Professional Documents
Culture Documents
Awlad 01
Awlad 01
بسم اهلل الرحمن الرحيم
محمد الصادق الوعد األمينٍ الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على سيِّدنا
اللهم ال علم لنا إال ما علَّمتنا َّ ،إنك أنت العليم الحكيم َّ ،
اللهم علِّمنا ما ينفعنا ،وانفعنا بما َّ
َّ
الحق حقاً وارزقنا اتباعه ،وأرنا الباطل باطالً وارزقنا( علَّمتنا ،وزدنا علماً ،وأرنا
اجتنابه ،واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ،وأدخلنا برحمتك في عبادك
الصالحين.
موضوع يطرح في درس
ٍ( أيها اإلخوة الكرام ..بعد عيد الفطر السعيد ،كنت ِّ
أفكر في
األحد ،فقد كان درس األحد كما تعلمون ،خاصاً بالسُّنة النبويَّة المطهَّرة ..إما لألحاديث
الشريفة ،شرحاً وتبياناً ،أو لألحكام الفقهيَّة التي تدور( حول األحاديث الشريفة ،منذ يومين
عمل أخطر في حياة المسلمين من تربية أوالدهم ،ألن هذا العمل أتأمل أنه ما من ٍ وأنا َّ
بإمكانهم ،هذا من اختصاصهم( ،ومن دائرة سيطرتهم( ،المسلم أحيانا ينظر يمنةً ويسرةً فقد
يجد نفسه ضعيفاً ،أو يجد نفسه مستضعفاً( ،ال يملك أن يمنع هذه القوى المخيفة التي تتحرك
لتقضي على اإلسالم ،لكنه يملك أن يربي أوالده واإلنسان إذا أراد أن ال يموت ،فعليه
بتربية أوالده تربيةً إسالميةً قد يقول أحدكم :هناك عقبات كثيرة جداً ،وهذا صحيح ،
والنبي عليه الصالة والسالم يقول : ُّ
سلَّ َم َي ِْأتي َعلَى ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
ِ
سو ُل اللَّه َ ال َر ُ
ال :قَ َ س ْب ِن َم ِال ٍك قَ َ
َ ......ع ْن َأَن ِ
ض َعلَى ا ْل َج ْم ِر *ين ِه َكا ْلقَا ِب ِ
الصا ِبر ِفي ِهم علَى ِد ِ
ْ َ ان َّ ُ اس َز َم ٌ َّ
الن ِ
( سنن الترمذي )
ال َّ
شك أن المهمة صعبة ،لكن ما من ٍ
عمل أعظم وال أجدى وال أدوم في حياة
المؤمن من أن يربِّي أوالده ،هم بضعةٌ منه ،هم ثمرة قلبه ،هم استمرار وجوده ،وأنا
مستوى ٍ
عال من ً( عال من الفهم ،وعلىمستوى ٍ
ً( آباء على
أرى وأسمع وأعاين أن هناك ً
الكمال ،وعلى مستوى ٍ
عال من اإليمان َّ ،
لكنهم َي ْشقَون بشقاء أوالدهم ،فاالبن يحتاج إلى ً
ٍ
مراقبة ،إلى ٍ
معاينة ،إلى سن صغير ،ويحتاج إلى ٍ
وقت مديد ،إلى انتباه شديد وهو في ٍ
ٍ
اصطحاب ،يحتاج إلى جهد كبير ..لكن واهلل الذي ال إله إال هو ، ٍ
وعظ ،إلى ٍ
توجيه ،إلى
ٍ
بسعادة .واهلل لو أعطي وتفوقاً تشعر
حينما ترى ابنك كما تتمنى ديناً وصالحاً واستقامةً ّ
ٍ
بسعادة كتلك التي يشعرها الدنيا بأكملها من الذهب والفضة وكان من أهل الدنيا ال يشعر
حينما يرى ابنه كما يتمنى ،لذلك قد يقول أحدكم :ماذا أفعل ؟ ..بإمكانك أن تفعل َّ
كل شيء
ق أن يكون أوالدك استمراراً لوجودك المؤمن ،وأن تخلِّف بإخالص وصد ٍ
ٍ ،لكن إذا أردت
عز َّ
وجل أعطاك هذا االبن هدية ،أو أعطاك تشمر ،اهلل َّ
ولداً صالحاً يدعو لك ،فعليك أن ِّ
إيَّاه هبة ،والدليل قوله تعالى :
(سورة األنعام)
عز وجل ،طفل بين يديك هو ابنك وأنت أبوه ، هبة ،تعني أثمن شيء تناله من اهلل ّ
بأمرك ،مصروفه عليك ،نفقته عليك ،توجيهه أنت مسؤو ٌل عنه ،فأنايأتمر ِ
خاضعٌ لك ُ ،
أن األب الذي ينهمك بعمله ليحقِّق نجاحاً خارج البيت ،ويهمل أوالده ،يشعر بعد
أشعر َّ
فوات األوان أنه خسر خسارةً كبيرةً َّ ،
وأنه ضيَّع أثمن ما في وجوده ..أوالده .
فيا إخواننا الكرام ..واهلل ما سعيت ِّ
بكل جهدي ألفتتح معهد تحفيظ القرآن التابع لهذا
المسجد ،إال ليكون أبناؤكم مشمولين بالرعاية ،معهد تحفيظ قرآن وسنحاول في الصيف إن
شاء اهلل أن نبدأ تعليم القرآن الكريم تحفيظاً وتسميعاً( وتجويداً( ،وشيء من الفقه وال سيَّما
أحكام الصالة ،شيء من سيرة السلف الصالح الصحابة الكرام ،أي هذا االبن سيكون له
أعدت له من أجل أن َّ
ينشد ،أو يرتبط الطفل بالمسجد( كي ينشأ على طاعة مناشط إسالمية َّ
اهلل ،على ٍ
كل الموضوع خطير جداً وطويل( جداً ،ولكن أكتفي في هذا الدرس باستعراض(
القرآنية التي تأمر المؤمن أن يربي( أوالده ،من آيات القرآن الكريم( قال تعالى :
ّ النصوص
(سورة طه)
كم من المؤمنين يصلِّي لكن ال يعنيه شأن أهله ..صلَّوا أم لم يصلّوا ،ال يعنيه شأن
أوالده ..صلَّوا أم لم يصلّوا ،إذا كان باإلمكان أن تصلّي بهم إماماً في البيت فافعل( ،إذا
كان باإلمكان أن تصطحبهم إلى المسجد فافعل ،دائما االبن قد يكون عبئاً على أبيه ،لكن
إذا كان عبئاً عليه ثم قطف الثمرة اليانعة ،ينسى َّ
كل األتعاب التي تعبها من أجله ،إذاً َّأول
آية :
(سورة التحريم)
خالق الكون يوصيك بأوالدك ،والقرآن أحياناً له مناسبة خاصة وله معنى عام ..،اهلل
سبحانه وتعالى يوصيك( بأوالدك( ،يوصيك( أن تربِّيهم( ،يوصيك( أن ِّ
تهذبهم ،أن ِّ
تؤدبهم ،أن
تعلِّمهم ،أن ِّ
تنشئهم( نشأةً طاهرة ،أن ترعاهم ،أن تراقبهم ،أن تأخذ بيدهم إلى اهلل عز وجل
،النبي عليه الصالة والسالم يقول :
( سورة النساء :من آية " ) " 11
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْي ِه ت رس َ ِ
ول اللَّه َ سم ْع ُ َ ُ
ضي اللَّ ُه ع ْنهما يقُو ُل ِ
َ َ َُ َ
.........ع ِن ْاب ِن عمر ر ِ
ُ ََ َ َ
اع
الر ُج ُل َر ٍ سُئو ٌل َع ْن َر ِعي َِّت ِه َو َّ اع َو َم ْ ام َر ٍ ِ ِِ
سُئو ٌل َع ْن َرعيَّته اِإل َم ُ اع َو ُكلُّ ُك ْم َم ْ
سلَّ َم َيقُو ُل ُكلُّ ُك ْم َر ٍ
َو َ
سُئولَ ٌة َع ْن َر ِعي َِّت َها ِ ِ ِ ِِ
سُئو ٌل َع ْن َر ِعيَّته َوا ْل َم ْرَأةُ َراع َي ٌة في َب ْيت َز ْو ِج َها َو َم ْ
ِفي ْ ِ ِ
َأهله َو ُه َو َم ْ
اع ِفي الر ُج ُل َر ٍ ال َو َّ
َأن قَ ْد قَ َ
ت ْ سُئو ٌل َع ْن َر ِعي َِّت ِه قَا َل َو َح ِس ْب ُ ال ِ ِ
س ِّيده َو َم ْ اع في َم ِ َ
وا ْل َخ ِادم ر ٍ ِ
ُ َ َ
سُئو ٌل َع ْن َر ِعي َِّت ِه * اع َو َم ْ سُئو ٌل َع ْن َر ِعي َِّت ِه َو ُكلُّ ُك ْم َر ٍ مِ ِ
ال َأِبيه َو َم ْ َ
(رواه البخاري Tومسلم)
ُّ
ويستحق دخول النار، أنت مسؤول( أمام اهلل ..ورد في األثر أن االبن الذي يهمله أبوه
وجل ويقول :يا رب ال أدخل النار حتى ُْأد ِخل أبي قبلي َّ ،
ألنه كان لي عز َّ يقف بين يدي اهلل َّ
في دخولها سبباً .
هذا الكالم سهل ..إلقاؤه سهل ،واستماعه سهل ،لكن إخواننا الَّذين لديهم أوالد
غفلة عنك ،ولم َّ
يتلق التوجيه يشب في ٍصغار ،اآلن أنت مشغول عنه ..لكن حينما ُّ
الكافي ،يتفلَّت من بين يديك ،ال تستطيع أن تفعل معه شيئاً ،ال يستمع ،وال يرعوي ،وال
أخ
يصغي ،وال ينتبه ،يصبح هذا االبن عبئاً على أهله ،فلذلك نصيحة من القلب ..كل ٍ
عنده أوالد يجب أن يمضي جزءاً من وقته في تعريفهم( باهلل ،في إكرامهم( ،في مالطفتهم ،
في التحبُّب إليهم ،قال عليه الصالة والسالم :
فليتصاب له ".
َ صبي
ٌ " من كان له
بد من جز ٍء من وقتك( تمضيه مع أوالدك ،ال تقل لي :واهلل أنا مشغول ..فأنا
ال َّ
أخرج من البيت وهم نائمون وأرجع وهم نائمون ،هذا خطأ كبير جداً ،المالحظ أن األب
وقت تمضيه مع أوالدك ،هذا الوقت إذا كثر غيابه عن البيت ..تفلَّت أوالده ،ال بد من ٍ
يؤخذ من زبدة وقتك( .
روى اإلمام الترمذي في صحيحه :
سلَّ َم ْ ِ ِ
ِّب
َألن ُيَؤ د َ صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
سو ُل اللَّه َ
ال :قَا َل َر ُ " َ .......ع ْن َجا ِب ِر ْب ِن َ
س ُم َرةَ قَ َ
اع*" ........ ص ٍ َّق ِب َصد َ
َأن َيتَ َالر ُج ُل َولَ َدهُ َخ ْيٌر ِم ْن ْ
َّ
(رواه الترمذي)
يتصدق بصاع ،وقد( روى َّ خير من أن يؤدب الرجل ولده ٌ صدقة يوميَّة ..ألن ِّ
الترمذي أيضاً عن رسول( اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم أنه قال :
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْي ِه َأن رس َ ِ
ول اللَّه َ
ِ ِ
وسى َع ْن َأِبيه َع ْن َجدِّه َّ َ ُُّوب ْب ُن ُم َ " َ .........ح َّدثََنا َأي ُ
س ٍن * " ...... ْض َل ِم ْن َ
َأد ٍب َح َ سلَّ َم قَا َل َما َن َح َل َو ِال ٌد َولَ ًدا ِم ْن َن ْح ٍل َأف َ
َو َ
(رواه الترمذي)
النبي نتعرف( إلى توجيهات
النبي ،نحن نحاول أن َّ َّ
ّ نتعرف( إلى سنة ّ
نحن نحاول أن َّ
ألن اهلل سبحانه وتعالى يقول :
(سورة الحشر)
(سورة طه)
العلماء استنبطوا " :أن الذي يأمر أهله بالصالة َّ ،
يتكفل اهلل سبحانه وتعالى له ولهم
بالرزق ،هكذا تقول اآلية " ال نسألك رزقاً " ،ال تقل لي :إنني مشغول ،عندنا موسم ،
أريد تأمين الطعام لي ولهم ،أنت واحد منهما ،أنت معال ولست معيل ..أنت وهم عالةٌ
وجل ،ال تحتَّج بإهمال أوالدك بعلَّة كسب الرزق( ..ال نسألك رزقاً ..هذا كالم
عز َّ
على اهلل َّ
خالق الكون " نحن نرزقك ".
وفي حديث آخر للنبي عليه الصالة والسالم( :
" علموا أوالدكم وأهليكم الخير وأدبوهم "
أذكر لكم أنه هناك زوجة ،وهناك زوجة رفيقة (بالمعنى اإلسالمي( طبعاً ) ..معنى
رفيقة أن هذه الزوجة إذا كانت على شاكلة زوجها ،إذا كانت مؤمنةً مصليةً ،صائمةً ،
َّ
محبةً لربِّها ،قائمةً بأمره ،راعيةً لبيت زوجها( ،ترعى أوالدها ،هذه الزوجة تسمو عن أن
تكون زوجةً فقط تصبح شريكة حياة ،والحقيقة عندما يعيش الزوج مع زوجته حياة أساسها
الوفاق الفكري ،والوفاق ِ
القَيمي ،أي أن المبادئ واحدة ،القيم واحدة ،األهداف واحدة ،
حينها يمكن أن يعالج معها موضوعاً( طويالً في أمور الدين ،أي إذا ارتقت الزوجة إلى
مستوى زوجها فكان إيمانها كإيمانه ،وإ دراكها كإدراكه ،وأهدافها( كأهدافه ،وخوفها من اهلل
عز وجل كرغبته ،وحرصها( على تربية أوالدها عز وجل كخوفه ،ورغبتها في طاعة اهلل ّ ّ
النبي الكريم
ّ تربيةً إسالميةً كحرصه ،هذه أرقى من زوجة ..أصبحت شريكة حياة ،لذلك
يقول " :علموا أوالدكم وأهليكم ".
أن الزوجة يجب أن ال تكون (طبخ ونفخ بالتعبير( العامي) ،وغسيل ورعاية ، أي َّ
وهي ذات إيمان ضعيف ،متفلتة من الدين ألن هذه الزوجة تُم ُّل ،هي تَ ُّ
مل من زوجها( َ
مل منها ومن أوالدها ،فالحاجات الماديَّة تُ َم ُّل سريعاً ،كل شيء له
وأوالدها ،وزوجها( َي ُّ
أمر معروف فال يمكن لشيء من الحياة الدنيا بريق تجد بعد حين أن هذا البريق( يخبو ،وهذا ٌ
أن يعطيك سعادة مستمرة .هذا مستحيل .
ُّ
تحتل من نفسك وال تشتري سيارة ،في أول جمعة ال تنام الليل ،بعد سنتين تجدها ال
وفرح به وكلما جاءك
ٌ مسرور
ٌ ذرة ..شيء طبيعي ،تسكن في بيت فخم ،في أول شهرين
ضيف تريه البيت كله ..انظر مساحته -213 -لكن واهلل العليم 225 -م .. - 2يجب أن
تقول له كم مساحته وثمنه ،وتريه األثاث ،بعد مدة من الزمن تجده أمراً طبيعياً جداً..
حظوظ الدنيا (حظٌ حظ ) ،هكذا َّأوله له بريق( ،أما الشيء الذي يمدك بسعادة مستمرة هو أن
تتعرف إلى اهلل ،فاإلنسان لو اختار زوجته وفق مقاييس معينة وكانت ملء سمعه وبصره
سعد بها ِ ،اسأل أي زوج بعد سنتين ..األمر بسيط( جداً كيفما كانت زوجته ،بريق
وانتهى ،لذلك الزوجة تسعد بها سعادة متنامية إذا ع َّْرفتها باهلل ،تسعد بها سعادة متنامية إذا
كانت شريكتك في الحياة و تسعد بها سعادة متنامية إذا كانت على شاكلتك ،إذا كانت
وجل ،تعينك على الشيطان ،عز َّ ورعةً ،إذا كانت مؤمنةً طاهرةً ،تسعى إلى رضوان اهلل َّ
وال تعين الشيطان عليك .
مرة استنصحني أخ كريم على مشارف الزواج قلت له واهلل لي نصيحة سأقولها لك :
دائماً الزوجة في مقتبل الزواج تحلم بفتى أحالمها ،وهو يحلم بفتاة تروق له ،هي تنتظر( أن
يبالغ في إكرامها ،وهو ينتظر أن تبالغ في إكرامه ،واالثنان ينتظران شيئا واحداً ! لذلك
كل الخدمات ، يقدم لها َّ
يصطدمان ،يكتشف بعد حين َّأنها تريد من يدللها ،وهي طامعة أن ِّ
كل الخدمات ،لذلك يتصادمان ،وال يسعد اإلنسان بزوجته إال إذا تقدم له َّ
وهو طامع أن ِّ
ألنها تعرف حقَّه عليها ، عندئذ تُ ِ
سع ُده َّ ٍ وعرفها بربِّها فسعدت بربِّها ثانياً ،
سعد بربِّه أوالً َّ ،
ويتقرب إلى اهلل بخدمتها .َّ تتقرب إلى اهلل بخدمته ، ٍ
وعندئذ َّ
عز وجل ،أما العالقات
العالقات في المجتمعات اإلسالميَّة ،عالقات يربط ْبينها اهللُ ّ
في المجتمعات الماديَّة عالقات مباشرة ،ما دام له مصلحة معها يحبُّها ،أما لو أصابها
مرض ُعضال ،أو لو انقطعت مصلحته منها تجده يطلقها ؟ سمعت عن إنسان ،زوجته ٌ
أصيبت بمرض ،طلَّقها فوراً( !! انتهت المصلحة ،وكم من زوجة مادام زوجها( ملء السمع
والبصر ،قوياً وغنياً ،تحبُّه حباً جماً ،فإذا افتقر فجأة أو أصابه مرض ،تعامله أقسى(
معاملة .
لذلك المجتمعات الماديَّة مجتمعات مصالح ،منافع متبادلة َّ ،
لكن مجتمعات اإليمان
مجتمعات بين كل شخصين اهلل .
يتقرب إلى اهلل بصبره
أن الزوج َّ َّ
أتمنى أن أعبِّر عن هذا المعنى تعبيراً دقيقاً ،أي َّ
تتقرب إلى ربها بصبرها على زوجها وخدمتها له ..
على زوجته ،وخدمته لها ،والزوجة َّ
النبي
ألن ُّوحسبك هذه القاعدة فهي تُسعد الزوجين أيَّما سعادة ..ذكرت لكم ك ّل هذا الكالم َّ
(سورة المؤمنون)
بيتك يجب أن يكون مقدساً ...غرفة الضيوف( هذه تشهد لك فكم من إنسان دخلها
عز َّ
وجل ؟ غرفة الطعام تشهد لك كم إنسان دعوته لوجه هلل ؟ كم وكان الحديث عن اهلل َّ
دعوت من أخ مؤمن مسافر للطعام عندك لوجه اهلل ؟ فالمؤمن إن دعا الناس للطعام له هدف
كبير ،إذا دعا إلى ندوة أو سهرة أو لقاء له من ذلك هدف كبير .
فالذي دعاني لهذا الدرس هو أننا ال نملك إال البيوت صراحة وإ ن كانت الكلمة مؤلمة
فال نملك سوى بيوتنا( ،فهل تملُك أن تغيِّر شيئاً في العالم؟ ال تملك ،فال يوجد( بأيدينا سوى
هذا البيت الذي هو مملكة المؤمن فعليك أن تقيم فيه اإلسالم ـ هذا الدرس عن بيتك ،يوجد
ذمتك كما دعا درس عن عملك ـ إذا فعلت ما أمرك اهلل في بيتك وعملك فقد برَئت َّ كذلك ٌ
النبي صلى اهلل عليه وسلم( :
سلَّ َم َي ْق ِس ُم فَ َي ْع ِد ُل َو َيقُو ُل ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
ِ
سو ُل اللَّه َان َر ُ ........ع ْن َعاِئ َ
ش َة قَالَ ْت َك َ َ
َأمِل ُك " ِ
يما تَ ْمل ُك َوال ْ
ِ ِ اللَّه َّم َه َذا قَس ِمي ِفيما ِ
َأمل ُك فَال تَلُ ْمني ف َ
َ ْ ْ ُ
( سنن أبي داود )
هل تستطيع أن تمنع الهجمة الشرسة على المسلمين في العالم ؟ ال تستطيع أن تفعل
شيئاً ،إال أنك تملك بيتك وتملك عملك وتملك أوالدك ،نتمنى في الصيف أن نرى َّ
كل
أبنائكم عندنا في هذا المعهد ،فنحن قد هيأنا مناشط( إسالمية ُّ
تشد الطفل للمسجد وللقرآن
ولصحابة رسول اهلل ،فال أعتقد بوجود ٍ
أب يرى ابنه يصلي طواعيةً من دون ضغط( ،يراه
مستقيماً على أمر اهلل ،ومتمسكاً( باألخالق الفاضلة إال وقد شعر أنه قد ملك الدنيا
رأيت ابنه صالحاً :واهلل هذا االبن أفضل من ألف
ُ بحذافيرها( ،فأحياناً( أقول ألحد إخواننا( إذا
مليون ألنه استمرار وخلود لك ،فأنت لم تمت .
مجلس للعزاء في
ٌ أنا ال أنسى أن أحد علمائنا األفاضل وقد توفي( ـ رحمه اهلل ـ وأقيم( له
شرعي على أحد الجوامع الكبيرة وكنت أحضر هذا المجلس ،وقد فوجئنا أن ابنه طالب ٍ
علم
ّ
وعيِّن خطيباً مكانه ،فقلت معنى ذلك أن األب لم يمت الستمرار االبن في عمل
شاكلة أبيه ُ
أردت أن ال تموت فليكن ابنك على شاكلتك ..إذا
َ والده ،فكان منطلقي في هذا الدرس :إذا
أردت أن تستمر ،ألن النبي صلى اهلل عليه وسلم يقول :
وعلم ينتفع به ٍ ،
وولد ٍ
جارية ٍ ، ٍ
صدقة " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث :
صالح يدعو له "
ٍ
نرحب بهم ..فنحن بالعيد قد رتَّبنا( أنه إذا
أوالدكم ،إذا جاءوا إلى الجامع ِّ
َ فأوالدكم( ..
َ
ومشجعات وإ كرام( ،فماِّ مرغبات حضر األب مع ابنه فلالبن هديَّه ،فاالبن َّ
البد له من ِّ
يؤلمني َّ
أشد األلم هو أن ُي ََّرجع طف ٌل يقف في الصف األول إلى الصف الثاني لماذا ؟ اجعلوه
األول يصلِّي حتى يشعر بكيانه بالمسجد ولو كان صغيراً .
في الصف َّ
تفرقوا(
فقد مر سيدنا عمر في الطريق ـ وقد( كان ذا هيبة ـ فوجد( أطفاالً فلما رأوه َّ
هاربين إال واحداً .قال " :يا غالم ِل َم لَ ْم تهرب مع من هرب ؟ " ،قال " :يا أيها األمير
ولست مذنباً فأخشى( عقابك ،والطريق يسعني ويسعك( " .هذا
ُ ظلمك ،
لست ظالماً فأخشى َ
َ
طفل .
وفد على عبد الملك بن
ففي تاريخنا اإلسالمي مواقف( لألطفال مذهلة ،مرة دخل ٌ
مروان فوجد طفالً صغيراً( معهم ،فغضب واعتبرها إهانةً له ،فأرسل( إلى الحاجب وقال
علي إال دخل حتى األطفال ! " ،فوقف( الطفل قائالً " :أيها
أحد أن يدخل ّ له " :ما شاء ٌ
شرفني ،أصابتنا َسنةٌ أذابت الشحم ، األمير ..إن دخولي عليك لم ينقص من قدرك َّ
ولكنه َّ
وسنةٌ دقَّت العظم ،ومعكم( فضول( أموال ..فإن كانت لنا فعالم تحبسونها وسنةٌ أكلت اللحم َ ،َ
َّ
فتصدقوا( بها علينا ؟ " ،قال " :واهلل ما َّ
عنا ؟ وإ ن كانت هلل فأعطوها( لعباده ؟ وإ ن كانت لكم
ٍ
واحدة عذراً " . ترك هذا الغالم لنا في
الحجازيين ورئيس
ّ تقدمهم ُّ
وفد المهنئين َّ ..
ِّ دخل على سيِّدنا عمر بن عبد العزيز وفود(
الوفد غالم ال تزيد ِسُّنه عن عشرة أعوام .فقال " :له اجلس وليقم من هو أكبر منك سناً .
" ،قال " :أصلح اهلل األمير ،المرء بأصغريه قلبه ولسانه ،فإذا وهب اهلل العبد لساناً الفظاً
أحق منك بهذااألمة من هو َّ َّ
استحق الكالم ،ولو أن األمر كما تقول لكان في َّ وقلباً حافظاً فقد
المجلس".
يقدر بثمن ،ففي رمضان كنت بميتم إذا تعلَّم الطفل ّ
وتربى( وكان جريئاً وأديباً( ،فال َّ
من المياتم فأعجبني أخوان كريمان جعال ما تبرعا به من المبالغ عن طريق ابنيهما
تبرع بمائة الصغيرين وباسميهما ..طفل صغير ِّ
يقدم مبلغاً أمام جمع غفير ..فالن الفالني َّ
التبرع ،على العطاء ..فأالحظ( اإلخوان يكلفون
يعود ابنه على ُّ
ألف ..أراد األب أن ِّ
ليتعودوا على العطاء ،فنحن نملك اآلن أوالدنا
أبناءهم أن يدفعوا لبعض األعمال الطيِّبة َّ
وبيوتنا( وهذا أخطر عمل نفعله ،فأنت ترسِّخ قيم اإليمان في هذا الجيل الصاعد ،وهؤالء
كلهم رجال المستقبل .
سلَّ َم َو َن ْح ُن َ ِ " َ ......ح َّدثََنا م ِال ٌك َأتَ ْي َنا ِإلَى َّ
ون ش َب َب ٌة ُمتَقَ ِ
ار ُب َ صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ الن ِب ِّي َ َ
يما َر ِفيقًا َفلَ َّما ان رسو ُل اللَّ ِه صلَّى اللَّ ُه علَ ْي ِه و َّ ِ ش ِر َ فََأقَ ْم َنا ِع ْن َدهُ ِع ْ
سل َم َرح ً َ َ َ َ ين َي ْو ًما َولَ ْيلَ ًة َو َك َ َ ُ
ال ْار ِج ُعوا ِإلَى َأخ َب ْر َناهُ قَ َ
سَألَ َنا َع َّم ْن تََر ْك َنا َب ْع َد َنا فَ ْ َأهلَ َنا َْأو قَ ِد ا ْ
شتَ ْق َنا َ ظ َّن ََّأنا قَ ِد ا ْ
شتَ َه ْي َنا ْ َ
َأحفَظُ َها* " ...... اء ْ ش َي َ
وه ْم َو َذ َك َر َأ ْ
وه ْم َو ُم ُر ُيموا ِفي ِه ْم َو َعلِّ ُم ُ ِ ِْ
َأهلي ُك ْم فََأق ُ
(رواه اإلمام البخاري Tفي األدب المفرد)
ِّ
المؤدب قال له " :ليكن َّأول ما لما دفع ولده إلى روى الجاحظ َّ
أن عقبة بن أبي سفيان َّ
فإن أعينهم معقودةٌ بعينك ،فالحسن عندهم ما بني إصالح نفسك َّ ،تبدأ به من إصالح َّ
استقبحت".
َ استحسنت ،والقبيح عندهم ما
َ
سب المعلِّم الدين َّ
مرةً ..مثالً ..واهلل هذه فإذا كان المعلِّم ِّ
يدخن وهو قدوة ،أو إذا َّ
مشكلةٌ كبيرةٌ جداً فهو معلم وقدوة ،وإ ذا كان يكذب مثالً ..انتهى الجيل بذلك ،األب معلم
فإذا كذب وقال البنه قل له :أبي ليس هنا ،فهذا موضوع كبير جدا ..معنى ذلك أنك تكذب
اتصلت هاتفياً ولم تجيبي
ُ ،أو تكذب األم أحياناً على زوجها( :لم أذهب إلى مكان ..فيقول :
! فتقول أمام ابنتها :الهاتف أحياناً يتعطل ..تكذب على زوجها( أمام ابنتها فتنتهي( االبنة
استقبحت .
َ استحسنت والقبيح عندهم ما
َ وكذلك االبن .قال له :فإن الحسن عندهم ما
األمة إال عن طريق
المعلم مث ٌل أعلى ،لذلك بعض العلماء قالوا :ال يمكن أن تصلح َّ
التربية ،ال يمكن أن تنهض أمة إال بدءاً من تربية الصغار ..وتربية الصغار( تحتاج إلى
البد من إعداد المعلِّم .أنا أرى أنه إذا كانت األمة متخلِّفة وأرادت أن تصبح أمة
معلِّم ..إذاً َّ
فأول خطوة هي :إعداد المعلِّم المثقَّف األخالقي ،صاحب المبدأ ،ليبدأ بتربية ِّ
متقدمة َّ
الصغار وهي الخطوة األولى نحو ُّ
التقدم .
استقبحت ..علِّمهم ِسَي َر الحكماء
َ استحسنت والقبيح عندهم ما
َ " الحسن عندهم ما
وتهددهم بي " ..أي أن يكون هناك تعاون بين اآلباء والمعلِّمين ِّ ..
وأدبهم( ْ وأخالق األدباء ،
تكلَ َّن على ٍ
عذر دوني ،وكن لهم كالطبيب الذي ال يعجل بالدواء حتى يعرف الداء ،وال تَّ ِ
ٍ
كفاية منك . مني ،فإني قد اتكلت على
ّ
هذا وصية ولي طالب ِّ
لمؤدب ابنه ..أعيدها عليكم مرة ثانية ..قال له : ّ
بني إصالح نفسك َّ ،
فإن أعينهم معقودةٌ بعينك ، " ليكن َّأول ما تبدأ به من إصالح َّ
استقبحت ،علِّمهم سيَِر الحكماء وأخالق(
َ استحسنت ،والقبيح عندهم ما
َ فالحسن عندهم ما
وتهد ْدهم بي ِّ
وأدبهم دوني ،وكن لهم كالطبيب الذي ال يعجل بالدواء حتى يعرف األدباء َ
ٍ
كفاية منك " . لت على مني ِّ
فإني قد ات ّك ُ الداء ،وال تتَّ ِكلَ َّن على ٍ
عذر ّ
ِّ
المؤدب قال ابن خلدون في مقدمته يروي أن هارون الرشيد( لما دفع ولده األمين إلى
له َّ " :
إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه وثمرة قلبه ـ أقول للمعلمين :الطبيب عمله
َّ
والحداد( مع الحديد ، مع المرضى( ،والمحامي( مع أصحاب المشاكل ،والنجار( مع الخشب ،
عفوية
ّ هر على براءة على صفاء على والمعلم مع أفضل فئة في المجتمع مع الصغار ..طُ ٌ
على ذاتيِّة ..وهؤالء الذين أمامك أيُّها المعلِّم ثمرة قلوب آبائهم ،فعندما( ِّ
يقدم اإلنسان ابنه
يدك عليه مبسوطة وطاعته لك واجبة ،فكن له بحيث لمعلم فقد َّ
قدم له أثمن ما يملك ـ فصي ََّر َ
ور ِّو ِه األشعار وعلّمه ُ
السنن وبصِّره وعرفه األخبار َ
وضعك أمير المؤمنين ،أقرْئ ه القرآن ِّ
تمر َّن بك ساعة إال وأنت مغتنم ٍ
فائدة بمواقع الكالم وامنعه من الضحك إال في أوقاته ،وال َّ
تفيده إيَّاها من غير أن تحزنه فتميت ذهنه ،وال تُمعن في مسامحته فيستحلي( الفراغ ويألفه ،
َّ
بالشدة " . وقومه ما استطعت بالقرب والمالينة فإن أباهما فعليك
ِّ
نتجول
المرات كنت أعاين بيتاً ليشتريه أحد إخواننا( ،ونحن َّ
نصائح تربويَّة ..في أحد َّ
في غرفه فوجدنا بأحدها طفالً مضطجعاً على ظهره ورافعاً( أرجله فوق بعضها( ويتابع
يتحرك ولم يغيَّر من وضعه إطالقاً( وأبوه
برنامجاً في التلفزيون ..دخلنا وخرجنا ولم َّ
معنا ..فما هذه التربية؟!
من عالمات آخر الزمان يصبح الولد غيظاً ..يفيض اللئام فيضاً ،ويغيض الكرام
غيضاً ويكون الولد غيظاً والمطر قيظاً .
مؤدب ابنه قال له " :علِّمهم الصدق كما تعلِّمهم القرآن ـ أحيانا تسأل
أحد الخلفاء نصح ِّ
ابنك من أين هذا القلم ؟ ..فيقول :رفيقي أعارني إياه .فتُ ِّ
صدقه ..أو تشعر بأن الكالم ليس
صحيحاً ،وتتغافل عنه ستتكلف نصف يوم في تحقيق ذلك ،فتذهب إلى المدرسة وتستدعي
رفيقه ..فإن فعلتها مرة واحدة عرف االبن أن الكالم عليه محاسبة ،فقد يكون قد أخذه
خفيةً ،فإن وجدت مع ابنك شيئاً ليس له فال تصمت ..تتبَّع ،اسأل ،حقِّق ..اذهب إلى
وروهم
المدرسة بنفسك في اليوم الثاني وإ ال تفاقم األمر ـ واحملهم على األخالق الجميلة ِّ
الشعر ،وجالس بهم أشراف الرجال وأهل العلم منهم " .
أحيانا يكون عند األب سهرات وزيارات في العيد ،فخذ معك ابنك ليرى هؤالء
الرجال ويرى مجتمعك وأقرباءك( وأصدقاءك ،والكالم المهذب واألحاديث العلمية اللطيفة
أما إن تركته مع رفاقه فمزح وكالم فارغ ..اجعله معك دائماً يسمع ويرى مجلساً راقياً َّ ..
وجنبهم( السفلة َّ
فإنهم( أسوأ الناس أدباً ، منك ومن توجيهاتك ويشاهد( أخالقك ومبادئك ِّ " ،
َوقِّ ْرهم( في العالنية ـ ال ُيهن أحد ابنه أمام أحد كأقربائه أو اخوته أو أصدقائه ـ ِّ
وأنبهم( في
تعنف ابنك أمام أحد ـ واضربهم على الكذب " ـ أخطر شيء الكذب : السر ـ فالخطأ( الكبير أن ِّ
إن الكذب يدعو إلى الفجور وإ َّن الفجور يدعو إلى النار .
َّ
علم حتَّى يحكموه ،فإن علم إلى ٍوقال أحد الحكماء لمعلِّم ولده " :ال تخرجهم من ٍ
ضل المتعلِّم ويعيق( فهمه " .
اصطكاك العلم بالسمع وازدحامه في الوهم ُي ُّ
الصبي في مكتبه ِ
ص ْبَيةٌ حسنةٌ آدابهم ِّ وابن سينا ينصح في تربية األوالد أن يكون مع
الصبي ألقن وهو عنه آخذ وبه آنس " ،لقد قرأت بحثاٌ ِّ الصبي عن َّ
مرضيةٌ عاداتهم ،ألن
ّ
َّ
الطفل يأخذه عن أن ستين في المائة مما يأخذه في علم النفس ِّ
يؤكد بعد كثير من التجارب َّ
أصدقائه ِّ
وأقل من هذه النسبة بكثير عن أبيه وأمه .
أيها اإلخوة :أخطر عمل ُكلِّفنا به هو :تربية أوالدنا ،وهو ُّ
أجل عمل وأطوله أمداً ..
فأي ٍ
عمل تفعله ينتهي عند الموت ،أما تربية أوالدك تبدأ بعد الموت ،ويكون االبن
استمراراً ألبيه ،ويكون صدقةً جارية ،وقد يقول أحدكم :إن ابني كثير الصعوبة ،فأجيبه
عز َّ
وجل منك صدقاً( في على ذلك وأقول له :استعن باهلل وال تعجز ..فعندما يعلم ربنا َّ
عز َّ
وجل إلى سواء السبيل وإ لى األساليب تربيته ،واهتماماً ورغبةً وإ لحاحاً ،فسيهديك( اهلل َّ
الناجحة والمؤثِّرة .
وأصرت(
َّ ِّ
فإني أعرف إحدى األسر ابنهم رسب ست سنوات في الشهادة اإلعدادية ،
والدته أن يصبح طبيباً( ،دروس خاصةٌ ومتابعةٌ ،وأصبح اآلن طبيباً لألسنان ،بعض اآلباء
يقول عن ابنه :إنه ال يصلح للدراسة فيتركه من أول بادرة تقصير دون متابعة وهذا خطأ
همتك فكبار العلماء ..مثالً توفيق الحكيم ..وهو أحد كبار
جسيم ،فيجب أن ال تضعف َّ
األدباء في األدب العربي ( أما في الدين فال ) كان ضعيفاً في اللغة العربية وهو في التعليم
الثانوي .
انشتاين ،أكبر عالم في الفيزياء والكيمياء طُرد من المدرسة لضعفه في مادة
درس ،ال توجد( ظروف( استثارت ما فيه من المقصر طاقاته لم تُ َ
ِّ الفيزياء ،قد يكون الطفل
ٍ
كامنة ،فال تيأس سريعاً من ابنك ،فعسى( أن يكون العلم مفيداً له أكثر من العمل ، ٍ
طاقات
فسيعمل بعد ذلك ،أما إذا بدأ جاهالً فمشكلته كبيرة ،فالمفروض أن يستنفد اإلنسان كل
طاقاته ،وإ ن لم يكن قد تعلَّم العلم العادي ،فليعلِّمه العلم الديني ،فال مانع من أن يطلب العلم
في مسجد فهذا علم كذلك ،بل أرقى علم ،فمن كان له مجلس علم فاسمه عالم ،فإني(
ثالث عشر عاماً ويقول :أنا غير متعلم ! ..فكيف
َ أعجب من شخص له في المسجد
ذلك ؟ ..ثالثة عشرة سنة وكل أسبوع ثالثة دروس (تفسير وحديث وسيرة وفقه وخطبة )
متعلم وأكثر ،فهذا الكالم يجب أن ال نتكلمه ،فطالب العلم بالمسجد(
ٌ ولست متعلماً ؟! بل
َ
متعلِّم ،واألبلغ من ذلك :كفى بالمرء علماً أن يخشى اهلل ،فكل من استقام على أمر اهلل -
أمياً ولو كان لم يحصل على الشهادة
واهلل ال أبالغ -فهو عالم ..عالم ..عالم ولو كان ّ
اإلعدادية ،من غض بصره وكان دخله حالالً ولم يكذب أو يغش ولم يعمل عمالً سيئاً ،
متعلم أكثر ،فمن عرف اهلل في مسجد
ٌ لست متعلماً ..فهذا كالم الشيطان ..فأنت
ويقول ُ :
فهو طالب علم ،فكلُّنا طالب علم ..فإني ال أسمح ألحد له مجلس علم ويقول ُ :
لست
متعلماً ،أهلي لم يعلموني( ..أنت تتعلم عندنا ،فهذا علم .
يقولون :أحدهم عنده درجة ـ الليسانس ـ فما هي هذه الدرجة ؟ أي أن عنده ثمانية
مواد في ستة أشهر قد درسهم( ،وعنده دوام في الجامعة يومياً خمس أو ست ساعات ،فقرأ
عدداً من الكتب وتقدم للفحص ونجح فحصل على درجة ـ الليسانس ـ فمن تعريفات
الجامعة ..أنها مدرسة يدخلها الطالب جاهالً متواضعاً( ،ويخرج منها جاهالً متكبراً ..فإنني
مجلس للعلم فليس اسمه جاهالً بل عالماً ،أو طالباً للعلم فهذا
ٌ ُّ
ألح على أنه إذا كان لإلنسان
يظل المرء عالماً ما طلب العلم ،فإذا َّ
ظن أكمل ،فال تقل عالم بل قل :طالب علم ..ألنه ُّ
تتوهم َّأنك تعلَّمت فأنت جاهل .
أنه قد علم فقد جهل ،في اللحظة التي َّ
علم ممتع ..فأنت تقرأ قصيدةً شعرية
في الحقيقة كنت أقول إلخواننا دائما :هناك ٌ
علم ممتع نافع ..فإن كنت مختصاً
أدب ممتعٌ ،وهناك ٌ
رائعة أو قصة مثيرة جداً فهذا ٌ
اختصاصاً نادراً ويقف على بابك أكثر من خمسين شخصاً وكل منهم يدفع لك ألف ليرة فأنت