You are on page 1of 12

‫منشـورات جمعيـة الفلـسفـة‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫منا أم ُ‬
‫نتكلمها؟‬ ‫نحن‬ ‫اللغة‪ ،‬تتكل‬
‫ندى محمد‬

‫‪June 11, 2022‬‬

‫ه بيت الوجود ‪)Language is the house of being) /‬‬ ‫اللغة ي‬


‫مارتن هيدغر‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫وف العالم‪ .‬وبسبب‬ ‫ٌ‬ ‫قدحا من رشارة السؤال‬ ‫إن ً‬
‫الفضول قادر عىل إشعال رنيان من المعارف يف رؤوسنا ي‬ ‫ي‬
‫تتولد لدينا أسئلة بريئة ال حرص لها‪،‬‬ ‫والخيات المختلفة‪ّ ،‬‬‫ر‬ ‫تراكم القراءات المتنوعة والدراسات المتخصصة‬
‫ّ‬ ‫تضج باستمرار دون كلل تذهب وتعود دون ملل‪ ،‬وأن ّ‬
‫المندفعي بشدة أمام‬
‫ر‬ ‫الطائشي‪،‬‬
‫ر‬ ‫أشبه األسئلة باألطفال‬ ‫ي‬
‫دفعت‬ ‫ى‬
‫كشف الغايات‪ .‬وإن لم يمنحهم والداهم مبتغاهم‪ ،‬فلن يهدأ لهم بال حت تسد حاجتهم للمعرفة‪ .‬ما‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫للشوع يف كتابة هذه المقالة أرب ع كلمات تنهيها عالمة استفهام (كيف للغة أن تدرس اللغة؟) أتذكر جيدا حينما‬
‫ُ‬
‫مت وظل ىييدد ربي الفينة واألخرى‪ ،‬وال سبيل إلخماده أفضل من البحث‬ ‫حي غفلة ي‬ ‫اقتحمت هذا السؤال عىل ر‬ ‫ي‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ُ‬
‫الت‬
‫وف الحقيقة أن ما استقيته من شت المجاالت ي‬ ‫والتقص حول اللغة‪ ،‬والتنقيب والكشف حول اإلنسان‪ ،‬ي‬ ‫ي‬
‫أدخلت عىل حقل اللغة واإلنسان كان يفتح‬ ‫باب‬ ‫كل‬ ‫إن‬ ‫‪،‬‬‫ل‬ ‫بالنسبة‬ ‫كافية‬ ‫تكن‬ ‫لم‬ ‫لمبحثها‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫أساس‬ ‫اللغة‬ ‫نصبت‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬
‫الشخص للغة‪ ،‬بل إنها االنطالقة‬ ‫طرح‬ ‫إقفال له‪ .‬وهذه المقالة ليست النهاية عن‬ ‫بابا جديدا من بعده بلحظة‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫األول‪.‬‬
‫منطق‪-‬لغوي)‪.‬‬ ‫نظرها إل النظريات الفلسفية القائمة عىل أساس (عقىل‪ -‬ى‬ ‫توجه هذه المقالة ُ‬ ‫ف البداية‪ّ ،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يسعت هنا إال أن أتتبع السياقات‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والت بدورها شيدت عقل اإلنسان وأحكمت بناء فهمه عىل مر التاري خ‪ ،‬فال‬ ‫ّ‬ ‫ى‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫والت منذ بداية ظهورها‬ ‫الت تهمت‪ .‬وسأقوم بإبراز أهم المدارس اللغوية والفلسفات اإلنسانية‪ ،‬ى‬ ‫ى‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫البحثية ي‬
‫ً‬ ‫وتحديدا مع الفلسفة اإلغريقية ّ‬ ‫ً‬
‫يممت وجهها تحديدا شطر قبلة الطبيعة اإلنسانية وأفصحت بالمجمل بأنها‬

‫‪Copyright 2021© saudiphilosophy.com‬‬ ‫‪1‬‬


‫منشـورات جمعيـة الفلـسفـة‬

‫ٌ‬
‫ذات قائمة بمعزل ّ‬
‫عما تجد نفسها معه يف العالم‪ ،‬ثم حاولت إقرانها باألشياء وجعلتها منفصلة عنها وعىل وجه‬
‫الفلسق كأهمية العقل عىل مر العصور‪ ،‬وكان ُينظر‬
‫ي‬ ‫الخصوص اللغة‪ .‬فلم تحظ اللغة بأهمية مركزية يف الحقل‬
‫ً‬ ‫لها عىل أنها مجرد أداة يحوزها الفكر فقط‪ .‬ليختلف األمر بعد مطلع القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬وتحديدا عىل يد فالسفة‬
‫فلسفاتهم بأنه ليس بمستطاع اإلنسان‬
‫ِ‬ ‫غادامي) ليتجىل لنا بوضوح يف‬
‫ر‬ ‫مثل (فيتجنشتاين‪ ،‬مارتن هيدغر‪ ،‬ربيس‪،‬‬
‫مفهوم إال عن طريق اللغة وباللغة‪ .‬ومن هنا بدأ الباحثون بصب جل اهتمامهم عىل اللغة‬
‫أن يقوم بأي نشاط ُ ي‬
‫لينشأ مجال جديد نعرفه اليوم باسم (‪.)Philosophy Of Language‬‬

‫عن اإلنسان‪:‬‬

‫ليبت بعد ذلك‬ ‫ّ‬


‫معرف أراد أن يعرف ماهية اإلنسان أرتكز عىل أسسه الخاصة‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫ال شك بأن كل جانب‬
‫لينته‬ ‫ً‬
‫ميتافييقيا أو أسطوريا‪ ،‬فبحسب القاعدة يتحدد مسار الطريق‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ثقافيا أو ربما يشيد سورا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫علميا أو‬ ‫نهجا‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫تعط مدلوالت لإلنسان تتباعد الواحدة عن األخرى‪ .‬من جهة نجد أن البيولوجيا تقول بأن‬ ‫ي‬ ‫األمر بأجوبة‬
‫المنتم لفصيلة الثدييات المالك لعقل متطور عن بقية الكائنات األخرى‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن‬ ‫ي‬ ‫اإلنسان هو‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫مكر ًما وجعله يف ميلة أعىل شأنا وأكرمه من ربي‬ ‫صاغه ّ‬ ‫األديان السماوية تؤكد أن اإلنسان يف ذهن اإلله‪ ،‬وهو‬
‫رُ‬
‫سأشي لبعضهم‪،‬‬ ‫بكية أهله‪ ،‬ولكن هنا‬‫كثي ر‬ ‫حي ما جاء ف الفلسفة من تعريفات لإلنسان ر ٌ‬
‫ي‬ ‫سائر مخلوقاته‪ ،‬يف ر‬
‫ٌ‬
‫الروح (أرسطو) بأن اإلنسان حيوان عاقل‪ .‬وجاء من بعده فالسفة تمايزوا يف تعريف اإلنسان‬ ‫ي‬ ‫فقد قال األب‬
‫بحسب ما اقتص سياقهم الزمان فانعكس عىل تصوراتهم‪ ،‬وكما هو مبدأ الفالسفة‪ ،‬اعتادوا ى‬
‫اخياق تقليد‬ ‫ي‬
‫دالالت المفاهيم واختالق دالالت جديدة‪ .‬فمنذ بداية العصور الوسط تم إعادة اكتشاف الخلفية المعرفية‬
‫ّ ا‬ ‫فكريا‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مياًل للشكية الديكارتية المنهجية‪،‬‬ ‫نازعا الكالسيكية‬ ‫انقالبا‬ ‫شهد‬
‫ِ‬ ‫مرورا بعرص النهضة الذي‬ ‫لإلنسان‪،‬‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫عرف بأن الشك مبدأها واليق ري منتهاها‪ .‬أما مع بداية القرن الثامن ر‬ ‫والت ُت َ‬
‫ى‬
‫عش فنجد تحوًل جذريا يف أرضية‬ ‫ي‬
‫إيمانويل كانط الذي أزال مركزية العقل‪ .‬بقوله إن العقل إمكاناته المعرفية محدودة‪ ،‬وبذلك ال‬ ‫الفلسفة عىل يد ّ‬
‫العقل عاجز عن إطالق المعت الكامل‪ ،‬فلم يعد اإلنسان‬ ‫ُ‬ ‫يمكن أن يعرف من الوجود إال ظاهر الوجود‪ .‬فأصبح‬
‫ُ‬
‫يستمد معرفته من العقل وحده كما هو االعتقاد السائد يف السابق‪ ،‬ولم ُيعد العقل "أعدل األشياء قسمة ربي‬
‫ُ‬
‫تقتضيه المنفعة‪ .‬ونجد‬ ‫مجال ألخر حسبما‬ ‫ٍ‬ ‫الناس" كما قال ديكارت‪ ،‬فأخذت الماهية اإلنسانية تنتقل من‬
‫وه‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫الوع مشوط بمصالح الطبقة االجتماعية ي‬ ‫ي‬ ‫فلسفيا حولها تشعب دون حرص‪ ،‬فقال ماركس بأن‬ ‫التأويل‬
‫البشية يف منطقة‬‫من تحدد وع الفرد فهنا رييز االقتصاد كماهية لإلنسان‪ ،‬وذهب فرويد لحرص الذات ر‬
‫ي‬
‫الت سعت جاهدة لمعرفة‬ ‫ى‬
‫الالشعور فنلتمس المالمح الخفية للسيكولوجية كأساس‪ ،‬واستمرت المركزية ي‬
‫وغيهم من الفالسفة‪.‬‬ ‫ومثاليي ر‬
‫ر‬ ‫وماديي‬
‫ر‬ ‫وتجريبيي‬
‫ر‬ ‫عقالنيي‬
‫ر‬ ‫تتغي ربي‬‫اإلنسان ومصداقية وجوده‪ ،‬ر‬

‫ى ً‬
‫مشيكا دلت عليه كل المسارات‪ ،‬لقد ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫رصحوا جميعهم بداللة‬ ‫قاسما‬ ‫رغم اختالف المقاصد إًل أن هناك‬
‫وغيها من‬ ‫ُ‬
‫بترصفاته ر‬ ‫يع أنه واع‬ ‫ٌ‬
‫باطنية مفادها أن وجود اإلنسان ال يشبه الموجودات من حوله‪ ،‬فهو كائن ي‬

‫‪Copyright 2021© saudiphilosophy.com‬‬ ‫‪2‬‬


‫منشـورات جمعيـة الفلـسفـة‬

‫الت تتمظهر عند اإلنسان وعند الكائنات الحية‬ ‫بقية الفوارق‪ ،‬فلو تساءل أحدهم حول الخصائص العينية ى‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫فإن أعتقد أن الفيلسوف مارتن هيدغر هو الوحيد القادر عىل أخذه بيده ليقدم له فارقا‬ ‫األخرى عىل حد سواء‪ ،‬ي‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ه مركب النفس والجسد‬ ‫بنيويا مخصوصا (ب الدازاين) وبذلك يقول "جوهر اإلنسان ليس هو الروح من حيث ي‬
‫ٌ‬ ‫يمي اإلنسان هو أنه الذي َ‬
‫مدرك لوجوده‪،‬‬ ‫يوجد ويدرك أنه‬ ‫‪ ،‬بل الوجود" (الكينونة والزمان ‪ ،‬صفحة ‪ .)237‬فما ر‬
‫تبعا لما استعرضته لمفهوم الدازاين عند‬ ‫التميي‪ً .‬‬
‫ر‬ ‫ولكن بقية الكائنات يف العالم تكون فقط ظاهرة وال تملك هذا‬
‫هيدغر‪ ،‬فبالتأكيد كل ما سيقع يف يد اإلنسان من أدوات (‪ )Tools‬تساعده عىل التفاعل والبقاء والتواصل يف‬
‫العالم لن تستخدم ببهيمية فقط‪ ،‬بل سيصنع منها ذاته بذاته ليحقق ماهية وجوده عن طريق تجاوز الظواهر‪،‬‬
‫واليوع المستمر إل ما يريد أن يكونه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ف أوائل القرن ر‬
‫األلمان‬
‫ي‬ ‫مفصليا مع الفيلسوف‬ ‫العشين تحديدا مع كتاب الوجود والزمان نجد تحوًل‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫كموجود يعول‬
‫ٍ‬ ‫السالف ويرصح بأن كل من سبقوه نسوا اإلنسان‬ ‫ِ‬ ‫الفلسق‬
‫ي‬ ‫مارتن هيدغر ليعرب عن نقده للفكر‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫جوابا أصيًل‪ ،‬فاحتل السؤال أهمية بالغة يف الفكر الهيدغري‪ ،‬كونه يطرح سؤاله الرئيس‬ ‫يقدموا أي‬ ‫عليه‪ ،‬فلم‬
‫ما معت الوجود؟ لماذا كان ثمة وجود ولم يكن هناك عدم؟ والحقيقة أنه من أجل الجواب سار بحسب المنهج‬
‫ً‬
‫اآلن أو‬ ‫الفينومينولوح‪ ،‬دارسا بذلك اإلنسان ومعت وجوده كما يتمظهر يف وعيه‪ .‬فقام بتحديد وجود اإلنسان ي‬ ‫ر ي‬
‫الميتافييقا المتبعة‪ ،‬بل فككها وقام ببناء مساره الخاص‬ ‫ر‬ ‫الفعىل يف ذاته‪ ،‬فهو لم يفهم ذلك عن طريق‬ ‫ي‬
‫ى‬
‫ئيس‪ ،‬بصفته‬ ‫نطولوح)‪ .‬فإن الوجود برمته هو اإلنسان والذي هو موضوع علم الوجود الر ي‬ ‫ر ي‬ ‫نيطيق األ‬‫ي‬ ‫(الهرمو‬
‫والتعبي عنه‪ ،‬إنه كائن تربطه عالقة ازدواجية مع عالمه ينكشف بها‬ ‫ر‬ ‫الكائن الوحيد الذي بإمكانه فهم وجوده‬
‫االهتمام‪ ،‬والسؤال‪ ،‬إنه عالمه الذي يعنيه‪.‬‬
‫تقوم أساس كتابهُ‬ ‫التغي الجذري هو ما أطلق عليه بنفسه‪( :‬التحول أو المنعطف) (‪ )Kehre‬فقد ّ‬ ‫إن هذا ّ‬
‫ر‬
‫ى ُ‬ ‫ً‬
‫الت تفتح بها يف‬ ‫ه الطريقة ي‬ ‫(الكينونة والزمان) عىل فهم كينونة الدازاين‪ ،‬وما يجعل فهم الكينونة ممكنا‪ ،‬ي‬
‫الوجود‪ ،‬وب هذا االعتبار فاللغة ال تنشأ من فراغ وإنما تنبع من إنسان ناطق أو متكلم (‪.)Homo Loquens‬‬
‫روحان للغة‪ ،‬إذ‬ ‫السء الذي يجعلها يف نفسها ممكنة عن طريق اللغة‪ ،‬وكأننا مع هيدغر نتحدث عن طابع‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫كائنا ً‬ ‫ً‬
‫لغويا بالذات‬ ‫عي اللغة‪ .‬ليصبح اإلنسان‬ ‫يتكلم يف اللغة وعن اللغة باستخدام اللغة‪ .‬فال يتحقق وجودنا إال ر‬
‫عىل صعيد واحد‪.‬‬
‫الفلسق!‬
‫ي‬ ‫فنجد اللغة مع هيدغر أقرب ما تكون لإلله‬

‫بداية اللغة‪:‬‬
‫أكي معضلة‬ ‫إن السؤال عن بداية نشأة اللغة أو من أين جاءت ال يختلف من حيث األهمية عن ر‬
‫استشكلت عىل عقل اإلنسان فطرحها بصيغة سؤال‪ ،‬كيف لنا أن نعرف من أين جئنا؟ أو ما قام بالسؤال عنه‬
‫شء؟) وهو هنا ال يتساءل عن طبيعة‬ ‫ى‬
‫اليبني عام ‪( 1714‬لماذا كان هناك رشء أول من أال يكون ثم ر‬ ‫الفيلسوف‬
‫ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫فضوليا بفطرته لمعرفة‬ ‫الوجود بل عن أول األسباب وعلة كل األشياء‪ ،‬فاإلنسان منذ فجر تاريخه شغوفا بطبعه‬
‫ً‬
‫شخصيا‬ ‫وغيها‪.‬‬ ‫ى‬
‫يلتق بها من حوله‪ .‬كذاته والعالم والحيوان والنبات ر‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫الت ي‬ ‫الت تنبثق منها األمور ي‬
‫نقطة األصل ي‬

‫‪Copyright 2021© saudiphilosophy.com‬‬ ‫‪3‬‬


‫منشـورات جمعيـة الفلـسفـة‬

‫الت ستفرض ال محالة عىل الباحث‬ ‫ى‬


‫كبية‪ ،‬تلك المغامرة ي‬ ‫كيى كهذه تتطلب مجازفة ر‬ ‫أرى أن اإلجابة عن أسئلة ر‬
‫أن يقفز للمجهول أو بمعت أخر أن يحاول الذهاب إل ما هو أبعد من واقعه‪ ،‬ألن عالقتنا بما نكون عليه ومعه‬
‫الذان‪ ،‬ومحاولة البحث‬ ‫ى‬ ‫أكي من وجودنا‬ ‫ى‬
‫ي‬ ‫تبطي بها أول األمر ر‬ ‫الت نجد أنفسنا مر ر‬ ‫الوع ‪ ،‬الفن) ي‬ ‫ي‬ ‫مثل (اللغة ‪،‬‬
‫ً‬
‫تتطلب ارتدادا ال ً‬
‫الحس‪ ،‬بصفتنا‬ ‫ي‬ ‫غي قابلة لإلدراك‬ ‫نهائيا وهذه مشكلة‪ ،‬وكل محاولة للذهاب حول نقطة البدء‪ ،‬ر‬
‫حي أن‬ ‫عرض محدود‪ ،‬يف ر‬ ‫ي‬ ‫محكومي بزمان ومكان يفرضان علينا أن نتعامل مع كل األمور يف وجودنا بشكل‬ ‫ر‬
‫لنبت عليه دليلنا‬ ‫دما‪ .‬ثم أنه من ناحية أخرى يستحيل إيجاد دليل ر ى‬ ‫وجود هذه األمور ر‬
‫أكي ِق ً‬
‫يق ملموس ي‬ ‫إمي ي‬
‫األول يف جوانب كهذه‪.‬‬
‫الت تأسست عىل‬ ‫ى‬
‫يف عام ‪ 1922‬تأسست مدرسة فيينا ‪ The Positivistic Vienna School‬ي‬
‫يق‪،‬‬ ‫ر ى‬ ‫الوضعية المنطقية‪ .‬ونجد أهم روادها رودولف كارناب شغلته قضية‬
‫ميتافي ي‬ ‫واقع وما هو‬ ‫التميي ربي ما هو ي‬ ‫ر‬
‫كثيا من النظريات العلمية بما فيها اللغوية ال‬ ‫يعتيون ر ً‬ ‫وحينما أدخلوا ما يسم ب (التجريبية المتطرفة) أصبحوا ر‬
‫يق‪ ،‬وبذلك بالنسبة للفالسفة‬ ‫ى‬
‫اإلمي ي‬
‫ر‬ ‫التجريت أو‬
‫ري‬ ‫يتم إعطاءها معت إال عندما يتم التحقق منها بالمعيار‬
‫التجريت رصوري للتحقق من المعت‪ ،‬فكل‬ ‫ري‬ ‫التحليليي بشكل عام وأعضاء مدرسة فيينا بشكل خاص‪ ،‬النطاق‬ ‫ر‬
‫ميتافييقا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شء ال يمكن التحقق منه تجريبيا داخل المعمل‪ ،‬وليس بمقدورنا النظر إليه رفييقيا‪ ،‬فنحن ندعوه‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫فلك يصبح‬ ‫األخي ك (القيم‪ ،‬األخالق‪ ،‬الجمال‪ ،‬اللغة) يصنف تحت ما يدعونه (بال معت)‪ .‬ي‬ ‫وما يندرج تحت هذا ر‬
‫نليم ببناء‬ ‫أمورا موجودة ف الواقع‪ ،‬وعلينا أن ى‬ ‫لمباحث أساس اللغة معت‪ ،‬يجب ال تأكد من أن الكلمات تعكس ً‬
‫ي‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫ي‬ ‫جمل ذات معت متحققة يف الخارج‬
‫السء‬ ‫ر‬
‫تميي واضح ربي أصل ي‬ ‫إن دراسة أصل اللغة بعيد كل البعد عن دراسة اللغة بحد ذاتها‪ ،‬فهناك ر‬
‫تقصاها الباحث ليس من السهل اإلمساك بها‪ ،‬فه ُ‬ ‫الت ي ّ‬ ‫ى‬ ‫ر‬
‫تفرض عليه لوازم البد وأن‬ ‫ي‬ ‫السء‪ .‬فالمركزية ي‬ ‫وظواهر ي‬
‫الت سيتطابق وينتسب لها كل ما هو متصل‬ ‫ى‬ ‫ّ‬
‫تتحقق يف القاعدة األساسية األولية‪ ،‬كالشمولية النسقية القبلية‪ ،‬ي‬
‫لكائن لغوي أن يستأصل‬ ‫المتتبع‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬كيف‬ ‫ِّ‬ ‫باللغة‪ .‬وهذه مهمة ثقيلة إن لم تكن مستحيلة عىل‬
‫ٍ‬
‫حي استخدامه للغة‪ .‬يف الحقيقة إن األفكار المقدمة عن نشأة اللغة‬ ‫ذاته من ذاته‪ ،‬ليحدد موضع األصل يف ر‬
‫تقرب من التكهنات وتبعد عن الفرضيات النعدام األدلة المحسوسة والالمحسوسة‪ ،‬وقد أدت هذه المحدودية‬
‫غي صالح للدراسة الجادة‪ .‬يف عام ‪ m1866‬حظرت جمعية باريس‬ ‫بالباحثي لتصنيف كامل للموضوع بأنه ر‬ ‫ر‬
‫اللغوية (‪ )Linguistic Society of Paris‬المناقشة يف هذا الموضوع‪.‬‬

‫إال أن هناك علماء لغة بعدد هائل استمروا ف وضع نظريات تبحث عن (كيف ‪ ،‬ى‬
‫مت ‪ ،‬لماذا ‪ ،‬وأين)‬ ‫ي‬
‫ى‬
‫ظهرت اللغة ألول مرة‪ .‬من بينهم ماكس مولر الذي جمع قائمة نظريات افياضية مختصة بأصول اللغة‬
‫يغب هذا التساؤل العميق عن ذهن أهم المنظرين حول نشوء اإلنسان‪ ،‬لقد أكد تشارلز‬ ‫المحكية‪ .‬بالطبع لم ُ‬
‫والتغيي باعتماد عىل اإلشارات واإليماءات لمختلف‬
‫ر‬ ‫داروين بقوله أنه "ال شك فيه أن أصل اللغة هو المحاكاة‬
‫األصوات الطبيعية‪ ،‬أصوات الحيوانات‪ ،‬والرصاخ الفطري لإلنسان"‪ .‬من كتابه (نشوء اإلنسان واالنتقاء‬
‫الجنس ‪ .)1871،‬ف الحقيقة أنه ليس بمستطاعنا أن نرفض أو نقبل هذه ى‬
‫االفياضيات المبدئية ببساطة وذلك‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫‪Copyright 2021© saudiphilosophy.com‬‬ ‫‪4‬‬


‫منشـورات جمعيـة الفلـسفـة‬

‫ً‬
‫كاف نتحقق من خالله عن األصل األول)‪ .‬لكن يذهب معظم العلماء اليوم‬ ‫مثلما ذكرت سلفا (ال يوجد دليل ٍ‬
‫البدان وجد طريقة عبقرية للربط‬
‫ي‬ ‫آل‪ ،‬كأن اإلنسان‬‫النتقاد هذه الفرضيات‪ ،‬وذلك ألنها تطرح األفكار بشكل ي‬
‫ربي األصوات والكلمات‪.‬‬
‫تصوراته عن اإلنسان‪ ،‬تحدد‬‫الت يعتمد عليها العالم لتشكيل ّ‬ ‫ى‬
‫ِ‬ ‫إن االعتقادات األساسية حول األصول ي‬
‫مكان الحجر األساس لبناء نظريته اللغوية‪ .‬فعىل سبيل المثال المنظرين للنظرية االستمرارية لديهم اعتقاد‬
‫ى‬ ‫ُ‬
‫فه مسألة معقدة للغاية قد تكون‬ ‫النهان‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫الت نعرفها اليوم لم تظهر من العدم يف شكلها‬ ‫مفاده أن شكل اللغة ي‬
‫الوع‪ .‬وهذا ال يتناسب مع من لديهم اعتقاد بأن اللغة هبة إلهية‬ ‫ي‬ ‫مواز لتطور‬
‫ٍ‬ ‫يج بشكل‬ ‫تطورت َ بشكل تدر ر ي‬
‫ملكة خاصة باإلنسان‪ .‬وف اعتقادي الشخص‪ ،‬ى‬ ‫َ‬
‫حت وإن لم نمسك بالخيط الهادي الذي سيأخذنا لنقطة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وه‬‫ي‬
‫َ ُ‬
‫‪.‬‬
‫األصل‪ ،‬أن الحاجة للفهم لم تزل تفرض علينا‪ ،‬كما فرضت عىل الذين من قبلنا وإننا استجابة لما نحن بحاجة‬
‫إليه سنستمر بوضع مقاربات الفهم بحسب ما تقتضيه أدوات العلم‪ .‬فكل مهمة فعلية كانت أو ذهنية نقوم بها‬
‫يوم‪ ،‬فعالقتنا هنا ال انفكاك‬
‫عي مرورها باللغة‪ ،‬لذا فوجودها متعلق بنا ويظهر بشكل ي‬ ‫يف وجودنا ال تتحقق إال ر‬
‫ً‬
‫اليوم اللغوي الذي‬
‫ي‬ ‫مرغمي عىل االلتفات نحو النشاط‬
‫ر‬ ‫اهتماما يف األبحاث نحو األصل فإننا‬ ‫منها‪ .‬فإن لم ِ‬
‫نول‬
‫نحن بصدده‪ .‬والذي يظهر يف سلوكنا وأفكارنا وتفاعالتنا وتواصلنا وال أبالغ إن ربطته بطبيعة وجودنا‪ .‬لذا من‬
‫نظاما يرشدنا لمعرفة كيف تتكون وتتشكل عالقتنا‬ ‫ً‬ ‫وتبت وتربط‬ ‫الرصوري وضع نظريات تفش وتفهم وتفكك‬
‫ي‬
‫باللغة‪ .‬فهذا يساعدنا عىل فهم أنفسنا‪.‬‬

‫َ‬ ‫كيف ّ‬
‫نعرف اللغة؟‬
‫الت تعكس أفكار الفيلسوف‬ ‫ى‬
‫إن العالقة ربي الفلسفة واللغة تتسم بالرصورة التبادلية‪ ،‬وعليه فإنها الوسيلة ي‬
‫فش ُط صفاء الفكرة ووضح المفاهيم يعود لمقدرة صاحبها عىل تعريف ومعرفة اللغة بشكل منتظم‪،‬‬ ‫لآلخرين‪ .‬ر‬
‫اليونانيي القدام‬ ‫الت يعرض الفيلسوف بها أفكاره‪ .‬وال شك بأن‬ ‫ى‬
‫ر‬ ‫وعليه فالمشاكل اللغوية تؤثر عىل الطريقة ي‬
‫منطق لها والبحث حول أدوارها الوظيفية ى‬
‫واليكيبية‪.‬‬ ‫ى‬ ‫فلسق ووضع أساس‬ ‫اهتموا بتعريف اللغة من منظور‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ومما عرف عن ديمقراطيس (‪ )B.C 640-370‬أنه من طليعة الفالسفة الذين تناولوا مفهوم اللغة يف إطار أقرب‬
‫البش‪ ،‬بمعت أنهم اتفقوا عىل وضعها‪.‬‬ ‫االجتماع‪ّ ،‬فهو يرى أن اللغة من قبيل المواضعة ربي بت ر‬
‫ّ‬ ‫ما يكون للنظام‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫عي عن‬ ‫أما عند أفالطون (‪ )B.C 427-347‬فنجد يف كتابه (محاورة كراتيليوس) أن المعت مختلف تماما‪ ،‬فقد ر‬
‫تنتم‬ ‫الت‬ ‫ى‬
‫ي‬ ‫اللغة بمصطلح (الكالم) وطرح معت اللغة عىل لسان أستاذه سقراط ليذكر أنها نوع من أنواع األفعال ي‬
‫إل عالم الطبيعة‪ ،‬واألفعال مأخوذة من (الوجود) والموجودات لها طبيعة وماهية ثابتة‪ .‬والحقيقة أن تعريفه‬
‫ميال للتجريبية نالحظ أن تعريفه ال يبعد عن‬ ‫حرص اللغة ف المعت الوجودي ألصل األشياء‪ .‬وبحكم ان أرسطو ّ‬
‫ي‬
‫تشي إل ما يعتمل بداخله‬ ‫كثيا‪ ،‬فعندما تطرق للغة ومعناها رأى أن ما ينطق به اإلنسان ما هو إال دالئل ر‬ ‫الواقع ر ً‬
‫من انفعاالت نفسية‪ ،‬كذلك يرى بأنها تمثيل للمقدرة العقلية وهذه متماثلة من حيث المعت المكنون عند‬
‫البشي فتختلف‬ ‫الجميع ال اختالف فيها‪ ،‬أما األلفاظ الصوتية للغة فه ليست متماثلة عند جميع أبناء الجنس ر‬
‫ي‬
‫اإلسالم وذلك‬
‫ي‬ ‫باختالف لغات األمم‪ .‬وبالتأكيد أن مفهوم اللغة عند العرب أخذ مركز الثقل عىل مر تاريخهم‬

‫‪Copyright 2021© saudiphilosophy.com‬‬ ‫‪5‬‬


‫منشـورات جمعيـة الفلـسفـة‬

‫َ‬ ‫ُ‬
‫الت أرسلت لهم ففرضت آياتها أن يفشوها بلغة واضحة ال لبس فيها‪ .‬فأخذوا‬ ‫ى‬
‫بحسب الرسالة اإللهية ي‬
‫ّ‬ ‫وغيه‪ .‬وما جاء عن ابن خلدون انه ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عرفها بقوله "اعلم أن‬ ‫ونحوا ومجازا وحقيقة ر‬ ‫يؤصلونها ويضعون لها قواعد‬
‫المعان‪ ،‬وجودتها وقصورها بحسب‬ ‫ي‬ ‫ه ملكات يف اللسان للعبارة عن‬ ‫اللغات َكلها ملكات شبيهة بالصناعة إذ ي‬
‫الياكيب"‪ .‬أما اليوم فإن التعريف‬ ‫تمام الملكة أو نقصانها‪ ،‬وليس ذلك بالنظر إل المفردات‪ ،‬وإنما هو بالنظر إل ى‬
‫الغالب يف األوساط األكاديمية والمعتمد يف المناهج التعليمية هو " نسق من الرموز واإلشارات يستخدمها‬
‫اإلنسان بهدف التواصل مع ر‬
‫البش"‪.‬‬
‫ً‬
‫الشخص أن وضع اللغة موضع أداة واالكتفاء بهذا الحد‪ ،‬قد يكون متوقفا عند سطح‬ ‫ي‬ ‫يف اعتقادي‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫التعبي عن النظرة األول‪ ،‬فعندما يسأل‬ ‫ر‬ ‫المالحظة‪ ،‬فكل من أطر اللغة يف األداتية فقط لم يفعل شيئا سوى‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫أحدهم عن (ما هو) فالجواب يقدم تصورنا عن الماهية ونقول ر‬
‫(السء هو)‪ ،‬فالمجيب لم يتعد حدود‬ ‫ي‬
‫ٌ‬
‫وغي جدير العتماده كتعريف أصيل للغة‬ ‫التوصيف لما يقع يف يده أول األمر‪ .‬فالفهم السائد عن اللغة ساذج ر‬
‫الموصل ربي اإلنسان‬ ‫وه‬ ‫ى‬
‫ِ‬ ‫وع‪ ،‬ألنه وببساطة يفيض أنها مجرد (أداة) يحوزها الفكر ي‬ ‫حسبما توصلنا إليه من ي‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫لصانعها‪ ،‬لكن األمر ال ينطبق عىل اللغة بصفتها متأصلة يف‬ ‫ِ‬ ‫والطبيعة‪ ،‬فكما هو معروف أن األدوات تصنع وترد‬
‫غي منفصلة عنه‪ ،‬يشكل ذاته منها‬ ‫فه توجد وهو لم يقم بصناعتها‪ ،‬إنها محايثة لوجوده ر‬ ‫َ‬
‫اإلنسان أينما يوجد ي‬
‫مرن‬ ‫ويفهم عالمه بها‪ .‬فالفصل ربي اللغة واإلنسان هاهنا ثم محاولة الربط بينهم عن طريق ى‬
‫غي ي‬‫جش ر‬‫ٍ‬ ‫افياض‬
‫موصل بينهم ال يخضع لما نحن عليه من واقع‪ ،‬ألن من يحاول فصلهما عن بعضهما البعض هو مضطر أن‬
‫خال من المعت عديم‬ ‫ى‬ ‫يفصح عن فكرته ى‬
‫فبالتال مضمون االفياض ٍ‬ ‫ي‬ ‫غي ذلك‪،‬‬ ‫بامياجهما ببعض وال سبيل ر‬
‫المدلول‪.‬‬

‫اللغويات الحديثة‪:‬‬

‫األساش هو فهم طبيعة اللغة‬ ‫اللغويي‬


‫ر‬ ‫ُت ّ‬
‫عرف اللغويات بأنها العلم الذي ُيعت أو يهتم بدراسة اللغة‪ .‬وهدف‬
‫ي‬
‫بشكل عام مع العمل عىل دراسة كل لغة عىل حدة بشكل خاص‪ .‬فهم يطرحون قضايا إشكالية من نوع ما الذي‬
‫المشيكة ربي جميع لغات ر‬
‫البش‪،‬‬ ‫ى‬ ‫وماه طبيعة السمات‬ ‫يمي لغة اإلنسان عن بقية أنظمة االتصال الحيوانية‪،‬‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫وكيف ترتبط اللغة ببقية الجوانب السلوكية البشية‪ ،‬وما الذي ينظمها ويحللها‪ .‬فأخذوا يدرسون اللغة يف مجاالت‬
‫وبولوح‪ .‬وظهر ما يعرف ب‬ ‫ر‬ ‫ى‬
‫ر ي‬ ‫واالني‬ ‫والمنطق‬
‫ي‬ ‫واالجتماع‬
‫ي‬ ‫النفس‬
‫ي‬ ‫مختلفة ومن أبرزها (علم اللغة‬
‫‪ Psycholinguistics‬يف أواخر (‪ ) 1960-1950‬عىل يد العديد من العلماء الذين رصدوا أبحاثهم التجريبية‪،‬‬
‫نسق ربي‬ ‫ى‬ ‫وقد اتفقوا عىل تعريفه بأنه العلم الذي يهتم بدراسة العالقة ربي اللغة والعقل‪ ،‬فهو تضامن‬
‫ي‬
‫االمام من الدماغ ما ندعوه ب منطقة بروكا أو (‪ )Broca's area‬ووظيفة‬ ‫ّ‬
‫الفص‬ ‫السيكولوجيا واللغويات‪ .‬نجد يف‬
‫ي‬
‫الخلق من‬
‫ي‬ ‫هذه المنطقة إنتاج الكالم فإن أي رصر يصيب هذه الجزئية يسبب عجز يف استخراج اللغة‪ .‬أما الجزء‬
‫الصدع يف الدماغ يوجد ما نعرفه باسم منطقة رفينيكه (‪ .)wernicke's area‬وتتضمن هذه المنطقة‬ ‫ي‬ ‫التلفيف‬
‫ً‬ ‫ى‬
‫الت تصيب هذه الجزئية تسبب ضعفا يف فهم اللغة‪ .‬فإن األجزاء‬ ‫استقبال اللغة المنطوقة والمكتوبة‪ .‬فالمشاكل ي‬

‫‪Copyright 2021© saudiphilosophy.com‬‬ ‫‪6‬‬


‫منشـورات جمعيـة الفلـسفـة‬

‫عش‪ .‬لكن بالطبع لم ينته االمر‬ ‫المختيات ف أواخر القرن التاسع ر‬


‫ي‬ ‫ر‬ ‫العضوية المسؤولة عن اللغة قد ُرصدت يف‬
‫يتبي ّ‬ ‫ُ‬ ‫ىّ‬
‫أي أثر لها تحت سقف‬ ‫الكثي من األمور تلغز عىل فهم اإلنسان ولم ر‬ ‫ر‬ ‫تبق‬ ‫عند هذه االكتشافات العظيمة‪،‬‬
‫معرف محدد‬ ‫يقي‬ ‫الت لم تزل جارية إل يومنا هذا مفتوحة دونما ر‬ ‫ى‬
‫ي‬ ‫المعضلتي ي‬
‫ر‬ ‫المختيات التجريبية‪ ،‬مثل رصاع‬ ‫ر‬
‫ينترص ألحدهما عىل األخرى‪ ،‬أو تجمع بينهما بطريقة توفيقية ال تتعارضان مع بعضهما البعض‪ .‬تلك المعضلة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ى ُ‬
‫محملون بالمبادئ‬ ‫اكتسابية؟) وبمعت آخر هل نحن‬ ‫فطرية أم‬ ‫الت تطرح عىل صيغة سؤال وهو (هل اللغة‬ ‫ي‬
‫قبىل‪ ،‬أم أننا نكتسب القواعد واألنظمة اللغوية عن طريق التجربة الخارجية بشكل‬ ‫والمقوالت اللغوية بشكل ي‬
‫ى‬
‫مىل ٌء بالمغالطات‪ ،‬فإن اخذنا باالفياض األول فإن اللغة ستكون يف‬ ‫بعدي‪ ،‬والحقيقة أن كالهما بالنسبة يل ي‬
‫وبي ما هو‬ ‫ّ‬
‫يوجد الموجود (اللغة) ر‬ ‫موضع يعلو عىل اإلنسان أي (متعالية) وهذا يوجب المفارقة الجوهرية ربي ما ِ‬
‫السء المصنوع‬ ‫ر‬ ‫موجود (اإلنسان)‪ .‬أما ى‬
‫الثان سبق وأن تطرقت إليه أعاله‪ ،‬وهو وضع اللغة يف موضع ي‬ ‫ي‬ ‫االفياض‬
‫ومن قام بصناعته اإلنسان!‬
‫كبش يف سياق‬ ‫تفسي ارتباط اللغة بنا ر‬ ‫الت حاولت‬ ‫ى‬ ‫ً‬
‫ر‬ ‫النفس وضعت العديد من النظريات ي‬ ‫ي‬ ‫تبعا لعلم اللغة‬
‫وتشومسك وميلر وسامبسون)‪.‬‬ ‫ي‬ ‫دماع‪ ،‬ومن أبرز من نظر يف هذا المسار (سكيي وبافلوف‬ ‫ي‬ ‫سيكولوح‪-‬‬
‫ر ي‬
‫أوال‪ :‬ظهرت يف عام ‪ 1950m‬النظرية السلوكية (‪ )Behaviorist Theory‬ورائد هذا المذهب هو سكيي‪ ،‬وقد‬
‫وبالتال يكون‬
‫ي‬ ‫مثي واستجابة‪،‬‬ ‫يرى أصحاب هذه النظرية أن السلوك – بما يف ذلك السلوك اللغوي – ارتباط ربي ر‬
‫الخارح واالستجابة الطبيعية اللفظية للفرد‪.‬‬ ‫المثي ر‬ ‫ى‬
‫ر ي‬ ‫ط القادم من العالم‬
‫ً‬ ‫ي‬ ‫الش‬ ‫ر‬ ‫المقين ربي‬ ‫المعت هو االرتباط‬
‫السلوكيي يتفقون أن الطفل يكون سلبيا خالل عملية تعلم اللغة‪ ،‬فهو يبدأ الحياة بجعبة لغوية خاوية‬ ‫ر‬ ‫فمعظم‬
‫ر‬
‫واألكي أهمية يف‬ ‫ه العامل الحرج‬ ‫ثم يصبح الطفل مستخدما للغة يف بيئته‪ .‬لذلك جميعهم يجعلون البيئة ي‬
‫ّ‬
‫عموم أن نصب جل اهتمامنا‬ ‫عملية االكتساب‪ ،‬ولفهم األنظمة اللغوية تلزمنا النظريات السلوكية بشكل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ي‬
‫ى‬ ‫ٌ‬
‫والت بدورها تلعب دورا أساسيا يف نمو‬ ‫بالسلوكيات القابلة للمالحظة والقياس‪ .‬ألن اللغة سلوك مصدره البيئة ي‬
‫ه األبنية اللغوية‪.‬‬ ‫ى‬
‫اللغة‪ .‬وأبعد ما يكيثون له ي‬
‫غي قابل للمالحظ‪ ،‬فهذا هو ما يعيبها‪ ،‬أنها‬ ‫الوع من الدرس اللغوي ألنه ر‬ ‫مبدئيا النظرية السلوكية أبعدت‬ ‫ً‬
‫ي‬
‫بالتال ال يمكن أن نعرف كيفية قياسها‪ .‬وليس بمقدورنا‬ ‫ي‬ ‫نسيت أو تناست أن األنشطة العقلية ال يمكن أن ترى‪،‬‬
‫ً‬
‫تعط معت محددا‪.‬‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫ي‬ ‫الت‬‫بالعي المجردة عند رصدنا للدماغ كيف تكتمل عملية اليكيب والبناء اللغوية ي‬ ‫أن نبرص ر‬
‫ثانيا‪ :‬ظهرت يف أواخر ‪ m1950‬إل منتصف ‪ m1960‬نظرية النحو التوليدي (‪ )Generative Grammar‬عىل‬ ‫ً‬
‫تشومسك‪ ،‬وكان هدفه تأسيس لسانيات تعمل عىل استبعاد كل ما هو مرتبط‬ ‫ي‬ ‫اللغويي ّنعوم‬‫ر‬ ‫يد أهم المنظرين‬
‫اعياضا عىل من سبقوه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بالتصورات السلوكية والبنيوية‪ .‬فنالحظ هنا الموقف النقدي الذي تبناه تشومسك ى‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(الرياض‪ -‬اللغوي) مما جعله‬ ‫ي‬ ‫مسارا جديدا دعامته األساسية المنهج‬ ‫فقطع الصلة باللسانيات الكالسيكية واتخذ‬
‫كيت لغوي يستوجب إدخال المبادئ العقالنية‬ ‫يستخدم األدوات الرمزية‪ .‬فاتضح له أن القيام ببناء نموذج تر ر ي‬
‫لتفسي الظواهر اللغوية المعرفية المسؤولة‪ ،‬فقام بتحديد نسق من قواعد كلية وهذه تسمح بأن تكون التجارب‬ ‫ر‬
‫تشومسك بالحديث عن رشح أساسيات‬ ‫ي‬ ‫اللغوية الفعلية ممكنة‪ .‬نجد يف كتاب الطبيعة اإلنسانية إسهاب‬
‫لتشومسك عن كيف قادته اكتشافاته التخاذ‬ ‫ي‬ ‫ومقومات نظرية (النحو التوليدي)‪ .‬فعندما طرح المذيع سؤاله‬

‫‪Copyright 2021© saudiphilosophy.com‬‬ ‫‪7‬‬


‫منشـورات جمعيـة الفلـسفـة‬

‫تشومسك يف‬
‫ي‬ ‫مواقف محددة يف فلسفة اللغة‪ ،‬ونتيجة لذلك تحولت تأمالته اللغوية إل فلسفة العلم؟ وأكد‬
‫َّ‬
‫بداية حديثه أن دراسة اللغة ليست األساس الذي يقرر اعتماد المقاربة العلمية‪ ،‬وقدم نظريته عىل أنها نموذج‬
‫أشار لكيفية العالقة ربي اللغة والفرد‪،‬‬ ‫البشية‪ .‬ومن ثم َ‬ ‫يشي إليه عند البحث ف المعرفة ر‬ ‫مفيد لما يمكن للمرء أن ر‬
‫ي‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فتساءل (كيف يمكن للفرد ال ُم َّ‬
‫عرض لبيانات محدودة جدا أن يطور نسقا غنيا جدا من المعرفة؟) فاستشهد‬
‫الجمل وجزئية الكلمات وضبابية العبارات‪ .‬وعىل‬ ‫بالطفل الذي يوجد ف مجتمع لغوي محصور ف محدودية ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫وف استبطان نحو لغته مطورا بذلك‬ ‫قصي جدا قادر عىل (البناء اللغوي) ي‬ ‫ر‬ ‫الرغم من ذلك هذا الطفل يف وقت‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ويعرب عن رفضه أنه ال يمكن أن تستمد تلك المعرفة من االستنتاج والتجريد المعطاة له‬ ‫معرفة معقدة جدا‪،‬‬
‫ً‬
‫الخية‪ ،‬ومن َّثم يرصح بجوهر منهجه أن المعرفة المستبطنة يجب أن تكون محصورة بشكل ضيق جدا يف‬ ‫من ر‬
‫ُ‬ ‫ً ُ ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫تشومسك‪ .-‬وكأننا مع نعوم نرى جهازا فطريا معقدا بداخل كل إنسان ووظيفته‬ ‫ي‬ ‫ملكة بيولوجية ‪-‬انته حديث‬
‫ِّ‬
‫الت يطورها الذهن‪.‬‬ ‫ى‬ ‫ُ‬
‫إيجاد معرفة بطريقة موحدة ومبادئ كلية تفرضها الهبة البيولوجية عىل األنساق اإلدراكية ي‬
‫نموذجا من القدرة‬ ‫ً‬ ‫أساش‪ .‬فكل فرد يملك‬ ‫فمنظور المعرفة اللغوية الممكن تحصيلها مرتبط بهذه الحدود بشكل‬
‫ي‬
‫الت تمكنه من استخدام اللغة ويختص هذا النموذج بثالثة مكونات أساسية‪:‬‬ ‫ى‬
‫اللغوية ي‬
‫● قواعد إعادة الكتابة‬
‫الدالل‬
‫ي‬ ‫● المكون‬
‫الرصف‬ ‫ى‬
‫الصون‪-‬‬ ‫● المكون‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫كيت‬ ‫ى‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫تشومسك جعل األساس التوليدي للغة متمركزا يف المجال الي ر ي‬ ‫ي‬ ‫نستخلصه من هذا النموذج أن‬ ‫ما‬
‫تشومسك هو جعل‬ ‫بتعبي آخر ما فعله‬ ‫اللسان‪.‬‬ ‫اليكيب منعزل عن المعت‪ ،‬والداللة مستقلة عن الوصف‬ ‫وأن ى‬
‫ي‬ ‫رٍ‬ ‫ي‬
‫الصون‪ .‬ونجم عن هذا الطرح جداالت‬ ‫ى‬ ‫الدالل والمكون‬ ‫تميها عن المكون‬ ‫الظواهر ى‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫اليكيبية يف مكانة خاصة ر‬
‫دالل يحتوي عىل قواعد تأويلية ذات طابع‬ ‫ي‬ ‫وبي علماء اللغة ومفادها أنه يجب إدخال مكون‬ ‫حادة بينه ر‬
‫الدالل‪ .‬وبعد انتقاد تالميذه له أدخله يف كتبه الالحقة‪ .‬فالنموذج‬ ‫ي‬ ‫فق كتابه األول تجاهل المكون‬ ‫مفهوم‪ .‬ي‬ ‫ي‬
‫ى‬ ‫ّ‬ ‫ى‬ ‫ّ‬
‫المعدل يفيض فيه أن كل فرد مزود بالخصائص المجردة للقواعد‪ ،‬وعندما يتلق معطيات اللغة ينطلق من‬
‫واليكيب والتأويل‪ .‬إن‬ ‫غي محدودة مختصة بسبل الصياغة ى‬ ‫قادرا عىل وضع فرضيات ر‬ ‫هذه الكليات ليصبح ً‬
‫األخية‪ ،‬لتتحول من نظرية‬ ‫ر‬ ‫نظرية النحو التوليدي مرت بمراحل عدة افضت لتطور ملحوظ يف سنواتها‬
‫الت قيل عنها بأنها مالئمة لكل مستويات‬ ‫ى‬
‫اشتقاقية إل نظرية تمثيلية وما يدل عىل ذلك (قاعدة اإلسقاط) ي‬
‫كيت‪.‬‬ ‫ى‬
‫التمثيل الي ر ي‬
‫المنطق واللغة‪:‬‬
‫واللغويي‪ ،‬باعتبار أن‬ ‫ر‬ ‫مما ال شك فيه أن نجد مكامن اهتمام واحدة وتداخالت تضامنية ربي المناطقة‬
‫يعتمد عىل ضبط ووضوح الثان‪ .‬وليس ً‬ ‫ُ‬
‫غريبا أن نجد يف اللغة العربية لفظة‬ ‫ي‬ ‫ضمان الصحة والتأكد من األول‬
‫األصىل هو «اللغة» أو «الكالم»‪ .‬فهذا يكشف لنا‬ ‫ي‬ ‫«منطق» نفسها مشتقة من النطق أو الكالم‪ ،‬بل إن معناها‬
‫المبحثي يف رميان واحد‬ ‫ر‬ ‫عي تاري خ المنطق نجد أول من جعل‬ ‫المفهومي‪ .‬ولو أخذنا لمحة ر‬ ‫ر‬ ‫الصلة الوثيقة ربي‬
‫مقين باللغة السليمة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫التفكي السليم ى‬ ‫ر‬ ‫هو أرسطو‪ ،‬لقد أدرك أن موضوع المنطق الذي يبحث يف أسس وقواعد‬

‫‪Copyright 2021© saudiphilosophy.com‬‬ ‫‪8‬‬


‫منشـورات جمعيـة الفلـسفـة‬

‫ً‬
‫ه الفكر المنطوق‪،‬‬ ‫فإن كانت التقسيمات اللغوية دقيقة كانت األحكام المنطقية دقيقة أيضا‪ ،‬فقال بأن اللغة ي‬
‫فالتفكي يف الفكرة يتم عن‬
‫ر‬ ‫الغي منطوقة‪ ،‬فاللغة عنده ال تقل من حيث األهمية عن المنطق‪،‬‬ ‫والفكر هو اللغة ر‬
‫طريق ألفاظ وجمل‪ .‬لكن لم تكن دراسته للغة دراسة خالصة بل متضمنة بداخل المنطق والفلسفة‪.‬‬
‫جستان‪:‬‬ ‫يقول التوحيدي ف خاتمة المقابسة ‪ 24‬عىل لسان أن سليمان َّ‬
‫الس‬
‫ي‬ ‫ري‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫يتبي لك أن البحث عن َ‬ ‫ُ‬
‫يرم بك إل جانب‬ ‫يرم بك إل جانب النحو‪ ،‬والبحث عن النحو ي‬ ‫نطق قد ي‬ ‫الم ِ‬ ‫(وب هذا ر‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ًّ‬ ‫ى‬
‫غي مستطاع لكان يجب أن يكون المنطق نحويا والنحوي منط ًّ‬
‫قيا‪ ،‬خاصة والنحو‬ ‫ي‬ ‫المنطق‪ ،‬ولوال أن الكمال ر‬
‫ميجم بها ومفهوم عنها)‪ .‬إن وضع اللغة كمقابل للطبيعة العقلية أو المنطقية‪ ،‬ليس‬ ‫َ‬ ‫واللغة عربية‪ ،‬والمنطق ى‬
‫ممتدة منذ ف اليونانيي والعرب وبالطبع األوروبيي ال سيما ّ‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫العقىل‬
‫ي‬ ‫رواد االتجاه‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫جذوره‬ ‫حديث عهد‪ ،‬بل نجد‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫يعت أنهم‬ ‫يف القرن السابع عش‪ ،‬وجميعهم نلحظ يف أطروحاتهم تقاطع ما ربي المنطق واللغة لكن هذا ال ي‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫المنهجية‬ ‫ماف األمر أن الرصورة‬‫أحاطوا بكل موضوعات ما نصطلح عليه اليوم باسم فلسفة اللغة وقضاياها‪ .‬كل ي‬
‫اقتضت ذلك ّ‬
‫المفهومي‪ .‬أما من ناحية أي المناهج المنطقية متبع لدراسة اللغة فال‬ ‫ر‬ ‫وحتمت عليهم رإشاك‬
‫كل يذهب حسبما تتطلب منفعته البحثية وتنطبق مع رؤيته التصورية فنجد‬ ‫الباحثي ُمجمع عليه ٌ‬ ‫اتفاق ربي‬
‫ر‬
‫تبعا للمنهج االستقران الوصق (انتقال من الجزئيات إل الكليات) والبعض اآلخر يدرسها ً‬
‫تبعا‬ ‫من يدرسها ً‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫االستنباط المعياري (انتقال من الكليات إل الجزئيات)‪.‬‬
‫ي‬ ‫للمنهج‬

‫اللغة ُ‬‫َ‬ ‫َ‬


‫المعارصة‪:‬‬ ‫فلسفة‬
‫َ‬
‫فرونسك حيث‬
‫ي‬ ‫عىل حد علمنا ال نجد من استخدم ُمصطلح ‪-‬فلسفة اللغة‪ -‬قبل الفيلسوف البولندي هوين‬
‫ً‬
‫ظهر أول مرة عنوانا لمقالته الثانية ضمن كتابه(‪ )SEPT MANUSCRITS INEDITS‬الذي كتبه ما ربي ‪-1803‬‬
‫أول كتاب قائم بذاته بعنوان (‪ )LA PHILOSOPHIE DU LANGAGE‬عىل يد‬ ‫‪ ))1806‬وصدر عام ((‪َ 1912‬‬
‫وقواني وتطور ومناهج اللغة المختلفة‪ .‬أما فيما يخص تعريف‬ ‫ر‬ ‫مميات‬‫أليت دوزا‪ ،‬وقد حلل فيه ر‬ ‫نس ر‬
‫اللسان الفر ي‬
‫ي‬
‫ى‬ ‫ُ‬
‫فلسفة اللغة وما طبيعتها ومنهجها وعىل ماذا تقوم وكيف تفهم‪ ،‬فكما جرى العرف عن الفالسفة أن يخيق كل‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬‫يىل‪( :‬فلسفة اللغة ي‬ ‫المشتغلي بهذا المبحث نستعرض ما ي‬ ‫ر‬ ‫منهم الموضوع بمفاهيمه الخاصة ومما أوردوه‬
‫محاولة تهدف إل وصف واضح ودقيق من زاوية نظر فلسفية‪ .‬لبعض الخاصيات العامة المتعلقة باللغة مثل‬
‫اإلحالة والمعت والصدق‪ .‬كما انها ال تهتم بعنارص مخصوصة يف لغة مخصوصة إال بصورة عرضية‪ ،‬ي‬
‫وه أسم‬
‫وبالتال ال تعد دراسة اللغة من‬
‫ي‬ ‫لمبحث من مباحث الفلسفة ُيركز ُج َّل اهتمامه عىل مشكالت ر‬
‫تثيها اللغة يف ذاتها‪.‬‬
‫فلسق حول اللغة)‪.‬‬
‫ي‬ ‫ه حديث‬ ‫ه كذلك‪ ،‬بل من حيث ي‬ ‫حيث ي‬
‫سيل ‪.1932‬‬ ‫األمريك جون ر‬
‫ي‬ ‫‪ -‬تعريف اللغوي‬
‫ميابطة من الدراسات‪ ،‬يعكف عليها المناطقة والفالسفة‪ ،‬تنشأ عما يقلقهم‬ ‫(فلسفة اللغة ه مجموعة ى‬
‫ا‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫من أسئلة ومشكالت تتعلق باللغة‪ ،‬وإن لفلسفة اللغة تاريخا طويًل)‪.‬‬
‫فهم زيدان ‪.1995‬‬‫ي‬ ‫‪ -‬تعريف الفيلسوف المرصي محمود‬

‫‪Copyright 2021© saudiphilosophy.com‬‬ ‫‪9‬‬


‫منشـورات جمعيـة الفلـسفـة‬

‫ه بحث عن أولها ونشأتها وعالقتها الصحيحة باإلنسان والوجود بجميع مافيه من‬ ‫ُ‬
‫(ه بحث فيما قبل اللغة‪ ،‬أو ي‬ ‫ي‬
‫وتفسيه)‪.‬‬ ‫ر‬ ‫والعلم والحضاري ومحاولة توضيح كل ذلك‬ ‫ي‬ ‫االجتماع‬
‫ي‬ ‫موجودات‪ ،‬بدورها‬
‫عزم طه‪.‬‬ ‫‪ -‬تعريف الباحث المرصي ي‬
‫َ‬
‫ه وصف اللغة عىل أنها ُمشكلة فلسفية توجب وضع اللغة يف‬ ‫إن وصلة الربط ربي جميع هذه التعريفات ي‬
‫الوقوف عىل حقيقتها‪ ،‬وأبرز من امتاز بتوضيح هذا المبحث ما نجده عند‬ ‫ِ‬ ‫مباحث منطقية منضبطة من أجل‬
‫الشهية من كتابه رسالة منطقية فلسفية (إن الفلسفة كلها عبارة عن نقد للغة)‪ .‬من‬ ‫ر‬ ‫لودفيغ فيتجنشتاين يف عبارته‬
‫لضبط تصوراتها وتأسيس‬ ‫ِ‬ ‫المنطق والرياضيات‬
‫ِ‬ ‫ئيس عىل‬‫الجدير بالذكر هنا أن فلسفة اللغة اعتمدت بشكل ر ي‬
‫اللغويي استفادوا من األبحاث المنطقية والرياضية لصياغة مفاهيم لغوية‪ ،‬فنجدهم يقيمون‬ ‫ر‬ ‫مفاهيمها‪ ،‬أي أن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫منطقيا بالنسبة للخطاب‪ ،‬وأساسا ر ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ياضيا مستندا عىل التأويل‪.‬‬ ‫نسقا‬
‫ه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ى‬
‫الت وضعت فلسفة اللغة نصب عينيها إن لم تكن عضوا أساسيا يف إكمال جسدها ي‬ ‫من أهم المدارس ي‬
‫ُ‬ ‫تقدم ذكره بإيجاز‪ -‬وف أواخر القرن التاسع ر‬ ‫ّ‬
‫عش تناول رائدها‬ ‫ي‬ ‫(الفلسفة التحليلية (‪- Analytic Philosophy‬كما‬
‫ً‬
‫الحي متوقفا‬ ‫ى‬
‫غي معهود يف المنطق‪ ،‬والذي كان حت ذلك ر‬ ‫لتطور ر‬
‫ٍ‬ ‫جوتلوب فريجه دراسات لغوية‪-‬منطقية مما َّأدى‬
‫َّ‬
‫وظن‬ ‫اهي‬ ‫عىل ما وضعه أرسطو‪ ،‬ولقد َّ‬
‫الي ر‬‫للكالسيكيي عن طريق مالحظته بوجود ثغرات يف بنية ر‬ ‫ر‬ ‫وجه انتقاداته‬
‫يهتد بهم‪ ،‬فنجد أنه من‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫أنهم منذ أرسطو يدورون يف حلقة مفرغة تركز عىل الحدود ال أكي وال أقل من ذلك‪ ،‬فلم ِ‬
‫الرياض فقام فريجه‬ ‫ي‬ ‫التحليليي الذين ركزوا يف تحليالتهم عىل اللغة عن طريق االهتداء بالمنطق‬ ‫ر‬ ‫أوائل الفالسفة‬
‫نظام رمزي أساسه دقة اللغة بقواعد محددة إضافة إل‬ ‫ٌ‬ ‫األرسط من زاوية الرياضيات وعمد لبناء‬ ‫بخرق المنطق‬
‫ي‬
‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫التعبي عن القضايا الجزئية‪ ،‬لينجز نظرية شاملة يف المعت‪ .‬فأصبح نموذجه الصوري‪-‬الرمزي مكونا من التحليل‬ ‫ر‬
‫اعتيت الداللة مجرد إحالة عىل الواقع فقط‪،‬‬ ‫التعبيية وأفكارنا‪ ،‬فنظريته الرمزية ر‬ ‫ر‬ ‫المنطق الذي ترتكز عليه أقوالنا‬ ‫ى‬
‫ي‬
‫مهمتها تحديد صدق اللفظ وليس المعت‪ ،‬ألن تحديد القيمة الداللية للجملة مرتبط بكل من المعت واإلحالة‬
‫التخىل عن الثانية‬ ‫ي‬ ‫ه بيان الفروقات ربي اللغة الصورية واللغة الطبيعية فقصد‬ ‫اللفظية‪ ،‬فكانت غايته األساسية ي‬
‫حت وإن استقلت حقيقتها الموضوعية بمعزل‬ ‫من أجل األول‪ .‬بالنسبة لفريجه القضايا المنطقية ممكنة التحقق ى‬
‫اآلن لبيان النظرية‪:‬‬ ‫ى‬
‫عنا ونستحرص هنا المثال ي‬
‫السء مع ذاته ال تورد أي مشكلة‬ ‫ر‬ ‫المثال األول‪( :‬الرابطة هو) إنها ر‬
‫تعي عن الهوية واالنتماء والتضمن‪ ،‬فهوية ي‬
‫فتعت االنتماء وزيد هو‬ ‫فتعت الهوية وزيد هو سعودي‬ ‫أكي من طرف كأن نقول زيد هو زيد‬ ‫السء ف ر‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫عند وضع ي ي‬
‫فتعت التضمن‪.‬‬‫ي‬ ‫إنسان‬
‫ه ما يحدد القيمة الصدقية‬ ‫والمعان كيفيات‪ .‬فاإلحالة ي‬
‫ي‬ ‫القضية األول‪ :‬ما يقوله فريجه هنا أن اإلحالة حقيقة‬
‫بالتال‬
‫ي‬ ‫للعبارة بينما المعت يوفر رشوط تحقق العبارة فقط‪ .‬وعليه فالداللة ناتجة عن تالزم المعت واإلحالة‪.‬‬
‫وتبعا لهذا المقام أكد عىل إمكان‬ ‫ينكشف لنا االختالف ربي مسميات األعالم والعبارات الوصفية المحددة‪ً .‬‬
‫وجود عبار رتي عىل معت مختلف وإحالة واحدة‪.‬‬
‫ه‬ ‫اختالف بينهما فالثانية ي‬ ‫ي‬ ‫تميي ربي المعت والتسمية فذلك يؤدي ال محالة إل تفاوت‬ ‫إذا كان هناك ر‬
‫للتعبي عنها بأشكال عدة‪ .‬فيما بعد طور فريجه نظريته ضمن تصور نطلق عليه «النظرية‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫تسمح لألول‬

‫‪Copyright 2021© saudiphilosophy.com‬‬ ‫‪10‬‬


‫منشـورات جمعيـة الفلـسفـة‬

‫الوصفية لإلحالة» تقوم عىل أساس أن الكلمات ال تحيل عىل األشياء وال تتدخل بواسطة معناها‪ ،‬بل تحيل‬
‫عىل ذاتها بشكل يجعلنا أمام عالمة العالمات‪ ،‬ألن القيمة الصدقية تتوقف عىل المسميات بينما القيمة‬
‫المعان‪.‬‬
‫ي‬ ‫المعرفية تتوقف عىل‬
‫اعيض مينونغ عىل نتائج فريجه‪ ،‬وقال بإمكان توفر قضية ما عىل معت رغم إخفاق اإلحالة واستشهد‬ ‫لقد ى‬
‫غي موجودين‪ ،‬فقام ببناء‬ ‫يعت أن لهم معت يف كونهم ر‬ ‫فنق وجودهم ي‬ ‫اآلل» ي‬
‫ب «المرب ع الدائري» و «اإلنسان ي‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫ى‬
‫شء‪ .‬ثم جاء راسل وخالف‬ ‫والت تمكننا من بناء قضايا صادقة وذات معت انطالقا من ال ي‬ ‫نظرية األوصاف ي‬
‫تقتص التعرف عىل‬ ‫إحال للداللة‪ ،‬وأكد أن المسميات‬ ‫القياح تصور‬‫مينونغ رغم عدم اتفاقه مع فريجه فسع ى‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫واقعيا‪.‬‬ ‫ً‬
‫موضوعا‬ ‫يسم‬ ‫الحقيق هو الذي‬‫ى‬ ‫الموضوع الذي يحيل عليه االسم‪ .‬فاسم العلم‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫السء)‬‫ر‬ ‫ّ‬
‫(ف ا ي‬
‫تمي ربي ي‬ ‫وغيهم ممن سلكوا نهجهم أمام دراسة ر‬ ‫عندما نجد أنفسنا مع فريجه وراسل ومينونغ ر‬
‫التميي إال سبيًل لعدم‬ ‫ى‬
‫السء) فهذا يحلينا ال محالة لبناء نسق الياتبية اللغوية‪ .‬وليس هذا‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫وخصائص (عن ي‬
‫الوقوع يف مجموعة من التناقضات‪ .‬إذ وجب مراعاة ذلك التفاوت القائم ربي (اللغة الشيئية) و (لغتها الفوقية)‬
‫موضوعا لها‪ .‬فاالختالفات التباينية يف األصل ربي اللغة الموصوفة واللغة‬ ‫ً‬ ‫األخية األول‬ ‫مع إيجاب أن تتخذ‬
‫ر‬
‫الواصفة تجعلنا نتساءل عن مدى قدرتنا عىل إمكان الحديث عن اللغة الطبيعية بنفس كيفية اللغة الصورية‪.‬‬
‫نتنبه له سوف يوقعنا يف الدور وتوالد المفارقات‪ .‬وما من سبيل لتجنب‬ ‫المستويي الذي لو لم ّ‬
‫ر‬ ‫دون الخلط ربي‬
‫ُ‬
‫ذلك إال أن نعيد تقويم التصورات للتحقق من مدى استجابتها لإلجراءات الصورية‪ .‬هذا يجعلنا نتخىل عن‬
‫الطبيع‪.‬‬
‫ي‬ ‫ثنان القيمة ونأخذ بأنساق منطقية تستجيب للخطاب‬ ‫المنطق ي‬

‫الخاتمة‬
‫ىّ‬
‫إن الدافع إل البحث ال يتأن من الفلسفات وإنما من األشياء والمشكالت الحارصة‪ .‬هذا ما قامت عىل‬
‫أساسه المدرسة الظاهراتية حيث اهتمت بما هو جذري عن طريق تجذيره هو نفسه وقبل كل هذا يجب أال‬
‫يستقر قبل بلوغه الوضوح‪ ،‬فتخلص هدفها يف مبدأ بسيط هو " العودة إل األشياء ذاتها"‪ .‬فالمنهج بنيته قائمة‬
‫الوع‬
‫ي‬ ‫فه تتخذ‬‫تعي عن كل تجربة ممكنة وعن كل عالم ممكن‪ ،‬ي‬ ‫الوع ومنظومته القصدية شأنها أن ر‬ ‫ي‬ ‫عىل‬
‫ً‬
‫الفينومينولوح أساسا‬ ‫نافذة تطل عىل الوجود برمته‪ .‬ولقد اتخذ العديد من الفالسفة أدوات المنهج‬
‫ر ي‬ ‫المعرف‬
‫ي‬
‫ه‬ ‫فتبي له أن اللغة ي‬‫لالستعمال لبناء تصوراتهم الوجودية وعىل رأسهم هيدغر الذي أعاد اكتشاف الوجود‪ّ ،‬ر‬
‫المظهر األول للكينونة‪ ،‬فاللغة عنده بيت الوجود‪ ،‬البيت الذي يسكنه اإلنسان حيث يقول "اللغة ليست يف‬
‫ه الكيفية ال ى يت‬ ‫الج‪ ،‬إن اللغة ي‬
‫تعبي عن الكائن ي‬
‫ه ر‬ ‫ماهيتها وسيلة يفصح بها الكائن العضوي عن نفسه‪ ،‬وال ي‬
‫الت تحقق وجود العالم وأنها تؤسس‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫يكشف فيها الوجود عن ذاته"‪ .‬إنها البعد‬
‫وه ي‬‫الحقيق للوجود ذاته ي‬
‫ي‬
‫التعبي عن‬ ‫ّ‬
‫ومؤوله‪ ،‬ما نحن إزاءه يف الحقيقة يف‬ ‫الوجود وتخلقه وتكشف عنه‪ .‬فاإلنسان هو ناطق الوجود‬
‫ر‬
‫بالتفكي يف وجودنا أو بالشعور بإدراكنا يقف عند حدود اللغة وحدود اللغة تقف عند حدود وجودنا‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ذواتنا أو‬
‫ّ‬
‫فإن أرده لعجز الكينونة بذاتها‪ ،‬إن القابلية اللغوية بجميع رتبها يف اإلنسان‬
‫وكل ما تعجز اللغة عن صياغته ي‬

‫‪Copyright 2021© saudiphilosophy.com‬‬ ‫‪11‬‬


‫منشـورات جمعيـة الفلـسفـة‬

‫توازي وجود اإلنسان‪ .‬ثم أن وجود الكينونة قائم عىل أن تكون قضية وجودها‪ ،‬واللغة ي‬
‫ه من يكفل لها حفظ‬
‫وجودها وترسيخه‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬
‫ى‬
‫سيانيا‪.‬‬ ‫أمية غنيم)‪ .‬تونس‪ ،‬دار‬
‫سيل‪ ،‬جون ( ‪)2015‬األعمال اللغوية‪ ،‬بحث يف فلسفة اللغة (ترجمة ر‬‫ر‬

‫الباه‪ ،‬حسن (‪ .) 2015‬اللغة والمنطق‪ ،‬بحث يف المفارقات‪ .‬منشورات ضفاف‪ ،‬منشورات االختالف‪.‬‬
‫ي‬
‫فتج المسكي يت)‪ .‬دار الكتاب الجديد المتحدة‪.‬‬
‫هايدجر‪ ،‬مارتن ( ‪ .)2012‬الكينونة والزمان (ترجمة الدكتور ي‬
‫ر‬
‫والنش‪.‬‬ ‫كرم‪ ،‬يوسف ( ‪ .)1936‬تاري خ الفلسفة اليونانية‪ .‬مطبعة لجنة التأليف ى‬
‫واليجمة‬

‫كرم‪ ،‬يوسف (‪ .) 2012‬تاري خ الفلسفة األوربية يف العرص الوسيط (يوسف كرم)‪ .‬مؤسسة هنداوي للتعليم‬
‫والثقافة‪.‬‬

‫كرم‪ ،‬يوسف (‪ .) 1986‬تاري خ الفلسفة الحديثة (يوسف كرم)‪ .‬دار المعارف‪.‬‬

‫عزم إسالم)‪ .‬مكتبة األنجلو المرصية‪.‬‬


‫فتغنشتاين‪ ،‬لودفيج (‪ .)1968‬رسالة منطقية فلسفية ( ترجمة ي‬
‫أمي‬
‫تشومسك وميشيل فوكو (ترجمة ر‬
‫ي‬ ‫تشومسك‪ ،‬فوكو (‪ .)2014‬عن الطبيعة االنسانية مناظرة ربي نعوم‬
‫ي‬
‫ر‬
‫زك)‪ .‬دار التنوير للطباعة والنش‪.‬‬
‫ي‬
‫ر‬
‫والنش‪.‬‬ ‫فهم (‪ .)1985‬يف فلسفة اللغة‪ .‬دار النهضة العربية للطباعة‬ ‫زيدان‪ ،‬محمود‬
‫ي‬
‫عزم طه ( ‪ .)2015‬فلسفة اللغة عند أفالطون و معه نص محاورة كراتيليوس‪ .‬عالم الكتب‬
‫السيد أحمد‪ ،‬ي‬
‫الحديث‪.‬‬

‫فتج (‪ .)2014‬قول األصول؛ هوشل وفينومينولوجيا التخوم‪ .‬منشورات ضفاف‪ ،‬منشورات‬


‫ي‬ ‫إنقزو‪،‬‬
‫االختالف‪.‬‬

‫‪Copyright 2021© saudiphilosophy.com‬‬ ‫‪12‬‬

You might also like