You are on page 1of 10

‫املحور االول‪ :‬مدخل مفاهيمي لإلبداع واالبتكار‬

‫أوال‪ -‬مفهوم االبداع واالبتكار‪:‬‬

‫يرتبط هذين املفهومين ببعضهما بشكل كبير و ووثيق‪ ،‬سنحاول في هذال املحور التعرف على هذين املفهومين‬

‫بشكل مفصل‬

‫‪ -1‬مفهوم االبداع ‪:‬‬


‫" االبداع عبارة عن الوحدة املتكاملة ملجموعة العوامل الذاتية واملوضوعية التي تقود الى تحقيق انتاج‬
‫جديد وأصيل ذو قيمة من الفرد والجماعة‪ ،‬واالبداع بمعناه الواسع يعني ايجاد الحلول الجديدة لالفكار واملشكالت‬
‫واملناهج‬

‫وكذا "فاالبداع هو مزيج من القد ارت واالستعدادات والخصائص الشخصية التي اذا وجدت بيئة مناسبة يمكن أن‬
‫ترقى بالعمليات العقلية لتؤدي الى نتائج أصلية ومفيدة للفرد أو الشركة أو املجتمع أو العامل‬

‫كما يعرف االبداع على "انه عصف ذهني او قدح زناد الفكر للتوصل الى أفكار جديدة خالقة تدفع لالبتكار"‬

‫وعليه فاإلبداع هو القدرة على انتاج األفكار وحل املشكالت بطريقة أصيلة وفريدة‪.‬‬

‫و عليه فاإلبداع هو قدرة الشخص على استخدام املهارات العقلية إليجاد أفكار جديدة‪ ،‬خارجة عن املألوف‪ ،‬وهو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫القدرة على خلق وإيجاد أفكار جديدة ومبتكرة‪ .‬كما أن اإلبداع ليس سلوكا وراثيا‪ ،‬وإنما سلوك قابل للتعلم والتطوير‬
‫ً‬
‫لدى األفراد‪ ،‬وهو مهارة إيجاد األفكار وحلول للمشكالت‪ ،‬على أن تكون أفكارا نادرة وفريدة من نوعها‬

‫‪-1-1‬خصائص االبداع‪:‬‬

‫➢ الطالقة‪ :‬هي قدرة الشخص على انتاج كمية كبيرة من االفكار تفوق املتوسط العام في غضون فترة زمنية محددة‬

‫ويقال أن الطالقة بنك القدرة اإلبداعية‪.‬‬


‫➢ املرونة‪ :‬أن تكون هذه االفكار متنوعة في جوهرها‪ ،‬وأن ال يتصلب حول نوعية واحدة من الحلول أو يقف عند طريقة‬

‫واحدة إليجاد الحلول‪ ،‬فهو يغير باستمرار في املعنى أو التفسير أو االستعمال أو فهم املهمة أو استراتيجية العمل أو‬

‫يغير في اتجاه التفكير الذي قد يعني تفسيرا جديدا للهدف‪ ،‬اي أن املرونة تتعلق بالكيف وليس الكم‪ ،‬وتنقسم املرونة‬

‫الى قسمين‪:‬‬

‫املرونة التكيفية‪ :‬وهي قدرة الشخص على تغير الوجهة الذهنية ملواجهة مواقف جديدة ومشكالت متغيرة؛‬

‫املرونة التلقائية‪ :‬تتمثل في القدرة على سرعة انتاج اكبر عدد ممكن من األفكار املختلفة (تنوع واختالف االفكار التي‬

‫يأتي بها الفرد تتضمن جانب النوع)‬

‫➢ الحساسية للمشكالت‪ :‬تشير الى قدرة الشخص على أن يرى موقفا معينا ينطوي على عدة مشكالت تحتاج الى حل‬

‫وهذا مايتطلبه العمل اإلبداعي‪.‬‬

‫➢ االصالة‪ :‬هي قدرة الفرد على توليد أفكار جديدة‪ ،‬أو مدهشة أو نادرة لم يسبق اليها احد‪ ،‬اي انتاج ما هو غير مألوف‪.‬‬

‫‪-2-1‬سيرورة االبداع‪:‬‬

‫تمر عملية االبداع بمراحل عدة حتى تكتمل وتظهر بصورة كاملة معبرة عن املوضوعية والنضوج الذهني ‪،‬وتتضمن‬

‫هذه العملية النضوج العقلي لألفكار وموضوعية األحكام التي يقدمها الشخص املبدع‪ ،‬وقد اقترح الباحثون عدة‬

‫سيرورات لإلبداع تختلف عن بعضها البعض بدرجات متفاوتة ‪.‬‬

‫مراحل االبداع حسب )‪ : (Kreitner & Knicki‬اقترح الكاتبان خمس مراحل لإلبداع والتي تتمثل في)‪:(1‬‬

‫‪-‬االعداد‪ :‬وتتضمن املدة التي يقضيها الفرد في التعلم والقراءة والتدريب في العمل‪ ،‬وحضور املؤتمرات والندوات‬

‫وغيرها‪ ،‬وذلك ليتكمن الفرد من االحاطة بكافة أبعاد املشكلة واالحساس بها‪.‬‬

‫‪-‬التركيز‪ :‬في هذه املرحلة يركز الفرد اهتمامه وجهوده وتفكيره على املشكلة‪.‬‬
‫‪-‬االحتضان‪ :‬هنا ينخرط الفرد في أعماله اليومية بينما يجول ذهنه في البحث عن املعلومات‪ ،‬أي هي مرحلة تفاعل‬

‫املعلومات والبيانات في العقل الباطني للمبدع‪ ،‬ونتيجة لهذا التفاعل تظهر االبداعات‪.‬‬

‫‪-‬الشروق ̸ االلهام‪ :‬حيث أنه بينما يبحث الفرد عن املعلومات فانه يعمل أيضا على ربطها وايجاد العالقات فيما بين‬

‫االشياء‪ ،‬حيث يظهر الفكر الجديد على شكل انارة ذات ملعان تنبه الفرد املبدع مما يجعله في حالة اكتشاف بعد‬

‫اتمام عملية االيحاء حيث يتحرك تدريجيا ليحرك حالة اكتشاف بعد اتمام عملية االيحاء حيث يتحرك تدريجيا‬

‫ليحرك حالة اليقظة واالنتباه عند الفرد املبدع كي يستطيع تقديم ش ئ بعد مرحلة النضوج‪.‬‬

‫‪ -‬اثبات التحقق‪ :‬تعني اعادة العملية بكاملها من أجل اثبات الفطرة أو تعديلها أو تجربتها‪ ،‬أي أن الش يء االبداعي‬

‫املقدم من الفرد واملتضمن (فكر‪ ،‬سلوك‪ ،‬استجابة) يخضع لالختبار بهدف التأكد من صحته ومصداقيته وصالحيته‬

‫للتطبيق كفكر جديد‪.‬‬

‫مراحل االبداع حسب ‪ :wallas‬اقترح ‪ wallas‬اربع مراحل لالبداع والتي تتمثل في‪:‬‬

‫‪-‬االهتمام‪ :‬تبدأ عملية االبداع باالهتمام أو الشعور بالحاجة‪ ،‬اذ ال بد من وجود ش يء يفرض نفسه‪.‬‬

‫‪-‬االعداد‪ :‬تتمثل في جمع املعلومات حول موضوع املشكلة التي تمثل محور اهتمام املبدع‪ ،‬وهنا يتم تخطيط رحلة‬

‫التفكير‪.‬‬

‫‪-‬االحتضان‪ :‬تشهد هذه املرحلة عمليات التفاعل وارهاصاتها‪ ،‬وتتداخل خاللها العوامل الشعورية والالشعورية في‬

‫شخصية االنسان‪ ،‬كما وتحدث محاوالت كبير إرادية وعفوية لتلمس حقيقة املشكلة‪ ،‬أو موضوع البحث والحلول‬

‫املناسبة‪ ،‬وباختصار فإنها مرحلة التفاعل بين شخصية الباحث ومعلوماته وموضوع البحث‪ ،‬ومرحلة توالد الحلول‬

‫املمكنة‪ ،‬وبعبارة اخرى حل املشكلة عن طريق الحدس والبديهة‪.‬‬

‫‪-‬البزوغ ̸ الشروق‪ :‬فيها تنبثق بشكل مفاجئ الفكرة الجوهرية‪ ،‬أو العمل النموذجي‪ ،‬انها الحالة التي يتمكن فيها‬

‫االنسان من اعادة ترتيب أفكاره وبما يسمح له بالوصول الى ما يمثل حال نموذجيا‪.‬‬
‫‪-‬التحقق‪ :‬وتشمل عملية التبصر بالعقل الظاهر‪ ،‬وباالستعانة بأدوات البحث املتاحة في الفكرة التي نتجت خالل‬

‫مرحلة الشروق‪ ،‬وذلك للتحقق من صحتها ولتحديد طرق تطبيقها‪ ،‬وماهي مضاعفات التطبيق واملستلزمات املطلوبة‬

‫لذلك‪.‬‬

‫‪ –2‬مفهوم االبتكار‪:‬‬

‫يحمل االبتكار معاني متعددة ويختلف مفهومه باختالف وجهات النظر وحسب السياق الذي يستخدم فيه ‪،‬لهذا‬

‫سوف يتم عرض أهم املفاهيم والتعاريف لكبار املتخصصين في مجال االبتكار‪:‬‬

‫اشتقت كلمة ابتكار"‪ " Innovation‬من الكلمة الالتينية "‪ "Innovare‬التي تعني التجديد" ‪ " renouveler‬والتي‬

‫بدورها تتكون من الفعل "‪ ،"novare‬أصل الفعل" ‪ "novus‬والذي يعني جديد ‪ " In"،‬التي تشير إلى التحرك نحو‬

‫الداخل‪ ،‬وعليه نستنتج أن االبتكار لغويا يعني ش يء يدل على الحركية أي انه عبارة عن سيرورة‬

‫حتى القرن الثاني عشر‪ ،‬كانت كلمة ابتكار تشير إلى كل ما هو حديث الظهور‪ ،‬وفي القرن السادس عشر توجه‬

‫مفهوم االبتكار نحو كل ما هو فريد وغير منتظر‪ ،‬وفي نفس الفترة أصبح معنى االبتكار يشير إلى االختراع وخلق ما هو‬

‫جديد وهو املعنى املتداول في الوقت الراهن‪.‬‬

‫ُ‬
‫ُيعرف االبتكار عند أول استخدام تجاري للمنتج أو العملية والتي لم يسبق استخدامها من قبل‪.‬‬

‫وبنظرة أوسع لالبتكار‪ ،‬يمكن القول بأنه إيجاد فكر جديد فنيا كان أم إداريا أم اجتماعيا أم اقتصاديا‪ ،‬يتعلق‬

‫بتطوير ما هو قائم فعال وتحويل هذه الفكرة إلى مشروع تنفيذي مربح اقتصاديا ‪ ،‬كما يعتبر االبتكار األسلوب األكثر‬

‫إرضاء وتلبية للجمع بين املوارد بهدف منح املستعمل تحسين املوجود‪.‬‬

‫في حين يرى ‪ Neily & Hii‬سنة ‪ " 1998‬أن االبتكار هو استغالل االختراع أو فكرة جديدة استغالال تجاريا‪ ،‬ويحدث‬

‫عند أول تداول تجاري للمنتج الجديد أو العملية الجديدة أو النظام الجديد أو الجهاز الجديد‪ ،‬ويحدث االبتكار أو‬
‫التجديد عندما يطرح في السوق منتج جديد أو منتج خضع لتغيير _ ما _ وهو الجمع بين أنشطة مختلفة كالتصميم‬

‫والبحث ودراسة السوق وتطوير أساليب اإلنتاج وتغيير الهيكل التنظيمي وتطوير العاملين ‪،‬وهي أنشطة ضرورية‬

‫لتطوير املنتج الجديد أو عملية اإلنتاج ودعمها‪.‬‬

‫وهذا ما يالحظ في أعمال ‪ AFNOR‬التي قام بنشرها من خالل كم هائل من الم ارجع حول إدارة االبتكار ‪،‬حيث‬

‫اعتبره عملية تؤدي إلى وضع موضع التنفيذ لواحد أو عدة منتجات‪ ،‬عمليات‪ ،‬طرق وخدمات سواءا جديدة أو‬

‫محسنة‪ ،‬وقابلة لإلجابة لحاجات الزبائن املتوقعة والغير متوقعة‪ ،‬وانتاج قيمة اقتصادية بيئية واجتماعية بالنسبة‬

‫لكل أصحاب املصلحة‪.‬‬

‫كما يرى مايكل بورتر‪ ":‬أن املؤسسة التي تمتلك مي ازت تنافسية قائمة على االبتكار هي التي تدرج االبتكار‬

‫بمعناه الواسع ضمن وحداتها ونشاطاتها واستراتيجياتها‪ ،‬وذلك عن طريق إدخال تكنولوجيا جديدة والقيام بعمليات‬

‫مبتكرة في نفس الوقت‪.‬‬

‫‪ François Romon‬في كتابهما ‪Management de‬‬ ‫و‬ ‫ونجد كل من ‪Sandrine Fernez Walch‬‬

‫‪ l’innovation‬يتبنيان وجهة نظر املؤسسة التي تقود االبتكار لوحدها أو مع مؤسسات أخرى‪ ،‬بأنه عملية داخل‬

‫املنظمة أو بين منظمة ومنظمات أخرى‪ ،‬متعمدة ومقصودة تؤدي إلى اقتراح وتبني منتج جديد داخل املنظمة أو على‬

‫مستوى السوق‪ ،‬وهذا املنتج الجديد يمكن أن يكون سلعة ملموسة‪ ،‬خدمة‪ ،‬عملية‪ ،‬معرفة‪ ،‬هيكل تنظيمي أو الدمج‬

‫بين هذه العناصر‪ ،‬هذه العملية تسمح للمنظمة بتحسين مكانتها االستراتيجية ‪.‬‬

‫وعليه فاالبتكار عملية متعمدة داخل املنظمة تؤدي إلى اقت ارح وتبني منتج جديد‪ ،‬تنظيم جديد‪ ،‬أداة تسيير‬

‫جديدة‪ ،‬معرفة جديدة‪ ،‬هذه العملية تسمح للمؤسسة بتحسين وضعيتها اإلستراتيجية وتعزيز كفاءتها ومعارفها‬

‫التكنولوجية والسوقية‪.‬‬
‫‪ -3‬تمييزاالبتكارعن اإلبداع‪ ،‬االختراع‪ ،‬التجديد‪ ،‬التغيير‪ ،‬البحث والتطوير‪:‬‬

‫إن بعض الكتاب والباحثين يخلطون بين مفهوم االبتكار وبعض املصطلحات كاإلبداع‪ ،‬االختراع‪ ،‬التجديد التغيير‪،‬‬

‫التكييف‪ ،‬التحسين‪ ،‬فرغم التداخل بين االبتكار وهذه املصطلحات إال أن هذا ال يعني أنها تعبر عن نفس املعنى‪.‬‬

‫‪ -1-3‬تمييزاالبتكارعن اإلبداع ‪:‬‬

‫لدراسة العالقة بين مفهوم اإلبداع واالبتكار يوجد تيارين‪ ،‬يستخدم أصحاب التيار األول االبتكار بشكل مرادف‬

‫لإلبداع‪ ،‬بينما أصحاب التيار الثاني يحاولون التمييز بينهما من زوايا مختلفة واعتبروها فروقا على الرغم من عالقتهما‬

‫التكاملية‪ ،‬وسيتم فيما يلي توضيح وجتهي نظر كال التيارين‪:‬‬

‫من أهم رواد التيار األول نجد الصيرفي الذي يرى أن اإلبداع واالبتكار والخلق هي مصطلحات مترادفة وتؤدي‬

‫إلى نفس املعنى‪ ،‬ويعبر عنها باملعادلة التالية‪:‬‬

‫اإلبداع= االبتكار= الخلق‬

‫وهذا املفهوم ال يختلف عن ما جاء به (القريوتي) الذي أكد أن مفاهيم اإلبداع واالبتكار تستعمل كمترادفات‬

‫وتعني جميعا اإلتيان بش يء جديد غير مألوف‪ ،‬أو حتى النظر إلى األشياء بطرق جديدة‪ ،‬أما (بدوي) فقد عرف االثنين‬

‫معا في كتابه معجم مصطلحات العلوم اإلدارية على أنهما درجة الخلق لدى الفرد واالنحراف بعيدا عن اإلتجاه األصلي‬

‫واإلنشقاق عن التسلسل العادي في التفكير إلى تفكير مخالف كليا‪.‬‬

‫ولقد أشار من جهة (‪ ) Mealiea and Latham‬وضوح إلى أن االبتكار واإلبداع يمكن أن يستخدما بشكل متبادل‪،‬‬

‫ومن جهة أخرى أكد (رعد الصرن) على الجمع بين مصطلحي اإلبداع واالبتكار كمترادفتين موضحا التداخل بينهما‬
‫إلعتقاده أنه ال ضرر في ذلك‪ ،‬فاملهم التأكيد على أن االبتكار أو اإلبداع فردي املنشأ واجتماعي النتائج‪ ،‬وأنه ال يقتصر‬

‫على اإلنتاج املادي بل يتضمن اإلدارة بكل ما تشمله من متغيرات ‪.‬‬


‫َ‬
‫إن الكثير من الباحثين أحدثوا خلط في اعتبار اإلبداع مرادف لإلبتكار‪ ،‬ويرجع هذا الخلط إلى تشعب الباحثين‪،‬‬

‫ديناميكية مفهوم االبتكار‪ ،‬وعدم تخصص الباحثين في مجال االبتكار‪ ،‬إضافة إلى عدم التحكم في الترجمة‪ ،‬حيث‬

‫ترجم بعض الكتاب كلمة (‪ )Innovation‬في اللغة اإلنجليزية إلى كلمة اإلبداع في اللغة العربية ‪،‬و كلمة (‪)Creativity‬‬ ‫ُ‬
‫ي ِ‬
‫في اللغة اإلنجليزية إلى كلمة إبتكار في اللغة العربية‪ ،‬وهذا ما كان واضحا في كتاب (إدارة اإلبداع واالبتكار في منظمات‬
‫َّ‬
‫األعمال)‪ .‬كما يعتقد نفس املؤلف أنه ال توجد فوارق كبيرة تش ِوه جوهر املعني ملصطلحي اإلبداع(‪)Innovation‬‬

‫واالبتكار طاملا أن معظم الدراسات أجمعت على أنهما يشتركان في نفس العناصر الرئيسة كالطالقة والبراعة‪ ،‬واملرونة‬
‫ُ ًّ‬
‫واألصالة‪ ،‬وطاملا أن كال ِمنهما يأتي بمخرجات جديدة أو إضافات تهدف أوال وأخيرا إلى تحسين أداء املنظمة‪.‬‬

‫التيارالثاني حاول التمييز بين اإلبداع واالبتكار من زوايا مختلفة‪ ،‬واعتبر أن العالقة تكاملية بينهما‪ ،‬وأن اإلبداع هو‬

‫مرحلة من م ارحل العملية االبتكارية في منظمات األعمال‪:‬‬

‫يرى (‪ )Amabile‬أن اإلبداع هو عملية عقلية خالقة تأتي بأفكار مفيدة وغير مألوفة من قبل الفرد أو املجموعة‬

‫التي تعمل سويا‪ ،‬بينما االبتكار هو ناش ىء ومبني على األفكار املبدعة التي تعتبر األساس في العملية االبتكارية‬

‫(‪ )Rosenberg‬فقد بين أن اإلبداع عبارة عن أفعال اإلنسان التي ينتج عنها أفكار أصيلة جديدة تؤدي إلى تحقيق‬

‫نتائج فريدة‪ ،‬في حين اعتبر االبتكار على أنه النشاط الذي يؤدي إلى‬

‫تطبيق األفكار اإلبداعية إلى إنجاز عملي‪ ،‬ويؤكد ذلك كل من (‪ ، )Souder and Zeigler‬ويوضح (‪)cook‬العالقة‬
‫التكاملية بين اإلبداع واالبتكار‪ ،‬كما هو مبين في الشكل املوالي على اعتبار أن اإلبداع هو التفكير بأفكار غير مألوفة‬
‫ومناسبة تشمل‪ :‬األفكار واألف ارد والتمويل )مدخالت العملية اإلبداعية( في حين أن االبتكار هو التطبيق الناجح‬
‫لألفكار اإلبداعية وتشمل‪ :‬اإلبداع‪ ،‬النمو والعائد من االستثمار ( مخرجات العملية اإلبداعية)‬
‫الشكل رقم ‪ :1‬العالقة التكاملية بين اإلبداع واالبتكار‬
‫األفكار‬ ‫اإلبداع‬

‫األفراد‬ ‫النمو‬

‫التمويل‬ ‫العائد من االستثمار‬

‫االبداع‬ ‫االبتكار‬

‫التطبيق الناجح لألفكار‬


‫االتيان بأفكار غير مألوفة ومناسبة‬

‫املصدر‪ :‬خصاونة عاكف لطفي‪ ،‬إدارة اإلبداع واالبتكار في منظمات األعمال‪ ،‬دار حامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،2011،‬ص ‪.36‬‬

‫كما توصل عالء سيد قنديل في كتابه " القيادة اإلدارية وادارة االبتكار" من خالل عرضه لوجهات نظر مختلفة‬

‫للكتاب في مجال اإلدارة‪ ،‬حيث أن اإلبداع هو جزء من عملية االبتكار‪ ،‬على أساس أن اإلبداع هو صناعة الفكرة‬

‫واالبتكار هو ترويج وتنفيذ للفكرة‪ ،‬ويعتبر املصطلحين وجهان لعملة واحدة مكمالن لبعضهما البعض‪ ،‬حيث أن‬

‫صاحب الفكرة يدعمها ويروجها وينميها وينفذها ويطورها بشكل مستمر حتى تتحول الفكرة إلى إبتكار‪.‬‬

‫ويرى ‪ Arnaud Groff‬أن اإلبداع هو املرحلة األولى لإلبتكار ويوضحها في الشكل التالي‪:‬‬

‫الشكل رقم‪ : 02‬من اإلبداع إلى االبتكار‬


‫من الشكل أعاله يتضح أن اإلبداع هو القدرة على إنتاج أفكار جديدة‪ ،‬أما االختراع هو تحويل هذه األفكار إلى منتج‬

‫وتجسيدها‪ ،‬ويصبح ابتكارا بمجرد وصول هذا املنتج إلى السوق‪.‬‬

‫‪ -2-3‬التمييزبين االبتكارواالختراع‪ ،‬التجديد‪ ،‬التغييروالبحث والتطوير‪:‬‬

‫الج َّدة‪ ،‬والفعل اخترع تأتى من خلق أو‬ ‫إن مفهوم االبتكار ُيش ُ‬
‫به مفهوم االختراع حيث أن االبتكار َيش ُ‬
‫تمل على عبارة ِ‬
‫ِ‬
‫الج َّدة (‪ ،)nouveauté‬في حين َّمي َز كل من‬
‫اكتشف ش يء جديد‪ ،‬إذن بين االختراع واالبتكار نجد عبارة مشتركة وهي ِ‬
‫(‪ )Robbins and Coulter‬بين االبتكار واالختراع‪ ،‬حيث أن هذا األخير( ‪ )Invention‬يشير إلى التوصل إلى فكرة جديدة‬

‫بالكامل ترتبط بالتكنولوجيا وتؤثر على املؤسسات املجتمعية‪ ،‬في حين أن االبتكار )‪ )Innovation‬يعني التجديد‬

‫بوصفه إعادة تشكيل أو إعادة عمل األفكار الجديدة ِلتأتي بش يء جديد‪.‬‬

‫ويختلف االبتكار عن االختراع‪ ،‬حيث يعني هذا األخير إيجاد أو التوصل إلى ش يء جديد لم يكن موجودا ‪،‬أو هو‬

‫وقوع أول فكرة لعملية أو منتج أو إيجاد ش يء له وجود مادي ملموس واستخدام محدد‪ ،‬وهو أكثر ارتباطا بتجسيد‬

‫االبتكار‪ ،‬أي أن التركيز هنا على الش يء املبتكر ال على الفكرة الجديدة أو املمارسة الجديدة‪ ،‬وفي نفس االتجاه يتم‬

‫التفريق بين االبتكار واالختراع واإلبداع على أساس أن "االبتكار هو العملية الذي يحول من خاللها فكرة جديدة إلى‬

‫عمل ملموس‪ ،‬أما االختراع فهو خلق فكرة وتطويرها وعملها في الواقع‪ ،‬وبالتالي نجد اإلبداع هي أول خطوة في عملية‬

‫االختراع ‪،‬فاإلبداع يولد عدد من األفكار الجديدة لنختار واحدة منها‪.‬‬

‫أما ‪ Alberti‬فيعرف االبتكار على انه " نتيجة عملية تسمح لنا بتحويل فكرة إلى منتج أو خدمة قابلة للتداول‬

‫التجاري‪ ،‬فهو التجسيد امللموس لالختراع أو فكرة جديدة‪ ،‬عكس االختراع‪ ،‬فاالبتكار يتضمن القبول االجتماعي من‬

‫قبل مستعمليه و لهذا فان االختراع ال يكون بالضرورة مفيدا‪ ،‬بينما االبتكار يجب أن يتميز باالستعمال ‪.‬‬

‫وهذا ما يؤكده كل من ‪ Stiegler‬بقوله "أن االبتكار هو قدرة املؤسسة على إيجاد معرفة اختراعية ذات منفعة‬

‫اجتماعية ‪ ،‬الذي يعتبر أن االبتكار هو االختراع الذي تم تقديمه إلى السوق في حالة وجود منتج جديد أو االستخدام‬
‫األول في عملية اإلنتاج وذلك في حالة ابتكار العملية‪ .‬كما يقدم (‪ )F.M.Scherer‬تمييزا اقتصاديا بين االختراع‬

‫واالبتكار‪ ،‬مشيرا إلى أن االختراع يعمل على التأثيرات الفنية في توليد الفكرة الجديدة حيث املوارد غير امللموسة‬

‫(الوقت‪ ،‬ومضة العبقرية والتقدم الكلي في العلم) تكون أكثر أهمية في ضمان تحقيقه‪ ،‬أما االبتكار فإنه يحقق‬

‫التأثيرات االقتصادية وتكون املوارد املادية والبشرية وتخصيصها لحل املشكالت الفنية والتجربة والخطأ هي العناصر‬

‫األساسية في نقل الفكرة إلى املنتج الجديد‪.‬‬

‫يترجم البعض كلمة ‪ Innovation‬بالتجديد كما في ترجمة كتاب بيتر د اركر ‪Innovation and‬‬
‫‪ ،Entrepreneurship‬والذي تر ِجم التجديد واملقاولة‪ ،‬فالتجديد يعني إعادة القيمة الجمالية واإلستخدامية للش يء‬

‫إلى ما كانت عليه‪ ،‬وقد يصاحب التجديد تطوير وتحديث بإدخال إضافات على الش يء تعيد له القيمة الجمالية أو‬

‫اإلستخدامية وتجعله يساير الوقت الحالي أما االبتكار فهو أشمل من ذلك‪.‬‬

‫كما أنه من الضروري التمييز بين االبتكار والتغيير‪ ،‬فهذا األخير هو أي بديل للوضع الراهن‪ ،‬أما االبتكار هو النوع‬

‫األكثر تخصصا للتغيير‪ ،‬وعليه فجميع االبتكارات تشير للتغيير‪ ،‬ولكن ليس جميع التغييرات ابتكارات ‪،‬باعتبار أن‬

‫التغييرات يمكن أن ال تتطلب أفكارا جديدة أو تقود إلى تحسينات هامة‪.‬‬

‫ويعتبر التمييز بين االبتكار ونشاط البحث والتطوير أم ار ضروريا‪ ،‬حيث أن هذا األخير يمثل مرحلة واحدة من‬

‫االبتكار وهذا ما تم توضيحه ِمن ِق َبل منظمة التعاون والتنمية االقتصادية لالبتكار على انه " مجموع الخطوات‬

‫العلمية والفنية والتجارية واملالية الالزمة لنجاح تطوير وتسويق منتجات صناعية جديدة أو محسنة‪ ،‬واالستخدام‬

‫التجاري ألساليب وعمليات أو معدات جديدة أو محسنة‪ ،‬أو إدخال طريقة جديدة في الخدمة االجتماعية وليس‬

‫البحث والتطوير إال خطوة واحدة من هذه الخطوات "‬

You might also like