Professional Documents
Culture Documents
الامتناع عن الوفاء في الكمبيالة
الامتناع عن الوفاء في الكمبيالة
لكن يثور اإلشكال عندما يتوجه الحامل إلى المسحوب عليه بقصد استيفاء المبلغ الثابت في الكمبيالة و يرفض
المسحوب عليه الوفاء بقيمة هذه الورقة التجارية ؟ فكما هو معلوم أن عالم التجارة و األعمال يتطلب
بالضرورة سيادة الثقة و االئتمان في المعامالت التجارية( )1و من بينها التعامل بالكمبيالة التي تعتبر من أبرز
األليات التجارية التي خلقها القانون الصرفي بقصد تسريع تداول األموال ,و يعد توفير الحماية القانونية لهذه
الورقة التجارية منذ التكوين إلى حين الوفاء لبنة أساسية لتعزيز ثقة التجار في التعامل بهذه الورقة التجارية ,
تجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى أن المشرع المغربي كرس مجموعة من القواعد اإلجرائية و الموضوعية
الذي يتسنى على الحامل اتباعها بقصد الحصول على حقه الثابت في الكمبيالة في حالة االمتناع عن الوفاء من
طرف الملتزمين الصرفيين .
ذلك أنه عند امتناع المسحوب عليه القابل عن الوفاء يكون من حق و واجب الحامل تحرير احتجاج عدم الوفاء
و الرجوع على سائر الموقعين على الكمبيالة باعتبارهم ضامنين للوفاء بقيمتها ( .)2و الحامل في إطار
مباشرته للرجوع على باقي الملتزمين نتيجة عدم الوفاء ألزمه المشرع بسلوك طريق قانوني محدد ,يبدأ بداية
بتحرير احتجاج رسمي لعدم الوفاء كوسيلة من خاللها يتم إثبات امتناع المسحوب عليه عن الوفاء ,ثم في
مرحلة ثانية ينبغي على الحامل اتباع دعوى الرجوع على الملتزمين في الكمبيالة و ذلك بحسب إرادته و
اختياره لطبيعة هذا الرجوع بين الرجوع القضائي و الرجوع الغير القضائي .و من هنا يمكن طرح إشكال
عام مفاده إلى أي حد استطاع المشرع التجاري المغربي توفير الحماية القانونية لحامل الكمبيالة في حالة
االمتناع عن الوفاء و ما هو احتجاج عدم الوفاء ؟ و ما هي إجراءاته و أثاره القانونية ؟ و ما هي أبرز األحكام
القانونية لدعوى الرجوع الصرفي كإجراء قانوني يريد من خالله الحامل استيفاء الحق الثابت في الكمبيالة ؟
جوابا على كل هذه األسئلة و اإلشكاالت سنعمل على دراسة أحكام االمتناع عن الوفاء بالدرس و التحليل في
الموضوع التالي و ذلك باعتماد المنهج الدراسي التالي :
المطلب األول :ضرورة تنظيم احتجاج عدم الوفاء كإجراء أولي الستيفاء مبالغ الكمبيالة .
المطلبالثاني :أحكامدعوىالرجوعالصرفي.
المطلباألول DAPkwBNd4YdBbiVM4q6zpyVhMXrhui4xH8R5JzrNKTpLمبالغ
الكمبيالة .
إن تحرير احتجاج عدم الوفاء يعتبر الخطوة األولى بقصد البدء في إجراءات الرجوع فهو يشكل وسيلة إثبات
لعدم الوفاء بقيمة الكمبيالة وسنعمل على دراسة ماهيته و ضرورة إقامته في (الفقرة األولى) ثم دراسة ميعاده
و إجراءاته القانونية و أهم األثار المترتبة عليه في (الفقرة الثانية ) .
الفقرة األولى :ماهية االحتجاج والحاالت االستثنائية التي يعفى الحامل من تحرير االحتجاج .
و يالحظ في هذا المجال أن المشرع في األوراق التجارية و خصوصا الكمبيالة شدد من ضرورة احترام
الشكلية و خرج بذلك عن المبدأ العام المقرر في المادة التجارية أال و هو حرية اإلثبات( )4حيث جاء في
المادة 334من مدونة التجارة (( تخضع المادة التجارية لحرية اإلثبات ,غير أنه يتعين اإلثبات بالكتابة ,إذا
نص القانون أو االتفاق على خالف ذلك )) ,و عليه فال يجدي اإلقرار الكتابي و ال اإلثبات بشهادة الشهود في
إثبات امتناع المسحوب عليه عن القبول أو الوفاء و ال يكون للحامل سوى تحرير االحتجاج بقصد إثبات هذا
االمتناع .
-الحالة الثانية :التسوية أو التصفية القضائية لساحب الكمبيالة مشروط عدم تقديمها للقبول بحيث أجاز
المشرع في هذه الحالة للحامل في الفقرة األخيرة من المادة 197الرجوع مباشرة على الضامنين دون انتظار
حلول ميعاد االستحقاق و إذا كان الحامل قد صرح بالدين في األجل فيكفيه في هذا الرجوع تقديم الحكم
القاضي بالتسوية أو التصفية القضائية ليجوز له استعمال حقه في الرجوع دون لزوم تحرير االحتجاج .
-الحالة الثالثة :تنظيم االحتجاج لعدم القبول و هو ما تنص عليه الفقرة الرابعة من المادة 197من مدونة
التجارة من أن احتجاج عدم القبول يغني عن تقديم الكمبيالة للوفاء ,و عن احتجاج عدم الوفاء سواء تعلق
األمر بالرفض الكلي أو الجزئي للقبول من طرف المسحوب عليه .
-الحالة الرابعة :حالة ضياع الكمبيالة أو سرقتها ,و ذلك راجع إلى كون المشرع أوقف الوفاء في هذه الحالة
على صدور أمر قضائي من رئيس المحكمة المختصة طبقا للمواد 190إلى 192بعد إثبات ملكية الكمبيالة و
تقديم كفالة لكتابة الضبط بالمحكمة المختصة .
-الحالة الخامسة :وجود شرط بدون مصاريف أو بدون تقديم احتجاج .و هو شرط اتفاقي يدرجه المظهر أو
الساحب أو الضامن االحتياطي يخول لحامل الكمبيالة الرجوع على الملتزمين بدون مصاريف .
-الحالة السادسة :استمرار القوة القاهرة ,فوفقا لما تنص عليه المادة 207من مدونة التجارة فإنه إذا استمرت
القوة القاهرة أكثر من ثالثين يوما جاز لحامل الكمبيالة رفع الدعوى دون حاجة لتحرير االحتجاج مالم تكن
دعوى الرجوع موقوفة لمدة أطول بمقتضى نصوص خاصة .
-الحالة السابعة :وجود أمر باألداء و ذلك تطبيقا لما تن عليه المادة 162من ق.م.م على أنه (( :إذا كان الدين
مترتبا على كمبيالة نتج عن األمر باألداء جميع أثار االحتجاج بعدم الدفع في مواجهة الحاملين و
المستظهرين )) و هي القاعدة الذي كرسها االجتهاد القضائي لعمل محكمة االستئناف التجارية بفاس في
قرارها رقم 47الصادر بتاريخ 10/1/2012في الملف عدد 524/2011
من أنه ( وجود الكمبيالة سند األمر باألداء بحوزة الدائن و تحت يده قرينة على عدم حصول الوفاء بها ).
-الحالة الثامنة :إذا تعلق األمر بالملتزمين الرئيسيين بالكمبيالة و يتعلق األمر ها هنا بالمسحوب عليه القابل و
الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء و ضامنيهم االحتياطيين .
الفقرة الثانية :إجراءات االحتجاج و أثاره القانونية .
من حيث ميعاد تحرير االحتجاج فإن المادة 197نصت على أنه(( متى كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء في يوم
معين أو بعد مدة من تاريخها أو بعد مرور مدة من االطالع وجب إقامة االحتجاج داخل أحد أيام العمل
الخمسة الموالية ليوم االستحقاق .و متى كانت الكمبيالة مستحقة عند االطالع وجب تحرير االحتجاج ضمن
الشروط المعينة في الفقرة السابقة بشأن تحرير احتجاج عدم القبول ))
و المشرع و الحالة هذه يميزبين نوعين من الكمبياالت :األولى وهي الكمبيالة المستحقة الدفع في يوم معين ,
أو بعد مدة معينة من تاريخ إنشائها أو من تاريخ االطالع عليها ففي ضوء هذا النوع يتعين تقديمها للوفاء في
ميعاد االستحقاق ,و من الالزم إقامة االحتجاج داخل أحد أيام العمل الخمسة الموالية ليوم االستحقاق .و
الثانية هي الكمبياالت الواجبة الدفع بمجرد االطالع بحيث وجب على الحامل إقامة االحتجاج لعدم الوفاء
بالتزامن مع إقامة االحتجاج لعدم القبول و عليه تكون المدة خالل سنة من تاريخ التحرير ,و الجذير بالذكر أن
تحرير االحتجاج لعدم الوفاء غير جائز في يوم االستحقاق ,و إال عد باطال إذ أن هذا اليوم متروك للمدين ,
ليتدبر فيه مسالة الوفاء .
و تجدر اإلشارة في هذا السياق إلى أن تنظيم االحتجاج عدم الوفاء و عدم القبول يكون بناء على طلب حامل
الكمبيالة ,سواء كان مالكها أو وكيال أو المظهر إليه تظهيرا تأمينيا و يعتبر المفوض القضائي الجهة التي أوكل
إليها القانون صالحية تحرير االحتجاج .
و طبقا للمادة 161من المدونة التجارية فإن هذا االحتجاج يقام في موطن الشخص الملزم بالوفاء ,أو في أخر
موطن معروف له أو في المحل المختار أو في موطن القابل بالتدخل ,هذا و تلزم المادة 209المفوض
القضائي في حالة وجود بيان خاطئ يتعلق بالموطن ,أن يجري تحريا قبل إقامة االحتجاج و أن يقوم بإثبات
ذلك في محرر مستقل .و من بين اإلجراءات الالزم على الحامل اتبعها أيضا هو إعالم باقي الملتزمين
الصرفيين بالكمبيالة بعدم القبول أو الوفاء بهدف اطالعهم على حقيقة الوضع و يتدبروا مركزهم المالي ,
فالمادة 199ألزمت الحامل بتوجيه إعالم للساحب و باقي المظهرين يبلغهم من خالله بعدم قبول أو عدم وفاء
الكمبيالة و حسب نفس المادة فإنه يجب على المفوض القضائي باعتباره عون التبليغ إذا كانت الكمبيالة
تتضمن اسم الساحب و موطنه ,إشعار هذا األخير بأسباب رفض الوفاء بالبريد المضمون داخل ثالثة أيام
العمل الموالية ليوم إقامة االحتجاج.
و يتضمن االحتجاج البيانات التي نصت عليها المادة 210وهي -1 :النص الحرفي للكمبيالة بكل ما كتب فيها
من بيانات إلزامية و اختيارية و لما أثبت فيها من عبارات القبول و التظهير مع ذكر الشخص المفوض بقبولها
أو وفائها عند االقتضاء -2 .إنذار موجه للمدين بوفاء قيمة الكمبيالة ,و يعد هذا البيان بمثابة إعذار للمسحوب
عليه بالدفع -3.إثبات حضور أو غياب الملزم بالوفاء -4األسباب التي يسوقها الملزم لتبرير امتناعه عن
القبول أو الوفاء .
أما من حيث األثار القانونية المترتبة عن تحرير االحتجاج نجملها في ما يلي * :إثبات عدم القبول و عدم
الوفاء عن طريق وثيقة رسمية ال يجوز الطعن فيها إال بالزور *.صيانة حق الحامل في مواجهة الضامنين
ألن تحرير االحتجاج شرط للرجوع و مطالبتهم بقيمة الكمبيالة *.إثبات تقديم الحامل للكمبيالة للقبول أو الوفاء
في الميعاد القانوني *إمكانية الرجوع على الضامنين قبل حلول ميعاد االستحقاق.
بعد أن يثبت الحامل عدم الوفاء بمبلغ الكمبيالة باحتجاج رسمي يحرره مفوض قضائي ,مع ضرورة اتباع
اإلجراءات السابق ذكرها ,يحق له حينها الرجوع على باقي الملتزمين الصرفين إما فرادى أو جماعة دون أن
يكون ملزما باتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم و سنعمل على دراسة أحكام و مقتضيات هذا الرجوع في (
الفقرة األولى ) أما بعد أن يستوفي الحامل مبلغ الكمبيالة من أحدهم –أي الملتزمين – يحق لهذا الملتزم الموفي
الرجوع على باقي الملتزمين طبقا ألحكام معينة سنعمل على تأصيلها في (الفقرة الثانية ).
و يعتبر هذا الشرط غير موجود في أنواع الكمبياالت األخرى ) و لكي يكون هذا الشرط معتبر قانونا يجب أن
يكون محدد السعر ,و يتم احتساب السعر من يوم إنشاء الكمبيالة مالم يعين تاريخ أخر من طرف الساحب /.
-4مصاريف االحتجاج و اإلخطارات المرسلة و غيرها من المصاريف بيد أنه إذا تعلق األمر بكمبيالة مدرج
في متنها الرجوع بدون مصاريف فإن هذه المبالغ ال يعتد بها في مواجهة كافة الملتزمين إذا كان مدرج الشرط
هو الساحب ,لكن يكون له أثر نسبي إذا كان مدرجه هو المظهر حيث أنه في هذه الحالة األخيرة يعفى
المظهر مدرج الشرط دون باقي الموقعين ).
و مما تجدر اإلشارة إليه في هذا الباب هو أن هذه المبالغ تخفض في حالة الرجوع المبتسر أو المبكر للحامل
على باقي الملتزمين و هو ما يستفاد من نص المادة 202من مدونة التجارة ( :إذا وقعت المطالبة قبل تاريخ
االستحقاق فيجب إجراء خصم من مبلغ الكمبيالة .و يحسب هذا الخصم بحسب سعر الخصم الرسمي في
تاريخ وقوع الرجوع بالمكان الذي يقع فيه موطن الحامل ).
أما من حيث مسطرة الرجوع فإن الحامل خول له المشرع االختيار بين الطريق القضائي و طريق أخر
غيرالقضائي .
فأما الطريق الغير القضائي يتمثل في شكلين أساسيين وهما :الرجوع الودي الذي من خالله يعمل الملتزم
سواء كان الساحب أو المظهر أو الضامن االحتياطي بالوفاء بالكمبيالة و بصورة حبية و إرادية تجنبا منه
لنفقات اللجوء إلى القضاء التي قد تضعف االئتمان و الثقة في معامالته التجارية على المبادرة بالوفاء .و
الشكل الثاني للطريق الغير القضائي هو ما يسمى بكمبيالة الرجوع و تكون كبديل للطريق الثاني حيث أنه في
أغلب األحيان يكون الحامل في أمس الحاجة إلى المال ,كما أن استيفاء مبلغ الكمبيالة عن طريق الدعوى
القضائية قد يستغرق وقتا يتجاوز أجل الدين الذي بذمته لذلك أجاز له المشرع و لكل شخص يملك حق
الرجوع على غيره من الملتزمين بالكمبيالة أن يستوفي قيمتها بتحرير كمبيالة جديدة بدال من األولى تسحب
على أحد الضامنين وفق الشروط الذي حدده القانون (.)7
و بالنسبة للطريق القضائي فيكون على شكلين إما بطريق الدعوى الصرفية أو دعوى مقابل الوفاء .فمن حيث
إذا سلك الحامل طريق الدعوى الصرفية فإنه إذا امتنع المسحوب عليه على الوفاء يمكن للحامل أن يتقدم
بدعوى إلى المحكمة التجارية المختصة التي يوجد بدائرتها موطن المدعى عليه أو التي سيقع في دائرة نفوذها
الوفاء هذا مع مراعاة االختصاص القيمي للمحاكم التجارية ذلك أن هذه األخيرة تكون مختصة عندما تكون
قيمة األوراق التجارية تزيد عن 20000درهم و الحال أنه إذا كانت الكمبيالة تتضمن مبلغ أقل من المبلغ
السالف الذكر فإن المحكمة االبتدائية هي المختصة.
و في إطار الدعوى الصرفية يمكن للحامل سلوك مسطرة األمر باألداء التي نصت عليها مقتضيات الفصل
157من ق.م.م بشرط توافر الشروط القانونية لذلك ,بحيث يجب طبقا للفصل 155أن تكون مسطرة األمر
باألداء بشأن تأدية مبلغ مالي يتجاوز خمسة أالف ( )5000درهم ,مستحق األداء بموجب ورقة تجارية أو
سند رسمي أو اعتراف بدين ( , )8و قد أضاف المشرع المسطري الفصل 162مكرر من ق.م.م بقصد تحقيق
نوع من االنسجام بين تدخل رئيس المحكمة في أوامر األداء التجارية و فلسفة القانون التجاري ,بحيث تم
تقرير عدم ترتيب استئناف أوامر األداء المبنية على األوراق التجارية و السندات الرسمية لألثر الموقف
بحيث أكد على عدم إيقاف استئنافه للتنفيذ ,
و هذا فيه توافق مع مقتضيات المادة التجارية ,مع إمكانية إيقاف التنفيذ جزئيا أو كليا من طرف محكمة
االستئناف بقرار معلل ( .)9تبقى اإلشارة إلىأن الدين ينبغي أن يكون ثابتا وهو ما قررته محكمة االستئناف
التجارية في إحدى أقضيتها و هي تبت في مادة األوراق التجارية بحيث جاء في هذا القرار رقم 764الصادر
بتاريخ 2012/04/24من أنه (ال يختص قاضي األمر باألداء إال إذا كان الدين ثابتا ال نزاع فيه طبقا للمادة
155من قانون المسطرة المدنية ,و أن قاضي األمر باألداء عندما بت في الجوهر فإن ذلك في غير محله
لوجود منازعة جدية فيه و تحتم إلغاءه و إحالة األطراف على محكمة الموضوع تبعا لإلجراءات العادية )ملف
عدد .1912/11
و إضافة إلى الدعوى الصرفية فالمشرع يخول للحامل الرجوع القضائي بموجب دعوى ملكية الوفاء و هي
إمكانية من خاللها يستطيع الحامل الرجوع على الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء عند أجل االستحقاق أو ضد
المسحوب عليه القابل سواء كان قد تلقى مقابل الوفاء أم ال ألن القبول هو قرينة يستطيع الحامل التمسك بها
في مواجهة المسحوب عليه .بل أكثر من هذا فالحامل بإمكانه أن يوقع حجزا تحفظيا على أموال الملتزمين
الرئيسيين طبقا للشروط التي تحددها المادة 208من مدونة التجارة و المواد من 452إلى 458من ق.م.م .
فإذا قام بالوفاء المسحوب عليه فإنه يجب التمييز بداية بين ما إذا كان قد تلقى مقابل الوفاء من طرف الساحب
من عدمه ،ففرض أنه قد تلقى مقابل الوفاء من طرف الساحب ففي هذه الحالة ينقضي االلتزام الصرفي و ال
يكون له الرجوع على الساحب و ال على أحد ,غير أنه إذا كان قد وفى على المكشوف فله الرجوع على
الساحب بموجب دعوى اإلثراء بال سبب أو الفضالة أو دعوى الوكالة .و إذا كانت الكمبيالة مسحوبة لحساب
الغير فللمسحوب عليه عليه إذا وفى الرجوع على الساحب الحقيقي دون إمكانية الرجوع على الساحب الظاهر
على اعتبار أن هذا األخير ما هو إال مجرد وكيل على األول .
أما إذا قام بالوفاء أحد المظهرين فله الرجوع على سائر الموقعين السابقين على الكمبيالة بمعنى أنه يجوز له
الرجوع على المظهرين السابقين دون الالحقين إضافة إلى حقه في الرجوع على الساحب و المسحوب عليه
القابل و على ضامنيهم و كذا القابل بالتدخل.
و إذا قام بالوفاء الساحب فليس له الرجوع على أحد ألن وفائه بقيمة الكمبيالة يبرئ ذمة كل الموقعين بيد أنه
إذا كان قد قدم مقابل الوفاء للمسحوب عليه فإنه يكون له الرجوع على هذا األخير بدعوى ملكية مقابل ملكية
مقابل الوفاء ,بقصد استرداد ما دفعه له ,غير أنه إذا لم يكن قد أعطى مقابل الوفاء للمسحوب عليه فليس له
الرجوع على أحد .
في حين إذا قام أحد الكفالء الصرفيين بالوفاء كالضامن أو القابل بالتدخل أو الموفي بالتدخل كان له الحق في
الرجوع على الملتزم الذي كفله و على الملتزمين السابقين عليه في المرتبة ألنه يضمنونه بتوقيعاتهم .
ختاما نقول بأن المشرع التجاري المغربي وفر إلى حد ما الحماية القانونية لهذه الورقة التجارية سواء في
مرحلة اإلنشاء أوفي مرحلة الوفاء ,و ذلك وعيا منه بأهمية الكمبيالة في الحياة التجارية و االقتصادية و أثرها
على المعامالت التجارية ,ذلك أنه من بين الوظائف الحديثة للكمبيالة االئتمان على اعتبار أنها تستحق األداء
بعد مرور مدة معينة ,و لن يتأتى للمشرع حماية هذا االئتمان إال بحماية ألياته ووسائله األساسية و التي تعتبر
الكمبيالة من أهم هذه الوسائل التي لها دور باألهمية بمكان في عالم المال و األعمال ,و لئن كانت الشكلية من
أهم خصائص المعامالت المدنية ,فإن الشكلية في المادة التجارية تتميز بخصوصيات خاصة تتوافق و المحيط
التي تشتغل فيه بحيث تهدف إلى تحقيق السرعة و الثقة و يتضح هذا جليا في اجال التقادم و إجراءات
االحتجاج هذا األخير الذي يعد إجراء أساسي ال غنى عنه في سبيل استيفاء مبلغ الكمبيالة في حالة االمتناع
عن الوفاء ,و ما قصد ذلك إلى حماية الشكلية في األوراق التجارية (المادة 9من مدونة التجارة) و الذي
يعتبر _أي االحتجاج _ مرحلة أولية و تمهيدية إلزامية من حيث المبدأ للشروع في إجراءات الرجوع
الصرفي و استيفاء مبلغ الكمبيالة بكيفية قضائية أو غير قضائية وفق شروط قانونية بعد االمتناع عن الوفاء
بها .
الهوامش :
( :)1أستاذنا نورالدين العرج ,مبادئ القانون التجاري مطبعة سليكي أخوين –طنجة 2012ص13.
( :)2راجع الدكتور محمد مومن ,أحكام وسائل األداء و االئتمان في القانون المغربي مطبعة الوراقة الوطنية
مراكش 2013ص 172.بحيث أن رجوع الحامل على الضامنين ال يقتصر فحسب على حالة االمتناع عن
الوفاء في ميعاد االستحقاق بل بإمكانه الرجوع حتى قبل ميعاد االستحقاق كامتناع المسحوب عليه عن القبول
أو تعرضه للتسوية أو التصفية القضائية أو في حالة توقفه عن الدفع أو الحجز عن أمواله بدون جدوى و كذلك
في حالة التسوية أو التصفية القضائية للساحب مشروط عدم تقديم الكمبيالة للقبول .
( :)3راجعالدكتورمحمدمومن ,أحكاموسائالألداءواالئتمانفيالقانونالمغربيمطبعةالوراقةالوطنيةمراكش
2013ص.173
(:)4أستاذنانورالدينالعرج ,مبادئالقانونالتجاريمطبعةسليكيأخوين –طنجة 2012ص 13و كذلك الدكتور فؤاد
معالل ,في كتابه شرح القانون التجاري الجديد مطبعة األمنية الرباط 2012ص21.
( :)5راجع العالمة شكري السباعي ,الوسيط في األوراق التجارية ,الجزء األول في أليات و أدوات االئتمان
الكمبيالة و السند ألمر ,دار نشر المعرفة ,الرباط 2009الطبعة الثالثة ,ص 19إلى .30
(:)6تجدراإلشارة إلى أن ذكر مبلغ الكمبيالة يعتبر بيانا إلزاميا منصوص عليه في الفقرة 2من المادة 159و
ليس له بديل منصوص عليه في المادة , 160و عليه تكون تحت طائلة البطالن الكمبيالة التي لم يذكر و يحدد
فيها مبلغ الدين المستفيد على الساحب .
(:)7راجعالدكتورمحمدمومن ,أحكاموسائالألداءواالئتمانفيالقانونالمغربيمطبعةالوراقةالوطنيةمراكش 2013
ص .184
( :)8حسب التعديالت األخيرة لقانون المسطرة المدنية بموجب الظهير الشريف رقم 1.14.14أصبح المبلغ
المشروط في مقال األمر باألداء 5000درهم بعد أن كان محدد في 1000درهم .
( : )9راجع الدكتور عبدالكريم الطالب التنظيم القضائي المغربي دراسة عملية .مطبعة المعرفة مراكش
2012ص .118