Professional Documents
Culture Documents
مهنة حرفة
مهنة حرفة
أصبح الكتاب ذاته يف ما بعد نموذجا ً للكتابة عن العمارة بعد أن اكتشفه معماريو عصر النهضة
اإلنسانيون واتخذوه أساسا ً لفهم قواعد البناء وعلم الجمال وأسس التناسب المعماري .ولكن
العمارة ذاتها ظلّت يف المقام األول مجا ًال حرفيا ً يف مختلف ثقافات العصور الوسطى ،حتى تلك
التي َورثت التراث الكالسيكي ،مثلها مثل حرف يدوية أُخرى ذات صلة مباشرة بالحياة اليومية،
مثل النسيج وصناعة الفخار .كان هذا هو حال العمارة يف الثقافة اإلسالمية يف العصور
الوسطى ،عىل سبيل المثال ،حيث ال يظهر أي أثر للمعماريين (أو البنائين) ،وغيرهم من الفنانين
الذين أبدعوا روائع الفن والعمارة اإلسالميين ،يف كتب التراجم ،أرشيف المسلمين األول ،إال
عندما يبرع واحدهم يف بعض المجاالت األدبية أو الدينية مثل كتابة الشعر ودراسة الفقه ،أو
عندما يصاهر واحدهم أميرا ً أوسلطانا ً .يف ما عدا ذلك فنحن ال نعرف عن هؤالء المبدعين سوى
أسمائهم التي خلّفوها محفورة عىل منجزاتهم من عمارة أو فن. ظهرت العمارة كحرفة يف الحضارات القديمة منذ حوالي األلف الثالثة قبل الميالد.
عالوة عىل ذلك ،ليس لدينا الكثير مما يشير إىل أن البن ّائين المسلمين القروسطيين الذين ط ّوروا فبعد نشوء الدول والمدن ،سيطر معلّمو البناء الذين تلقوا تدريبا ً عمليا ً وحساسية
معرفة نظرية مرتبطة بحرفتهم ،عىل الرغم من أ ّن بعض المصادر تُخبرنا أن بعض المتفوقين من فنية عىل إنشاء المعابد والقصور والمدافن العظيمة يف وادي النيل وبالد الرافدين
البنائين قد علّقوا عىل بعض أمهات الكتب الهندسية كما فعل محمد ابن عبد الكريم الحارثي والهالل الخصيب أو ًال ،ثم اليونان وروما وبيزنطة والهند والصين وبعدها أوروبا الغربية
(المعروف بالمهندس والمتو ّفى سنة )1204الذي عمل عىل البيمارستان النوري يف دمشق وكتب والعالم اإلسالمي يف العصور الوسطى .ومع ذلك ،فليس من الواضح متى وأين ظهر
عىل ما يبدو تعليقا ً مط ّو ًال (هو مفقود اليوم) عىل كتاب إقليدس المشهور "العناصر" ،ليستفيد مصطلح معمار أو ما يُعادله للداللة عىل مهنة مح ّددة للمرة األوىل.
منه غيره من البنائين والنجارين.
وهناك أيضا ً نوع من الكتابة ابتدعه بعض علماء الرياضيات الذين حاولوا تأليف كتب يف ّ
المتأخرة التي تفيد بأن أ ّول معماري يف التاريخ هو إمحوتب ،الذي هناك بعض التقارير
المبسطة لمساعدة البنائين والن ّقاشين عىل حساب وإنجاز بعض من التفاصيل ّ الهندسة كان مستشارا ً يف بالط الفرعون زوسر (حكم من 2630إىل 2611ق.م) ،وإليه ي َ
ُنسب
المعمارية ذات الهندسة المع ّقدة مثل المقرنصات والرقوش النجمية متعددة األضالع. الفضل يف تصميم هرم سقارة المتدرّج ،باإلضافة ربما إىل كونه أول من استخدم
األعمدة الحجرية يف البناء .ولكن هذه فرضيات أكثر منها حقائق مؤكّدة؛ ألن ما نعرفه
قطعا ً عن إمحوتب ال يتجاوز كونه مستشارا ً محنكا ً لزوسر تم تأليهه بعد موته بمئات
السنين ونُسبت إليه الحكمة والمعرفة بالطب وكذلك العمارة.
علينا أن ننتظر حتى الفترة الكالسيكية كي نجد بن ّائين تر ّقوا يف مهنتهم حتى أصبحوا
أشبه بمعمار يّي اليوم شهر ًة وعلما ً وثرا ًء .المعماري الكالسيكي األكثر شهرة هو
أسس كتابه عن العمارة " "De architecturaالمس ّمى أيضا ً بالطبع فيتروفيوس الذي ّ
"كتب العمارة العشرة" لتعريف العمارة كمهنة عقلية باإلضافة لكونها حرفة.
ً
شكرا لكم