You are on page 1of 4

‫تعريف البدعة‬

‫السؤال ‪ :‬ما هي البدعة؟ وهل هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ أو حقيقية وإضافية؟‬
‫ً‬ ‫الجواب‪ :‬البدعة لغة‪ :‬إحداث شيء ال َ‬
‫نظير له سابقا‪.‬‬
‫ض)[سورة البقرة ‪ ]117‬أي‪ :‬خلقهن دون سبق نظير لها (‪.)1‬‬ ‫ٱلس َمٰـ َو ٰ ِت َوٱَأۡل ۡر ۖ‬
‫قال ﷲ تعالى‪َ ( :‬ب ِد ُیع َّ‬
‫ِ‬
‫وفي االصطالح ‪ :‬إحداث فعل أو اعتقاد أو قول لم يرد به إذن من الشارع في كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس ولم يدخل تحت القواعد واملبادئ العامة‬
‫لإلسالم‪ ،‬أو إحداث ما يعارض ذلك ويخالفه‪.‬‬
‫دل عليه دليل من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس فهو مشروع‪ ،‬وإن لم يدل عليه الدليل من مصادر‬ ‫‪   ‬وعلى هذا فإن أي حدث يحدث ُينظر فيه‪ :‬فإن َّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫التشريع السابقة نظر أيضا‪ :‬هل يدخل تحت قاعدة من قواعد اإلسالم وعمومياته أو ال؟ فإن دخل تحتها فهو مشروع أيضا وليس بدعة‪ ،‬وإن لم يدخل فهو‬
‫بدعة وضاللة‪.‬‬
‫ّ‬
‫املحذرة من اِإل حداث والناهية عن البدع‪.‬‬
‫ِ‬ ‫النصوص‬ ‫بين‬ ‫نوفق‬ ‫أن‬ ‫يمكننا‬ ‫التعريف‬ ‫‪  ‬وبهذا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ ََّأ‬
‫كثيرا فعليكم بسنتي وسنةـ الخلفاء الراشدين‬
‫ـ‬ ‫‪  ‬مثل قوله ﷺ ‪(( :‬عليكم بالسمع والطاعة وإن ت مر عليكم عبد حبشي‪ ،‬فإنه من يعش منكم فسيرى اختالفا‬
‫من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات األمور فإن كل بدعة ضاللة))‪ )2( ،‬وفي رواية ((كل ضاللة في النار))‪.‬‬
‫ُ ّ‬ ‫سن ُ‬ ‫وبين النصوص املُ َس ّوغة ل ّ‬
‫السنن الحسنة وامل َر ِغبة فيها‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ َّ ُ َّ ً‬ ‫َ َّ ُ َّ ً‬
‫‪  ‬مثل قوله ﷺ ‪ (( :‬من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة‪ ،‬ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم‬
‫القيامة)) (‪.)3‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الشق الثاني يذم من يح ِدث‬
‫‪   ‬وإذا ما نظرنا إلى هذا التقسيم وجدنا أن ِشقه األول ير ِغب في إحداث السنن الحسنة؛ ألنها من اإلسالم وتقبله مبادؤه‪ ،‬وأن ِ‬
‫ً‬
‫ُس َنة سيئة يترتب عليها الوزر واإلثم فهي البدعة والضاللة املقصودة بالحديث األول‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪  ‬وهذا التعريف والتقسيم ُ‬
‫استم َّد من قوله ﷺ في ‪ -‬حديث البدعة ‪ (( : -‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ّ‬
‫رد)) (‪ )4‬وفي رواية ((من عمل عمال‬ ‫ِ‬
‫ليس عليه أمرنا فهو رد)) (‪)5‬؛ حيث أشار الحديث إلى أن اإلحداث سيكون ال محالة‪ ،‬ولكنه ينقسم إلى إحداثين‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -١‬إحداث مردود‪ :‬وهو ما يخالف الدين‪ ،‬أخذا بمنطوق الحديث‪.‬‬
‫َأ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -٢‬إحداث مقبول ‪ :‬وهو ما يوافقه‪ ،‬أخذا بمفهوم املخالفة من الحديث؛ إذ مفهوم الحديث ‪ :‬من عمل عمال عليه أمرنا أو من حدث في أمرنا هذا ما هو منه‬
‫فهو مقبول‪ ،‬واملراد باألمر في قوله‪(( :‬أمرنا)) الدين كله ويستوي فيه العبادات واملعامالت‪.‬‬
‫ُ ْ َ ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫سنة‪ :‬الطريقة‪ ،‬وهي أيضا تشمل العبادات واملعامالت‪ ،‬فأي عمل ُي ْح َدث موافقا للقواعد الشرعية فهو سنة حسنة‪ ،‬وأي عمل يحدث يتنافى مع‬
‫‪  ‬واملراد بلفظ ّ‬

‫النصوص أو القواعد الشرعية فهو بدعة وسنةـ سيئة‪.‬‬


‫‪  ‬وقد تبين مما تقدم أن تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة‪ ،‬أو إلى حقيقية وإضافية ‪ -‬كما قسمها الشاطبي في االعتصام ‪ -‬أو إلى واجبة ومندوبة ومحرمة‬
‫ومكروهة ومباحة ‪ -‬كما قسمها العز بن عبد السالم‪ :‬تقسيم لغوي ال غير‪.‬‬
‫‪  ‬أما في الشرع‪ :‬فكل ما خالف املبادئ اإلسالمية واألصول الشرعية فهو بدعة سيئة‪ ،‬واملوافق لها هو من السنن الشرعية‪.‬‬
‫أنواع العبادات الواردة عن النبي ﷺ ‪:‬‬
‫تنقسم العبادة عن النبي ﷺ إلى قسمين‪:‬‬
‫َّ ََ‬ ‫ً‬
‫القسم األول ‪ :‬ما ورد عنه ﷺ مقيدا بزمان أو مكان أو عدد أو هيئة أو حالة معينة‪،‬ـ فهذا يجب أن يؤدى كما ورد دون زيادة أو نقص أو تغيير‪،‬ـ فمن غير‬
‫فيه بخالف ما ورد فهو مبتدع‪ ،‬وذلك كأصول العبادات‪ ،‬وعدد الركعات‪ ،‬وأيام الصيام ووقته‪ ،‬ومناسك الحج‪ ،‬ومقادير الزكاة‪ ،‬واألموال التي تجب فيها‬
‫الزكاة‪ ،‬والقضايا املتعلقة بالعقيدة ونحو ذلك‪.‬‬
‫يقيد ذلك بهيئة أو زمان أو مكان أو حال أو عدد ولم يرد نهي عن فعله في وقت من‬‫القسم الثاني‪ :‬ما ورد عنه ﷺ بأمر أو توجيه أو ترغيب أو وصية ولم َّ‬
‫َ‬
‫األوقات‪ ،‬فاملسلمون أحرار في اختيار الوقت واملكان املناسبين لفعله‪ ،‬والهيئة املقارنة للفعل‪ ،‬على أن ال ينسب فعله على تلك الهيئة أو في ذلك الوقت أو‬
‫ً‬ ‫َ َ‬
‫املكان إلى النبي ﷺ‪ ،‬بل ف َعله استنادا إلى اإلذن العام الحاصل من الشارع في فعله‪.‬‬
‫‪   ‬وذلك كصالة النفل املطلق‪ ،‬والصوم املطلق‪ ،‬والذكر‪ ،‬وقراءة القرآن‪ ،‬والدعاء‪ ،‬والصالة على النبي ﷺ‪ ،‬وإطعام الطعام‪ ،‬والذبح بقصد الصدقة والتقرب‬
‫إلى ﷲ تعالى‪ ،‬واألمر باملعروف والنهي عن املنكر ونحو ذلك‪.‬‬
‫ً َّ ً‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪  ‬فلو أراد املسلم إلزام نفسه بصالة نافلة في وقت من األوقات وليس وقت كراهة‪ ،‬وداومـ على ذلك‪ ،‬ال يعد فعله هذا بدعة‪ ،‬وكذا لو التزم دعاء معينا في‬
‫ً‬
‫معين ال ُي َع ُّد ذلك بدعة‪.‬‬
‫يوميا في وقت َّ‬ ‫معين‪،‬ـ أو قراءة جزء من القرآن‬‫وقت َّ‬
‫َ‬ ‫ّٰ‬ ‫ْ‬
‫‪   ‬وهكذا الصالة على النبي ﷺ‪ ،‬ما لم َين ِسب ثبوت ذلك الفعل إلى رسول الله ﷺ‪ ،‬فإن ن َس َب ُه صار بدعة؛ ألنه افتراء وكذب عليه ﷺ‪.‬‬
‫ً‬
‫النقص والزيادة فيما ُح ِّد َد شرعا‪:‬‬
‫ً‬ ‫‪   ‬النقص في العبادات املُ َح َّ‬
‫ددة شرعا حرام وبدعة ومفسد لها‪ ،‬وذلك كالنقص من الركعات‪ ،‬أو أيام الصوم‪ ،‬أو عدد أشواط الطواف‪ ،‬أو عدد الجمرات‪ ،‬أو‬
‫التالعب في مقادير الزكاة وأنصبتها‪ ،‬أو إنقاص ركن داخل العبادة‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪   ‬أما الزيادة فإنها تنقسم‪ :‬إلى متصلة ومنفصلة‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪ :‬زيادة في العبادة أو زيادة على العبادة‪.‬‬
‫فالزيادة املتصلة أو الزيادة في العبادة‪:‬‬
‫ً‬
‫‪   ‬بدعة وضاللة‪ ،‬كزيادة ركوع أو سجود أو ركعة كاملة تعمدا‪ ،‬أو زيادة ألفاظ في صيغة األذان الواردة أو لفظة تخل في نظامه وأسلوبه وألحانه كزيادة‬
‫عبارة على عباراته او زيادة سيدنا قبل اسم النبي ﷺ؛ألنها تخل في لحنه وأسلوبه‪ ،‬فإن لم يحصل خلل في زيادتها وزيدت ال بنية إكمال العبادة من النقص بل‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫لالحترام والتأدب‪ ،‬كأن يزيد لفظ سيدنا قبل ذكر اسمه ﷺ أدبا معه ﷺ في الصالة اإلبراهيمية‪،‬ـ فال مانع من ذلك وال ت َع ُّد الزيادة بدعة‪.‬‬
‫وأما الزيادة املنفصلة أو الزيادة على العبادة‪:‬‬
‫ً‬
‫‪  ‬فإما أن تكون منهيا عنها أو ال‪:‬‬
‫ً‬
‫‪    ‬فاملنهي عنها يكون عملها بدعة‪ ،‬كصالة النافلة بعد الصبح والعصر‪ ،‬وكأن نستحدث صالة نجعلها مفروضة وال يوجد دليل على فرضيتها‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫ً‬
‫‪   ‬وإن لم تكن منهيا عنها‪ :‬فإن ف َعلها املسلم اعتقادا منه أن العبادة ناقصة يروم إتمامها بهذه الزيادة‪ ،‬ففعله حرام وبدعة‪ ،‬وإن عملها باعتبارها عبادة‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫مستقلة مأذونا بها على وجه العموم‪ ،‬فال مانع من زيادتهاـ بعد العبادة أو قبلها ما لم َين ِسب ذلك إلى أنه ﷺ كان يفعل هكذا‪.‬‬
‫ً‬
‫وذلك مثل‪ :‬دفع مبلغ من املال للفقراء أكثر من املقرر دفعه زكاة‪.‬‬
‫ومثل‪ :‬أن ُيصلي ركعتينـ بعد صالة الفرض بنية التنفل ولم يكن َ‬
‫وقت كراهة‪.‬‬
‫ومثل‪ :‬زيادة الصالة على النبي ﷺ بعد قول‪(( :‬اللهم أنت السالم ومنك السالم تباركت يا ذا الجالل واإلكرام))‪.‬‬
‫ً‬
‫ومثل‪ :‬أن َي ِزيد أذكارا وأدعية أكثرـ من املأثورة‪.‬‬
‫ً‬
‫ومثل‪ :‬أن تطوف نفال بعد طوافك للفرض‪.‬‬
‫ألفاظ التنبيه بدخول الوقت‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ومثل‪ :‬ما يزاد قبل األذان وبعده من‬
‫أقوال العلماء في البدعة‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫‪   ‬يؤيد ما ذهبت إليه من تحديد البدعة التي ِفعلها ضاللة ما جاء عن القدامى من العلماء املعول عليهم على اختالف مشاربهم واتجاهاتهم اإلسالمية‪.‬‬
‫ً‬
‫وإليك نصوصا من أقوالهم‪:‬‬
‫‪ -١‬اإلمام الغزالي ‪ -‬رحمه ﷲ ‪: -‬‬
‫َأ‬ ‫األكل على ُ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫السفرة ولى فلسنا نقول‪ :‬األكل على املائدة منهي عنه‬ ‫‪   ‬جاء في إحياء علوم الدين بعد أن تحدث عن األكل على املائدة قال‪ (( :‬واعلم أنا وإن قلنا‪:‬‬
‫ً‬ ‫ُأ‬ ‫ّٰ‬ ‫ُأ‬
‫نهي عنه نهي كراهة أو تحريم؛ إذ لم يثبت فيه نهي‪ ،‬وما يقال‪ :‬إنه ْب ِد َع بعد رسول الله ﷺ فليس كل ما ْب ِد َع منهيا عنه‪ ،‬بل املنهي عنه بدعة تضاد سنة ثابتة‬
‫ً‬
‫وترفع أمرا من أمر الشرع مع بقاء علته‪ ،‬بل اإلبداع فيه يجب في بعض األحوال إذا تغيرت األسباب‪ ،‬وليس في املائدة إال رفع الطعام عن األرض؛ لتيسير‬
‫األكل)) (‪.)6‬‬
‫‪ -٢‬الشيخ ابن تيمية ‪ -‬رحمه ﷲ ‪: -‬‬
‫ُأ‬
‫‪   ‬جاء في منهاج السنة النبوية بعد أن تحدث عن اجتماع الصحابة في صالة التراويح على جماعة واحدة خلف َب ّي بن كعب رضي هللا عنه فقال سيدنا عمر‬
‫ُ‬ ‫رضي هللا عنه ‪ِ (( :‬ن ْع َم ِت البدعة هذه)) (‪ )7‬قال‪ (( :‬وهذا االجتماع العام ملّا لم يكن قد ُف ِع َل َّ‬
‫ً‬
‫ابتداء يسمى بدعة في اللغة‪ ،‬وليس‬ ‫سماه بدعة؛ ألن ما ف ِع َل‬
‫ذلك بدعة شرعية ‪ -‬كاستحباب ما لم يحبه ﷲ‪ ،‬وإيجاب ما لم يوجبه ﷲ‪ ،‬وتحريم ما لم يحرمه ﷲ ‪ -‬فال تدفع الفعل من اعتقاد يخالف الشريعة‪ ،‬وإال فلو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عمل إنسان فعال محرما يعتقد تحريمه لم يقل إنه فعل بدعة)) (‪.)8‬‬
‫‪ -٣‬ابن حجر العسقالني ‪ -‬رحمه ﷲ ‪: -‬‬
‫ُأ َ‬
‫‪  ‬جاء في فتح الباري لشرح البخاري عند شرح قول عمر رضي هللا عنه (( ِن ْع َم ِت البدعة هي)) ‪ (( :‬والبدعة أصلها ما ْح ِدث على غير مثال سابق‪ ،‬ويطلق في‬
‫الشرع في مقابل السنة فتكون مذمومة‪ ،‬والتحقيق أنها إن كانت مما يندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة‪ ،‬وإن كانت مما يندرج تحت مستقبح في‬
‫الشرع فهي مستقبحة‪ ،‬وإال فهي من قسم املباح‪ ،‬وقد تنقسم إلى األحكام الخمسة)) اهـ (‪.)9‬‬
‫‪ -٤‬اإلمام النووي ‪ -‬رحمه ﷲ ‪: -‬‬
‫ّٰ‬
‫البدعة ‪ -‬بكسر الباء ‪ -‬في الشرع‪ :‬هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله ﷺ‪ ،‬وهي منقسمة إلى‪ :‬حسنة وقبيحة‪.‬‬‫‪   ‬قال في تهذيب األسماء واللغات‪ِ (( :‬‬
‫‪  ‬قال الشيخ اإلمام املجمع على إمامته وجاللته وتمكنه في أنواع العلوم وبراعته أبو محمد عبد العزيز لن عبد السالم ‪ -‬رحمه ﷲ ورضي عنه ‪ -‬في آخر‬
‫كتاب القواعد‪ :‬البدعة منقسمة إلى‪ :‬واجبة‪ ،‬ومحرمة‪ ،‬ومندوبة‪ ،‬ومكروهة‪ ،‬ومباحة‪ ،‬قال‪ :‬والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة‪:‬‬
‫‪   ‬فإن دخلت في قواعد اإليجاب‪ :‬فهي واجبة‪ ،‬أو في قواعد التحريم‪ :‬فمحرمة‪ ،‬أو الندب‪ :‬فمندوبة‪ ،‬أو املكروه‪ :‬فمكروهة‪ ،‬أو املباح‪ :‬فمباحة‪.‬‬
‫وللبدع الواجبة أمثلة‪:‬‬
‫ُ‬
‫األول‪ :‬االشتغال بتعلم وتعليم النحو الذي يفهم به كالم ﷲ تعالى أو كالم رسوله ﷺ وذلك واجب؛ ألن الشريعة واجب وال يتأتى حفظها إال بذلك‪ ،‬وما ال‬
‫يتم الواجب إال به فهو واجب‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬حفظ غريب الكتاب والسنة من اللغة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬تدوين أصول الدين وأصول الفقه‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬الكالم فب الجرح والتعديل وتمييز الصحيح من السقيم‪.‬‬
‫‪   ‬وقد دلت قواعد الشريعة على أن حفظ الشريعة فرض كفاية فيما زاد على املتعين وال يتأتى ذلك إال بما ذكرناه‪.‬‬
‫وللبدع املحرمة أمثلة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ ْ َئ‬ ‫مذاهب َ‬
‫الق َدر َّية َ‬
‫والج ْب ِر َّية واملر ِج ة واملج ِسمة والرد على هؤالء من البدع الواجبة‪..‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وللبدع املندوبة أمثلة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫الر ُبط واملدارس وكل إحسان لم يعهد في العصر األول‪ ،‬ومنها التراويح‪ ،‬والكالم في دقائق التصوف وفي الجدل‪ ،‬ومنها جمع املحافل؛ لالستدالل إن‬
‫‪  ‬إحداث ُّ‬
‫قصد بذلك وجه ﷲ تعالى‪.‬‬
‫وللبدع املكروهة أمثلة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫زخرفة املساجد‪ ،‬وتزويق املصاحف‪.‬‬
‫وللبدع املباحة أمثلة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪  ‬املصافحة عقب الصبح والعصر‪ ،‬ومنها التوسع في اللذيذ في املآكل واملشارب‪ ،‬واملالبس‪ ،‬واملساكن‪ ،‬ولبس الطيالسة‪ ،‬وتوسيع األكمام))‪ .‬أهـ‪.‬‬
‫‪   ‬ثم ينقل اإلمام النووي عن اإلمام الشافعي أنه يقول‪(( :‬املحدثات من األمور ضربان‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُأ َ‬
‫أحدهما‪ :‬ما ْح ِدث ِم َّما ُيخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا‪ ،‬فهذه البدعة الضاللة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُأ َ‬
‫والثاني‪ :‬ما ْح ِدث من الخير ال خالف فيه لواحد من العلماء‪ ،‬وهذه ُم ْح َدثة غير مذمومة‪ ،‬وقد قال عمر رضي هللا عنه في قيام شهر رمضان‪(( :‬نعمت البدعة‬
‫هذه)) ‪ :‬يعني أنها محدثة لم تكن‪ ،‬وإذا كانت ليس فيها رد ملا مضى))‪ .‬أهـ‪.‬‬
‫ُأ َ‬ ‫ً‬
‫‪   ‬وقال أيضا‪(( :‬ما ْح ِدث وليس له أصل في الشرع ُس ِ ّمي في عرف الشرع بدعة‪ ،‬وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة)) (‪.)10‬‬
‫‪ -٥‬الزرقاني ‪ -‬رحمه هللا ‪: -‬‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫‪  ‬قال في شرح امل َوطأ عند قول عمر رضي هللا عنه ‪ِ (( :‬نعمت البدعة هذه)) ‪(( :‬إنما البدعة املمنوعة خالف السنة‪ ،‬وقال ابن عمر رضي هللا عنه في صالة‬
‫َ‬ ‫ْ‬

‫الضحى‪(( :‬نعمت البدعة‪ ))...‬ثم قال‪ :‬وهذا يبين صحة القول بالرأي واالجتهاد)) أهـ‪.)11( .‬‬
‫‪ -٦‬ابن رجب الحنبلي ‪ -‬رحمه ﷲ ‪: -‬‬
‫ً‬ ‫ُأ َ‬
‫‪((   ‬واملراد بالبدعة ما ْح ِدث مما ال أصل له في الشريعة يدل عليه‪ ،‬أما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا وإن كان بدعة لغة))‪ .‬أهـ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫(‪.)12‬‬
‫‪ -٧‬ابن حجر الهيتمي ‪ -‬رحمه ﷲ ‪: -‬‬
‫ً ُأ َ‬ ‫ً‬
‫ودليل ِه الخاص والعام)) (‪.)13‬‬
‫ِ‬ ‫‪  ‬قال‪ (( :‬هي لغة‪ :‬ما كان مخترعا‪ ،‬وشرعا‪ :‬ما ْح ِدث على خالف أمر الشرع‬
‫‪ -٨‬الزركشي ‪ -‬رحمه ﷲ ‪: -‬‬
‫‪  ‬قال‪(( :‬البدعة في الشرع موضوعة للحادث املذموم اإلبداع))‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -٩‬جاء في اإلسعاف بالطلب مختصر شرح املنهج املنتخب على قواعد املذهب للعالمة أحمد بن علي املنجور في الفقه املالكي نقال عن اإلمام القرافي في الفرق‬
‫نص على ذلك ابن أبي زيد وغيره))‪.‬‬ ‫الثاني والخمسين واملائتين قوله‪(( :‬اعلم أن األصحاب فيما رأيت متفقون على إنكار البدع‪َّ ،‬‬

‫والحق التفصيل‪ ،‬وأنها خمسة أقسام‪:‬‬


‫ً‬
‫القسم األول ‪ :‬واجب‪ ،‬وهو ما تناوله قواعد الوجوب وأدلته من الشرع‪ ،‬كتدوين القرآن والشرائع إذ وإهمال ذلك حرام إجماعا‪ ،‬فمثل هذا النوع ال ينبغي‬
‫أن يختلف في وجوبه‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ُ :‬م َح َّرم‪ ،‬وهو كل بدعة تناولتها قواعد التحريم وأدلته من الشريعة‪ :‬كاملكوس‪ ،‬واملحدثات من الظالم‪ ،‬واملحدثات املنافية لقواعد الشريعة ‪:‬‬
‫ً‬ ‫كتقديم ُ‬
‫الج َّهال على العلماء‪ ،‬وتولية املناصب الشرعية ملن ال يصلح لها بطريق التوارث وجعل املستند في ذلك كون املنصب كان ألبيه وهو نفسه ليس أهال‬
‫لها‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬مندوب إليه‪ ،‬وهو ما تناولته قواعد وأدلته من الشريعة‪ :‬كاالجتماع على صالة التراويح‪ ،‬وإقامة هيئة الئقة للقضاء ووالة األمور على خالف ما‬
‫كان عليه الصحابة ‪ -‬رضوان ﷲ عليهم ‪ -‬بسبب أن املقاصد واملصالح الشرعية ال تحصل إال بعظمة الوالة في نفوس الناس‪.‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬مكروه‪ ،‬وهو ما تناولتها أدلة الكراهة من الشريعة وقواعدها‪ ،‬كتخصيص األيام الفاضلة‪ ،‬أو غيرها بنوع من العبادات‪.‬‬
‫القسم الخامس‪ :‬مباحة‪ ،‬وهو تناولتها أدلة اإلباحة وقواعدها من الشريعة‪ ،‬كاتخاذ املناخل للدقيق‪ ،‬ففي اآلثار‪ :‬أول شيء أحدثه الناس بعد الرسول ﷺ اتخاذ‬
‫املناخل؛ ألن تليينـ العيش وإصالحه من املباحات فوسائله مباحة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫كل ما يطلق عليه بدعة ضاللة؛ ألن قسما من البدع تدخل تحت قواعد شرعية ُم ْعت ٍد بها فليس فعلها ضاللة‪ ،‬وإطالق البدعة‬‫‪  ‬من كل هذا عرفنا أن ليس ُّ‬
‫ً‬
‫عليها ُيراد به البدعة لغة ال شرعا‪.‬‬
‫‪   ‬بل البدعة هي املحرمة أو املكروهة‪ ،‬واألمور التي ال تدخل تحت األصول والقواعد العامة للشريعة (‪.)14‬‬
‫________________‬
‫(‪ )1‬املصباح املنير‪ ،‬مادة أبدع‪.٥٣ /٢ :‬‬
‫(‪ )2‬رواه أبو داود برقم ‪ ،٤٦٠٧‬والترمذي برقم ‪ ٢٦٧٦‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه مسلم برقم ‪ ،٦٩‬وغيره‪.‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري برقم ‪ ،٢٦٩٧‬ومسلم برقم ‪.١٧١٨‬‬
‫(‪ )5‬رواه مسلم برقم ‪.١٧١٨‬‬
‫(‪ )6‬اإلحياء للغزالي‪.٣ /٢ :‬‬
‫(‪ )7‬رواه البخاري برقم ‪ ،٢٠١٠‬ومالك برقم ‪.٣٧٨‬‬
‫(‪ )8‬منهاج السنة البن تيمية‪.٢٢٤ /٤ :‬‬
‫(‪ )9‬فتح الباري‪.٢٥٣ /٤ :‬‬
‫(‪ )10‬تهذيب األسماء واللغات‪ ،٢٢ /٣ :‬ويالحظ طلك في كتاب عز الدين عبد السالم قواعد األحكام في مصالح األنام‪.١٧٣ /٢ :‬‬
‫(‪ )11‬شرح املوطأ للزرقاني‪.٢٣٨ /١ :‬‬
‫(‪ )12‬جامع العلوم والحكم ألبن رجب الحنبلي‪.١٦٠ :‬‬
‫(‪ )13‬الفتاوى الحديثية البن حجر الهيتمي‪.٢٠٥ :‬‬
‫(‪ )14‬اإلسعاف بالطلب مختصر شرح على قواعد املذهب ألحمد بن علي املنجور املالكي‪ ،١٥٨ :‬والتبيين بشرح األربعين‪.٢٤١ :‬‬
‫نقله محمد حسين الشاويش‬
‫ص ‪٢٠ - ١١‬‬
‫📕 البدعة في املفهوم اإلسالمي الدقيق‬
‫👤 أ‪ .‬د‪ .‬عبد امللك بن عبد الرحمن السعدي‬
‫‪https://t.me/rdodmn/1113‬‬

You might also like