Professional Documents
Culture Documents
السياسة العامة الاقتصادية وتأثيرها على الاستقرار السياسي-دراسة حالة الجزائر
السياسة العامة الاقتصادية وتأثيرها على الاستقرار السياسي-دراسة حالة الجزائر
عنـــوان المـــذكـــرة:
السياسة العامة االقتصادية وأتثريها على االستقرار السياسي
دراسة حالة اجلزائر
الحمد هلل الذي أنعم علينا بالعقـل والسداد والتوفيق إلنجاز هذه المذكرة.
شكر خاص موصول لألستاذ جدو فواد على طيب عطائه وحسن معونته.
مقدمـة
تلعب السياسة العامة دو ار بالغ األهمية في تشكيل الحاضر ووضع األسس األولى للمستقبل للنهوض بالدولة
و تنميتها في كل المجاالت والنواحي ،فإنها حظيت باهتمام متزايد من طرف الباحثين الغربيين لحد جعل منها
تخصصا قائما بذاته خصصت له برامج ودراسات و حوليات و نشريات علمية ساهمت بدرجة كبيرة في ترشيد
عملية صنعها وتنفيذها ،وهذا ما نجده في الدول المتقدمة أين تحظى السياسة العامة بقدر من األهمية،
خاصة في الصنع والتنفيذ مما ينعكس على كافة مستويات التنمية في هذه الدول ،وبالتالي تحقيق أعلى
درجات االستقرار السياسي فيها .
كما يعتبر االستقرار السياسي من بين أهم األهداف التي تسعى الدول إلى تحقيقها والوصول إليها ،فاالستقرار
السياسي هو نتاج تفاعالت جملة من المتغيرات السياسية واالقتصادية واألمنية ،باإلضافة إلى الظروف
الدولية وان كان المتغير الداخلي له من األهمية بما كان في تحقيق هذا االستقرار.
كما تشير العديد من الدراسات إلى ضرورة تبني سياسات عامة رشيدة تتماشى مع المتطلبات الداخلية
والتحوالت الدولية في إطار تحقيق االستقرار السياسي وفق األطر العلمية وأساليب منهجية تسمح بتجسيد أهم
األهداف بغية الوصول إلى تحقيق االستقرار السياسي.
وتعتبر الجزائر من بين الدول التي تبنت هذه اإلستراتيجية في إطار السعي إلى تحقيق التنمية على جميع
مستوياتها وكذا االستقرار السياسي ،أين عمدت إلى تبني العديد من السياسات خاصة منذ بداية حكم الرئيس
عبد العزيز بوتفليقة ،بحيث تنوعت البرامج والسياسات الهادفة إلى تحقيق االستقرار السياسي.
أهمية الدراسة:
يعتبر موضوع السياسات العامة من بين المواضيع التي يهتم بها حقل العلوم السياسية ،كما يحظى باهتمام
الباحثين واألكاديميين في فهم وتحليل السياسات العامة من منطق أنها األساس لتحقيق التنمية بجميع
مستوياتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية.
أ
مقدمــة
كما ترتكز أهمية هذه الدراسة على متغير أساسي هو اإلستقرار السياسي ،من خالل البحث في عن سبل
تحقيقه والوصول إلية خاصة في ظل تفاعالت النظام الدولي الجديد.
تعتبر السياسات العامة في الجزائر من بين المواضيع التي تحظى بنقاش عالي جدا ،وذلك ألهميته
وضرورته من أجل الخروج بالجزائر إلى الوضعية االقتصادية والسياسية المالئمة ووفق متطلبات التنمية
المستدامة.
ـ معرفة تأثير السياسات العامة االقتصادية على االستقرار السياسي في الجزائر خاصة في ظل ما تعرفه
الساحة الداخلة واالقليمية من تحوالت.
ب
مقدمــة
أ-أسباب موضوعية:
-طبيعة التخصص الدراسي تحتم علينا دراسة المواضيع ذات الصلة ،خاصة وأن الموضوع المدروس في
صلب التخصص العلمي.
-موضوع السياسات العامة من المواضيع الحيوية كونها تمثل جزء مهم في الحياة السياسية للمواطن ،والتي
عرفت والتزال تحوال في الجانب األكاديمي والمنهجي ما يدفعنا إلى البحث والتعمق في دراستها.
-أهمية االستقرار السياسي الذي يعتبر كمطلب رسمي وجماهيري مما يدفعنا إلى دراسته وفهمه.
أسباب ذاتية:
-الرغبة الذاتية والعلمية في دراسة هذا الموضوع من خالل البحث والتعمق فيه إلثراء الرصيد المعرفي
الخاص من جهة واثراء المكتبة بمرجع جديد في موضوع ضمن التخصص.
-بحكم إنتمائي الوطني ودارس للعلوم السياسية؛ دفعني هذا إلى تقديم دراسة بسيطة تساعد على قراءة
أسباب تحقيق اإلستقرار السياسي من خالل السياسات العامة االقتصادية.
منهج الدراسة :تعتبر دراستنا هذه وصفية تحليلية ،وتعتمد على منهج أساسي وهو منهج دراسة الحالة الذي
يهدف إلى نقطتين أساسيتين؛ األولى التعمق والثانية اإلستدالل من خالل اإلستقراء من الخاص إلى العام،
وهذا ما اعتمدناه في دراستنا هذه ،ألنه يحتم علينا إسقاط السياسات العامة االقتصادية ودورها في اإلستقرار
السياسي من خالل حالة الجزائر.
الدراسات السابقة :سنتطرق إلى بعض الدراسات التي تناولت موضوع دراستنا ولو بجانب معين منه.
* دراسة عبد المجيد بوزيدي تحت عنوان "تسعينات االقتصاد الجزائري" سنة ،0111حيث يرى الباحث أن
تسعينات القرن الماضي هي منعرج االقتصاد الجزائري ،وكذلك حتمية االنفتاح االقتصادي وابراز السياسات
االقتصادية إلرساء المعالم الجديدة للنظام االقتصادي واقتصاد السوق.
ج
مقدمــة
* دراسة بن سمينة دالل تحت عنوان " تأثير السياسات االقتصادية على تنمية االستثمارات األجنبية المباشرة في
ظل التحوالت االقتصادية-الجزائر ،-حيث ترى الباحثة في الموضوع أن الجزائر تبنت جملة االصالحات
االقتصادية بعد أزمة 0191وهذا بالتعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين ،نجحت من خاللها في تحقيق توازن
اقتصادي ،ثم مواصلة االصالحات االقتصادية تنفيذا لبرامج التنمية الشاملة.
* دراسة فريح زينب" :دور العامل االقتصادي في التحوالت السياسية الراهنة بالمنطقة المغاربية " ،0202
حيث ترى أن العامل االقتصادي لعب دو ار بار از في التحوالت التي حدثت في المنطقة ومدى تأثيره على
االستقرار السياسي ،السياسات االقتصادية هي أساس باقي السياسات العامة في باقي المجاالت.
منهجية الدراسة :لقد اعتمدنا في دراستنا هذه منهج دراسة الحالة نظ ار لتناسبه مع موضوع الدراسة ،اضافة
إلى التحليل ومن ثم االستقراء من العام الى الخاص وهذا من خالل التطرق إلى تأثير السياسات العامة
االقتصادية على االستقرار السياسي في الجزائر.
تقسيم الدراسة :انطالقا من متغيرات اشكالية الدراسة والمتمثلة في السياسة العامة االقتصادية واالستقرار
السياسي والتنمية االقتصادية كحلقة وصل بينهما ،فقد قسمنا دراستنا هذه كالتالي:
* الفصل األول :إطار مفاهيمي ونظري للدراسة ،تناولنا فيه في المبحث األول ماهية السياسات العامة
االقتصادية ،من خالل تعريف السياسات العامة ثم السياسات العامة االقتصادية ،باإلضافة إلى أنواعها
وأهدافها ،أما في المبحث الثاني تطرقنا إلى ماهية االستقرار السياسي.
* الفصل الثاني :تناولنا فيه عالقة السياسات العامة االقتصادية؛ من خالل محددات العالقة بين االستقرار
االقتصادي والسياسات العامة االقتصادية في مبحث أول ثم عالقة االستقرار السياسي باالستقرار االقتصادي
والتنمية االقتصادية في المبحث الثاني.
* الفصل الثالث :وهو محور دراستنا فتطرقنا فيه إلى عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي
في الجزائر ،وذلك في مبحثين؛ األول تناولنا فيه أهم السياسات االقتصادية في الجزائر (، )0202-0222
ثم االنعكاسات االقتصادية واالجتماعية والسياسية لهذه السياسات في المبحث الثاني.
د
خطـة الدراســــــة
مقدمـ ــة
ه
خطـة الدراســــــة
خاتمة و استنتاجات
و
.
تمهيد
يعتبر موضوع السياسات العامة بشكل عام والسياسات االقتصادية بشكل خاص من أهم المواضيع التي
تم التطرق إليها من طرف العديد من الباحثين والمفكرين في مجال العلوم السياسية واالجتماعية ،واضافة
إلى ذلك فإن موضوع اإلستقرار السياسي هواآلخر حظي باهتمام كبير من خالل الدراسات والتحليالت
الفكرية التي تطرق إليها عدة أساتذة وباحثين ،وهذا نظ ار إلرتباطهما بشكل كبير بالحياة العامة ألفراد
المجتمع من جهة والنظام السياسي من جهة أخرى .وانطالقا من هذا فإننا سنتطرق في هذا الفصل
المفاهيمي والنظري إلى كل من السياسات العامة االقتصادية واالستقرار السياسي كونهما المتغيرين
األساسيين للدراسة ،وهذا في مبحثين؛ األول نتناول فيه ماهية السياسة العامة االقتصادية( ،من خالل
التطرق إلى تعريف السياسات العامة ،ثم السياسات العامة اإلقتصادية ،أنواعها وأهدافها) ،أما في المبحث
الثاني فسنتطرق فيه لماهية اإلستقرار السياسي( ،من خالل تعريف االستقرار السياسي ،ثم مقوماته،
مؤشراته ومعيقاته).
8
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
عرف مجال السياسات العامة كغيره من المجاالت المعرفية في العلوم االجتماعية بصفة عامة والسياسية
بصفة خاصة تحليالت ودراسات من طرف العديد من المفكرين والباحثين ،وهو ما قاد إلى التطرق إلى
مواضيع أخرى ذات صلة ،من بينها موضوع السياسات العامة االقتصادية ،والتي سنتطرق لها في هذا
المبحث.
على الرغم من حداثة مصطلح السياسات العامة ومحدودية الدراسات والبحوث في هذا المجال مقارنة بما
كتب عن غيره من المصطلحات السياسية واالدارية .كما أن دراسته كتخصص ال تزال ناشئة وحديثة على
مستوى األقطارالعربية ،فإن هناك العديد من التعريفات والمفاهيم التي قدمت له من طرف مجموعة من
الباحثين والمفكرين في حقل العلوم السياسية ،ومع أن هناك تباين واختالف في الكلمات والمعاني التي تحملها
هذه التعريفات من حيث درجة تركيبها وبساطتها وكذا غموضا ووضوحها إال أن هناك في كل تعريف شيء
ما يعبر عن ماهية السياسات العامة ومضامينها المختلفة.
فبعض التعريفات تشبه السياسات العامة بالقوانين واألنظمة ،بينما تشبهها تعريفات أخرى بالق اررات تارة
وباالستراتيجيات تارة أخرى.
إن بعض التعريفات تبرزالمحتوى االيجابي الذي يقرر ويوجه بالتصرف الذي يلزم الجهات المعنية بوضع
البرامج والخطط وتقديم الخدمات ،بينما تبرز األخرى النهي واإلمتناع والكف عن التدخل أو القيام ببعض
1
التصرفات والمنهيات ،بل إن السكوت ذاته قد يعتبر سياسة عامة بموجب بعض التعريفات.
إضافة لذلك فإن من التعريفات ما يربط السياسات العامة باألهداف الكبرى المستقبلية فيما تقتصر تعريفات
أخرى على األساليب والوسائل الموجهة لمعالجة المشكالت وتلبية الحاجيات المجتمعية.
-1عامر خضر الكبيسي ،السياسات العامة مدخل لتطوير آداء الحكومات ،بيروت:المنظمة العربية للتنمية اإلدارية،8002،
ص.5
9
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
ولقد تطورت مفاهيم السياسات العامة في ضوء المنظورات الفكرية الحديثة لعلماء السياسة واإلدارة العامة
واإلجتماع ،ومن خالل توجهاتهم التي أولت العناية بموضوع السياسة العامة حاولوا أن يربطوا مفهوم السياسة
العامة بقضايا الشؤون المجتمعية العامة ومجاالتها على الرغم من وجود تفاوت وتباين حول األسس التي
ينطلقون منها عند بيان مواقفهم أوتعريفهم للسياسة العامة.
وسنحاول تقديم تعريفات للسياسات العامة بحسب المنطلقات الفكرية التي تمثل توجهات أصحابها من
العلماء والداعين لها.
فالقوة تمثل القدرة التي يحظى بها شخص ما للتأثير على األفراد والجماعات والق اررات ومجريات األمور بشكل
يميزه عن غيره نتيجة المتالكه لواحد أوألكثر من مصادر القوة المعروفة مثل اإلكراه ،المال ،المنصب ،الخبرة
1
والشخصية.
قد عرف هارولد الزويل السياسة العامة بأنها ":من يحوز على ماذا ؟ متى؟ وكيف؟" من خالل نشاطات
تتعلق بتوزيع الموارد والمكاسب والقيم والمزايا المادية والمعنوية وتقاسم الوظائف والمكانة اإلجتماعية بفعل
2
ممارسة القوة أوالنفوذ ،والتأثير بين أفراد المجتمع من قبل المستحوذين على مصادر القوة.
فمنظورالقوة يعكس إمكانية الصفوة في حصولها على القيم الهامة عبر التأثيرعلى اآلخرين ،ويمكن
للسياسات العامة أن تكون انعكاسا لوجهة نظر وارادة أصحاب النفوذ والقوة ،غيرأن هذا المنظور وجهت له
انتقادات من طرف كثير من المفكرين والعلماء الذين ال يرون أن القوة لوحدها قادرة على تفسير كل العالقات
والتفاعالت في المجتمع ،فضال على تداخل المضامين السياسية و غير السياسية للقوة من جهة وكذلك أن
3
القوة ليست العامل الوحيد الذي يتحكم في النشاطات والتفاعالت المعبرة عن جوهر السياسة العامة.
-1فهمي خليفة الفهداوي ،السياسة لعامة ،مظور كلي في البنية والتحليل ،الجزائر :دارالمسيرة للطباعة والنشر ،8002،ص.28
-2المرجع نفسه ،ص.28
-3المرجع نفسه ،ص.28
10
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
يشكل مفهوم النظام اهتماما عند دافيد استون الذي كان يرى أنه يتألف من مجموع متغيرات ذات عالقة مكثفة
وتأثير متبادل فيما بينها ،وبالتالي فإنه ينظر للسياسة العامة كنتيجة متحصلة في حياة المجتمع ،من منطلق
تفاعلها الصحيح مع البيئة الشاملة وصوال إلى الظاهرة السياسية التي يتعامل معها النظام السياسي ،فهو
يعرفها بأنها توزيع القيم في المجتمع بطريقة سلطوية آمرة من خالل الق اررات واألنشطة اإللزامية الموزعة لتلك
القيم في إطار عملية تفاعلية بين المدخالت والمخرجات والتغذية الراجعة.
وعلى نفس النحو يرى غابريال ألموند( (G.Almondبأن السياسة العامة تمثل محصلة عملية من تفاعل
المدخالت (مطالب و دعم) مع المخرجات (قدرات و ق اررات و سياسات) للتعبير عن آداء النظام السياسي
في قد ارته (االستخراجية ،التنظيمية ،التوزيعية ،الرمزية،االستجابية والدولية) من خالل الق اررات والسياسات
1
المتخذة.
ويتفق معهما في هذا التوجه كل من بربارة مكلينان( )B.Mclennanالتي تعرف السياسات العامة بأنها
النشاطات والتوجيهات الناجمة عن العمليات الحكومية استجابة للمطالب المجتمعية ،وكذلك ميشيل روكسن
)(M.Roksinو زمالؤه فهم يعرفون السياسات العامة بأنها طلبات المواطنين التي يستشعرها متخذ القرار و
معالجتها عن طريق المخرجات التي تتمثل في العمليات و النشاطات والق اررات السلطوية وتفعيل دور
2
التغذية الراجعة ألغراض التعديل وألغراض االضافات .
إن هذا المنظور الذي استطاع أن يقدم نظرة كلية واسعة لحركية البيئة وتفاعل نظمها ذات التأثير المتبادل
بينها ،اضافة إلى كونه يمثل أهمية كبيرة لدى المعنيين بالسياسة العامة ،إال أنه لم يسلم من اإلنتقادات
خاصة فيما يتعلق بتناوله للقيم بصورة مطلقة دون حصرها في إطار السياسة العامة ،إضافة إلى إغفاله
-1محمد نصر مهنا ،النظرية السياسية والسياسة المقارنة،االسكندرية :مؤسسة شباب الجامعة ،د س ن ،ص.101
-2فهمي خليفة الفهداوي،مرجع سابق ،ص.22
11
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
للجوانب غير الرسمية ومدى تأثيرها على ق اررات السياسة ،وكذلك عدم عنايته بالسلوك الفردي لألشخاص
ممن لهم دور في مجريات السياسة العامة ،فضال عن تغييب واضح لفاعلية النظم األخرى.
وفي النهاية فإن هذا المنظور يفترض استم اررية وبقاء النظام السياسي والعمل بآلية منتظمة ضمن هذه الدائرة
من التفاعالت مما يعكس صالحية نسبية للتطبيق العملي ضمن البيئات المحافظة وعدم صالحيته في
1
البيئات المتحركة والثورية والمتغيرة.
بوصف الحكومة سلطة تمارس السيادة في الدولة لحفظ النظام العام وتنظيم األمور داخليا وخارجيا ،اضافة
الى أنها بنية تنظيمية تتكون من أجهزة ومؤسسات وقواعد قانونية فإن السياسة العامة يمكن النظر لها من
خالل كونها مارسة التخاذ الق اررات ورسم السياسات في سبيل صيانة بنيتها التنظيمية وممارسة أعمالها ألجل
حفظ النظام واألمن لمجتمعها داخليا وخارجيا.
فمن هذا المنطلق عرفها هنري توني-مبر از األطرالفنية-بأنها" :تلك الوسائل المعتمدة من طرف الحكومة في
2
سبيل احداث تغييرات معنية داخل النظام االجتماعي للدولة".
وثمة تعريفات متعددة أخرى لعدد من األساتذة والمفكرين العرب ومعظمها تندرج في اطار ما قدمناه من
تعريفات بحسب المنظورات الثالث ،فقد قدم مجموعة من األساتذة الذين اشتركوا في وضع معجم
المصطلحات السياسية تعريفا جيدا ومناسبا للسياسة العامة يعكس الطابع الفني والعلمي لمضمون السياسة
العامة ومحتواها ونتائجها وهو" :السياسة العامة هي مجموعة القواعد والبرامج الحكومية التي تشكل ق اررات أو
مخرجات النظام السياسي بصدد مجال معين ،ويتم التعبير عن السياسة العامة في عدة صور وأشكال منها
3
القوانين واللوائح و الق اررات االدارية واألحكام القضائية".
-1عثمان ياسين الرواف "،تطور مفاهيم علم السياسة و تحديد الظاهرة السياسية" ،الرياض:مجلة العلوم االدارية ،م ،8ع،1
ص.122
-2فهمي خليفة الفهداوي ،مرجع سابق ،ص.28
-3عثمان ياسين الرواف ،مرجع سابق.198،
12
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
هذا وان تقديم تعريف محدد بذاتة دون غيره للسياسة العامة يعتبر من األمور غير المنطقية أو المقبولة نظ ار
لتعدد المجاالت ولتباين وجهات النظر في الفلسفة واألفكار والمعارف ،لكن تجدر اإلشارة إلى أن جل
التعريفات المقدمة للسياسات العامة تتشارك في خصائص معينة من خصائص السياسات العامة ،لعل أبرزها
أن السياسات العامة هي نشاطات حكومية وأنها تسعى إلى تحقيق أهداف معينة أو تلبية للحاجات العامة
ألفراد المجتمع.
يقصد بالسياسة اإلقتصادية عامة كل ما يتعلق باتخاذ الق اررات وادارة النشاطات الخاصة باإلختيار بين
الوسائل المختلفة واآلليات المعتمدة لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية معينة ،والبحث عن أفضل الطرق
الموصلة إلى تحقيق هذه االهداف ،كما يعرفها بعض المفكرين والدارسين على أنها مجموعة االجراءات
1
الحكومية التي بموجبها يتم تحديد معالم البيئة االقتصادية التي تعمل في ظلها الوحدات االقتصادية.
وهناااك ماان يعرفهااا بأنهااا مجموعااة األدوات واألهااداف االقتصااادية والعالقااات المتبادلااة بينهااا تحاات مسااؤولية
الدولة على إعتبار أنها هي المساؤولة عان إعاداد وتنفياذ السياساات العاماة الكلياة بماا فيهاا االقتصاادية ،إضاافة
إلااى ذلااك فهااي مجموعااة التوجيهااات والتصارفات العموميااة التااي لهااا إنعكاسااات علااى الحياااة االقتصااادية ،فعلااى
ساابيل المثااال سياسااة اإلنفاااق الحكااومي والسياسااة النقديااة ،وتعباار السياسااة العامااة عاان تصاارف عااام للساالطات
2
العمومية في المجال اإلقتصادي ،كأن تتعلق باإلنتاج ،التبادل ،االستهالك وتكوين رأس المال.
فالسياسة اإلقتصادية تسعى إلى تحقيق عدد من األهداف باستعمال وسائل متعددة وآليات معينة ،وبالتالي
فهي مجموعة الق اررات المترابطة المتخذة من طرف السلطات المختصة والهادفة باستخدام مختلف الوسائل
إلى تحقيق األهداف المتعلقة بالحالة االقتصادية في األجل القصير أو األجل الطويل.
ويتضا ا ااح ما ا اان خا ا ااالل التعا ا اااريف العديا ا اادة للسياسا ا ااات العاما ا ااة االقتصا ا ااادية أنها ا ااا تتمثا ا اال فا ا ااي قيا ا ااام الدولا ا ااة
ب ا ااالخطوات واإلج ا ا اراءات الالزم ا ا اة التاا ااي تمكننهاا ااا ماا اان تحقيا ا ااق أه ا ااداف اقتص ا ااادية واجتماعياا ااة ،لهاا ااذا وجاا ااب
-1نعمة هللا نجيب وآخرون ،مقدمة في االقتصاد ،بيروت :الدار الجامعية ،1990،ص.141
عبد المجيد قدي ،المدخل للسياسات االقتصادية الكلية ،دراسة تحليلية وتقييمية ،الجزائر :ديوان المطبوعات الجامعية، -8
،8002ص.89
13
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
عل ا ااى السياس ا ااة االقتص ا ااادية الت ا ااي تنتهجه ا ااا الدول ا ااة أن تك ا ااون ق ا ااادرة عل ا ااى الوص ا ااول ال ا ااى أقص ا ااى ح ا ااد م ا اان
الكفا اااءة عنا ااد اسا ااتخدامها للم ا اوارد المتاحا ااة لتحقيا ااق أقصا ااى الغايا ااات ،أو بمعنا ااى آخا اار اسا ااتخدام أقا اال حجا اام
من الموارد لتحقيق أكبر قدر من األهداف ،وهذه الكفاءة تتوقف على أمرين أساسيين:
-تحقيق التوازن المالي للدولة حيث يتم التنسيق بين االيراد العام واالنفاق الحكومي.
1
-زيادة حجم المدخرات المحلية لحجم اإلستثمار.
إن السياسة العامة اإلقتصادية تهدف في األجل الطويل إلى الوصول إلى عدد من الغايات ،والمتمثلة في
تحقيق التضامن الوطني والعدالة االجتماعية وتقليل الالمساواة وتحسين مستوى معيشة األفراد ،ويضاف إلى
ذلك أن السياسة االقتصادية لدولة ما يمكن تحديدها على أنها مجموعة األهداف واألدوات االقتصادية
والعالقات المتبادلة بينها ،وبالتالي فإن مفهوم السياسة االقتصادية اليخرج عن األهداف المنشودة واألدوات
المستعملة والزمن الالزم لتنفيذها.
ويستخدم االقتصاديون عادة مصطلحي السياسة االقتصادية الكلية والسياسة االقتصادية الجزئية حين يفرقون
بين السياسات التي يتأثر بها االقتصاد الوطني كتلك المتعلقة باألسعار ،الرواتب واألجور ،العملة الوطنية،
اإلستيراد والتصدير ،االستثمار واالدخار وحرية التجارة وانتقال رؤوس األموال أو الديون أو المنافسة
2
واإلحتكار أو التخصيص والتأميم.
هذا وتتمثل إجراءات ومضامين السياسات االقتصادية -التي بدورها تعتبر مظه ار خاصا من مظاهر
السياسة العامة الكلية للدولة-في:
-1تحديد األهداف التي تسعى السلطات العامة لتحقيقها ،حيث تتمثل أساسا في النمو االقتصادي ،التشغيل
الكامل ،توازن ميزان المدفوعات وكذا استقرار األسعار.
-2وضع تدرج في األهداف ،ذلك أن بعض األهداف تكون غير منسجمة مع بعضها.
-8دراوسي مسعود" ،السياسة المالية ودورها في تحقيق التوازن االقتصادي ،حالة الجزائر" ،رسالة دكتوراه ( العلوم االقتصادية،
كلية العلوم االقتصادية والتسيير ،جامعة الجزائر) ، 8005 ،ص.42
ص.82 -2عامر خضرالكبيسي ،مرجع سابق،
14
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
-3تحليل اإلرتباط بين الهداف ،حيث أنه عند وضع تدرج في األهداف البد من وضع نموذج اقتصادي
يوضح العالقات بين المتغيرات االقتصادية األساسية.
-4اختيار الوسائل ،حيث ترتبط الوسيلة المختارة بالغايات المجسدة في األهداف ،وتتكون هذه الوسائل من
1
فروع السياسة االقتصادية والتي من أهمها السياسة المالية والسياسة النقدية وسياسة الصرف األجنبي.
على غرار باقي السياسات العامة في مختلف المجاالت ،تعتبر أهداف السياسات العامة االقتصادية مرنة
وغايتها تلبية الحاجات العامة وصوال في النهاية إلى تحقيق الرفاهية العامة ،ويكمن ترجمتها في أربعاة أهداف
أساسية تتمثل في:
ويعتبر الهدف األكثر عمومية بحيث يتعلق بارتفاع مستمر لإلنتاج والمداخيل ،وعادة ما يتم إعتماد الناتج
المحلي اإلجمالي كأداة لقياس النمو ،إال أن هذا المقياس قد يطرح مشاكل تتعلق بمضمون الناتج المحلي
2
اإلجمالي الخام ،وهذا راجع الختالف نظم المحاسبة الوطنية في تحديد حقل اإلنتاج.
الناتج المحلي اإلجمالي = مجموع القيمة المضافة +مجموع الرسم على القيمة المضافة
+مجموع الحقوق الجمركية.
15
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
وبالت ااالي ف ااإن النم ااو االقتص ااادي ف ااي بل ااد م ااا يتجس ااد بزي ااادة اإلنت اااج خ ااالل فتا ارة طويل ااة نس اابيا وه ااذا م ااايميز
اقتصاديات الدول المتقدمة ،ويعد اإلنتاج الصناعي والدخل الوطني والناتج الوطني ثاالث مجمعاات اقتصاادية
1
لبلد ما تحدد مدى اتساع النمو.
يعتبر التشغيل الكامل بمفهومه الواسع االستعمال الكامل لكل عوامل اإلنتاج والتاي يعاد عنصار العمال أهمهاا،
ويعرف االقتصاديون العمالاة الكاملاة بأنهاا مساتوى العمالاة التاي يتحقاق مان االساتخدام الكافء لقاوة العمال ماع
السماح لمعدل عادي من البطالة يناتج مان التغيارات الدينامكياة والظاروف الهيكلياة للبنياان االقتصاادي ،وتقسام
البطالة لثالثة أنواع:
-1بطالة احتكاكية :وهي بطالة ناشئة عن تغيرات ثابتة في اإلقتصاد تمنع العمال المؤهلين العاطلين من
اإل لتحاق بفرص العمل المتاحة ،وتنتج جراء نقص المعلومات عن فرص العمل المتاحة ،ويقل هذا النوع من
البطالة كلما زادت نسبة توفر المعلومات ومرونتها.
يمكن أن نحدد األسباب التي تؤدي إلى ظهور هذا النوع من البطالة فيما يلي:
2
-صعوبة التكيف الوظيفي الناشئ عن تقسيم العمل والتخصص الدقيق.
-2بطالة هيكلية :تعرف البطالة الهيكلية على أنها البطالة التي تنشأ بسبب اإلختالف والتباين القائم بين
3
هيكل توزيع القوى العاملة وهيكل الطلب عليها.
16
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
كما يقترن ظهورها بإحالل اآللة محل العنصر البشري أو عند وقوع تغيرات في قوة العمل كدخول المراهقين
والشباب إلى سوق العمل بأعداد كبيرة مما يؤدي إلى اإلستغناء عن عدد كبير من العمال.
وقد عرفت البلدان الصناعية المتقدمة تزايدا في البطالة الهيكلية بسبب إف ارزات النظام العالمي الجديااد والذي
تسارعت وتيرته عبر نشاط الشركات المتعددة الجنسيات التي حولت صناعات كثيرة منها إلاى الادول النامي ااة
بسبب ارتفاع معدل الربح في هذه األخيرة ،هذا االنتقاال أفقاد كثيا ار مان العماال الاذين كاانوا يشاتغلون فاي هاذه
الدول مناصب عملهم وأحالهم إلى بطالة هيكلية طويلة المدى.
-3بطالة موسمية :ينشأ هذا النوع من البطالة نتيجة ركود قطاع األعمال وعدم كفاية الطل اب الكلي على
العمل ،كما قد تنشأ نتيجة لتذبذب الدورات االقتصادية .
تعادل البطالة الموسمية الفرق الموجود بين العدد الفعلي للعاملين وعددهم المتوقع عند مستوى اإلنتاج
المتاااح وعلياه فعندما تعادل البطالة الموسمية الصفر فإن ذلك يعني أن عدد الوظائف الشاغرة خالل الفترة
1
يسااوي عادد األشخااص العاطلين عن العمل.
ولمحاربة البطالة وتحقيق التشغيل الكامل يجب أن تمس السياسة النقدية تنشيط اإلقتصاد الزيادة اإلستثمار
2
وبالتالي زيادة العمالة ،إلى جانب تنشيط الطلب الفعال.
ثالثا :التحكم في التضخم:
باعتبار أن التضخم هو بمثابة اتجاه مستمر في ارتفاع مستوى األسعار في األسواق فإنه يهدد في آن واحد
اإل ستقرار االقتصادي والسياسي ،لذا فالدولة تعمل على التأثير على األسعار عن طريق االنفاق العام بغية
تحقيق جملة من األ هداف حيث يتم هذا التأثير عن طريق إما دعم لبعض السلع الواسعة االستهالك أو عن
3
طريق توجيه النفاق العام أو زيادة االستثمار واستبعاد (تخفيض) النفقات غير المنتجة.
17
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
فالمؤش ارات االقتصااادية قااد تختاال نتيجااة عاادم الااتحكم فااي معاادل التضااخم وهااو مااا يااؤثر فااي اتخاااذ الق ا اررات
االقتصااادية ،ويسااتعمل هااذا المصااطلح لوصااف العديااد ماان الحاااالت ويختلااف حسااب مصاادر التضااخم ،مثاال
اإلرتفاع المفرط في المستوى العام لألسعار وارتفاع الدخول النقدياة وارتفااع التكااليف .وتعتبار األرقاام القياساية
األدوات األكثاار فعاليااة لقياااس التضااخم ،كمااا يعتباار ال ارقم القياسااي ألسااعار المسااتهلك مؤش ا ار احصااائيا لقياااس
تط ااور مجم ااوع أس ااعار التجزئ ااة للس االع والخ اادمات المس ااتهلكة م اان قب اال الع ااائالت ،وم اان ث اام يس ااتخدم كمؤش اار
1
التجاهات التضخم واإلنكماش االقتصادي.
-الرقم القياسي ألسعار المستهلك :من خالل تغيرات القوة الشرائية للنقود وأسعار السلع والخدمات.
-معاماال االسااتقرار النقاادي :وينطلااق هااذا المعيااار ماان النظريااة الكميااة للنقااود والتااي تاارى أن الزيااادة فااي كميااة
النقود التي ال تقابلها زيادة في الناتج تؤدي إلى الزيادة في األسعار.
-معيار فائض الطلب :من خالل الطلب الفعلي وتحديد المستوى العام لألسعار ،وذلك أن الزيادة في الطلب
2
الفعلي إذا لم تقابل زيادة في الناتج فإن هذا سيؤدي إلى تضخم.
والذي يتمثل في توازن ميزان المدفوعات* الذي يتحدد من خالل موقف اإلقتصاد القومي تجاه باقي
اإل قتصاديات ،حيث يؤدي االختالل في ميزان المدفوعات الذي يعبر في الغالب عن زيادة مديونية البالد مما
يجعلها تعيش فوق إمكاناتها وهو ما يؤدي إلى تدهور قيمة العملة ،ويتم ذلك وفق المؤشرات التالية:
18
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
-نسبة االحتياطي األجنبي للديون :وتعبر عن مدى قدرة االقتصاد على مواجهة أعباء المديونية في األوقات
الحرجة لذا فإن ارتفاع هذه النسبة يدل على وفرة في السيولة الخارجية ،ألن االحتياطي هوبمثابة هامش أمان
تلجأ إليه السلطات للحفاظ على أسعار الصرف ومواجهة االختالالت الظرفية.
-نسبة الدين الخارجي للصادرات :فالصادرات هي المصدر الرئيسي لتسديد الديون على المدى الطويل
والمتوسط ،وبقدر ماتكون نسبة خدمة الدين مرتفعة بقدر ما يواجه االقتصاد القومي خطر التوقف عن التسديد
ولهذا تحرص الدول على أن ال تتجاوز هذه النسبة 01بالمئة أي يجب أن تكون الصادرات مرتفعة لكي
1
تستمر الدولة بالسداد.
لقد تمحورت الفكرة األساسية في هذه العناصر حول األهداف الرئيسية للسياسات العامة االقتصادية والتي
تضمن بتحققها تحقيق استقرار اقتصادي كلي ،ومن خالل التطرق لها نالحظ وجود ارتباط بين مختلف هذه
األهداف ،فالبحث عن التشغيل الكامل يؤثر على معدل النمو االقتصادي من خالل زيادة االنتاجية ويؤدي
تحقيق التشغيل الكامل الى استخدام كافة الموارد االقتصادية مما يؤدي الى رفع معدالت النمو االقتصادي
2
ومستويات األسعار كما تؤدي التقلبات في مستويات األسعار إلى تقلبات مقابلة في النشاط االقتصادي.
أوال-السياسات العامة االقتصادية الظرفية :ويهدف هذا النوع من السياسات إلى إسترجاع التوازنات
االقتصادية في األجل القصير وتتبناها الدولة لسد أي عجز أوخلل في النشاط االقتصادي والذي من شأنه أن
يهدد استقرارها االقتصادي ،وتشمل أربعة أنواع تتمثل في:
19
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
-1سياسة االستقرار :وهي سياسة اقتصادية تهدف الى التحكم في النشاط االقتصادي ومنه مستوى
األسعار واألجور ،وذلك باستعمال سياسات مالية ونقدية انكماشية ،وترتكز سياسات اإلستقرار على
1
محاربة التضخم وتخفيضه.
وتعني هذه السياسة بمفهومها الواسع مجموعة اإلجراءات في المجال االقتصادي التي تقوم بها الدولة
2
للحفاظ على النظام االقتصادي في وضعه الطبيعي من خالل تقليص الضغوط االجتماعية.
-2سياسة اإلنعاش :وهي السياسة التي تهدف إلى إنعاش النشاط اإلقتصادي عن طريق زيادة
االنتاج والشغل ،وعن طريق دعم الطلب الخاص للتشغيل .وهي فكرة مستوحاة من الفكر الكينزي،
وتلجأ الدولة إلى االنعاش عن طريق االستهالك أحيانا ،و عن طريق االستثمار أحيانا أخرى ،و هو
ما يوضحه الشكل التالي:
االنعاش
زيادة الطلب
زيادة النمو
زيادة التشغيل
المصدر :وليد عبد الحميد عايب ،مرجع سابق ،ص.99
النمو
-1عبد هللا بلوناس"،اإلقنصاد الجزائري،اإلنتقال من الخطة إلى السوق ومدى تحقق أهداف السياسة االقتصادية" ،رسالة دكتوراة
(علوم اقتصادية،كلية العلوم االقتصادية والتسيير ،جامعة الجزائر) ،8005ص.804
-8عبد المجيد قدي ،مرجع سابق،ص.21
20
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
–3سياسة اإلنكماش:
رعن طريق الوسائل التقليدية ،كاالقتطاعات االجبارية وهي سياسة تهدف إلى التقليص من ارتفاع األسعار
وتجميد األجور ومراقبة الكتلة النقدية ،وتؤدي هذه السياسة إلى تقليص النشاط االقتصادي للدولة.
تستخدم هذه السياسة عادة للتأثير على النشاط االقتصادي ،وتتميز بالتناول المتسلسل لسياسة االنعاش ثم
االنكماش حسب آلية كالسيكية،1و كما هو موضح في الشكل التالي:
سياسة االستقرار
-STOP-
21
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
ثانياااا-السياساااات االقتصاااادية الهيكلياااة :وه ااي السياس ااات االقتص ااادية الت ااي تتبناه ااا الدول ااة لتحقي ااق أه ااداف
اس ااتراتيجية ،وتتمث اال أساس ااا ف ااي السياس ااات المتعلق ااة بالبني ااة االقتص ااادية األساس ااية للدول ااة وتق ااوم عل ااى أس ااس
التخطاايط ماان خااالل التكييااف الهيكلااي الهااادف إلااى تحقيااق أهااداف أساسااية ذات آثااار نوعيااة ،كمااا تهاادف إلااى
1
تغيير هيكل وبنية االقتصاد في األجل الطويل.
كماا تهادف السياساات االقتصاادية الهيكليااة الاى تكيياف االقتصااد الااوطني ماع المتغيارات االقتصاادية الحاصاالة
فااي المحاايط الاادولي ،وتمااس هااذه السياسااة كاال القطاعااات االقتصااادية ،ويكااون تاادخل الدول اة قبليااا ماان خ االل
تأطير آلياة الساوق ،الخوصصاة أو سايادة قاانون المنافساة ،كماا يمكان أن يكاون تادخل الدولاة بعاديا مان خاالل
دعاام البحااوث والتنميااة ودعاام التكااوين ،وهاذه عمومااا أهاام محاااور السياسااات العامااة االقتصااادية الهيكليااة بالاادول
المتقدمااة ،أمااا الاادول الناميااة و التااي أغلبهااا أبرماات ب ارامج اص االح اقتصااادي مااع المؤسسااات الماليااة والنقديااة
الدولية ،فإن السياسات االقتصادية الهيكلية انقسمت فيهاا إلاى سياساات التثبيات وسياساات التصاحيح الهيكلاي،
فمن المالحظ أن هذه السياسات تعارض سياسات اإلنعااش التاي تقاوم علاى أسااس التادخل الواساع فاي النشااط
2
االقتصادي وزيادة اإلنفاق الحكومي.
ومما سبق يمكن القول أن السياسات العامة االقتصادية الظرفية والهيكلية تختلف عن بعضها البعض من
حيث المدة واألهداف وكذا اآلثار الناجمة عنها ،وهو ما يوضحه الجدول التالي:
22
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
يعتبر االستقرار السياسي هدفا أساسيا تسعى كل دول العام إلى تحقيقه والمحافظاة علياه ،وهاذا نظا ار ألهميتاه
في الحياة العامة لألفراد من جهة وللنظم السياسية على اختالف أنواعها من جهة أخرى ،اضاافة إلاى أناه أحاد
عاييرلتي يحكم بها على شرعية النظام السياسي من عدمها.
الم ا
يتكون مصطلح االستقرار السياسي من كلمة االستقرار وصفته السياسي ،ويشير مفهوم االستقرار في اللغة
العربية الى القرار الثبات .فقد ورد لفظ االستقرار بمعنى السكون والثبوت في القرآن الكريم في أكثر من آية،
حيث قال هللا تعالى " :ولكم في األرض مستقر ومتاع الى حين 1."...أي مسكن وقرار ،وقال كذلك:
"أصحاب الجنة يومئذ خير مستق ار وأحسن مقيال ،2."...أي مستقرهم الجنة وفيها راحتهم التامة .
إن هذا المعنى الذي يفيد السكون والثبوت سواء في القرآن الكريم أو في قواميس اللغة العربية ،ال يختلف عن
المعنى الذي تفسره القواميس األجنبية لالستقرار.
إذ يعرف قاموس الروس ) (Larousseالفرنسي صفة االستقرار بأنها ا بقاء الحالة أوالوضعية على ما هي
3
عليه ،أو وجود حالة من التوازن المستمر ).)Equilibre durable
ومنه نتطرق الى تعريف اإلستقرار السياسي انطالقا من التعريف القائم على حالة التوازن المستمر ،فيؤكد
جان اريكالن سفانت ( :)Jan-Ericlane Svanteأنه ال يوجد تعريف منهجي إجرائي نموذجي
لالستقرارالسياسي الذي هوباألساس يرتكز على عنصري النظام واالستم اررية ،أما ليجفارت فهو يحصر
االستقرار السياسي في أربعة عناصر:
- 1اإلبقاء على النظام.
- 2النظام المدني.
23
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
– 3المشروعية.
1
- 4الفاعلية.
فاأي اساتقرار سياساي يخضاع لتاأثير ناوعين مان العوامال أولهماا تكاون لهاا آثاار اساتق اررية ،وثانيهماا آثاارغير
استق اررية ،بحيث تكون حالة النظام هي نتاج التفاعل بين هذين النوعين من العوامل ،ونتاجا لهذا كله فقاد وجاد
االختالف بين المفكرين السياسيين حاول تحدياد تعرياف موحاد لالساتقرار السياساي واختلفات ماداخل تنااول هاذه
الظاهرة من مفكر إلى آخر.
ويمكن التمييز في التحليل السياسي المعاصر بين ثالث مدارس فكرية كبرى في العلوم السياسية في دراسة
االستقرار السياسي ،حيث كل منها تتبع مفهوما معينا لإلستقرار السياسي وهي:
- 1المدرسة السلوكية :وفقا لهذه المدرسة ،فإن االستقرار يرادف غياب العنف السياسي ،والنظام السياسي
المستقر هو ذلك النظام الذي يسوده السلم وطاعة القانون والذي تحدث فيه التغيرات السياسية واالجتماعية وتتم
عملية اتخاذ القرار وفقا إلجراءات مؤسسية وليس نتيجة للعنف ..
ومن هذا المفهوم المحدد لالستقرار السياسي نجد أنه ال يصح استخدام العنف داخل كيان المجتمع الواحد مهما
كانت األحوال بغية تحقيق أهداف سياسية ،وأن اإلصالح في هذه الحالة ال يتم السعي إليه إال بأساليب سياسية
2
مدنية.
-2المدرسة البنائية الوظيفية :ترتكز هذه المدرسة على األبنية الحكومية وعلى قدرة المؤسسات السياسية على
التكيف مع المتغيرات في البيئة المحيطة واالستجابة لما تفرضه هذه البيئة من تحديات.
وقد تناول" غابريال ألموند "مفهوم اإلستقرار السياسي بناء على المسلك الوظيفي ،حيث أن هذا السلوك يرى
نموذجه في كائن حي ينزع إلى التكيف والتوازن واالستقرار وأن الخلل يعد حالة طارئة ينبغي تصحيحيها وأن
3
تكيف هذا الكائن أو النظام السياسي وتوازنه واستق ارره دليل على حيويته.
24
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
-3المدرسة النظمية :تنطلق هذه المدرسة من منهج التحليل النسقي أو التحليل النظمي ،وحسب المدرسة
فاالستقرار السياسي هو مرادف لحكم النظام واإلبقاء عليه ،كما أنه يعني القدرة على التكيف مع الظروف
واألوضاع والمتغيرات الجديدة ،فاالستقرار السياسي هنا يشير إلى موضوعية المؤسسات والهياكل في المجتمع،
كما يعني حياد مؤسسة الخدمة واإلنتاج عن تقلبات السلطة وفصل هذه المؤسسات عن اللعبة السياسية في
1
الداخل والخارج ،وعدم استغاللها لكسب مواقف ذاتية تجعل منهذه المؤسسات أدوات غير مستقلة.
إذن فالمدرساة النظمياة أو النساقية فاي تعريفهاا لالساتقرار السياساي ركازت علاى النظاام ككال حياث نظارت إلاى
االستقرار من زاوية قدرة مؤسسات النظام على البقاء واالستم اررية وقدرتها على مواجهة التحديات المختلفة من
أجل الحفاظ على استقرارها واستم ارريتها.
ومن خالل آراء هذه المدارس الثالث ،يمكن تعريف االستقرار السياسي على أنه" :عملية التغير التدريجي
المنضبط والتي تتسم بتضاؤل العنف السياسي وتزايد الشرعية والكفاءة في قدرات النظام".
كما يمكن تعريف االستقرار السياسي إجرائيا على أنه ":عدم استخدام العناف ألغاراض سياساية ،ولجاوء القاوى
والجماعات السياسية إلى األساليب الدستورية في حل الصراع ،وقدرة مؤسسات النظام السياسي على االستجابة
2
للمطالب المقدمة إليه والنابعة من البيئة الداخلية والخارجية للنظام ".
كما يعرفه حسن موسى الصفار ":االستقرار السياسي واإلجتماعي يعني وجود نظام مقبول قائم بين قوى األمة
وأطرافها ويقابل ذلك حالة االضطراب ،حين تختل عالقة األطرف مع بعضها فيقع بينها العداء والنزاع
3
واالحتراب (الحرب)".
وعلى النقيض من مفهوم االستقرار السياسي نجد الالاستق اررالسياسي الذي يمكن تعريفه بحالة من عدم
االستق اررأوحالة التغير السريع غير المحكوم وغير المنضبط ،والتي تتسم بتزايد العنف السياسي من أجل خدمة
أغراض سياسية مشبوهة وهذا ما يؤدي إلى تناقص في الشرعية و انخفاض في قدرات وأداء النظام ،وعليه فإن
25
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
أنظمة االستقرار السياسي هي األنظمة التي تنتقل من حال آلخر في الحكم واإلدارة ،في السياسة واالقتصاد
1
وفي االجتماع والثقافة.
ويقدم حمدي عبد الرحمن حسن تعريفا آخر لمفهوم عدم االستقرار السياسي وهو" :عدم مقدرة النظام السياسي
على تعبئة الموارد الكافية الستيعاب الصراعات في داخل المجتمع ،بدرجة تحول دون وقوع العنف فيه ،فالعنف
2
حسب هذا التعريف إحدى ظواهر عدم االستقرار السياسي مهما كانت مظاهره".
ويمكن أن نستخلص من هذا كله أن االستقرار السياسي هو غاية التتحقق إال بتظافر جهود النظام السياسي
وأفراد المجتمع على حد سواء.
اضافة إلى أنه مفهوم قائم على القدرة على التغيير المنتظم الذي يعمل على تطوير وتدعيم قدرات النظام
السياسي واالرتفاع بقدرته على استيعاب األنماط المتغيرة من المتطلبات السياسية والتنظيمية ،فضال عن
مهارته في التعامل مع األنماط الجديدة والمتغيرة من المشكالت التي قد تصدرعنه ،وبذلك يتسنى له التحكم في
عمليات التغيير االجتماعي والسياسي في إطارمنظم وسلمي.
المطلب الثاني :مقومات االستقرار السياسي
يتوقف استقرار اي نظام سياسي على مدى انسجامه وتفاعله مع البيئة التي يوجد فيها ،وبحكم هذا االرتباط
فإنه توجد عوامل أو مقومات ومتطلبات تمثل ركائز ضرورية كلما زادت درجة انسجامها كلما زادت درجة
االستقرار السياسي.
أوال-المقومات السياسية:
فمن المتطلبات األساسية الستقرار النظام السياسي وتكيفه وجود أبنية سياسية متمايزة االختصاصات ،فقدرات
النظام وكفاءته تزداد كلما تمايزت أبنيته واستقلت ،وكذا امتالكه ألنظمة فرعية مستقلة تقوم بالتعبير عن
المصالح المختلفة من جهة ومراقبة السلطة الحاكمة من جهة أخرى.
كما يستلزم االستقرار السياسي حيازة السلطة الحاكمة على الشرعية السياسية ،فالحكومة التي تتمتع بشرعية
3
عالية تتصف بفاعلية كبيرة في صناعة السياسيات وتنفيذها.
-1مليكة بوضياف "،الحكم الراشد و االستقرار السياسي" ،مداخلة (ألقيت في الملتقى الدولي حول الحكم الراشد واالستقرار
السياسي،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة الشلف) ، 8002 ،ص.04
-2بقدي كريمة ،مرجع سابق ،ص.52
ص.121 -3محمد شلبي ،مرجع سابق،
26
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
بحيث يرى ماكس فيبر) (Max Weberأن النظام الحاكم يكون شرعيا عند الحد الذي يشعر فيه مواطنوه
على أن ذلك النظام صالح ويستحق التأييد والطاعة .
ومنه فإن الشرعية تساهم في استقرار الحالة بين الحكام والمحكومين ،وهذا ما يؤدي الى استقرار الحالة أيضا
في الجتمع بالكامل مادام هذا المفهوم راجعا إلى واقع الرضا الفعلي والقبول وليس إلى اإلكراه.
فالشرعية هي األساس الذي يبنى عليه كل حكم مستقر ،والتي بدونها -كما يقول ماكس فيبر-بأنه يصعب
1
على أي حكم أو نظام امتالك القدرة الضرورية على إدارة الصراع بالدرجة الالزمة لكي يستقر لفترة طويلة.
ومن جهة أخرى فإن تحقيق أي استقرار سياسي يتطلب وجود مشاركة سياسية في عملية صناعة القرار
السياسي على اعتبار أنها اآللية األساسية الرساء البناء المؤسسي للدولة ،اضافة إلى أنها تشكل إطا ار للعملية
السياسية وأداة للمحافظة على االستقرار السياسي ،ومن ذلك يربط" هنتنغتون "بين المشاركة السياسية
واالستقرار السياسي ويرى أن ضرورة تحقيق االستقرار السياسي تتطلب بناء المؤسسات السياسية التي تنظم
2
المشاركة السياسية وتحول دون انعدام االستقرار.
وعليه فإن استقرار أن نظام سياسي يتوقف على العالقة بين مستوى المشاركة السياسية من جهة و درجة
المؤسساتية من جهة أخرى ،فكلما ارتفع مستوى المؤسساتية مقابل المشاركة السياسية كانت حظوظ تحقيق
االستقرار السياسي أوفر والعكس نقيض ذلك ،باعتبارأن المأسسة السياسية تمثل في آن واحد بناء سلطة
سياسية قومية تتضمن المساواة بين المواطنين واقامة نظام قانوني مبني على أساس احترام الحقوق العامة
وتوزيع المهام على أساس الكفاءة والتفوق والقدرة على االنجاز وتنمية بنى متخصصة والعمل على توسيع
3
مشاركة الجماعات االجتماعية في الحياة السياسية العامة.
ومنه فإن المقومات السياسية األساسية لالستقرار السياسي ترتكز أساسا على الشرعية السياسية والمشاركة
السياسية والمؤسساتية السياسية ،وأي تفاعل وانسجام فيما بينها يحقق االستقرار السياسي ويدعمه.
-1ناجي عبد النور ،المدخل لعلم السياسة ،عنابة :دار العلوم للنشر والتوزيع ،8002،ص.121
-2بقدي كريمة ،مرجع نفسه ،ص.28
-3ثامر كمال محمد الخزرجي،النظم السياسية الحديثة والسياسات العامة ،دراسة معاصرة في استراتيجية إدارة السلطة،
عمان :دار مجدالوي للنشر ، 8004،ص.124
27
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
28
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
إال أن هذا الرأي-حسب وجهة نظر الباحث -ال يمكن اعتماده بشكل مطلق وذلك لحدوث أمثلة في التاريخ
تخالف هذا الرأي فدولة المدينة التي ذكرها أفالطون تحقق فيها االستقرار السياسي رغم وجود عصبيات عديدة
داخلها فالديمقراطية حققت العدالة فيها وأيضا دولة الواليات المتحدة األمريكية التي بفعل ديمقراطيتها النسبية
حققت نوعا من االستقرار السياسي مع استمرار عملية الدمج العرقي والديني ضمن الحياة األمريكية.
وعليه فإذا كان هناك اتجاه يرى أن التعاون بين نخب مختلف الجماعات الثقافية وتمثيلها بشكل متوازي في
عملية صنع القرار سيؤدي إلى تنافس جماعاتهم بسبب عدم وجود تسويات بين هذه الجماعات مما يقود إلى
عدم االستقرار السياسي ،فإنه يوجد اتجاه آخر يرى أن تعدد االنتماءات االجتماعية واالقتصادية والسياسية هو
عامل استقرار سياسي ويفسرون ذلك من خالل واقع الدول المتقدمة كسويس ار مثال كونها تتكون من أربع
مجموعات ثقافية ،ورغم ذلك تحقق في ظل ديمقراطيتها استق ار ار سياسيا ال تضاهيها به أي دولة في العالم
وينطبق الحال على دول ككندا ،أستراليا أو بريطانيا وان كانت النسب أقل من سويسرا ،ويعزى ذلك إلى ارتفاع
1
الوعي الثقافي في هذه الدول له دور أساسي في استقرارها.
إذن فاإليديولوجية ليست فقط مجرد تبرير امتيازات الطبقة السياسية وسلطتها ،بل جزءا فعاال من النظام
االجتماعي الذي هو في حد ذاته إعادة إنتاج اإليمان في النظام وليس خوفا منه فقط ،وبهذا يتحقق استقرار
2
النظام واستقرار الحكم.
ومن هذا كله فإن االستقرارالسياسي يتوقف اضافة إلى اعتماده على المقومات األساسية التي تم التطرق إليها،
فإنه تجدراإلشارة إلى أن هناك نواقض وعراقيل تهدده ،إذن فاالستقرار السياسي يتحقق في أي مجتمع نتيجة
وجود توازن بين النظام السياسي وبيئته االجتماعية وذلك من خالل تحقيق أربعة أبعاد.
-1أن يعكس النظام السياسي القيم الثقافية و االجتماعية الرئيسية للمجتمع.
-2أن تعكس سياسات النظام مصالح وأهداف الجماعات والطبقات المؤثرة في المجتمع.
-3أن يوجد النظام قنوات االتصال القادرة على ربط كافة أجزاء الجسد المجتمعي بحيث تشعر كل جماعة أو
فئة أنها تستطيع أن تؤثر في عملية صنع القرار.
29
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
1
-4أن تعكس النخبة في داخلها القوى المجتمعية المختلفة بحيث تشعر كل قوة بأن النخبة تمثل امتدادا لها.
المطلب الثالث :مؤشرات االستقرار السياسي
هناك من يحدد مؤشرات االستقرار السياسي انطالقا من المفهوم المخالف ،أي من خالل دراسة االستقرار
السياسي ،وهذا نظ ار لتعدد ظواهر عدم االستقرار السياسي في العديد من الدول وما تبعه من تدهور
للمؤسسات وتناقص للسيادة بسبب التدخالت األجنبية وعدم القدرة على مجابهة النزاعات والتوترات الداخلية،
مما يضعنا في حالة تحليل ألسباب عدم االستقرار السياسي أكثر من التفسير في طبيعة االستقرار السياسي،
والصف اآلخر يبحث في ظاهرة االستقرار السياسي من خالل دراسة تجربة معينة في دولة ما ،وهو ما طرح
العديد من التساؤالت واالختالفات حول تحديد مؤشرات االستقرار السياسي .
وهنالك العديد من المؤشرات التي تعرف بمؤشرات االستقرار السياسي وقد طرحها الكاتب رائد نايف حاج
سليمان كاآلتي:2
.1نمط انتقال السلطة في الدولة:
المقصود بانتقال السلطة هنا تغيير شخص رئيس الدولة وهي عملية تختلف طبقاً لنوع النظام السياسي
واألساليب الدستورية المتبعة ،فإذا تمت عملية االنتقال طبقاً لما هو متعارف عليه دستورياً فإن ذلك يعد
مؤش اًر حقيقياً لظاهرة االستقرار السياسي ،أما إذا تم عن طريق االنقالبات والتدخالت العسكرية فهذا مؤشر
لعدم االستقرار السياسي.
.2شرعية النظام السياسي:
تعتبر شرعية النظام السياسي من الدعائم األساسية لإلستقرار السياسي ،واالستقرار السياسي بعد بدوره من
دالئل الشرعية السياسية ،وهنالك عدة اتجاهات في تعريف الشرعية السياسية ،قانوني ،سياسي وديني.
وفي االتجاه السياسي نجد أن الشرعية السياسية هي تدبير السلطة الحاكمة من منطق اإلدارة الجماعية،
بمعنى ان النظام السياسي يكتسب شرعيته من خالل تحقيق مصالح الشعب وصيانة استقالل البالد وحماية
الحقوق ،وتظهر هذه الشرعية من خالل تقبل أفراد الشعب للنظام وخضوعهم له طواعية.
30
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
-1مزابية خالد"،الطائفية السياسية وأثرها عى االستقرار السياسي-دراسة حالة لبنان ،"-مذكرة ماستر (علوم سياسية ،تخصص
تنظيمات سياسية،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة ورقلة) ،8012،ص.82
31
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
الضرر واألذى باآلخرين وذلك لتحقيق أهداف سياسية او أهداف اقتصادية واجتماعية لدالالت سياسية،
والعنف قد يكون رسمي أو غير رسمي ،فهو الموجة ضد المواطنين أو ضد جماعات أو تنظيمات أو
عناصر معينة ،أما الغير رسمي فهو الموجة من المواطنين أو الجماعات ضد النظام وبعض رموزه ،أما
الحركات االنفصالية والتمردات والحروب األهلية فتمثل على صور عدم االستقرار السياسي وذلك لتضمنها
1
اللجوء إلى العنف على نطاق واسع.
.8الوحدة الوطنية واختفاء الوالءات التحتية (األولية):
إن المجتمعات التي ال تعرف ظاهرة التعدد سواء على المستوى العرقي أو الديني أو اللغوي أو الطائفي غالباً
ما تكون أقرب إلى االستقرار السياسي من تلك التي تعرف التعددية االجتماعية ،وفي هذا التعامل هناك
نمطين:
أ-نمط يتعامل مع األقلية من منطق االستيعاب بالقوة.
ب-نمط ثاني يتعامل مع األقلية في منطق المساواة في الحقوق والواجبات.
فالنمط األول يبرز غالباً الوالءات غير الوطنية أو ما يعرف بالوالءات التحتية وبالتالي تظهر المطالب
باالستقالل أو الحكم الذاتي كما حدث في العراق ،أما النمط الثاني فتؤدي إلى تمكين الوالء للوطن واعالء
2
الهوية الوطنية على الهويات غير الوطنية.
.9نجاح السياسات االقتصادية للنظام:
ينظر إلى االستقرار السياسي على أنه مؤشر عام لنجاح السياسات االقتصادية للنظم السياسية وذلك الذي
يرضي المجتمع فيكون النظام السياسي مستق اًر فإنه يوجه سياسته االقتصادية نحو أهداف التنمية وهذه
السياسات التنموية التي ترفع مستوى المعيشة ورفاهية األفراد تخلق نوعاً من الطمأنينة والرضا الشعبي تجاه
النظام السياسي.
.11قلة تدفق الهجرة الداخلية والخارجية:
إن أسباب الهجرة بشقيها الداخلي والخارجي يمكن إجمالها بالوضع األمني واالقتصادي ،وكال السببين
-1مصطفى عبد الجواد محمود،األحزاب السياسية في النظام السياسي الدستوري الحديث والنظام اإلسالمي،القاهرة:
دارالفكرالعربي ،1992 ،ص.22
-2محمد ضياء الدين محمد ،مرجع سابق ص.82
32
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
بدورهما يؤشران إلى ظاهرة عدم استقرار سياسي حالة وجودها بكثرة ،وبالعكس كلما كانت معدالت الهجرة
قليلة أو معتدلة دل ذلك على وجود االستقرار السياسي ،وقد تخلق ظاهرة الهجرة عدم االستقرار حتى بالنسبة
1
للدول المستقبلة للمهاجرين.
ويمكن الحديث عن مؤشرات االستقرار السياسي غالبا انطالقا من المفهوم المعاكس ،أي عدم االستقرار
السياسي وذلك من خالل أحداث المظاهرات والشغب واألزمات السياسية الداخلية والمعارضة الموجهة ضد
مؤسسات النظام ،وذلك نتيجة أحداث طارئة أو حاالت تولد أزمات مفاجئة ،كارتفاع األسعار والبطالة وزيادة
الفقر ،أو جراء ق اررات عامة ال تتوافق مع المتطلبات العامة ألفراد المجتمع.
المطلب الرابع :معيقات االستقرار السياسي
على اعتبار أن االستقرار السياسي يعد بمثابة الهدف األسمى لكل نظام سياسي سواء في الحقب التاريخية
القديمة أو الحديثة ،بل أصبح االستقرار السياسي بمثابة هدف قومي دولي على حد سواء نظ ار الرتباطه باألمن
2
القومي والدولي ،ولما له من تأثير على كيان ومستقبل المجتمع الدولي واإلستقرار الدولي.
غير أن هناك مجموعة من العوامل المهددة و المعيقات التي تحول دون تحقيق هذا االستقرار السياسي
المنشود ،لذلك فإننا عندما نتحدث عن االستقرار السياسي يتوجب علينا أن نتحدث عن عدم االستقرار
السياسي الذي يشير إلى عدم قدرة النظام السياسي على إحداث تغييرات و تحوالت في إطار النظام القائم من
خالل استحداث الوسائل والمؤسسات الكفيلة بالقيام بهذه التحوالت ونتائجها ،و ذلك من خالل العالقة الوثيقة
الموجودة بين عدة متغيرات و االستقرار السياسي كظاهرة ،إذ أن هذه العالقة ذات طبيعة محايدة ،فقد تكون
هذه المتغيرات مصد ار لالستقرار السياسي ،كما يمكن أن تكون سببا لعدم االستقرار السياسي ،ويمكن القول أن
هذه المتغيرات في ظل ظروف وأوضاع معينة قد تكون عوامل تدعيم االستقرار والحفاظ عليه ،كما أنها يمكن
أن تكون في ظروف و أوضاع أخرى عامال من عوامل عدم االستقرار السياسي؛
فالنظام السياسي يصاب بحالة من الخلل بسبب ضعف أحد مكوناته أو بسبب لجوئه إلى سلوك يتعارض مع
ميول الجمهور ورغباته مما يؤدي إلى تناقص شرعيته ،هذه الشرعية التي تفترض وجود اتفاق واسع بين ما
-1رائد نايف حاج سليمان"،االستقرار السياسي ومؤشراته"،مجلة الحوار المتمدن ،ع ،8598مارس ،8009ص.11
-8هشام محمود االقداحي ،اإلستقرار السياسي في العالم المعاصر ملحق خاص بالمصطلحات السياسية ٬اإلسكندرية :مؤسسة
شباب الجامعة ٬2009٬ص.19
33
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
يطلبه الجمهور وما تقوم به السلطات الحاكمة من أداء الوظائف الموكلة إليها ،وفي حالة عدم وجود هذا
التوافق فإن الرأي يختلف ويظهر التباعد وعدم االنسجام ،وهذا ما يدل على وجود حالة من عدم الرضا وعدم
1
االستقرار في المجتمع.
كما أن عدم آداء النظام السياسي أو الحكومة وظائفهما بفعالية وكفاءة يؤدي إلى فقدان الثقة فيها من طرف
المواطنين ،ويتعرض النظام إلى االختالل ويعجز عن جلب المساندة والموارد والدعم الضروري البقاء
واالستم اررية.
كما قد يختل االستقرار السياسي بسبب تغير مطالب ومصالح المجتمع أو الفئات المؤثرة فيه ،وتغير القيم
السائدة مما يؤدي إلى احتمال ممارسات النظام القمعية ،أو تركز السلطة في يد نخبة حاكمة تضيف قاعدتها
لتستأثر بكل موارد النظام.
حيث أن ممارسة القمع هذه من قبل السلطة الحاكمة سيحدث على المدى البعيد عدم استقرار سياسي ،حسب
رأي نيفين عبد المنعم مسعد ،وبرأيها أيضا أنه لو تحقق هذا االستقرار في ظل هذه الممارسات لفترة طويلة
نسبيا ،فإن ذلك لن يستمر على المدى البعيد ،ألن منع عدم االستقرار من قبل السلطة الحاكمة بفعل القمع لن
2
يدوم ،فعدم االستقرار السياسي هو رد فعل لقمع النظام السياسي.
من جهة أخرى فإن من أهم العوامل المهددة لالستقرار السياسي اإلحساس بالحرمان الذي يمثل مصد ار
لإلحباط وعدم الرضا والغضب فهو من شأنه أن يشكل فرصا للعنف الجماعي ،حيث أن الجماهير قد تلجأ إلى
العنف إذا وجدت ما يبرره ،وقد ربط الباحث العربي الدكتور فاروق يوسف بين الحرمان االقتصادي وعدم
االستقرار السياسي داخل المجتمع ،وهويعني بالحرمان االقتصادي عدم تيسر حصول جماعة أو جماعات
معينة من أفراد المجتمع على المنافع والموارد االقتصادية في الوقت الذي يتيسر فيه ذلك لغيرها من
3
الجماعات.
34
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
ومعنى ذلك أن أفراد المجتمع يشعرون بالحرمان االقتصادي ،إما ألن الموارد المتاحة لهم غير كافية أو ألن
ما يتاح لغيرهم من الموارد ال يتاح لهم ،فسوء توزيع الموارد (عدم العدالة في التوزيع) قد يكون من شأنه أن
يمثل تهديدا لالستقرار السياسي داخل المجتمع في كثير من األحيان.
وفي المقابل ،وفي نطاق تأثير العوامل االقتصادية على االستقرار السياسي تأتي دراسة اآلن ريتشاردز
( )A-Ritchardsبعنوان "الجذور االقتصادية لعدم االستقرار السياسي في الشرق األوسط" وهي تعكس
العالقة الوثيقة بين مجالي االقتصاد و السياسة في تحليل الظواهر االجتماعية ،فهو يقول بأن عدم االستقرار
السياسي في دول المنطقة ليس حدثا عرضيا وانما هو ظاهرة مزمنة ،وفي هذا السياق يركز اآلن ريتشاردز في
دراسته على ثالثة جذور هي :البطالة ،وغياب األمن الغذائي ونقص األموال المتاحة لالستثمار ،وهي تصب
1
في انخفاض معدل النمو االقتصادي وما يرتبط به من تدهور لمتوسط دخل الفرد.
غير أنه وحسب رأي بعض المفكرين والمحللين فأن هناك عوامل خارجية تسبب عدم االستقرار السياسي في
كثير من األحيان ،من بينها التدخالت الدولية المباشرة وغير المباشرة في شؤون الدول المستضعفة وفقا
للتطورات الدولية ،والذي يترتب عنه في معظم األحيانا إجراء تغييرات سياسية في أوضاع هذه الدول ،فعلى
سبيل المثال تعمل بعض الدول على تمكين األقليات في دولة أخرى على تهديد االستقرار السياسي فيها من
خالل إحدى أشكال العنف ،فوجود تدخالت خارجية مع وجود تناقضات داخلية سيحدث عنفا يؤدي بدوره إلى
عدم االستقرار السياسي ،كما أن تغيرات البيئة الدولية مثل السباق نحو التسلح يساهم في عدم استقرار النظم
2
المعتدلة ،فتأخذ المستويات االجتماعية واالقتصادية للشعوب باالنهيار بسبب ذلك.
غيرأن هذه العوامل التي ذكرناها قد ال تصلح ألن تكون وحدها إطا ار لتفسير ظواهر عدم االستقرار السياسي،
والقول بذلك ال يعني على اإلطالق التقليل من شأن هذه المقومات ولكنه يعني أنه من الضروري وضعها في
السياق االجتماعي والتاريخي األوسع بما يتضمنه من عوامل داخلية (بنائية وذاتية) وعوامل إقليمية ودولية
على إعتبار أن لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على أي نظام سياسي والتي من شأنها أن تحدد حالته ما
بين اإلستقرار أو الالإستقرار.
-1ثناء فؤاد عبد هللا ٬الدولة والقوى اإلجتماعية في الوطن العربي ٬عالقات التفاعل والصراع ٬بيروت :مركزدراسات الوحدة
العربية ،2111،ص.303
-2بقدي كريمة ،مرجع سابق ،ص.24
35
الفصل األول ........................................اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة.
خالصة
ماان خااالل تطرقنااا فااي هااذا الفصاال إلااى ماهيااة كاال ماان السياسااات العامااة االقتصااادية واالسااتقرار السياسااي،
توص االنا إل ااى أن أغل ااب التعريف ااات المقدم ااة للسياس ااات العام ااة تتش ااارك ف ااي خص ااائص معين ااة م اان خص ااائص
السياساات العاماة ،وذلاك فاي أنهاا نشااطات حكومياة وأنهاا تساعى إلاى تحقياق أهاداف معيناة أو تلبياة للحاجاات
العامة ألفراد المجتمع .أما السياساات العاماة االقتصاادية فهاي مجموعاة القا اررات المترابطاة المتخاذة مان طارف
السلطات المختصة والهادفة باستخدام مختلف الوسائل إلى تحقيق األهداف االقتصادية في األجل القصير أو
األجاال الطوياال ،وذلااك بأقصااى حااد ماان الكفاااءة عنااد اسااتخدامها للماوارد المتاحااة لتحقيااق أقصااى الغايااات التااي
تمثل أهداف السياسات االقتصادية (النمو االقتصادي ،التشغيل الكامل ،توازن ميزان المدفوعات وكاذا اساتقرار
األسعار).
أما أنواع للسياسات العامة االقتصادية فنجد السياسات العامة االقتصادية الظرفية تهدف إلى استرجاع
التوازنات االقتصادية قصيرة األجل ،وكذلك السياسات العامة االقتصادية الهيكلية التي تهدف إلى تغير هيكل
وبنية االقتصاد الوطني في األجل الطويل.
أما فيما يخص االستقرار السياسي فهو باألساس يرتكز على عنصري النظام واالستم اررية ،كما أنه يخضع
لتأثير نوعين من العوامل أولهما تكون لها آثار استق اررية وأخرى غير استق اررية .وأن إستقرار أي نظام سياسي
يتوقف على مدى انسجامه وتفاعله مع البيئة التي يوجد فيها ،وتتمثل هذه المقومات السياسية واالقتصادية
واالجتماعية.
كما يمكن تحديد مؤشرات اإلستقرار السياسي إنطالقا من المفهوم المخالف ،وكلما زادت درجة تقاطع تلك
المؤشرات زاد تهديد استقرار النظام السياسي.
وتجدر االشارة إلى أن المعيقات األساسية لالستقرار السياسي تنتج أساسا من صعوبة آداء النظام السياسي
لوظائفه خاصة التوزيعية والتنظيمية بسبب نقص الموارد أو التعددية الطائفية ،وهو ما قد يسبب حالة من
الفوضى التي من شأنها أن تتحول إلى أزمة سياسية.
36
الفصل الثاني :عالقة
السياسات العامة
اإلقصصايية ااإلسصر ا
السياسي
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
تمهـيد
لقد شهدت السياسة العامة كحقل معرفي تطورات وتغييرات منهجية وعملية ملحوظة من حيث تعريفها ،ومداخل
صنعها ،وحتى طرق تحليلها و دراستها ،وانطالقا من أن السياسات العامة -الكلية منها والجزئية في مختلف
المجاالت -وليدة عوامل وظروف تتأثر به وتؤثر فيها ،لذا فإن الحديث عن عالقة السياسات العامة
االقتصادية باالستقرار السياسي يقودنا إلى الحديث عن العوامل المؤثرة في كل منهما،اضافة إلى ذلك فإن
من أهم أهداف السياسات العامة االقتصادية تحقيق الغايات الكبرى وصوال الى التنمية االقتصادية كما أن
االستقرار السياسي هو اآلخر يتأثر بعوامل ومتغيرات عديدة وكذلك يعتبر غاية من الغايات الكبرى للسياسات
العامة ،ومن خالل هذا سنناول في هذا الفصل عالقة السياسات العامة االقتصادية باإلستق ارراالقتصادي في
المبحث األول من خالل التطرق إلى عالقة االستقرار االقتصادي بالسياسات العامة االقتصادية ،أما في
المبحث الثاني فسنتطرق إلى عالقة االستقرار السياسي باالستقرار االقتصادي والتنمية االقتصاديـة.
38
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
ص.671 -1السيد حسن موفق ،المشكالت االقتصادية المعاصرة ،دمشق :مطبعة جامعة دمشق،6891 ،
39
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
بنفس معدل النمو لالقتصاد الوطني ،مع االحتفاظ بالتوازن في سوق االستثمار تجنبا لآلثار السلبية التي من
شأنها أن تضر بالحوافز االستثمارية كنتيجة لما قد يترتب على إنفاق النظام االئتماني في خلق النقد
1
اإلضافي في السوق االستثمارية من زيادة اإلنفاق االستهالكي ،وتعطل الموارد اإلنتاجية.
-2اإلسهام في رسم السياسة االقتصادية :فالسياسة المالية تستعمل بهدف الوصول إلى التوظيف الكامل،
كما تستعمل السياسة النقدية من خالل تخفيض أسعار الفائدة لتحقيق النمو اإلقتصادي ،في حين تستعمل
السياسة التجارية لتحقيق االستقرار في ميزان المدفوعات .ففي الفكر الكنزي الذي يظهر أهمية وفعالية
أن االستخدام المتزامن لألدوات من أجل
السياسة المالية كسياسة تثبيت استجابة لصدمات الطلب الكلي كما ّ
إنجاز أهداف متعددة في وقت واحد هي طريقة أكثر فعالية وأضمن نجاحا ،بدال من استخدام أدوات محددة
ألغراض وأهداف محددة األمر الذي أدى إلى تنامي االعتقاد بتشابك وتعقد الحياة االقتصادية مما أدى في
2
النهاية إلى اللجوء للحلول الشمولية ،وهو ما يفسح المجال أمام استخدام النماذج االقتصادية.
بأنه وسيلة رياضية تعتمد على النظرية االقتصادية ،ويتمثل في مجموعة من
يعرف النموذج االقتصادي ّ
المعادالت أوالقواعد التي تكفي لتصوير الهيكل االقتصادي ونمط معدل أدائه من أجل استخدامها في دراسة
معينة توطئة لتحديد السياسات الواجبة اإلتباع لتحقيق األهداف
التطورات المحتملة بناء على فروض ّ
ّ مختلف
3
اإلقتصادية.
يتحقق التوازن االقتصادي للسياسة المالية عندما تكون المنفعة التي يتم تقديمها إلى االقتصاد الوطني
مساوية على األقل التي حجبت عن الدخل الوطني نتيجة اقتطاع األموال ،فإذا انخفض الدخل الوطني نتيجة
حدها األعلى ،أما إذا إزداد الدخل الوطني
زيادة االقتطاعات العامة فهذا يعني أن النفقات العامة قد تجاوزت ّ
الحد األدنى لحجم اإلنفاق العام واالقتطاعات العامة ،األمر الذي يدل
فهذا يعني أننا نميل إلى ّ
-مبارك حجير ،التوازن االقتصادي و إمكانياته للدول العربية ،القاهرة :مكتبة األنجلومصرية ،د س ن ،ص .106 3
40
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
أن التوازن االقتصادي الذي تحققه السياسة المالية العامة يعظم مردود النظام االقتصادي ويساهم في تحقيق
ّ
1
التوازنات االقتصادية.
-3اإلسهام في اإلصالح االقتصادي :نتيجة للصـدمات اإلقتصـادية التـي تعرضـت لهـا اقتصـاديات دول العـالم
كفشــل النظــام االشــتراكي خــالل الثمانينــات مــن القــرن الماضــي ،وتصــاعد حجــم المديونيــة فــي الــدول الناميــة،
وتح ـ ّـول االهتم ــام إل ــى السياس ــات اإلقتص ــادية الكلي ــة بوج ــه ع ــام ،وسياس ــات اإلص ــال الهيكل ــي عل ــى وج ــه
الخصــوص ،فــي الوقــت الــذي تــم تجاهلهــا خــالل فت ـرة الســبعينات حيــث كــان نــاد ار مــا يســتخدم أدوات السياســة
2
اإلقتصادية الكلية.
ونظـ ار الخــتالف األوضــاع االقتصــادية المتأزمــة فــي الــدول الناميــة ،قامــت مؤسســات التمويــل الدوليــة بتصــميم
ب ـرامص إصــال اقتصــادي بهــدف معالجــة تلــك اإلخــتالالت وتحقيــق الت ـوازن واالســتقرار االقتصــادي فــي ه ــذه
الــدول ،مشــترطة فــي ذلــك التقليــل مــن دو ارلقطــاع العــام وفســح المجــال للقطــاع الخــاص س ـواء كــان محليــا أو
3
أجنب ـيا.
ولكي تزيد مستويات اإلنتاج والدخل والعمالة يقتضي ذلك زيادة اإلنتاج بعض الشيء ،عن الطلب القائم في
السوق وعندئذ سيخلق العرض الجديد المتولد عن زيادة اإلنتاج طلبه وهكذا يؤكد التقليديون أنه إذا ترك
القطاع الخاص ح اًر في بيئة تتوافر فيها كل الضمانات للحرية االقتصادية ،فإنه يسعى إلنتاج حاجاته ورغباته
وتعظيم ثروته وتحقيق مصلحته ،وبالتالي يستمر في اإلنتاج ،وال يتوقف إال عند مستوى العمالة الكاملة،
4
حيث تصبح في هذه الحالة كافة الموارد االقتصادية المتاحة موظفة توظيفاً كامالً.
لقد جاءت سياسات اإلصال االقتصادي على مرحلتين ،تتمثل األولى في سياسة التثبيت االقتصادي التي
اعتمدها صندوق النقد الدولي ألزمة الدول النامية ،أما المرحلة الثانية فتتمثل في سياسات اإلصال الهيكلي
ص.10 -4عبد المنعم فوزي ،المالية العامة والسياسة المالية ،اإلسكندرية :منشأة المعارف ،6881،
41
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
التي يضطلع بها البنك الدولي ،والتي ينبغي أن تواكب جهود تصحيح اإلقتصاد الكلي إصالحات هيكلية
ترمي إلى تحسين فعالية الموارد اإلنتاجية المحدودة بغية زيادة معدل النمو في البلد بصفة دائمة.
ويشير الكثير من المؤلفين إلى أن مايميز األصالحات من خالل تطبيقات االصال االقتصادي وفق وصفة
البنــك والصــندوق الــدوليين ،فــي أنهــا تســعى إلــى إلغــاء دور الدولــه االقتصــادي وخصخصــة مؤسســات القطــاع
العــام بأقصــى مــايمكن دون م ارعــاة اآلثــار التــي تــتمخض عــن ذلــك ومــدى انعكاســاتها عل ـى جماعــة كبيــرة مــن
المواطنين ،وكشف السوق واالقتصاد الوطنيين أمـام التـأثيرات الخارجيـه ودمجهـا بالسـوق العالميـه واحتكاراتهـا،
وجعــل الدولـة ووظيفتهــا اإلجتماعيــه خاضــعه ألرادة الســوق واإلقتصــاد ،جوالــى إعــادة جدولــة الــديون وفقــا لمشــيئة
الدول والبنـوك الدائنـة ،وتقلـيص دور الحكومـه تقليصـا مسـبقا لعبـر الخصخصـه لجميـع م ارفـق القطـاع العـام،
1
ويمكن أن يجري التدخل حتى بالق اررات السياسية.
من الواضح أن إجراء مجموعة متكاملة من اإلصالحات هو مشروع طمو وقد أجريت بالفعل في كثير من
الدول النامية بعض اإلصالحات ،بيد أنه في بلدان أخرى توجد قيود تعوق التغيرات التي يمكن تنفيذها
واقعيا ،وينبغي وضع تصميم لإلصال على أساس كل حالة على حدى ألن التحكم في الطلب بشكل سليم
أمر ال غنى عنه سواء لخلق الثقة لدى المستثمر أو للحفاظ على المصداقية في أسواق رأس المال الدولية
التي تتكفل بتوفير الموارد الخارجية الشيء الذي يبرر اإلصالحات اإلقتصادية.
والتخطيط نوعان :التخطيط المركزي الذي عرفته الدول االشتراكية ،والتخطيط اإلقتصادي المعمول به في
3
اقتصاديات الدول الرأسمالية.
42
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
مما سبق يمكن القول أن التوازن اإلقتصادي أمر ضروري لمختلف األنظمة اإلقتصادية ،رأسمالية كانت أو
اشتراكية ولكل الدول المتقدمة منها وحتى النامية ،بالرغم من اختالف أسباب الحاجة إليه من نظام اقتصادي
آلخر ،وهذا لما له من تأثير في االستقرار االقتصادي من جهة وأهمية في السياسات االقتصادية من جهة
ثانية.
يعتبر تسهيل عملية تقويم مقترحات المشروعات العامة من األهداف األساسية للسياسات العامة في المفهوم
الحديث ،والتي تؤدي من خالل ذلك إلى تلبية الحاجات العامة بكفاءة وفعالية .ويمكن تعريف المشروعات
بأنها ":وحدة اقتصادية تملكها الدولة إما كليا أو جزئيا ،مستقلة عن الجهاز اإلداري للدولة ،تتولى
العامة ّ
2
إنتاج السلع والخدمات ،وتعمل في نطاق األهداف االقتصادية واالجتماعية التي تسعى الدولة لتحقيقها".
ويعتبر توازن الموازنة من أهم عوامل تحقيق التوازن اإلقتصادي العام لالقتصاد الوطني والمحافظة عليه،
فإن ذلك من شأنه يؤدي إلى عدم توازن اقتصادي.
فإذا لم يتحقق مثل هذا التوازن ّ
فيفرض التوازن المالي أن يقوم على المعادلة بين المنفعة االقتصادية للقطاع مع مديونيته ،وبالتالي مع
فإن ذلك يعني على مستوى اإلقتصادي العام
مديونية الدولة عندما يمول المشروع عن طريق الخزينة العامة ّ
منع حدوث الخلل بين المنفعة العامة والتكلفة العامة ،وعندما يفرض التوازن المالي للموازنة أن يكون المردود
1
- Abdelatif Benchenhou , pour une meilleure croissance ,Paris : alpha design , 2008 , p59.
-سعيد عبد العزيز عثمان ،اقتصاديات الخدمات والمشروعات العامة ،اإلسكندرية :الدار الجامعية ،1000 ،ص .11 2
43
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
فيتكامــل التـوازن االقتصــادي للموازنــة العامــة مــع التـوازن االقتصــادي العــام ،حيــث يفــرض التـوازن االقتصــادي
للموازنة العامة رفع مردودية النظام االقتصادي بمـا يتطلبـه مـن تحليـل دقيـق لحـدود االقتطـاع العـام نوعـا وكمـا
بحيث يمنع هذا التوازن أن تقوم الدولة باقتطاع أموال من القطاع الخاص وتقوم بعدها بإنفاقها بحيث ال تكون
زيادة في الدخل الوطني معادلة على األقل لزيادته فيما لو بقيت هـذه األمـوال لـدى القطـاع الخـاص ،فالسياسـة
الماليــة الســلبية هــي التــي تســعى مــن خاللهــا الدولــة إلــى تحقيــق ت ـوازن اقتصــادي كلــي جديــد أعلــى مــن ســابقه
2
المحتمل قبل القيام باالقتطاع واإلنفاق.
فاقتصاديات الدول النامية تعاني بصفة عامة من اختالالت هيكلية يمكن حصرها في اختاللين رئيسيين:
اختالل االستقرار الداخلي و اختالل االستقرار الخارجي ،و من أهم مظاهر اختالل االستق اررالداخلي هو
اختالل التوازن بين اإلنتاج المحلي واالستهالك الوطني ،ففي حالة االستهالك أكبر من االنتاج وهوما يعني
وجود اختالل بين اإلدخار الوطني واالستثمار ،حيث أن االدخار المحلي ال يجاري االستثمار ،وهو ما يدفع
إلى اإلعتماد على مصادر التمويل الخارجية من مساعدات و قروض لتمويل االستثمار ،إن هذه الحالة تؤدي
إلى بروز اختالل االستقرار الخارجي الذي ماهو إال انعكاس إلختالل االستقرار الداخلي أو ما يعرف بحالة
فائض الطلب حيث يعجز االنتاج المحلي عن استيعاب الطلب الكلي وتتم تغطية هذا الفائض من خالل
3
االستيراد وهذا ما ينعكس في ميزان تجاري سـالب.
فالبيئة االقتصادية المستقرة تعتبر ضرورة أساسية لتحقيق التنمية في اقتصاد أي بلد ،و ترتكز على ثالثة
أهداف محددة هي :نمو الناتص الحقيقي ،التشغيل الكامل و استقرار األسعار ،مع امكانية اضافة االستقرار
في سعر الصرف و التوازن الخارجي حسب درجة االنفتا االقتصادي للدولة ،ولعله من الواضح أن هذه
-1زوين إيمان"،دور الجيل الثاني من االصالحات االقتصادية في تحقيق التنمية" ،رسالة دكتوراهلاقتصاد ومناجمنت ،كلية
العلوم االقتصادية و علوم التسيير،جامعة قسنطينة ،1066،ص.71
-1عبد هللا بلوناس ،مرجع سابق ،ص.691
44
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
األهداف متداخلة ومترابطة ،فبدون العمالة الكاملة فإن االنتاج المحتمل في اقتصاد ما لن يتحقق بصفة كلية،
1
كما تؤدي تقلبات األسعار إلى سيطرة عدم التاكد و عرقلة النمو االقتصادي.
هذا ويرتبط االستقرار االقتصادي بالدورة االقتصادية ،حيث تشير معظم التجارب التاريخية إلى أن فترات
التوسع االقتصادي وانخفاض معدالت البطالة يتبعها فترات بطء النمو االقتصاي وانكماش النشاط
االقتصادي ،ففي فترات بطء النمو االقتصادي ترتفع معدالت البطالة و ينخفض المستوى العام لألسعار،
والدورة االقتصادية المفترضة تعكس حركة منتظمة من االزدهار والركود ،إال أنه في الواقع فإن الدورات
االقتصادية ال تأخذ شكال منتظما وبالتالي فإن تفاقم اختالل االستقرار االقتصادي الداخلي والخارجي يفرز
2
بكل تأكيد عددا م األزمات االقتصادية الخطيرة كتفاقم معدالت التضخم وتدهور معدالت النمو الحقيقية.
كما أن اختالل االستق ارراالقتصادي الخارجي يعكس وجود فجوة في الموارد المحلية واختالالت في المدخرات
و االستثمارات الوطنية ،أي بعبارة أخرى فإن الختالل الداخلي يحدث عندما يتحرك االقتصاد الوطني بصورة
تتجاوز الناتص الممكن أو تقل عنه ،كما يمكن أن ينشأ اختالل االستقرار الداخلي عندما يكون الطلب الكلي
متجاو از للناتص الممكن مما قد يحدث ضغوطا تضخمية ،و في العديد من الدول النامية يكون التمويل النقدي
3
لعجوزات الحكومة هو السبب في حدوث االختالل الداخلي لالستقرار االقتصادي.
وتؤكد الخبرات التي مرت بها الدول النامية وخاصة بلدان شرق آسيا أن اختالل االستقرار الخارجي يعكس
في أغلب األحيان وجود فجوة في الموارد المحلية ،أي أن هناك اختالل بين االدخار القومي واالستثمار
القومي ،وهي اختالالت يمكن معالجتها عن طريق إحداث تغييرات في السياسة االقتصادية.
ومن هذا كله فإن وضعية اختالل االستقرار االقتصادي سواء الداخلي أوالخارجي تقود إلى ضرورة اتخاذ
الق اررات واالجراءات الالزمة لمعالجة هذه الوضعية ،مما يجعل الدول النامية مخيرة بين اتباع اجراءات
45
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
لتصحيح اختالل االستقرار الداخلي والمتمثلة في عمليات التصحيح ،أوالقيام باجراءات لتصحيح االستقرار
الخارجي كنهص لتحقيق االستقرار الكلي من خالل عمليات التمويل الخارجي.
ومنه فإن البرامص والسياسات االقتصادية للدولة تتاثر بالعوامل االقتصادية الداخلية والخارجية على حد سواء،
كونها تعتبر البيئة التي يعمل ضمنها النظام االقتصادي ،وكما يمكن أن تؤثر في الوضع االقتصادي العام
خاصة إذا كانت الدولة ذات وزن ثقيل في الساحة االقتصادية الدولية.
تباينت اآلراء ووجهات النظر بالنسبة للعلماء والمفكرين والباحثين حول تحديد مفهوم التنمية االقتصادية،
وترجع صعوبة االتفاق إلى اختالف التوجهات الفكرية واإليديولوجية وكذلك اختالف التخصصات للعلماء
والباحثين حتى أصبح من الصعب وضع تعريف محدد ودقيق للتنمية أو النمو االقتصادي بعبارات واضحة
ومحددة ،فهم يعتقدون أن اصطال النمو االقتصادي قد أصبح مفهوما لدى الجميع إلى الحد الذي ال يحتاج معه
1
إلى تعريف دقيق.
فقد عرف االقتصاديون التنمية االقتصادية بأنها ":عملية زيادة الدخل القومي الحقيقي خالل فترة زمنية طويلة؛
بحيث تكون هذه الزيادة أكبر من زيادة عدد السكانلأي معدل الزيادة في نمو الدخل أكبر من معدل زيادة عدد
السكان بحيث هناك تغيير في هيكلة االقتصاد في الدولة ،بينما عرفها آخرون بأنها" :الجهود المنظمة التي تبذل
وفق تخطيط ورسوم للتنسيق بين اإلمكانيات البشرية و المادية المتاحة في وسط اجتماعي معين ،قصد تحقيق
مستويات أعلى للدخل القومي والدخول الفردية ومستويات أعلى للمعيشة والحياة االقتصادية في نواحيها المختلفة
2
كالتعليم والصحة ومن ثم الوصول إلى تحقيق أعلى مستوى ممكن من الرفاهية االجتماعية.
كذلك االقتصاديون العرب أعطوا تعريفات عديدة ومتنوعة لمصطلح التنمية االقتصادية ،منها مثال تعريف
صالح الدين نامق في كتابه "نظرية التنمية االقتصادية" يعرفها كالتالي" :هي عملية تطورية تاريخية طويلة األمد
-6عمر حسين ،التنمية و التخطيط االقتصادي ،الجزائر :ديوان المطبوعات الجامعية ،1985 ،ص.16
-1مصطفى حسين ومحمد شفيق وأمية بدران ،أبعاد التنمية في الوطن العربي،عمان :دارالمستقبل للنشر ،1995 ،ص.021
46
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
يتطور خاللها االقتصاد القومي من اقتصاد بدائي ساكن إلى اقتصاد متحرك يزيد فيه الدخل القومي ودخل الفرد
في المتوسط ،أي إنها عملية تغيير اقتصادي واجتماعي وسياسي يؤدي في النهاية إلى تغييرات كلية في
1
المجتمع.
وتجدر االشارة إلى أن هناك فرق بين التنمية االقتصادية والنمو االقتصادي الذي يعرف على أنه توسع قدرة
الدولة على انتاج السلع والخدمات التي يرغب فيها سكانها.
فقد أعطى شومبيتر Schumpeterفي كتابه "نظرية التنمية االقتصادية" تفسي ار لمفهومي النمو والتنمية،
حيث يعرف النمو بأنه تغير تدريجي منظم يحدث في فترة طويلة نتيجة الزيادة العامة في الموارد ،أما التنمية
فهي تظافر وتفاعل القوى داخل النظام عندما تكون العوامل األخرى ثابتة ،وهي بذلك تغير تلقائي يظهر
بفعل عمل قوى توسعية ضاغطة ،ومن ثمة يعني النمو التغيرات الكمية التي تحصل بين المتغيرات
اإلقتصادية اإلجمالية كالدخل الوطني والناتص الوطني واألنتاج اإلجمالي ،وحصة الفرد منها وتشتمل التنمية
إضافة لذلك على مجمل التحوالت اإلقتصادية وغيراإلقتصادية التي تتحقق في دولة ما اعتمادا على سياسات
2
وبرامص انمائية طويلة األجل.
وتتمثل أهمية السياسات العامة االقتصادية في التنمية االقتصادية من خالل تركيز السياسات االقتصادية في
أهدافها الرئيسية على تحقيق الرفاه العام من خالل تلبية المطالب العامة ،وكذلك من التعريف الشامل
لالستقرار االقتصادي الذي يتضمن هدفين أساسيين:
-6جمعون نوال" ،دور التمويل المصرفي في التنمية االقتصادية" ،مذكرة ماجستير لعلوم التسيير،كلية العلوم االقتصادية و
التسيير ،جامعة الجزائر ،1005،ص.11
-2سايح بوزيد"،تأهيل القطاع الزراعي الجزائري في ظل المتغيرات االقتصادية العالمية الراهنة"،مذكرة ماجستيرلعلوم
اقتصادية،تخصص اقتصاد التنمية ،كلية العلوم االقتصادية والتجارية،جامعة تلمسان ،1007،ص.19
47
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
1
-تحقيق درجة مناسبة من االستقرار في المستوى العام لألسعار.
فاالستقرار االقتصادي الكلي هو من الظروف األساسية إلحداث التنمية االقتصادية والذي يتوجب أن يتدعم
بالظروف الالزمة النجا السياسات العامة الهادفة إلى تحقيق تنمية اقتصادية ،فمعروف أن تحقيق التشغيل
الكامل يؤدي إلى االستخدام الكامل للموارد االقتصادية المتاحة ،وبالتالي فإن تحقيق التنمية االقتصادية يجب
أن يسير جنبا إلى جنب مع تحقيق االستقرار االقتصادي ،حيث يحصل األفراد على ثمار ومكاسب التنمية،
إذ أن غياب االستقرار االقتصادي يحول الكثير من االستثمارات المنتجة إلى استثمارات
غيرمنتجة ،جواذا أخذنا بعين االعتبارحالة الدول النامية فإن األزمات االقتصادية التي مرت بها دفعت
بالمؤسسات النقدية الدولية إلى التدخل ضمن ما يعرف ببرامص اإلستقرار اإلقتصادي أو برامص التثبيت التي
تهدف إلى تخفيض العجز في الموازنة العامة بواسطة ضغط االنفاق الحكومي وتخفيض العجز في الحساب
2
الجاري.
الشكل ل: 01األهداف والسياسات واألغراض الوسيطية في برامص االستق ارراالقتصادي الكلي
-1عبد المجيد عبد المطلب ،السياسات االقتصادية-تحليل كلي جزئي،-القاهرة :زهراء الشرق ،7002،ص.712
-2وليد عبد الحميد عايب ،مرجع سابق ،ص.19
48
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
فيبرزلنا من خالل تحليل مبسط لهذا الشكل أن برامص االستق ارراالقتصادي في السياسات العامة االقتصادية
تهدف إلى تحقيق أهداف وسيطية تتمثل في تقليص عجز الدولة وتحسين وضع ميزان المدفوعات اضافة إلى
تقليص التضخم للوصول "إلى أهداف نهائية تتمثل في زيادة معدل النمو االقتصادي وهو ما يزيد من القدرة
االنتاجية مما يساعد على تخفيض البطالة ،اضافة إلى تحقيق االستقرار الخارجي الذي بدوره يضمن إعادة
التوازنات االقتصادية الكلية.
49
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
يعتبر االستقرار االقتصادي من العوامل االساسية للتنمية االقتصادية وذلك من خالل حاجة برامص هذه
األخيرة إلى التخطيط والتمويل من طرف الدولة ،وهذا ما يوحي بوجود عالقة بين االقتصاد والسياسة،
وبالتالي وجود عالقة بين التنمية االقتصادية باالستقرار االقتصادي من جهة واالستقرار السياسي من جهة
ثانية ،وهي كلها تشكل بيئة متكاملة تتحدد ضمنها مرتكزت التنمية االقتصادية.
لقد أدت التغييرات الكبيرة التي اجتاحت العالم خالل الفترة األخيرة إلى تنامي اإلدراك العام لدى البلدان النامية
نحو ضرورة التغيير لكون حكوماتها قد غدت مسؤولة أمام شعوبها ،في ظل تنامي الخيارات التي تصاحبها
تطلعات واعدة نحو تنمية المجتمعات لألجيال الحالية والمستقبلية.
وقد صاحب هذا التنامي في اإلدراك لمسؤولية الحكومات أمام مواطنيها ازدياد في اإلشارة المباشرة من قبل
العديد من األطراف المعنية بقضية إحداث التنمية الشاملة في داخل المجتمع إلى الدور الفاصل والحاسم الذي
تلعبه " اإلدارة الرشيدة " في تحسين أوضاع البشر داخل المجتمع ،وما يمكن لها أن توجده من حلول ناجعة
لمسائل الفقر والظلم االجتماعي وانعدام األمن وتحسين الخدمات العامة صوب هدف تحقيق المصلحة العامة
1
الذي يعد هدفا معلنا لكل النظم السياسية واإلدارية في العالم.
فمهما إختلفت طبيعة الدولة ا فإن دور ها في النشاط االقتصادي ال يمكن تجاهله فدور الدولة ال يتوقف عند
وظائفها التقليدية ولم يعد يقتصر على توفير الخدمات التي تمتنع المشروعات الخاصة عن تقديمها لجمهور
المواطنين بل إمتد إلى تدخل في النشاط االقتصادي ،وقد اختلفت طبيعة دور الدولة في النشاط االقتصادي
كالتالي:2
-مصطفى أبوبكربعيرة"،ال تنمية مستدامة بدون ادارة قوامة" ،ص ،.09مأخوذ من: 1
50
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
ب /الدولة المتدخلة :اتضح مع تطور األوضاع االقتصادية واالجتماعية ضرورة التخلي عن مفهوم الدولة
الحارسة ،وانتشر بدله مفهوم الدولة المتدخلة خاصة بعد أن ساد العالم الكساد العالمي الكبير في ،6818
وفي الوقت ذاته برزت أفكار النظرية الكنزية لالقتصادي اإلنجليزي كينز خالل الثالثينات من القرن
الماضي ،ولقد جاءت أفكار كينز معاكسة تماما ألفكار الكالسيك ،التي رسمت السياسات الحكومية الواجبة
2
اإلتباع للخروج من األزمة.
ج /الدولة االشتراكية :بعد الحرب العالمية األولى سادت مبادئ االقتصاد االشتراكي حيث ارتبط دور الدولة
باإلحالل محل قوى السوق ،وعندها بدأ ينتشر مفهوم الدولة المنتجة أو الدولة االشتراكية ،األمر الذي دعم
انتشار أسلوب التخطيط المركزي على الصعيدين العملي واألكاديمي ،وقد تبنت هذا االتجاه عدد من دول
أن معظم دول العال م الثالث كانت وقتها حديثة العهد باالستقالل وكانت تتطلع إلى تحقيق
العالم الثالث ،ذلك ّ
فإنه في ظل وجود تلك اإليديولوجيات
التنمية االقتصادية واالجتماعية واالرتقاء بأنظمتها ومؤسساتها ،وبالطبع ّ
3
اقتنعت هذه البلدان كغيرها بأنه ال يمكن حدوث التنمية دون تدخل مباشر من جانب الدولة.
ومن هذا فإن مراجعة دور الدولة في النشاط االقتصادي في الوقت الحاضر ستستقر على مفهوم جديد
لدور الدولة ليس بالضرورة أحد األدوارالثالثة سالفة الذكر ،فالظروف التاريخية واالقتصادية واالجتماعية تلعب
-سامي خليل ،نظرية االقتصاد الكلي ،القاهرة :وكالة األهرام للتوزيع ،6881 ،ص.95 1
-سعيد النجار ،نحو استرايتجية قومية لإلصال االقتصادي ،القاهرة :دار الشروق ،6886 ،ص.15 3
51
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
أن دور الدولة يتضح أكثر عند وضع وتنفيذ السياسة االقتصادية للبالد،
دو ار هاما في ذلك ،وبصفة عامة ّ
ويمكن القول أن اف ارزات األوضاع االقتصادية واالجتماعية الراهنة جعل من الدورالحديث للدولة في النشاط
االقتصادي يتجلى في توفير الموارد الالزمة لتنفيذ السياسات العامة االقتصادية الهادفة إلى تحقيق المنفعة
العامة و تليبة احتياجات األفراد.
هذا جوان كان موضع سيطرة الدولة على الموارد االقتصادية هو أم ار هاما وضروريا لحسن استخدام الموارد
وتنميتها وتوفيرالعدالة واالستقرار ،ال يعني أن تقوم الدولة بإدارة العالقات االقتصادية والتدخل المستمر بشكل
مباشر ،إنما المقصود بذلك هو قيامها بتنظيم إدارة الموارد االقتصادية في اتجاه عام متناسق مع أهداف
الدولة ،وأن تكون للدولة القدرة على منع أي انحراف من شأنه أن يهدد مصالح المجتمع.
أن حجم هذا الدور ارتبط تماما بحجم مالية الدولة عبر المراحل التاريخية المختلفة التي
وتجدر اإلشارة إلى ّ
مرت بها المجتمعات ولهذا وحتى يتحدد دور الدولة في النشاط االقتصادي البد من وجود سياسة مالية لهذه
الدولة يتحدد من خاللها وفي إطار عالقتها بباقي السياسات االقتصادية ،وبالتالي تحقق األهداف المطلوبة
1
والمتفق عليها من جميع أفراد المجتمع.
كما أن وظائف الدولة وتدخلها بغض النظر عن ممارسة هذه الوظائف أو عدم ممارستها تتمثل في:2
/1الوظيفة الحمائية :وهي تشمل االهتمام باألمن الداخلي والخارجي حيث تضمن استقرار المجتمع بحفظ
األمن والنظام العام وتطبيق القوانين ومقاومة الجريمة وحماية الملكية بكل أشكالها وفض النزاعات بين أفراد
المجتمع ،باإلضافة إلى مهمة الدفاع ضد االعتداءات الخارجية لتحقيق العدالة وتوفير الخدمات والمساعدات
االجتماعية وهذه كلها وظائف تقليدية للدولة.
-محمد لطفي فرحات ،ثورة المجتمع -مدخل إلى علم االقتصاد ، -ط ، 1ليبيا :دار الجماهيرية ،1001،ص.616 2
52
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
/2الوظيفة اإلنتاجية والتجارية :وهي اإلهتمام بالصناعة والزراعة وتوفيرالبنية األساسية وطرق والموصالت
والخدمات البريدية والحماية التجارية ،باإلضافة إلى إصدار النقود واإلشراف على الموازين والمكاييل
والمقاييس وتوفير اإلستشارات الالزمة لصناعة والتجارة.
/1الوظيفة التطويرية :وتهتم بالتعليم والصحة وتطوير البيئة والبحث العلمى وتقدم بعض الخدمات
االجتماعية االخرى كالضمان االجتماعي ،وتملك وتدير بعض المشروعات العامة وتقوم ببناء الطرق
والجسور ،المدارس والمستشفيات ،الحدائق العامة والمالعب...الخ.
/4الوظيفة اإلدارية :تتعلق بالتشريع والقواعد القانونية التي تنظم عمل الدولة سواء في النشاط االقتصادي
وغير االقتصادي والعالقة بين ما تنفقه وبين الواجبات الملقاة على عاتقها والبحث عن مصادر التمويل
المناسبة وغيرها من الخدمات اإلدارية األخرى.
كما أن المتتبع للعالقات المتبادلة بين االعتبارات السياسية والسياسة المالية يالحظ َّأنهما سياستان ال يمكن
الفصل بينهما ،فمن الناحية التقنية نجد أن القرار الخاص بكمية اإلنفاق والقرار الخاص بتمويل هذا اإلنفاق
1
فال يمكن اعتبارهما ق اررين منفصلين.
هذا وأن الباحثين قد أفرزوا عددا من النظريات لشر العالقة بين اإلقتصاد والسياسة ،و كذا مقتربات بارزة لها
تأثير عميق في الشؤون الثقافية و السياسية القومية اإلقتصادية و التي تفترض وتؤيد تفوق السياسة على
اإلقتصاد ،فاليبيرالية اإلقتصادية التي انبثقت عن حركة التنوير في كتابات آدم سميث ) (Adam Smithالتي
تفترض وجود السياسة و اإلقتصاد من الناحية المثالية على األقل ،في مجاالت معينة ،والماركسية التي برزت
في منتصف القرن التاسع عشر كرد فعل على الليب ا رلية واإلقتصاد الكالسيكي ،و التي تتمسك بأن اإلقتصاد
2
هو الذي يحرك السياسة وأن النزاع السياسي ينجم عن الصراع بين الطبقات حول توزيع الثروات.
-1فريح زينب" ،دور العامل االقتصادي في التوحالت السياسية الراهنة بالمنطقة المغاربية" ،رسالة ماجستير لتخصص علوم
سياسية وعالقات دولية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بسكرة ،1061،ص.60
-2المرجع نفسه ،ص.66
53
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
فبعض الدول تمتلك إنتاج القوة بواسطة قدرتها على اإلستثمار المباشر في دول أخرى وهو ما يمكنها من التهديد
بمنع شركاتها من اإلستثمار في دولة أخرى ،ودول أخرى تملك قوة سوقية بواسطة إمتالكها ألسواق واسعة
ومربحة تمكنها من فرض تعريفات جمركية أو نظام الحصص على صادرات دولة أخرى وذلك في سياق
1
الوصول إلى بعض األهداف السياسية أو االقتصادية.
إن القول بأن اإلقتصاد أكثر أهمية اليوم من أكثر من أي وقت مضى ،يمكن أن يعني واحد أوأكثر من األربعة
األشياء التالية وذلك حسب سبايروس إكونوميدس وبيتر والسون:
-وسائل إقتصادية) : (Economic Meansوتشمل التعريفات والحصص ،التالعب بالعملة ،والمعونة
والعقوبات اإلقتصادية التي هي اآلن أكثر أهمية السيما في ظل التراجع عن إستخدام المباشر للقوة.
-غايات إقتصادية) : (Economic Endsو يشتمل على:العمالة،إنخفاض التضخم ،النمو ،و التنمية .
-آثار إقتصادية) : (Economic Implicationsإن األفعال السياسية واألفعال األخرى تملك اليوم
-أسباب إقتصادية ) :(Economic Causesإن أكبر عدد من األعمال الهامة والسياسية وغيرها من
2
األحداث ،بما في ذلك تحقيق السالم و إندالع الحرب ،لها أسباب إقتصادية.
وهذه األشياء ال يمكن إال للدولة لوحدها أن تقوم بها وتتحكم فيها بق اررات نابعة من صناع القرار في الدولة،
وهو ما يعتبر عملية سياسية ،هذا ما يؤكد العالقة الوثيقة بين االقتصاد والسياسة ،وهذا من خالل حاجة
الق اررات والسياسات للموارد الالزمة لتنفيذها وتلبية الحاجات العامة لألفراد.
-Spyros Economides & Peter Wilson, The Economic Factor in International Relations, New York: I.B.Tauris
1
54
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
إن العمل على وضع برامص للتنمية االقتصادية أواإلسراع بها يهم الدول الغنية والفقيرة على حد سواء فالدول
الغنية ترغب في االحتفاظ بمعدالت تنمية مرتفعة حتى يمكن تجنب الكساد والركود طويل األمد وما لم يكن
معدل التنمية مرتفعا فان هذه الدول قد تعانى من زيادة اإلنتاج عن الحدود المطلوبة مقابل الطلب الكلي،
ومن ثم تواجه مشكلة الكساد والركود والبطالة على األمد الطويل فى حين تكون التنمية االقتصادية مطلبا
ملحا للدول الفقيرة كأحد الحلول الالزمة لمواجهة التطرف والحد من تكريس التبعية وترى أوساط األمم المتحدة
أن العوامل االجتماعية من أكبر األسباب فى إشعال الصراعات ومن ثم يجب على استراتيجيات التنمية
السعى الى تحقيق التوزيع العادل للدخول والعوائد االقتصادية والثروات للحيلولة دون تفجر الصراعات وهذا
1
هو مقصد التنمية االقتصادية .
ومنه فإن أبرز ما تنطوي عليه عملية التنمية هي إحداث تغيير جذرى في المجتمع يقضي به على مسببات
التخلف وأن إحداث هذا التغيريكون في هيكل المجتمع على كافة مستوياته اإلقتصادية واإلجتماعية وهو
القاسم المشترك بين كافة تجارب التنمية االقتصادية.
ويرى االقتصاديون أن من األهمية تعزيز تعبئة المدخرات المحلية والتي تعتبر شرطا من الشروط األولية
لتحقيق معدل مناسب من االستثمارات ومن ثم التنمية االقتصادية ويمكن تحديد هذه الوسائل فيما يلي:2
* ضرورة زيادة نصيب الفرد من الدخل القومي ،وهذا من خالل عدالة توزيع الدخول ألنه المحدد األساسي
للطاقة االدخارية وهذا لن يأتي إال من خالل الحد من ظاهرتي الفقر والبطالة.
* تطوير وتحرير قطاع التأمين باعتباره من أهم آليات تعبئة المدخرات االجتماعية.
* العمل على تخفيض تكلفة فتح حسابات إدخارية ،وهذا لجذب صغار المدخرين ،وتطوير أداء الصناديق
االدخارية وتوجيه احتياطياتها إلى االستثمار فى سوق رأس المال.
* العمل باستمرار على فتح مجاالت جديدة لالستثمار وتوظيفها توظيفا جيدا ،فتعد صناديق االستثمار مثاال
-1محمد نبيل الشيمي "،التنمية االقتصادية في الدول النامية ووسائل تمويلها" ،مجلة الحوار المتمدن ،لالعدد ، 1519 :د س
ن ،ص.6
-2المرجع نفسه ،ص.1
55
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
جيدا أو كأداة من أدوات االستثمار الحديثة باعتبارها وعاء ماليا لتجميع المدخرات واستثمارها في األوراق
المالية بواسطة خبراء متخصصين فضال عن أن المخاطر التي قد يتعرض لها المستثمر في الصندوق أقل
منها في حالة استثماره مباشرة.
كما أن هناك ثالث عوامل داعية الى تدخل الدولة في النشاط االقتصادي ،وهي:1
-1إخفاق آلية السوق وعدم قدرة القطاع الخاص على تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية المنشودة.
-2وجود ما يسمى بالسلع العامة أو االجتماعـية لالخدمات .
-3اإلحتكار الذي قد يبرز في النظم القائمة على مبـدأ المنافسة الكاملة.
وتمارس الدولة أربعة وظائف أساسية في اإلقتصاد الحديث وهي الوظيفة التخصصية ،الوظيفة التوزيعية،
2
الوظيفة التنظيمية والتشريعية ،الوظيفة اإلستق اررية.
كما تعد الفرضية التي صاغها االقتصادي غرشنكرون ) A.Gerschenkronبعد دراسته لتجربة التصنيع في
أوربا ،التي تنص على أن" الدولة تلعب دو اًر أكبر في عملية النمو كلما كان االقتصاد أكثر تخلفاً " من أكثر
الفرضيات شيوعاً في األدب االقتصادي ،الذي يتناول دور الدولة في عملية التنمية.
غير أن أفضل صياغة لفرضية غرشنكرون تلك التي قدمها ايكشتاين A.Ecksteinو ربط فيها حاجة
3
االقتصاد إلى التدخل المكثف للدولة بالعوامل آالتية:
-1كلما كان مدى أهداف التنمية االقتصادية واسعاً ،من الناحية الكمية والنوعية.
-2كلما قصر األفق الزمني الذي تحتاجه عملية تحقيق األهداف.
-3كلما زادت ندرة الموارد والوسائل المتاحة لتحقيق هذه األهداف.
-1بونوة شعيب ،موالي لخضر عبد الرزاق "،دور القطاع الخاص في التنمية االقتصادية بالدول النامية ،دراسة حالة
الجزائر" ،مجلة الباحث ،العدد،2717 ،70ص.22
56
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
-4كلما زادت العوائق غير االقتصادية الناتجة عن ضعف مرونة أوجمود البنيان االجتماعي والثقافي
والمؤسسي ،ألن هذه العوامل ستنعكس بدورها على الترتيبات التعاقدية والقانونية ،ودرجة التحضر
وخصائصه ،ودرجة الحراك االجتماعي ،وطبيعة البناء الطبقي ،وتركيبة القوى السياسية وحجم المشاركة
الشعبية في صياغة وتنفيذ الق اررات التنموية ،ونظام القيم السائد.
-5كلما زادت درجة التخلف النسبي لإلقتصاد.
كما يرى "ايكشتاين" أن هناك ارتباط موجب بين مستوى التنمية المتحقق وبين الفرص المتاحة للقطاع الخاص
لممارسة االختيار والمبادرة الفردية ،إال أنه يؤكد من ناحية أخرى على أن القيود الداخلية في الدول النامية
وبخاصة القيود التقنية والموارد ال تترك مجاالً واسعاً إلختيارالشكل المالئم لعملية التنمية.
1
وفي المجال االقتصادي يميز "ايكشتاين " بين خمسة أصناف من التدخل الحكومي وهي:
-1التدخل الحكومي لتوفير رأس المال االجتماعي بما في ذلك الحفاظ على القانون والنظام في المجتمع,
تحديد االلتزامات القانونية والتعاقدية وتنفيذها ,تقديم التسهيالت التعليمية والصحية ,والقيام بالوظائف العسكرية
حكومية. وكاالت قبل من عادة تجهيزها يجري كلها والدفاعية.وهي
-2توفير البنية االرتكازية االقتصادية ،مثل المصارف المركزية والتسهيالت النقدية والمالية ،والطرق العامة
واالتصاالت. المواصالت ووسائل والكهرباء كالماء األخرى العامة والمرافق
-3تطبيق الرقابة المباشرة وغير المباشرة من خالل إجراءات متنوعة مثل التعريفة الجمركية والضرائب
األسعار. على والرقابة واالئتمان السلع وتقنين والدعم
- 4إقامة بعض المشروعات الحكومية ،التي تتراو بين إدارة بعض الصناعات أو بعض المشروعات العامة
اإلنتاج. وسائل كل أو لبعض العامة أوالملكية مختلفة، صناعات في
-5التخطيط المركزي الذي قد يشتمل على تركز كامل أو جزئي في عملية صنع القرار االقتصادي في
مركزي. قومي تخطيط مجلس
كما يعتبر انطالق الثورة الصناعية في الربع األخير من القرن الثامن عشر ،البداية الحقيقية لتشكل مالمح
النظام الرأسمالي الجديد فشهدت هذه المرحلة ازدهار النشاط الصناعي ،وبروز الرأسمالية الصناعية كقوة
57
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
فاعلة اقتصادياً واجتماعيا ،وكانت وظائف الدولة تنظيمية مقتصرة على الحد األدنىل األمن والقضاء والجيش
والدبلوماسية ،أما الوظائف األخرى فكانت من اختصاص القطاع الخاص ،وكان محظورعلى الدولة أن
تتدخل في الشؤون االقتصادية واالجتماعية ،وقد ساهم في تعزيز هذا الموقف األفكار الليبرالية لالقتصاديين
الكالسيك وفي مقدمتهم آدم سميث التي جاءت لدعم موقف الدولة من القطاع الخاص ،فقد أكد آدم سميث
على أهمية ضرورة تركيز الدولة على أداء وظيفتها كدولة حارسة ،وحصرها بثالث وظائف أساسية هي
الدفاع ،وتوفير األمن والعدالة لحماية الملكية الخاصة ،فضال عن قيامها بالمشاريع التي يعجز الرأسماليون
عنها أوال يرغبون بها ،وبذلك جعل وضع الوظيفة الثالثة في إطار شديد المرونة ،تحدده التغييرات التي يمكن
أن تط أر على ظروف عملية النمو االقتصادي .كما طالب الدولة بالمحافظة على مبدأ الميزانية المتوازنة ،التي
1
ال يكون فيها للضرائب أواألنفاق العام أثار على النشاط االقتصاد.
بناءاً على ما تقدم نستطيع القول أن األفكار الليبرالية لإلقتصاديين الكالسيك لم تكن هي السبب وراء موقف
الدولة الحيادي في تلك المرحلة ،وأن ما كانت تلك األفكار هي نفسها نتاج لذلك الواقع االقتصادي ،الذي
كانت سمته الرئيسة الحرية االقتصادية وضعف تدخل الدولة في الشأن.
ولقد تجسد هذا التوجه بقيام الحكومة بتوفير السلع والخدمات وتوجيه اإلنتاج ،كما استهدفت تحقيق التوزيع
العادل للدخل وتحقيق االستخدام األفضل للموارد فأصبح تدخل الحكومة بار اًز في مختلف الميادين
االقتصادية واالجتماعية ،وتحققت إنجازات إنمائية كبيرة في الصحة والتغذية والتعليم ،ورغم هذا التطور في
وظائف الدولة إال أن السياسات الكينزية كانت تنصح أيضاً بعدم قيام الدولة بمزاحمة للقطاع الخاص في ميدان
اإلنتاج ،وحصر مهمتها في توفير عناصر رأس المال االجتماعي .على أن تترك للقطاع الخاص مهمة
تجهيز أرس المال اإلنتاجي المباشر ،وفي هذه المرحلة منحت الحكومة صالحيات لم يكن يسمح بها
الفكرالكالسيكي يمكن تلخيصها بما يأتي:2
-1حسين عمر ،مبادئ المالية العامة ،الكويت :مكتبة الفالح للنشر ، 5115،ص.14
58
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
-1التأكيد على أهمية الوظيفة التوزيعية للحكومة في المحافظة على العدالة في توزيع الدخول.
-2التأكيد على أهمية الوظيفة االستق اررية للحكومة المتمثلة في تحقيق استقرار األسعار والنمو االقتصادي
والعمالة الكاملة.
-3التأكيد على أهمية الوظيفة التخصيصية للحكومة المتعلقة بمعالجة نواحي القصور والفشل في عمل جهاز
السوق ،للوصول إلى التوزيع الكفء للموارد.
ومما تقدم يمكن القول أن القرار االقتصادي في الدول المتقدمة متغير تابع لحالة النشاط االقتصادي،
فالمتغيرات االقتصادية الكلية هي المتغيرات الرئيسية التي تتحكم في قرار الدولة حول التدخل في النشاط
االقتصادي من عدمه ،أما الق ارراالقتصادي في دول المنظومة االشتراكية السابقة كان متغير تابع إليديولوجيا
النظام السياسي وكانت هذه األيديولوجيا الماركسية توصي بضرورة ملكية الدولة لوسائل اإلنتاج والثروة ،جوازاحة
القطاع الخاص خارج ميدان النشاط اإلنتاجي باعتباره نشاطا اقتصاديا يقوم على استغالل الطبقة العاملة ،
فيما يعتبر القرار االقتصادي في معظم الدول النامية متغير تابع لردود أفعال النظام السياسي على الضغوط
الخارجية والداخلية ،بعدها يتحول هذا القرار إلى توجهات لرسم الخطوط العامة للسياسة االقتصادية والموقف
1
من القطاع الخاص.
وعليه فإن أي إستراتيجية تستهدف تكوين قطاع خاص قوي ومنافس كفء للقطاع العام يمكنه المشاركة
بفاعلية في عملية التنمية االقتصادية ،البد لها من توفير العناصر اآلتية :
أ -بنية تشريعية توفر قوانين المنافسة ،وقوانين اإلفالس والقانون التجاري.
ب -بنية تحتية في المجاالت التي ال يستطيع القطاع الخاص تأمينها.
ج -تأمين بيئة اقتصادية مستقرة.
د -نظام مالي مستقر وفعال يعمل في ظل إطار تنظيمي يوفر األمان والسالمة ويعزز المنافسة ،ويحمي
المودعين ،ويخلق الثقة في السوق المالية.
59
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
1
هـ -إستراتيجية تصحيحية تزيل التشوهات في االقتصاد التي تعرقل تحقيق التخصيص الكفوء للموارد.
و اضافة لهذا فأن القطاع الخاص وآليات السوق من ناحية والقطاع العام والتخطيط من ناحية ثانية ليست
بدائل كاملة لبعضها ،فلكل منهما حدوداً وال يقدر أي منهما منفرداً على إنجاز كل المهام التي تتطلبها عملية
التنمية في البلدان النامية ،وفي ظروف األزمات التي تعيشها معظم البلدان النامية ال يمكن أن يعهد بعجلة
قيادة عملية التنمية إلى السوق والقطاع الخاص ،والبد أن تكون تلك العملية من مسؤولية الدولة وجهازالتخطيط
،على أن يعمل السوق كآلية مساعدة يعتمد عليها بشكل رئيسي ،و تحقيق هذه العملية يتطلب معالجة عيوب
التخطيط ،ونواحي الفشل والقصور في أجهزة الدولة والقطاع العام ،عن طريق:
أ-ضرورة أجراء التطوير المستمر للكوادر البشرية واألساليب واألدوات التكنيكية الالزمة إلعداد الخطط
االقتصادية لكي تتواءم مع التغييرات المستمرة في االقتصاد الوطني وفي البيئة الدولية.
ب -ضرورة أجراء التطوير المستمر في أجهزة الدولة اإلدارية وتنقيتها من مظاهر الفساد اإلداري ،جواضفاء
نوع من الشفافية على أنشطتها ،مع ضرورة تطوير أساليب عمل القطاع العام جواعادة هيكلته وتنظيمه لتأهيله
واألجنبي . لعملية المنافسة مع القطاع الخاص المحلي
ويمكن القول أن الدول التي تتبنى أيديولوجيا رأسمالية بالدين ،وهي أيديولوجيا ليبرالية كاملة على الجانب
االقتصادي ،ولكنها مركزية غير ديمقراطية على الجانب السياسي كما أنه موقف يرتبط بالعامل السياسي
2
ارتباط وثيق فهدف الدولة هو إقناع الجمهور بالمشاركة بالفائض االقتصادي المتولد عن الريع النفطي.
انطالقا من أن التنمية االقتصادية بمختلف برامجها وكذا العمليات أو األهداف التي تصبو إليها ال يمكن لها
أن تكون بمعزل عن البيئة التي تحدث فيها ،وبالتالي فإن هنالك العديد من العوامل التي تؤثر عليها أو
تساعد في تجسيد مخططاتها ،فيعتبر االستقرار السياسي ذو عالقة وثيقة بالتنمية االقتصادية.
60
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
وفي معرض الجدل التاريخي الذي قام حول دور اإلدارة الجيدة في تحقيق التنمية المستدامة داخل المجتمع،
يمكن النظر إلى االهتمامات األدبية المتنامية بقضايا التنمية االقتصادية؛ حيث أنها كانت المفهوم األكثر شيوعا
خالل تلك الفترة ،و لم تحتل التنمية اإلدارية وقضاياها أي مكان في كتابات رواد تلك الحقبة من أمثال جون
ماينارد كينز) (1946- 1883وج .شومبيتر ل 3591-3881وغيرهم ،الذين كان اهتمامهم منصباً بشكل
أساسي على القضايا االقتصادية ودورها في إحداث التنمية المستدامة في داخل المجتمع ،وتم الحديث على أن
1
اإلدارة تمثل فقط أحد عناصر العملية االقتصادية.
أوال :التنمية وسيلة لتقليص الفجوة االقتصادية والتقنية بين الدول النامية والدول المتقدمة:
من أجل تقليص حدة الفجوة االقتصادية والتقنية الموجودة بين الدول المتقدمة والدول النامية ،يجب على هذه
األخيرة تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية للنهوض والسير بركب الدول المتقدمة وفي هذا اإلطار البد أن نشير
إلى مجموعة من العوامل التي زادت من حدة هذه الفجوة حيث يمكن حصرها في المجموعتين اآلتيتين:2
تتمثل في:
-1مجموعة العوامل االقتصادية :تمس هذه العوامل الجانب االقتصادي ،و ٌ
-2زيروني مصطفى "،النمو االقتصادي و استراتيجيات التنمية -حالة اقتصاديات دول جنوب شرق آسيا ،"-رسالة دكتوراه
لعلوم اقتصادية ،كلية العلوم االقتصادية و التسيير ،جامعة الجزائر ،2000 ،ص.14
61
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
وتتمثل في:
وكذا مجموعة من العوامل غير االقتصادية ٌ
-سوء التغذية.
بتبنــي رؤيــة
وعليــه يجــب علــى البلــدان الناميــة العمــل علــى تجــاوز هــذه العوامــل بنوعيهــا تــدريجيا وذلــك ٌ
واستراتيجية مدروسة وواضحة من أجل تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية لتضييق الفجوة بينها وبين الدول
1
المتقدمة.
ثانيا :التنمية أداة لالستقالل االقتصادي :إن التنمية الحقيقية البد أن تقوم على االستقالل االقتصادي وليس على
تبعيته ،فحصول البلدان النامية على االستقالل السياسي ال يعني القضاء على حالة التبعية ،خاصة في حالة
ازدياد المشروعات التي تقيمها هذه الدول بعد االستقالل والتي تحتاج فيها إلى التعامل التكنولوجي والمالي مع
الدول المتقدمة ،األمر الذي يزيد ويعمق من روابط تبعية الدول النامية ،ومن أجل التخلص من هذه التبعية البد
62
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
من تغيير الهيكل االقتصادي للدولة ،و ذلك بإحداث تنمية حقيقية تعتمد على الذات باستغالل الموارد المتاحة في
1
الدولة استغالال صحيحا وكامال.
إن القيام بأعباء التخطيط والقيادة جوادارة السلوك اإلنساني على مستوى الدولة هو أمر بالغ األهمية والخطورة
ألنه يتعلق باستيعاب الماضي والتعامل مع الحاضر والعمل للمستقبل ،وهو أمر يخص النخبة السياسية
خصوصاً وجماهير المجتمع عموماً في إطار الدولة وتمثل عالقة أشبه بعالقة الرو بالبدن ،فإذا كانت
2
جماهير الشعب تمثل البدن فان النخبة السياسية تمثل الرو التي تعد سبباً لفاعليته واستم ارره.
هذا ويدفعنا الحديث عن عالقة االستقرار السياسي بالتنمية االقتصادية إلى الحديث عن التنمية السياسة
كعامل مهم في االستق اررالسياسي من جهة ومن ثم االقتصادي ،فرغم الصعوبات التي واجهت الباحثين في
مجال التنمية السياسية في تحديد مفهوم محدد وواضح ،إال أنهم حاولوا وضع بعض التعاريف التي قد تؤدي إال
تقريب الرؤى حول هذا المفهوم.
وقد أعطى روبير بيركنهايم ) (Robert Berghinhamخمسة مدلوالت لمفهوم التنمية السياسية وهي:3
-2محمد شطب عيدان المجمعي "،التنمية السياسية وعالقتها بالتنمية االقتصادية" ،على الرابط:
ليوم5115/15/14على 13:31ص.70 http://www.startimes.com/f.aspx?t=31802290
-3المرجع نفسه،ص.70
63
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
ه -مدلول ثقافي :يتعلق بالتحديث وذلك نتيجة لثقافة سياسية معينة.
فيرى لوسيان باي ل (Lucien pyeومن خالل تعريفاته العشرالتي قدمها للتنمية السياسية في كتابه" جوانب
ومظاهر التنمية السياسية" بأن التنمية السياسية هي الشرط الضروري الالزم لتحقيق التنمية االقتصادية.
هذا ما يجعل من االستقرار في المناصب القيادية وانتقالها بطرق سلمية ضرورة قصوى من أجل أن تكون
برامص ومخططات التنمية الشاملة بشكل عام واالقتصادية بشكل خاص تعمل في ظل الظروف والعوامل
المساعدة على تجسيدها ،ومن هذا يعتبر العامل السياسي عامال قويا في عملية التنمية ألن عدم توفر
االستقرار كما هو موجود في معظم الدول النامية يشكل عائقا أمام التنمية ،إذ يتطلب اتخاذ الق اررات
االقتصادية التنموية التي تؤدي إلى إحداث التغيرات العميقة في االستقرار السياسي للدولة ،لكي تستطيع أن
تعمل بجد لتغيير المجتمع نحو األفضل والخروج من المشاكل تدريجيا لذلك فإنه يتطلب توفير بيئة
سياسية مهيأة قادرة على إدارة المجتمع جوادارة التنمية من أجل التقليل من ردود األفعال االجتماعية والسياسية
1
وخلق إطار ديمقراطي مالئم.
ومنه فإن عالقة التنمية االقصادية باالستقرار السياسي يكمن في دور الفواعل السياسية في تجسيد برامص
ومخططات التنمية اإلقتصادية ،وهذا من منطلق أن التنمية السياسية القائمة على أساس التنشئة السياسية
التي بدورها تهدف إلى زيادة الوعي السياسي وبالتالي ارتفاع مستوى الثقافة السياسية ،وهذا مايساعد على
تبني السياسات التي من شأنها أن تلبي المطالب الجماعية ألفراد المجتمع بصورة تشاركية وفي ظروف تتميز
باالستقرار التام على مختلف األصعدة السياسية واالقتصادية واالجتماعية.
64
الفصل الثاني............محددات عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستق اررالسياسي
خالصـة
مما تطرقنا إليه في هذا الفصل ،فإن عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي هي عالقة
تأثير متبادل ناتص تفاعل العوامل المؤثرة في كل منهما ،وأنه كلما ارتكزت أهداف السياسات العامة
االقتصادية على تحقيق الغايات الكبرى للتنمية االقتصادية ،كلما زادت قدرة النظام على تحقيق الستقرار
التوازن اإلقتصادي سواء الداخلي أوالخارجي شرط ضروري لتحقيق أهداف السياسة اإلقتصادية للبلد والمتمثلة
في التنمية والعدالة واالستقرار على جميع األصعدة السياسية واالقتصادية واالجتماعية ،كما أنه من أبرز
محددات العالقة بين السياسات االقتصادية واالستقرار السياسي.
كما أن البيئة االقتصادية المستقرة تعتبر ضرورة أساسية لتحقيق التنمية في اقتصاد أي بلد ،ومنه ترشيد
السياسات العامة االقتصادية ،هذا ما يجعل برامص التنمية أكثر عقالنية ورشادة.
هذا وإن االستقرار السياسي هو اآلخر يتأثر بعوامل ومتغيرات عديدة ،فالتنمية الشاملة عملية تقوم
وتتحكم فيها بق اررات نابعة من صناع القرار في الدولة ،وهو ما يعتبر عملية سياسية ،هذا ما يؤكد العالقة
الوثيقة بين االقتصاد والسياسة.
لكي يكون القطاع الخاص قوي ومشارك بفاعلية في عملية التنمية االقتصادية ،البد له من توفر بنية
تشريعية توفر قوانين المنافسة ،وبنية تحتية في المجاالت التي ال يستطيع القطاع الخاص تأمينها ،وكذا بيئة
اقتصادية ونظام مالي مستقرين.
65
الفصل الثالث :تأثير
السياسات العامة
اإلقتصادية على اإلستقرار
السياسي في الجزائر
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
تمهـيد
مما الشك أن للسياسات العامة سواء الكلية أواإلقتصادية عالقات وتفاعالت مع مختلف المتغيرات
االقتصادية واالختماعية والسياسية التي تشكل في مجملها البيئة التي تتم فيها صناعة و تنفيذ البرامج
والسياسات ،فالسياسات العامة في البلدان العربية عموما والجزائرخصوصا هي نتاج تفاعل متغيرات داخلية
وخارجية ،هذه المتغيرات هي التي يكون لها من التأثير بما كان في رشادة السياسات الكلية و منها
االقتصادية.
ومن هذا فإننا سنتطرق في هذا الفصل إلى عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي في
الجزائرمن خالل التطرق في للمبحث األول إلى أهم السياسات العامة االقتصادية المطبقة في الجزائر خالل
الفترة ( )0202-0222والمتمثلة في برنامج اإلنعاش االقتصادي ،ثم البرنامج التكميلي لدعم النمو وبرنامج
ثم نتناول في المبحث الثاني انعكاسات هذه السياسات المطبقة على أهم المجاالت في الحياة العامة ،وذلك
من خالل التطرق إلى االنعكاسات االقتصادية ،من خالل أبرز التغيرات في المؤشرات االقتصادية ،ثم
االنعكاسات االجتماعية ،من خالل ما تم إحداثه من برامج وماتم التوصل إليه من نتائج في الجانب
االجتماعي ،وأخي ار االنعكاسات السياسية ،من خالل التطرق إلى أبرز األحداث والتحوالت السياسية الداخلية.
67
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
1
- Gregory N. Mankiw, Macroéconomie Bruxelle: boek université, 2006, page 311.
-2ناجية صالحي و فتيحة مخنان "،أثر برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي و البرنامج التكميلي لدعم النمو و برنامج التنمية
الخماسي على النمو االقتصادي ( ،")1022-1002مداخلة ( أبحاث المؤتمر الدولي حول تقييم أثاراالستثمارات العامة
وانعكاساتها على التشغيل واالستثماروالنمو االقتصادي خالل الفترة ،1022-1002جامعة سطيف 21/22 ،مارس،1022
ص.02
68
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
-1المجلس الوطني االقتصادي واالجتماعي ،تقرير حول الظرف االقتصادي و االجتماعي للسداسي الثاني من سنة ، 1002
الدورة العامة التاسعة عشرة ،نوفمبر ،1002ص.12
-1المجلس الوطني اإلقتصادي واإلجتماعي ،تقرير حول الظرف اإلقتصادي واإلجتماعي للسداسي الثاني من سنة ، 1002
الدورة العامة ، 12جوان ،1002ص.21
-2المرجع نفسه،ص.22
69
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
1
-Le plan de relance économique : http: // membres.lycos.fr/ algo/ down load/ plan de relance.doc .(11/05/2015a
)15 :30
-2المجلس الوطني االقتصادي واالجتماعي ،تقريرحول الظرف االقتصادي واالجتماعي للسداسي الثاني من سنة ،1002مرجع
سابق ،ص.211
70
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
يتوزع هذا البرنامج الذي يتضمن غالفا ماليا قدره 505مليار دج حسب المقومات المدرجة في الجدول اآلتي:
الجدول ( :)20عرض مقومات برنامج االنعاش االقتصادي (.)1002-1002
أ /الفالحة :يندرج هذا البرنامج في إطارالمخطط الوطني للتنمية الفالحية ) (PNDAوهذا من خالل:
-تكثيف اإلنتاج الفالحي خاصة المواد واسعة االستهالك وترقية الصادرات من المنتجات الفالحية.
-إعادة تحويل أنظمة اإلنتاج للتكفل أحسن بظاهرة الجفاف في إطار إجراء خاص.
-1بولحية عياش" ،دراسة اقتصادية لبرنامج دعم اإلنعاش االقتصادي المطبق في الجزائر للفترة الممتدة مابين،"1002-1002
مذكرة ماجستير(علوم اقتصادية ،كلية العلوم االقتصادية و التسيير ،جامعة الجزائر) ،1022ص.00
71
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
-مكافحة الفقر والتهميش ،السيما عن طريق مشاريع تجريبية للتنمية الجماعية ومعالجة ديون الفالحين ،وقد
1
قدرت تكلفة هذا البرنامج ب 65مليار دج.
ب /الصيد والموارد المائية :يتعلق األمر في هذا اإلطار على وجه الخصوص ب:
-تخصيص الموارد للصندوق الوطني المساعد في الصيد التقليدي والصيد البحري) (FNAPAAالوسيلة
المفضلة لتشغيل وتنفيذ البرنامج.
فرع لدى صندوق التعاون الفالحي -إنشاء مؤسسة للقرض من أجل الصيد وتربية المائيات ،بفت
) (CNMAالذي يتمتع بشبكة للصناديق الواقعة على مستوى مراكز الصيد وتربية المائيات.
-إدخال إلجراءات جبائية ،شبه جبائية،و كذلك جمركية رامية إلى دعم نشاط المتعاملين االقتصاديين.
-معالجة ديون المهنيين المتعاقدين من طرف المستفيدين من مشاريع CEEو.FIDA
2
المبلغ اإلجمالي لتمويل هذا البرنامج يقدر بط 9,5مليار دج.
أ-التنمية المحلية :إن البرنامج المقترح والمقدر بط 111ملياردج ،يحدد نشاط الدولة في التكفل باالنشغاالت
المحلية على عدة مستويات ،والتدخل فيما يخص التحسين النوعي والمستدام لإلطار المعيشي للمواطنين،
وذلك من خالل:
-إنجاز المشاريع المرتبطة بالطرق (طرق الئية وبلدية) وتطهير الماء والمحيط ،وكذلك الخاصة بإنجاز
البنى التحتية لالتصال التي تشجع كلها على استقرار ورجوع السكان ،والسيما منها المناطق التي مستها
األعمال اإلرهابية خالل األزمة األمنية التي عرفتها البالد.
-1مراد علة"،إشكالية األمن الغذائي في الجزائر"،مداخلة( قراءة تقييمية في السياسات الوطنية للتنمية الفالحية وسبل تفعيل
التكامل الغذائي العربي ،الملتقى ال دولي التاسع حول :في ضوء المتغيرات والتحديات االقتصادية الدولية ،جامعة حسيبة بن
بوعلي ،الشلف) 12/12 ،نوفمبر ،1022ص .02
-2كريم زرمان "،التنمية المستدامة في الجزائر من خالل برنامج اإلنعاش االقتصادي ،" 2001/2009مجلة أبحاث اقتصادية
وادارية ،جامعة بسكرة ،العدد السابع جوان ، 2010،ص .102
72
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
-يستجيب هذا البرنامج لحاجات ملموسة ،معبر عنها بمشاريع رامية إلى تنمية مستدامة على صعيد
1
المجموعات اإلقليمية.
ب-التشغيل والحماية االجتماعية :إن البرنامج المقترح بالنسبة لهذه الفترة في ميدان الشغل والحماية
االجتماعية يتطلب غالف مالي يقدر ب 16مليار دج .فهو يخص برامج األشغال ذات الكثافة العالية لليد
العاملة ) (TUP – HUMOوالمتعلقة بالواليات المحرومة.
إن هذه البرامج من شأنها أن تسم بعرض إضافي ل 70.000منصب شغل دائمين لتلك الفترة ،أما عن
النشاط االجتماعي ،يتعلق األمر بنشاطات التضامن مع السكان األكثر ضعفا واعادة االعتبار للمؤسسات
المتخصصة واكتساب 500حافلة نقل مدرسي للبلديات المحرومة 0,7وأخي ار 3ماليير دج ترمي إلى تأطير
2
سوق العمل.
-3تعزيز الخدمات العامة وتحسين إطار المعيشي:
في إطار األشغال الكبرى للتجهيز والتهيئة العمرانية قدر الغالف المالي بط 210,5مليار دج ،هذا البرنامج
يشكل من ثالثة جوانب :التجهيزات الهيكلية للعمران ،إعادة إحياء الفضاءات الريفية في الجبال والهضاب
العليا والواحات وكذا السكن والعمران.
-4تنمية الموارد البشرية:
تقدر تكلفة البرنامج بط 90,3مليار دج وتم اختيار المشاريع وفقا النعكاسها المباشر على حاجيات السكان،
وكذلك لتقييم اإلمكانيات والقدرات الموجودة منشتت الصحة والتربية كما احتفظ أيضا بالبرامج التي تقدر
اإلمكانيات العلمية والتقنية والتي تقلص من ضغط تدفق الطلبة عند الدخول الجامعي ،يتوزع هذا البرنامج
على الشكل التالي:
1
- Bilan du programme de soutien de la relance économique, Septembre 2001 à Décembre 2003, P6 -7.
2
- Plan de la relance économique, les composantes du programme, Septembre 2001 à Décembre 2003, P 9.
73
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
-1عمرعبو وهودة عبو" ،جهود الجزائر في األلفية الثالثة لتحقيق التنمية المستدامة" ،مداخلة (الملتقى الوطني حول التحوالت
السياسية واشكالية التنمية في الجزائر :الواقع والتحديات ،جامعة حسيبة بن بوعلي ،الشلف) ،1022،ص.02
74
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
ضرورة مّلحة قصد تحسين اإلطار المعيشي من جهة ،و كتكملة لنشاط القطاع الخاص في سبيل ازدهار
االقتصاد الوطني من جهة أخرى.
-تحسين مستوى معيشة األفراد :وذلك من خالل تحسين الجوانب المؤثرة على نمط معيشة األفراد ،سواء كان
الجانب الصحي ،األمني أو التعليمي.
-تطوير الموارد البشرية والبنى التحتية :وذلك راجع للدور الطذي يلعبطه كطال مطن المطوارد البشطرية والبنطى التحتيطة
أن
في تطوير النشاط االقتصادي ،إذ تعتبر الموارد البشرية من أهم المطوارد االقتصطادية فطي الوقطت الحطالي ،إذا ّ
تتميطز بهطا المطوارد التقليديطة عطن طريطق ترقيطة المسطتوى التعليمطي
يجنطب مشطكلة النطدرة التطي ّ
تطويرهطا المتواصطل ّ
أن البنطى التحتيطة لهطا دور هطام جطدا فطي تططوير النشطاط
والمعرفي لألفطراد واالسطتعانة بالتكنولوجيطا فطي ذلطك ،كمطا ّ
اإلنتطاجي وبالخصطوص فطي دعطم إنتاجيطة القططاع الخطاص مطن خطالل تسطهيل عمليطة المواصطالت وانتقطال السطلع
والخدمات وعوامل اإلنتاج.
-رفع معدالت النمو االقتصادي :يعتبر رفع معدالت النمو االقتصادي الهدف النهائي للبرنامج التكميلي لدعم
النمو ،وهو الهدف الذي تصب فيه كل األهداف السابقة الذكر.
يعتبر البرنامج التكميلي لدعم النمو برنامجا غير مسبوق في تاريخ الجزائر من حيث قيمته التي بلغت 2022
مليار دج ،حيث أضيف له بعد إق ارره برنامجين خاصين ،أحدهما بمناطق الجنوب بقيمة 220مليار دج
واآلخر بمناطق الهضاب العليا بقيمة 000مليار دج ،زيادة على الموارد المتبقية من مخطط دعم اإلنعاش
االقتصادي والمقدر ب 0240مليار دج ،والصناديق اإلضافية المقدرة ب 0090مليار دج والتحويالت
1
الخاصة بحسابات الخزينة بقيمة 0022مليار دج ،وعليه المجموع النهائي لقيمته يصب 0425مليار دج.
يبرزالبرنامج التكميلي لدعم النمو من ناحية المشاريع المدرجة بوضوح رغبة الدولة في خلق ديناميكية متواصلة
في فعاليات النشاط االقتصادي ،فالبرامج وكذا الحصص المالية و الموارد البشرية التي خصصت ضمنها أقل
مايقال عنها انها معتبرة جدا ،بحيث أنها اعتمدت مبالغ مالية تسم بانطالق جل األنشطة ،واستمرار تمويلها
إلى غاية تكملتها ،من أجل تحقيق أهدافها بشكل جيد ،وذلك في المحاورالتي يشملها كمايلي:
-1بيان إجتماع مجلس الوزراء " ،برنامج التنمية الخماسي ، " 1022-1020الجزائر ، 1020 ،ص.22
75
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
76
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
نالحظ بأن قطاع النقل يتصدر قائمة اهتمامات برنامج تطوير المنشتت األساسية كما أن قطاع األشغال
العمومية ال يقل أهمية عن قطاع النقل في هذا البرنامج.
ج-دعم التنمية االقتصادية:
يتضمن هذا البرنامج دعم التنمية االقتصادية في عدة قطاعات رئيسية وهي: 1
-الفالحة والتنمية الريفية :حيث خصص له ما قيمة 222مليار دج وهو بذلك يعكس مكانة القطاع الفالحي
في االقتصاد الوطني ،حيث يعتبر أكثر القطاعات مساهمة في الناتج المحلي خارج قطاع المحروقات بعد
قطاع الخدمات.
-الصناعة :حيث خصص لهذا القطاع 02,5مليار دج وذلك قصد تحسين التنافسية بين المؤسسات الصناعية
وكذا تطوير الملكية الصناعية.
-ترقية االستثمار :حيث خصص له ما يقارب 2,5مليار دج قصد توفير أوفر السبل وتهيئة المناخ لجلب
االستثمارات سواء كانت محلية أو أجنبية.
-الصيد البحري :حيث خصص له ما قيمة 00مليار دج بهدف القيام بعمليات دعم الصيد البحري.
-السياحة :حيث خصص له ما قيمة 2,0مليار دج بهدف انشاء 20منطقة توسع سياحي .
-المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية :إذ أنه و نظ ار للدور الذي تلعبه المؤسسات الصغيرة
والمتوسطة في ازدهار النشاط االقتصادي من خالل الخلق المباشر للقيمة المضافة و مناصب العمل ،وكذا
األهمية التي تحوزها الصناعة التقليدية في المجتمع الجزائري فخصصت الدولة لها ما قيمة 2مليار دج.
د-تطوير الخدمة العمومية وتحديثها:
والهدف من ذلك هو تحسين الخدمة العمومية وجعلها في مستوى التطلعات والتطورات االقتصادية
مرت بها
واالجتماعية الجارية قصد تدارك التأخر المسجل في هذا اإلطار نتيجة الظروف الخاصة التي ّ
الجزائر في فترة التسعينات ،وما عرفته البالد من فوضى عامة أدت إلى تدهور مستوى الخدمة العمومية،
وخصص في هذا اإلطار 022,9مليار دجموزعة على القطاعات التالية:
أ-البريد وتكنولوجيات اإلعالم واالتصال :حيث يستهدف فك العزلة عن المناطق النائية والبعيدة من خالل
تزويدها بالموزعات الهاتفية وكذا رقمنة 61محطة أرضية.
77
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
األفراد ب-العدالة :حيث يعتبر قطاع العدالة قطاع حساس ،يمثل الضمان الكامل واألمثل لمصال
ثم فهو يمثل عامال مهما في زيادة الثقة بين المتعاملين االقتصاديين ،ويتضمن هذا البرنامج
والمؤسسات ،ومن ّ
إنشاء 02مجلسا قضائيا و 34محكمة و 50مؤسسة عقابية.
ج-الداخلية :والغرض منه هو تطوير مصال األمن الوطني والحماية المدنية .
د-التجارة :إذ ّأنه وقصد تحسين الفضاء التجاري وتنظيم السوق التجارية بشكل رئيسي ،جاء هذا البرنامج
بغرض تحقيق جملة من األهداف (إنجاز مخابر مراقبة النوعية ،اقتناء تجهيزات مراقبة النوعية ،إنجاز مقرات
تفتيش النوعية على الحدود).
ه-المالية :حيث يهدف إلى تحديث وعصرنة اإلدارة المالية في قطاع الجمارك والضرائب على وجه
1
الخصوص.
المطلب الثالث :برنامج التنمية الخماسي ()0202-0202
يندرج هذا البرنامج ضمن دينامية إعادة األعمار الوطني التي انطلقت قبل 02سنوات ببرنامج دعم اإلنعاش
االقتصادي الذي تمت مباشرته سنة 0220على قدر الموارد التي كانت متاحة وقتذاك كما سبق الذكر
وتواصلت الدينامية هذه ببرنامج فترة ( )0229-0225الذي تدعم هو اآلخر بالبرامج الخاصة التي رصدت
لصال واليات الهضاب العليا وواليات الجنوب ،وبذلك بلغت كلفة جملة عمليات التنمية المسجلة خالل
السنوات الخمس الماضية ما يقارب 04.522مليار دينار جزائري من بينها بعض المشاريع المهيكلة التي ما
تزال قيد اإلنجاز.
وباإلضافة إلى دعم تنمية االقتصاد الوطني من خالل دعم التنمية الفالحية والريفية ،وترقية المؤسسات
الصغيرة والمتوسطة من خالل إنشاء مناطق صناعية ،والدعم العمومي للتأهيل وتيسير القروض البنكية،
وكذا دعم التنمية الصناعية من خالل القروض البنكية الميسرة من قبل الدولة من أجل انجازمحطات جديدة
لتوليد الكهرباء وتطوير الصناعة البتروكيماوية وتحديث المؤسسات العمومية الناشطة.
ويستلزم برنامج االستثمارات العمومية الذي وضع للفترة الممتدة مابين 0202و 0202من النفقات 00.002
مليار دينار جزائري أوما يعادل 000مليار دوالر وهو يشمل شقين إثنين هما:
78
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
أوال :استكمال المشاريع الكبرى الجاري إنجازها على الخصوص في قطاعات السكة الحديدية والطرق والمياه
بمبلغ 9422مليار دينار جزائري ،ما يعادل 022مليار دوالر.
ثانيا :إطالق مشاريع جديدة بمبلغ 00.522مليار دينار جزائري.
يخصص برنامج ( )0202-0202أكثر من %22من موارده لتحسين التنمية البشرية وذلك على
الخصوص من خالل:1
-ما يقارب 5222منشأة للتربية الوطنية )منها 0222إكمالية و 052ثانوية ( و 022222مقعد بيداغوجي
جامعي و 222222مكان إيواء للطلبة و أكثر من 222مؤسسة للتعليم والتكوين المهنيين.
-أكثر من 0522منشأة قاعدية صحية منها 040مستشفى و 45مركبا صحيا متخصصا و377عيادة
متعددة التخصصات ،باإلضافة إلى أكثر من 42مؤسسة متخصصة لفائدة المعوقين.
-مليوني وحدة سكنية منها 0,0مليون وحدة سيتم تسليمها خالل الفترة الخماسية على أن يتم الشروع في
أشغال الجزء المتبقي قبل نهاية سنة .0202
-توصيل مليون بيت بشبكة الغاز الطبيعي وتزويد 002222سكن ريفي بالكهرباء.
-تحسين التزويد بالمياه الشروب على الخصوص من خالل إنجاز 25سد و 05منظومة لتحويل المياه
وانهاء األشغال بجميع محطات تحلية مياه البحر الجاري إنجازها.
موجهة للشبيبة والرياضة منها 02ملعب و 002قاعة متعددة الرياضات،
-أكثر من 5222منشأة قاعدية ّ
222مسب وأكثر من 022نزل ودار شباب.
-وكذا برامج هامة لقطاعات المجاهدين والشؤون الدينية والثقافة واإلتصال .
كما خصص برنامج االستثمارات العمومية ما يقارب % 22من موارده لمواصلة تطوير المنشأت القاعدية
األساسية وتحسين الخدمة العمومية وذلك على الخصوص:
موجهة لقطاع األشغال العمومية لمواصلة توسيع وتحديث شبكة الطرقات وزيادة
-أكثر من 2022مليار دج ّ
قدرات الموانئ.
-أكثر من 0022مليار دج مخصصة لقطاع النقل من أجل تحديث و مد شبكة السكك الحديدية وتحسين
النقل الحضري )على الخصوص تجهيز 02مدينة بالتراموي( وتحديث الهياكل القاعدية بالمطارات.
79
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
80
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
ويجمع خبراء االقتصاد أن مبلغ االلتزامات المالية التي أقرها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة خالل
هذا البرنامج يترجم إرادة السلطات العمومية في االستفادة من الصحة المالية للخزينة الوطنية من أجل تسريع
1
وتعزيز التنمية االقتصادية واالجتماعية.
ومما سبق يمكن القول أن السياسات العامة االقتصادية في الجزائرسواء في الفترة المدروسة أو قبال ،تميزت
كلها باالستغالل الملحوظ في الطفرة المالية التي عرفها االقتصاد الوطني ،وهو ما جعل من هذه السياسات
ذات أهداف اقتصادية و اجتماعية وسياسية ،على المديين القريب والبعيد.
81
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
82
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
هذا وقد تم إنجازعدد كبيرمن المشاريع التي تم إقرارها في برنامج دعم االنعاش االقتصادي ،وفي اآلجال
المحددة تقريبا ،مثلما يوض الجدول الموالي:
الجدول( :)02يوض حصيلة المشاريع المنجزة في نهاية سنة .1002
فبالنسبة لمخطط دعم اإلنعاش اإلقتصادي نجد أنه ساهم خالل فترة تطبيقه في تحقيق متوسط معدل نمو
حقيقي قدر بط %2.9مع تسجيل انخفاض معدالت البطالة من %1..2سنة 1002إلى 17.7%سنة
،1002أما البرنامج التكميلي لدعم النمو فقد ساهم خالل فترة تطبيقه في تحقيق متوسط معدل نمو حقيقي
1
قدر %1.8مع تسجيل انخفاض معدالت البطالة من %22.2سنة 1002إلى %20.1سنة .1008
فقد اعتمد النمو في الجزائر بشكل كبير على قطاع المحروقات ،حيث قدرت مساهمة هذا األخير في الناتج
المحلي اإلجمالي سنة 2008بط ) ،( 54.6 %قطاع الخدمات ) ،( 20 %الزراعة ) ،( 7.6 %البناء
) ،)%9.3وفقط ) ( 5.5 %بالنسبة للصناعة خارج المحروقات ،وهي مجمل إسهامات هذه البرامج في
الناتج المحلي االجمالي ،وهوما يظهره الشكل الموالي:
83
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
الشكل ( :)04توزيع الناتج المحلي اإلجمالي حسب القطاعات في الجزائر لسنة .2008
84
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
األكبر في الواردات خالل الفترة ( )1008-1002سجلت على مستوى السلع نصف المصنعة التي تزايدت
من 1.4مليار دوالر سنة 1002إلى 8.2مليار دوالر سنة ،2009إضافة للتجهيزات الصناعية التي تزايدت
خالل نفس الفترة من 2.1مليار دوالر إلى 22.2مليار دوالر ،والمواد الغذائية من 1.2مليار دوالر إلى ..2
مليار دوالر ،وهذا ما يؤكد أن مشكل اإلقتصاد الجزائري هو مشكل ضعف جانب العرض -الجهاز
1
اإلنتاجي -وليس مشكل ضعف في جانب الطلب.
الجدول( :)02تطور واردات الجزائرمن السلع(1020/1000دوالر امريكي)
85
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
فبالنظرلى
ا )1022ذات أهداف اقتصادية بالدرجة ،وأهداف اجتماعية ال تقل أهمية هي األخرى،
المخصصات المالية والموارد التي تم استغاللها من أجل تنفيذ تلك المخططات والبرامج ،يمكن القول بأن
األهداف والنتائج المتوصل إليها ،وكذا آثار تلك السياسات هي ملحوظة ومجسدة في إحصائيات وأرقام
وباعتبار أن التقليل من البطالة هو أحد أبرز األهداف المسطرة من خالل تلك البرامج ،وبالتالي فقد سجلت
86
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
فالجزائر لديها إمكانيات هائلة لتعزيز نموها اإلقتصادي ،بما في ذلك إحتياطيات النقد األجنبي الضخمة
المتأتية من النفط والغاز ومن شأن إستار تيجية التنمية إستهداف النمو المستدام وخلق المزيد من فرص العمل،
وخصوصا للشباب ،والتخفيف من حدة أزمة السكن التي تواجهها البالد ،وبالتالي فإن الخيار االستراتيجي
الوطني الصائب ،هو إعادة إحياء عملية تهدف إلى تنويع االقتصاد بدءا من القطاع غيرالنفطي مع تعميق
اإلصالحات الالزمة للتحول الهيكلي لإلقتصاد.1
لكن األثراإليجابي على حجم العمالة وانخفاض معدالت البطالة لم ينعكس بالشكل األمثل على النمو
أن الزيادة في حجم العمالة وما ّتولد عن ذلك من زيادة في الطلب الكلي لم يستغل من طرف
االقتصادي ،إذ ّ
الجهاز اإلنتاجي المحلي ،بل وجه الجزء األكبر منه إلى الخارج ،وذلك يبرز بصورة واضحة من خالل قيمة
الواردات التي عرفت تزايد كبيرعلى طول الفترة ،1008-1002حيث نالحظ ّأنها ارتفعت من 8201.مليار دج
%9212) 92.2منها سلع ( سنة 1002إلى 291012مليار دج (% 92120منها سلع ( ،لتصل قيمة
الواردات 229219مليار دج ) %90.11منها سلع( والتي تعود إلى ارتفاع الطلب الداخلي األسر والمؤسسات
2
وعجز الجهاز اإلنتاجي عن تلبية هذا الطلب المتزايد.
أما في مجال الصحة العمومية فقد شهدت هي األخرى توسعا هاما فى مختلف المجاالت سواء كان ذلك على
مستوى الهياكل الصحية ،أم ممارسة االستقطاب أو الضمان اإلجتماعي الذي شهد هو اآلخر آليات عمل
جديدة كماأن تأطير االنتاج المحلي لألدوية بات واقعا ملموسا ،وهذا بفشل الجهود المبذولة من خالل مضاعفة
3
الغالف المالي بعدة مرات يبين تطور هياكل الصحة العمومية.
وهو مايبينه الجدول الموالي:
87
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
أما فيما يخص التنمية البشرية ،من خالل قطاعي التربية والعليم العالي فقد عرفت تحسنا واضحا خاصة من
البرنامجين األولين(دعم النعاش و دعم النمو) ،ترقية قطاع التربية الوطنية يندرج فى صميم خالل نتائ
التنمية البشرية ،مثله مثل التعليم العالي و التكوين المهني ،و هي قطاعات احتلت األولوية فى برنامج الرئيس
هو ما يفسره التطور لملحوظ فى مجموع األغلفة المالية ،حيث انتقلت من 225.5مليار دج سنة 1002إلى
403.3مليار دج سنة 2005ثم قفزت مع بداية 2010إلى 1100مليار دج ،أي ما يعادل 16مليار دوالر
1
خصصت لهذه القطاعات الثالثة .
أما التعليم العالي من االنجازات التى نذكرها فى هذا الشأن هو ضمان مقعد بيداغوجي لكل متحصل على شهادة
البكالوريا وهي ميزة تنفرد الجزائرعن باقي بلدان العالم ،وحتى تستجيب لمتطلبات الواقع ومقتضيات التطور
باشرت الدولة فى انجاز اإلصالح البيداغوجي للجامعة حتى تتمكن من استيعاب أكثرمن مليون طالب ،وكذا
تعميم نظام ل م د ( )LMDفى الجامعات الجزائرية واالنتهاء من النظام الكالسكي ،كما استفاد القطاع من
نظام التأمين النوعي و الزيادة فى من الطلبة باإلضافة إلى وضع نظام أجور األساتذة المدعم بنظام التعويضات
2
الذي دخل حيز التنفيذ مع نهاية . 2010
88
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
–2صامويل هنتغتون ،الموجة الثالثة ،التحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين ،تر:عبدالوهاب علوب ،د ب ن :مرك ازبن
خلدون للدراسات اإلنمائية ، 2002،ص .220
89
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
وتكشف الحركات االحتجاجية التي شاهدتها الجزائر في جانفي 1011بقوة عن المالم التفصيلية للحالة
الجزائرية في مختلف تجلياتها السياسية ،االقتصادية واالجتماعية ،فهي تحيل ذلك إلى الركود الذي ميز أداء
المؤسسات الرسمية والمعارضة ،كما تؤشر على الضيق في الساحتين اإلعالمية والسياسية ،والتخبط في
األداء االقتصادي في وقت تحسنت فيه الحالة المالية للبالد من دون أن يستشعر ذلك اتساع آثار التهميش
التي تمس على وجه الخصوص فئة الشباب ذات الحضور الديموغرافي الكبير ويزيد الفساد قتامة المشهد،
1
وهوالذي وصل إلى المؤسسات ذات المكانة الرمزية كشركة المحروقات الحكومية سوناطراك.
وكما هو حال عدد من دول المنطقة ،تقدم الحكومة الجزائرية الدعم للمنتجات الهيدروكربونية ،مما أدى إلى
إنفاق حوالي ( )%61من إجمالي الناتج الوطني على الدعم المكشوف والخفي .وكما هو الحال أيضا في
المنطقة ،فإن منافع هذا الدعم الحكومي تتجمع بشكل غير متناسب لدى األغنياء الجزائريين ،وليس لدى
األسر التي تحتاجه.
إن األداء االقتصادي المتواضع يغذي التوترات العرقية ،ففي مدينة غرداية التي تبعد ( 166كم) عن الجزائر
العاصمة ،اندلعت عدة اشتباكات بين المزابيين (البربر) والشعانبة (العرب) ،وهذه األحداث تعكس حالة
متنامية من السخط في المنطقة الجنوبية في هذا البلد الذي يتصف في الوقت نفسه بثرواته الطبيعية والتخلف
2
االقتصادي.
وقد قابلت السلطة تذمر المواطن من الواقع االجتماعي ومطالبته بالمستوى المعيشي الذي يحفظ كرامته
حدة بسبب
بالسعي إلصالحات ذات الشقين االجتماعي والسياسي إلخماد نار الجبهة االجتماعية التي تزداد ً
األوضاع االقتصادية غير المستقرة ،باإلضافة إلى حالة االنسداد السياسي التي زادت من حدة األزمات ،وهو
ما تطلب وضع إستراتيجية ورؤية اجتماعية تشارك في تجسيدها جميع فعاليات المجتمع المدني يكون الشباب
الذي وصل به المطاف إلى حرق جسده احتجاجا على الواقع االجتماعي المزري ،قابلتها السلطة السياسية
بتشكيل لجنة مشاورات من أجل إصالحات سياسية وتنظيم جلسات للمجتمع المدني.
-1عمراني كربوسة" ،المجتمع المدني في ظل الحراك العربي الراهن .،أي دور؟ باإلشارة لحالة المجتمع المدني في الجزائر"،
مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة بسكرة ،العدد ،11سبتمبر ،1014ص ص .111-111
-2نوح الهرموزي،مرجع سابق ،ص.1
90
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
فاستفادت الحركات االحتجاجية في السنوات األخيرة من تداعيات األوضاع السياسية على الجزائر ،عندما
رفعت السلطات حالة الطوارئ في البالد التي كانت سارية المفعول مند وقف المسار االنتخابي ، 1991وهو
ما انعكس إيجابا على ديناميكية االحتجاجات في البالد ،ومن أبرزها ظهوراللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق
البطالين التي برزت في والية ورقلة ،حين اعتصم اآلالف من العاطلين عن العمل يوم 14مارس 1011
للتنديد بسياسات التهميش والمطالبة بالحصول على حقوق العمل في المؤسسات النفطية المتواجدة على تراب
الوالية وخاصة المدينة النفطية المسماة حاسي مسعود وقد اتسعت رقعة االحتجاجات لتشمل مدن عدة على
غرار والية الوادي في 30مارس من نفس العام تحت شعار "مليونية إلقامة دولة القانون " في تناغم واض
مع األحداث التي يعرفها المشهد العربي خاصة مصر.
وكذا بروزالتشكيالت الرافضة للعهدة رابعة منذ إعالن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لعهدة رابعة
النتخابات 17أفريل ، 2014ومن أبرز هذه التشكيالت نجد حركة بركات التي تضم العديد من الشرائ
االجتماعية تغلب عليها الطبقة المثقفة المتكونة من صحافيين ،سياسيين وأساتذة جامعيين وموظفين في
القطاع الخاص والعام ،رافعة شعارات تندد بالعهدة الرابعة.
وسجل لعمامرة في تدخله خالل االجتماع رفيع المستوى حول الساحل الذي عقد في إطار الجمعية العامة
لمنظمة األمم المتحدة بنيويورك ،أن منطقة الساحل كانت خالل السنوات األخيرة مرتعا لإلرهاب والجريمة
المنظمة باإلضافة إلى التطورات السياسية ببعض بلدان المنطقة التي انعكست بتفاقم هذه اآلفات وتسارع
األحداث بمالي ودعا وزير الشؤون الخارجية ،رمطان لعمامرة الدول المتطورة إلى احترام التزاماتها في مجال
الشراكة وتطبيق توصيات الندوات الكبرى المخصصة للتنمية اإلقتصادية و اإلجتماعية في البلدان النامية،
وأكد لعمامرة أنه "من المؤسف" أن نالحظ أن هناك عدم احترام أو تراجع في التزامات الدول المتطورة فيما
1
يخص المساعدة العمومية لصال التنمية.
كما تطرق الوزير إلى االنعكاسات السلبية لألزمة المالية الدولية على البلدان النامية ،مشي ار إلى أن عددا كبي ار
منها بذل جهودا كبيرة في مجال اإلصالحات االقتصادية واالجتماعية قبل أن تعرقل نتائجها اإليجابية جراء
األزمة االقتصادية العالمية ،واعتبر لعمامرة أن إقامة "شراكة دولية متجددة" قائمة على "التقاسم العادل
-2يوسف س "،لعمامرة يؤكد أهمية التنمية االقتصادية لضمان األمن بالساحل" جريدة الحياة العربية يوم ،1022 /08 /1.
ص.2
91
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
للمسؤوليات والفوائد" هي الوحيدة الكفيلة بضمان نمو دائم لالقتصاد العالمي واندماج البلدان النامية في
1
االقتصاد العالمي.
أولت مختلف التشكيالت السياسية خالل التجمعات الشعبية والنشاطات الجوارية التي أقامتها في األسبوع
الثاني من الحملة االنتخابية لتشريعيات العاشر ماي المقبل اهتماما لقضايا الشباب والتنمية االجتماعية
واالقتصادية .وحتى ولو اختلفت تصورات هذه األحزاب في كيفية التكفل بانشغاالت المواطنين فقد أجمعت
على العموم أن تحقيق هذه األهداف يمر عبرالتوجه إلى صناديق االقتراع ،و في هذا الشأن ربط عدد من هذه
األحزاب معالجة مشاكل المواطنين بإحداث التغييرعبرصناديق االقتراع يوم 20ماي" وعدم اإلنسياق وراء
2
دعاة المقاطعة".
كما أكد األمين العام للمنظمة الوطنية للمتعاملين اإلقتصاديين فيصل شنوفي على أهمية اإلستقرار السياسي
في تحقيق التنمية االقتصادية والسلم االجتماعي ،وأوض شنوفي في تدخل له خالل اشغال ندوة وطنية حول
دورالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق األمن االقتصادي والسلم االجتماعي ضوء برامج الرئيس عبد
العزيز بوتفليقة أن "تحقيق العدالة االجتماعية المنشودة واقالع اإلقتصاد نحو اإلنتعاش والذي يعد مسؤولية
3
الفاعلين اإلقتصاديين الوطنيين العموميين منهم والخواص ال يمكن أن يتأتى في غياب اإلستقرار السياسي".
92
الفصل الثالث ........تأثيرالسياسات االقتصادية في الجزائر()0202-0222على االستق اررالسياسي
خالصـة
كخالصة لمل تطرقنا له في هذا الفصل حول عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي في
الجزائر ،ومن خالل تناولنا أهم السياسات االقتصادية ( )0202-0222أي منذ تولي الرئيس عبد العزيز
بوتفليقة لزمام الحكم ،فلنتائج المحققة في إطار تنفيذ برنامج اإلنعاش االقتصادي والبرنامج التكميلي لدعم النمو
تكن قوية بالدرجة المتوقعة ،إذ تبين أن قطاع المحروقات ال زال يمثل أحد المكونات الرئيسية للناتجفهذه النتائج
المتواضعة نسبيا ،مقارنة بحجم بالموارد المالية الموظفة.
تمكن من القول بأن سياسة اإلنعاش في الجزائر تواجه مشكلة نقص في الفعالية ،باعتبار أن أحد األهداف
األساسية المتوخاة منذ انتهاج هذه السياسة ،وهو تحقيق نمو خارج المحروقات حقيقي ومستمر ،بحيث يكون له
أثر قوي على التشغيل والتنمية الشاملة للبالد ،وكذا بتنويع االقتصاد وفك تبعيته المفرطة للخارج.
غياب إستراتيجية اقتصادية واضحة وشاملة تعمل خاصة على إزالة مختلف االختالالت ،والقضاء على كل
العراقيل التي تحول دون رد االعتبار لإلنتاج الوطني.
كما أن البيئة المؤسساتية غير المالئمة التي يعمل في ظلها القطاع الخاص حاليا تشجع أكثر على البحث عن
مصادر الريع ،بدال من اإلبداع واألنشطة المنتجة للثروة ،أو تحقيق التنمية المستدامة.
أن انعكاسات السياسات العامة االقتصادية لم تكن إيجابية بالشكل المتوقع كونها ساهمت في تأزم االوضاع
خاصة االجتماعية و ما يترجم ذلك هو موجات االحتجاجات والمظاهرات المتكررة في الساحة الوطنية،
ناهيك عن تعالي أصوات المعارضة بشكل كبير ،وهي من المؤشرات الدالة عن وجود حالة من عدم
االستقرار السياسي في الجزائر ،حتى وان كانت غير معترف بها من بعض األطراف.
93
خـاتـمـة
خاتمــة
خاتمـة
من خالل ما تطرقنا إليه في الفصول الثالثة لهذه الدراسة ،يمكن القول بأن عالقة االستقرار السياسي
بالسياسات العامة االقتصادية هي عالقة وثيقة باعتبار تأثر كل منهما باآلخر ،وهو ما أكدته معظم الدراسات
والتحليالت ،ونجمل أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة واجابة على األسئلة والفرضيات المطروحة في
المقدمة:
-تنقسم السياسات العامة االقتصادية إلى سياسات اقتصادية ظرفية تهدف إلى الحفاظ على التوازن
االقتصادي في األجل القصير ،وكذا سياسات اقتصادية هيكلية تهدف إلى تغيير هيكلة وبنية
اإلقتصاد الوطني في األجل الطويل.
-االستقرار السياسي هو حالة من التوازن المستمر للوضع السياسي للدولة ،كما أنه غاية
التتحقق إال بجهود متضافرة بين مختلف الفواعل الرسمية وغير الرسمية في الدولة.
-تعتبر المقومات السياسية ،االقتصادية واالجتماعية الفكرية هي المرتكزات األساسية
لالستقرار السياسي ،والتي كلما كانت درجة انسجامها وتفاعلها االيجابي كلما تحقق استقرار
سياسي في أي دولة.
-يمكن الحديث عن مؤشرات اإلستقرار االستقرار السياسي انطالقا من مسببات الحالة
العكسية أي الإلستقرار ،وذلك من خالل أهم مميزاتها ،كما يمكن القول أنه كلما زادت حدة
األسباب زاد تهديد استقرار الدولة.
-هناك العديد من الصعوبات والمعيقات التي من شأنها أن تحول دون تحقيق اإلستقرار
السياسي ،وذلك نتيجة لجملة من الظروف والعوامل المتداخلة التي من شأنها أن تضيق المجال
95
خاتمــة
على صانع ا لقرار للتعامل مع المشكالت العامة في الوقت المناسب ،هذا ما يجعلما تتفاقم لتولد
أزمة و من ثم يصبح مناك تهديد لإلستقرار السياسي للدولة.
-عالقة السياسات العامة االقتصادية باالستقرار السياسي هي عالقة تأثير متبادل ناتج تفاعل العوامل المؤثرة
في كل منهما ،وأنه كلما ارتكزت أهداف السياسات العامة االقتصادية على تحقيق الغايات الكبرى للتنمية
االقتصادية ،كلما زادت قدرة النظام على تحقيق االستقرار السياسي والمحافظة عليه.
-التوازن اإلقتصادي سواء الداخلي أوالخارجي شرط ضروري لتحقيق أهداف السياسة اإلقتصادية للبلد
فالبيئة االقتصادية المستقرة تعتبر ضرورة أساسية لتحقيق التنمية في اقتصاد أي بلد ،ومنه ترشيد السياسات
العامة االقتصادية ،هذا ما يجل برامج التنمية أكثر عقالنية ورشادة.
-إن االستقرار السياسي هو اآلخر يتأثر بعوامل ومتغيرات عديدة ،فالتنمية الشاملة عملية تقوم وتتحكم فيها
بق اررات نابعة من صناع القرار في الدولة ،وهو ما يعتبر عملية سياسية ،ونظ ار ألن التنمية الشاملة الحقيقية
تقوم على االستقالل االقتصادي وليس على تبعيته ،فالدول النامية البد لها أن تتخلص من التبعية لضمان
تنمية حقيقية تعتمد على الذات ،وهذا ما يجعلها أكثر سيادية وأكثر تحكما في األوضاع الداخلية مما يحقق
االستقرار السياسي ويحافظ عليه.
-إن السياسات االقتصادية العامة في الجزائر تواجه مشكلة نقص في الفعالية ،باعتبار أن أحد األهداف
األساسية المتوخاة منذ انتهاجها ،وهو تحقيق نمو خارج المحروقات حقيقي ومستمر ،بحيث يكون له أثر قوي
على التشغيل والتنمية الشاملة للبالد ،وكذا بتنويع االقتصاد وفك تبعيته المفرطة للخارج ،وهو ما لم تحققه.
-كما أن غياب إستراتيجية اقتصادية واضحة وشاملة تعمل خاصة على إزالة مختلف االختالالت ،والقضاء
على كل العراقيل التي تحول دون رد االعتبار لإلنتاج الوطني ،وهو ما يحول دون مساهمة القطاع الخاص في
تحقيق التنمية المنشودة من وراء سياسة الخوصصة المنتهجة.
-إن انعكاسات السياسات العامة االقتصادية المطبقة طيلة فترة بوتفليقة لم تكن إيجابية بالشكل المتوقع
كونها ساهمت في تأزم االوضاع خاصة االجتماعية وما يترجم ذلك هو موجات االحتجاجات والمظاهرات
96
خاتمــة
المتكررة عبر كل ربوع الوطن ،ناهيك عن تعالي أصوات المعارضة بشكل كبير ،وهي من المؤشرات الدالة
عن وجود حالة خفية من عدم االستقرار السياسي في الجزائر.
هذا وان القيادة الجزائرية تقف عاجزة أمام ارتدادات تراجع أسعار النفط وقد تضطر لمراجعة سياسة دعم
أسعار المواد األساسية والخدمات ،وقد تلجأ إلى إجراءات تقشف جديدة بسبب غياب موارد أخرى يمكن
التعويل عليها لتعويض خسائر قطاع النفط ،رغم إنفاق الحكومة الجزائرية مليارات الدوالرات من عائدات
النفط ،من أجل تهدئة الجبهة االجتماعية ،فإن الجزائريين يواصلون خروجهم إلى الشارع للمطالبة برفع
األجور وتحسين ظروف حياتهم.
مما يحتم ضرورة التعاون والتنسيق بين كافة األطراف المشاركة في التنمية الشاملة على الصعيدين الوطني
والدولي ،ضمن آفاق استكمال تحقيق أهداف األلفية للتنمية وتحويلها ألهداف التنمية المستدامة ضمن أجندة
ما بعد .5102
لذا فمن خالل هذه النتائج المتوصل إليها – وتحليال للحاضر واستقراء للمستقبل -يمكن القول أنه في حالة
استمرار الوضع االقتصادي على ماهو عليه فإن هذه االحتجاجات لن تتوقف ،خاصة إذا علمنا أن
المؤشرات العامة للمستوى المعيشي في الجزائر في تدهور يزيد يوما بعد ،حتى وان كانت الوضعية
اإلقتصادية للبالد مريحة نسبيا ،هو زيادة تكريس لشعار "دولة غنية وشعب فقير" فهذا اليحول دون تهديد
استقرارها السياسي ،فسياسة استشراء السلم االجتماعي على حساب التنمية الحقيقية هي سياسة مفخخة غير
معلومة العواقب ،وهو ما يفتح مجال للتساؤل التالي :إلى أي مدى سيصمد النظام السياسي الجزائري في
ظل تزايد ارتدادات األوضاع الداخلية واالقليمية؟
97
قائـمة المـراجع
( -2الجابري) ،محمد عابد ،فكر ابن خلدون العصبية والدولة معالم نظرية خلدونية في التاريخ اإلسالمي،
بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية.2002،
( -3الدباغ) ،بشير وعبد الجبارالجرمود ،مقدمة في االقتصاد الكلي ،األردن :دارالمناهج للنشروالتوزيع.3003 ،
( -4الخزرجي) ،ثامر كمال محمد ،النظم السياسية الحديثة و السياسات العامة،دراسة معاصرة في استراتيجية
ادارة السلطة ،عمان :دار مجدالوي للنشر.3004،
( -5الصفار) ،حسن موسى ،االستق اررالسياسي واالجتماعي ضروراته ضماناته ،بيروت :الدار العربية للعلوم،
.5005
( -6الفهداوي) ،فهمي خليفة ،السياسة لعامة ،مظور كلي في البنية والتحليل ،الجزائر :دارالمسيرة للطباعة
والنشر.3002،
( -2القمودي) ،سالم ،سيكولجية السلطة ،ط ،3بيروت :مؤسسة االنتشار العربي.3000،
( -8الكبيسي) ،عامر خضر ،السياسات العامة مدخل لتطوير آداء الحكومات ،بيروت:المنظمة العربية للتنمية
اإلدارية.3008،
( -9النجار) ،سعيد ،نحو استرايتجية قومية لإلصالح االقتصادي ،القاهرة :دار الشروق .1991 ،
98
قائـمة المـراجع
( -11هنتغتون) ،صامويل ،الموجة الثالثة ،التحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين ،تر:عبد الوهاب
علوب ،د ب ن :مرك ازبن خلدون للدراسات اإلنمائية.1993 ،
( -13وهان) أحمد ،التخّلف السياسي و غايات التنمية السياسية :رؤية جديدة للواقع السياسي في العالم الثالث،
القاهرة :الدار الجامعية.2003 ،
( -13حجير) ،مبارك ،التوازن االقتصادي و إمكانياته للدول العربية ،القاهرة :مكتبة األنجلومصرية ،د س
ن.
( -41حسين) ،مصطفى ومحمد شفيق وأمية بدران ،أبعاد التنمية في الوطن العربي ،عمان :دارالمستقبل
للنشر. 1995 ،
( -11حسين) عمر ،التنمية والتخطيط االقتصادي ،الجزائر :ديوان المطبوعات الجامعية. 1985،
( -16مهنا) ،محمد نصر ،النظرية السياسية والسياسة المقارنة ،االسكندرية :مؤسسة شباب الجامعة ،د
س ن.
( -12موفق) ،السيد حسن ،المشكالت االقتصادية المعاصرة ،دمشق :مطبعة جامعة دمشق.1986 ،
( -18محي الدين) ،عمر ،التنمية والتخطيط اإلقتصادي ،بيروت :دار النهضة العربية ،د س ن.
( -19محمود) ،مصطفى عبد الجواد ،األحزاب السياسية في النظام السياسي الدستوري الحديث والنظام
اإلسالمي ،القاهرة :دارالفكرالعربي.1996 ،
( -30ناجي) ،عبد النور ،المدخل لعلم السياسة ،عنابة :دارالعلوم للنشر والتوزيع .3002،
( -31نعمة) ،هللا نجيب وآخرون ،مقدمة في االقتصاد ،بيروت :الدار الجامعية. 1990 ،
( -33عثمان) ،سعيد عبد العزيز ،اقتصاديات الخدمات والمشروعات العامة ،اإلسكندرية :الدار الجامعية،
.3000
99
قائـمة المـراجع
( -33عايب) ،وليد عبد الحميد ،اآلثار االقتصادية الكلية لسياسة االنفاق الحكومي،دراسة تطبيقية قياسية
لنماذج التنمية االقتصادية ،بيروت :مكتبة حسين العصرية للنشروالتوزيع.3010،
( -34فوزي) ،عبد المنعم ،المالية العامة والسياسة المالية ،اإلسكندرية:منشأة المعارف.1993 ،
( -31فرحات) محمد لطفي ،ثورة المجتمع -مدخل إلى علم االقتصاد ، -ط ،3ليبيا :دارالجماهيرية.3004 ،
( -36قدي) ،عبد المجيد ،المدخل للسياسات االقتصادية الكلية ،دراسة تحليلية وتقييمية ،الجزائر:ديوان
المطبوعات الجامعية.3006 ،
( -52ثناء) ،فؤاد عبد هللا ٬الدولة و القوى اإلجتماعية في الوطن العربي ٬عالقات التفاعل و الصراع ٬
بيروت:مركزدراسات الوحدة العربية. 5002،
( -38خليل) ،سامي ،نظرية االقتصاد الكلي ،القاهرة :وكالة األهرام للتوزيع.1994 ،
-1دراوسي مسعود" ،السياسة المالية ودورها في تحقيق التوازن االقتصادي ،حالة الجزائر" ،رسالة دكتوراه (
العلوم االقتصادية ،كلية العلوم االقتصادية والتسيير ،جامعة الجزائر).3001 ،
-3زوين إيمان"،دور الجيل الثاني من االصالحات االقتصادية في تحقيق التنمية" ،رسالة دكتوراه(اقتصاد
ومناجمنت ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة قسنطينة)3011،
-3زيروني مصطفى "،النمو االقتصادي و استراتيجيات التنمية -حالة اقتصاديات دول جنوب شرق آسيا،"-
رسالة دكتوراه (علوم اقتصادية ،كلية العلوم االقتصادية والتسيير ،جامعة الجزائر).0222،
-4عبد هللا بلوناس"،اإلقنصاد الجزائري،اإلنتقال من الخطة إلى السوق ومدى تحقق أهداف السياسة
االقتصادية" ،رسالة دكتوراة (علوم اقتصادية ،كلية العلوم االقتصادية والتسيير ،جامعة الجزائر).3001
100
قائـمة المـراجع
-1بولحية عياش" ،دراسة اقتصادية لبرنامج دعم اإلنعاش االقتصادي المطبق في الجزائر للفترة الممتدة
مابين،"1002-1002
مذكرة ماجستير(علوم اقتصادية ،كلية العلوم االقتصادية والتسيير ،جامعة الجزائر).1022
-6بقدي كريمة" ،الفساد الساسي وأثره على االستقرار السياسي في شمال افريقيا-دراسة حالة الجزائر "-مذكرة
ماجستير( ،علوم سياسية وعالقات الدولية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة تلمسان).3013،
-2جمعون نوال" ،دور التمويل المصرفي في التنمية االقتصادية" ،مذكرة ماجستير (علوم التسيير،كلية العلوم
االقتصادية والتسيير ،جامعة الجزائر).3001،
-8محمد بن عزة" ،ترشيد سياسة االنفاق العام باتباع منهج االنظباط باألهداف-دراسة تقييمية لسياسة االنفاق
العام في الجزائر خالل الفترة ،"5009/2990مذكرة ماجستير( العلوم االقتصادية،كلية العلوم االقتصادية
والتجارية،جامعة تلمسان) .5020
-10فريح زينب"،دور العامل االقتصادي في التوحالت السياسية الراهنة بالمنطقة المغاربية"،رسالة ماجستير
(تخصص علوم سياسية وعالقات دولية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بسكرة).3013،
-22سيالم حمزة ،ولدبزيو فاتح"،فعالية السياسة المالية في تحقيق االصالح االقتصادي-دراسة حالة الجزائر-
،"1022/1000مذكرة ماستر(علوم اقتصادية ،كلية العلوم االقتصادية ،جامعة البويرة).1022 ،
101
قائـمة المـراجع
ب -الملتقيات:
-1مليكة بوضياف "،الحكم الراشد و االستقرار السياسي" ،مداخلة (ألقيت في الملتقى الدولي حول الحكم الراشد
واالستقرار السياسي،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة الشلف).3006 ،
-3ناجية صالحي و فتيحة مخنان "،أثر برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي و البرنامج التكميلي لدعم النمو و
برنامج التنمية الخماسي على النمو االقتصادي ( ،")3014-3001مداخلة ( أبحاث المؤتمر الدولي حول تقييم
أثاراالستثمارات العامة وانعكاساتها على التشغيل واالستثماروالنمو االقتصادي خالل الفترة ،3014-3001
جامعة سطيف 13/11 ،مارس .)3013
-3عمرعبو و هودة عبو" ،جهود الجزائر في األلفية الثالثة لتحقيق التنمية المستدامة" ،مداخلة (الملتقى الوطني
حول التحوالت السياسية واشكالية التنمية في الجزائر :الواقع والتحديات ،جامعة حسيبة بن بوعلي،
الشلف).3011،
-4مراد علة"،إشكالية األمن الغذائي في الجزائر"،مداخلة( قراءة تقييمية في السياسات الوطنية للتنمية الفالحية
وسبل تفعيل التكامل الغذائي العربي ،الملتقى الدولي التاسع حول :في ضوء المتغيرات والتحديات االقتصادية
الدولية ،جامعة حسيبة بن بوعلي ،الشلف) 34/33 ،نوفمبر .3014
/3المجالت و الدوريات:
-1عمراني كربوسة" ،المجتمع المدني في ظل الحراك العربي الراهن .،أي دور؟ باإلشارة لحالة المجتمع
المدني في الجزائر" ،مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة بسكرة ،العدد ،41سبتمبر.0241
-0عثمان ياسين الرواف "،تطور مفاهيم علم السياسة و تحديد الظاهرة السياسية" ،الرياض:مجلة العلوم
االدارية ،م ،3ع.1
-3محمد شلبي "،االستقرار السياسي عند الماوردي و ألموند (دراسة مقارنة) "،المجلة الجزائرية للعلوم السياسية
واإلعالم ،العدد األول. 2001،
102
قائـمة المـراجع
-4كريم زرمان "،التنمية المستدامة في الجزائر من خالل برنامج اإلنعاش االقتصادي ،"2009- 2001مجلة
أبحاث اقتصادية وادارية،جامعة بسكرة ،العدد السابع جوان. 2010،
-5بونوة شعيب ،موالي لخضر عبد الرزاق "،دور القطاع الخاص في التنمية االقتصادية بالدول النامية ،
دراسة حالة الجزائر"،مجلة الباحث ،العدد.2000، 00
-6عبد المنعم السيد علي " دور الدولة المتغير في التنمية االقتصادية" :مجلة بحوث اقتصادية عربية،
القاهرة :المجلد الثالث ،العدد الخامس.6996 ،
-2محمد نبيل الشيمي "،التنمية االقتصادية في الدول النامية ووسائل تمويلها" ،مجلة الحوار المتمدن،عدد
.3138،3008
/4التقارير:
-1المجلس الوطني االقتصادي واالجتماعي ،تقرير حول الظرف االقتصادي و االجتماعي للسداسي الثاني من
سنة ،1002الدورة العامة التاسعة عشرة ،نوفمبر .1002
-3المجلس الوطني اإلقتصادي واإلجتماعي ،تقرير حول الظرف اإلقتصادي واإلجتماعي للسداسي الثاني من
سنة ، 1003الدورة العامة ، 12جوان .1002
-3بيان إجتماع مجلس الوزراء " ،برنامج التنمية الخماسي ، " 1022-1020الجزائر. 1020 ،
-2بيان السياسة العامة للحكومة ،الملحق ،4أكتوبر.2010
103
قائـمة المـراجع
:المراجع االلكترونية/5
"االنشقاقات الحزبية وأثرها على االستقرار السياسي في السودان الجبهة، محمد ضياء الدين محمد-1
http://www ;soudan ;politique.com.doc :مأخوذ من، "االسالمية القومية نموذجا
: مأخوذ من،" "التنمية االقتصادية بين دور الدولة و القطاع الخاص، فالح خلف الربيعي-4
http://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=333
: مأخوذ من، " "احتضار الوضع االقتصادي والسياسي في الجزائر، نوح الهرموزي- 5
http://minbaralhurriyya.org/index.php/archives/846.pdf
: مأخوذ من،"" التنمية السياسية و عالقتها بالتنمية االقتصادية، محمد شطب عيدان المجمعي-6
http://www.startimes.com/f.aspx?t=31802290
:المراجع األجنبية/6
1- Abdelatif Benchenhou , pour une meilleure croissance ,Paris : alpha design ,2008.
2- Frederic mishkin, Monnairie, Banques et marchés financieres, 7eme éd,
France .2004.
5- Spyros Economides & Peter Wilson, The Economic Factor in International Relations, New
104
فهـرس الجداول واألشـكال
الصفحة العنــــوان
58 توزيع الناتج المحلي اإلجمالي حسب القطاعات في الجزائر لسنة الشكل ()40
.2008
78 تطورمعدل البطالة اإلجمالية وبطالة الشباب في الجزائر 2009- الشكل ()40
).(%).)2001
00 مقارنة بين السياسة اإلقتصادية الظرفية والهيكلية الجدول ()10
015
فه ـ ـرس المحتويات
106
فه ـ ـرس المحتويات
المبحث االول :أهم السياسات العامة االقتصادية في الجزائرخالل الفترة (68 .......... )3931-3999
المطلب الثاني :المطلب الثاني :البرنامج التكميلي لدعم النمو (72 ................ )1002-2005
المطلب الثالث :المطلب الثالث :برنامج التنمية الخماسي (78 ..................... )1022-1020
107
ملخص
تعالج هذه الدراسة موضوع السياسات العامة االقتصادية وتأثيرها في االستقرار السياسي من خالل حالة
نظ ار ألهمية كل من السياسات العامة واالستقرار السياسي في مجريات الحياة العامة لالفراد وللنظام،الجزائر
و يبرز ضرورة تبني النظام السياسي لسياسات رشيدة، وهو ما يؤكد العالقة الوثيقة بينهما،السياسي حد سواء
للحفاظ على استقرار الدولة االقتصادي ومن ثم تحقيق،تتماشى مع متطلبات التنمية على كافة المستويات
لذا فقد تمحورت الدراسة حول السياسات العامة االقتصادية من خالل تعريفها ومعرفة،االستقرار السياسي
ثم دراسة االستقرار السياسي من خالل تحليل مؤشراتة ومحددات عالقته بالتنمية،مجمل العوامل المؤثرة فيها
وصوال إلى دراسة تأثير السياسات االقتصادية في الجزائر،االقتصادية ومن ثم عالقته بالسياسات االقتصادية
) في االستقرار السياسي من خالل البرامج االقتصادية التنموية و انعكاساتها على الوضع0202-0222(
والتي حتى وان كانت هناك نتائج ملموسة إال أنها لم تكن بالشكل، االجتماعي و السياسي للبالد،االقتصادي
.المناسب خاصة من الناحية اإلجتماعية والسياسية
التنمية، االقتصاد الوطني، االستقرار االقتصادي، االستقرار السياسي، السياسات العامة:الكلمات المفتاحية
....االقتصادية
Abstract
This study addressed the subject of economic policy and its impact on the political
stability through the case of Algeria, given the importance of all of public policy and
economic stability in the course of public life for individuals and political system alike,
which underlines the close relationship between them, and highlights the need to adopt a
political system of the policies of rational line with development at all levels
requirements, to maintain an economic stability and then political stability, so the study
on the economic policy centered around the recognition and knowledge of the overall
factors affecting it, then study political stability through its indicators and determinants
analysis of its relationship to economic development and then its relationship to
economic policy , right down to study the impact of economic policies in Algeria (2000-
2014) in political stability through economic development and its implications programs
on the economic situation, social and political of the country, and that even though there
are concrete results, but they were not as especially appropriate in social and political
terms.
Key words: public policies, political stability,, economic stability the national economy,
economic development.....