Professional Documents
Culture Documents
الكوارث و انواعها
الكوارث و انواعها
تأليف الدكتور
خـلـف حـسين علي الدليمي
أستاذ الجغرافيا المشارك
ف َبينَهُ ث ُ َّم يَج َعلُهُ ُر َكاما ً َفت َ َرى ال َودقَ َيخ ُر ُج ِمن
س َحابا ً ث ُ َّم يُ َؤ ِل ُ
اَّللَ يُز ِجي َآلم ت َ َر أ َ َّن َّ
يب ِب ِه َمن يَشَا ُء َو َيص ِرفُهُ َعنص ُ اء ِمن ِج َبا ٍل ِفي َها ِمن بَ َر ٍد فَيُ ِ ِخ َال ِل ِه َويُن َِز ُل ِمنَ ال َّ
س َم ِ
ار ()43 ص َِب بِاْلَب َ سنَا بَرقِ ِه يَذه ُ َّمن يَشَا ُء يَ َكادُ َ
صدق هللا العظيم
إلى األرواح الطاهرة التي سبقتنا إلى الغفور الرحيم الرفيق األعلى والدي ووالدتي
وأخواني وأخواتي ,ثوابا ورحمة.
إلى األرواح التي زهقت ظلما وعدوانا ودون ذنب يرتكب أال انهم أطهار وأشراف
ومخلصين لبلدهم وامتهم ,ترحما.
إلى أرواح الذين استشهدوا في سبيل الدفاع عن أرضهم وعرضهم وعقيدتهم دون ابتغاء
عرض الدنيا ,عرفانا.
إلى االصالء الذين اسقطوا أسطورة التكنولوجيا واثبتوا قوة اإلرادة ,بالكلمة والقلم والقوة,
وفاءا وتقديرا.
المالحق
-1-2انواع من امواج التسونامي
-2-2نماذج من انواع البراكين
-1-3صور متنوعة ْلعاصير التورنادو
-2-3صور متنوعة لألعاصير البحرية.
-3-3صور الثار إعصار كاترينا.
-4-3صور ْلنواع البرق.
-1-6صور للبرد في السعودية
المقدمة
يتعرض العالم إلى الكوارث الطبيعية بشكل مستمر ومتصاعد وبأنواعها المختلفة ,والتي يذهب
ضحيتها مئات اآلالف من اْلشخاص,وخسائر مادية تصل إلى مليارات الدوالرات,وقد شهدت السنوات
اْلولى من القرن الحالي العديد من الكوارث والتي تفوق في أعدادها وخسائرها ما حدث خالل نصف القرن
الماضي,وتعد سنة 2005سنة كوارث لكثرة ما حدث خاللها من كوارث طبيعية بأنواعها المختلفة,والتي
تسببت في وفاة اكثر من 100آلف شخص,وخسائر مادية وصلت مئات المليارات من الدوالرات ,ورغم
التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يشهده العالم أال أن ذلك ال يصب في مصلحة اإلنسان الحقيقية,حيث يتم
التركيز على الجوانب الشكلية وغير الضرورية,أو ربما فيما يساهم في تدمير البشرية مثل اْلسلحة النووية
والكيميائية والجرثومية وغيرها ,وما يشهده العالم من سباق في هذا المجال,والذي دخلته الدول النامية بدون
تفكير أو تخطيط فاثقل كاهل اقتصادها بدون نتيجة,مما زادها فقرا وتخلفا ,وتركت كل ما له عالقة بحياة
اإلنسان وتطوره والحفاظ على أرواح الناس.
ورغم كل ذلك فقد استطاعت بعض الدول من اتخاذ اإلجراءات المناسبة لحماية سكانها من الكوارث التي
تتعرض لها,كما تمكنت من التعرف على بعض الـدالئل المهمة التي تتعلق بحدوث بعض الكوارث قبل
حدوثها مثل الزالزل والبراكين,والتي تعد اكثر الكوارث تأثيرا وخطورة على اإلنسان,أال أن التقدم الكبير
الذي يشهده العالم لم يولي اهتماما كبيرا لتلك الدالئل لالستفادة منها مستقبال في مواجهة تلك الكوارث ,ويقف
العالم عامة والعلماء خاصة يتفرجون على أفالم كيف يموت الناس جماعيا,كما حدث في جنوب شرق آسيا
أواخر سنة 2004وسنة , 2005واغلب الدول مستعدة أن تدفع مئات المليارات من الدوالرات تعويضات
للكوارث,ولكن غير مستعدة على دفع دوالرا واحدا على البحوث والتجارب واْلجهزة التي تستخدم في التنبؤ
بالكوارث ومواجهتها ,وكل الدول مستعدة لألنفاق في مجاالت ال أهمية لها,ولكن في مجال الحفاظ على
أرواح الناس غير ممكن,واغلب الدول تسعى إلى التنمية ولكن بعضها الترى ما هو المفتاح الحقيقي
للتنمية,فاإلنسان هو العنصر الفعال في عملية التنمية النه هو الذي يفكر ويخطط وينفذ,لذا يجب تطوير
قدراته وقابلياته وإمكانياته من خالل تقديم كل ما يحتاجه من خدمات وحمايته من الكوارث,كما تعمل بعض
الدول المتقدمة مثل اليابان.
والكوارث على أنواع حسب مسبباتها منها طبيعية الدخل لإلنسان فيها مثل الزالزل والبراكين واْلعاصير
والفيضانات والجفاف واْلمراض,وكوارث بشرية من عمل اإلنسان مثل المفاعالت النووية وما ينتج عنها
من تلوث وإشعاعات واْلسلحة الفتاكة المستخدمة في الحروب والتلوث البيئي ,وكوارث مشتركة طبيعية
بشرية ,مثل الفيضانات وبناء سدود غير كفوءة يتسبب انهيارها بخسائر بشرية ومادية,أو بناء بيوت غير
متينة يسهل انهيارها بهزة أرضية بسيطة,أو بناء منشآت على السواحل تتعرض لألمواج واْلعاصير ,أو
القيام ببناء سدود وخزانات ,أو تفجيرات نووية تسبب الزالزل.
ويتبين من دراسة الكوارث أنها ذات دالئل تظهر قبل حدوثها ,بما فيها الزالزل والبراكين,لذا يهدف هذا
الكتاب إلى التعريف بالكوارث ومخاطرها وكيفية الحد من آثارها,أي نشر ما يسمى بثقافة الكوارث والتي لم
تكن حكرا على تخصص ما دون غيره بل يشمل جميع التخصصات العلمية والمهنية ,كالطبيب والمهندس
واْلستاذ الجامعي والمدرس والمعلم والطالب والفني واالقتصادي واإلداري واإلنسان العادي ,فالجميع معنيون
بذلك ,أن التعرف على طبيعية الكوارث وما يتكرر منها في منطقة ما يمكن أن تولد لدى اإلنسان أفكار
وأساليب يتسلح بها لغرض الحد من آثارها وليست منعهاْ,لنها قوى من صنع الخالق عز وجل,وال يستطيع أحد
من منعها مهما كانت خبرته وما يملك من معدات متطورة .
وقد تم اعتماد منهجية منسجمة مع كل التوجهات ومالئمة لكل التخصصات,فنحن اليوم بحاجة إلى التسلح
باْلفكار المناسبة لمواجهة الكوارث التي أخذت تتزايد بشكل مضطرد ,والجميع معرض لها الدول المتقدمة
والنامية,لذا تضمن الكتاب جميع ما يهم القارئ وضمن إطار محدد ,وحسب المتاح من البيانات والمعلومات,
حيث تضمن الكتاب سبعة فصول شملت أنواع الكوارث الطبيعية ومخاطرها والدالئل التي تشير إلى حدوثها
واإلجراءات التي تسهم في الحد من الخسائر المادية والبشرية,كما تم تناول الكوارث الطبيعية في الوطن
العربي بشكل خاص ليتعرف المواطن العربي على ما يحيط به من مخاطر ,وان بعضها ناتج عن فعل
اإلنسان ,وهذا مهم لكي يتسلح اإلنسان العربي بما يسمى بثقافة الكارثة ويدافع عن نفسه.
وفي الختام اليسعني اال ان اتقدم بوافر الشكر والتقدير الى كل من الدكتور علي شاكر النعيمي والدكتور
عبدالحميد عبد محمد الحديثي على ما ابدوه من اراء وافكار والتي كان لها االثر الكبير في اضافة معلومات
مهمة للكتاب,فضال عن توجيهاتهم القيمة التي اغنت الكتاب بكثير من الجوانب العلمية.
واخيرا نسأل هللا سبحانه وتعالى أن يوفقنا لمافية خير وسعادة البشرية جميعا ولخدمة المسيرة التعليمية في
الوطن العربي كافة,وهو ولي الصالحين.
المؤلف الدكتور
خـلـف حسـين علي الدليمي
2008/8
akha20022000@yahoo.com
khalafhusseean@hotmail.com
الفصل األول -تعريف الكوارث وأنواعها وابعادها
( )2
أما خالل الفترة الباقية فقد كانت الكوارث الرئيسية التي شهدها العالم هي كما في الجدول رقم(.)1-2
ويتضح من الجدول أن اكثر الكوارث تكرارا هي الفيضانات وتصل حوالي %28من مجموع الكوارث الطبيعية
و %27عواصف وأعاصير و%8,5زالزل و %7,7جفاف ,والباقي كوارث أخرى متنوعة.
جدول رقم( )2-1توزيع الكوارث في العالم (بحسب النوع واإلقليم)مابين عامي .2001-1975
النسبة المئوية المجموع استراليا أوربا أفريقيا اْلمريكيتين أسيا نوع الكارثة
طبيعية
7,7 513 22 23 123 82 263 جفاف
0,9 64 0 2 16 1 45 مجاعة
28,6 1891 71 245 759 485 331 فيضانات
27 1780 163 228 738 538 113 عواصف
3,5 235 21 68 52 79 15 حرائق
3,3 224 5 85 76 50 موجات حر شديدة 8
8,5 565 34 114 278 114 25 زالزل
وتشير بعض الدراسات عن الكوارث أن سنة 2005تعد سنة كوارث لكثرة ما شهدته الكرة اْلرضية من كوارث
متنوعة آدت بحياة اكثر من 100آلف شخص واضرار مادية تقدر بحوالي 300مليار دوالر.
ويتحمل اإلنسان جزء كبير من أسباب ارتفاع حجم الخسائر رغم أنها طبيعية ومرهونة بقوة الخالق عز وجل ,أال
أن اإلنسان لم يتخذ التدابير الالزمة لمواجهة تلك الكوارث والحد من آثارها وليست منع وقوعها ,ومن أهم تلك
الكوارث التي حدثت في تلك السنة ما يأتي:
-1زلزال كشمير في 2005/10/8والذي تسبب في مقتل اكثر من 75آلف شخص وتشريد ماليين الناس
اصبحوا بدون مأوى,ومعظم تلك الخسائر تعود إلى عدم توفر شروط البناء المقاوم للزالزل مما أدى هدم تلك
اْلبنية من مساكن ومدارس وغيرها إلى قتل القسم اْلكبر من الناس.
-2اْلمطار الموسمية التي تعرضت لها مدينة مومباي الهندية في شهر 2005/9والتي يسكنها حوالي 15مليون
نسمة ,حيث غمرت تلك اْلمطار شوارع المدينة وتسببت بقتل اكثر من 400شخص,وقد تحملت مجاري صرف
مياه اْلمطار كامل المسؤولية ْلنها لم تستوعب مياه اْلمطار الغزيرة ,ولم يتحمل المسؤولية اإلنسان الذي صممها
بهذه الطاقة المحدودة.
-3تعرض الواليات المتحدة إلى إعصار كاترينا في 2005/ 8/29والذي ضرب مدينة نيواورلينز ,والتي تقع
أساسا تحت مستوى المد البحري االعتيادي ,وقد تسبب اإلعصار بقتل آالف اْلشخاص وشرد مئات اْللوف من
منازلهم,فضال عن الخسائر المادية التي تراوحت ما بين 80إلى 200مليار دوالر.
-4حدث خالل سنة 2005أعلى رقم من اْلعاصير والعواصف وبلغت 26إعصار منها 14إعصار والباقي
عواصف ,وقد تميزت بشدتها وطول مدة حدوثها,وقد بلغت قوة ثالثة منها خمس درجات وهي أعلى درجة
()3
إعصار والتي تصل سرعتها إلى حوالي 450كم/ساعة على مقياس سافيرسمبسون.
ويعد زلزال جنوب شرق أسيا في 2004/12/ 26والذي تسبب في قتل حوالي 220آلف شخص وتشريد اآلالف
من السكان وتدمير معظم المنشآت المقامة على السواحل من اعنف الزالزل في السنوات الماضية,وقد كان
ْلمواج تسونامي الناتجة عن الزلزال اْلثر اْلكبر في هذه الخسائر,والشكل رقم( )1-1يوضح المتوسط السنوي
لحدوث الكوارث بين عامي 1975و , 2001ويتضح من الشكل أن الكوارث الطبيعية ازدادت في السنوات
اْلخيرة بشكل ملحوظ,حيث كان متوسط حدوث الكوارث في الفترة اْلولى مابين عامي 1980 1975حوالي
197كارثة سنويا,ارتفع إلى 440كارثة بين عامي 1981و,1986والى 837بين عامي 1986و,1991ثم
ارتفعت إلى 1270بين عامي 1991و,1996والى 1688بين عامي 1996و ,2001هذا يعني أن الفترة اْلخيرة
زادت عشر أضعاف ما كانت عليه في الفترة اْلولى ,وأربعة أضعاف الفترة الثانية وضعف الفترة الثالثة وحوالي
%25عن الفترة التي سبقتها ,وهذا مؤشر وواضح على أن الكوارث الطبيعية في ارتفاع مستمر,ويعني ذلك أن
العالم أمام تحديات كبيرة ليست له القدرة على الحد منها,ولكن يستطيع اتخاذ بعض اإلجراءات للحد من مخاطرها
أو آثارها.
شكل رقم( )1-1يوضح المتوسط السنوي لحدوث الكوارث بين عامي 1975و .2001
المصدرwww.cred.be :
آما الشكل رقم ( )2 -1يوضح الكوارث في أمريكا للفترة مابين , 1998 -1952ويتضح من الشكل أن أمريكا تشهد
كوارث بوتيرة مرتفعة جدا,وتحتل اْلعاصير المرتبة اْلولى بنوعيها والهوريكان والتورنادو,ثم الفيضانات
()4
والزالزل.
الشكل رقم ( )2 -1يوضح الكوارث في أمريكا للفترة مابين 1998 -1952
الزالزل الهوريكان
الفترة
المصدرwww.agu.org/sci :
سيتم في هذا المجال تناول الكوارث الطبيعية من وجهة نظر قرآنية بشكل مختصر .ويكون وفق عدة محاور
منها :
-1المحور األول:اإلعراض عن آيات هللا تعالى :
ونَ ُ
عن َها ُمع ِّْرض ) [يوسف . ]105 : ْ ُ ْ
علي َها َوه ْم ََ َ ونَ ض يَمُرُّ َ
ت َواألرْ ِّ اوا ِّس َم َقال هللا سبحانه ( َو َكأَيِّن ِّمن آيَ ٍة فِّي ال َّ
هذه الحوادث والكوارث من آيات هللا سبحانه وتعالى ,وما أكثر اآليات التي يمر بها اإلنسان وهو عنها
معرض,دون أن يفكر أو يعي أو يتأمل في شيء من مدلول هذه اآلية ,وما تحكي عنه من قدرة إلهية وضعف
البشر وغير ذلك ,حتى لو كانت قوى عظمى فهي ال تستطيع أن تقف أمام هذه اآلية,ولكي تعود إلى وضعها
السابق تخسر مليارات الدوالرات ولعدة سنوات .
في لحظات معدودة من الزالل أو أيام من الطوفان أو الرياح يتحطم غرور البشر وكبرياءه,لعل وعسى يتذكر
خالقه ويرجع إليه,ولكنه يرجع إلى الغفلة والعصيان .
-2المحور الثاني :جنود هللا تعالى ال يعلمها إال هو :
ْ
قال عز وجل (َ ..و َما يَ ْعلَ ُم ُجنُودَ َربِّكَ إِّال ُه َو َو َما ِّه َي إِّال ِّذك َرى ِّللبَش َِّر )[المدثر. ]31 :
ْ
ال يعلم احد بجنود هللا تعالى,ولكن هللا تعالى هو علمنا بعض جنوده,ومن الجنود الريح,إن يشأ هللا تعالى يسكن
الريح,وإن يشأ يرسله,كما أرسله على عا ٍد وهو الريح العقيم ,وإن يشأ يغرق السفن ومن عليها ,وإن يشأ
يسخر الريح لعبد من عباده كسليمان ( عليه السالم) تجري بأمره,غدوها شهر ,ورواحها شهر .
-3المحور الثالث :على اإلنسان أن ال يأمن مكر هللا تعالى أو انتقامه :
شع ُُرونَ ) [النحل ]45:ض أَوْ يَأْتِّيَ ُه ُم ْالعَذابُ ِّم ْن َحيْث الَ يَ ْ
ُ َ ِّف اللُ ِّب ِّه ُم األَرْ َ ت أَن يَ ْخس َ ( أفَأ َ ِّمنَ الَّ ِّذينَ َمك َُرواْ الس َِّّيئ َا ِّ
.
ْ ُ
علَ ْي ُك ْم َحاصبا ً ث َّم الَ ت َ ِّجدُوا لَ ُك ْم َو ِّكيالً ) [اإلسراء . ]68 : س َل َ َ ْ
ب البَ ِّر أوْ يُرْ ِّ ْ َ
( أفأ ِّمنت ُ ْم أن يَخس َ
ِّف ِّب ُك ْم َجانِّ َ َ َ َ
ور ) [الملك. ]16: ض فَ ِّإذَا ِّه َي ت َ ُم ُ ِّف بِّ ُك ُم األَرْ َ س َماء أَن يَ ْخس َ ( أمنتم مَّن فِّي ال َّ
-4المحور الرابع :ذنوب الناس أفسدت البر والبحر :
َّ ُ
ْض الذِّي ع َِّملوا لَعَل ُه ْم يَرْ ِّجعُونَ ) [الروم ]41 : َّ اس ِّليُذِّيقَهُم بَع َ سادُ فِّي ْالبَ ِّر َو ْالبَ ْح ِّر ِّب َما َك َ
سبَ ْت أ َ ْيدِّي النَّ ِّ ( َظ َه َر ْالفَ َ
.
ذنوب الناس ال تؤثر على أرواحهم فقط,بل تؤثر على البر والبحر أيضاً,فهذا العالم مترابط,واإلنسان سيد
المخلوقات على هذا الكوكب,فما تجنيه يد هذا اإلنسان يؤثر حتى على األسماك في قاع المحيطات,وذلك ليذوق
الناس بعض الذي عملوا,لعلهم يرجعون إلى هللا تعالى,وحتى يحصل الرجوع ال بد من التمعن فيما يذوقه الناس
على سطح األرض من عذاب وخوف,ولماذا ذاقه وكيف؟أما إذا تعاملنا مع ما نذوقه على أنه مجرد فاجعة
مؤلمة نسارع إلى إبراز األسى والتأسف ,أو المساعدات المالية,وأليام قليلة فحسب فعندئذ نحن ال نقرأ الدرس
بالطريقة الصحيحة .
ير)[الشورى. ]30: سبَ ْت أ َ ْيدِّي ُك ْم ويعفو عن َكثِّ ٍ ُّصيبَ ٍة فَب َما َك َ صابَ ُكم ِّمن م ِّ ( َو َما أ َ َ
-5المحور الخامس :بعض المصائب والفتن تعم الجميع :
ب ) [األنفال. ]25: ْ
شدِّيدُ ال ِّعقَا ِّ ( َواتَّقُواْ فِّتْنَةً الَّ ت ُ ِّصيبَ َّن الَّ ِّذينَ َظلَ ُمواْ ِّمن ُك ْم خاصة َوا ْعلَ ُمواْ أ َ َّن اللَ َ
اآلية الكريمة تتحدث عن فتنة تعم الجميع وال تختص بالذين ظلموا خاصة ,وهذا يعني ان من يبث الخراب
والدمار واالفكار الفاسدة والحاقده التكن النتائج المترتبة عليها تخصه فقط بل الكل يتأثر بذلك .
-6المحور السادس :أمثلة قرآنية على مصائب بشرية :
المثال األول :قصة الرجلين,وقد جعل هللا تعالى لألحدهما جنتين من أعناب وحفهما بنخل وجعل بينهما
زرعاً,وفجر خاللهما نهراً,ولكنه بدل أن يشكر هللا تعالى أخذ في التفاخرعلى صاحبه والتشكيك في المعاد ,فأحيط
بثمره وأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها,وهي خاوية على عروشها .
المثال الثاني :أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين وال يستثنون,لكي ال يعطوا أي مسكين من تلك
الثمار ,فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون,فأصبحت كالصريم .
المثال الثالث :قصة سبأ,وقد جعل هللا تعالى لهم آية,جنتان عن يمين وشمال,وأبيح لهم ذلك الرزق ,وطلب منهم
الشكر,ولكنهم أعرضوا فأرسل عليهم سيل العرم,وبدلهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر
( )5
قليل ,لماذا ؟ الجواب :بما كفروا.
َ
ارها . ْ ُ ُ َ
سان َمال َها .يَوْ َمئِّ ٍذ ت َح ِّدث أخبَ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ
ت األرْ أثقال َها َ .وقا َل ا ِّإلن َ ضُ َ ْ ْ َ َ َ ْ
ت اْألَرْ ضُ ِّزلزال َهاَ .وأخ َر َج ِّ وقال تعالى(:إذَا ُز ْل ِّزلَ ِّ
شتَاتا ً ِّلي َُروْ اْ أ ْع َمالَ ُه ْم .فَ َمن يَ ْع َم ْل ِّمثْقَا َل ذَرَّ ٍة َخيْرا ً يَ َرهُ َ .و َمن يَ ْع َم ْل صدُ ُر اْلنَّ ُ
اس أ ْ أن َربَّكَ أوْ َحى لَ َهاٍ .يَوْ َمئِّذ يَ ْ بِّ َّ
ِّمثْقَا َل ذَرَّ ٍة شَرا ً يَ َرهُ)
وسورة الزلزلة واحدة من أكثر سور القرآن تأثيرا في القلوب الواعية منها والغافلة ,ومن أشدها تحذيرا وتنبيها
للنفس البشرية بما تسوقه من صورة لمشهد عظيم من مشاهد يوم القيامة التي تتنوع وتتعدد مبشرة اْلتقياء بنعيم
مقيم محذرة اْلشقياء من عذاب أليم مؤكدة أن عمل الخير أو الشر مهما تضاءل سيجزي به اإلنسان وأن الحساب
والوزن والجزاء لن يترك صغيرة وال كبيرة إال ويحصيها ,فمن يعمل مثقال خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا
يره ,وتبدأ السورة بربط ظاهرتين عرفهما الناس في حياتهم الدنيا واعتبروهما من الكوارث الطبيعية الزالزل
والبراكين نظرا لما تحدثه من هالك ودمار وما تبثانه من هلع وذعر ,وواضح من السياق أن ما سيحدث يوم
القيامة سيكون أكثر هوال ,ومن المثير للتأمل والتدبر أن آيتين في السورة قد أوردتا إشارتين علميتين في غاية
اْلهمية لم يتوصل العلم إليها بشكل قطعي في كافة أنحاء العالم إال باستخدام أدق اْلجهزة العلمية وأكثرها
حساسية ،فاإلشارة العلمية اْلولى هي ربط بين ظاهرتي الزالزل والبراكين,واإلشارة الثانية هي أن مكونات
جوف اْل رض أثقل من مكوناتها السطحية.
وبالنسبة لإلشارة اْلولى فكلنا سمع في السنوات الحديثة عما يسمى بشبكات الرصد الزلزالي المنتشرة في كل
بقاع العالم،وتشير وسائل اْلعالم المختلفة بين الحين واآلخرعن المراصد في العالم ,والزالزل التي تحدث في
أماكن عدة.
كما يحدث بين حين وآخر انفجار أو نشاط بركاني في منطقة ما من العالم,وربما يشاهد البعض ما تعرضه أجهزة
التلفاز عن هذه اْلنشطة البركانية والحمم أو سحب الرماد البركاني التي تخرج من فوهات البراكين ,أو من
تشققات اْلرض وما تحدثه من دمار وهلع وذعر ,ولكن الذي ال يعرفه الكثير هو أن هناك فئة ليست بالقليلة من
العلماء المتخصصين تعكف على هذه اْلحداث والبيانات وتوقعها على خرائط أساس ,أي خالية من أي بيانات عن
الكرة اْلرضية ,فهذه مجموعة توقع بؤر الزالزل التي تزيد شدتها على التي حدثت خالل المائتي عام الماضية
على خريطة تسمى خريطة مواقع الزالزل الحديثة,ومجموعة أخرى توقع أماكن اْلنشطة البركانية الحديثة ,وقد
أظهرت خريطة المجموعة اْلولى أن توزيع بؤر الزالزل على مستوى الكرة اْلرضية لم يكن عشوائيا بل إنه
يتبع نمطا معينا,وأن هناك مناطق تخلو تماما من تلك البؤر مثل الصحراء الكبرى ,بينما هناك أماكن أخرى
تتركز فيها هذه البؤر مثل اليابان وإندونيسيا والساحل الغربي ْلمريكا الجنوبية والتي أطلق عليه مجازا أحزمة
الزالزل,وأظهرت خريطة المجموعة الثانية أن توزيع بؤر البراكين على مستوى الكرة اْلرضية ليس عشوائيا بل
إنه يتبع نمطا معينا,وأن هناك مناطق تخلو تماما من النشاط البركاني مثل الصحراء الكبرى ,وأخرى تكثر فيها
هذه اْلنشطة مثل اليابان وإندونيسيا والساحل الغربي ْلمريكا الجنوبية والتي أطلق عليه حزام النار ،فهذه
الخرائط تظهر من المقارنة بينها أن هناك تطابقا كامال بين المناطق التي تحدث فيها الزالزل أي أحزمة الزالزل
وتلك التي تكثر فيها اْلنشطة البركانية,وتسمى أحزمة النار ,مما يؤكد وجود عالقة وثيقة ال يشوبها أي شك بين
والسؤال هو لو لم الزلزلة واالنفجارات البركانية.
يكن هذا القرآن وحيا من العليم الحكيم فكيف استطاع محمد صلى هللا عليه وسلم أن يربط بين هاتين الظاهرتين
بالذات ليصور منهما مشهدا من مشاهد يوم القيامة ؟ ولماذا لم يربط الزالزل مثال بالصواعق أو اْلعاصير أو
يربط البرق والرعد بالبراكين ,وكيف تمكن الرسول الكريم التوصل إلى هذه الحقائق دون أي قياسات أو
اتصاالت أو رصد,وقبل أن تكتشف مناطق كثيرة من العالم ,وأن يربط بين الظاهرتين بهذا الربط الجازم الواضح
المبسط (إن هو إال وحي يوحى) ,ولعل في هذه اإلشارة العلمية إعجازا واضحا يدركه كل إنسان
عاقل.
ت اْألَرْ ضُ أَثْقَالَ َها}
اما بالنسبة لإلشارة العلمية الثانية والتي وردت في اآلية الثانية من سورة الزلزلة َ {.وأ َ ْخ َر َج ِّ
فهي تفيد أن مكونات اْلرض في جوفها أثقل من مكوناتها عند سطحها ,والسؤال هو ما نصيب هذه المعلومة من
الصحة ومتى وكيف أمكن للعالم أن يعرفها.؟ أن صحة هذه المعلومة أمر مؤكد ال يختلف عليه اثنان من علماء
اْلرض اآلن ,بل تم تحديد كثافة تلك المكونات ,فمتوسط الثقل النوعي لمواد اْلرض السطحية هو حوالي
4غم/سم 3وتزيد هذه القيمة تدريجيا لتصل إلى حوالي8غم/سم 3في الوشاح الذي يبلغ سمكه حوالي 2900كم ,ثم
يصل الثقل النوعي إلى حوالي11غم/سم 3في لب اْلرض او النواة التي تمتد لمسافة حوالي 3471كم أخري حتى
أما مركز اْلرض.
متى عرف العلماء هذه الحقائق فالمعلومات كلها تؤكد أن ذلك تم في القرن العشرين الماضي ,بعد أن جرى قياس
سرعة انتقال الموجات الزلزالية في جوف اْلرض ,وتحديد النطاقات التي تتغيرعندها هذه السرعة ,ثم تحديد
تركيب هذه النطاقات من المضاهاة التجريبية لسرعة انتقال أنواع الموجات في المواد المختلفة ,كما ساعدت
دراسة النيازك الحديدية التي تتساقط على اْلرض والتي يعتقد أنها ممثلة لمكونات اْلرض الداخلية أيضا في
الوصول إلى تصور عن التركيب الداخلي لألرض والصور التي يمكن أن تتواجد عليها المادة هناك ,فضال عن
االستفادة من قوانين الجاذبية في حساب متوسط كثافة اْلرض ,والذي أعطى مصداقية لكل هذه التقديرات,ثم يجب
االنتباه إلى هذا التوافق الرائع مع ما ذكره الحق في موضع آخر من كتاب هللا الكريم (الذي جعل لكم األرض
قرارا) سورة غافر ,فقد جعلها بهذا التوزيع الداخلي لألثقال والجاذبية مالئمة تماما للحياة واالستقرارعليها سواء
من البشر أو الحيوان أو النبات,وإذا أراد هللا أن ينهي هذه الحياة بكافة صورها فما على اْلرض إال أن تتخلى عن
ت.وإِّذَا األَرْ ضُ ُمدَّ ْت
شقَّ ْتَ .وأ ِّذنَت ِّل َربِّها َ َو ُحقَّ َ
مسئوليتها وتلقي ما بداخلها تصديقا لقوله تعالى( :إِّذَا السَّما ُء ان َ
َوأَلقَ ْت َمافِّي َها َوت َ َخلَّ ْتَ .وأ َ ِّذنَت ِّل َربِّ َها َو ُحقَّ ْت) وبهذا تنتهي الحياة على اْلرض بالزلزال اْلعظم الذي يؤدي إلى
()6
شق اْلرض ويندفع ما بداخلها وتلقي بأثقالها فتميد وتضرب(,لمن الملك اليوم .؟ هلل الواحد القهار).
المبحث الثاني -انواع وابعاد الكوارث والعوامل التي تزيد من آثارها ا:
اوال -انواع الكوارث
ا -كوارث طبيعية:
وتعني الكوارث الناتجة عن أسباب طبيعية الدخل لإلنسان في وقوعها ولكنه يساهم في زيادة حجم تأثيرها لعدم اتخاذ
التدابير الالزمة للحد من أضرارها ,مثل الزالزل والبراكين واْلعاصير والفيضانات والسيول واالنزالقات والتدفق
الطيني واالنهيارات والجفاف والحشرات الضارة.
-2كوارث بشرية:
وهي كوارث ناتجة عن فعل اإلنسان مثل الحروب واستخدام اْلسلحة الفتاكة والكيميائية والنووية,والتلوث البيئي
واإلشعاع النووي,والتجارب النووية في البر والبحر وما ينتج عنها من هزات أرضية وتلوث,وعمل السدود والخزانات
على نطاق واسع,واستغالل الثروات الطبيعية بشكل مفرط وخاصة الموجودة تحت سطح اْلرض مثل الماء والنفط
والمعادن ,واقامة المنشآت الثقيلة فوق اْلرض ,وغيرها من اْلنشطة التي مارسها اإلنسان كالطيران وركوب البحر
والتي تسببت في حدوث كوارث متنوعة.