You are on page 1of 1

‫تطور علم السياسة ‪:‬‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫إذا ركزنا على تاريخ تطور علم السياسة‪ ،‬سنجد أن هناك جدااًل كبيًر ا بين منهجين رئيسيين‪ .‬األول هو منهج التحليل المباشر‪ ،‬الذي‬
‫أشار إليه توماس كوهن في كتابه "بنية الثوابت العلمية"‪ .‬يعتمد هذا المنهج على دراسة العلوم دون العودة إلى تاريخها أو تطورها‪،‬‬
‫بل يركز على تحليلها ومناقشتها ونقدها بناًء على الحالة التي كانت عليها في زمن الدراسة‪.‬‬

‫أما المنهج الثاني فهو التحليل التكويني‪ ،‬والذي يؤكد على أهمية العودة إلى تاريخ العلم ومقارنة األسس والمفاهيم القديمة والجديدة‪.‬‬
‫هذا المنهج يعتقد أنه من الضروري دراسة ماضي العلم لضمان دقة وشمولية الدراسة الحالية‪ .‬لذلك‪ ،‬يمكن أن يكون هناك اختالف‬
‫بين النهجين في تحديد عدد الثوابت المعرفية‪.‬‬

‫وعلى ضوء هذا المعيار‪ ،‬نجد أن هناك خمسة اتجاهات فكرية نجحت في تغيير وتطوير علم السياسة‪ .‬إذا نظرنا إلى تطور علم‬
‫السياسة عبر التاريخ‪ ،‬نجد أن الفلسفة كان لها تأثير كبير على دراسة السياسة في العصور القديمة والوسطى والحديثة‪ .‬ولطالما‬
‫اعتبرت السياسة في تلك الفترات مجااًل معيارًيا وأخالقًيا‪ ،‬ولذا كانت في كثير من األحيان جزًءا من الفلسفة األخالقية‪.‬‬

‫وفي الفكر قبل الحداثة‪ ،‬لم يتم التركيز على المسائل العملية في السياسة بل كان التركيز على المفهومين بدًال من الواقع‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬
‫هناك بعض الفالسفة الذين انحرفوا عن هذا النهج‪ ،‬مثل أرسطو وابن خلدون ومكيافيلي‪ ،‬الذين قدموا دراسات دقيقة للواقع السياسي‪.‬‬

‫ولكن علم السياسة لم يتطور خارج اإلطار الفلسفي حتى وقت قريب‪ ،‬عندما حدثت القطيعة اإلبستمولوجية وأصبح علم السياسة‬
‫مستقًال عن العلوم اإلنسانية واالجتماعية األخرى‪ .‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬حاول العديد من علماء السياسة تغيير طبيعة هذا العلم ووضع‬
‫جدول أعمال جديد على أسس جديدة بعد تجاوز النماذج السابقة‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬شهدت مجاالت علم السياسة حركات واتجاهات فكرية‬
‫متعددة ساهمت في تطوير هذا العلم‪.‬‬

You might also like