You are on page 1of 5

‫‪ó‬‬

‫احلمد هلل وبعد‪:‬‬


‫ُ‬
‫لماذا فرتت عن طلب العلم ؟!‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صـــدر‬ ‫مضجـــع الكريـــم‪ ،‬ويضيـــق لـــه‬ ‫ســـؤال يقـــض‬
‫احلريـــص الفهيـــم‪.‬‬
‫كيـــف ال‪ ،‬وقـــد رأى قوافـــل الصاحلـــن مـــن العلمـــاء‪،‬‬
‫ومواكـــب املجتهدين من الفقهاء‪ ،‬تســـر أمامـــه وقد ختلف‬
‫عنها ‪.‬‬
‫ّ ٌ‬
‫كيـــف ال‪ ،‬وهو خيىش أن تذهـــب لذة من قلبه‪ ،‬وســـعادة‬
‫ُ‬
‫مجالـــس العلم‬
‫ِ‬ ‫مـــن ل ّبه‪ ،‬شـــعر بهـــا حـــن كان يزاحـــم يف‬
‫ســـود كتاب درســـه جبميل اللطائف والفرائد‪.‬‬ ‫والفوائد‪ ،‬قد ّ‬
‫ّ‬
‫والهـــم‪ ،‬وتزيـــد علـــى القلب‬ ‫وحـــى ال يطـــول التحســـر‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫والغـــم‪ ،‬ويتوســـع اخلـــرق‪ ،‬فيصعـــب معـــه ترقيع‬ ‫الكآبـــة‬
‫ْ‬
‫ا لفتق ‪.‬‬
‫انظـر إىل مـا يـأيت؛ لعـل فيـه عونـا لـك علـى اإليـاب‪،‬‬
‫وتيسيرا لـك علـى اإلقبـال بعـد الذهـاب‪.‬‬
‫‪77‬أوال ‪ :‬تفقـد ّنيتـك‪ ،‬وراجـع يف ذلك ّ‬
‫همتك‪ ،‬فـإن رأيت فيها‬

‫‪1‬‬
‫خللا أو ضعفـا؛ ّ‬
‫فقوها جبميل النظر‪ ،‬يف صحيـح األثر‪ ،‬وتأمل‬
‫صحيـح احلديـث يف فضـل العلـم والتحديـث‪ ،‬ففيـه لـك‬
‫دافـع‪ ،‬وعـن ضعـف الهمـة ْ‬
‫رافع‪.‬‬ ‫ْ‬

‫أقبـل علـى ّربـك بالدعـاء‪ ،‬وابدأ دعـاءك بالثنـ�اء‪ ،‬أن‬ ‫‪77‬ثانيـ�ا‪ِ :‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يفتـح هللا للعلـم قلبـك‪ ،‬وحيفـظ لـك عقلـك ولبـك‪ ،‬فالدعـاء‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫هـو العبـادة‪ ،‬وبـه ينـ�ال العبـد منـازل الفوز‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫والسـعادة‪ُّ ،‬‬
‫قريب‪ ،‬وملن طرق بابه سـميع‬ ‫وربنـ�ا ممـن دعاه‬
‫ْ‬
‫ومجيب‪.‬‬

‫‪77‬ثالثـا‪ :‬اقـرأ سير السـلف الصاحلين‪ ،‬وال سـيما الصحابة‬


‫املتقين ومـن جـاء بعدهـم مـن كـرام التابعين‪ ،‬ففـي سيرهم‬
‫يف طلـب العلـم مواقـف عجيبـ�ة‪ ،‬وهمـم غريبـ�ة‪ ،‬حتسـبها‬
‫ُ‬
‫‪-‬مـن غرابتهـا‪ -‬أسـاطري األولين‪ ،‬ومخرتعـات الق ّصـاص‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫واملؤلفين‪ ،‬واحلـق أن فيها جمال صحيحـة‪ ،‬وقصصا مليحة‪،‬‬
‫ّ‬
‫تدفـع السـآمة وامللـل‪ ،‬وحتفـز علـى النشـاط والعمـل‪.‬‬

‫‪77‬رابعـا‪ :‬تأمـل يف رفعـة أهـل العلـم‪ ،‬ففـي قولـه تعـاىل ‪:‬‬


‫‪ K‬ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ‪ J‬مـن‬
‫جميـل اجلـزاء واملكافـآت‪ ،‬ومـن عظيـم النفـع والهبـات‪.‬‬
‫ْ‬
‫فلا تـرض لنفسـك بالبطالـة‪ ،‬وال تقبـل بسـبي�ل أهـل‬
‫ْ‬
‫الغفلـة واجلهالـة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫َ‬
‫ألـزم نفسـك صحبـة األخيـار‪ .‬ومرافقـة األبـرار‪،‬‬
‫‪77‬خامسـا‪ِ :‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ممـن علـت يف طلـب العلـم همتـه‪ ،‬وزاد للفقـه محبتـ�ه‪ ،‬فهـو‬
‫أنيـس الطريـق‪ ،‬ونعـم الصاحـب والرفيـق‪.‬‬
‫وافـرح يف ذلـك بمـن سـبقك يف الطلـب‪ ،‬لينفعـك علمـه‪،‬‬
‫سـعدك نصحـه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وي ِ‬
‫وإال فمـن كان يف مسـتوى حتصيلـك‪ ،‬ومقارنـا لـك يف‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫تأصيلـك‪ ،‬لتدارسـه األقـوال واملسـائل‪ ،‬وتب�ادلـه جميـل‬
‫ْ‬
‫النكـت والفضائـل‪.‬‬

‫أحسـن اختيـ�ار الكتـاب‪ ،‬فإنـه أرفـق بـك يف‬


‫‪77‬سادسـا‪ِ :‬‬
‫اخلطـاب‪ ،‬وأهـدى لـك إىل سـبي�ل الصـواب‪ ،‬وال تسـتعجل‬
‫ّ‬
‫الوصـول‪ ،‬وتتخطـى سـبل األصـول‪ ،‬فتتعثر خيلـك عـن‬
‫مرافقـة الصديـق‪ ،‬وتضيـع منـك بوصلـة الطريـق‪.‬‬

‫‪77‬سـابعا‪ :‬أصلـح يف العاجلـة مـا يعينـك علـى أمـر اآلجلـة‪،‬‬


‫وتـزود مـن دار العمل واالكتسـاب‪ ،‬بمـا يفيـدك يف دار اجلزاء‬
‫واحلسـاب‪ ،‬وال تـزد يف دار العبـور‪ ،‬مـا يشـغلك عـن حتصيـل‬
‫علمـك وعملـك املبرور‪ .‬فقـد صـح احلديـث عـن منهومني ال‬
‫يشـبعان‪ ،‬فكـن مجتهـدا غير كسلان‪.‬‬

‫‪77‬ثامنـا‪ :‬احـرص علـى طلـب العلـم حضـورا للسـماع‪،‬‬


‫فبذلـك يتـم االنتفـاع‪ ،‬وإيـاك وتأجيل الـدرس‪ ،‬فيغيب عنك‬
‫‪3‬‬
‫درس اليـوم كـدرس األمـس‪ ،‬وهـو مدعـاة الكسـل واخلمول‪،‬‬
‫ومفتـاح االنقطاع والنكول‪ ،‬فاحتسـب أجـر حضورك للعلم‪،‬‬
‫وأقبـل علـى درسـك إقبـال مبتـغ للفهـم‪ .‬وال تسـتعض عنـه‬
‫بالتفقـه بمطالعـة الكتـاب‪ ،‬فمغاليقـه حيرت أويل األفهـام‬
‫واأللبـاب‪.‬‬

‫‪77‬تاسـعا‪ :‬كـن رفيقـا بوقتـك‪ ،‬وأحسـن تنظيم وقـت عملك‬


‫ودرسـك‪ ،‬فالبعثرة داء‪ ،‬والرتتيـب لهـا دواء‪.‬‬
‫فقف لكل مقام بمقاله‪ ،‬وفز جبميل خصاله وخالله‪.‬‬

‫‪77‬عاشـرا‪ :‬احـذر سـارق السـاعات‪ ،‬ومشـتت األوقـات‪،‬‬


‫مـن برامـج اجلوال‪،‬ووسـائل التواصـل واالتصـال‪ ،‬فخطرهـا‬
‫جسـيم‪ ،‬وضررهـا أليـم‪ ،‬وهـي عـن طلـب العلـم مـن أكبر‬
‫املعوقـات‪ ،‬وأعظـم الصـوارف عـن املهمـات‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like