Professional Documents
Culture Documents
التدخل بالتصنيف أو الترتيب
التدخل بالتصنيف أو الترتيب
إن عولمة أسواق الخدمات التعليمية في أواخر القرن العشرين ،و تنوع ص يغها بتغلغ ل رأس المال في
المجال ،واحتدام المنافسة بين المؤسسات للحفاظ على بقائها أو للتوسع ،تطلَّب أجهزة قي اس عالمي ة لتنظيم
التب ادالت من ش هائد و مدرس ين و طلب ة و خ دمات بين المؤسس ات محلي ا و عالمي ا ،فظه رت العدي د من
وسائل التقييم كاالمتحانات و الروائز ونظم الجودة و الوكاالت و المؤسسات العام ة و الخاص ة ال تي تتس م
بالمصداقية والتي تعمل على تقييم الخدمات و المؤسسات و إلى إسداء ش هائد أو ج وائز أو عالم ات تعم ل
كوسائط تقديرية لجودة الخدمة بهدف إرساء الثقة بين مختلف المهتمين بالمؤسسات التعليمية.
وق د تن وعت وس ائل تق ييم ج ودة النظم التربوي ة والمؤسس ات التعليمي ة ،وإذا ك انت ض مان الج ودة
ومقاربات التميز و االعتماد تضمن مستوى درجة معينة من الج ودة و التواف ق م ع مع ايير المنتَج فإنه ا ال
ترتب درجة جودة أصحابها .و في اقتصاد قائم على المعرفة و االنفتاح و المنافس ة الدولي ة تخض ع أنظم ة
التعليم العالي و البحث الوطنية بشكل متزايد إلى المقارنة و التق ييم ،وتعت بر الش هرة والس معة هي وس يلة
مقدمي خدمة التعليم العالي الرئيسية في معركة للحصول على حصة في الس وق ،من جه ة أخ رى ارتف اع
ع دد الم زودين وتنوي ع عروض ها من حيث ال برامج و الش هائد تث ير ل دى المس تخدمين (أص حاب العم ل
والطالب) طلبا متزايدا على تحليالت مقارنة إلنارة اختيارهم.
خالل السنوات القليلة ،أصبحت التصنيفات الجامعية أساسية في الحياة الجامعية و تفتح مجااًل للمنافسة
العامة بين الجامعات التي تجد فيها أداة تسويقية تسمح لها بالتباهي بنتائجها الجيدة وزيادة سمعتها الدولية..
و يمكن أن تغطي التصنيفات الجامعات عالميا أو جامعات كاملة أو أجزاء فقط من أنشطتها ،مثل التعليم
أو البحث أو التدريب اإلداري .و يمكنها مقارنة التخصصات بشكل أكثر تحديدًا (علم األحياء ،وعلم
النفس ،والقانون ،وما إلى ذلك) أو الدورات :اإلجازة والماجستير ( MBA ،ماجستير في إدارة
األعمال) و ( EMBAماجستير تنفيذي في إدارة األعمال) لتدريب المديرين التنفيذيين.
و تختار مؤسسة التصنيف الجامعية أو االعالمية تعريف الجودة ومعاييرها ومؤشراتها وطرق
القياس وشكل العرض دون تفسيرات واضحة أو تبرير أو ذكر للمبادئ التي اعتمدت عليها ،فاختلفت
األساليب المستخدمة في التصنيف بشكل كبير و نادرا ما تكون بينها قواسم مشتركة ،فنتجت صيغ تصنيف
مختلفة جدًا ،تؤدي إلى نتائج مختلفة جدًا ،و قد تنشر مؤسسة التصنيف أكثر من تصنيف يتعلق بمجاالت
مختلفة فتصنيفات جامعة كيو إس العالمية تصنف الجامعات في 51مجاال محددا ،ومن أشهر التصنيفات
العالمية:
أشهر التصنيفات العالمية
تاريخ
العالمة المؤسسة التصنيف
البعث
ACADEMIC RANKING OF
2003 ARWU جامعة شانغاي الصينية تصنيف شانغاي للجامعات
WORLD UNIVERSITY
2010 THE WORLD
THE WUR مجاة تايمز البريطانية تصنيف مجلة تايمز للتعليم العالي
UNIVERSITY RANKING
QS- WUR مؤسسة سيموندس QS W ORLD UNIVERSITY
2005 تصنيف الكيو آس
البريطانية RANKING
2004 المركز الوطني للبحوث تصنيف ويب ماتريكس االسباني
RWM RUNKING WEB MATRICS
بمدريد لتقييم الجامعات والمعاهد
جامعة الملك عبد العزيز
2004 CWUR ))World University Rankings تصنيفات الجامعات العالمية
في جدة
من خالل هذا الجدول التجميعي للتصنيفات نالحظ أن المعايير المعتمدة محدودة :السمعة ،التعليم،
البحث العلمي ،العالمية .و يستهدف كل تصنيف بحسب المعايير التي يختارها تعريف جودة خاص و
جمهورًا محددًا :فمعايير التعليم موجهة إلى الطالب المحتملين والحاليين ،و معايير البحث إلى المجتمع
العلمي ووكاالت التمويل ،و معايير تكوين اإلطار إلى المتدربين المحتملين والحاليين ،و معايير
التصنيفات الوطنية والجامعات بأكملها إلى السياسيين وصانعي السياسات .و الجامعة يمكن أن تؤدي أدا ًء
جيدًا في معيار محدد ،مثل البحث أو التدريس ،ولكن ليس في كل المعايير .هذا ما يجعل من الصعب
تصنيف ومقارنة جامعات بأكملها ،و من غير الواقعي قياس جودة العمل األكاديمي بشكل صحيح ودقيق ،
في جميع المؤسسات ولجميع أصحاب المصلحة المعنيين.
أما المؤشرات فهي متماثلة نس بيا فبالنس بة للبحث العلمي ترك ز أساس ا على ع دد البح وث المنش ورة
والمستشهد بها و/أو المذكورة في األدلة و/أو الكشوف العالمية ،أما ج ودة التعليم فتعتم د على المناص ب و
الج وائز ال تي تحص ل عليه ا المتخرج ون ،و على منش ورات هيئ ة الت دريس أو نس بة الطلب ة إلى هيئ ة
التدريس ،.في حين أن السمعة فيؤشر عليه ا ب الجوائز المتحص ل عليه ا إط ار الت دريس أو من خالل آراء
الخبراء حول الجامعات أو أصحاب العمل على الخ ريجين .أم ا العالمي ة فتح دد بنس بة الطلب ة األج انب أو
أعضاء هيئة التدريس.
وكل تصنيف له خصائصه ،فتصنيف "شانقاي الترتيب األكاديمي للجامع ات العالمي ة" وه و األش هر
يركز على معيار البحث بـأكثر من ، %60أم ا " QS- timesتص نيفات الجامع ات العالمي ة" فتس تأثر
السمعة بـ %50من المجموع ،أما تصنيف واب ماتريكس اإلسباني ف يركز على البح وث في األنترن ات بـ
... %100
و لبقاء المؤسسة التعليمية العبا أساسيا في "السوق" وجب عليها التوافق مع مع ايير التص نيف وف ق
ثالثة أبعاد:
دعم االبتكار من خالل البحث الذي يغذي االقتصاد، -1
توفير التدريب إلنشاء أفضل تجمع ممكن من المواهب، -2
إنشاء المنطقة الجذابة. -3
و تميزت هذه التصنيفات بتزايد استخدام مؤشرات األداء الكمية لتقييم مؤسسات التعليم العالي .وغالبًا
ما تفضل المؤشرات الكمية على اعتبار أنها تجعل إنتاجية الجامعات قابل ة للقي اس بش كل مباش ر وبالت الي
تسمح بمقارنة أدائها بطريقة موضوعية وشفافة ،و تُستخدم هذه الحجة عندما يتعلق األمر بتحدي د سياس ات
التعليم أو تقييمها .كما تبدو مؤشرات األداء وخاصة تصنيفات الجامعات وس يلة بس يطة وواض حة للطالب
وأولياء أمورهم التخاذ خيارات مهنية مستنيرة أمام كثرة الجامعات و تنوعها.
و الوسائل المعتمدة في جمع البيانات مختلفة في هذه التصنيفات هي:
اإلحصاء الوارد المتوفر األنترنات و المؤشرات الببليومترية والبيانات الكمية المقدمة من الجامعات، -
استطالعات السمعة أو مسح استبيانات آراء خبراء أو أصحاب العمل ،أو تقييم من المؤسسات الجامعية، -
الجوائز المرموقة (نوبل ،ميدالية فيلدز ) المسندة إلى ااألساتذة أو خريجي الجامعة. -
وهي تختلف عن بقية أدوات التقييم التي تعتمد نتائج الطالب و/أو المالحظة المباشرة للعملية التربوية.
و من وجه ة نظ ر م دير البحث أو المقيم أو الب احث ،ف إن االس تخدام المنهجي ،وح تى الحص ري،
للمؤشرات الكمية والتصنيفات الناتجة ،يقدم فائدة رباعية :تبسيط وترشيد عمل التقييم ،وحص ر المناقش ات
والخالفات ،وإعطاء مظهر الموضوعية في التصنيفات التي تم الحصول عليها ،و"تكميم" أه داف مس ابقة
البحث.
إيجابيات التصنيف و الترتيب:
يتم تعريف مصطلح "مؤسس ة التعليم الع الي" في الواق ع على أن ه كيان ات متنوع ة للغاي ة ذات مه ام
متنوعة .و أي تصنيف عام لهذه المجموعة غ ير المتجانس ة ه و بطبيعت ه تعس في و لن يتمكن أي تص نيف
عام ،بغض النظر عن جودته وأهميته ،من اإلجابة على جميع االحتياج ات واألس ئلة .وم ع ذل ك ف إن ه ذه
التصنيفات طريقة جيدة لفهم مثل هذه األنظمة المعقدة وطرح أسئلة أساسية حول ط رق تحس ين السياس ات
العامة واستراتيجيات المؤسسات ،و توفر إمكانية إعادة تنظيم المعايير وفقًا لأله داف المس تهدفة ،وبالت الي
لتلبية مجموعة واسعة من االحتياجات ،على عكس االعتماد ومقاربات الجودة و التميز التي تعتمد نموذجا
موحدا.
و رغم تعرض التصنيفات إلى االنتقادات فإنها تؤدي أدوارا اجتماعية حيث:
مكنت المؤسسات التعليمية من أدوات معايرة و مقارنة و نجحت في تسريع المنافسة العالمية بينها في جميع أنحاء العالم. -
دفعت المؤسسات التعليمية إلى اعتماد الشفافية و الوضوح و على تطوير أدائها. -
مكنت مؤشراتها الكمية من جعل إنتاجية الجامعات قابلة للقياس بشكل مباشر وبالتالي تسمح بمقارنة أدائها بطريقة موضوعية وشفافة. -
كشفت امكانيات المؤسسات التعليمية و قدراتها للعالم ورتبتها تفاضليا. -
طورت العالقات بين المؤسسات التعليمية بتنويع التعاون بينها و تكثيفه فيما يتعلق بتبادل الطلبة واألساتذة و البرامج و الشهائد و البح وث -
و التعاون العلمي.
ساعدت المؤسسات على تبرير استخدام التمويل العام والخاص الذي تتلقاه إلنجاز مهامها. -
تساعد : -
المجتمع في تقييم جودة المؤسسات
األولياء و الطالب في اختيار المؤسسات التعليمية التي تلبي احتياجاتهم
المؤسسات التعليمية على تطوير ذاتها بما يتوافق مع المعايير المقترحة و المؤشرات المقاسة في التصنيفات العالمية.
المؤسسات التعليمية الناجحة على إذاعة صيتها
تؤثر التصنيفات على الطالب و الب احثين و مس ؤولي الجامع ات و ص انعي السياس ات وذل ك بتوجي ه
اختياراتهم و اهتماماتهم:
فطالب الماجيستار و الدكتوراه يبحثون عن سمعة المؤسسة التربوية وعن الدورات التدريبي ة به ا -
كضمان لشهادة الجودة ،والتي سيتم االعتراف بها وتقييمها في سوق العمل.
الباحثون يسعون أن يكونوا جزءا من فريق مشهور لبناء سيرتهم الذاتية و للوصول الس هل إلى المطبوع ات ذات التص نيف الجي د .كم أن -
ترتيب المؤسسة يساعدهم في تحسين ترتيبهم و إلى فسح المجال للنشر و الشهرة.
تدفع مسؤولي المؤسسات إلى االهتمام بمجاالت معينة قد ال تك ون بالض رورة في ص الح تك وين الطالب ،و ذل ك ب التركيز على تحس ين -
المؤش رات البيبليومتري ة أو إلى تجني د ب احثين مش هورين مثال ،و إلى اختي ار الطلب ة وف ق مواص فات و مع ايير انتقائي ة .و ال تتحكم
الجامعات في جمي ع المتغ يرات ال تي ت دخل في التص نيف بنفس الطريق ة .على س بيل المث ال ،تتمت ع المؤسس ات بالس يطرة على تع يين
المدرس ين والب احثين ،و بنس بة أق ل على اإلش راف (نس بة الم وظفين /الطالب) حيث أن القي ود المالي ة تح د من الطموح ات بش دة ،و
بسيطرة قليلة جدًا على استطالعات الرأي المتعلقة بالسمعة و التي تخضع لسيطرة أصحاب الضغط (.) lobbying
نظرًا ألن التصنيف التراكمي لجميع الجامعات في بلد ما يمكن أن يعطي فكرة عامة عن المس توى -
الوطني للبحث والتعليم ،فإن الحكومات تراقب التصنيف ،حتى لو كان من الصعب تحديد تأثيرها
على السياسات الوطني ة .وق د ت ؤثر التص نيفات على سياس ات ال دول الجامعي ة حيث تعم ل بعض
الدول على تشجيع الجامعات على سياسات تتوافق و معايير التص نيف العالمي ة ال تي ق د ال تتالءم
مع مع ايير الج ودة ال تي تتطلبه ا البيئ ة االقتص ادية و االجتماعي ة للجامع ة مث ل الزي ادة في حجم
الجامعة أو التوجيه نحو البحث في مجاالت معينة أو اعتماد اللغة األنجليزية في النشر.
و قد تتعارض مصالح مختلف المستفيدين في منظومة التصنيف فتنشأ صراعات بين المدرس ين و إدارة المؤسس ة و مؤسس ات النش ر أو -
التمويل.
أدى تعدد المشكالت المنهجية التي تطرحها التصنيفات إلى قيام المركز األوروبي للتعليم العالي التابع
لليونسكو ( )UNESCO-CEPESومعهد سياسة التعليم العالي في واشنطن et l’Institute for
) Higher Education Policy de Washington (IHEPبإنشاء مجموعة خبراء التصنيف الدولي
في عام ( 2004فريق خبراء التصنيف الدولي) ،التي أنتجت مجموعة من مبادئ الجودة والممارسات
الجيدة ( في ماي :)2006مبادئ برلين بشأن تصنيف مؤسسات التعليم العالي .و تأمل هذه المبادرة أن
تؤسس إطارًا لتطوير ونشر التصنيفات -سواء كانت وطنية أو إقليمية أو عالمية في النطاق -للمساهمة
في عملية التحسين والتعقيد المستمرين للمنهجيات المستخدمة إلنشاء مثل هذه التصنيفات .نظرًا لعدم
تجانس منهجيات التصنيف ،ستكون مبادئ ممارسات التصنيف الجيدة هذه مفيدة لتطوير عملية التصنيف
وتقييمها: