You are on page 1of 22

‫قراءة في مفهوم االستراتيجية كعلم‬

‫أوالـ مجال علم اإلستراتيجية‬

‫عندما نحدد اإلســتراتيجية من خالل إعطــاء تعريــف لهــا فــإن هــذا ال يعــني بالضــرورة تحديــد أو حصــر المجــال‬
‫لإلستراتيجية كعلم‪ .‬فاإلستراتيجي كمنظرـ واإلستراتيجيـ الـذي يطبــق المخططـات اإلســتراتيجية كالهمــا يســتطيع‬
‫استخدام جميع الوسائل‪ .‬واإلستراتيجية تختلف عن جميع العلــوم‪،‬حيث بإمكانهــا االســتفادة من جميــع العلــوم‪ :‬فهي‬
‫بحاجة للعلوم التجريبية من أجل تطوير وتقييم قاعدتها التقنية‪،‬بحاجة لالقتصادـ لتطوير إمكاناتهــا‪،‬للعلـوم السياســية‬
‫بســبب عالقتهــا الخاصــة مــع السياســة‪،‬لعلم االجتمــاع من أجــل وضــع الصــراعـ على أي مســتوىـ في ســياقه‬
‫العام‪،‬للتاريخ لالستفادة من أمثلته والمعلومات التي يقدمها‪.‬‬

‫بشكل آخر‪،‬يمكنناـ أن نضع في المكتبة اإلستراتيجية جميع الكتب‪ .‬بداية مع التــاريخ‪،‬وخاصــة تــاريخ الحــروب‪ .‬ثم‬
‫مــذكرات كبــار القــادة وكبــارـ المــؤرخين‪،‬فمن الصــعب مثال أن نقــرأ اإلســتراتيجية القديمــة من غــير العــودة إلى‬
‫‪ Thucydide ، César‬و ‪ .Tacite‬أمـــا في العصـــر الحـــديث فـــإن مـــذكرات ‪ Turenne‬هي إجباريـــة لفهم‬
‫اإلستراتيجية‪.‬‬

‫تطــور النظريــة اإلســتراتيجية في الحيــاة المعاصــرة لم يــرفض هــذا المصــدرـ القــديم‪ :‬فمــذكرات المارشــالـ ‪Von‬‬
‫)‪ Manstein ( Verlorene Siege‬الصادرة في عام ‪ 1955‬باإلنكليزيــة‪،‬وعـامـ ‪ 1958‬بالفرنسـية‪ ،‬و”دفـاتر”‬
‫المارشال ‪ Rommel‬هي جميعها تعتبر مصادر أساسية لإلستراتيجية‪ .‬ولكن معلوماتهـاـ تســتخرج بصــعوبة حيث‬
‫على القارئ نفسه أن يبذل جهدا من أجل فهمها وفهم النظرية التي أراد الكاتب قولها‪.‬ـ وأخــيرا نريــد القــول أن علم‬
‫اإلستراتجية اليوم ال يمكنه استبعاد أي مجال من مجاالت العلوم‪.‬‬

‫‪ ‬ـ علم عسكري وعلم إستراتيجي‪.‬ـ‬

‫إذا اإلستراتيجية ليس مجاال مستقال‪ .‬فهي فرع من مجال ضخم جدا‪،‬إنــه قيــادة الحــرب‪ ،‬وبشــكل أعم اليــوم‪ ،‬قيــادة‬
‫الصراع‪ ،‬حيث كانت تدعي في الماضي “علم عسكري” (خاصة في العصر الروماني)‪ ،‬أو “فن الفروســية” (في‬
‫العصــر الوســيط)‪ ” ،‬فن الميليشــيات أو الوحــدات” (مــع بدايــة العصــر الحــديث)‪“ ،‬فن الحــرب”( تســمية بــدأت‬
‫تفرضها نفسها مع بداية القرن الثامن عشر)‪ .‬والسؤال‪ :‬هل يمكننا فـك ارتبـاطـ اإلسـتراتيجية من كــل هـذا التــاريخ‬
‫الذي يعطيهاـ اليوم معناها؟ في الواقع وحتى وقت متأخر‪،‬اإلستراتيجية كانت دائما ضــمن فن الحــرب بمعــنى أنهــا‬
‫داخل الفكر العسكري‪،‬وهي اليوم تشغل المرحلة العليا في هذا الفكر‪]1[.‬‬

‫إن علم اإلستراتيجية يحتاج مســاندة علم التكتيــك من غــير أن يتضــمن األول جميــع مــا يتعلــق بالثــاني‪ .‬في القــرن‬
‫السابع عشر والثامن عشر تم تطويرـ فكر تكتيكي مستقل‪ ،‬ولكن معظم الكتاب العسكريين ركزوا بشكل كبــير على‬
‫جدلية السالم والحرب‪ ]2[ .‬بعد ذلك تم انتشارـ اإلستراتجية من خالل اتساع التنظيرـ للتكتيــك‪،‬ولكن كــان لــديها في‬
‫البداية مفهوما يربط الحرب بالسياسة‪ .‬والمشكلة هنا أن جميع هذه الفئات أو التصنيفات المختلفة لم يتم تحديدها أو‬
‫تظهر معالمها الخاصة إال ببطء شديد‪ ،‬وهذا ما رأيناه عندما درسناـ في البداية مفهوم اإلستراتيجية وتطـور مفهــوم‬
‫هذا المصطلح‪ .‬إذا ال يمكننا االدعاء وكما يشير الكثير من منظر ي هذا العلم‪،‬أنــه باإلمكــان تحديــد مجــال أو حقــل‬
‫البحث في اإلستراتيجية من خالل االستناد فقط على مراجع أو مؤلفات إستراتجية “نقيــة أو خالصــة”‪ .‬فال بــد من‬
‫تبني رؤية متطورة تنطلقـ من العلم العسكري من أجل الوصول‪ ،‬حاليا‪ ،‬إلى علم اإلستراتيجية‪.‬‬
‫ـ هل هناك عالمية لعلم اإلستراتيجية؟‬

‫الحرب هَ ٌم و انشغال عالمي ونرى ذلك في معظم األدبيات التي أنتجتها الحضارات المختلفة التي ُأرخت بالكتابة‪،‬‬
‫ولكن هذا ال يعني أن جميع الحضارات أنتجت أدبيات إستراتيجية تشــير إلى اإلســتراتيجية كعلم‪ .‬أشــهر المؤلفــات‬
‫التي تتحدث عن عالمية علم اإلستراتيجية هو ما قدمه ‪ Gérard Chaliand‬في مؤلفه “االنطولوجيا العالمية لعلم‬
‫اإلســتراتيجية” ( ‪ ]3[ .)l’Anthologie mondiale de la stratégie‬فهــو ينقلنــا في هــذا الكتــاب من أيــام‬
‫العبريين إلى اإلستراتيجية النووية مرورا ببالد ما بين النهرين و الشــرق األقصــى‪،‬ولكنــه ال يصــل إلى نتيجــة إال‬
‫بعد أن يدرس العديد من النصوص التي ال يتفق معه العديد من المنظرين أنها نصوص تتعلــق بعلم اإلســتراتيجية‪.‬‬
‫طبعا يتحدث في كتابه عن التوراة و عصر غلغامش (بالد ما بين النهرين قبل ‪ 2000‬عام تقريبــا من الميالد)‪ ،‬ثم‬
‫يصف الصراعات التي سادت آنذاك‪ ،‬ولكنها ال تشكل قاعدة لبناء علم لإلستراتيجية ولــو تضــمن العديــد من فنــون‬
‫الحرب‪.‬‬

‫‪ ‬ويعتقــد ‪”: Hervé Coutau‬أنــه ال المصــريين القــدماء وال األشــوريين‪،‬وال حــتى الفــرس لم ينتجــوا اتفاقيــات‬
‫عسكرية أو مفاهيم تقترب ولو من بعيد من مفهوم اإلســتراتيجية أو التكتيــك”‪ .‬فيمــا يتعلــق بالشــرق األقصــى‪،‬فقـدـ‬
‫تحــدث الهنــود عن مفــاهيم اقــرب للسياســة منهــا إلى اإلســتراتيجية‪ .‬أمــا الحضــارة اليونانيــة‪ ،‬تحــدثت من خالل‬
‫مؤرخيهاـ عن وعي باألبعاد العليا والراقية لفن الحرب وعن العالقة بين الحرب والسياســة وهــذا مــا نــدعوه اليــوم‬
‫“إســتراتيجية”‪،‬ولكن هــذا ال يعــني صــياغة علم أو نظريــة لإلســتراتيجية‪ .‬في الواقــع‪،‬الفكــر االســتراتيجي ليس‬
‫عــالمي‪،‬إال إذا أردنــا إضـــعاف محتواهــاـ بإدخــال نصــوص كثـــيرة عن فنـــون الحــرب وبــأي طريقـــة داخــل‬
‫“اإلستراتيجية”‪ .‬علم اإلستراتيجية لديه تاريخ غير مستمر أو غير متصل‪ .‬ومن بين الحضارات التي طـورت فنـا‬
‫للحرب معقدا وعميقا حتى أننا يمكن أن نسميه إستراتيجية ‪،‬العديد منها لم تنتج أيـة أدبيـات إسـتراتيجية يمكنهـا أن‬
‫تحمل هذا االسم‪.‬‬

‫ـ دور العوامل االجتماعية في علم اإلستراتيجية‪.‬‬

‫تحدثنا في الفقرة السابقة وقلنــا أن علم اإلســتراتيجية لديــه تــاريخ متقطــع‪ ،‬في الواقــع هــذا التقطــع ليس من الســهل‬
‫حصر أسبابه وفهماـ بشكل كامل‪ .‬ولكن مع ذلك هناك خمســة عوامــل مشــتركة بين معظم الــذين أرخــوا لهــذا العلم‬
‫وأكدوا في نفس الوقت أنها تحتاج إلى تعميق معرفيـ وتاريخي‪.‬ـ‬

‫‪1‬ـ ـ الفكــر االســتراتيجي يجب أن يســتجيب إلى حاجــة معينــة‪،‬كمــا يقــول ‪ Hervé Coutau‬في كتابــه عن علم‬
‫اإلســتراتيجية (مرجــع ســابق‪،‬صــفحة ‪ .)146‬أمــا المــؤرخ األمــريكيـ ‪ Everett L. Wheeler‬قــام بدراســة‬
‫مقارنة ‪،‬للظهور المتزامن تقريبا‪،‬للنظرية العسكرية في اليونان القديم وفيـ الصين أثناء القرن الرابــع قبــل الميالد‪.‬‬
‫وصل المؤرخ األمريكي إلى نتيجة أن‪ ” :‬رغم االختالفات الثقافية الكبيرة‪،‬إال أنه وجدت عوامـل متشــابهة ســهلت‬
‫تطــورـ النظريــة العســكرية في قلب هــاتين الحضــارتين‪،‬وأدت في الواقــع بين أولى النظريــاتـ في الغــرب و أولى‬
‫النظريات في الشرق إلى بناء مواضيع مشتركة”‪]4[.‬‬

‫من بين العوامل المشتركة‪ ،‬أن الصين و اليونان لم تعرفا استقرارا سياسياـ بــل على العكس كــان فيهمـاـ الكثــير من‬
‫الحروب‪ ،‬في الصين حروب ‪ Royaumes Combattants‬وفي اليونان حروب ‪.Péloponnèse‬بمعــنى آخــر‬
‫كان هناك طلب كبير على الخــبرات العســكرية‪ .‬ففي اليونــان وجــد مــا يســمى األســاتذة أو ‪ Hoplomachoi‬وهم‬
‫يعلمون فن القيادة‪،‬أما في الصين فقد أحاط الملك نفسه بمجموعــة من المستشــارين العســكريين مثــل االســتراتيجيـ‬
‫الشهير ‪ Sun Zi‬أو ‪.Sun Bin‬‬
‫‪ 2‬ـ الفكر االستراتيجي يفترض انفتاحــا‪ ،‬حيث يتــوجب عليــه االســتفادة من مختلــف الخــبرات مهمــا كــانت وأينمــا‬
‫كانت‪ .‬مع ذلك عبر التاريخ‪ ،‬تحفظ القادة العسكريونـ والسياسيون على مخططاتهم‪ ،‬وخير مثال على ذلك مــا كــان‬
‫يفعله الفينيقيون والقرطاجيون من إخفــاء لســير رحالتهم البحريــة بغــرض عــدم كشــفها أمــام المنافســينـ لهم‪ .‬ومن‬
‫الصعوبات األخرى التي كانت أمام انتقال مبادئ علم اإلستراتيجية هي وجودـ مجتمعات لم تعرف الكتابة‪،‬وعمليــة‬
‫تناقل األفكار اإلستراتيجية كانت شفهية وهذا ما أعاق عملية االنفتاح والمعرفة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ الفكر اإلستراتيجي يفترض‪،‬في نفس الوقت‪ ،‬خبرة عملية و نزوعـ أو ميل للتفكير والتأمل الذي ال يتكرر عادة‬
‫عند نفس الشخص‪ .‬فأكبر قادة الحروب كتبوا رؤيتهم النظرية بعد أن استطاعوا التفرغ لذلك وأصبح لديهم القــدرة‬
‫على المراقبة من خارج الحدث‪ .‬ولكن التنظيرـ االستراتيجيـ يفترض كما يرى الكثــير من المــؤرخين‪،‬مســتوىـ من‬
‫التعليم و التكوين‪،‬كما يفترض أيضا الكثير من االبتعاد عن الذات أو النظرة الشخصية الضيقة‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ الفكر االستراتيجي يفترض شكال من أشكال العقلية القادرة على التجريد‪ .‬فاليونان القدماء ومعهمـ البــيزنطيون‬
‫صاغوا أدبا إستراتيجياـ ألنهم كانوا مفتونين و معجبين بالفلسفة وعلم الالهــوت‪ .‬أمــا الرومــان فلم يكتبــوا شــيئا في‬
‫هـــذا الصـــدد ألنهم ابتعـــدواـ عن التنظـــيرـ االســـتراتيجي و اســـتندوا فقـــط على الممارســـة العمليـــة‪ .‬في العصـــر‬
‫الحــديث‪،‬وبعــد االنفتــاح الــذي حصــل على العــالم في القــرن التاســع عشــر‪ ،‬األدب االســتراتيجي اليابــانيـ بقي‬
‫فقيرا‪،‬مقارنة باإلنتاج الغني لهذا النوع من الدراسات في الصين‪،‬وقبل انتصار اإليديولوجية الكنفشيوسية‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ـ أخــيرا‪ ،‬الفكــر االســتراتيجي “ربمــا”ـ يفــترض شــكال من أشــكال العقليــة المحكومــة بمبــدأ الفعاليــة‪ .‬فــالفكر‬
‫االستراتيجي‪،‬كماـ الفكر االقتصادي‪ ،‬يتطلب تصرفا عقالنيا لشخص يمركزـ عمله بالكامل حول هدف واحــد‪ .‬فمثال‬
‫الرجل االستراتيجي لن يبحث سوى عن النصرـ على العدو‪ .‬وكل ما يمكن أن يؤدي إلى النصــر يمكن وضــعه في‬
‫خدمة اإلستراتيجية من غير االنتباه إلى االعتبارات األخالقيــة أو احــترام العــدو‪ .‬والفكــر االســتراتيجيـ المعاصــر‬
‫يشارك في “إزالة األوهام” عن العالم‪ ،‬وقد حللــه السيســيولوجيون منــذ “مــاكس فيــبر”ـ و أســس على الفصــل بين‬
‫النشاطات اإلنسانية و محاولة عقلنتها‪. rationalisation‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬ـ ندرة علم اإلستراتيجية‪.‬‬

‫يمكننا القول أن علم اإلســتراتيجية بقي محصــوراـ في المجتمعــات المتطــورة‪،‬والــتي كــانت في حالــة مواجهــة مــع‬
‫الحــروب‪،‬فيهــا نقاشــات مفتوحــة ومحكومــة بــالبحث عن الفائــدة و األداة‪ .‬وعمليــا‪،‬كمــا يــرى بعض منظــريـ‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬هذه الشروط ليس متوفرة بشكل دائم‪ .‬فالعصرـ الوسيط‪،‬على ســبيل المثــال‪،‬لم يكن قــادرا على إنتــاج‬
‫المرحلة الجنينية لعلم اإلستراتيجية‪،‬بينماـ أوصل الفكر الالهــوتي إلى القمــة مــع ‪ saint Bonaventure‬و ‪saint‬‬
‫‪ Thomas d’Aquin‬وآخرين‪ .‬مع ذلك يمكننا أن نجد كتابا معزولين هنا وهنـاك أو أعمـال إسـتراتيجية بأشـكال‬
‫أخرى‪،‬ولكنهاـ لم تكف لبناء فكـر إسـتراتيجية مبـني بشـكل علمي‪ .‬وأخـيرا نسـتطيع القـول أن الفكـر االسـتراتيجي‬
‫تركز حول ثالثة مدارس إذا صح التعبير‪ :‬المدرسـة الصـينية‪،‬المدرسـة اليونانيـة القديمـة بامتـداداتها الرومانيـة و‬
‫البيزنطية‪ ،‬ثم أوربا الحديثة والتي صدرـ عنها الفكر االستراتيجيـ المعاص(‪ ،Hervé Coutau‬المرجــع الســابق‪،‬‬
‫صفحة ‪.150‬‬

‫ثانيا ـ نماذج من العلوم اإلستراتيجية‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ الفكر اإلستراتيجي اآلسيوي القديم‪.‬‬


‫ـ نموذج الفكر الصيني‪.‬‬
‫كان للكتابة مكانة رفيعة في الصين‪،‬وقد كرس الكثير منهــا لألشــياء العســكرية‪ .‬ففي القــرن الخــامس والرابــع قبــل‬
‫الميالد بدأ تشكل الفكر االستراتيجيـ الصيني‪،‬ولكن اليوم هنــاك الكثــير من هــذه الكتــاب الــتي فقــدت‪ ]5[.‬ومن أهم‬
‫أعالم الفكر االستراتيجي الصيني نجد “المعلم ‪ ” ،”Hsün‬المعلم ]‪Kuan”، Lao Zi, Mo Zi.[6‬‬

‫أما أشهر االستراتيجيينـ الصينيين فكان ‪ ،Sun Zi‬ويعتقد أنه عاش في القرن الخامس قبل الميالد‪ .‬تجاهله الكثــير‬
‫من المؤرخين والبعض اآلخر لم يعترفـ إال بعد وقت متأخر‪ .‬ولكن هناك كتابــات جــادة تشــهد بقــدم إنتاجــه حــول‬
‫الفكر اإلستراتيجي‪،‬أهمها ‪ :‬ثالثة عشر مقاال حول”فن الحرب” استفاد منها معظم القادة في الجيش الصيني قديما‪.‬ـ‬

‫بعد ‪ Sun Zi‬يأتي ‪ Sun Bin‬وهو حفيده‪ .‬فقدت أعماله لفترة استمرت ألفي عام‪،‬والسبب أن أعماله لم توضع مع‬
‫أو من بين “األعمال السبع” الكالسيكية التي جمعت في عصر ‪ .Song‬اعتقد المؤرخون أن االثــنين همــا شــخص‬
‫واحد‪،‬ولكن عمل الثاني اكتشف في مقبرة صينية عام ‪1972‬وهو يدور حول “االتفاقية العســكرية”‪ .‬يغلب الطــابع‬
‫العملي على رؤيته اإلستراتيجية أكثر من جده‪ .‬أيضا تحدث عن الدعم اللوجســتيـ و دوره في زيــادة فعاليــة إطالــة‬
‫الحمالت العسكرية‪ .‬وأخيرا يمكن القول أنه كان أقل اهتماما بالتنظيرـ اإلستراتيجية من جده‪.‬‬
‫ـ تكون الثقافة اإلستراتيجية‪.‬‬

‫أسس ‪ Sun Zi‬فكرا إستراتيجياـ هاما‪.‬ثم بعد عقود عدة جاء إستراتيجيون آخرون مثل الجنرال ‪ Cao Cao‬وهــو‬
‫من أهم العسكريين في عصر أسـرة ‪ ،Han‬و ‪ Li Quan‬الـذي عمـل في ظـل وجـود األسـرة المالكـة ‪ Tang‬في‬
‫القرنين السابع و الثامن بعد الميالد‪ ،‬ويأتي بعده ‪ He Yanshi‬و ‪ Zhang Yu‬في صر األســرة المالكــة ‪.Song‬‬
‫معظم هؤالء وجد في عصر ‪ ،Royaumes Combattants‬أي قبل توحيد اإلمبراطوريــة‪ ،‬حيث عــرف الفكــر‬
‫اإلستراتيجيـ تيارين أساسيين‪ :‬تحليال عميقا للعالقة بين الحرب والسياسة من قبل التيــار األول‪ ،‬أمــا التيــار الثــاني‬
‫فقد كان لديه اتجاها ضد “العسكرة” وشارك بشــكل متنــاقض في تطــوير الفكــر العســكري‪ ،‬فهـوـ يــرفض الحــرب‬
‫ويقبل حق الدفاع عن النفس‪.‬‬
‫في نهاية القرن الحادي عشر‪،‬اإلمبراطورـ ‪ Shen Zong‬أوقف ما سمي قائمة “السبعة أعمال” وليتم التعامل مع‬
‫قائمة جديدة من المؤلفات اإلستراتيجية‪،‬وهيـ (‪ ،Hervé Coutau‬مرجع سابق‪،‬صفحة ‪: )156‬‬

‫ـ ‪ ،Wu Zi Bingfa‬كتاب وضعه جنرال من القرن الرابع قبل الميالد‪،‬يتألف من عشرة فصول تــتركز جميعهــا‬
‫على تحقيق المصالحة بين األخالق الكنفشيوسية و الشؤون العسكرية‪.‬‬

‫ـ ‪ ،Sima Fa‬وهو نص مختصر ظهر في نفس العصر ويمكن أن يترجم عنوان كالتالي” كتاب معلم الفروسية”‪.‬‬
‫يتحدث على إدارة الجيش‪،‬ضرورة أن تكون الحرب عادلة و يحلل قليال المناورات العسكرية وقيادتها‪.‬‬

‫ـ ‪ ،Wei Liao Zi‬كتاب أعده مشرع صيني في نهاية القرن الرابع قبل الميالد‪،‬ويتحدث فيه عن تنظيم الجيش‪.‬‬

‫ـ ‪ ،San lüe‬أو “اإلســتراتيجيات الثالث”لمؤلفــه ‪ ، Huang Shegong‬يحلــل في ســيطرة الحكومــة و األبعــاد‬


‫السياسية لإلستراتجية‪.‬‬

‫ـ ‪ ،Tai Gong Liutao‬أو ” التعليمات السرية العشرة”‪ ،‬كتبها ‪، Taigong‬ويقيم هذا الكتاب بأنه األكــثر قــوت‬
‫وإنجازا للمدرسة اإلستراتيجيين‪.‬‬
‫ـ ‪ ”، Tang Li Wendui‬سؤال و جواب بين ‪ Tang Taizong‬و ‪ ،”Li Weigong‬ظهر في القرن الســابع‬
‫الميالدي‪،‬يركزـ على األمور العسكرية بشكل كبير‪ ،‬ثم يدرس اإلستراتيجية والتكتيك‪.‬ـ‬

‫إن عمليــة انتشــار الثقافــة اإلســتراتيجية لم تتوقـفـ على النخبــة اإلداريــة‪،‬بــل دخلت إلى األدب والمســرح الشــعبي‬
‫لدرجة أنه من الصعب أن تجد مثلها في الدول الغربية‪.‬‬

‫ـ الفكر اإلستراتيجي الصيني و الغرب‪.‬‬

‫وجد اتجاه دائم عند الغربيين يعتقد أن الفكر الصيني هو حكمة أكثر مما هو علم‪،‬بمعــنى أن الصــينيين يفضــلوا أن‬
‫يقترحوا أكثر مما يحددواـ بدقة ما يريدون‪ .‬في الواقع هـذا الـرأي يتناسـىـ السـياق الثقـافي العـام الـتي ظهـرت فيـه‬
‫الكتابات اإلستراتيجية الصينية‪.‬‬

‫مع بداية القرن الثامن عشر‪،‬أحد اليسوعيين الفرنسيين وهو األب ‪ Amyot‬قدم األفكارـ الصينية إلى أوربا‪ ،‬وذلــك‬
‫عبر كتابه “الفن العسكري عند الصينيين”‪،‬ويعــودـ بكتابــه إلى التحليالت حــول الحــرب في الصــين والــتي ســبقت‬
‫العصر المسيحي‪،‬والكتابـ هو أيضا تقديم للعديد من الجنراالت الصينيين‪،‬وتمت ترجمة هذا الكتــاب من الفرنســية‬
‫إلى األلمانيــة في عــام ‪ .1779‬ولكن عمليــا يمكن القــول أن الــروس وحــدهم قــدموا ترجمــة كاملــة لإلســتراتيجيـ‬
‫الصيني الشهير ‪ Sun Zi‬في عامي ‪ 1860‬و ‪ .1889‬وعلينا أن ننتظر بداية القرن العشرين حتى نــرى االهتمــام‬
‫األوربي الحقيقي بالفكر االستراتيجي الصيني عبر الترجمة اإلنكليزي التي قــدمها الجــنرال ‪ Calthorpe‬للكتــاب‬
‫الذي ذكرناه سابقا وترجمه الروس[‪.]7‬ثم عاد الروس‪،‬األلمان و اإليطاليون بتقديم ترجمة جديدة لنفس الكتــاب في‬
‫أعــوام ‪ 1950،1957‬و ‪ .1950‬أمــا بالنســبة للعــرب فليس هنــاك أي اهتمــام على اإلطالق بــالفكر اإلســتراتيجي‬
‫الصيني‪.‬‬

‫‪ 2 ‬ـ الفكر االستراتيجي الغربي القديم‪.‬‬

‫ـ التكتيكيون و اإلستراتيجيون اليونان القدماء‪.‬‬

‫في الواقع لم يبق الكثير من التراث العسكري اليونانيـ القــديم‪،‬ومـاـ نقــل منــه على اللغــات األوربيــة األخــرى مثــل‬
‫اإلنكليزية والفرنسية ال يساعدنا في التعمق به‪ ،‬بل نحتاج لمعرفة اللغة اليونانية حتى نستطيعـ التوسع أكثر في هذا‬
‫التراث‪ .‬مع ذلك يمكن القول أن اليونان امتلك العديـد من التحليالت التكتيكيــة واإلســتراتيجية في عصــرها القــديم‪.‬‬
‫ووفقـ كتاب نشر في أحدى المدن الفرنسية‪، ]8[ ‬فإن “اإلسبارطيون” كانوا أول من كتب‪،‬باالســتناد إلى تجــاربهم‬
‫في الصــراع والحــرب‪ ،‬تحليال لهــذه الصــراعات‪ ،‬وكــانواـ أول من علم هــذه األفكــار لشــبابهم من خالل معلمين‬
‫عسكريين سموهمـ بالتكتيكيين‪( .‬الصفحة ‪ ،57‬من الكتاب الفرنسي المذكورـ أعاله)‬
‫يعتبر ‪ Enée‬األقدم واألكثر شهرة كمــا يعتقــد المؤرخــون من بين هــؤالء اإلســتراتيجيين و التكتيكــيين‪ .‬عــاش في‬
‫القرن الرابع قبل الميالد وليس هناك الكثير عن حياته‪ .‬ألّف موسوعة عسكرية في عدة أجــزاء‪ .‬بعــد ‪ Enée‬علينــا‬
‫أن نقفــز من فــوقـ ثالثــة قــرون حــتى نجــد تحليال تم االحتفــاظ بــه‪ .‬يعــود هــذا التحليــل لإلســتراتيجيـ اليونــانيـ‬
‫‪ Asclépiodote‬الذي عاش في القرن األول قبل الميالد‪ .‬يقــول ‪ Alphonse Dain‬في كتابــه “اإلســتراتيجيون‬
‫البيزنطيون”‪،‬وفيـ الصفحة ‪ 326‬منه‪ ”:‬لم يكن ‪ Asclépiodote‬عســكريا في مهنتــه‪،‬بــل اهتم بالتــدوين وبمنطـقـ‬
‫إدارة الصراعات‪،‬لقد نظر لوحدات الجيش وتنظيمـ المعارك في مقدونيا”‪.‬‬

‫في نفس الفترة ظهر استراتيجي آخر وهو ‪ Onesandros‬لم يكتب كثيرا حول الحروب أو العلــوم العســكرية بــل‬
‫ترك لنا كتابا حول وظائفـ ومهام الجنرال‪ .‬جاء بعده ‪ Elien‬وهو أيضا عـاش في القــرن األول قبــل الميالد‪ ،‬وقـدـ‬
‫ألف كتابا أهداه إلى “طروادة”ـ وكان الهدف منه فهم الكتاب الذين عاشوا من قبله‪ .‬نستنتج أن الفكــر اإلســتراتيجيـ‬
‫اليوناني القديم اعتمد بشكل كبير على الممارساتـ العملية أكثر من التنظــير‪.‬مـعـ ذلــك يمكن متابعــة التنظــيرـ للفكــر‬
‫اإلســـــتراتيجيـ مـــــع ‪ Xénophon‬و‪ .Thucydide]9[ ‬فقـــــد تحـــــدث ‪ Thucydide‬عن “تـــــاريخ حـــــرب‬
‫‪ ”Péloponnèse‬مبينــا من دون أدنى شــك أو غمــوض‪،‬أن البعــد اإلســتراتيجي كــان حاضــراـ ومفهومــا من قبــل‬
‫اليونان القدماء‪ .‬أيضا ‪ Xénophon‬كان أول كاتب عمق دراســته التاريخيــة من خالل التفكــير النظــري وخاصــة‬
‫حول التكتيك‪،‬وذلكـ في كتابه “تحليل الفروسية” والذي ينطلق من مفاهيم إستراتيجية‪.‬‬

‫ـ المقاربة البراغماتية عند الرومان‪.‬‬

‫يعتقد الكولونيلـ “رتبة عقيد” ‪ Reichel‬أن الرومان ‪”:‬كان لديهم فكرا عسكريا أصــيال وجديــدا‪،‬وصــل إلى عمــق‬
‫األشــياء كمــا وصــلنا في محتــوى العديــد من النصــوص الرومانيــة”[‪ .]10‬أمــا التفــوق التكــتيكي واالســتراتيجيـ‬
‫الرومانيـ خالل قرون متتالية لم يكن من غير هذه البنية التنظيمية الدقيقة للعقيدة العسكرية الرومانيــة‪ .‬هــذه البنيــة‬
‫كانت ثمرة للممارسة والخبرة كما يقول ‪ ”:Polybe‬المرشحون للوظائفـ العامــة كــان عليهم المشــاركة في عشــر‬
‫حمالت عسكرية قبل اختيارهم من قبـل المواطـنين”‪ .]11[ ‬رغم ذلـك لم تحـول الخـبرات الرومـانيـ إلى مؤلفـات‬
‫استطاعت أن تشكل أدبا إستراتيجياـ رومانياـ في النهاية‪.‬‬

‫لكن يوجد بعض التحليالت للتكتيك و اإلستراتيجية‪ .‬ففي القرن الثاني قبل الميالد كتب أحد أشهر الرومان في ذلك‬
‫العصر وهو ‪ Caton‬مؤلفه ” ‪ ”De Re militari‬ولم يبق منـه شـيئا‪ .‬أمـا ‪ Polybe‬فكتب “‪ ”Taktika‬واليـوم‬
‫يعتبر من الكتب الرومانية المفقودة‪ .‬والكاتب األكثر شهرة في اإلمبراطورية الرومانية كان ‪ Frontinus‬فقــد قــدم‬
‫مؤلفا خصصه للتعليق على “تعليقات عسكرية عنـد هومـيروس”‪ .‬أمـا ‪ Arrien‬كـان يعتـبر من ورثـة التكتيكـيين‬
‫اليونان‪ ،‬وقد قدم أيضا عمله الخاص به ” فن التكتيك” الذي قارن فيــه بين التكتيــك اليونــانيـ و المقــدوني القــديم و‬
‫التكتيك الروماني[‪.]12‬‬

‫ظهرت بعض االنتقادات للفكـر التكــتيكي واإلسـتراتيجيـ الرومـانيـ كـان أهمهــا مــا كتبــه ‪”:Brian Campbell‬‬
‫الرومان لم يكن لديهم أكاديمية عسكرية‪،‬وال يوجد عملية مؤسساتية للتكوين و التدريب فيمـا يتعلـق باإلسـتراتيجية‬
‫والتكتيك‪،‬ولمـ يكن لديهم وسائلـ منظمة ومنهجية لتقييم المرشحين للوظائفـ العليا”[‪.]13‬‬

‫يعتبر القيصر الروماني من المعلمين النادرين لفن الحرب خاصة انــه كــان في نفس الــوقت منظــراـ لإلســتراتيجية‬
‫وممارساـ لها‪.‬لقد حقــق انتصــاراتـ عســكرية كبــيرة وقــدمهاـ في مؤلفــات تتحــدث عنهــا‪،‬حيث القت هــذه المؤلفــات‬
‫نجاحات واسعة في عصرها‪،‬ونذكرـ منها (حرب ‪،Alexandrine‬حرب إسبانيا‪،‬حربـ أفريقيا)‪ .‬مــا يمــيز مؤلفاتــه‬
‫أنها جمعت التحليل العسـكري للحـرب األهليـة و تحليـل السياسـات القائمـة‪،‬بمعـنى تحليـل اإلسـتراتجية من خالل‬
‫ظروفـ سياسية أو سياق سياسي قائم‪.‬‬

‫بعــد القيصــر‪،‬جــاء مؤرخـوـ اإلمبراطوريــة‪ ،‬ومن أهمهم ‪.Tacite‬وهــو كــاتب عســكري‪،‬قــدم مؤلفــا يحتــوي على‬
‫معلومات كثيرة موضوعية ومتماسكة حول إستراتيجية الدولة العظمى أو اإلمبريالية‪]14[.‬‬
‫ـ الفكر البيزنطي‪.‬ـ‬

‫ترك البيزنطيون العديد من المؤلفات التي تحدث عن المؤسساتـ العسكرية‪،‬ونجد فيها أدبا إستراتيجيا مزدهــراـ في‬
‫الكثير من األحوال‪،‬رغم تركيزهمـ الكبير على قيادة المعاركة أكثر من أي شيء آخر‪ .‬ولكن الــتراث اإلســتراتيجي‬
‫البيزنطي فقد في معظمه‪ .‬من األسماء اإلستراتجية المعروفة عن تلك الحقبة اسم ‪ Syrianos‬القاضي والذي كــان‬
‫صلة وصل بين اليونان القدماء و بيزنطة‪ ،‬حــتى أن اإلمــبراطورـ ‪ Constantin‬الســابع طلب من ولــده أن يحمــل‬
‫معه في حمالته العسكرية كتب كل من ‪ Polyen‬و ‪ .Syrianos‬يذكر هنــا أن مجموعــة من الدراســات المجهولــة‬
‫في اإلستراتيجية يرجعها المؤرخون في بعض أجزائها إلى ]‪Syrianos. [15‬‬

‫اليــوم تهــدف مجمــل الدراســات عن الفكــر اإلســتراتيجيـ البــيزنطيـ إلى إعــادة تــرميم و التعــرف على النصــوص‬
‫المفقــودة أو المجهولــة‪.‬ومن هــذه الدراســات “مجموعــة اإلســتراتيجيين”ـ الــتي تهــدف للتعــرف على الــتراث‬
‫اإلستراتيجيـ البيزنطي‪]16[.‬‬

‫‪3‬ـ الفكر اإلستراتيجي العربي‪/‬اإلسالمي‪.‬‬

‫تأثر العرب و الفرس كثيرا بالكتاب البيزنطيين‪.‬لكن العلوم الدينية التي لها طابع اإلجبار في القرآن أعاقت ظهــور‬
‫فكر إستراتيجي حقيقي عند العرب‪ .‬في كل األحوال وبعد مراجعاتنا للعديد من الكتب الغربية حول هذا الموضوع‬
‫(حيث لم يتوفرـ لدينا مراجع عربيــة)‪،‬وجــدنا إجماعــا على أن أهم المخطوطــات أو الــتراث الفكــري اإلســتراتيجي‬
‫العربي فقد في بغداد بعد أن سقطت بيد المغول‪ .‬وفي القرن الرابع عشر‪،‬كتب المؤرخ العربي الشهير ابن خلــدون‬
‫عن الحروب والطرقـ المستخدمة في المعارك من قبل مختلف الشعوب‪ ،‬ويقول ابن خلدون في هذا الصــدد‪”:‬ليس‬
‫من المؤكد وجود نصر في الحرب‪،‬حتى ولو وجد تفوق في التسليح والفعالية‪.‬النصر و التفوق في الحرب يعــودان‬
‫للحــــظ و الصــــدفة”‪ (.‬نص مقتبس من كتــــاب ‪ ،Gérard Chaliand‬بعنــــوان “االنطولوجيــــا العالميــــة‬
‫لإلستراتيجية”‪،‬الصفحة ‪.)499‬‬

‫في مصر العهد المملوكي‪،‬القــرن الثــالث عشــر و الســادس عشــر‪،‬وضــعت العديــد من المؤلفــات الــتي تقــترب من‬
‫التكتيك واإلستراتيجية من بينها كتاب “تعليمات رسمية للتعبئة العسكرية” لصاحبه “ابن منقــولي”(لــديناـ شــك في‬
‫صحة االسم أو طريقة كتابته)‪ .‬هذا الكتاب يعالج الحمالت البرية ويتحدث باختصــار عن المعــارك البحرية[‪.]17‬‬
‫في إمارة غرناطة وضعت العديد من اآلداب العسكرية والتي حاولت فهم آليات فن الحــرب عن المســيحيين‪ ،‬وفي‬
‫القرن الثامن عشر تم الكشف عند العديد من المخطوطاتـ كــان أهمهــا مخطوطــة بعنــوان”الفن العســكري” كتبهــا‬
‫محمد بن عبد هللا‪ ،‬و “الفن العسكري والفروسية” كتبها علي بن عبد الشــامان بن هزيــل‪،‬أيضــا “تحليــل ومعالجــة‬
‫الصراع” مؤلفه مجهول حتى اليوم‪ .‬أما ابن هديل األندلسي فقد ألّــف في القــرن الرابــع عشــر مجموعــة حــول فن‬
‫الحرب تضــمنت مبـادئ لقيـادة المعــارك و الحـروب‪(.‬وردتـ هـذه المعلومـات في كتــاب ” االنطولوجيـاـ العالميـة‬
‫لإلستراتيجية”‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪ 484‬ـ‪ ،486‬و الصفحات ‪ 519‬ـ ‪.)522‬‬

‫ثالثا ـ الفكر اإلستراتيجي األوربي الحديث‪.‬‬

‫يعتبر الفكر اإلستراتيجي في العصر الوسيط فقيرا جدا‪.‬ولمـ يتطور هذا الفكر بشــكل حقيقي إال في النصــف الثــاني‬
‫من القرن الخامس عشر‪.‬الفكر اإلستراتيجي العسكريـ بدأ اإلعالن عن نفسه بشكل واضح في إسبانيا‪،‬مع كتــاب “‬
‫‪( ”Libro de la Guerra‬كتاب الحرب) حوالي عــام ‪،1420‬وقــد كتبــه المــاركيزـ ‪،Vellena‬أيضــا كتــاب”‪le‬‬
‫‪ ( ”Tratado de la PERFECCIÓN del triunfo militar‬تحليــل االنتصــارـ العســكري) حــوالي عــام‬
‫‪،1459‬وكتبه ‪.Alfonso Hernandez‬‬
‫في فرنســا‪،‬نجــد العديــد من الكتــاب مثــل ‪ Robert de Balsac‬وكتابــه ” مبــادئ الصــراعات النبيلــة” في عــام‬
‫‪،1502‬وفي إنكلترا في نفس الفترة الزمنية نجد كتاب “تحليل لفن الحرب” وضعه ‪،Béraud Stuart‬وفي ألمانيا‬
‫كتاب “‪( ”Kriegsbuch‬كتاب الحرب) لمؤلفه ‪ Philippe von Seldeneck‬نحو نهاية القرن الخمس عشــر‪.‬‬
‫في إيطاليا بعد كتاب ” ‪ ”Semideus liber tertius de re militari‬عام ‪ 1438‬لمؤلفه ‪،Catone Secco‬‬
‫نجد كتاب “‪ ”De Re militari‬لمؤلفه ‪،Roberto Valturio‬وكان أول كتاب يتحدث عن التحليــل العســكري‬
‫ويتم طبعه‪]18[ .‬‬

‫ـ ميكيافلي‪ :‬التكتيكيـ و اإلستراتيجي‪.‬ـ‬

‫المؤلــف األكــثر شــهرة في القــرن الســادس عشــر هــو مؤلــف ميكيــافليـ الــذي يحمــل عنــوان ” ‪L’arte della‬‬
‫‪( ”Guerra‬فن الحرب)وفي الواقع هو كتابه الوحيــد الـذي نشـر أثنــاء حياتـه‪ .‬كمـا في كتــاب “األمــير”‪،‬الكتابــات‬
‫العسكرية عند ميكيــافلي “هي بشــكل أساســي كتابــات ســلبية‪،‬أو نقــد للمؤسســات العســكرية الــتي كــانت ســائدة في‬
‫عصره”[‪ .]19‬إن تأثير “فن الحرب” سيكون كبيرا وسيستمر طويال‪ ”:‬لقد أصبح من األركــان األساســية لآلداب‬
‫العسكرية‪.‬وتمت إعادة طباعته سبع مرات في القرن السادس عشر‪،‬ثم ترجم إلى معظم اللغات األوربية‪،‬في فرنسا‬
‫عام ‪،1546‬في إسبانيا عام ‪،1536‬في إنكلترا عام ‪،1560‬في ألمانيا عـام ‪،1623‬في الالتينيــة عـام ‪.]20[″1610‬‬
‫بعد ذلك سيعاد طبعه باللغــة الروســية في عــام ‪ .1839‬في هــذا الكتــاب تحــدث ميكيــافلي عن العديــد من المحــاور‬
‫الهامة ونوجزها بما يلي‪:‬الكتاب األول‪،‬في عدم أهمية ووهم حماية الممرات‪،‬الكتاب الثاني‪:‬حول المصلحة من قيام‬
‫حرب ما‪،‬الفصل العاشر من الكتاب الثاني ‪:‬حول العالقــة بين المــال والحــرب‪ ،‬الكتــاب الثــالث‪ :‬حــول المعلومــات‬
‫وأهميتها في الحرب‪.‬أخيرا إذا وضعناـ كتابي “األمير” و “فن الحرب” جنبا إلى جنب نستطيع القول أن ميكيــافلي‬
‫أعلن والدة و تسريع ظهور فكرـ إستراتيجي منظم ومؤسس‪.‬ـ‬

‫ـ المفكرون اإلنكليز و الفرنسيون‪.‬‬

‫عرف الفكر اإلستراتيجي اإلنكليزيـ تأخر كبيرا بعد حرب”المائة عام” وحدوث القطيعــة بعــد نهايــة هــذه العــرب‬
‫مع القارة األوربية‪ .‬بشكل عام لم يستطيع هذا الفكر تحقيق أي تطور بل تمسك باإلنتاج الفكري القديم أو الماضــي‬
‫مثل “النظرية العسـكرية اإلنكليزيـة في القـرن السـادس عشـر”والـتي ستصـبح مسـيطرة على التفكـير العسـكري‬
‫الوطني‪ .‬كما أن العديد من الكتــاب ســيلجؤون على الماضـيـ وخاصــة على “االنتصــارات الشــهيرة للملــوك الــتي‬
‫حملت اسم إدوارد وهنري في التاريخ اإلنكليزي”[‪ .]21‬وكان الكاتب اإلنكليزي األكثر أهميــة والمثــال على هــذه‬
‫الحالة هو ‪ John Smythe‬في كتابه “خطابات عسكرية” عام ‪ ،1590‬أيضا ‪ Roger Ascham‬و ‪Matthew‬‬
‫‪ Sutcliffe‬في كتاب ” ‪ ”The Practice, Proceedings and Laws of Arms‬عام ‪.1593‬‬

‫ويمكننا أيضا أن نذكر بعض المفكرين و مؤلفاتهم بشكل متسلسل كالتالي‪:‬‬


‫‪ ‬ـ )‪.Roger William (A Briefe Discourse of Warre, 1590‬‬
‫‪ ‬ـ ‪Humphrey Barwick (A Briefe Discours, concerning the force and Effect of all‬‬
‫)‪.manual Weapons of Fire, 1594‬‬
‫ـ)‪.Thomas Smith ( The Art of Gunnery, 1600‬‬
‫ـ)‪.Robert Barret ( The Theorike and Practike of Moderne Warres, 1598‬‬
‫يشار هنا إلى أن الحرب األهلية أثرت بشكل كبير على إنتاج الفكر العســكري في إنكلــترا‪ ،‬خاصــة أنهــا اســتمرت‬
‫لوقت طويل جدا‪.‬‬

‫أما الفرنسيون فقد استفادوا كثيرا من الحروب اإليطالية مما فتح أمامهم مجـاال واسـعا للخـبرة‪،‬وكـانت البدايـة مـع‬
‫كتاب ” أشجار وردـ الحروب” في عام ‪،1502‬وقد كتب بناءا على طلب الملك لويس الحادي عشر من أجل تربية‬
‫وتعليم ولي عهــده‪،‬وقــد اســتخدمـ ميكيــافلي عنوانــا مشــابها لهــذا العنــوان في عــام ‪ 1510‬في كتابــه “شــجرة‬
‫الصراعات”‪ .‬بعد ذلك وضعت كتب كثيرة في فرنسا تتناولـ فن الحرب وكان أهمها ” معلومات أو معرفــة حــول‬
‫تأثير الحرب” لمؤلفه ‪ Rémy Rousseau‬نشر عام ‪ ،1548‬ثم ترجم إلى معظم اللغات األوربية‪.‬‬

‫ـ المفكرون األلمان‪.‬‬

‫أنتج األلمــان العديــد من المؤلفــات اإلســتراتيجية العســكرية‪،‬خاصــة أنهــا عــرفت حروبــا بين مقاطعاتهــا أو مــع‬
‫اإلمــــبراطور نفســــه‪ .‬الكــــاتب “فيليب” وهــــو دوق ‪، Clèves‬في مقاطعــــة ‪ Flammand‬وكــــان تحت حكم‬
‫‪ ، Habsbourg‬أعطى ما بين عامي ‪ 1508‬و ‪“ 1516‬معرفة حول كل أشكال الحــرب البحريــة والبريــة”‪ .‬جــاء‬
‫بعده ‪ Reinhard‬وهو كــونت ‪،Solm‬وقــد ألــف مجموعــة من ثمانيــة كتب من غــير أن يعطيـ لهــا عنوانــا‪،‬مــابين‬
‫عـــامي ‪ 1544‬و ‪1549‬؛ ثم ‪ L. Fronsberger‬وقـــدـ قـــدم خمســـة كتب بعنـــوان ” ‪Fünff Bücher von‬‬
‫‪ ( ”Kriegsregiment und Ordnung‬خمسة كتب في الحرب و نظــام األفــواج أو الحشــود)‪ ،‬مــا بين عــامي‬
‫‪ 1554‬و ‪ 1556‬وقدـ كانت لهذه الكتب نجاح كبير وواسع‪.‬ـ‬
‫أما الكاتب األكثر شهرة فكان ‪ ،Lazarus von Schwendi‬وكـان قائـدا لألركـان أو للجيـوش في عهـد الجيش‬
‫اإلمبراطوري‪،‬وقد تـأثرا كثـيرا بميكيـافليـ السـيما عنـدما كتب ‪( Kriegsdiskurs‬خطابـات الحـرب) بين عـامي‬
‫‪ 1571‬و ‪،1577‬داعيا إلى جيش دائم و منظم‪ .‬بعد ذلك جــاءت حــرب الســنوات الثالثين لتســتخدمـ أدوات تكتيكيــة‬
‫جديدة وستستمر هذه األدوات طويال ولتؤثرـ على التكوين الفكري اإلستراتيجيـ األلماني الذي استفاد منهــا كثــيرا‪،‬‬
‫ويجب االعتراف هنا بأن السويسريين كانون من أهم أذا لم نقل أنهم مخترعو التكتيك الحديث‪.‬‬

‫ـ مالحظات حول اإلستراتيجية في القرن السادس عشر‪.‬‬

‫يمكن القول بان الجوانب غير العسكرية‪،‬السياسية و االقتصادية‪ ،‬لعبت دورا وكان لهــا حضــورا ممــيزا في الفكــر‬
‫االستراتيجيـ[‪ .]22‬إنه العصرـ الذي فرضت فيه “الميركنتيلية” ‪( mercantilisme‬نظرية اقتصــادية نشــأن على‬
‫أنقــاض النظــام اإلقطــاعي وتفســخه وتــدعو إلى تنظيم االقتصــاد)‪،‬العديـدـ من المشــاكل في العالقــات بين الحــرب‬
‫واالقتصاد‪،‬خاصة عندما ألحت على أهمية التجارة الخارجية والمواجهاتـ التي يمكن أن تنشأ عنها[‪ .]23‬فالحرب‬
‫كانت وسيلة إلدخال المال إلى صندوقـ الدولة‪ ،‬واالقتصادي و الفيلسوفـ الكبير “جان بــودان” لم يــتردد في طلب‬
‫ذلك وفيـ وصفه أيضا في كتابه “الجمهورية” عام ‪ .1576‬أما ‪ Mendoza‬فقد أطلــق جملــة شــهيرة جــدا عــرفت‬
‫ازدهارا كبيرا وتقول ‪ ”:‬النصر سـيذهب للـذي سـيمتلك آخـر ‪ ”écu‬وهـو عملـة فرنسـية قديمـة”‪.‬مـع ذلـك‪،‬ورغم‬
‫الصعوبات الكثيرة أمام والدة علم لإلستراتيجية‪،‬فإنه لن يمضي وقت طويل حتى يظهر فكر إستراتيجيـ حقيقي‪.‬‬

‫رابعا ـ اإلستراتيجية و القرن السابع عشر‪.‬‬

‫يتميز القرن السابع عشر بإنتاجه الفكــري حــول التكتيــك‪،‬والمشــكلة األساســية الــتي كــانت أمــام اإلســتراتيجية هي‬
‫التخصــص أو الحقــل‪،‬فقــد كــان هنــاك حاجــة آلليــات جديــدة ضــرورية وتتوافـقـ مــع نظــام جديــد للمعــارك‪ .‬قــدم‬
‫‪،Maurice Nassau‬ضن هذا المجال‪،‬تجديدا و ودعما كبيرا لإلنتــاج النظــري حــول التكتيــك‪ .‬لكن هــذا اإلنتــاج‬
‫وغيره تأثرا سلبا وبشكل كبير بظهور أفكار جديــدة اســتطاعت تغييبــه وأهمهــا أفكــار عصــر األنــوار‪.‬ـ ومن جهــة‬
‫أخــرى كــان للصــراعات داخــل القــارة األوربيــة تــأثير من حيث ان الممارســة ســبقت النظريــة‪،‬علمــا أن بعض‬
‫المؤرخين مثل ‪ Antonio Espino Lopez‬يعتبر أنه في القرن السادس عشر‪”:‬تم إنتاج أعمال نبيلــة كــان لهــا‬
‫أهميتها مقارنة بالكالسيكيات في نهاية القرن السادس عشر”[‪. ]24‬‬

‫ـ صعود أوربا الشمالية‪.‬‬

‫يعتبر الكثيرون أن “النموذجـ الهولندي” أحدث توازناـ في اآلداب العسكرية لصالح أوربـاـ الشــمالية‪،‬بعــد أن كــانت‬
‫خاضعة للمدرسة اإلسبانية‪/‬اإليطالية في القرن السابق[‪ .]25‬فالهولنديون هم من أهم من أسس مقاربة أكثر علميــة‬
‫لفن الحرب وللتنظيم العسكري‪.‬ـ ‪ Johan Jakob von Wallhause‬مدير أول أكاديمية عسكرية والتي أسســها‬
‫‪، Jean Nassau‬ترك كتابا غنيا حــول توظيـفـ مختلــف األســلحة في عــام ‪ 1615‬وقــد تــرجم إلى معظمـ اللغــات‬
‫األوربية‪ ،‬وهو الكاتب األكثر قراءة في ذلك العصر‪،Hervé BEGARIE (.‬المرجع السابق)‪.‬‬

‫في إنكلترا‪،‬وقبل الحرب األهلية‪،‬ظهرت العديد من الدراسات العسكرية التي مهــدت الطريـقـ أمــام “نمــوذج جديــد‬
‫للجيش في عهد كرومويل”‪،‬مستفيدة من أعمال خارجية مثل ” ‪”The principales of the art Militarie‬‬
‫الذي يتحدث عن الجيش الهولندي‪.‬ـ‬

‫ـ انحطاط أوربا الجنوبية ؟‬

‫يرى مؤرخو اإلستراتيجية أن بلدان أورباـ الجنوبية أصابها تراجع فيما يتعلق بــالفكر اإلســتراتيجي‪،‬وذلــك لصــالح‬
‫توازن جديد عاد إلى البلدان األنكلو ـ سكسونية‪ .‬ولكن رأيا آخرا يرى أنه رغم التراجع النسبي لهذا الحقل الفكري‬
‫في أوربا الجنوبية إال أن إنتاجا غزيرا وجد في ذلك العصر لكنه بقي غير معروف‪.‬ـ واألمثلة على ذلك كثيرة كمــا‬
‫يرى هـؤالء‪ :‬منهـا الفهرســة الــتي وضــعها ‪ ،Francisco Barado‬و الفرضـيات الجديــدة لصــاحبها ‪Antonio‬‬
‫‪ Espino Lopez‬واليت تغطي جميع حقول فن الحرب‪.‬أما التكتيك فتمت دراسته من قبــل ‪Fernando Alvia‬‬
‫‪ Castro‬و ‪ Cristobal de Rojas‬ثم ‪.Luis méndez de Vasconcellos‬‬

‫ونجـــد أيضـــا بعض الكتـــاب الـــذي عـــالجوا تنظيم الجيـــوش والعديـــد منهم وصـــل إلى مرحلـــة الحـــديث عن‬
‫اإلستراتيجية‪،‬كما كان مــع ‪ Francisco Melo‬في عــام ‪ 1638‬وكتابــه ” ‪Politica militar y avisos de‬‬
‫‪ ( ”generales‬آراء عامة في السياسة العسكرية)‪.‬‬

‫اإلنتــاج اإليطــاليـ كــان أقــل غــزارة من القــرن الســابق‪،‬ويظهـرـ أن هــذا منطقيــا ‪،‬حيث أن إيطاليــا لم تعــد مســرحا‬
‫للحروب األوربية[‪ .]26‬أما الكاتب االكثر أهمية في هذه المرحلة اإليطالية فقد كــان ‪ Giorgio Basta‬وهــو من‬
‫أصول ألبانية‪،‬وخاصة في كتابه ” ‪ ”Il maestro di campo general ‬الصادر في عام ‪ ،1606‬ثم كتــاب ”‬
‫‪”Del governo dell’artigliera‬و صادرـ عام ‪.1610‬‬

‫ـ الفكر العسكريـ الفرنسي‪.‬ـ‬

‫في فرنساـ قام ‪ Louis de Montgomery‬بتحليل إصالحات ‪ Maurice de Nassau‬وقدرـ ذكرناه في السابق‪،‬‬
‫أيضا ‪ Jérémie de Billon‬تحدث عن األنظمة المختلفة للمعركة في كتابــه “مبــادئ فن الحــرب” الصــادر في‬
‫أعوام ‪ . 1612،1622،1636،1641‬أما دوق ‪ Rohan‬وهــو من زعمــاء الحــزب البروتســتانتي فقــد نشــر كتابــه‬
‫“القائد الكامل” في عام ‪ 1636‬وقد كان مثلــه األعلى في هــذا الكتــاب هــو “القيصــر”‪ .‬وفيـ عــام ‪ 1663‬صــدرت‬
‫مخطوطــة “كتــاب الحــرب” لمؤلفــه ‪ Aurignac‬ويصــف فيــه ( المبــادئ الخمس للعمــل العســكري والــتي هي ‪:‬‬
‫العســكرة‪ ،‬الســير‪،‬القتــال‪،‬الهجــوم‪،‬الــدفاعـ عن األمــاكن)‪ .‬وأخــيرا عمــد الفرنســيون إلى ترجمــة الكثــير من الكتب‬
‫الصادرة في الدول األوربية األخرى على لغتهم‪.‬‬

‫ـ ‪ Montecucculi‬اإلستراتيجيـ األول‪.‬‬

‫عرف النصف الثاني من القرن الســابع عشــر ســيطرة المفكــر اإليطــاليـ ]‪ ، Montecucculi [27‬فقــد كتب عن‬
‫قيــادة الجيــوش بشــكل وصــل إلى الدراســات اإلســتراتيجية‪،‬مــع تصــنيفـ للحــروب(أهليــة أو خارجيــة‪،‬دفاعيــة أو‬
‫هجومية‪ ،‬بحرية أو برية)‪،‬ثم قارن بين الحرب بلعبة الشطرنج‪ .‬لكن جميع كتاباتــه لن تنشــر بشــكل حقيقي وواســع‬
‫إال بعد موته‪،‬وأهمها “الفن العسكري”ـ الذي هر باللغة اإليطاليــة في عــام ‪،1653‬واإلســبانية ‪،1693‬أمــا الكتابــات‬
‫المتبقية لم تنشــر حــتى القــرن الثــامن عشــر‪ .‬كتب مذاكراتــه بالفرنســية وطبعت تســع مــرات بين عــامي ‪ 1712‬و‬
‫‪ .1760‬اعتبر كتابه ” ‪ ”Della Guerra col Turco in Ungheria‬هو األكثر شهرة وتأثيرا‪،‬حيثـ أنه طبع‬
‫سبع مرات باإليطالية‪،‬ست في الفرنسية‪،‬اثنتـان في الالتينيـة‪،‬اثنتـان في اإلسـبانية‪،‬اثنتـان في األلمانيـة وواحـدة في‬
‫الروسية‪.‬‬

‫خامسا ـ اإلستراتيجية في القرن الثامن عشر‪.‬‬

‫ـ حوار التكتيك في فرنسا‪.‬‬

‫بدأ الفكر العسكري بالتفتح أكثر في القرن الثـامن عشـر‪.‬ويعــود تطـوره إلى التعقيـدات المتناميـة لفن الحـرب‪،‬قـوة‬
‫الدولة وإلى حالة السالم الطويلة في القارة األوربية‪ .‬أيضا يعودـ هذا التطــورـ إلى جــانب فكــريـ متطــور من خالل‬
‫تطور عمليات الطباعة والنشر‪،‬ازدهار الكتابات العسكرية و اهتمام العامة بالقضايا العســكرية[‪ .]28‬عــرفت هــذه‬
‫الفترة الحديث عن التكتيك أكثر من االهتمام بالفكر االستراتيجي بشكل عام‪.‬‬

‫من أهم الدراسات التي ظهرت في هذه الفترة ” اكتشافات جديدة حول فن الحــرب” في عــام ‪،1724‬ثم جــاء بعــده‬
‫“تاريخ ‪ ”Polybe‬ونشرـ منه ستة أجزاء بين عامي ‪ 1727‬و ‪،1730‬وأعيد طبعه في عامي ‪ 1753‬و ‪،1774‬أمــا‬
‫مؤلف الدراستين فكان ” ]‪ Folard”. [29‬في منتصفـ القرن‪،‬ألّف المارشالـ ‪ Maurice Saxe‬دراسات ستنشر‬
‫بعد موته في عام ‪ 1756‬والتي تركز على ” روح قوانين التكتيك”‪ .‬وقد افتتح دراســاته أو مؤلفاتــه بجملــة شــهيرة‬
‫ســنجدها في مقدمــة الكثــير من الكتب الــتي جــاءت بعــده‪ ”:‬الحــرب هي علم مغطى بــالظالم‪،‬في داخلهــا ال نخطي‬
‫خطوة واحدة مؤكدة؛تقييماتنا المسبقة هي األساس والقاعدة‪.‬كل العلوم لـديها مبادئهــا‪،‬بينمـاـ الحـرب فقـط ال تملكهــا‬
‫حتى اآلن”‪.‬‬
‫في أعوام ‪1770‬ـ‪ ،1780‬الحوار حول التكتيك سيبقى مكثفا في فرنسا إن كان في مجال العلوم العسكرية البحريــة‬
‫أو العلوم العسكرية البرية‪ .‬واستمرـ هذا حتى بدايات تبلورـ األفكار اإلستراتيجية في فرنسا‪.‬ـ‬

‫ـ ظهور البعد اإلستراتيجيـ في فرنسا‪.‬‬

‫هذا الفكر اإلستراتيجي‪،‬الذيـ كان مؤسساتـ على الكثير من التكتيك‪،‬بدأ بالتدريج االنتقــال إلى اإلســتراتيجية‪ .‬حيث‬
‫أن النمو في الفعاليات العسكرية وفعالياتـ الجيوش سمحت باتساع ميــدان المعركــة وبالتــالي الحاجــة إلى تخطيـطـ‬
‫إستراتيجيـ شامل‪ .‬النصف األول من القرن الثامن عشر هيمنت عليه ثالثة أســماء هي ‪Folard, Feuquière ,‬‬
‫‪ Puységur‬ولكنها كانت مختلفة في وجهات النظر‪ .‬مع ‪ Feuquière‬كــان هنــاك تطلــع إلى اإلســتراتيجية‪ ،‬ومــع‬
‫‪ Folard‬على التكتيــك‪،‬أمـا مــع ‪ Puységur‬فكـان اللوجسـتيكـ ]‪ .Logistique[30‬وكلمـة اللوجسـتيكـ هنـا تــأتي‬
‫بمعنى”علم رئاسة أركان الجيوش”‪.‬‬

‫في عام ‪ 1736‬نشرت وألول مرة مذكرات الجنرال ‪ Antoine de Pas‬ثم أعيد طبعها بعـد ذلـك خمس مــرات‪.‬‬
‫يحاول فيها هذا الجنرال التنظير لفن المناورة عبر التاريخ الذي سبقه أو في األنظمة القديمة‪.‬وفي عام ‪ 1748‬نشر‬
‫كتاب المارشال ‪“ Jacques-François de Chastent‬فن الحرب من خالل المبادئ والقواعــد‪ .‬وصــف كتابــه‬
‫بأنه عقالني يعتمد تنظيم المعارك وخطواتها وكيفية تطبيقها‪.‬‬

‫الموجــة الثانيــة من تطــور الفكــر اإلســتراتيجي في فرنســا ضــمت العديــد من الكتــاب ومن أهمهم ‪Roy de‬‬
‫‪ Bosroger‬والذي وضع كتاب “مبادئ فن الحرب” عام ‪ ،1770‬وكتاب “عناصر الحرب” عام ‪ .1773‬ثم يأتي‬
‫كتاب ” دراسة نظرية حول الصراعات” وضعه كونت منطقة ‪ Grimorad‬في عام ‪ ،1775‬ومن بعــده – ‪Paul‬‬
‫‪ Gédéon‬والذي أدخل في المفردات العسكرية مفهوم اإلســتراتيجية‪،Hervé BEGARIE( .‬المرجــع الســابق‪،‬‬
‫الصفحة ‪ .)195‬هذا األخير تقوم نظريتــه على ” من غــير نظريــة مؤسســة على قواعــد ثابتــة‪،‬لن نتقــدم نهائيــا في‬
‫علوم الجيش والتسلح”[‪ .]31‬وفيـ الجزء الثالث من كتابه يتحدث عن اإلستراتيجية أو جدل عمليات الحــرب‪ .‬إنــه‬
‫يبين أن “علم الحوار أو الجدل يستندـ دائما على حسابات الزمن والمسافة”‪.‬ـ‬

‫ـ الكتّاب األلمان‪.‬‬

‫في رأي الكثير من الكتاب األوربيين‪،‬يعتبر “فريدريكـ الثــاني” أفضــل محلــل لنظامــه‪ .‬حيث وضــع مؤلفــا شــهيرا‬
‫بالفرنسية هو ” الوصية العسكرية” في عام ‪ ،1768‬وكان من قبل قد كتب دراستين أيضا وهما” المبــادئ العامــة‬
‫للحرب” في عام ‪ ،1746‬و “تعليمات من أجل ضــباطي” في عــام ‪ ،1747‬أمــا في عــام ‪ 1771‬فقــد وضــع كتابــه‬
‫“عناصر التكتيك”‪ .‬الكاتب األلماني األكثر شهرة في حقل الفكر اإلستراتيجي هو ‪Wilhelm Schaumbourg-‬‬
‫]‪ Lippe[32‬ترك ألمانيا ووضع نفسه في خدمة ملــك البرتغــال الــذي عينــه مارشــاال‪ .‬كتب بالفرنســية العديــد من‬
‫المذكرات‪ .‬ومن وجهة نظــر إسـتراتيجية يمكن الحــديث عن تنظــيره لعمليـات الـدفاع ثم إعطــاءه دورا كبـيرا لعلم‬
‫النفس في الحروب‪.‬‬

‫ـ اإلنتاج البريطاني‪.‬‬

‫ترك ‪ Henry Lloyd‬كتابا غنيا وغزيرا بالمعرفة تحت عنوان “ ‪A Political and Military Rhapsody‬‬
‫‪ ”on the Invasion and Defence of Great Britain and Ireland‬وذلك في عام ‪،1790‬وقد تمت‬
‫طباعتــه ســبع مــرات بمختلــف اللغــات األوربيــة‪ .‬ومن كتبــه األخــرى ” ‪The History of the late War‬‬
‫‪ ”between the King og Prussia and the Empress of Germany and her Allies‬صدرـ في عام‬
‫‪.1763‬‬

‫ويمكن أن نـــذكر أيضـــا من بريطانيـــا‪،‬ـ ‪ Humphrey Bland‬في كتابـــه “‪A Treatise of Military‬‬
‫‪ ”Discipline‬وقدـ طبـع تسـع مـرات ابتـداء من عـام ‪ 1727‬وحـتى عـام ‪ .1762‬وقـدـ تحـدث العديـد من الكتّـاب‬
‫البريطانيين عن “اإلستراتيجية الكبرى” في مختلف إنتاجهم المعرفيـ في هذا المجال‪]33[ .‬‬

‫سادسا ـ الفكر اإلستراتيجي المعاصر‪.‬‬


‫ما بين عامي ‪ 1789‬و ‪،1815‬عرفت أوربا حروبا مستمرة تخللها بعض االستراحات هنا وهناك‪ .‬في هــذه الفــترة‬
‫أصاب فن الحرب تحوالت عميقة‪ .‬بــدأ التحــول مــع ‪ Lazare Carnot‬الــذي أخــذ بوضــع إســتراتيجية جديــدة لم‬
‫يوضحها إال بمالحظات و كتابة مختصرة جدا‪ .‬أما مؤلفه األكبر فقــد عــالج موضــوعاـ أكــثر تحديــدا‪“ :‬الــدفاع عن‬
‫المراكز القوية” وكتبه في عام ‪،1809‬ترجم إلى العديد من اللغات األوربية‪.‬‬
‫في هذه الفترة عرف اإلنتاج الفرنســي قــوة اكــبر‪ :‬مــع كتــاب “مــدخل إلى دراســة فن الحــرب” وضــعه ‪Roche-‬‬
‫‪ Aymon‬بين عامي ‪1802‬ـ‪ 1804‬وتحدث فيه عن التكتيك فقط؛ ثم كتــاب “المعالجــة األساســية للفن العســكري”ـ‬
‫كتبه ‪ Simon-François Gay‬في عام ‪ 1805‬وترجمـ لمختلف اللغات العالمية‪ .‬بعد ذلك جاء كتاب ‪Reveroni‬‬
‫‪ de Saint-Cyr‬وهو كتاب غني جاء تحت عنوان”دراسات حول آلية الحرب”كتبه في عام ‪ 1808‬وقد نشر فيما‬
‫بعد بعنوان جديد هو “سكونية الحرب أو مبادئ اإلستراتيجية والتكتيك” وذلك في عام ‪.1826‬‬

‫المقاربة الهندسية للفكر اإلستراتيجيـ وصلت إلى ذروتهاـ مع كتــاب ‪ Prussien Dietrich‬الــذي نشــر في مدينــة‬
‫هامبورغ األلمانية كتابـه ” ‪( ”Geist des neuern Kriegs Systms‬روح نظـام الحـرب الحديثـة) في عـام‬
‫‪ ،1799‬ويتحــدثـ فيــه عن طــرح مســلمات أو بــديهيات معينــة يمكن الحصــول عليهــا بــالمنطقـ و االســتدالل ثم‬
‫توضيحهاـ فيما بعد بواسطة التجربة‪.‬وفيـ كتابه الثاني يتحدث األسبقية الفكرية عند نابليون بونابرتـ زجاء الكتــاب‬
‫تحت عنوان” ‪( ”Lehrsätze des neuen Krieges oder reine und angewandte Strategie‬نظريات‬
‫الحرب الحديثة أو اإلستراتيجية الخالصة والمطبقة) ووضع الكتاب في عام ‪.1805‬‬

‫أيضا في ألمانيا‪ ،‬كتب األرشيدوق ‪ Charles‬العديــد من المؤلفــات ‪”Grundsätze der grosse Kriege ” :‬‬
‫(مبــادئ الحــرب الكبــيرة) في عــام ‪،1808‬ـ ”ــ ‪Grundsätze der Strategie erläutert durch die‬‬
‫‪( ”darstellung des Feldzugs von 1796 in deutschland‬مبادئ اإلسـتراتيجية المطـورة من خالل‬
‫حملة ‪ 1796‬في ألمانيا) في عام ‪.1813‬‬

‫ـ اآلباء المؤسسون للفكر اإلستراتيجي المعاصر‪.‬‬

‫أوال ـ‪Jomini ‬‬

‫وهــو ‪ Henri-Antoine Jomini‬الــذي ســيعمل على الموافقــة بين إرث كتــاب القــرن الثــامن عشــر وتعليمــات‬
‫المأخوذة من نموذج نابليون‪ .‬ومعه بدأ بشــكل حقيقي يتأســس علم اإلســتراتيجية المعاصرـ[‪ .]34‬ولــد في سويســرا‬
‫عام ‪ 1779‬خدم في الجيش الفرنسيـ وأصبح رئيس أركان المارشـال ‪ Ney‬في عـام ‪ .1805‬وفيـ هـذا العـام نشـر‬
‫كتابه األول “معالجة التكتيك الكبير أو عالقة حرب السنوات السبعة”‪،‬وهو في الواقع تطويرـ لعمل سابق كــان قــد‬
‫كتبه الجنرال ‪ Tempelhof‬من بروسيا في عــام ‪ ،1783‬والــذي كــان بــدوره تطــويراـ لعمــل ســابق هــو للجــنرال‬
‫‪ Lloyd‬وكان يحمل العنوان “تاريخ حرب السنوات السبعة”‪.‬‬

‫الفرق بين هذه المؤلفات هو أن ‪ Jomini‬أدخل تعديالت مبنية على مقارنات مع العمليات التي حضرها او شارك‬
‫فيهـــا‪ .‬في الســـنوات التاليـــة نشـــر العديـــد من المؤلفـــات الـــتي تحلـــل الحـــروب النمســـاوية ثم حـــروب “ثـــورة‬
‫اإلمبراطوريـة”‪،‬وفي النهايــة وصــل مؤلفــه إلى ثمانيــة أجــزاء كـان آخرهــا في عــام ‪ ،1816‬وقــد عـاد ليعيش في‬
‫فرنسا‪،‬ثمـ توفيـ في عام ‪ 1869‬عن عمر ‪ 90‬عاما‪ ( .‬من كتاب تاريخ اإلستراتيجية‪  Hervé Bégarie ،‬الصفحة‬
‫‪ 200‬إلى ‪.)210‬‬
‫في الشكل النهائي لمؤلفه يمكننا مالحظــة جــزأين رئيســيين ‪ ” :‬تحليــل العمليــات العســكرية الكــبرى”ـ وقــد كرّســه‬
‫لحروب فريدريكـ الثاني؛ ثم ” تاريخ النقدي والعسكريـ لحروب الثورة” ويتألف من ‪ 15‬مجلدا‪ .‬ربمــا يكــون هــذا‬
‫المؤلف الكبير منسيا إال أنه من أهم اآلباء المؤسسين للفكر اإلستراتيجي المعاصرـ[‪ . ]35‬لقد كــان لــه تــأثير كبــير‬
‫على جميع منظريـ الفكر اإلستراتيجيـ من روسيا إلى الواليات المتحدة ومروراـ بالقارة األوربية‪،‬وقلمــا تجــد لغــة‬
‫لم يظهر فيها كتــاب عنـه أو ترجمــة ألعمالـه‪ .‬وبشــكل خـاص كـان لـه تـأثيرـ واضـح على الكتـاب األوائــل للفكــر‬
‫اإلســتراتيجيـ األمــريكي الممثــل بكــل من ‪ William Duane‬و ‪، John Armstrong‬ثم ‪Dennis Hart‬‬
‫‪ Mahan‬أســتاذ التكتيــك في ‪ ، West Point‬و ‪ ( Alfred Thayer Mahan‬ابن ‪ ،)Dennis‬و المعــروفـ‬
‫بتحليلــه للقــوة البحريــة والــذي ســتتحول تعليماتــه و أفكــاره إلى إســتراتيجية بحريــة‪ .‬ولم يعــرف تــاريخ الثقافــة‬
‫اإلستراتيجية األمريكية تأثرا بكاتب آخر كما عرف تأثره بالكاتب ]‪. Jomini[36‬‬

‫‪ ‬ثانيا ـ‪.Clausewitz ‬‬

‫يعتبر اليوم األشهر من بين جميع المفكرين العسكريين‪ .‬وضــع كتابــا شــهيرا تحت عنــوان ‪ Vom Kriege‬وهــو‬
‫يقابل كتاب “األمير”ـ عند ميكيافلي‪،‬ولقد أصبح مرجعا لمعظم المفكرين اإلستراتيجيين‪،‬وقلما نجد كتابا إستراتيجياـ‬
‫لم يأخذ منه‪ .‬ولد ‪ Clausewitz‬في عام ‪ .]37[1780‬لديه خبرة عسكرية طويلة وتجارب من خالل مشاركته في‬
‫الحروب‪ .‬أول كتابة إستراتيجية له كانت بعنوان ” نقد عميق لنظامـ الحــرب عنــد ‪ .von Bülow‬في عــام ‪1806‬‬
‫بدا باإلعداد ألكبر مؤلف له ثم بدأ كتابته بعد عام ‪ ،1815‬عندما وصلت حياته العسكرية إلى طريقـ مسدود‪.‬‬
‫كتب العديــد من المؤلفــات التاريخيــة حــول الحمالت العســكرية لكــل من ‪ Turenne, Frédéric II‬و ثــورة‬
‫اإلمبراطورية‪ .‬ومن خالل القاعدة التاريخية التي يمتلكها اســتطاع وضــع كتابــه ‪ opus magnum‬ويضــم ثالثــة‬
‫كتب هي‪ :‬تحليل للحرب الكبرى أو اإلستراتيجية‪ ،‬تحليل للحرب الصغرى‪ ،‬وأخيراـ تحليــل للتكتيــك‪ .‬بســبب موتــه‬
‫المفاجئ‪ ،‬لم يستطع ‪ Clausewitz‬إكمــال هــذا المشــروع الضــخم حــول الفكــر اإلســتراتيجي‪.‬فمن كتــاب “تحليــل‬
‫التكتيك”‪ ،‬لم يبق إال بعض الصفحات التي لم تشد انتباه أحدا ‪.‬إما كتاب “الحــرب الصــغرى” فــد فقــد بكاملــه‪ ،‬ولم‬
‫يبقى منه ســوى المحاضــرات الــتي ألقيت عنــه في ‪ Kriegsakademie‬في عــام ‪ .1810‬وأخــيرا كتــاب “تحليــل‬
‫الحرب الكبرى” فقد استطاع إكماله‪ ،‬ولكنه يشير في أعلى المخطوطة وبوضوح‪ :‬إال أن الفصل األول من الكتاب‬
‫هو وحده كامل أو منجز من الناحية الفكرية‪.‬‬

‫ووفـــق مالحظـــة تمت كتابتهـــا في ‪ 10‬تمـــوزـ عـــام ‪،1827‬ـــ ‪ Clausewitz‬حقـــق مرحلـــة جديـــدة في تفكـــيره‬
‫االستراتيجي‪،‬حيثـ تركز على الحرب كاستمرارـ للسياسة ولكن بوسائل أخرى وعلى قاعــدة التميــيز بين الشــكلين‬
‫أو وجهي الحــرب‪ .‬وأخــيرا نقــول بــان القــراءات الدوغمائيــة للفكــر اإلســتراتيجيـ عنــد‪ Clausewitz  ‬أدت إلى‬
‫تعليقات و تحليالت مختلفة ومتغايرة ومن ثم إلى نتائج مختلفة زادت من تعقيد نظريته‪ .‬و نضيف أخــيرا أن كتابــه‬
‫السابع كان حول “الهجوم”‪ ،‬وكتابه الثامن حول “مخططـ الحرب”‪ ،‬وهما غير مكتملين‪.‬‬

‫ثالثا‪ ‬ـ‪.New- clausewitziens ‬‬

‫إن ‪ Clausewitz‬لم ينشر شيئا من دراساته وهو على قيد الحياة‪ ،‬ألنه كان يعتقــد بأنهــا لم تصــل بعــد إلى مرحلــة‬
‫اإلتمام والكمال‪ .‬وبعد وفاته عمدت زوجته إلى نشر مخطوطاته في عشر أجــزاء مــا بين عــامي ‪ 1832‬و ‪.1837‬‬
‫ردة الفعل حول فكره اإلستراتيجيـ كــانت متغــايرة كمــا أشــرناـ ســابقا‪ ،‬وهــذا لم يســاعد في نفــاذ ‪ 1500‬نســخة من‬
‫كتاباته كانت قد طبعت خالل ‪ 15‬عاما‪ .‬في فرنسا مثال لم يكن معروفاـ بشكل جيد إال بين قلة من األفراد‪ .‬وفيـ عام‬
‫‪ 1880‬نشر بحث عنه في دورية فرنسية شهيرة ‪ le Spectateur militaire‬من قبل ضابط من أصول بولونية‬
‫وهو ‪. Louis de Bystrzonowski‬‬
‫وسننتظرـ حتى عـام ‪ 1870‬حــتى نــرى انطالقـة ‪ Clausewitz‬وانتشـار ســمعته كمفكـر إســتراتيجي‪،‬ويعــود هــذا‬
‫ألســباب قوميــة أكــثر منهــا أســباب فكريــة‪ .‬فاإلمبراطوريــة البروســية المنتصــرة في ‪ Sadowa‬عــام ‪ 1866‬وفيـ‬
‫‪ Sedan‬عام ‪،1870‬كانت تبحث عن شرعية نظرية لتفوقها الميداني ودراساتـ ‪ Jomini‬التي تحدثنا عنهــا ســابقا‬
‫لم تكف هــذه اإلمبراطوريــة أو ترضــيها‪ ،‬خاصــة ألنـه سويســريـ وكــان في نفس القــوت منظــرا لالســتخبارات و‬
‫المعلومات عند نابليون‪ ،‬ونضيفـ أنه كان ينتقد فريدريك الثاني من وقت آلخر‪ Clausewitz .‬كان بروسيا حقيقيا‬
‫ورأى فيه فريدريك الثاني نموذجاـ له‪ ،‬كما كان مرضياـ للقراء األلمان‪.‬‬

‫إذا بعــد االنتصــارات األلمانيــة‪ ،‬حــاولت الكثــير من البلــدان تقليــد النمــوذج األلمــاني والمعلم الجديــد للنظريــة‬
‫اإلستراتيجية‪ .‬من هنا تمت ترجمــة ‪ Clausewitz‬للكثــير من اللغــات‪ .‬وفي ألمانيــا نفســها أصــبح ‪Clausewitz ‬‬
‫مرجعا قانونيا لهذا الفكر‪ ،‬أما كتابه ‪ Vom Kriege‬فقد قام أكبر القادة آنذاك ‪ Schlieffen‬بكتابة مقدمة له‪،‬وذلك‬
‫في عام ‪ .1905‬ولكن ال بد من اإلشارة إلى أن تركيز ‪ Clausewitz‬على السياسة كحل ومن ثم ثانيا على الــدفاع‬
‫تم رفضه من قبل الكثيرين أو تم تجاهله‪ .‬فالمعجبين بكتاباته بحثوا فيها عن الحجج التي تدعم أفكارهم في الهجــوم‬
‫أثناء المعارك الفاصلة‪.‬‬

‫في فرنسا التي كانت ضحية أللمانيا وخصماـ مصنفا في أي حرب جديدة‪ ،‬أظهرت الكثير من المصلحة في قــراءة‬
‫‪ Clausewitz‬وخاصــة بعــد هزيمــة عــامي ‪ .1870/1871‬ومنــذ عــام ‪ 1880‬إلى ‪ ،1905‬ســتظهرـ فيهــا موجــة‬
‫عارمة من أنصارـ مدرسة‪ .Clausewitz  ‬وكانت البداية مع قائد الجيوش ‪ Cardot‬في”المدرسة الحربية العليا”‬
‫حيث حاضر عن ‪Clausewitz‬منذ عــام ‪ ،1884‬وبعــد ذلــك من خالل دراســة للكــابتن ‪ Georges Gilbert‬في‬
‫عام ‪ .1887‬وقامت المدرسة الحربية فيما بعد بترجمة معظم الحمالت العســكرية الــتي كتبهــا ‪ .Clausewitz‬أمــا‬
‫الكتاب األلمان والفرنسيون فقد اختلفوا حول شرح حروب نــابليون من قبــل ‪ ،Clausewitz‬فالفرنســيون يقولــون‬
‫أن اإلستراتيجي األلماني لم يحلل نابليون بشكل كاف أو صحيح‪،‬واأللمان يباركون هذا الشرح والتحليل‪.‬‬

‫بالنسبة للعالم األنكلو ـ سكسونيـ فقد بدا أنه أكثر تحفظا وتكتما تجاه كتابــات‪.Clausewitz]38[ ‬ففي عــام ‪1834‬‬
‫ترجمت وفي مرجع إنكليزي وآخر أمريكي بعض الصــفحات الــتي لم تتجــاوز العشــرين والــتي أخــذت من كتــاب‬
‫‪ .Vom Kriege‬أما األعمال الكاملة فلن تترجم إال مع العقيد ‪ Graham‬في عام ‪ 1873‬وسوف يتخلل الترجمــة‬
‫الكثير من األخطاء والتي ستصحح على يد ‪ F.N Maude‬في عام ‪ .1908‬لكن هذه األعمال أصابها فشكل كبير‬
‫في العالم األنكلو ـ سكسوني‪ ،‬حيث لم يطبع منها سوى ‪ 69‬نسخة خالل ‪ 12‬عاما‪.‬‬

‫فالشكل الفلسفي ألعمال ‪ Clausewitz ‬اصطدم بالبراغماتية البريطانية‪ .‬فبالنســبة لإلســتراتيجيـ ‪ Corbett‬الــذي‬


‫أيــد المقاربــة الــتي وضــعها ‪ Clausewitz‬حــول اإلســتراتيجية البحريــة‪،‬فقــد بقي حالــة اســتثنائية‪ .‬أمــا ‪ Fuller‬و‬
‫‪،Liddell Hart‬وبعــد قــراءة ‪ Clausewitz ‬لم يجــدا العناصــر الــتي تتوافــق مــع نظريتهماـ[‪ .]39‬في الواليــات‬
‫المتحدة كان هناك ازدراء عام لكتابات اإلســتراتيجي ‪ Jomini‬وبقي هـذا الوضــع قائمـا حــتى النصـف الثــاني من‬
‫القرن العشرين‪ .‬وقد كتب “ريمون آرون” في عام ‪ 1976‬عن هذه الوضع قائال‪ ”:‬من بين األســماء الكبــيرة الــتي‬
‫تعمل في الحقل اإلستراتيجيـ في الواليات المتحدة‪ ،‬فقط ‪ Bernard Brodie‬هو الذي قــرأ ‪ Clausewitz‬بشــكل‬
‫عميق”[‪.]40‬‬

‫في إيطاليا‪ ،‬لم يقرأ ‪ Clausewitz ‬إال بشكل قليل في القــرن التاســع عشــر‪ .‬واكتشــافه بشــكل حقيــق كــان على يــد‬
‫الكاتب اإلستراتيجي ‪،Emilio Canevari‬عندما كتب عنه مؤلفه ” ‪( ”Clausewitz e la guerra odierna‬‬
‫‪  Clausewitz‬و الحرب اليوم)[‪ . ]41‬وفي إســبانيا‪ ،‬كــان العقيــد ‪ Banus Comas‬في كتابــه “‪”Estrategia‬‬
‫الصادر في عام ‪ 1887‬واحدا من النادرين الذين قـرؤوا ‪ .Clausewitz‬وسـوف ننتظــر حـتى عـام ‪ 1908‬لـنرى‬
‫ظهور أول ترجمة ألعماله في اإلسبانية‪.‬أما الترجمة الكاملة فلم تظهر أال بعد نهايــة الحــرب العالميــة الثانيــة‪ .‬ولم‬
‫يصبح ‪ Clausewitz‬معروفاـ في هذا البلد بشــكل جيــد حــتى عــام ‪ .1970‬وبعــد هــذا العــام انتشــرت ترجمتــه إلى‬
‫معظم اللغات األوربية‪،‬وحتىـ الصينية‪،‬العبرية‪،‬االندونيسية‪،‬والعربية بشكل بسيط أو جزئي‪ .‬أما الروس فقــد أولــوا‬
‫اهتماما خاصا لكتاباته وكان له تأثير كبير على المكتبة اإلستراتيجية الروسية[‪. ]42‬‬

‫‪ ‬سابعا ـ‪ ‬اإلستراتيجية في القرن التاسع عشر‪.‬‬

‫أوال ـ المدرسة األلمانية‪.‬‬

‫يشير ‪ Jomini‬في كتاباته و ينقل عن ‪Bavarois Xylander, Wurtembergeois Theobald, Müller,‬‬


‫‪ Valentini, Decker, Hoyer‬وهــؤالء كلهم من الجــنراالت‪ ،‬ونســي أن يضــيفـ عليهم المــاجورـ جــنرال‬
‫‪ .Hôheren Kriegskunst‬وفيـ نفس الوقت يرى الكثير من مؤرخيـ اإلستراتيجية أنه أيضا نسي أن يذكر أكبر‬
‫استراتيجيين سبقا ‪ Clausewitz‬وهما الجنراالن ‪ Von Lossau‬و ]‪ .Rühle von Lilienstern[43‬ولكن ال‬
‫بد من القول هنا أن ‪ Clausewitz ‬هو الذي أنقذ المدرسة األلمانية من جمودها‪.‬‬

‫ثانيا ـ المدرسة اإليطالية‪.‬‬

‫عرفت إيطاليا إنتاجا إستراتيجياـ غزيرا في هذا القرن‪ .‬تركــز هــذا اإلنتــاج بشــكل كبــير عنــد ‪Joseph Pougni-‬‬
‫‪ Guillet‬وخاصـة في عملـه ” عناصـر لإلسـتراتيجية والتكتيـك” كتبـه في عـام ‪ ،1832‬و ‪ Paul Racchia‬في‬
‫مؤلفه ” تحليل دقيقـ لفن الحرب” كتبه في عام ‪ .1832‬ثم جاء ‪ Enrico Giustiniani‬في “دراسة حول تكتيــك‬
‫األسلحة الثالثة بشكل منعزل ومجتمع”ـ في عام ‪.1848‬أما الكاتب اإلستراتيجي األكثر شهرة في إيطاليــا النصــف‬
‫األول من القرن التاسع عشر كان ‪، Luigi Blanch‬ويعتقد أنه كان فيلسوفا للحرب أكثر مما هو إستراتيجي‪ .‬إلى‬
‫جانب هؤالء ظهر تصنيف آخر لإلستراتيجيين اإليطاليين‪،‬األول سمي ‪ Scolastiques‬أو المقــرّب من األوســاطـ‬
‫الرسمية‪ ،‬والثاني ‪ Laïc‬وهم مجموعة من المفكرين المستقلين كان صوت النقد “نقد الحرب” لديهم مرتفعا بشكل‬
‫أكبر‪.‬‬

‫ثالثا ـ المدرسة الروسية‪.‬‬

‫تابعت المدرسة الروسية تقلباتها بين طريق وطني حصرا‪ ،‬وطريق فيه بصمات أجنبية[‪ .]44‬الجــنرال ‪Nicolas‬‬
‫‪ Medem‬في كتابه ” ‪( ”Obozrenie isvestnjchich pravil i sistem strategii‬دراسة حـول القواعــد‬
‫واألنظمة المعروفة لإلستراتيجية) صــادر في عــام ‪،1836‬يحلــل كتابــات كــل من ‪Lloyd, Bülow, Jomini,‬‬
‫‪ Clausewitz‬؛ ثم في كتابه ‪ Taktika‬في عام ‪ ،1837‬يعلن العودة إلى ‪ Souvorov‬الذي سينتشرـ في الســنوات‬
‫األخيرة من القرن التاسع عشر‪ .‬أما العقيد ‪ M .I Bogdanovich‬فقد كرّس كتابه ‪( Zapiski strategii‬دراسة‬
‫اإلستراتيجية) ‪،1847‬من أجل دراسة نابليون‪.‬‬
‫ثم يأتي الجنرال ‪ Astafev‬ليحلل “فن الحرب الحديثة”‪،‬في كتاب تم وصفه بأنه من التيار اإلصالحي الذي ظهــر‬
‫بعد الهزيمة‪،‬وقدـ صدر الكتاب تحت إشرافـ ‪، Dimitri Milioutine‬وهو مؤرخ عسكري معــروف في روســيا‬
‫ووزيراـ للحرب في عام ‪ 1861‬وحتى ‪ .1881‬وأيضـاـ ســنقرأ مــع الجــنرال ‪ Okounieff‬كتابــه “مــذكرات حــول‬
‫مبادئ اإلستراتيجية” ‪،1831‬وتعليقاتــه اإلســتراتيجية حــول حملــة عــام ‪،1812‬هــذه التعليقــات الــتي تــرجمت إلى‬
‫الفرنسية في عام ‪،1841‬وإلى األلمانية في عام ‪.1876‬‬

‫رابعا ـ المدرسة الفرنسية‪.‬‬


‫يالحظ أن اإلنتاج االستراتيجيـ الفرنسيـ كان تحت هيمنـة كتـاب ألفـه المارشـال ‪ Marmont‬تحت عنـوان “روح‬
‫المؤسسات العسكرية” وظهـرـ في عــام ‪ 1845‬ثم أعيــد نشــره في عــام ‪ .1865‬ذهب اليــوم ضــحية للنســيان‪،‬ولكن‬
‫عمله يتركز في الواقع حول النظريــة العامــة للفن العســكري‪،‬تنظيم الجيــوش‪،‬العمليــات المختلفــة للحــرب‪،‬وأخــيرا‬
‫فلسفة الحرب[‪ .]45‬عمليـا‪ ،‬السـنوات الممتـدة من ‪ 1815‬على ‪ ،1870‬عـرفت اسـتقرارا سياسـياـ في فرنسا[‪.]46‬‬
‫فالنقاش حول الجيش لم يكن على مستوى عميق أو واسع‪.‬مع بدايات القرن العشرين ستعرف فرنســا إنتاجــا آخــرا‬
‫للعلوم اإلستراتيجية‪،‬سوفـ نتطرقـ إليه في الفقرات القادمة‪.‬‬

‫ثامنا ـ ‪ ‬القرن التاسع عشر و مأسسة العلم العسكري‪.‬‬

‫‪ ‬بــدأت التغــيرات تظهــر على التفكــير اإلســتراتيجي وفيـ كــل أبعــاده بعــد عـام ‪ .1870‬فبعــد أن كــان هــذا التفكــير‬
‫مقتصرا على أقلية من الضباط والجنراالت “باستثناء ألمانيا”‪،‬أصبح عنصرا أسياسيا من عناصر تكوين الضباطـ‬
‫الكبار في الجيش‪ .‬لهذا السبب انتشرت المدارس العسكرية في معظم الدول والتي شجعت على مــا يســمى التفكــير‬
‫االستراتيجي‪.‬ـ أيضا بعد عام ‪ 1870‬ازداد عدد المطبوعات و الكتب اإلستراتيجية في معظم أنحاء أوربا باإلضافة‬
‫للمخطوطات و المراجع الكبيرة[‪ .]47‬ولكن علينا القول هنا‪،‬أن معظم المطبوعات أعطت مساحات كبير للحــديث‬
‫عن الجغرافية العسكرية والتكتيك‪،‬لكن التقدم نحو العلوم اإلستراتيجية كان بطيئا‪.‬‬

‫ـ إعادة اكتشاف اإلستراتيجية‪.‬‬

‫بعد تراكم الدراسات حول التكتيك‪ ،‬بدأت وفي عام ‪ 1880‬تظهر دراسات أخرى تعطي الفكر اإلسـتراتيجيـ أبعـادا‬
‫أخرى أعمق و اشمل‪ .‬ففي ألمانيا أخذ الفكر اإلستراتيجيـ هذه األبعاد الجديدة مع المارشـال ‪Colmar von der‬‬
‫‪ Goltz‬وهو من أشهر الكتاب في تلــك المرحلــة الســيما في كتابــه ” ‪ ( ”Das Volk in Waffen‬الشــعب في‬
‫الجيش) والذي صدر عام ‪،1883‬ثم ترجمـ إلى الفرنسية ام ‪،1884‬اإلنكليزية ‪،1887‬اإلسبانية ‪،‬التركيــة‪،‬الســويدية‬
‫‪ .1887‬أيضا كتاب العقيد ‪،Wilhelm von Blume ” Die Strategie” 1882‬وترجم إلى الفرنسية في عام‬
‫‪،1884‬السويدية عام ‪،1887‬الروسية عام ‪.1899‬‬

‫لكن الحــوار حــول اإلســتراتيجية بعــد ذلــك أخــذ طــابع الجــدل وأحيانــا الصــراع الفكــري مــع كتــاب ” تصــارع‬
‫اإلستراتيجيات”ـ الذي وضعه المؤرخ ‪ Hans Delbrück‬والذي يفسر فيه الحروب التي قام بها فريدريكـ الثاني‪.‬‬
‫ومع بداية عام ‪ 1910‬ســنعودـ بســرعة مــع الجــنرال ‪ Friedrich von Bernhardi‬إلى التــأليف حــول األفكــارـ‬
‫اإلستراتيجية في كتابه ” ‪( ”Vom heutigen Kriege‬الحروب الحالية) والصادرـ في عـام ‪ ،1912‬تـرجمـ إلى‬
‫الروسية عام ‪،1912‬اإلنكليزية عام ‪،1912‬الفرنسـية عـام ‪،1913‬اليابانيـة ‪ .1914‬عمليـا‪،‬الكتابــات اإلســتراتيجية‬
‫سوف تنتشر في معظم القارة األوربية و الواليات المتحدة ‪ :‬في بريطانيا مع ‪ W.H. james‬وكتابه ” ‪Modern‬‬
‫‪ ”Strategy‬صادر عام ‪1904‬؛ـ ‪ H. Tovey‬وكتابه ” ‪”Elements of Strategy‬؛ ثم ‪ F.N Maude‬وكتابه‬
‫” ‪ ”The Evolution of Moderne Strategy from the XVIII Century‬صادرـ في عام ‪ .1905‬وفيـ‬
‫الواليات المتحدة مــع ‪ John Bigelow‬في كتابــه” ‪ ”Principles of Strategy‬الصــادرـ في عـام ‪1891‬؛ ثم‬
‫‪ Arthur Wagner‬في كتابه ” ‪ ”Strategy‬الصدر عام ‪.1903‬‬

‫تاسعا ـ اإلستراتيجية في القرن العشرين‪.‬‬

‫بــدأ في عــام ‪ 1914‬نقــاش حــاد حــول التغــيرات الجذريــة للفن العســكري‪،‬مــع هيمنــة مســبقة للجــانب العملي على‬
‫النظــري‪.‬ـ والعديــد من الملفــات عن هــذه الفــترة تشــهد باألفكــار الــتي فرضــتها األحــداث[‪، ]48‬خاصــة أن معظم‬
‫العسكريين لم يكن لديهم الوقت للكتابة‪،‬فإما كانوا على الجبهات أو في قيادة األركان الخاصة بالعمليات العسكرية‪.‬‬
‫وهذا عمليا ما يفسر الغيـاب شـبه الكلي للمنشـورات و المطبوعـات العسـكرية في تلـك الفـترة‪ .‬ومـع بـدء الحـرب‬
‫العالمية األولى كانت العلوم اإلستراتيجية قد أصبحت ط ّي النسيان‪،‬ولكن هل يعني أنها اختفت تماما ؟‬

‫في الواقع‪ ،‬الكثير من المفكرين والكتــاب تحــدثوا عن العلــوم اإلســتراتيجية ولكن ليس في كتب أو مراجــع‪،‬بــل في‬
‫مقاالت صحفية ظهرت هنا وهناك‪،‬وفي بعض الكتب غــير العســكرية أو غــير المتخصصــة‪ .‬من بين هــؤالء كــان‬
‫البريطانيـ ‪ Charles‬الـذي كتب في صـحيفة ‪ Times‬وقـد قـدم فكـرا إسـتراتيجياـ حقيقيـا في بريطانيـاـ والواليـات‬
‫المتحــدة‪ .‬أيضــا ‪ Spenser Wilkinson‬الــذي تــرك العمــل الصــحفي في عــام ‪ 1909‬ليصــبح أســتاذ “التــاريخ‬
‫العســـكري” في جامعـــة أكســـفورد‪،‬وقـــدـ كتب أثنـــاء الحـــرب “ ‪ ،First lessons in War 1914″‬ثم ”‬
‫‪.Gouvernment and the War 1918″‬‬

‫في ألمانيا‪ ،‬قام ‪ Lucia Frost‬بإدخال بعض التعليقات حول أعمال ‪ Clausewitz‬في مرجع يهتم باألدب بشــكل‬
‫عام‪ .‬وفي فرنسا‪ ،‬يمكننا متابعة دراسات عسكرية منتظمــة في المرجــع ” ‪La Revue des deux-mondes،‬‬
‫‪ . …La Revue de Paris ، La Revue universelle‬في سويسرا‪،‬ـ كتب العقيد ‪Ferdinand Feyler‬‬
‫مجموعة من التعليقات حول الحرب العالمية األولى منها ( مدخل إستراتيجيـ عــام ‪1915‬؛ و مشــاكل إســتراتيجية‬
‫مستفادة من الحرب األوربية عام ‪ .)1918‬وال بد من اإلشارة هنا إلى “المرجع العسكري السويسري”ـ الــذي بقي‬
‫له تأثير مهم‪ ،‬كما هي مجموعة “المراجع العسكرية األمريكية”‪.‬‬

‫مع انتهاء عام ‪،1918‬كانت المفاهيم اإلستراتيجية النظريــة قــد أعيــد بناؤهــا‪ .‬فكــل القناعــات و التأكيــدات الســابقة‬
‫تعرضت لالنهيار مع نهاية الحرب األولى‪ .‬أما سيتركزـ من هــذا التــاريخ بين الــذين يأخــذون بالمــذهب العســكري‬
‫الجديد حول الجبهـة المسـتمرة وتفـوق العمـل الـدفاعي ‪،‬و المجـددين الـذي يريـدون اسـتثمار اإلمكانيـات الجديـدة‬
‫المفتوحة بواسطة األسلحة الجديدة التي استخدمت أثناء الحرب‪،‬وأهمها الدبابة والطائرة[‪.]49‬‬

‫ـ الفكر اإلستراتيجي في الثالثينات‪ :‬بين التجديد و الجمود‪.‬‬

‫في الثالثينات من القرن الماضي بدا وكأنه هناك نزعة للتشــدد فيمــا يتعلــق بهــذا الفكــر‪.‬ففيـ إيطاليــا كتب الجــنرال‬
‫‪ Visconti-Prasca‬كتابا أخذ شهرة كبيرة تحت عنوان ” ‪( ”La Guerra decisiva‬الحرب الحاسمة) في عام‬
‫‪،1934‬ترجم لأللمانية والفرنسية في عام ‪ .1935‬يدعو الجنرال في هــذا الكتــاب إلى العــودة لعقيــدة الهجــوم‪ .‬وفي‬
‫فرنسا أيضــا لم يتوقــف التيــار المتشـدد في الفكـر اإلســتراتيجي عن الظهـورـ كمـا يتـبين ذلــك مــع كتـاب الجـنرال‬
‫‪ Chauvineau‬بعنوان “هل االقتحــام مــازال ممكنــا؟” وقــد صــدر في عــام ‪ ،1939‬وهــو مثــال جيــد على عــودة‬
‫المحافظين إلى داخل هذا الفكر‪.‬‬

‫أيضا في ألمانيا‪ ،‬فقد أخـذ هـذا االتجـاه توسـعاـ كبـيرا مـع العديـد من منظريـه وأهمهم‪Wilhelm Reinhardt, :‬‬
‫‪ .Alfred Krauss, Waldemar von Erfurth, Herman Foertsch‬وفيماـ يتعلق بعقيدة الهجوم‪،‬فقد أحدث‬
‫األلمان تطورا كبيرا بعد تصنيعهمـ وامتالكهم بشكل كبير لكل من الطائرة و الدبابة‪ .‬ونذكر هنــا أن اإلســتراتيجيين‬
‫األلمان تأثروا كثيرا بالمنظرين اإلســتراتيجيين البريطــانيين مثــل ]‪ . Azar Gat [50‬أمــا في روسـيا فقــد حــاول‬
‫السوفييت تطويرـ نظرية أصيلة وخاصة بهم‪ .‬والكاتب األكثر شـهرة في هـذا المجـال كـان الجـنرال ‪Alexandre‬‬
‫‪ Svechin‬في كتابه ” ‪ ”Strategija‬الصادرـ عام ‪ .1926‬ويصنفـ اليوم كمؤلَّف كالسيكي‪ .‬ساهم كتابــه بتأســيس‬
‫ما يسمى بالمذهب”الواقعي”‪ ،‬وقد دعم الماركسي الشهير “تروتسكي”ـ هذا المذهب قائال ‪ ”:‬ال يمكننــا بنـاء قاعـدة‬
‫للحرب مع الماركسية”‪.‬‬
‫عمليــا اصــطدم هــذا المــذهب ومعــه تروتســكي بكتابــات ‪ Mihail Frounze‬المــدعوم من قبــل المارشــال‬
‫‪ Toukhatchevski‬الــذي يــدعو إلى “مـذهب عسـكري واحـد ال يتغـير”‪ ،‬والـذيـ يجب أن يكــون ” التعبــير عن‬
‫اإلرادة الواحدة للطبقة االجتماعية في السلطة”‪ .‬هاجم‪  Toukhatchevski  ‬خصومه من الجــانب اإليــديولوجي‬
‫مما أدى فيما بعد لتصفيته ومعه أيضا ‪ .Svechin‬في عــام ‪،1939‬وصــل الفكــر اإلســتراتيجي إلى حالــة مختلفــة‬
‫تماما عما كان عليـه في عـام ‪ ،1914‬حيث لم يعـد هنـاك إجمـاع عقيـدي‪،‬بـل على العكس أصـيب بفجـوة كبـيرة‬
‫وقعت بين المحافظين و المحدثين‪.‬‬

‫ـ الفكر اإلستراتيجي خالل الحرب العالمية الثانية‪.‬‬

‫الحرب التي اندلعت في سبتمبر ‪ 1939‬أحدثت انقالبات جذرية في المذاهب اإلســتراتيجية الــتي كــانت ســائدة بين‬
‫الحربين‪ .‬فالخططـ اإلستراتيجية لم تعــد على مســتوىـ حــرب صــغيرة أو كبــيرة بــل أصــبحت على مســتوىـ العــالم‬
‫ككل‪،‬ومن أهم أسباب هذا التغير هو التطورـ الحاصل في جميع صنوفـ األسلحة المستخدمة‪ .‬إذا أصبحت األسلحة‬
‫تفرض قوانينهاـ ‪،‬أما اإلستراتيجيات فتجربـ جميعها في ميادين المعارك‪ .‬مع ذلك‪،‬التفكير و التنظيرـ اإلســتراتيجي‬
‫لم يختف من البلدان األوربية‪،‬حيث اسـتمرت العديـد من المراجـع والمطبوعـات اإلسـتراتيجية النظريـة بـالظهورـ‬
‫خالل الحرب‪.‬‬

‫إن الحدث األهم الذي عرفته الحرب الثانية هو الصعود القوي للواليات المتحدة األمريكية‪.‬وهــذا مــا ترافـقـ أيضــا‬
‫في ميدان التفكير اإلستراتيجي النظري‪.‬ـ ومن المعروفـ أن هذا البلد لم يكن بعد قد أنتج تلك المراجــع الكــبرىـ في‬
‫العلوم اإلستراتيجية‪،‬طبعاـ إذا استثنينا ‪ .Mahan‬خروج الواليات المتحدة منتصرة في الحــرب الثانيــة جعلهــا تهتم‬
‫كثيرا بالميدان النظريـ للعلوم اإلستراتيجية والقى هذه االهتمام اتســاعا كبــيرا على المســتوى العــالمي‪ .‬فقــد بــدأت‬
‫الجامعــات األمريكيــة بوضــع الــبرامج البحثيــة الــتي تقــرأ وتحلــل الفكــر اإلســتراتيجيـ األوربي‪ :‬مثال ‪Edward‬‬
‫‪ Mead Earle‬أطلق دراساته حول كبار اإلســتراتيجيين األوربــيين في كتــاب لــه تحت عنــوان ” ‪Makers of‬‬
‫‪ ”Strategy‬صدرـ في عــام ‪،1943‬وتــرجم للفرنســية في عــام ‪،1982‬وقــد اســتمر هــذا المرجــع نصــف قــرن من‬
‫الزمان كأحد أهم المراجع في هذا المضمار‪.‬‬

‫أيضــا ‪ Stephen Possony‬أدار برنامجــا ضــخما للترجمــة لجميــع اإلســتراتيجيات الكالســيكية‪ .‬والعــددي من‬
‫المحللين درسوا تحوالت وتغيرات الحروب البرية و البحرية‪ .‬ومن هنا بدأت تظهر مالمح تيار جديــد في العلــوم‬
‫اإلستراتيجية‪،‬هذا التيار سيؤسس لما سنسميه فيما بعد بالجيوإستراتيجية‪ .‬ويمكن القــول هنــا‪،‬إن القــوة العالميــة‬
‫للواليات المتحدة ليست فقط وليدة ظروف معينة‪،‬بل هي أيضا ناتجة عن برنامج ناضــج من التفكــير والبحث قبــل‬
‫أن يوضعـ في التنفيذ‪ .‬حيث بالنسبة لهم النظرية توجه وتغني التطبيقـ العملي‪.‬‬
‫المراجع‬

‫[‪ ]1‬ـ انظــر ‪ ”، Jean Pierre Bois :‬فن الســالم في العصــر الحــديث”‪ ،‬بالفرنســية‪ ،‬بــاريس‪ ،1997 ،‬أيضــا ‪،‬‬
‫‪“ ، Hervé COUTAU‬اإلستراتيجية”‪،‬مرجعـ سابق‪،‬الصفحة ‪.144‬‬
‫[‪ ]2‬ـ انظر ‪ ،Jean Pierre Bois :‬المرجع السابق‪.‬‬
‫[‪ ]3‬ـ صدر هذا الكتاب عن دار نشر ‪ ،Laffont‬باريس ‪.1990‬‬
‫[‪ ]4‬ـ ‪Everett WHEELER، ” The Origins of Military Theory in Ancient Greece and‬‬
‫‪ ،”China‬عن المجلة العسكرية الدولية للتاريخ العسكري‪ ،‬العدد ‪ ،5‬بوخارست‪ ،1980 ،‬الصفحة ‪.75‬‬
‫[‪ ]5‬ـ تشير بعض الدراسات البيبلوغرافية إلى وجودـ فهرس عسكري صيني وضعته الصين حاليا ويحصي أكــثر‬
‫من ‪ 4000‬عنوانا حتى تاريخ ثورة عام ‪.1911‬‬
‫[‪ ]6‬ـ عاش هؤالء في منطقة “شانغ يونغ”‪ ،‬وقدرـ صدر في باريس كتاب بعنوان ” كتــاب أمــير شــانغ”‪ ،‬عن دار‬
‫‪،Flammarion‬عام ‪.1981‬‬
‫[‪ ]7‬ـ انظـر‪،”Frank A. Kierman and John K.Fairbank،”  Chinese Ways in Warfare : ‬‬
‫جامعة كامبردج و جامعة هارفرد‪.1974 ،‬‬
‫[‪ ]8‬ـ ‪ ” ،Flavius Végèce‬الفن العسكري”‪،‬بالفرنسية‪.Bordeaux، Ulysse، 1998 ،‬‬
‫[‪ ]9‬ـ ‪ ”،Xénophon‬الرسائل الجميلة”‪ ،‬ترجمة ‪ ،M. Bizos and E. Delebecque‬باريس‪،‬نشر مجموعة‬
‫الجامعات الفرنسية‪1971،‬ـ‪.1978‬‬
‫[‪ ]10‬ـ ‪ ”،Daniel REICHEL‬الصدمة”‪ ،‬منشـوراتـ الجيش السويســري‪ ،‬قســم الخــدمات التاريخيــة‪،1984 ،‬‬
‫الصفحة ‪.38‬‬
‫[‪ ]11‬ـ ‪ ،William V. HARRIS،” War and Imperialism in Republican Rome‬الصفحة من‬
‫‪ 327‬إلى ‪ ،370‬منشورات جامعة أكسفورد‪.Clarendon Presse، 1985 ،‬‬
‫[‪  ]12‬ـ ‪ ،”P .A . STADTER، ” The Ars Tactica of Arrian‬ترجمة عن النص األصلي‪ ،‬صدر عن‬
‫‪.Classical Philology. 1987‬‬
‫[‪ ]13‬ـ ‪، ”Brian CAMPBELL ،” Teach Yourself to Be a General‬صدر في صحيفة ” الدراسات‬
‫الرومانية”‪ ،1987،‬الصفحة ‪.22‬‬
‫[‪ ]14‬ـ انظر‪ ”،Pierre LAEDRICH :‬حدود اإلمبراطورية‪ ،‬إستراتيجيات اإلمبريالية الرومانيــة كمــا جــاءت‬
‫في كتاب ‪،”Tacite‬بالفرنسية‪،‬صدر في باريس عن دار نشر ‪،Economica‬المكتبة اإلستراتيجية ‪.2001‬‬
‫[‪ ]15‬ـ ـ انظــر‪Constantine ZUCKERMAN،” The Military Compendium of Syrianus :‬‬
‫‪.Magister”، 1990‬‬
‫[‪ ]16‬ـ انظر‪Walter E. KAEGI،” Some Thoughts on Byzantine Strategy”، Brookline، :‬‬
‫‪.The Hellenic Studies Lecture،1983‬‬
‫[‪ ]17‬ـ انظر‪Vassilios CHRISTIDES، ” Ibn al-Manqali and Leo VI : New Evidence on :‬‬
‫‪Arabo-Byzantine Ship Construction and Naval Warfare”، Byzantino-Slavica، LVI،‬‬
‫‪.1995‬‬
‫[‪ ]18‬ـ انظر‪ ”،Philippe CONTAMINE : ‬مرجع مجتمع أصدقاء متحف الجيش”‪ ،‬بالفرنسية‪ ،‬صادر عام‬
‫‪،1997‬الجـــزء الثـــاني‪ ،‬العـــدد ‪ ،114‬الصـــفحة ‪50‬؛ أيضـــا ‪ :‬لنفس الكـــاتب ” الحـــرب في العصـــر الوســـيط”‪،‬‬
‫بالفرنسية‪،‬باريس‪ ،‬المطابع الجامعية لفرنســا‪،1980 ،‬الصــفحات ‪ 356‬ـ ‪357‬؛ أيضــا‪”،René Quatrefages :‬‬
‫الفكــر العســكريـ الكتالني وتــأثيره على الحــرب في بدايــة العصــور الحديثــة”‪ ،‬مدري ـدـ ـ ـ إســبانيا‪،1990،‬الجــزء‬
‫الثاني‪،‬الصفحة ‪.215‬‬
‫[‪ ]19‬ــــ انظـــر ‪ ” ،Félix GILBERT:‬ميكيـــافلي‪ :‬والدة فن الحـــرب”‪،‬ضـــمن كتـــاب ‪Edward Mead‬‬
‫‪”،EALE‬معلمو اإلستراتيجية”‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الصفحة‪( .23،‬بالفرنسية)‪.‬‬
‫[‪ ، ]20‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪ 30‬ـ ‪.31‬‬
‫[‪ ]21‬ـ انظر‪“ :Claude GAIER :‬جيوش ومعاركـ في عالم القرون الوسطى”‪ ،‬صــادرـ في بروكســل‪،‬بلجيكــا‪،‬‬
‫جامعة ‪،De Boeck، 1995‬الصفحة ‪.331‬‬
‫[‪ ]22‬ـ ‪ ،Philippe CONTAMINE‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.364‬‬
‫[‪ ]23‬ـ انظر‪ ” ،Edmond SILBERNER :‬الحرب في الفكر االقتصــاديـ في القــرن السـادس عشــر والقـرن‬
‫الثامن عشر”‪،‬بالفرنسية‪ ،‬صدرـ في باريس‪،‬دارـ نشر ‪.Sirey،1939‬‬
‫[‪ ]24‬ـ ‪ ”، Antonio LOPEZ‬الحرب والثقافة في العصر الحديث”‪،‬باإلسبانية‪،‬إسبانيا‪،‬الصفحة ‪.77‬‬
‫[‪ ]25‬ـ ‪ ،Hervé BEGARIE‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪ 180‬ـ ‪.190‬‬
‫[‪ ]26‬ـــ انظــر‪Gregory Hanlon، ” The Twilight of a Military Tradition : Italian :‬‬
‫‪، Aristocrats and European Conflicts 1560-1800‬صــادر في لنــدن‪ ،‬دار نشــر – ‪UCL Press‬‬
‫‪.Taylor and Francis،1997‬‬
‫[‪ ]27‬ـــ كتب عنــه الكــاتب الفرنســيـ ‪ Jean Thiriet‬في بحثــه ” إعــادة اكتشــافـ رجــل للحــرب والحــرف‪:‬ـ‬
‫‪، ”Montecucculi‬صادر في مجلة “إستراتيجي”ـ الصفحة ‪،60‬فرنسا‪.1995 ،‬‬
‫[‪ ]28‬ـ انظر‪،Hervé BEGARIE : ‬المرجع السابق‪ ،‬الصفحة من ‪190‬ـ‪.200‬‬
‫[‪ ]29‬ـ انظر ‪ ” ،Jean Chagniot :‬إستراتيجية عدم التأكد‪،‬فروسية ‪ ،”Folard‬بالفرنسية‪ ،‬دار نشر ‪،Rocher‬‬
‫فرنسا ‪.1997‬‬
‫[‪ ]30‬ـ انظر‪ ”،Henri – Antoine JOMINI :‬فن الحرب”‪ ،‬لم نجد ال تاريخ الشر وال دار النشر‪.‬‬
‫[‪ ]31‬ـ انظر ‪ ”،Joly de Mazeroy :‬نظرية الحرب”‪ ،‬صدر في نانسي‪،‬فرنسا‪ ،‬دار نشــر ‪،Leclerc،1777‬‬
‫الصفحة ‪.18‬‬
‫[‪ ]32‬ـ كان غائبا تماما من تاريخ الفكر اإلستراتيجي ‪،‬ثم تم التــذكير بــه من قبــل البروفســورـ ‪Curd Ochwadt‬‬
‫الذي أعاد نشر كتابته‪.‬‬
‫[‪ ]33‬ـ انظر‪D. GRUBER،” British Strategy : the theory and practice of eighteenth : ‬‬
‫‪ ،”century warfare‬لندن‪ ،‬دار نشر ‪.Greenwood Press، 1978‬‬
‫[‪ ]34‬ـ انظر‪ ” ،Bruno COLSON :‬حروب الثورة ‪،″1797 1792‬بالفرنسية ‪ ،‬باريس‪ ،‬دار نشر ‪hachette‬‬
‫و ‪.Pluriel 1998‬‬
‫[‪ ]35‬ـــــ ظهــــرت العديــــد من المؤلفــــات عنــــه أهمهــــا ‪ ” :‬عظمــــة و تراجــــع ‪ ،”Jomini‬لمؤلفــــه ‪Emile‬‬
‫‪،MAYER‬بالفرنسية؛ وكتاب ‪ ، ”John I ALGER ” Jomini : A Bibliographical Survery‬صادر‬
‫عن ‪.US Military Academy، 1975‬‬
‫[‪ ]36‬ـ انظر ‪ ” ،Bruno COLSON :‬الثقافة االستراتيجة األمريكية‪ ،‬تأثير ‪ ، ”Jomini‬بالفرنسية ‪ ،‬صادر في‬
‫باريس‪ ،‬دار نشر ‪ ،Economica‬المكتبة اإلستراتيجية‪.‬‬
‫[‪ ]37‬ـ أفضل تأريخ له كتبه ‪Peter Paret، ” Clausewitz and the State”، Princeton University‬‬
‫‪.Press،1976‬‬
‫[‪ ]38‬ــ انظــر‪Christopher BASSFORD،” Clausewitz in English : The Reception of : ‬‬
‫‪ ،Clausewitz in in Britain and America 1815-1945‬نيويورك‪ ،‬مطابع جامعة أكسفورد‪.1994 ،‬‬
‫[‪ ]39‬ـ ‪ ،”Jay Luvaas،” Clausewitz, Fuller and Liddell Hart‬من كتاب ”‪Michael Handel،‬‬
‫‪ ، ”Clausewitz and Modern Strategy‬من الصفحة ‪ 197‬حتى ‪.212‬‬
‫[‪ ]40‬ـ ‪ ”،Raymond ARON‬التفكير بالحرب”‪ ،‬بالفرنسية‪ ،‬الصفحة ‪.347‬‬
‫[‪ ]41‬ـ أيضا ظهرت الترجمة اإليطالية لإلستراتيجي البروسي على يد الجنرال ‪ ،Bollati‬ثم كتــاب ‪Ferruccio‬‬
‫‪ Botti ” Clausewitz‬في أيطاليا”‪ ،‬من مجلة ‪ Stratégique‬األعداد ‪78 ،‬ـ‪2000 ،79‬ـ‪.2/3‬‬
‫[‪ ]42‬ـ انظر ‪Olaf ROSE ،” Carl von Clausewitz, Wirkungsgeschichte seines Werkes in :‬‬
‫‪ ،Russland und der Sowjetunion 1836-1995″‬ميونخ‪ ،‬دار نشر ‪( ،Oldenbourg Verlag، 1995‬‬
‫‪ Clausewitz‬تأثيره في روسيا واالتحادـ السوفييتي)‪.‬‬
‫[‪ ]43‬ـ لمعرفة أهم أعالم المدرسة اإلســتراتيجية األلمانيــة يمكن العــودة إلى بحث ”‪Herbert ROSINSKI :‬‬
‫‪ ،”the Rise and Decline of Germn Military Thought‬في مجلــة ‪Naval War College‬‬
‫‪ ،Review‬صادرـ في صيف ‪،1976‬الصفحة ‪.83‬‬
‫[‪  ]44‬ـ انظر‪،”Carl Van DYKE،” Russian Imperial Military Doctrine and Education :‬‬
‫صــادر عن ‪ Westport Greenwood Press، 1990‬و ‪Walter Pinter، ” Russian Military‬‬
‫‪ ،”thought :the Western Model and the Shadow of Suvorof‬بحث في مجلــة ‪Makers of‬‬
‫‪.Modern Strategy‬‬
‫[‪ ]45‬ــــ كتب عن هـــذا المارشـــال‪ ،‬الكـــاتب ‪ Bruno Colson‬في كتابـــه الصـــادرـ بالفرنســـية ” ‪Maréchal‬‬
‫‪ ،”Marmont, De l’esprit des institutions militaires‬بــاريس‪ ،‬دار نشــر ‪ ،Economica‬المكتبــة‬
‫اإلستراتيجية ‪.2001‬‬
‫[‪ ]46‬ـ هناك كتابات أخرى بالفرنسية ‪ :‬أهمها ‪ Sainte-Hélène‬و خاصة ما تمت كتابته منها بإيعاز من نابليون‬
‫الثالث نفسه مثل ” مالحظات لنابليون األول” وهو من ستة أجزاء‪ ،‬صدر في باريس عام ‪.1867‬‬
‫[‪ ]47‬ـ في فرنسـاـ مثال‪،‬كــان هنــاك ” صــحيفة العلــوم العســكرية‪ ،‬و ” القــارئ العســكري”‪،‬ثم أضــيف ” المرجــع‬
‫العسكري للجيوش األجنبيــة”في عــام ‪ ،1871‬بعــد ذلــك ظهــر “مرجــع تــاريخ قيــادة األركــان للجيــوش” في عــام‬
‫‪ ،1899‬وأيضاـ “المرجع العسكري العام” في عام ‪.1907‬‬
‫[‪ ]48‬ـ من هذه الملفات والكتابات‪ ،‬كتاب الفرنســي ‪ Lucas‬والــذي كــان تحت عنــوان “تطــور أفكــارـ التكتيــك في‬
‫فرنسا و ألمانيا خالل الحرب ما بين ‪1914‬ـ‪ ،″1918‬صدر في باريس‪،‬دار نشر ‪.Berger-Levrault، 1924‬‬
‫[‪ ]49‬ـ ظهــرت العديــد من الدرســات حــول هــذا الموضــوعـ وبلغــات أوربيــة مختلفــة‪ . ‬نــذكر منهــا ‪Barry R. :‬‬
‫‪Posen،” The Sources of Military Doctrine, France, Britain and Germany between the‬‬
‫‪ .World Wars”، Ithaca، Cornell University Press، 1984‬أيضــا ‪Brian Holden Reid،” ،‬‬
‫‪ ،”Military Thinker‬لندن‪ ،‬دار نشر ‪ .Macmillan، 1987‬و بالفرنسية نقرا مع الجنرال ‪Camon،” La‬‬
‫‪ ،”Motorisation de l’Armée et la manœuvre stratégique‬صادر في باريس‪،‬دارـ نشر ‪Berger-‬‬
‫‪.Levrault،1926‬‬
‫[‪ ]50‬ـ ‪Azar GAT، ” British Influence and the Evolution of the Panzer Arm : Myth or‬‬
‫‪ ،”? Reality‬صادرـ في جزأين‪.‬‬

You might also like