You are on page 1of 9

‫دراسة قانونية حول أحكام االمتناع عن الوفاء في الكمبيالة‬

‫حكام االمتناع عن الوفاء في الكمبيالة على ضوء مقتضيات مدونة التجارة‬


‫يعتبر الوفاء بالمبلغ الثابت في الكمبيالة أهم مرحلة في التعامل بهذه الورقة التجارية و قد نظم أحكامه المشرع‬
‫التجاري المغربي في المواد من ‪ 184‬إلى ‪ , 195‬و تظهر أهميته في كونه الطريق الطبيعي النقضاء االلتزام‬
‫الصرفي بحيث يتوجه الحامل للمسحوب عليه بقصد الوفاء ‪ .‬و في حالة قبول المسحوب عليه لهذا الوفاء‬
‫تنتهي الكمبيالة كورقة تجارية و تبرأ ذمة المسحوب عليه القابل و ذمم سائر المدينين بها ‪.‬‬

‫لكن يثور اإلشكال عندما يتوجه الحامل إلى المسحوب عليه بقصد استيفاء المبلغ الثابت في الكمبيالة و يرفض‬
‫المسحوب عليه الوفاء بقيمة هذه الورقة التجارية ؟ فكما هو معلوم أن عالم التجارة و األعمال يتطلب‬
‫بالضرورة سيادة الثقة و االئتمان في المعامالت التجارية(‪ )1‬و من بينها التعامل بالكمبيالة التي تعتبر من أبرز‬
‫األليات التجارية التي خلقها القانون الصرفي بقصد تسريع تداول األموال ‪ ,‬و يعد توفير الحماية القانونية لهذه‬
‫الورقة التجارية منذ التكوين إلى حين الوفاء لبنة أساسية لتعزيز ثقة التجار في التعامل بهذه الورقة التجارية ‪,‬‬
‫تجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أن المشرع المغربي كرس مجموعة من القواعد اإلجرائية و الموضوعية‬
‫الذي يتسنى على الحامل اتباعها بقصد الحصول على حقه الثابت في الكمبيالة في حالة االمتناع عن الوفاء من‬
‫طرف الملتزمين الصرفيين ‪.‬‬

‫ذلك أنه عند امتناع المسحوب عليه القابل عن الوفاء يكون من حق و واجب الحامل تحرير احتجاج عدم الوفاء‬
‫و الرجوع على سائر الموقعين على الكمبيالة باعتبارهم ضامنين للوفاء بقيمتها (‪ .)2‬و الحامل في إطار‬
‫مباشرته للرجوع على باقي الملتزمين نتيجة عدم الوفاء ألزمه المشرع بسلوك طريق قانوني محدد ‪ ,‬يبدأ بداية‬
‫بتحرير احتجاج رسمي لعدم الوفاء كوسيلة من خاللها يتم إثبات امتناع المسحوب عليه عن الوفاء ‪ ,‬ثم في‬
‫مرحلة ثانية ينبغي على الحامل اتباع دعوى الرجوع على الملتزمين في الكمبيالة و ذلك بحسب إرادته و‬
‫اختياره لطبيعة هذا الرجوع بين الرجوع القضائي و الرجوع الغير القضائي ‪ .‬و من هنا يمكن طرح إشكال‬
‫عام مفاده إلى أي حد استطاع المشرع التجاري المغربي توفير الحماية القانونية لحامل الكمبيالة في حالة‬
‫االمتناع عن الوفاء و ما هو احتجاج عدم الوفاء ؟ و ما هي إجراءاته و أثاره القانونية ؟ و ما هي أبرز األحكام‬
‫القانونية لدعوى الرجوع الصرفي كإجراء قانوني يريد من خالله الحامل استيفاء الحق الثابت في الكمبيالة ؟‬

‫جوابا على كل هذه األسئلة و اإلشكاالت سنعمل على دراسة أحكام االمتناع عن الوفاء بالدرس و التحليل في‬
‫الموضوع التالي و ذلك باعتماد المنهج الدراسي التالي ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬ضرورة تنظيم احتجاج عدم الوفاء كإجراء أولي الستيفاء مبالغ الكمبيالة ‪.‬‬

‫المطلبالثاني ‪:‬أحكامدعوىالرجوعالصرفي‪.‬‬
‫المطلباألول ‪ DAPkwBNd4YdBbiVM4q6zpyVhMXrhui4xH8R5JzrNKTpL‬مبالغ‬
‫الكمبيالة ‪.‬‬

‫إن تحرير احتجاج عدم الوفاء يعتبر الخطوة األولى بقصد البدء في إجراءات الرجوع فهو يشكل وسيلة إثبات‬
‫لعدم الوفاء بقيمة الكمبيالة وسنعمل على دراسة ماهيته و ضرورة إقامته في (الفقرة األولى) ثم دراسة ميعاده‬
‫و إجراءاته القانونية و أهم األثار المترتبة عليه في (الفقرة الثانية ) ‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪:‬ماهية االحتجاج والحاالت االستثنائية التي يعفى الحامل من تحرير االحتجاج ‪.‬‬

‫‪.1‬ماهية االحتجاج و ضرورة إقامته ‪:‬‬


‫عرف بعض الفقه (‪ )3‬االحتجاج بأنه ورقة رسمية يحررها مفوض قضائي إلثبات امتناع المسحوب عليه عن‬
‫دفع قيمة الكمبيالة ‪ ,‬و هو حجة قاطعة على التقديم للوفاء و على االمتناع عنه ‪ ,‬ال يمكن الطعن فيه إال بالزور‬
‫و قد نظم القانون الصرفي المغربي هذه الورقة –أي االحتجاج – في المواد من ‪ 209‬إلى ‪ , 212‬بحيث جمع‬
‫المشرع في أحكام هذه المواد بين القواعد المطبقة عليها و القواعد المطبقة على ورقة احتجاج لعدم القبول ‪ .‬و‬
‫طبقا للمادة ‪ 211‬من مدونة التجارة فإن تنظيم االحتجاج لعدم الوفاء أو عدم القبول يعتبر إجراء ضروري و‬
‫إلزامي ‪ ,‬على اعتبار أنه يشكل ألية اإلثبات الوحيدة التي تثبت بأن الحامل توجه إلى المسحوب عليه ليستوفي‬
‫مبلغ الكمبيالة في األجل القانونية لذلك ‪ ,‬لكي يسوغ له الرجوع على باقي الملتزمين ‪.‬‬

‫و يالحظ في هذا المجال أن المشرع في األوراق التجارية و خصوصا الكمبيالة شدد من ضرورة احترام‬
‫الشكلية و خرج بذلك عن المبدأ العام المقرر في المادة التجارية أال و هو حرية اإلثبات(‪ )4‬حيث جاء في‬
‫المادة ‪ 334‬من مدونة التجارة (( تخضع المادة التجارية لحرية اإلثبات ‪ ,‬غير أنه يتعين اإلثبات بالكتابة ‪ ,‬إذا‬
‫نص القانون أو االتفاق على خالف ذلك )) ‪ ,‬و عليه فال يجدي اإلقرار الكتابي و ال اإلثبات بشهادة الشهود في‬
‫إثبات امتناع المسحوب عليه عن القبول أو الوفاء و ال يكون للحامل سوى تحرير االحتجاج بقصد إثبات هذا‬
‫االمتناع ‪.‬‬

‫‪.2‬الحاالت االستثنائية التي يعفى فيها الحامل من تحرير االحتجاج ‪:‬‬


‫من أبرز خصائص الكمبيالة أن المشرع فرض على المتعاملين بها ضرورة احترام الشكلية فيها(‪ , )5‬و‬
‫يالحظ على هذه الشكلية أنها تستمر مع الكمبيالة منذ اإلنشاء إلى حين االنقضاء ‪ ,‬و ارتباطا بموضوعنا فإن‬
‫الحامل عليه أن يحترم من حيث المبدأ شكليات إثبات امتناع المسحوب عليه عن الوفاء و ال يسعه ذلك إال‬
‫بتحرير احتجاج عدم الوفاء ‪ .‬بيد أن المشرع قرر في حاالت استثنائية إعفاء الحامل من تحرير احتجاج عدم‬
‫الوفاء كما أجاز لألطراف استثناء بعضها األخر و تتمثل هذه الحاالت االستثنائية في ما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬الحالة األولى ‪:‬التسوية أو التصفية القضائية للمسحوب عليه أو توقفه عن الدفع أو الحجز عن أمواله بدون‬
‫جدوى ‪.‬‬

‫‪-‬الحالة الثانية ‪ :‬التسوية أو التصفية القضائية لساحب الكمبيالة مشروط عدم تقديمها للقبول بحيث أجاز‬
‫المشرع في هذه الحالة للحامل في الفقرة األخيرة من المادة ‪ 197‬الرجوع مباشرة على الضامنين دون انتظار‬
‫حلول ميعاد االستحقاق و إذا كان الحامل قد صرح بالدين في األجل فيكفيه في هذا الرجوع تقديم الحكم‬
‫القاضي بالتسوية أو التصفية القضائية ليجوز له استعمال حقه في الرجوع دون لزوم تحرير االحتجاج ‪.‬‬

‫‪-‬الحالة الثالثة ‪:‬تنظيم االحتجاج لعدم القبول و هو ما تنص عليه الفقرة الرابعة من المادة ‪ 197‬من مدونة‬
‫التجارة من أن احتجاج عدم القبول يغني عن تقديم الكمبيالة للوفاء ‪ ,‬و عن احتجاج عدم الوفاء سواء تعلق‬
‫األمر بالرفض الكلي أو الجزئي للقبول من طرف المسحوب عليه ‪.‬‬
‫‪-‬الحالة الرابعة ‪:‬حالة ضياع الكمبيالة أو سرقتها ‪ ,‬و ذلك راجع إلى كون المشرع أوقف الوفاء في هذه الحالة‬
‫على صدور أمر قضائي من رئيس المحكمة المختصة طبقا للمواد ‪190‬إلى ‪ 192‬بعد إثبات ملكية الكمبيالة و‬
‫تقديم كفالة لكتابة الضبط بالمحكمة المختصة ‪.‬‬

‫‪-‬الحالة الخامسة ‪:‬وجود شرط بدون مصاريف أو بدون تقديم احتجاج ‪ .‬و هو شرط اتفاقي يدرجه المظهر أو‬
‫الساحب أو الضامن االحتياطي يخول لحامل الكمبيالة الرجوع على الملتزمين بدون مصاريف ‪.‬‬
‫‪-‬الحالة السادسة ‪:‬استمرار القوة القاهرة ‪ ,‬فوفقا لما تنص عليه المادة ‪ 207‬من مدونة التجارة فإنه إذا استمرت‬
‫القوة القاهرة أكثر من ثالثين يوما جاز لحامل الكمبيالة رفع الدعوى دون حاجة لتحرير االحتجاج مالم تكن‬
‫دعوى الرجوع موقوفة لمدة أطول بمقتضى نصوص خاصة ‪.‬‬

‫‪-‬الحالة السابعة ‪:‬وجود أمر باألداء و ذلك تطبيقا لما تن عليه المادة ‪ 162‬من ق‪.‬م‪.‬م على أنه ‪ (( :‬إذا كان الدين‬
‫مترتبا على كمبيالة نتج عن األمر باألداء جميع أثار االحتجاج بعدم الدفع في مواجهة الحاملين و‬
‫المستظهرين )) و هي القاعدة الذي كرسها االجتهاد القضائي لعمل محكمة االستئناف التجارية بفاس في‬
‫قرارها رقم ‪ 47‬الصادر بتاريخ ‪10/1/2012‬في الملف عدد ‪524/2011‬‬

‫من أنه ( وجود الكمبيالة سند األمر باألداء بحوزة الدائن و تحت يده قرينة على عدم حصول الوفاء بها )‪.‬‬
‫‪-‬الحالة الثامنة ‪:‬إذا تعلق األمر بالملتزمين الرئيسيين بالكمبيالة و يتعلق األمر ها هنا بالمسحوب عليه القابل و‬
‫الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء و ضامنيهم االحتياطيين ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬إجراءات االحتجاج و أثاره القانونية ‪.‬‬
‫من حيث ميعاد تحرير االحتجاج فإن المادة ‪ 197‬نصت على أنه(( متى كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء في يوم‬
‫معين أو بعد مدة من تاريخها أو بعد مرور مدة من االطالع وجب إقامة االحتجاج داخل أحد أيام العمل‬
‫الخمسة الموالية ليوم االستحقاق ‪ .‬و متى كانت الكمبيالة مستحقة عند االطالع وجب تحرير االحتجاج ضمن‬
‫الشروط المعينة في الفقرة السابقة بشأن تحرير احتجاج عدم القبول ))‬

‫و المشرع و الحالة هذه يميزبين نوعين من الكمبياالت‪ :‬األولى وهي الكمبيالة المستحقة الدفع في يوم معين ‪,‬‬
‫أو بعد مدة معينة من تاريخ إنشائها أو من تاريخ االطالع عليها ففي ضوء هذا النوع يتعين تقديمها للوفاء في‬
‫ميعاد االستحقاق ‪ ,‬و من الالزم إقامة االحتجاج داخل أحد أيام العمل الخمسة الموالية ليوم االستحقاق ‪ .‬و‬
‫الثانية هي الكمبياالت الواجبة الدفع بمجرد االطالع بحيث وجب على الحامل إقامة االحتجاج لعدم الوفاء‬
‫بالتزامن مع إقامة االحتجاج لعدم القبول و عليه تكون المدة خالل سنة من تاريخ التحرير‪ ,‬و الجذير بالذكر أن‬
‫تحرير االحتجاج لعدم الوفاء غير جائز في يوم االستحقاق ‪ ,‬و إال عد باطال إذ أن هذا اليوم متروك للمدين ‪,‬‬
‫ليتدبر فيه مسالة الوفاء ‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة في هذا السياق إلى أن تنظيم االحتجاج عدم الوفاء و عدم القبول يكون بناء على طلب حامل‬
‫الكمبيالة ‪,‬سواء كان مالكها أو وكيال أو المظهر إليه تظهيرا تأمينيا و يعتبر المفوض القضائي الجهة التي أوكل‬
‫إليها القانون صالحية تحرير االحتجاج ‪.‬‬

‫و طبقا للمادة ‪ 161‬من المدونة التجارية فإن هذا االحتجاج يقام في موطن الشخص الملزم بالوفاء ‪ ,‬أو في أخر‬
‫موطن معروف له أو في المحل المختار أو في موطن القابل بالتدخل ‪,‬هذا و تلزم المادة ‪ 209‬المفوض‬
‫القضائي في حالة وجود بيان خاطئ يتعلق بالموطن ‪ ,‬أن يجري تحريا قبل إقامة االحتجاج و أن يقوم بإثبات‬
‫ذلك في محرر مستقل ‪.‬و من بين اإلجراءات الالزم على الحامل اتبعها أيضا هو إعالم باقي الملتزمين‬
‫الصرفيين بالكمبيالة بعدم القبول أو الوفاء بهدف اطالعهم على حقيقة الوضع و يتدبروا مركزهم المالي ‪,‬‬
‫فالمادة ‪ 199‬ألزمت الحامل بتوجيه إعالم للساحب و باقي المظهرين يبلغهم من خالله بعدم قبول أو عدم وفاء‬
‫الكمبيالة و حسب نفس المادة فإنه يجب على المفوض القضائي باعتباره عون التبليغ إذا كانت الكمبيالة‬
‫تتضمن اسم الساحب و موطنه ‪ ,‬إشعار هذا األخير بأسباب رفض الوفاء بالبريد المضمون داخل ثالثة أيام‬
‫العمل الموالية ليوم إقامة االحتجاج‪.‬‬

‫و يتضمن االحتجاج البيانات التي نصت عليها المادة ‪ 210‬وهي ‪ -1 :‬النص الحرفي للكمبيالة بكل ما كتب فيها‬
‫من بيانات إلزامية و اختيارية و لما أثبت فيها من عبارات القبول و التظهير مع ذكر الشخص المفوض بقبولها‬
‫أو وفائها عند االقتضاء ‪ -2 .‬إنذار موجه للمدين بوفاء قيمة الكمبيالة ‪ ,‬و يعد هذا البيان بمثابة إعذار للمسحوب‬
‫عليه بالدفع ‪-3.‬إثبات حضور أو غياب الملزم بالوفاء ‪-4‬األسباب التي يسوقها الملزم لتبرير امتناعه عن‬
‫القبول أو الوفاء ‪.‬‬
‫أما من حيث األثار القانونية المترتبة عن تحرير االحتجاج نجملها في ما يلي ‪ * :‬إثبات عدم القبول و عدم‬
‫الوفاء عن طريق وثيقة رسمية ال يجوز الطعن فيها إال بالزور ‪*.‬صيانة حق الحامل في مواجهة الضامنين‬
‫ألن تحرير االحتجاج شرط للرجوع و مطالبتهم بقيمة الكمبيالة ‪*.‬إثبات تقديم الحامل للكمبيالة للقبول أو الوفاء‬
‫في الميعاد القانوني *إمكانية الرجوع على الضامنين قبل حلول ميعاد االستحقاق‪.‬‬

‫المطلبالثاني ‪:‬أحكام دعوى الرجوع الصرف ‪.‬‬

‫بعد أن يثبت الحامل عدم الوفاء بمبلغ الكمبيالة باحتجاج رسمي يحرره مفوض قضائي ‪ ,‬مع ضرورة اتباع‬
‫اإلجراءات السابق ذكرها ‪ ,‬يحق له حينها الرجوع على باقي الملتزمين الصرفين إما فرادى أو جماعة دون أن‬
‫يكون ملزما باتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم و سنعمل على دراسة أحكام و مقتضيات هذا الرجوع في (‬
‫الفقرة األولى ) أما بعد أن يستوفي الحامل مبلغ الكمبيالة من أحدهم –أي الملتزمين – يحق لهذا الملتزم الموفي‬
‫الرجوع على باقي الملتزمين طبقا ألحكام معينة سنعمل على تأصيلها في (الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرةاألولى‪ :‬رجوع الحامل على الملتزمين بالكمبيالة ‪.‬‬


‫في حالة حلول تاريخ االستحقاق و لم يعمل الملتزم الصرفي بالوفاء في التاريخ المحدد لذلك ‪ ,‬يحق للحامل بعد‬
‫تحرير االحتجاج على باقي الملتزمين و المطالبة بالمبالغ الثابتة في الكمبيالة التي تعتبر بيانا إلزاميا ال غنى‬
‫عنه (‪ )6‬و هي المبالغ التي حددتها المادة ‪ 202‬من المدونة التجارية و المتمثلة في ‪-1 ( :‬مبلغ الكمبيالة و هو‬
‫الدين الثابت في هذه الورقة التجارية للمستفيد على الساحب و الذي أمر هذا األخير المسحوب عليه بدفعه‬
‫لفائدة المستفيد ‪-2 /‬الفوائد القانونية و هي التي يحددها القانون كتعويض عن تأخر المدين بدفعها في الميعاد‬
‫المحدد لذلك و تحسب من تاريخ االستحقاق ‪ -3 /.‬الفوائد االتفاقية ‪ :‬و هو بيان اختياري غير مؤثر في الكمبيالة‬
‫و قد نصت عليه المادة ‪ 162‬بحيث أنه (يجوز لساحب كمبيالة مستحقة عند االطالع أو بعد مدة من االطالع‬
‫أن يشترط فائدة على مبلغ الكمبيالة ‪.‬‬

‫و يعتبر هذا الشرط غير موجود في أنواع الكمبياالت األخرى ) و لكي يكون هذا الشرط معتبر قانونا يجب أن‬
‫يكون محدد السعر ‪ ,‬و يتم احتساب السعر من يوم إنشاء الكمبيالة مالم يعين تاريخ أخر من طرف الساحب ‪/.‬‬
‫‪-4‬مصاريف االحتجاج و اإلخطارات المرسلة و غيرها من المصاريف بيد أنه إذا تعلق األمر بكمبيالة مدرج‬
‫في متنها الرجوع بدون مصاريف فإن هذه المبالغ ال يعتد بها في مواجهة كافة الملتزمين إذا كان مدرج الشرط‬
‫هو الساحب ‪ ,‬لكن يكون له أثر نسبي إذا كان مدرجه هو المظهر حيث أنه في هذه الحالة األخيرة يعفى‬
‫المظهر مدرج الشرط دون باقي الموقعين )‪.‬‬
‫و مما تجدر اإلشارة إليه في هذا الباب هو أن هذه المبالغ تخفض في حالة الرجوع المبتسر أو المبكر للحامل‬
‫على باقي الملتزمين و هو ما يستفاد من نص المادة ‪ 202‬من مدونة التجارة‪ ( :‬إذا وقعت المطالبة قبل تاريخ‬
‫االستحقاق فيجب إجراء خصم من مبلغ الكمبيالة ‪ .‬و يحسب هذا الخصم بحسب سعر الخصم الرسمي في‬
‫تاريخ وقوع الرجوع بالمكان الذي يقع فيه موطن الحامل )‪.‬‬
‫أما من حيث مسطرة الرجوع فإن الحامل خول له المشرع االختيار بين الطريق القضائي و طريق أخر‬
‫غيرالقضائي ‪.‬‬

‫فأما الطريق الغير القضائي يتمثل في شكلين أساسيين وهما ‪ :‬الرجوع الودي الذي من خالله يعمل الملتزم‬
‫سواء كان الساحب أو المظهر أو الضامن االحتياطي بالوفاء بالكمبيالة و بصورة حبية و إرادية تجنبا منه‬
‫لنفقات اللجوء إلى القضاء التي قد تضعف االئتمان و الثقة في معامالته التجارية على المبادرة بالوفاء ‪ .‬و‬
‫الشكل الثاني للطريق الغير القضائي هو ما يسمى بكمبيالة الرجوع و تكون كبديل للطريق الثاني حيث أنه في‬
‫أغلب األحيان يكون الحامل في أمس الحاجة إلى المال ‪ ,‬كما أن استيفاء مبلغ الكمبيالة عن طريق الدعوى‬
‫القضائية قد يستغرق وقتا يتجاوز أجل الدين الذي بذمته لذلك أجاز له المشرع و لكل شخص يملك حق‬
‫الرجوع على غيره من الملتزمين بالكمبيالة أن يستوفي قيمتها بتحرير كمبيالة جديدة بدال من األولى تسحب‬
‫على أحد الضامنين وفق الشروط الذي حدده القانون (‪.)7‬‬

‫و بالنسبة للطريق القضائي فيكون على شكلين إما بطريق الدعوى الصرفية أو دعوى مقابل الوفاء ‪ .‬فمن حيث‬
‫إذا سلك الحامل طريق الدعوى الصرفية فإنه إذا امتنع المسحوب عليه على الوفاء يمكن للحامل أن يتقدم‬
‫بدعوى إلى المحكمة التجارية المختصة التي يوجد بدائرتها موطن المدعى عليه أو التي سيقع في دائرة نفوذها‬
‫الوفاء هذا مع مراعاة االختصاص القيمي للمحاكم التجارية ذلك أن هذه األخيرة تكون مختصة عندما تكون‬
‫قيمة األوراق التجارية تزيد عن ‪ 20000‬درهم و الحال أنه إذا كانت الكمبيالة تتضمن مبلغ أقل من المبلغ‬
‫السالف الذكر فإن المحكمة االبتدائية هي المختصة‪.‬‬

‫و في إطار الدعوى الصرفية يمكن للحامل سلوك مسطرة األمر باألداء التي نصت عليها مقتضيات الفصل‬
‫‪ 157‬من ق‪.‬م‪.‬م بشرط توافر الشروط القانونية لذلك ‪ ,‬بحيث يجب طبقا للفصل ‪ 155‬أن تكون مسطرة األمر‬
‫باألداء بشأن تأدية مبلغ مالي يتجاوز خمسة أالف (‪ )5000‬درهم ‪ ,‬مستحق األداء بموجب ورقة تجارية أو‬
‫سند رسمي أو اعتراف بدين (‪ , )8‬و قد أضاف المشرع المسطري الفصل ‪ 162‬مكرر من ق‪.‬م‪.‬م بقصد تحقيق‬
‫نوع من االنسجام بين تدخل رئيس المحكمة في أوامر األداء التجارية و فلسفة القانون التجاري ‪ ,‬بحيث تم‬
‫تقرير عدم ترتيب استئناف أوامر األداء المبنية على األوراق التجارية و السندات الرسمية لألثر الموقف‬
‫بحيث أكد على عدم إيقاف استئنافه للتنفيذ ‪,‬‬

‫و هذا فيه توافق مع مقتضيات المادة التجارية ‪ ,‬مع إمكانية إيقاف التنفيذ جزئيا أو كليا من طرف محكمة‬
‫االستئناف بقرار معلل (‪ .)9‬تبقى اإلشارة إلىأن الدين ينبغي أن يكون ثابتا وهو ما قررته محكمة االستئناف‬
‫التجارية في إحدى أقضيتها و هي تبت في مادة األوراق التجارية بحيث جاء في هذا القرار رقم ‪ 764‬الصادر‬
‫بتاريخ‪ 2012/04/24‬من أنه (ال يختص قاضي األمر باألداء إال إذا كان الدين ثابتا ال نزاع فيه طبقا للمادة‬
‫‪ 155‬من قانون المسطرة المدنية ‪ ,‬و أن قاضي األمر باألداء عندما بت في الجوهر فإن ذلك في غير محله‬
‫لوجود منازعة جدية فيه و تحتم إلغاءه و إحالة األطراف على محكمة الموضوع تبعا لإلجراءات العادية )ملف‬
‫عدد ‪.1912/11‬‬

‫و إضافة إلى الدعوى الصرفية فالمشرع يخول للحامل الرجوع القضائي بموجب دعوى ملكية الوفاء و هي‬
‫إمكانية من خاللها يستطيع الحامل الرجوع على الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء عند أجل االستحقاق أو ضد‬
‫المسحوب عليه القابل سواء كان قد تلقى مقابل الوفاء أم ال ألن القبول هو قرينة يستطيع الحامل التمسك بها‬
‫في مواجهة المسحوب عليه ‪.‬بل أكثر من هذا فالحامل بإمكانه أن يوقع حجزا تحفظيا على أموال الملتزمين‬
‫الرئيسيين طبقا للشروط التي تحددها المادة ‪ 208‬من مدونة التجارة و المواد من ‪ 452‬إلى ‪ 458‬من ق‪.‬م‪.‬م ‪.‬‬

‫الفقرةالثانية‪:‬رجوع الملتزمين على بعضهم البعض‬


‫بادئ ذي بدئ تجب اإلشارة إلى أن أحوال رجوع الملتزمين على بعضهم البعض تختلف بحسب ما إذا كان‬
‫الوفي هو الساحب أو المسحوب عليه أو أحد المظهرين ‪.‬‬

‫فإذا قام بالوفاء المسحوب عليه فإنه يجب التمييز بداية بين ما إذا كان قد تلقى مقابل الوفاء من طرف الساحب‬
‫من عدمه ‪ ،‬ففرض أنه قد تلقى مقابل الوفاء من طرف الساحب ففي هذه الحالة ينقضي االلتزام الصرفي و ال‬
‫يكون له الرجوع على الساحب و ال على أحد ‪ ,‬غير أنه إذا كان قد وفى على المكشوف فله الرجوع على‬
‫الساحب بموجب دعوى اإلثراء بال سبب أو الفضالة أو دعوى الوكالة ‪.‬و إذا كانت الكمبيالة مسحوبة لحساب‬
‫الغير فللمسحوب عليه عليه إذا وفى الرجوع على الساحب الحقيقي دون إمكانية الرجوع على الساحب الظاهر‬
‫على اعتبار أن هذا األخير ما هو إال مجرد وكيل على األول ‪.‬‬

‫أما إذا قام بالوفاء أحد المظهرين فله الرجوع على سائر الموقعين السابقين على الكمبيالة بمعنى أنه يجوز له‬
‫الرجوع على المظهرين السابقين دون الالحقين إضافة إلى حقه في الرجوع على الساحب و المسحوب عليه‬
‫القابل و على ضامنيهم و كذا القابل بالتدخل‪.‬‬

‫و إذا قام بالوفاء الساحب فليس له الرجوع على أحد ألن وفائه بقيمة الكمبيالة يبرئ ذمة كل الموقعين بيد أنه‬
‫إذا كان قد قدم مقابل الوفاء للمسحوب عليه فإنه يكون له الرجوع على هذا األخير بدعوى ملكية مقابل ملكية‬
‫مقابل الوفاء ‪ ,‬بقصد استرداد ما دفعه له ‪ ,‬غير أنه إذا لم يكن قد أعطى مقابل الوفاء للمسحوب عليه فليس له‬
‫الرجوع على أحد ‪.‬‬
‫في حين إذا قام أحد الكفالء الصرفيين بالوفاء كالضامن أو القابل بالتدخل أو الموفي بالتدخل كان له الحق في‬
‫الرجوع على الملتزم الذي كفله و على الملتزمين السابقين عليه في المرتبة ألنه يضمنونه بتوقيعاتهم ‪.‬‬

‫ختاما نقول بأن المشرع التجاري المغربي وفر إلى حد ما الحماية القانونية لهذه الورقة التجارية سواء في‬
‫مرحلة اإلنشاء أوفي مرحلة الوفاء ‪ ,‬و ذلك وعيا منه بأهمية الكمبيالة في الحياة التجارية و االقتصادية و أثرها‬
‫على المعامالت التجارية ‪ ,‬ذلك أنه من بين الوظائف الحديثة للكمبيالة االئتمان على اعتبار أنها تستحق األداء‬
‫بعد مرور مدة معينة ‪ ,‬و لن يتأتى للمشرع حماية هذا االئتمان إال بحماية ألياته ووسائله األساسية و التي تعتبر‬
‫الكمبيالة من أهم هذه الوسائل التي لها دور باألهمية بمكان في عالم المال و األعمال ‪ ,‬و لئن كانت الشكلية من‬
‫أهم خصائص المعامالت المدنية ‪ ,‬فإن الشكلية في المادة التجارية تتميز بخصوصيات خاصة تتوافق و المحيط‬
‫التي تشتغل فيه بحيث تهدف إلى تحقيق السرعة و الثقة و يتضح هذا جليا في اجال التقادم و إجراءات‬
‫االحتجاج هذا األخير الذي يعد إجراء أساسي ال غنى عنه في سبيل استيفاء مبلغ الكمبيالة في حالة االمتناع‬
‫عن الوفاء ‪ ,‬و ما قصد ذلك إلى حماية الشكلية في األوراق التجارية (المادة ‪ 9‬من مدونة التجارة) و الذي‬
‫يعتبر _أي االحتجاج _ مرحلة أولية و تمهيدية إلزامية من حيث المبدأ للشروع في إجراءات الرجوع‬
‫الصرفي و استيفاء مبلغ الكمبيالة بكيفية قضائية أو غير قضائية وفق شروط قانونية بعد االمتناع عن الوفاء‬
‫بها ‪.‬‬

‫الهوامش ‪:‬‬

‫(‪ :)1‬أستاذنا نورالدين العرج ‪ ,‬مبادئ القانون التجاري مطبعة سليكي أخوين –طنجة ‪ 2012‬ص‪13.‬‬
‫(‪ :)2‬راجع الدكتور محمد مومن ‪ ,‬أحكام وسائل األداء و االئتمان في القانون المغربي مطبعة الوراقة الوطنية‬
‫مراكش ‪2013‬ص‪ 172.‬بحيث أن رجوع الحامل على الضامنين ال يقتصر فحسب على حالة االمتناع عن‬
‫الوفاء في ميعاد االستحقاق بل بإمكانه الرجوع حتى قبل ميعاد االستحقاق كامتناع المسحوب عليه عن القبول‬
‫أو تعرضه للتسوية أو التصفية القضائية أو في حالة توقفه عن الدفع أو الحجز عن أمواله بدون جدوى و كذلك‬
‫في حالة التسوية أو التصفية القضائية للساحب مشروط عدم تقديم الكمبيالة للقبول ‪.‬‬
‫(‪ :)3‬راجعالدكتورمحمدمومن ‪ ,‬أحكاموسائالألداءواالئتمانفيالقانونالمغربيمطبعةالوراقةالوطنيةمراكش‬
‫‪2013‬ص‪.173‬‬
‫(‪:)4‬أستاذنانورالدينالعرج ‪,‬مبادئالقانونالتجاريمطبعةسليكيأخوين –طنجة ‪ 2012‬ص‪ 13‬و كذلك الدكتور فؤاد‬
‫معالل ‪ ,‬في كتابه شرح القانون التجاري الجديد مطبعة األمنية الرباط ‪ 2012‬ص‪21.‬‬
‫(‪ :)5‬راجع العالمة شكري السباعي ‪,‬الوسيط في األوراق التجارية ‪ ,‬الجزء األول في أليات و أدوات االئتمان‬
‫الكمبيالة و السند ألمر ‪ ,‬دار نشر المعرفة ‪ ,‬الرباط ‪ 2009‬الطبعة الثالثة ‪,‬ص ‪ 19‬إلى ‪.30‬‬
‫(‪:)6‬تجدراإلشارة إلى أن ذكر مبلغ الكمبيالة يعتبر بيانا إلزاميا منصوص عليه في الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 159‬و‬
‫ليس له بديل منصوص عليه في المادة ‪ , 160‬و عليه تكون تحت طائلة البطالن الكمبيالة التي لم يذكر و يحدد‬
‫فيها مبلغ الدين المستفيد على الساحب ‪.‬‬
‫(‪:)7‬راجعالدكتورمحمدمومن ‪,‬أحكاموسائالألداءواالئتمانفيالقانونالمغربيمطبعةالوراقةالوطنيةمراكش ‪2013‬‬
‫ص ‪.184‬‬
‫(‪ :)8‬حسب التعديالت األخيرة لقانون المسطرة المدنية بموجب الظهير الشريف رقم ‪ 1.14.14‬أصبح المبلغ‬
‫المشروط في مقال األمر باألداء ‪ 5000‬درهم بعد أن كان محدد في ‪ 1000‬درهم ‪.‬‬
‫(‪ : )9‬راجع الدكتور عبدالكريم الطالب التنظيم القضائي المغربي دراسة عملية ‪ .‬مطبعة المعرفة مراكش‬
‫‪ 2012‬ص ‪.118‬‬

You might also like