتصادي التي تقوم بها الدولة‬
‫‪2‬‬
‫للحفاظ على النظام االقتصادي في وضعه الطبيعي من خالل تقليص الضغوط االجتماعية‪.‬‬
‫‪-2‬سياسة اإلنعاش‪ :‬وهي السياسة التي تهدف إلى إنعاش النشاط اإلقتصادي عن طريق زيادة‬
‫االنتاج والشغل‪ ،‬وعن طريق دعم الطلب الخاص للتشغيل‪ .‬وهي فكرة مستوحاة من الفكر الكينزي‪،‬‬
‫وتلجأ الدولة إلى االنعاش عن طريق االستهالك أحيانا‪ ،‬و عن طريق االستثمار أحيانا أخرى‪ ،‬و هو‬
‫ما يوضحه الشكل التالي‪:‬‬

‫الشكل(‪ :)11‬مخطط توضيحي لسياسة االنعاش‬

‫االنعاش‬

‫تخفيض سعر الفائدة‬


‫زيادة االنفاق الحكومي‬ ‫رفع األجور‬

‫زيادة الطلب‬

‫زيادة النمو‬

‫زيادة التشغيل‬
‫المصدر‪ :‬وليد عبد الحميد عايب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫النمو‬

‫‪ -1‬عبد هللا بلوناس‪"،‬اإلقنصاد الجزائري‪،‬اإلنتقال من الخطة إلى السوق ومدى تحقق أهداف السياسة االقتصادية"‪ ،‬رسالة دكتوراة‬
‫(علوم اقتصادية‪،‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة الجزائر)‪ ،8005‬ص‪.804‬‬
‫‪ -8‬عبد المجيد قدي ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.21‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫‪ –3‬سياسة اإلنكماش‪:‬‬

‫رعن طريق الوسائل التقليدية‪ ،‬كاالقتطاعات االجبارية وهي سياسة تهدف إلى التقليص من ارتفاع األسعار‬
‫وتجميد األجور ومراقبة الكتلة النقدية‪ ،‬وتؤدي هذه السياسة إلى تقليص النشاط االقتصادي للدولة‪.‬‬

‫‪-4‬سياسة التوقف ثم الذهاب‪:‬‬

‫تستخدم هذه السياسة عادة للتأثير على النشاط االقتصادي‪ ،‬وتتميز بالتناول المتسلسل لسياسة االنعاش ثم‬
‫االنكماش حسب آلية كالسيكية‪،1‬و كما هو موضح في الشكل التالي‪:‬‬

‫الشكل(‪ :)2‬شكل يوضح سياسة التوقف ثم الذهاب‬

‫ارتفاع االسعار‬ ‫سياسة االنعاش‪-GO-‬‬ ‫ارتفاع البطالة‬

‫تحفيز الواردات‬ ‫توقع انخفاض‬


‫عجز تجاري‬
‫مرونة مرتفعة للواردات‪/‬االنتاج‬ ‫العملة‬

‫سياسة االستقرار‬

‫‪-STOP-‬‬

‫تقليص النشاط االقتصادي‬

‫المصدر‪ :‬عبد المجيد قدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫‪ -1‬وليد عبد الحميد عايب‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.20‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫ثانياااا‪-‬السياساااات االقتصاااادية الهيكلياااة‪ :‬وه ااي السياس ااات االقتص ااادية الت ااي تتبناه ااا الدول ااة لتحقي ااق أه ااداف‬
‫اس ااتراتيجية‪ ،‬وتتمث اال أساس ااا ف ااي السياس ااات المتعلق ااة بالبني ااة االقتص ااادية األساس ااية للدول ااة وتق ااوم عل ااى أس ااس‬
‫التخطاايط ماان خااالل التكييااف الهيكلااي الهااادف إلااى تحقيااق أهااداف أساسااية ذات آثااار نوعيااة‪ ،‬كمااا تهاادف إلااى‬
‫‪1‬‬
‫تغيير هيكل وبنية االقتصاد في األجل الطويل‪.‬‬

‫كماا تهادف السياساات االقتصاادية الهيكليااة الاى تكيياف االقتصااد الااوطني ماع المتغيارات االقتصاادية الحاصاالة‬
‫فااي المحاايط الاادولي‪ ،‬وتمااس هااذه السياسااة كاال القطاعااات االقتصااادية ‪ ،‬ويكااون تاادخل الدول اة قبليااا ماان خ االل‬
‫تأطير آلياة الساوق‪ ،‬الخوصصاة أو سايادة قاانون المنافساة‪ ،‬كماا يمكان أن يكاون تادخل الدولاة بعاديا مان خاالل‬
‫دعاام البحااوث والتنميااة ودعاام التكااوين‪ ،‬وهاذه عمومااا أهاام محاااور السياسااات العامااة االقتصااادية الهيكليااة بالاادول‬
‫المتقدمااة‪ ،‬أمااا الاادول الناميااة و التااي أغلبهااا أبرماات ب ارامج اص االح اقتصااادي مااع المؤسسااات الماليااة والنقديااة‬
‫الدولية‪ ،‬فإن السياسات االقتصادية الهيكلية انقسمت فيهاا إلاى سياساات التثبيات وسياساات التصاحيح الهيكلاي‪،‬‬
‫فمن المالحظ أن هذه السياسات تعارض سياسات اإلنعااش التاي تقاوم علاى أسااس التادخل الواساع فاي النشااط‬
‫‪2‬‬
‫االقتصادي وزيادة اإلنفاق الحكومي‪.‬‬

‫ومما سبق يمكن القول أن السياسات العامة االقتصادية الظرفية والهيكلية تختلف عن بعضها البعض من‬
‫حيث المدة واألهداف وكذا اآلثار الناجمة عنها‪ ،‬وهو ما يوضحه الجدول التالي‪:‬‬

‫الجدول (‪ :)11‬مقارنة بين السياسة اإلقتصادية الظرفية والهيكلية‪.‬‬

‫السياسة الظرفية‬ ‫السياسة الهيكلية‬


‫األجل القصير‬ ‫األجل الطويل‬ ‫المدة‬
‫استرجاع التوازنات‬ ‫تكييف الهياكل‬ ‫الهدف‬
‫كمية‬ ‫نوعية‬ ‫اآلثار‬
‫المصدر‪:‬وليد عبد الحميد عايب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.99‬‬

‫‪ -1‬وليد عبد الحميد عايب‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.22‬‬


‫‪ -2‬عبد هللا بلوناس‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.805‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ماهية االستقرار السياسي‪.‬‬

‫يعتبر االستقرار السياسي هدفا أساسيا تسعى كل دول العام إلى تحقيقه والمحافظاة علياه‪ ،‬وهاذا نظا ار ألهميتاه‬
‫في الحياة العامة لألفراد من جهة وللنظم السياسية على اختالف أنواعها من جهة أخرى‪ ،‬اضاافة إلاى أناه أحاد‬
‫عاييرلتي يحكم بها على شرعية النظام السياسي من عدمها‪.‬‬
‫الم ا‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف االستقرار السياسي‬

‫يتكون مصطلح االستقرار السياسي من كلمة االستقرار وصفته السياسي‪ ،‬ويشير مفهوم االستقرار في اللغة‬
‫العربية الى القرار الثبات‪ .‬فقد ورد لفظ االستقرار بمعنى السكون والثبوت في القرآن الكريم في أكثر من آية‪،‬‬
‫حيث قال هللا تعالى‪ " :‬ولكم في األرض مستقر ومتاع الى حين‪ 1."...‬أي مسكن وقرار‪ ،‬وقال كذلك‪:‬‬
‫"أصحاب الجنة يومئذ خير مستق ار وأحسن مقيال‪ ،2."...‬أي مستقرهم الجنة وفيها راحتهم التامة ‪.‬‬

‫إن هذا المعنى الذي يفيد السكون والثبوت سواء في القرآن الكريم أو في قواميس اللغة العربية‪ ،‬ال يختلف عن‬
‫المعنى الذي تفسره القواميس األجنبية لالستقرار‪.‬‬
‫إذ يعرف قاموس الروس )‪ (Larousse‬الفرنسي صفة االستقرار بأنها ا بقاء الحالة أوالوضعية على ما هي‬
‫‪3‬‬
‫عليه‪ ،‬أو وجود حالة من التوازن المستمر )‪.)Equilibre durable‬‬

‫ومنه نتطرق الى تعريف اإلستقرار السياسي انطالقا من التعريف القائم على حالة التوازن المستمر‪ ،‬فيؤكد‬
‫جان اريكالن سفانت (‪ :)Jan-Ericlane Svante‬أنه ال يوجد تعريف منهجي إجرائي نموذجي‬
‫لالستقرارالسياسي الذي هوباألساس يرتكز على عنصري النظام واالستم اررية‪ ،‬أما ليجفارت فهو يحصر‬
‫االستقرار السياسي في أربعة عناصر‪:‬‬
‫‪ - 1‬اإلبقاء على النظام‪.‬‬
‫‪ - 2‬النظام المدني‪.‬‬

‫‪-1‬القرآن الكريم‪ ،‬اآلية ‪ ،09‬سورة البقرة‪.‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬اآلية ‪ ،84‬سورة الفرقان‪.‬‬
‫‪ -2‬بقدي كريمة‪" ،‬الفساد الساسي وأثره على االستقرار السياسي في شمال افريقيا‪-‬دراسة حالة الجزائر‪ "-‬مذكرة ماجستير (علوم‬
‫سياسية وعالقات الدولية‪،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان)‪ ،8018،‬ص‪.49‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫‪ – 3‬المشروعية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- 4‬الفاعلية‪.‬‬
‫فاأي اساتقرار سياساي يخضاع لتاأثير ناوعين مان العوامال أولهماا تكاون لهاا آثاار اساتق اررية‪ ،‬وثانيهماا آثاارغير‬
‫استق اررية‪ ،‬بحيث تكون حالة النظام هي نتاج التفاعل بين هذين النوعين من العوامل‪ ،‬ونتاجا لهذا كله فقاد وجاد‬
‫االختالف بين المفكرين السياسيين حاول تحدياد تعرياف موحاد لالساتقرار السياساي واختلفات ماداخل تنااول هاذه‬
‫الظاهرة من مفكر إلى آخر‪.‬‬
‫ويمكن التمييز في التحليل السياسي المعاصر بين ثالث مدارس فكرية كبرى في العلوم السياسية في دراسة‬
‫االستقرار السياسي‪ ،‬حيث كل منها تتبع مفهوما معينا لإلستقرار السياسي وهي‪:‬‬
‫‪- 1‬المدرسة السلوكية‪ :‬وفقا لهذه المدرسة‪ ،‬فإن االستقرار يرادف غياب العنف السياسي‪ ،‬والنظام السياسي‬
‫المستقر هو ذلك النظام الذي يسوده السلم وطاعة القانون والذي تحدث فيه التغيرات السياسية واالجتماعية وتتم‬
‫عملية اتخاذ القرار وفقا إلجراءات مؤسسية وليس نتيجة للعنف ‪..‬‬
‫ومن هذا المفهوم المحدد لالستقرار السياسي نجد أنه ال يصح استخدام العنف داخل كيان المجتمع الواحد مهما‬
‫كانت األحوال بغية تحقيق أهداف سياسية‪ ،‬وأن اإلصالح في هذه الحالة ال يتم السعي إليه إال بأساليب سياسية‬
‫‪2‬‬
‫مدنية‪.‬‬
‫‪-2‬المدرسة البنائية الوظيفية‪ :‬ترتكز هذه المدرسة على األبنية الحكومية وعلى قدرة المؤسسات السياسية على‬
‫التكيف مع المتغيرات في البيئة المحيطة واالستجابة لما تفرضه هذه البيئة من تحديات‪.‬‬
‫وقد تناول" غابريال ألموند "مفهوم اإلستقرار السياسي بناء على المسلك الوظيفي‪ ،‬حيث أن هذا السلوك يرى‬
‫نموذجه في كائن حي ينزع إلى التكيف والتوازن واالستقرار وأن الخلل يعد حالة طارئة ينبغي تصحيحيها وأن‬
‫‪3‬‬
‫تكيف هذا الكائن أو النظام السياسي وتوازنه واستق ارره دليل على حيويته‪.‬‬

‫‪-1‬بقدي كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.50‬‬


‫‪-2‬سالم القمودي ‪ ،‬سيكولجية السلطة‪ ،‬ط‪ ،8‬بيروت‪ :‬مؤسسة االنتشار العربي‪ ،8000،‬ص‪.112‬‬
‫‪ -3‬محمد شلبي ‪"،‬االستقرار السياسي عند الماوردي وألموند (دراسة مقارنة) "‪،‬المجلة الجزائرية للعلوم السياسية واإلعالم ‪ ،‬العدد‬
‫األول‪ ، 2001،‬ص‪.58‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫‪-3‬المدرسة النظمية ‪:‬تنطلق هذه المدرسة من منهج التحليل النسقي أو التحليل النظمي‪ ،‬وحسب المدرسة‬
‫فاالستقرار السياسي هو مرادف لحكم النظام واإلبقاء عليه‪ ،‬كما أنه يعني القدرة على التكيف مع الظروف‬
‫واألوضاع والمتغيرات الجديدة‪ ،‬فاالستقرار السياسي هنا يشير إلى موضوعية المؤسسات والهياكل في المجتمع‪،‬‬
‫كما يعني حياد مؤسسة الخدمة واإلنتاج عن تقلبات السلطة وفصل هذه المؤسسات عن اللعبة السياسية في‬
‫‪1‬‬
‫الداخل والخارج‪ ،‬وعدم استغاللها لكسب مواقف ذاتية تجعل منهذه المؤسسات أدوات غير مستقلة‪.‬‬
‫إذن فالمدرساة النظمياة أو النساقية فاي تعريفهاا لالساتقرار السياساي ركازت علاى النظاام ككال حياث نظارت إلاى‬
‫االستقرار من زاوية قدرة مؤسسات النظام على البقاء واالستم اررية وقدرتها على مواجهة التحديات المختلفة من‬
‫أجل الحفاظ على استقرارها واستم ارريتها‪.‬‬
‫ومن خالل آراء هذه المدارس الثالث‪ ،‬يمكن تعريف االستقرار السياسي على أنه" ‪:‬عملية التغير التدريجي‬
‫المنضبط والتي تتسم بتضاؤل العنف السياسي وتزايد الشرعية والكفاءة في قدرات النظام‪".‬‬
‫كما يمكن تعريف االستقرار السياسي إجرائيا على أنه‪ ":‬عدم استخدام العناف ألغاراض سياساية‪ ،‬ولجاوء القاوى‬
‫والجماعات السياسية إلى األساليب الدستورية في حل الصراع‪ ،‬وقدرة مؤسسات النظام السياسي على االستجابة‬
‫‪2‬‬
‫للمطالب المقدمة إليه والنابعة من البيئة الداخلية والخارجية للنظام "‪.‬‬
‫كما يعرفه حسن موسى الصفار‪ ":‬االستقرار السياسي واإلجتماعي يعني وجود نظام مقبول قائم بين قوى األمة‬
‫وأطرافها ويقابل ذلك حالة االضطراب‪ ،‬حين تختل عالقة األطرف مع بعضها فيقع بينها العداء والنزاع‬
‫‪3‬‬
‫واالحتراب (الحرب)"‪.‬‬
‫وعلى النقيض من مفهوم االستقرار السياسي نجد الالاستق اررالسياسي الذي يمكن تعريفه بحالة من عدم‬
‫االستق اررأوحالة التغير السريع غير المحكوم وغير المنضبط‪ ،‬والتي تتسم بتزايد العنف السياسي من أجل خدمة‬
‫أغراض سياسية مشبوهة وهذا ما يؤدي إلى تناقص في الشرعية و انخفاض في قدرات وأداء النظام‪ ،‬وعليه فإن‬

‫‪ - 1‬بقدي كريمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58‬‬


‫‪ -8‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪ -2‬حسن موسى الصفار‪،‬االستق اررالسياسي واالجتماعي ضروراته ضماناته‪ ،‬بيروت‪ :‬الدارالعربية للعلوم‪ ،2110 ،‬ص‪.10‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫أنظمة االستقرار السياسي هي األنظمة التي تنتقل من حال آلخر في الحكم واإلدارة‪ ،‬في السياسة واالقتصاد‬
‫‪1‬‬
‫وفي االجتماع والثقافة‪.‬‬
‫ويقدم حمدي عبد الرحمن حسن تعريفا آخر لمفهوم عدم االستقرار السياسي وهو‪" :‬عدم مقدرة النظام السياسي‬
‫على تعبئة الموارد الكافية الستيعاب الصراعات في داخل المجتمع‪ ،‬بدرجة تحول دون وقوع العنف فيه‪ ،‬فالعنف‬
‫‪2‬‬
‫حسب هذا التعريف إحدى ظواهر عدم االستقرار السياسي مهما كانت مظاهره"‪.‬‬
‫ويمكن أن نستخلص من هذا كله أن االستقرار السياسي هو غاية التتحقق إال بتظافر جهود النظام السياسي‬
‫وأفراد المجتمع على حد سواء‪.‬‬
‫اضافة إلى أنه مفهوم قائم على القدرة على التغيير المنتظم الذي يعمل على تطوير وتدعيم قدرات النظام‬
‫السياسي واالرتفاع بقدرته على استيعاب األنماط المتغيرة من المتطلبات السياسية والتنظيمية‪ ،‬فضال عن‬
‫مهارته في التعامل مع األنماط الجديدة والمتغيرة من المشكالت التي قد تصدرعنه‪ ،‬وبذلك يتسنى له التحكم في‬
‫عمليات التغيير االجتماعي والسياسي في إطارمنظم وسلمي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مقومات االستقرار السياسي‬
‫يتوقف استقرار اي نظام سياسي على مدى انسجامه وتفاعله مع البيئة التي يوجد فيها‪ ،‬وبحكم هذا االرتباط‬
‫فإنه توجد عوامل أو مقومات ومتطلبات تمثل ركائز ضرورية كلما زادت درجة انسجامها كلما زادت درجة‬
‫االستقرار السياسي‪.‬‬
‫أوال‪-‬المقومات السياسية‪:‬‬
‫فمن المتطلبات األساسية الستقرار النظام السياسي وتكيفه وجود أبنية سياسية متمايزة االختصاصات‪ ،‬فقدرات‬
‫النظام وكفاءته تزداد كلما تمايزت أبنيته واستقلت‪ ،‬وكذا امتالكه ألنظمة فرعية مستقلة تقوم بالتعبير عن‬
‫المصالح المختلفة من جهة ومراقبة السلطة الحاكمة من جهة أخرى‪.‬‬
‫كما يستلزم االستقرار السياسي حيازة السلطة الحاكمة على الشرعية السياسية‪ ،‬فالحكومة التي تتمتع بشرعية‬
‫‪3‬‬
‫عالية تتصف بفاعلية كبيرة في صناعة السياسيات وتنفيذها‪.‬‬

‫‪ -1‬مليكة بوضياف‪ "،‬الحكم الراشد و االستقرار السياسي"‪ ،‬مداخلة (ألقيت في الملتقى الدولي حول الحكم الراشد واالستقرار‬
‫السياسي‪،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الشلف)‪ ، 8002 ،‬ص‪.04‬‬
‫‪ -2‬بقدي كريمة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫ص‪.121‬‬ ‫‪ -3‬محمد شلبي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫بحيث يرى ماكس فيبر)‪ (Max Weber‬أن النظام الحاكم يكون شرعيا عند الحد الذي يشعر فيه مواطنوه‬
‫على أن ذلك النظام صالح ويستحق التأييد والطاعة ‪.‬‬
‫ومنه فإن الشرعية تساهم في استقرار الحالة بين الحكام والمحكومين‪ ،‬وهذا ما يؤدي الى استقرار الحالة أيضا‬
‫في الجتمع بالكامل مادام هذا المفهوم راجعا إلى واقع الرضا الفعلي والقبول وليس إلى اإلكراه‪.‬‬
‫فالشرعية هي األساس الذي يبنى عليه كل حكم مستقر‪ ،‬والتي بدونها ‪-‬كما يقول ماكس فيبر‪-‬بأنه يصعب‬
‫‪1‬‬
‫على أي حكم أو نظام امتالك القدرة الضرورية على إدارة الصراع بالدرجة الالزمة لكي يستقر لفترة طويلة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فإن تحقيق أي استقرار سياسي يتطلب وجود مشاركة سياسية في عملية صناعة القرار‬
‫السياسي على اعتبار أنها اآللية األساسية الرساء البناء المؤسسي للدولة‪ ،‬اضافة إلى أنها تشكل إطا ار للعملية‬
‫السياسية وأداة للمحافظة على االستقرار السياسي‪ ،‬ومن ذلك يربط" هنتنغتون "بين المشاركة السياسية‬
‫واالستقرار السياسي ويرى أن ضرورة تحقيق االستقرار السياسي تتطلب بناء المؤسسات السياسية التي تنظم‬
‫‪2‬‬
‫المشاركة السياسية وتحول دون انعدام االستقرار‪.‬‬
‫وعليه فإن استقرار أن نظام سياسي يتوقف على العالقة بين مستوى المشاركة السياسية من جهة و درجة‬
‫المؤسساتية من جهة أخرى‪ ،‬فكلما ارتفع مستوى المؤسساتية مقابل المشاركة السياسية كانت حظوظ تحقيق‬
‫االستقرار السياسي أوفر والعكس نقيض ذلك‪ ،‬باعتبارأن المأسسة السياسية تمثل في آن واحد بناء سلطة‬
‫سياسية قومية تتضمن المساواة بين المواطنين واقامة نظام قانوني مبني على أساس احترام الحقوق العامة‬
‫وتوزيع المهام على أساس الكفاءة والتفوق والقدرة على االنجاز وتنمية بنى متخصصة والعمل على توسيع‬
‫‪3‬‬
‫مشاركة الجماعات االجتماعية في الحياة السياسية العامة‪.‬‬
‫ومنه فإن المقومات السياسية األساسية لالستقرار السياسي ترتكز أساسا على الشرعية السياسية والمشاركة‬
‫السياسية والمؤسساتية السياسية‪ ،‬وأي تفاعل وانسجام فيما بينها يحقق االستقرار السياسي ويدعمه‪.‬‬

‫‪ -1‬ناجي عبد النور‪ ،‬المدخل لعلم السياسة‪ ،‬عنابة‪ :‬دار العلوم للنشر والتوزيع ‪ ،8002،‬ص‪.121‬‬
‫‪ -2‬بقدي كريمة ‪،‬مرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ -3‬ثامر كمال محمد الخزرجي‪،‬النظم السياسية الحديثة والسياسات العامة‪ ،‬دراسة معاصرة في استراتيجية إدارة السلطة‪،‬‬
‫عمان‪ :‬دار مجدالوي للنشر‪ ، 8004،‬ص‪.124‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬المقومات اإلقتصادية واإلجتماعية‪:‬‬


‫و تتمحور المتطلبات االقتصادية لالستقرار السياسي حول الجمع بين القدرة االستخراجية والقدرة التوزيعية ‪،‬‬
‫حيث تشير القدرة االستخراجية إلى مدى كفاءة النظام االستخراجية‪ ،‬من خالل تعبئة الموارد المادية والبشرية‬
‫واجتذابها من البيئتين المحلية الداخلية أو الدولية على حد سواء‪ ،‬أما القدرة التوزيعية فتشير إلى قدرة النظام‬
‫السياسي على توزيع المنافع والقيم المرغوبة من شتى السلع والخدمات ومراتب الشرف والمكافآت االجتماعية‬
‫والفرص والخدمات بين األفراد والجماعات في المجتمع‪.‬‬
‫ومن خالل هذه المقدرتين يمكن القول أن المتطلبات االقتصادية تعني زيادة قدرات الدولة بإعادة تنشيط‬
‫المؤسسات العامة‪ ،‬أي تصميم قواعد وقيود فعالة لكبح األعمال التعسفية للدولة ومكافحة الفساد واخضاع‬
‫مؤسسات الدولة لدرجة أكبر من التنافسية بغية زيادة كفاءتها وتوفير أجور وحوافز أفضل للموظفين العموميين‬
‫‪1‬‬
‫من أجل تحسين األداء‪ ،‬وهذا يعني أيضا جعل الدولة أكثر استجابة الحتياجات الناس‪.‬‬
‫ثالثا‪-‬المقومات الثقافية والفكرية‪:‬‬
‫إن من دعائم االستقرار السياسي وجود تجانس فكري وثقافي إيديولوجي بين القوى السياسية واالجتماعية‬
‫المتفاعلة داخل نظام الحكم السائد‪ ،‬وهذا ما يفسح المجال للحوار وتبادل اآلراء بصفة سلمية على أساس خدمة‬
‫المصلحة العامة وتحقيق التوافق والترابط المجتمعي وهذا ما يجسد فكرة االستق ارر‪.‬‬
‫فيرى محمد الغزالي أن االستقرار السياسي يتحقق بشرط التزام قادة النظام بالنظام نفسه وبطاعتهم ألوامر الدين‬
‫من خالل التزامهم بمبادئه‪ ،‬واذا لم يتحقق ذلك سيؤدي إلى عدم االستقرار السياسي‪ ،‬وهو ما أكد عليه الماوردي‬
‫حيث يعتبر المرتكز األساسي لقيام الملك واستق ارره هو الدين القويم‪ ،‬فالملك القائم على أساس ديني هو ملك‬
‫ثابت ودائم يتميز باالستقرار والقبول من طرف الرعية‪.‬‬
‫لذلك فإن عدم االستقرار السياسي حسب رأي ابن خلدون هو النتيجة لعدم التجانس الثقافي‪ ،‬فاألوطان التي‬
‫‪2‬‬
‫تكثر قبائلها وعصبياتها ال تتمتع باالستقرار السياسي نتيجة الختالف اآلراء واألهواء‪.‬‬

‫‪ -1‬مليكة بوضياف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.02‬‬


‫‪ -8‬محمد عابد الجابري‪ ،‬فكر ابن خلدون العصبية والدولة" معالم نظرية خلدونية في التاريخ اإلسالمي"‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،8002،‬ص‪.91‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫إال أن هذا الرأي‪-‬حسب وجهة نظر الباحث ‪-‬ال يمكن اعتماده بشكل مطلق وذلك لحدوث أمثلة في التاريخ‬
‫تخالف هذا الرأي فدولة المدينة التي ذكرها أفالطون تحقق فيها االستقرار السياسي رغم وجود عصبيات عديدة‬
‫داخلها فالديمقراطية حققت العدالة فيها وأيضا دولة الواليات المتحدة األمريكية التي بفعل ديمقراطيتها النسبية‬
‫حققت نوعا من االستقرار السياسي مع استمرار عملية الدمج العرقي والديني ضمن الحياة األمريكية‪.‬‬
‫وعليه فإذا كان هناك اتجاه يرى أن التعاون بين نخب مختلف الجماعات الثقافية وتمثيلها بشكل متوازي في‬
‫عملية صنع القرار سيؤدي إلى تنافس جماعاتهم بسبب عدم وجود تسويات بين هذه الجماعات مما يقود إلى‬
‫عدم االستقرار السياسي‪ ،‬فإنه يوجد اتجاه آخر يرى أن تعدد االنتماءات االجتماعية واالقتصادية والسياسية هو‬
‫عامل استقرار سياسي ويفسرون ذلك من خالل واقع الدول المتقدمة كسويس ار مثال كونها تتكون من أربع‬
‫مجموعات ثقافية‪ ،‬ورغم ذلك تحقق في ظل ديمقراطيتها استق ار ار سياسيا ال تضاهيها به أي دولة في العالم‬
‫وينطبق الحال على دول ككندا‪ ،‬أستراليا أو بريطانيا وان كانت النسب أقل من سويسرا‪ ،‬ويعزى ذلك إلى ارتفاع‬
‫‪1‬‬
‫الوعي الثقافي في هذه الدول له دور أساسي في استقرارها‪.‬‬
‫إذن فاإليديولوجية ليست فقط مجرد تبرير امتيازات الطبقة السياسية وسلطتها‪ ،‬بل جزءا فعاال من النظام‬
‫االجتماعي الذي هو في حد ذاته إعادة إنتاج اإليمان في النظام وليس خوفا منه فقط‪ ،‬وبهذا يتحقق استقرار‬
‫‪2‬‬
‫النظام واستقرار الحكم‪.‬‬
‫ومن هذا كله فإن االستقرارالسياسي يتوقف اضافة إلى اعتماده على المقومات األساسية التي تم التطرق إليها‪،‬‬
‫فإنه تجدراإلشارة إلى أن هناك نواقض وعراقيل تهدده‪ ،‬إذن فاالستقرار السياسي يتحقق في أي مجتمع نتيجة‬
‫وجود توازن بين النظام السياسي وبيئته االجتماعية وذلك من خالل تحقيق أربعة أبعاد‪.‬‬
‫‪ -1‬أن يعكس النظام السياسي القيم الثقافية و االجتماعية الرئيسية للمجتمع‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تعكس سياسات النظام مصالح وأهداف الجماعات والطبقات المؤثرة في المجتمع‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يوجد النظام قنوات االتصال القادرة على ربط كافة أجزاء الجسد المجتمعي بحيث تشعر كل جماعة أو‬
‫فئة أنها تستطيع أن تؤثر في عملية صنع القرار‪.‬‬

‫‪ -8‬مليكة بوضياف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.02‬‬


‫‪ -2‬بقدي كريمة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-4‬أن تعكس النخبة في داخلها القوى المجتمعية المختلفة بحيث تشعر كل قوة بأن النخبة تمثل امتدادا لها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مؤشرات االستقرار السياسي‬
‫هناك من يحدد مؤشرات االستقرار السياسي انطالقا من المفهوم المخالف ‪ ،‬أي من خالل دراسة االستقرار‬
‫السياسي ‪ ،‬وهذا نظ ار لتعدد ظواهر عدم االستقرار السياسي في العديد من الدول وما تبعه من تدهور‬
‫للمؤسسات وتناقص للسيادة بسبب التدخالت األجنبية وعدم القدرة على مجابهة النزاعات والتوترات الداخلية‪،‬‬
‫مما يضعنا في حالة تحليل ألسباب عدم االستقرار السياسي أكثر من التفسير في طبيعة االستقرار السياسي‪،‬‬
‫والصف اآلخر يبحث في ظاهرة االستقرار السياسي من خالل دراسة تجربة معينة في دولة ما‪ ،‬وهو ما طرح‬
‫العديد من التساؤالت واالختالفات حول تحديد مؤشرات االستقرار السياسي ‪.‬‬
‫وهنالك العديد من المؤشرات التي تعرف بمؤشرات االستقرار السياسي وقد طرحها الكاتب رائد نايف حاج‬
‫سليمان كاآلتي‪:2‬‬
‫‪ .1‬نمط انتقال السلطة في الدولة‪:‬‬
‫المقصود بانتقال السلطة هنا تغيير شخص رئيس الدولة وهي عملية تختلف طبقاً لنوع النظام السياسي‬
‫واألساليب الدستورية المتبعة‪ ،‬فإذا تمت عملية االنتقال طبقاً لما هو متعارف عليه دستورياً فإن ذلك يعد‬
‫مؤش اًر حقيقياً لظاهرة االستقرار السياسي‪ ،‬أما إذا تم عن طريق االنقالبات والتدخالت العسكرية فهذا مؤشر‬
‫لعدم االستقرار السياسي‪.‬‬
‫‪ .2‬شرعية النظام السياسي‪:‬‬
‫تعتبر شرعية النظام السياسي من الدعائم األساسية لإلستقرار السياسي‪ ،‬واالستقرار السياسي بعد بدوره من‬
‫دالئل الشرعية السياسية‪ ،‬وهنالك عدة اتجاهات في تعريف الشرعية السياسية‪ ،‬قانوني‪ ،‬سياسي وديني‪.‬‬
‫وفي االتجاه السياسي نجد أن الشرعية السياسية هي تدبير السلطة الحاكمة من منطق اإلدارة الجماعية‪،‬‬
‫بمعنى ان النظام السياسي يكتسب شرعيته من خالل تحقيق مصالح الشعب وصيانة استقالل البالد وحماية‬
‫الحقوق‪ ،‬وتظهر هذه الشرعية من خالل تقبل أفراد الشعب للنظام وخضوعهم له طواعية‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.24‬‬


‫‪ -1‬محمد ضياء الدين محمد‪" ،‬االنشقاقات الحزبية وأثرها على االستقرار السياسي في السودان الجبهة االسالمية القومية‬
‫نموذجا"‪ ،‬ص‪،84‬مأخوذ من‪http://www ;sudan ;politique.com.doc )12/03/2015 -13 :20) :‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫‪ .3‬قوة النظام السياسي ومقدرته على حماية المجتمع وسيادة الدولة‪:‬‬


‫فتعتبر قوة النظام السياسي من المؤشرات الهامة االستقرار السياسي ألن النظام تتوجب عليه مسؤوليات ال‬
‫يمكن تحقيقها دون امتالك عناصر القوة كالدفاع عن البالد في حالة تعرضها العتداء خارجي وكذلك حماية‬
‫أمن المجتمع‪ ،‬وفي حالة كون النظام السياسي ضعيفاً ال يستطيع صون سيادته بتحقيق أمنه الداخلي تكون‬
‫النتيجة التبعية للنظم القوية‪.‬‬
‫‪ .4‬محدودية التغيير في مناصب القيادات السياسية‪:‬‬
‫المقصود بالقيادات السياسية في السلطة التنفيذية‪ ،‬فبقاء القادة السياسيين على رأس أي نظام سياسي لفترة‬
‫طويلة مؤشر لإلستقرار السياسي‪ ،‬ولكن يجب أن يقترن ذلك برضا الشعب‪ ،‬ويعد التغيير المتالحق في‬
‫‪1‬‬
‫المناصب القيادية أحد مؤشرات عدم االستقرار السياسي‪.‬‬
‫‪ .5‬االستقرار البرلماني‪:‬‬
‫ف البرلمان هو ممثل للشعب أو األفراد في كل األنظمة على اختالف أنماطها (رئاسي‪ ،‬برلماني‪ ،‬مختلط) وال‬
‫يجوز للسلطة التنفيذية أو رأس الدولة حل البرلمان على اعتبار أن شرعية البرلمان تأخذ من الشعب أو األفراد‬
‫وفق عملية االنتخاب‪ ،‬ولكن تظهر صور لعدم االستقرار في البرلمان في حالة استقالة أو اسقاط العضوية‬
‫عن عضو أو من أكثر اعضاء البرلمان‪ ،‬أو حل البرلمان قبل استيفاء مدته القانونية‪.‬‬
‫‪ .6‬الديمقراطية وتدعيم المشاركة السياسية‪:‬‬
‫تعتبر المشاركة السياسية أحد مقاييس الحكم على النظام باالستقرار السياسي من حيث تطبيق قواعد‬
‫الديمقراطية في الحكم‪ ،‬وهي الحالة التي يتوافر فيها لألفراد القنوات الرسمية للتعبيرعن آرائهم في القضايا‬
‫الوطنية واختيار النواب والممثلين في المجالس النيابية والمحلية‪ ،‬بذلك تصبح المشاركة الشعبية وسيلة لتحقيق‬
‫االستقرار الداخلي وتدعيم شرعية السلطة السياسية‪.‬‬
‫‪ .7‬غياب العنف واختفاء الحروب األهلية والحركات االنفصالية والتمردات‪:‬‬
‫إن العنف السياسي هو التعبير الرئيسي لعدم االستقرار السياسي‪ ،‬أما اختفاء العنف السياسي فهو من‬
‫مؤشرات االستقرار السياسي‪ ،‬ويمكن تعريف العنف السياسي بأنه االستخدام الفعلي للقوة المادية إللحاق‬

‫‪ -1‬مزابية خالد‪"،‬الطائفية السياسية وأثرها عى االستقرار السياسي‪-‬دراسة حالة لبنان‪ ،"-‬مذكرة ماستر (علوم سياسية‪ ،‬تخصص‬
‫تنظيمات سياسية‪،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ورقلة)‪ ،8012،‬ص‪.82‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫الضرر واألذى باآلخرين وذلك لتحقيق أهداف سياسية او أهداف اقتصادية واجتماعية لدالالت سياسية‪،‬‬
‫والعنف قد يكون رسمي أو غير رسمي‪ ،‬فهو الموجة ضد المواطنين أو ضد جماعات أو تنظيمات أو‬
‫عناصر معينة‪ ،‬أما الغير رسمي فهو الموجة من المواطنين أو الجماعات ضد النظام وبعض رموزه‪ ،‬أما‬
‫الحركات االنفصالية والتمردات والحروب األهلية فتمثل على صور عدم االستقرار السياسي وذلك لتضمنها‬
‫‪1‬‬
‫اللجوء إلى العنف على نطاق واسع‪.‬‬
‫‪ .8‬الوحدة الوطنية واختفاء الوالءات التحتية (األولية)‪:‬‬

‫إن المجتمعات التي ال تعرف ظاهرة التعدد سواء على المستوى العرقي أو الديني أو اللغوي أو الطائفي غالباً‬
‫ما تكون أقرب إلى االستقرار السياسي من تلك التي تعرف التعددية االجتماعية‪ ،‬وفي هذا التعامل هناك‬
‫نمطين‪:‬‬
‫أ‪-‬نمط يتعامل مع األقلية من منطق االستيعاب بالقوة‪.‬‬
‫ب‪-‬نمط ثاني يتعامل مع األقلية في منطق المساواة في الحقوق والواجبات‪.‬‬
‫فالنمط األول يبرز غالباً الوالءات غير الوطنية أو ما يعرف بالوالءات التحتية وبالتالي تظهر المطالب‬
‫باالستقالل أو الحكم الذاتي كما حدث في العراق‪ ،‬أما النمط الثاني فتؤدي إلى تمكين الوالء للوطن واعالء‬
‫‪2‬‬
‫الهوية الوطنية على الهويات غير الوطنية‪.‬‬
‫‪ .9‬نجاح السياسات االقتصادية للنظام‪:‬‬
‫ينظر إلى االستقرار السياسي على أنه مؤشر عام لنجاح السياسات االقتصادية للنظم السياسية وذلك الذي‬
‫يرضي المجتمع فيكون النظام السياسي مستق اًر فإنه يوجه سياسته االقتصادية نحو أهداف التنمية وهذه‬
‫السياسات التنموية التي ترفع مستوى المعيشة ورفاهية األفراد تخلق نوعاً من الطمأنينة والرضا الشعبي تجاه‬
‫النظام السياسي‪.‬‬
‫‪ .11‬قلة تدفق الهجرة الداخلية والخارجية‪:‬‬
‫إن أسباب الهجرة بشقيها الداخلي والخارجي يمكن إجمالها بالوضع األمني واالقتصادي‪ ،‬وكال السببين‬

‫‪ -1‬مصطفى عبد الجواد محمود‪،‬األحزاب السياسية في النظام السياسي الدستوري الحديث والنظام اإلسالمي‪،‬القاهرة‪:‬‬
‫دارالفكرالعربي‪ ،1992 ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -2‬محمد ضياء الدين محمد‪ ،‬مرجع سابق ص‪.82‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫بدورهما يؤشران إلى ظاهرة عدم استقرار سياسي حالة وجودها بكثرة‪ ،‬وبالعكس كلما كانت معدالت الهجرة‬
‫قليلة أو معتدلة دل ذلك على وجود االستقرار السياسي‪ ،‬وقد تخلق ظاهرة الهجرة عدم االستقرار حتى بالنسبة‬
‫‪1‬‬
‫للدول المستقبلة للمهاجرين‪.‬‬
‫ويمكن الحديث عن مؤشرات االستقرار السياسي غالبا انطالقا من المفهوم المعاكس‪ ،‬أي عدم االستقرار‬
‫السياسي وذلك من خالل أحداث المظاهرات والشغب واألزمات السياسية الداخلية والمعارضة الموجهة ضد‬
‫مؤسسات النظام‪ ،‬وذلك نتيجة أحداث طارئة أو حاالت تولد أزمات مفاجئة‪ ،‬كارتفاع األسعار والبطالة وزيادة‬
‫الفقر‪ ،‬أو جراء ق اررات عامة ال تتوافق مع المتطلبات العامة ألفراد المجتمع‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬معيقات االستقرار السياسي‬
‫على اعتبار أن االستقرار السياسي يعد بمثابة الهدف األسمى لكل نظام سياسي سواء في الحقب التاريخية‬
‫القديمة أو الحديثة‪ ،‬بل أصبح االستقرار السياسي بمثابة هدف قومي دولي على حد سواء نظ ار الرتباطه باألمن‬
‫‪2‬‬
‫القومي والدولي‪ ،‬ولما له من تأثير على كيان ومستقبل المجتمع الدولي واإلستقرار الدولي‪.‬‬
‫غير أن هناك مجموعة من العوامل المهددة و المعيقات التي تحول دون تحقيق هذا االستقرار السياسي‬
‫المنشود‪ ،‬لذلك فإننا عندما نتحدث عن االستقرار السياسي يتوجب علينا أن نتحدث عن عدم االستقرار‬
‫السياسي الذي يشير إلى عدم قدرة النظام السياسي على إحداث تغييرات و تحوالت في إطار النظام القائم من‬
‫خالل استحداث الوسائل والمؤسسات الكفيلة بالقيام بهذه التحوالت ونتائجها‪ ،‬و ذلك من خالل العالقة الوثيقة‬
‫الموجودة بين عدة متغيرات و االستقرار السياسي كظاهرة‪ ،‬إذ أن هذه العالقة ذات طبيعة محايدة‪ ،‬فقد تكون‬
‫هذه المتغيرات مصد ار لالستقرار السياسي‪ ،‬كما يمكن أن تكون سببا لعدم االستقرار السياسي‪ ،‬ويمكن القول أن‬
‫هذه المتغيرات في ظل ظروف وأوضاع معينة قد تكون عوامل تدعيم االستقرار والحفاظ عليه‪ ،‬كما أنها يمكن‬
‫أن تكون في ظروف و أوضاع أخرى عامال من عوامل عدم االستقرار السياسي؛‬
‫فالنظام السياسي يصاب بحالة من الخلل بسبب ضعف أحد مكوناته أو بسبب لجوئه إلى سلوك يتعارض مع‬
‫ميول الجمهور ورغباته مما يؤدي إلى تناقص شرعيته‪ ،‬هذه الشرعية التي تفترض وجود اتفاق واسع بين ما‬

‫‪ -1‬رائد نايف حاج سليمان‪"،‬االستقرار السياسي ومؤشراته"‪،‬مجلة الحوار المتمدن‪ ،‬ع‪ ،8598‬مارس‪ ،8009‬ص‪.11‬‬
‫‪-8‬هشام محمود االقداحي‪ ،‬اإلستقرار السياسي في العالم المعاصر ملحق خاص بالمصطلحات السياسية‪ ٬‬اإلسكندرية ‪ :‬مؤسسة‬
‫شباب الجامعة‪ ٬2009٬‬ص‪.19‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫يطلبه الجمهور وما تقوم به السلطات الحاكمة من أداء الوظائف الموكلة إليها‪ ،‬وفي حالة عدم وجود هذا‬
‫التوافق فإن الرأي يختلف ويظهر التباعد وعدم االنسجام‪ ،‬وهذا ما يدل على وجود حالة من عدم الرضا وعدم‬
‫‪1‬‬
‫االستقرار في المجتمع‪.‬‬
‫كما أن عدم آداء النظام السياسي أو الحكومة وظائفهما بفعالية وكفاءة يؤدي إلى فقدان الثقة فيها من طرف‬
‫المواطنين‪ ،‬ويتعرض النظام إلى االختالل ويعجز عن جلب المساندة والموارد والدعم الضروري البقاء‬
‫واالستم اررية‪.‬‬
‫كما قد يختل االستقرار السياسي بسبب تغير مطالب ومصالح المجتمع أو الفئات المؤثرة فيه‪ ،‬وتغير القيم‬
‫السائدة مما يؤدي إلى احتمال ممارسات النظام القمعية‪ ،‬أو تركز السلطة في يد نخبة حاكمة تضيف قاعدتها‬
‫لتستأثر بكل موارد النظام‪.‬‬
‫حيث أن ممارسة القمع هذه من قبل السلطة الحاكمة سيحدث على المدى البعيد عدم استقرار سياسي‪ ،‬حسب‬
‫رأي نيفين عبد المنعم مسعد‪ ،‬وبرأيها أيضا أنه لو تحقق هذا االستقرار في ظل هذه الممارسات لفترة طويلة‬
‫نسبيا‪ ،‬فإن ذلك لن يستمر على المدى البعيد‪ ،‬ألن منع عدم االستقرار من قبل السلطة الحاكمة بفعل القمع لن‬
‫‪2‬‬
‫يدوم‪ ،‬فعدم االستقرار السياسي هو رد فعل لقمع النظام السياسي‪.‬‬
‫من جهة أخرى فإن من أهم العوامل المهددة لالستقرار السياسي اإلحساس بالحرمان الذي يمثل مصد ار‬
‫لإلحباط وعدم الرضا والغضب فهو من شأنه أن يشكل فرصا للعنف الجماعي‪ ،‬حيث أن الجماهير قد تلجأ إلى‬
‫العنف إذا وجدت ما يبرره‪ ،‬وقد ربط الباحث العربي الدكتور فاروق يوسف بين الحرمان االقتصادي وعدم‬
‫االستقرار السياسي داخل المجتمع‪ ،‬وهويعني بالحرمان االقتصادي عدم تيسر حصول جماعة أو جماعات‬
‫معينة من أفراد المجتمع على المنافع والموارد االقتصادية في الوقت الذي يتيسر فيه ذلك لغيرها من‬
‫‪3‬‬
‫الجماعات‪.‬‬

‫‪-1‬بقدي كريمة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.20،21‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪-3‬أحمد وهان‪ ،‬التخلف السياسي وغايات التنمية السياسية ‪ :‬رؤية جديدة للواقع السياسي في العالم الثالث‪ ،‬القاهرة ‪:‬الدار‬
‫الجامعية‪ ،2003،‬ص‪.44،40‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫ومعنى ذلك أن أفراد المجتمع يشعرون بالحرمان االقتصادي‪ ،‬إما ألن الموارد المتاحة لهم غير كافية أو ألن‬
‫ما يتاح لغيرهم من الموارد ال يتاح لهم‪ ،‬فسوء توزيع الموارد (عدم العدالة في التوزيع) قد يكون من شأنه أن‬
‫يمثل تهديدا لالستقرار السياسي داخل المجتمع في كثير من األحيان‪.‬‬
‫وفي المقابل‪ ،‬وفي نطاق تأثير العوامل االقتصادية على االستقرار السياسي تأتي دراسة اآلن ريتشاردز‬
‫(‪ )A-Ritchards‬بعنوان "الجذور االقتصادية لعدم االستقرار السياسي في الشرق األوسط" وهي تعكس‬
‫العالقة الوثيقة بين مجالي االقتصاد و السياسة في تحليل الظواهر االجتماعية‪ ،‬فهو يقول بأن عدم االستقرار‬
‫السياسي في دول المنطقة ليس حدثا عرضيا وانما هو ظاهرة مزمنة‪ ،‬وفي هذا السياق يركز اآلن ريتشاردز في‬
‫دراسته على ثالثة جذور هي‪ :‬البطالة‪ ،‬وغياب األمن الغذائي ونقص األموال المتاحة لالستثمار‪ ،‬وهي تصب‬
‫‪1‬‬
‫في انخفاض معدل النمو االقتصادي وما يرتبط به من تدهور لمتوسط دخل الفرد‪.‬‬
‫غير أنه وحسب رأي بعض المفكرين والمحللين فأن هناك عوامل خارجية تسبب عدم االستقرار السياسي في‬
‫كثير من األحيان ‪ ،‬من بينها التدخالت الدولية المباشرة وغير المباشرة في شؤون الدول المستضعفة وفقا‬
‫للتطورات الدولية‪ ،‬والذي يترتب عنه في معظم األحيانا إجراء تغييرات سياسية في أوضاع هذه الدول‪ ،‬فعلى‬
‫سبيل المثال تعمل بعض الدول على تمكين األقليات في دولة أخرى على تهديد االستقرار السياسي فيها من‬
‫خالل إحدى أشكال العنف‪ ،‬فوجود تدخالت خارجية مع وجود تناقضات داخلية سيحدث عنفا يؤدي بدوره إلى‬
‫عدم االستقرار السياسي‪ ،‬كما أن تغيرات البيئة الدولية مثل السباق نحو التسلح يساهم في عدم استقرار النظم‬
‫‪2‬‬
‫المعتدلة‪ ،‬فتأخذ المستويات االجتماعية واالقتصادية للشعوب باالنهيار بسبب ذلك‪.‬‬
‫غيرأن هذه العوامل التي ذكرناها قد ال تصلح ألن تكون وحدها إطا ار لتفسير ظواهر عدم االستقرار السياسي‪،‬‬
‫والقول بذلك ال يعني على اإلطالق التقليل من شأن هذه المقومات ولكنه يعني أنه من الضروري وضعها في‬
‫السياق االجتماعي والتاريخي األوسع بما يتضمنه من عوامل داخلية (بنائية وذاتية) وعوامل إقليمية ودولية‬
‫على إعتبار أن لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على أي نظام سياسي والتي من شأنها أن تحدد حالته ما‬
‫بين اإلستقرار أو الالإستقرار‪.‬‬

‫‪ -1‬ثناء فؤاد عبد هللا ‪٬‬الدولة والقوى اإلجتماعية في الوطن العربي ‪٬‬عالقات التفاعل والصراع ‪ ٬‬بيروت‪ :‬مركزدراسات الوحدة‬
‫العربية ‪ ،2111،‬ص‪.303‬‬
‫‪ -2‬بقدي كريمة‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.24‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل األول‪ ........................................‬اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪.‬‬

‫خالصة‬
‫ماان خااالل تطرقنااا فااي هااذا الفصاال إلااى ماهيااة كاال ماان السياسااات العامااة االقتصااادية واالسااتقرار السياسااي‪،‬‬
‫توص االنا إل ااى أن أغل ااب التعريف ااات المقدم ااة للسياس ااات العام ااة تتش ااارك ف ااي خص ااائص معين ااة م اان خص ااائص‬
‫السياساات العاماة‪ ،‬وذلاك فاي أنهاا نشااطات حكومياة وأنهاا تساعى إلاى تحقياق أهاداف معيناة أو تلبياة للحاجاات‬
‫العامة ألفراد المجتمع‪ .‬أما السياساات العاماة االقتصاادية فهاي مجموعاة القا اررات المترابطاة المتخاذة مان طارف‬
‫السلطات المختصة والهادفة باستخدام مختلف الوسائل إلى تحقيق األهداف االقتصادية في األجل القصير أو‬
‫األجاال الطوياال‪ ،‬وذلااك بأقصااى حااد ماان الكفاااءة عنااد اسااتخدامها للماوارد المتاحااة لتحقيااق أقصااى الغايااات التااي‬
‫تمثل أهداف السياسات االقتصادية (النمو االقتصادي‪ ،‬التشغيل الكامل‪ ،‬توازن ميزان المدفوعات وكاذا اساتقرار‬
‫األسعار)‪.‬‬

‫أما أنواع للسياسات العامة االقتصادية فنجد السياسات العامة االقتصادية الظرفية تهدف إلى استرجاع‬
‫التوازنات االقتصادية قصيرة األجل‪ ،‬وكذلك السياسات العامة االقتصادية الهيكلية التي تهدف إلى تغير هيكل‬
‫وبنية االقتصاد الوطني في األجل الطويل‪.‬‬

‫أما فيما يخص االستقرار السياسي فهو باألساس يرتكز على عنصري النظام واالستم اررية‪ ،‬كما أنه يخضع‬
‫لتأثير نوعين من العوامل أولهما تكون لها آثار استق اررية وأخرى غير استق اررية‪ .‬وأن إستقرار أي نظام سياسي‬
‫يتوقف على مدى انسجامه وتفاعله مع البيئة التي يوجد فيها‪ ،‬وتتمثل هذه المقومات السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬

‫كما يمكن تحديد مؤشرات اإلستقرار السياسي إنطالقا من المفهوم المخالف‪ ،‬وكلما زادت درجة تقاطع تلك‬
‫المؤشرات زاد تهديد استقرار النظام السياسي‪.‬‬

‫وتجدر االشارة إلى أن المعيقات األساسية لالستقرار السياسي تنتج أساسا من صعوبة آداء النظام السياسي‬
‫لوظائفه خاصة التوزيعية والتنظيمية بسبب نقص الموارد أو التعددية الطائفية‪ ،‬وهو ما قد يسبب حالة من‬
‫الفوضى التي من شأنها أن تتحول إلى أزمة سياسية‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عالقة‬
‫السياسات العامة‬
‫اإلقصصايية ااإلسصر ا‬
‫السياسي‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫تمهـيد‬
‫لقد شهدت السياسة العامة كحقل معرفي تطورات وتغييرات منهجية وعملية ملحوظة من حيث تعريفها‪ ،‬ومداخل‬
‫صنعها‪ ،‬وحتى طرق تحليلها و دراستها‪ ،‬وانطالقا من أن السياسات العامة ‪-‬الكلية منها والجزئية في مختلف‬
‫المجاالت‪ -‬وليدة عوامل وظروف تتأثر به وتؤثر فيها‪ ،‬لذا فإن الحديث عن عالقة السياسات العامة‬
‫االقتصادية باالستقرار السياسي يقودنا إلى الحديث عن العوامل المؤثرة في كل منهما‪،‬اضافة إلى ذلك فإن‬
‫من أهم أهداف السياسات العامة االقتصادية تحقيق الغايات الكبرى وصوال الى التنمية االقتصادية كما أن‬
‫االستقرار السياسي هو اآلخر يتأثر بعوامل ومتغيرات عديدة وكذلك يعتبر غاية من الغايات الكبرى للسياسات‬
‫العامة‪ ،‬ومن خالل هذا سنناول في هذا الفصل عالقة السياسات العامة االقتصادية باإلستق ارراالقتصادي في‬
‫المبحث األول من خالل التطرق إلى عالقة االستقرار االقتصادي بالسياسات العامة االقتصادية‪ ،‬أما في‬
‫المبحث الثاني فسنتطرق إلى عالقة االستقرار السياسي باالستقرار االقتصادي والتنمية االقتصاديـة‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫المبحث األول‪ :‬عالقة االستقرار االقتصادي بالسياسات العامة االقتصادية‬


‫سنتطرق في هذا المبحث إلى محددات عالقة االستقرار االقتصادي بالسياسات العامة وهذا من خالل تناول‬
‫عالقة التوازن االقتصادي باالستقرار االقتصادي‪ ،‬ثم عالقة االستق ارراالقتصادي الداخلي باالستقرار الخارجي‬
‫وفي األخير دور االستقرار االقتصادي في التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬عالقة التوازن االقتصادي باالستقرار االقتصادي‬
‫التوازن اإلقتصادي هو الحالة االقتصادية والمالية التي تسودها قوى جزئية أو كلية أو كالهما إذا ما توفرت‬
‫أن عدم استمرار أحدهما أو زيادته مع ثبات غيره يمكن أن يؤدي من خالل‬
‫شروط وظروف محددة‪ ،‬بحيث ّ‬
‫العالقات والتأثيرات المترابطة عبر الوحدات االقتصادية باالقتصاد الوطني إلى اختالل يطول أو يقصر أجله‬
‫إلى أن تحدث أو تستحدث عوامل مضادة تعمل في عكس الخلل ليعود التوازن اإلقتصادي إلى سيرته‬
‫‪1‬‬
‫األولى‪.‬‬
‫فنظرية التوازن اإلقتصادي وسيلة منهجية في التحليل اإلقتصادي وال يستغنى عنها في األبحاث العلمية‬
‫وجه إليها من انتقادات إال ّأنها تساعد على التنبؤ بالمركز اإلقتصادي التوازني‬
‫االقتصادية الكلية‪ ،‬ورغم ما ّ‬
‫المتطورة الالحقة للنمو اإلقتصادي والتنمية االقتصادية‪ ،‬البد من البحث‬
‫ّ‬ ‫ألي دولة‪ ،‬فحتى لو أخذنا بالنظريات‬
‫أيضا عن وضعيات خلل التوازن التي تكون أكثر فعالية لالقتصاد الوطني‪ ،‬األمر الذي يفرض من جديد تبني‬
‫نظرية التوازن اإلقتصادي لفهم واقع الخلل وصوال إلى الخلل بحد ذاته ومعالجته‪.‬‬
‫لهذا ظلت فكرة التوازن أساسا للتحليل اإلقتصادي‪ ،‬نظ ار إلسهامها الكبير في حل المشكالت االقتصادية ألي‬
‫دولة‪ ،‬وهذا من خالل اإلسهامات التالية‪:‬‬
‫‪-1‬تحديد واقع االقتصاد الوطني وعوامل اختالله‪ :‬فتتجلى أهمية التوازن االقتصادي عند دراسة المشكلة‬
‫المتغيرات اإلجمالية على المستوى‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية في شكلها اإلجمالي في إظهار التباين والتوافق القائم بين‬
‫القطاعي أو الكلي مع البحث في مقومات التوازن االقتصادي وأسباب اختالله وسبل معالجتها‪ ،‬وبهذا تكون‬
‫الجيدة لالقتصاد الوطني وذلك بعد القضاء على كل‬‫نظرية التوازن االقتصادي قد وضحت لنا الوضعية ّ‬
‫اإلختالالت التي تعرض لها‪ ،‬وهذا من خالل تحقيق توازن نقدي يؤدي في النهاية إلى زيادة وسائل الدفع‬

‫ص‪.671‬‬ ‫‪ -1‬السيد حسن موفق‪ ،‬المشكالت االقتصادية المعاصرة‪ ،‬دمشق‪ :‬مطبعة جامعة دمشق‪،6891 ،‬‬

‫‪39‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫بنفس معدل النمو لالقتصاد الوطني‪ ،‬مع االحتفاظ بالتوازن في سوق االستثمار تجنبا لآلثار السلبية التي من‬
‫شأنها أن تضر بالحوافز االستثمارية كنتيجة لما قد يترتب على إنفاق النظام االئتماني في خلق النقد‬
‫‪1‬‬
‫اإلضافي في السوق االستثمارية من زيادة اإلنفاق االستهالكي‪ ،‬وتعطل الموارد اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪-2‬اإلسهام في رسم السياسة االقتصادية‪ :‬فالسياسة المالية تستعمل بهدف الوصول إلى التوظيف الكامل‪،‬‬
‫كما تستعمل السياسة النقدية من خالل تخفيض أسعار الفائدة لتحقيق النمو اإلقتصادي‪ ،‬في حين تستعمل‬
‫السياسة التجارية لتحقيق االستقرار في ميزان المدفوعات‪ .‬ففي الفكر الكنزي الذي يظهر أهمية وفعالية‬
‫أن االستخدام المتزامن لألدوات من أجل‬
‫السياسة المالية كسياسة تثبيت استجابة لصدمات الطلب الكلي كما ّ‬
‫إنجاز أهداف متعددة في وقت واحد هي طريقة أكثر فعالية وأضمن نجاحا‪ ،‬بدال من استخدام أدوات محددة‬
‫ألغراض وأهداف محددة األمر الذي أدى إلى تنامي االعتقاد بتشابك وتعقد الحياة االقتصادية مما أدى في‬
‫‪2‬‬
‫النهاية إلى اللجوء للحلول الشمولية‪ ،‬وهو ما يفسح المجال أمام استخدام النماذج االقتصادية‪.‬‬
‫بأنه وسيلة رياضية تعتمد على النظرية االقتصادية‪ ،‬ويتمثل في مجموعة من‬
‫يعرف النموذج االقتصادي ّ‬
‫المعادالت أوالقواعد التي تكفي لتصوير الهيكل االقتصادي ونمط معدل أدائه من أجل استخدامها في دراسة‬
‫معينة توطئة لتحديد السياسات الواجبة اإلتباع لتحقيق األهداف‬
‫التطورات المحتملة بناء على فروض ّ‬
‫ّ‬ ‫مختلف‬
‫‪3‬‬
‫اإلقتصادية‪.‬‬
‫يتحقق التوازن االقتصادي للسياسة المالية عندما تكون المنفعة التي يتم تقديمها إلى االقتصاد الوطني‬
‫مساوية على األقل التي حجبت عن الدخل الوطني نتيجة اقتطاع األموال‪ ،‬فإذا انخفض الدخل الوطني نتيجة‬
‫حدها األعلى‪ ،‬أما إذا إزداد الدخل الوطني‬
‫زيادة االقتطاعات العامة فهذا يعني أن النفقات العامة قد تجاوزت ّ‬
‫الحد األدنى لحجم اإلنفاق العام واالقتطاعات العامة‪ ،‬األمر الذي يدل‬
‫فهذا يعني أننا نميل إلى ّ‬

‫‪ -1‬دراوسي مسعود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.651‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.651‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬مبارك حجير‪ ،‬التوازن االقتصادي و إمكانياته للدول العربية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة األنجلومصرية‪ ،‬د س ن‪ ،‬ص ‪.106‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫أن التوازن االقتصادي الذي تحققه السياسة المالية العامة يعظم مردود النظام االقتصادي ويساهم في تحقيق‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫التوازنات االقتصادية‪.‬‬

‫‪-3‬اإلسهام في اإلصالح االقتصادي‪ :‬نتيجة للصـدمات اإلقتصـادية التـي تعرضـت لهـا اقتصـاديات دول العـالم‬
‫كفشــل النظــام االشــتراكي خــالل الثمانينــات مــن القــرن الماضــي‪ ،‬وتصــاعد حجــم المديونيــة فــي الــدول الناميــة‪،‬‬
‫وتح ـ ّـول االهتم ــام إل ــى السياس ــات اإلقتص ــادية الكلي ــة بوج ــه ع ــام‪ ،‬وسياس ــات اإلص ــال الهيكل ــي عل ــى وج ــه‬
‫الخصــوص‪ ،‬فــي الوقــت الــذي تــم تجاهلهــا خــالل فت ـرة الســبعينات حيــث كــان نــاد ار مــا يســتخدم أدوات السياســة‬
‫‪2‬‬
‫اإلقتصادية الكلية‪.‬‬

‫ونظـ ار الخــتالف األوضــاع االقتصــادية المتأزمــة فــي الــدول الناميــة‪ ،‬قامــت مؤسســات التمويــل الدوليــة بتصــميم‬
‫ب ـرامص إصــال اقتصــادي بهــدف معالجــة تلــك اإلخــتالالت وتحقيــق الت ـوازن واالســتقرار االقتصــادي فــي ه ــذه‬
‫الــدول‪ ،‬مشــترطة فــي ذلــك التقليــل مــن دو ارلقطــاع العــام وفســح المجــال للقطــاع الخــاص س ـواء كــان محليــا أو‬
‫‪3‬‬
‫أجنب ـيا‪.‬‬

‫ولكي تزيد مستويات اإلنتاج والدخل والعمالة يقتضي ذلك زيادة اإلنتاج بعض الشيء‪ ،‬عن الطلب القائم في‬
‫السوق وعندئذ سيخلق العرض الجديد المتولد عن زيادة اإلنتاج طلبه وهكذا يؤكد التقليديون أنه إذا ترك‬
‫القطاع الخاص ح اًر في بيئة تتوافر فيها كل الضمانات للحرية االقتصادية‪ ،‬فإنه يسعى إلنتاج حاجاته ورغباته‬
‫وتعظيم ثروته وتحقيق مصلحته‪ ،‬وبالتالي يستمر في اإلنتاج‪ ،‬وال يتوقف إال عند مستوى العمالة الكاملة‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫حيث تصبح في هذه الحالة كافة الموارد االقتصادية المتاحة موظفة توظيفاً كامالً‪.‬‬

‫لقد جاءت سياسات اإلصال االقتصادي على مرحلتين‪ ،‬تتمثل األولى في سياسة التثبيت االقتصادي التي‬
‫اعتمدها صندوق النقد الدولي ألزمة الدول النامية‪ ،‬أما المرحلة الثانية فتتمثل في سياسات اإلصال الهيكلي‬

‫‪ -1‬دراوسي مسعود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.651‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.651‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Philippe Darreau, croissance et politique économique, 1e éd, Boek université, 2003 ,p73 .‬‬

‫ص‪.10‬‬ ‫‪ -4‬عبد المنعم فوزي‪ ،‬المالية العامة والسياسة المالية‪ ،‬اإلسكندرية ‪ :‬منشأة المعارف ‪،6881،‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫التي يضطلع بها البنك الدولي‪ ،‬والتي ينبغي أن تواكب جهود تصحيح اإلقتصاد الكلي إصالحات هيكلية‬
‫ترمي إلى تحسين فعالية الموارد اإلنتاجية المحدودة بغية زيادة معدل النمو في البلد بصفة دائمة‪.‬‬
‫ويشير الكثير من المؤلفين إلى أن مايميز األصالحات من خالل تطبيقات االصال االقتصادي وفق وصفة‬
‫البنــك والصــندوق الــدوليين‪ ،‬فــي أنهــا تســعى إلــى إلغــاء دور الدولــه االقتصــادي وخصخصــة مؤسســات القطــاع‬
‫العــام بأقصــى مــايمكن دون م ارعــاة اآلثــار التــي تــتمخض عــن ذلــك ومــدى انعكاســاتها عل ـى جماعــة كبيــرة مــن‬
‫المواطنين‪ ،‬وكشف السوق واالقتصاد الوطنيين أمـام التـأثيرات الخارجيـه ودمجهـا بالسـوق العالميـه واحتكاراتهـا‪،‬‬
‫وجعــل الدولـة ووظيفتهــا اإلجتماعيــه خاضــعه ألرادة الســوق واإلقتصــاد‪ ،‬جوالــى إعــادة جدولــة الــديون وفقــا لمشــيئة‬
‫الدول والبنـوك الدائنـة‪ ،‬وتقلـيص دور الحكومـه تقليصـا مسـبقا لعبـر الخصخصـه لجميـع م ارفـق القطـاع العـام‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ويمكن أن يجري التدخل حتى بالق اررات السياسية‪.‬‬

‫من الواضح أن إجراء مجموعة متكاملة من اإلصالحات هو مشروع طمو وقد أجريت بالفعل في كثير من‬
‫الدول النامية بعض اإلصالحات‪ ،‬بيد أنه في بلدان أخرى توجد قيود تعوق التغيرات التي يمكن تنفيذها‬
‫واقعيا‪ ،‬وينبغي وضع تصميم لإلصال على أساس كل حالة على حدى ألن التحكم في الطلب بشكل سليم‬
‫أمر ال غنى عنه سواء لخلق الثقة لدى المستثمر أو للحفاظ على المصداقية في أسواق رأس المال الدولية‬
‫التي تتكفل بتوفير الموارد الخارجية الشيء الذي يبرر اإلصالحات اإلقتصادية‪.‬‬

‫بأنه التوجيه الواعي لموارد المجتمع بما‬


‫‪-4‬اإلسهام في التخطيط اإلقتصادي‪ :‬يعرف التخطيط اإلقتصادي ّ‬
‫يحقق أهدافه‪ ،‬وبذلك يعتبر نوع من التنظيم االجتماعي لعملية اإلنتاج‪ ،‬التوزيع في المجتمع‪.2‬‬

‫والتخطيط نوعان‪ :‬التخطيط المركزي الذي عرفته الدول االشتراكية‪ ،‬والتخطيط اإلقتصادي المعمول به في‬
‫‪3‬‬
‫اقتصاديات الدول الرأسمالية‪.‬‬

‫‪ -‬عباس الفياض‪" ،‬قضايا اقنصادية معاصرة"‪ ،‬مأخوذ من‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫ليوم ‪. 68:10، 1065/1/69‬‬ ‫‪http// :www.economic.essues in world .doc‬‬


‫‪ -2‬عمر محي الدين‪ ،‬التنمية والتخطيط اإلقتصادي‪ ،‬بيروت‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،‬دس ن‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫‪ -‬دراوسي مسعود‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.656‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫حد أدنى من التخطيط اإلقتصادي وخاصة في الدول النامية‬


‫فالضرورة الموضوعية والعلمية تقتضي وجود ّ‬
‫التي تتميز بظاهرة الجمود بسبب طبيعة النظم اإلقتصادية واالجتماعية السائدة بها‪ ،‬ولهذا تتأكد أهمية‬
‫التخطيط اإلقتصادي لما يحققه من خدمات اجتماعية قدرته على تحقيق التنسيق على مستوى األهداف‬
‫أوالوسائل‪ ،‬وهكذا يصبح التوازن اإلقتصادي شرط ضروري لتحقيق أهداف السياسة اإلقتصادية للبلد والمتمثلة‬
‫‪1‬‬
‫في التنمية والعدالة واالستقرار على جميع األصعدة السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫مما سبق يمكن القول أن التوازن اإلقتصادي أمر ضروري لمختلف األنظمة اإلقتصادية‪ ،‬رأسمالية كانت أو‬
‫اشتراكية ولكل الدول المتقدمة منها وحتى النامية‪ ،‬بالرغم من اختالف أسباب الحاجة إليه من نظام اقتصادي‬
‫آلخر‪ ،‬وهذا لما له من تأثير في االستقرار االقتصادي من جهة وأهمية في السياسات االقتصادية من جهة‬
‫ثانية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عالقة االستق ارراالقتصادي الداخلي باالستقرار الخارجي‬

‫يعتبر تسهيل عملية تقويم مقترحات المشروعات العامة من األهداف األساسية للسياسات العامة في المفهوم‬
‫الحديث‪ ،‬والتي تؤدي من خالل ذلك إلى تلبية الحاجات العامة بكفاءة وفعالية‪ .‬ويمكن تعريف المشروعات‬
‫بأنها‪ ":‬وحدة اقتصادية تملكها الدولة إما كليا أو جزئيا‪ ،‬مستقلة عن الجهاز اإلداري للدولة‪ ،‬تتولى‬
‫العامة ّ‬
‫‪2‬‬
‫إنتاج السلع والخدمات‪ ،‬وتعمل في نطاق األهداف االقتصادية واالجتماعية التي تسعى الدولة لتحقيقها"‪.‬‬

‫ويعتبر توازن الموازنة من أهم عوامل تحقيق التوازن اإلقتصادي العام لالقتصاد الوطني والمحافظة عليه‪،‬‬
‫فإن ذلك من شأنه يؤدي إلى عدم توازن اقتصادي‪.‬‬
‫فإذا لم يتحقق مثل هذا التوازن ّ‬

‫فيفرض التوازن المالي أن يقوم على المعادلة بين المنفعة االقتصادية للقطاع مع مديونيته‪ ،‬وبالتالي مع‬
‫فإن ذلك يعني على مستوى اإلقتصادي العام‬
‫مديونية الدولة عندما يمول المشروع عن طريق الخزينة العامة ّ‬
‫منع حدوث الخلل بين المنفعة العامة والتكلفة العامة‪ ،‬وعندما يفرض التوازن المالي للموازنة أن يكون المردود‬

‫‪1‬‬
‫‪- Abdelatif Benchenhou , pour une meilleure croissance ,Paris : alpha design , 2008 , p59.‬‬

‫‪ -‬سعيد عبد العزيز عثمان‪ ،‬اقتصاديات الخدمات والمشروعات العامة‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬الدار الجامعية‪ ،1000 ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫تم التمويل بها وأداء خدمة هذه القروض‪،‬‬


‫المالي لزيادة المنفعة االقتصادية قاد ار على الوفاء بالقروض التي ّ‬
‫‪1‬‬
‫فهو يفرض بذلك عدم حصول تراجع في الدخل الوطني للبالد‪.‬‬

‫فيتكامــل التـوازن االقتصــادي للموازنــة العامــة مــع التـوازن االقتصــادي العــام‪ ،‬حيــث يفــرض التـوازن االقتصــادي‬
‫للموازنة العامة رفع مردودية النظام االقتصادي بمـا يتطلبـه مـن تحليـل دقيـق لحـدود االقتطـاع العـام نوعـا وكمـا‬
‫بحيث يمنع هذا التوازن أن تقوم الدولة باقتطاع أموال من القطاع الخاص وتقوم بعدها بإنفاقها بحيث ال تكون‬
‫زيادة في الدخل الوطني معادلة على األقل لزيادته فيما لو بقيت هـذه األمـوال لـدى القطـاع الخـاص‪ ،‬فالسياسـة‬
‫الماليــة الســلبية هــي التــي تســعى مــن خاللهــا الدولــة إلــى تحقيــق ت ـوازن اقتصــادي كلــي جديــد أعلــى مــن ســابقه‬
‫‪2‬‬
‫المحتمل قبل القيام باالقتطاع واإلنفاق‪.‬‬

‫فاقتصاديات الدول النامية تعاني بصفة عامة من اختالالت هيكلية يمكن حصرها في اختاللين رئيسيين‪:‬‬
‫اختالل االستقرار الداخلي و اختالل االستقرار الخارجي‪ ،‬و من أهم مظاهر اختالل االستق اررالداخلي هو‬
‫اختالل التوازن بين اإلنتاج المحلي واالستهالك الوطني‪ ،‬ففي حالة االستهالك أكبر من االنتاج وهوما يعني‬
‫وجود اختالل بين اإلدخار الوطني واالستثمار‪ ،‬حيث أن االدخار المحلي ال يجاري االستثمار‪ ،‬وهو ما يدفع‬
‫إلى اإلعتماد على مصادر التمويل الخارجية من مساعدات و قروض لتمويل االستثمار‪ ،‬إن هذه الحالة تؤدي‬
‫إلى بروز اختالل االستقرار الخارجي الذي ماهو إال انعكاس إلختالل االستقرار الداخلي أو ما يعرف بحالة‬
‫فائض الطلب حيث يعجز االنتاج المحلي عن استيعاب الطلب الكلي وتتم تغطية هذا الفائض من خالل‬
‫‪3‬‬
‫االستيراد وهذا ما ينعكس في ميزان تجاري سـالب‪.‬‬

‫فالبيئة االقتصادية المستقرة تعتبر ضرورة أساسية لتحقيق التنمية في اقتصاد أي بلد‪ ،‬و ترتكز على ثالثة‬
‫أهداف محددة هي ‪ :‬نمو الناتص الحقيقي‪ ،‬التشغيل الكامل و استقرار األسعار‪ ،‬مع امكانية اضافة االستقرار‬
‫في سعر الصرف و التوازن الخارجي حسب درجة االنفتا االقتصادي للدولة‪ ،‬ولعله من الواضح أن هذه‬

‫‪ -‬دراوسي مسعود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.651‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-1‬زوين إيمان‪"،‬دور الجيل الثاني من االصالحات االقتصادية في تحقيق التنمية"‪ ،‬رسالة دكتوراهلاقتصاد ومناجمنت‪ ،‬كلية‬
‫العلوم االقتصادية و علوم التسيير‪،‬جامعة قسنطينة ‪ ،1066،‬ص‪.71‬‬
‫‪ -1‬عبد هللا بلوناس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.691‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫األهداف متداخلة ومترابطة‪ ،‬فبدون العمالة الكاملة فإن االنتاج المحتمل في اقتصاد ما لن يتحقق بصفة كلية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫كما تؤدي تقلبات األسعار إلى سيطرة عدم التاكد و عرقلة النمو االقتصادي‪.‬‬

‫هذا ويرتبط االستقرار االقتصادي بالدورة االقتصادية‪ ،‬حيث تشير معظم التجارب التاريخية إلى أن فترات‬
‫التوسع االقتصادي وانخفاض معدالت البطالة يتبعها فترات بطء النمو االقتصاي وانكماش النشاط‬
‫االقتصادي ‪ ،‬ففي فترات بطء النمو االقتصادي ترتفع معدالت البطالة و ينخفض المستوى العام لألسعار‪،‬‬

‫والدورة االقتصادية المفترضة تعكس حركة منتظمة من االزدهار والركود‪ ،‬إال أنه في الواقع فإن الدورات‬
‫االقتصادية ال تأخذ شكال منتظما وبالتالي فإن تفاقم اختالل االستقرار االقتصادي الداخلي والخارجي يفرز‬
‫‪2‬‬
‫بكل تأكيد عددا م األزمات االقتصادية الخطيرة كتفاقم معدالت التضخم وتدهور معدالت النمو الحقيقية‪.‬‬

‫كما أن اختالل االستق ارراالقتصادي الخارجي يعكس وجود فجوة في الموارد المحلية واختالالت في المدخرات‬
‫و االستثمارات الوطنية‪ ،‬أي بعبارة أخرى فإن الختالل الداخلي يحدث عندما يتحرك االقتصاد الوطني بصورة‬
‫تتجاوز الناتص الممكن أو تقل عنه‪ ،‬كما يمكن أن ينشأ اختالل االستقرار الداخلي عندما يكون الطلب الكلي‬
‫متجاو از للناتص الممكن مما قد يحدث ضغوطا تضخمية‪ ،‬و في العديد من الدول النامية يكون التمويل النقدي‬
‫‪3‬‬
‫لعجوزات الحكومة هو السبب في حدوث االختالل الداخلي لالستقرار االقتصادي‪.‬‬

‫وتؤكد الخبرات التي مرت بها الدول النامية وخاصة بلدان شرق آسيا أن اختالل االستقرار الخارجي يعكس‬
‫في أغلب األحيان وجود فجوة في الموارد المحلية‪ ،‬أي أن هناك اختالل بين االدخار القومي واالستثمار‬
‫القومي‪ ،‬وهي اختالالت يمكن معالجتها عن طريق إحداث تغييرات في السياسة االقتصادية‪.‬‬

‫ومن هذا كله فإن وضعية اختالل االستقرار االقتصادي سواء الداخلي أوالخارجي تقود إلى ضرورة اتخاذ‬
‫الق اررات واالجراءات الالزمة لمعالجة هذه الوضعية‪ ،‬مما يجعل الدول النامية مخيرة بين اتباع اجراءات‬

‫‪ -1‬جيمس جوارتيني‪،‬االقتصاد الكلي‪،‬االختيارالعام والخاص‪ ،‬ترعبدالرحمان عبدالفتا ‪،‬السعودية‪ :‬دارالمريخ‪ ، 6888،‬ص‪.685‬‬


‫‪-2‬وليد عبد الحميد عايب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11-11‬‬
‫‪-3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫لتصحيح اختالل االستقرار الداخلي والمتمثلة في عمليات التصحيح‪ ،‬أوالقيام باجراءات لتصحيح االستقرار‬
‫الخارجي كنهص لتحقيق االستقرار الكلي من خالل عمليات التمويل الخارجي‪.‬‬

‫ومنه فإن البرامص والسياسات االقتصادية للدولة تتاثر بالعوامل االقتصادية الداخلية والخارجية على حد سواء‪،‬‬
‫كونها تعتبر البيئة التي يعمل ضمنها النظام االقتصادي‪ ،‬وكما يمكن أن تؤثر في الوضع االقتصادي العام‬
‫خاصة إذا كانت الدولة ذات وزن ثقيل في الساحة االقتصادية الدولية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬دور االستقرار االقتصادي في التنمية االقتصادية‬

‫تباينت اآلراء ووجهات النظر بالنسبة للعلماء والمفكرين والباحثين حول تحديد مفهوم التنمية االقتصادية‪،‬‬
‫وترجع صعوبة االتفاق إلى اختالف التوجهات الفكرية واإليديولوجية وكذلك اختالف التخصصات للعلماء‬
‫والباحثين حتى أصبح من الصعب وضع تعريف محدد ودقيق للتنمية أو النمو االقتصادي بعبارات واضحة‬
‫ومحددة‪ ،‬فهم يعتقدون أن اصطال النمو االقتصادي قد أصبح مفهوما لدى الجميع إلى الحد الذي ال يحتاج معه‬
‫‪1‬‬
‫إلى تعريف دقيق‪.‬‬

‫فقد عرف االقتصاديون التنمية االقتصادية بأنها ‪":‬عملية زيادة الدخل القومي الحقيقي خالل فترة زمنية طويلة؛‬
‫بحيث تكون هذه الزيادة أكبر من زيادة عدد السكانلأي معدل الزيادة في نمو الدخل أكبر من معدل زيادة عدد‬
‫السكان بحيث هناك تغيير في هيكلة االقتصاد في الدولة‪ ،‬بينما عرفها آخرون بأنها" ‪:‬الجهود المنظمة التي تبذل‬
‫وفق تخطيط ورسوم للتنسيق بين اإلمكانيات البشرية و المادية المتاحة في وسط اجتماعي معين‪ ،‬قصد تحقيق‬
‫مستويات أعلى للدخل القومي والدخول الفردية ومستويات أعلى للمعيشة والحياة االقتصادية في نواحيها المختلفة‬
‫‪2‬‬
‫كالتعليم والصحة ومن ثم الوصول إلى تحقيق أعلى مستوى ممكن من الرفاهية االجتماعية‪.‬‬

‫كذلك االقتصاديون العرب أعطوا تعريفات عديدة ومتنوعة لمصطلح التنمية االقتصادية‪ ،‬منها مثال تعريف‬
‫صالح الدين نامق في كتابه "نظرية التنمية االقتصادية" يعرفها كالتالي‪" :‬هي عملية تطورية تاريخية طويلة األمد‬

‫‪ -6‬عمر حسين‪ ،‬التنمية و التخطيط االقتصادي‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،1985 ،‬ص‪.16‬‬

‫‪ -1‬مصطفى حسين ومحمد شفيق وأمية بدران‪ ،‬أبعاد التنمية في الوطن العربي‪،‬عمان‪ :‬دارالمستقبل للنشر‪ ،1995 ،‬ص‪.021‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫يتطور خاللها االقتصاد القومي من اقتصاد بدائي ساكن إلى اقتصاد متحرك يزيد فيه الدخل القومي ودخل الفرد‬
‫في المتوسط‪ ،‬أي إنها عملية تغيير اقتصادي واجتماعي وسياسي يؤدي في النهاية إلى تغييرات كلية في‬
‫‪1‬‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫وتجدر االشارة إلى أن هناك فرق بين التنمية االقتصادية والنمو االقتصادي الذي يعرف على أنه توسع قدرة‬
‫الدولة على انتاج السلع والخدمات التي يرغب فيها سكانها‪.‬‬

‫فقد أعطى شومبيتر ‪ Schumpeter‬في كتابه "نظرية التنمية االقتصادية" تفسي ار لمفهومي النمو والتنمية‪،‬‬
‫حيث يعرف النمو بأنه تغير تدريجي منظم يحدث في فترة طويلة نتيجة الزيادة العامة في الموارد‪ ،‬أما التنمية‬
‫فهي تظافر وتفاعل القوى داخل النظام عندما تكون العوامل األخرى ثابتة‪ ،‬وهي بذلك تغير تلقائي يظهر‬
‫بفعل عمل قوى توسعية ضاغطة‪ ،‬ومن ثمة يعني النمو التغيرات الكمية التي تحصل بين المتغيرات‬
‫اإلقتصادية اإلجمالية كالدخل الوطني والناتص الوطني واألنتاج اإلجمالي‪ ،‬وحصة الفرد منها وتشتمل التنمية‬
‫إضافة لذلك على مجمل التحوالت اإلقتصادية وغيراإلقتصادية التي تتحقق في دولة ما اعتمادا على سياسات‬
‫‪2‬‬
‫وبرامص انمائية طويلة األجل‪.‬‬

‫وتتمثل أهمية السياسات العامة االقتصادية في التنمية االقتصادية من خالل تركيز السياسات االقتصادية في‬
‫أهدافها الرئيسية على تحقيق الرفاه العام من خالل تلبية المطالب العامة‪ ،‬وكذلك من التعريف الشامل‬
‫لالستقرار االقتصادي الذي يتضمن هدفين أساسيين‪:‬‬

‫‪ -6‬جمعون نوال‪" ،‬دور التمويل المصرفي في التنمية االقتصادية"‪ ،‬مذكرة ماجستير لعلوم التسيير‪،‬كلية العلوم االقتصادية و‬
‫التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1005،‬ص‪.11‬‬

‫‪ -2‬سايح بوزيد‪"،‬تأهيل القطاع الزراعي الجزائري في ظل المتغيرات االقتصادية العالمية الراهنة"‪،‬مذكرة ماجستيرلعلوم‬
‫اقتصادية‪،‬تخصص اقتصاد التنمية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية‪،‬جامعة تلمسان ‪،1007،‬ص‪.19‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫‪ -‬الحفاظ على مستوى التشغيل الكامل للموارد االقتصادية المتاحة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬تحقيق درجة مناسبة من االستقرار في المستوى العام لألسعار‪.‬‬

‫فاالستقرار االقتصادي الكلي هو من الظروف األساسية إلحداث التنمية االقتصادية والذي يتوجب أن يتدعم‬
‫بالظروف الالزمة النجا السياسات العامة الهادفة إلى تحقيق تنمية اقتصادية‪ ،‬فمعروف أن تحقيق التشغيل‬
‫الكامل يؤدي إلى االستخدام الكامل للموارد االقتصادية المتاحة‪ ،‬وبالتالي فإن تحقيق التنمية االقتصادية يجب‬
‫أن يسير جنبا إلى جنب مع تحقيق االستقرار االقتصادي‪ ،‬حيث يحصل األفراد على ثمار ومكاسب التنمية‪،‬‬
‫إذ أن غياب االستقرار االقتصادي يحول الكثير من االستثمارات المنتجة إلى استثمارات‬

‫غيرمنتجة‪ ،‬جواذا أخذنا بعين االعتبارحالة الدول النامية فإن األزمات االقتصادية التي مرت بها دفعت‬
‫بالمؤسسات النقدية الدولية إلى التدخل ضمن ما يعرف ببرامص اإلستقرار اإلقتصادي أو برامص التثبيت التي‬
‫تهدف إلى تخفيض العجز في الموازنة العامة بواسطة ضغط االنفاق الحكومي وتخفيض العجز في الحساب‬
‫‪2‬‬
‫الجاري‪.‬‬

‫والشكل التالي يوضح فكرة مختصرة عن برامص االستقرار االقتصادي‪.‬‬

‫الشكل ل‪: 01‬األهداف والسياسات واألغراض الوسيطية في برامص االستق ارراالقتصادي الكلي‬

‫األهداف النهائية‬ ‫األغراض الوسيطية‬ ‫السياسات‬

‫زيادة معدل النمو‬ ‫تقليص عجز الدولة‬ ‫السياسة المالية‬


‫االقتصادي‬
‫تحسين وضع ميزان‬ ‫السياسة القدية‬
‫تخفيض البطالة‬ ‫المدفوعات‬
‫سياسة الصرف‬
‫االستقرار الخارجي‬ ‫تقليص التضخم‬

‫إعادة التوازنات الكية‬

‫المصدر‪ :‬وليد عبد الحميد عايب‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.19‬‬

‫‪ -1‬عبد المجيد عبد المطلب‪ ،‬السياسات االقتصادية‪-‬تحليل كلي جزئي‪،-‬القاهرة ‪ :‬زهراء الشرق‪ ،7002،‬ص‪.712‬‬
‫‪ -2‬وليد عبد الحميد عايب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫فيبرزلنا من خالل تحليل مبسط لهذا الشكل أن برامص االستق ارراالقتصادي في السياسات العامة االقتصادية‬
‫تهدف إلى تحقيق أهداف وسيطية تتمثل في تقليص عجز الدولة وتحسين وضع ميزان المدفوعات اضافة إلى‬
‫تقليص التضخم للوصول "إلى أهداف نهائية تتمثل في زيادة معدل النمو االقتصادي وهو ما يزيد من القدرة‬
‫االنتاجية مما يساعد على تخفيض البطالة‪ ،‬اضافة إلى تحقيق االستقرار الخارجي الذي بدوره يضمن إعادة‬
‫التوازنات االقتصادية الكلية‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬عالقة االستقرار السياسي باالستقرار االقتصادي‬

‫يعتبر االستقرار االقتصادي من العوامل االساسية للتنمية االقتصادية وذلك من خالل حاجة برامص هذه‬
‫األخيرة إلى التخطيط والتمويل من طرف الدولة‪ ،‬وهذا ما يوحي بوجود عالقة بين االقتصاد والسياسة‪،‬‬
‫وبالتالي وجود عالقة بين التنمية االقتصادية باالستقرار االقتصادي من جهة واالستقرار السياسي من جهة‬
‫ثانية‪ ،‬وهي كلها تشكل بيئة متكاملة تتحدد ضمنها مرتكزت التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬عالقة االقتصاد بالسياسة‬

‫لقد أدت التغييرات الكبيرة التي اجتاحت العالم خالل الفترة األخيرة إلى تنامي اإلدراك العام لدى البلدان النامية‬
‫نحو ضرورة التغيير لكون حكوماتها قد غدت مسؤولة أمام شعوبها‪ ،‬في ظل تنامي الخيارات التي تصاحبها‬
‫تطلعات واعدة نحو تنمية المجتمعات لألجيال الحالية والمستقبلية‪.‬‬

‫وقد صاحب هذا التنامي في اإلدراك لمسؤولية الحكومات أمام مواطنيها ازدياد في اإلشارة المباشرة من قبل‬
‫العديد من األطراف المعنية بقضية إحداث التنمية الشاملة في داخل المجتمع إلى الدور الفاصل والحاسم الذي‬
‫تلعبه " اإلدارة الرشيدة " في تحسين أوضاع البشر داخل المجتمع‪ ،‬وما يمكن لها أن توجده من حلول ناجعة‬
‫لمسائل الفقر والظلم االجتماعي وانعدام األمن وتحسين الخدمات العامة صوب هدف تحقيق المصلحة العامة‬
‫‪1‬‬
‫الذي يعد هدفا معلنا لكل النظم السياسية واإلدارية في العالم‪.‬‬

‫فمهما إختلفت طبيعة الدولة ا فإن دور ها في النشاط االقتصادي ال يمكن تجاهله فدور الدولة ال يتوقف عند‬
‫وظائفها التقليدية ولم يعد يقتصر على توفير الخدمات التي تمتنع المشروعات الخاصة عن تقديمها لجمهور‬
‫المواطنين بل إمتد إلى تدخل في النشاط االقتصادي‪ ،‬وقد اختلفت طبيعة دور الدولة في النشاط االقتصادي‬
‫كالتالي‪:2‬‬

‫‪-‬مصطفى أبوبكربعيرة‪"،‬ال تنمية مستدامة بدون ادارة قوامة"‪ ،‬ص‪ ،.09‬مأخوذ من‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫)يوم ‪http://unpan1.un.org/intradoc/images/docgifs/UNPAN-small.gif (15 :50، 22/4/2015‬‬


‫‪-‬دراوسي مسعود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪50‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫أن وظيفة الدولة هو القيام بأعمال األمن والحماية والعدالة والدفاع‬


‫أ‪ /‬الدولة الحارسة‪ :‬وقد ترتب على ذلك ّ‬
‫أي أنها تكون حارسة للنشاط االقتصادي‪ ،‬وال مانع في إقامة بعض المشاريع العامة‪ ،‬هذا وقد سادت أفكار‬
‫أن حدثت مشكلة الكساد الكبير عندها بدأ االقتصاديون يتشككون في‬
‫صحة النظرية الكالسيك لفترة طويلة إالّ ّ‬
‫‪1‬‬
‫الكالسيكية بعد عجز اقتصاديات الدول عن إعادة توازنها بطريقة آلية كما كان يدعي الكالسيك‪.‬‬

‫ب‪ /‬الدولة المتدخلة‪ :‬اتضح مع تطور األوضاع االقتصادية واالجتماعية ضرورة التخلي عن مفهوم الدولة‬
‫الحارسة‪ ،‬وانتشر بدله مفهوم الدولة المتدخلة خاصة بعد أن ساد العالم الكساد العالمي الكبير في ‪،6818‬‬
‫وفي الوقت ذاته برزت أفكار النظرية الكنزية لالقتصادي اإلنجليزي كينز خالل الثالثينات من القرن‬
‫الماضي‪ ،‬ولقد جاءت أفكار كينز معاكسة تماما ألفكار الكالسيك‪ ،‬التي رسمت السياسات الحكومية الواجبة‬
‫‪2‬‬
‫اإلتباع للخروج من األزمة‪.‬‬

‫ايدا في النشاط االقتصادي واالجتماعي‪،‬‬


‫أن وظيفة الدولة تغيرت‪ ،‬فأصبح لها دو ار متز ّ‬
‫وقد ترتب على ذلك ّ‬
‫باإلضافة إلى وظائفها التقليدية مثل األمن والحماية والعدالة جواقامة المرافق العامة‪.‬‬

‫ج‪ /‬الدولة االشتراكية‪ :‬بعد الحرب العالمية األولى سادت مبادئ االقتصاد االشتراكي حيث ارتبط دور الدولة‬
‫باإلحالل محل قوى السوق‪ ،‬وعندها بدأ ينتشر مفهوم الدولة المنتجة أو الدولة االشتراكية‪ ،‬األمر الذي دعم‬
‫انتشار أسلوب التخطيط المركزي على الصعيدين العملي واألكاديمي‪ ،‬وقد تبنت هذا االتجاه عدد من دول‬
‫أن معظم دول العال م الثالث كانت وقتها حديثة العهد باالستقالل وكانت تتطلع إلى تحقيق‬
‫العالم الثالث‪ ،‬ذلك ّ‬
‫فإنه في ظل وجود تلك اإليديولوجيات‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية واالرتقاء بأنظمتها ومؤسساتها‪ ،‬وبالطبع ّ‬
‫‪3‬‬
‫اقتنعت هذه البلدان كغيرها بأنه ال يمكن حدوث التنمية دون تدخل مباشر من جانب الدولة‪.‬‬

‫ومن هذا فإن مراجعة دور الدولة في النشاط االقتصادي في الوقت الحاضر ستستقر على مفهوم جديد‬
‫لدور الدولة ليس بالضرورة أحد األدوارالثالثة سالفة الذكر‪ ،‬فالظروف التاريخية واالقتصادية واالجتماعية تلعب‬

‫‪ -‬سامي خليل‪ ،‬نظرية االقتصاد الكلي‪ ،‬القاهرة‪ :‬وكالة األهرام للتوزيع‪ ،6881 ،‬ص‪.95‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.80‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬سعيد النجار‪ ،‬نحو استرايتجية قومية لإلصال االقتصادي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الشروق‪ ،6886 ،‬ص‪.15‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪51‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫أن دور الدولة يتضح أكثر عند وضع وتنفيذ السياسة االقتصادية للبالد‪،‬‬
‫دو ار هاما في ذلك‪ ،‬وبصفة عامة ّ‬
‫ويمكن القول أن اف ارزات األوضاع االقتصادية واالجتماعية الراهنة جعل من الدورالحديث للدولة في النشاط‬
‫االقتصادي يتجلى في توفير الموارد الالزمة لتنفيذ السياسات العامة االقتصادية الهادفة إلى تحقيق المنفعة‬
‫العامة و تليبة احتياجات األفراد‪.‬‬

‫هذا جوان كان موضع سيطرة الدولة على الموارد االقتصادية هو أم ار هاما وضروريا لحسن استخدام الموارد‬
‫وتنميتها وتوفيرالعدالة واالستقرار‪ ،‬ال يعني أن تقوم الدولة بإدارة العالقات االقتصادية والتدخل المستمر بشكل‬
‫مباشر‪ ،‬إنما المقصود بذلك هو قيامها بتنظيم إدارة الموارد االقتصادية في اتجاه عام متناسق مع أهداف‬
‫الدولة‪ ،‬وأن تكون للدولة القدرة على منع أي انحراف من شأنه أن يهدد مصالح المجتمع‪.‬‬

‫أن حجم هذا الدور ارتبط تماما بحجم مالية الدولة عبر المراحل التاريخية المختلفة التي‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫مرت بها المجتمعات ولهذا وحتى يتحدد دور الدولة في النشاط االقتصادي البد من وجود سياسة مالية لهذه‬
‫الدولة يتحدد من خاللها وفي إطار عالقتها بباقي السياسات االقتصادية‪ ،‬وبالتالي تحقق األهداف المطلوبة‬
‫‪1‬‬
‫والمتفق عليها من جميع أفراد المجتمع‪.‬‬

‫كما أن وظائف الدولة وتدخلها بغض النظر عن ممارسة هذه الوظائف أو عدم ممارستها تتمثل في‪:2‬‬
‫‪ /1‬الوظيفة الحمائية‪ :‬وهي تشمل االهتمام باألمن الداخلي والخارجي حيث تضمن استقرار المجتمع بحفظ‬
‫األمن والنظام العام وتطبيق القوانين ومقاومة الجريمة وحماية الملكية بكل أشكالها وفض النزاعات بين أفراد‬
‫المجتمع‪ ،‬باإلضافة إلى مهمة الدفاع ضد االعتداءات الخارجية لتحقيق العدالة وتوفير الخدمات والمساعدات‬
‫االجتماعية وهذه كلها وظائف تقليدية للدولة‪.‬‬

‫‪ -‬دراوسي مسعود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬محمد لطفي فرحات‪ ،‬ثورة المجتمع ‪-‬مدخل إلى علم االقتصاد‪ ، -‬ط‪ ، 1‬ليبيا‪ :‬دار الجماهيرية ‪ ،1001،‬ص‪.616‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪52‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫‪/2‬الوظيفة اإلنتاجية والتجارية‪ :‬وهي اإلهتمام بالصناعة والزراعة وتوفيرالبنية األساسية وطرق والموصالت‬
‫والخدمات البريدية والحماية التجارية‪ ،‬باإلضافة إلى إصدار النقود واإلشراف على الموازين والمكاييل‬
‫والمقاييس وتوفير اإلستشارات الالزمة لصناعة والتجارة‪.‬‬

‫‪/1‬الوظيفة التطويرية‪ :‬وتهتم بالتعليم والصحة وتطوير البيئة والبحث العلمى وتقدم بعض الخدمات‬
‫االجتماعية االخرى كالضمان االجتماعي‪ ،‬وتملك وتدير بعض المشروعات العامة وتقوم ببناء الطرق‬
‫والجسور‪ ،‬المدارس والمستشفيات‪ ،‬الحدائق العامة والمالعب‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪/4‬الوظيفة اإلدارية‪ :‬تتعلق بالتشريع والقواعد القانونية التي تنظم عمل الدولة سواء في النشاط االقتصادي‬
‫وغير االقتصادي والعالقة بين ما تنفقه وبين الواجبات الملقاة على عاتقها والبحث عن مصادر التمويل‬
‫المناسبة وغيرها من الخدمات اإلدارية األخرى‪.‬‬

‫كما أن المتتبع للعالقات المتبادلة بين االعتبارات السياسية والسياسة المالية يالحظ َّأنهما سياستان ال يمكن‬
‫الفصل بينهما‪ ،‬فمن الناحية التقنية نجد أن القرار الخاص بكمية اإلنفاق والقرار الخاص بتمويل هذا اإلنفاق‬
‫‪1‬‬
‫فال يمكن اعتبارهما ق اررين منفصلين‪.‬‬

‫هذا وأن الباحثين قد أفرزوا عددا من النظريات لشر العالقة بين اإلقتصاد والسياسة‪ ،‬و كذا مقتربات بارزة لها‬
‫تأثير عميق في الشؤون الثقافية و السياسية القومية اإلقتصادية و التي تفترض وتؤيد تفوق السياسة على‬
‫اإلقتصاد‪ ،‬فاليبيرالية اإلقتصادية التي انبثقت عن حركة التنوير في كتابات آدم سميث )‪ (Adam Smith‬التي‬
‫تفترض وجود السياسة و اإلقتصاد من الناحية المثالية على األقل‪ ،‬في مجاالت معينة ‪ ،‬والماركسية التي برزت‬
‫في منتصف القرن التاسع عشر كرد فعل على الليب ا رلية واإلقتصاد الكالسيكي‪ ،‬و التي تتمسك بأن اإلقتصاد‬
‫‪2‬‬
‫هو الذي يحرك السياسة وأن النزاع السياسي ينجم عن الصراع بين الطبقات حول توزيع الثروات‪.‬‬

‫‪ -1‬فريح زينب‪" ،‬دور العامل االقتصادي في التوحالت السياسية الراهنة بالمنطقة المغاربية"‪ ،‬رسالة ماجستير لتخصص علوم‬
‫سياسية وعالقات دولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة بسكرة ‪ ،1061،‬ص‪.60‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.66‬‬

‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫فبعض الدول تمتلك إنتاج القوة بواسطة قدرتها على اإلستثمار المباشر في دول أخرى وهو ما يمكنها من التهديد‬
‫بمنع شركاتها من اإلستثمار في دولة أخرى‪ ،‬ودول أخرى تملك قوة سوقية بواسطة إمتالكها ألسواق واسعة‬
‫ومربحة تمكنها من فرض تعريفات جمركية أو نظام الحصص على صادرات دولة أخرى وذلك في سياق‬
‫‪1‬‬
‫الوصول إلى بعض األهداف السياسية أو االقتصادية‪.‬‬

‫إن القول بأن اإلقتصاد أكثر أهمية اليوم من أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬يمكن أن يعني واحد أوأكثر من األربعة‬
‫األشياء التالية وذلك حسب سبايروس إكونوميدس وبيتر والسون‪:‬‬

‫‪ -‬وسائل إقتصادية)‪ : (Economic Means‬وتشمل التعريفات والحصص‪ ،‬التالعب بالعملة‪ ،‬والمعونة ‪‬‬

‫والعقوبات اإلقتصادية التي هي اآلن أكثر أهمية السيما في ظل التراجع عن إستخدام المباشر للقوة‪.‬‬

‫‪ -‬غايات إقتصادية)‪ : (Economic Ends‬و يشتمل على‪:‬العمالة‪،‬إنخفاض التضخم‪ ،‬النمو‪ ،‬و التنمية ‪.‬‬

‫‪ -‬آثار إقتصادية)‪ : (Economic Implications‬إن األفعال السياسية واألفعال األخرى تملك اليوم ‪‬‬

‫توريطات إقتصادية أكبر بكثير أو إنعكاسات إقتصادية‪.‬‬

‫‪ -‬أسباب إقتصادية )‪ :(Economic Causes‬إن أكبر عدد من األعمال الهامة والسياسية وغيرها من‬
‫‪2‬‬
‫األحداث‪ ،‬بما في ذلك تحقيق السالم و إندالع الحرب‪ ،‬لها أسباب إقتصادية‪.‬‬

‫وهذه األشياء ال يمكن إال للدولة لوحدها أن تقوم بها وتتحكم فيها بق اررات نابعة من صناع القرار في الدولة‪،‬‬
‫وهو ما يعتبر عملية سياسية‪ ،‬هذا ما يؤكد العالقة الوثيقة بين االقتصاد والسياسة‪ ،‬وهذا من خالل حاجة‬
‫الق اررات والسياسات للموارد الالزمة لتنفيذها وتلبية الحاجات العامة لألفراد‪.‬‬

‫‪-Spyros Economides & Peter Wilson, The Economic Factor in International Relations, New York: I.B.Tauris‬‬
‫‪1‬‬

‫‪Publishers, 2001, p3.‬‬

‫‪2-Spyros‬‬ ‫‪Economides & Peter Wilson, op,cit,p11.‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التنمية االقتصادية بين دورالدولة والقطاع الخاص‬

‫إن العمل على وضع برامص للتنمية االقتصادية أواإلسراع بها يهم الدول الغنية والفقيرة على حد سواء فالدول‬
‫الغنية ترغب في االحتفاظ بمعدالت تنمية مرتفعة حتى يمكن تجنب الكساد والركود طويل األمد وما لم يكن‬
‫معدل التنمية مرتفعا فان هذه الدول قد تعانى من زيادة اإلنتاج عن الحدود المطلوبة مقابل الطلب الكلي‪،‬‬
‫ومن ثم تواجه مشكلة الكساد والركود والبطالة على األمد الطويل فى حين تكون التنمية االقتصادية مطلبا‬
‫ملحا للدول الفقيرة كأحد الحلول الالزمة لمواجهة التطرف والحد من تكريس التبعية وترى أوساط األمم المتحدة‬
‫أن العوامل االجتماعية من أكبر األسباب فى إشعال الصراعات ومن ثم يجب على استراتيجيات التنمية‬
‫السعى الى تحقيق التوزيع العادل للدخول والعوائد االقتصادية والثروات للحيلولة دون تفجر الصراعات وهذا‬
‫‪1‬‬
‫هو مقصد التنمية االقتصادية ‪.‬‬

‫ومنه فإن أبرز ما تنطوي عليه عملية التنمية هي إحداث تغيير جذرى في المجتمع يقضي به على مسببات‬
‫التخلف وأن إحداث هذا التغيريكون في هيكل المجتمع على كافة مستوياته اإلقتصادية واإلجتماعية وهو‬
‫القاسم المشترك بين كافة تجارب التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫ويرى االقتصاديون أن من األهمية تعزيز تعبئة المدخرات المحلية والتي تعتبر شرطا من الشروط األولية‬
‫لتحقيق معدل مناسب من االستثمارات ومن ثم التنمية االقتصادية ويمكن تحديد هذه الوسائل فيما يلي‪:2‬‬
‫* ضرورة زيادة نصيب الفرد من الدخل القومي‪ ،‬وهذا من خالل عدالة توزيع الدخول ألنه المحدد األساسي‬
‫للطاقة االدخارية وهذا لن يأتي إال من خالل الحد من ظاهرتي الفقر والبطالة‪.‬‬
‫* تطوير وتحرير قطاع التأمين باعتباره من أهم آليات تعبئة المدخرات االجتماعية‪.‬‬
‫* العمل على تخفيض تكلفة فتح حسابات إدخارية‪ ،‬وهذا لجذب صغار المدخرين‪ ،‬وتطوير أداء الصناديق‬
‫االدخارية وتوجيه احتياطياتها إلى االستثمار فى سوق رأس المال‪.‬‬
‫* العمل باستمرار على فتح مجاالت جديدة لالستثمار وتوظيفها توظيفا جيدا ‪ ،‬فتعد صناديق االستثمار مثاال‬

‫‪ -1‬محمد نبيل الشيمي‪ "،‬التنمية االقتصادية في الدول النامية ووسائل تمويلها"‪ ،‬مجلة الحوار المتمدن‪ ،‬لالعدد‪ ، 1519 :‬د س‬
‫ن‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.1‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫جيدا أو كأداة من أدوات االستثمار الحديثة باعتبارها وعاء ماليا لتجميع المدخرات واستثمارها في األوراق‬
‫المالية بواسطة خبراء متخصصين فضال عن أن المخاطر التي قد يتعرض لها المستثمر في الصندوق أقل‬
‫منها في حالة استثماره مباشرة‪.‬‬

‫كما أن هناك ثالث عوامل داعية الى تدخل الدولة في النشاط االقتصادي‪ ،‬وهي‪:1‬‬

‫‪ -1‬إخفاق آلية السوق وعدم قدرة القطاع الخاص على تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية المنشودة‪.‬‬
‫‪ -2‬وجود ما يسمى بالسلع العامة أو االجتماعـية لالخدمات ‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلحتكار الذي قد يبرز في النظم القائمة على مبـدأ المنافسة الكاملة‪.‬‬
‫وتمارس الدولة أربعة وظائف أساسية في اإلقتصاد الحديث وهي الوظيفة التخصصية‪ ،‬الوظيفة التوزيعية‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫الوظيفة التنظيمية والتشريعية‪ ،‬الوظيفة اإلستق اررية‪.‬‬

‫كما تعد الفرضية التي صاغها االقتصادي غرشنكرون )‪ A.Gerschenkron‬بعد دراسته لتجربة التصنيع في‬
‫أوربا‪ ،‬التي تنص على أن" الدولة تلعب دو اًر أكبر في عملية النمو كلما كان االقتصاد أكثر تخلفاً " من أكثر‬
‫الفرضيات شيوعاً في األدب االقتصادي‪ ،‬الذي يتناول دور الدولة في عملية التنمية‪.‬‬

‫غير أن أفضل صياغة لفرضية غرشنكرون تلك التي قدمها ايكشتاين ‪ A.Eckstein‬و ربط فيها حاجة‬
‫‪3‬‬
‫االقتصاد إلى التدخل المكثف للدولة بالعوامل آالتية‪:‬‬
‫‪ -1‬كلما كان مدى أهداف التنمية االقتصادية واسعاً‪ ،‬من الناحية الكمية والنوعية‪.‬‬
‫‪ -2‬كلما قصر األفق الزمني الذي تحتاجه عملية تحقيق األهداف‪.‬‬
‫‪ -3‬كلما زادت ندرة الموارد والوسائل المتاحة لتحقيق هذه األهداف‪.‬‬

‫‪ -1‬بونوة شعيب‪ ،‬موالي لخضر عبد الرزاق‪ "،‬دور القطاع الخاص في التنمية االقتصادية بالدول النامية ‪ ،‬دراسة حالة‬
‫الجزائر"‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬العدد‪،2717 ،70‬ص‪.22‬‬

‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.37‬‬


‫‪ -3‬فال خلف الربيعي‪" ،‬التنمية االقتصادية بين دور الدولة و القطاع الخاص"‪ ،‬ص‪ ، 1‬مأخوذ من‪:‬‬
‫‪ http://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=333‬ليوم‪5115/5/11‬على‪. 10:11‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫‪-4‬كلما زادت العوائق غير االقتصادية الناتجة عن ضعف مرونة أوجمود البنيان االجتماعي والثقافي‬
‫والمؤسسي‪ ،‬ألن هذه العوامل ستنعكس بدورها على الترتيبات التعاقدية والقانونية‪ ،‬ودرجة التحضر‬
‫وخصائصه‪ ،‬ودرجة الحراك االجتماعي‪ ،‬وطبيعة البناء الطبقي‪ ،‬وتركيبة القوى السياسية وحجم المشاركة‬
‫الشعبية في صياغة وتنفيذ الق اررات التنموية‪ ،‬ونظام القيم السائد‪.‬‬
‫‪-5‬كلما زادت درجة التخلف النسبي لإلقتصاد‪.‬‬
‫كما يرى "ايكشتاين" أن هناك ارتباط موجب بين مستوى التنمية المتحقق وبين الفرص المتاحة للقطاع الخاص‬
‫لممارسة االختيار والمبادرة الفردية‪ ،‬إال أنه يؤكد من ناحية أخرى على أن القيود الداخلية في الدول النامية‬
‫وبخاصة القيود التقنية والموارد ال تترك مجاالً واسعاً إلختيارالشكل المالئم لعملية التنمية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وفي المجال االقتصادي يميز "ايكشتاين " بين خمسة أصناف من التدخل الحكومي وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬التدخل الحكومي لتوفير رأس المال االجتماعي بما في ذلك الحفاظ على القانون والنظام في المجتمع‪,‬‬
‫تحديد االلتزامات القانونية والتعاقدية وتنفيذها‪ ,‬تقديم التسهيالت التعليمية والصحية‪ ,‬والقيام بالوظائف العسكرية‬
‫حكومية‪.‬‬ ‫وكاالت‬ ‫قبل‬ ‫من‬ ‫عادة‬ ‫تجهيزها‬ ‫يجري‬ ‫كلها‬ ‫والدفاعية‪.‬وهي‬
‫‪ -2‬توفير البنية االرتكازية االقتصادية‪ ،‬مثل المصارف المركزية والتسهيالت النقدية والمالية‪ ،‬والطرق العامة‬
‫واالتصاالت‪.‬‬ ‫المواصالت‬ ‫ووسائل‬ ‫والكهرباء‬ ‫كالماء‬ ‫األخرى‬ ‫العامة‬ ‫والمرافق‬
‫‪ -3‬تطبيق الرقابة المباشرة وغير المباشرة من خالل إجراءات متنوعة مثل التعريفة الجمركية والضرائب‬
‫األسعار‪.‬‬ ‫على‬ ‫والرقابة‬ ‫واالئتمان‬ ‫السلع‬ ‫وتقنين‬ ‫والدعم‬
‫‪ - 4‬إقامة بعض المشروعات الحكومية‪ ،‬التي تتراو بين إدارة بعض الصناعات أو بعض المشروعات العامة‬
‫اإلنتاج‪.‬‬ ‫وسائل‬ ‫كل‬ ‫أو‬ ‫لبعض‬ ‫العامة‬ ‫أوالملكية‬ ‫مختلفة‪،‬‬ ‫صناعات‬ ‫في‬
‫‪ -5‬التخطيط المركزي الذي قد يشتمل على تركز كامل أو جزئي في عملية صنع القرار االقتصادي في‬
‫مركزي‪.‬‬ ‫قومي‬ ‫تخطيط‬ ‫مجلس‬
‫كما يعتبر انطالق الثورة الصناعية في الربع األخير من القرن الثامن عشر‪ ،‬البداية الحقيقية لتشكل مالمح‬
‫النظام الرأسمالي الجديد فشهدت هذه المرحلة ازدهار النشاط الصناعي‪ ،‬وبروز الرأسمالية الصناعية كقوة‬

‫‪ -1‬فال خلف الربيعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6‬‬

‫‪57‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫فاعلة اقتصادياً واجتماعيا‪ ،‬وكانت وظائف الدولة تنظيمية مقتصرة على الحد األدنىل األمن والقضاء والجيش‬
‫والدبلوماسية ‪ ،‬أما الوظائف األخرى فكانت من اختصاص القطاع الخاص‪ ،‬وكان محظورعلى الدولة أن‬
‫تتدخل في الشؤون االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬وقد ساهم في تعزيز هذا الموقف األفكار الليبرالية لالقتصاديين‬
‫الكالسيك وفي مقدمتهم آدم سميث التي جاءت لدعم موقف الدولة من القطاع الخاص‪ ،‬فقد أكد آدم سميث‬
‫على أهمية ضرورة تركيز الدولة على أداء وظيفتها كدولة حارسة‪ ،‬وحصرها بثالث وظائف أساسية هي‬
‫الدفاع‪ ،‬وتوفير األمن والعدالة لحماية الملكية الخاصة‪ ،‬فضال عن قيامها بالمشاريع التي يعجز الرأسماليون‬
‫عنها أوال يرغبون بها‪ ،‬وبذلك جعل وضع الوظيفة الثالثة في إطار شديد المرونة‪ ،‬تحدده التغييرات التي يمكن‬
‫أن تط أر على ظروف عملية النمو االقتصادي ‪ .‬كما طالب الدولة بالمحافظة على مبدأ الميزانية المتوازنة‪ ،‬التي‬
‫‪1‬‬
‫ال يكون فيها للضرائب أواألنفاق العام أثار على النشاط االقتصاد‪.‬‬

‫بناءاً على ما تقدم نستطيع القول أن األفكار الليبرالية لإلقتصاديين الكالسيك لم تكن هي السبب وراء موقف‬
‫الدولة الحيادي في تلك المرحلة‪ ،‬وأن ما كانت تلك األفكار هي نفسها نتاج لذلك الواقع االقتصادي‪ ،‬الذي‬
‫كانت سمته الرئيسة الحرية االقتصادية وضعف تدخل الدولة في الشأن‪.‬‬

‫ولقد تجسد هذا التوجه بقيام الحكومة بتوفير السلع والخدمات وتوجيه اإلنتاج ‪ ،‬كما استهدفت تحقيق التوزيع‬
‫العادل للدخل وتحقيق االستخدام األفضل للموارد فأصبح تدخل الحكومة بار اًز في مختلف الميادين‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتحققت إنجازات إنمائية كبيرة في الصحة والتغذية والتعليم ‪،‬ورغم هذا التطور في‬
‫وظائف الدولة إال أن السياسات الكينزية كانت تنصح أيضاً بعدم قيام الدولة بمزاحمة للقطاع الخاص في ميدان‬
‫اإلنتاج‪ ،‬وحصر مهمتها في توفير عناصر رأس المال االجتماعي‪ .‬على أن تترك للقطاع الخاص مهمة‬
‫تجهيز أرس المال اإلنتاجي المباشر‪ ،‬وفي هذه المرحلة منحت الحكومة صالحيات لم يكن يسمح بها‬
‫الفكرالكالسيكي يمكن تلخيصها بما يأتي‪:2‬‬

‫‪ -1‬حسين عمر‪ ،‬مبادئ المالية العامة‪ ،‬الكويت‪ :‬مكتبة الفالح للنشر‪ ، 5115،‬ص‪.14‬‬

‫‪-‬فال خلف الربيعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫‪ -1‬التأكيد على أهمية الوظيفة التوزيعية للحكومة في المحافظة على العدالة في توزيع الدخول‪.‬‬
‫‪ -2‬التأكيد على أهمية الوظيفة االستق اررية للحكومة المتمثلة في تحقيق استقرار األسعار والنمو االقتصادي‬
‫والعمالة الكاملة‪.‬‬

‫‪ -3‬التأكيد على أهمية الوظيفة التخصيصية للحكومة المتعلقة بمعالجة نواحي القصور والفشل في عمل جهاز‬
‫السوق‪ ،‬للوصول إلى التوزيع الكفء للموارد‪.‬‬

‫ومما تقدم يمكن القول أن القرار االقتصادي في الدول المتقدمة متغير تابع لحالة النشاط االقتصادي‪،‬‬
‫فالمتغيرات االقتصادية الكلية هي المتغيرات الرئيسية التي تتحكم في قرار الدولة حول التدخل في النشاط‬
‫االقتصادي من عدمه‪ ،‬أما الق ارراالقتصادي في دول المنظومة االشتراكية السابقة كان متغير تابع إليديولوجيا‬
‫النظام السياسي وكانت هذه األيديولوجيا الماركسية توصي بضرورة ملكية الدولة لوسائل اإلنتاج والثروة‪ ،‬جوازاحة‬
‫القطاع الخاص خارج ميدان النشاط اإلنتاجي باعتباره نشاطا اقتصاديا يقوم على استغالل الطبقة العاملة ‪،‬‬
‫فيما يعتبر القرار االقتصادي في معظم الدول النامية متغير تابع لردود أفعال النظام السياسي على الضغوط‬
‫الخارجية والداخلية‪ ،‬بعدها يتحول هذا القرار إلى توجهات لرسم الخطوط العامة للسياسة االقتصادية والموقف‬
‫‪1‬‬
‫من القطاع الخاص‪.‬‬

‫وعليه فإن أي إستراتيجية تستهدف تكوين قطاع خاص قوي ومنافس كفء للقطاع العام يمكنه المشاركة‬
‫بفاعلية في عملية التنمية االقتصادية‪ ،‬البد لها من توفير العناصر اآلتية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬بنية تشريعية توفر قوانين المنافسة‪ ،‬وقوانين اإلفالس والقانون التجاري‪.‬‬
‫ب‪ -‬بنية تحتية في المجاالت التي ال يستطيع القطاع الخاص تأمينها‪.‬‬
‫ج‪ -‬تأمين بيئة اقتصادية مستقرة‪.‬‬
‫د‪ -‬نظام مالي مستقر وفعال يعمل في ظل إطار تنظيمي يوفر األمان والسالمة ويعزز المنافسة‪ ،‬ويحمي‬
‫المودعين‪ ،‬ويخلق الثقة في السوق المالية‪.‬‬

‫‪ -1‬فال خلف الربيعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1‬‬

‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫‪1‬‬
‫هـ ‪-‬إستراتيجية تصحيحية تزيل التشوهات في االقتصاد التي تعرقل تحقيق التخصيص الكفوء للموارد‪.‬‬
‫و اضافة لهذا فأن القطاع الخاص وآليات السوق من ناحية والقطاع العام والتخطيط من ناحية ثانية ليست‬
‫بدائل كاملة لبعضها ‪ ،‬فلكل منهما حدوداً وال يقدر أي منهما منفرداً على إنجاز كل المهام التي تتطلبها عملية‬
‫التنمية في البلدان النامية‪ ،‬وفي ظروف األزمات التي تعيشها معظم البلدان النامية ال يمكن أن يعهد بعجلة‬
‫قيادة عملية التنمية إلى السوق والقطاع الخاص‪ ،‬والبد أن تكون تلك العملية من مسؤولية الدولة وجهازالتخطيط‬
‫‪ ،‬على أن يعمل السوق كآلية مساعدة يعتمد عليها بشكل رئيسي ‪،‬و تحقيق هذه العملية يتطلب معالجة عيوب‬
‫التخطيط ‪ ،‬ونواحي الفشل والقصور في أجهزة الدولة والقطاع العام ‪ ،‬عن طريق‪:‬‬

‫أ‪-‬ضرورة أجراء التطوير المستمر للكوادر البشرية واألساليب واألدوات التكنيكية الالزمة إلعداد الخطط‬
‫االقتصادية لكي تتواءم مع التغييرات المستمرة في االقتصاد الوطني وفي البيئة الدولية‪.‬‬

‫ب‪ -‬ضرورة أجراء التطوير المستمر في أجهزة الدولة اإلدارية وتنقيتها من مظاهر الفساد اإلداري‪ ،‬جواضفاء‬
‫نوع من الشفافية على أنشطتها‪ ،‬مع ضرورة تطوير أساليب عمل القطاع العام جواعادة هيكلته وتنظيمه لتأهيله‬
‫واألجنبي ‪.‬‬ ‫لعملية المنافسة مع القطاع الخاص المحلي‬
‫ويمكن القول أن الدول التي تتبنى أيديولوجيا رأسمالية بالدين‪ ،‬وهي أيديولوجيا ليبرالية كاملة على الجانب‬
‫االقتصادي‪ ،‬ولكنها مركزية غير ديمقراطية على الجانب السياسي كما أنه موقف يرتبط بالعامل السياسي‬
‫‪2‬‬
‫ارتباط وثيق فهدف الدولة هو إقناع الجمهور بالمشاركة بالفائض االقتصادي المتولد عن الريع النفطي‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬دور التنمية االقتصادية في تحقيق االستقرار السياسي‬

‫انطالقا من أن التنمية االقتصادية بمختلف برامجها وكذا العمليات أو األهداف التي تصبو إليها ال يمكن لها‬
‫أن تكون بمعزل عن البيئة التي تحدث فيها‪ ،‬وبالتالي فإن هنالك العديد من العوامل التي تؤثر عليها أو‬
‫تساعد في تجسيد مخططاتها‪ ،‬فيعتبر االستقرار السياسي ذو عالقة وثيقة بالتنمية االقتصادية‪.‬‬

‫‪ -1‬فال خلف الربيعي‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬


‫‪ -2‬عبدالمنعم السيد علي‪ " ،‬دور الدولة المتغير في التنمية االقتصادية" ‪ :‬مجلة بحوث اقتصادية عربية‪ ،‬القاهرة‪ :‬المجلد الثالث‪،‬‬
‫العدد الخامس‪ 1990 ،‬ص ص ‪.155-151‬‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫وفي معرض الجدل التاريخي الذي قام حول دور اإلدارة الجيدة في تحقيق التنمية المستدامة داخل المجتمع‪،‬‬
‫يمكن النظر إلى االهتمامات األدبية المتنامية بقضايا التنمية االقتصادية؛ حيث أنها كانت المفهوم األكثر شيوعا‬
‫خالل تلك الفترة‪ ،‬و لم تحتل التنمية اإلدارية وقضاياها أي مكان في كتابات رواد تلك الحقبة من أمثال جون‬
‫ماينارد كينز)‪ (1946- 1883‬وج ‪.‬شومبيتر ل‪ 3591-3881‬وغيرهم‪ ،‬الذين كان اهتمامهم منصباً بشكل‬
‫أساسي على القضايا االقتصادية ودورها في إحداث التنمية المستدامة في داخل المجتمع‪ ،‬وتم الحديث على أن‬
‫‪1‬‬
‫اإلدارة تمثل فقط أحد عناصر العملية االقتصادية‪.‬‬

‫تتجلى في العنصرين التاليين‪:‬‬


‫فأهمية التنمية االقتصادية ٌ‬

‫أوال ‪:‬التنمية وسيلة لتقليص الفجوة االقتصادية والتقنية بين الدول النامية والدول المتقدمة‪:‬‬

‫من أجل تقليص حدة الفجوة االقتصادية والتقنية الموجودة بين الدول المتقدمة والدول النامية‪ ،‬يجب على هذه‬
‫األخيرة تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية للنهوض والسير بركب الدول المتقدمة وفي هذا اإلطار البد أن نشير‬
‫إلى مجموعة من العوامل التي زادت من حدة هذه الفجوة حيث يمكن حصرها في المجموعتين اآلتيتين‪:2‬‬

‫تتمثل في‪:‬‬
‫‪-1‬مجموعة العوامل االقتصادية‪ :‬تمس هذه العوامل الجانب االقتصادي‪ ،‬و ٌ‬

‫‪ -‬التبعية االقتصادية للخارج‪.‬‬

‫‪ -‬سيادة نمط اإلنتاج الواحد‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف البنيان الصناعي والمنظومة الزراعية‪.‬‬

‫‪ -‬نقص رؤوس األموال‪.‬‬

‫‪ -‬انتشار البطالة وخاصة البطالة المقنعة‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى أبو بكر بعيرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6‬‬

‫‪ -2‬زيروني مصطفى‪ "،‬النمو االقتصادي و استراتيجيات التنمية ‪-‬حالة اقتصاديات دول جنوب شرق آسيا‪ ،"-‬رسالة دكتوراه‬
‫لعلوم اقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية و التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،2000 ،‬ص‪.14‬‬

‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫‪ -‬إنخفاض متوسط دخل الفرد ومستوى المعيشة‪.‬‬

‫‪ -‬سوء إدارة المنشأة وعدم كفاءة الجهاز الحكومي‪.‬‬

‫‪ -‬إستم اررية أزمة المديونية الخارجية‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف الجهاز المصرفي في تعبئة االدخار‪.‬‬

‫وتتمثل في‪:‬‬
‫وكذا مجموعة من العوامل غير االقتصادية ٌ‬

‫‪ -‬الزيادة السكانية الهائلة‪.‬‬

‫‪ -‬إنخفاض المستوى الصحي‪.‬‬

‫‪ -‬سوء التغذية‪.‬‬

‫‪ -‬انخفاض مستوى التعليم جوا رتفاع نسبة األمية‪.‬‬

‫بتبنــي رؤيــة‬
‫وعليــه يجــب علــى البلــدان الناميــة العمــل علــى تجــاوز هــذه العوامــل بنوعيهــا تــدريجيا وذلــك ٌ‬
‫واستراتيجية مدروسة وواضحة من أجل تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية لتضييق الفجوة بينها وبين الدول‬
‫‪1‬‬
‫المتقدمة‪.‬‬

‫ثانيا ‪:‬التنمية أداة لالستقالل االقتصادي‪ :‬إن التنمية الحقيقية البد أن تقوم على االستقالل االقتصادي وليس على‬
‫تبعيته‪ ،‬فحصول البلدان النامية على االستقالل السياسي ال يعني القضاء على حالة التبعية‪ ،‬خاصة في حالة‬
‫ازدياد المشروعات التي تقيمها هذه الدول بعد االستقالل والتي تحتاج فيها إلى التعامل التكنولوجي والمالي مع‬
‫الدول المتقدمة‪ ،‬األمر الذي يزيد ويعمق من روابط تبعية الدول النامية‪ ،‬ومن أجل التخلص من هذه التبعية البد‬

‫‪-1‬جمعون نوال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫من تغيير الهيكل االقتصادي للدولة‪ ،‬و ذلك بإحداث تنمية حقيقية تعتمد على الذات باستغالل الموارد المتاحة في‬
‫‪1‬‬
‫الدولة استغالال صحيحا وكامال‪.‬‬

‫إن القيام بأعباء التخطيط والقيادة جوادارة السلوك اإلنساني على مستوى الدولة هو أمر بالغ األهمية والخطورة‬
‫ألنه يتعلق باستيعاب الماضي والتعامل مع الحاضر والعمل للمستقبل‪ ،‬وهو أمر يخص النخبة السياسية‬
‫خصوصاً وجماهير المجتمع عموماً في إطار الدولة وتمثل عالقة أشبه بعالقة الرو بالبدن‪ ،‬فإذا كانت‬
‫‪2‬‬
‫جماهير الشعب تمثل البدن فان النخبة السياسية تمثل الرو التي تعد سبباً لفاعليته واستم ارره‪.‬‬

‫هذا ويدفعنا الحديث عن عالقة االستقرار السياسي بالتنمية االقتصادية إلى الحديث عن التنمية السياسة‬
‫كعامل مهم في االستق اررالسياسي من جهة ومن ثم االقتصادي‪ ،‬فرغم الصعوبات التي واجهت الباحثين في‬
‫مجال التنمية السياسية في تحديد مفهوم محدد وواضح‪ ،‬إال أنهم حاولوا وضع بعض التعاريف التي قد تؤدي إال‬
‫تقريب الرؤى حول هذا المفهوم‪.‬‬

‫وقد أعطى روبير بيركنهايم )‪ (Robert Berghinham‬خمسة مدلوالت لمفهوم التنمية السياسية وهي‪:3‬‬

‫أ‪ -‬مدلول قانوني‪ :‬يهتم بالبناء الدستوري للدولة لبعد ديمقراطي(‪.‬‬

‫ب‪-‬مدلول اقتصادي‪ :‬تحقيق نمو اقتصادي وتوزيع عادل للثورة‪.‬‬

‫ج ‪ -‬مدلول إداري‪ :‬ضرورة وجود إدارة عقالنية ذات فعالية وكفاءة‪.‬‬

‫د ‪ -‬مدلول سياسي‪ :‬المشاركة في الحياة السياسية‪.‬‬

‫‪-6‬جمعون نوال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬

‫‪ -2‬محمد شطب عيدان المجمعي‪ "،‬التنمية السياسية وعالقتها بالتنمية االقتصادية"‪ ،‬على الرابط‪:‬‬
‫ليوم‪5115/15/14‬على ‪ 13:31‬ص‪.70‬‬ ‫‪http://www.startimes.com/f.aspx?t=31802290‬‬

‫‪ -3‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.70‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫ه‪ -‬مدلول ثقافي‪ :‬يتعلق بالتحديث وذلك نتيجة لثقافة سياسية معينة‪.‬‬

‫فيرى لوسيان باي ل‪ (Lucien pye‬ومن خالل تعريفاته العشرالتي قدمها للتنمية السياسية في كتابه" جوانب‬
‫ومظاهر التنمية السياسية" بأن التنمية السياسية هي الشرط الضروري الالزم لتحقيق التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫هذا ما يجعل من االستقرار في المناصب القيادية وانتقالها بطرق سلمية ضرورة قصوى من أجل أن تكون‬
‫برامص ومخططات التنمية الشاملة بشكل عام واالقتصادية بشكل خاص تعمل في ظل الظروف والعوامل‬
‫المساعدة على تجسيدها‪ ،‬ومن هذا يعتبر العامل السياسي عامال قويا في عملية التنمية ألن عدم توفر‬
‫االستقرار كما هو موجود في معظم الدول النامية يشكل عائقا أمام التنمية‪ ،‬إذ يتطلب اتخاذ الق اررات‬
‫االقتصادية التنموية التي تؤدي إلى إحداث التغيرات العميقة في االستقرار السياسي للدولة‪ ،‬لكي تستطيع أن‬
‫تعمل بجد لتغيير المجتمع نحو األفضل والخروج من المشاكل تدريجيا لذلك فإنه يتطلب توفير بيئة‬

‫سياسية مهيأة قادرة على إدارة المجتمع جوادارة التنمية من أجل التقليل من ردود األفعال االجتماعية والسياسية‬
‫‪1‬‬
‫وخلق إطار ديمقراطي مالئم‪.‬‬

‫ومنه فإن عالقة التنمية االقصادية باالستقرار السياسي يكمن في دور الفواعل السياسية في تجسيد برامص‬
‫ومخططات التنمية اإلقتصادية‪ ،‬وهذا من منطلق أن التنمية السياسية القائمة على أساس التنشئة السياسية‬
‫التي بدورها تهدف إلى زيادة الوعي السياسي وبالتالي ارتفاع مستوى الثقافة السياسية‪ ،‬وهذا مايساعد على‬
‫تبني السياسات التي من شأنها أن تلبي المطالب الجماعية ألفراد المجتمع بصورة تشاركية وفي ظروف تتميز‬
‫باالستقرار التام على مختلف األصعدة السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد شطب عيدان المجمعي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.70‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل الثاني‪............‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي‬

‫خالصـة‬

‫مما تطرقنا إليه في هذا الفصل‪ ،‬فإن عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي هي عالقة‬
‫تأثير متبادل ناتص تفاعل العوامل المؤثرة في كل منهما‪ ،‬وأنه كلما ارتكزت أهداف السياسات العامة‬
‫االقتصادية على تحقيق الغايات الكبرى للتنمية االقتصادية‪ ،‬كلما زادت قدرة النظام على تحقيق الستقرار‬

‫السياسي والمحافظة عليه‪.‬‬

‫التوازن اإلقتصادي سواء الداخلي أوالخارجي شرط ضروري لتحقيق أهداف السياسة اإلقتصادية للبلد والمتمثلة‬
‫في التنمية والعدالة واالستقرار على جميع األصعدة السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬كما أنه من أبرز‬
‫محددات العالقة بين السياسات االقتصادية واالستقرار السياسي‪.‬‬

‫كما أن البيئة االقتصادية المستقرة تعتبر ضرورة أساسية لتحقيق التنمية في اقتصاد أي بلد‪ ،‬ومنه ترشيد‬
‫السياسات العامة االقتصادية‪ ،‬هذا ما يجعل برامص التنمية أكثر عقالنية ورشادة‪.‬‬

‫هذا وإن االستقرار السياسي هو اآلخر يتأثر بعوامل ومتغيرات عديدة‪ ،‬فالتنمية الشاملة عملية تقوم‬
‫وتتحكم فيها بق اررات نابعة من صناع القرار في الدولة‪ ،‬وهو ما يعتبر عملية سياسية‪ ،‬هذا ما يؤكد العالقة‬
‫الوثيقة بين االقتصاد والسياسة‪.‬‬

‫لكي يكون القطاع الخاص قوي ومشارك بفاعلية في عملية التنمية االقتصادية ‪ ،‬البد له من توفر بنية‬
‫تشريعية توفر قوانين المنافسة‪ ،‬وبنية تحتية في المجاالت التي ال يستطيع القطاع الخاص تأمينها‪ ،‬وكذا بيئة‬
‫اقتصادية ونظام مالي مستقرين‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تأثير‬
‫السياسات العامة‬
‫اإلقتصادية على اإلستقرار‬
‫السياسي في الجزائر‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫تمهـيد‬
‫مما الشك أن للسياسات العامة سواء الكلية أواإلقتصادية عالقات وتفاعالت مع مختلف المتغيرات‬
‫االقتصادية واالختماعية والسياسية التي تشكل في مجملها البيئة التي تتم فيها صناعة و تنفيذ البرامج‬
‫والسياسات‪ ،‬فالسياسات العامة في البلدان العربية عموما والجزائرخصوصا هي نتاج تفاعل متغيرات داخلية‬
‫وخارجية‪ ،‬هذه المتغيرات هي التي يكون لها من التأثير بما كان في رشادة السياسات الكلية و منها‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫ومن هذا فإننا سنتطرق في هذا الفصل إلى عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي في‬

‫الجزائرمن خالل التطرق في للمبحث األول إلى أهم السياسات العامة االقتصادية المطبقة في الجزائر خالل‬

‫الفترة (‪ )0202-0222‬والمتمثلة في برنامج اإلنعاش االقتصادي‪ ،‬ثم البرنامج التكميلي لدعم النمو وبرنامج‬

‫التنمية الخماسي‪ ،‬وهذا من خالل التطرق إلى مضمون كل برنامج وأهدافه‪.‬‬

‫ثم نتناول في المبحث الثاني انعكاسات هذه السياسات المطبقة على أهم المجاالت في الحياة العامة‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل التطرق إلى االنعكاسات االقتصادية‪ ،‬من خالل أبرز التغيرات في المؤشرات االقتصادية‪ ،‬ثم‬
‫االنعكاسات االجتماعية‪ ،‬من خالل ما تم إحداثه من برامج وماتم التوصل إليه من نتائج في الجانب‬
‫االجتماعي‪ ،‬وأخي ار االنعكاسات السياسية‪ ،‬من خالل التطرق إلى أبرز األحداث والتحوالت السياسية الداخلية‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫المبحث الول‪ :‬أهم السياسات العامة االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬‬


‫بعد تحسن الوضعية المالية في الجزائر جراء اإلرتفاع في أسعار النفط الذي يشكل رفقة الغاز ‪ %89‬من‬
‫الصادرات‪ ،‬فقد شهدت السياسة اإلقتصادية ابتداء من سنة ‪ 1002‬تحوال رئيسيا في السياسات االقتصادية‪،‬‬
‫وانعكس ذلك في تطبيق كل من مخطط دعم اإلنعاش اإلقتصادي (‪ )1002-1002‬والبرنامج التكميلي لدعم‬
‫النمو (‪ ،)1008-1002‬وكذا برنامج التنمية الخماسي(‪.)1022-1020‬‬
‫المطلب الول‪ :‬برنامج دعم االنعاش االقتصادي (‪)1002-1002‬‬
‫يعتبر برنامج دعم االنعاش االقتصادي (‪ )1002-1002‬من منظور متخذ القرار في الجزائرمن السياسات‬
‫العامة االقتصادية المعروفة التي تهدف أساسا إلى دفع عجلة النمو في الجزائر من خالل التركيز على‬
‫المشاريع القاعدية والداعمة للعمليات اإلنتاجية والخدماتية‪.‬‬
‫إن إستراتيجية دعم اإلنعاش االقتصادي تستمد كل منطقها من النظرية "الكينزية" والقائمة على إدماج الدولة‬
‫كعون اقتصادي فعال في الدورة االقتصادية من خالل سياسة اإلنفاق العمومي من جهة‪ ،‬والتركيز على تعزيز‬
‫‪1‬‬
‫الطلب الكلي من جهة أخرى‪.‬‬
‫فأمطا األهطداف العمليطة فتنطلطق‬
‫فقد سططر برنطامج دعطم االنعطاش االقتصطادي أربعطة أهطداف عمليطة وثالثطة نوعيطة‪ّ ،‬‬
‫من إعادة تنشيط الطلب‪ ،‬التي يجب أن يسايرها دعم للنشاطات المنشئة للقيمة المضافة ومناصب الشغل‪ ،‬عن‬
‫طريق ترقية المستثمرات الفالحية ومؤسسات اإلنتاج الصغيرة والمتوسططة‪ ،‬السطيما المحليطة منهطا‪ ،‬ورد االعتبطار‬
‫للمنشطتت القاعديطة خاصطة تلطك التطي تسطم بإعطادة انططالق النشطاطات االقتصطادية وتحسطين تغطيطة حاجطات‬
‫السكان في مجال تنمية الموارد البشرية‪.2‬‬
‫وترمي هذه األهداف العملية إلى ثالث أهداف نوعية هي‪:‬‬
‫‪ -‬مكافحة الفقر‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء مناصب الشغل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Gregory N. Mankiw, Macroéconomie Bruxelle: boek université, 2006, page 311.‬‬
‫‪ -2‬ناجية صالحي و فتيحة مخنان‪ "،‬أثر برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي و البرنامج التكميلي لدعم النمو و برنامج التنمية‬
‫الخماسي على النمو االقتصادي (‪ ،")1022-1002‬مداخلة ( أبحاث المؤتمر الدولي حول تقييم أثاراالستثمارات العامة‬
‫وانعكاساتها على التشغيل واالستثماروالنمو االقتصادي خالل الفترة ‪ ،1022-1002‬جامعة سطيف‪ 21/22 ،‬مارس‪،1022‬‬
‫ص‪.02‬‬

‫‪68‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫‪ -‬تحقيق التوازن الجهوي وانعاش االقتصاد الجزائري‪.‬‬


‫إن برامج التعديل المطبقة من أجل استرجاع التوازنات االقتصادية الكبرى‪ّ ،‬أدت إلى تقليص معدل‬
‫كما ّ‬
‫مستوى معيشة السكان‪ ،‬ومن ثم كان تركيز عمل الحكومة على تكثيف مسار اإلصالح ليشمل جميع الجوانب‬
‫االجتماعية واالقتصادية وتحريراالقتصاد الوطني من أجل تمكين المؤسسات الجزائرية من أن تصب المصدر‬
‫الرئيسي للثروة الوطنية‪.‬‬
‫بأنه بدون تحضير فضاء اقتصادي ودون تعزيز قدرات اإلنتاج‬
‫فإن الحكومة توصلت إلى نتيجة تقضي ّ‬
‫وهكذا ّ‬
‫المحلية وانعاشها‪ ،‬ودون تعبئة االدخار المحلي‪ ،‬ودون إنشاء القدرة الشرائية‪ّ ،‬‬
‫فإن إقامة استراتيجية لإلنعاش‬
‫القائمة على اإلصالحات الهامة إلطار التسيير واصالح هياكل االقتصاد الوطني‪ ،‬قد تصطدم بعراقيل سريعة‬
‫في التطبيق بل تزيد من حدة تفكك اقتصادنا على المستوى الجغرافي واالجتماعي ‪.‬وعليه فمن الضروري القيام‬
‫‪1‬‬
‫بعمل واسع النطاق لتصحي آثار التفكيك وتهيئة بالدنا إلى إنعاش أفضل‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬يجب أن تسم االستراتيجية المعتمدة بانطالق النمو والحفاظ عليه بصفة مستديمة‪ ،‬حيث عمدت‬
‫الحكومة على تحقيق النمو للناتج الداخلي الخام الحقيقي وبوتيرة سنوية بأكثر من ‪ ،%5‬من أجل تقليص‬
‫‪2‬‬
‫البطالة والفقر‪ ،‬وخلق ما يقارب ‪ 052.222‬منصب شغل خالل الفترة (‪. )1002-1002‬‬
‫وتقوم هذه االستراتيجية على تحفيز كبير من طرف الدولة التي ستجند مداخيل المحروقات إلنعاش االقتصاد‬
‫وتقليص نسبة البطالة ودعم اإلنتاج الوطني عن طريق إنعاش الطلب‪.‬‬
‫ويرتكز برنامج اإلنعاش على المحاور اآلتية‪:3‬‬
‫‪ -‬إعادة تنشيط الجهاز الوطني لإلنتاج الذي يعد أساس إنشاء الثروات‪.‬‬
‫‪ -‬تطهير محيط المؤسسة واعادة تنشيطها‪.‬‬
‫‪ -‬سياسة للنفقات العمومية تسم بتحسين القدرة الشرائية‪.‬‬

‫‪ -1‬المجلس الوطني االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬تقرير حول الظرف االقتصادي و االجتماعي للسداسي الثاني من سنة ‪، 1002‬‬
‫الدورة العامة التاسعة عشرة‪ ،‬نوفمبر ‪ ،1002‬ص‪.12‬‬
‫‪ -1‬المجلس الوطني اإلقتصادي واإلجتماعي ‪ ،‬تقرير حول الظرف اإلقتصادي واإلجتماعي للسداسي الثاني من سنة ‪، 1002‬‬
‫الدورة العامة ‪ ، 12‬جوان ‪ ،1002‬ص‪.21‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.22‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫بأنه" ‪:‬بعد استرجاع التوازنات االقتصادية الكبرى وتجميع الموارد‬


‫ويقوم منهج الحكومة على الفرضية القائلة ّ‬
‫يتعين على الجزائر الشروع في انتهاج سياسة للنفقات تسم بدعم النمو االقتصادي عبر كامل التراب‬
‫الكافية‪ّ ،‬‬
‫‪1‬‬
‫الوطني والحصول على طلب كاف على المستوى الوطني‪.‬‬
‫فإن المشاريع الواجب إدراجها في البرنامج عليها أن تشجع قدر اإلمكان‪ ،‬استعمال المنتجات المحلية‬
‫وبالتالي‪ّ ،‬‬
‫وتشغيل اليد العاملة المحلية‪.‬‬
‫إن المصادقة على برنامج دعم اإلنعاش الذي خصص له مبلغ ‪ 505‬مليار دج‪ ،‬منها ما يفوق نسبة ‪% 42‬‬
‫ّ‬
‫تندرج في إطار إعتمادات الدفع للسنتين األوليتين من تطبيق البرنامج‪ ،‬حيث تستند إلى التشخيص الذي‬
‫تميزت بمؤشرات جيدة في مجال‬
‫عرضته الحكومة والذي يسجل التناقض الذي عرفته وضعية البالد والتي ّ‬
‫االقتصاد الكلي مقابل نسبة نمو غير كافية وظروف اجتماعية صعبة بالنسبة للسكان‪.‬‬
‫إن نسبة ‪ % 2.0‬من معدل النمو للناتج المحلي الخام الحقيقي خالل الفترة (‪ )0222-0995‬تبقى غير‬
‫‪ّ-‬‬
‫كافية لتلبية حاجات السكان المستعجلة السيما في مجال الشغل والسكن والمرافق االجتماعية وتحسين ظروف‬
‫المعيشة‪.‬‬
‫غيرأنه‪ ،‬وبالنظر إلى الوضعية االقتصادية الجزائرية‪ ،‬فإن عملية اإلنعاش االقتصادي القائمة على تعزيز الطلب‬
‫الكلي فقط يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية‪ ،‬ذلك أنه ال يمكننا تجاهل الوضعية التي تعرفها مؤسساتنا‬
‫العمومية وصعوبتها في تمويل دورتها اإلنتاجية‪ ،‬ومنه ضعف الطاقات اإلنتاجية الوطنية وعدم قدرتها على‬
‫تلبية الطلب المحلي‪ ،‬إن هذه الوضعية يمكن أن تنجم عنها آثار جد سلبية وعوض إنعاش االقتصاد قد يؤدي‬
‫تعزيز الطلب )وفي غياب العرض المحلي الكافي لتغطيته (إلى الزيادة في حجم الواردات‪.‬‬
‫يمتطد برنامج اإلنعاش على فترة تنطلق من سنة ‪ 0220‬إلى سنة ‪ ،0222‬ويتمحور حول األنشطة المخصصة‬
‫لدعم المؤسسات واألنشطة الزراعية المنتجة وغيرها والى تعزيز المرافق العمومية في ميدان الري والنقل‬
‫والمنشتت القاعدية وتحسين ظروف المعيشة والتنمية المحلية وتنمية الموارد البشرية ‪.‬وستجد هذه األعمال‬
‫‪2‬‬
‫دعمها في جملة من التدابير الخاصة بإصالح الهيئات ودعم المؤسسات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Le plan de relance économique : http: // membres.lycos.fr/ algo/ down load/ plan de relance.doc .(11/05/2015a‬‬
‫)‪15 :30‬‬
‫‪ -2‬المجلس الوطني االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬تقريرحول الظرف االقتصادي واالجتماعي للسداسي الثاني من سنة ‪ ،1002‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫يتوزع هذا البرنامج الذي يتضمن غالفا ماليا قدره ‪ 505‬مليار دج حسب المقومات المدرجة في الجدول اآلتي‪:‬‬
‫الجدول (‪ :)20‬عرض مقومات برنامج االنعاش االقتصادي (‪.)1002-1002‬‬

‫مجموع رخص‬ ‫رخص البرامج بمليار دج‬ ‫طبيعة االعمال‬


‫البرامج )‪(%‬‬

‫‪0222/0220‬‬ ‫‪0222‬‬ ‫‪0222‬‬ ‫‪0220‬‬ ‫‪0220‬‬


‫‪0,0‬‬ ‫‪25,2‬‬ ‫‪05,2‬‬ ‫‪02,2‬‬ ‫‪00.2‬‬ ‫‪0,2‬‬ ‫دعم االصالحات‬
‫‪00,2‬‬ ‫‪05,2‬‬ ‫‪00,2‬‬ ‫‪00,5‬‬ ‫‪02,2‬‬ ‫‪02,0‬‬ ‫الدعم المباشر للفالحة‬
‫والصيد البحري‬
‫‪00,4‬‬ ‫‪002,2‬‬ ‫‪2,2‬‬ ‫‪25,4‬‬ ‫‪20,9‬‬ ‫‪20,2‬‬ ‫التنمية المحلية‬
‫‪22,0‬‬ ‫‪002,2‬‬ ‫‪0,2‬‬ ‫‪24,0‬‬ ‫‪44,0‬‬ ‫‪92,2‬‬ ‫األشغال الكبرى‬
‫‪04,0‬‬ ‫‪92,0‬‬ ‫‪2,5‬‬ ‫‪04,2‬‬ ‫‪09,9‬‬ ‫‪29,2‬‬ ‫الموارد البشرية‬
‫‪022‬‬ ‫‪505,2‬‬ ‫‪02,5‬‬ ‫‪002,0‬‬ ‫‪005,9‬‬ ‫‪025,2‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر ‪:‬تقرير حول الظرف االقتصادي واالجتماعي للسداسي الثاني من سنة ‪ ، 0220‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.002‬‬
‫إن تقسيم الغالف المالي اإلجمالي بهذا الشكل هو الذي تم اعتماده وعرضه خالل التصويت على البرنامج‬
‫‪1‬‬
‫ضمن مجلس الوزراء المنعقد خالل شهر أفريل‪.2001‬‬
‫وتميزبرنامج اإلنعاش بتنمية مكثفة في المجاالت االقتصادية‪ ،‬وتجسيد ذلك في انجازات عديدة نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -1‬دعم النشاطات اإلنتاجية‪:‬‬

‫أ‪ /‬الفالحة‪ :‬يندرج هذا البرنامج في إطارالمخطط الوطني للتنمية الفالحية )‪ (PNDA‬وهذا من خالل‪:‬‬

‫‪ -‬تكثيف اإلنتاج الفالحي خاصة المواد واسعة االستهالك وترقية الصادرات من المنتجات الفالحية‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة تحويل أنظمة اإلنتاج للتكفل أحسن بظاهرة الجفاف في إطار إجراء خاص‪.‬‬

‫‪ -1‬بولحية عياش‪" ،‬دراسة اقتصادية لبرنامج دعم اإلنعاش االقتصادي المطبق في الجزائر للفترة الممتدة مابين‪،"1002-1002‬‬
‫مذكرة ماجستير(علوم اقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية و التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر)‪ ،1022‬ص‪.00‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫‪ -‬حماية النظام البيئي الرعوي وتحسين نوعية العلف‪.‬‬

‫‪ -‬مكافحة الفقر والتهميش‪ ،‬السيما عن طريق مشاريع تجريبية للتنمية الجماعية ومعالجة ديون الفالحين‪ ،‬وقد‬
‫‪1‬‬
‫قدرت تكلفة هذا البرنامج ب ‪ 65‬مليار دج‪.‬‬

‫ب ‪ /‬الصيد والموارد المائية‪ :‬يتعلق األمر في هذا اإلطار على وجه الخصوص ب‪:‬‬

‫‪ -‬تخصيص الموارد للصندوق الوطني المساعد في الصيد التقليدي والصيد البحري)‪ (FNAPAA‬الوسيلة‬
‫المفضلة لتشغيل وتنفيذ البرنامج‪.‬‬
‫فرع لدى صندوق التعاون الفالحي‬ ‫‪ -‬إنشاء مؤسسة للقرض من أجل الصيد وتربية المائيات‪ ،‬بفت‬
‫)‪ (CNMA‬الذي يتمتع بشبكة للصناديق الواقعة على مستوى مراكز الصيد وتربية المائيات‪.‬‬
‫‪ -‬إدخال إلجراءات جبائية‪ ،‬شبه جبائية‪،‬و كذلك جمركية رامية إلى دعم نشاط المتعاملين االقتصاديين‪.‬‬
‫‪ -‬معالجة ديون المهنيين المتعاقدين من طرف المستفيدين من مشاريع ‪ CEE‬و‪.FIDA‬‬
‫‪2‬‬
‫المبلغ اإلجمالي لتمويل هذا البرنامج يقدر بط ‪ 9,5‬مليار دج‪.‬‬

‫‪-2‬التنمية المحلية والبشرية‪:‬‬

‫أ‪-‬التنمية المحلية‪ :‬إن البرنامج المقترح والمقدر بط ‪ 111‬ملياردج‪ ،‬يحدد نشاط الدولة في التكفل باالنشغاالت‬
‫المحلية على عدة مستويات‪ ،‬والتدخل فيما يخص التحسين النوعي والمستدام لإلطار المعيشي للمواطنين‪،‬‬
‫وذلك من خالل‪:‬‬

‫‪ -‬إنجاز المشاريع المرتبطة بالطرق (طرق الئية وبلدية) وتطهير الماء والمحيط‪ ،‬وكذلك الخاصة بإنجاز‬
‫البنى التحتية لالتصال التي تشجع كلها على استقرار ورجوع السكان‪ ،‬والسيما منها المناطق التي مستها‬
‫األعمال اإلرهابية خالل األزمة األمنية التي عرفتها البالد‪.‬‬

‫‪ -1‬مراد علة‪"،‬إشكالية األمن الغذائي في الجزائر"‪،‬مداخلة( قراءة تقييمية في السياسات الوطنية للتنمية الفالحية وسبل تفعيل‬
‫التكامل الغذائي العربي‪ ،‬الملتقى ال دولي التاسع حول‪ :‬في ضوء المتغيرات والتحديات االقتصادية الدولية‪ ،‬جامعة حسيبة بن‬
‫بوعلي‪ ،‬الشلف)‪ 12/12 ،‬نوفمبر ‪ ،1022‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -2‬كريم زرمان‪ "،‬التنمية المستدامة في الجزائر من خالل برنامج اإلنعاش االقتصادي‪ ،" 2001/2009‬مجلة أبحاث اقتصادية‬
‫وادارية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬العدد السابع جوان‪ ، 2010،‬ص ‪.102‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫‪ -‬يستجيب هذا البرنامج لحاجات ملموسة‪ ،‬معبر عنها بمشاريع رامية إلى تنمية مستدامة على صعيد‬
‫‪1‬‬
‫المجموعات اإلقليمية‪.‬‬

‫ب‪-‬التشغيل والحماية االجتماعية‪ :‬إن البرنامج المقترح بالنسبة لهذه الفترة في ميدان الشغل والحماية‬
‫االجتماعية يتطلب غالف مالي يقدر ب ‪ 16‬مليار دج ‪.‬فهو يخص برامج األشغال ذات الكثافة العالية لليد‬
‫العاملة )‪ (TUP – HUMO‬والمتعلقة بالواليات المحرومة‪.‬‬
‫إن هذه البرامج من شأنها أن تسم بعرض إضافي ل ‪ 70.000‬منصب شغل دائمين لتلك الفترة‪ ،‬أما عن‬
‫النشاط االجتماعي‪ ،‬يتعلق األمر بنشاطات التضامن مع السكان األكثر ضعفا واعادة االعتبار للمؤسسات‬
‫المتخصصة واكتساب ‪ 500‬حافلة نقل مدرسي للبلديات المحرومة ‪ 0,7‬وأخي ار ‪ 3‬ماليير دج ترمي إلى تأطير‬
‫‪2‬‬
‫سوق العمل‪.‬‬
‫‪-3‬تعزيز الخدمات العامة وتحسين إطار المعيشي‪:‬‬
‫في إطار األشغال الكبرى للتجهيز والتهيئة العمرانية قدر الغالف المالي بط ‪ 210,5‬مليار دج‪ ،‬هذا البرنامج‬
‫يشكل من ثالثة جوانب‪ :‬التجهيزات الهيكلية للعمران‪ ،‬إعادة إحياء الفضاءات الريفية في الجبال والهضاب‬
‫العليا والواحات وكذا السكن والعمران‪.‬‬
‫‪-4‬تنمية الموارد البشرية‪:‬‬
‫تقدر تكلفة البرنامج بط ‪ 90,3‬مليار دج وتم اختيار المشاريع وفقا النعكاسها المباشر على حاجيات السكان‪،‬‬
‫وكذلك لتقييم اإلمكانيات والقدرات الموجودة منشتت الصحة والتربية كما احتفظ أيضا بالبرامج التي تقدر‬
‫اإلمكانيات العلمية والتقنية والتي تقلص من ضغط تدفق الطلبة عند الدخول الجامعي‪ ،‬يتوزع هذا البرنامج‬
‫على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪ -‬التربية الوطنية‪ 27 ............‬مليار دج‪.‬‬


‫‪ -‬التكوين المهني‪ 9,5 ............‬مليار دج‪.‬‬
‫‪-‬التعليم العالي‪ 18,9................‬مليار دج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bilan du programme de soutien de la relance économique, Septembre 2001 à Décembre 2003, P6 -7.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Plan de la relance économique, les composantes du programme, Septembre 2001 à Décembre 2003, P 9.‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫‪ -‬البحث العلمي‪ 12, 38-..............‬مليار دج‪.‬‬


‫‪ -‬الصحة والسكان‪ 14,7...........‬مليار دج‪.‬‬
‫‪ -‬شباب ورياضة ‪04............‬ماليير دج‪.‬‬
‫‪ -‬الثقافة واالتصال‪ 2,3 .............‬مليار دج‪.‬‬
‫‪ -‬الشؤون الدينية‪ 1,5 ...............‬مليار دج‪.‬‬
‫إن تطبيق برنامج اإلنعاش االقتصادي تطلب تجنيد موارد هامة‪ ،‬ومن أجل إنجازه وبأقل تكلفة والحصول‬
‫على نتائج مرضية‪ ،‬وجب تطبيق مجموعة من التعديالت المؤسسية والهيكلية التي سوف تسم بإنشاء محيط‬
‫‪1‬‬
‫يسهل تطبيق قوى السوق بصفة فعالة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬البرنامج التكميلي لدعم النمو (‪)0222-0222‬‬
‫لقد شكلت االنتخابات الرئاسية ‪ 8‬أفريل ‪ 2004‬منعطفا حاسما في مسار التقويم الوطني الذي عكفت الجزائر‬
‫على انتهاجه‪ ،‬حيث سجل التزام السيد رئيس الجمهورية" عبد العزيز بوتفليقة "بمواصلة وتكثيف المسار‬
‫المتمثل في إعادة بناء االقتصاد الوطني‪ .‬وزيادة على ذلك‪ ،‬فقد تم تأكيد هذا االلتزام بالتعليمة الرئاسية التي‬
‫‪2‬‬
‫وجهها للحكومة فور تنصيبها من أجل تحضير برنامج تكميلي لدعم النمو‪.‬‬
‫ولذلك ركزت الحكومة على مواصلة مجهود إنعاش النمو وتكثيفه في جميع قطاعات النشاط‪ ،‬بهدف تحقيق‬
‫التنمية المحلية على المستويات البلدية‪ ،‬فقد جاء هذا البرنامج في إطار مواصلة وتيرة البرامج والمشاريع التي‬
‫سبق إقرارها وتنفيذها في إطار مخطط دعم اإلنعاش االقتصادي للفترة ‪.1004-1001‬‬
‫وقد تم وضع البرنامج التكميلي لدعم النمو لتحقيق جملة من األهداف‪:3‬‬
‫مرت به الجزائر خالل فترة التسعينات سواء كانت األزمة‬
‫أن ما ّ‬
‫‪-‬تحديث وتوسيع الخدمات العامة ‪ :‬حيث ّ‬
‫السياسية أواألزمة االقتصادية أثّر سلبا على نوع وحجم الخدمات العامة‪ ،‬بشكل جعل من تحديثها وتوسيعها‬

‫‪ -1‬عمرعبو وهودة عبو‪" ،‬جهود الجزائر في األلفية الثالثة لتحقيق التنمية المستدامة"‪ ،‬مداخلة (الملتقى الوطني حول التحوالت‬
‫السياسية واشكالية التنمية في الجزائر‪ :‬الواقع والتحديات‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف)‪ ،1022،‬ص‪.02‬‬

‫‪ -2‬كريم زرمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.102 ،102‬‬


‫‪ -3‬ناجية صالحي وفتيحة مخنان‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.02‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫ضرورة مّلحة قصد تحسين اإلطار المعيشي من جهة‪ ،‬و كتكملة لنشاط القطاع الخاص في سبيل ازدهار‬
‫االقتصاد الوطني من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪-‬تحسين مستوى معيشة األفراد ‪:‬وذلك من خالل تحسين الجوانب المؤثرة على نمط معيشة األفراد‪ ،‬سواء كان‬
‫الجانب الصحي‪ ،‬األمني أو التعليمي‪.‬‬
‫‪-‬تطوير الموارد البشرية والبنى التحتية ‪ :‬وذلك راجع للدور الطذي يلعبطه كطال مطن المطوارد البشطرية والبنطى التحتيطة‬
‫أن‬
‫في تطوير النشاط االقتصادي‪ ،‬إذ تعتبر الموارد البشرية من أهم المطوارد االقتصطادية فطي الوقطت الحطالي‪ ،‬إذا ّ‬
‫تتميطز بهطا المطوارد التقليديطة عطن طريطق ترقيطة المسطتوى التعليمطي‬
‫يجنطب مشطكلة النطدرة التطي ّ‬
‫تطويرهطا المتواصطل ّ‬
‫أن البنطى التحتيطة لهطا دور هطام جطدا فطي تططوير النشطاط‬
‫والمعرفي لألفطراد واالسطتعانة بالتكنولوجيطا فطي ذلطك‪ ،‬كمطا ّ‬
‫اإلنتطاجي وبالخصطوص فطي دعطم إنتاجيطة القططاع الخطاص مطن خطالل تسطهيل عمليطة المواصطالت وانتقطال السطلع‬
‫والخدمات وعوامل اإلنتاج‪.‬‬
‫‪-‬رفع معدالت النمو االقتصادي‪ :‬يعتبر رفع معدالت النمو االقتصادي الهدف النهائي للبرنامج التكميلي لدعم‬
‫النمو‪ ،‬وهو الهدف الذي تصب فيه كل األهداف السابقة الذكر‪.‬‬
‫يعتبر البرنامج التكميلي لدعم النمو برنامجا غير مسبوق في تاريخ الجزائر من حيث قيمته التي بلغت ‪2022‬‬
‫مليار دج‪ ،‬حيث أضيف له بعد إق ارره برنامجين خاصين‪ ،‬أحدهما بمناطق الجنوب بقيمة ‪ 220‬مليار دج‬
‫واآلخر بمناطق الهضاب العليا بقيمة ‪ 000‬مليار دج‪ ،‬زيادة على الموارد المتبقية من مخطط دعم اإلنعاش‬
‫االقتصادي والمقدر ب ‪ 0240‬مليار دج‪ ،‬والصناديق اإلضافية المقدرة ب ‪ 0090‬مليار دج والتحويالت‬
‫‪1‬‬
‫الخاصة بحسابات الخزينة بقيمة ‪ 0022‬مليار دج‪ ،‬وعليه المجموع النهائي لقيمته يصب ‪ 0425‬مليار دج‪.‬‬
‫يبرزالبرنامج التكميلي لدعم النمو من ناحية المشاريع المدرجة بوضوح رغبة الدولة في خلق ديناميكية متواصلة‬
‫في فعاليات النشاط االقتصادي‪ ،‬فالبرامج وكذا الحصص المالية و الموارد البشرية التي خصصت ضمنها أقل‬
‫مايقال عنها انها معتبرة جدا‪ ،‬بحيث أنها اعتمدت مبالغ مالية تسم بانطالق جل األنشطة‪ ،‬واستمرار تمويلها‬
‫إلى غاية تكملتها‪ ،‬من أجل تحقيق أهدافها بشكل جيد ‪ ،‬وذلك في المحاورالتي يشملها كمايلي‪:‬‬

‫‪ -1‬بيان إجتماع مجلس الوزراء‪ " ،‬برنامج التنمية الخماسي‪ ، " 1022-1020‬الجزائر‪ ، 1020 ،‬ص‪.22‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫الجدول (‪ :)22‬المخصصات المالية لمحاوربرنامج التكميلي لدعم النمو(‪.)0229-0225‬‬


‫النسبة ‪%‬‬ ‫المبلغ (مليار دج)‬ ‫القطاعات‬
‫‪25,5‬‬ ‫‪0920,5‬‬ ‫تحسين ظروف معيشة السكان‬
‫‪22,5‬‬ ‫‪0.422,0‬‬ ‫تطوير المنشتت األساسية‬
‫‪0‬‬ ‫‪224,0‬‬ ‫دعم التنمية االقتصادية‬
‫‪2,0‬‬ ‫‪022,9‬‬ ‫تطوير الخدمة العمومية وتحديثها‬
‫‪0,0‬‬ ‫‪52,2‬‬ ‫تطوير تكنولوجيا االتصال‬
‫‪022‬‬ ‫‪2.020,4‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ :‬زوين ايمان‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.94‬‬
‫أ‪-‬تحسين ظروف معيشة السكان ‪:‬‬
‫يمثل محور تحسين ظروف معيشة السكان النسبة األكبر من قيمة البرنامج التكميلي لدعم النمو ب ‪،%25,5‬‬
‫وهو يعتبر تكملة لما جاء به مخطط دعم اإلنعاش االقتصادي في برنامج التنمية المحلية والبشرية‪ ،‬ويعتبر‬
‫تحسين ظروف معيشة السكان عامل مهم في تطوير األداء االقتصادي من خالل انعكاساته على أداء عنصر‬
‫العمل ومن ثم على حركية النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫وقد ُوزعت هذه الحصة على عدة قطاعات‪ ،‬كان النصيب األكبر فيها لقطاع السكن(‪ 555‬مليار دج ( ويليه‬
‫قطاع التربية الوطنية ) ‪ 022‬مليار دج (في شكل إنشاء مزيد من األقسام والمطاعم المدرسية قصد تحسين‬
‫ظروف التمدرس‪ ،‬وتأهيل المرافق التربوية والمنشتت الرياضية والثقافية ‪ ،‬ثم يأتي قطاع التعليم العالي(‪020‬‬
‫مليار دج( لتوفير أفضل ظروف التحصيل المعرفي على مستوى الجامعة الجزائرية‪.‬‬
‫ب‪-‬تطوير المنشتت األساسية‪:‬‬
‫احتل المرتبة الثانية بنسبة ‪ % 22,5‬من إجمالي قيمة البرنامج التكميلي لدعم النمو‪ ،‬وهذه النسبة تعكس‬
‫األهمية التي توليها الدولة لقطاع البنى التحتية والمنشتت األساسية‪ ،‬حيث وزعت هذه القيمة )‪ 0422‬مليار‬
‫دج (على أربعة قطاعات فرعية كما يلي‪:‬‬
‫النقل )‪ 422‬مليار دج (‪ ،‬األشغال العمومية ) ‪ 022‬مليار دج (‪ ،‬الماء) سدود و تحويالت ( ) ‪ 292‬مليار‬
‫‪1‬‬
‫دج(‪ ،‬تهيئة اإلقليم ) ‪ 02‬مليار دج)‪.‬‬

‫‪-1‬عمر عبو‪ ،‬هودة عبو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.0‬‬

‫‪76‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫نالحظ بأن قطاع النقل يتصدر قائمة اهتمامات برنامج تطوير المنشتت األساسية كما أن قطاع األشغال‬
‫العمومية ال يقل أهمية عن قطاع النقل في هذا البرنامج‪.‬‬
‫ج‪-‬دعم التنمية االقتصادية‪:‬‬
‫يتضمن هذا البرنامج دعم التنمية االقتصادية في عدة قطاعات رئيسية وهي‪: 1‬‬
‫‪-‬الفالحة والتنمية الريفية‪ :‬حيث خصص له ما قيمة ‪ 222‬مليار دج وهو بذلك يعكس مكانة القطاع الفالحي‬
‫في االقتصاد الوطني‪ ،‬حيث يعتبر أكثر القطاعات مساهمة في الناتج المحلي خارج قطاع المحروقات بعد‬
‫قطاع الخدمات‪.‬‬
‫‪-‬الصناعة‪ :‬حيث خصص لهذا القطاع ‪02,5‬مليار دج وذلك قصد تحسين التنافسية بين المؤسسات الصناعية‬
‫وكذا تطوير الملكية الصناعية‪.‬‬
‫‪-‬ترقية االستثمار‪ :‬حيث خصص له ما يقارب‪ 2,5‬مليار دج قصد توفير أوفر السبل وتهيئة المناخ لجلب‬
‫االستثمارات سواء كانت محلية أو أجنبية‪.‬‬
‫‪ -‬الصيد البحري‪ :‬حيث خصص له ما قيمة ‪ 00‬مليار دج بهدف القيام بعمليات دعم الصيد البحري‪.‬‬
‫‪-‬السياحة ‪:‬حيث خصص له ما قيمة ‪2,0‬مليار دج بهدف انشاء ‪ 20‬منطقة توسع سياحي ‪.‬‬
‫‪-‬المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية‪ :‬إذ أنه و نظ ار للدور الذي تلعبه المؤسسات الصغيرة‬
‫والمتوسطة في ازدهار النشاط االقتصادي من خالل الخلق المباشر للقيمة المضافة و مناصب العمل‪ ،‬وكذا‬
‫األهمية التي تحوزها الصناعة التقليدية في المجتمع الجزائري فخصصت الدولة لها ما قيمة ‪ 2‬مليار دج‪.‬‬
‫د‪-‬تطوير الخدمة العمومية وتحديثها‪:‬‬
‫والهدف من ذلك هو تحسين الخدمة العمومية وجعلها في مستوى التطلعات والتطورات االقتصادية‬
‫مرت بها‬
‫واالجتماعية الجارية قصد تدارك التأخر المسجل في هذا اإلطار نتيجة الظروف الخاصة التي ّ‬
‫الجزائر في فترة التسعينات‪ ،‬وما عرفته البالد من فوضى عامة أدت إلى تدهور مستوى الخدمة العمومية‪،‬‬
‫وخصص في هذا اإلطار ‪ 022,9‬مليار دجموزعة على القطاعات التالية‪:‬‬
‫أ‪-‬البريد وتكنولوجيات اإلعالم واالتصال ‪:‬حيث يستهدف فك العزلة عن المناطق النائية والبعيدة من خالل‬
‫تزويدها بالموزعات الهاتفية وكذا رقمنة ‪ 61‬محطة أرضية‪.‬‬

‫‪ -1‬ناجية صالحي وفتيحة مخنان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬

‫‪77‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫األفراد‬ ‫ب‪-‬العدالة‪ :‬حيث يعتبر قطاع العدالة قطاع حساس‪ ،‬يمثل الضمان الكامل واألمثل لمصال‬
‫ثم فهو يمثل عامال مهما في زيادة الثقة بين المتعاملين االقتصاديين‪ ،‬ويتضمن هذا البرنامج‬
‫والمؤسسات‪ ،‬ومن ّ‬
‫إنشاء ‪ 02‬مجلسا قضائيا و ‪34‬محكمة و ‪ 50‬مؤسسة عقابية‪.‬‬
‫ج‪-‬الداخلية‪ :‬والغرض منه هو تطوير مصال األمن الوطني والحماية المدنية ‪.‬‬
‫د‪-‬التجارة‪ :‬إذ ّأنه وقصد تحسين الفضاء التجاري وتنظيم السوق التجارية بشكل رئيسي‪ ،‬جاء هذا البرنامج‬
‫بغرض تحقيق جملة من األهداف (إنجاز مخابر مراقبة النوعية‪ ،‬اقتناء تجهيزات مراقبة النوعية‪ ،‬إنجاز مقرات‬
‫تفتيش النوعية على الحدود)‪.‬‬
‫ه‪-‬المالية‪ :‬حيث يهدف إلى تحديث وعصرنة اإلدارة المالية في قطاع الجمارك والضرائب على وجه‬
‫‪1‬‬
‫الخصوص‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬برنامج التنمية الخماسي (‪)0202-0202‬‬
‫يندرج هذا البرنامج ضمن دينامية إعادة األعمار الوطني التي انطلقت قبل ‪ 02‬سنوات ببرنامج دعم اإلنعاش‬
‫االقتصادي الذي تمت مباشرته سنة ‪ 0220‬على قدر الموارد التي كانت متاحة وقتذاك كما سبق الذكر‬
‫وتواصلت الدينامية هذه ببرنامج فترة (‪ )0229-0225‬الذي تدعم هو اآلخر بالبرامج الخاصة التي رصدت‬
‫لصال واليات الهضاب العليا وواليات الجنوب‪ ،‬وبذلك بلغت كلفة جملة عمليات التنمية المسجلة خالل‬
‫السنوات الخمس الماضية ما يقارب ‪ 04.522‬مليار دينار جزائري من بينها بعض المشاريع المهيكلة التي ما‬
‫تزال قيد اإلنجاز‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى دعم تنمية االقتصاد الوطني من خالل دعم التنمية الفالحية والريفية‪ ،‬وترقية المؤسسات‬
‫الصغيرة والمتوسطة من خالل إنشاء مناطق صناعية‪ ،‬والدعم العمومي للتأهيل وتيسير القروض البنكية‪،‬‬
‫وكذا دعم التنمية الصناعية من خالل القروض البنكية الميسرة من قبل الدولة من أجل انجازمحطات جديدة‬
‫لتوليد الكهرباء وتطوير الصناعة البتروكيماوية وتحديث المؤسسات العمومية الناشطة‪.‬‬
‫ويستلزم برنامج االستثمارات العمومية الذي وضع للفترة الممتدة مابين ‪ 0202‬و‪ 0202‬من النفقات ‪00.002‬‬
‫مليار دينار جزائري أوما يعادل ‪ 000‬مليار دوالر وهو يشمل شقين إثنين هما‪:‬‬

‫‪ -1‬ناجية صالحي وفتيحة مخنان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫أوال‪ :‬استكمال المشاريع الكبرى الجاري إنجازها على الخصوص في قطاعات السكة الحديدية والطرق والمياه‬
‫بمبلغ ‪ 9422‬مليار دينار جزائري‪ ،‬ما يعادل ‪022‬مليار دوالر‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إطالق مشاريع جديدة بمبلغ ‪ 00.522‬مليار دينار جزائري‪.‬‬
‫يخصص برنامج (‪ )0202-0202‬أكثر من ‪ %22‬من موارده لتحسين التنمية البشرية وذلك على‬
‫الخصوص من خالل‪:1‬‬
‫‪ -‬ما يقارب‪ 5222‬منشأة للتربية الوطنية )منها ‪ 0222‬إكمالية و ‪ 052‬ثانوية ( و‪ 022222‬مقعد بيداغوجي‬
‫جامعي و‪ 222222‬مكان إيواء للطلبة و أكثر من‪ 222‬مؤسسة للتعليم والتكوين المهنيين‪.‬‬
‫‪ -‬أكثر من ‪ 0522‬منشأة قاعدية صحية منها ‪ 040‬مستشفى و ‪45‬مركبا صحيا متخصصا و‪377‬عيادة‬
‫متعددة التخصصات‪ ،‬باإلضافة إلى أكثر من ‪ 42‬مؤسسة متخصصة لفائدة المعوقين‪.‬‬
‫‪ -‬مليوني وحدة سكنية منها ‪ 0,0‬مليون وحدة سيتم تسليمها خالل الفترة الخماسية على أن يتم الشروع في‬
‫أشغال الجزء المتبقي قبل نهاية سنة ‪.0202‬‬
‫‪ -‬توصيل مليون بيت بشبكة الغاز الطبيعي وتزويد ‪ 002222‬سكن ريفي بالكهرباء‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين التزويد بالمياه الشروب على الخصوص من خالل إنجاز ‪ 25‬سد و ‪ 05‬منظومة لتحويل المياه‬
‫وانهاء األشغال بجميع محطات تحلية مياه البحر الجاري إنجازها‪.‬‬
‫موجهة للشبيبة والرياضة منها ‪ 02‬ملعب و ‪ 002‬قاعة متعددة الرياضات‪،‬‬
‫‪-‬أكثر من ‪ 5222‬منشأة قاعدية ّ‬
‫‪ 222‬مسب وأكثر من ‪ 022‬نزل ودار شباب‪.‬‬
‫‪ -‬وكذا برامج هامة لقطاعات المجاهدين والشؤون الدينية والثقافة واإلتصال ‪.‬‬
‫كما خصص برنامج االستثمارات العمومية ما يقارب ‪ % 22‬من موارده لمواصلة تطوير المنشأت القاعدية‬
‫األساسية وتحسين الخدمة العمومية وذلك على الخصوص‪:‬‬
‫موجهة لقطاع األشغال العمومية لمواصلة توسيع وتحديث شبكة الطرقات وزيادة‬
‫‪-‬أكثر من ‪ 2022‬مليار دج ّ‬
‫قدرات الموانئ‪.‬‬
‫‪-‬أكثر من ‪ 0022‬مليار دج مخصصة لقطاع النقل من أجل تحديث و مد شبكة السكك الحديدية وتحسين‬
‫النقل الحضري )على الخصوص تجهيز ‪ 02‬مدينة بالتراموي( وتحديث الهياكل القاعدية بالمطارات‪.‬‬

‫‪ -1‬ناجية صالحي وفتيحة مخنان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪79‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫‪ -‬ما يقارب ‪ 522‬مليار دج لتهيئة اإلقليم‪.‬‬


‫‪ -‬ما يقارب ‪ 6900‬مليار دج لتحسين إمكانيات وخدمات الجماعات المحلية وقطاع العدالة وادارات ضبط‬
‫‪1‬‬
‫الضرائب والتجارة و العمل‪.‬‬
‫هذا وعالوة على حجم النشاطات التي سيفيد بها أداة اإلنجاز الوطنية يخصص هذا البرنامج أكثرمن ‪0522‬‬
‫مليار دج لدعم تنمية اإلقتصاد الوطني على الخصوص من خالل‪:2‬‬
‫‪-‬أكثر من ‪ 0222‬مليار دج يتم رصدها لدعم التنمية الفالحية و الريفية ‪.‬‬
‫‪ -‬وما يقارب ‪ 052‬مليار دج لترقية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة من خالل إنشاء مناطق صناعية والدعم‬
‫العمومي للتأهيل و تسيير القروض البنكية التي قد تصل إلى ‪ 222‬مليار دج لنفس الغرض‪.‬‬

‫‪ -‬ستعبئ التنمية الصناعية هي األخرى أكثر من ‪ 0222‬مليار دج من القروض البنكية ّ‬


‫الميسرة من قبل الدولة‬
‫من أجل إنجاز محطات جديدة لتوليد الكهرباء وتطوير الصناعة البتروكيمياوية وتحديث المؤسسات العمومية‪.‬‬
‫أما تشجيع إنشاء مناصب الشغل فيستفيد مطن ‪ 252‬مليطار دج مطن البرنطامج لموافقطة اإلدمطاج المهنطي لخريجطي‬
‫الجامعات ومراكز التكوين المهني ودعم إنشاء المؤسسات المصطغرة وتمويطل آليطات إنشطاء مناصطب الشطغل إلطى‬
‫الكطم الهائطل مطن فطرص التوظيطف التطي سطيذرها تنفيطذ البرنطامج الخماسطي ويولطدها النمطو االقتصطادي‪ ،‬كطل ذلطك‬
‫‪3‬‬
‫سيسم بتحقيق الهدف المتمثل في إنشاء‪ 2‬ماليين منصب شغل خالل السنوات الخمسة المقبلة‪.‬‬
‫وعلى صعيد آخر يخصص البرنامج مبلغ ‪ 252‬مليار دج لتطوير اقتصاد المعرفة من خالل دعم البحث‬
‫العلمي وتعميم التعليم واستعمال وسيلة اإلعالم اآللي داخل المنظومة الوطنية للتعليم كلها وفي المرافق‬
‫‪4‬‬
‫العمومية‪.‬‬
‫وعليه فالمالحظ لهذا البرنامج يلمس بأن هناك جهود كبيرة للدولة من أجل التنمية االقتصادية واالجتماعية‬
‫للبالد‪ ،‬فالجزائر خصصت خالل سنوات (‪ )0202-0202‬غالفا ماليا لم يسبق لبلد سائر في طريق النمو أن‬
‫خصصه حتى اآلن والمقدر بحوالي ‪ 000‬مليار دوالر والذي من شأنه تطوير الجهود التي شرع فيها منذ ‪02‬‬
‫سنوات في دعم هندسة التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ -1‬زوين ايمان‪ ،‬مرجع سابق‪.00،‬‬


‫‪ -2‬ناجية صالحي و فتيحة مخنان‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ -3‬بيان اجتماع مجلس الوزراء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ -4‬زوين ايمان ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.00‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫ويجمع خبراء االقتصاد أن مبلغ االلتزامات المالية التي أقرها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة خالل‬
‫هذا البرنامج يترجم إرادة السلطات العمومية في االستفادة من الصحة المالية للخزينة الوطنية من أجل تسريع‬
‫‪1‬‬
‫وتعزيز التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫ومما سبق يمكن القول أن السياسات العامة االقتصادية في الجزائرسواء في الفترة المدروسة أو قبال‪ ،‬تميزت‬
‫كلها باالستغالل الملحوظ في الطفرة المالية التي عرفها االقتصاد الوطني‪ ،‬وهو ما جعل من هذه السياسات‬
‫ذات أهداف اقتصادية و اجتماعية وسياسية‪ ،‬على المديين القريب والبعيد‪.‬‬

‫‪ -1‬ناجية صالحي وفتيحة مخنان‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪81‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬انعكاسات السياسات العامة االقتصادية (‪)0202-0222‬‬


‫مما ال شك فيه أن أي سياسة عامة لها أهداف تسعى إلى تحقيقها عن طريق برامج ومخططات تميزها عن‬
‫باقي السياسات‪ ،‬وأن هذه البرامج تخلف آثاروانعكاسات على مختلف كافة المستويات‪ ،‬ومنه فسنتطرق في هذا‬
‫المبحث فإن إلى آثار وانعكاسات الساسيات العامة االقتصادية التي طبقتها الجزائرفي الفترة (‪-0222‬‬
‫‪ )0202‬على القطاعات اإلقتصادية واألجتماعية والسياسية‪.‬‬
‫المطلب الول‪ :‬االنعكاسات االقتصادية‬
‫المالحظ في جل البرامج المتخذة ضمن السياسات االقصادية في الفترة ‪ 0202/0222‬في الجزائر واعتمادها‬
‫على موارد اقتصادية ضخمة‪ ،‬وبالتالي فإن انعكاساتها على الوضع االقتصادي الوطني‪ ،‬ويمكن إجمالها في‬
‫‪1‬‬
‫التغيرات التي حدثت على مختلف المؤشرات االقتصادية الوطنية‪.‬‬
‫تميزت السنوات‪ 2004-2001‬بإنعاش مكثف للتنمية االقتصادية رافق استعادة األمن عبر ربوع بالدنا‪ ،‬وتجسد‬
‫هذا اإلنعاش من خالل نتائج عديدة هامة نذكر منها على الخصوص ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬استثما ارجمالي بحوالي ‪ 46‬مليار دوالر أي ‪ 3.700‬مليار دينار‪ ،‬منها حوالي‪ 2‬ملياردوالر أي ‪ 2.350‬مليار‬
‫دينار من اإلنفاق العمومي‪.‬‬
‫‪ -‬نمو مستمر يساوي في المتوسط ‪ % 3,8‬طوال السنوات الخمس بنسبة ‪ % 6,8‬في سنة‪. 2003‬‬
‫لقد خرجت الجزائر بسالم من هذه التجربة‪ ،‬اذ أن التوازنات االقتصادية الكلية قد استرجعت‪ ،‬وحققت الجزائر في‬
‫سنة ‪ 2003‬نسبة نمو قدره ‪ 6.8 %‬واحتياطات صرف قدرها ‪ 32.9‬مليار دوالر في زيادة مستمرة‪ ،‬وبالمقابل‬
‫فان ديون الجزائر الخارجية قد انخفضت من ‪ 28.3‬مليار دوالر إلى ‪ 22‬مليار دوالر كما تقلصت الديون‬
‫العمومية الداخلية للدولة من ‪ 1059‬مليار دج في سنة ‪ 1999‬إلى ‪ 911‬مليار دج في سنة ‪،2003‬‬
‫فلم يقال إن هذا البرنامج سيحل كل المشاكل العالقة‪ -‬الخفية والجلية‪-‬المسجلة في مختلف المجاالت ولكن من‬
‫الطبيعي جدا أنه من شأن هذا البرنامج أن يخفف من االنعكاسات السلبية ألزمة عميقة ويخلق الظروف المالئمة‬
‫‪2‬‬
‫إلستراتيجية حقيقية للتنمية المستدامة‪.‬‬

‫‪ -1‬زرمان كريم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.00‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪82‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫هذا وقد تم إنجازعدد كبيرمن المشاريع التي تم إقرارها في برنامج دعم االنعاش االقتصادي‪ ،‬وفي اآلجال‬
‫المحددة تقريبا‪ ،‬مثلما يوض الجدول الموالي‪:‬‬
‫الجدول(‪ :)02‬يوض حصيلة المشاريع المنجزة في نهاية سنة ‪.1002‬‬

‫المشاريع‬ ‫القطاع‬ ‫المشاريع‬ ‫القطاع‬ ‫المشاريع‬ ‫القطاع‬


‫‪167‬‬ ‫الطاقة‬ ‫‪4386‬‬ ‫التعليم‬ ‫‪4386‬‬ ‫الموارد المائية‬

‫‪223‬‬ ‫الحماية‬ ‫‪2448‬‬ ‫البيئة‬ ‫‪2448‬‬ ‫السكن و العمران‬


‫االجتماعية‬
‫‪330‬‬ ‫الصيد‬ ‫‪1868‬‬ ‫الصناعة‬ ‫‪1868‬‬ ‫األشغال العمومية‬

‫‪545‬‬ ‫الصحة‬ ‫التعليم والتعليم العالي ‪1596‬‬ ‫‪1596‬‬ ‫الفالحة‬

‫‪564‬‬ ‫االتصاالت‬ ‫‪1134‬‬ ‫النقل‬ ‫‪1134‬‬ ‫البنى التحتية‬

‫‪Source : Bilan du programme de soutien de la relance économique, ; op cit ,P.1‬‬

‫فبالنسبة لمخطط دعم اإلنعاش اإلقتصادي نجد أنه ساهم خالل فترة تطبيقه في تحقيق متوسط معدل نمو‬
‫حقيقي قدر بط‪ %2.9‬مع تسجيل انخفاض معدالت البطالة من ‪ %1..2‬سنة ‪ 1002‬إلى ‪17.7%‬سنة‬
‫‪ ،1002‬أما البرنامج التكميلي لدعم النمو فقد ساهم خالل فترة تطبيقه في تحقيق متوسط معدل نمو حقيقي‬
‫‪1‬‬
‫قدر ‪ %1.8‬مع تسجيل انخفاض معدالت البطالة من ‪ %22.2‬سنة ‪ 1002‬إلى ‪ %20.1‬سنة ‪.1008‬‬
‫فقد اعتمد النمو في الجزائر بشكل كبير على قطاع المحروقات‪ ،‬حيث قدرت مساهمة هذا األخير في الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي سنة ‪ 2008‬بط )‪ ،( 54.6 %‬قطاع الخدمات )‪ ،( 20 %‬الزراعة )‪ ،( 7.6 %‬البناء‬
‫) ‪ ،)%9.3‬وفقط )‪ ( 5.5 %‬بالنسبة للصناعة خارج المحروقات‪ ،‬وهي مجمل إسهامات هذه البرامج في‬
‫الناتج المحلي االجمالي‪ ،‬وهوما يظهره الشكل الموالي‪:‬‬

‫‪ -1‬زوين إيمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.202‬‬

‫‪83‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫الشكل (‪ :)04‬توزيع الناتج المحلي اإلجمالي حسب القطاعات في الجزائر لسنة ‪.2008‬‬

‫المصدر‪ :‬زوين ايمان‪ ،‬مرجع سابق‪.202،‬‬


‫والمالحظ من هذا الشكل هو استم اررية محدودية مساهمة القطاعات اإلنتاجية‪ ،‬الزراعة والصناعة التحويلية‪،‬‬
‫فيما يخص استدامة النمو في الجزائر‪.‬‬
‫فالمالحظ للنتائج المحققة يحكم بإيجابية وفعالية هذه السياسة الكينزية التوسعية المدعمة للطلب الكلي في‬
‫التأثير اإليجابي على معدالت النمو والبطالة‪ ،‬لكن المالحظ لهذه النتائج مقارنة مع ما أنفق من مبالغ من‬
‫جهة وما تسرب إلى القطاع الخارجي من جهة أخرى يجزم بفشل هذه السياسة وعدم فعاليتها‪ ،‬إذ أن حجم‬
‫الواردات تزايد خالل فترة تنفيذ مخطط دعم اإلنعاش اإلقتصادي من ‪ 8.2‬مليار دوالر سنة ‪ 1002‬إلى ‪2..8‬‬
‫مليار دوالر سنة ‪ ،1002‬كما تزايد خالل فترة تنفيذ البرنامج التكميلي لدعم النمو من ‪ 28.9‬مليار دوالر سنة‬
‫‪ 1002‬إلى ‪ 2..8‬مليار دوالر سنة ‪ ،1008‬وهو ما يعني أنه خالل فترة تنفيذ البرنامجين من ‪2001‬إلى‬
‫‪1‬‬
‫‪ 1008‬تزايدت الواردات بنسبة ‪.%200‬‬
‫وعليه فإنه يمكن القول أن الشرط األول والرئيسي في نجاح تطبيق سياسة دعم الطلب الكلي التوسعية في‬
‫اإلنفاق العام في اإلقتصاد الجزائري غير متوفر بالكامل‪ ،‬إذ أن جهاز اإلنتاج لم يستطع اإلستجابة لتلك‬
‫الزيادة في الطلب المباشرة وغير المباشرة المتولدة عن البرنامجين وال شك في أنه لن يستطيع مواكبة الزيادة‬
‫في الطلب المباشرة وغير المباشرة التي سيولدها البرنامج الخماسي الجاري ‪ ،1022-1020‬حيث أن النسبة‬

‫‪-1‬زرمان كريم ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪84‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫األكبر في الواردات خالل الفترة (‪ )1008-1002‬سجلت على مستوى السلع نصف المصنعة التي تزايدت‬
‫من ‪1.4‬مليار دوالر سنة ‪ 1002‬إلى ‪ 8.2‬مليار دوالر سنة ‪ ،2009‬إضافة للتجهيزات الصناعية التي تزايدت‬
‫خالل نفس الفترة من ‪ 2.1‬مليار دوالر إلى ‪ 22.2‬مليار دوالر‪ ،‬والمواد الغذائية من ‪ 1.2‬مليار دوالر إلى ‪..2‬‬
‫مليار دوالر‪ ،‬وهذا ما يؤكد أن مشكل اإلقتصاد الجزائري هو مشكل ضعف جانب العرض ‪-‬الجهاز‬
‫‪1‬‬
‫اإلنتاجي‪ -‬وليس مشكل ضعف في جانب الطلب‪.‬‬
‫الجدول(‪ :)02‬تطور واردات الجزائرمن السلع‪(1020/1000‬دوالر امريكي)‬

‫‪1020‬‬ ‫‪1009‬‬ ‫‪1002‬‬ ‫‪1002‬‬ ‫‪1001‬‬ ‫‪1000‬‬ ‫السنوات‬


‫‪29199‬‬ ‫‪2.188‬‬ ‫‪10129‬‬ ‫‪29120‬‬ ‫‪21100‬‬ ‫‪812.‬‬ ‫الواردات‬

‫‪1122‬‬ ‫‪921.0‬‬ ‫‪22100‬‬ ‫‪21120‬‬ ‫‪20192‬‬ ‫معدل النمو‪%‬‬

‫المصدر‪ :‬بنك الجزائر‪ ،‬التقريرالسنوي للمؤشرات االقتصادية للجزائر‪ ،1020،1020-1002‬ص‪.2.‬‬


‫لكن يمكن القول إن مثل هذه النجاحات في ضبط التوازنات المالية والنقدية ينبغي النظر إليها كوسيلة ظرفية‬
‫ألنها ال تضمن النمو المتواصل لالقتصاد الوطني‪ ،‬وهذا استنادا إلى تقرير األمم المتحدة التي صنفت الجزائر‬
‫في المرتبة المائة بعدما كانت تحتل المرتبة ‪ 95‬في تقرير عام ‪ ، 2000‬ويعتمد هذا الترتيب على معاييرأغلبها‬
‫اجتماعية منها نسب األمية وطول العمر والتوفر على الحاجيات األساسية اليومية ‪ ،‬وقد قدرت بعض الجهات‬
‫المختصة تلبية هذه الحاجات على توفر الفرد على دخل ال يقل عن ‪ 10‬دوالر يوميا‪ ،‬وفي المقابل تشير بيانات‬
‫إحصائية أن ‪ % 25‬من إجمالي الجزائريين يتقاضون أقل من ‪ 2‬دوالر يوميا‪ ،‬كما أن ‪ % 22.6‬يعيشون تحت‬
‫‪2‬‬
‫عتبة الفقر‪.‬‬
‫وفي األخير يمكن القول كذلك أن تحليل انعكاسات السياسات العامة االقتصادية المنتهجة في الجزائر خالل‬
‫الفترة المذكورة من النواحي االقتصادية‪ ،‬يجب أن يخضع إلى معايير أكثر دقة‪ ،‬وهوما يتجلى في الدراسات‬
‫االقتصادية أكثر منها في الدراسات ذات الطابع السياسي‪.‬‬

‫‪ -1‬زوين ايمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.201‬‬


‫‪،‬ص‪.10‬‬ ‫‪ -2‬عبو عمر‪ ،‬عبو هودة‪ ،‬مرجع سابق‬

‫‪85‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االنعكاسات اإلجتماعية‬


‫لقد كانت معظم البرامج و النشاطات المقررة ضمن السياسات االقتصادية في الجزائرفي الفترة (‪-1000‬‬

‫فبالنظرلى‬
‫ا‬ ‫‪ )1022‬ذات أهداف اقتصادية بالدرجة‪ ،‬وأهداف اجتماعية ال تقل أهمية هي األخرى‪،‬‬

‫المخصصات المالية والموارد التي تم استغاللها من أجل تنفيذ تلك المخططات والبرامج ‪ ،‬يمكن القول بأن‬

‫األهداف والنتائج المتوصل إليها‪ ،‬وكذا آثار تلك السياسات هي ملحوظة ومجسدة في إحصائيات وأرقام‬

‫التغيرات الحاصلة على الصعيد اإلجتماعي‪.‬‬

‫وباعتبار أن التقليل من البطالة هو أحد أبرز األهداف المسطرة من خالل تلك البرامج ‪ ،‬وبالتالي فقد سجلت‬

‫معدالت البطالة في الجزائر انخفاضا من‪ %15.30‬سنة ‪ 2005‬إلى ‪ 11.80 %‬سنة‪،2007‬‬

‫ثم ‪ 10.2 %‬في نهاية ‪ 1. 2009‬مثلما يوض الشكل التالي‪:‬‬

‫الشكل (‪:)00‬تطورمعدل البطالة اإلجمالية وبطالة الشباب في الجزائر)‪(%).) 2009-2001‬‬

‫المصدر‪ :‬زوين ايمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.202‬‬


‫وفي تحليل مبسط لهذا الشكل‪ ،‬نقول أن نسبة البطالة سواء االجمالية وفي فئة الشباب فعال عرفت تراجعا‬
‫ملحوضا‪ ،‬من سنة إلى أخرى‪ ،‬وهذا راجع إلى البرامج والنشاطات االقتصادية التي ساهمت بشكل واض في‬
‫فت المجال أمام تزايد فرص العمل نتيجة الكم الهائل من المشاريع الطبقة خالل تلك الفترة‪.‬‬

‫‪-1‬زوين ايمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.202‬‬

‫‪86‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫فالجزائر لديها إمكانيات هائلة لتعزيز نموها اإلقتصادي‪ ،‬بما في ذلك إحتياطيات النقد األجنبي الضخمة‬
‫المتأتية من النفط والغاز ومن شأن إستار تيجية التنمية إستهداف النمو المستدام وخلق المزيد من فرص العمل‪،‬‬
‫وخصوصا للشباب‪ ،‬والتخفيف من حدة أزمة السكن التي تواجهها البالد‪ ،‬وبالتالي فإن الخيار االستراتيجي‬
‫الوطني الصائب‪ ،‬هو إعادة إحياء عملية تهدف إلى تنويع االقتصاد بدءا من القطاع غيرالنفطي مع تعميق‬
‫اإلصالحات الالزمة للتحول الهيكلي لإلقتصاد‪.1‬‬
‫لكن األثراإليجابي على حجم العمالة وانخفاض معدالت البطالة لم ينعكس بالشكل األمثل على النمو‬
‫أن الزيادة في حجم العمالة وما ّتولد عن ذلك من زيادة في الطلب الكلي لم يستغل من طرف‬
‫االقتصادي‪ ،‬إذ ّ‬
‫الجهاز اإلنتاجي المحلي‪ ،‬بل وجه الجزء األكبر منه إلى الخارج‪ ،‬وذلك يبرز بصورة واضحة من خالل قيمة‬
‫الواردات التي عرفت تزايد كبيرعلى طول الفترة ‪ ،1008-1002‬حيث نالحظ ّأنها ارتفعت من ‪ 8201.‬مليار دج‬
‫‪ %9212) 92.2‬منها سلع ( سنة ‪ 1002‬إلى‪ 291012‬مليار دج (‪% 92120‬منها سلع ( ‪ ،‬لتصل قيمة‬
‫الواردات ‪ 229219‬مليار دج )‪ %90.11‬منها سلع( والتي تعود إلى ارتفاع الطلب الداخلي األسر والمؤسسات‬
‫‪2‬‬
‫وعجز الجهاز اإلنتاجي عن تلبية هذا الطلب المتزايد‪.‬‬
‫أما في مجال الصحة العمومية فقد شهدت هي األخرى توسعا هاما فى مختلف المجاالت سواء كان ذلك على‬
‫مستوى الهياكل الصحية ‪ ،‬أم ممارسة االستقطاب أو الضمان اإلجتماعي الذي شهد هو اآلخر آليات عمل‬
‫جديدة كماأن تأطير االنتاج المحلي لألدوية بات واقعا ملموسا‪ ،‬وهذا بفشل الجهود المبذولة من خالل مضاعفة‬
‫‪3‬‬
‫الغالف المالي بعدة مرات يبين تطور هياكل الصحة العمومية‪.‬‬
‫وهو مايبينه الجدول الموالي‪:‬‬

‫‪ -1‬فري زينب ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.200‬‬


‫‪ -2‬ناجية صالحي و فتيحة مخنان‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -3‬سيالم حمزة‪ ،‬ولدبزيو فات ‪"،‬فعالية السياسة المالية في تحقيق االصالح االقتصادي‪-‬دراسة حالة الجزائر‪،"1022/1000-‬‬
‫مذكرة ماستر(علوم اقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة البويرة) ‪ ،1022،‬ص‪.80‬‬

‫‪87‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫الجدول(‪ : )02‬تطورات هياكل الصحة العمومية (‪.)1008-2888‬‬

‫المجموع‬ ‫الفترة‪1008-1002‬‬ ‫الفترة(‪)1002-2888‬‬ ‫االنجازات المادية‬

‫‪22‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪22‬‬ ‫المستشفيات‬

‫‪222‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪20‬‬ ‫العيادات المتعددة‬


‫االختصاصات‬

‫المصدر‪ :‬بيان السياسة العامة للحكومة‪ ،‬الملحق‪ ،4‬أكتوبر‪ ،2010‬ص‪.2‬‬

‫أما فيما يخص التنمية البشرية‪ ،‬من خالل قطاعي التربية والعليم العالي فقد عرفت تحسنا واضحا خاصة من‬
‫البرنامجين األولين(دعم النعاش و دعم النمو) ‪ ،‬ترقية قطاع التربية الوطنية يندرج فى صميم‬ ‫خالل نتائ‬
‫التنمية البشرية ‪،‬مثله مثل التعليم العالي و التكوين المهني ‪،‬و هي قطاعات احتلت األولوية فى برنامج الرئيس‬
‫هو ما يفسره التطور لملحوظ فى مجموع األغلفة المالية ‪،‬حيث انتقلت من ‪ 225.5‬مليار دج سنة ‪ 1002‬إلى‬
‫‪ 403.3‬مليار دج سنة ‪ 2005‬ثم قفزت مع بداية ‪ 2010‬إلى ‪ 1100‬مليار دج ‪،‬أي ما يعادل ‪ 16‬مليار دوالر‬
‫‪1‬‬
‫خصصت لهذه القطاعات الثالثة ‪.‬‬
‫أما التعليم العالي من االنجازات التى نذكرها فى هذا الشأن هو ضمان مقعد بيداغوجي لكل متحصل على شهادة‬
‫البكالوريا وهي ميزة تنفرد الجزائرعن باقي بلدان العالم‪ ،‬وحتى تستجيب لمتطلبات الواقع ومقتضيات التطور‬
‫باشرت الدولة فى انجاز اإلصالح البيداغوجي للجامعة حتى تتمكن من استيعاب أكثرمن مليون طالب‪ ،‬وكذا‬
‫تعميم نظام ل م د (‪ )LMD‬فى الجامعات الجزائرية واالنتهاء من النظام الكالسكي‪ ،‬كما استفاد القطاع من‬
‫نظام التأمين النوعي و الزيادة فى من الطلبة باإلضافة إلى وضع نظام أجور األساتذة المدعم بنظام التعويضات‬
‫‪2‬‬
‫الذي دخل حيز التنفيذ مع نهاية ‪. 2010‬‬

‫‪ -1‬سيالم حمزة‪ ،‬ولد بزيو فات ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.82‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.01‬‬

‫‪88‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬االنعكاسات السياسية‬


‫إن اقتصاد الجزائر يعكس الطبيعة المتخشبة لحكومة البالد‪ ،‬فالصالبة السياسية التي لوحظت خالل أحداث‬
‫الربيع العربي جاءت على حساب إنفاق حكومي موسع مولته العوائد النفطية المتقلصة؛ وبفضل ضربة حظ‬
‫تؤد زيادة اإلنفاق إلى عجز في الميزانية على نحو مماثل لما شهدته‬
‫رفعت مكاسب الجزائر من النفط‪ ،‬لم ّ‬
‫اليونان‪ ،‬لكن انخفاض أسعار النفط سيؤدي إلى جعل الوضع المالي للبالد ينزلق سريعا إلى وضع كارثي‪.‬‬
‫لقد تأثر المجتمع الجزائري بصفة عامة والمجتمع المدني بصفة خاصة بما حدث في المنطقة العربية من‬
‫حراك شعبي‪ ،‬الذي تنقل من دولة عربية إلى دولة عربية أخرى‪ ،‬وهذا ما سماه صمويل هنتنغتون في كتابه‬
‫"الموجة الثالثة" تأثير العرض العملي أو العدوى أو االنتشار أو المحاكاة أوكرات الثلج والذي يعرف بظاهرة‬
‫‪1‬‬
‫الدومينو‪.‬‬
‫وبالرغم من أن بوتفليقة قد حقق النجاح في مسعاه من خالل الموازنة بين نفوذ الجيش ونفوذ االستخبارات‪،‬‬
‫وهما الطرفان اللذان يتنافسان بشكل تقليدي على السلطة في الجزائر‪ ،‬مما أدى إلى استقرار ظاهري في‬
‫الجزائر وانخفاض في عدد االغتياالت السياسية في العقد األول من القرن الحالي‪ ،‬لكن ذلك تحقق على‬
‫حساب ظهور نظام استبدادي فردي يتميز بالمحسوبية واستشراء الفساد‪ ،‬وكان هنالك عمل منهجي للحط من‬
‫شأن الحريات السياسية (بما فيها حرية الصحافة وحرية االنتماء إلى التنظيمات السياسية)‪ ،‬فنجا النظام الثقيل‬
‫‪2‬‬
‫لبوتفليقة من االحتجاجات التي عمت العالم العربي‪.‬‬
‫ورغم االستقرار النسبي الذي تعرفه الجزائر مقارنة بالدول العربية التي شهدت حراكا شعبيا عرف "بثورات‬
‫الربيع العربي"‪ ،‬إال أن ذلك لم يمنع تحركات المجتمع المدني من التظاهر واالحتجاج في عديد مناطق الوطن‬
‫تعبي ار عن حالة الظلم المجتمعي وتنديدا بمختلف مظاهرالفساد السياسي الذي أصب رم از في اآلونة األخيرة‬
‫على غرار انتفاضة الزيت والسكر عام ‪ 2011‬التي كادت أن تدخل البالد في فوضى عارمة‪.‬‬

‫‪ –2‬صامويل هنتغتون‪ ،‬الموجة الثالثة‪ ،‬التحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين‪ ،‬تر‪:‬عبدالوهاب علوب‪ ،‬د ب ن‪ :‬مرك ازبن‬
‫خلدون للدراسات اإلنمائية‪ ، 2002،‬ص ‪.220‬‬

‫‪-2‬نوح الهرموزي‪" ،‬احتضار الوضع االقتصادي والسياسي في الجزائر"‪،‬ص‪ ،0‬مأخوذ من‪:‬‬


‫‪( http://minbaralhurriyya.org/index.php/archives/846‬يوم ‪1020/00/22‬على ‪)22:22‬‬

‫‪89‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫وتكشف الحركات االحتجاجية التي شاهدتها الجزائر في جانفي ‪ 1011‬بقوة عن المالم التفصيلية للحالة‬
‫الجزائرية في مختلف تجلياتها السياسية‪ ،‬االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فهي تحيل ذلك إلى الركود الذي ميز أداء‬
‫المؤسسات الرسمية والمعارضة‪ ،‬كما تؤشر على الضيق في الساحتين اإلعالمية والسياسية‪ ،‬والتخبط في‬
‫األداء االقتصادي في وقت تحسنت فيه الحالة المالية للبالد من دون أن يستشعر ذلك اتساع آثار التهميش‬
‫التي تمس على وجه الخصوص فئة الشباب ذات الحضور الديموغرافي الكبير ويزيد الفساد قتامة المشهد‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وهوالذي وصل إلى المؤسسات ذات المكانة الرمزية كشركة المحروقات الحكومية سوناطراك‪.‬‬
‫وكما هو حال عدد من دول المنطقة‪ ،‬تقدم الحكومة الجزائرية الدعم للمنتجات الهيدروكربونية‪ ،‬مما أدى إلى‬
‫إنفاق حوالي (‪ )%61‬من إجمالي الناتج الوطني على الدعم المكشوف والخفي‪ .‬وكما هو الحال أيضا في‬
‫المنطقة‪ ،‬فإن منافع هذا الدعم الحكومي تتجمع بشكل غير متناسب لدى األغنياء الجزائريين‪ ،‬وليس لدى‬
‫األسر التي تحتاجه‪.‬‬
‫إن األداء االقتصادي المتواضع يغذي التوترات العرقية‪ ،‬ففي مدينة غرداية التي تبعد (‪ 166‬كم) عن الجزائر‬
‫العاصمة‪ ،‬اندلعت عدة اشتباكات بين المزابيين (البربر) والشعانبة (العرب)‪ ،‬وهذه األحداث تعكس حالة‬
‫متنامية من السخط في المنطقة الجنوبية في هذا البلد الذي يتصف في الوقت نفسه بثرواته الطبيعية والتخلف‬
‫‪2‬‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫وقد قابلت السلطة تذمر المواطن من الواقع االجتماعي ومطالبته بالمستوى المعيشي الذي يحفظ كرامته‬
‫حدة بسبب‬
‫بالسعي إلصالحات ذات الشقين االجتماعي والسياسي إلخماد نار الجبهة االجتماعية التي تزداد ً‬
‫األوضاع االقتصادية غير المستقرة‪ ،‬باإلضافة إلى حالة االنسداد السياسي التي زادت من حدة األزمات‪ ،‬وهو‬
‫ما تطلب وضع إستراتيجية ورؤية اجتماعية تشارك في تجسيدها جميع فعاليات المجتمع المدني يكون الشباب‬
‫الذي وصل به المطاف إلى حرق جسده احتجاجا على الواقع االجتماعي المزري‪ ،‬قابلتها السلطة السياسية‬
‫بتشكيل لجنة مشاورات من أجل إصالحات سياسية وتنظيم جلسات للمجتمع المدني‪.‬‬

‫‪ -1‬عمراني كربوسة‪" ،‬المجتمع المدني في ظل الحراك العربي الراهن‪ .،‬أي دور؟ باإلشارة لحالة المجتمع المدني في الجزائر"‪،‬‬
‫مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬العدد‪ ،11‬سبتمبر‪ ،1014‬ص ص ‪.111-111‬‬
‫‪-2‬نوح الهرموزي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1‬‬

‫‪90‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫فاستفادت الحركات االحتجاجية في السنوات األخيرة من تداعيات األوضاع السياسية على الجزائر‪ ،‬عندما‬
‫رفعت السلطات حالة الطوارئ في البالد التي كانت سارية المفعول مند وقف المسار االنتخابي‪ ، 1991‬وهو‬
‫ما انعكس إيجابا على ديناميكية االحتجاجات في البالد‪ ،‬ومن أبرزها ظهوراللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق‬
‫البطالين التي برزت في والية ورقلة ‪ ،‬حين اعتصم اآلالف من العاطلين عن العمل يوم ‪ 14‬مارس ‪1011‬‬
‫للتنديد بسياسات التهميش والمطالبة بالحصول على حقوق العمل في المؤسسات النفطية المتواجدة على تراب‬
‫الوالية وخاصة المدينة النفطية المسماة حاسي مسعود وقد اتسعت رقعة االحتجاجات لتشمل مدن عدة على‬
‫غرار والية الوادي في ‪ 30‬مارس من نفس العام تحت شعار "مليونية إلقامة دولة القانون " في تناغم واض‬
‫مع األحداث التي يعرفها المشهد العربي خاصة مصر‪.‬‬
‫وكذا بروزالتشكيالت الرافضة للعهدة رابعة منذ إعالن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لعهدة رابعة‬
‫النتخابات ‪ 17‬أفريل ‪ ، 2014‬ومن أبرز هذه التشكيالت نجد حركة بركات التي تضم العديد من الشرائ‬
‫االجتماعية تغلب عليها الطبقة المثقفة المتكونة من صحافيين‪ ،‬سياسيين وأساتذة جامعيين وموظفين في‬
‫القطاع الخاص والعام‪ ،‬رافعة شعارات تندد بالعهدة الرابعة‪.‬‬
‫وسجل لعمامرة في تدخله خالل االجتماع رفيع المستوى حول الساحل الذي عقد في إطار الجمعية العامة‬
‫لمنظمة األمم المتحدة بنيويورك‪ ،‬أن منطقة الساحل كانت خالل السنوات األخيرة مرتعا لإلرهاب والجريمة‬
‫المنظمة باإلضافة إلى التطورات السياسية ببعض بلدان المنطقة التي انعكست بتفاقم هذه اآلفات وتسارع‬
‫األحداث بمالي ودعا وزير الشؤون الخارجية‪ ،‬رمطان لعمامرة الدول المتطورة إلى احترام التزاماتها في مجال‬
‫الشراكة وتطبيق توصيات الندوات الكبرى المخصصة للتنمية اإلقتصادية و اإلجتماعية في البلدان النامية‪،‬‬
‫وأكد لعمامرة أنه "من المؤسف" أن نالحظ أن هناك عدم احترام أو تراجع في التزامات الدول المتطورة فيما‬
‫‪1‬‬
‫يخص المساعدة العمومية لصال التنمية‪.‬‬
‫كما تطرق الوزير إلى االنعكاسات السلبية لألزمة المالية الدولية على البلدان النامية‪ ،‬مشي ار إلى أن عددا كبي ار‬
‫منها بذل جهودا كبيرة في مجال اإلصالحات االقتصادية واالجتماعية قبل أن تعرقل نتائجها اإليجابية جراء‬
‫األزمة االقتصادية العالمية‪ ،‬واعتبر لعمامرة أن إقامة "شراكة دولية متجددة" قائمة على "التقاسم العادل‬

‫‪ -2‬يوسف س‪ "،‬لعمامرة يؤكد أهمية التنمية االقتصادية لضمان األمن بالساحل" جريدة الحياة العربية يوم ‪،1022 /08 /1.‬‬
‫ص‪.2‬‬

‫‪91‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫للمسؤوليات والفوائد" هي الوحيدة الكفيلة بضمان نمو دائم لالقتصاد العالمي واندماج البلدان النامية في‬
‫‪1‬‬
‫االقتصاد العالمي‪.‬‬
‫أولت مختلف التشكيالت السياسية خالل التجمعات الشعبية والنشاطات الجوارية التي أقامتها في األسبوع‬
‫الثاني من الحملة االنتخابية لتشريعيات العاشر ماي المقبل اهتماما لقضايا الشباب والتنمية االجتماعية‬
‫واالقتصادية‪ .‬وحتى ولو اختلفت تصورات هذه األحزاب في كيفية التكفل بانشغاالت المواطنين فقد أجمعت‬
‫على العموم أن تحقيق هذه األهداف يمر عبرالتوجه إلى صناديق االقتراع‪ ،‬و في هذا الشأن ربط عدد من هذه‬
‫األحزاب معالجة مشاكل المواطنين بإحداث التغييرعبرصناديق االقتراع يوم ‪ 20‬ماي" وعدم اإلنسياق وراء‬
‫‪2‬‬
‫دعاة المقاطعة"‪.‬‬
‫كما أكد األمين العام للمنظمة الوطنية للمتعاملين اإلقتصاديين فيصل شنوفي على أهمية اإلستقرار السياسي‬
‫في تحقيق التنمية االقتصادية والسلم االجتماعي‪ ،‬وأوض شنوفي في تدخل له خالل اشغال ندوة وطنية حول‬
‫دورالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق األمن االقتصادي والسلم االجتماعي ضوء برامج الرئيس عبد‬
‫العزيز بوتفليقة أن "تحقيق العدالة االجتماعية المنشودة واقالع اإلقتصاد نحو اإلنتعاش والذي يعد مسؤولية‬
‫‪3‬‬
‫الفاعلين اإلقتصاديين الوطنيين العموميين منهم والخواص ال يمكن أن يتأتى في غياب اإلستقرار السياسي"‪.‬‬

‫‪ -1‬يوسف س‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.0‬‬


‫‪ -2‬د ك‪"،‬قضايا الشباب والتنمية االجتماعية واالقتصادية تطغى على خطابات األحزاب" النهار الجديد‪،1021/02/19 ،‬‬
‫ص‪.2‬‬
‫‪ -3‬د ك ‪"،‬اهمية االستقرار السياسي في تحقيق التنمية االقتصادية" جريدة المواطن‪ ،1022/02/02،‬ص‪.0.‬‬

‫‪92‬‬
‫الفصل الثالث‪ ........‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر(‪)0202-0222‬على االستق اررالسياسي‬

‫خالصـة‬

‫كخالصة لمل تطرقنا له في هذا الفصل حول عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي في‬
‫الجزائر‪ ،‬ومن خالل تناولنا أهم السياسات االقتصادية (‪ )0202-0222‬أي منذ تولي الرئيس عبد العزيز‬
‫بوتفليقة لزمام الحكم‪ ،‬فلنتائج المحققة في إطار تنفيذ برنامج اإلنعاش االقتصادي والبرنامج التكميلي لدعم النمو‬
‫تكن قوية بالدرجة المتوقعة‪ ،‬إذ تبين أن قطاع المحروقات ال زال يمثل أحد المكونات الرئيسية للناتجفهذه النتائج‬
‫المتواضعة نسبيا‪ ،‬مقارنة بحجم بالموارد المالية الموظفة‪.‬‬
‫تمكن من القول بأن سياسة اإلنعاش في الجزائر تواجه مشكلة نقص في الفعالية‪ ،‬باعتبار أن أحد األهداف‬
‫األساسية المتوخاة منذ انتهاج هذه السياسة‪ ،‬وهو تحقيق نمو خارج المحروقات حقيقي ومستمر‪ ،‬بحيث يكون له‬
‫أثر قوي على التشغيل والتنمية الشاملة للبالد‪ ،‬وكذا بتنويع االقتصاد وفك تبعيته المفرطة للخارج‪.‬‬
‫غياب إستراتيجية اقتصادية واضحة وشاملة تعمل خاصة على إزالة مختلف االختالالت‪ ،‬والقضاء على كل‬
‫العراقيل التي تحول دون رد االعتبار لإلنتاج الوطني‪.‬‬
‫كما أن البيئة المؤسساتية غير المالئمة التي يعمل في ظلها القطاع الخاص حاليا تشجع أكثر على البحث عن‬
‫مصادر الريع‪ ،‬بدال من اإلبداع واألنشطة المنتجة للثروة‪ ،‬أو تحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬
‫أن انعكاسات السياسات العامة االقتصادية لم تكن إيجابية بالشكل المتوقع كونها ساهمت في تأزم االوضاع‬
‫خاصة االجتماعية و ما يترجم ذلك هو موجات االحتجاجات والمظاهرات المتكررة في الساحة الوطنية‪،‬‬
‫ناهيك عن تعالي أصوات المعارضة بشكل كبير‪ ،‬وهي من المؤشرات الدالة عن وجود حالة من عدم‬
‫االستقرار السياسي في الجزائر‪ ،‬حتى وان كانت غير معترف بها من بعض األطراف‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫خـاتـمـة‬
‫خاتمــة‬

‫خاتمـة‬

‫من خالل ما تطرقنا إليه في الفصول الثالثة لهذه الدراسة‪ ،‬يمكن القول بأن عالقة االستقرار السياسي‬
‫بالسياسات العامة االقتصادية هي عالقة وثيقة باعتبار تأثر كل منهما باآلخر‪ ،‬وهو ما أكدته معظم الدراسات‬
‫والتحليالت‪ ،‬ونجمل أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة واجابة على األسئلة والفرضيات المطروحة في‬
‫المقدمة‪:‬‬

‫‪ -‬السياسات العامة االقتصادية هي مجموعة األدوات واألهداف االقتصادية والعالقات المتبادلة‬


‫بينها تحت مسؤولية الدولة باعتبارها المسؤولة عن اعداد وتنفيذ السياسات العامة الكلية بما‬
‫فيها االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬تسعى السياسات االقتصادية عموما إلى تحقيق أربعة اهداف أساسية‪ ،‬تتمثل في البحث عن‬
‫النمو اإلقتصادي‪ ،‬تحقيق العمالة الكاملة‪ ،‬إضافة إلى التحكم في التضخم والبحث عن التوازن‬
‫الخارجي‪.‬‬

‫‪ -‬تنقسم السياسات العامة االقتصادية إلى سياسات اقتصادية ظرفية تهدف إلى الحفاظ على التوازن‬
‫االقتصادي في األجل القصير‪ ،‬وكذا سياسات اقتصادية هيكلية تهدف إلى تغيير هيكلة وبنية‬
‫اإلقتصاد الوطني في األجل الطويل‪.‬‬
‫‪ -‬االستقرار السياسي هو حالة من التوازن المستمر للوضع السياسي للدولة‪ ،‬كما أنه غاية‬
‫التتحقق إال بجهود متضافرة بين مختلف الفواعل الرسمية وغير الرسمية في الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬تعتبر المقومات السياسية‪ ،‬االقتصادية واالجتماعية الفكرية هي المرتكزات األساسية‬
‫لالستقرار السياسي‪ ،‬والتي كلما كانت درجة انسجامها وتفاعلها االيجابي كلما تحقق استقرار‬
‫سياسي في أي دولة‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن الحديث عن مؤشرات اإلستقرار االستقرار السياسي انطالقا من مسببات الحالة‬
‫العكسية أي الإلستقرار‪ ،‬وذلك من خالل أهم مميزاتها‪ ،‬كما يمكن القول أنه كلما زادت حدة‬
‫األسباب زاد تهديد استقرار الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬هناك العديد من الصعوبات والمعيقات التي من شأنها أن تحول دون تحقيق اإلستقرار‬
‫السياسي‪ ،‬وذلك نتيجة لجملة من الظروف والعوامل المتداخلة التي من شأنها أن تضيق المجال‬

‫‪95‬‬
‫خاتمــة‬

‫على صانع ا لقرار للتعامل مع المشكالت العامة في الوقت المناسب‪ ،‬هذا ما يجعلما تتفاقم لتولد‬
‫أزمة و من ثم يصبح مناك تهديد لإلستقرار السياسي للدولة‪.‬‬

‫‪-‬عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي هي عالقة تأثير متبادل ناتج تفاعل العوامل المؤثرة‬
‫في كل منهما‪ ،‬وأنه كلما ارتكزت أهداف السياسات العامة االقتصادية على تحقيق الغايات الكبرى للتنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬كلما زادت قدرة النظام على تحقيق االستقرار السياسي والمحافظة عليه‪.‬‬

‫‪-‬التوازن اإلقتصادي سواء الداخلي أوالخارجي شرط ضروري لتحقيق أهداف السياسة اإلقتصادية للبلد‬

‫فالبيئة االقتصادية المستقرة تعتبر ضرورة أساسية لتحقيق التنمية في اقتصاد أي بلد‪ ،‬ومنه ترشيد السياسات‬
‫العامة االقتصادية‪ ،‬هذا ما يجل برامج التنمية أكثر عقالنية ورشادة‪.‬‬

‫‪-‬إن االستقرار السياسي هو اآلخر يتأثر بعوامل ومتغيرات عديدة‪ ،‬فالتنمية الشاملة عملية تقوم وتتحكم فيها‬
‫بق اررات نابعة من صناع القرار في الدولة‪ ،‬وهو ما يعتبر عملية سياسية‪ ،‬ونظ ار ألن التنمية الشاملة الحقيقية‬
‫تقوم على االستقالل االقتصادي وليس على تبعيته‪ ،‬فالدول النامية البد لها أن تتخلص من التبعية لضمان‬
‫تنمية حقيقية تعتمد على الذات‪ ،‬وهذا ما يجعلها أكثر سيادية وأكثر تحكما في األوضاع الداخلية مما يحقق‬
‫االستقرار السياسي ويحافظ عليه‪.‬‬

‫‪ -‬إن السياسات االقتصادية العامة في الجزائر تواجه مشكلة نقص في الفعالية‪ ،‬باعتبار أن أحد األهداف‬
‫األساسية المتوخاة منذ انتهاجها‪ ،‬وهو تحقيق نمو خارج المحروقات حقيقي ومستمر‪ ،‬بحيث يكون له أثر قوي‬
‫على التشغيل والتنمية الشاملة للبالد‪ ،‬وكذا بتنويع االقتصاد وفك تبعيته المفرطة للخارج‪ ،‬وهو ما لم تحققه‪.‬‬
‫‪ -‬كما أن غياب إستراتيجية اقتصادية واضحة وشاملة تعمل خاصة على إزالة مختلف االختالالت‪ ،‬والقضاء‬
‫على كل العراقيل التي تحول دون رد االعتبار لإلنتاج الوطني‪ ،‬وهو ما يحول دون مساهمة القطاع الخاص في‬
‫تحقيق التنمية المنشودة من وراء سياسة الخوصصة المنتهجة‪.‬‬
‫‪ -‬إن انعكاسات السياسات العامة االقتصادية المطبقة طيلة فترة بوتفليقة لم تكن إيجابية بالشكل المتوقع‬
‫كونها ساهمت في تأزم االوضاع خاصة االجتماعية وما يترجم ذلك هو موجات االحتجاجات والمظاهرات‬

‫‪96‬‬
‫خاتمــة‬

‫المتكررة عبر كل ربوع الوطن‪ ،‬ناهيك عن تعالي أصوات المعارضة بشكل كبير‪ ،‬وهي من المؤشرات الدالة‬
‫عن وجود حالة خفية من عدم االستقرار السياسي في الجزائر‪.‬‬
‫هذا وان القيادة الجزائرية تقف عاجزة أمام ارتدادات تراجع أسعار النفط وقد تضطر لمراجعة سياسة دعم‬
‫أسعار المواد األساسية والخدمات‪ ،‬وقد تلجأ إلى إجراءات تقشف جديدة بسبب غياب موارد أخرى يمكن‬
‫التعويل عليها لتعويض خسائر قطاع النفط‪ ،‬رغم إنفاق الحكومة الجزائرية مليارات الدوالرات من عائدات‬
‫النفط‪ ،‬من أجل تهدئة الجبهة االجتماعية‪ ،‬فإن الجزائريين يواصلون خروجهم إلى الشارع للمطالبة برفع‬
‫األجور وتحسين ظروف حياتهم‪.‬‬
‫مما يحتم ضرورة التعاون والتنسيق بين كافة األطراف المشاركة في التنمية الشاملة على الصعيدين الوطني‬
‫والدولي‪ ،‬ضمن آفاق استكمال تحقيق أهداف األلفية للتنمية وتحويلها ألهداف التنمية المستدامة ضمن أجندة‬
‫ما بعد ‪.5102‬‬
‫لذا فمن خالل هذه النتائج المتوصل إليها – وتحليال للحاضر واستقراء للمستقبل ‪ -‬يمكن القول أنه في حالة‬
‫استمرار الوضع االقتصادي على ماهو عليه فإن هذه االحتجاجات لن تتوقف ‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن‬
‫المؤشرات العامة للمستوى المعيشي في الجزائر في تدهور يزيد يوما بعد ‪ ،‬حتى وان كانت الوضعية‬
‫اإلقتصادية للبالد مريحة نسبيا‪ ،‬هو زيادة تكريس لشعار "دولة غنية وشعب فقير" فهذا اليحول دون تهديد‬
‫استقرارها السياسي‪ ،‬فسياسة استشراء السلم االجتماعي على حساب التنمية الحقيقية هي سياسة مفخخة غير‬
‫معلومة العواقب‪ ،‬وهو ما يفتح مجال للتساؤل التالي ‪ :‬إلى أي مدى سيصمد النظام السياسي الجزائري في‬
‫ظل تزايد ارتدادات األوضاع الداخلية واالقليمية؟‬

‫‪97‬‬
‫قائـمة المـراجع‬

‫قائـمة المراجع ‪:‬‬


‫القرآن الكريم ‪.‬‬
‫‪-1‬الكتب‪:‬‬
‫‪( -1‬االقداحي)‪ ،‬هشام محمود ‪ ،‬اإلستقرار السياسي في العالم المعاصر‪ ،‬ملحق خاص بالمصطلحات السياسية‪٬‬‬
‫اإلسكندرية‪ :‬مؤسسة شباب الجامعة‪.2009٬‬‬

‫‪( -2‬الجابري)‪ ،‬محمد عابد ‪ ،‬فكر ابن خلدون العصبية والدولة معالم نظرية خلدونية في التاريخ اإلسالمي‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2002،‬‬

‫‪( -3‬الدباغ)‪ ،‬بشير وعبد الجبارالجرمود‪ ،‬مقدمة في االقتصاد الكلي‪ ،‬األردن‪ :‬دارالمناهج للنشروالتوزيع‪.3003 ،‬‬

‫‪( -4‬الخزرجي)‪ ،‬ثامر كمال محمد ‪،‬النظم السياسية الحديثة و السياسات العامة‪،‬دراسة معاصرة في استراتيجية‬
‫ادارة السلطة‪ ،‬عمان‪ :‬دار مجدالوي للنشر‪.3004،‬‬

‫‪( -5‬الصفار)‪ ،‬حسن موسى ‪،‬االستق اررالسياسي واالجتماعي ضروراته ضماناته ‪ ،‬بيروت‪ :‬الدار العربية للعلوم‪،‬‬
‫‪.5005‬‬

‫‪( -6‬الفهداوي)‪ ،‬فهمي خليفة‪ ،‬السياسة لعامة‪ ،‬مظور كلي في البنية والتحليل‪ ،‬الجزائر‪ :‬دارالمسيرة للطباعة‬
‫والنشر‪.3002،‬‬
‫‪( -2‬القمودي)‪ ،‬سالم ‪ ،‬سيكولجية السلطة‪ ،‬ط‪ ،3‬بيروت‪ :‬مؤسسة االنتشار العربي‪.3000،‬‬

‫‪( -8‬الكبيسي)‪ ،‬عامر خضر ‪ ،‬السياسات العامة مدخل لتطوير آداء الحكومات‪ ،‬بيروت‪:‬المنظمة العربية للتنمية‬
‫اإلدارية‪.3008،‬‬

‫‪( -9‬النجار)‪ ،‬سعيد ‪ ،‬نحو استرايتجية قومية لإلصالح االقتصادي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الشروق ‪.1991 ،‬‬

‫‪( -10‬جوارتيني)‪ ،‬جيمس ‪،‬االقتصاد الكلي‪،‬االختيارالعام والخاص‪ ،‬ترعبدالرحمان عبدالفتاح‪ ،‬السعودية‪:‬‬


‫دارالمريخ‪.1999 ،‬‬

‫‪98‬‬
‫قائـمة المـراجع‬

‫‪( -11‬هنتغتون)‪ ،‬صامويل‪ ،‬الموجة الثالثة‪ ،‬التحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين‪ ،‬تر‪:‬عبد الوهاب‬
‫علوب‪ ،‬د ب ن‪ :‬مرك ازبن خلدون للدراسات اإلنمائية‪.1993 ،‬‬

‫‪( -13‬وهان) أحمد ‪ ،‬التخّلف السياسي و غايات التنمية السياسية ‪:‬رؤية جديدة للواقع السياسي في العالم الثالث‪،‬‬
‫القاهرة ‪:‬الدار الجامعية‪.2003 ،‬‬

‫‪( -13‬حجير)‪ ،‬مبارك ‪ ،‬التوازن االقتصادي و إمكانياته للدول العربية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة األنجلومصرية ‪ ،‬د س‬
‫ن‪.‬‬

‫‪( -41‬حسين)‪ ،‬مصطفى ومحمد شفيق وأمية بدران‪ ،‬أبعاد التنمية في الوطن العربي‪ ،‬عمان‪ :‬دارالمستقبل‬
‫للنشر‪. 1995 ،‬‬

‫‪( -11‬حسين) عمر‪ ،‬التنمية والتخطيط االقتصادي‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪. 1985،‬‬

‫‪( -16‬مهنا)‪ ،‬محمد نصر ‪ ،‬النظرية السياسية والسياسة المقارنة‪ ،‬االسكندرية ‪ :‬مؤسسة شباب الجامعة ‪ ،‬د‬
‫س ن‪.‬‬

‫‪( -12‬موفق)‪ ،‬السيد حسن‪ ،‬المشكالت االقتصادية المعاصرة‪ ،‬دمشق‪ :‬مطبعة جامعة دمشق‪.1986 ،‬‬

‫‪( -18‬محي الدين)‪ ،‬عمر‪ ،‬التنمية والتخطيط اإلقتصادي‪ ،‬بيروت ‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،‬د س ن‪.‬‬

‫‪( -19‬محمود)‪ ،‬مصطفى عبد الجواد‪ ،‬األحزاب السياسية في النظام السياسي الدستوري الحديث والنظام‬
‫اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دارالفكرالعربي‪.1996 ،‬‬

‫‪( -30‬ناجي)‪ ،‬عبد النور‪ ،‬المدخل لعلم السياسة‪ ،‬عنابة‪ :‬دارالعلوم للنشر والتوزيع ‪.3002،‬‬

‫‪( -31‬نعمة)‪ ،‬هللا نجيب وآخرون‪ ،‬مقدمة في االقتصاد‪ ،‬بيروت‪ :‬الدار الجامعية‪. 1990 ،‬‬

‫‪( -33‬عثمان)‪ ،‬سعيد عبد العزيز‪ ،‬اقتصاديات الخدمات والمشروعات العامة‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫‪.3000‬‬

‫‪99‬‬
‫قائـمة المـراجع‬

‫‪( -33‬عايب)‪ ،‬وليد عبد الحميد‪ ،‬اآلثار االقتصادية الكلية لسياسة االنفاق الحكومي‪،‬دراسة تطبيقية قياسية‬
‫لنماذج التنمية االقتصادية‪ ،‬بيروت‪ :‬مكتبة حسين العصرية للنشروالتوزيع‪.3010،‬‬

‫‪( -34‬فوزي)‪ ،‬عبد المنعم‪ ،‬المالية العامة والسياسة المالية‪ ،‬اإلسكندرية‪:‬منشأة المعارف‪.1993 ،‬‬

‫‪( -31‬فرحات) محمد لطفي‪ ،‬ثورة المجتمع ‪-‬مدخل إلى علم االقتصاد‪ ، -‬ط‪ ،3‬ليبيا‪ :‬دارالجماهيرية‪.3004 ،‬‬

‫‪ ( -36‬قدي)‪ ،‬عبد المجيد ‪ ،‬المدخل للسياسات االقتصادية الكلية‪ ،‬دراسة تحليلية وتقييمية‪ ،‬الجزائر‪:‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪.3006 ،‬‬

‫‪( -52‬ثناء)‪ ،‬فؤاد عبد هللا‪ ٬‬الدولة و القوى اإلجتماعية في الوطن العربي ‪٬‬عالقات التفاعل و الصراع ‪٬‬‬
‫بيروت‪:‬مركزدراسات الوحدة العربية‪. 5002،‬‬

‫‪ ( -38‬خليل) ‪ ،‬سامي‪ ،‬نظرية االقتصاد الكلي‪ ،‬القاهرة‪ :‬وكالة األهرام للتوزيع‪.1994 ،‬‬

‫‪ /2‬دراسات غير منشورة‪:‬‬

‫أ‪ -‬الرسائل والمذكرات‪:‬‬

‫‪ -1‬دراوسي مسعود‪" ،‬السياسة المالية ودورها في تحقيق التوازن االقتصادي‪ ،‬حالة الجزائر"‪ ،‬رسالة دكتوراه (‬
‫العلوم االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة الجزائر)‪.3001 ،‬‬

‫‪ -3‬زوين إيمان‪"،‬دور الجيل الثاني من االصالحات االقتصادية في تحقيق التنمية"‪ ،‬رسالة دكتوراه(اقتصاد‬
‫ومناجمنت‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة قسنطينة)‪3011،‬‬

‫‪ -3‬زيروني مصطفى‪ "،‬النمو االقتصادي و استراتيجيات التنمية ‪-‬حالة اقتصاديات دول جنوب شرق آسيا‪،"-‬‬
‫رسالة دكتوراه (علوم اقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة الجزائر)‪.0222،‬‬

‫‪ -4‬عبد هللا بلوناس‪"،‬اإلقنصاد الجزائري‪،‬اإلنتقال من الخطة إلى السوق ومدى تحقق أهداف السياسة‬
‫االقتصادية"‪ ،‬رسالة دكتوراة (علوم اقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة الجزائر)‪.3001‬‬

‫‪100‬‬
‫قائـمة المـراجع‬

‫‪ -1‬بولحية عياش‪" ،‬دراسة اقتصادية لبرنامج دعم اإلنعاش االقتصادي المطبق في الجزائر للفترة الممتدة‬
‫مابين‪،"1002-1002‬‬
‫مذكرة ماجستير(علوم اقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة الجزائر)‪.1022‬‬

‫‪ -6‬بقدي كريمة‪" ،‬الفساد الساسي وأثره على االستقرار السياسي في شمال افريقيا‪-‬دراسة حالة الجزائر‪ "-‬مذكرة‬
‫ماجستير‪( ،‬علوم سياسية وعالقات الدولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان)‪.3013،‬‬

‫‪ -2‬جمعون نوال‪" ،‬دور التمويل المصرفي في التنمية االقتصادية"‪ ،‬مذكرة ماجستير (علوم التسيير‪،‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية والتسيير‪ ،‬جامعة الجزائر)‪.3001،‬‬

‫‪ -8‬محمد بن عزة‪" ،‬ترشيد سياسة االنفاق العام باتباع منهج االنظباط باألهداف‪-‬دراسة تقييمية لسياسة االنفاق‬
‫العام في الجزائر خالل الفترة ‪ ،"5009/2990‬مذكرة ماجستير( العلوم االقتصادية‪،‬كلية العلوم االقتصادية‬
‫والتجارية‪،‬جامعة تلمسان) ‪.5020‬‬

‫‪ -9‬سايح بوزيد‪"،‬تأهيل القطاع الزراعي الجزائري في ظل المتغيرات االقتصادية العالمية الراهنة"‪،‬مذكرة‬


‫ماجستير(علوم اقتصادية‪،‬تخصص اقتصاد التنمية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية‪،‬جامعة تلمسان) ‪،‬‬
‫‪.3002‬‬

‫‪ -10‬فريح زينب‪"،‬دور العامل االقتصادي في التوحالت السياسية الراهنة بالمنطقة المغاربية"‪،‬رسالة ماجستير‬
‫(تخصص علوم سياسية وعالقات دولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة بسكرة)‪.3013،‬‬

‫‪ -22‬سيالم حمزة‪ ،‬ولدبزيو فاتح‪"،‬فعالية السياسة المالية في تحقيق االصالح االقتصادي‪-‬دراسة حالة الجزائر‪-‬‬
‫‪ ،"1022/1000‬مذكرة ماستر(علوم اقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية ‪ ،‬جامعة البويرة)‪.1022 ،‬‬

‫‪101‬‬
‫قائـمة المـراجع‬

‫ب‪ -‬الملتقيات‪:‬‬

‫‪ -1‬مليكة بوضياف‪ "،‬الحكم الراشد و االستقرار السياسي"‪ ،‬مداخلة (ألقيت في الملتقى الدولي حول الحكم الراشد‬
‫واالستقرار السياسي‪،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الشلف)‪.3006 ،‬‬

‫‪ -3‬ناجية صالحي و فتيحة مخنان‪ "،‬أثر برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي و البرنامج التكميلي لدعم النمو و‬
‫برنامج التنمية الخماسي على النمو االقتصادي (‪ ،")3014-3001‬مداخلة ( أبحاث المؤتمر الدولي حول تقييم‬
‫أثاراالستثمارات العامة وانعكاساتها على التشغيل واالستثماروالنمو االقتصادي خالل الفترة ‪،3014-3001‬‬
‫جامعة سطيف‪ 13/11 ،‬مارس ‪.)3013‬‬

‫‪ -3‬عمرعبو و هودة عبو‪" ،‬جهود الجزائر في األلفية الثالثة لتحقيق التنمية المستدامة"‪ ،‬مداخلة (الملتقى الوطني‬
‫حول التحوالت السياسية واشكالية التنمية في الجزائر‪ :‬الواقع والتحديات‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪،‬‬
‫الشلف)‪.3011،‬‬

‫‪ -4‬مراد علة‪"،‬إشكالية األمن الغذائي في الجزائر"‪،‬مداخلة( قراءة تقييمية في السياسات الوطنية للتنمية الفالحية‬
‫وسبل تفعيل التكامل الغذائي العربي‪ ،‬الملتقى الدولي التاسع حول‪ :‬في ضوء المتغيرات والتحديات االقتصادية‬
‫الدولية‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف)‪ 34/33 ،‬نوفمبر ‪.3014‬‬

‫‪/3‬المجالت و الدوريات‪:‬‬

‫‪ -1‬عمراني كربوسة‪" ،‬المجتمع المدني في ظل الحراك العربي الراهن‪ .،‬أي دور؟ باإلشارة لحالة المجتمع‬
‫المدني في الجزائر"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة بسكرة‪ ،‬العدد‪ ،41‬سبتمبر‪.0241‬‬

‫‪ -0‬عثمان ياسين الرواف‪ "،‬تطور مفاهيم علم السياسة و تحديد الظاهرة السياسية"‪ ،‬الرياض‪:‬مجلة العلوم‬
‫االدارية‪ ،‬م‪ ،3‬ع‪.1‬‬

‫‪ -3‬محمد شلبي ‪"،‬االستقرار السياسي عند الماوردي و ألموند (دراسة مقارنة) "‪،‬المجلة الجزائرية للعلوم السياسية‬
‫واإلعالم ‪ ،‬العدد األول‪. 2001،‬‬

‫‪102‬‬
‫قائـمة المـراجع‬

‫‪ -4‬كريم زرمان‪ "،‬التنمية المستدامة في الجزائر من خالل برنامج اإلنعاش االقتصادي‪ ،"2009- 2001‬مجلة‬
‫أبحاث اقتصادية وادارية‪،‬جامعة بسكرة‪ ،‬العدد السابع جوان‪. 2010،‬‬

‫‪ -5‬بونوة شعيب‪ ،‬موالي لخضر عبد الرزاق‪ "،‬دور القطاع الخاص في التنمية االقتصادية بالدول النامية ‪،‬‬
‫دراسة حالة الجزائر"‪،‬مجلة الباحث ‪ ،‬العدد‪.2000، 00‬‬

‫‪ -6‬عبد المنعم السيد علي " دور الدولة المتغير في التنمية االقتصادية" ‪ :‬مجلة بحوث اقتصادية عربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ :‬المجلد الثالث‪ ،‬العدد الخامس‪.6996 ،‬‬

‫‪ -2‬محمد نبيل الشيمي‪ "،‬التنمية االقتصادية في الدول النامية ووسائل تمويلها"‪ ،‬مجلة الحوار المتمدن‪،‬عدد‬
‫‪.3138،3008‬‬

‫‪ -8‬رائد نايف حاج سليمان‪"،‬االستقرار السياسي ومؤشراته"‪ ،‬مجلةالحوارالمتمدن‪،‬عدد‪،3193‬مارس‪.3009‬‬

‫‪ -9‬جريدة الحياة العربية يوم ‪.1023 /09 /12‬‬

‫‪ -20‬جريدة المواطن‪.1009/02/00 ،‬‬

‫‪ -11‬النهار الجديد‪.1021/02/12 ،‬‬

‫‪ /4‬التقارير‪:‬‬
‫‪ -1‬المجلس الوطني االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬تقرير حول الظرف االقتصادي و االجتماعي للسداسي الثاني من‬
‫سنة ‪ ،1002‬الدورة العامة التاسعة عشرة‪ ،‬نوفمبر ‪.1002‬‬
‫‪ -3‬المجلس الوطني اإلقتصادي واإلجتماعي ‪ ،‬تقرير حول الظرف اإلقتصادي واإلجتماعي للسداسي الثاني من‬
‫سنة ‪ ، 1003‬الدورة العامة ‪ ، 12‬جوان ‪.1002‬‬
‫‪ -3‬بيان إجتماع مجلس الوزراء‪ " ،‬برنامج التنمية الخماسي‪ ، " 1022-1020‬الجزائر‪. 1020 ،‬‬
‫‪ -2‬بيان السياسة العامة للحكومة‪ ،‬الملحق‪ ،4‬أكتوبر‪.2010‬‬

‫‪ -0‬بنك الجزائر‪ ،‬التقريرالسنوي للمؤشرات االقتصادية للجزائر‪.1020،1020-1000‬‬

‫‪103‬‬
‫قائـمة المـراجع‬

:‫المراجع االلكترونية‬/5

‫ "االنشقاقات الحزبية وأثرها على االستقرار السياسي في السودان الجبهة‬،‫ محمد ضياء الدين محمد‬-1
http://www ;soudan ;politique.com.doc :‫مأخوذ من‬، "‫االسالمية القومية نموذجا‬

http// :www.economic.essues.doc :‫من‬،"‫ "قضايا اقنصادية معاصرة‬،‫ عباس الفياض‬-3

:‫ مأخوذ من‬،"‫"ال تنمية مستدامة بدون ادارة قوامة‬،‫ مصطفى أبوبكربعيرة‬-3


http://unpan1.un.org/intradoc/images/docgifs/UNPAN-small.doc.

:‫ مأخوذ من‬،"‫ "التنمية االقتصادية بين دور الدولة و القطاع الخاص‬،‫ فالح خلف الربيعي‬-4
http://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=333

:‫ مأخوذ من‬، "‫ "احتضار الوضع االقتصادي والسياسي في الجزائر‬،‫ نوح الهرموزي‬- 5
http://minbaralhurriyya.org/index.php/archives/846.pdf
:‫ مأخوذ من‬،"‫" التنمية السياسية و عالقتها بالتنمية االقتصادية‬،‫ محمد شطب عيدان المجمعي‬-6
http://www.startimes.com/f.aspx?t=31802290

:‫المراجع األجنبية‬/6

1- Abdelatif Benchenhou , pour une meilleure croissance ,Paris : alpha design ,2008.
2- Frederic mishkin, Monnairie, Banques et marchés financieres, 7eme éd,
France .2004.

3-Gregory N. Mankiw, Macroéconomie, Bruxelle: boek université, 2006.

4- Philippe Darreau, croissance et politique économique.1e éd, Boek université , 2003 .

5- Spyros Economides & Peter Wilson, The Economic Factor in International Relations, New

York: I.B.Tauris Publishers, 2001.

6- Bilan du programme de soutien de la relance économique, Septembre 2001 à Décembre 2003.


7- Plan de la relance économique, les composantes du programme, Septembre 2001 à Décembre
2003.

104
‫فهـرس الجداول واألشـكال‬

‫فهرس األشكال والجداول‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫العنــــوان‬

‫‪02‬‬ ‫مخطط توضيحي لسياسة اإلنعاش‬ ‫الشكل(‪)10‬‬


‫‪02‬‬ ‫شكل يوضح سياسة التوقف ثم الذهاب‬ ‫الشكل(‪)10‬‬
‫‪94‬‬ ‫األهداف والسياسات واألغراض الوسيطية في برامج االستق ارراالقتصادي‬ ‫الشكل (‪)30‬‬
‫الكلي‬

‫‪58‬‬ ‫توزيع الناتج المحلي اإلجمالي حسب القطاعات في الجزائر لسنة‬ ‫الشكل (‪)40‬‬
‫‪.2008‬‬

‫‪78‬‬ ‫تطورمعدل البطالة اإلجمالية وبطالة الشباب في الجزائر ‪2009-‬‬ ‫الشكل (‪)40‬‬
‫)‪.(%).)2001‬‬
‫‪00‬‬ ‫مقارنة بين السياسة اإلقتصادية الظرفية والهيكلية‬ ‫الجدول (‪)10‬‬

‫‪27‬‬ ‫عرض مقومات برنامج االنعاش االقتصادي (‪)1002-1002‬‬ ‫الجدول (‪)10‬‬

‫‪22‬‬ ‫المخصصات المالية لمحاوربرنامج التكميلي لدعم النمو(‪)0112-0112‬‬ ‫الجدول (‪)10‬‬

‫‪48‬‬ ‫حصيلة المشاريع المنجزة في نهاية سنة‪.1002‬‬ ‫الجدول(‪)02‬‬

‫‪48‬‬ ‫تطور واردات الجزائرمن السلع‪( 1020/1000‬دوالر امريكي)‬ ‫الجدول(‪)00‬‬

‫‪48‬‬ ‫تطـورات هياكل الصحة العمومية (‪.)1001-2111‬‬ ‫الجدول(‪)00‬‬

‫‪015‬‬
‫فه ـ ـرس المحتويات‬

‫‪ ..........................................................................‬أ‬ ‫مقدمـ ــة‬

‫الفصل األول ‪ :‬االطار المفاهيمي والنظري للدراسة‪....................................‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬ماهية السياسات العامة االقتصاديـة ‪90 ................................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف السياسات الع ـ ـ ـامة ‪90 .........................................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تعريف السياسات العامة االقتصادية ‪31 ................................................‬‬


‫المطلب الثالث ‪ :‬أنواع السياسات العامة االقـتصادية ‪31 ..................................................‬‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬أهداف السياساات العامة االقتصادية ‪30 ................................................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬ماهـية االستقرار السيـاس ـي‪31...........................................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف االستقرار السيـاس ـي ‪31 .........................................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مقومات االستقرار السيـاسي ‪32 ........................................................‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬مؤشرات االستقرار السياسي ‪19 ........................................................‬‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬معيقات االستقرار السياسي‪11 ..........................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي‪.....‬‬

‫المبحث األول‪ :‬عالقة االستقرار االقتصادي بالسياسات العامة االقتصادية‪10 .............................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬عالقة التوازن االقتصادي باالستقرار اإلقتصادي ‪10 ......................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عالقة االستقرار االقتصادي باالستقرار الخارجي‪13 ......................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬دور اإلستقرار االقتصادي في التنمية االقتصادية‪12 .....................................‬‬

‫‪106‬‬
‫فه ـ ـرس المحتويات‬

‫المبحث الثاني‪ :‬عالقة التنمية االقتصادية باالستقرار السياسي‪19 ..................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬عالقة االق ـتصاد بالسياسـة‪19 .....................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التنمية االقتصادية بين دورالدولة والقطاع الخاص‪65 ...............................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬دور التنمية االقتصادية في تحقيق االستقرار السياسي‪29 ..........................‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر‪ 0202-0222‬على اإلستق اررالسياسي‪..‬‬

‫المبحث االول‪ :‬أهم السياسات العامة االقتصادية في الجزائرخالل الفترة (‪68 .......... )3931-3999‬‬

‫المطلب األول‪ :‬برنامج دعم االنعاش االقتصادي (‪68 .............................. )1002-1002‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المطلب الثاني‪ :‬البرنامج التكميلي لدعم النمو (‪72 ................ )1002-2005‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المطلب الثالث‪ :‬برنامج التنمية الخماسي (‪78 ..................... )1022-1020‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬انعكاسات السياسات العامة االقتصادية (‪83 ........................ )3931-3999‬‬

‫المطلب األول‪ :‬االنعكاسات اإلقتصاديـة ‪83 ........................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االنعكاسات اإلجتماعيـة ‪82 .......................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬االنعكاسات السيـاسيـة ‪80 .........................................................‬‬


‫خاتمة واسـتنتاجـات‪01 .............................................................................‬‬

‫قائمة المراجـ ـع‪08 .................................................................................‬‬

‫فهرس األشكال والجداول ‪391 ....................................................................‬‬

‫فهرس المحتويات ‪392 ...........................................................................‬‬

‫‪107‬‬
‫ملخص‬
‫تعالج هذه الدراسة موضوع السياسات العامة االقتصادية وتأثيرها في االستقرار السياسي من خالل حالة‬
‫ نظ ار ألهمية كل من السياسات العامة واالستقرار السياسي في مجريات الحياة العامة لالفراد وللنظام‬،‫الجزائر‬
‫ و يبرز ضرورة تبني النظام السياسي لسياسات رشيدة‬،‫ وهو ما يؤكد العالقة الوثيقة بينهما‬،‫السياسي حد سواء‬
‫ للحفاظ على استقرار الدولة االقتصادي ومن ثم تحقيق‬،‫تتماشى مع متطلبات التنمية على كافة المستويات‬
‫ لذا فقد تمحورت الدراسة حول السياسات العامة االقتصادية من خالل تعريفها ومعرفة‬،‫االستقرار السياسي‬
‫ ثم دراسة االستقرار السياسي من خالل تحليل مؤشراتة ومحددات عالقته بالتنمية‬،‫مجمل العوامل المؤثرة فيها‬
‫ وصوال إلى دراسة تأثير السياسات االقتصادية في الجزائر‬،‫االقتصادية ومن ثم عالقته بالسياسات االقتصادية‬
‫) في االستقرار السياسي من خالل البرامج االقتصادية التنموية و انعكاساتها على الوضع‬0202-0222(
‫ والتي حتى وان كانت هناك نتائج ملموسة إال أنها لم تكن بالشكل‬،‫ االجتماعي و السياسي للبالد‬،‫االقتصادي‬
.‫المناسب خاصة من الناحية اإلجتماعية والسياسية‬

‫ التنمية‬،‫ االقتصاد الوطني‬،‫ االستقرار االقتصادي‬،‫ االستقرار السياسي‬،‫ السياسات العامة‬:‫الكلمات المفتاحية‬
....‫االقتصادية‬
Abstract

This study addressed the subject of economic policy and its impact on the political
stability through the case of Algeria, given the importance of all of public policy and
economic stability in the course of public life for individuals and political system alike,
which underlines the close relationship between them, and highlights the need to adopt a
political system of the policies of rational line with development at all levels
requirements, to maintain an economic stability and then political stability, so the study
on the economic policy centered around the recognition and knowledge of the overall
factors affecting it, then study political stability through its indicators and determinants
analysis of its relationship to economic development and then its relationship to
economic policy , right down to study the impact of economic policies in Algeria (2000-
2014) in political stability through economic development and its implications programs
on the economic situation, social and political of the country, and that even though there
are concrete results, but they were not as especially appropriate in social and political
terms.

Key words: public policies, political stability,, economic stability the national economy,
economic development.....

You might also like