You are on page 1of 15

‫تربية األوالد في اإلسالم – ‪ : 51 / 01‬أهمية التربية ‪ ،‬لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي‬

‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫محمد الصادق الوعد األمين‬‫ٍ‬ ‫الحمد هلل رب العالمين ‪ ،‬والصالة والسالم على سيِّدنا‬
‫اللهم ال علم لنا إال ما علَّمتنا ‪َّ ،‬إنك أنت العليم الحكيم ‪َّ ،‬‬
‫اللهم علِّمنا ما ينفعنا ‪ ،‬وانفعنا بما‬ ‫َّ‬
‫َّ‬
‫الحق حقاً وارزقنا اتباعه ‪ ،‬وأرنا الباطل باطالً وارزقنا(‬ ‫علَّمتنا ‪ ،‬وزدنا علماً ‪ ،‬وأرنا‬
‫اجتنابه ‪ ،‬واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ‪ ،‬وأدخلنا برحمتك في عبادك‬
‫الصالحين‪.‬‬
‫موضوع يطرح في درس‬
‫ٍ(‬ ‫أيها اإلخوة الكرام ‪ ..‬بعد عيد الفطر السعيد ‪ ،‬كنت ِّ‬
‫أفكر في‬
‫األحد ‪ ،‬فقد كان درس األحد كما تعلمون ‪ ،‬خاصاً بالسُّنة النبويَّة المطهَّرة ‪..‬إما لألحاديث‬
‫الشريفة‪ ،‬شرحاً وتبياناً ‪ ،‬أو لألحكام الفقهيَّة التي تدور( حول األحاديث الشريفة‪ ،‬منذ يومين‬
‫عمل أخطر في حياة المسلمين من تربية أوالدهم ‪ ،‬ألن هذا العمل‬ ‫أتأمل أنه ما من ٍ‬ ‫وأنا َّ‬
‫بإمكانهم ‪ ،‬هذا من اختصاصهم( ‪ ،‬ومن دائرة سيطرتهم( ‪ ،‬المسلم أحيانا ينظر يمنةً ويسرةً فقد‬
‫يجد نفسه ضعيفاً ‪ ،‬أو يجد نفسه مستضعفاً( ‪ ،‬ال يملك أن يمنع هذه القوى المخيفة التي تتحرك‬
‫لتقضي على اإلسالم ‪ ،‬لكنه يملك أن يربي أوالده واإلنسان إذا أراد أن ال يموت ‪ ،‬فعليه‬
‫بتربية أوالده تربيةً إسالميةً قد يقول أحدكم ‪ :‬هناك عقبات كثيرة جداً ‪ ،‬وهذا صحيح ‪،‬‬
‫والنبي عليه الصالة والسالم يقول ‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫سلَّ َم َي ِْأتي َعلَى‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ‬
‫ِ‬
‫سو ُل اللَّه َ‬ ‫ال َر ُ‬
‫ال ‪ :‬قَ َ‬ ‫س ْب ِن َم ِال ٍك قَ َ‬
‫‪َ ......‬ع ْن َأَن ِ‬
‫ض َعلَى ا ْل َج ْم ِر *‬‫ين ِه َكا ْلقَا ِب ِ‬
‫الصا ِبر ِفي ِهم علَى ِد ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ان َّ ُ‬ ‫اس َز َم ٌ‬ ‫َّ‬
‫الن ِ‬
‫( سنن الترمذي )‬
‫ال َّ‬
‫شك أن المهمة صعبة ‪ ،‬لكن ما من ٍ‬
‫عمل أعظم وال أجدى وال أدوم في حياة‬
‫المؤمن من أن يربِّي أوالده ‪ ،‬هم بضعةٌ منه ‪ ،‬هم ثمرة قلبه ‪ ،‬هم استمرار وجوده ‪ ،‬وأنا‬
‫مستوى ٍ‬
‫عال من‬ ‫ً(‬ ‫عال من الفهم ‪ ،‬وعلى‬‫مستوى ٍ‬
‫ً(‬ ‫آباء على‬
‫أرى وأسمع وأعاين أن هناك ً‬
‫الكمال ‪ ،‬وعلى مستوى ٍ‬
‫عال من اإليمان ‪َّ ،‬‬
‫لكنهم َي ْشقَون بشقاء أوالدهم ‪ ،‬فاالبن يحتاج إلى‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫مراقبة ‪ ،‬إلى‬ ‫ٍ‬
‫معاينة ‪ ،‬إلى‬ ‫سن صغير ‪ ،‬ويحتاج إلى ٍ‬
‫وقت مديد ‪ ،‬إلى‬ ‫انتباه شديد وهو في ٍ‬
‫ٍ‬
‫اصطحاب ‪ ،‬يحتاج إلى جهد كبير ‪ ..‬لكن واهلل الذي ال إله إال هو ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وعظ ‪ ،‬إلى‬ ‫ٍ‬
‫توجيه ‪ ،‬إلى‬
‫ٍ‬
‫بسعادة ‪ .‬واهلل لو أعطي‬ ‫وتفوقاً تشعر‬
‫حينما ترى ابنك كما تتمنى ديناً وصالحاً واستقامةً ّ‬
‫ٍ‬
‫بسعادة كتلك التي يشعرها‬ ‫الدنيا بأكملها من الذهب والفضة وكان من أهل الدنيا ال يشعر‬
‫حينما يرى ابنه كما يتمنى ‪ ،‬لذلك قد يقول أحدكم ‪ :‬ماذا أفعل ؟ ‪ ..‬بإمكانك أن تفعل َّ‬
‫كل شيء‬
‫ق أن يكون أوالدك استمراراً لوجودك المؤمن ‪ ،‬وأن تخلِّف‬ ‫بإخالص وصد ٍ‬
‫ٍ‬ ‫‪ ،‬لكن إذا أردت‬
‫عز َّ‬
‫وجل أعطاك هذا االبن هدية ‪ ،‬أو أعطاك‬ ‫تشمر ‪ ،‬اهلل َّ‬
‫ولداً صالحاً يدعو لك ‪ ،‬فعليك أن ِّ‬
‫إيَّاه هبة ‪ ،‬والدليل قوله تعالى ‪:‬‬

‫(سورة األنعام)‬

‫عز وجل ‪ ،‬طفل بين يديك هو ابنك وأنت أبوه ‪،‬‬ ‫هبة ‪ ،‬تعني أثمن شيء تناله من اهلل ّ‬
‫بأمرك ‪ ،‬مصروفه عليك ‪ ،‬نفقته عليك ‪ ،‬توجيهه أنت مسؤو ٌل عنه ‪ ،‬فأنا‬‫يأتمر ِ‬
‫خاضعٌ لك ‪ُ ،‬‬
‫أن األب الذي ينهمك بعمله ليحقِّق نجاحاً خارج البيت ‪ ،‬ويهمل أوالده ‪ ،‬يشعر بعد‬
‫أشعر َّ‬
‫فوات األوان أنه خسر خسارةً كبيرةً ‪َّ ،‬‬
‫وأنه ضيَّع أثمن ما في وجوده ‪ ..‬أوالده ‪.‬‬
‫فيا إخواننا الكرام ‪ ..‬واهلل ما سعيت ِّ‬
‫بكل جهدي ألفتتح معهد تحفيظ القرآن التابع لهذا‬
‫المسجد ‪ ،‬إال ليكون أبناؤكم مشمولين بالرعاية ‪ ،‬معهد تحفيظ قرآن وسنحاول في الصيف إن‬
‫شاء اهلل أن نبدأ تعليم القرآن الكريم تحفيظاً وتسميعاً( وتجويداً( ‪ ،‬وشيء من الفقه وال سيَّما‬
‫أحكام الصالة ‪ ،‬شيء من سيرة السلف الصالح الصحابة الكرام ‪ ،‬أي هذا االبن سيكون له‬
‫أعدت له من أجل أن َّ‬
‫ينشد ‪ ،‬أو يرتبط الطفل بالمسجد( كي ينشأ على طاعة‬ ‫مناشط إسالمية َّ‬
‫اهلل ‪ ،‬على ٍ‬
‫كل الموضوع خطير جداً وطويل( جداً ‪ ،‬ولكن أكتفي في هذا الدرس باستعراض(‬
‫القرآنية التي تأمر المؤمن أن يربي( أوالده ‪ ،‬من آيات القرآن الكريم( قال تعالى ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫النصوص‬

‫(سورة طه)‬

‫كم من المؤمنين يصلِّي لكن ال يعنيه شأن أهله ‪ ..‬صلَّوا أم لم يصلّوا ‪ ،‬ال يعنيه شأن‬
‫أوالده ‪ ..‬صلَّوا أم لم يصلّوا ‪ ،‬إذا كان باإلمكان أن تصلّي بهم إماماً في البيت فافعل( ‪ ،‬إذا‬
‫كان باإلمكان أن تصطحبهم إلى المسجد فافعل ‪ ،‬دائما االبن قد يكون عبئاً على أبيه ‪ ،‬لكن‬
‫إذا كان عبئاً عليه ثم قطف الثمرة اليانعة ‪ ،‬ينسى َّ‬
‫كل األتعاب التي تعبها من أجله ‪ ،‬إذاً َّأول‬
‫آية ‪:‬‬

‫( سورة طه ‪ :‬من آية " ‪) " 132‬‬


‫فكلَّما دخل وقت الصالة َّ‬
‫تذكر هذه اآلية ‪ ،‬أنت لست مكلفاً أن تصلِّي وحدك ‪ ..‬أنت‬
‫مكلف أن تأمر أهلك بالصالة وأن تصطبر( عليها ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫كمؤمن‬
‫اآلية الثانية ‪:‬‬

‫(سورة التحريم)‬

‫أم ُر اهلل َّ‬


‫عز وج ّل أن تقي نفسك‬ ‫َّ‬ ‫أم ُر اهلل َّ‬
‫عز وجل لك ال أن تقي ذاتك وحدك ‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬
‫وأهلك ‪ ،‬فاآلية واضحة ‪:‬‬

‫(سورة التحريم ‪ :‬من آية " ‪) " 6‬‬

‫اآلية الثالثة ‪:‬‬

‫(سورة النساء ‪ :‬من اآلية " ‪) " 11‬‬

‫خالق الكون يوصيك بأوالدك ‪ ،‬والقرآن أحياناً له مناسبة خاصة وله معنى عام‪ ..،‬اهلل‬
‫سبحانه وتعالى يوصيك( بأوالدك( ‪ ،‬يوصيك( أن تربِّيهم( ‪ ،‬يوصيك( أن ِّ‬
‫تهذبهم ‪ ،‬أن ِّ‬
‫تؤدبهم ‪ ،‬أن‬
‫تعلِّمهم ‪ ،‬أن ِّ‬
‫تنشئهم( نشأةً طاهرة ‪ ،‬أن ترعاهم ‪ ،‬أن تراقبهم‪ ،‬أن تأخذ بيدهم إلى اهلل عز وجل‬
‫‪ ،‬النبي عليه الصالة والسالم يقول ‪:‬‬
‫( سورة النساء ‪ :‬من آية " ‪) " 11‬‬

‫‪ ‬‬
‫صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْي ِه‬ ‫ت رس َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫سم ْع ُ َ ُ‬
‫ضي اللَّ ُه ع ْنهما يقُو ُل ِ‬
‫َ‬ ‫َ َُ َ‬
‫‪ .........‬ع ِن ْاب ِن عمر ر ِ‬
‫ُ ََ َ‬ ‫َ‬
‫اع‬
‫الر ُج ُل َر ٍ‬ ‫سُئو ٌل َع ْن َر ِعي َِّت ِه َو َّ‬ ‫اع َو َم ْ‬ ‫ام َر ٍ‬ ‫ِ ِِ‬
‫سُئو ٌل َع ْن َرعيَّته اِإل َم ُ‬ ‫اع َو ُكلُّ ُك ْم َم ْ‬
‫سلَّ َم َيقُو ُل ُكلُّ ُك ْم َر ٍ‬
‫َو َ‬
‫سُئولَ ٌة َع ْن َر ِعي َِّت َها‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫سُئو ٌل َع ْن َر ِعيَّته َوا ْل َم ْرَأةُ َراع َي ٌة في َب ْيت َز ْو ِج َها َو َم ْ‬
‫ِفي ْ ِ ِ‬
‫َأهله َو ُه َو َم ْ‬
‫اع ِفي‬ ‫الر ُج ُل َر ٍ‬ ‫ال َو َّ‬
‫َأن قَ ْد قَ َ‬
‫ت ْ‬ ‫سُئو ٌل َع ْن َر ِعي َِّت ِه قَا َل َو َح ِس ْب ُ‬ ‫ال ِ ِ‬
‫س ِّيده َو َم ْ‬ ‫اع في َم ِ َ‬
‫وا ْل َخ ِادم ر ٍ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫سُئو ٌل َع ْن َر ِعي َِّت ِه *‬ ‫اع َو َم ْ‬ ‫سُئو ٌل َع ْن َر ِعي َِّت ِه َو ُكلُّ ُك ْم َر ٍ‬ ‫مِ ِ‬
‫ال َأِبيه َو َم ْ‬ ‫َ‬
‫(رواه البخاري‪ T‬ومسلم)‬

‫ُّ‬
‫ويستحق دخول النار‪،‬‬ ‫أنت مسؤول( أمام اهلل ‪ ..‬ورد في األثر أن االبن الذي يهمله أبوه‬
‫وجل ويقول‪ :‬يا رب ال أدخل النار حتى ُْأد ِخل أبي قبلي ‪َّ ،‬‬
‫ألنه كان لي‬ ‫عز َّ‬ ‫يقف بين يدي اهلل َّ‬
‫في دخولها سبباً ‪.‬‬
‫هذا الكالم سهل ‪ ..‬إلقاؤه سهل ‪ ،‬واستماعه سهل ‪ ،‬لكن إخواننا الَّذين لديهم أوالد‬
‫غفلة عنك ‪ ،‬ولم َّ‬
‫يتلق التوجيه‬ ‫يشب في ٍ‬‫صغار ‪ ،‬اآلن أنت مشغول عنه ‪ ..‬لكن حينما ُّ‬
‫الكافي ‪ ،‬يتفلَّت من بين يديك ‪ ،‬ال تستطيع أن تفعل معه شيئاً ‪ ،‬ال يستمع ‪ ،‬وال يرعوي ‪ ،‬وال‬
‫أخ‬
‫يصغي ‪ ،‬وال ينتبه ‪ ،‬يصبح هذا االبن عبئاً على أهله ‪ ،‬فلذلك نصيحة من القلب ‪ ..‬كل ٍ‬
‫عنده أوالد يجب أن يمضي جزءاً من وقته في تعريفهم( باهلل ‪ ،‬في إكرامهم( ‪ ،‬في مالطفتهم ‪،‬‬
‫في التحبُّب إليهم ‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم ‪:‬‬
‫فليتصاب له "‪.‬‬
‫َ‬ ‫صبي‬
‫ٌ‬ ‫" من كان له‬
‫بد من جز ٍء من وقتك( تمضيه مع أوالدك ‪ ،‬ال تقل لي ‪ :‬واهلل أنا مشغول ‪ ..‬فأنا‬
‫ال َّ‬
‫أخرج من البيت وهم نائمون وأرجع وهم نائمون ‪ ،‬هذا خطأ كبير جداً ‪ ،‬المالحظ أن األب‬
‫وقت تمضيه مع أوالدك ‪ ،‬هذا الوقت‬ ‫إذا كثر غيابه عن البيت ‪ ..‬تفلَّت أوالده‪ ،‬ال بد من ٍ‬
‫يؤخذ من زبدة وقتك( ‪.‬‬
‫روى اإلمام الترمذي في صحيحه ‪:‬‬
‫سلَّ َم ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّب‬
‫َألن ُيَؤ د َ‬ ‫صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ‬
‫سو ُل اللَّه َ‬
‫ال ‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫" ‪َ .......‬ع ْن َجا ِب ِر ْب ِن َ‬
‫س ُم َرةَ قَ َ‬
‫اع‪*" ........‬‬ ‫ص ٍ‬ ‫َّق ِب َ‬‫صد َ‬
‫َأن َيتَ َ‬‫الر ُج ُل َولَ َدهُ َخ ْيٌر ِم ْن ْ‬
‫َّ‬
‫(رواه الترمذي)‬

‫يتصدق بصاع ‪ ،‬وقد( روى‬ ‫َّ‬ ‫خير من أن‬ ‫يؤدب الرجل ولده ٌ‬ ‫صدقة يوميَّة ‪ ..‬ألن ِّ‬
‫الترمذي أيضاً عن رسول( اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم أنه قال ‪:‬‬
‫صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْي ِه‬ ‫َأن رس َ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسى َع ْن َأِبيه َع ْن َجدِّه َّ َ ُ‬‫ُّوب ْب ُن ُم َ‬ ‫" ‪َ .........‬ح َّدثََنا َأي ُ‬
‫س ٍن ‪* " ......‬‬ ‫ْض َل ِم ْن َ‬
‫َأد ٍب َح َ‬ ‫سلَّ َم قَا َل َما َن َح َل َو ِال ٌد َولَ ًدا ِم ْن َن ْح ٍل َأف َ‬
‫َو َ‬
‫(رواه الترمذي)‬
‫النبي‬ ‫نتعرف( إلى توجيهات‬
‫النبي ‪ ،‬نحن نحاول أن َّ‬ ‫َّ‬
‫ّ‬ ‫نتعرف( إلى سنة ّ‬
‫نحن نحاول أن َّ‬
‫ألن اهلل سبحانه وتعالى يقول ‪:‬‬

‫(سورة الحشر)‬

‫النبي ‪ ،‬وال تلتفت إلى الرزق ‪ ،‬ما الدليل ؟‬


‫النبي ‪..‬افعل ما يأمرك به ّ‬
‫ّ‬ ‫هذه توجيهات‬
‫الدليل هو قوله تعالى ‪:‬‬

‫(سورة طه)‬
‫العلماء استنبطوا ‪ " :‬أن الذي يأمر أهله بالصالة ‪َّ ،‬‬
‫يتكفل اهلل سبحانه وتعالى له ولهم‬
‫بالرزق ‪ ،‬هكذا تقول اآلية " ال نسألك رزقاً " ‪ ،‬ال تقل لي ‪ :‬إنني مشغول ‪ ،‬عندنا موسم ‪،‬‬
‫أريد تأمين الطعام لي ولهم ‪ ،‬أنت واحد منهما ‪ ،‬أنت معال ولست معيل ‪ ..‬أنت وهم عالةٌ‬
‫وجل‪ ،‬ال تحتَّج بإهمال أوالدك بعلَّة كسب الرزق( ‪ ..‬ال نسألك رزقاً ‪ ..‬هذا كالم‬
‫عز َّ‬
‫على اهلل َّ‬
‫خالق الكون " نحن نرزقك "‪.‬‬
‫وفي حديث آخر للنبي عليه الصالة والسالم( ‪:‬‬
‫" علموا أوالدكم وأهليكم الخير وأدبوهم "‬
‫أذكر لكم أنه هناك زوجة ‪ ،‬وهناك زوجة رفيقة (بالمعنى اإلسالمي( طبعاً )‪ ..‬معنى‬
‫رفيقة أن هذه الزوجة إذا كانت على شاكلة زوجها ‪ ،‬إذا كانت مؤمنةً مصليةً ‪ ،‬صائمةً ‪،‬‬
‫َّ‬
‫محبةً لربِّها ‪ ،‬قائمةً بأمره ‪ ،‬راعيةً لبيت زوجها( ‪ ،‬ترعى أوالدها ‪ ،‬هذه الزوجة تسمو عن أن‬
‫تكون زوجةً فقط تصبح شريكة حياة ‪ ،‬والحقيقة عندما يعيش الزوج مع زوجته حياة أساسها‬
‫الوفاق الفكري ‪ ،‬والوفاق ِ‬
‫القَيمي ‪ ،‬أي أن المبادئ واحدة ‪ ،‬القيم واحدة ‪ ،‬األهداف واحدة ‪،‬‬
‫حينها يمكن أن يعالج معها موضوعاً( طويالً في أمور الدين‪ ،‬أي إذا ارتقت الزوجة إلى‬
‫مستوى زوجها فكان إيمانها كإيمانه ‪ ،‬وإ دراكها كإدراكه ‪ ،‬وأهدافها( كأهدافه ‪ ،‬وخوفها من اهلل‬
‫عز وجل كرغبته ‪ ،‬وحرصها( على تربية أوالدها‬ ‫عز وجل كخوفه ‪ ،‬ورغبتها في طاعة اهلل ّ‬ ‫ّ‬
‫النبي الكريم‬
‫ّ‬ ‫تربيةً إسالميةً كحرصه ‪ ،‬هذه أرقى من زوجة ‪ ..‬أصبحت شريكة حياة ‪ ،‬لذلك‬
‫يقول ‪ " :‬علموا أوالدكم وأهليكم "‪.‬‬
‫أن الزوجة يجب أن ال تكون (طبخ ونفخ بالتعبير( العامي) ‪ ،‬وغسيل ورعاية ‪،‬‬ ‫أي َّ‬
‫وهي ذات إيمان ضعيف ‪ ،‬متفلتة من الدين ألن هذه الزوجة تُم ُّل ‪ ،‬هي تَ ُّ‬
‫مل من زوجها(‬ ‫َ‬
‫مل منها ومن أوالدها ‪ ،‬فالحاجات الماديَّة تُ َم ُّل سريعاً ‪ ،‬كل شيء له‬
‫وأوالدها ‪ ،‬وزوجها( َي ُّ‬
‫أمر معروف فال يمكن لشيء من الحياة الدنيا‬ ‫بريق تجد بعد حين أن هذا البريق( يخبو ‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫أن يعطيك سعادة مستمرة ‪ .‬هذا مستحيل ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫تحتل من نفسك وال‬ ‫تشتري سيارة ‪ ،‬في أول جمعة ال تنام الليل ‪ ،‬بعد سنتين تجدها ال‬
‫وفرح به وكلما جاءك‬
‫ٌ‬ ‫مسرور‬
‫ٌ‬ ‫ذرة ‪ ..‬شيء طبيعي ‪ ،‬تسكن في بيت فخم ‪ ،‬في أول شهرين‬
‫ضيف تريه البيت كله ‪ ..‬انظر مساحته ‪ -213 -‬لكن واهلل العليم ‪ 225 -‬م‪ .. - 2‬يجب أن‬
‫تقول له كم مساحته وثمنه ‪ ،‬وتريه األثاث ‪ ،‬بعد مدة من الزمن تجده أمراً طبيعياً جداً‪..‬‬
‫حظوظ الدنيا (حظٌ حظ )‪ ،‬هكذا َّأوله له بريق( ‪ ،‬أما الشيء الذي يمدك بسعادة مستمرة هو أن‬
‫تتعرف إلى اهلل ‪ ،‬فاإلنسان لو اختار زوجته وفق مقاييس معينة وكانت ملء سمعه وبصره‬
‫سعد بها ‪ِ ،‬اسأل أي زوج بعد سنتين ‪ ..‬األمر بسيط( جداً كيفما كانت زوجته ‪ ،‬بريق‬
‫وانتهى ‪ ،‬لذلك الزوجة تسعد بها سعادة متنامية إذا ع َّْرفتها باهلل ‪ ،‬تسعد بها سعادة متنامية إذا‬
‫كانت شريكتك في الحياة و تسعد بها سعادة متنامية إذا كانت على شاكلتك ‪ ،‬إذا كانت‬
‫وجل‪ ،‬تعينك على الشيطان ‪،‬‬‫عز َّ‬ ‫ورعةً ‪ ،‬إذا كانت مؤمنةً طاهرةً ‪ ،‬تسعى إلى رضوان اهلل َّ‬
‫وال تعين الشيطان عليك ‪.‬‬
‫مرة استنصحني أخ كريم على مشارف الزواج قلت له واهلل لي نصيحة سأقولها لك ‪:‬‬
‫دائماً الزوجة في مقتبل الزواج تحلم بفتى أحالمها ‪ ،‬وهو يحلم بفتاة تروق له ‪ ،‬هي تنتظر( أن‬
‫يبالغ في إكرامها ‪ ،‬وهو ينتظر أن تبالغ في إكرامه ‪ ،‬واالثنان ينتظران شيئا واحداً ! لذلك‬
‫كل الخدمات ‪،‬‬ ‫يقدم لها َّ‬
‫يصطدمان ‪ ،‬يكتشف بعد حين َّأنها تريد من يدللها ‪ ،‬وهي طامعة أن ِّ‬
‫كل الخدمات ‪ ،‬لذلك يتصادمان ‪ ،‬وال يسعد اإلنسان بزوجته إال إذا‬ ‫تقدم له َّ‬
‫وهو طامع أن ِّ‬
‫ألنها تعرف حقَّه عليها ‪،‬‬ ‫عندئذ تُ ِ‬
‫سع ُده َّ‬ ‫ٍ‬ ‫وعرفها بربِّها فسعدت بربِّها ثانياً ‪،‬‬
‫سعد بربِّه أوالً ‪َّ ،‬‬
‫ويتقرب إلى اهلل بخدمتها ‪.‬‬‫َّ‬ ‫تتقرب إلى اهلل بخدمته ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وعندئذ َّ‬
‫عز وجل ‪ ،‬أما العالقات‬
‫العالقات في المجتمعات اإلسالميَّة ‪ ،‬عالقات يربط ْبينها اهللُ ّ‬
‫في المجتمعات الماديَّة عالقات مباشرة ‪ ،‬ما دام له مصلحة معها يحبُّها ‪ ،‬أما لو أصابها‬
‫مرض ُعضال ‪ ،‬أو لو انقطعت مصلحته منها تجده يطلقها ؟ سمعت عن إنسان ‪ ،‬زوجته‬ ‫ٌ‬
‫أصيبت بمرض‪ ،‬طلَّقها فوراً( !! انتهت المصلحة ‪ ،‬وكم من زوجة مادام زوجها( ملء السمع‬
‫والبصر ‪ ،‬قوياً وغنياً ‪ ،‬تحبُّه حباً جماً ‪ ،‬فإذا افتقر فجأة أو أصابه مرض ‪ ،‬تعامله أقسى(‬
‫معاملة ‪.‬‬
‫لذلك المجتمعات الماديَّة مجتمعات مصالح ‪ ،‬منافع متبادلة ‪َّ ،‬‬
‫لكن مجتمعات اإليمان‬
‫مجتمعات بين كل شخصين اهلل ‪.‬‬
‫يتقرب إلى اهلل بصبره‬
‫أن الزوج َّ‬ ‫َّ‬
‫أتمنى أن أعبِّر عن هذا المعنى تعبيراً دقيقاً ‪ ،‬أي َّ‬
‫تتقرب إلى ربها بصبرها على زوجها وخدمتها له ‪..‬‬
‫على زوجته ‪ ،‬وخدمته لها ‪ ،‬والزوجة َّ‬
‫النبي‬
‫ألن ُّ‬‫وحسبك هذه القاعدة فهي تُسعد الزوجين أيَّما سعادة ‪ ..‬ذكرت لكم ك ّل هذا الكالم َّ‬

‫عليه الصالة والسالم يقول ‪ " :‬علِّموا أوالدكم وأهليكم ّ‬


‫(أي وزوجتك( ) الخير وأدِّبوهم "‪.‬‬
‫وفي حديث آخر رواه الطبراني( ‪ ..‬يقول عليه الصالة والسالم ‪:‬‬
‫وحب ِ‬
‫آل بيته ‪ ،‬وتالوة القرآن "‬ ‫ِّ‬ ‫نبيكم ‪،‬‬
‫حب ِّ‬
‫" أدِّبوا أوالدكم على ثالث خصال ‪ِّ :‬‬
‫(رواه الطبراني)‬

‫حب الفنانين َّ‬


‫والفنانات‬ ‫الملهيات بالبيت ‪َّ ..‬‬
‫يؤدب االبن على ِّ‬ ‫ِ‬
‫أما إذا ُوج َدت أجهزة ُ‬
‫َّ‬
‫األحياء منهم واألموات ‪ ،‬هكذا ‪ ..‬ال تنس هذا المثل الشهير ‪ -‬خزان ماء ‪ ،‬الذي تضعه من‬
‫فتحته العليا تأخذه من صنبوره األسفل ‪ -‬ما نوع التغذية التي ُيغذى بها أوالدك ؟ نوع‬
‫التغذية ‪ ..‬ما يقرؤون من مجالت ؟ ما يقرؤون من صحف ؟ مع من يجلسون ؟ مع من‬
‫يسهرون ؟ ما الحديث الذي يدور( فيما بينهم ؟ هذه تغذية ‪ .‬ماذا يشاهدون ماذا يقرؤون ؟‬
‫ماذا يستمعون ؟ أين يذهبون ؟ َم ْن أصدقاؤهم( ؟ هذه تغذية‪ ..‬فإذا كان البنك أصدقاء يغذونه‬
‫تغذية سيئة ‪ ،‬تغذية أساسها المتعة المحرمة ‪ ،‬أساسها رفقاء السوء ‪ ،‬أساسها( االحتيال على‬
‫قرة ٍ‬
‫عين لك ؟‬ ‫الناس ‪ّ ،‬أنى له أن يكون َّ‬
‫أقول هذا الكالم ألنني أعاني كل يوم من ذلك ‪ ،‬ألن إخواننا يحكون لي ‪ ..‬أكبر معاناة‬
‫يعانيها األب اآلن ‪ ،‬أن أوالده ليسوا على ما يريد‪ ،‬ماذا يفعل؟ ‪ ..‬أرى أحياناً َّ‬
‫أن اإلنسان‬
‫يعتصر األلم قلبه ‪ ،‬ماذا يفعل ؟‪ ..‬فقبل فوات األوان يا إخوان ‪ ،‬قبل فوات األوان ‪ ،‬إخواننا(‬
‫الشباب المتزوجون حديثاً هذا الكالم مفيد جداً لهم ‪ ،‬مهما كان ابنك صغيراً يجب أن تربيه ‪،‬‬
‫نؤذن في أذن الصبي حين والدته ‪ ،‬ليكون أول صوت وصله كلمةُ‬ ‫النبي الكريم أمرنا أن ِّ‬
‫وحب ِ‬
‫آل بيته ‪ ،‬وتالوة القرآن‬ ‫ِّ‬ ‫نبيكم ‪،‬‬
‫حب ِّ‬
‫التوحيد ‪ " .‬أدبوا أوالدكم على ثالث خصال ‪ِّ ،‬‬
‫"‪.‬‬
‫جلست مع شباب في مقتبل حياتهم‪ ،‬ترى حديثهم( كله‬
‫َ‬ ‫فإنني أعجب كثيراً من أنك لو‬
‫عن العب كرة القدم ‪ ،‬وهو يهودي( ‪ ،‬ومصاب باإليدز ‪ ،‬كل حديثهم عن العب كرة قدم‬
‫مشهور كثيراً ‪ ،‬هذا طموحهم( ‪ ..‬إذا كان العبو كرة القدم قدوة شبابنا ‪ ،‬فهذه مشكلة كبيرة‬
‫جداً ‪ ،‬لذلك أفضل شيء يقرؤه الشاب سير صحابة رسول( اهلل ‪ ،‬القصَّة محببة ‪ ..‬أنت أمام‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ..‬أي َّ‬
‫أن‬ ‫نموذج حي ‪ ،‬أمام شاب نشأ في طاعة اهلل ‪َّ ،‬‬
‫أحب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القيم ‪ ،‬قيم‬
‫تنمى فيه َ‬‫تنمي فيه روح الفروسيَّة ‪ِّ ،‬‬
‫الشاب في مقتبل حياته يحتاج إلى قصص ّ‬
‫الشجاعة ‪ ،‬قيم التفوق قيم المروءة ‪ ،‬فال يوجد موضوع( يناسب الشباب َك ِسَي ِر صحابة رسول‬
‫اهلل ‪ ،‬أي َّ‬
‫أن إخواننا الكرام لو اقتنوا كتاباً في السيرة عن صحابة رسول اهلل ‪ ،‬وجلسوا( مع‬
‫أهلهم وأغلقوا هذا الجهاز (الملعون) وتخلَّصوا منه ‪ ،‬اقرأ لهم شيئاً عن صحابة رسول اهلل ‪،‬‬
‫اقرأ شيئاً عن سيدنا سعد ‪ ،‬شيئاً عن سيدنا عمير بن وهب ‪ ،‬هناك صحابة قصصهم( رائعةٌ‬
‫جداً ‪ ،‬واسأل هل يوجد كتاب مناسب ألبنائي ؟ إذا كان األب قرأ ‪ ..‬األم قرأت ‪ ..‬أو كلَّف‬
‫أوالده أن يقرؤوا ‪ ،‬فهذا شيء ممتع جداً‪.‬‬
‫فأقول لكم بصراحة ‪ :‬مهما تكن حياتك شاقةً ‪ ..‬إذا كان بيتك جنة تنسى كل التعب ‪،‬‬
‫يجب أن تجعل من بيتك قطعة من الجنة ‪ ،‬لو كان مائة ٍ‬
‫متر ‪ ..‬لو كان غرفتين لو كان ما‬
‫يزال على الهيكل ‪ ،‬قضية َّ‬
‫الجنة ليست باألثاث ‪ ،‬بل بالود ‪ ،‬بالمحبَّة ‪ ،‬بالتفاهم ‪ ،‬بالتعاون ‪،‬‬
‫َّ‬
‫والمودة ‪،‬‬ ‫َّ‬
‫كالجنات ‪ ،‬صدقوني ‪ ..‬أخشن طعام مع الحب‬ ‫فأنا أدعو أن تكون بيوتات المسلمين‬
‫يصبح أفخر طعام ‪ ،‬أثاث متواضع( ‪ ،‬طعام قليل ‪ ،‬لكن يوجد َّ‬
‫مودة بين الزوجين واألوالد ‪،‬‬
‫هذا الشيء ينسي ك ّل متاعب الحياة ‪ ،‬وتوجد( بيوت ثمن البيت منها خمسون مليون ولكنها‬
‫ُأسس على معصية اهلل ؛ وهناك بيت يتلى فيه القرآن ‪ ،‬بيت تصلَّى فيه‬
‫قطعة من جحيم ألنه ِ‬
‫ثير مشاعر الصغار‬
‫مناظر تُ ُ‬
‫َ‬ ‫الصلوات الخمس جماعةً ‪ ،‬بيت ليس فيه غناء وال ُملهيات وال‬
‫اللهم بارك‬
‫مبارك يحبُّه اهلل ورسوله ‪ ،‬البعض يعلقون لوحة كتب عليها ـ َّ‬
‫البريئين ‪ ،‬هذا البيت َ‬
‫هذا البيت ـ فال تُحل المشكلة مع وجود( وسائل الفساد في هذا البيت ‪ ،‬ضع خمسين لوحة ـ‬
‫اللهم بارك هذا البيت ـ البيت المبارك الذي تقام فيه الصلوات ويتلى( فيه القرآن وفيه دعوة‬
‫َّ‬
‫عشرات بل ِ‬
‫مئات السهرات فيها‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫عز َّ‬
‫وجل غرفة الضيوف( فيه مقدسة ‪ ،‬قد َش ِه َد ْ‬ ‫إلى اهلل َّ‬
‫عز َّ‬
‫وجل ‪ ،‬بالمقابل توجد سهرات مختلطة والحديث فيها عن النساء وعن األسعار‬ ‫ذكر هلل َّ‬
‫ٌ‬
‫والتجارة هذا حديث ليس له معنى ‪.‬‬
‫فلذلك ‪:‬‬

‫(سورة المؤمنون)‬

‫بيتك يجب أن يكون مقدساً ‪ ...‬غرفة الضيوف( هذه تشهد لك فكم من إنسان دخلها‬
‫عز َّ‬
‫وجل ؟ غرفة الطعام تشهد لك كم إنسان دعوته لوجه هلل ؟ كم‬ ‫وكان الحديث عن اهلل َّ‬
‫دعوت من أخ مؤمن مسافر للطعام عندك لوجه اهلل ؟ فالمؤمن إن دعا الناس للطعام له هدف‬
‫كبير ‪ ،‬إذا دعا إلى ندوة أو سهرة أو لقاء له من ذلك هدف كبير ‪.‬‬
‫فالذي دعاني لهذا الدرس هو أننا ال نملك إال البيوت صراحة وإ ن كانت الكلمة مؤلمة‬
‫فال نملك سوى بيوتنا( ‪ ،‬فهل تملُك أن تغيِّر شيئاً في العالم؟ ال تملك ‪ ،‬فال يوجد( بأيدينا سوى‬
‫هذا البيت الذي هو مملكة المؤمن فعليك أن تقيم فيه اإلسالم ـ هذا الدرس عن بيتك ‪ ،‬يوجد‬
‫ذمتك كما دعا‬ ‫درس عن عملك ـ إذا فعلت ما أمرك اهلل في بيتك وعملك فقد برَئت َّ‬ ‫كذلك ٌ‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم( ‪:‬‬
‫سلَّ َم َي ْق ِس ُم فَ َي ْع ِد ُل َو َيقُو ُل‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ‬
‫ِ‬
‫سو ُل اللَّه َ‬‫ان َر ُ‬ ‫‪........‬ع ْن َعاِئ َ‬
‫ش َة قَالَ ْت َك َ‬ ‫َ‬
‫َأمِل ُك "‬ ‫ِ‬
‫يما تَ ْمل ُك َوال ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫اللَّه َّم َه َذا قَس ِمي ِفيما ِ‬
‫َأمل ُك فَال تَلُ ْمني ف َ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫( سنن أبي داود )‬

‫هل تستطيع أن تمنع الهجمة الشرسة على المسلمين في العالم ؟ ال تستطيع أن تفعل‬
‫شيئاً ‪ ،‬إال أنك تملك بيتك وتملك عملك وتملك أوالدك ‪ ،‬نتمنى في الصيف أن نرى َّ‬
‫كل‬
‫أبنائكم عندنا في هذا المعهد ‪ ،‬فنحن قد هيأنا مناشط( إسالمية ُّ‬
‫تشد الطفل للمسجد وللقرآن‬
‫ولصحابة رسول اهلل ‪ ،‬فال أعتقد بوجود ٍ‬
‫أب يرى ابنه يصلي طواعيةً من دون ضغط( ‪ ،‬يراه‬
‫مستقيماً على أمر اهلل ‪ ،‬ومتمسكاً( باألخالق الفاضلة إال وقد شعر أنه قد ملك الدنيا‬
‫رأيت ابنه صالحاً ‪ :‬واهلل هذا االبن أفضل من ألف‬
‫ُ‬ ‫بحذافيرها( ‪ ،‬فأحياناً( أقول ألحد إخواننا( إذا‬
‫مليون ألنه استمرار وخلود لك ‪ ،‬فأنت لم تمت ‪.‬‬
‫مجلس للعزاء في‬
‫ٌ‬ ‫أنا ال أنسى أن أحد علمائنا األفاضل وقد توفي( ـ رحمه اهلل ـ وأقيم( له‬
‫شرعي على‬ ‫أحد الجوامع الكبيرة وكنت أحضر هذا المجلس ‪ ،‬وقد فوجئنا أن ابنه طالب ٍ‬
‫علم‬
‫ّ‬
‫وعيِّن خطيباً مكانه ‪ ،‬فقلت معنى ذلك أن األب لم يمت الستمرار االبن في عمل‬
‫شاكلة أبيه ُ‬
‫أردت أن ال تموت فليكن ابنك على شاكلتك ‪ ..‬إذا‬
‫َ‬ ‫والده ‪ ،‬فكان منطلقي في هذا الدرس ‪ :‬إذا‬
‫أردت أن تستمر ‪ ،‬ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم يقول ‪:‬‬
‫وعلم ينتفع به ‪ٍ ،‬‬
‫وولد‬ ‫ٍ‬
‫جارية ‪ٍ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫صدقة‬ ‫" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث ‪:‬‬
‫صالح يدعو له "‬
‫ٍ‬
‫نرحب بهم ‪ ..‬فنحن بالعيد قد رتَّبنا( أنه إذا‬
‫أوالدكم ‪ ،‬إذا جاءوا إلى الجامع ِّ‬
‫َ‬ ‫فأوالدكم( ‪..‬‬
‫َ‬
‫ومشجعات وإ كرام( ‪ ،‬فما‬‫ِّ‬ ‫مرغبات‬ ‫حضر األب مع ابنه فلالبن هديَّه ‪ ،‬فاالبن َّ‬
‫البد له من ِّ‬
‫يؤلمني َّ‬
‫أشد األلم هو أن ُي ََّرجع طف ٌل يقف في الصف األول إلى الصف الثاني لماذا ؟ اجعلوه‬
‫األول يصلِّي حتى يشعر بكيانه بالمسجد ولو كان صغيراً ‪.‬‬
‫في الصف َّ‬
‫تفرقوا(‬
‫فقد مر سيدنا عمر في الطريق ـ وقد( كان ذا هيبة ـ فوجد( أطفاالً فلما رأوه َّ‬
‫هاربين إال واحداً ‪ .‬قال ‪ " :‬يا غالم ِل َم لَ ْم تهرب مع من هرب ؟ " ‪ ،‬قال ‪ " :‬يا أيها األمير‬
‫ولست مذنباً فأخشى( عقابك ‪ ،‬والطريق يسعني ويسعك( " ‪ .‬هذا‬
‫ُ‬ ‫ظلمك ‪،‬‬
‫لست ظالماً فأخشى َ‬
‫َ‬
‫طفل ‪.‬‬
‫وفد على عبد الملك بن‬
‫ففي تاريخنا اإلسالمي مواقف( لألطفال مذهلة ‪ ،‬مرة دخل ٌ‬
‫مروان فوجد طفالً صغيراً( معهم ‪ ،‬فغضب واعتبرها إهانةً له ‪ ،‬فأرسل( إلى الحاجب وقال‬
‫علي إال دخل حتى األطفال ! " ‪ ،‬فوقف( الطفل قائالً ‪ " :‬أيها‬
‫أحد أن يدخل ّ‬ ‫له ‪ " :‬ما شاء ٌ‬
‫شرفني ‪ ،‬أصابتنا َسنةٌ أذابت الشحم ‪،‬‬ ‫األمير ‪ ..‬إن دخولي عليك لم ينقص من قدرك َّ‬
‫ولكنه َّ‬
‫وسنةٌ دقَّت العظم ‪ ،‬ومعكم( فضول( أموال ‪ ..‬فإن كانت لنا فعالم تحبسونها‬ ‫وسنةٌ أكلت اللحم ‪َ ،‬‬‫َ‬
‫َّ‬
‫فتصدقوا( بها علينا ؟ " ‪ ،‬قال ‪ " :‬واهلل ما‬ ‫َّ‬
‫عنا ؟ وإ ن كانت هلل فأعطوها( لعباده ؟ وإ ن كانت لكم‬
‫ٍ‬
‫واحدة عذراً " ‪.‬‬ ‫ترك هذا الغالم لنا في‬
‫الحجازيين ورئيس‬
‫ّ‬ ‫تقدمهم ُّ‬
‫وفد‬ ‫المهنئين ‪َّ ..‬‬
‫ِّ‬ ‫دخل على سيِّدنا عمر بن عبد العزيز وفود(‬
‫الوفد غالم ال تزيد ِسُّنه عن عشرة أعوام ‪ .‬فقال ‪" :‬له اجلس وليقم من هو أكبر منك سناً ‪.‬‬
‫" ‪ ،‬قال ‪ " :‬أصلح اهلل األمير ‪ ،‬المرء بأصغريه قلبه ولسانه ‪ ،‬فإذا وهب اهلل العبد لساناً الفظاً‬
‫أحق منك بهذا‬‫األمة من هو َّ‬ ‫َّ‬
‫استحق الكالم ‪ ،‬ولو أن األمر كما تقول لكان في َّ‬ ‫وقلباً حافظاً فقد‬
‫المجلس"‪.‬‬
‫يقدر بثمن ‪ ،‬ففي رمضان كنت بميتم‬ ‫إذا تعلَّم الطفل ّ‬
‫وتربى( وكان جريئاً وأديباً( ‪ ،‬فال َّ‬
‫من المياتم فأعجبني أخوان كريمان جعال ما تبرعا به من المبالغ عن طريق ابنيهما‬
‫تبرع بمائة‬ ‫الصغيرين وباسميهما ‪ ..‬طفل صغير ِّ‬
‫يقدم مبلغاً أمام جمع غفير ‪ ..‬فالن الفالني َّ‬
‫التبرع ‪ ،‬على العطاء ‪ ..‬فأالحظ( اإلخوان يكلفون‬
‫يعود ابنه على ُّ‬
‫ألف ‪ ..‬أراد األب أن ِّ‬
‫ليتعودوا على العطاء ‪ ،‬فنحن نملك اآلن أوالدنا‬
‫أبناءهم أن يدفعوا لبعض األعمال الطيِّبة َّ‬
‫وبيوتنا( وهذا أخطر عمل نفعله ‪ ،‬فأنت ترسِّخ قيم اإليمان في هذا الجيل الصاعد ‪ ،‬وهؤالء‬
‫كلهم رجال المستقبل ‪.‬‬
‫سلَّ َم َو َن ْح ُن َ‬ ‫ِ‬ ‫" ‪َ ......‬ح َّدثََنا م ِال ٌك َأتَ ْي َنا ِإلَى َّ‬
‫ون‬ ‫ش َب َب ٌة ُمتَقَ ِ‬
‫ار ُب َ‬ ‫صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫الن ِب ِّي َ‬ ‫َ‬
‫يما َر ِفيقًا َفلَ َّما‬ ‫ان رسو ُل اللَّ ِه صلَّى اللَّ ُه علَ ْي ِه و َّ ِ‬ ‫ش ِر َ‬ ‫فََأقَ ْم َنا ِع ْن َدهُ ِع ْ‬
‫سل َم َرح ً‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ين َي ْو ًما َولَ ْيلَ ًة َو َك َ َ ُ‬
‫ال ْار ِج ُعوا ِإلَى‬ ‫َأخ َب ْر َناهُ قَ َ‬
‫سَألَ َنا َع َّم ْن تََر ْك َنا َب ْع َد َنا فَ ْ‬ ‫َأهلَ َنا َْأو قَ ِد ا ْ‬
‫شتَ ْق َنا َ‬ ‫ظ َّن ََّأنا قَ ِد ا ْ‬
‫شتَ َه ْي َنا ْ‬ ‫َ‬
‫َأحفَظُ َها‪* " ......‬‬ ‫اء ْ‬ ‫ش َي َ‬
‫وه ْم َو َذ َك َر َأ ْ‬
‫وه ْم َو ُم ُر ُ‬‫يموا ِفي ِه ْم َو َعلِّ ُم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِْ‬
‫َأهلي ُك ْم فََأق ُ‬
‫(رواه اإلمام البخاري‪ T‬في األدب المفرد)‬

‫واقعي مع أصحابه ‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫فالنبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫أحياناً يسافر( األخ خمسة أيام فيقول ‪ :‬اشتقت البنتي الصغيرة ‪ ،‬ال تذهب من بالي ‪،‬‬
‫عز َّ‬
‫وجل‬ ‫وتالحظه أحيانا يضع صورتها أمامه على مكتبه أو في حافظته ‪ ،‬هكذا فطرنا اهلل َّ‬
‫على ِّ‬
‫حب أوالدنا ‪.‬‬
‫أخذت أهلك‬
‫َ‬ ‫أقول لكم هذه الكلمة ‪ :‬أالحظ أحياناً وجود أخ ليس متفرغاً ألهله‪ ..‬فلو‬
‫يت عنهم‬
‫وس َّر َ‬
‫نت عالقتك بهم ‪َ ،‬‬ ‫سررت أطفالك وتمتَّ ْ‬
‫َ‬ ‫لنزهة نصف نهار ‪ ،‬فقد سررتهم( َو‬
‫وتنفَّسوا الصعداء قليالً ـ ولو كانت نزهة متواضعة ـ فاآلن المواصالت متيسِّرة والحمد هلل خذ‬
‫أهلك إلى مكان يكون بعيداً عن الناس فينطلق( الطفل من أربعة جدران إلى بستان ‪ ،‬فهذا‬
‫العمل ضمن األعمال الصالحة ليس من الدنيا ‪ ،‬هذا من اآلخرة ‪ ،‬عندما يرفِّه اإلنسان أحياناً‬
‫النبي عليه الصالة‬
‫َّ‬ ‫عن أهله فيأخذهم( لنزهة ُيسعدهم ‪ ..‬فكان الحسن والحسين يرتحالن‬
‫والسالم ‪ ،‬فيمشي النبي وهما راكبان على ظهره ويقول ‪ ( :‬نعم الجمل جملكما ونعم( الحمالن‬
‫أنتما ) ‪ ،‬اإلنسان عظمته بتواضعه ‪ ،‬كان عليه الصالة والسالم واحداً من أهل البيت ‪ ..‬فقد‬
‫كان يكنس بيته ويخصف نعله ويحلب شاته وكان في مهنة أهله ‪.‬‬
‫اآلن ندعو أن يكون كل بيت بيتاً إسالمياً ‪ ،‬أن يكون قطعة من َّ‬
‫الجنة فيه مودة‬
‫ومحبة ‪ ،‬فيه اعتذار وتسامح فيه عطف ومؤاثرة ‪ ،‬إذا دخل اإلنسان بيته وكان سعيداً فيه‬
‫ينسى ك ّل متاعب العمل ؛ لكن من هو الشقي ؟ هو الذي ينتقل من شقاء العمل إلى شقاء‬
‫البيت ‪ ،‬يوجد( بالبيت شقاء وخارج البيت يوجد شقاء ‪.‬‬
‫سلَّ َم َو َن ْح ُن َ‬ ‫ِ‬ ‫ال َح َّدثََنا م ِال ٌك َأتَ ْي َنا ِإلَى َّ‬
‫ون‬
‫ار ُب َ‬ ‫ش َب َب ٌة ُمتَقَ ِ‬ ‫صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ‬ ‫الن ِب ِّي َ‬ ‫َ‬ ‫" ‪ .....‬قَ َ‬
‫يما َر ِفيقًا َفلَ َّما‬ ‫ان رسو ُل اللَّ ِه صلَّى اللَّ ُه علَ ْي ِه و َّ ِ‬ ‫فََأقَ ْم َنا ِع ْن َدهُ ِع ْ‬
‫ش ِر َ‬
‫سل َم َرح ً‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ين َي ْو ًما َولَ ْيلَ ًة َو َك َ َ ُ‬
‫ال ْار ِج ُعوا ِإلَى‬ ‫َأخ َب ْر َناهُ قَ َ‬‫سَألَ َنا َع َّم ْن تََر ْك َنا َب ْع َد َنا فَ ْ‬ ‫شتَ ْق َنا َ‬‫َأهلَ َنا َْأو قَ ِد ا ْ‬ ‫ظ َّن ََّأنا قَ ِد ا ْ‬
‫شتَ َه ْي َنا ْ‬ ‫َ‬
‫صلُّوا َك َما‬
‫َأحفَظُ َها َو َ‬ ‫َأحفَظُ َها َْأو ال ْ‬ ‫اء ْ‬ ‫ش َي َ‬
‫وه ْم َو َذ َك َر َأ ْ‬ ‫يموا ِفي ِه ْم َو َعلِّ ُم ُ‬
‫وه ْم َو ُم ُر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِْ‬
‫َأهلي ُك ْم فََأق ُ‬
‫ر َْأيتُمو ِني ُأصلِّي َفِإ َذا ح َ ِ‬
‫الصالةُ َف ْل ُيَؤ ِّذ ْن لَ ُك ْم َ‬
‫َأح ُد ُك ْم َو ْل َيُؤ َّم ُك ْم َأ ْك َب ُر ُك ْم * "‬ ‫ض َرت ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫(رواه اإلمام البخاري‪ T‬في األدب المفرد)‬

‫اآلن طائفة من األقوال التربوية‬

‫ِّ‬
‫المؤدب قال له ‪ " :‬ليكن َّأول ما‬ ‫لما دفع ولده إلى‬ ‫روى الجاحظ َّ‬
‫أن عقبة بن أبي سفيان َّ‬
‫فإن أعينهم معقودةٌ بعينك ‪ ،‬فالحسن عندهم ما‬ ‫بني إصالح نفسك ‪َّ ،‬‬‫تبدأ به من إصالح َّ‬
‫استقبحت"‪.‬‬
‫َ‬ ‫استحسنت ‪ ،‬والقبيح عندهم ما‬
‫َ‬
‫سب المعلِّم الدين َّ‬
‫مرةً ‪ ..‬مثالً ‪ ..‬واهلل هذه‬ ‫فإذا كان المعلِّم ِّ‬
‫يدخن وهو قدوة ‪ ،‬أو إذا َّ‬
‫مشكلةٌ كبيرةٌ جداً فهو معلم وقدوة ‪ ،‬وإ ذا كان يكذب مثالً‪ ..‬انتهى الجيل بذلك ‪ ،‬األب معلم‬
‫فإذا كذب وقال البنه قل له ‪ :‬أبي ليس هنا ‪ ،‬فهذا موضوع كبير جدا ‪ ..‬معنى ذلك أنك تكذب‬
‫اتصلت هاتفياً ولم تجيبي‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬أو تكذب األم أحياناً على زوجها( ‪ :‬لم أذهب إلى مكان ‪ ..‬فيقول ‪:‬‬
‫! فتقول أمام ابنتها ‪ :‬الهاتف أحياناً يتعطل ‪ ..‬تكذب على زوجها( أمام ابنتها فتنتهي( االبنة‬
‫استقبحت ‪.‬‬
‫َ‬ ‫استحسنت والقبيح عندهم ما‬
‫َ‬ ‫وكذلك االبن ‪ .‬قال له ‪ :‬فإن الحسن عندهم ما‬
‫األمة إال عن طريق‬
‫المعلم مث ٌل أعلى ‪ ،‬لذلك بعض العلماء قالوا ‪ :‬ال يمكن أن تصلح َّ‬
‫التربية ‪ ،‬ال يمكن أن تنهض أمة إال بدءاً من تربية الصغار ‪ ..‬وتربية الصغار( تحتاج إلى‬
‫البد من إعداد المعلِّم ‪ .‬أنا أرى أنه إذا كانت األمة متخلِّفة وأرادت أن تصبح أمة‬
‫معلِّم ‪ ..‬إذاً َّ‬
‫فأول خطوة هي ‪ :‬إعداد المعلِّم المثقَّف األخالقي ‪ ،‬صاحب المبدأ ‪ ،‬ليبدأ بتربية‬ ‫ِّ‬
‫متقدمة َّ‬
‫الصغار وهي الخطوة األولى نحو ُّ‬
‫التقدم ‪.‬‬
‫استقبحت ‪ ..‬علِّمهم ِسَي َر الحكماء‬
‫َ‬ ‫استحسنت والقبيح عندهم ما‬
‫َ‬ ‫" الحسن عندهم ما‬
‫وتهددهم بي " ‪ ..‬أي أن يكون هناك تعاون بين اآلباء والمعلِّمين ‪ِّ ..‬‬
‫وأدبهم(‬ ‫ْ‬ ‫وأخالق األدباء ‪،‬‬
‫تكلَ َّن على ٍ‬
‫عذر‬ ‫دوني ‪ ،‬وكن لهم كالطبيب الذي ال يعجل بالدواء حتى يعرف الداء ‪ ،‬وال تَّ ِ‬
‫ٍ‬
‫كفاية منك ‪.‬‬ ‫مني ‪ ،‬فإني قد اتكلت على‬
‫ّ‬
‫هذا وصية ولي طالب ِّ‬
‫لمؤدب ابنه ‪ ..‬أعيدها عليكم مرة ثانية ‪ ..‬قال له ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫بني إصالح نفسك ‪َّ ،‬‬
‫فإن أعينهم معقودةٌ بعينك ‪،‬‬ ‫" ليكن َّأول ما تبدأ به من إصالح َّ‬
‫استقبحت‪ ،‬علِّمهم سيَِر الحكماء وأخالق(‬
‫َ‬ ‫استحسنت ‪ ،‬والقبيح عندهم ما‬
‫َ‬ ‫فالحسن عندهم ما‬
‫وتهد ْدهم بي ِّ‬
‫وأدبهم دوني ‪ ،‬وكن لهم كالطبيب الذي ال يعجل بالدواء حتى يعرف‬ ‫األدباء َ‬
‫ٍ‬
‫كفاية منك " ‪.‬‬ ‫لت على‬ ‫مني ِّ‬
‫فإني قد ات ّك ُ‬ ‫الداء ‪ ،‬وال تتَّ ِكلَ َّن على ٍ‬
‫عذر ّ‬
‫ِّ‬
‫المؤدب قال‬ ‫ابن خلدون في مقدمته يروي أن هارون الرشيد( لما دفع ولده األمين إلى‬
‫له ‪َّ " :‬‬
‫إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه وثمرة قلبه ـ أقول للمعلمين ‪ :‬الطبيب عمله‬
‫َّ‬
‫والحداد( مع الحديد ‪،‬‬ ‫مع المرضى( ‪ ،‬والمحامي( مع أصحاب المشاكل ‪ ،‬والنجار( مع الخشب ‪،‬‬
‫عفوية‬
‫ّ‬ ‫هر على براءة على صفاء على‬ ‫والمعلم مع أفضل فئة في المجتمع مع الصغار ‪ ..‬طُ ٌ‬
‫على ذاتيِّة ‪ ..‬وهؤالء الذين أمامك أيُّها المعلِّم ثمرة قلوب آبائهم ‪ ،‬فعندما( ِّ‬
‫يقدم اإلنسان ابنه‬
‫يدك عليه مبسوطة وطاعته لك واجبة ‪ ،‬فكن له بحيث‬ ‫لمعلم فقد َّ‬
‫قدم له أثمن ما يملك ـ فصي ََّر َ‬
‫ور ِّو ِه األشعار وعلّمه ُ‬
‫السنن وبصِّره‬ ‫وعرفه األخبار َ‬
‫وضعك أمير المؤمنين ‪ ،‬أقرْئ ه القرآن ِّ‬
‫تمر َّن بك ساعة إال وأنت مغتنم ٍ‬
‫فائدة‬ ‫بمواقع الكالم وامنعه من الضحك إال في أوقاته ‪ ،‬وال َّ‬
‫تفيده إيَّاها من غير أن تحزنه فتميت ذهنه ‪ ،‬وال تُمعن في مسامحته فيستحلي( الفراغ ويألفه ‪،‬‬
‫َّ‬
‫بالشدة " ‪.‬‬ ‫وقومه ما استطعت بالقرب والمالينة فإن أباهما فعليك‬
‫ِّ‬
‫نتجول‬
‫المرات كنت أعاين بيتاً ليشتريه أحد إخواننا( ‪ ،‬ونحن َّ‬
‫نصائح تربويَّة ‪ ..‬في أحد َّ‬
‫في غرفه فوجدنا بأحدها طفالً مضطجعاً على ظهره ورافعاً( أرجله فوق بعضها( ويتابع‬
‫يتحرك ولم يغيَّر من وضعه إطالقاً( وأبوه‬
‫برنامجاً في التلفزيون ‪ ..‬دخلنا وخرجنا ولم َّ‬
‫معنا ‪ ..‬فما هذه التربية؟!‬
‫من عالمات آخر الزمان يصبح الولد غيظاً ‪ ..‬يفيض اللئام فيضاً‪ ،‬ويغيض الكرام‬
‫غيضاً ويكون الولد غيظاً والمطر قيظاً ‪.‬‬
‫مؤدب ابنه قال له ‪ " :‬علِّمهم الصدق كما تعلِّمهم القرآن ـ أحيانا تسأل‬
‫أحد الخلفاء نصح ِّ‬
‫ابنك من أين هذا القلم ؟‪ ..‬فيقول ‪ :‬رفيقي أعارني إياه ‪ .‬فتُ ِّ‬
‫صدقه ‪ ..‬أو تشعر بأن الكالم ليس‬
‫صحيحاً ‪ ،‬وتتغافل عنه ستتكلف نصف يوم في تحقيق ذلك ‪ ،‬فتذهب إلى المدرسة وتستدعي‬
‫رفيقه‪ ..‬فإن فعلتها مرة واحدة عرف االبن أن الكالم عليه محاسبة ‪ ،‬فقد يكون قد أخذه‬
‫خفيةً ‪ ،‬فإن وجدت مع ابنك شيئاً ليس له فال تصمت ‪ ..‬تتبَّع ‪ ،‬اسأل ‪ ،‬حقِّق‪ ..‬اذهب إلى‬
‫وروهم‬
‫المدرسة بنفسك في اليوم الثاني وإ ال تفاقم األمر ـ واحملهم على األخالق الجميلة ِّ‬
‫الشعر ‪ ،‬وجالس بهم أشراف الرجال وأهل العلم منهم " ‪.‬‬
‫أحيانا يكون عند األب سهرات وزيارات في العيد ‪ ،‬فخذ معك ابنك ليرى هؤالء‬
‫الرجال ويرى مجتمعك وأقرباءك( وأصدقاءك ‪ ،‬والكالم المهذب واألحاديث العلمية اللطيفة‬
‫أما إن تركته مع رفاقه فمزح وكالم فارغ ‪ ..‬اجعله معك دائماً يسمع‬ ‫ويرى مجلساً راقياً ‪َّ ..‬‬
‫وجنبهم( السفلة َّ‬
‫فإنهم( أسوأ الناس أدباً ‪،‬‬ ‫منك ومن توجيهاتك ويشاهد( أخالقك ومبادئك ‪ِّ " ،‬‬
‫َوقِّ ْرهم( في العالنية ـ ال ُيهن أحد ابنه أمام أحد كأقربائه أو اخوته أو أصدقائه ـ ِّ‬
‫وأنبهم( في‬
‫تعنف ابنك أمام أحد ـ واضربهم على الكذب " ـ أخطر شيء الكذب ‪:‬‬ ‫السر ـ فالخطأ( الكبير أن ِّ‬
‫إن الكذب يدعو إلى الفجور وإ َّن الفجور يدعو إلى النار ‪.‬‬
‫َّ‬
‫علم حتَّى يحكموه ‪ ،‬فإن‬ ‫علم إلى ٍ‬‫وقال أحد الحكماء لمعلِّم ولده ‪ " :‬ال تخرجهم من ٍ‬
‫ضل المتعلِّم ويعيق( فهمه " ‪.‬‬
‫اصطكاك العلم بالسمع وازدحامه في الوهم ُي ُّ‬
‫الصبي في مكتبه ِ‬
‫ص ْبَيةٌ حسنةٌ آدابهم‬ ‫ِّ‬ ‫وابن سينا ينصح في تربية األوالد أن يكون مع‬
‫الصبي ألقن وهو عنه آخذ وبه آنس " ‪ ،‬لقد قرأت بحثاٌ‬ ‫ِّ‬ ‫الصبي عن‬ ‫َّ‬
‫مرضيةٌ عاداتهم ‪ ،‬ألن‬
‫ّ‬
‫َّ‬
‫الطفل يأخذه عن‬ ‫أن ستين في المائة مما يأخذه‬ ‫في علم النفس ِّ‬
‫يؤكد بعد كثير من التجارب َّ‬
‫أصدقائه ِّ‬
‫وأقل من هذه النسبة بكثير عن أبيه وأمه ‪.‬‬
‫أيها اإلخوة ‪ :‬أخطر عمل ُكلِّفنا به هو ‪ :‬تربية أوالدنا ‪ ،‬وهو ُّ‬
‫أجل عمل وأطوله أمداً ‪..‬‬
‫فأي ٍ‬
‫عمل تفعله ينتهي عند الموت ‪ ،‬أما تربية أوالدك تبدأ بعد الموت ‪ ،‬ويكون االبن‬
‫استمراراً ألبيه ‪ ،‬ويكون صدقةً جارية ‪ ،‬وقد يقول أحدكم ‪ :‬إن ابني كثير الصعوبة ‪ ،‬فأجيبه‬
‫عز َّ‬
‫وجل منك صدقاً( في‬ ‫على ذلك وأقول له ‪ :‬استعن باهلل وال تعجز ‪ ..‬فعندما يعلم ربنا َّ‬
‫عز َّ‬
‫وجل إلى سواء السبيل وإ لى األساليب‬ ‫تربيته ‪ ،‬واهتماماً ورغبةً وإ لحاحاً ‪ ،‬فسيهديك( اهلل َّ‬
‫الناجحة والمؤثِّرة ‪.‬‬
‫وأصرت(‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫فإني أعرف إحدى األسر ابنهم رسب ست سنوات في الشهادة اإلعدادية ‪،‬‬
‫والدته أن يصبح طبيباً( ‪ ،‬دروس خاصةٌ ومتابعةٌ ‪ ،‬وأصبح اآلن طبيباً لألسنان ‪ ،‬بعض اآلباء‬
‫يقول عن ابنه ‪ :‬إنه ال يصلح للدراسة فيتركه من أول بادرة تقصير دون متابعة وهذا خطأ‬
‫همتك فكبار العلماء ‪ ..‬مثالً توفيق الحكيم ‪ ..‬وهو أحد كبار‬
‫جسيم ‪ ،‬فيجب أن ال تضعف َّ‬
‫األدباء في األدب العربي ( أما في الدين فال ) كان ضعيفاً في اللغة العربية وهو في التعليم‬
‫الثانوي ‪.‬‬
‫انشتاين ‪ ،‬أكبر عالم في الفيزياء والكيمياء طُرد من المدرسة لضعفه في مادة‬
‫درس ‪ ،‬ال توجد( ظروف( استثارت ما فيه من‬ ‫المقصر طاقاته لم تُ َ‬
‫ِّ‬ ‫الفيزياء ‪ ،‬قد يكون الطفل‬
‫ٍ‬
‫كامنة ‪ ،‬فال تيأس سريعاً من ابنك‪ ،‬فعسى( أن يكون العلم مفيداً له أكثر من العمل ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫طاقات‬
‫فسيعمل بعد ذلك ‪ ،‬أما إذا بدأ جاهالً فمشكلته كبيرة ‪ ،‬فالمفروض أن يستنفد اإلنسان كل‬
‫طاقاته ‪ ،‬وإ ن لم يكن قد تعلَّم العلم العادي ‪ ،‬فليعلِّمه العلم الديني ‪ ،‬فال مانع من أن يطلب العلم‬
‫في مسجد فهذا علم كذلك ‪ ،‬بل أرقى علم ‪ ،‬فمن كان له مجلس علم فاسمه عالم ‪ ،‬فإني(‬
‫ثالث عشر عاماً ويقول ‪ :‬أنا غير متعلم ! ‪ ..‬فكيف‬
‫َ‬ ‫أعجب من شخص له في المسجد‬
‫ذلك ؟ ‪ ..‬ثالثة عشرة سنة وكل أسبوع ثالثة دروس (تفسير وحديث وسيرة وفقه وخطبة )‬
‫متعلم وأكثر ‪ ،‬فهذا الكالم يجب أن ال نتكلمه ‪ ،‬فطالب العلم بالمسجد(‬
‫ٌ‬ ‫ولست متعلماً ؟! بل‬
‫َ‬
‫متعلِّم ‪ ،‬واألبلغ من ذلك ‪ :‬كفى بالمرء علماً أن يخشى اهلل ‪ ،‬فكل من استقام على أمر اهلل ‪-‬‬
‫أمياً ولو كان لم يحصل على الشهادة‬
‫واهلل ال أبالغ ‪-‬فهو عالم ‪ ..‬عالم ‪ ..‬عالم ولو كان ّ‬
‫اإلعدادية ‪ ،‬من غض بصره وكان دخله حالالً ولم يكذب أو يغش ولم يعمل عمالً سيئاً ‪،‬‬
‫متعلم أكثر ‪ ،‬فمن عرف اهلل في مسجد‬
‫ٌ‬ ‫لست متعلماً ‪ ..‬فهذا كالم الشيطان ‪ ..‬فأنت‬
‫ويقول ‪ُ :‬‬
‫فهو طالب علم ‪ ،‬فكلُّنا طالب علم ‪ ..‬فإني ال أسمح ألحد له مجلس علم ويقول ‪ُ :‬‬
‫لست‬
‫متعلماً‪ ،‬أهلي لم يعلموني( ‪ ..‬أنت تتعلم عندنا ‪ ،‬فهذا علم ‪.‬‬
‫يقولون ‪ :‬أحدهم عنده درجة ـ الليسانس ـ فما هي هذه الدرجة ؟ أي أن عنده ثمانية‬
‫مواد في ستة أشهر قد درسهم( ‪ ،‬وعنده دوام في الجامعة يومياً خمس أو ست ساعات ‪ ،‬فقرأ‬
‫عدداً من الكتب وتقدم للفحص ونجح فحصل على درجة ـ الليسانس ـ فمن تعريفات‬
‫الجامعة ‪ ..‬أنها مدرسة يدخلها الطالب جاهالً متواضعاً( ‪ ،‬ويخرج منها جاهالً متكبراً ‪ ..‬فإنني‬
‫مجلس للعلم فليس اسمه جاهالً بل عالماً ‪ ،‬أو طالباً للعلم فهذا‬
‫ٌ‬ ‫ُّ‬
‫ألح على أنه إذا كان لإلنسان‬
‫يظل المرء عالماً ما طلب العلم ‪ ،‬فإذا َّ‬
‫ظن‬ ‫أكمل ‪ ،‬فال تقل عالم بل قل ‪ :‬طالب علم ‪ ..‬ألنه ُّ‬
‫تتوهم َّأنك تعلَّمت فأنت جاهل ‪.‬‬
‫أنه قد علم فقد جهل ‪ ،‬في اللحظة التي َّ‬
‫علم ممتع ‪ ..‬فأنت تقرأ قصيدةً شعرية‬
‫في الحقيقة كنت أقول إلخواننا دائما ‪ :‬هناك ٌ‬
‫علم ممتع نافع ‪ ..‬فإن كنت مختصاً‬
‫أدب ممتعٌ ‪ ،‬وهناك ٌ‬
‫رائعة أو قصة مثيرة جداً فهذا ٌ‬
‫اختصاصاً نادراً ويقف على بابك أكثر من خمسين شخصاً وكل منهم يدفع لك ألف ليرة فأنت‬

‫علم ممتعٌ نافعٌ‬


‫متعلم ولكن مع العلم تقبض المال فهذا علم ممتع نافع ‪ ،‬لكن العلم الديني ‪ٌ ..‬‬
‫مسعد في الدنيا واآلخرة ‪ ،‬أي أن أرقى علم هو ‪ :‬العلم الديني ‪ ..‬ممتع ونافع( ومسعد( ‪ ،‬أما‬ ‫ٌ‬
‫َّأنه ممتع ‪ ..‬فال أعظم من كالم اهلل قراءةً وحفظاً وتفهُّماً َّ‬
‫وتدبراً( وتطبيقاً( ‪ ،‬وال أعظم من كالم‬
‫أما َّأنه نافع ‪ ..‬فعندما يستقيم اإلنسان يستحق من اهلل‬
‫رسول اهلل أو سير صحابة رسول اهلل‪َّ ،‬‬
‫فسر توفيقك في الحياة استقامتك ‪.‬‬
‫اإلكرام ‪ُّ ،‬‬
‫حدثْت في الشام ‪ :‬أن سائق‬
‫فكم من إنسان انزلق ‪ ،‬فقد حدثني( أحد اإلخوان بقصة َ‬
‫سيارة أجرة استوقفته امرأة وطلبت منه الذهاب إلى أي مكان يريده ‪ ،‬فسقط معها ‪ ..‬وقد‬
‫ناولته ظرفاً به خمسة آالف دوالر ورسالة كتب فيها ( مرحباً بك في نادي اإليدز ) ‪،‬‬
‫العضال ومات ‪،‬‬ ‫وعندما ذهب لصرف المبلغ وجده مزوراً فدخل السجن وأصيب بالمرض ُ‬
‫هذا هو الجهل ‪ ،‬فلو كان يحضر مجلس علم المتنع عنها وطردها( ‪.‬‬
‫صهُ النفقة والعلم يزكو على اإلنفاق " ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫" العلم يحرسك( وأنت تحرس المال ‪ ،‬والمال تُنق ُ‬
‫فلذلك يا إخواننا الكرام العلم الديني في الحقيقة هو أمتع شيء في الحياة ‪ ،‬وهو نافع‬
‫وهو سر نجاحك في الحياة ‪ ،‬وسر( مكانتك العالية وثقة الناس بك ‪ ،‬فاألمين موثوق( ‪،‬‬
‫مكرم وعظيم كثيراً ‪ ،‬فأصبح العلم الديني ممتعاً ونافعاً ومسعداً في الدنيا واآلخرة ‪،‬‬
‫والمستقيم َّ‬
‫لذلك فاإلنسان يجب أن يختار العلم الديني ‪.‬‬
‫نسابة ‪ .‬قال ‪ :‬وما‬
‫" النبي دخل المسجد فرأى رجالً قال ‪ :‬من هذا ؟ ‪ ..‬قالوا ‪ :‬هذا َّ‬
‫علم ال ينفع‬
‫نس ابة ! ‪ ..‬فقالوا ‪ :‬يعرف أنساب العرب ‪ .‬فقال عليه الصالة والسالم ‪ :‬ذلك ٌ‬
‫َّ‬
‫من تعلَّمه ‪ ،‬وال ُّ‬
‫يضر من جهل به "‬
‫‪ ‬‬
‫سلَّ َم َيقُو ُل اللَّ ُه َّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪........‬ع ْن َع ْب ِد اللَّ ِه ْب ِن َع ْم ٍرو قَا َل َك َ‬
‫صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ‬
‫سو ُل اللَّه َ‬ ‫ان َر ُ‬ ‫َ‬
‫ٍِ‬ ‫ٍ‬ ‫َأعو ُذ ِب َك ِم ْن َق ْل ٍب ال َي ْخ َ‬
‫ش َبعُ َو ِم ْن ع ْلم ال َي ْنفَعُ‬ ‫س ال تَ ْ‬ ‫س َمعُ َو ِم ْن َن ْف ٍ‬
‫شعُ َو ِم ْن ُد َعاء ال ُي ْ‬ ‫ِإ ِّني ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األر َب ِع ‪* ....‬‬ ‫َأعو ُذ ِب َك م ْن هَُؤ الء ْ‬
‫ُ‬

‫الحقيقي ‪ ،‬واإلمام الغزالي يقول ‪" :‬حيثما وردت كلمة العلم‬


‫ّ‬ ‫الديني هو العلم‬
‫ّ‬ ‫إذاً فالعلم(‬
‫في القرآن الكريم َّ‬
‫فإنما تعني العلم باهلل "‪ .‬هذا أرقى( علم وأشرف( علم‪ ،‬فمن كان له مجلس‬
‫علم يقول‪ :‬أنا متعلم ونصف ‪ ،‬وإ ن لم يكن معه كفاءة ‪ ،‬لوجود( ثالثة دروس( كل أسبوع ‪،‬‬
‫ثالث عشرة سنة ‪ ،‬فأصبحت عالماً وزيادة ‪ ،‬فاالنتساب لمجلس علم دلي ٌل على َّأنك‬
‫َ‬ ‫ولفترة‬
‫طالب علم ‪ ،‬كن عالماً أو متعلماً أو مستمعاً أو محباً وال تكن الخامسة فتهلك ‪.‬‬
‫والحمد هلل رب العالمين‬
‫* * *‬

You might also like