You are on page 1of 124

‫كيف حنب هللا‬

‫ونشتاق إليه؟‬

‫جم ـ ـ ـ ـدي اهل ـ ـ ـ ـاليل‬


‫‪www.alemanawalan.com‬‬
‫مجيع احلقوق حمفوظة‬
‫الطبعة األوىل‬
‫‪1428‬هـ ‪2007 -‬م‬

‫رقم اإليداع‪2006/25121 :‬‬


‫الرتقيم الدويل‪I.S.B.N :‬‬
‫‪977 – 441 – 009 – 2‬‬

‫مركز السالم للتجهيز الفني ‪‬‬


‫عبد الحميد عمر ‪‬‬
‫‪01069626‬‬
‫‪ 47‬‬

‫مؤسسة اقرأ‬
‫للنشر والتوزيع والرتمجة‬
‫‪ 10‬ش أمحد مارر ‪ -‬جبوار حديقة الفسطرط‬
‫القرهر ت‪ 5326610 :‬حماول‪0101175447 -0102327302:‬‬
‫‪www.iqraakotob.com‬‬
‫‪Email:info@iqraakotob.com‬‬
‫المقدمـــــــــــــة‬

‫املقدمة‬
‫باهلل أستعني‬
‫كثريا طيبًر مبررًكر فيه كار حيب ربنر ويرضى‪ ،‬والصال والسالم ملى احلبيب املصطفى حماـد‬
‫محدا ً‬
‫احلاد هلل ً‬
‫وملى آله وصحبه أمجعني‪.‬‬
‫وبعد‪..‬‬
‫احلــب – كاــر لعلــم – جـ أ أصــي مــر مشــرمر اإللســرم‪ ،‬وهــو معرملــة قلبيــة يشــعر مــر الهلــر املــرأ يلــه‬
‫واجنذابه إىل اآل ر‪.‬‬
‫والواقع املشرهد خيربلر بأله مندمر يتاكر احلب يف القلب بني شخصني فإلنر جند آثرر هذا احلب بردية يف‬
‫دومـر إىل رغيتـه‪ ،‬وير ـب يف ا لـو‬ ‫تعرم أحدمهر مع اآل ـر‪ ،‬فتجـد كـالً منااـر يكثـر مـر بكـر حمبوبـه‪ ،‬ويشـترق ً‬
‫بــه‪ ،‬ويــألر بقربــه‪ ،‬وي أــب مــر أجلــه‪ ،‬وي ــرر مليــه‪ ..‬يُقــرم مــر حيبــه حمبوبــه‪ ،‬ويُبعــد مــر يبعــد ‪ ,‬يطيــع أوامــر‬
‫بسعرد وحبور‪ ،‬ويأحي مر أجله‪ ،‬ويفرح هبداير ماار ص رت‪.‬‬
‫فاذ و ريهر بعض آثرر احلب مندمر يتاكر مر قلوم البشر جتر بعأام البعض‪.‬‬
‫فكيف ينب ي أم تكوم هذ اآلثرر مندمر يصبح احملبوم هو احملبوم األمظم؟!‬
‫كيف يكوم حرل مر يتاكر حب هللا مر قلبه؟!‬
‫دومـر يكثـر مــر‬
‫ـررا مظياــة سـتظار ملـى هـذا احملــب الصـردق ملـو سـبحرله وتعــرىل‪ ,‬سـرتا ً‬
‫بـال شـأ أم آث ً‬
‫دومـر ملـى رضـر ‪,‬‬
‫بكر ويألر بقربه‪ ،‬ويستوحش ممر سوا ‪ ،‬وحيب ا لو به ومنرجرته‪ ,‬يسررع يف طرمته ويعاـ ً‬
‫دومر ملياـر‪ ,‬يأـحي برل ـريل والـر ين مـر أجلـه‪،‬‬
‫ي رر ملى حمررمه‪ ،‬وي أب مر أجله‪ ,‬يفرح بعطرير ويشكر ً‬
‫دومر إىل رغيته‪.‬‬
‫يرضى بك مر يقأيه له‪ ،‬ويبذل رية جاد يف دمته‪ ،‬ويشترق ً‬
‫ولكننر حنب هللا !‬
‫فإم قرل قرئ ‪ :‬ولكننر حنب هللا ومع بلأ لشعر بك هذ العالمرت‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫لعم‪ ،‬يف القلوم حب هلل م وج ‪ ،‬ولكنـه يف ال رلـب ي يصـ للدرجـة الـ تاـني وتسـيطر ملـى املشـرمر‬
‫وحتت ـ اء ـ أ األكــرب مناــر‪ ،‬فاــع وجــود قــدر مــر حــب هللا يف القلــب إ أم هنــرحم حمــرم أ ــر تشــوش مليــه‪،‬‬
‫وتنرزمه املكرم مث حب املرل وال وجة واألو د والنفر و‪...‬‬
‫ولــير معــا هــذا أم املطلــوم هــو جتريــد مشــرمر احلــب مــر هــذ األمــور‪ ،‬بـ املطلــوم أم يكــوم حــب هللا أكــرب‬
‫هلل‪[ ‬البقـر ‪ ]165 :‬فـإم ي حيـده هـذا فلـر تظاـر تلـأ العالمـرت‪،‬‬‫منار مجيعر كار قرل تعـرىل‪ :‬والَّ ِذين آمنوا أَ َش ُّد حبًّاا ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ً‬
‫وهذا مر أكد صـلى هللا مليـه وسـلم بقولـه‪« :‬ثاث مان كان ياه والاد حاثون اأنااكو أك يراوك هللا وبساوله أحاب‬
‫إليه مما سوامها»(‪ ..)1‬احلديث‪.‬‬
‫فلكي جيد املؤمر حالو اإلميرم بد أم تكوم مسرحة حب هللا يف قلبه أكـرب مـر مسـرحة حبـه ملـر سـوا‬
‫مر احملرم األ ر جمتاعة‪.‬‬
‫املعر ة طريق احملبة‬
‫احملبة مر هي إ صور مر صور املعرملة ال ينب ي أم يعرم هبر العبد ربه‪ ،‬وأكرب مرم يؤثر وحيـدد درجـة‬
‫املعرملة هو املعرفة‪.‬‬
‫فكلاــر ازدادت املعرفــة بــرهلل حتســن درجــة معرملــة العبــد لــه‪ ،‬وازداد ل ـه حبًــر وإجــال وهيبــة و شــية‪ ،‬ويف‬
‫املقرب مندمر جياـ اإللسـرم ربـه‪ ،‬و يعـرر قـدر فـإم بلـأ مـر شـأله أم يـؤدي إىل أم يعرملـه معرملـة تليـ‬
‫جبالله وكارله‪ ،‬فيخشى النرس أكثر ممر خيشر ‪ ،‬وحيب لفسه ومرله ومقرراته أكثر ممر حيب ربه‪ ،‬وجيتاد يف الت يُّر‬
‫لآل رير دوم أم يبريل بربه‪.‬‬

‫فرلســبب األول إلم ـراس النــرس مــر هللا‪ ،‬واســتارلتام بــأوامر هــو جالاــم بقــدر ســبحرله‪َ  ..‬وَمااا ُك من ااتُ م‬
‫ًرا ِّمممَّاا تَا مع َللُاو َك‬‫ِ‬ ‫صابُك م َوالَ ُاللُو ُد ُك م َولَ ِرن ظَنَا منتُ م أ َّ‬
‫َك هللاَ الَ يَا معلَ ُ َكِ ا‬
‫ِ‬
‫ِتو َك أَك يَ مش َه َد َعلَمي ُر م َسَم ُع ُر م َوالَ أَبم َ ُ‬
‫تَ مستَ ُ‬
‫‪ ‬وذَلِ ُر ظَنُّ ُر الَّ ِذي ظَنَا منتُ بِربِ ُر أَب َدا ُك َأَصبحتُ ِمن م ِ‬
‫ين‪[ ‬فصل ‪.]22،23 :‬‬ ‫اْلَاس ِر َ‬ ‫م َ ّم م م م م َ م ّم َ‬ ‫ُ‬ ‫َ م‬
‫ويؤكد احلرفظ ابر رجب ملى أم املعرملة ملى قدر املعرفة بقوله‪:‬‬
‫قــوت للقلــب والــروح‪ ،‬و ــذاأ هلاــر ســو معرفــة هللا تعــرىل‪ ،‬ومعرفــة مظاتــه وجالل ـه وكربيرئــه‪ .‬فيرتتــب‬

‫(‪ )1‬متف مليه‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المقدمـــــــــــــة‬

‫ملى هذ املعرفة‪ :‬شيته‪ ،‬وتعظياه‪ ،‬وإجالله‪ ،‬واأللر به‪ ،‬واحملبة له‪ ،‬والشوق إىل لقرئه‪ ،‬والرضر بقأرئه(‪.)1‬‬
‫املعر ة النا عة‬
‫املعرفــة املــؤثر النرفعــة ليس ـ تلــأ ال ـ طرطــب العق ـ فقــري‪ ،‬فــرلكثري مــر النــرس يتحــده مــر هللا حــديثًر‬
‫ومبارا‪ ،‬فإبا مر لظرت لواقعه وجـدت فعلـه بعي ًـدا مـر قولـه فـال شـية و تقـو و ماربـة و إجـالل هلل‬ ‫مجيال ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ااب َوَماان ُّاما ِر ُ ا مَا َّ ما َان ال َمليِّما ِت َوُاما ِر ُ‬
‫صا َ‬‫السا مال َو َواََّبم َ‬
‫اا َّ‬ ‫السا َال ِاض َواَّ مَب ِ‬
‫م أ ََّماان نَملِا ُ‬ ‫‪‬قُا م َماان يَا مارُمقُ ُر ِّمما َان َّ‬
‫المليِ َ ِ‬
‫سيَا ُقولُو َك هللاُ َا ُق م أَ َثَ تَاتَّا ُقو َك‪[ ‬يولر‪.]31 :‬‬ ‫ ِت م َن ا مَ ِّم َوَمن يُّ َدبِّمُر م‬
‫اَّم َر َ َ‬ ‫َ ّم‬
‫معر‪ ،‬وأم تسـتار تلـأ املخرطبـة حـ‬ ‫فإم أردلر معرفة تؤثر يف املعرملة فال بد أم يتم خمرطبة العق والقلب ً‬
‫ـتقرا يف القلــب يظاــر أثــر يف ســلوحم العبــد‬ ‫مقرمــر إميرليًــر مسـ ً‬ ‫ً‬ ‫يســتقر مــدلوهلر يف قلــب ومشــرمر اإللســرم فتُشــك‬
‫ِ‬
‫ا َايُا مؤِمنُوا بِ ِه َاتُ مخبِ َ‬
‫ ِت لَهُ قُالُوبُا ُه م ‪[ ‬احلج‪.]54 :‬‬ ‫ين أُوتُوا ال ِمع مل َ أَنَّهُ ا مَ ُّق ِمن َّببِّم َ‬ ‫َّ ِ‬
‫وأمارله ‪َ ‬وليَا معلَ َ الذ َ‬
‫‪ ..‬معا بلأ أم الطري األسرسي لرحلة احملبة يبدأ مر بوابة املعرفة احلقة برهلل م وج ‪ ،‬ملـى أم طرطـب‬
‫تلأ املعرفة‪ :‬الفكر والوجدام‪.‬‬
‫يقول ابر تياية‪ :‬وأص احملبة هو معرفة هللا سبحرله وتعرىل(‪.)2‬‬
‫ومع هذ املعرفة‪ ،‬بد مر القيرم بأمارل تؤكد وترسخ مدلول احلب يف قلوبنر في داد استقر ًارا وهيانةً ملى‬
‫وعظُو َك بِ ِه لَ َرا َك َخ ميا ارا ََّّلُ م َوأَ َش َّد تَاِمبِيتاا‪[ ‬النسرأ‪.]66 :‬‬
‫مشرمرلر‪َ  :‬ولَ مو أَنَّا ُه م َا َعلُوا َما يُ َ‬
‫ويف الصفحرت القردمـة سـيكوم احلـديث شـي ة هللا مـر أمهيـة احملبـة ونررهـر ولقطـة البدايـة لرحلـة احملبـة مـع‬
‫دمر يف طري حـب هللا مـ وجـ ‪ ،‬لعلنـر لستنشـ لسـيم‬ ‫بكر بعض الوسرئ العالية ال مر شأهنر أم تسري بنر قُ ً‬
‫األلــر بــه يف الــدلير‪ ،‬فتـ داد قلوبنــر شــوقًر إليــه ســبحرله‪ ،‬لتكــوم أســعد حلظرتنــر تلــأ اللحظــرت الـ ت ُقــبض فياــر‬
‫أرواحنر ولبشر مر املالئكة بلقرأ احلبيب ج ومال وهو راس منر‪.‬‬
‫***‬

‫(‪ )1‬جماومة رسرئ ابر رجب ‪.467/2‬‬


‫(‪ )2‬التحفة العراقية يف األمارل القلبية بر تياية ‪.61/‬‬

‫‪5‬‬
‫متهيد البد منه‬

‫حول مالقة احملبة برلعبودية‬


‫والتحذير مر الرتكي مليار‬
‫دوم ريهر مر ألوام العبودية‬
‫تمهيــــــــــــد‬

‫ترام العبودية‬
‫العبوديــة احلقــة هلل م ـ وج ـ تعــا يف حقيقتاــر اجتــر اء ـ أ األكــرب مــر مشــرمر العبــد حنــو ســبحرله‪ ،‬ح ـ‬
‫يــنعكر بلــأ ملــى معرملتــه لــه قتأــى احلــرل الـ يعيشــار واألحــداه الـ ميــر هبــر‪ ،‬ليتاثـ فيــه قولــه صــلى هللا‬
‫مليـه وســلم‪« :‬عجبااا َّماار املااؤمنأ إك أمارل كلااه لااه خاًرأ ولاايل ذلااا َّحاد إال لللااؤمنأ إك أصااابته ساراض‬
‫خًرا له»(‪.)1‬‬
‫خًرا لهأ وإك أصابته ضراض صرب راك ا‬ ‫شرر راك ا‬
‫هذ هي العبودية احلقة مر املؤمر هلل م وج ‪ ,‬أم يعبد سبحرله‪ ،‬وتتجه مشرمر حنو حسب احلرلة ال‬
‫مير هبر‪ ،‬فتجد يتقلب بني ا ور والرجرأ والرضر والفرح وا لكسرر و ‪...‬‬
‫أمــر العبوديــة النرقصــة فاــي تتاثـ يف الرتكي ـ ملــى جرلــب أو جوالــب بعيناــر وتــرحم أ ــر ‪ ،‬فاــذا األمــر لــه‬
‫أضرار كثري ‪ ،‬ومن لقرت طري ‪.‬‬
‫يقول ابر رجب‪ :‬وقد ُملم أم العبرد إمنر تنبا ملى ثالثة أصول‪ :‬ا ور والرجرأ واحملبة‪ ،‬وكـ مناـر فـرس‬
‫زم‪ ،‬واءاع بني الثالثة حتم واجب‪ ،‬فلاذا كرم السلف يذموم مر تعبد بواحد منار وأمه اآل َرير‪.‬‬
‫فإم بدع ا وارج ومر أشباام إمنر حدث مر التشديد يف ا ور واإلمراس مر احملبة والرجرأ‪.‬‬
‫وبــدع املرج ــة لشــأت مــر التعل ـ برلرجــرأ وحــد ‪ ،‬واإلم ـراس مــر ا ــور‪ .‬وبــدع كثــري مــر أه ـ اإلبرحــة‬
‫واحللول – ممر ينسب إىل التعبد – لشأت مر إفراد احملبة واإلمراس مر ا ور والرجرأ(‪.)2‬‬
‫سيا احملبة‬
‫معا بلأ أم مبرد هللا برحملبة فقري هلر خمرطرهر ومن لقرتر‪.‬‬
‫يقول ابر تياية‪ :‬احلب اجملـرد تتبسـري النفـوس بـه حـ تتسـع يف أهوائاـر إبا ي ي ماـر وازع ا شـية هلل‪ ،‬حـ قرلـ‬
‫هللا َوأ َِحبَّا ُؤلُ‪[ ‬املرئد ‪.)3( ]18 :‬‬
‫الياود والنصرري ‪َ ‬محنن أَباناض ِ‬
‫ُ مَ ُ‬
‫لذلأ كرم مقيرس احملبة الصردقة هلل م وج هو ظاور مالمرتر ال بينار هللا يف كتربـه‪ ،‬وبيناـر رسـوله يف‬

‫(‪ )1‬روا مسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬استنشرق لسيم األلر بر رجب‪.21 -18 /‬‬
‫(‪ )3‬التحفة العراقية يف األمارل القلبية بر تياية ‪.59‬‬

‫‪7‬‬
‫سنته وال سيأيت بيرهنر بشيأ مر التفصي يف الصفحرت القردمة‪.‬‬
‫يقول ابن تيليةو‬
‫فرتبــرع ســنة الرســول صــلى هللا مليــه وســلم واتبــرع شـريعته هــي موجــب حمبــة هللا‪ ،‬كاــر أم اءاــرد يف ســبيله‪،‬‬
‫وموا أوليرئه‪ ،‬ومعـردا أمدائـه هـو حقيقتاـر‪ ،‬كاـر يف احلـديث «أوثاق عارا اأنااك ا اب و هللا والاب و‬
‫هللا»(‪.)1‬‬
‫وكثري ممر يـدمي احملبـة هـو أبعـد مـر ـري مـر اتبـرع السـنة‪ ،‬ومـر األمـر بـرملعرور‪ ،‬ومـر الناـي مـر‬
‫املنكـر‪ ،‬واءاــرد يف ســبي هللا‪ ،‬ويــدمي مـع هــذا أم بلــأ أكاـ لطريـ احملبـة مــر ــري ‪ ،‬ل ماــه أم طريـ‬
‫احملبــة هلل لــير فيــه ــري ‪ ،‬و أــب هلل‪ ،‬وهــذا ــالر مــر دل مليــه الكتــرم والســنة‪ ،‬وهلــذا يف احلــديث‬
‫املأثور‪« :‬يقاول هللا تعااي ياول القياماةو أيان املتحاابوك يلاثاأ الياول أظلها و ظلا ياول ال ظا إال‬
‫ظل »(‪.)2‬‬
‫فقوله‪ :‬أيـر املتحـربوم جبـالل هللا‪ ،‬تنبيـه ملـى مـر يف قلـوهبم مـر إجـالل هللا وتعظياـه والتحـرم فيـه‪ ،‬وبـذلأ‬
‫يكولوم حرفظني حلدود هللا‪ ،‬دوم الذير حيفظوم حدود لأعف اإلميرم يف قلوهبم(‪.)3‬‬
‫ضروبن التوامك‬
‫بــد إبم مــر الت ـوازم بــني أل ـوام العبوديــة‪ ،‬وأم لق ـرأ األحرديــث واأل بــرر ال ـوارد يف ك ـ بــرم مــر أب ـوام‬
‫العبودية هلل فنأعه يف حجاه املنرسب‪ ،‬وأ جنع جرلبًر يط ى ملى اآل ر‪.‬‬
‫قرل صلى هللا مليه وسـلم‪« :‬لو تعللوك قدب بمحة هللا الترلت وما عللات مان علا أ ولاو عللات قادب‬
‫غضبه ما نفعر ش ض»(‪.)4‬‬
‫فكار أله ينب ي للاسلم أم يفتح لقلبه بربًر حلب هللا والرجرأ فيه‪ ،‬فعليـه كـذلأ أم يفـتح بربًـر للخـور منـه‬
‫سبحرله و شيته‪.‬‬

‫(‪ )1‬حسر‪ ،‬حسنه األلبرين يف السلسلة الصحيحة (‪.)998‬‬


‫(‪ )2‬روا مسلم (‪.)2566‬‬
‫(‪ )3‬النحفة العراقية ‪.60/‬‬
‫(‪ )4‬أورد اهليثاي يف جماع ال وائد ‪.384/10‬‬

‫‪8‬‬
‫تمهيــــــــــــد‬

‫بد مر فتح هذير البربني لكي حنق مراد هللا يف قوله تعرىل‪َِ  :‬ف ُّروا إِ َي ِ‬
‫هللا‪[ ‬الذاريرت‪.]50:‬‬
‫فار رجر شيًر طلبه‪ ،‬ومر رر شيًر هرم منه‪ ,‬فعلينر أم لطلـب رضـر هللا وحمبتـه والقـرم منـه‪ ،‬ولفـر مـر‬
‫ك مر ي أبه فنحق بذلأ حقيقة الفرار إىل هللا‪.‬‬
‫أمــر إبا فتحنــر بــرم ا ــور فقــري فســيكوم الف ـرار مــر هللا إليــه‪ ،‬ويف املقرب ـ فــإم العكــر خيــدع الــنفر‬
‫ويدفعار لل رور‪.‬‬
‫قرل أبو سليارم‪ :‬مر َح ُسر ظنه برهلل م وج مث خيرر هللا فاو خمدوع(‪.)1‬‬
‫وهذا أحد السلف وهو مبد الواحد بر زيد يسأل زيرد الناريي‪ :‬مر منتاى ا ور؟‬
‫قرل‪ :‬إجالل هللا مر مقرم السي رت‪.‬‬
‫فقرل‪ :‬مر منتاى الرجرأ؟‬
‫قرل‪ :‬تأم هللا ملى ك احلر ت(‪.)2‬‬
‫بحلة احملبة‬
‫وأللنر يف هذ الصـفحرت لتنـرول مبوديـة احملبـة‪ ،‬وكيـف لناياـر يف قلوبنـر‪ ،‬فـإم احلـديث سـيكوم شـي ة هللا‬
‫ومولـه منصــبًر ملــى كـ مـر يســتثري مشــرمر احلــب هلل مـ وجـ والرجــرأ فيــه‪ ،‬لـذلأ أطلــب منــأ ومــر لفســي –‬
‫أ ي القررئ – أ تنسى هذ الكلارت ال مت بكرهـر يف هـذا التاايـد وألـ تقـرأ الصـفحرت القردمـة‪ ،‬ولفـر‬
‫األمر سنطلبه منأ شي ة هللا مندمر لتحده مر مبودية ا ور وا شية هلل م وج يف موضع آ ر‪.‬‬
‫كيف نفتح باب احملبة؟!‬
‫يقول ابر مطرأ يف حكاه‪:‬‬
‫إبا أردت أم ينفتح لأ برم الرجرأ فرشاد مر منـه إليـأ‪ ،‬وإبا أردت أم ينفـتح لـأ بـرم ا ـور فرشـاد‬
‫مر منأ إليه‪.‬‬

‫(‪ )1‬حسر الظر برهلل بر أىب الدلير ‪.27/‬‬


‫(‪ )2‬املصدر السرب ‪.77 /‬‬

‫‪9‬‬
‫وحنر هنر يف هـذ الصـفحرت لريـد – بعـوم هللا وكرمـه – أم ينفـتح لنـر بـرم احلـب والرجـرأ يف هللا‪ ،‬لـذلأ‬
‫سيكوم رلب احلديث يف التعرر ملى هللا الودود‪ ،‬ومظرهر معرملته احلرلية لنر‪.‬‬
‫***‬

‫‪10‬‬
‫الفص اَّول‬

‫أمهية احملبة الصادقة‬


‫من العبد لربه‬
‫الِلاب ا لون‬
‫كلاــر تعــرر العبــد ملــى مظــرهر حــب ربــه لــه‪ ،‬وســيطرت هــذ املعرفــة ملــى مشــرمر العكــر بلــأ ملــى‬
‫مالقته به سبحرله في داد له حبًر وشوقًر‪.‬‬
‫ومنــدمر ميــا هــذا احلــب القلــب ســتكوم لــه بــال شــأ نــرر مظياــة تظاــر يف ســلوحم العبــد وأمارلــه‪ ،‬هــذ‬
‫الثاــرر مــر الصــعب احلصــول ملياــر مــر أي شــجر أ ــر ــري شــجر احلــب‪ ،‬فرحلــب ُخيــرج مــر القلــب معــرم‬
‫للعبودية خيرجار ري ‪.‬‬
‫يقول ابر تياية‪ :‬فار حيب الشيأ ميكر أم حيب التقرم إليه‪ ،‬إب التقرم إليه وسيلة‪ ،‬وحمبة الوسـيلة‬
‫تبع حملبة املقصود(‪.)1‬‬
‫ماـ ديــا‪ ،‬فــر ور والرجــرأ و ريمهــر يســتل م احملبــة ويرجــع إلياــر‪ ،‬فــإم الراجــي‬ ‫وإبا كرلـ احملبــة أصـ كـ‬
‫ين يَا مد ُعو َك‬ ‫فياــر يب أــه‪ ،‬وا ــرئف يفــر مــر املخــور لينــرل احملبــة ‪‬أُولَئِا َ َّ ِ‬
‫اا الااذ َ‬ ‫الطــرمع إمنــر يطاــع فيا ـر حيبــه‬
‫ِِ ِ‬
‫أَقا َمر ُ‬
‫ب َويَا مر ُالو َك َب ممحَتَهُ َوَاَا ُو َك َع َذابَهُ‪[ ‬اإلسراأ‪.)2( ]57 :‬‬ ‫يَا مبتَا ُو َك إِ َي َبّمّب ُ ال َموسيلَةَ أَيُّا ُه م‬
‫وهلذا اتفق األُمترم مر قبلنر ملى مر مندهم مر مأثور وحكم مر موسى وميسى أم أمظم الوصرير‪ :‬أم‬
‫حتب هللا بقلبأ ومقلأ وقصدحم‪ ،‬وهذ هي حقيقة احلنيفيـة ملـة إبـراهيم الـ هـي أصـ شـريعة التـورا واإلجنيـ‬
‫والقرآم(‪.)3‬‬
‫لذلأ أدمو لفسي‪ ،‬وأدموحم أ ـي القـررئ إىل ا هتاـرم ب ـرس بـذور حمبـة هللا يف القلـب‪ ،‬وتعاـدهر برألماـرل الصـرحلة‬
‫آمنُاوا أَ َشا ُّاد ُحبًّااا ِهلل‪[ ‬البقــر ‪ .]165 :‬منــد بلــأ ســنجد الثاــرر‬
‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫حـ يصــري هللا مـ وجـ أحــب إلينــر مــر كـ شــيأ ‪َ ‬والااذ َ‬
‫احللو أمرمنر دوم منرأ أو مشقة‪.‬‬
‫ومن هذل الِلاب املتوقعةو‬
‫أوالاو الرضا بالقضاض‬
‫دومـر للرضـى‬
‫مندمر يتعرر الواحد منر ملى مد حب ربه له وحرصـه مليـه فـإم هـذا مـر شـأله أم يدفعـه ً‬

‫(‪ )1‬التحفة العراقية ‪.51/‬‬


‫(‪ )2‬املصدر السرب ‪.‬‬
‫(‪ )3‬املصدر السرب ‪.54/‬‬

‫‪12‬‬
‫بقأرئه‪ ،‬وكيف وقد أيقر أم ربه يريد له إ ّ ا ري‪ ,‬وأله مر لقه ليعذبه‪ ،‬ب لقه بيد ‪ ،‬وكرمه ملى سرئر‬
‫لقه ليد له اءنة‪ ،‬دار النعيم األبدي‪ ،‬ومر مث فإم ك قأرأ يقأيه له مـر هـو إ طـو مياـد لـه مـر الهلـر‬
‫طريقه إىل تلأ الـدار‪ ،‬فرألقـدار املؤملـة والباليـر مـر هـي إ أدوات تـذكري يـُذ ّكر هللا هبـر مبـرد يقيقـة وجـودهم يف‬
‫اه بِال َمعا َذ ِ‬
‫اب‬ ‫َخا مذنَ ُ‬ ‫الـدلير وأهنـر ليسـ دار مقـرم بـ دار امتحـرم‪ ،‬وأم ملـيام الرجـوع إليـه قبـ فـوات األوام ‪َ ‬وأ َ‬
‫ارب لَ َعلَّ ُها ا م يَا مرِال ُع ااو َك‪‬‬ ‫َّه ِّمم ا َان ال َمعا ا َذ ِ‬
‫اب اَّ مد َ ُدو َك ال َمعا ا َذ ِ‬
‫اب اَّ مك ا َِ‬ ‫ِ‬
‫لَ َعلَّ ُها ا م يَا مرِال ُع ااو َك‪[ ‬ال ــرر‪َ  ،]48 :‬ولَنُااذي َقنا ُ‬
‫[السجد ‪.]21 :‬‬
‫وهي كذلأ أدوات تطاري مر أثر الذلوم وال فالت ال يقع فيار العبد «ما يصيب املسل من نصابأ‬
‫وال وصبأ وال ه أ وال حزكأ وال أذاأ وال غ أ حىت الشوكة يشاكهاأ إال كفر هللا ّبا من خطايال»(‪.)1‬‬
‫فجايع األقدار ال يُقدرهر هللا م وج لعبرد حتا يف طيرتر ا ري احلقيقي هلم وإم بدت ري بلأ‪.‬‬
‫فعلــى ســبي املثــرل‪ :‬الــرزق‪ ،‬فــرهلل مـ وج ـ يبســري الــرزق للــبعض ويأــيقه ملــى الــبعض لعلاــه ســبحرله ــر‬
‫شااضُ إِنَّاهُ‬ ‫ادلِ لَبَا َ موا ِو اَّ مَب ِ‬
‫م َولَ ِرن يُانَا ّمِز ُل بَِقا َدب َّماا يَ َ‬ ‫الر مم َق لِ ِعب ِ‬
‫ط هللاُ ّمِ َ‬ ‫سَ‬
‫يصلح مبرد ‪ ,‬أي يق سـبحرله ‪َ ‬ولَ مو بَ َ‬
‫ًر‪[ ‬الشور ‪.]27 :‬‬ ‫ادلِ َخبِ ِ‬
‫بِ ِعب ِ‬
‫ًر بَص ٌ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫فانعـه الـرزق الـوفري مــر بعـض النـرس مــر هـو إ صـور مـر صــور رمحتـه‪ ،‬وشـفقته هبــم‪ .‬قـرل صـلى هللا مليــه‬
‫وسـلم‪« :‬إك هللا تعاااي ليحلا عباادل املااؤمن مان الاادنياأ وهااو باهأ كلااا ولااوك مريضار الطعااال والشاراب‬
‫ختا وك عليه» (‪.)2‬‬
‫هذ املعرين العظياـة ميكـر تـذكرهر واستحأـررهر بصـور دائاـة‪ ،‬وممررسـة مقتأـرهر يف احليـر العاليـة إ‬
‫ضاوا َع مناهُ‪ ‬هــو‪ ُِ  :‬ابُّا ُه م َوُِ بُّونَااهُ‪‬‬ ‫إبا متكـر حـب هللا مـر القلــب وهـيار مليـه‪ ،‬فافتــرح‪َّ  :‬ب ِ‬
‫ضا َ هللاُ َعا منا ُه م َوَب ُ‬
‫[املرئد ‪.]54 :‬‬
‫جــرأ يف األثــر أم هللا تعــرىل يقــول‪« :‬معشــر املتــوجاني إيل يــض‪ ،‬مــر ضــركم مــر فــرتكم مــر الــدلير إبا كن ـ‬
‫سلار»(‪.)3‬‬
‫لكم حظًر‪ ،‬ومر ضركم مر مرداكم إبا كن لكم ً‬
‫وكرم مرمر بر مبد قـير يقـول‪ :‬أحببـ هللا حبًـر سـا ملـي كـ مصـيبة‪ ،‬ورضـرين بكـ قأـية‪ ،‬فاـر أبـريل‬

‫(‪ )1‬متف مليه‪.‬‬


‫(‪ )2‬صحيح‪ ،‬أ رجه اإلمرم يف املسند‪ ،‬واحلركم مر أيب سعيد‪ ،‬وصححه األلبرين يف صحيح اءرمع (‪.)1814‬‬
‫(‪ )3‬احملبة هلل سبحرله لإلمرم اءنيد‪ -60/‬دار املكتض‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مع حض إير مر أصبح مليه ومر أمسي (‪.)1‬‬
‫لعم‪ ،‬أ ي فإلنر إم أحببنر هللا حبًر صردقًر أحببنر ك مر يرد ملينر منه سبحرله‪.‬‬
‫ملر قدم سعد بر أيب وقرص إىل مكة‪ ،‬وقد كرم ُكف بصر ‪ ،‬جرأ النرس يارموم إليه‪ ,‬ك واحد يسـأله أم‬
‫يـدمو لــه‪ ،‬فيــدمو هلــذا وهلــذا‪ ،‬وكــرم جمـرم الــدمو ‪ ،‬فأتــر مبــدهللا بــر أيب الســرئب فقـرل لــه‪ :‬يــر مــم‪ ،‬ألـ تــدمو‬
‫للنرس فلو دموت لنفسأ‪ ،‬فرد هللا مليـأ بصـرحم؟ فتبسـم وقـرل‪ :‬يـر بـا‪ ،‬قأـرأ هللا سـبحرله منـدي أحسـر مـر‬
‫بصري‪.‬‬
‫وكرم مارام بر احلصـني قـد استسـقى بطنـه‪ ،‬فبقـي ملقـى ملـى ظاـر ثالثـني سـنة يقـوم و يقعـد‪ ،‬قـد لقـب لـه‬
‫يف س ـرير مــر جريــد كــرم مليــه موضــع لقأــرأ حرجتــه‪ ،‬فــد مليــه مطّــرر وأ ــو العــالأ‪ ،‬فجع ـ يبكــي ملــر ي ـرا مــر‬
‫إيل(‪.)2‬‬
‫أحبه إىل هللا أحبه ّ‬
‫حرله‪ ،‬فقرل‪ :‬ي تبكي؟ قرل‪ :‬ألين أراحم ملى هذ احلرلة العظياة قرل‪ :‬تبأ‪ ،‬فإم َ‬
‫ثانيااو التلذذ بالعبادن وسرعة املبادبن إليها‬
‫كلار ازداد حب العبد لربه ازدادت مبردرته لطرمته واسـتاترمه بـذكر ‪ ،‬وكـرم هـذا احلـب سـببًر يف اسـتخراج‬
‫معرين األلر والشوق إىل حمبوبه األمظم‪ ،‬والتعبري منار مر الل بكر ومنرجرته‪.‬‬
‫هذ املعرين مر كرل لتخرج إ إبا فُتح هلـر بـرم احلـب‪ ،‬فرحملـب يقبـ ملـى حمبوبـه بسـعرد ‪ ،‬ويطيـع أوامـر‬
‫برضــى‪ ،‬حتركــه لتلــأ الطرمــة ســيرط ا ــور مــر مقوبــة مــدم أدائــه للعا ـ ‪ ،‬ب ـ حيركــه مــر حــرحم موســى مليــه‬
‫ضى‪[ ‬طـه‪ ]84 :‬وكذلأ مر جعـ رسـولنر صـلى هللا مليـه وسـلم‬ ‫ب لِتَا مر َ‬ ‫السالم مندمر قرل لربه ‪َ ‬و َع ِجل ُ‬
‫م ِت إِلَمي َ‬
‫ا َب ِّم‬
‫يقول لبالل‪« :‬أبحنا ّبا يا بثل»‪.‬‬
‫إم هنرحم برلفع سعرد حقيقية ومتعة وشعور برللذ والنعيم جيدهر احملـب يف منرجرتـه وبكـر و لوتـه بربـه‪،‬‬
‫وهذا مر يُطل مليه‪« :‬جنة الدلير»‪ ,‬هذ اءنة مر الصعب ملينر أم لد لار مر ري برم احملبة‪.‬‬
‫قرل أحد الصرحلني‪ :‬مسركني أه الدلير‪ ،‬رجوا منار ومر باقوا أطيب مر فيار‪ ،‬قي ‪ :‬ومر أطيب مر فيار؟‬
‫قرل‪ :‬حمبة هللا تعرىل ومعرفته وبكر ‪.‬‬
‫وقرل آ ر‪ :‬إله لتار يب أوقرت أقول‪ :‬إم كرم أه اءنة يف مث هذا إهنم لفي ميش طيب(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬استنشرق لسيم األلر بر رجب‪.36 /‬‬


‫(‪ )2‬صالح األمة يف ملو اهلاة ‪.516/4‬‬
‫(‪ )3‬الواب الصيب ص‪.97‬‬

‫‪14‬‬
‫ثالِااو الشوق إي هللا‬
‫يصـر ملـى ا تنـرم أيـة فرصـة‬‫دومـر حر ً‬
‫مندمر يتاكر حب هللا مر قلـب العبـد‪ ،‬فـإم هـذا مـر شـرله أم جيعلـه ً‬
‫تتــرح لــه فياــر ا ل ـو بــه ســبحرله وبــذكر ومنرجرتــه‪ ،‬ومجــع قلبــه معــه‪ ،‬وشــيًر فشــيًر تســتثرر ك ـوامر الشــوق إليــه‬
‫ســبحرله‪ ،‬وتســتبد برلقلــب‪ ،‬وتلــح مليــه يف طلــب رغيتــه‪ ،‬ليــأيت العلــم فيخــرب بألــه رغيــة و لقــرأ هلل يف احليــر‬
‫الدلير‪ ،‬ب بعد املوت‪ ،‬في داد الشوق إىل هذا اللقرأ‪ ،‬وأي لقرأ‪:‬‬
‫لقاض احملبوب اَّعظ الذي ناالال لسنوات طويلةأ وسرب الدمو و حمرابه‪.‬‬
‫لقاض من دعال و أوقات عصيبة والدل منه قريبااأ ولدعائه جميباا‪.‬‬
‫لقاض من كفال ومحال وأعانه على نفسه وعدول‪.‬‬
‫لقاض من أعطال وأكرمه وحفظه وبعال وبر بثض حسن أبثل‪.‬‬
‫يقول احلسر البصـري‪ :‬إم أحبـرأ هللا هـم الـذير ورثـوا احليـر الطيبـة وباقـوا لعيااـر ـر وصـلوا إليـه مـر منرجـر حبيـبام‪،‬‬
‫و ـر وجـدوا مــر حـالو يف قلـوهبم‪ ،‬ســيار إبا طـر ملـى بــرهلم بكـر مشـرفاته وكشــف سـتور احلجـب منــه يف املقـرم األمــني‬
‫والسرور‪ ،‬وأراهم جالله وأمسعام لذ كالمه ورد مليام جوام مر لرجو به أيرم حيرتم(‪.)1‬‬
‫فرلشوق إىل هللا – إبم – نر مر نرر متكر حبه يف قلب العبد‪ ،‬ويؤكد ابر رجب ملى بلأ بقوله‪:‬‬
‫الشوق إىل هللا درجة مرلية رفيعة تنشأ مر قو حمبة هللا م وج ‪ ،‬وقد كرم صلى هللا مليه وسلم يسأل هللا‬
‫هذ الدرجة(‪.)2‬‬
‫ففــي دمرئــه صــلى هللا مليــه وســلم «الله ا إ أسااألا الرضااى بعااد القضاااضأ وباارد العاايو بعااد املااوتأ‬
‫ولذن النظار إي والهااأ والشاوق إي لقائاا مان غاًر ضاراض مضارن وال تناة مضالة» (‪ )3‬فاـو صـلى هللا مليـه‬
‫وســلم يســأل ربــه الشــوق إىل لقرئــه دوم وجــود أســبرم ضــر طة مليــه تــدمو لــذلأ مثـ ‪ :‬ضـراأ الــدلير وأقــدارهر‬
‫املؤملة‪ ،‬أو الفنت يف الدير املألة‪ ،‬أو عا آ ر أم يكوم الشوق إىل هللا لرشًر مر حمض احملبة‪.‬‬
‫جرأ يف األثر أم هللا تبررحم وتعرىل يقول‪:‬‬

‫(‪ )1‬شرح حديث لبيأ اللام لبيأ بر رجب ص ‪ – 89‬دار مري الفوائد‪.‬‬
‫(‪ )2‬استنشرق لسيم األلر ‪.93/‬‬
‫(‪ )3‬أ رجه الطرباين‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫إا إال بفض ا‬
‫أال قااد طااال شااوق اَّب اراب إي لقااائ أ وإ إلاايه َّشااد شااوقااأ ومااا شااوق املشااتاقني َّ‬
‫شوق إليه ‪ .‬أال من طلبين والد أ ومن طلاب غاًري جي ناد أ مان ذا الاذي أقبا علا َّ لا أقبا علياه؟‬
‫ومن ذا الذي دعا ل أالبه؟ ومن ذا الذي سألين ل أعطه(‪.)1‬‬
‫ابعاو التضحية من أالله واجلهاد و سبيله‬
‫با‬
‫احملبــة الصــردقة هلل م ـ وج ـ تــدفع صــرحبار لبــذل ك ـ مــر ميلكــه مــر أج ـ لي ـ رضــر حمبوبــه‪ ،‬ولــير بلــأ‬
‫فحسب ب إله يفع بلأ بسعرد ‪ ،‬وك مر يتانر أم حتوز هذ التأحية ملى رضر ‪.‬‬
‫تأمـ معــي مــر حــده مـر مبــد هللا بــر جحــش ليلـة ـ و أحــد منــدمر قـرل لســعد بــر أيب وقــرص‪ :‬أ تــأيت‬
‫ـديدا بأســه‪،‬‬
‫لــدمو هللا تعــرىل‪ ،‬فَ َخلَـوا يف لرحيــة‪ ،‬فــدمر ســعد‪ ،‬فقــرل‪ :‬يــر رم إبا لقينــر العــدو ـ ًـدا فَـلَ ّقــا رجـالً شـ ً‬
‫شديدا حرد ‪ ،‬أقرتله ويقرتلا‪ ،‬مث ارزقا الظفر مليه ح أقتله فآ ـذ سـلبه فـأمر مبـد هللا‪ ،‬مث قـرل‪ :‬اللاـم ارزقـا‬ ‫ً‬
‫شديدا حرد ‪ ،‬أقرتله ويقـرتلا‪ ،‬مث يأ ـذين‪ ،‬فيجـدع ألفـي وأبين‪ ،‬فـإبا لقيتـأ ًـدا قلـ‬ ‫شديدا بأسه‪ً ،‬‬ ‫ًدا رجالً ً‬
‫يل‪ :‬ير مبد هللا فيم ُجدع ألفأ وأبلأ؟ فأقول‪ :‬فيأ ويف رسولأ‪ ،‬فتقول‪ :‬صدق ‪.‬‬
‫قرل سعد‪ :‬كرل دموته ًريا مر دمويت‪ ،‬فلقد رأيته آ ر النارر‪ ،‬وإم ألفه وأبله ملعل يف يري(‪.)2‬‬
‫ويف يــوم مــر األيــرم رأ رســول هللا صــلى هللا مليــه وســلم مصــعب بــر ماــري ميشــي ومليــه إهــرم كــبش قــد‬
‫متنط به‪ ،‬فقرل النض صلى هللا مليه وسـلم‪« :‬انظروا إي هاذا الرالا الاذي قاد ناوب هللا قلباهأ ولقاد بأيتاه باني‬
‫أبوين ي ذيانه بأطيب الطعال والشراب دعال حب هللا وبسوله إي ما تروك»(‪.)3‬‬
‫فرلتأحية واءارد مر أمظم د ئ احملبة‪.‬‬

‫خامساو الرالاض والطلو يلا عند هللا‬


‫ا‬
‫فكلار اشتد احلب اشتد الرجرأ يف هللا وحسر الظر فيه أ يلقي حبيبه يف النـرر‪ ،‬فرحملـب يعـذم حبيبـه‬
‫هللا وأ ِ‬
‫َحبَّااا ُؤلُ قُا م َلِا َ يُا َعا ّمِاذبُ ُر بِا ُذنُوبِ ُ‬ ‫ِ‬
‫ر ‪[ ‬املرئــد ‪:‬‬ ‫كاـر جــرأ الــرد اإلهلــي ملــى الياــود منــدمر قــرلوا‪َ  :‬محنا ُان أَبمانَاااضُ َ‬
‫‪.]18‬‬

‫(‪ )1‬احملبة هلل سبحرله للجنيد ‪.111/‬‬


‫(‪ )2‬سري أمالم النبالأ للذهض ‪.112/1‬‬
‫(‪ )3‬روا أبو لعيم يف احللية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ويف احلديث أله صلى هللا مليه وسلم قرل‪« :‬وهللاأ ال يلق هللا حبيبه و الناب» (‪.)1‬‬

‫مرس أمرايب فقي له‪ :‬إلأ متوت‪ .‬قرل‪ :‬وأير أبهب؟ قرلوا‪ :‬إىل هللا‪ .‬قـرل‪ :‬فاـر كـراه أم أبهـب إىل مـر‬
‫أر ا ري إ منه(‪.)2‬‬
‫وكرم سفيرم الثوري يقول‪ :‬مر أُحب أم حسريب جع إىل والدي‪ ،‬ريب ري يل مر والدي(‪.)3‬‬
‫وقرل ابر املبررحم‪ :‬أتي سفيرم الثوري مشية مرفة وهو جره ملى ركبتـه ومينـر تاـالم فبكيـ ‪ ،‬فرلتفـ‬
‫إىل فقرل‪ :‬مر شألأ؟ فقل ‪ :‬مر أسوأ أه اءاع حر ؟ قرل‪ :‬الذي يظر أم هللا ي فر له(‪.)4‬‬
‫سادساو ا ياض من هللا‬
‫ا‬
‫فرحملــب الصــردق يف حبــه هلل مـ وجـ يســتحي أم يـرا حبيبــه يف وضــع مشــني‪ ،‬أو مكــرم حيــب أم يـرا‬
‫فيه‪ ،‬فإبا مر وقع يف معصية أو تقصري سررع بر متذار إليه واسرتضرئه بش الطرق‪.‬‬
‫ب إم أي بالأ يتعرس إليه جيعله قل ًقـر بـأم يكـوم هـذا الـبالأ مظاـر مـر مظـرهر لـوم هللا لـه و أـبه مليـه‪،‬‬
‫لذلأ جتد حين ذ يارع إىل مو يسرتضيه ويتذل إليه ويست فر ‪ ،‬ويطلب منه العفو والصفح‪.‬‬
‫جيدا يف دمرأ رسولنر صلى هللا مليـه وسـلم بعـد أحـداه الطـرئف ومـر تعـرس فياـر مـر‬ ‫ويتجلى هذا األمر ً‬
‫اسـتا اأ وتأــي وإيــذاأ‪ ،‬فكــرم ممــر قرلــه لربــه «‪...‬إك جي يراان بااا غضااب علا ااث أبااااأ لراان عا يتااا ها‬
‫أوسااو اأ أعااوذ بنااوب والهااا الااذي أشاارق ِت لااه الظللاااتأ وصاالح عليااه أماار الاادنيا وا خاارنو أك يناازل‬
‫على سخطاأ لا العتيب(‪ )5‬حىت ترضى وال حول وال قون إال با»‪.‬‬ ‫ّم‬ ‫غضبا أو‬
‫ويف هــذا املعــا يقــول ابــر رجــب‪ :‬إم حمبــة هللا إبا صــدق أوجب ـ حمبــة طرمتــه وامتثرهلــر‪ ،‬وب ــض معصــيته‬
‫واجتنرهبر‪ ،‬وقد يقع احملب أحيرلًر يف تفـريري يف بعـض املـأمورات‪ ،‬وارتكـرم بعـض احملظـورات‪ ،‬مث يرجـع إىل لفسـه‬
‫برملالمة‪ ،‬وين ع مر بلأ‪ ،‬ويتداركه برلتوبة(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬صحيح اءرمع (‪.)7095‬‬


‫(‪ )2‬حسر الظر برهلل بر أيب الدلير برقم (‪.)40‬‬
‫(‪ )3‬املصدر السرب برقم (‪.)27‬‬
‫(‪ )4‬املصدر السرب برقم (‪.)77‬‬
‫(‪ )5‬لأ أم تعرتبا ح ترضى‪.‬‬
‫(‪ )6‬استنشرق لسيم األلر بر رجب ‪.37 /‬‬

‫‪17‬‬
‫سابعاو الشفقة على اْللق‬
‫ا‬
‫مجيعر خبرصة العصر‬ ‫مر الثارر العظياة للحب الصردق تلأ الشفقة ال جيدهر احملب يف قلبه جتر النرس ً‬
‫منام‪ ،‬وكيف وقد ملم أله مـر مـر أحـد مـر البشـر إ وفيـه لفخـة ملويـة كرمـه هللا هبـر ملـى سـرئر لقـه‪ ،‬وأم‬
‫الــذي يرضــيه – ســبحرله – هــو مــود اءايــع إليــه ود ــوهلم اءنــة‪ ،‬لــذلأ جتــد هــذا احملــب شــفي ًقر ملــى ا ل ـ ‪،‬‬
‫ِ‬
‫اب‬
‫ااَ َعلَ ماي ُر م َعا َذ َ‬ ‫يصر ملى دموتم لسرم حرله يقول‪ :‬يَا قَا مول ا معبُ ُدوا هللاَ َماا لَ ُرا ِّمم مان إِلَاه غَميا ُارلُ إِِّم أ َ‬
‫َخ ُ‬ ‫حر ً‬
‫يَا مول َع ِظي ‪[ ‬األمرار‪.]59 :‬‬
‫‪ ..‬يســتخدم يف بلــأ ك ـ الطــرق والوســرئ املاكنــة‪ ،‬و يرتــرح لــه بــرل ح ـ يُعيــد الشــرردير إىل حظــري‬
‫العبودية لرهبم‪.‬‬
‫ومر األمثلة العظياة ال تبني تلـأ الشـفقة ملـى العصـر مـر فعلـه مـؤمر آل فرمـوم مـع قومـه‪ ,‬تأمـ أقوالـه‬
‫ِ‬ ‫الذي جرأ بكرهر يف سور رفر ‪‬يا قَاوِل اتَّبِع ِ‬
‫اَ َعلَمي ُر‬ ‫اد‪ [ ‬ـرفر‪ .]38:‬يَا قَا مول إِِّم أ َ‬
‫َخ ُ‬ ‫وك أ مَه ِد ُك م َسبِي َ َّ‬
‫الر َش ِ‬
‫َ م ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّجااان َوتَا مد ُعونَِين إ َي النَّااا ِب‪ [ ‬ــرفر‪َ  .]41:‬وأَنَااا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َحا َاز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‪ [ ‬ــرفر‪َ  ,]30:‬ويَااا قَ ا ماول َمااا ِا أَ مد ُعااوُك م إ َي الن َ‬ ‫ّممِما َ يَا ماول اَّ م‬
‫أَ مدعُوُك م إِ َي ال َمع ِزي ِز الم َ َّفا ِب‪ [ ‬رفر‪.]42:‬‬
‫طربنـر الـدموي‪ ،‬فنسـتومب اءايـع‬ ‫هذ الثاـر العظياـة مـر نـرر احملبـة مـر شـأهنر أم جتعلنـر لقـوم بتعـدي‬
‫ولبشرهم ولطا نام جتر رهبم قب طويفام وترهيبام‪.‬‬
‫ثامنااو ال ًرن هلل‬
‫مندمر يسـتبد حـب هللا يف قلـب العبـد فـإم هـذا مـر شـأله أم جيعلـه ي ـرر ملـو ‪ ،‬وملـى حمررمـه أم تنتاـأ‪،‬‬
‫وحدود أم تُتجروز‪ ،‬وأوامر أم طرلف‪.‬‬
‫فاع شفقته ملى العصر ‪ ،‬إ ّ أم هذا مينعه مر ب أه لتصرفرتم ال ت أب ربه‪ ،‬ولو كرلـ مـر أقـرم‬
‫ين َم َعااهُ إِ مذ قَااالُوا لَِقا ماوِم ِه م إِنَّااا بُا َارَضاضُ ِم ا من ُر م َوِممَّااا‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ساانَةٌ ِو إِبم ا َاراهي َ َوالااذ َ‬ ‫ُسا َاونٌ َح َ‬ ‫ا ِت لَ ُر ا م أ م‬‫النــرس إليــه ‪‬قَا مد َكانَا م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وك ِ‬ ‫تَا معب ُدو َك ِمن ُد ِ‬
‫ح َدلُ‪[ ‬املاتحنة‪:‬‬ ‫ضاضُ أَبَ ادا َح َّىت تُا مؤمنُوا بِاهلل َو م‬ ‫هللا َك َف مرنَا بِ ُر م َوبَ َدا بَا ميانَانَا َوبَا ميانَ ُر ُ ال َمع َد َاونُ َوالمبَا م َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫‪.]4‬‬
‫لقد ملم احملب الصردق أم حمبوبه األمظـم حيـب مبـرد ‪ ،‬وحيـب مـر حيبـبام فيـه‪ ،‬ويعيـدهم إليـه‪ ،‬ويف لفـر‬
‫الوق فإلـه سـبحرله حيـب تصـرفرتم املخرلفـة ألوامـر ‪ ،‬املنرفيـة لصـفة العبوديـة الـ ينب ـي أم يتصـفوا هبـر ‪َ ‬والَ‬

‫‪18‬‬
‫اادلِ الم ُر مفا َار‪[ ‬ال مــر‪ ]7 :‬فاــو حيــب الكفــر‪ ،‬و حيــب الظلــم‪ ،‬و الط يــرم‪ ،‬و الكــرب‪ ،‬و الفس ـ ‪،‬‬
‫ضااى لِ ِعبا ِ‬
‫يَا مر َ َ‬
‫لــذلأ تــر احملــب هلل جياــع بــني األمــرير‪ :‬الشــفقة ملــى ا لـ ‪ ،‬وحــب ا ــري هلــم مــر جرلــب‪ ،‬وب أــه لتصــرفرتم‬
‫ال ترضى مو ‪ ،‬وهنيام منار‪ ،‬ب وحمرربتام مليار إم تطلب األمر مر جرلب آ ر‪.‬‬
‫ومر لوازم هذ ال ري ‪ :‬ال ري ملى رسوله‪ ،‬وكيف وهو أحب ا لـ إىل هللا‪ ,‬فلـو كرلـ احملبـة هلل صـردقة لتبعتاـر‬
‫و زمتار حمبة رسوله وال ري مليه‪ ،‬ولقد متثـ هـذا األمـر يف الصـحربة جي ًـدا‪ ،‬ولعـ مـر حـده بيـب بـر مـدي مـر يؤكـد‬
‫وصلب لكـي يُقتـ ‪ ،‬وقبـ قتلـه قـرل املشـركوم لـه‪ :‬أحتـب أم حما ًـدا مكرلـأ؟ فقـرل‪:‬‬
‫بلأ‪ ،‬فقد مت أسر يف يوم الرجيع‪ُ ،‬‬
‫وهللا العظيم‪ .‬مر أحب أم يفديا بشوكة يُشركار يف قدمه(‪.)1‬‬
‫تاسعاو ال ىن باهلل‬
‫ا‬
‫ومع ك الثارر السربقة تأيت أهم نر للاحبة أ وهي ا ست نرأ برهلل سبحرله وتعرىل‪ ،‬وا كتفرأ بـه ‪َ ‬وهللاُ‬
‫َخ ميا ٌر َوأَبما َقى‪[ ‬طه‪.]73 :‬‬
‫فينعكر بلأ ملى تعرمالت العبد مع األحداه ال متر به‪ ،‬فـإم ادهلاـ ا طـوم استشـعر معيـة هللا لـه‬
‫‪‬الَ َوما َاز مك إِ َّك هللاَ َم َعنَااا‪[‬التوبــة‪ ،]40 :‬وإم تشــربك أمرمــه األمــور تــذكر فــردد ن لفســه ‪‬إِ َّك َم ِع ا َ َبِّم َس ايَا مه ِدي ِن‪‬‬
‫[الشعراأ‪.]62 :‬‬
‫‪ ..‬شعرر الدائم ‪‬وَك َفى بِ ِ‬
‫اهلل َوكِيثا‪[ ‬النسرأ‪.]132 :‬‬ ‫َ‬
‫يت ا ث قول الشرمر‪:‬‬
‫وليتأ ترضى واأللرم أرم‬ ‫فليتأ حتلو واحلير مرير‬
‫وبني وبني العرملني رام‬ ‫ولي الذي بيا وبينأ مرمر‬
‫وك الذي فوق الرتام ترام‬ ‫إبا صح منأ الود فرلك هني‬

‫قرل اءنيد‪ :‬قد أوجب هللا أله حمبته الصنع والتوفي يف مجيع أحواهلم‪ ،‬فأورثام ال ا‪ ،‬وسـ ّد مـنام طلـب‬
‫احلرجــرت إىل ا لـ ‪ ،‬تــأتيام ألطــرر مــر هللا مـر حيــث حيتســبوم‪ ،‬وقــرم هلــم ــر يكتفــوم‪ ،‬ولـ ألفســام ماــر‬
‫سو بلأ‪ ،‬إكر ًامر هلـم مـر فأـول الـدلير‪ ،‬وطاـرر لقلـوهبم مـر كـ دلـر‪ ،‬وأمشـرهم يف طرقـرت الـدلير طيبـني‪،‬‬
‫وقد رفع أبصرر قلوهبم إليه‪ ،‬فام ينظروم إليه بتلأ القلوم ري حمجوبة منه(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬حير الصحربة للكرلدهلوي ‪.400/1‬‬


‫(‪ )2‬احملبة هلل سبحرله ‪.84/‬‬

‫‪19‬‬
***

20
‫الفص الِا‬

‫ملاذا ب هللا عبادل؟‬

‫‪21‬‬
‫النفخة العلوية‬
‫العالقة بني هللا م وج وبني مبرد مر با آدم طتلـف مـر مالقتـه سـبحرله جبايـع لقـه‪ ،‬وكيـف ومـر‬
‫شاارا ِمان ِ‬ ‫ِ‬ ‫اال ببُّ َ ِ ِ ِ‬
‫طاني ‪‬‬ ‫اا لل َملثَئ َرااة إِِّم َخاال ٌق بَ َ ا ّم‬ ‫مـر خملـوق مــر البشـر إ وفيـه لفخــة ملويـة مـر روح هللا ‪‬إِ مذ قَا َ َ‬
‫ين‪[ ‬ص‪.]72 ،71 :‬‬ ‫ِِ‬ ‫َِإ َذا س َّوياته ونَا َف مخ ُ ِ ِ ِ ِ‬
‫ ِت يه من ُّبوح َا َق ُعوا لَهُ َساالد َ‬ ‫َ مُُ َ‬
‫لعم‪ ،‬هذ النفخة ليس ج أًا مر بات هللا – كار ادم النصرر – ب هي مر ملكه(‪ )1‬وأمر ‪ ،‬ا تن‬
‫هبــر ســبحرله اإللســرم ومي ـ مــر ســرئر خملوقرتــه‪ ،‬وجعلاــر مرحلــة هرمــة وأسرســية وممي ـ يف لقــه ‪َ ‬اِإذَا َسا َّاويماتُهُ‬
‫وح ‪[ ‬احلجر‪ ]29:‬بينار ي يُذكر بلأ يف ح أي خملوق آ ر‪.‬‬ ‫ ِت ِ ِيه ِمن ُّب ِ‬
‫َونَا َف مخ ُ‬
‫ي‪[ ‬ص‪.]75 :‬‬ ‫ا أَك تَ مس ُج َد لِ َلا َخلَ مق ُ‬
‫ ِت بِيَ َد َّ‬ ‫وممر يؤكد هذا األمر قوله تعرىل إلبلير ‪َ ‬ما َمنَا َع َ‬
‫ويف هذا املعا يقول سيد قطـب‪ :‬وألم هللا مـ وجـ ـرل كـ شـيأ‪ ،‬فـال بـد أم تكـوم هنـرحم صوصـية‬
‫يف ل هذا اإللسرم تستح هذا التنويه‪ ،‬هـي صوصـية العنريـة الربرليـة هبـذا الكـرئر‪ ،‬وإيدامـه لفخـة مـر روح‬
‫هللا د لة ملى هذ العنرية(‪.)2‬‬
‫ويقـول رمحـه هللا‪ :‬ومــر كـرم هـذا الكــرئر الصـ ري احلجـم‪ ،‬احملــدود القـو ‪ ،‬القصـري األجـ ‪ ،‬احملـدود املعرفـة‪ ،‬مــر‬
‫كرم له أم ينرل شيًر مر هذ الكرامة لو تلأ اللطيفـة الربرليـة الكرميـة‪ ,‬وإ فاـربا يبلـه هـذا اإللسـرم لتسـجد‬
‫له مالئكة الرمحر‪ ،‬إ هبذا السر اللطيف العظيم؟! (‪.)3‬‬
‫تررمي اأنساك‬
‫ولــير أدل ملــى صوصــية العنريــة الربرليــة برإللســرم مــر هــذا التكــر الــذي لــه منــذ بــدأ لـ أبيــه آدم‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اج ُدوا إالَّ إبملا َ‬
‫ايل‪[ ‬البقــر ‪ .]34 :‬مــروًرا برلصــور‬ ‫سا َ‬
‫اج ُدوا ََد َل َ َ‬ ‫وســجود املالئكــة لــه ‪َ ‬وإِ مذ قُالمنَااا لل َملثَئِ َر ااة م‬
‫اسا ُ‬
‫س ِن تَا مق ِومي‪[ ‬التني‪.]4 :‬‬ ‫سا َك ِو أ م‬
‫َح َ‬ ‫احلسنة ال ُ ل مليار ‪‬لََق مد َخلَ مقنَا ا ِأنم َ‬
‫ومتي بنعاة العق الذي يُعد ثربة ومرأ للعلم واإلدراحم والتايي بني ا ري والشر والنرفع والأرر‪.‬‬

‫(‪ )1‬يقول مبد الرمحر حسر حبنكه امليداين‪ :‬واإلضـرفة يف (روحـي) ليسـ ملـى معـا أهنـر جـ أ مـر روح بات هللا سـبحرله وتعـرىل‪ ،‬بـ‬
‫هي ملى معا امللأ‪،‬كار أم ك شيأ يف الساروات واألرس‪ ،‬ومر بيناار ملأ هلل‪ ،‬فلله مر يف الساروات واألرس‪ ،‬وهذا التعبري‬
‫لظري التعبري يف (مسرئي‪ ،‬وأرضي‪ ،‬وجن ‪ ،‬ولرري) أو ملى معا ا تصرص بأمر مر أموري‪ ،‬مث «وطار بي للطرئفني» وبسبب‬
‫الفام ا طأ يف هذ اإلضـرفة سـقري النصـرري يف تـوهم أم ميسـى مليـه السـالم جـ أ مـر بات هللا‪ ،‬سـبحرله وتعـرىل ماـر يصـفوم‪،‬‬
‫الظر تفسري معررج التفكر ودقرئ التدبر اء أ الثرلث ص (‪.)267‬‬
‫(‪ )2‬يف ظالل القرآم ‪.3028/5‬‬
‫(‪ )3‬يف ظالل القرآم ‪.3129/5‬‬

‫‪22‬‬
‫قرل احلسر البصري‪ :‬ملر ل هللا م وج العقـ ‪ ،‬قـرل لـه‪ :‬أقبـ ‪ ،‬فأقبـ ‪ ،‬مث قـرل لـه‪ :‬أدبـر‪ ،‬فـأدبر‪ ،‬وقـرل‪:‬‬
‫مر لق ل ًقر هو أحب إىل منأ‪ ،‬إين بأ أُمبد‪ ،‬وبأ أُمرر‪ ،‬وبأ آ ذ‪ ،‬وبأ أُمطي(‪.)1‬‬
‫ات َوَمااا ِو‬ ‫الساالاو ِ‬
‫َّر لَ ُر ا َّمااا ِو َّ َ َ‬ ‫ومــر مظــرهر هــذا التكــر كــذلأ‪ :‬تســخري الكــوم كلــه دمتــه ‪َ ‬و َسااخ َ‬
‫َج ايعا ِّمم منهُ‪[ ‬اءرثية‪.]13 :‬‬
‫م َِ‬
‫اَّ مَب ِ‬

‫ااه م‬ ‫هذا التكر يشا مجيع با آدم دوم تفرقـة بـني لـوم أو جـنر أو مـرق ‪َ ‬ولََقا مد َك َّرممنَاا بَ ِاين َ‬
‫آد َل َو َمحَلمنَ ُ‬
‫اه َعلَى َكًِِر ِّمممَّن َخلَ مقنَا تَا مف ِ‬ ‫اه ِمن الطَّيِب ِ‬
‫ضيثا‪[ ‬اإلسراأ‪.]70 :‬‬ ‫م‬ ‫ات َو َ َّ‬
‫ضلمنَ ُ م‬ ‫ِو المبَا ّمِر َوالمبَ مح ِر َوَبَمقامنَ ُ ّم َ ّمَ‬
‫نفسا؟!‬
‫أليس ِت ا‬
‫موضعر للتكر ولو كرم مر الكرفرير‪.‬‬
‫ً‬ ‫دومر‬
‫إم النفخة العلوية ال حيالار اإللسرم جتعله ً‬
‫مجيعر هذا املعا‪:‬‬
‫وإليأ – أ ي القررئ‪ -‬هذا ا رب الصحيح الذي يؤكد لنر ً‬
‫كــرم ســا بــر حنيــف وقــير بــر ســعد رضــي هللا منااــر قرمــدير برلقردســية فاــروا مليااــر جبنــرز فقرمــر‪،‬‬
‫فقيـ هلاــر‪ :‬إهنــر مــر أهـ األرس‪ ،‬أي مــر أهـ الذمــة‪ ،‬فقــر ‪« :‬إم النــض صــلى هللا مليــه وســلم مــرت بــه جنــرز‬
‫نفسا؟» (‪.)2‬‬
‫فقرم‪ ،‬فقي له‪ :‬إهنر جنرز ياودي‪ ،‬فقرل‪ :‬أليس ِت ا‬
‫ولير هذا فحسب ب إلنر جنـد الشـريعة اإلسـالمية توجـه املسـلاني إىل ُحسـر التعرمـ مـع مجيـع النـرس يف‬
‫ـريا ملـى‬
‫السلم واحلرم‪ ،‬ومر بلأ الناي مر التاثي برلقتلى يف احلـرم‪ ،‬وكـرم مليـه الصـال والسـالم إبا أمـر أم ً‬
‫جيش أو سرية يوصيه‪ ،‬فكرم ممر يقول له‪« :‬ال متِلوك»(‪ )3‬ويف احلديث القدسي‪« :‬ال متِلوا بعبادي»(‪.)4‬‬

‫ين يُا َقااتِلُونَ ُر م َوالَ تَا معتَا ُدوا إِ َّك هللاَ الَ ُِ ُّ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫وكذلأ حصر القت فيار يقرت دوم ري ‪َ ‬وقَاتلُوا ِو َسبي ِ هللا الذ َ‬
‫ين‪[ ‬البقر ‪ .]190 :‬فال قت مرأ أو صض أو أجري أو راهب يف صومعته‪ ،‬فـإم التاـ احلـرم وكـرم هنـرحم أسـر‬ ‫ِ‬
‫ال ُمل معتَد َ‬
‫يلا َوأ َِس اًرا‪[ ‬اإللسرم‪.]8 :‬‬ ‫ِِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫فال إهرلة و إب ل ب احرتام إللسرليتام ‪َ ‬ويُطمع ُلو َك الطَّ َع َال َعلَى ُحبّمه م مسريناا َويَت ا‬
‫ومندمر أسر املسلاوم مر املشركني يوم بدر‪ ،‬كرل وصـية الرسـول صـلى هللا مليـه وسـلم هبـم كبـري ‪ ،‬فقـرل‬

‫(‪ )1‬شعب اإلميرم للبياقي (‪ )154/4‬برقم (‪.)4632‬‬


‫(‪ )2‬روا البخرري (‪.)1250‬‬
‫(‪ )3‬روا مسلم (‪.)3261‬‬
‫(‪ )4‬روا أمحد (‪.)16899‬‬

‫‪23‬‬
‫خًرا»(‪.)1‬‬
‫ألصحربه‪« :‬استوصوا ّب ا‬
‫تقرب املثئرة إي هللا بالدعاض للبشر‬
‫لقد ا تن هللا م وج اإللسرم لنفسـه مـر بـني سـرئر خملوقـرت كاـر جـرأ يف األثـر‪ :‬ياا ابان آدل خلقا ِت‬
‫ك ش ض لا وخلقتا لنفس أ ث تشت مبا خلقته لا علا خلقتا له‪.‬‬
‫ا تصه ليقوم ااة مظياة أ وهي مبردته سبحرله برل يب يف ظـ متتعـه خبرصـية حريـة ا تيـرر‪ ،‬ووجـود‬
‫لفر أمرر برلسوأ‪ ،‬وشيطرم يوسوس‪ ،‬ودلير تت ير‪.‬‬
‫وإم كرلـ العالقــة بــني األم وأبنرئــه تتســم برحلــب واحلنــرم والرمحــة واحلــرص الــدائم ملــى مصــلحتام‪ ،‬فــإم‬
‫مالقته سبحرله برلبشر أمسى وأمسى‪ ,‬إهنر مالقة الرم بعبرد الذير أوجدهم مر العدم ولفخ فيام مر روحه‪.‬‬
‫مالقة ا رل برملخلوق الذي ا تصه لنفسه فاو حيبه ويريد له ا ري‪ ،‬والنجرح يف مااته العظياة‪.‬‬
‫ومر مجب أم املالئكة األطارر الكرام ملر ملاـ ن لـة البشـر منـد هللا جعلـ جـ أًا مـر مبردتـر دمرأهـر‬
‫سابِّم ُحو َك ََِ مل ِاد َبّمّبِِا م َويَ مساتَا م ِف ُرو َك‬ ‫ِ‬
‫هلم وهي بذلأ تريد التقرم إليه سبحرله وتطاـع يف ليـ رضـر ‪َ ‬وال َملثَئ َراةُ يُ َ‬
‫لِ َل من ِو اَّ مَب ِ‬
‫م‪[ ‬الشور ‪.]5 :‬‬
‫ين‬ ‫َّ ِ‬
‫وي ـ داد تق ـرهبم وتــوددهم إليــه ســبحرله بكثــر الــدمرأ ملــر هلــم حــب ــرص وو يــة رصــة منــد ‪‬ال ااذ َ‬
‫آمنُوا َببَّانَا َو ِس ماع َ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ش وَم من َح مولَهُ يُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ ِت ُكا َّ َشا م ض‬ ‫سبّم ُحو َك ََ ملد َبّمّب م َويُا مؤمنُو َك به َويَ مستَا مف ُرو َك للَّذ َ‬
‫ين َ‬ ‫َ‬ ‫َمللُو َك ال َمع مر َ َ‬
‫ا وقِ ِها َعا َذاب ا مجل ِحاي ِ ‪ ‬ببَّانَااا وأَ مد ِخ مل ُها النَّا ِ‬
‫اات َعا مدك الَّا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫م َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ين تَااابُوا َواتَّابَا ُعاوا َسابيلَ َ َ م‬ ‫َّب ممحَاةا َوعل املاا َااا مغف مر للَّاذ َ‬
‫الساايِئَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َعا مدتَّا ُه وماان صالَح ِماان آبااائِ ِه وأَ ممو ِ‬
‫اال ِها م َوذُ ّمِبيَّااا ِِ م إِنَّا َ‬
‫ات َوَماان تَا ِاق‬ ‫ا ِت ال َمع ِزيا ُاز ا مَراي ُ ‪َ ‬وق ِها ُ َّ ّم‬ ‫اا أَنا َ‬ ‫م ََ َ َ م َ م َ َ‬ ‫َ‬
‫ا ُه َو الم َف موُم ال َمع ِظي ُ ‪ [ ‬رفر‪.]9 -7 :‬‬ ‫ِ‬
‫ات يَا موَمئِذ َا َق مد َبمحمتَهُ َوذَلِ َ‬
‫السيِئَ ِ‬
‫َّ ّم‬
‫وي داد وي داد ألحب ا ل إليه ‪‬إِ َّك هللاَ َوَمثَئِ َرتَهُ يُ َ ُّ‬
‫صلو َك َعلَى النِ ِّم‬
‫َّيب‪[ ‬األح ام‪.]56 :‬‬
‫مباهاته بعبادل‬
‫وممــر يؤكــد مالقتــه – ســبحرله – ا رصــة بعبــرد البشــر املوحــدير لــه‪ :‬مبرهرتــه هبــم املالئكــة منــد قيــرمام‬
‫بطرمته‪.‬‬

‫(‪ )1‬الظر جملة الومي اإلسالمي مدد ‪ 494‬مقر بعنوام (حفظ اإلسالم للكرامة اإللسرلية) د‪ .‬إبراهيم أمحد مانر‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫يومر ملى حلقة مر أصحربه فقـرل‪« :‬مـر أجلسـكم؟» قـرلوا‪ :‬جلسـنر لـذكر هللا‪،‬‬ ‫رج صلى هللا مليه وسلم ً‬
‫وحناد ملى مر هدالر لإلسالم‪ ،‬ومر به ملينر‪ .‬قرل‪« :‬آهلل ما أاللسار إال ذا؟؟» قـرلوا‪ :‬وهللا مـر أجلسـنر إ‬
‫باحم قرل‪« :‬أما إ جي أستحلفر لة لر أ ولرنه أتا الربي أخرب أك هللا يباه بر املثئرة»(‪.)1‬‬
‫والظر إليه صلى هللا مليه وسلم وهو حيده أصحربه مر صور أ ر مر صور هـذ املبرهـر فيقـول‪« :‬إك‬
‫غربا»(‪.)2‬‬
‫هللا يباه بأه عر ات أه السلاضأ يقول َّل و انظروا إي عبادي الاضو شعِاا ا‬
‫‪ ،‬و تأر معصـية العرصـني مااـر مظاـ ‪،‬‬ ‫مع أله سبحرله ‪-‬يقينًر‪ -‬تنفعه طرمة الطرئعني ماار بل‬
‫ومر مبرهرته وفرحه بطرمرت مبرد إ ألله حيبام ويريد هلم ا ري‪.‬‬
‫ومر إ بررهم بتلأ املبرهر يف أكثر مر موضع ملى لسرم رسول هللا صلى هللا مليه وسلم إ رسـرلة حـب‬
‫منه هلم لعلار ت يدهم إقبر مليه وحبًر له وشوقًر إىل لقرئه‪.‬‬
‫ضحره سبحانه‬
‫ومـر مظــرهر العالقــة املاي ـ بــني هللا تعــرىل ومبــرد وخبرصــة الطــرئعني مــنام‪ :‬ضــحكه ســبحرله منــدمر يــر‬
‫مبرد خيلصوم أمارهلم له‪ ،‬ويأحوم مر أجله‪.‬‬
‫مر أيب الدرداأ رضي هللا منـه مـر النـض صـلى هللا مليـه وسـلم قـرل‪« :‬ثثثاة ابه هللاأ ويضاحا إلايه أ‬
‫ويستبشر ّب و الذي إذا انرشف ِت ئة قات وباضها بنفسه هلل عاز والا أ إماا أك يُقتا وإماا أك ينصارل هللا‬
‫ويرفيهأ يقولو انظروا إي عبدي هذا كيف صرب ا بنفساه؟‪ ,‬والاذي لاه امارأن حسانة و اراش لاني حسانأ‬
‫يقااول ماان اللي ا أ يقااولو يااذب شااهوته ويااذكر أ ولااو شاااض بقاادأ والااذي كاااك و ساافرأ وكاااك معااه بكاابأ‬
‫سهرواأ مث هجعواأ قال من السحر و ضراض وسراض»(‪.)3‬‬
‫وممــر يؤكــد هــذا املعــا قولــه صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬يعجااب ببااا ماان باعا غاان أ و بأ‪ ،‬شااظية يلبا أ‬
‫يؤذك للصثنأ ويصل أ يقول هللا عز وال و انظروا إي عبادي هاذا ياؤذك ويقاي الصاثنأ اااَ ماينأ قاد‬
‫غفرت لعبديأ وأدخلته اجلنة»(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬روا مسلم (‪. )2701‬‬


‫(‪ )2‬صحيح‪ ،‬روا ابر حبرم واحلركم وصححه األلبرين يف ص‪ .‬ج (‪.)1867‬‬
‫(‪ )3‬حسر‪ ،‬روا الطرباين يف الكبري وقرل إسنرد حسر وقرل منه اهليثاي‪ :‬رجرله ثقرت‪ ،‬وحسنه‪ ،‬األلبرين يف صحيح الرت يب والرتهيب‬
‫(‪.)624‬‬
‫(‪ )4‬صحيح اءرمع الص ري (‪.)8102‬‬

‫‪25‬‬
‫قدب املؤمن عند هللا‬
‫إم اءســد الــذي لقــه هللا مـ وجـ ولفــخ فيــه لفخــة ملويــة لــه حرمــة مظياــة منــد ســبحرله ويكفيــأ يف‬
‫م َ َرأ ََََّاا قَاتَا النَّاا‪َِ ،‬‬
‫سااد ِو اَّ مَب ِ‬ ‫بلأ قوله تعرىل‪ :‬أَنَّهُ َمن قَاتَ نَا مف ِ‬
‫اهاا‬
‫َحيَ َ‬
‫َج ايعاا َوَم مان أ م‬ ‫َ َ‬ ‫سا ب َ مًِر نَا مفال أ مَو َ َ‬
‫َ ا‬
‫َحيا النَّا‪َِ ،‬‬
‫َج ايعا‪[ ‬املرئد ‪.]32 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ َرأ ََََّا أ م َ‬
‫وهذا يؤكد مكرلة اإللسرم ا رصة مند هللا م وج ‪ ،‬وت داد هذ املكرلة كلاـر كـرم اإللسـرم أطـوع هلل مـ‬
‫وج ‪ ,‬قرل صلى هللا مليه وسلم‪« :‬لزوال الدنيا أهوك على هللا من قت مؤمن ب ًر حق»(‪.)1‬‬
‫يكر سبحرله مسرأ مبد املؤمر‬
‫تأم معي أ ي القررئ قول هللا م وج يف احلديث القدسي‪:‬‬
‫نفل عبدي املؤمنأ يررل املوت وأنا أكرل مسااضتهأ‬ ‫«وما ترددت و ش ض أنا اعله ترددي و قب‬
‫وال بد له منه»(‪.)2‬‬
‫يعلـ ابــر تيايــة ملــى بلــأ فيقــول‪ :‬فبــني ســبحرله ألــه يــرتدد (مــر قــبض لفــر مبــد املــؤمر) ألم الــرتدد تعــررس‬
‫إرادتــني‪ ،‬وهــو ســبحرله حيــب مــر حيبــه مبــد ‪ ،‬ويكــر مــر يكرهــه‪ ،‬وهــو يكــر املــوت فاــو يكرهــه كاــر قــرل (وألــر أكــر‬
‫ـرددا‪ ،‬مث بــني ألــه بــد مــر وقــوع‬
‫مســرأته) وهــو ســبحرله قــد قأــى بــرملوت‪ ،‬فاــو يريــد لــه أم ميــوت‪ ،‬فســاى بلــأ تـ ً‬
‫بلأ(‪.)3‬‬
‫رحه – سبحانه – بتوبة العاصني‬
‫بعيدا مر أبيه‪ ،‬وسرر يف طري الفسرد‪ ،‬مث مرد إىل رشد وارمتـى يف حأـر أبيـه‪,‬‬
‫أرأي لو أم ابنًر قد شرد ً‬
‫أي فرحة يكوم مليار األم يف هذا الوق ؟!‬
‫هــذ الفرحــة تس ــروي شــيًر جب ـوار فرحت ــه ســبحرله بتوبــة مب ــد مــر مبــرد ماا ــر أســرر يف بلب ــه و يف‬
‫ط يرله‪.‬‬
‫تأم معي احلديث الذي يؤكد فيه صلى هللا مليه وسلم هذا املعا بقوله‪:‬‬

‫(‪ )1‬صحيح اءرمع (‪.)5077‬‬


‫(‪ )2‬روا البخرري (‪.)6502‬‬
‫(‪ )3‬التحفة العراقية‪.43 /‬‬

‫‪26‬‬
‫رحااا بتوبااة عباادل ماان بالا كاااك و ساافرأ و ااثن ماان اَّبم ااأوا إي ظا شااجرن‬
‫«وهللاأ هلل أشااد ا‬
‫نال وتهاأ واستيقظ ل ند باحلتهأ أتى شراا صعد عليهأ ل ير شيئااأ مث أتى آخرأ أشرَ لا يار‬
‫شيئااأ قالو أبالو إي مرا الذي كن ِت يهأ أكوك يه حىت أموتأ ذهبأ إذا براحلته جتر خطامهااأ‬
‫رحا بتوبة عبدل من هذا براحلته»(‪.)1‬‬ ‫اهلل أشد ا‬
‫مرادل أك تدخ اجلنة‬
‫مندمر يقرأ املرأ األ بـرر السـربقة‪ ،‬وخبرصـة مـر يتعلـ بفـرح هللا مـ وجـ العظـيم بتوبـة مبـد مـر مبـرد فاـر‬
‫املتوقع أم تقف إىل الذهر بعض التسرغ ت مر أسبرم هذا الفـرح فـرهلل مـ وجـ تنفعـه هـذ التوبـة بشـيأ‪،‬‬
‫فاو ال ا احلايد‪ ,‬فلاربا هذ الفرحة إبم؟‬
‫مر السا ملينر أم لدرحم سر هذا الفرح مندمر لتذكر أم هللا م وج ا تن اإللسرم لنفسه دوم لقـه‬
‫مجيعر‪ ،‬وأله يريد منه أم ينجح يف امتحرم العبودية ليُد لـه اءنـة‪ ,‬فاـراد سـبحرله مـر مجيـع البشـر د ـول جنتـه‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ ‬وهللاُ يَ مد ُعو إِ َي ا مجلَنَّة َوال َمل مف َرن بِإ مذنه‪[ ‬البقر ‪.]221 :‬‬
‫صيصــر هلــم‪ ،‬وجعـ لكـ مــنام فياــر جـ أًا‬ ‫ً‬ ‫مـراد أم يعــود اءايــع إليــه ليكــرمام ويــنعاام يف دار أمــدهر‬
‫ـومر‪ ،‬وهــو ســبحرله يريــد لكـ مــنام أم ينـرل لصــيبه يف تلــأ الــدار‪ ،‬ويتبـوأ من لــه فياـر ‪َ ‬وهللاُ يَا مد ُعو إِ َي َدا ِب‬
‫مقس ً‬
‫اادلِ‬
‫ض ااى لِ ِعب ا ِ‬
‫السا اثَِل‪[ ‬ي ــولر‪ ]25 :‬ويف لف ــر الوقـ ـ فا ــو يري ــد أم يُــد أح ـ ًـدا م ــر مب ــرد الن ــرر ‪َ ‬والَ يَا مر َ َ‬ ‫َّ‬
‫الم ُر مف َر‪[ ‬ال مر‪.]7 :‬‬
‫ه ــذا األم ــر ينطب ـ ـ مل ــى مجي ــع البش ــر يف مش ــررق األرس وم ررهب ــر‪ ،‬ويف ك ـ ـ العص ــور واألزم ــرم‪ ..‬مب ــرد‬
‫الصليب‪ ..‬مبرد البقـر‪ ..‬امللحـدير والـوثنيني‪ ..‬كـ هـؤ أ يريـد هللا مـنام أم يـد لوا اءنـة‪ ،‬ويكفيـأ يف هـذا ألـه‬
‫ســبحرله وتعــرىل ميا ـ هــؤ أ و ــريهم مــر الكــرفرير‪ ،‬ويعطــيام الفرصــة تلــو الفرصــة‪ ,‬مــع قدرتــه املطلقــة ملــيام‬
‫وإحرطته الترمة هبم‪ ،‬فلـو شـرأ أم يالكـم ألي بلـب يفعلولـه ألهلكاـم‪ ،‬لكنـه يفعـ ‪ ،‬بـ حيلـم ويصـرب ومياـ‬
‫لعلام ينتباوم مر فلتام‪.‬‬
‫اءنة كاـر قـرل صـلى هللا مليـه‬ ‫معا بلأ أله مر مر واحد يد النرر إ ألله يأىب ويصر ملى أ يد‬
‫وسلم‪ُ « :‬ك ُّ أ َُّم ِ يَ مد ُخلُو َك ا مجلَنَّة إالَّ َم من أ ََب»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬روا مسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬صحيح البخرري ج (‪.)6737‬‬

‫‪27‬‬
‫لعم‪ ،‬هـذ هـي احلقيقـة الـ ي فـ مناـر البشـر «كلرا يادخ اجلناة إال مان شارد علاى هللا شاراد البعاًر‬
‫على أهله»(‪.)1‬‬
‫ومثــرل بلــأ مــر حــده ألصــحرم القريــة ال ـ كــذب الرس ـ فأصــرهبم العــذام بعــد طــول إماــرل ليــأيت‬
‫اد َما يَأمتِي ِه ِّممن َّب ُسول إِالَّ َكاانُوا بِ ِاه‬
‫التعقيب القرآين ليؤكد أهنم هم الذير أبوا إ العذام ‪‬يا حسران َعلَى ال ِمعب ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ مَ‬
‫ك‪[‬ير‪.]30:‬‬ ‫يَ مستَا مه ِزئُو َ‬
‫أحب العباد إي هللا‬
‫ـودا‪ ،‬أو‬
‫وأهم صور اإلبرأ واإلصرار ملى مدم د ول اءنة مدم ا مرتار برهلل‪ ،‬ربًر و رل ُقر ورازقًر‪ ،‬وإهلًر معب ً‬
‫إشراحم أحد معه يف بلأ‪.‬‬
‫فرلش ــرحم أو الكف ــر ظل ــم مظ ــيم يظل ــم في ــه العب ــد احلقيق ــة العظياـ ـة‪ ،‬حقيق ــة التوحي ــد الـ ـ قرمـ ـ مليا ــر‬
‫مظياــر‪ ،‬فريتــد إىل أســف الســرفلني‪ ،‬ومــع بلــأ يظ ـ البــرم‬‫الســاروات واألرس‪ ،‬ومــر مث ياــوم ملــى هللا هوالًــر ً‬
‫مفتوحــر للجايــع للتوبــة والعــود إليــه ســبحرله قبـ فـوات األوام‪ ،‬بـ إلــه ســبحرله وتعــرىل جعـ أحــب لقــه إليــه‬ ‫ً‬
‫مر ُحيبب النرس فيه‪ ،‬ويدموهم للعود إليه وإىل طرمته كي يد لام اءنة‪.‬‬
‫ناسااا مااا ه ا بأنبياااض وال شااهداض ي اابطه اَّنبياااض والشااهداض‬
‫قــرل صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬إ َّعاارَ ا‬
‫مبنزلته عند هللا سبحانه يول القيامةأ الذين بوك هللا و ببونه إي خلقهأ ياأمروم بطاعاة هللا اإذا أطااعوا‬
‫هللا أحبه هللا» (‪.)2‬‬
‫فرهلل م وج يب ض الشرحم والكفر الذي تلبر برملشركني الكفرر‪ ،‬ولكنـه سـبحرله يريـد أم يتـوم ملـيام‪،‬‬
‫ويــد لام اءنــة بيناــر هــم يــأبوم‪ ،‬لــذلأ فإلــه ســبحرله ر ــب مبــرد املــؤمنني بــدمو هــؤ أ وحتبيــبام فيــه ملاــم‬
‫يفيقوم مر فلتام‪ ،‬ويعودوم إىل رهبم‪.‬‬

‫ين َك َفا ُاروا إِك يَنتَا ُهااوا يُا َ َفا مار ََّلُا م َّمااا قَا مد َس الَ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ف‪‬‬ ‫تأم ـ قولــه تعــرىل الــذي يتفجــر إشــفرقًر ورمحــة‪ :‬قُا للَّااذ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫اساتَجاب َ؟ َاأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫[األلفرل‪ .]38 :‬وتأمـ كـذلأ قولـه‪ :‬وإِ مك أ ِ‬
‫َال مرلُ َح َّاىت يَ مس َال َو َكاثَ َل هللا ُمثَّ أَبمل ماهُ‬ ‫ني م َ َ‬ ‫َحا ٌد ّمم َان ال ُمل مشا ِرك َ‬
‫َ َ‬
‫َمأ َممنَهُ ذَلِ َ‬
‫ا بِأَنَّا ُه م قَا موٌل الَّ يَا معلَ ُلو َك‪[ ‬التوبة‪.]6 :‬‬

‫(‪ )1‬صحيح اءرمع (‪.)4570‬‬


‫(‪ )2‬أورد اهليثاي يف جماع ال وائد ‪.126/1‬‬

‫‪28‬‬
‫أشد ما ي ضبهو‬
‫ومــع فرحــه ســبحرله بتوبــة مبــد مــر مبــرد الأــرلني‪ ،‬ومــع حبــه ا ــرص ملــر حيبــب النــرس فيــه‪ ،‬فإلــه ســبحرله‬
‫ي أب أشد ال أب ملر يُي ر النرس مر بلوغ رمحته ويُنذرهم برلقطرع األم ‪ ،‬وبأله مآل هلم إ النرر‪.‬‬
‫ومـر إماـرل هللا لعبــرد املقصـرير واملســرفني ملـى ألفســام‪ ،‬بـ والكفــرر واملشـركني – كاــر أسـلفنر‪ -‬إ أللــه‬
‫سبحرله يايئ هلم مر األمور‪ ،‬ويرس هلم مر الرسرئ مر قد يوقظام مر سبرتم‪ ،‬ويذكرهم برهبم‪.‬‬
‫فـإبا مــر جــرأ شــخن مــر وأشــعر هــؤ أ بــأم هللا لــر ي فــر هلــم‪ ،‬وأهنــم م أــوم ملــيام‪ ،‬و أمـ أم ـرمام‪،‬‬
‫فسيؤدي بلأ إىل قنوطام ويأسام مر رمحة هللا‪ ،‬ومـر مثّ زيـرد متـرديام يف الط يـرم‪ ،‬واحنـرافام‪ ،‬وابتعـردهم مـر‬
‫طري اهلد ‪ ،‬لتكوم هنريتام النرر‪.‬‬
‫فإم كن ‪ -‬أ ي القررئ‪ -‬يف شأ مر هذا فرقرأ هذا احلديث‪:‬‬
‫مر أىب قترد أم رسول هللا صلى هللا مليه وسلم قـرل‪« :‬قال هللا تباب؟ وتعاي لللثئرةو أال أخربك عن‬
‫عبدين من بين إسرائي أما أحدمها ًرا بنو إسرائي أنه أ ضالهلا و الادين والعلا واْللاقأ وا خار يَارا‬
‫أنه مسارَأ ا ُذكر عناد صااحبهأ قاالو لان ي فار هللا لاهأ قاالو أجي يعلا باأ أبحا الارامحني؟ أجي يعلا أك‬
‫بمح سبق ِت غضايب؟ وإ قاد أوالبا ِت َّلاذا الرمحاة وأوالبا ِت َّلاذا العاذاب‪ ،‬فقـرل رسـول هللا صـلى هللا مليـه‬
‫وسلم‪ :‬ث تألوا على هللا عز وال »(‪.)1‬‬
‫ومر ضاأم بر َج ْوس قرل‪ :‬د لـ مسـجد رسـول هللا صـلى هللا مليـه وسـلم يف طلـب صـرحب يل فـإبا‬
‫رج أدمج العني‪ ،‬براق الثنرير‪ ،‬فقرل يل‪ :‬ير ترمي تقـولر ألحـد ي فـر هللا لـأ‪ ،‬و يـد لأ اءنـة‪ ،‬قلـ ‪:‬‬
‫مــر ألـ يرمحــأ هللا؟ قــرل‪ :‬ألــر أبــو هريــر ‪ .‬قلـ ‪ :‬قــد هنيتــا مــر شــيأ كنـ أقولــه إبا أــب ملــى أهـ بيـ‬
‫وحشاي‪ ،‬قرل‪ :‬فال تفع فإين مسع رسـول هللا صـلى هللا مليـه وسـلم يقـول‪« :‬كااك بالاثك مان باين إسارائي‬
‫راك أحدمها به بهقأ وا خر عاب اداأ راك ال يازال يقاول لاهو أال ترافأ أال تقصارأ يقاولو ماا ا ولاا‬
‫يومااا ااإذا هااو علااى كبااًرنأ قااالو وهللا ال ي فاار هللا لاااأ وهللا ال ياادخلا‬
‫دعااين وب ‪ .‬قااالو هجا عليااه ا‬
‫اجلنةأ بعث هللا إليهلا مل اراا قاب أبواحهلااأ للاا قادما ّبلاا علاى هللا عاز والا قاال لللاذنبو ادخا‬
‫اادبا علاى ماا وا ِت يادي؟ انطلقاوا باه إي‬
‫اجلنة برمح أ وقال للعابدو حظارت علاى عبادي بمحا أ أكنا ِت ق ا‬

‫(‪ )1‬روا مسلم‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫الناب»‪.‬‬
‫قرل أبو هرير ‪ :‬والذي لفسي بيد لقد تكلم كلاة أوبق دلير وآ رته(‪.)1‬‬
‫املرحلة اَّخًرن‬
‫فرصــر مظياــة للتوبــة والرجــوع إليــه وبلــأ طيلـة‬
‫وأللــه ســبحرله يريــد مــر مبــرد د ــول اءنــة‪ ،‬فقــد أتــرح هلــم ً‬
‫حيـرتم يف الــدلير‪ ،‬و يقتصــر األمـر ملــى بلــأ‪ ،‬بـ ومنـد ممــرتم كــذلأ طرملــر أهنـم ي ياتكـوا الســرت بــرلكفر أو‬
‫الشرحم‪ ،‬فقد أمطى مبرد املوحدير أشيرأ تسرمدهم ملى حمو السي رت وزيرد احلسنرت‪.‬‬
‫ومر بلأ أله تصدق مليام بثلث أمواهلم ال يرتكوهنر كوصية يتصرفوم فيار كيفار شرأوا‪ ،‬فإم كرم املـرل‬
‫الذي يوزتم سي ول إىل ورثتام‪ ،‬إ أم هلم أم يوصوا بثلثه فيار يريدوله مر أبوام ا ري‪.‬‬
‫قــرل صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬إك هللا تعاااي تصاادق علااير عنااد و اااتر بُِلااث أمااوالر أ والع ا ذلااا‬
‫ميادن لر و أعلالر »(‪.)2‬‬
‫وحث سـبحرله مبـرد املسـلاني – ملـى لسـرم رسـوله صـلى هللا مليـه وسـلم ‪ -‬الصـال ملـى امليـ ليكـوم‬
‫دمرغهم سببًر مر أسبرم تكفري سي رته‪ ،‬ورفع درجرته وإل ال الرمحة مليه‪.‬‬
‫قرل صلى هللا مليه وسلم‪« :‬من تبو اجلنامن وصلى عليهاأ له قًراطأ ومان تبعهاا حاىت يُفاره منهاا لاه‬
‫قًراطاك‪ ,‬أص رمها مِ أحدأ أو أحدمها مِ أحد»(‪.)3‬‬
‫وحثام ملى الدمرأ له برلتثبي مند دفنه «ادعوا َّخير إنه ا ك يسأل»(‪.)4‬‬
‫ول ـير هــذا فحســب‪ ،‬ب ـ جع ـ هنــرحم أماــر جيــري ملــى املســلم ثواهبــر بعــد موتــه كــدمرأ الولــد الصــر ‪،‬‬
‫وكرلعلم النرفع‪ ،‬وكرلصدقة اءررية‪.‬‬
‫عللااا نشاارلأ وولا ادا‬
‫قـرل صــلى هللا مليـه وســلم‪« :‬إك مماا يلحااق املااؤمن ماان عللاه وحسااناتهأ بعااد موتاهأ ا‬
‫وبثهأ أو مسج ادا بنالأ أو بيتاا البن السابي بناالأ أو م اارا أالارالأ أو صادقة أخرالهاا‬ ‫صا اا تركهأ ومصح افا َّ‬

‫(‪ )1‬روا أبو داود (‪.)4901‬‬


‫(‪ )2‬حسر صحيح اءرمع (‪.)1733‬‬
‫(‪ )3‬سنر أبو داود ح (‪.)2755‬‬
‫(‪ )4‬سنر أبو داود ح (‪.)2804‬‬

‫‪30‬‬
‫من ماله و صحته وحياتهأ تلحقه بعد موته»(‪.)1‬‬
‫أه املظاجيو‬
‫وإم أردت أم تتأك ــد – أ ــي الق ــررئ – أكث ــر وأكث ــر ب ــأم مـ ـراد هللا مـ ـ وجـ ـ ه ــو د ـ ـول مجي ــع مب ــرد‬
‫املوحدير اءنة فرقرأ هذا احلديث‪:‬‬
‫جرلســر إب رأينــر ضــحأ حـ بــدت لواجــذ‬
‫مــر ألــر بــر مرلــأ قــرل‪ :‬بيناــر النــض صــلى هللا مليــه وســلم ً‬
‫فقرل مار‪ :‬مر أضحكأ ير رسول هللا بأيب أل وأمي؟‬
‫قرل‪« :‬بالاثك مان أما الِياا باني يادي بب العازنأ قاال أحادمهاو ياا بب خاذ ا مظللا مان أخا أ‬
‫قال هللاو أعط أخا؟ مظللتهأ يقولو يا بب جي يبق مان حسانا أ قاالو ياا بب ليحلا عاين مان أومابيأ‬
‫ففرض مني رسول هللا صلى هللا مليه وسلم برلبكرأ مث قرل‪ :‬إك ذلا الياول عظاي ياول تاا الناا‪ ،‬ياه إي‬
‫أك ل ا عاانه ماان أومابه ا أ يقااول هللا عااز وال ا لللطالاابو اب ااو بأس اا ااانظر إي اجلناااك ر ااو بأسااه‬
‫اوبا ماان ذهااب مرلا باااللؤلؤأ َّي ناايب هااذا؟ َّي صا ّمِاديق هااذا؟‬
‫قااالو يااا بب أبا ماادائن ماان ضااة وقصا ا‬
‫َّي شاهيد هااذا؟ قاال هللا عااز والا و هاذا ملاان أعطااا الاِلن‪ .‬قااالو ياا بب لاان نلااا ذلاا؟ قااالو أناا ِت‬
‫متلره‪ .‬قالو مباذا يا بب؟ قال بعفو؟ عن أخيا‪ .‬قالو ياا بب قاد عفاوت عناه‪ .‬قاالو خاذ أخاا؟ أدخلاه‬
‫اجلنة‪ ،‬مث قرل رسـول هللا صـلى هللا مليـه وسـلم‪ :‬اتقاوا هللا وأصالحوا ذات بيانر اإك هللا يصالح باني املاؤمنني‬
‫يول القيامة(‪.)2‬‬
‫فاذا ير أ ي هو ربنر الذي حيبنر ويفرح بتوبتنر ويريد أم يد لنر اءنة‪.‬‬
‫الرِحي ُ ‪[ ‬البقر ‪.]163 :‬‬ ‫هذا هو ربنر الذي مرفنر بنفسه فقرل‪ :‬وإِ ََّل ُر إِلَهٌ و ِ‬
‫اح ٌد الَّ إِلَهَ إِالَّ ُه َو َّ‬
‫الر ممحَ ُن َّ‬ ‫َ ُ م َ‬
‫***‬

‫(‪ )1‬صحيح اءرمع (‪.)2231‬‬


‫(‪ )2‬أورد اهليثاي يف جماع ال وائد ‪.354 ،353/10‬‬

‫‪31‬‬
‫الفص الِالث‬

‫مظاهر حب هللا تعاي لعبادل‬

‫‪32‬‬
‫متهي ا ا ادو‬
‫كأين بأ أ ي القررئ تتسرأل مر الدلي العالي هلذ العالقة املاي بني هللا سـبحرله وتعـرىل وبـني مبـرد‬
‫البشر‪ ،‬ب وبينأ أل ملى وجه ا صوص‪.‬‬
‫احدا‪ ،‬ب اطلب مر ش مر األدلة فاـي – بفأـ هللا – أكثـر‬ ‫أريدحم أ ي احلبيب أم تطلب دليال و ً‬
‫مـر أم حتصــى‪ ،‬فاظـرهر حــب هللا لعبـرد كثـري كثـري ‪ ،‬تنتظــر منــر أم لنتبـه إلياــر لنسـتدل مــر الهلـر ملــى الــرم‬
‫الودود سبحرله وتعرىل‪.‬‬
‫ُ لقـ مـر أجلاـر‪ ..‬مااـة التعـرر‬ ‫ك مر هو مطلـوم أم لـُعطي مقولنـر الفرصـة لكـي تقـوم برملااـة الـ‬
‫ملى هللا‪.‬‬
‫فبرلتفكري يف مظرهر حب هللا لعبرد ‪ ،‬مع ا جتارد يف جتروم املشرمر مع هذا التفكـر سـت داد املعرفـة بـرهلل‬
‫الــودود‪ ،‬وستســتويل هــذ املعرفــة – بــإبم هللا – ملــى اءـ أ األكــرب مــر مشــرمر احلــب يف القلــب‪ ،‬لتظاــر الثاــرر‬
‫الطيبة هلذا احلب بصور تلقرئية ودوم تكلف‪.‬‬
‫الوانب املعر ة‬
‫ويف الصــفحرت القردمــة ســيتم احلــديث بعــوم هللا مــر بعــض مظــرهر حــب هللا لعبــرد ‪ ،‬واملطلــوم منــر أم‬
‫جيدا‪ ،‬ولعيش معاـر بعقولنـر ومشـرمرلر‪ ،‬لعلاـر تسـرهم يف إشـعرل جـذو حـب املـوىل سـبحرله وتعـرىل‬ ‫لتفكر فيار ً‬
‫يف قلوبنر‪.‬‬
‫وستلحظ أ ي القررئ ألنر يف أ لبار لتوجه إليأ بر طرم ليكـوم بلـأ أدمـى ستشـعرر معرلياـر بصـور‬
‫أقرم إىل احلقيقة والواقع‪.‬‬
‫***‬

‫‪33‬‬
‫أوالو من مظاهر حبهو‬ ‫ا‬
‫َس مبق ضله عليا قبا ا ا ا والود؟‬
‫واملقصد مر سب الفأ ‪ :‬أم فأ هللا م وج ملينر‪ ،‬وحبه لنر سب وجودلر ملى األرس‪.‬‬
‫هــذا اءرلــب مــر أهــم اءوالــب ال ـ مــر شــأهنر أم تــؤجج مشــرمر احلــب دا ـ القلــب‪ ،‬وكيــف ومــر اللــه‬
‫يكتشف الواحد منر مد حب ربه له دوم أي سبب منه‪.‬‬
‫فاير بنر أ ي القررئ لعيش يف أجواأ هذ املظار‪:‬‬
‫سبق الفض و التررمي‬
‫شرأ هللا م وج أم خيل خملوقرت مر العدم‪ ,‬كن أل مر خملوقرته‪.‬‬
‫وا تــرر مــر هــذ املخلوقــرت الـ تعــد و حتصــى خملوقًــر ليختصــه بنعاــة العقـ ‪ ،‬ويــنفخ فيــه مــر روحــه‪,‬‬
‫ااه ِّمم ا َان‬
‫ااه م ِو المبَا ا ّمِار َوالمبَ محا ا ِر َوَبَمقامنَا ُ‬ ‫لل ـ أل ـ ه ــذا الش ــرر‪ ,‬ش ــرر التكــر ‪َ ‬ولََقا ا مد َك َّرممنَااا بَا ِاين َ‬
‫آد َل َو َمحَلمنَا ُ‬
‫ضيثا‪[ ‬اإلسراأ‪.]70 :‬‬ ‫اه َعلَى َكًِِر ِّمممَّن َخلَ مقنَا تَا مف ِ‬ ‫الطَّيِب ِ‬
‫ات َو َ َّ‬
‫م‬ ‫ضلمنَ ُ م‬ ‫ّمَ‬
‫ـفورا‪ ،‬أو شـجر ‪ ،‬أو حبــة‬
‫كـرم مـر املاكـر أم تكـوم خملوقًـر آ ـر ـري اإللسـرم كـأم تكـوم حج ًـرا‪ ،‬أو مص ً‬
‫رم ‪ ،‬أو ‪...‬‬
‫ولكنه الفأ العظيم مر هللا م وج الذي اجتبرحم ملى كثري مر خملوقرته‪ ،‬وكرمأ مليام‪.‬‬
‫املشهد العظي‬
‫ـددا مـر الذريـة تـبري إىل األرس لتـؤدي ا تبـرر العبوديـة‪,‬‬ ‫ـددا حم ً‬ ‫قدر هللا م وج ألبينر آدم – مليه السـالم – م ً‬
‫كنـ ألـ واحـ ًـدا مــنام‪ ،‬وشــادت املشــاد العظــيم الــذي أ ــذ هللا فيــه العاــد مــر مجيــع بريــة آدم ملــى مبردتــه ‪َ ‬وإِ مذ‬
‫آد َل ِما اان ظُ ُها ااوِبِه م ذُ ّمِبيَّا ا اتَا ُه م َوأَ مشا ا َاه َد ُه م َعلَا ااى أَنما ُف ِس ا ا ِه م أَلَ مسا ا ُ‬
‫ا ِت بِا ا َاربِّم ُر م قَا ااالُوا بَالَا ااى‬ ‫َخ ا ا َذ ببُّا ا َ ِ‬
‫اا ما اان بَا ا ِاين َ‬ ‫أَ َ‬
‫َش ِه مدنَا‪[‬األمرار‪.]172 :‬‬

‫‪34‬‬
‫هذا العدد الكبري الذي قدر هللا لذرية آدم – مليه السالم – ي يشـأ سـبحرله أم يُابطـه إىل األرس دفعـة‬
‫واحــد ‪ ،‬ب ـ جماومــة تلــو األ ــر ‪ ,‬ك ـ جماومــة تــؤدي ا متحــرم مث تــرتحم األرس بعــد ل ـ ع أرواحاــر‪ ،‬وتبقــى يف‬
‫التظررا لنارية امتحرم اءايع‪ ،‬ليتم بعدهر احلسرم واء اأ‪.‬‬‫القبور ً‬
‫ي خيــرت أحــد مــر البشــر املكــرم‪ ،‬أو ال مــرم‪ ،‬أو البي ــة‪ ،‬أو األبــوير‪ ،‬أو الشــك الــذي ســتح روحــه فيــه‪،‬‬
‫ويــؤدي مــر اللــه ا متحــرم‪ ،‬مــع األ ــذ يف ا متبــرر بــأم هللا م ـ وج ـ ي يظلــم أحـ ًـدا مــر النــرس‪ ،‬فبرلعق ـ‬
‫والفطر يستطيع املرأ يف أي زمرم ومكرم ا سـتد ل ملـى وحداليـة هللا‪ ،‬وكـذلأ فـإم الرسـ والكتـب السـاروية‬
‫ال أل هلر هللا م وج تبني للنـرس املطلـوم مـنام‪ ،‬ولكـر بـال شـأ أم ل ولـأ إىل األرس يف هـذا ال مـرم وهـذا‬
‫املكرم الذي حنير فيه له ممي ات ضخاة تدل ملى سب فأ واجتبرأ مظيم مر هللا لأ‪.‬‬
‫سبق ض الزماك‬
‫يرلنر العنرم‪ ،‬وليتخي ك منر أله قد ولد يف زمرم آ ر ري ال مرم الذي ُولد فيه‪.‬‬ ‫هير بنر لُطل‬
‫طي ألأ قد ُولدت يف زمرم قـوم لـوط‪ ،‬لتجـد لفسـأ – مرفـرحم هللا – مـر أبنـرأ أسـر تقـرتر أسـوأ ألـواع‬
‫الفرحشة والعيرب برهلل ‪ ..‬مربا كن ستفع ؟!‬
‫أ توافقا أله ا تبرر قرس كرم مليأ اجتيرز ‪ ،‬وأم لسبة جنرحأ فيه شأ ضعيفة؟!‬
‫طي لو ألأ وجدت لفسأ ابنًر مر أبنرأ قوم فرموم أو مرد أو نود‪ ،‬أو مر أبنرأ القرامطة أو أحد الفرق‬
‫الأرلة ال ظارت يف فرت مر فرتات الترريخ اإلسالمي‪.‬‬
‫طي ألأ قد ولدت يف زمر التترر‪ ،‬أو حمركم التفتيش مربا كن ستفع ؟!‬
‫أ تر يف جتنيبأ ك بلأ مظيم حب ربأ لأ‪ ،‬وسب فأله مليأ أم أوجدحم يف هذا ال مرم‪.‬‬
‫تيسر ا يان‬
‫تيسر احلير ‪ ،‬فلو كن قد ُولدت منذ بأع قروم يف لفر املكـرم‬
‫وممر يلح بنعم سب الفأ يف ال مرم‪ُّ :‬‬
‫الذي حتير فيه اآلم‪ ..‬طيـ مـد صـعوبة احليـر يف بلـأ الوقـ ‪ ..‬كاربـرأ ‪ ..‬دورات ميـر ‪ ..‬سـيررات‬
‫‪ ..‬أو طرئرات‪ ..‬وسرئ اتصرل ‪ ..‬ماليرت جراحية ‪.‬‬
‫طي ألأ يف هذا ال مرم أصب بأعف يف النظر مربا كن ستفع ؟ أتدري حجم الصـعوبرت الـ كنـ‬
‫ستواجاار بنظرحم الأعيف؟‬

‫‪35‬‬
‫طيـ أمــركر قأـرأ احلرجــة الـ كرلـ تبعـد مــر مسـركر النــرس ‪ ..‬وطيـ حجــم اءاـد والوقـ واملخــرطر‬
‫ال تواجه مر يريد قأرأ حرجته خبرصة يف ليريل الشترأ البررد واألجواأ املتقلبة‪.‬‬
‫طي لفسأ تريد السفر إىل مكة أو املدينة ‪ ..‬كم مر األيرم كنـ ستقأـيار ملـى ظاـر بعـريحم لتصـ إىل‬
‫مقصودحم؟! طي ‪ ..‬طي ‪.‬‬
‫سبق ض املراك‬
‫هــذا برلنســبة لــنعم ســب الفأـ يف ال مــرم‪ ،‬ولكــر هــب ألــأ قــد ولــدت يف هــذا ال مــرم برلفعـ ‪ ،‬ولكــر يف‬
‫مك ــرم آ ــر ريال ــذي حتي ــر فيـ ـه اآلم‪ ،‬طيـ ـ أل ــأ ُول ــدت يف أد ــرل أفريقي ــر‪ ،‬أو يف اإلس ــكياو‪ ،‬أو يف أم ــركر‬
‫الفيأرلرت أو ال زل‪ ،‬أو األمرصري‪ ،‬أو الرباكني‪.‬‬
‫طيـ ألــأ قــد ولــدت يف أمــركر الفــنت وا ضــطارد للاســلاني كرتكســترم وكشــاري والفلب ـني وبورمــر‪ ..‬مــربا‬
‫مسرحم أم تفع ؟!‬
‫إم هــؤ أ املأــطادير شــرأ هللا م ـ وج ـ هلــم أم يكول ـوا يف هــذ األمــركر ليــؤدوا امتحــرم مبــوديتام هلل‬
‫الصاابِرو َك أَالاره بِ َ ِ ِ‬
‫سااب‪‬‬ ‫اًر ح َ‬‫خبرصة يف مرد الصرب‪ ،‬وج اغهم مظيم إبا اجترزوا هذا ا متحـرم ‪‬إِ َََّا يُا َاو َّى َّ ُ م َ ُ م م‬
‫[ال مر‪ ]10 :‬ولكنه بال شأ امتحرم قرس مصاأ هللا منه‪.‬‬
‫الوالداك‬
‫طي ألأ ولـدت يف هـذا ال مـرم‪ ،‬ولكـر ألبـوير لصـراليني أو ياـوديني أو بـوبيني أو ملحـدير أو شـيوميني‬
‫أو هندوسيني‪ ..‬مربا كن ستفع ؟!‬
‫مــربا كن ـ ســتفع منــدمر تــر أبويــأ يســجدام للبقــر ‪ ،‬أو للصــليب؟! أكن ـ ســتُعا مقلــأ وتســتنفر‬
‫سليم فطرتأ كار أمرحم هللا‪ ،‬وكار حده مر القلي منام‪ ،‬أم كن ستسري ملى طى األ لبية؟!‬
‫امتحرم رهيب مصاأ هللا منه‪ ،‬بأم لقأ ألبوير مسلاني ‪ ..‬ألير كذلأ؟!‬
‫مث طيـ ألـأ كاــر ألـ ُولــدت يف هـذا ال مـرم واملكــرم والديرلـة ولكنــأ وجـدت أبـرحم يعاـ يف مانـة خملــة‬
‫جبررا مر اءبربر ؟!‬
‫برلشرر‪ ..‬أو وجدته ً‬
‫طي ألأ ُولدت يف بي ة فجور أو أسر مرتفة ‪ ..‬مربا كن ستفع ؟!‬

‫‪36‬‬
‫إهنر امتحرلرت صعبة مصاأ هللا منار دوم سبب منأ أو اجتارد‪.‬‬
‫اللساك العر‬
‫ولكر هب ألأ قد ُ لق مر أبوير مسلاني لكناار يتحدثرم ري العربية كرلل ة الفررسية أو األرديـة أو‬
‫اهلنديــة أو الصــينية أو اإلجنلي يــة ‪ ..‬مــربا كنـ ســتفع لكــي تفاــم القــرآم وتتــأثر بآيرتــه وهــو أمــر واجــب مليــأ‬
‫ولير ا تيرريًر؟!‬
‫لعم‪ ،‬هؤ أ مليام تعلم العربية ليفااوا القرآم ويتأثروا به‪ ،‬ولكـر أ تـر يف بلـأ مظـيم فأـ هللا مليـأ‬
‫أم أوجدحم يف بي ة تتحده العربية‪ ،‬فال حتترج إىل جاد مظيم لكي تفام كتربه وسنة لبيه؟! (‪.)1‬‬
‫سبق الفض و العا يةو‬
‫تفكر مث تفكر يف مد حب ربأ لأ‪ ،‬وسب فأـله مليـأ قبـ أم تولـد وبلـأ فياـر سـب مـر جوالـب‪،‬‬
‫مث تفكر يف جرلب مظيم مر جوالب سب الفأ اإلهلي لأ‪ ,‬أ وهو سب الفأ يف العرفية‪.‬‬
‫فلقد قدر هللا م وج أم يولد مدد مر النرس وهبم ميوم لقية يف القلب‪ ،‬أو قصـور يف املـخ‪ ،‬أو لـ‬
‫يف األطرار كرمتحرم هلم مر لرحية‪ ،‬وإلظارر لعاته ملى املعرفني مر لرحيـة أ ـر ‪ ،‬ومـع بلـأ‪ ,‬ي تكـر ألـ‬
‫– بفأ هللا – منام‪.‬‬
‫بــال شــأ أم هــذا الــنقن الــذي ابتُلــى بــه هــؤ أ حيتــرج مــنام إىل صــرب واحتســرم لينجحـوا يف ا تبــررهم‪،‬‬
‫ولكر أ تر مظيم فأ ربأ مليأ أم ا تررحم فألبسأ ثوم العرفية ترف فيه؟!‬
‫كللة ال بد منهاو‬
‫لــير معــا وجــود لقــن منــد إلســرم يف أحــد األمــور الـ بكــرت أو ريهــر دلي ـ ملــى مــدم حــب هللا م ـ‬
‫دارا للجـ اأ والنعــيم كــي‬
‫وجـ لــه‪ ،‬بـ هــو مــني احلــب ولكــر مــر جرلــب آ ــر‪ ،‬ولــنعلم مجي ًعــر أم الــدلير ليسـ ً‬
‫يظر البعض هذا الظر‪ ،‬ولـو يـدري أهـ العرفيـة مـر أمـد هللا ألهـ الـبالأ الصـربرير يف اآل ـر لتانـوا أهنـم كـرلوا‬
‫مثلام‪.‬‬

‫(‪ )1‬املــم أ ــي احلبيــب ألــه كلاــر زادت الــنعم ملــى العبــد زاد املطلــوم مــر الشــكر‪ ،‬وجــوهر الشــكر هــو الشــعور بر متنــرم جتــر هللا مـ‬
‫وج برلقلب‪ ،‬وا مرتار بفأله وكثر محد برللسرم‪ ،‬واستخدام هذ النعاة يف طرمته والتواضـع هبـر لقـه بـرءوارح‪ ،‬فرلـذي جيـد‬
‫لفسه حمرطر ر سب بكر مر لعم مث يشكر ربه مليار القلب النعاة يف حقه لقاة‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫إم النقن والبالأ الذي يصيب املـرأ لـير إهرلـة بـ امتحـرم ملـى صـرحبه أم جيتـرز ‪ ،‬وكـذلأ فـإم العطـرأ‬
‫أيأــر‪ ،‬فــإم ظــر املــرأ أم العطــرأ تفأــي بايت لشخصــه دوم مقربـ فــإم هــذا‬
‫والفأ ـ لــير كرامــة ب ـ امتحــرم ً‬
‫العطرأ يصبح وبر مليه كار حده مع فرموم وقرروم وصرحب اءنتني‪.‬‬
‫مجيعــر ويريــد هلــم ا ــري‪ ،‬فــإم ا ــتن أحـ ًـدا مــنام‬
‫واحلقيقــة ال ـ مريــة فياــر أم هللا مـ وج ـ حيــب مبــرد ً‬
‫بشــيأ فاــو ســبحرله يريــد مــر وراأ بلــأ أم يشــكر ملياــر‪ ،‬وأم ينفــع مبــرد بــه كاــر جــرأ يف احلــديث‪« :‬إك هلل‬
‫أقوامااا اتصااه بااالنع ملنااا و العبااادأ ويقااره يهااا مااا بااذلوهاأ ااإذا منعوهااا نزعهااا ماانه حوَّلااا إي‬
‫تعاااي ا‬
‫غًره »(‪.)1‬‬
‫***‬

‫(‪ )1‬صحيح اءرمع الص ري‬

‫‪38‬‬
‫ثانيااو من مظاهر حب هللا لاو‬
‫هدايته وعصلته ودوال عا يتا ا اه‬
‫لصنر ممر سب أله قب أم تولد وطرج إىل الدلير ا تررحم هللا م وج لتكوم مر خملوقرته‪ ،‬وأكرمأ أكثر‬
‫احدا مر با آدم‪ ،‬وا تررحم هلذا ال مرم ابنًر ألبوير مسلاني لرطقني برلعربية‪.‬‬
‫وأكثر فجعلأ و ً‬
‫أح روحأ يف شك منرسب‪ ،‬ومرفرحم مر كثري مر األمراس ا لقية قب أم تبدأ رحلتأ ملى األرس‪.‬‬
‫واستار فأله مليأ ح يومأ هذا‪...‬‬
‫استار فأله يف لعاة العرفيـة‪ ،‬فقـد حفظـأ طيلـة سـنوات ماـرحم املرضـية مـر اإلصـربة بـأمراس كثـري ‪ ،‬وإبا‬
‫مر أردت أم تعرر حجم هذا احلفظ‪ ،‬فتأم ك صرحب مرس قد مرفرحم هللا منه‪.‬‬
‫م رت ب آ ر األمراس ال تصيب أجا اءسم وأمأرأ املختلفة قد مرفرحم هللا منار‪.‬‬
‫اضـر طـري ‪،‬‬
‫لو ملا مدد الفريوسرت والكرئنرت الدقيقة ومسببرت األمراس ال حتيري بنر‪ ،‬وتسـبب أمر ً‬
‫ـركرا هلل مـ وجـ ملـى حفظـه لـأ‬
‫مينعار مر مارمجتنر إ هللا م وج ‪ ،‬هلرم إىل السـجود الطويـ ش ً‬ ‫وال‬
‫طيلة هذ السنني‪ ،‬ولسألته دوام ومترم العرفية‪.‬‬
‫هدايته لا‬
‫أ ي القررئ‪ ,‬ير مر أكرمأ هللا م وج برإلميرم‪.‬‬
‫أتــدري مــر الــذي حــده معــأ لتكــوم مــر أهـ املســرجد‪ ،‬بـ مــر أهـ الصــال أصــال‪ ،‬ومــر أهـ الصــيرم‬
‫والذكر والصدقة وفع ا ري؟!‬
‫لقد حبب هللا إىل قلبأ اإلميرم‪ ،‬وشرح له صدرحم‪ ،‬وكـر إليـأ طريـ الأـالل وال ـي‪ ،‬ولـو أردت أم تـدرحم‬
‫حجم هذ النعاة العظياة فتأم أقرالأ وجريالأ‪ ،‬وزمالأ دراستأ‪.‬‬
‫كم واحد منام مثلأ يف تدينأ والت امأ؟!‬

‫ضا ُ‬
‫يدا يف بلـأ؟! وهللا‪ ،‬بـ هـو حمـض الفأـ اإلهلـي الـذي مـر هللا بـه مليـأ ‪َ ‬ولَ ماوالَ َ م‬ ‫أتظر أم لأ ً‬
‫َحد أَبَ ادا َولَ ِر َّن هللاَ يُا َزّمكِ َمن يَ َ‬
‫شاضُ‪[ ‬النور‪.]21 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫هللا َعلَمي ُر م َوَب ممحَتُهُ َما َمَكا من ُر ّمم من أ َ‬

‫‪39‬‬
‫إم ك صال صليتار كرم هللا سبحرله سببًر يف أدائأ إيرهر‪.‬‬
‫فقد كرم مر املاكر أ جتد يف لفسأ مهة و م مية للقيرم هبر‪ ،‬ب فتور وتكرس ‪.‬‬
‫كرم مر املاكر أم يصيبأ شيأ يقعدحم‪ ،‬ويعيقأ مر أدائار‪.‬‬
‫كــرم مــر املاكــر أم يأتيــأ مــر يشـ لأ مناــر‪ ,‬يأتيــأ اتصــرل هــرتفي طويـ ‪ ،‬أو حتــده مشــكلة تتــد‬
‫حللار أو ‪...‬‬
‫كرم مر املاكر أم تذهب إىل أدائار فال يطرومأ لسرلأ ملى الذكر‪ ،‬و أمأرغحم ملى احلركة‪.‬‬
‫هذ هي احلقيقة‪ ،‬فرلذي مكنأ مر هذا كله وأزال منأ العوائ وشرح صـدرحم ألدائاـر هـو ربـأ الـودود‪،‬‬
‫فل ــير بين ــأ وب ــني ت ــرحم الص ــال إ أم يرتك ــأ هللا مـ ـ وجـ ـ لنفس ــأ وحبا ــر ال ــدائم للراح ــة وكرها ــر املعا ــود‬
‫للتكليف‪.‬‬
‫وكر ملى يقني بأم الفأ اإلهلي حيده مع ك صال تصليار‪ ،‬وكـ صـوم تصـومه‪ ،‬وكـ صـدقة تتصـدق‬
‫ ِت َبِلا ي ِ‬
‫وح إِ ََّ‬ ‫ِ‬
‫ا َبِّم ‪[ ‬سبأ‪.]50 :‬‬ ‫هبر‪ ،‬وك تسبيحة تسبحار ‪َ ‬وإِك ماهتَ َديم ُ َ ُ‬
‫العصلة‬
‫أمــر مــر مظــرهر حــب ربــأ لــأ يف جرلــب العصــاة مــر الفجــور والكفــر فاــر الصــعب إدراحم أبعردهــر‪،‬‬
‫ويكفيأ يف بلأ أم ك معصية حتـده ملـى وجـه األرس مـر كفـر واسـتا اأ برلـدير‪ ،‬وإحلـرد‪ ،‬وسـرقة‪ ،‬وزلـر‪ ،‬و‬
‫تعرم برلربر‪ ،‬وأك أموال النرس برلبرط ‪ ،‬و ش‪ ،‬و داع‪ ،‬ورشو ‪ ،‬ومقوق للوالدير‪ ،‬و‪....‬‬
‫كـ هـذ املعرصـي و ريهـر مينعـأ مــر القيـرم هبـر سـو ربـأ الــذي كرهـأ فياـر‪ ،‬وصـرر بهنـأ مناــر‪،‬‬
‫وأبعدحم مر طريقار‪ ،‬وأبعدهر مر طريقأ‪.‬‬
‫فإم قل ‪ :‬وه مر املاكر أم أفع بلأ وألر ي أقرتر شيًر منار طيلة حيريت‪ ،‬وي أفكر فيار؟‬
‫لعم أ ي‪ ،‬مر املاكر أم يفعلار أي واحد منر لو تركه هللا م وج وي يعصاه منار‪ ،‬فال يوجد يف البشـر‬
‫مــر يستعصــي ملــى فع ـ املعصــية – ص ـ ري أو كبــري – وبلــأ لطبيعــة الــنفر البش ـرية األمــرر برلســوأ ووجــود‬
‫الشيطرم الذي يوسوس وي ير للنفر فع املعرصي‪.‬‬
‫ال‪‬‬ ‫ين أَك نَّا معبُا َد م‬
‫اَّصانَ َ‬ ‫االنُمب ِين َوبَِ َّ‬
‫فإم كن يف شأ مر هذا فتأم معي دمرأ إبراهيم مليه السالم لربـه ‪َ ‬و م‬

‫‪40‬‬
‫[إبراهيم‪ .]35 :‬وكذلأ يوسف الصدي مليه السالم منـدمر اسـتجرر بربـه ليصـرر منـه فعـ السـوأ ‪َ ‬وإِالَّ تَ م‬
‫صا ِر م‬
‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ب إِلَمي ِه َّن َوأَ ُكن ّمم َن ا مجلَاهل َ‬
‫ني‪[ ‬يوسف‪.]33 :‬‬ ‫َع ِّمين َك مي َد ُه َّن أ م‬
‫َص ُ‬
‫لاذا تقول لربا بعد ذلا؟!‬
‫مربا تقول ملر مصاأ مر الكفر والفسوق والعصيرم؟!‬
‫مربا تقول ملر اجتبرحم وهداحم إىل صراطه املستقيم؟!‬
‫أ ينب ي لنر أم لـردد – بيقـني – مـر كـرم يقولـه رسـولنر صـلى هللا مليـه وسـلم لربـه يف صـبرح كـ يـوم‪ :‬وإناا إك‬
‫ترلااين إي نفس ا ترلااين إي ضااعفأ وعااوبنأ وذنااب وخطيئااةأ وإ ال أث اق إال برمحتااا(‪ .)1‬ولقــول‪ :‬ا م ل ا ُد ِ‬
‫هلل‬ ‫َم‬
‫الَّ ِذي َه َدانَا َِّلََذا َوَما ُكنَّا لِنَا مهتَ ِد َي لَ موالَ أَ مك َه َدانَا هللاُ‪[ ‬األمرار‪.]43 :‬‬
‫***‬

‫(‪ )1‬حسر‪ ،‬روا أمحد والطرباين واحلركم‪ ،‬وقرل صحيح اإلسنرد‪ ،‬وحسنه األلبرين يف صحيح الرت يب والرتهيب ح (‪.)657‬‬

‫‪41‬‬
‫ثالِااو من مظاهر حب هللا لاو‬

‫قيامه على شئونا‬


‫شخصر مر يقوم برمريتأ برستارار‪ ،‬ويدير ك ش ولأ‪ ..‬يأتيأ برلطعرم والشرام وسرئر‬
‫ً‬ ‫طي معي لو أم‬
‫مر حتترج‪.‬‬
‫تريد املرأ فتجد يسررع بإحأرر ‪ ،‬وسقريته لأ‪.‬‬
‫تريد الطعرم فيشرتيه ويطايه وينرولأ إير ‪ ،‬ب يطعاأ بنفسه‪.‬‬
‫حيا منأ أ راضأ‪ ،‬ويقأي لأ حوائجأ‪.‬‬
‫سرهرا جبوارحم‪ ،‬حيرسأ وحيايأ‪ ،‬ويطا ر مليأ‪.‬‬
‫ً‬ ‫تنرم فيظ‬
‫شخصر يفع معأ بلأ ك يوم وبدوم مقرب ‪ ..‬مربا ستكوم مشرمرحم حنو ؟!‬
‫ً‬ ‫طي لو أم‬
‫أليس مشرمر ا متنرم واحلب هي ال ست ارحم جترهه؟!‬
‫فإم كرم مر الطبيعي أم تتالكأ هذ املشـرمر جتـر مـر يتـوىل رمريتـأ يف بعـض جوالـب حيرتـأ‪ ،‬فاـربا‬
‫ينب ــي أم تكــوم مشــرمرحم جتــر مــر يتــوىل القيــرم ملــى مجيــع ش ـ ولأ منــذ أم ولــدت وح ـ يومنــر هــذا‪ ..‬وح ـ‬
‫حلظتأ هذ ؟!‬
‫ال حول وال قون إال باهلل‬
‫لقــد لقنــر هللا م ـ وج ـ مــر العــدم وجع ـ لنــر الســاع واألبصــرر واألف ــد واألط ـرار واألجا ـ املختلفــة‬
‫كأسبرم تتيسر لنر مر الهلر احلير بال من صرت‪.‬‬
‫هــذ األس ــبرم متل ــأ يف لفس ــار الق ــدر الذاتي ــة مل ــى القي ــرم بوظرئفا ــر املختلف ــة‪ ،‬فرلعأ ــالت‪ -‬م ــثال‪-‬‬
‫لقار هللا م وج ولديار القربلية لاللقبرس وا لبسرط‪ ،‬لكر الذي ميدهر برلفرملية والقدر ملى بلأ هو هللا‬
‫سبحرله وتعرىل‪ .‬يف ك حلظة وطرفة مني ميدهر سبحرله ر يكف هلر القيرم بوظيفتار ولو طلـى مناـر طرفـة مـني‬
‫ملر القبأ ‪ ،‬و البسط ‪ ،‬فإبا أردت الأحأ تطرومأ مأالت فاأ فيار تريد ألهنر بدوم املـدد اإلهلـي‬
‫ا َوأَبم َرى‪[ ‬النجم‪.]43 :‬‬
‫ض َح َ‬‫تبقي مرج ‪َ ‬وأَنَّهُ ُه َو أَ م‬

‫‪42‬‬
‫هذ هي احلقيقة فاو سبحرله الذي أضحأ وأبكى‪ ،‬وهو الذي أقرم وأقعد‪ ،‬وهو الذي حرحم وسكر‪.‬‬
‫ليـة تعاـ يف جسـاأ فـإم ربـأ هـو‬ ‫لعم‪ -‬أ ي القررئ‪ -‬قياـة ألحـد منـر بـدوم هللا‪ ،‬وكيـف وكـ‬
‫القرئم مليار‪ ،‬وملى تدبري ش وهنر‪.‬‬
‫القلب يتعرهد وحيفظه ويتوىل ضبري سرمة ضخه للدم‪.‬‬
‫اللقاة ال تأكلار يف فاأ يتوىل سبحرله وتعرىل مالية تسيريهر وهأاار وامتصرص النرفع منار‪ ،‬وإ راج‬
‫مر ينب ي إ راجه‪.‬‬
‫النَـ َفر الذي تتنفسه يتـوىل سـبحرله ماليـة د ولـه إىل الـرئتني وأ ـذ مـرد األكسـجني منـه وإ راجـه حماـال‬
‫بثرين أكسيد الكربوم‪.‬‬
‫مجيعر ويتوىل أمر حفظام وإمدادهم برلقـدر ملـى‬
‫ال ُكلية يعا هبر حوايل مليوم جارز ترشيح يقوم مليام ً‬
‫تنقية الدم والسوائ مرات ومرات يف اليوم الواحد‪.‬‬
‫يقوم سبحرله ملى اءارز العصض واإلحسرس‪ ,‬وملى اءارز املنرمي‪ ،‬وملى ال دد ومر تفرز مر هرمولـرت‬
‫دومر إىل ضبري لسبار الدقيقة يف الدم‪.‬‬
‫حتترج ً‬
‫ق ــرئم مل ــى ال ــدم‪ ،‬وض ــبري درج ــة س ــيولته يف ك ـ حلظ ــة‪ ،‬فل ــو زادت حل ــده الن ي ــف ول ــو لقص ـ لكرلـ ـ‬
‫اءلطرت والعيرب برهلل‪.‬‬
‫يتوىل سبحرله أمر إبصررحم برلعني‪ ،‬ومسرمأ برألبم‪ ،‬ولطقأ برللسرم‪.‬‬
‫الرياح لَواقِح َأَنمازلمنا ِمن َّ ِ‬
‫ااض‬
‫الس َلاض َم ا‬ ‫ميدحم برملرأ وميكنأ مر شربه‪ ،‬وميد برلقدر ملى إروائـأ ‪َ ‬وأ مَب َسلمنَا ّمَِ َ َ َ َ َ َ‬
‫َس َق ميانَا ُك ُلولُ َوَما أَنماتُ م لَهُ ِِبَا ِمنِ َ‬
‫ني‪[ ‬احلجر‪.]22 :‬‬ ‫َأ م‬
‫سااا ُك إِ َي طَ َع ِاما ِاه ‪ ‬أَنَّااا‬
‫يتــوىل أمــر إنــرر الطعــرم بألوامــه لتجــد أمرمــأ يف أي وقـ تشــرأ ‪َ ‬الميَنظُا ِر ا ِأنم َ‬
‫ض ااباا ‪َ ‬وَميماتُوناااا َوَالما اثا ‪‬‬ ‫يه ااا َحبًّااا ‪َ ‬و ِعنَباااا َوقَ م‬ ‫ِ‬
‫م َش ا ًّاقا ‪َ ‬أَنمابَمتانَااا َ‬
‫صا ابًّا ‪ُ ‬مثَّ َشا ا َق مقنَا اَّ مَب َ‬
‫ااض َ‬
‫ص اابَمبانَا ال َمل ا َ‬
‫َ‬
‫اعا لَّ ُر م َوََّنما َع ِام ُر م ‪[ ‬مبر‪.]32 -24 :‬‬ ‫َو َح َدائِ َق غُلمباا ‪َ ‬و َاكِ َهةا َوأَبًّا ‪َ ‬متَ ا‬
‫يوحي إليأ فع ا ريات وحيببار إليأ‪ ،‬ويصرر منأ فع املنكرات ويكرهأ فيار‪.‬‬
‫جيعلأ تنرم لرتترح‪ ،‬ويتوىل حفظأ وأل لرئم‪ ،‬مث هو الذي يوقظأ ويرد إليأ روحأ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫قريب منأ‪ ..‬أقرم ممر تتخي ‪ ،‬جييب دمرأحم إبا لرديته بصدق وطلب منه حرجتأ‪.‬‬
‫َّاع إِ َذا َد َع ِ‬ ‫ادي َع ِّمين َِإِّم قَ ِر ِ‬ ‫ا ِعب ِ‬
‫اك‪[ ‬البقر ‪.]186 :‬‬ ‫يب َد مع َو َن الد ِ‬
‫يب أُال ُ‬ ‫ٌ‬ ‫‪َ ‬وإِ َذا َسأَلَ َ َ‬
‫يو ال َمعلِاي ُ ‪‬‬ ‫اك نَازهٌ َاست ِع مذ بِ ِ‬ ‫َّا ِم َن َّ‬
‫اهلل إِنَّهُ ُهاو َّ ِ‬
‫السال ُ‬ ‫َ‬ ‫مَ‬ ‫الش ميطَ ِ م‬ ‫حيايأ مر لفسأ ومر مدوحم ‪َ ‬وإِ َّما يَا منا َزغَن َ‬
‫‪.]36 :‬‬ ‫[فصل‬

‫حيفظ لأ أو دحم وأهلأ «الله أن ِت الصاحب و السفر واْلليفة و اَّه »‪.‬‬


‫فاربا تقول ملر يفع معأ ك هذ األمور و ريهر ك يوم ومنذ أم ولدت؟!‬
‫مربا تقول ملر يطعاأ ويسقيأ وإبا مرض فاو الذي يشفيأ؟!‬
‫فلرتدد معي قوله صلى هللا مليـه وسـلم‪« :‬ا لاد هلل الاذي يطُعا ِ وال يُطعا َ أ م َّان عليناا هاداناأ وأطعلناا‬
‫اودع ب أ وال مرا اأ وال مرفاوب وال مسات ين عناهأ ا لاد‬ ‫وسقاناأ وك بثض حسن أبثنااأ ا لاد هلل غاًر م ّم‬
‫العلا أ‬
‫صار مان َ‬ ‫العريأ وهدا من الضثلةأ وبَ َّ‬ ‫هلل الذي أطع من الطعالأ وسقى من الشرابأ وكسا من ُ‬
‫ض على كًِر ممن خلق تفضيثأ ا لد هلل بب العاملني»(‪.)1‬‬ ‫و ّم‬
‫***‬

‫(‪ )1‬أ رجه النسرئي وابر السا واحلركم وابر حبرم‪ ،‬وقرل احلركم‪ :‬صحيح ملى شرط مسلم‪ ،‬ووافقه الذهض‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ابعاو من مظاهر حبه لاو‬
‫با‬
‫تسخيا ار الروك لا‬
‫ـخرا دمتـه‪ ،‬يعاـ مـر‬
‫مبدا له‪ ،‬وسيدا ملر سـوا ‪ ،‬فلقـد جعـ الكـوم احملـيري بـه مس ً‬ ‫هللا م وج ل اإللسرم ليكوم ً‬
‫ض َع َها لِألنَ ِال‪[‬الرمحر ‪.]10 :‬‬
‫م َو َ‬ ‫أج راحته ‪ُ ‬ه َو الَّ ِذي َخلَ َق لَ ُر َّما ِو اَّ مَب ِ‬
‫م َِ‬
‫َج ايعا‪[ ‬البقر ‪َ  ]29 :‬واَّ مَب َ‬
‫الظــر‪ -‬مــثال‪ -‬إىل الســارأ فسـتجد الشــار تتحــرحم حركــة دائبــة كـ يــوم مــر املشــرق إىل امل ــرم‪ ،‬ي طلــد‬
‫يومر إىل الراحة‪ ،‬وكيف تفع بلأ وت يب منر وهي مأمور بإمدادلر برلأيرأ والطرقة؟‬ ‫ً‬
‫والقار كذلأ يتحرحم حركة دائبة مر أول يوم يف الشار العريب يكوم فيه هال ً يكرب يومر بعد يوم فيكـوم‬
‫بدرا يأـيأ السـارأ مث يعـود كاـر كـرم يف هنريـة الشـار فيسـرمدلر بـذلأ ملـى معرفـة األيـرم والشـاور ‪‬هللاُ الَّ ِاذي‬ ‫ً‬
‫اا‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م َوأَنم ا َاز َل ما َان َّ‬ ‫ِ‬
‫َّر لَ ُرا ُ الم ُف ملا َ‬
‫ااض َاأَ مخ َر َ بااه ما َان الِ ََّلا َارات ب ممقاااا ل ُرا م َو َسااخ َ‬
‫السا َالاض َما ا‬ ‫السا َال َاوات َواَّ مَب َ‬ ‫َخلَا َاق َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫َّر لَ ُر ا ُ الل مي ا َ‬ ‫ل َوالم َق َلا َار َدائِبَا َ‬
‫اني َو َسااخ َ‬ ‫َّر لَ ُر ا ُ َّ‬
‫الشا مال َ‬ ‫ااب ‪َ ‬و َسااخ َ‬ ‫ي ِو المبَ مح ا ِر ب اأ مَم ِرل َو َسااخ َ‬
‫َّر لَ ُر ا ُ اَّنما َها َ‬ ‫لتَ مج ا ِر َ‬
‫اب‪[ ‬إبراهيم‪.]33 -32 :‬‬ ‫َّه َ‬
‫َوالنا َ‬
‫أن ِت القائد‬
‫أل قرئد هذا الكوم أيار اإللسرم‪ ،‬فك مر فيه مسخر دمتأ‪..‬‬
‫الظر إىل جساأ وتأم مر فيه مر جوالب التسخري وا دمة لأ أيار املكرم‪ ..‬فعينأ ُمسخر لرت هبر‬
‫لتعرب مر الله مار تريد ‪ ،‬ويدحم للبطش والكتربة‪ ،‬والتسبيح‪،‬‬
‫مر حولأ‪ ،‬ولسرلأ مر هو إ ردم لأ ّ‬
‫ورجلأ للحركة والذهرم إىل‬
‫حيث تشرأ‪.‬‬
‫ك هذا يتم دوم امرتاس أو متنُّع‪ ،‬ب استسالم ترم والقيرد ترم ألوامرحم‪.‬‬
‫يومــر يف الطعــرم الــذي تأكلــه كيــف تــتم رحلتــه دا ـ جســاأ فيحــده مــر الهلــر اهلأــم‬
‫ه ـ فكــرت ً‬
‫وا متصرص وإ راج الفأالت‪.‬‬
‫إم األجا الدا لية تعا دا لأ ليـ هنـرر لتقـوم ملـى راحتـأ‪ ،‬فـال جتاـد بهنـأ يف التفكـري مـر كيفيـة‬
‫مالار ومربا حيده يف دا الرئتني أو القلب أو الكبد أو‪....‬‬

‫‪45‬‬
‫تفكر يف كيفية الت رم جرح مر اءروح فانرحم مر يقوم بذلأ‪.‬‬
‫أرح لفسأ مر هذا كله فانرحم دم كثريوم حيصى مددهم يقوموم ملى دمتأ‪.‬‬
‫أيها املدل‬
‫الظر إىل طعرمأ وطي أم هذ ا أروات والفواكه لر تكوم موجود هبذ السـاولة‪ ،‬وأم املطلـوم منـأ‬
‫هو أم تقوم بنفسأ ملى مالية استخراجار مر مكولرتر األصلية‪.‬‬
‫كم مر الوق واءاد ستبذله للحصول ملى بعض نرر ا يرر مثال‪ ،‬ب ملى نر واحد ؟!‬
‫أيار املدل ‪...‬‬
‫أتدري أم هنرحم مصرلع تعد و حتصى موجود حت األرس وفوقار تعا ليـ هنـرر‪ -‬بـإبم رهبـر‪ -‬مـر‬
‫أج أم توفر لأ ش ألواع األطعاة ومر مليأ إ أم جتاع إلترجار‪ ،‬وطترر منه مر يروق لأ؟!‬
‫ختي مث ختي‬
‫طي ‪ -‬أ ي القررئ‪ -‬أم الدابـة الـ تسـتخدمار يف تنقالتـأ مـر مكـرم آل ـر‪ ،‬قـد ألطقاـر هللا مـ وجـ ‪،‬‬
‫فـإبا هـي تســألأ قبـ حتركاــر بـأ مـر وجاتــأ‪ ،‬وملـربا تــذهب إىل هـذا املكـرم‪ ،‬وكــم مـر الوقـ ستسـت رقه فيــه‬
‫و‪.....‬‬
‫طي أم املرأ الذي تريد شربه يتحرحم يف فاأ‪ ،‬ب يسألأ ملربا تشرم اآلم؟ أي تشرم منذ قلي ؟!‬
‫طي ألأ تريد الكتربة فال تتحرحم معأ يدحم ب توخبأ ملى كثر استخدامار ومدم إمطرئار راحتار‪.‬‬
‫طي بلأ وطي أم كـ مـر حولـأ مـر املخلوقـرت يـتكلم‪ ،‬وينـرقش قبـ قيرمـه بتنفيـذ األوامـر‪ ..‬مث اسـأل‬
‫لفسأ كيف ستكوم احلير هبذا الشك ؟!‬
‫تسـت رم – أ ــي‪ -‬هـذا الكــالم‪ ،‬فبرلفعـ قــد ألطـ هللا بقـر يف مصــر مـر العصــور السـربقة لتكــوم آيــة‬
‫للنرس تشعرهم يجم لعاة التسخري‪ ،‬ولعاة صا الكرئنرت مر حولنر‪.‬‬
‫فعــر أيب هريــر رضــي هللا منــه قــرل‪ :‬صــلى رســول هللا صــلى هللا مليــه وســلم صــال الصــبح‪ ،‬مث أقب ـ ملــى‬
‫النرس‪ ،‬فقرل‪« :‬بينا بال يسوق بقرن إذ بكبها ضرّباأ قال ِتو إنَّا جي اللق َّلاذاأ إَاا خلقناا للحار أ قاال‬

‫‪46‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫النا‪،‬و سبحاك هللاأ بقرن تترل ؟ قالو إ أومن ّبذا أنا وأبو برر وعلر‪.»...‬‬
‫س نفسا‬
‫وبعد أم طيل مر طيل ‪ ،‬س لفسأ‪:‬‬
‫ه يرفض املرأ إرواأحم‪ ،‬والطعرم إشبرمأ؟!‬
‫ه ترفض الدوام محلأ إىل املكرم الذي تريد ولو كرم يرضي هللا م وج ؟!‬
‫ه امتنع النرر مر اإلحراق واملرأ مر ال ليرم؟!‬
‫يومر مر اإلشراق‪ ،‬واللي مر اإلظالم؟!‬
‫ه امتنع الشار ً‬
‫تأم ـ مث تأم ـ هــذا اللــوم العجيــب مــر لعــم التســخري والتكــر لــأ أياــر اإللســرم واســأل لفســأ‪ -‬مــر‬
‫أ ر ‪ -‬ملربا مي حم هللا مر سرئر خملوقرته؟!‬
‫وملربا هيأ الكوم كله دمتأ‪ ،‬وجعلأ قرئد وسيد ؟!‬
‫ُ لقـ ألجلاــر‪ ،‬ومــر مث د ــول‬ ‫هـ هنــرحم جـوام آ ــر ــري ألــه حيبــأ ويريــد لــأ النجــرح يف املااــة الـ‬
‫اءنة والتاتع بنعياار األبدي؟!‬
‫مباا خلقتاه لاا علاا‬ ‫جرأ يف األثر‪« :‬يا ابن آدل خلق ِت ك ش ض لااأ وخلقتاا لنفسا أ اث تشات‬
‫خلقتا له»‪.‬‬
‫***‬

‫(‪ )1‬روا البخرري (‪.)3471‬‬

‫‪47‬‬
‫خامساو من مظاهر حبه لا‬
‫ا‬
‫كرمه البالغ وهدايال املتنوعة إليا‬
‫إم مي ام العدل يقـول إم مـر ماـ حسـنة كـرم جـ اغ حسـنة‪ ،‬ومـر ماـ سـي ة كرلـ مليـه سـي ة‪ ،‬ولكـر‬
‫ِ‬
‫سنَةا نَّ ِز مد لَهُ َ‬
‫يها ُح مسناا‪[ ‬الشور ‪.]23 :‬‬ ‫مي ام الكرم والفأ اإلهلي له رأي آ ر ‪َ ‬وَمن يَا مق َِِت م‬
‫َ َح َ‬
‫كرمــر منــه ســبحرله وتعــرىل‪ ،‬وحبًــر لعبــرد ‪ ،‬ور بــة يف د ــوهلم‬ ‫فايـ ام احلســنرت خيتلــف مــر ميـ ام الســي رت‪ً ,‬‬
‫السايِّمئَ ِة َاثَ ُمن َازا إِالَّ ِمِمالَ َهاا َو ُها م الَ يُظملَ ُلاو َ‬
‫ك‪[ ‬األلعـرم‪:‬‬ ‫ااض بِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫اءنة ‪‬من الاض بِا م ِ‬
‫سانَة َالَاهُ َع مش ُار أ مَمَِاَّلَاا َوَمان َال َ‬
‫َ َ َ ََ‬
‫‪.]160‬‬

‫تأمـ أ ــي القــررئ قولــه صــلى هللا مليــه وســلم‪ « :‬لاان ه ا َّ َساانة ل ا يعللهااا كتبهااا هللا عناادل حساانة‬
‫كاملةأ إك هو ه َّ ّبا عللها كتبها هللا له عندل عشار حسانات إي سابو مائاة ضاعف إي أضاعاَ كِاًرنأ‬
‫وماان ها َّ بساايئة لا يعللهااا كتبهااا هللا لااه عناادل حساانة كاملااةأ ااإك هااو ها َّ ّبااا عللهااا كتبهااا هللا لااه ساايئة‬
‫( ‪)1‬‬
‫واحدن»‪.‬‬

‫فــإم كنـ يف شــأ مــر جــود وكرمــه فاــربا تقــول يف قولــه صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬ماان قااال ساابحاك هللا‬
‫( ‪)2‬‬
‫وَلدل و يول مائة مرن ُحط ِت ذنوبه وإك كان ِت مِ مبد البحر»‪.‬‬

‫ومربا تقول يف قوله صلى هللا مليه وسلم‪« :‬من قالو ال إله إال هللا وحدل ال شريا لهأ لاه امللااأ ولاه‬
‫( ‪)3‬‬
‫عشراأ كاك كلن أعتق بقبة من ولد إَساعي »‪.‬‬
‫ا لدأ وهو على ك ش ض قديرأ ا‬
‫و ري بلأ مر األمارل املترحة للجايع يف أي وق ‪ ،‬وال رتب هللا ملى أدائار مظيم الثوام‪.‬‬
‫من اَّمًر؟‬
‫جع هللا م وج لك مبد مر مبرد ملكرم حيصيرم مليه أمارله‪َ ,‬ملَأ ملى الياني يكتـب احلسـنرت‪،‬‬
‫وملأ ملى الشارل يكتب السي رت‪ ،‬فار هو األمري الذي له الكلاة ملى اآل ر؟!‬

‫(‪ )1‬روا البخرري ح (‪.)6010‬‬


‫(‪ )2‬متف مليه‪.‬‬
‫(‪ )3‬متف مليه‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫يقول صلى هللا مليه وسلم‪« :‬صاحب اليلني أمًر على صاحب الشلالأ إذا عل عبد حسانة كتبهاا‬
‫بعشر أمِاَّلاأ إذا عل سيئة أباد صاحب الشلال أك يرتبها قال له صاحب اليلنيو أمسااأ يلساا‬
‫( ‪)1‬‬
‫س ِت ساعاتأ إك است فر منها جي يرتب عليه شيئااأ وإك جي يست فر ُكتب ِت عليه سيئة واحدن»‪.‬‬
‫أأدرك أ ي قدر املعرملة الكرمية ال يعرملنر هللا هبر؟!‬
‫كرمي و عطايال‬
‫فحــده و حــرج‪ ..‬الظــر معــي إىل أصــنرر‬ ‫هــذا مــر لرحيــة الكــرم يف اءـ اأ‪ ،‬أمــر الكــرم يف العطــرأ والـرزق ّ‬
‫الفواكـه مــثال‪ ،‬أي يكـر يكفينــر صـنف أو صــنفرم يـ ُـد الم السـرور ملينــر‪ ،‬ولتاتـع بلذيــذ طعااـر؟! ولكنــه الكــرم‬
‫اإلهلي ال ري حمدود الذي أترح لنر هذ األلواع الكثري كي لتاتع هبر‪ ،‬ب إم الصنف الواحد لـه مـد صـور‪ ،‬وقـ‬
‫مث هذا ملى ا أروات والطيور واألمسرحم‪ ..‬هذا مع العلم بألنر ي لعرر بعد ك ألواع هذ املأكو ت‪.‬‬
‫ب العجيب أم هنرحم خملوقرت لقار هللا مـ وجـ إلشـرمة الباجـة يف لفوسـنر منـد رغيتاـر ‪َ ‬وأَنما َاز َل لَ ُرا‬
‫ِمن َّ ِ‬
‫اض َأَنمابَمتانَا بِ ِه َح َدائِ َق ذَ َ‬
‫ات بَا مه َجة‪[ ‬النا ‪.]60 :‬‬ ‫الس َلاض َم ا‬ ‫ّم َ‬
‫اَّلدايا املتنوعة‬
‫لقــد وصــرلر لبينــر صــلى هللا مليــه وســلم برلتاــردي فياــر بيننــر لي ـ داد احلــب‪ ،‬فرهلديــة هلــر تــأثري مجيــب يف‬
‫( ‪)2‬‬
‫استارلة القلوم جتر ُمعطيار؛ قرل صلى هللا مليه وسلم « ادوا وابوا»‪.‬‬
‫هذ الوسيلة العظياة بات األثر اجملرم يف تناية احلـب يفعلاـر معنـر ربنـر برسـتارار‪ ،‬فاـداير تنقطـع منـر‬
‫ر م إمراضنر الشديد منه‪ ,‬يتحبب هبر إلينر ح ل داد له حبًر‪ ،‬وهو مـر هـو‪ ..‬هـو اإللـه العظـيم الـذي أـع‬
‫له الساروات واألرس واءبرل والبحرر وك شيأ يف هذا الكوم‪ ..‬هو هللا الذي له ملكوت ك شيأ‪.‬‬
‫هو الرم ال ا الذي ينتظر مر مبرد طرمة تنفعه‪ ،‬و خيشى منام معصية تأر ‪ -‬حرشر ‪ -‬هـذا اإللـه‬
‫جبالله وكارلـه وملكـه العظـيم يتـودد ويتحبـب إلينـر بإرسـرل حتفـه وهـداير كـ حـني‪ ,‬قـرل صـلى هللا مليـه وسـلم‪:‬‬
‫«إك ل اربر و أيااال دهاارك نفحااات تعرضااوا َّلاااأ لع ا أحاادك أك يصاايبه منهااا نفحااة ال يشااقى بعاادها‬

‫(‪ )1‬ضعيف‪ ،‬أورد األلبرين‪ ،‬يف السلسلة الأعيفة ح (‪.)2237‬‬


‫(‪ )2‬حسر‪ ،‬روا أبو يعلي يف مسند ‪ ،‬وحسنه األلبرين يف صحيح اءرمع (‪.)3004‬‬

‫‪49‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫أب ادا»‪.‬‬
‫ومر هذ النفحرت واهلداير‪ :‬يوم مرفة‪ ..‬فإم صاته أ ي القررئ ُفر لأ بلوم مرمني‪ ,‬مرم سـرب ومـرم‬
‫ح ‪ ،‬وإم استطع أم تكوم يف أرس مرفة يف هذا اليـوم تسـت فر ربـأ ُفـرت كـ بلوبـأ‪ ،‬وأصـبح كيـوم‬
‫ولدتأ أمأ‪ ..‬بال بلوم و طرير‪.‬‬
‫وكذلأ يوم مرشوراأ فار صرمه ُفرت له بلوم مرم كرم ‪.‬‬
‫واءاعة إىل اءاعة كفرر ملر بيناار إبا مر اجتنب الكبرئر‪.‬‬
‫ويف شار رمأرم‪ :‬الفريأة فيه بسبعني فريأة‪ ،‬والعبرد يف ليلة القدر ري مر مبرد ألف شار‪.‬‬
‫فاربا تقول ملر ياديأ ك هذ اهلداير بال مقرب ينتظر ؟!‬
‫«يا عبادي لو أك أولر وأخرك وأنسر والنر كانوا على أتقى قلاب بالا مانر ماا ماد ذلاا و‬
‫ملر شيئاا»‪.‬‬
‫الع َجب مر فقري يتودد‪ ،‬وإمنر العجب مر ا يتحبب‪.‬‬
‫قرل بعأام‪ :‬لير َ‬
‫شكرا‬
‫يرضى برحلاد ً‬
‫إم احلقيقــة ال ـ مريــة فياــر أم هلل م ـ وج ـ هــو الــذي يطعانــر ويســقينر ويتــوىل مجيــع ش ـ ولنر برإلمــداد‬
‫والرمرية ولو مر كرل حير ‪.‬‬
‫واملفــرتس أم يكــوم املقرب ـ الــذي لؤديــه هلل م ـ وج ـ كشــكر لــه ملــى لعاــه وإمــداد املتواص ـ لنــر‪ :‬هــو‬
‫ااب الَ‬ ‫ساابِّم ُحو َك اللَّمي ا َ َوالنا َ‬
‫َّها َ‬ ‫الســجود املتواص ـ ‪ ،‬والتســبيح املطل ـ كحــرل الكــوم كلــه ومــر فيــه مــر خملوقــرت ‪‬يُ َ‬
‫يَا مفتُا ُرو َك‪[ ‬األلبيرأ‪.]20 :‬‬
‫ـربا‪،‬‬
‫ولكنــه‪ -‬ســبحرله وتع ــرىل‪ -‬ي يطلــب من ــر بلــأ‪ ،‬ب ـ طلــب أماــر يس ــري تســت رق من ــر وقتًــر معت ـ ً‬
‫ويكفيــأ يف هــذا قوهلصــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬إك هللا تعاااي لًرضااى عاان العبااد أك يأك ا اَّكلااةأ أو يشاارب‬
‫( ‪)2‬‬
‫الشربةأ يحلد هللا عليها»‪.‬‬
‫ب إله سبحرله وتعرىل يعلي مر شأم هذا احلاد كاـر قـرل صـلى هللا مليـه وسـلم «ماا أنعا هللا علاى عباد‬

‫(‪ )1‬روا الطرباين يف األوسري والكبري‪ ،‬وأورد اهليثاي يف جماع الفوائد ‪.230 /10‬‬
‫(‪ )2‬روا مسلم‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫نعلةأ حلد هللا عليهاأ إال كاك ذلا ا لد أ ض من تلا النعلة»‪.‬‬
‫بب شروب‬
‫بال شأ أم هللا م وج هو الذي حيبب إلينر فع ا ري‪ ،‬ويعيننـر ملـى القيـرم بـه‪ ،‬ويصـرر منـر الشـوا ‪،‬‬
‫ي لَ موالَ أَ م‬
‫ك َه َدانَا هللاُ‪[ ‬األمـرار‪:‬‬ ‫ِ ِ‬
‫وي ي العوائ ‪ ،‬فلو سبحرله مر اهتدينر و تصدقنر و صلينر ‪َ ‬وَما ُكنَّا لنَا مهتَد َ‬
‫‪.]43‬‬
‫مظياــر‪ ..‬تأمـ قولــه‬
‫ومــع بلــأ فإلنــر جنــد ســبحرله يُعظّــم أمارلنــر ويكربهــر‪ ،‬ويشــعرلر بألنــر قــد فعلنــر شــيًر ً‬
‫أله اءنة ‪‬ا مد ُخلُوا ا مجلَنَّةَ ِمبَا ُك منتُ م تَا مع َللُو َك‪[ ‬النح ‪.]32 :‬‬
‫أهذ األمارل القليلـة تسـتح هـذا اءـ اأ العظـيم لـو افرتضـنر أم أصـحرهبر برلفعـ قـد قـرموا هبـر دوم إمرلـة‬
‫مــر أحــد؟ فاــر برلــأ واألمــر ــري بلــأ‪ ،‬فــرهلل مـ وجـ هــو الــذي وفقاــم وأمــرهنم للقيــرم هبــر‪ ,‬مث يقــول هلــم بعــد‬
‫ِ‬
‫وبا‪[ ‬اإللسرم‪:‬‬ ‫بلأ وهم يتقلبوم يف صور النعيم يف جنرت ا لود‪ :‬إ َّك َه َذا َكا َك لَ ُر م َال َز ا‬
‫اض َوَكا َك َس معيُ ُر َّم مش ُر ا‬
‫‪.]22‬‬
‫ـريا ويريـد أم يسـرمد دوم أم جيـرح مشـرمر ‪،‬‬ ‫طي لو أم رجال نيًر‪ -‬واسع الثراأ‪ -‬له صدي فقـري حيبـه كث ً‬
‫فاــدا تفكــري إىل أم يطلــب منــه القيــرم بــبعض األماــرل البســيطة ا رصــة بــه‪ ،‬فلاــر قــرم هبــر أمطــر مقربـ بلــأ‬
‫كبريا‪ ،‬وي يكتف بذلأ ب أشعر بأم مر قرم به مر أمارل قد مردت مليـه بنفـع كبـري‪ ،‬وألـه مااـر أمطـر‬ ‫مطرأ ً‬
‫فلر يستطيع أم يوفيه حقه‪ ،‬و‪...‬‬
‫ك هذا ليقب صديقه الفقري أمطيته بنفر راضية‪ ،‬ملى الر م مـر أم هـذا الفقـري يعلـم يف قـرار لفسـه أم‬
‫هذا املقرب يتنرسب بأي حرل مر األحوال مع مر قرم به مر أمارل‪.‬‬
‫اات َع ا مدك‬
‫هــذا تشــبيه‪ -‬مــع الفــررق‪ -‬مل ـر يستشــعر أه ـ اءنــة منــدمر يفــرج وم بنعــيم ميكــر طيلــه ‪َ ‬النَّا ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي مد ُخلُونَاها ُ لَّو َك ِ ِ‬
‫يها َح ِر ٌير‪[ ‬فرطر‪.]33 :‬‬ ‫َسا ِوَب من ذَ َهب َولُ مؤلُاؤا َولبَ ُ‬
‫اس ُه م َ‬ ‫يها م من أ َ‬
‫َ َم َ‬ ‫َ‬
‫فاربا يقولوم بعد بلأ؟!‬
‫ي لَ ماوالَ أَ مك َها َدانَا هللاُ‪[ ‬األمـرار‪ ]43 :‬فـإبا هبـم يفـرج وم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫‪َ ‬وقَالُوا ا مَ مل ُد هلل الذي َه َدانَا َّلَ َذا َوَما ُكنَّا لنَا مهتَاد َ‬
‫اودوا أَك تِمل ُر ا ُ ا مجلَنَّ اةُ أُوِبثماتُ ُل َ‬
‫وهااا ِمبَااا ُك منااتُ م تَا مع َللُااو َك‪‬‬ ‫بنــداأ يقــول هلــم‪ :‬ب ـ هــذا حقكــم وج ـ اأ أماــرلكم ‪َ ‬ونُا ُ‬

‫(‪ )1‬صحيح اءرمع الص ري (‪.)5562‬‬

‫‪51‬‬
‫[األمرار‪.]43 :‬‬
‫كرل عجيب‬
‫تأمـ معــي أ ــي القــررئ هــذا احلــديث الشـريف الــذي خيربلــر مــر حـوار دار بــني آ ــر رجـ يــد اءنــة‪،‬‬
‫وبني هللا م وج ‪ ،‬فعر ابر مسعود رضي هللا منه قرل‪ :‬قرل رسول هللا صلى هللا مليه وسلم‪« :‬إ َّعل آخر‬
‫حبواأ يقول هللا عز والا لاهو‬ ‫والا منهاأ وآخر أه اجلنة دخوال اجلنة‪ .‬بال ار من الناب ا‬ ‫أه الناب خر ا‬
‫اذهب ادخ اجلنةأ يأتيهاأ يخي إليه أما مألاأ ًرالو يقولو ياا بب والاد ا ماألا! يقاول هللا عاز‬
‫والا لااهو اذهااب ادخا اجلنااةأ ااإك لااا مِا الاادنيا وعشاارن أمِاَّلااا أو أك لااا مِا عشاارن أمِااال الاادنياأ‬
‫يقولو أتسخر أ أو تضحا وأن ِت امللا» قرل‪ :‬فلقد رأي رسول هللا × ضـحأ حـ بـدت لواجـذ ‪،‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫فكرم يقول‪« :‬ذلا أد أه اجلنة منزلة»‪.‬‬
‫ويف هنرية احلـديث مـر مظـرهر الكـرم اإلهلـي أتركـأ‪ -‬أ ـي‪ -‬تتأمـ قـول رسـول هللا صـلى هللا مليـه وسـلم‪:‬‬
‫خًرا»(‪.)2‬‬
‫«إك هللا بحي أ ح ٌّ أ كرميأ يستح من عبدل أك ير و يديه مث ال يضو يهلا ا‬
‫***‬

‫(‪ )1‬متف مليه‪.‬‬


‫(‪ )2‬صحيح اءرمع الص ري (‪.)1768‬‬

‫‪52‬‬
‫سادساو من مظاهر حب هللا لاو‬
‫ا‬
‫بمحته وبأ ته با وشفقته وحنانه عليا‬
‫يف يوم مر األيرم وبينار كرم رسول هللا صلى هللا مليه وسلم بني صحربته إب جرأ َس ْض‪،‬‬
‫الس ْض امرأ تسعى ملاوفة مأطربة‪ -‬فقد ضرع منار صبيار‪ -‬واستارت ملى بلأ احلرل الشديد ح‬ ‫ويف هذا َ‬
‫وجدته‪ ،‬فأ ذته وضاته إىل صدرهر بشد ‪ ،‬مث أرضعته‪.‬‬

‫منظــر مــؤثر دفــع رســول هللا صــلى هللا مليــه وســلم ألم يعلـ مليــه ويقــول ألصــحربه‪« :‬أتااروك هااذل طابحااة‬
‫( ‪)1‬‬
‫ولدها و الناب»؟! قرلوا‪ :‬وهللا‪ .‬قرل «هللا أبح بعبادل من هذل على ولدها»‪.‬‬
‫ويف بعـض م رزيـه صــلى هللا مليـه وسـلم وبيناــر كـرم يسـري مــع أصـحربه‪ ،‬إب أ ـذ بعأــام فـرق طـري‪ ،‬فأقبـ‬
‫أحد أبويه ح سقري يف أيدي الـذي أ ـذ ‪ ،‬فقـرل رسـول هللا صـلى هللا مليـه وسـلم‪« :‬أال تعجباوك َّلاذا الطاًر‬
‫( ‪)2‬‬
‫أُخذ رخه أقب حىت سقط و أيديه أ وهللا هلل أبح ِبلقه من هذا الطًر بفرخه»‪.‬‬
‫لعــم‪ ،‬أ ــي القــررئ‪ ،‬هللا مـ وجـ أرحــم بنــر مــر أمارتنــر‪ ،‬ومــر آبرئنــر‪ ،‬وأبنرئنــر وأزواجنــر‪ .‬يقــول مبــد هللا بــر‬
‫مسعود‪ :‬هلل أرحم بعبد يوم يأتيه‪ ،‬أو يوم يلقر ‪ ،‬مر أم واحد فرش له بـأرس ق ّـر‪ ،‬مث قرلـ (لرمـ ) فلاسـ‬
‫( ‪)3‬‬
‫فراشه بيدهر‪ ،‬فإم كرم به شوكة كرل قبله‪ ،‬وإم كرل لد ة كرل هبر قبله‪.‬‬
‫ال واله لللقابنة‬
‫حرصـر منااـر ملـي وملـى اسـتقرم ‪ ،‬بكرلـرحم‬ ‫فإم قل إم والدي يفتـآم يـدموام يل برلصـالح والفـالح ً‬
‫اات إِ َي النُّاوِب َوَكاا َك بِاال ُمل مؤِمنِ َني َبِح ايلاا‪‬‬
‫بقوله تعرىل ‪ُ ‬هو الَّ ِذي يصلِّم َعلَمي ُر ومثَئِ َرتُهُ لِي مخ ِرال ُر ِمن الظُّلُل ِ‬
‫ُ َ ّم َ َ‬ ‫م ََ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫[األح ام‪.]43 :‬‬

‫وإم قل فإم والدي يعتصرمهر األي والشفقة إبا مـر أصـربا مكـرو مـر مـرس وحنـو ‪ ،‬بشـرلرحم بـأم هللا مـ‬
‫وجـ يشــالأ وقـ مرضــأ‪ -‬مرفــرحم هللا مــر كـ مكــرو ‪ -‬برمريــة ومعيــة ميكــر تصــورهر‪ ،‬ويكفيــأ يف بلــأ‬

‫(‪ )1‬روا مسلم (‪ )2754‬والبخرري (‪.)5999‬‬


‫(‪ )2‬أورد اهليثاي يف جماع ال وائد ‪ ،383 /10‬وقرل‪ :‬روا الب ار مر طريقني ورجرل أحدمهر رجرل الصحيح‪.‬‬
‫(‪ )3‬حسر الظر برهلل بر أيب الدلير برقم (‪.)21‬‬

‫‪53‬‬
‫هذا احلديث القدسي الذي خيربلر بأم هللا م وج يقول يوم القيرمـة‪« :‬ياا ابان آدل مرضا ِت لا تعاد قاالو‬
‫يا بب كيف أعود؟ وأنا ِت بب العااملني؟ قاالو أماا عللا ِت أك عبادي ثناا مارم لا تعادل؟! أماا عللا ِت‬
‫أنا لو عدته لوالدتين عندل»‪ ...‬احلديث(‪.)1‬‬

‫ولير هذا فحسب ب إله سبحرله وتعرىل قـد ر ـب مبـرد يف ميـرد املـريض‪ ،‬وومـدهم ملـى بلـأ بعظـيم‬
‫اء اأ لتكوم ال يرر سببًر يف رفع معنويرت املريض‪ ،‬وطفي ًفر منه‪ ،‬وتسرية له‪.‬‬

‫اللا غُا مد َون إال صالى علياه سابعوك ألاف ملاا حاىت‬
‫قرل صلى هللا مليه وسـلم‪« :‬ما من مسل يعاود مس ا‬
‫( ‪)2‬‬
‫نس أ وإك عادن عشيّمة صلى عليه سبعوك ألف ملا حىت يصبحأ وكاك له خريف و اجلنة»‪.‬‬

‫ول ــير بل ــأ للا ـريض فحس ــب‪ ،‬ب ـ لك ـ أص ـحرم احل ــر ت ا رص ــة والأ ــعفرأ كأه ـ ال ــبالأ واألرام ـ‬
‫واأليترم‪.‬‬
‫تبعر لذلأ وصرير لنـر برمـريتام مـع ومـد – سـبحرله‪-‬‬
‫فاؤ أ ت داد الرمحة والشفقة اإلهلية مليام‪ ،‬وت داد ً‬
‫بعظيم اء اأ الذي يفوق ويفوق ثوام الكثري مر العبردات‪.‬‬
‫ففــي احلــديث الــذي روا أبــو هريــر أم رســول هللا صــلى هللا مليــه وســلم قــرل‪« :‬الساااع علااى اَّبملااة‬
‫فِتأ وكالصائ الذي ال يُفطر»(‪.)3‬‬ ‫واملسرني كاجملاهد و سبي هللا» وأحسبه قرل‪« :‬وكالقائ الذي ال يَ ُ‬
‫وخيربلر مليه الصال والسالم مبل ًر مر ربه بأم «مان عاال الاابيتني حاىت يبل اا الااض ياول القياماة أناا وهاو‬
‫كهاتني» وضم أصربعه (‪.)4‬‬
‫أمر مر اليتيم فال تس مر فأ كفرلته‪ ..‬يكفي أم كرفلـه سـيكوم جـرر رسـول هللا صـلى هللا مليـه وسـلم‬
‫يف اءنة‪.‬‬
‫َّ ِ‬
‫اامى ظُل املاا‬
‫ال الميَتَ َ‬ ‫ولير هذا فحسب‪ ،‬ب كرم الرتهيب الشديد مر تأييع أموالـه ‪‬إِ َّك الذ َ‬
‫ين يَأم ُكلُو َك أ مَم َو َ‬
‫ًرا‪[ ‬النسرأ‪.]10 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫صلَ مو َك َسع ا‬ ‫إِ َََّا يَأم ُكلُو َك ِو بُطُوم م نَ ا‬
‫ابا َو َسيَ م‬

‫مسلم (‪.)2569‬‬ ‫(‪ )1‬روا‬


‫الرتمذي (‪ )969‬وأبو داود (‪ )3098‬وابر مرجه (‪ )1442‬وهو حديث صحيح‪ ،‬وا ريف‪ :‬أي الثار اجملتا‪.‬‬ ‫(‪ )2‬روا‬
‫مليه البخرري ‪ ،366 /10‬ومسلم (‪.)2982‬‬ ‫(‪ )3‬متف‬
‫مسلم‪.‬‬ ‫(‪ )4‬روا‬

‫‪54‬‬
‫وملاذا االبتثض؟!‬
‫ق ـ ـ ـ ـ ـ ــد يق ـ ـ ـ ـ ـ ــول قرئـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪ :‬ومل ـ ـ ـ ـ ـ ــربا ه ـ ـ ـ ـ ـ ــذ األق ـ ـ ـ ـ ـ ــدار املؤمل ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬وا ب ـ ـ ـ ـ ـ ــتالأات الش ـ ـ ـ ـ ـ ــديد الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ تتن ـ ـ ـ ـ ـ ــرن‬
‫ظرهرا‪ -‬مع مظرهر الرمحة اإلهلية برلنرس؟!‬ ‫‪ً -‬‬
‫لعم‪ ،‬قد يكوم هلذا السؤال وجرهته إم كرل الدلير هي دار النعيم األبدي واملستقر النارئي‪ ،‬ولكر الدلير‬
‫ليس ـ كــذلأ‪ ،‬فاــي دار ا تبــرر‪ ،‬يــؤدي ك ـ مــر ملياــر امتحرلًــر يف مــد مبوديتــه لربــه ‪‬إِنَّااا َال َعلمنَااا َمااا َعلَااى‬
‫ِ‬
‫س ُن َع َلثا‪[ ‬الكاف‪.]7 :‬‬ ‫م ِمينَةا ََّّلَا لنَمبالُ َو ُه م أَيُّا ُه أ م‬
‫َح َ‬ ‫اَّ مَب ِ‬
‫هذا ا متحرم مكوم مر تكرليف يقـوم هبـر الفـرد‪ ،‬وأدوات مليـه أم ُحيسـر التعرمـ معاـر‪ ،‬فرلتكـرليف هـي‬
‫األوامر والنواهي‪ ،‬واألدوات هي العطرأ واملنع‪.‬‬
‫أمر العطرأ فاو ك مر يرد ملى العبد مر النعم‪ ،‬واملطلوم منه أم يشكر هللا مليار‪.‬‬
‫واملنع هو ك مر مينع هللا منه العبـد مـر صـحة أو مـرل أو‪ ،....‬واملطلـوم أم يصـرب ملـى بلـأ ابت ـرأ وجـه‬
‫هللا‪.‬‬
‫سا ُك إِ َذا‬ ‫فرلعطرأ لير دلي كرامة مر هللا للعبد‪ ،‬واملنع لير دلي إهرلة‪ ،‬ب كالمهر مواد ا تبرر ‪َ ‬أ ََّما ا ِأنم َ‬
‫ن‪‬‬ ‫ول َبِّم أَ مك َارَم ِن ‪َ ‬وأ ََّماا إِذَا َماا ابمااتَثَلُ َا َقا َد َب َعلَمي ِاه ِب ممقَاهُ َايَا ُقا ُ‬
‫ول َبِّم أ ََهاانَ ِ‬ ‫َما ابماتَثَلُ َببُّهُ َأَ مك َرَمهُ َونَاعَّ َلهُ َايَا ُق ُ‬
‫َكثَّ‪[ ‬الفجر‪.]17 -15 :‬‬
‫مجيعر يف مرد العطرأ؟‬
‫فإم قل ‪ :‬وملربا ميتحر النرس ً‬
‫لو كرم اءايع يف صحة ومرفية ورزق وفري مر استشعر النرس قياة هذ الـنعم‪ ،‬وملـر الكشـف املتواضـع مـر‬
‫املتكــرب‪ ،‬و الشــركر مــر اءرحــد‪ ،‬و الصــربر مــر الشــركي ربــه‪ ..‬أي يق ـ ســبحرله‪َ  :‬ولَنَمبالُا َاونَّ ُر م َحا َّاىت نَا معلَ ا َ‬
‫اه ِدين ِم من ُر و َّ ِ‬
‫ِ‬
‫ابُك م ‪[ ‬حماد‪.]31 :‬‬ ‫الصاب ِر َ‬
‫ين َونَا مبالُ َو أَ مخبَ َ‬ ‫ال ُمل َج َ م َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقـرل‪َ  :‬و ُه َو الَّ ِذي َال َعلَ ُرا م َخثَئِ َ‬
‫اف اَّ مَب ِ‬
‫يلاا آتَاا ُك م‬
‫َد َب َالاات لّميَمبالُ َاوُك م َ‬ ‫ضا ُر م َا ماو َق بَا معا‬
‫م َوَبَ َاو بَا مع َ‬
‫وب َّبِحي ٌ ‪[ ‬األلعرم‪.]165 :‬‬ ‫يو ال ِمع َق ِ‬
‫اب َوإِنَّهُ لَ َ ُف ٌ‬ ‫إِ َّك َببَّ َ‬
‫ا َس ِر ُ‬
‫هذا مر لرحية ومر لرحية أ ر فإم هللا م وج يبسري الرزق أو مينعه مـر مبـرد حسـب مـر يصـلحام‪،‬‬
‫اًرا‪‬‬ ‫ادلِ َخبِ ِ‬
‫شاض ويا مق ِدب إِنَّهُ َكا َك بِ ِعب ِ‬ ‫ط ِ ِ‬ ‫ويسب حرلتام ال يعلاار سـوا ‪‬إِ َّك َببَّ َ‬
‫اًرا بَص ا‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫الر مم َق ل َلن يَّ َ ُ َ َ ُ‬
‫س ُ ّم‬
‫ا يَا مب ُ‬
‫[اإلسراأ‪.]30 :‬‬

‫‪55‬‬
‫لذلأ جرأ يف احلديث القدسي يقول هللا م وجـ ‪« :‬إك من عباادي مان ال يُصالح إناناه إال ال اين ولاو‬
‫أ قرتااه َّ ساادل ذلاااأ وإك ماان عبااادي ماان ال يُصاالح إنانااه إال الفقاار ولااو أغنيتااه َّ ساادل ذلاااأ وإك ماان‬
‫عبادي من ال يُصلح إنانه إال الصحةأ ولو أسقلته َّ سدل ذلاأ وإك من عبادي من ال يصلح حاله إال‬
‫( ‪)1‬‬
‫السق ولو أصححته َّ سدل ذلا‪.»...‬‬
‫ومــر يؤكــد هــذا املعــا قولــه صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬إك هللا تعاااي ليحلا عباادل املااؤمن ماان الاادنياأ وهااو‬
‫( ‪)2‬‬
‫بهأ كلا ولوك مريضر الطعال والشرابأ ختا وك عليه»‪.‬‬
‫من وائد االبتثض‬
‫اه بِال َمعا َذ ِ‬
‫اب لَ َعلَّ ُها م‬ ‫َخا مذنَ ُ‬
‫هللا م وج يبتلي مبرد ليذ ّكرهم به‪ ،‬وبأرور العود إليه قب فوات األوام ‪َ ‬وأ َ‬
‫يَا مرِال ُعو َك‪[ ‬ال ـرر‪ ]48 :‬فاو إبم مظار مظـيم مـر مظـرهر رمحـة هللا برلعصـر ‪َ ‬ولََقا مد أ مَب َسالمنَا إِ َي أ َُما ِّممان قَا مبلِ َ‬
‫اا‬
‫ِ‬ ‫َأَخ مذنَاه بِالمبأ ِ‬
‫مساض َوالض ََّّراض لَ َعلَّ ُه م يَاتَ َ‬
‫ض َّر ُعو َك‪[ ‬األلعرم‪.]42 :‬‬ ‫َ ُم َ َ‬
‫ويبتلي سبحرله مبرد كذلأ ليطارهم مر بلوهبم يف الدلير قب أم يصبح أمرمام طريقة للتخلن مناـر‬
‫إ برلنرر‪.‬‬
‫أياار أهوم ملينر‪ -‬أ ي القررئ‪ -‬التطاري يف الدلير أم التطاري يف اآل ر برلنرر والعيرب برهلل‪.‬‬
‫أي يق ـ صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬مااا يُصاايب املساال ماان نصاابأ وال وصاابأ وال ه ا أ وال حاازكأ وال‬
‫( ‪)3‬‬
‫أذاأ وال غ أ حىت الشوكة يشاكهاأ إال كفر هللا ّبا من خطايال»‪.‬‬
‫وق ــرل‪« :‬م ااا يا ازال ال اابثض ب اااملؤمن واملؤمن ااةأ و نفس ااه وول اادل ومال ااهأ ح ااىت يلق ااى هللا وم ااا علي ااه م اان‬
‫خطيئة»(‪.)4‬‬
‫وهنـرحم طرئفــة أ ـر مــر العبــرد الطـرئعني لـرهبم‪ ،‬يريــد سـبحرله أم يكــرف ام برفــع درجـرتم يف اءنــة‪ ،‬ولكــر‬
‫أمارهلم ميكنار أم ترقى هبم إىل هذ الدرجرت فكرم ا بتالأ وسيلة يستخرج هللا م وج مر قلوم هؤ أ‬
‫ألوالًر مر العبودية مر بل والكسرر وفقر واضطرار مر كرل لتخرج مر قلوهبم إ مر الل هذا ا بتالأ‪.‬‬

‫فومر‪.‬‬
‫(‪ )1‬روا أبو لعيم يف احللية مر ألر مر ً‬
‫(‪ )2‬صحيح اءرمع الص ري ح (‪.)1418‬‬
‫(‪ )3‬متف مليه‪.‬‬
‫(‪ )4‬روا الرتمذي مر أيب هرير ‪ ،‬وصححه األلبرين يف صحيح اءرمع (‪.)5815‬‬

‫‪56‬‬
‫ويؤكــد ملــى هــذا املعــا القرضــي ميــرس يف كتــرم «الشــفر بتعريــف حقــوق املصــطفى صــلى هللا مليــه وســلم»‪،‬‬
‫فيقــول‪ :‬فــإم قي ـ ‪ :‬فاــر احلكاــة يف إج ـراأ األم ـراس وش ـ ّدتر مليــه صــلى هللا مليــه وســلاوملى ــري مــر األلبيــرأ ملــى‬
‫امتحنـوا بــه‪ ،‬كــأيوم‪ ،‬ويعقــوم‪ ،‬وداليــرل‪،‬‬
‫مجـيعام الســالم؟ ومــر الوجــه فياــر ابــتالهم هللا بــه مــر الــبالأ‪ ،‬وامتحــرهنم ــر ُ‬
‫وحييي‪ ،‬وزكرير‪ ،‬وإبراهيم‪ ،‬ويوسف‪ ،‬و ريهم‪ ،‬صلوات هللا مليام‪ ،‬وهم ريته مر لقه وأحبرغ وأصفيرغ ؟‬
‫فــرملم‪ -‬وفقنــر هللا وإيــرحم‪ -‬أم أفعــرل هللا تعــرىل كلاــر مــدل‪ ،‬وكلارتــه مجيعاــر صــدق‪ ،‬مبــدل لكلارتــه‪،‬‬
‫يبتلــي مبــرد كاــر قــرل تعــرىل هلــم ‪‬لِنَنظُا َار َك ميا َ‬
‫اف تَا مع َللُااو َك‪[ ‬يــولر‪ .]14 :‬فرمتحرلــه إيــرهم بأــروم احملــر زيــرد يف‬
‫مكـ ــرلتام‪ ،‬ورفعـ ــة يف درجـ ــرتم‪ ،‬وأسـ ــبرم سـ ــتخراج حـ ــر ت الصـ ــرب والرضـ ــر‪ ،‬والشـ ــكر والتسـ ــليم‪ ،‬والتوك ـ ـ ‪،‬‬
‫والتفــويض‪ ،‬والــدمرأ‪ ،‬والتأــرع م ــنام‪ ،‬وتأكيــد لبصــرئرهم يف رمحــة املاتحن ــني‪ ،‬والشــفقة ملــى املبتلــني‪ ،‬وت ــذكر‬
‫ل ريهم‪ ،‬ومومظة لسواهم ليتأسوا يف البالأ هبم‪ ،‬فيتسلوا يف احملر ر جـر ملـيام‪ ،‬ويقتـدوا هبـم يف الصـرب‪ ،‬وحمـو‬
‫هلَنــرت فرطـ مــنام‪ ،‬أو فــالت ســلف هلــم‪ ،‬ليلقـوا هللا طيبــني ُماـ ّذبني‪ ،‬وليكــوم أجــرهم أكاـ ‪ ،‬وثـواهبم أوفــر‬
‫( ‪)1‬‬
‫َج ل‪.‬‬
‫وأ ْ‬
‫( ‪)2‬‬
‫تأرمه إليه‪.‬‬
‫جرأ يف األثر‪ :‬إم هللا تعرىل ليصيب العبد برألمر‪ ،‬وإله ليحبه‪ ،‬لينظر كيف كرم ُّ‬
‫‪ ‬أ ي ‪..‬‬
‫إم بعض النرس ير ب يف ل ول املطر ألله يرا مرئ ًقر أمرم حركة السري‪ ،‬وسببًر لبعض احلواده‪.‬‬
‫أج ـ ّ صــور الرمحــة اإلهليــة برلنــرس‪ ،‬فيــه ينب ـ ال ـ رع وحتيــر احليــر ‪ ،‬وترتــوي‬
‫ولكــر املطــر‪ -‬يف حقيقتــه‪ -‬مــر َ‬
‫املخلوق ــرت‪ ،‬ول ــير مع ــا م ــدم استش ــعرر ال ــبعض هل ــذ احلقيق ــة أم يتوق ــف ل ـ ول املط ــر‪ -‬رمح ــة هب ــم مل ــى ح ــد‬
‫زماام‪ -‬ب إم الرم الرحيم ير املصلحة العرمة لعبرد فُيق ّدر األقدار‪ ،‬وحيرحم األحداه مر أج حتقيقار‪.‬‬
‫سى أَك تَر َمرُهوا َش ميئاا‬
‫فر بتالأ وإم كرم يف ظرهر الأي والعن إ أله حيا يف طيرته رمحرت كثري ‪َ ‬ا َع َ‬
‫ًرا‪[ ‬النسرأ‪.]19 :‬‬‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َوَمن َع َ هللاُ يه َخ ميا ارا َكِ ا‬

‫الشفقة اأَّلية‬

‫(‪ )1‬الشفر للقرضي ميرس ‪.178 /2‬‬


‫(‪ )2‬احملبة للجنيد‪.73 /‬‬

‫‪57‬‬
‫بعأــر مــر أبعــرد الشــفقة والرأفــة اإلهليــة بعبــرد وال ـ ت ـ داد وت ـ داد منــد‬
‫مث تأم ـ معــي هــذا احلــديث لتــدرحم ً‬
‫ابتالئام‪.‬‬
‫مـر أيب موسـى األشـعري رضــي هللا منـه‪ ،‬أم رسـول هللا صــلى هللا مليـه وسـلم قـرل‪« :‬إذا مااات ولاد العبااد‬
‫قال تعاي ملثئرتهو قبضت ولد عبدي؟ يقولوكو نع أ يقولأ قبضت مثرن ؤادل؟ يقولوكو نع أ يقولو‬
‫ماااذا قااال عباادي؟ يقولااوكو محااد؟ واسااِتالوأ يقااول هللا تعااايو ابنااوا لعباادي بيتاااا و اجلنااةأ وَسااول بياا ِت‬
‫( ‪)1‬‬
‫ا لد»‪.‬‬
‫أمر يوم القيرمة فرلتكر ا رص ينتظر أه البالأ الذير جنحوا يف مرد الصرب‪ .‬يقول صلى هللا مليه وسلم‪:‬‬
‫«يااود أه ا العا يااة يااول القيامااة حااني يعط ا أه ا الاابثض الِااواب لااو أك اللااوده كاناا ِت قُا ّمِرضاا ِت و الاادنيا‬
‫( ‪)2‬‬
‫باملقابي »‪.‬‬
‫االبتثض بالذنب وا رماك من الطاعة‬
‫ومر املظرهر العجيبة للرمحـة اإلهليـة ابـتالغ لعبـرد برلـذلب‪ ،‬واحلرمـرم مـر الطرمـة‪ ،‬بـرتكام أللفسـام ومـدم‬
‫إمرلتام وتوفيقام للقيـرم برلطرمـة واإلقـالع مـر الـذلب‪ ،‬فيستشـعروا وقتاـر مـد فأـ رهبـم ملـيام‪ ،‬وأهنـم بـه‬
‫بألفسام‪ ،‬وأله لو طلى منام طرفة مني هللكوا‪ ،‬ولألوا‪ ،‬ولوقعوا يف أشد املعرصي‪.‬‬
‫ويف املقربـ لــو اســتار إمــدادهم بــرلتوفي واإلمرلــة الالزمــة للقيــرم برلطرمــة‪ ،‬وتــرحم املعصــية‪ ،‬فاــر املتوقــع أم‬
‫العجــب‪ ،‬فيعجب ـوا بأماــرهلم‪ ،‬وبصــالحام‪ ،‬وي ــرتوم بــذلأ‪ ،‬ويظنــوم أم هل ـم مكرلــة‬ ‫يتســرم إىل لفوســام داأ ُ‬
‫رصــة منــد هللا هبــذا الصــالح وهــذ األماــرل‪ ،‬وحيتقــروم ــريهم مــر املقص ـرير‪ ،‬فتكــوم هــذ الطرمــرت ســببًر‬
‫رتدائام رداأ الكرب‪ ،‬ومر مث استدمرئام ل أب هللا ومقربه املستح للاتكربير‪.‬‬
‫ُ‬
‫لــذلأ كــرم ا بــتالأ برلــذلب‪ ،‬واحلرمــرم مــر الطرمــة مــر لطــف هللا ا فــي بعبــد ‪ ،‬ب ـ مــر د ئ ـ حبــه لــه‬
‫أحيرلًر‪.‬‬
‫جـرأ يف احلـديث‪« :‬يقاول هللا عاز والا و وإك مان عباادي مان يطلاب بابااا مان العباادن أكفاه عناه كايث‬
‫يدخله العجبأ إ أدبر أمر عبادي بعلل مبا و قلوّب أ إ علي خبًر»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬روا الرتمذي (‪.)1021‬‬


‫(‪ )2‬حسر‪ ،‬أ رجه الرتمذي وأورد األلبرين يف صحيح اءرمع ح (‪.)8177‬‬
‫فومر‪.‬‬
‫(‪ )3‬أ رجه أبو لعيم يف احللية مر ألر مر ً‬

‫‪58‬‬
‫قوله صلى هللا مليه وسلم‪« :‬لو جي ترونوا تذنبوكأ ْلفا ِت علاير ماا هاو أكارب‬ ‫ولعلنر بذلأ لدرحم م‬
‫( ‪)1‬‬
‫الع مجب»‪.‬‬
‫العجب ُ‬
‫من ذلا ُ‬
‫وممر يؤكد هذا املعا مر قرله صلى هللا مليه وسلم للصحربة «لو أنر ترونوك على ك حال على ا الة‬
‫الا أناات عليهااا عناادي لصااا حتر املثئرااة بااأكفه أ ولازابتر و بيااوتر أ ولااو جي تااذنبواأ جلاااض هللا بقااول‬
‫( ‪)2‬‬
‫يذنبوك ك ي فر َّل »‪.‬‬
‫الرمحة الواسعة‬
‫إم رمحة هللا بعبرد ولطفه ا في هبم لير له حدود و ميكر للعق البشري أم يـدرحم أبعـرد ‪ ،‬ويكفـي ألـه‬
‫سـبحرله وتعـرىل كتــب ملـى لفســه الرمحـة‪ ،‬ففــي احلـديث «إك هللا حااني خلاق اْللااق كتااب بيادل علااى نفسااه أك‬
‫( ‪)3‬‬
‫بمح ت لب غضيب»‪.‬‬
‫وجــرأ يف األثــر أم بــا إس ـرائي قرل ـ ملوســى ‪« :‬ها ا يص اال ببااا؟ ق ااال موس ااىو اتقااوا هللا ي ااا ب ااين‬
‫إسرائي ‪ .‬قال هللا ياا موساىو مااذا قالا ِت لاا قوماا؟ قاالو ياا بب قاد عللا ِتأ قاالواو ها يصال بباا؟‬
‫( ‪)4‬‬
‫قالو أخربه أك صث على عبادي أك تسبق بمح غضيب‪ ,‬لوال ذلا َّهلرته »‪.‬‬
‫ومر أمظم األدلة ال تؤكد هذا املعا‪ :‬رمحته سبحرله برلعصر له والكرفرير بـه‪ ،‬فاـو سـبحرله ي مينـع مـنام رزقـه‬
‫ر ـم مصــيرهنم وابتعــردهم مــر طريقــه‪ ،‬وي يُعجـ هنـريتام فلعلاــم يعــودوم إليــه يف حلظــة مــر اللحظـرت ‪‬إِ َّك هللاَ بِالنَّا ِ‬
‫اا‪،‬‬
‫وَ َّبِحي ٌ‪[ ‬البقر ‪.]143 :‬‬
‫لََرُؤ ٌ‬
‫ويكفينر يف بلأ مر حده مر فرموم مر ط يرم فرق احلدود‪ ،‬ومـع بلـأ أمالـه هللا مـ وجـ وأرسـ إليـه‬
‫موسى وهرروم ملياار السالم ‪‬ا مذ َهبَا إِ َي ِ مر َع مو َك إِنَّهُ طَ َى ‪َ ‬ا ُقوالَ لَهُ قَا موالا لَّيِّمنااا لَّ َعلَّاهُ يَاتَا َذ َّك ُر أ مَو اَم َ‬
‫شاى‪[ ‬طـه‪:‬‬
‫‪ ]44 ،43‬فظال حيروراله ويثُبترم له برألدلة الدام ة ألوهية هللا وربوبيته ملى لقه‪ ،‬ولكنـه أىب واسـتكرب‪ ..‬وكـرم مـر‬
‫كــرم مــر تتبعــه ملوســى يف البحــر إىل أم أ رقــه هللا م ـ وج ـ ‪ ..‬يف هــذ اللحظــرت‪ -‬حلظــرت الناريــة‪ ،‬وبعــد أم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ِت أَنَّاهُ الَ إِلَاهَ إِالَّ الَّ ِاذي آمنَ م ِ‬
‫ا ِت بِاه بَانُاو إِ مس َارائِي َ َوأَنَاا م َان ال ُمل مسال ِل َ‬
‫ني‪‬‬ ‫َ‬ ‫آمن ُ‬‫أصبح ال يب مند كرلشارد قـرل ‪َ ‬‬

‫(‪ )1‬صحيح اءرمع الص ري (‪.)5303‬‬


‫(‪ )2‬صحيح‪ ،‬روا اإلمرم أمحد والرتمذي وصححه األلبرين يف صحيح اءرمع (‪.)5253‬‬
‫(‪ )3‬صحيح‪ ،‬روا الرتمذي وصححه األلبرين يف صحيح اءرمع (‪.)1755‬‬
‫(‪ )4‬كن العارل رقم ‪.10399‬‬

‫‪59‬‬
‫[يولر‪.]90 :‬‬
‫شارد تنفع يف هذا الوق ‪ ،‬وق ال ر ر ول ع الروح‪ ،‬ورغية املالئكة‪ ،‬ومع بلأ فإم جربي ‪ ‬كرم له‬
‫موقـف مجيــب الطلـ مـر إدراكــه ملــد سـعة الرمحــة اإلهليــة‪ ،‬والطلـ كــذلأ مــر ب أـه الشــديد لفرمــوم وأفعرلــه‬
‫الطر ية‪ ،‬وكرب وإصرار ملى الكفر ر م مر رأ مر آيرت مبصر ‪.‬‬
‫يقــول صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬ملااا أغاارق هللا رعااوكأ قااالو آمناا ِت أنااه ال إلااه إال الااذي آمناا ِت بااه بنااو‬
‫إس ارائي أ قااال الربي ا و يااا حملااد! لااو بأيتااين وأنااا آخااذ ماان ماااض البحاار أدسااه و يااه ا ااة أك تدبكااه‬
‫( ‪)1‬‬
‫الرمحة»‪.‬‬
‫بب بضوَو‬
‫‪ ‬أخا القاااب ‪ ,‬لعلــأ قــد ملسـ مــد شــفقة أمــأ مليــأ وهــي تر ّبــأ يف تنــرول وجبــة اإلفطــرر قبـ‬
‫بهربأ ملدرستأ أو مالأ وفًر مليأ مر أم يدامهأ التعب واإلرهرق‪.‬‬
‫مجيعـر‬
‫وأير هي رمحة أمأ ومطفاـر‪-‬مااـر بل ـر‪ -‬مـر رمحـة ورأفـة الـرأور الـرحيم‪ ،‬الـذي يعرملـأ ويعرملنـر ً‬
‫بشفقة تفوق وتفوق شفقة أمأ بأ‪.‬‬
‫فاـع ألــه‪ -‬مـ وجـ ‪ -‬يكلفنــر بـأداأ العبـردات ليج ينــر ملياــر اءنـة‪ ،‬إ ألــه يريــد لنـر أم لقــع يف مشــقة أو حــرج‬
‫الدي ِن ِم من َح َر ‪[ ‬احلج‪.]78 :‬‬
‫مر أدائار ‪‬وما الع َعلَي ُر ِو ّمِ‬
‫ََ ََ َ م م‬
‫يطرلبنــر برلصــوم‪ ،‬مث ير بنــر يف التعجيـ بــرلفطر‪ ،‬فيكفــي الصــيرم حـ امل ــرم‪ ،‬و دامــي للتــأ ري أكثــر مــر‬
‫إا أعجلها ا‬‫يـ ـ داد اإلره ــرق‪ ،‬فف ــي احل ــديث القدس ــي‪ :‬ق ــرل هللا مـ ـ وجـ ـ ‪« :‬أح ااب عب ااادي َّ‬ ‫بل ــأ حـ ـ‬
‫( ‪)2‬‬
‫طرا»‪.‬‬
‫ا‬
‫وحيثنــر كــذلأ ملــى الســحور‪ ،‬وملــى تــأ ري قــدر املســتطرع لينشــري بــه الصــرئم ويقــو ‪ ،‬وياــوم مليــه صــيرم‬
‫يومه‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫قرل صلى هللا مليه وسلم‪« :‬تسحروا إك و السحوب بركة»‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح‪ ،‬أورد اإلمرم أمحد‪ ،‬والرتمذي‪ ،‬وصححه األلبرين يف صحيح اءرمع (‪.)5206‬‬
‫(‪ )2‬روا الرتمذي (‪ )700‬وقرل حديث حسر‪.‬‬
‫(‪ )3‬متف مليه‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫ربــأ‪ -‬أ ــي‪ -‬ملانــر ملـى لســرم لبيــه صــلى هللا مليــه وســلم كلاــرت لقوهلــر حـ يصــيبنر مكــرو ‪ ،‬ففــي‬
‫احلديث‪« :‬ما من عبد يقول و صباح ك يول ومسااض كا ليلاةو بسا هللا الاذي ال يضار ماو اَساه شا ض و‬
‫(‪)1‬‬
‫اَّبم وال و السلاض وهو السليو العلي ‪ -‬ثث مرات‪ -‬يضرل ش ض»‪.‬‬
‫ومند ا روج مر املن ل ومواجاة أحداه احلير أوصرحم أم تقول‪« :‬بس هللاأ توكلا ِت علاى هللا وال حاول‬
‫( ‪)2‬‬
‫وهدي ِتأ وتنحى عنا الشيطاك»‪.‬؟‬
‫وال قون إال باهلل‪ .‬يقال لاو ُكفي ِت ووقي ِت ُ‬
‫وتأم معي هذ الوصية النبوية ال تقطر شفقة ورمحة إهلية‪:‬‬
‫رالاااأ وبمقااه ماان حيااث ال‬
‫رالاااأ وماان ك ا ضاايق ا‬
‫«ماان لاازل االساات فاب الع ا هللا لااه ماان ك ا ه ا ا‬
‫( ‪)3‬‬
‫تسب»‪.‬‬
‫ربــأ أوصــرحم ملــى لســرم لبيــه بــأم متــيري األب مــر الطريـ كــيال يتســبب وجــود يف إيــذاأ النــرس؛ شــفقة‬
‫مليام ورمحة هبم‪.‬‬
‫ولكــي يشــجعنر ملــى تنفيــذ هــذا األمــر أمــد مكرفــأ رصــة ملــر يقــوم بــذلأ‪ ,‬قــرل صــلى هللا مليــه وســلم‬
‫(‪)4‬‬
‫«كاك على الطريق غصن شجرن يؤذي النا‪ ،‬أماطها بال أُدخ اجلنة»‬
‫فأي شفقة ورمحة تلأ ال ي ارلر هللا هبر؟!‬
‫ب و ا ا ا ا ار‬
‫ومر مظرهر رمحة هللا وشفقته بعبرد رفـع احلـرج مـنام مـر ـالل طفيـف العبـردات منـد مظنـة وقـومام يف‬
‫مشقة‪.‬‬
‫يست رق أداغهر وقتر طويال‪ ،‬وال لستفيد حنر مناـر لتسـكب دا لنـر الطاألينـة‪،‬‬ ‫فرلصلوات ا ار ال‬
‫والســالم الــدا لي‪ ،‬ومــع بلــأ‪ ،‬ففــي وق ـ الســفر‪ ،‬ومظنــة التعــب‪ ،‬فإلــه ســبحرله خيفــف مــر املســرفرير مــدد‬
‫ورفعــر‬
‫ركعــرت الصــلوات الربرميــة ليجعلاــر ركعتــني‪ ،‬ويســاح هلــم كــذلأ بــرءاع بــني الصــلوات طفي ًفــر ملــيام‪ً ،‬‬

‫(‪ )1‬صحيح‪ ،‬روا الرتمذي وأبو داود وابر حبرم وصححه األلبرين يف صحيح اءرمع (‪.)5621‬‬
‫(‪ )2‬الظر صحيح اءرمع ح (‪.)6295‬‬
‫(‪ )3‬روا أبو داود (‪.)1518‬‬
‫(‪ )4‬روا ابر مرجة (‪ )3682‬وصححه األلبرين‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫للحــرج مــنام‪ ،‬مــع العلــم بألــه ليسـ كـ األســفرر تســبب تعبًــر ومشــقة ولكناــر الرمحــة اإلهليــة الـ ت اــر اءايــع‬
‫‪‬يُ ِري ُد هللاُ بِ ُر ُ الميُ مس َر َوالَ يُ ِري ُد بِ ُر ُ ال ُمع مس َر‪[ ‬البقر ‪.]185 :‬‬
‫ولعلاه سـبحرله بـأم الـبعض قـد يتحرمـ ملـى لفسـه و يأ ـذ هبـذ الـر ن فلقـد أ ربلـر ملـى لسـرم لبيـه‬
‫( ‪)1‬‬
‫بأله‪ -‬سبحرله‪ -‬حيب أم تؤتى ر صه كار حيب أم تؤتى م ائاه‪.‬‬
‫ومــر مظــرهر رفــع احلــرج قولــه صــلى هللا مليــه وســلم‪ُ « :‬وضااو عاان أم ا اْلطااأ والنسااياك ومااا اسااتررهوا‬
‫( ‪)2‬‬
‫عليه»‪.‬‬
‫ومناــر كــذلأ‪ :‬مــدم حمرســبتنر ماــر حنــده بــه ألفســنر مــر خمرلفــرت‪ -‬ومــر أكثرهــر‪ -‬يقــول صــلى هللا مليــه‬
‫( ‪)3‬‬
‫وسلم‪« :‬إك هللا تعاي جتاوم َّم علا حدث ِت به نفسهاأ ما جي تترل بهأ أو تعل به»‪.‬‬
‫أيأــر مرامرتــه ســبحرله للحرجــرت الفطريــة للنــرس وحــر ت الأــعف البشــري ال ـ‬ ‫ومــر مظــرهر رفــع احلــرج ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث إِ َي نِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اا‪ََّّ ،‬لُ َّ‬
‫ان‪‬‬ ‫ا‪ ،‬لَّ ُر م َوأَنمااتُ م لبَ ٌ‬
‫سائ ُر م ُه َّن لبَ ٌ‬
‫َ‬ ‫الرَ ُ‬ ‫تعرتيام ومر بلأ قوله تعرىل‪ :‬أُح َّ لَ ُر م لَميالَةَ ِّم‬
‫الصيَ ِال َّ‬
‫[البقر ‪.]187 :‬‬
‫ااح أَك‬
‫ل َعلَ ماي ُر م ُالنَ ٌ‬
‫ومنار السـارح للنـرس وهـم يف رحلـة احلـج أم يبيعـوا ويشـرتوا ويتـ ودوا ـر يريدولـه ‪‬لَ ماي َ‬
‫ضثا ِّممن َّببِّم ُر م ‪[ ‬البقر ‪.]198 :‬‬
‫تَا مبتَا ُوا َ م‬
‫ال تنل أنا عبد‬
‫إم العبد‪ -‬أي مبد‪ -‬مر املفرتس مليه أم يقوم برلتكرليف ال يطلبار منـه سـيد جملـرد ألـه مبـد‪ ،‬وأم هـذا‬
‫أيأــر أم يســأل مــر ســبب تكليــف ســيد لــه بــذلأ‪ ،‬و أم ينتظــر أجـ ًـرا مليــه‪ ،‬أللــه خيدمــه‬
‫ســيد ‪ ،‬ولــير لــه ً‬
‫وجب أله مبد مند ‪.‬‬
‫أي ألنــر وإ م افــرتس هللا ملينــر مــر شــرأ مــر مبــردات فاــذا مــر تقتأــيه مبوديتنــر لــه ســبحرله‪ ،‬ويقتأــيه كولــه‬
‫مستح ًقر للعبرد ‪ ،‬ومندمر لرا ‪ -‬ج شأله‪ -‬خيفف منر بعض التكرليف‪ ،‬ويرفع بعأار يف أوقرت معينـة‪ ،‬مرامـر‬
‫لظرور البعض‪ ،‬فاذا منتاى الرمحة والرأفة مر الرم بعبيد املكلفني يف األص بطرمته ومبردته‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح اءرمع ح (‪.)1885‬‬


‫(‪ )2‬صحيح اءرمع ح (‪.)711‬‬
‫(‪ )3‬صحيح اءرمع ح (‪.)1730‬‬

‫‪62‬‬
‫شريعته كلها بمحة‬
‫وممــر يؤكــد هــذا املعــا أم أحكــرم الش ـريعة ال ـ أمرلــر هللا أم لتحــركم إلياــر ولتعرم ـ هبــر مــر هــي إ مظاــر‬
‫ا؟ إِالَّ َب ممحَاةا‬
‫مظيم مر مظرهر رمحتـه بعبـرد ‪ ،‬أي يقـ سـبحرله لرسـوله حماـد صـلى هللا مليـه وسـلم‪َ  :‬وَماا أ مَب َسالمنَ َ‬
‫ِ‬
‫ني‪[ ‬األلبيــرأ‪ ]107:‬فرحلــدود ملــى ســبي املثــرل لــو تأملنرهــر جيـ ًـدا لوجــدلرهر ثربــة الســور الشــرئأ الــذي‬ ‫لّمل َمعااالَ ِل َ‬
‫حياــي بنــرأ اجملتاــع املســلم‪ ،‬والــذي بــد مــر وجــود وإ ضــرع األمــر واألمــرم والثقــة وا ســتقرار ‪َ ‬ولَ ُر ا م ِو‬
‫اب لَ َعلَّ ُر م تَاتَّا ُقو َك‪[ ‬البقر ‪.]179 :‬‬
‫ُوا اَّلمبَ ِ‬
‫اص َحيَانٌ يَا أ ِ‬
‫ص ِ‬ ‫ِ‬
‫المق َ‬
‫واءارد يف سبي هللا مر هو إ مظار مظيم مر مظرهر الرمحة بعاوم النرس‪.‬‬
‫فإم قل ‪ :‬كيف يكوم القت والدمرأ رمحة برلنرس؟!‬
‫يكــوم رمحــة برلنــرس ألم مــر اللــه ي ي ـ املســلاوم العوائ ـ ال ـ حتــول بيــنام وبــني دمــو النــرس الــذير‬
‫يعلاوم شيًر مر اإلسالم‪ ،‬فط رتم يشكلوم حرئال حيول بينام وبني وصول الـدمو إلـيام ‪َ ‬وقَااتِلُ ُ‬
‫وه م َح َّاىت الَ‬
‫ِ‬ ‫الد ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين هلل َِإك انماتَا َهوا َثَ عُ مد َوا َك إِالَّ َعلَى الظَّال ِل َ‬
‫ني‪[ ‬البقر ‪.]193 :‬‬ ‫تَ ُرو َك متانَةٌ َويَ ُرو َك ّم ُ‬
‫تقلي اَّعلال و أعيننا‬
‫ومر مظرهر رمحة هللا بعبرد أله سبحرله يريـد مـنام أم يـؤدوا مـر أمـرهم بـه كـي يـد لام اءنـة‪ ،‬وأللـه يعلـم‬
‫كراهيــة لفوســنر للتكليــف وحباــر للراحــة‪ ،‬فإلــأ جتــد يقل ـ األماــرل املطلوبــة يف أميننــر ليســا ملينــر أداأهــر‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الصايال َكلاا ُكتِاب علَاى الَّ ِاذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ين مان قَا مابل ُر م لَ َعلَّ ُرا م‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫اب َعلَ ماي ُر ُ ّم َ ُ َ‬ ‫آمنُاوا ُكت َ‬ ‫فيقول لنر مر الصـيرم ‪‬يَا أَيُّا َها الاذ َ‬
‫ين َ‬
‫ودات‪ ‬ومـر فياـر مـر معـرم ا سـتدراج‬ ‫ودات‪[ ‬البقـر ‪ ]184 ،183 :‬تأمـ مبـرر ‪ :‬أَيَّ ااماا َّم معا ُد َ‬ ‫تَاتَّا ُقو َك ‪ ‬أَيَّ ااماا َّم معا ُد َ‬
‫وتيسري العبرد ‪.‬‬

‫ولفر األمر برلنسبة للحج‪َ  :‬واذم ُك ُروا هللاَ ِو أَيَّال َّم مع ُد َ‬


‫ودات‪[ ‬البقر ‪.]203 :‬‬
‫أمــر برلنســبة للاحرمــرت فاــو ســبحرله خيربلــر بــأم ك ـ األطعاــة واألش ـربة مبرحــة لنــر إ بعــض األصــنرر‬
‫اًر ِ‬
‫هللا بِ ِاه‬ ‫اْلِمن ِزيا ِر َوَماا أ ُِها َّ لِ َ مِ‬ ‫اليسري ‪ ،‬ولو اضطررلر لتنروهلر فال إمث ملينـر ‪‬إِ َََّا َح َّرَل َعلَمي ُر ُ ال َمل ميتَاةَ َوالاد َ‬
‫َّل َو َما َ م‬
‫وب َّبِحي ٌ ‪[ ‬النح ‪.]115 :‬‬ ‫ضطَُّر غَميا َر بَاه َوالَ َعاد َِإ َّك هللاَ غَ ُف ٌ‬
‫َ َل ِن ا م‬
‫الرمحة املدَّخرن‬

‫‪63‬‬
‫اب َعلَاى‬
‫إم احلديث مر مظرهر الرمحة اإلهلية ينتاي‪ ،‬وكيف له أم ينتاي وقد أ ربلر سـبحرله بألـه ‪َ ‬كتَ َ‬
‫الر ممحَةَ‪[ ‬األلعرم‪ ]12 :‬فرمحته سبحرله قد ل ك شيأ ‪َ ‬وَب ممحَِ َو ِس َع م‬
‫ ِت ُك َّ َش م ض‪[ ‬األمرار‪.]156 :‬‬ ‫نَا مف ِس ِه َّ‬
‫ولعـ أفأـ مــر ــتم بــه احلــديث مــر هــذا املظاــر العظــيم مــر مظــرهر حــب هللا تعــرىل هــذ البشــر ال ـ‬
‫محلار إلينر رسول هللا صلى هللا مليه وسلم مندمر أ ربلر بأم هللا م وج قد ل مرئة رمحة جع جـ أًا واح ًـدا‬
‫منار للدلير يـرتاحم هبـر النـرس فياـر بيـنام‪ ،‬أمـر بقيـة امل ـة (التسـعة وتسـعوم جـ أًا) فقـد اد رهـر‪ -‬سـبحرله‪ -‬ليـوم‬
‫أحوج مر لكوم فيه إىل الرمحة‪ ,‬ليوم القيرمة‪.‬‬
‫قــرل صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬إك هللا تعاااي خلااق يااول خلااق الساالاوات واَّبم مائااة بمحااةأ ك ا بمحااة‬
‫طباق بني السلاض واَّبمأ جع منها و الدنيا بمحةأ بها تعطف الوالدن على ولادهاأ والاوحو والطاًر‬
‫بعضا ا ا ا ا ااها علا ا ا ا ا ااى بع ا ا ا ا ا ا أ َّ‬
‫وأخا ا ا ا ا اار تسا ا ا ا ا ا ااعا وتسا ا ا ا ا ااعنيأ ا ا ا ا ا اإذا كا ا ا ا ا اااك يا ا ا ا ا ااول القياما ا ا ا ا ااة أكللها ا ا ا ا ااا‬
‫ّبذل الرمحة» (‪.)1‬‬
‫وكــذلأ قولــه صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬والااذي نفس ا بياادل لي فاارك هللا يااول القيامااة م فاارن مااا خطاارت علااى قلااب‬
‫بشرأ والذي نفس بيدل لي فرك هللا يول القيامة م فرن يتطاول َّلا إبليل بالاض أك تصيبه»؟(‪. )2‬‬
‫***‬

‫(‪ )1‬روا مسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬روا الطرباين‪ ..‬الظر كن العارل (‪.) 10359‬‬

‫‪64‬‬
‫سابعاو من مظاهر حب هللا لاو‬ ‫ا‬
‫تيسًر طريقا إي التوبة‬
‫والرال ا ا ا ا اوع إليا ا ا اه‬
‫كرم رج يف با إسرائي امسه «الكف »‪ ،‬وكرم معروفًر بني النرس بفحشه وإجرامه‪ ،‬وبات ليلة وبينار هـو‬
‫يف من له إب مسع طرقًر ملى بربـه‪ ،‬فقـرم ليفتحـه فـإبا بـرمرأ يقطـر مناـر احليـرأ وقـد جرأتـه لتطلـب منـه أم يقرضـار‬
‫مبل ًر مر املرل حلرجتار الأرورية إليه‪ ،‬فيواف ملى إقراضار بشرط أم متكنه مر لفسار‪ ،‬فتأطر املـرأ للاوافقـة‪،‬‬
‫ومنــدمر يقــرتم مناــر إب هبــر ترتعــد‪ ،‬فيســأهلر مــر الســبب‪ ،‬فتجيبــه بأهنــر ي تفعـ هــذا مــر قبـ ‪ ،‬وإهنــر طــرر مــر‬
‫أب هللا مليار‪.‬‬
‫هنــر توقــف الكفـ ماــر كــرم ينــوي فعلــه‪ ،‬وقــرل هلــر‪ :‬مــر الــذي ينب ــي لــه أم خيــرر مــر أــب هللا‪ :‬ألــر أم‬
‫أل ؟ مث أمطرهر مر تريد مر مرل‪ ،‬وتركار تنصرر‪ ،‬والندم يعتصر قلبه ملى آثرمه ال اقرتفار‪ ،‬وملى اسـتخفرفه‬
‫بأوامر ربه‪ ،‬مث توجه إىل هللا هبذا القلب املنكسر يسأله العفو والصفح والتوبة‪.‬‬
‫ه انته ِت القصة على هذا الوضو؟!‬
‫‪ ،‬فقد حده أم جرأ املوت وهو يف هـذ احلرلـة‪ ،‬فلاـر أشـرق الشـار وجـرأ الصـبرح‪ ،‬فـوجئ النـرس‪,‬‬
‫مجيعر بأم برم دار مكتوم مليـه «إم‬
‫جرياله ومعررفه الذير تركو برللي ‪ ,‬وهم يعلاوم منه مر يعلاوم‪ ,‬فوج وا ً‬
‫هللا قد فر للكف »‪.‬‬
‫ي يصدقوا مر قرأو ‪ ،‬فارموا إىل لبيام‪ ،‬فأوحى هللا إليه ر حده‪ ،‬فأ ربهم رب ‪ ،‬فتلقو فر رير أفواهام‪،‬‬
‫ري مصدقني مر حده‪.‬‬
‫دروس ـر كثــري حتالاــر هــذ القصــة‪ ،‬لع ـ مــر أمهاــر أم هللا م ـ وج ـ‬
‫بــال شــأ‪ -‬أ ــي القــررئ‪ -‬أم هنــرحم ً‬
‫منـدمر وجـد مـر الكفـ هـذ التوبـة الصـردقة‪ ،‬وهــذا النـدم‪ ،‬أمـر ملــأ املـوت بـأم يأ ـذ ملــى هـذا احلـرل لُيناــي‬
‫حيرته هنرية سعيد ‪ ،‬فر ر‪ -‬كار يف ملم هللا‪ -‬أله إبا مر استارت حيرته لعرد مر أ ر ل يه ومصيرله‪.‬‬
‫ومر هذ الدروس كذلأ معرفة مد حب هللا العظيم لعبرد فكتربة العبرر ملى البرم مـر هـي إ رسـرلة‬
‫مجيعــر بــأم رمحــة هللا واســعة‪ ..‬تســع اءايــع‪ ،‬فــال ينب ــي ملــذلب مااــر كــرم ُجرمــه أم ييــأس أو يقــنري مــر‬
‫للنــرس ً‬

‫‪65‬‬
‫فر له‪ ..‬إهنر رسرلة تقول لك فرد‪ :‬أقب و طف‪ ،‬فربأ ينتظرحم‪.‬‬
‫بلو ار‪ ،‬والدلي أم الكف قد ُ َ‬
‫مجيعـر‪ ،‬ويريـد هلـم ا ـري‪ ،‬ود ـول اءنـة‪ ،‬وينتظـر‬
‫وكيف يكوم األمـر كـذلأ‪ ،‬وهللا مـ وجـ حيـب مبـرد ً‬
‫مر أي منام التفرتة صردقة إليه ليقب مليه‪ ،‬ويعفو مار مأى منه‪.‬‬
‫وممر يؤكد هذا املعا مر حده لقرت امل ة لفر‪:‬‬
‫نفسااأ ساأل عان أعلا‬‫قرل صلى هللا مليه وسـلم‪« :‬كاك يلن كااك قابلر بالا قتا تساعة وتساعني ا‬
‫نفساااأ ها لااه ماان توبااة؟ قااالو ال‪.‬‬ ‫َّ‬
‫أها اَّبمأ َا ُدل علااى باهاابأ أتااال قااال إنااه قتا تسااعة وتسااعني ا‬
‫رل به مئَةأ مث سأل عن أعل أه اَّبمأ َ ُد َّل على بال عااجيأ قاالو إناه قَتا مئاة نفال ها‬ ‫قتله َّ‬
‫له من توبة؟‬
‫ُناساا يعبادوك هللا اعباد‬
‫قالو نع أ ومن ول بينه وبني التوبة؟ انطلاق إي أبم كاذا وكاذاأ اإك ّباا أ ا‬
‫صاف الطرياق أتاال املاوتأ اختصال ِت‬ ‫هللا معه أ وال ترالو إي أبضا إما أبم سوضأ انطلق حاىت إذا نَ َ‬
‫يه مثئرة الرمحة ومثئراة العاذابأ قالا ِت مثئراة الرمحاةو الااض تائبااا مقابثا بقلباه إي هللا تعاايأ وقالا ِت‬
‫حرلاا‪ -‬قاالو‬
‫خًرا قطأ أتاه ملا و صاوبن آدما جعلاول بيانه ‪ -‬أي ا‬ ‫ا‬ ‫مثئرة العذابو إنه جي يفع‬
‫قيسوا ما بني اَّبضني إي أيتهلا كااك أد هاو لاهأ قاساوا والادول أد إي اَّبم الا أبادأ قبضاته‬
‫مثئرة الرمحة»(‪.)1‬‬
‫ويف رواية‪« :‬فأوحي هللا تعرىل إىل هذ أم تبرمدي‪ ،‬وإىل هذ أم تقريب‪ ،‬وقرل‪ :‬قيسوا مر بيناار‪ ،‬فوجدو‬
‫إىل هذ أقرم بشرب ف فر له»‪.‬‬
‫ال والنا إي املش الرًِر‬
‫لعــم‪ ،‬أ ــي القــررئ‪ ،‬إم ربــأ ينتظــر منــأ أي بــردر صــردقة يف العــود إليــه‪ ،‬ليقــرتم منــأ ويقــرتم‪ ،‬و‬
‫اعاااأ وماان‬
‫ارباأ تقرباا ِت منااه ذب ا‬
‫حيوجــأ إىل املشــي الكثــري‪ ،‬كاــر يف احلــديث القدســي‪ ..« :‬وماان تقاارب مااين شا ا‬
‫باعاأ ومن أتا نش أتيته هرولةأ ‪.)2(»...‬‬ ‫اعا تقرب ِت منه ا‬ ‫تقرب مين ذب ا‬

‫(‪ )1‬متف مليه‪.‬‬


‫(‪ )2‬روا مسلم مر حديث أيب بر‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫يعل اإلمرم النووي ملى هذا احلديث فيقول‪:‬‬
‫أي مــر تقــرم إىل بطــرم تقرب ـ إليــه بــرمح ‪ ،‬وإم زاد مبــدي زدت‪ ،‬فــإم أتــرين ميشــي وأســرع يف طــرم‬
‫أتيته هرولة أي صبب مليه الرمحة‪ ،‬وسبقته هبر‪ ،‬وي أحوجه إىل املشي الكثري يف الوصول إىل املقصود (‪.)1‬‬
‫فاـ تـوافقا ‪-‬أ ــى‪ -‬أم هــذا احلــديث و ـري ممــر سـب بكــر يــدل ملـى شــد شــوقه ســبحرله لعــود مبــرد‬
‫إليه‪ ،‬وأله أشد شوقر هلذ العود مر العبرد ألفسام؟!‬
‫ولو ُكشف احلُ ُجب‪ ،‬وتأكد الشرردوم مر هللا مر هذ احلقيقة ملرتوا جال منه سبحرله‪.‬‬
‫بابه مفتوح للجليوو‬
‫‪ ‬أ ي ‪ ..‬مر تعليقأ ملى قوله صلى هللا مليه وسلم‪« :‬إك هللا تعاي يبسط يدل باللي ليتوب مس ض‬
‫النهابأ ويبسط يدل بالنهاب ليتوب مس ض اللي حىت تطلو الشلل من م رّبا»(‪)2‬؟‬
‫مفتوح ــر أمرم ــأ لي ـ هن ــرر‪ ،‬وب ــدوم وج ــود حرج ــب و‬
‫أ يكفي ــأ دل ــيال مل ــى ح ــب رب ــأ ل ــأ أم جع ـ برب ــه ً‬
‫واسطة‪ ،‬فا ش ‪ ،‬وم ر ب يف الد ول مليه د ل ؟!‬
‫أي يكر مر املاكر أم يكوم الد ول ملى هللا ودمرغ يف وق حمدد برللي أو برلناـرر‪ ،‬وملـى مـر يريـد‬
‫أم جيرم طلبه أم جيتاد يف حتري هذا الوق كار حيده مع ك صرحب سلطرم‪.‬‬
‫أبدا يف وجه أحد ماار كرم ُجرمه‪.‬‬
‫ولكنه سبحرله وتعرىل ي يشأ أم يفع بلأ‪ ،‬فلم ي ل بربه ً‬
‫لعم‪ ،‬ماار كرم ُجرمه‪.‬‬
‫ولــير بلــأ للاســلاني فحســب بـ ءايــع مبــرد مــر ياــود ولصــرري وملحــدير وبــوبيني‪ ,‬ومــر منــرفقني‪،‬‬
‫وفرجرير‪ ،‬وقطرع طرق‪ ،‬وجمرمني‪.‬‬
‫ألير ك واحد مر هؤ أ له مكرم يف اءنة يريد هللا له أم يش له‪ ،‬و يرتكه؟!‬
‫ين َك َف ُاروا إِك يَنتَا ُهاوا يُا َ َف مار‬ ‫ِ ِ‬
‫فإم كن تشأ يف هذ احلقيقـة فتأمـ معـي توجياـه لرسـوله الكـر ‪ :‬قُا للَّاذ َ‬
‫ف‪[ ‬األلفرل‪ ]38 :‬هكذا بك بسرطة‪.‬‬
‫ََّلُ م َّما قَ مد َسلَ َ‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم بشرح النووي‪.‬‬


‫(‪ )2‬روا مسلم‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫وتأم ـ طربــه للانــرفقني‪ ،‬فبعــد أم حــذرهم و ــوفام مــر مــآل أفعــرهلم مــرد فلــم يي ســام مــر رمحتــه ب ـ جع ـ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ممادا للتوبة والعود إليه ‪‬إِ َّك الملنَا ِ ِقني ِو الد ِ‬
‫اًرا‪ ‬إِالَّ الاذ َ‬
‫ين‬ ‫اَّس َف ِ م َن النَّاا ِب َولَان َجتا َد ََّلاُ م نَص ا‬‫َّب؟ م‬ ‫م‬ ‫ُ َ‬ ‫الطري أمرمام ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ااهلل وأَ مخلَصااوا ِدي اناه ِ‬
‫ِ‬
‫َال ا اارا‬ ‫َ يُا ماؤ ِت هللاُ ال ُملا ماؤمنِ َ‬
‫ني أ م‬ ‫اا َما َاو ال ُملا ماؤمنِ َ‬
‫ني َو َسا ماو َ‬ ‫هلل َأُولَئِا َ‬ ‫َُ م‬ ‫صا ُالوا بِا َ ُ‬ ‫َص الَ ُحوا َوا معتَ َ‬
‫تَااابُوا َوأ م‬
‫يلا‪[ ‬النسرأ‪.]146 ،145 :‬‬ ‫ِ‬
‫َعظ ا‬
‫ِ ِ‬
‫وبعد بلأ يأيت التأكيد ملى أم هللا م وج يريـد أم يعـذم أح ًـدا مـر لقـه ‪َ ‬ماا يَا مف َعا ُ هللاُ ب َعا َذاب ُر م‬
‫ِ ِ‬
‫يلا‪[ ‬النسرأ‪.]147 :‬‬ ‫إِك َش َر مرُمُت َو َ‬
‫آم منتُ م َوَكا َك هللاُ َشاك ارا َعل ا‬
‫وتأمـ كــذلأ – أ ــي القــررئ – طربــه للــذير يعــذبوم النــرس‪ ,‬الطوا يـ الظلاــة‪ ,‬هــؤ أ لــو تــربوا لتــرم‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َاتَانُوا ال ُمل ماؤمنِ َ‬
‫َّ ِ‬
‫اب ا مَ ِري ِ‬
‫اق‪[ ‬الـربوج‪:‬‬ ‫اب َال َهانَّ َ َوََّلاُ م َعا َذ ُ‬
‫ني َوال ُمل مؤمنَاات ُمثَّ َجيم يَاتُوبُاوا َالَ ُها م َعا َذ ُ‬ ‫مليام ‪‬إِ َّك الذ َ‬
‫‪.]10‬‬
‫َّ ِ‬
‫والــذير يرومــوم اآلمنــني ويقطعــوم الطري ـ حــدد الشــرع ج ـ اأهم ‪‬إِ ََّاَاا َالا َازاضُ الااذ َ‬
‫ين َُااا ِببُو َك هللاَ َوَب ُسااولَهُ‬
‫م‬‫صلَّبُوا أ مَو تُا َقطَّ َو أَيم ِدي ِه م َوأ مَب ُاللُ ُه ِّمم من ِخثََ أَ مو يُن َف موا ِم َان اَّ مَب ِ‬
‫ادا أَك يُا َقتَّالُوا أ مَو يُ َ‬
‫سا‬ ‫م ََ‬‫َويَ مس َع مو َك ِو اَّ مَب ِ‬
‫اب َع ِظاي ٌ ‪[ ‬املرئـد ‪ .]33 :‬ولكـر لـو تـرم هـؤ أ اللصـوص القتلـة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذَلِ َ‬
‫الدنمايَا َوََّلاُ م ِو ا َخ َارن َعا َذ ٌ‬ ‫ي ِو ُّ‬ ‫ا ََّلُ م خ مز ٌ‬
‫لترم هللا مليام كار جرأ يف اآلية ال تليار‪:‬‬
‫وب َّبِحي ٌ ‪[ ‬املرئد ‪.]34 :‬‬ ‫ين تَابُوا ِمن قَا مب ِ أَك تَا مق ِد ُبوا َعلَمي ِه م َا معلَ ُلوا أ َّ‬
‫َك هللاَ غَ ُف ٌ‬
‫َّ ِ‬
‫‪‬إِالَّ الذ َ‬
‫اات َوا مَّلاُ َدا ِمان بَا مع ِاد َماا‬ ‫وكذلأ الذير يكتاوم مر أل ل هللا مر اهلد ‪‬إِ َّك الَّ ِذين يرمتُلو َك ما أَنمازلمنَا ِمان المبايِنَ ِ‬
‫َ َ ُ َ َ َ َ ّم‬
‫َصالَ ُحوا َوبَايَّانُاوا َأُولَئِ َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب أُولَئِ َ‬ ‫َّا‪ِ ،‬و ال ِ‬ ‫بَايَّانَّالُ لِلن ِ‬
‫اا أَتُ ُ‬
‫اوب‬ ‫ين تَابُوا َوأ م‬ ‫لعنُا ُه ُ هللاُ َويَال َمعنُا ُه ُ الثَّعنُو َك ‪ ‬إِالَّ الذ َ‬
‫ا يَ َ‬ ‫مرتَ ِ‬
‫الرِحي ُ‪[ ‬البقر ‪.]160 ،159 :‬‬ ‫اب َّ‬ ‫َعلَمي ِه م َوأَنَا التا َّ‬
‫َّو ُ‬
‫أقب وال ختف‬
‫مجيعـر – ينرديـأ‪ :‬أقبـ و طـف‪ ..‬مـ ج تـا قبلتـأ‪ ،‬وملـى أي‬ ‫‪ ‬أخ ‪ ,‬إم ربأ ينتظـرحم – وينتظرلـر ً‬
‫حرل تكوم فيار «يا ابن آدل إنا ما دعوتين وبالوتين غفرت لا على ما كاك منا وال أباااأ ياا ابان آدل‬
‫لو بل ِت ذنوبا عناك السلاضأ مث است فرتين غفرت لااأ ياا ابان آدل لاو أتيتاين بقاراب اَّبم خطايااأ مث‬
‫لقيتين ال تشر؟ شيئااأ َّتيتا بقراّبا م فرن»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬روا الرتمذي (‪ )3534‬وقرل حديث حسر‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫لعـم يــر أ ــي إم م فرتــه ســبحرله تسـع كـ بلوبــأ‪ ،‬وكـ بلوبنــر‪ ،‬كـ مـر هــو مطلــوم منــأ أم تُقبـ مليــه‬
‫بصدق‪ ,‬أم تعتذر له مار مأى مر بلوم وتقصري‪.‬‬
‫فإم قل ولكر بلض كبري ‪ ..‬أكرب ممر يتخيله أحد‪.‬‬
‫ير أ ي‪ ،‬تق هذا‪ ،‬فاربا فعل ؟!‬
‫ه سرق ‪ ،‬ه زلي ‪ ،‬ه أشرك ‪ ،‬ه ‪...‬‬
‫ماار فعل فبربه مفتوح لأ ‪ ..‬أتدري ملربا؟‬

‫ألله يريد أم يتوم مليأ ‪َ ‬وهللاُ يُ ِري ُد أَك يَاتُ َ‬


‫وب َعلَمي ُر م ‪[ ‬النسرأ‪.]27 :‬‬
‫وملربا يريد أم يتوم مليأ؟‬
‫[البقــر ‪:‬‬ ‫ليــد لأ اءنــة‪ ،‬دار أبيــأ‪ ،‬والـ فياــر جـ أ خمصــن لــأ ‪َ ‬وهللاُ يَا مد ُعو إِ َي ا مجلَنَّا ِاة َوال َمل م ِفا َارنِ بِِإ مذنِا ِاه‪‬‬
‫‪.]221‬‬
‫ولير أدل ملى بلأ مر فرحته سبحرله الشديد مندمر يتوم مبد مر مبرد ولو كرم مر أشد املعرلدير‬
‫له‪.‬‬
‫رحا بتوبة عبدل حاني يتاوب إلياه مان أحادك كااك علاى‬
‫تأم معي قوله صلى هللا مليه وسلم «هلل أشد ا‬
‫باحلته بأبم ثنأ انفلت ِت منه وعليها طعامه وشرابهأ أيل منهاأ أتى شجرن اضطجو و ظلهاأ وقد‬
‫أيل من باحلتهأ بينلا هو كذلا إذا هو ّباأ قائلة عندلأ أخذ ِبطامها مث قال من شادن الفارحو اللها‬
‫أن ِت عبدي وأنا ببا‪ .‬أخطأ من شدن الفرح»(‪.)1‬‬
‫رحاا بتوباة عبادل مان العقاي‬
‫وإليأ كذلأ هذا احلديث العجيب‪ ,‬قرل صلى هللا مليه وسلم‪« :‬هلل أشاد ا‬
‫الوالدأ ومن الضال الواالدأ ومن الظلآك الوابد»(‪.)2‬‬
‫يعللنا ما نقوله لنتوب‬
‫ـديدا‪ ،‬ولكنـه ي يعـرر كيـف يعـرب مـر لدمـه وامتـذار‬ ‫ـدمر ش ً‬‫ملر مصـر آدم – مليـه السـالم – ربـه‪ ،‬لـدم ل ً‬
‫آد ُل ِمان‬
‫لربه‪ ,‬فرأ منه هللا هذ احلرل فدلـه – الـرحيم – ملـى مـر يقولـه لـه‪ ،‬ليختصـر مليـه الطريـ ‪َ ‬اتَالَ َّقاى َ‬
‫(‪ )1‬روا البخرري ومسلم‪.‬‬
‫(‪ )2‬روا ابر مسركر يف أمرليه مر أىب هرير ‪ ...‬وأورد اهلندي يف كن العارل (‪.)10165‬‬

‫‪69‬‬
‫الرِحي ُ‪[ ‬البقر ‪.]37 :‬‬
‫اب َّ‬ ‫اب َعلَمي ِه إِنَّهُ ُه َو التا َّ‬
‫َّو ُ‬
‫ِ ِ‬
‫َّببِّمه َكل َلات َاتَ َ‬
‫وكــذلأ مــر حــده مــع بــا إس ـرائي ‪ ،‬فبعــد أم ارتكب ـوا كبــرئر الــذلوم‪ ،‬ومبــدوا العج ـ ‪ ،‬وق ـرلوا لنبــيام‪ :‬أرلــر هللا‬
‫جاــر و‪ ..‬أراد هللا أم يتــوم ملــيام فــدهلم ملــى وســيلة بلــأ واأللفــر الـ يقولوهنــر ‪َ ‬وإِ مذ قُالمنَااا ا مد ُخلُااوا َها ِاذ ِل الم َق مريَاةَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُرلُااوا ِم مناهااا حيا ُ ِ‬
‫ني‪‬‬‫ااب ُسا َّج ادا َوقُولُااوا حطَّاةٌ نَّا مفا مار لَ ُرا م َخطَايَااا ُك م َو َساانَ ِزي ُد ال ُمل محساانِ َ‬
‫اث شا مئتُ م َبغَا ادا َوا مد ُخلُااوا المبَا َ‬ ‫َ َم‬
‫[البقر ‪.]58 :‬‬
‫أي بب غفوب بحي هو ببنا!‬
‫يعلانــر كلاــرت لقوهلــر‪ ،‬وأدميــة لــدمو هبــر حتاـ معــرم مظياــة‪ ،‬مث خيربلــر بألنــر لــو قلنرهــر بصــدق فــر لنــر‬
‫بلوبنر وأمطرلر مرادلر‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومر بلأ قوله تعـرىل‪َ  :‬ببَّانَا الَ تُا َؤاخ مذنَا إِك نَّسينَا أ مَو أَ مخطَأمنَا َببَّانَا َوالَ َوم ِل م َعلَميانَا إِ م‬
‫ص ارا َك َلا َمحَلمتَهُ َعلَى‬
‫ص مارنَا َعلَاى‬
‫ا ِت َم موالَنَاا َانم ُ‬ ‫ين ِمن قَا مبلِنَا َببَّانَا َوالَ ُوَ ِّمللمنَاا َماا الَ طَاقَاةَ لَنَاا بِ ِاه َوا مع ُ‬
‫اف َعنَّاا َوا مغ ِف مار لَنَاا َو مابمحَمنَاا أَن َ‬ ‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬
‫ِ ِ‬
‫ين‪[ ‬البقر ‪.]286 :‬‬ ‫الم َق مول الم َرا ِر َ‬
‫هذ الكلارت النورالية لو أردلر لُعرب مار حتاله مر معرم بكلارت مر مندلر فكم مبرر سنقوهلر؟ وه‬
‫سرتقى تلأ العبررات فتلي ببال ة اآليرت؟!‬
‫مث إم هذ اآليرت و ريهر مر األدمية ممر ورد ملى لسرم املؤمنني‪ ,‬مر الذي أل هلر؟!‬
‫ألير هو هللا م وج ؟!‬
‫ومر هم هؤ أ املؤمنني الذي يقولوهنر؟!‬
‫أشخرصــر بعيــنام‪ ،‬ولكناــر منــوبج يقدمــه هللا لنــر لكــي خيتصــر ملينــر طري ـ ا تيــرر الكلاــرت‬
‫ً‬ ‫إهنــم ليس ـوا‬
‫والعبــررات الـ تنــرل رضــر ‪ ،‬وتســتفتح بــرم فأــله وكرمــه‪ ،‬فيجيــب ملينــر – حــني لرددهــر – بفــتح ـ ائر مفــو‬
‫وفأله ورزقه‪.‬‬
‫وقد ورد أم العبد حني يقرأ‪ :‬ببَّانا الَ تُا َؤ ِ‬
‫اخ مذنَا إِك نَّ ِسينَا أ مَو أَ مخطَأمنَا‪ ‬جييـب سـبحرله‪« :‬قـد فعلـ »‪ ،‬فـإبا‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين من قَا مبلنَا‪ ‬جييب هللا‪« :‬قد فعل » وهكذا ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ص ارا َك َلا َمحَلمتَهُ َعلَى الذ َ‬ ‫قرل‪َ  :‬ببَّانَا َوالَ َوم ِل م َعلَميانَا إِ م‬
‫( ‪)1‬‬

‫(‪ )1‬الظر صحيح مسلم (‪.)126‬‬

‫‪70‬‬
‫فرلظر إىل مد حب هللا لنر‪ ,‬يعلانر مر لقول‪ ،‬ليجيبنر بعد القول‪ :‬قد فعل !‪.‬‬
‫عدل االستقصاض‬
‫أرأي لو أم زميال لأ قد أسرأ إليأ إسرأات برل ة‪ ،‬وارتكب يف حقأ خمرلفرت جسياة‪ ،‬مث جرأحم بعد‬
‫أم أفسد وأفسد ليعتذر لأ مار فعله‪ ,‬ألـير أد مـر يتوقـع منـأ سـرمتار أم جتلـر معـه وتعرتبـه‪ ،‬وتطلـب منـه‬
‫إصالح مر أفسد قب قبول امتذار ‪ ،‬وأم تأ ذ منه املواثي ملى بلأ؟!‬
‫ولكر هللا م وج يفع معنـر بلـأ‪ ،‬فاـو يقبـ منـر ا متـذار – مااـر كـرم حجـم جرائانـر يف حقـه –‬
‫دوم استقصرأ‪ ،‬كاـر حـده مـع موسـى – مليـه السـالم – فبعـد أم قتـ القبطـي‪ ،‬وقبيـ هروبـه مـر مصـر قـرل‪:‬‬
‫ ِت نَا مف ِس َاا مغ ِف مر ِا‪ ‬فباـربا أجـرم هللا؟ ‪َ ‬ا َ َف َار لَاهُ‪ ‬ملـربا امل فـر بكـ هـذ السـاولة ‪‬إِنَّاهُ‬
‫ب إِِّم ظَلَ مل ُ‬‫ال َب ِّم‬
‫‪‬قَ َ‬
‫الرِحي ُ ‪[ ‬القصن‪.]16 :‬‬ ‫وب َّ‬ ‫ُه َو الم َ ُف ُ‬
‫يطرلــب أحـ ًـدا بإصــالح مــر أفســد إ إبا كــرم يف حقــوق النــرس – رمحــة هبــم – أم ـر مــر كــرم يف حقــه‬
‫سبحرله‪ ،‬فاو يتجروز منه ‪ ..‬ملربا؟!‬
‫ألله يريد أم يأع أي مقبرت أمرم طري التوبة‪.‬‬
‫ميسرا للجايع دوم استثنرأ‪.‬‬
‫يريد أم جيع الطري ساال ً‬
‫يكفي أم يندم املرأ ملى مر فع ‪ ،‬ويست فر هللا بصدق ويتوم إليه‪.‬‬
‫يكفي بلأ‪ ،‬فلير املطلوم منـه تقـد كشـف برملخرلفـرت الـ ارتكباـر‪ ،‬وكيـف سيصـلحار ‪..‬تأمـ معـي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ساهُ ُمثَّ يَ مساتَا مف ِر هللاَ‪ ‬مـر الــذي سـيحده إم فعـ بلـأ؟ ‪َِ ‬نااد هللاَ‬
‫اوض أ مَو يَظملا م نَا مف َ‬
‫قولـه تعـرىل‪َ  :‬وَماان يَا مع َلا م ُس ا‬
‫يلا‪[ ‬النسـرأ‪ .]110 :‬جيد‬ ‫غَ ُف ِ‬
‫فرحر بتوبته‪ ،‬ألله حيبه‪ ،‬وينتظر منه هذ‬
‫جبررا‪ .‬ب جيد ً‬ ‫منتقار و جيد ً‬ ‫ً‬ ‫وبا َّبح ا‬
‫ا‬
‫ني‪[ ‬البقر ‪.]222 :‬‬ ‫َّوابِ َ‬ ‫التوبة ‪‬إِ َّك هللاَ ُِ ُّ‬
‫ب التا َّ‬
‫يسه علينا طريق التوبة‬
‫وألله سبحرله حيبنر ويريد لنر اءنة‪ ،‬لذلأ فاو يسا ملينر طري التوبة مر ك جرلب‪.‬‬
‫َس َارُوا‬ ‫ِ ِ‬
‫ااد َّ ِ‬
‫ين أ م‬
‫ي الاذ َ‬‫يطا ننر بأله سي فر لنر مجيع بلوبنر – مااـر بل ـ – وبلـأ جـرد توبتنـر ‪‬قُا م يَاا عبَ َ‬
‫الرِحي ُ ‪[ ‬ال مر‪.]53 :‬‬
‫وب َّ‬ ‫ِ‬
‫وب ََج ايعا إِنَّهُ ُه َو الم َ ُف ُ‬
‫الذنُ َ‬
‫علَى أَنما ُف ِس ِه الَ تَا مقنطُوا ِمن َّب ممح ِة ِ‬
‫هللا إِ َّك هللاَ يَا م ِف ُر ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬

‫‪71‬‬
‫ويؤكــد لنــر رســول هللا صــلى هللا مليــه وســلم ملــى هــذا املعــا فيقــول‪« :‬إك عب ا ادا أص ااب ذنباااا قااالو بب‬
‫أذنب ِتأ اغفرلأ قال ببهو أعل عبدي أك له بباا ي فر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبديأ مث مرث ما شاض‬
‫بب أذنب ِت آخرأ اغفر ا‪ .‬قالو أعلا عبادي أك لاه ببااا ي فار الاذنب ويأخاذ‬ ‫هللاأ مث أصاب ذنبااأ قالو َّ‬
‫بب أذنب ِت آخرأ اغفر اأ قالو أعلا عبادي أك لاه ببااا ي فار‬ ‫به؟ غفرت لعبديأ مث أصاب ذنبااأ قالو َّ‬
‫الذنب ويأخذ به؟ قد غفرت لعبدي ليعل ما شاض»(‪.)1‬‬
‫يعا‪ -‬كار يقول ابر رجب – مر دام ملى هذا احلرل كلار أبلب است فر(‪.)2‬‬
‫شديدا؟‬
‫أتدري مر الذي ي أب ربأ أبًر ً‬
‫جرأ رج إىل رسول هللا صلى هللا مليه وسلم يسأله مر سعة رمحة هللا‪ ،‬فقرل‪:‬‬
‫«الئ ِت تسألين عن سعة بمحة هللا؟ وأخرب؟ أك هللا تعاي يقولو ما غضب ِت على أحد غضيب على عبد‬
‫مع َّجث أو كان ِت العجلة مان شاأ لعجلا ِت للقاانطني مان‬
‫أتى معصية تعاظلها و النب عفويأ لو كن ِت ُ‬
‫بمح »(‪.)3‬‬
‫ي تعلاوا قدري لذلأ أ طأمت يف حقي‬
‫طي أم ابنًر مر األبنرأ قد أ طأ يف ح أبيه‪ ،‬ويريد أبو منـه أم يعتـذر ليسـرحمه ملـى ط ـه‪ ،‬فـرتا يسـا‬
‫مليه طري ا متذار‪ ،‬فيقول له لعلأ ي تدرحم أم مر فعلته كرم طأ‪ ،‬ولعلأ قد أ ذتأ ال فلـة حيناـر ولعلـأ‬
‫مندفعر إىل ا متذار بعد أم شعر برألمرم مر جرلب والد ‪.‬‬
‫‪ ،....‬فيجد ا بر لفسه ً‬
‫وض ِيلَ َهالَة ُمثَّ تَابُوا ِمن بَا مع ِد ذَلِ َ‬
‫اا‬ ‫ين َع ِللُوا ُّ‬
‫الس َ‬
‫أكثر مر هذا يفعله هللا معنر‪ ,‬تأم قوله تعـرىل‪ُ  :‬مثَّ إِ َّك ببَّ َ ِ ِ‬
‫ا للَّذ َ‬ ‫َ‬
‫وب َّبِحي ٌ‪[ ‬النح ‪.]119 :‬‬ ‫وأَصلَحوا إِ َّك ببَّ َ ِ ِ‬
‫ا من بَا معد َها لَ َ ُف ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ م ُ‬
‫ِِ‬ ‫الر ممحةَ أَنَّه من ع ِل ِم من ُر سوض ِيلهالَة ُمثَّ تَ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َصالَ َح َأَنَّاهُ‬
‫اب من بَا معادل َوأ م‬
‫َ‬ ‫ب َببُّ ُر م َعلَى نَا مفسه َّ َ ُ َ َ َ م ُ ا َ َ‬ ‫وقوله‪َ  :‬كتَ َ‬
‫وب َّبِحي ٌ ‪[ ‬األلعرم‪.]54 :‬‬
‫غَ ُف ٌ‬
‫إهنــر رســرلة تطاــني وتر يــب تقــول لنــر‪ :‬لقــد أ طــأمت واقرتفــتم الســي رت أللكــم كنــتم ــرفلني مــا‪ ،‬جــرهلني‬

‫(‪ )1‬متف مليه‪.‬‬


‫(‪ )2‬شرح احلديث لبيأ اللام لبيأ بر رجب ‪.136/‬‬
‫(‪ )3‬كن العارل (‪.)5901‬‬

‫‪72‬‬
‫بقدري‪ ،‬فار مليكم إ أم تست فروين أل فر لكم وأتوم مليكم‪.‬‬
‫لننتهز الفرصة‬
‫‪ ‬أخ القاب و‬
‫ويف هنرية احلديث مر هذا املظار العظيم مر مظرهر حب ربأ لـأ‪ ،‬ولسـرئر مبـرد ‪ ،‬تبـ كلاـة بـد أم‬
‫تُــذكر يف ه ــذا املق ــرم وه ــي أم كـ ـ م ــر قيـ ـ يف الص ــفحرت الس ــربقة م ــر تر ي ــب هللا لعب ــرد يف التوب ــة وتيس ــري‬
‫لطريقار‪ ،‬مر هو إ استدراج منه سبحرله هلم لكي يسررموا برلفرار والعود إليه‪ ،‬ومر مث يرزقام احلير الطيبة يف‬
‫وب‪[ ‬سبأ‪.]15 :‬‬ ‫الدلير‪ ،‬واءنة يف اآل ر ‪‬بَا مل َدنٌ طَيِّمبَةٌ َوَب ٌّ‬
‫ب غَ ُف ٌ‬
‫ولكر هب أم البعض ي يستفد مر هذ الفرصة العظياة ال أترحاـر هللا لـه‪ ،‬وي يتـب إليـه أو يقبـ مليـه‪ ،‬وظـ‬
‫يف فلته ميـا لفسـه ألـه سـيفع بلـأ بعـد حـني ‪ ..‬بعـد أم حيـج‪ ،‬أو يـ وج األو د‪ ،‬أو خيـرج ملـى املعـرش‪ ...‬بـال شـأ‬
‫يومـر بعـد يـوم دوم أم يشـعروا‪ ،‬مث يفـرج وا لـأ املـوت أمـرمام‬ ‫أم هؤ أ سيندموم أشد الندم مندمر تتسرم أماـررهم ً‬
‫قد جرأهم ليقبض أرواحام‪ ،‬ومر مث ين ل برم التوبة أمرمام‪.‬‬
‫ومر مجب أم الرم الرحيم حذرلر كثريا مر بلأ املوقف كي لقع فيه ‪‬وأَنِيباوا إِ َي ببِ ُرا وأ ِ‬
‫َسال ُلوا لَاهُ‬‫َّم م َ م‬ ‫َ ُ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س َان َماا أُنما ِز َل إلَ ماي ُر ّممان َّببّم ُرا ّممان قَا مبا ِ أَك يَاأمتيَ ُر ُ‬ ‫ص ُرو َك ‪َ ‬واتَّب ُعوا أ م‬
‫َح َ‬ ‫من قَا مب ِ أَك يَأمتيَ ُر ُ ال َمع َذ ُ‬
‫اب ُمثَّ الَ تُا من َ‬
‫اب بَا متَةا َوأَنماتُ م الَ تَ مش ُع ُرو َك‪[ ‬ال مر‪.]55 ،54 :‬‬ ‫ال َمع َذ ُ‬
‫فلننتا الفرصة‪ ،‬ولنستجب لنصرئح ربنر‪ ،‬ولنبردر بر سـت فرر والتوبـة‪ ،‬وا سـتفرد مـر نررهـر يف الـدلير قبـ‬
‫ت ُك ا َّ ِذي َ م‬
‫ضا‬ ‫اعااا حسااناا إِ َي أَال ا ُّمسا ًّالى وي ا ماؤ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫اس اتَا مف ُروا َببَّ ُر ا م ُمثَّ تُوبُااوا إلَميااه ُنَااتّم مع ُر َّمتَ ا َ َ‬
‫اآل ــر ‪َ ‬وأَك م‬
‫ضلَهُ‪[ ‬هود‪.]3 :‬‬ ‫َم‬
‫و تم احلديث مر هذا املظار العظيم مر مظرهر حب هللا لعبرد بقوله صلى هللا مليه وسلم‪« :‬إك للتوبة‬
‫عرم ما بني مصراعيه ما بني املشرق وامل رب ال يُ لق حىت تطلو الشلل من م رّبا»(‪.)1‬‬
‫باباا ُ‬

‫(‪ )1‬حسر‪ ،‬روا الطرباين‪ ،‬وحسنه األلبرين يف صحيح اءرمع ح (‪.)2177‬‬

‫‪73‬‬
‫ثرمنًر‪ :‬مر مظرهر حب هللا لأ‪:‬‬
‫حلله وصربل وسِتل لا‬
‫‪ ‬أ ي‪.‬‬
‫مجيعـر طـتلري مليـه الل ـرت‪ ،‬و‬
‫مجيعر أم هللا م وج حـي قيـوم ي فـ و ينـرم‪ ,‬أحـرط برلنـرس ً‬ ‫لعلم ً‬
‫يتوار مليه شيأ ولو كرم يف قعر اءبرل أو قرع البحرر‪.‬‬
‫مجيعـر‪ ،‬يــر مكرلنــر‪ ،‬ويسـاع كالمنــر‪ ،‬ويعلــم مـر توســوس بــه ألفسـنر ‪َ ‬ولََقا مد َخلَ مقنَااا ا ِأنم َسااا َك َونَا معلَا ُ َمااا‬ ‫قريـب منــر ً‬
‫يد‪[ ‬ق‪.]16 :‬‬ ‫تُاوس ِو‪ ،‬بِ ِه نَا مفسهُ وَمحنن أَقامرب إِلَي ِه ِمن حب ِ الموِب ِ‬
‫ُ َ ُ َ ُ م م َم َ‬ ‫َم ُ‬
‫اا ِمان‬
‫ب َعان َّببِّم َ‬
‫ملاـر ‪َ ‬وَماا يَا مع ُاز ُ‬
‫حيده شيأ يف أي مكرم مر األرس إ ويعرفه سبحرله‪ ،‬وحييري بـه ً‬
‫م والَ ِو َّ ِ‬
‫َص َ َر ِمن َذلِ َ‬
‫ا َوالَ أَ مكبَا َر إِالَّ ِو كِتَاب ُّمبِني‪[ ‬يولر‪.]61 :‬‬ ‫الس َلاض َوالَ أ م‬ ‫ِ ِ‬
‫ّممِما َقال َذ َّبن ِو اَّ مَب ِ َ‬
‫ي يب منه – سـبحرله – سـقوط ورقـة يربسـة مـر شـجر وارفـة يف ليلـة مظلاـة دا ـ ربـة مـر ال ربـرت‬
‫ط ِمان َوَبقَاة إِالَّ يَا معلَ ُل َهاا‬ ‫الكثيفـة ‪َ ‬و ِع من َدلُ َم َفاتِ ُح الم َمي ِ‬
‫ب الَ يَا معلَ ُل َها إِالَّ ُه َو َويَا معلَ ُ َما ِو المبَا ّمِر َوالمبَ محا ِر َوَماا تَ مسا ُق ُ‬
‫م َوالَ َبطمب َوالَ يَابِل إِالَّ ِو كِتَاب ُّمبِني‪[ ‬األلعرم‪.]59 :‬‬ ‫ات اَّ مَب ِ‬ ‫والَ حبَّة ِو ظُلُل ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ومع هذا العلم وهذ اإلحرطة فإله سبحرله قـردر مقتـدر‪ ،‬يعجـ شـيأ أم يفعلـه إبا اراد أم يفعلـه ‪‬إَََِّاا قَا مولُنَاا‬
‫لِ َش م ض إِذَا أ ََب مدنَالُ أَك نَّا ُق َ‬
‫ول لَهُ ُك من َايَ ُرو ُك‪[ ‬النح ‪.]40 :‬‬
‫كاك معنا‬
‫يقينًــر‪ -‬أ ــي – أم هللا مـ وجـ ي ي ــب منــر ولــو للحظــة مــر حلظــرت حيرتنــر ‪َ ‬وَم اا تَ ُرااو ُك ِو َش اأمك َوَمااا‬
‫يضو َك ِ ِيه‪[ ‬يولر‪.]61 :‬‬ ‫ودا إِ مذ تُِف ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تَا متالُو م منهُ من قُا مرآك َوالَ تَا مع َللُو َك م من َع َل إِالَّ ُكنَّا َعلَمي ُر م ُش ُه ا‬
‫معا بلأ أله كرم معي ومعأ حني مصينر ‪.‬‬
‫كرم معأ حني أطل النظر إىل ري حمررمأ مر النسرأ‪.‬‬
‫كــرم مع ــأ وق ـ أم مسع ـ م ــؤبم الفج ــر ين ــردي للصــال ‪ ،‬فل ــم جت ــب الن ــداأ ب ـ تكرس ــل وجترهل ـ ‪،‬‬
‫وأ لدت إىل النوم‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫كــرم معــأ وألـ جتتاــد يف إقنــرع اآل ـرير بشــيأ تعلــم يف قـرار لفســأ ألــه ــري حقيقــي‪ ،‬وألــأ تكــذم‬
‫مليام‪.‬‬
‫كــرم معــي ومعــأ وقـ كـ معصــية مصــينرهر‪ ،‬وكـ تقصــري قصـرلر ‪ ،‬وكــرم يقــدر – ســبحرله – ملــى أم‬
‫يأ ذ الواحد منر ملى احلرل ال كرم مليار‪.‬‬
‫كــرم يقــدر أم يأ ــذ وهــو يكــذم‪ ..‬وهــو يطل ـ بصــر ‪ ..‬وهــو حيســد ــري ‪ ..‬يأ ــذ يف حلظــرت شــارد‬
‫ال ور أو حلظرت تطروله ملى والديه أو ‪....‬‬
‫سا مخنَا ُه م َعلَاى‬
‫شااضُ لَ َل َ‬
‫كرم مر السا واليسري مليه سبحرله أم يأ ذلر يف هذ األوضرع املشـينة ‪َ ‬ولَ ماو نَ َ‬
‫ضيًّا َوالَ يَا مرِال ُعو َك‪[ ‬ير‪.]67 :‬‬
‫اعوا م ِ‬ ‫َم َرانَتِ ِه م َ َلا م‬
‫استَطَ ُ ُ‬
‫ولكنه ي يفع ‪ ،‬ب تركنر لعصر ‪ ،‬ولقصر يف حقه أكثر وأكثر‪.‬‬
‫ولكر ملربا ي يفع بلأ وهو القردر املقتدر؟!‬
‫اإلجربة واضحة؛ ألله حيب مبرد ويريد هلم أم يُناوا حيرتم هنريـة سـعيد لـذلأ فاـو حيلـم ويصـرب ملـيام‬
‫ا لَ ُذو َم م ِف َرن لِّملن ِ‬
‫َّا‪َ ،‬علَاى‬ ‫لع حلظة تأيت مليام يفيقوم فيار مر فلتام‪ ،‬ويتوبوم إليه فيتوم مليام ‪َ ‬وإِ َّك َببَّ َ‬
‫ظُل ِمل ِه م ‪[ ‬الرمد‪.]6 :‬‬
‫اب ِم من‬ ‫ِ‬ ‫ات أَك اَم ِس َ‬
‫ف هللاُ ّبِِ ُ اَّ مَب َ‬
‫م أ مَو يَأمتيَا ُه ُ ال َمع َذ ُ‬
‫السيِئَ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫تأم معي قوله تعرىل‪ :‬أَ َأَم َن الذ َ‬
‫ين َم َر ُروا َّ ّم‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫مخ َذ ُه م َعلَى َختَُّوَ‪[ ‬النح ‪.]47 -45 :‬‬ ‫مخ َذ ُه م ِو تَا َقلُّب ِه م َ َلا ُه مبُمعج ِز َ‬
‫ين ‪ ‬أ مَو يَأ ُ‬ ‫ث الَ يَ مش ُع ُرو َك ‪ ‬أ مَو يَأ ُ‬
‫َح مي ُ‬
‫‪.]47 :‬‬ ‫[النح‬ ‫وَ َّبِحي ٌ"‬
‫لكنه ي يفع ‪ ،‬ألله كار جرأ يف ترم اآلية األ ري " َِإ َّك َببَّ ُر م لََرُؤ ٌ‬
‫لعم أ ي القررئ‪ ،‬فربنر رم حليم‪ ،‬صبور‪ ،‬يؤا ذ مبرد بأفعـرهلم السـي ة ولـو فعـ ملـر تـنعم متـنعم بيومـه‬
‫اب‪‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا الم َ ُفوب ذُو َّ ِ‬
‫سبُوا لَ َع َّجا َ ََّلاُ ُ ال َمعا َذ َ‬
‫الر ممحَة لَ مو يُا َؤاخ ُذ ُه مبَا َك َ‬ ‫ُ‬ ‫أو ليله ولتذوق اءايع العذام األليم ‪َ ‬وَببُّ َ‬
‫[الكاف‪.]58 :‬‬
‫جرأ يف األثر‪ :‬مر مر ليلة ا تلري ظالمار‪ ،‬وأر ى الليـ سـربرل سـرتهر‪ ،‬إ لـرد اءليـ جـ جاللـه‪َ :‬مـر‬
‫ـودا وا الئـ ـ يل مرص ــوم وأل ــر هل ــم مراق ــب‪ ،‬أكل ــؤهم يف مأ ــرجعام ك ــأهنم ي يعص ــوين‪ ،‬وأت ــوىل‬
‫أمظ ــم م ــا ج ـ ً‬
‫حفظام كأهنم ي يذلبوا فيار بيا وبينام‪ ،‬أجود برلفأ ملى العرصي‪ ،‬وأتفأ ملى املسيأ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫مر با الذي دمرين فلم أُلبه‪ ،‬أم مر با الذي سألا فلم أمطه‪ ،‬مر با الذي ألرق ببريب فنحيته(‪.)1‬‬
‫وكرم ابر السارحم يقول يف منرجرته‪:‬‬
‫تبررك ير مظيم ‪ ..‬لو كرل املعرصي ال مصيتار طرمة أطع فيار مر زاد ملى النعارأ ال تبتليار‪.‬‬
‫وإلأ لت يد يف اإلحسرم إلينر كأم الذي أتينر مر اإلسرأ إحسرم‪.‬‬
‫فال أل بكثر اإلسرأ منر تدع اإلحسرم‪ ،‬و حنر بكثر اإلحسرم منأ إلينر مر اإلسرأ لقلع‪.‬‬
‫أبي إ إحسرلًر وأبينر إ إسرأ واجرتاأ‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫فار با الذي حيصي لعاأ ويقوم بإحسرلأ وبأداأ شكرحم إ بتوفيقأ ولعاأ؟!‬
‫غضبة الروك‬
‫‪ ‬أ ي القررئ‪.‬‬
‫وهللا مث وهللا لـو قُـدر ألحـدلر أم يــر مـر حيـده يف األرس كاـر يـرا املـا األملـى ستشـرط أــبًر‪ ،‬وأل‬
‫مجيعر‪.‬‬
‫ملى هللا بتعجي مقوبته أله األرس ً‬
‫ألرسر يعيشوم يف ملأ هللا‪.‬‬
‫طي ألأ تر ً‬
‫ويأكلوم مر رزقه‪.‬‬
‫وينرموم آمنني يف حفظه‪.‬‬
‫وا دم حتيري هبم مر ك جرلب ‪ ..‬مسخر لديام ومأمتر بأوامرهم‪.‬‬
‫مث بع ــد بل ــأ كل ــه ي ــذكروم م ــر أك ــرمام هب ــذا كل ــه‪ ,‬يش ــكروله‪ ،‬و يعبدول ــه‪ ،‬بـ ـ يعص ــوم أوام ــر ‪،‬‬
‫وجيحــدوم لعا ــه‪ ،‬ويبررزول ــه برملعرص ــي‪ ،‬ويــدموم ملي ــه ا دم ــرأات‪ ,‬فا ــر قرئ ـ إم لــه ول ـ ًـدا‪ ،‬وم ــر قرئ ـ إم ل ــه‬
‫شري ًكر‪ ،‬ومر قرئ إم هنرحم إهلًر ري ‪.‬‬
‫طي أم هذا حيده ك يوم‪ ،‬ب يف ك وق ‪ ،‬وطي ألأ تر هذا كله‪ ،‬فاربا سيكوم رد فعلأ؟!‬
‫سيكوم بال شأ رد الفع الطبيعي الذي تعيشه ك املخلوقرت ال تشرهد مر يفعله اإللسرم مر جحود‬

‫(‪ )1‬شرح حديث لبيأ اللام لبيأ بر رجب ص ‪.138‬‬


‫(‪ )2‬حسر الظر برهلل بر أىب الدلير ص ‪.63‬‬

‫‪76‬‬
‫ومصيرم‪ ،‬وجترغ ملى ربه‪.‬‬

‫ســيكوم مث ـ رد فع ـ الســاروات واألرس واءبــرل حيناــر يــردد بعــض الأــرلني أم هلل ولـ ًـدا ‪َ ‬وقَااالُوا َّاختَا َذ‬
‫اال َهادًّا ‪ ‬أَك‬ ‫م َوَِخت ُّار ا مجلِبَ ُ‬ ‫ات يَاتَا َفطَّ مار َك ِم مناهُ َوتَن َ‬
‫ش ُّاق اَّ مَب ُ‬ ‫الس َال َاو ُ‬ ‫الر ممحَ ُن َولَ ادا ‪ ‬لََقا مد ِال مئاتُ م َش مايئاا إِدًّا ‪ ‬تَ َر ُ‬
‫ااد َّ‬ ‫َّ‬
‫لر ممحَ ِن َولَ ادا‪[ ‬مر ‪.]91 ،88 :‬‬ ‫َد َع موا لِ َّ‬
‫سيكوم رد فعلأ كرلبحر الذي يستأبم ك يوم أم ي رق ابر آدم لكثر معرصيه‪ ،‬وجرأته ملى ربه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م أَ مك تَ ا ُازوالَ َولَاائ من َمالَتَااا إ مك أ مَم َ‬
‫س ا َر ُه َلا‬ ‫الساالاو ِ‬
‫ات َواَّ مَب َ‬ ‫اا َّ َ َ‬‫ولكــر احللــيم يســاح بــذلأ ‪‬إِ َّك هللاَ نُم ِسا ُ‬
‫ِ‬ ‫ِمن أ ِ ِ ِ‬
‫وبا‪[ ‬فرطر‪.]41 :‬‬ ‫َحد ّممن بَا معدل إِنَّهُ َكا َك َحل ا‬
‫يلا غَ ُف ا‬ ‫م َ‬
‫اْللي يرا امللروت‬
‫ِ ِ‬ ‫لقــد حــده – أ ــي القــررئ – إلب ـراهيم مليــه الســالم مــر كنــر لتخيلــه منــذ قلي ـ " َوَك ا َذلِ َ‬
‫ا نُا ِري إبم ا َاراهي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات واََّب ِ ِ‬
‫ني" [األلعرم‪ ]75 :‬فلقـد ُرفـع إىل ملكـوت السـاروات‪ ،‬ولظـر إىل‬ ‫م َوليَ ُرو َك م َن ال ُملوقنِ َ‬ ‫وت َّ ِ‬
‫الس َل َاو َ م‬ ‫َملَ ُر َ‬
‫أه ـ األرس‪ ،‬ورأ مــنام مــر رأ مــر معــرص وفجــور فاــربا كــرم رد فعلــه وهــو كاــر وصــفه هللا م ـ وج ـ ‪‬إِ َّك‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يب‪[ ‬هود‪.]75 :‬‬ ‫إِبما َراهي َ ََلي ٌ أ ََّوالٌ ُّمن ٌ‬
‫فعر سلارم الفررسي قرل‪ :‬ملر رأ إبراهيم ملكوت الساروات واألرس رأ رجال ملى فرحشة فدمر مليه‬
‫فالأ‪ ،‬مث رأ آ ر ملى فرحشة فدمر مليه فالأ‪ ،‬مث رأ آ ر ملى فرحشة فدمر مليه‪ ،‬فـأوحى هللا إليـه‪ :‬أم‬
‫يــر إب ـراهيم ماــال فإلــأ رج ـ مســتجرم لــأ‪ ،‬وإين مــر مبــدي ملــى ثــاله صــرل‪ :‬إمــر أم يتــوم قب ـ املــوت‬
‫فأتوم مليه‪ ،‬وإمر أم أُ رج مر صلبه برية يذكروين‪ ،‬وإمر أم يتوىل فجانم مر ورائه»(‪.)1‬‬
‫الستري‬
‫ومـع حلاــه العظــيم وصــرب ســبحرله ملــى مبــرد ‪ ،‬فإلــه كــذلأ ســتري‪ ،‬يســرتهم و يفأــحام ر ــم إســرأاتم‬
‫البرل ة‪.‬‬
‫طي – أ ي القررئ‪ -‬أم صديقأ الذي حيبأ وحتبه‪ ،‬قد ملـم ألـأ قـد حسـدته ملـى ا ـري الـذي أتـر ‪..‬‬
‫مربا ستكوم مشرمر جترهأ؟!‬

‫(‪ )1‬أ رجه سعيد بر منصور وابر أىب شيبة وابر املنذر وأبو الشيخ كار يف الدر املنثور للسيوطي ‪.45/3‬‬

‫‪77‬‬
‫ولو ملم مر ا تبته ر بكرته منه‪ ..‬بأي وجه سيلقرحم بعد بلأ؟!‬
‫ولــو ملــم النــرس حقيقــة أمــري وأمــرحم ومــد تقص ـريلر يف جنــب هللا‪ ،‬وجرأتنــر ملــى معرصــيه أت ـراهم يُقبلــوم‬
‫ملينر ويبتساوم يف وجوهنر؟ وه سيلقوم ملينر السالم أصال؟!‬
‫َج ّ رمحرت هللا بعبرد سرت هلم‪ ،‬ومدم الكشرر هذا السـرت أمـرم بعأـام الـبعض‪ ،‬وإ ملـر اسـتطرموا أم‬ ‫إم مر أ َ‬
‫يتعريشـوا فياــر بيــنام‪ ،‬أو يتـوادوا‪ ،‬أو يرتامحـوا‪ ،‬وملــر أقــدم بعأــام ملــى مســرمد الــبعض‪ ،‬ومــر مث يصــبح اءايــع فريســة‬
‫سالة للشيطرم‪.‬‬
‫ب إله سبحرله يستحثنر ملى سرت بعأنر البعض‪ ،‬وومد بعظيم اء اأ ملر سرت أ ر ‪.‬‬
‫يقول صلى هللا مليه وسلم «ال يسِت عبد عب ادا و الدنيا إال سِتل هللا يول القيامة»(‪.)1‬‬
‫هذ يف الدلير‪ ,‬أمر يف اآل ر فيستار السرت لعبرد املؤمنني‪.‬‬
‫قــرل صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬إك هللا تعاااي يُااد املااؤمنأ يضااو عليااه كنفااهأ وسااِتل ماان النااا‪،‬أ ويقااربل‬
‫بذنوبهأ يقولو أتعرَ ذنب كذا؟ أتعرَ ذنب كذا؟ يقولو نع أي ببأ حىت إذا قربل بذنوبهأ وبأا و‬
‫نفسه أنه قد هلاأ قالو إ قد سِت ا عليا و الدنياأ وأنا أغفرها لاا الياولأ مث يُعطاى كتااب حساناته‬
‫بيلينه»(‪.)2‬‬
‫وإليا هذل القصةو‬
‫و ــتم احلــديث مــر هــذا املظاــر العظــيم مــر مظــرهر حــب هللا لعبــرد هبــذ القصــة الـ وقعـ أحــداثار يف‬
‫زمر موسى – مليه السالم – إب أصرم قومـه القحـري‪ ،‬فـرجتاع النـرس إليـه‪ ،‬فقـرلوا‪ :‬يـر كلـيم هللا‪ ,‬ادع لنـر ربـأ‬
‫أم يسقينر ال يث‪ ،‬فقرم معاـم‪ ،‬و رجـوا إىل الصـحراأ وهـم سـبعوم أل ًفـر أو ي يـدوم‪ .‬فقـرل موسـى مليـه السـالم‪:‬‬
‫الرتـع‪ ،‬واملشـريخ الركـع‪ ،‬فاـر زادت‬ ‫الرضـع‪ ،‬والباـرئم ُ‬
‫إهلي‪ ,‬اسـقنر يثـأ‪ ،‬والشـر ملينـر رمحتـأ‪ ،‬وارمحنـر برألطفـرل ُ‬
‫ُّعر‪ ،‬والشار إ حرار وأوحى هللا إليه إم فيكم مبد يبررزين منذ أربعني سنة برملعرصي‪ ،‬فنرد يف‬ ‫السارأ إ تقش ً‬
‫النرس ح خيرج مر بني أظاركم‪ ،‬فبه منعتكم‪.‬‬
‫فقرم منرديًر وقرل‪ :‬أيار العبد العرصي الذي يبررز هللا منـذ أربعـني سـنة‪ ,‬أ ـرج مـر بـني أظارلـر‪ ،‬فبـأ ُمنعنـر‬
‫املطر‪.‬‬

‫(‪ )1‬روا مسلم‪.‬‬


‫(‪ )2‬صحيح اءرمع الص ري ح (‪.)1894‬‬

‫‪78‬‬
‫أحدا رج‪ ،‬فعلم أله املطلوم‪ ،‬فقرل يف‬
‫فقرم العبد العرصي‪ ،‬فنظر بات الياني وبات الشارل‪ ،‬فلم ير ً‬
‫لفسه‪ :‬إم ألر رج مر بني هذا ا ل افُتأح ملى رأوس با إسرائي ‪ ،‬وإم قعدت معام منُعوا ألجلي‪،‬‬
‫طرئعر‬
‫لردمر ملى فعرله‪ ،‬وقرل‪ :‬إهلي وسيدي‪ ,‬مصيتأ أربعني سنة وأمالتا وقد أتيتأ ً‬
‫فأد رأسه يف ثيربه ً‬
‫فرقبلا‪ ،‬فلم يستتم الكالم ح ارتفع سحربة بيأرأ فأمطرت كأفوا القَرم‪ ،‬فقرل موسى‪ :‬إهلي وسيدي‪,‬‬
‫ربا ُسقينر ومر رج مر بني أظارلر أحد؟ فقرل‪ :‬ير موسى‪ ,‬سقيتكم برلذي به منعتكم‪.‬‬
‫إين ي أفأــحه وهــو يعصــيا‪ ،‬أأفأــحه وهــو‬
‫فقــرل موســى‪ :‬إهلـ ّـي أرين هــذا العبــد الطــرئع‪ .‬فقــرل‪ :‬يــر موســى ّ‬
‫يطيعا؟! (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬كترم التوابني بر قدامة املقدسي ‪.70 ،69‬‬

‫‪79‬‬
‫ترسعر‪ :‬طربـ ـ ـ ـه الودود‬
‫ً‬
‫الذي ااطبا اا به‬
‫اا‬ ‫هللا م ـ ـ وج ـ ـ ميل ــأ ك ـ ـ ش ــيأ يف ه ــذ األرس ال ـ ـ لس ــكنار‪ ،‬والس ــارأ ال ـ ـ تراه ــر أمينن ــر ‪ِ ‬‬
‫هلل ُم ملا ا ُ‬
‫م َوَما ِي ِه َّن َو ُه َو َعلَى ُك ِّم َش م ض قَ ِد ٌير‪[ ‬املرئد ‪.]120 :‬‬ ‫السلاو ِ‬
‫ات َواَّ مَب ِ‬ ‫َّ َ َ‬
‫وك املخلوقرت ال لراهر مر جبرل وأهنرر ويرر وأشجرر ورمرل وأحجرر ودوام و‪...‬‬
‫م طَوعااا وَكرهااا ِ‬
‫وظث َُّل اُ بِالم ُا ُد ّمِو‬ ‫الساالاو ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َواَّ مَب ِ م ا م ا‬ ‫اج ُد َماان ِو َّ َ َ‬
‫كـ هــذا رضــع هلل مـ وجـ ‪َ ‬وهلل يَ مسا ُ‬
‫َص ِ‬
‫ال‪[ ‬الرمد‪.]15 :‬‬ ‫َوا َ‬
‫و أــوع الكــوم كلــه هلل م ـ وج ـ أــوع ســرمدي ي لّفــه احلاــد إلترحتــه ســبحرله الفرصــة للوجــود مــر العــدم‪،‬‬
‫الر معا ا ُد ََِ مل ا ِاد ِل‬
‫واس ــتارار بقرئ ــه وحفظ ــه‪ ،‬وي لّف ـه ك ــذلأ اإلج ــالل لعظات ــه‪ ،‬والرهب ــة م ــر جربوت ــه وس ــلطرله ‪َ ‬ويُ َس اابِّم ُح َّ‬
‫َوال َملثَئِ َرةُ ِم من ِخي َفتِ ِه‪[ ‬الرمد‪.]13 :‬‬
‫ومــر مظــرهر اإلجــالل والرهبــة وا أــوع هلل مـ وجـ مبوديــة املالئكــة لــه ســبحرله‪ ،‬فانــرحم بعأــام يف حرلــة مــر‬
‫الرك ــوع من ــذ أم لق ــه هللا مـ ـ وجـ ـ ‪ ،‬وم ــنام م ــر ه ــو يف حرل ــة الس ــجود ل ــه س ــبحرله من ــذ أم لقا ــم ‪َ ‬ولَ ااهُ َم اان ِو‬
‫ِ‬ ‫م ومن ِع من َدلُ الَ يستَرِمربو َك َعن ِعب َ ِ‬
‫ااب الَ يَا مفتُا ُارو َك‪‬‬ ‫ادتِه َوالَ يَ مستَ محس ُارو َك ‪ ‬يُ َسابِّم ُحو َك اللَّميا َ َوالنا َ‬
‫َّه َ‬ ‫َم ُ م َ‬
‫َّ ِ‬
‫الس َل َاوات َواَّ مَب ِ َ َ م‬
‫[األلبيرأ‪.]20 ،19 :‬‬
‫قيام ااا إي يااول القيام ااة ترع ااد رائص ااه م اان‬
‫يقــول صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬إك هلل مثئر ااة و الس االاض ا‬
‫ا تهأ ما منه ملا تقطر مان عينياه دمعاة إال وقعا ِت علاى ملاا يسابحأ وهلل مثئراة ساجدوا مناذ خلاق‬
‫هللا السلاوات واَّبم جي ير عوا بضوسه أ وال ير عوما إي يول القيامةأ وصفو اا جي يتفرقوا عان مقاامه إي‬
‫يول القيامةأ إذا كاك يول القيامة جتلى َّل بّب عز وال أ ينظروك إليه تباب؟ وتعايأ قالواو سبحانا ما‬
‫عبدنا؟ كلا ينب لا»(‪.)1‬‬
‫من أن ِت؟‬
‫هذا اإلله العظيم بعظاته وجربوته‪ ,‬جبالله وكارله‪ ,‬بع وسلطرله كيف خيرطبأ ألـ ؟! ومـر ألـ ؟! ألـ‬

‫(‪ )1‬روا البياقي يف السنر وا طيب وابر مسركر‪ ،‬الظر كن العارل (‪.)29836‬‬

‫‪80‬‬
‫بر يسـري يف ملكـه تسـروي شـيًر جبـوار جبـ مـر اءبـرل أو يـر مــر البحـرر‪ ،‬بـ إم األرس كلاـر ـر ملياــر‬
‫برلنسبة ملالكته تسروي مقدار حبة رم مر صحراأ شرسعة حدود هلر‪.‬‬
‫وبرإلضرفة إىل بلأ فال تنر أم ربأ هو الذي أوجدحم مر العدم‪ ،‬فقب شاور مر و دتأ ي تكر شيًر‬
‫مذكورا‪.‬‬
‫ً‬
‫وتذكر أم حيرتأ كلار متوقفة ملى إمداداته‪ ،‬ولو توقف تلأ اإلمدادات لتا حيرتأ‪.‬‬
‫مــر املتوقــع أم يكــوم طــرم الع ي ـ للــذلي ‪ ،‬وال ــا للفقــري‪ ،‬والقــوي للأــعيف‪ ،‬والعظــيم للحقــري‪ ،‬والكبــري‬
‫للص ري‪ ،‬واملعطي لآل ذ‪ ،‬والقردر للعرج ‪.‬‬
‫ألير مر املتوقع أم يكوم ا طرم املوجه إلينر يتنرسب مع صفرته سبحرله وصفرتنر؟‬
‫ألير مر املتوقع مر إله مظيم له هذا امللأ واءالل والكارل أم يكوم طربـه مبـرر مـر تعريـف ااتنـر‬
‫مع بيرم برألوامر املطلوبة منر وكفى؟!‬
‫ولكنه لير كذلأ‪.‬‬
‫إله طرم مجيب يقطر ودا وحبًر‪.‬‬
‫الرِحي ُ ‪[ ‬البقر ‪.]163 :‬‬ ‫طرم منواله ‪‬وإِ ََّل ُر إِلَهٌ و ِ‬
‫اح ٌد الَّ إِلَهَ إِالَّ ُه َو َّ‬
‫الر ممحَ ُن َّ‬ ‫َ ُ م َ‬
‫طرم يطا ر مستاعه‬
‫لــو تفكرلــر فقــري يف طــرم هللا لعبــرد – مــؤمنام وكــرفرهم – لتأكــدلر مــر حبــه ســبحرله هلــم‪ ،‬وحرصــه‬
‫مليام‪.‬‬
‫إله طرم يطا ر مر يساعه ويدفعه ويستدرجه للفرار يف اجتر قرئله‪ ..‬الفرار إىل هللا‪ ،‬الفرار منه‪.‬‬
‫ولنبدأ بصي ة النداضو‬
‫تأمـ لــداأ ســبحرله للعصــر واجملــرمني الــذي حيردولــه‪ ،‬وجيــرهروم بررتكــرم كـ مــر ي أــبه‪ ،‬ويصــروم ملـى‬
‫َس َارُوا َعلَاى أَنما ُف ِسا ِه م الَ تَا مقنَطُاوا ِمان َّب ممحَ ِاة‬
‫ين أ م‬
‫اد َّ ِ‬
‫ي الاذ َ‬
‫ِ ِ‬
‫بلأ‪ ،‬ب ويستا ئوم برملؤمنني‪ ..‬ربا ينـرديام‪ :‬يَا عبَ َ‬
‫الرِحي ُ ‪[ ‬ال مر‪.]53 :‬‬
‫وب َّ‬ ‫ِ‬
‫وب ََج ايعا إِنَّهُ ُه َو الم َ ُف ُ‬
‫الذنُ َ‬
‫ِ‬
‫هللا إِ َّك هللاَ يَا م ِف ُر ُّ‬

‫‪81‬‬
‫إله ينـرديام بــ‪ :‬يـر مبـردي‪ ،‬بكـ مـر حيالـه هـذا النـداأ مـر ود‪ ،‬وتلطـف‪ ،‬وحنـرم‪ .‬مث الظـر إىل لدائـه للبشـر‬
‫ِ ِ‬ ‫مجيعر‪ :‬يا أَيُّاها النَّا‪ ،‬إِ َّك و مع َد ِ‬
‫الدنمايَا َوالَ يَا َُّرنَّ ُر م باهلل الم َ ُر ُ‬
‫وب‪[ ‬فرطر‪.]5 :‬‬ ‫هللا َح ٌّق َثَ تَا َُّرنَّ ُر ُ ا مَيَانُ ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ً َ َ‬
‫زورا وهبترلًر أم له و ًلدا وزوجـة – حرشـر ‪ -‬ينـرديام بقولـه‪ :‬يـر أهـ‬
‫وتأم لداأ للنصرر الذير ادموا مليه ً‬
‫الكترم‪ ،‬فيشعرهم بأم هنرحم صلة قوية بينام وبينه‪ ،‬وأهنم ليسوا ببعيدير منه‪.‬‬
‫مث تأم ـ وتأم ـ لــداأ للياــود الــذير ارتكب ـوا مــر اآلثــرم‪ ،‬ومظــرهر العلــو وا ســتكبرر مــر ارتكب ـوا ‪ ..‬قتل ـوا‬
‫األلبيــرأ‪ ،‬ومبــدوا العج ـ ‪ ،‬وحــرربوا املســيح – مليــه الســالم – وكــذبوا حاــد صــلى هللا مليــه وســلم و ‪ ...‬ومــع‬
‫بلأ ينرديام فيقول هلم «ير با إسرائي » ‪..‬ير أبنرأ النض إسرائي ‪ ..‬لـداأ لطيـف رقيـ مـر املفـرتس أم يسـتثري‬
‫مشرمرهم‪ ،‬ويستدرجام إلص رأ مسعام ملر يتأانه ا طرم اإلهلي‪.‬‬
‫خطاب يقول لاو أقب وال ختف‬
‫مجيعـر طـرم مطاـ ر‪ ،‬يؤكـد هلـم فيـه أم بربـه مفتـوح‬
‫لعم‪ ،‬أ ـي القـررئ‪ ،‬إم طـرم هللا مـ وجـ للبشـر ً‬
‫للجايع «يا ابن آدل إنا إك دعوتين وبالوتين غفرت لا على ما كاك منا وال أباا»‪.‬‬
‫َجيعاا اسات فرو أغفار لرا » إلـه طـرم‬ ‫«يا عبادي إنا ختطئوك بالي والنهااب وأناا أغفار الاذنوب ا‬
‫مجيـب ينرشـدلر فيــه هللا مـ وجـ أم لســت فر لي فـر لنـر‪ ...‬أم لســتفيد برلفرصـة املترحـة أمرمنــر قبـ أم حيـ بنــر‬
‫األج ‪.‬‬
‫يوجه هللا م وجـ لـداأ لعبـرد ويقـول هلـم‪ :‬مـر يـدموين فأسـتجيب‬
‫ففي ك ليلة وبرأل ن ثلثار األ ري ّ‬
‫له؟ مر يسألا فأمطيه؟ مر يست فرين فأ فر له؟! (‪.)1‬‬
‫لاذا تقول بعد ذلا؟!‬
‫مجيعـر فيقـول‪« :‬ياا عباادي كلرا ضاال إال مان هديتاه اساتهدو‬
‫مربا تقول ملر ينرديـأ وينـردي مبـرد ً‬
‫أهدك ‪ .‬يا عبادي كلر الائو إال من أطعلته استطعلو أطعلر ‪ .‬يا عبادي كلر عااب إال مان كساوته‬
‫استرسو أكسر » (‪.)2‬‬
‫دومر أم حتسر به الظر فاو لر يأيعأ‪ ،‬ولر يرتكـأ‪ ،‬فاـراد د ولـأ اءنـة‪.‬‬
‫مربا تقول ملر يطلب منأ ً‬
‫(‪ )1‬روا البخرري‪.‬‬
‫(‪ )2‬روا مسلم‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫قرل صلى هللا مليه وسلم «ال نوتن أحد منر إال وهو سن الظن باهلل تعاي»(‪.)1‬‬
‫خطاب يستًِر اَّلل‬
‫ومر مسرت طربه سبحرله لعبرد أله يستثري مهتام لفع ا ري‪ ،‬وبلـأ مـر ـالل قـو طرقـه ملـى مشـرمر‬
‫الر بة‪ ،‬واستجرشته للعرطفة‪ ،‬والرتكي ملى اء اأ العظيم املرتتب ملى الفع الذي يريد منام فعله‪.‬‬
‫فعلــى ســبي املثــرل‪ :‬اإللفــرق يف ســبي هللا ما ـ مظــيم يطاــر لفــر صــرحبه مــر الشــح‪ ،‬ويســاو هبــر إىل‬
‫السارأ‪ ،‬وخيلصار مر جوابم األرس‪ ،‬ومر مث يصبح مر اليسري مليار العا لآل ر وال هد يف الدلير فاومـه‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫هـذا العــالج النــرجع للـنفر البشـرية يريــد هللا مـ وجـ أم جيعلنــر لتنرولـه بكثــر حـ لنتفـع بــه‪ ،‬لــذلأ فاــو‬
‫حيببه لنر‪ ،‬وير بنر يف القيرم به بأسرليب ش ‪ ،‬مر أمهار رصد اءوائ الكبري وامل رية ملر ينفـ مـر مرلـه يف سـبي‬
‫ضاا حسانا َاي َ ِ‬ ‫ِ‬
‫كا ِرميٌ‪[ ‬احلديـد‪:‬‬
‫َال ٌار َ‬
‫ضااع َفهُ لَاهُ َولَاهُ أ م‬ ‫مرضرته كار قرل م مر قرئـ ‪َ  :‬مان ذَا الَّاذي يُا مقا ِر ُ‬
‫م هللاَ قَا مر ا َ َ ا ُ‬
‫‪.]11‬‬
‫كثريا يف القرآم‪َ  :‬و َساا ِب ُعوا إِ َي َم م ِف َارن ِّممان َّببِّم ُرا م َو َالنَّاة‬ ‫ويتكرر هذا النوع مر ا طرم الذي يستثري اهلام ً‬
‫ني‪ ‬مر هم؟!‬ ‫ت لِل ِ‬ ‫ات واََّب ِ ِ‬
‫ملتَّق َ‬ ‫م أُع ّمد م ُ‬ ‫الس َل َاو ُ َ م ُ‬ ‫ض َها َّ‬ ‫َع مر ُ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس َّار ِاض و َّ ِ‬ ‫‪‬الَّ ِذ ِ‬
‫ين‬
‫ني ‪َ ‬والاذ َ‬ ‫اب ال ُمل محسانِ َ‬ ‫اا‪َ ،‬وهللاُ ُِ ُّ‬‫ني َعا ِن النَّ ِ‬ ‫الض َّاراض َوالم َرااظ ِل َ‬
‫ني الم َ ماي َظ َوال َمعاا َ‬ ‫ين يُا منف ُقو َك ِو َّ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وب إالَّ هللاُ َوَجيم يُص ُّاروا َعلَاى َماا‬ ‫استَا م َف ُروا ل ُذنُوّب م َوَمن يَا مفا ُر ال ُّاذنُ َ‬ ‫إِذَا َا َعلُوا َاح َشةا أ مَو ظَلَ ُلوا أَنما ُف َس ُه م ذََك ُروا هللاَ َ م‬
‫اات َجتما ِري ِمان َومتِهاا اَّنماهااب َخالِ ِاد ِ‬ ‫اا َال َازا ُؤ ُه َّم م ِف َارنٌ ِّممان َّبّمّبِِا م َو َالنَّ ٌ‬
‫ين َيهاا َونِ معا َ أ م‬
‫َال ُار‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َا َعلُوا َو ُها م يَا معلَ ُلاو َك ‪ ‬أُولَئِ َ‬
‫ني‪[ ‬آل مارام‪.]136 ،133 :‬‬ ‫ِِ‬
‫ال َمعامل َ‬
‫النصائح ال الية‬
‫أتَ ـذْكر ك ــم م ــر امل ـرات مسع ـ فيا ــر لص ــرئح رلي ــة م ــر أبوي ــأ ومه ــر يوجارل ــأ م ــر الهل ــر حن ــو املع ــريل‪،‬‬
‫وحيذرالأ مر العقبرت ال قد تعرتس طريقأ؟‬
‫هذ النصرئح مر الطلق مر ألسنتاار إ بدافع احلب والشفقة واحلرص ملى أم تكوم يف أحسر حرل‪.‬‬

‫(‪ )1‬روا مسلم‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫وكــذلأ يفعـ هللا مــع مبــرد مــع الفــررق الكبــري بــني لصــرئحه ولصــرئحام‪ ،‬وبــني حبــه وحــبام‪ ،‬وبــني ملاــه‬
‫وإحرطته ر يصلحأ وبني ملاام‪.‬‬
‫مجيعـر والـذي يقـول‬ ‫فإم كن تريد دليال ملى بلأ فتأمـ معـي هـذا ا طـرم النرصـح منـه سـبحرله للنـرس ً‬
‫وب ‪ ‬إِ َّك َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الش مايطَا َك لَ ُرا م‬ ‫َّا‪ ،‬إِ َّك َو مع َد هللا َح ٌّق َثَ تَا َُّرنَّ ُر ُ ا مَيَاانُ ال ُّادنمايَا َوالَ يَا ُ َّارنَّ ُر م بااهلل الم َ ُار ُ‬
‫فيه ‪‬يَا أَيُّا َها الن ُ‬
‫الس ِع ًِر‪[ ‬فرطر‪.]6 ،5 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َع ُد ٌّو َ َِّ‬
‫اب َّ‬ ‫َص َح ِ‬ ‫اخت ُذولُ َع ُد ًّوا إِ َََّا يَ مد ُعو ح مزبَهُ ليَ ُرونُوا م من أ م‬
‫ول بِا مَ ِّمق ِمن َّببِّم ُر م َ ِآمنُوا َخ ميا ارا لَّ ُر م ‪[ ‬النسرأ‪.]170 :‬‬
‫الر ُس ُ‬
‫اض ُك ُ َّ‬ ‫وكذلأ قوله هلم‪ :‬يَا أَيُّا َها الن ُ‬
‫َّا‪ ،‬قَ مد َال َ‬
‫والظر إىل ا طرم املوجه أله الكترم ومر حيا يف طيرته مر لصرئح رلية هلم ملى الر م ممر فعلو مر‬
‫يساى ابم ُان‬ ‫هللا إِالَّ ا م َّاق إِ َََّاا المل ِس ِ‬ ‫اب الَ تَا ملُاوا ِو ِديانِ ُر والَ تَا ُقولُاوا علَاى ِ‬ ‫كفر ومصـيرم‪ :‬يا أ مَه ال ِ‬
‫مرتَ ِ‬
‫ايح ع َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مَ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وح ّمم منااهُ َااآمنُوا باااهلل َوُب ُسااله َوالَ تَا ُقولُااوا ثَثَثَاةٌ انماتَا ُهااوا َخ مي ا اارا لَّ ُرا م ‪‬‬ ‫ماارَمي بسا ُ ِ ِ‬
‫اهااا إِ َي َما مارَميَ َوُب ٌ‬
‫اول هللا َوَكل َلتُااهُ أَلم َق َ‬ ‫َم َ َُ‬
‫[النسرأ‪.]171 :‬‬
‫ ِت َعلَمي ُر م َوأ مَو ُوا بِ َع مه ِدي‬‫وتأم كذلأ طربه النرصح للياود‪ :‬يَا بَِين إِ مس َرائِي َ اذم ُك ُروا نِ مع َل ِ َ الَِّ أَنما َع مل ُ‬
‫ص ّمِادقاا لِّم َلاا َم َع ُرا م َوالَ تَ ُرونُاوا أ ََّو َل َكاا ِر بِ ِاه َوالَ تَ مشاتَا ُروا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ا ِت ُم َ‬ ‫اابَهبُوك ‪َ ‬وآمنُاوا ِمبَاا أ َ‬
‫َنزلم ُ‬ ‫أُوَ ب َع مهد ُك م َوإِيَّ َ‬
‫ااي َ م‬
‫وك‪[ ‬البقر ‪.]41 ،40 :‬‬ ‫بِآياِ َمثَناا قَلِيثا وإِيَّاي َاتَّا ُق ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َّ ِ‬
‫آمنُاوا الَ تُا مل ِه ُرا م أ مَم َاوالُ ُر م َوالَ أ مَوالَ ُد ُكا م‬ ‫أمر املـؤمنني فوصـرير هلـم كثـري مناـر قولـه تعـرىل‪ :‬يَاا أَيُّا َهاا الاذ َ‬
‫ين َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اا ها م ِ‬ ‫هللا وماان يَّا مفعا ذَلِا َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َحا َد ُك ُ‬‫اْلَاسا ُارو َك ‪َ ‬وأَنف ُقااوا ماان َّمااا َبَمقامنَااا ُك ّمماان قَا مبا ِ أَك يَاأمِ َ أ َ‬ ‫اا َأُولَئا َ ُ ُ‬ ‫َعا مان ذ مكا ِر َ َ َ م‬
‫ني‪[ ‬املنرفقوم‪.]10 ،9 :‬‬ ‫َص َّد َق َوأَ ُكن ِّمم َن َّ‬
‫الصا ِِ َ‬ ‫َال قَ ِريب َأ َّ‬‫ب لَ موالَ أَخ مَّرتَِين إِ َي أ َ‬
‫ول َب ِّم‬
‫ت َايَا ُق َ‬
‫ال َمل مو ُ‬
‫جرمعر بـني هلجـة النصـح وهلجـة اإلشـفرق واحلنـو‪ ،‬الـ يُشـعر هللا فياـر مبـرد املـؤمنني‬ ‫وأحيرلًر جند ا طرم ً‬
‫شا ماوا يَا موامااا الَّ َمنا ِزي‬ ‫اا‪ ،‬اتَّا ُقااوا َببَّ ُرا م َوا مخ َ‬
‫ــد حبــه هلــم‪ ،‬و وفــه ملــيام مــر احلســرم يف اآل ــر ‪ :‬يَااا أَيُّا َهااا النَّا ُ‬
‫والِ ٌد عن ولَ ِدلِ والَ مولُو ٌد هو الام عان والِ ِادلِ َشايئا إِ َّك و معا َد ِ‬
‫اق َاثَ تَا ُ َّارنَّ ُر ُ ا مَيَاانُ ال ُّادنمايَا َوالَ يَا ُ َّارنَّ ُر م‬
‫هللا َح ٌّ‬ ‫ما َ‬ ‫َ َ َ َ َم َُ َ َ َ‬
‫وب‪[ ‬لقارم‪.]33 :‬‬ ‫ِ ِ‬
‫باهلل الم َ ُر ُ‬
‫مجأ يَا موَمئِذ َوَما لَ ُر ِّممان نَّ ِراًر‪‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ِ ‬‬
‫استَجيبُوا ل َربِّم ُر ّممن قَا مب ِ أَك يَأمِ َ يَا موٌل الَّ َم َر َّد لَهُ م َن هللا َما لَ ُر ّممن َّمل َ‬
‫م‬
‫[الشور ‪.]47 :‬‬
‫التواليه غًر املباشر‬

‫‪84‬‬
‫ولعلا ــه س ــبحرله بطبيع ــة لفوس ــنر‪ ،‬وص ــعوبة قبوهل ــر النق ــد والتوجي ــه املبرش ــر‪ ،‬كرلـ ـ توجيارت ــه س ــبحرله ري ــة يف‬
‫التلطــف والتوجيــه ال ــري مبرشــر‪ ،‬وإم أردت أم تتأك ـد مــر بلــأ بنفســأ – أ ــي القــررئ‪ -‬فاــر مليــأ إ أم تقــوم‬
‫بإحصــرأ أوامــر املبرشــر يف القــرآم فســتفرجأ أهنــر تتجــروز أصــربع اليــد الواحــد ‪ ،‬ويف املقرب ـ جتــد أم هللا م ـ وج ـ‬
‫اال‬
‫كثـ ًـريا مــر يعــرس لــأ أم ـرير ويبــني مســرت ك ـ واحــد منااــر مث يــرتحم لــأ حريــة ا تيــرر مث ـ قولــه تعــرىل‪ :‬ال َملا ُ‬
‫اا ثَا َوابااا َو َخ ميا ٌار أ ََماثا‪[ ‬الكاـف‪ ]46 :‬وقولـه‪َ  :‬مان َكاا َك‬ ‫ات َخ ميا ٌر ِع من َد َببِّم َ‬
‫الصا َِ ُ‬
‫ات َّ‬ ‫َوالمبَانُو َك ِمينَةُ ا مَيَ ِان ُّ‬
‫الدنمايَا َوالمبَاقِيَ ُ‬
‫صاايب‪‬‬ ‫ي ِري ا ُد حاار َ ا َِخاارِن نَا ِز مد لَااهُ ِو حرثِا ِاه وماان َكااا َك ي ِري ا ُد حاار َ الا ُّادنمايا نُا مؤتِا ِاه ِم منا َهااا ومااا لَااهُ ِو ا َ ِخاارِن ِماان نَّ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ َم‬ ‫َ م ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ َم‬
‫[الشور ‪.]20 :‬‬
‫هللا َخ ميا ٌار ِّمم َان اللَّ مها ِو َوِم َان‬
‫و؟ قَائِلاا قُا ماا ِع منا َد ِ‬
‫ابنا أ مَو ََّلماوا انما َفضُّوا إِلَميا َها َوتَا َرُك َ ا م َ‬
‫ِ‬
‫وقوله تعرىل‪َ  :‬وإِذَا َبأ مَوا جتَ َ‬
‫التِّمجابنِ وهللا َخيار َّ ِ‬
‫ني‪[ ‬اءاعة‪.]11 :‬‬ ‫الرا ِمق َ‬ ‫َ َ َ ُ مُ‬
‫مراعان النفسية البشرية‬
‫ومر أبرز صور مرامر ا طرم اإلهلي لطبيعة النفر البشرية مدم اإلكثرر مر قوله «ألر» مند سرد لنعاـه‬
‫ملى مبرد ‪ ،‬وفأله الذي حدود له‪.‬‬
‫فــرلنفر حتــب مســرع هــذ الكلاــة بكثــر مــر الطــرر الــذي خيرطباــر‪ ،‬ومــع أم هللا م ـ وج ـ هــو الــذي‬
‫لقنر مر العدم‪ ،‬وأمطرلر مر النعم مـر يُعـد و ُحيصـى‪ ،‬وأم مـر حقـه أم حيـدثنر بأـاري املـتكلم «ألـر» وهـو‬
‫يعرفنر بنفسه وبنعاه وبقيوميته وقدرته و‪...‬‬
‫إ أله سبحرله يفع بلأ‪ ،‬ب يتحده مر لفسه – يف رلب القرآم – بأـاري ال رئـب «هـو» ‪ُ ‬ه َاو‬
‫َّ ِ‬
‫سِّمُ‬
‫ًرُك م ِو المبَا ّمِر َوالمبَ مح ِر‪[ ‬يولر‪.]22 :‬‬ ‫الذي يُ َ‬
‫‪ُ ‬ه َو الَّ ِذي يُ ِري ُر م آيَاتِِه‪ [ ‬رفر‪.]13 :‬‬
‫السنِ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشل ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اب‪[ ‬يولر‪.]5 :‬‬
‫س َ‬‫ني َوا م َ‬ ‫َّبلُ َمنَا ِم َل لتَا معلَ ُلوا َع َد َد ّم‬
‫وبا َوقَد َ‬
‫اض َوالم َق َل َر نُ ا‬ ‫‪ُ ‬ه َو الذي َال َع َ َّ م َ‬
‫ل ضيَ ا‬
‫فأي رم رأور ودود حي كر هو ربنر‪.‬‬
‫ما بال أقوال؟!‬
‫ومر صور مرامرته سـبحرله لطبيعـة الـنفر البشـرية توجياـه ال ـري مبرشـر لعبـرد يف طربـه هلـم‪ ،‬فحـني يريـد‬

‫‪85‬‬
‫حتذير املؤمنني مر القيرم بفع مر‪ ،‬فإله يتوجه مبرشـر بـذلأ – يف رلـب األحيـرم – بـ حيـدثام مـر ألـرس‬
‫آ ـرير – بصــي ة النكــر – ويشــادهم ملــيام‪ ،‬وجيعلاــم يســتنكروم أفعــرهلم‪ ،‬مــع أهنــم قــد يكولــوم هــم املعنيــني‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وها" [إبراهيم‪ ]34 :‬ا طرم هنر موجه لنر بأم‬ ‫ص َ‬‫هبذا التحذير‪ ،‬ومر بلأ قوله تعرىل‪َ " :‬وإِك تَا ُع ُّدوا ن مع َلةَ هللا الَ ُوم ُ‬
‫ملينــر أم جنتاــد يف إحصــرأ لعــم هللا كصــور مــر صــور الشــكر‪ ،‬ومــر املفــرتس أم يكــوم التحــذير الــذي تتأــانه‬
‫اآليــة بعــد بلــأ مــر م بــة مــدم بكــر الــنعم ح ـ لقــع يف دائــر الظلــم والكفــر موجــه لنــر كــذلأ‪ ،‬فا ـ ج ـرأ‬
‫ا طرم حيا هذا املعا املبرشر‪.‬‬
‫اوها إِ َّك‬ ‫‪ ،‬ي حي ــده بل ــأ‪ ،‬بـ ـ ج ــرأ وكأل ــه خيرط ــب شخص ــر آ ــر‪ :‬وإِك تَاع اادُّوا نِعل ا َ ِ‬
‫صا َ‬‫ا ِت هللا الَ ُوم ُ‬ ‫مَ‬ ‫َ ُ‬ ‫ً‬
‫ول َك َّف ٌ‬
‫اب‪[ ‬إبراهيم‪.]34 :‬‬ ‫ا ِأنم َ‬
‫سا َك لَظَلُ ٌ‬
‫ا طرم موجه لإللسرم‪ ,‬وكألـه شـخن آ ـر بعيـد لعرفـه‪ ،‬مـع أم ا طـرم يف بدايتـه موجـه لنـر‪ ،‬وممـر‬
‫شأ فيه أم هذا التلطف العجيب يف التوجيه والنصح له دور كبري يف استقبرل النصيحة بنفر هردئة‪.‬‬
‫ملاذا العقاب؟‬
‫قومــر يف‬
‫ـردا أو ً‬ ‫دومــر الســبب الــذي مــر أجلــه مرقــب فـ ً‬
‫ومــر مظــرهر طربــه املطا ـ ر لعبــرد ألــه يــذكر هلــم ً‬
‫املرضــي‪ ،‬مــع ألــه اإللــه العظــيم ملــأ امللــوحم الــذي ينب ــي أم يُســأل ماــر يفع ـ ‪ ،‬لكنــه يف لفــر الوق ـ الــرم‬
‫الــودود الــذي حيــب مبــرد ويريــد مــنام أم يفــروا إليــه‪ ،‬أم يفــروا منــه‪ ،‬لــذلأ تـرا ســبحرله يُفصـ يف األســبرم‬
‫الـ أدت إىل مقوبــة العصـر ‪ ،‬وألــه قـد صــرب ملـيام وأمالاــم وأمطـرهم الفرصــة تلـو الفرصــة‪ ،‬ولكـنام هــم الــذير‬
‫أب ـوا ال عــود إليــه‪ ،‬وأصــروا ملــى ط يــرهنم‪ ،‬واســتكربوا مليــه ســبحرله‪ ،‬وحــرربوا مبــرد ‪ ،‬فرســتدموا بأفعــرهلم الكثــري‬
‫الظرملة أب احلليم مليام ‪َ ‬وَما ُكنَّا ُم مهلِ ِر الم ُق َرا إِالَّ َوأ مَهلُ َها ظَالِ ُلو َك‪[ ‬القصن‪.]59 :‬‬
‫ومــع العقــرم املســتح للظــرملني‪ ،‬والــذي يقــع بعــد طــول إماــرل‪ ،‬جنــد التعقيــب القــرآين‪ :‬يَااا َح مسا َارنا َعلَااى‬
‫اد َما يَاأمتِي ِه ِّممان َّب ُساول إِالَّ َكاانُوا بِ ِاه يَ مساتَا مه ِزئُو َك‪[ ‬يـر‪ .]30 :‬فـرهلل مـ وجـ يرضـى لعبـرد هـذا املصـري‪،‬‬ ‫ال ِمعب ِ‬
‫َ‬
‫وأهنــم هــم الــذير أبــوا أو اســتكربوا إ أم يســريوا إليــه‪ ،‬ولــو تأملنــر القــرآم لوجــدلر أم هــذا األمــر واض ـح فيــه متــرم‬
‫دومـر أسـبرم العقوبـة الـ يعرقـب هبـر‬ ‫الوضوح‪ ،‬وأم هللا م وج يظلم أحدا‪ ،‬لذلأ جنـد سـبحرله يـذكر لنـر ً‬
‫النرس‪.‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ساابَأ ِو َم مسا َرن ِه م آيَاةٌ َالنَّتَاااك َعاان َنااني َونَااال ُكلُااوا ماان ّمِب ممق َببّم ُرا م‬
‫تأمـ معــي قولــه تعــرىل‪ :‬لََقا مد َكااا َك ل َ‬
‫وب‪.‬‬ ‫ب غَ ُف ٌ‬ ‫َوا مش ُر ُروا لَهُ بَا مل َدنٌ طَيِّمبَةٌ َوَب ٌّ‬

‫‪86‬‬
‫فاربا فع أه سبأ؟ ه شكروا هذ النعم العظياة؟ ي يفعلوا بلأ‪ ،‬ب أكلوا مـر رزق رهبـم وي يشـكروا‬
‫ض ااوا َأ مَب َسا المنَا َعلَا ماي ِه م َس ا ماي َ ال َمعا ا ِرِل‬
‫لــه؟ وتبط ــروا ملــى لعا ـه‪ ،‬فرســتدموا العق ــرم م ــر هللا م ـ وج ـ هلــم ‪َ ‬أَ مع َر ُ‬
‫ني ذَ َوا َم أُ ُك َخَمط َوأَثم َو َش م ض ِّممن ِس مدب قَلِي ‪ ‬مث تأيت حيثيـرت هـذ العقوبـة ‪‬ذَلِ َ‬
‫اا‬ ‫اه م ِيلَنَّتَا مي ِه م َالنَّتَا م ِ‬
‫َوبَ َّدلمنَ ُ‬
‫وب‪[ ‬سبأ‪.]17 -15 :‬‬ ‫اه م ِمبَا َك َف ُروا‪ ‬ويتلوهر ا طرم املطا ر ‪َ ‬و َه م ُُنَا ِمي إِالَّ الم َر ُف َ‬ ‫َال َزيمانَ ُ‬
‫وتأم قوله تعرىل وهو حيدثنر مر الياود وملربا مرقبام ر مرقبام‪ ،‬وكيف أله صـرب ملـيام طـويال‪ ،‬ولكـنام‬
‫وساى‬ ‫ااب أَك تُانا ِاز َل علَاي ِه كِتاباا ِمان َّ ِ‬ ‫مرتَ ِ‬ ‫ا أ مَه ال ِ‬
‫الس َالاض َا َقا مد َساأَلُوا ُم َ‬ ‫َ ّم َ م م َ ا ّم َ‬ ‫هم الذير أصروا ملى ط يـرهنم ‪‬يَ مسأَلُ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َخا َذتما ُه َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَ مكبَ ا َار ِماان ذَلِا َ‬
‫الصاااع َقةُ بظُلمل ِها م ُمثَّ اختَا ُذوا المع مجا َ ماان بَا معااد َمااا َالا َ‬
‫ااضتما ُه ُ‬ ‫اا َا َقااالُوا أَ ِبنَااا هللا َال مها َارنا َأ َ ُ‬
‫ا ‪.‬‬‫وسى ُس ملطَاناا ُّمبِيناا‪ ‬تأم قوله‪َ  :‬ا َع َف مونَا َعن َذلِ َ‬ ‫ا َوآتَا ميانَا ُم َ‬‫ات َا َع َف مونَا َعن َذلِ َ‬
‫المبَايِّمنَ ُ‬

‫ومتأــي اآليــرت تعــدد مظــرهر حلــم هللا ملــيام وتع ـدد كــذلأ مظــرهر ط يــرهنم ‪َ ‬وَبَا معنَااا َ ا ماوقَا ُه ُ الطُّا َ‬
‫اوب‬
‫َخا مذنَا ِما منا ُه ِّمميَِاقااا غَلِيظااا ‪َ ‬بِ َلاا‬ ‫ ِت َوأ َ‬ ‫الس ماب ِ‬ ‫اب ُس َّج ادا َوقُالمنَا ََّلُ م الَ تَا معا ُدوا ِو َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫ِمبيَِاق ِه م َوقُالمنَا ََّلُ ُ ا مد ُخلُوا المبَ َ‬
‫اًر َحا ّماق َوقَ ا ماوَّلِِ م قُالُوبُانَااا غُ ملا ٌ‬
‫ااض بِ َا مِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اف بَا م طَبَا َاو هللاُ َعلَميا َهااا‬ ‫نَا مقض ا ِه ّمميَِاااقَا ُه م َوُك مف ا ِره بآيَاات هللا َوقَا ا متل ِه ُ اََّنمبيَا َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يلا‪[ ‬النسرأ‪.]156 -154 :‬‬ ‫ب ُر مف ِره م َثَ يُا مؤمنُو َك إِالَّ قَليثا ‪َ ‬وب ُر مف ِره م َوقَا موَّل م َعلَى َم مرَميَ بُا مهتَاناا َعظ ا‬
‫وكأله يطلب منأ الشارد ملى النرس‪:‬‬
‫ويف بعض األحيرم لستشعر بأم ا طرم املتوجه إلينر يطلـب منـر الشـارد ملـى فعـ مـر األفعـرل املشـينة‪،‬‬
‫ك‪[ ‬يـولر‪]44 :‬‬ ‫س ُاه م يَظملِ ُلاو َ‬ ‫اا‪ ،‬أَنما ُف َ‬
‫ِ‬
‫َّا‪َ ،‬ش ميئاا َولَر َّن النَّ َ‬
‫ِ‬
‫ك بلأ لت داد اطا نرلًر بأم هللا م وج ‪‬الَ يَظمل ُ الن َ‬
‫ص ّمِادي َقةٌ َكانَاا يَاأم ُكثَ ِك‬
‫الرس وأ ُُّمهُ ِ‬ ‫ول قَ مد َخلَ م ِ ِ ِ‬ ‫يح ابم ُن َم مرَميَ إِالَّ َب ُس ٌ‬ ‫ِ‬
‫ ِت من قَا مبله ُّ ُ ُ َ‬ ‫ومر بلأ قوله تعرىل‪َ  :‬ما ال َملس ُ‬
‫اات ُمثَّ انمظُا مار أَ َّ يُا مؤ َ ُرااو َك‪[ ‬املرئــد ‪ .]75 :‬وقولــه‪َ  :‬وَمااا َو َالا مدنَا َّ مكَِا ِرِه ِّمما مان‬
‫اني ََّلاُ ا َيا ِ‬
‫اف نُابَ ا ِّم ُ ُ َ‬ ‫الطَّ َعا َ‬
‫اال انمظُا مار َك ميا َ‬
‫ِِ‬
‫ني‪[ ‬األمرار‪.]102 :‬‬ ‫َع مهد َوإِك َو َال مدنَا أَ مكَِا َرُه م لََفاسق َ‬
‫مواساته لللبتلني‬
‫ومــر مجيــب طرب ــه ســبحرله وتع ــرىل لعبــرد مواس ــرته هلــم منــدمر حي ــده هلــم مك ــرو بســبب بل ــوهبم أو‬
‫تقصريهم‪.‬‬
‫فعلــى ســبي املثــرل‪ :‬منــدمر ــرلف الرمــر أمــر رســول هللا صــلى هللا مليــه وســلم وحــدث اهل ميــة جنــد أم ا طــرم‬
‫ـؤزرا ولكـنام هـم‬
‫القرآين خيفف مر الصحربة آثرر مر حده هلـم‪ ،‬ويبـني األسـبرم‪ ،‬وأم رهبـم لصـرهم يف البدايـة لص ًـرا م ً‬

‫‪87‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫صا َدقَ ُر ُ هللاُ َو معا َدلُ إِ مذ َوُ ُّسااونَا ُه م بِإ مذنااه َحا َّاىت إِذَا َشالمتُ م‬
‫الــذير ا تلفـوا و ــرلفوا أمــر رسـوهلم فكــرم مــر كــرم‪َ  :‬ولََقا مد َ‬
‫ِ‬ ‫وتَان َام معت ِو اَّم ِر وعصيت ِمن باع ِد ما أَبا ُك َّما ُِوبُّو َك ِم من ُر َّمن ي ِري ُد ُّ ِ‬
‫الدنمايَا َوم من ُر َّمان يُ ِريا ُد ا َخ َارنَ ُمثَّ َ‬
‫ص َارَ ُر م‬ ‫ُ‬ ‫م َ َ َ م ُ ّم َ م َ َ‬ ‫َ َ ُم‬
‫ِ‬ ‫َع منا ُه م لِيَمبتَليَ ُر م َولََق مد َع َفا َع من ُر م َوهللاُ ذُو َ م‬
‫ِ‬
‫ني‪[ ‬آل مارام‪.]152 :‬‬ ‫ض َعلَى ال ُمل مؤمنِ َ‬
‫ومــع بيرلــه ســبحرله ألســبرم ه ميــة املــؤمنني وأهنــم هــم الــذير تســببوا يف بلــأ إ ألــه يواســيام‪ ،‬ويأــاد جـراحام‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ‪ ‬إِك نَم َس مسا ُر م قَا مار ٌح َا َقا مد َما َّ‬
‫ال‬ ‫بكـالم يقطــر حنرلًـر وشــفقة‪َ  :‬والَ َ نُاوا َوالَ َوم َزنُااوا َوأَنم ااتُ ُ اََّ معلَ ماو َك إِ مك ُك منااتُ ُّما ماؤمنِ َ‬
‫اا‪ ،‬ولِاياعلَ هللا الَّا ِاذين آمنُااوا ويات ِ‬
‫َّخ ا َذ ِم ا من ُر م ُشا َاه َد َاض َوهللاُ الَ ُِا ُّ‬ ‫الم َقا ماوَل قَا مار ٌح ِّممِمالُااهُ َوتِملا َ‬
‫اب‬ ‫اني النَّا ِ َ َ م َ ُ َ َ َ َ‬ ‫اال نُا َدا ِوَُّلَا بَا م َ‬
‫اا اَّيَّا ُ‬
‫ِ‬
‫ني‪[ ‬آل مارام‪.]10 ،139 :‬‬ ‫الظَّال ِل َ‬
‫ِ ِ‬ ‫َب الَّ ِذ ِ‬
‫ين قُتلُوا ِو َسبي ِ هللا أ مَم َواتاا بَا م‬ ‫س َ َّ َ‬ ‫ويطا نام ملى إ واهنم الشاداأ بأهنم يف أحسر حرل‪َ  :‬والَ َوم َ‬
‫مح ُقوا ّبِِ ِّمم من َخل ِمف ِها م أَالَّ‬ ‫ين َجيم يَال َ‬
‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫أَحياض ِع من َد بّمّبِِ يارَمقُو َك ‪ِ َ ‬رِحني ِمبَا آتَاه هللا ِمن َ م ِ ِ‬
‫ضله َويَ مستَمبش ُرو َك بالذ َ‬ ‫ُُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ م ُم‬ ‫مَ ٌ‬
‫ِ‬ ‫َ علَي ِه والَ ه َ زنُو َك ‪ ‬يستب ِشرو َك بِنِعلة ِمن ِ‬
‫ني‪[ ‬آل ماـرام‪:‬‬ ‫َال َار ال ُمل ماؤمنِ َ‬
‫يو أ م‬ ‫ِ‬
‫َك هللاَ الَ يُض ُ‬‫ض َوأ َّ‬ ‫هللا َو َ م‬ ‫َ م َم ُ م َ ّم َ‬ ‫َخ مو ٌ َ م م َ ُ م م َ‬
‫‪.]171 -169‬‬
‫وو النهايةو‬
‫ويف هنرية احلديث مر هذا املظار العظيم مر مظرهر حب هللا لنر ولعبرد أمجعني أتركـأ أ ـي القـررئ مـع‬
‫هذا احلديث القدسي لكي تقرأ وتعيش معه بعقلأ ومشرمرحم‪:‬‬
‫«إ واجلن واأنل و نبأ عظاي و أخل ُاق ويُعباد غاًريأ وأُبم ُق ويُشارر ساواي‪ ,‬خاًري إي العبااد ناامل‬
‫إا‪.‬‬
‫إا باملعاص أ وه أ قر ش ض َّ‬ ‫إا صاعد‪ .‬أوبب إليه بنعل أ وأنا ال ين عنه أ ويتب ضوك َّ‬ ‫وشره َّ‬
‫إا تلقيتااه ماان بعيااد‪ .‬وماان أعاارم عااين ناديتااه ماان قريااب‪ .‬وماان تاار؟ َّاللا أعطيتااه ااوق‬
‫ماان أقبا َّ‬
‫املزيد‪ .‬ومن أباد بضاي أبدت ما يريد‪ .‬ومن تصرَ َوا وقو ألن ِت له ا ديد‪.‬‬
‫أها ذكااري أها جمالسا أ وأها شاارري أها مياااد أ وأها طاااع أها كارام أ وأها معصااي ال‬
‫أُق انَّطه ماان بمح ا أ إك ت اابوا أنااا حبياابه أ ااإ أحااب التااوابني وأح اب املتطه ارينأ وإك جي يتوبااوا َّ‬
‫إا أنااا‬
‫طبيبه ‪ .‬أبتليه باملصائبأ َّطهره من املعايب‪.»...‬‬
‫***‬

‫‪88‬‬
‫مرشرا‪ :‬مر مظرهر حب هللا لأ‪:‬‬
‫ً‬
‫ترغيب اا وترهيبا‬
‫لــير خبــرر ملــى أحــد أم الــنفر البشـرية إبا مــر ُر بـ يف فعـ شــيأ مــر‪ ،‬وملاـ ــر ينتظرهــر مــر جـ اأ‬
‫حسر لظري قيرمار هبذا الفع فإهنر تتشجع‪ ،‬وتقدم مليه بقدر مر تستثرر فيار مشرمر الر بة‪.‬‬
‫مكروهــر سيصــيبار إبا مــر فعلتــه‪ ،‬فإهنــر‬
‫ً‬ ‫ورهب ـ مــر القيــرم بفعـ مــر‪ ،‬وأم‬
‫ويف املقربـ فإهنــر إبا مــر ُ وفـ ‪ُ ،‬‬
‫ُحتجم مر القيرم به بقدر مر ينسكب دا لار مر ور ورهبة‪.‬‬
‫ه ـذ رصــية أصــيلة مــر صــرئن الــنفر البش ـرية‪ ,‬هــذ ا رصــية هلــر دور كبــري يف إقــدام املــرأ ملــى أداأ‬
‫العا أو إحجرمـه منـه‪ ،‬ففـي احلـديث «مان خااَ أد أ ومان أد بلاغ املنازلأ أال إك سالعة هللا غالياةأ إال‬
‫إك سلعة هللا اجلنة»(‪.)1‬‬
‫ويعل املنروي يف فيض القدير ملى هذا احلديث فيقول‪:‬‬
‫فك ـ مــر ــرر الــرد أو فَـ ْـوت مــر يتاــا يــركر إىل الراحــة و ينتظــر الصــبرح‪ ،‬ب ـ يبــردر إىل احلركــة‬
‫والسفر ولو كرم برللي (‪.)2‬‬
‫الِتبية الربانية‬
‫وأللــه ســبحرله هــو الــذي ل ـ فينــر هــذ ا رصــية‪ ،‬فإلــه يســتخدم أســلوم الرت يــب والرتهيــب يف تربيتنــر‬
‫وتوجيانر حنو املبردر لفع ا ري واجتنرم فع الشر‪.‬‬
‫تأم معي قوله تعرىل‪ :‬وما نُار ِس بِا َي ِ‬
‫ات إِالَّ َختم ِوي افا‪[ ‬اإلسراأ‪.]59 :‬‬‫ََ م ُ َ‬
‫فرآليــة تــدل د لــة واضــحة ملــى أم هللا ســبحرله وتعــرىل خيوفنــر لنخــرر ولــرتحم طري ـ الأــالل ولتجــه حنــو‬
‫صراطه املستقيم فند اءنة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الظر مثال إىل قوله تعرىل‪ََّ  :‬لُ ِّممن َا موقِ ِه م ظُلَ ٌ ِّمم َن النَّا ِب َوِمن َومتِ ِه م ظُلَ ٌ ذَلِ َ‬
‫َ هللاُ بِ ِه عبَ َ‬
‫ادلُ يَا‬ ‫ا ُاَّمِو ُ‬
‫ِعب ِ‬
‫اد َاتَّا ُق ِ‬
‫وك‪[ ‬ال مر‪.]16 :‬‬ ‫َ‬
‫(‪ )1‬صيح‪ ،‬صحيح األلبرين يف صحيح اءرمع ح (‪.)6232‬‬
‫(‪ )2‬فيض القدير ‪.159/6‬‬

‫‪89‬‬
‫أرأي صي ة ا طرم‪ :‬بلأ الذي خيور هللا به مبرد ‪ ..‬ير مبرد فرتقوم‪.‬‬
‫فاع أم اآلية تتحده مر النرر ومـر فياـر مـر مـذام‪ ،‬إ أهنـر حتاـ يف طيرتـر د ت مظياـة مـر حـب‬
‫هللا لعبرد ‪ ،‬وكيف وحنر للاـح فياـر منرشـد مـر هللا مـ وجـ لعبـرد بـأم خيـرفوا‪ ،‬وحيـذروا مقربـه أللـه يريـد‬
‫هلم أم يد لوا هذ النرر‪.‬‬
‫ه قرم القيرمة؟!‬
‫مث إم نة أس لة قد تقف إىل أبهرم البعض وهي‪:‬‬
‫ه قرم القيرمة أم ي تقم؟‬
‫بعض النرس اءنة والبعض اآل ر النرر؟!‬ ‫ه برلفع د‬
‫اإلجربة معروفة للجايع‪ ,‬بأله إىل اآلم ي تقم القيرمة وي يتوزع النرس بني اءنة والنرر‪.‬‬
‫إبم فلاربا يقن القرآم هذ الصور التفصيلية مر القيرمة‪ ،‬واءنة والنرر‪ ،‬وكأم األمر قد القأـى‪ ،‬واألمـور‬
‫قد حسا مث مر جرأ يف قوله تعرىل‪ :‬ونَادا أَصحاب النَّاا ِب أَصاحاب ا مجلنَّ ِاة أَ مك أَ ِيضاوا علَياناا ِمان المل ِ‬
‫ااض‬ ‫ُ َ مَ َ َ‬ ‫م َ َ َ‬ ‫َ َ مَ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين اختَ ُذوا دينَا ُه م ََّلماوا َولَعباا َوغَ َّرتما ُه ُ ا مَيَانُ ُّ‬
‫الدنمايَا‬ ‫ين ‪ ‬الذ َ‬‫أ مَو ممَّا َبَمقَ ُر ُ هللاُ قَالُوا إك هللاَ َح َّرَم ُه َلا َعلَى الم َرا ر َ‬
‫اض يَا موِم ِه م َه َذا َوَما َكانُوا بِآيَاتِنَا َمن َح ُدو َك‪[ ‬األمرار‪.]51 ،50 :‬‬ ‫َالمياول نَنساه َكلا نَ ِ‬
‫سوا ل َق َ‬ ‫َمَ َ ُ م َ ُ‬
‫هذا احلوار بني أه النرر وأه اءنة ي يتم ح اآلم‪ ،‬فلاربا يعرضه هللا لنر ويسرد هبذا التفصي ؟!‬
‫ملربا حيت احلديث مر القيرمة واءنة والنرر هذ املسرحة الواسعة مر القرآم؟!‬
‫أ ت ـوافقا ‪-‬أ ــي القــررئ‪ -‬أم هــذا التفصــي يف مــرس اءنــة وكألن ـر لراهــر رأي العــني‪ ،‬وكــأم أهلاــر قــد‬
‫سكنوهر وبدأوا يف التاتع ر فيار مر لعيم‪ ,‬أ توافقا أم ال رس مر بلأ هو استثرر ر بتنـر لـد وهلر ومـر مث‬
‫الوفرأ يقار والسبرق حنوهر؟!‬
‫وكذلأ مرس النرر هبذ الصور البشعة الكرياة‪ ،‬املنفر لنخرر منار وجنتاد يف ا بتعرد منار؟!‪.‬‬
‫وتأكيدا ملى هذا املعا أتركأ مع هذ اآليرت لتقرأهر وتتدبر معرليار‪.‬‬
‫ً‬
‫اول ‪َ ‬اواكِاهُ و ُها ُّمرمرماو َك ‪ِ ‬و النَّ ِ‬
‫اات الن َِّعاي ِ ‪َ ‬علَاى‬ ‫اني ‪ ‬أُولَئِ َ‬ ‫‪‬إِالَّ ِعباد ِ‬
‫هللا المل مخلَ ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫اا ََّلاُ م ِب مم ٌق َّم معلُ ٌ َ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬

‫‪90‬‬
‫يها غَ مو ٌل َوالَ ُه م َع منا َها يُا منا َز ُو َك‬ ‫ِ‬
‫ني ‪ ‬الَ َ‬ ‫اض لَ َّذن لِّم َّ‬
‫لشا ِببِ َ‬ ‫ضَ‬‫اَ َعلَمي ِه م بِ َرأم‪ِّ ،‬ممن َّم ِعني ‪ ‬بَا مي َ‬ ‫ني ‪ ‬يُطَ ُ‬ ‫ِ‬
‫ُس ُرب ُّمتَا َقابِل َ‬
‫ِ ِ‬ ‫‪ ‬و ِعنا َد ُه قَ ِ‬
‫اال‬
‫ااضلُو َك ‪ ‬قَا َ‬ ‫سا َ‬ ‫ضا ُاه م َعلَااى بَا معا يَاتَ َ‬ ‫اني ‪َ ‬كاأَنَّا ُه َّن بَا ماي ٌ َّمرمنُااو ٌك ‪َ ‬أَقامبَا َ بَا مع ُ‬ ‫ات الطَّا مارَ عا ٌ‬ ‫اصا َار ُ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ‪‬‬ ‫ني ‪ ‬أَإذَا م متانَاا َوُكنَّاا تُا َرابااا َوعظَ ااماا أَإنَّاا لَ َلاادينُو َ‬ ‫ص ّمادق َ‬‫اا لَل َان ال ُمل َ‬ ‫اول أَإنَّ َ‬ ‫ين ‪ ‬يَا ُق ُ‬ ‫قَائا ٌ ّمما منا ُه م إِّم َكاا َك ِا قَا ِر ٌ‬
‫ااهلل إِك كِا َّ‬
‫ادت لَتُ ا مارِدي ِن ‪َ ‬ولَا ماوالَ نِ مع َل اةُ َبِّم‬
‫اال تَا ِ‬ ‫اال َه ا م أَنم ااتُ ُّمطَّلِ ُعااو َك ‪َ ‬اااطَّلَ َو َ ا َارآلُ ِو َسا َاو ِاض ا مجلَ ِحااي ِ ‪ ‬قَا َ‬ ‫قَا َ‬
‫ظاي ‪‬‬ ‫ِ‬
‫ني‪ ‬إ َّك َها َذا ََّلَُاو الم َف ماوُم ال َمع ُ‬
‫ُوي َوَما َمحن ُن ِمبَُع َّاذبِ َ ِ‬‫ني ‪ ‬إِالَّ َم موتَاتَانَا اَّ َ‬ ‫ين ‪ ‬أَ َ َلا َمحن ُن ِمبَيِّمتِ َ‬ ‫ن ِت ِم َن ال ُمل مح َ‬
‫ض ِر َ‬ ‫لَ ُر ُ‬
‫الزقُّ ِ‬
‫اج َرنٌ‬ ‫ني ‪ ‬إِنَّا َها َش َ‬
‫ول ‪ ‬إِنَّا العلمن ِ ِ ِ‬
‫اها متانَةا لّملظَّال ِل َ‬
‫ََ َ َ‬ ‫ا َخ ميا ٌر نُّا ُزالا أ مَل َش َج َرنُ َّ‬ ‫لِ ِلِم ِ َه َذا َا مليَا مع َل ِ ال َمع ِاملُو َك ‪ ‬أَ َذلِ َ‬
‫ني ‪َِ ‬إنَّا ُه م َكِلُو َك ِم منا َها َ َلالِئُو َك ِم منا َهاا المبُطُاو َك ‪ُ ‬مثَّ إِ َّك‬ ‫اط ِ‬‫الشي ِ‬
‫و‪َ َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫َص ِ ا مجلَحي ِ ‪ ‬طَل ُمع َها َكأَنَّهُ ُبُؤ ُ‬ ‫َختم ُر ُ ِو أ م‬
‫محي ‪ُ ‬مثَّ إِ َّك َم مرِال َع ُه م ِأ َي ا مجلَ ِحي ِ ‪[ ‬الصرفرت‪.]68 ،40 :‬‬ ‫شوبا ِمن َِ‬
‫ََّلُ م َعلَميا َها لَ َ م ا م‬
‫معا بلأ أم التوسع يف احلديث مر أحداه اليوم اآل ر ومر فيار مر تر يب وترهيب مـر هـو إ مظاـر‬
‫مظيم مر مظرهر حب هللا لعبرد ‪.‬‬
‫وإليا هذا الدلي و‬
‫ا ِت ِمان ُساوض تَ ا َاو ُّد لَ ماو أ َّ‬
‫َك بَا ميانَا َهااا‬ ‫ا ِت ِم مان َخ ماًر ُّمحم َ‬
‫ضا اارا َوَماا َع ِللَا م‬ ‫يقـول تعـرىل‪ :‬يَا ماوَل َِجتا ُد ُكا ُّ نَا مفاال َّماا َع ِللَا م‬
‫اد‪[ ‬آل مارام‪.]30 :‬‬ ‫وَ بِال ِمعب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سهُ َوهللاُ َبُؤ ٌ َ‬ ‫َوبَا ميانَهُ أ ََم ادا بَعي ادا َوَُ ّمذ ُبُك ُ هللاُ نَا مف َ‬
‫ربا التا ؟!‪.‬‬ ‫أرأي مر حتاله اآلية مر حتذير وطويف؟ ورأي‬
‫فرآلية تدل د لة قرطعة ملى أم هللا مـ وجـ خيوفنـر وحيـذرلر رمحـةً ورأفـةً بنـر لكـي لرتـدع ولبتعـد ماـر هنرلـر‬
‫منه‪.‬‬

‫فإم قل ومر الدامي لوجود النرر مر األص يف ظ وجود هذ الرأفة والرمحة اإلهلية؟!‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هذا السؤال أجـرم منـه القـرآم يف مـد مواضـع مناـر قولـه تعـرىل‪ :‬أَ َانَ مج َعا ُ ال ُمل مسال ِل َ‬
‫ني َكاال ُمل مج ِرم َ‬
‫ني ‪َ ‬ماا‬
‫ف َوم ُر ُلو َك‪[ ‬القلم‪.]36 ،35 :‬‬
‫لَ ُر م َك مي َ‬

‫اض َّمحميَ ُ‬ ‫ات أَك َّمُنعلَ ُه َكالَّ ِذين آمنُوا و َع ِللُوا َّ ِ ِ‬


‫السيِئَ ِ‬ ‫وقولـه‪ :‬أَل ح ِس َّ ِ‬
‫ااه م‬ ‫الصا َات َس َو ا‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ م‬ ‫االتَا َر ُحوا َّ ّم‬
‫ين م‬‫ب الذ َ‬
‫م َ َ‬
‫اض َما َم ُر ُلو َك‪[ ‬اءرثية‪.]21 :‬‬
‫َوممََاتُا ُه م َس َ‬

‫‪91‬‬
‫ميكر أم يستوي – بأي حرل مر األحوال – اجملد اجملتاد الذي أل م لفسه ا ستقرمة ملى أمـر هللا مـع‬
‫فسردا‪.‬‬
‫مر أسرر ملى لفسه‪ ،‬وي يبرل بأوامر ربه واستارم هبر‪ ،‬ومره يف األرس ً‬
‫إم مــر دوامــي العــدل والرمحــة اإلهليــة أ يســتوي هــذا مــع باحم ‪‬أَ َلاان َكااا َك م مؤِمناااا َكلاان َكااا َك َ ِ‬
‫اس ا اقا الَّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ م‬
‫يَ مستَا ُوو َك‪[ ‬السجد ‪.]18 :‬‬

‫اللص والسجن‬
‫لصر قد اقتحم قرية مر القر ‪ ،‬وا تبأ يف بعض لواحيار‪،‬وظ يُ ري ك ليلة ملى من ل مـر منرزهلـر‬
‫هب أم ً‬
‫فيادد أهله‪ ،‬ويسرق مر فيه‪.‬‬
‫تُر ملى أي حرل سيكوم أه هذ القرية ال كرل قب جميأ هذا اللن آمنة مطا نة؟!‬
‫وهلعـر‪ ،‬وكيـف وكـ واحـد مـنام يتوقـع كـ ليلـة هجـوم‬
‫بال شأ سيتبدل أمنام ف ًمر‪ ،‬وطاـألينتام رمبًـر ً‬
‫اللن ملى دار ‪ ...‬يعرر النوم إىل مينه طري ًقر‪ ،‬ب ينخلع قلبه مر الف ع إبا مر مسع صوتًر ريبًر حول دار ‪.‬‬
‫ه ـ ـ م ــر املنرس ــب يف ظ ـ ـ ه ــذا الوض ــع املأس ــروي أم يُــرتحم الل ــن هك ــذا دوم العا ـ ـ مل ــرلقبض ملي ــه‬
‫والقصرص منه حت مساى الرمحة‪.‬‬
‫إم الرمحة تقتأي سرمة اإلمسرحم به وحبسه لتعود السكينة للنرس‪ ،‬ويعود إليام أمنام‪.‬‬
‫لعــم‪ ،‬أ ــي القــررئ‪ ،‬بــد مــر مقــرم املخطــئ الــذي أســرأ األدم مــع ربــه و ــرلف أوامــر ‪ ،‬واســتخدم مــر‬
‫سخر له مر النعم الكثري يف معصيته‪.‬‬
‫استخدم يد ورجله ومقله ومينيه ولسـرله وشـفتيه يف حمـرد هللا ومصـيرله واسـتحالل حمررمـه‪ ،‬اسـتخدم كـ‬
‫مسنَتُا ُه م َوأَيم ِادي ِه م َوأ مَب ُاللُ ُها م ِمبَاا َكاانُوا يَا مع َللُاو َ‬
‫ك‪[ ‬النـور‪:‬‬ ‫هذ األشيرأ و ريهر ‪-‬ر ار منار‪ -‬ياول تَ مشه ُد َعلَي ِه أَل ِ‬
‫َم َ َ م م‬ ‫ً‬
‫‪.]24‬‬
‫ومــع هــذا كلــه فــرهلل مـ وجـ الــرأور الــرحيم حيــذر العصــر والكــرفرير‪ ,‬يســتحثام ملــى التوبــة ويــر بام يف‬
‫اءنة وخيوفام مر النرر لعلام يعودوم إليه قب فوات األوام ‪.‬‬

‫ات أَك اَم ِس َ‬ ‫ِ َّ ِ‬


‫اف هللاُ ّبِِا ُ اَّ مَب َ‬
‫م‬ ‫السايِئَ ِ‬
‫ين َم َر ُروا َّ ّم‬ ‫تأم معي هذ اآليرت ال تؤكد هذا املعا‪ :‬أَ َأَم َن الذ َ‬
‫مخا َذ ُه م َعلَااى‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫مخا َذ ُه م ِو تَا َقلُّاب ِه م َ َلااا ُها مبُمعجا ِز َ‬
‫ين ‪ ‬أ مَو يَأ ُ‬ ‫اب ِما مان َح ميا ُ‬
‫اث الَ يَ مشا ُاع ُرو َك ‪ ‬أ مَو يَأ ُ‬ ‫ِ‬
‫أ مَو يَاأمتيَا ُه ُ ال َمعا َذ ُ‬

‫‪92‬‬
‫‪.]47-45 :‬‬ ‫[النح‬ ‫وَ َّبِحي ٌ ‪‬‬
‫َختَُّوَ َِإ َّك َببَّ ُر م لََرُؤ ٌ‬
‫ـديدا للعصـر ‪َ ‬اِإ َّك َببَّ ُرا م لَ َارُؤ ٌ‬
‫وَ‬ ‫ـذيرا ش ً‬
‫ه رأي أ ي القررئ ربا ا تتا هـذ اآليـرت الـ حتاـ حت ً‬
‫َّبِحي ٌ ‪. ‬‬
‫لعم‪ ,‬إم ربنر لرأور رحيم‪ ،‬ومر مرقب إلسرلًر إ ألله هو الذي استدمى واستح العقوبـة بأفعرلـه الكثـري‬
‫املخرلفة ألوامر ربه واملستاينة به‪.‬‬
‫ولو كرم هللا م وج يريد برلفع أم يعرقب كـ خمطـئ ملـى ط ـه‪ ،‬وأم يقـيم ميـ ام العـدل ملـى اءايـع‬
‫مــر وفنــر ك ـ هــذا التخويــف‪ ,‬يكفــي أم يقــول لنــر بــأم هنــرحم حســرم للاخطــئ ملــى ط ــه‪ ،‬وأم النــرر يف‬
‫التظرر ‪ ،‬ولكنه‪-‬سبحرله – ي يفع بلأ‪ ،‬ب حذرلر وحذرلر بأسـرليب شـ ‪ ،‬وقـن ملينـر مـر سـيحده يف يـوم‬
‫ااع ِة َش ا م ضٌ َع ِظااي ٌ ‪ ‬يَا ماوَل‬ ‫اا‪ ،‬اتَّا ُقااوا َببَّ ُر ا م إِ َّك َمل َمزلَاةَ َّ‬
‫السا َ‬ ‫القيرمــة ح ـ صـرلر وكألنــر لـرا رأي العــني ‪‬يَااا أَيُّا َهااا النَّا ُ‬
‫ابا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تَارونَا َها تَ مذ َه ُك ُّ مر ِ‬
‫سا َر َ‬
‫ابا َوَما ُه ب ُ‬ ‫َّا‪ُ ،‬س َر َ‬
‫ض ُو ُك ُّ ذَات محَم محَملَ َها َوتَا َرا الن َ‬ ‫ ِت َوتَ َ‬
‫ض َع م‬
‫ض َعة َع َّلا أ مَب َ‬ ‫ُ ُم‬ ‫َم‬
‫ِ‬
‫اب هللا َشدي ٌد‪[ ‬احلج‪.]2 ،1 :‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َولَر َّن َع َذ َ‬
‫وَ َّبِحي ٌ ‪[ ‬البقر ‪.]143 :‬‬ ‫مجيعر ‪‬إِ َّك هللاَ بِالن ِ‬
‫َّا‪ ،‬لََرُؤ ٌ‬ ‫ك بلأ مبعثه الشفقة والرمحة برلنرس ً‬
‫نول الِتغيب والِتهيب‬
‫ـورا كثـري يف حيـر‬
‫و يكفي أسلوم الرت يب والرتهيب بذكر اليوم اآل ر واءنة والنرر‪ ،‬ب يتسع وميتـد ليشـا أم ً‬
‫الفــرد واءارمــة‪ ،‬وليتنــرول املرضــي واحلرضــر واملســتقب ‪ ،‬ك ـ بلــأ ليحق ـ املقصــود مــر اســتخدامه أ وهــو ا ســتقرمة‬
‫ملى أمر هللا‪.‬‬
‫بعضا من التفصي و هذا اَّمرو‬
‫ا‬ ‫وإليا أخ القاب‬
‫َجيعا‬
‫النا‪ ،‬ا‬
‫مجيعــر بتوجيارتــه مــر بــني الرت يــب‬ ‫ألم هللا مـ وجـ حيــب مبــرد ويريــد هلــم ا ــري فإلــه ســبحرله قــد لاــم ً‬
‫والرتهيب‪ ،‬فرتا – ملى سبي املثرل‪ -‬ير ـب الياـود فيقـول هلـم‪ :‬يَاا بَ ِاين إِ مس َارائِي َ اذم ُك ُاروا نِ مع َلا ِ َ الَّا ِ أَنما َع مل ُ‬
‫ا ِت‬
‫ل َعن نَّا مفل َش مايئاا‬ ‫ني‪ ‬مث ترا خيوفام فيقول هلم‪َ  :‬واتَّا ُقوا يَا مواما الَّ َجتم ِزي نَا مف ٌ‬ ‫ضلمتُ ُر م َعلَى ال َمعالَ ِل َ‬ ‫َعلَمي ُر م َوأَِّم َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُرو َك‪[ ‬البقر ‪.]123 ،122 :‬‬ ‫اعةٌ َوالَ يُا مؤ َخ ُذ م منا َها َع مد ٌل َوالَ ُه م يُا من َ‬
‫َوالَ يُا مقبَ ُ م منا َها َش َف َ‬
‫ص ّمِادقاا لِّم َلاا َم َع ُرا ِّممان قَا مبا ِ‬ ‫ِ‬
‫ااب آمنُاوا ِمبَاا نَا َّزلمنَاا ُم َ‬
‫ِ‬
‫ين أُوتُاوا المرتَ َ‬
‫َّ ِ‬
‫وأه الكترم خيوفام بقوله‪ :‬يَا أَيُّا َها الذ َ‬

‫‪93‬‬
‫ ِت وَكا َك أَمر ِ‬ ‫َصحاب َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫[النسـرأ‪:‬‬ ‫هللا َم مف ُعاوالا‪‬‬ ‫الس مب َ م ُ‬ ‫َّها َعلَى أَ مدبَا ِبَها أ مَو نَال َمعنَا ُه م َك َلا لَ َعنَّا أ م َ َ‬ ‫وها َانَا ُرد َ‬‫ل ُو ُال ا‬‫أَك نَّطمل َ‬
‫‪.]47‬‬
‫اات الن َِّعاي ِ ‪‬‬
‫ااه النَّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َك أ مَه ال ِ‬
‫آمنُاوا َواتَّا َق ماوا لَ َر َّف مرنَاا َعا منا ُه م َسايِّمئَا م َوَّ مد َخلمنَ ُ م َ‬ ‫مرتَ ِ‬
‫ااب َ‬ ‫وير بام بقوله ‪َ ‬ولَ مو أ َّ َ‬
‫[املرئد ‪.]65 :‬‬
‫شاااض وماان يُّ مشا ِر م؟ بِا ِ‬
‫ااهلل‬ ‫واملشـركني يقــول هلـم‪ :‬إِ َّك هللا الَ يا م ِفاار أَك ي مشاار َ؟ بِا ِاه ويا م ِفاار مااا ُدو َك ذَلِ َ ِ‬
‫اا ل َلاان يَّ َ ُ َ َ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يلا‪[ ‬النسرأ‪.]48 :‬‬ ‫َا َقد ا ماتَا َرا إِ ممثاا َعظ ا‬
‫ل ِم َان‬ ‫ني َوَمن يَا مف َع م َذلِ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّخ ِذ المل مؤِمنو َك الم َرا ِ ِرين أَولِي ِ‬
‫اا َالَ ماي َ‬ ‫اض من ُدوك ال ُمل مؤمنِ َ‬ ‫َ مََ‬ ‫ب وح املؤمنني‪ :‬الَ يَات ِ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سهُ‪[ ‬آل مارام‪.]28 :‬‬ ‫هللا ِو َش م ض إالَّ أَك تَاتَّا ُقوا م منا ُه م تُا َقانا َوَُ ّمذ ُبُك ُ هللاُ نَا مف َ‬
‫الِتهيب والِتغيب و قصص السابقني‬
‫ومع ول أسلوم الرتهيب والرت يب ءايع النرس فإله ميتد ليشا ال مر كله مرضيه وحرضر ومستقبله‪.‬‬
‫فرهلل م وج يدمولر يف كتربه لالستفرد ممر حـده مـع السـربقني يف األزمنـة املرضـية‪ ،‬فري بنـر يف ا حتـذاأ‬
‫برلناربج الصرحلة‪ ،‬وخيوفنر مر الناربج الطرحلة‪.‬‬
‫فنجد أم هللا سبحرله قد قدم إبراهيم – مليه السالم – يف القرآم‪ ،‬ويف أكثر مر موضع كناـوبج صـحيح‬
‫ملــر ينب ــي أم يكــوم مليــه املــؤمر‪ ،‬لــذلأ فقــد مرضــه القــرآم بطريقــة تر ــب القــررئ وحتفـ ملــى ا قتــداأ بــه ‪‬إِ َّك‬
‫صاراط ُّمساتَ ِقي ‪‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هلل حنِي افا وَجي ي ُ ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫االتَبَاالُ َو َها َدالُ إ َي َ‬ ‫ني ‪َ ‬شاك ارا َّنما ُع ِله م‬ ‫ا م َن ال ُمل مش ِرك َ‬ ‫إِبما َراهي َ َكا َك أ َُّمةا قَانتاا َ َ م َ‬
‫َك اتَّبِ ماو ِملَّاةَ إِبما َار ِاهي َ َحنِي افاا َوَماا‬
‫اا أ ِ‬
‫الصاا ِِ َ‬
‫ني ‪ُ ‬مثَّ أ مَو َح ميانَاا إِلَمي َ‬ ‫الدنمايا حسنةا وإِنَّه ِو ا ِ‬
‫َخ َارنِ لَ ِل َان َّ‬ ‫َوآتَا ميانَالُ ِو ُّ َ َ َ َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني‪[ ‬النح ‪.]123 -120 :‬‬ ‫َكا َك م َن ال ُمل مش ِرك َ‬
‫منوبجـر فرس ًـدا لعبـد آبـ ا ـرت رلـه وتـوهم أم لـه مكرلـة أملـى مـر سـرئر البشـر‪ ،‬وكـذلأ‬ ‫أمر قرروم‪ ،‬فكـرم ً‬
‫فرموم الذي ط ى وتكرب‪ ،‬وقوم مرد ونود و ريهم مـر منـربج الظـرملني املتكـربير‪ ,‬هـذ الناـربج أفـرس القـرآم يف‬
‫صا ِه م ِع مبا َارنٌ‬
‫بكرهر‪ ،‬واملآل الذي صرر إليه أصحرهبر ترهيبـر وطوي ًفـر لنـر كـي جنتنـب مـر فعلـو ‪ :‬لََقا مد َكاا َك ِو قَص ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ُوا اَّلمبَ ِ‬
‫اب‪[ ‬يوسف‪.]111 :‬‬ ‫َّ ِ‬
‫الرسائ اأَّلية‬
‫هذا يف املرضي‪ ،‬أمـر يف احلرضـر فيظاـر أسـلوم الرت يـب والرتهيـب مـر ـالل الرسـرئ اإلهليـة الـ يُرسـلار‬
‫هللا لعبرد متشربكة مع أحداه حيرتم‪ ،‬فـرلربق رسـرلة تر يـب وطاـع يف رمحـة هللا ملـر يبشـر بـه مـر لـ ول املطـر‪،‬‬

‫‪94‬‬
‫وهـو كــذلأ ترهيــب ملــر يـرا حــني يأــيأ الســارأ‪ ،‬ويشـ الســحب ‪َ ‬وِما مان آيَاتِا ِاه يُا ِري ُر ُ المبَ ا مار َق َخ مو اااا َوطَ َل اعااا‪‬‬
‫[الروم‪.]24 :‬‬
‫وال زل والرباكني واألمرصري‪ ،‬وكسور الشار‪ ،‬و سور القاـر ‪ ..‬كـ هـذ رسـرئ طويـف‪ ،‬خيـور هللا‬
‫هبر مبرد ‪ ،‬لعلام يقدرو ح قدر فيعبدو ح مبردته فيد لوا اءنة‪ :‬وما نُار ِس بِا َي ِ‬
‫ات إِالَّ َختم ِوي افا‪[ ‬اإلسراأ‪:‬‬‫ََ م ُ َ‬
‫‪.]59‬‬
‫املستقب والِتغيب والِتهيب‬
‫وأمــر مــر خيــن املس ـتقب فنــر القــرآم والســنة قــد امــتآل برآليــرت واألحرديــث الـ حتــدثنر مــر اليــوم اآل ــر واءنــة‬
‫والنــرر – كاــر أســلفنر – بأســلوم مثــري‪ ،‬يســتجيش مواطــف الر بــة والرهبــة‪ ,‬تأم ـ معــي – ملــى ســبي املثــرل – ه ـذ‬
‫اآلية ومر حتاله مر طرم يستثري العرطفة‪ :‬مَِا ا مجلنَّ ِاة الَّا ِ و ِعا َد الملتَّا ُقاو َك ِيهاا أَنماهااب ِمان َّمااض غَ مِ ِ‬
‫اًر آسان َوأَنما َه ٌ‬
‫ااب‬ ‫َ َ ٌ ّم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ني وأَنما َهاب ِمن َعس ُّمص ًّفى وََّلُ ِ َيها ِمن ُك ِ الَِّلار ِ‬
‫ات َوَم م ِف َارنٌ‬ ‫ِّممن لَََّب َّجيم يَاتَا َيَّا مر طَ مع ُلهُ َوأَنما َه ٌاب ِّمم من َخَمر لَّ َّذن لِّم َّ‬
‫ّم َ َ‬ ‫لشا ِببِ َ َ ٌ ّم م َ َ َ م‬
‫اض ُه م ‪[ ‬حماد‪.]15 :‬‬ ‫مح ا َّ‬ ‫ِّممن َّبّمّبِِ َكلن ُهو َخالِ ٌد ِو النَّا ِب وس ُقوا ماض َِ‬
‫يلا َا َقط َو أ مَم َع َ‬ ‫َُ َا‬ ‫م َم َ‬
‫الِتغيب والِتهيب و أ عال العبادو‬
‫ومع ـول أسـلوم الرت يـب ءايـع النـرس وامتـداد مـرب ال مـرم كلـه‪ ،‬فإلـه كـذلأ يتنـرول الكثـري مـر أفعـرل‬
‫العبرد‪ ,‬فري ب يف اإلتيرم برألمارل الصرحلة‪ ،‬ويُرهب مر اإلتيرم بأمارل الفس والفجور والعصيرم‪.‬‬
‫على سبي املِالو‬
‫الِتغيب و اأنفاق و سبي هللا و‬
‫هللا مـ وجـ أمطــى لإللسـرم حريــة ا تيـرر واطــرب القـرار ‪ ،‬فاــو جيـرب ملــى فعـ شــيأ يريـد ‪ ،‬ومــع‬
‫مجيعر د ـول جنتـه‪ ،‬لـذلأ جنـد سـبحرله يف طربـه إلينـر ير بنـر يف كـ مـر يقربنـر‬
‫بلأ فاو سبحرله يريد للبشر ً‬
‫مر جنته‪ ،‬ويبعدلر مر لرر ‪ ...‬يستثري ر بتنر طرب القرار بفع ا ريات وترحم املنكرات‪.‬‬
‫وألله سبحرله قـد أسـكننر األرس ويعلـم أم مـر أشـد مـر حيـول بيننـر وبـني د ـول اءنـة‪ :‬التعلـ ب ينـة احليـر‬
‫الــدلير‪ ،‬وأم أهــم رمـ للــدلير هــو املــرل‪ ،‬لــذلأ فقــد أ ربلــر بــأم مــر أهــم العقبــرت الـ تقــف يف طريـ اءنــة هــي‬
‫ا؟ َما ال َمع َقبَةُ ‪ُّ َ ‬‬
‫ا َبقَابَة‪[ ‬البلد‪.]13 -11 :‬‬ ‫التعل برملرل‪َ  :‬ثَ اقامتَ َح َ ال َمع َقبَةَ ‪َ ‬وَما أَ مد َب َ‬
‫والت لب ملى هذ العقبة إمنر يكوم بدوام اإللفرق‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫اح‪‬‬ ‫ال ُّ‬
‫الشا َّ‬ ‫فرإللفــرق إبًا طري ـ ســا لــد ول اءنــة‪ ,‬ولكــر الــنفر حتــب اإللفــرق ‪‬وأ م ِ ِ‬
‫ُحضا َارت اَّنما ُفا ُ‬ ‫َ‬
‫[النسرأ‪.]128 :‬‬
‫مر هنر جند تنوع أسرليب احلث مليه‪ ،‬وإلشرأ الر بة فيه‪ ,‬ك بلأ ليت لب املـرأ ملـى شـح لفسـه و وفاـر‬
‫مر الفقر‪ ،‬ومر مث اجتيرزهر للعقبة‪ ,‬ومر هذ األسرليب‪ :‬التذكري بأمهيتار وأهنر مـر أبـوام اءاـرد يف سـبي هللا‪:‬‬
‫اها ُدو َك ِو‬ ‫ااهلل وبساولِ ِه وُجتَ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آمنُوا َه أ ُّ ُّ‬ ‫َّ ِ‬
‫ابن تُا منجي ُر ّمم مان َعا َذاب أَلاي ‪ ‬تُا مؤمنُاو َك ب َ َ ُ َ‬ ‫َدلر م َعلَى جتَ َ‬ ‫م‬ ‫ين َ‬‫‪‬يَا أَيُّا َها الذ َ‬
‫سبِي ِ ِ‬
‫هللا بِأ مَم َوالِ ُر م َوأَنما ُف ِس ُر م ذَلِ ُر م َخ ميا ٌر لَّ ُر م إِ مك ُك منتُ م تَا معلَ ُلو َك‪[ ‬الصف‪.]11 ،10 :‬‬ ‫َ‬
‫اآت َذا الم ُقا مارَب َح َّقااهُ‬ ‫ومناــر‪ :‬التــذكري بــأم اإللفــرق يرضــي هللا م ـ وج ـ ويقــرم صــرحبه منــه ســبحرله‪َ  :‬ا ِ‬
‫ا ُه ُ ال ُمل مفلِ ُحو َك‪[ ‬الروم‪.]38 :‬‬ ‫ا َخيار لِّملَّ ِذين ي ِري ُدو َك واله ِ‬
‫هللا َوأُولَئِ َ‬ ‫وال ِملس ِرني وابن َّ ِ ِ‬
‫َ مَ‬ ‫َُ‬ ‫السبي ِ ذَل َ م ٌ‬ ‫َ م َ َ مَ‬
‫هللا َك َلَِا ِ َحبَّاة أَنبَتَ م‬
‫ا ِت‬ ‫ومنار‪ :‬التذكري بفأ العا ونرر املتوقعة‪ :‬مَِ الَّ ِذين يا من ِف ُقو َك أَموا ََّل ِو سبِي ِ ِ‬
‫م َ ُم َ‬ ‫َ ُ َُ‬
‫اس ٌو َعلِي ٌ ‪[ ‬البقر ‪.]261 :‬‬ ‫شاض وهللا و ِ‬ ‫اع ُ ِ‬‫ضِ‬ ‫َس مب َو َسنَابِ َ ِو ُك ِّم ُسنبُالَة ِّممائَةُ َحبَّة َوهللاُ يُ َ‬
‫ف ل َلن يَّ َ ُ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني‪‬‬ ‫وأم مر هذ الثارر مر جيدهر صرحبار يف الدلير‪َ  :‬وَما أَنما َف مقتُ ّممن َش م ض َا ُه َو اُمل ُفهُ َو ُه َو َخ ميا ُار ال َّارا ِمق َ‬
‫[سبأ‪.]39 :‬‬
‫ص ا َدقَةا تُطَ ِّمها ُارُه م َوتُا ا َزّمكِي ِه م ِّبَااا‪‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫والتــذكري بــأم املســتفيد األول مــر اإللفــرق هــو املنفـ ‪ُ  :‬خ ا مذ ما مان أ مَما َاواَّل م َ‬
‫[التوبة‪.]103 :‬‬
‫آمنُوا أَنم ِف ُقوا ِممَّا َبَمقامنَا ُك ِّممن قَا مب ِ أَك يَأمِ َ يَا ماوٌل الَّ بَا مي ٌاو ِي ِاه َوالَ ُخلَّاةٌ‬
‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫والرتهيب مر تركار‪ :‬يَا أَيُّا َها الذ َ‬
‫اعةٌ‪[ ‬البقر ‪.]254 :‬‬ ‫َوالَ َش َف َ‬
‫َك هللاَ ُه َو يَا مقبَا ُ التا مَّوبَاةَ َع مان‬ ‫ويطا ننر بأم الذي يأ ذهر هو هللا‪ ،‬ومر مث فلر تأيع ملى صرحبار‪ :‬أََجيم يَا معلَ ُلوا أ َّ‬
‫الرِحي ُ‪[ ‬التوبة‪.]104 :‬‬
‫اب َّ‬‫َك هللاَ ُه َو التا ََّّو ُ‬
‫الص َدقَ ِ‬
‫ات َوأ َّ‬ ‫مخ ُذ َّ‬ ‫ِعبَ ِاد ِل َويَأ ُ‬
‫كثريا مر جندهر تتكرر يف القرآم بأسرليب خمتلفة‪.‬‬
‫هذ املعرين العظياة و ريهر ً‬
‫وهكذا يصبح استخدام أسلوم الرت يب والرتهيب مر أمظم مظرهر حب هللا لعبرد ‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫كللة أخًرن عن مظاهر حب هللا لنا‬
‫مجيعـر ليبقـى سـؤال أوجاـه إىل‬
‫بعأر مر مظرهر احلب اإلهلـي لنـر ً‬
‫مشنر سويًر يف ظالل شجر احملبة‪ ،‬ورأينر ً‬
‫لفسي وإليأ أ ي القررئ وهو‪:‬‬
‫ألسـر‬
‫أمر آم يل ولأ أم لبدأ مع هللا م وج صـفحة جديـد مـر احلـب الصـردق الـذي يثاـر طرمـة لـه‪ ،‬و ً‬
‫به وشوقًر إىل لقرئه؟!‬
‫أ يستح هذ اإلله الودود الكر أم لعرمله معرملة تلي جبالله وتتنرسب مع مر يعرملنر به؟!‬
‫فلنبدأ إبم مر اآلم‪ ،‬وقب أم تذهب تلأ احلرلـة الشـعورية الـ صـرحبتنر وحنـر لتعـرر ملـى مظـرهر حـب‬
‫هللا لنر‪.‬‬
‫لنبــدأ بدمرئــه ســبحرله دمــرأ فيــه إحلــرح وتأــرع ولســأله فيــه أم يرزقنــر حبــه‪ ،‬وأم ياــيار هــذا احلــب ملــى‬
‫مشرمرلر ح يصري حبه سبحرله األحب إلينر مر ك شيأ‪ ،‬ولدمو كذلأ بدمرأ النض مليه الصال والسـالم‪:‬‬
‫«الله إ أسالا حباأ وحب من باأ وحب عل يقربين إي حبا‪ ,‬هللا ما بمقتاين ماا أحاب االعلاه‬
‫قون ا يلا وابأ وماا مويا ِت عاين مماا أحاب االعلاه راغااا يلاا وابأ اللها االعا حباا أحاب إي مان‬
‫أهلا ومااااأ وماان املاااض البااابد علااى الظلااأأ اللها حببااين إليااا وإي مثئرتاا وأنبيائااا وبساالا وعباااد؟‬
‫الصااا نيأ واالعلااين مماان بااا و ااب مثئرتااا وأنبياااض؟ وبساالا وعباااد؟ الصااا نيأ اللها أحيا قلاايب‬
‫َبا واالعلين لا كلا وبأ الله االعلين أحبا بقلايب كلاهأ وأبضايا يلسادي كلاهأ اللها االعا حايب‬
‫كله لاأ وسعي ك و مرضاتا»(‪.)1‬‬

‫ولننتق ا ك إي الوسائ العللية ال مترن ب هللا و قلوبنا‬

‫(‪ )1‬روا الرتمذي‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫الفص الرابو‬

‫الوسائ العللية لتلرني حب هللا‬


‫و القلب‬
‫أمراك البد منهلاو‬
‫إك كان ِت املعر ة ه طريق احملبة الصادقة هلل عز وال – كلاا أسالفنا و املقدماة‪ -‬اإك هاذل املعر اةأ‬
‫دوما إي تذكًر يتجاوب معاه الفرار والعاطفاة‪ ,‬هاذا التاذكًر الادائ مان شاأنه‬
‫ال عشنا و أالوائهاأ وتا ا‬
‫أك يبذب بذوب احملبة و القلبأ ويشر قاعدته و املشاعر والوالداك‪.‬‬
‫ومو أمهية التذكًر الادائ تاأ اَّعلاال الصاا ة ذات الصالة مبوضاوع احملباة لتراوك مبِاباة املااض الاذي‬
‫يسق بذوب املعر ة باهلل الودودأ تنلو شجر ا ويرتفو بنياماأ لتروك النتيجة ه استحواذ حاب هللا علاى‬
‫وعظُاو َك بِ ِاه لَ َراا َك َخ ميا اارا ََّّلاُ م َوأَ َش َّاد تَاِمبِيتااا‪‬‬
‫أكرب قدب من مشاعر ا ب داخ القلب ‪َ ‬ولَ ماو أَنَّا ُها م َا َعلُاوا َماا يُ َ‬
‫[النسرأ‪.]66 :‬‬
‫وسائ التذكًر مبعابَ احملبة‬
‫ووسرئ التذكري عررر احملبة‪ ،‬ومظرهرهر ترتك يف أمرير مظياني‪ :‬كترم هللا املقروأ‪ ،‬وكترم هللا املنظور‪.‬‬

‫أوالاو القرآك ودوبل و إنشاض اأناك والتذكًر مبعابَ احملبةو‬


‫القــرآم هــو أفأـ وســيلة للتعريــف بــرهلل مـ وجـ والتــذكري الــدائم ظــرهر حبــه لنــر‪ ،‬وأفأـ وســيلة كــذلأ‬
‫لتحوي هذ املعرفـة إىل إميـرم يسـتحوب ملـى مشـرمر احلـب دا ـ القلـب ويوجااـر للاـوىل سـبحرله‪ ،‬قـرل صـلى‬
‫هللا مليه وسلم‪« :‬من سرل أك ب هللا وبسولهأ ليقرأ و املصحف»(‪.)1‬‬
‫السـنة والـ تعتـرب شـررحة للقـرآم‬
‫لعم‪ ،‬هنرحم وسرئ أ ر تقوم برلتذكري هبـذ املظـرهر‪ ،‬تقـف ملـى رأسـار ُ‬
‫مؤكد ملر فيه‪ ،‬ومع بلأ يبقى القرآم الوسيلة العظياة لدوام التذكري‪ ،‬وتقرير احلقرئ ‪ ،‬وإلشرأ اإلميرم‪ ،‬فاو دائم‬
‫التعريف برهلل م وج وبأمسرئه وصفرته ومظرهر حبه لعبرد ‪.‬‬
‫ومــع هــذا التعريــف جنــد التكـرار للاعــا الواحــد بأســرليب خمتلفــة لريســخ مدلولــه يف العقـ البــرطر لإللســرم‬
‫آك لِيَ َّذ َّك ُروا‪[ ‬اإلسراأ‪.]41 :‬‬
‫فيشك ج أا مر يقينه‪‬ولََق مد ص َّر مانَا ِو َه َذا الم ُقر ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ويف مرضه للاعرين جند أم العرس خيرطب العق فيقنعه واملشرمر فيسـتثريهر‪ ،‬ممـر حيـول احلقـرئ والقنرمـرت‬
‫الفكرية إىل إميرم راسخ يف القلب‪.‬‬

‫(‪ )1‬حسر‪ ،‬روا أبو لعيم يف احللية‪ ،‬والبياقي يف شعب اإلميرم‪ ،‬وحسنه األلبرين يف صحيح اءرمع (‪.)6289‬‬

‫‪99‬‬
‫وممــر يســرمد القــررئ ملــى التفرمــه بــرلقرآم هــو الت امــه ــر أمــر هللا بــه مــر تـدبر وتفاــم ملــر يقــرغ مــر آيــرت‪،‬‬
‫وكــذلأ ترتيلــه هلــر‪ ,‬فــرلفام والتــدبر خيرطبــرم العق ـ فيقتنــع‪ ،‬والرتتي ـ يا ـ املشــرمر‪ ،‬فيات ـ ج بــذلأ الفكــر م ــع‬
‫العرطفــة ليثاــر يقينًــر يف العق ـ ‪ ،‬وإميرلًــر يف القلــب‪ ،‬وهــذا يت ـوافر يف أي كتــرم آ ــر ملــى وجــه األرس ‪‬أ ََو َجيم‬
‫اب يُا متالَى َعلَمي ِه م ‪[ ‬العنكبوت‪.]51 :‬‬ ‫مف ِه أَنَّا أَنمازلمنَا َعلَي َ ِ‬
‫ِ‬
‫ا المرتَ َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫يَر م‬
‫يقول ابر رجب‪ :‬مسرع القرآم ينب القرآم يف القلب كار ينب املرأ البق ‪.‬‬
‫تعرَ على ببا‬
‫القرآم‪ -‬أ ي القررئ‪ -‬هو أفأ وسيلة ل رس حمبة هللا يف القلب‪ ،‬ولقد مت احلـديث بشـيأ مـر التفصـي‬
‫حــول هــذا املوضــوع يف أكثــر مــر موضــع ســرب (‪ ،)1‬و دامــي لتك ـرار مــر قي ـ ‪ ،‬ولكــر لُـ َذكر بــأمر هــرم وهــو‪:‬أم‬
‫إلشرأ اإلميرم يف القلب مر الل القرآم لر يتم إ إبا كرم هدفنر حني لقرغ أم لفام مر لقرغ – ولو بصور‬
‫أيأـر وهـو‬
‫إمجرلية – وأم جنتاد يف التـأثر بـه مـر ـالل الرتتيـ والتبـركي مـع القـراأ ‪ .‬مـع مـدم إ فـرل أمـر ماـم ً‬
‫كثر قراأته‪ ،‬وإمطرغ األولوية األوىل يف حيرتنر‪.‬‬
‫قرل حذيفة بر اليارم‪ :‬اقرأوا القرآم يُ م‪ ،‬و جتفوا منه‪ ،‬وتعرهدو ورتلو ترتيال(‪.)2‬‬
‫وبرإلضرفة إل ذلأ ملينر وحنر لعيش يف أجواأ حمبـة هللا مـ وجـ ‪ ،‬وبعـد أم تعرفنـر ملـى كثـري مـر مظرهرهـر‬
‫أم لتتبع هذ املظرهر وحنر لقرأ القرآم‪ ،‬فإم هذا مـر شـأله – إبا مـر داومنـر مليـه‪ -‬أم يؤكـد ويرسـخ مـدلوهلر يف‬
‫اليقني‪ ،‬وي يد اإلميرم يف القلب وحيوله إىل مقرم ثرب ‪.‬‬
‫لعم‪ ،‬ملينر أ لقف مند ك آية لنستخرج منار مر يـدل ملـى حـب هللا لعبـرد حـ تتحـول القـراأ إىل‬
‫مالية مقلية فكرية فقري‪ ،‬فرملطلوم‪ -‬كار قي سرل ًفر – هـو مـ ج الفكـر برلعرطفـة‪ ،‬وجتـروم العقـ مـع القلـب‪،‬‬
‫وهذا يستدمى استارارية والسيربية القراأ ليتسـرم تأثريهـر شـيًر فشـيًر إىل املشـرمر حـ تصـ ن الناريـة ملرحلـة‬
‫ا لفعرل والتأثر‪.‬‬
‫معا بلأ أله مـر املنرسـب أم لبحـث مـر مظـرهر احملبـة يف القـرآم بصـور إمجرليـة‪ ،‬تـؤثر برلسـلب ملـى‬
‫تدبرلر العرم لآليرت‪ ،‬و جتعلنر لقف مند ك كلاة‪ ،‬ولعـ مـر قيـ يف الصـفحرت السـربقة مـر شـأله أم يسـتثري‬
‫مشـرمرلر‪ ،‬وينشـئ دا لنـر حرلــة شـعورية حملبـة هللا مـ وجـ ‪ ،‬فـإبا مـر اسـتثارلر وجــود هـذ احلرلـة‪ ،‬ود لنـر هبــر إىل‬

‫(‪ )1‬مث مر تأانته كتب‪ :‬العود إىل القرآم –بنرأ اإلميرم مر الل القرآم ‪-‬كيف ل ري مر بألفسنر‪ -‬حقيقة العبودية‪.‬‬
‫(‪ )2‬حملرت األلوار لل رفقي(‪.)566‬‬

‫‪100‬‬
‫القرآم فسنجد مر يؤكدهر مر آيرت‪ ،‬وسنفرجأ وكأم حمور القرآم الرئير يدور حول هذا املوضوع‪.‬‬
‫‪ ‬أخ القاب و‬
‫إم القـرآم هــو أفأـ وســيلة لتنايـة حــب هللا يف القلــب والوصـول ملرحلــة األلـر بــه والشـوق إليــه ســبحرله‪،‬‬
‫لذلأ ألصح لفسي وإيرحم أم لكثر مر تالوته بفام وترتي وتبرحم‪ ،‬وأم لتعرر ملـى هللا الـودود مـر ـالل هـذا‬
‫الكترم وحبذا لو صصنر تاة أو أكثر هلذا البحث العظيم‪.‬‬
‫يقــول ابــر رجــب‪ :‬وممــر يســتجلب احملبــة‪ :‬تــالو القــرآم برلتــدبر والتفكــر ســيار اآليــرت املتأــانة لامســرأ‬
‫والصفرت واألفعرل البرهرات‪ ،‬وحمبة بلأ يستوجب به العبد حمبة هللا‪ ،‬وحمبة هللا له(‪)1‬فتتحق ‪ ُِ ‬بُّا ُه م َوُِ بُّونَهُ‪.‬‬
‫وممــر يؤكــد هــذا املعــا قولــه صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬أال ماان اشااتاق إي هللا ليسااتلو كااثل هللا ااإك مِا‬
‫القرآك كلِ الراب مسا أي وق ِت تحه اح ب ه»(‪.)2‬‬
‫كثما أحب إليه من كثمه»(‪.)3‬‬ ‫وقوله‪« :‬ما من كثل أعظ عند هللا من كثمهأ وما َّ‬
‫بد العباد إي هللا ا‬
‫فرألمر واضح‪ ،‬والطري معبد لتناية حب هللا يف القلب‪ ،‬وكيـف والقـرآم بـني أيـدينر و يوجـد أي شـيأ‬
‫حيول بيننر وبينه‪ ،‬فكلار اهترج لدينر مشرمر الشوق إىل هللا‪ ،‬وأردلر أم لسـكنار‪ ,‬وكلاـر أردلـر أم لـألر بـرهلل‪،‬‬
‫ولـ داد حبًـر لـه‪ ،‬وتعل ًقـر بـه فلناـرع إىل املصـحف‪ ,‬لنرجيـه ولتحـده إليـه – سـبحرله‪ -‬مـر ـالل قراأتنـر وجتروبنـر‬
‫مع طربه لنر‪ ,‬قرل صلى هللا مليه وسلم‪« :‬إذا أحب أحدك أك د ببه ليقرأ و املصحف»(‪.)4‬‬
‫كثريا !‬
‫فإم قل ‪ :‬ولكر مشرمر الشوق إىل هللا تترج ملى ً‬
‫أيأــر يف مداومــة ق ـراأ القــرآم آلــرأ اللي ـ وأطــرار الناــرر‪ ،‬لت ـ داد مســرحة حــب هللا يف قلوبنــر شــيًر‬
‫احل ـ ً‬
‫ـتارا إليـه جيعـ صــرحبه يف مجلـة دائاـة لالتصـرل بــرهلل مـر ـالل قـراأ القــرآم يف‬ ‫فشـيًر‪ ،‬فيثاـر بلـأ شــوقًر مس ً‬
‫ضى‪[ ‬طه‪.]84 :‬‬‫ب لِتَا مر َ‬ ‫الصال و ررج الصال وكذلأ يف الدمرأ والذكر واملنرجر ‪َ ‬و َع ِجل ُ‬
‫م ِت إِلَمي َ‬
‫ا َب ِّم‬

‫وخثصة القولو‬

‫(‪ )1‬استنشرق لسيم األلر بر رجب ‪.55/‬‬


‫(‪ )2‬روا الديلاي مر أىب هرير ‪ ،‬كذا يف كن العارل (‪.)2472‬‬
‫(‪ )3‬روا الدارمي (‪.)3354‬‬
‫(‪ )4‬كن العارل ‪.2366‬‬

‫‪101‬‬
‫إم أفأ ـ شــيأ وأحــب شــيأ لتقــرم بــه إىل هللا‪ :‬ق ـراأ القــرآم برلتــدبر والــتفام والرتتي ـ والصــوت احل ـ ير‬
‫(التبركي) قرل صلى هللا مليه وسلم‪« :‬ما تقرب العباد إي هللا بش ض أحب إليه مما خر منه»(‪.)1‬‬
‫وكلار ازداد حب املرأ لربه‪ ،‬ازداد حبًر لكتربه ولكثر قراأته‪.‬‬
‫قرل أبو سعيد ا راز‪ :‬مر أحب هللا أحب كالم هللا‪ ،‬وي يشبع مر تالوته(‪.)2‬‬

‫ثانيااو التفرر و الروك وأحدا ا يان‬


‫اإلميـرم برحلقــرئ واملعــررر الـ مت بكرهـر حيتــرج إىل تــذكر دائاــة تسـتثري املشــرمر‪ ،‬وتُنشــئ اإلميــرم وترســخه‬
‫يف القلب‪ ،‬والقرآم – كاـر أسـلفنر – هـو املـد األسرسـي لـذلأ ـر فيـه مـر آيـرت ود ئـ تـدل ملـى هللا مـ‬
‫وج وتعرفنر ظرهر حبه لعبرد ومد رأفته وشفقته وبر هبم‪.‬‬
‫ومع اآليرت املقروأ يف القرآم تأيت اآليرت املرئية واملنظور يف الكوم وأحداه احلير ‪.‬‬
‫‪.]53 :‬‬ ‫[فصل‬ ‫ا أَنَّهُ َعلَى ُك ِّم َش م ض َش ِهي ٌد‪‬‬ ‫فك مر يف الكوم يدل ملى هللا ويذ ّكر به ‪‬أَوَجيم ير ِ‬
‫مف بَِربِّم َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ولقــد حثنــر – ســبحرله – ملــى أم لتفكــر يف آيرتــه املبثوثــة يف كولــه‪ ،‬وفياــر ميــر بنــر مــر أحــداه يف حيرتنــر‬
‫لتكوم وسيلة للتذكر الدائاة به‪ ،‬ومر مث الوصول إىل معرفته‪ ،‬وحبه‪ ،‬والتعل الترم به‪.‬‬
‫م‬ ‫ِ‬
‫َّاها َوَماا ََّلَاا مان ُا ُارو ‪َ ‬واَّ مَب َ‬
‫اها َوَميَّان َ‬ ‫الس َل ِاض َا موقَا ُه م َك مي َ‬
‫ف بَانَا ميانَ َ‬ ‫تأم قوله تعرىل‪ :‬أَ َالَ م يَا منظُُروا إِ َي َّ‬
‫ص َران َو ِذ مك َرا لِ ُر ِّم َع مبد ُّمنِيب‪[ ‬ق‪.]8 -6 :‬‬ ‫يها ِمن ُك ِ َمو َّبِيج ‪ ‬تَا مب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يها َبَواس َ َوأَنمابَمتنا َ‬
‫ِ‬
‫اها َوأَلم َق ميانَا َ‬
‫َم َد مدنَ َ‬
‫ّم م‬
‫وممـر يلفـ ا لتبـر أم هللا مـ وجـ يُصـرر اآليــرت الكوليــة ويكررهـر بأشــكرل خمتلفــة‪ ،‬كاـر يكــرر اآليــرت‬
‫ف‬
‫بأسرليب خمتلفة يف القرآم ليتم مر الهلر التذكر والتبصر ‪ ،‬ومر مث ي داد اإلميرم رسو ً ر يف القلب ‪‬انمظُمر َك مي َ‬
‫َ ا َي ِ‬
‫ات لَ َعلَّ ُه م يَا مف َق ُهو َك‪[ ‬األلعرم‪.]65 :‬‬‫ص ّمِر ُ َ‬
‫نُ َ‬
‫ومثرل بلأ‪ :‬احلر الشديد أو الربد الشديد‪ ،‬أو العواصف‪ ،‬أو ‪ ...‬ك بلأ آيرت تذكر برهلل م وج ‪.‬‬
‫وكاــر أم هللا مـ وجـ قــد بم مــر يعــرس مــر تــدبر القــرآم وفاــم املـراد مــر آيرتــه‪ ،‬فإلــه كـذلأ قــد بم مــر‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ع منا َهاا‪[ ‬األلعـرم‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫ب بِآيَاات هللا َو َ‬
‫صا َد َ‬ ‫يعرس مر التدبر والتفكر يف آيرته املبثوثة يف كوله ‪َ َ ‬ل من أَظملَا ُ ممَّان َك َّاذ َ‬

‫(‪ )1‬كن العارل ‪.2257‬‬


‫(‪ )2‬جماومة رسرئ احلرفظ ابر رجب ‪.47/2‬‬

‫‪102‬‬
‫السلاو ِ‬ ‫ِ‬
‫م نَُُّرو َك َعلَميا َها َو ُه م َع منا َها ُم مع ِر ُ‬
‫ضو َك‪[ ‬يوسف‪.]105 :‬‬ ‫ات َواَّ مَب ِ‬ ‫‪َ  .]157‬وَكأَيِّمن ّممن آيَة ِو َّ َ َ‬
‫ال بدي عن التفرر‬
‫بــد إبا م ــر التفك ــر يف آي ــرت هللا املبثوث ــة يف كول ــه املنظ ــور وال ــذي يش ــا املخلوق ــرت ال ـ تراه ــر أمينن ــر‬
‫كرلسارأ واءبرل واألشجرر‪ ،‬ويشا كذلأ أحداه احلير املختلفة ال متر بك إلسرم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السلاو ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ات َواَّ مَب ِ‬
‫م َوَما َخلَ َق هللاُ من َش م ض َوأَ مك َع َ‬
‫سى أَك يَّ ُرو َك قَد اقماتَ ا َر َ‬ ‫‪‬أ ََو َجيم يَا منظُُروا ِو َملَ ُروت َّ َ َ‬
‫َاللُ ُه م ‪[ ‬األمرار‪.]185 :‬‬ ‫أَ‬
‫فيستدل املرأ مر الهلر ملى هللا م وج في داد به معرفة‪ ،‬فإبا مر جتروم القلب مع هـذ املعرفـة ازدادت‬
‫مسرحة اإلميرم فيه‪ ،‬واجنل بصريته‪ ،‬وشيًر فشيًر يتنور القلب فري هبذا النور صـفرت ربـه تتجلـي مـر وراأ كـ‬
‫شيأ ترا مينر ‪ ،‬فيوحد التوحيد احلقيقي‪ ،‬ويربري حيرته كلار به‪.‬‬
‫لذلأ كرم التفكر مر أفأ العبردات سواأ كرم هذا التفكر يف آيرت القرآم‪ ،‬أو آيرت الكوم‪.‬‬
‫وصدق مر قرل‪:‬‬
‫إبا املرأ كرل له فكر *** ففي ك شيأ له مرب‬
‫يقول ابر رجـب‪ :‬كـرم السـلف يفأـلوم التفكـر مـر لوافـ العبـرد ‪ ،‬وكـرم أكثـر ماـ أيب الـدرداأ ا متبـرر‬
‫والتفكر(‪.)1‬‬
‫تفرر يقود إي احملبة‬
‫وأللنــر يف هــذ الصــفحرت لتحــده مــر حمبــة هللا وكيفيــة ــرس شــجرتر يف قلوبنــر‪ ،‬لــذلأ فــنحر لريــد أم‬
‫لتجه بعقولنر ومشرمرلر حنو التفكر يف مظرهر حب هللا لعبرد ال حتدثنر سل ًفر مر مشر جوالب منار‪.‬‬
‫وحمــيري التفكــر يف هــذ اجملــر ت يشــا أحــداه احليــر الـ متــر بنــر‪ ،‬واملشــرهدات الـ لشــرهدهر‪ ،‬واأل بــرر الـ‬
‫تص إىل مسرمعنر‪ ،‬فنربري مر ميكر ربطه منار برهلل الودود‪.‬‬
‫على سبي املِالو‬
‫سب فأله وحبه سبحرله لعبرد قب أم يولدوا‪ ،‬فاذا اءرلب العظـيم مـر جوالـب احملبـة اإلهليـة لنـر‪ ،‬ميكننـر‬

‫(‪ )1‬استنشرق لسيم األلر ‪.49/‬‬

‫‪103‬‬
‫إدراكه مر الل مر لساع ومر لشرهد ومر لقرأ مر الكفرر وامللحدير والـوثنيني واملشـركني وكـ مـر ابتعـد مـر‬
‫اإلسالم‪ ،‬فنتذكر مر الل هذ املشرهد والقراأات مد سب فأ هللا ملينر أم ي جيعلنر منام‪.‬‬
‫أيأر‪ :‬رغية املخلوقرت األ ر ال لشرهدهر طيلة سـرمرت يومنـر مـر مجـردات أو‬
‫وممر يلح هبذا اءرلب ً‬
‫حيوالرت أو لبرترت فنستشعر لعاة التكر اإلهلي لنر وال سبق وجودلر يف هذ األرس‪.‬‬
‫أمر برلنسبة ءرلب العرفية ومر فيه مر مظيم فأ هللا ملينر فياكر استشعرر مر ـالل رغيـة أهـ الـبالأ‬
‫والنقن يف العرفية‪ ،‬فار مر مرس يصيب إلسرلًر وموفي أل منه إ ويُذكرحم د فأ هللا مليأ‪.‬‬
‫ولفــر األمــر برلنســبة ءرلــب العصــاة‪ :‬فاــر مــر معصــية حتــده أمرمــأ أو تص ـ إىل مســرمعأ وي تفع ـ‬
‫مثلار إ دلي ملى حب هللا بأم مصاأ مر ارتكرهبر وصرر ر بتأ منار‪ ،‬وكرهأ فيار‪ ،‬سواأ ص رت تلـأ‬
‫املعصية أو كربت‪.‬‬
‫وك طرمة لؤديار ملينر أم لر مر الهلر حب هللا لنر أم وفقنر وأمرلنر ملى القيرم هبر‪.‬‬
‫أمر جرلب القيومية فار أسا رغيته مر الل مر قد حيده لنر مر منـع وقـ إلمـدادات ربرليـة امتـدلر أم‬
‫تتواىل ملينر لي هنرر مث ‪ :‬ا تالل توازم اءسم‪ ،‬فقرم القلب‪ ،‬أي مفرجئ يف الرأس ‪...‬‬
‫ك بلأ و ري ملينر أم لر مر الله قيومية هللا لنر يف حفظه ألجسردلر لي هنرر‪.‬‬
‫وبرلنســبة ءرلــب التســخري‪ :‬ملينــر أم لنظــر بعــني ا متبــرر إىل كـ األشــيرأ الـ لتعرمـ معاــر‪ ،‬ولتفكــر يف مظــرهر‬
‫تسخريهر لنر‪ ،‬وكيف ستكوم احلير بدوم بلأ التسخري‪.‬‬
‫وهكذا ن بقية اءوالب العشر ميكننـر أم لتعـرر ملياـر ولربطاـر بـرهلل الـودود مـر ـالل إماـرل مقولنـر يف‬
‫شريري أحداه احلير الذي مير أمرم أميننر دوم توقف‪.‬‬
‫والذي يسرمد الواحد منر ملى ُحسر التفكر فيار يساع ويشـرهد‪ :‬املداومـة ملـى قـراأ القـرآم والتفكـر يف‬
‫آيرته ال تتحده برستفرضة مر هللا الودود‪ ،‬فإبا مر أ ل مصحفه والطل إىل احلير شرهد بعينه مر قد تعـرر‬
‫ِ‬ ‫مليه يف القرآم ‪‬سنُ ِري ِه آياتِنَا ِو ا َ َ ِ‬
‫اق َوِو أَنما ُفس ِه م َح َّىت يَاتَبَا َّ َ‬
‫ني ََّلُ م أَنَّهُ ا مَ ُّق‪[ ‬فصل ‪.]53 :‬‬ ‫َ م َ‬
‫وهبذا حيده ا لسجرم بني مر يقرغ ومر يشرهد ‪ ،‬ممر يكوم له أكـرب األثـر ملـى مالقتـه بربـه فتـ داد معرفتـه‬
‫به‪ ،‬ومر مث حبه وألسه وشوقه إليه‪.‬‬
‫قــرل صــلى هللا مليــه وســلم‪« :‬أعطااوا أعياانر حظهااا ماان العبااادن» فقــرلوا يــر رســول هللا‪ :‬ومــر حظاــر مــر‬

‫‪104‬‬
‫العبرد ؟ قرل‪« :‬النظر و املصحف والتفرر يه واالعتباب عند عجائبه»(‪.)1‬‬
‫***‬

‫(‪ )1‬أ رجه ابر أىب الدلير بإسنرد ضعيف‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫اَّعلال الصا ة املقِتح القيال ّبا‬

‫ومع أمهية وضرور التفكر يف القرآم والكوم والتعرر مر الهلاـر ملـى هللا الـودود إللشـرأ وترسـيخ قرمـد‬
‫احملبة‪ ،‬إ أم هذا وحد يكفي لتاكني هـذ احملبـة مـر القلـب‪ ،‬فـال بـد – كاـر أسـلفنر – مـر القيـرم بأماـرل‬
‫تثب القوامد وترفع وتدمم البنيرم‪.‬‬
‫وعظُو َك بِ ِه لَ َرا َك َخ ميا ارا ََّّلُ م َوأَ َش َّد تَاِمبِيتاا‪‬‬
‫تأم معي قوله تعرىل ‪َ ‬ولَ مو أَنَّا ُه م َا َعلُوا َما يُ َ‬
‫[النسرأ‪.]66 :‬‬
‫فرلقيرم برألمارل الصرحلة أمر زم لتناية اإلميـرم بـرهلل الـودود وتثبيتـه يف القلـب مـع األ ـذ يف ا متبـرر ألـه‬
‫كلار كرم العا الصر له مالقة هبذا املوضوع كرم تأثري أشد وأشد مر ري ‪.‬‬
‫وضوع احملبة ملينر أم لكثـر مـر القيـرم هبـر حـ تناـو شـجرتر وتـأيت‬ ‫وهنرحم أمارل صرحلة هلر ارتبرط وثي‬
‫بثاررهر الطيبة‪.‬‬
‫ومن هذل اَّعلالو‬
‫‪ -1‬بكر النعم‪.‬‬
‫‪ -2‬رحالت ا متبرر‪.‬‬
‫‪ -3‬كثر محد هللا برللسرم‪.‬‬
‫‪ -4‬منرجر هللا برلنعم ( رصة يف جور اللي )‬
‫‪ -5‬حتبيب النرس يف هللا م وج ‪.‬‬
‫‪ -6‬اإلحلرح ملى هللا بأم يرزقنر حمبته‪.‬‬
‫عضا من التفصي حول هذل اَّعلالو‬
‫وإليا أخ القاب ب ا‬
‫‪ ‬أوالو ذكر النع‬
‫وحيسـر إليـه‪ ،‬وكلاـر ازداد العطـرأ ازداد احلـب‬
‫مر طبيعة اإللسرم أم مشرمر احلب دا له تتوجه ملر يُعطيه ُ‬
‫رصة إبا مر كرم العطرأ بال مقرب ‪ ،‬وصدق مر قرل‪ :‬اإللسرم مبد اإلحسرم‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫وحتكي لنر كتب السري مر أحد املشركني وهو صفوام بر أمية‪ ،‬وكيف كرل مشـرمر جتـر الرسـول صـلى‬
‫هللا مليه وسلم‪.‬‬
‫مترمــر ح ـ صــرر رســول هللا صــلى هللا مليــه‬
‫ً‬ ‫هــذ املشــرمر ال ـ كــرم يســيطر ملياــر الــب ض والكــر ‪ ،‬تبــدل‬
‫وسلم مر أحب النرس إليه بسبب مطرئه املتواص له مر نرئم حنني والطرئف‪.‬‬
‫فإم قل ‪ :‬ولكننر لستشعر بلأ بشك كرر جتر هللا م وج مع مر أسبه ملنيـر مـر لعـم تُعـد و‬
‫ُحتصى‪.‬‬
‫لعـم‪ ،‬حنــر لعـيش يف هــذ احلرلـة – حرلــة اءحــود للـرم املــنعم الـودود – أللنــر رقـى يف لعاــه‪ ،‬ويف الوقـ‬
‫لفسه لساح لعقولنر بتذكرهر‪ ،‬و ألميننر برغيتار‪ ،‬أللنر قد ألفنر تواصلار ملينر ح لسينرهر‪.‬‬
‫لقد الش لنر جباع النعم‪ ،‬وي للتف إىل مر ألعم هبر ملينر فخفت مشرمر احلب جترهه سبحرله‪.‬‬
‫مر هنر لقول‪ :‬إم أهم ما صر يـوره احملبـة ويناياـر هـو بكـر الـنعم وربطاـر بـرملنعم ‪َ ‬ااذم ُكروا آالَض ِ‬
‫هللا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لَ َعلَّ ُر م تُا مفلِ ُحو َك‪[ ‬األمرار‪.]69 :‬‬
‫قرل صلى هللا مليه وسلم‪ :‬أحبوا هللا ملا ي ذوك به من نعلة ‪ .....‬احلديث(‪.)1‬‬
‫العبادن املهجوبن‬
‫األمـر الالفـ لاللتبــر أم هنـرحم العديــد مــر اآليــرت القرآليـة الـ حتثنــر ملــى القيـرم هبــذا العاـ العظــيم ‪‬يَااا‬
‫م‪[ ‬فــرطر‪]3 :‬‬ ‫السا َال ِاض َواَّ مَب ِ‬
‫هللا يَا مارُمقُ ُر م ِّمما َان َّ‬
‫هللا علَااي ُر ه ا ِماان َخااالِق غَي اار ِ‬
‫مُ‬ ‫ا ِت َ م م َ م م‬
‫أَيُّاهااا النَّااا‪ ،‬اذم ُكااروا نِعلا َ ِ‬
‫ُ ُ مَ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ ‬واذم ُك ُرولُ َك َلا َه َدا ُك م َوإِك ُك منتُ م ّممن قَا مبله لَل َن الضَّالّم َ‬
‫ني‪[‬البقر ‪.]198 :‬‬

‫إم التفكـر يف الـنعم الـ حتـيري بنـر مـر كـ جرلـب وربطاـر بـرملنعم لـه دور كبـري يف اسـتثرر العقـ ‪ ،‬وتـأجيج‬
‫مشــرمر ا متنــرم هلل مـ وجـ ومــر مث ا ــروج مــر حرلــة ال فلــة إىل اليقظــة وا لتبــر ‪ ،‬لــذلأ كــرم بكــر الــنعم مــر‬
‫أفأ العبردات‪.‬‬
‫ويف هذا املعا يقول أبو سليارم الواسطي‪ :‬بكر النعم يُوره احلب هلل م وج ‪.‬‬
‫ويقــول اءنيــد‪ :‬إم الرضــر يُنــرل بــرلتفويض‪ ،‬والتفــويض يُنــرل برحملبــة‪ ،‬واحملبــة تنــرل برشــت رل القلــب برلــذكر يف‬

‫(‪ )1‬روا الرتمذي (‪ )3878‬وقرل حديث حسر ريب‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫لعم هللا م وج (‪.)1‬‬
‫ويؤكد مار بر مبد الع ي ملى أمهية هذ العبرد فيقول‪ :‬التفكر يف لعم هللا أفأ العبرد (‪.)2‬‬
‫ويكفينــر يف بيــرم أمهيتاــر وفأــلار مــر جــرأ يف حــديث املالئكــة الســيرر ال ـ تلــتار مواضــع الــذكر فــإبا‬
‫احدا منار بعث برائدهم إىل هللا تبررحم وتعرىل فيقولوم‪« :‬ببنا أتيناا علاى عبااد مان عبااد؟أ يُعظلاوك‬ ‫وجدت و ً‬
‫آالض؟أ ويتلااوك كتاباااأ ويُص الُّوك علااى نبيااا حملااد صــلى هللا مليــه وســلم‪ ،‬ويسااألونا خاار ودنياااه أ‬
‫غشوه بمح »(‪.)3‬‬ ‫يقول تباب؟ وتعايو ُّ‬
‫كيفية ذكر النع‬
‫وبكر النعم يكوم برلعا ملى إحصرئار‪ -‬قدر املستطرع – مـر ـالل اءوالـب املختلفـة الـ مت احلـديث‬
‫منار‪:‬‬
‫(لعم سب الفأ – لعم اهلداية والعصاة‪ -‬لعـم العرفيـة – لعـم التسـخري – لعـم القيوميـة واحلفـظ – لعـم‬
‫اإلمارل والسرت‪ -‬لعم اللطف والرمحة‪.)...-‬‬
‫فار الل توجيه الفكر إىل جرلب مر هذ اءوالب ميكـر للواحـد منـر أم يُعاـ مقلـه يف تـذكر مـر ألعـم‬
‫هللا به مليه يف هذا اءرلب‪ ،‬حبذا لو قرم بتسجي هذ النعم كتربة ح يسا مليه الرجـوع إلياـر يف أي وقـ‬
‫شرأ وقراأتر وهذا مر شأله أم يستثري مشرمر احلب هلل م وج دا له‪.‬‬
‫ومــع قيــرم املــرأ بــرلتفكر يف لعــم هللا مليــه وا جتاــرد يف إحصــرئار مــع لفســه‪ ،‬فعليــه كــذلأ أم تكــوم لــه‬
‫جمرلر مع أهله وأصدقرئه يتذاكروم فيار لعم هللا مليام‪.‬‬
‫ولقد كرم الصحربة والسلف جيلسوم مث تلأ اجملرلر ال تُذكرهم بفأ هللا مليام وت يدهم حبًر له‪.‬‬
‫فعر معروية رضي هللا منه أم رسـول هللا صـلى هللا مليـه وسـلم ـرج ملـى حلقـة مـر أصـحربه‪ ،‬فقـرل‪« :‬ماا‬
‫أاللسر »؟ قرلوا‪ :‬جلسنر لذكر هللا وحناد ملى مر هدالر لإلسالم ومر به ملينر‪ ،‬قرل‪« :‬آهلل ما أاللسر إال‬
‫ذا؟؟» قرلوا‪ :‬آهلل مر أجلسـنر إ باحم‪ .‬قـرل‪« :‬أماا إ جي أساتحلفر ُ لاة لرا أ ولرناه أتاا الربيا اأخرب‬

‫(‪ )1‬احملبة هلل سبحرله للجنيد‪ – 75 /‬دار املكتض – سورير‪.‬‬


‫(‪ )2‬استنشرق لسيم األلر ‪.49/‬‬
‫(‪ )3‬روا الب ار بإسنرد حسر‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫أك هللا عز وال يباه بر املثئرة»(‪.)1‬‬
‫وجلر الفأي بر ميرس وسفيرم بر ميينه ليلة إىل الصـبرح يتـذاكروم الـنعم‪ ،‬فجعـ سـفيرم يقـول‪ :‬ألعـم‬
‫هللا ملينر يف كذا‪ ،‬ألعم هللا ملينر يف كذا‪ ،‬ألعم هللا ملينر يف كذا‪ ،‬فع بنر كذا‪ ،‬فع بنر كذا(‪.)2‬‬
‫فلـنجلر مثـ هـذ اجملـرلر املبرركـة وخبرصـة مـع األهـ واألو د لنـ داد حبًـر هلل مـ وجـ ‪ ،‬وحبـذا لـو كرلـ‬
‫هذ اجملرلر بعد النعم الكبري ال متر برألسر كنجرح وتفوق األو د‪ ،‬وصيرم رمأرم وقيرمه‪ ،‬و‪...‬‬
‫القرآك يعللنا‬
‫وحنر هبذ الطريقة لتعلم ولقتدي برلقرآم حيث كرم يتن ل ملى رسول هللا صلى هللا مليه وسلم بعـد الـنعم‬
‫ـكرا‪ ،‬فبعـد بـدر ومـر كـرم‬ ‫اإلهلية الكبري ليذ ّكر وأصحربه هبر‪ ،‬و ر ألعم هللا مليام مر الهلر في دادوا له حبًـر وش ً‬
‫ِ‬
‫فيار مر لصر مبني ل ل سور األلفرل تُذ ّكر بنعم هللا العظياة ال صرحب هذا النصر‪ :‬إِ مذ تَ مستَ يُِو َك َببَّ ُرا م‬
‫ني ‪َ ‬وَما َال َعلَهُ هللاُ إِالَّ بُ مش َارا َولِتَط َملائِ َّن بِ ِاه قُالُاوبُ ُر م َوَماا‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫اب لَ ُر م أَِّم ُممِ ُّد ُك م بِأَلمف ّمم َن ال َملثئِ َرة ُم مرد َ‬
‫استَ َج َ‬ ‫َ م‬
‫شي ُر الناُّعا‪ ،‬أَمناةا ِم مناه ويانا ِاز ُل علَاي ُر ِمان َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫ااض‬
‫السا َلاض َم ا‬ ‫َّص ُر إِالَّ م من ع مند هللا إِ َّك هللاَ َع ِز ٌيز َحري ٌ ‪ ‬إِ مذ يُا َ ّم ُ َ َ َ َ ّم ُ َ ُ َ ّم َ م ّم‬ ‫الن م‬
‫اا إِ َي‬ ‫ا ِت بِ ِاه اَّقما َدال ‪ ‬إِ مذ ي ِ‬
‫اوح َببُّا َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ط َعلَاى قُالُااوبِ ُر م َويُاَِبِّم َ‬ ‫اك َولِيَا ماربِ َ‬
‫الشا مايطَ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫لّميُطَ ِّمه َارُك م باه َويُا مذه َ‬
‫ب َعان ُر م ِب مال َاز َّ‬
‫ض ا ِربوا َ ااو َق اَّ معنَا ِ‬
‫ااق‬ ‫الملثئِ َرا ِاة أَِّم مع ُر ا َاَِبِتُااوا الَّا ِاذين آمنُااوا س اأُل ِمق ِو قُالُا ِ َّ ِ‬
‫اب َا م ُ م‬ ‫الر معا َ‬
‫ين َك َف ا ُروا ُّ‬ ‫اوب الااذ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ م ّم‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ض ِربُوا م منا ُه م ُك َّ بَانَاك‪[ ‬األلفرل‪.]12 -9 :‬‬ ‫َوا م‬
‫ااضتم ُر م ُالنُااو ٌد َأ مَب َس المنَا َعلَا ماي ِه م ِب اااا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫آمنُ اوا اذم ُكا ُاروا ن مع َل ا َة هللا َعلَا ماي ُر م إ مذ َالا َ‬ ‫وبعــد ـ و األح ـ ام‪ :‬يَااا أَيُّا َهااا الااذ َ‬
‫ين َ‬
‫صااب وبالَ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والنودا َّجي تَاروها وَكا َك هللا ِمبَا تَاعللُو َك ب ِصًرا ‪ ‬إِ مذ الاضوُك ِمن َاوقِ ُر وِمان أ ِ‬
‫ا ِت‬ ‫َسا َف َ مامن ُر م َوإِ مذ َماغَا ِت اَّبم َ ُ َ َ‬ ‫َ ُ ّم م م َ م م‬ ‫ُ مَ َ ا‬ ‫َ ُُ ا م َ م َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اال َر َوتَظُنُّو َك باهلل الظُّنُونَا‪[ ‬األح ام‪.]10 ،9 :‬‬ ‫الم ُقلُوب ا م نَ ِ‬
‫ُ َ‬
‫‪ ‬ثانيااو بحثت االعتباب‬
‫وامل قص ــد م ــر رح ــالت ا متب ــرر ه ــو ال ــذهرم إىل األم ــركر ال ـ يتواج ــد فيا ــر أه ـ ال ــبالأ كرملستش ــفيرت‬
‫واملالجــئ‪ ،‬ودور األيتــرم وأصــحرم ا حتيرجــرت ا رصــة‪ ،‬فاــذ الــرحالت هلــر دور كبــري يف إدراحم حجــم الــنعم‬
‫العظياة ال أمدلر هللا هبر وأ رقنر فيار‪.‬‬

‫(‪ )1‬روا مسلم (‪ )2701‬كترم الذكر والدمرأ‪.‬‬


‫(‪ )2‬الشكر بر أىب الدلير‪.50/‬‬

‫‪109‬‬
‫وحبذا لو اصطحبنر يف هذ الرحالت أهلنر وأو دلر ليدركوا معنر مظيم فأ هللا‪.‬‬
‫يومر لتعرر قياة لعاة احلرية‪.‬‬
‫‪ ‬أ ي ‪ ,‬زر السجر ً‬
‫زر أقسرم احلروق والكسور وأصحرم احلر ت احلرجة لتدرحم قياة لعاة العرفية‪.‬‬
‫أ اض مينيأ وتفكر يف صعوبة احلير بدوم أبصرر‪.‬‬
‫طيـ لفســأ‪ ،‬وألـ تشــرهد األ بــرر‪ ،‬مكــرم أصــحرم اجملرمــرت والـ زل واحلــروم والنكبــرت مث ردد‪ :‬يــر‬
‫رم لأ احلاد كار ينب ي ءالل وجاأ ومظيم سلطرلأ‪.‬‬
‫و تنر أم تقول مند رغية أه البالأ‪ :‬احلاد هلل الذي مرفرين ممر ابتالكم به وفألا ملى كثري ممر ل‬
‫تفأيال‪.‬‬
‫‪ ‬ثالِااو كِرن ا لد‬
‫محد هللا برللسرم ما صر حيبه هللا م وج ‪ ،‬فعلينر أم لكثر منه‪.‬‬
‫ولكي يؤيت هذا الذكر نرر املرجو يف تناية احملبة هلل يف القلب‪ ،‬ملينـر أم جنتاـد يف مواطـأ القلـب اللسـرم‬
‫وق الذكر‪ ،‬أو بعبرر أ ر جتروم املشرمر مع اللسـرم‪ ،‬والطريقـة امليسـر لـذلأ أم لسـتفيد مـر األوقـرت الـ‬
‫تستثرر فياـر مشـرمر احلـب هلل مـ وجـ كوقـ تـذكر لعاـه املختلفـة‪ ،‬وجوالـب رمحتـه ولطفـه وشـفقته بعبـرد ‪ ،‬و‬
‫مند رغية أه البالأ والنقن‪.‬‬
‫ـأثرا ملظاــر مــر مظــرهر حــب هللا لعبــرد ‪ ،‬ملينــر أم لســررع ياــد ســبحرله‪،‬‬
‫فعنــدمر جنــد الفعــر وجــداليًر وتـ ً‬
‫فيواطئ اللسرم القلب‪ ،‬في داد التأثري وا لفعرل‪ ،‬ومر مث ت داد احملبة أكثر وأكثر‪.‬‬
‫وصيه احلاد كثري ملينر أم ترر منار مر ينرسب حرلتنر الشعورية‪.‬‬
‫لرفعر هي أم جنتاد قب الذكر يف استثرر مشـرمر احلـب مـر‬
‫والطريقة الثرلية ال مر شأهنر أم جتع الذكر ً‬
‫الل التفكر يف جوالب حب هللا لعبرد ‪ ،‬فإبا مر جتروم القلب‪ ،‬والفعل املشرمر بدألر الذكر‪.‬‬
‫يقول ا سن البصريو‬
‫إم أه العقـ ي ي الـوا يعـودوم برلـذكر ملـى الفكـر‪ ،‬وبـرلفكر ملـى الـذكر حـ اسـتنطقوا القلـوم فنطقـ‬

‫‪110‬‬
‫برحلكاة(‪.)1‬‬
‫ابعاو مناالان هللا بالنع‬
‫‪ ‬با‬
‫مر األمارل الصرحلة ال توره احملبة والقرم مر هللا‪ :‬منرجرته سبحرله بذكر لعاه ال ألعم هبر ملينر كار‬
‫احا َق إِ َّك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ب ِا َعلَى المر َِرب إِ مَسَاعيا َ َوإِ مس َ‬
‫فع إبراهيم – مليه السالم – يف منرجرته لربـه‪" :‬ا مَ مل ُد هلل الذي َو َه َ‬
‫ُّع ِاض" [إبراهيم‪.]39 :‬‬
‫يو الد َ‬ ‫بِّم لَ ِ‬
‫سل ُ‬‫َ َ‬
‫فبعد إحصرأ النعم‪ ،‬وبعد رحالت ا متبرر‪ ،‬ويف أوقـرت ا لـو بـه سـبحرله ملينـر أم لنرجيـه ولتحـده إليـه‬
‫وحناد ملى مر ألعم به ملينر‪ ،‬وحبذا لو تأان هذ املنرجر الـنعم بصـور تفصـيلية‪ ،‬وقـد أحسـر مـر قـرل يف‬
‫منرجرته‪:‬‬
‫أل الذي صورتا و لقتا وهديتا لشرائع اإلميرم‬
‫أل الذي ملاتا ورمحتا وجعل صدري وامي القرآم‬
‫أل الذي أطعاتا وسقيتا ب ري كسب يد و دكرم‬
‫وجربتا وسرتتا ولصرتا و ارتا برلفأ واإلحسرم‬
‫أل الذي آويتا وحبوتا وهديتا مر حري ا ذ م‬
‫وزرم يل بني القلوم مود والعطف منأ برمحة وحنرم‬
‫ولشرت يل يف العرملني حمرسنر وسرتت مر أبصررهم مصيرين‬
‫شرئعر ح جعل مجيعام إ واين‬ ‫وجعل بكري يف الربية ً‬
‫وهللا لو ملاوا قبيح سريريت ألىب السالم ملي مر يلقرين‬
‫وألمرضوا ما وملوا صحب ولذق بعد كرامة هبواين‬
‫لكر سرتت معريض ومثرلض وحلا مر سقطي ومر ط يرين‬
‫فلأ احملرمد واملدائح كلار خبواطري وجوارحي ولسرين‬
‫ملي رم بألعم مر يل بشكر أقلار يدام‬
‫ّ‬ ‫ولقد منن‬

‫(‪ )1‬إحيرأ ملوم الدير ‪.6/5‬‬

‫‪111‬‬
‫من صوب املناالانو‬
‫مر أىب هرير رضـي هللا منـه قـرل‪ :‬دمـر رجـ مـر األلصـرر مـر أهـ قبـرأ النـض صـلى هللا مليـه وسـلم‪ ،‬فلاـر‬
‫طعا أ ماانَّ علينااا هااداناأ وأطعلنااا‬ ‫ِ‬
‫طَعــم و سـ يــد – أو قــرل يديــه – قــرل‪« :‬ا لااد هلل الااذي يُطعا وال يُ َ‬
‫اودع ب أ وال مرا اأ وال مرفاوب وال مسات ىن عناهأ ا لاد‬ ‫وسقاناأ وك بثض حسن أبثنااأ ا لاد هلل غاًر م ّم‬
‫العلاىأ‬
‫صار مان َ‬ ‫العريأ وهدا من الضثلةأ وبَ َّ‬ ‫هلل الذي أطع من الطعالأ وسقى من الشرابأ وكسا من ُ‬
‫ض على كًِر ممن خلق تفضيثأ ا لد هلل بب العاملني»(‪.)1‬‬ ‫و ّم‬
‫فلــتكر – أ ــي – منرجرتنــر هلل برلثنــرأ مليــه ومدحــه‪ ،‬وا م ـرتار بنعاــه‪ ،‬ولنــداوم ملــى بلــأ ح ـ لــذوق‬
‫حالو حبه فنص مر الل املنرجر إىل استشعرر قربه منر وكألنر لرا فنكلاه ملى احلأور‪.‬‬
‫أ ض أوقات املناالانو‬
‫ومــر أفأ ـ أوقــرت املنرجــر ملــى اإلطــالق بلــأ الوق ـ الــذي جيــد فيــه املــرأ قلبــه حرضـ ًـرا معــه‪ ،‬ومشــرمر‬
‫متأججة ومتجاة حنو ربه‪.‬‬
‫أمر أفأ األوقرت برلنسبة لسرمرت اللي والناـرر‪ ،‬فااـر شـأ فيـه أم املنرجـر برلليـ رصـة يف جوفـه‬
‫اشئَةَ اللَّمي ِ ِه َ أَ َش ُّد َوطئاا‬
‫ولصفه األ ري هلر تأثري مجيب ملى القلب‪ ،‬وكيف وقد وصفار هللا بذلأ‪ :‬إِ َّك نَ ِ‬
‫َوأَقا َمو ُل قِيثا‪[ ‬امل م ‪.]6 :‬‬
‫فأفأ األوقرت ال ميكر أم حيده فيار مواطأ بني القلـب واللسـرم هـي سـرمرت الليـ ‪ ،‬قـرل صـلى هللا‬
‫مليه وسلم‪« :‬أقرب ما يروك العبد من ببه و الوَ اللي ا خر»(‪.)2‬‬
‫ويف هذا املعا يقول اإلمرم حسر البنر – رمحه هللا ‪ :-‬يـر أ ـي لعـ أطيـب أوقـرت املنرجـر أم طلـو بربـأ‬
‫والنرس ليرم‪ ،‬وا َليُّوم هجع‪ ،‬قد سكر الليـ كلـه‪ ،‬وأر ـى سـدوله‪ ،‬و ربـ النجـوم‪ ،‬فتستحأـر قلبـأ‪ ،‬وتتـذكر‬
‫ربأ‪ ،‬وتتاث ضعفأ ومظاة مو حم فتألر يأرته‪ ،‬ويطا ر قلبأ بذكر ‪ ،‬وتفرح بفأله ورمحته(‪.)3‬‬
‫ورو أبو لعيم بإسنرد مر حسني بر زيرد قرل‪ :‬أ ذ فأـي بـر ميـرس بيـدي فقـرل‪ :‬يـر حسـني ينـ ل هللا‬
‫تعرىل ك ليلة إىل مسرأ الدلير فيقول‪ :‬كذم مـر ادمـى حمبـ ‪ ،‬فـإبا جنـه الليـ لـرم مـا‪ ،‬ألـير كـ حبيـب حيـب‬

‫(‪ )1‬أ رجه النسرئي‪ ،‬وابر السا‪ ،‬واحلركم‪ ،‬وابر حبرم‪ ،‬وقرل احلركم‪ :‬صحيح ملى شرط مسلم‪ ،‬ووافقه الذهض‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيح‪ ،‬أ رجه الرتمذي و ري مر حديث مارو بر مبسة‪ ،‬وصححه األلبرين يف صحيح اءرمع ح (‪.)1173‬‬
‫(‪ )3‬رسرلة املنرجر حلسر البنر‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫ا لو يبيبه‪ ،‬هـر ألـذا مطلـع ملـى أحبـريب إبا جـنام الليـ مثلـ لفسـي بـني أميـنام فخـرطبوين ملـى املشـرهد ‪،‬‬
‫وكلاوين ملى احلأور‪ً ،‬دا أقر أمني أحبريب يف جنريت»(‪.)1‬‬
‫ومر منبسة بر األزهر قرل‪ :‬كرم حمـررم بـر دثـرر‪ ،‬قرضـي أهـ الكوفـة‪ ،‬قريـب اءـوار مـا‪ ،‬فر ـر مسعتـه يف‬
‫بعض اللي يقول وهو يرفع صوته‪:‬‬
‫« ألر الص ري الذي ربيته فلأ احلاد‪ ،‬وألر الأعف الذي قويتـه فلـأ احلاـد‪ ،‬وألـر الفقـري الـذي أ نيتـه فلـأ‬
‫العـ م الـذي زوجتـه‬ ‫احلاد‪ ،‬وألر ال ريب الذي وصلته فلأ احلاد‪ ،‬وألر الصعلوحم الذي َمولتـه فكـ احلاـد‪ ،‬وألـر َ‬
‫ب الذي أشبعته فلأ احلاد‪ ،‬وألر العرري الذي كسوته فلـأ احلاـد‪ ،‬وألـر املسـرفر الـذي‬ ‫فلأ احلاد‪ ،‬وألر السر ُ‬
‫صرحبته فلـأ احلاـد‪ ،‬وألـر ال رئـب الـذي أديتـه فلـأ احلاـد‪ ،‬وألـر الراجـ الـذي محلتـه فلـأ احلاـد‪ ،‬وألـر املـريض‬
‫الذي شفيته فلـأ احلاـد‪ ،‬وألـر السـرئ الـذي أمطيتـه فلـأ احلاـد‪ ،‬وألـر الـدامي الـذي أجبتـه فلـأ احلاـد‪ ،‬فلـأ‬
‫كثريا ملى محد لأ»(‪.)2‬‬‫محدا ً‬‫احلاد ربنر ً‬
‫سجود الشرر‬
‫ومــر أفأ ـ أوقــرت املنرجــر والثنــرأ ملــى هللا بنعاــه‪ :‬أثنــرأ ســجود الشــكر ‪ ..‬ففــي هــذا الســجود يكــوم‬
‫اإللســرم يف حرلــة مــر التــأثر‪ ،‬والتــأجج املشــرمري ملــر ي ـر مــر إحســرم ربــه مليــه‪ ،‬لــذلأ ملينــر أم لســتثار هــذا‬
‫الوق نرجر هللا وبكر لعاه‪ ،‬لي داد احلب‪ ،‬والشعور بر متنرم جترهه سبحرله‪.‬‬
‫رمسر‪ :‬حتبيب النرس يف هللا م وج‬
‫ً‬ ‫‪‬‬
‫ومر األمارل الصرحلة ال تسقي شجر احملبة‪ :‬حتبيب النـرس يف هللا مـ وجـ وبلـأ برحلـديث معاـم مـر‬
‫لعاه سبحرله ومد حبه هلم ورأفته وشفقته ولطفه هبم‪.‬‬
‫فاذ الوسيلة هلر أكثر مر فرئد ‪ :‬منار أهنر تذكر املتحده ر قد يكوم ف منه‪ ،‬فتجعله يف حرلة دائاـة‬
‫مر التذكر وا لتبر ‪.‬‬
‫يف دائر مر يقول و يفع ‪.‬‬ ‫يد‬ ‫ر يقول ح‬ ‫ومر فوائدهر كذلأ أهنر تدفعه إىل العا‬
‫ومنار كذلأ أهنر مر أفأ األمارل ال حيبار هللا م وج ‪ ،‬ومر مث فإهنر تعرس صرحبار لنفحرت احملبة‬

‫(‪ )1‬استنشرق لسيم األلر ‪.87/‬‬


‫(‪ )2‬الشكر بر أىب الدلير ‪.75/‬‬

‫‪113‬‬
‫اإلهلية‪.‬‬
‫مر أيب أمرمة البرهلي أله كرم يقول‪ :‬حببوا هللا إىل النرس حيببكم هللا(‪.)1‬‬
‫وجرأ يف األثر أم هللا م وج أوحى إىل داود مليه السالم‪:‬‬
‫ير داود أحبا‪ ،‬وأحب مر حيبا‪ ،‬وحببا إىل لقي‪ .‬قرل‪ :‬ير رم‪ ،‬هذا أحبأ وأحب مر حيبـأ‪ ،‬فكيـف‬
‫أحببأ إىل لقأ؟ قرل‪ :‬بكرهم بآ ئي فإهنم يذكروم ما إ ريا(‪.)2‬‬
‫ومر كعب قرل‪ :‬أوحى هللا م وج إىل موسى مليه السالم‪ :‬أحتب أم حتبأ جن ومالئك ‪ ،‬ومر برأت‬
‫مــر اءــر واإللــر؟ قــرل‪ :‬لعــم يــر رم‪ ،‬قــرل‪ :‬حببـا إىل لقــي‪ ،‬قــرل‪ :‬كيــف أحببــأ إىل لقــأ؟ قــرل‪ :‬بكــرهم‬
‫آ ئي ولعارئي‪ ،‬فإهنم يذكروم ما إ ك حسنة»(‪.)3‬‬
‫وكــرم أبــو الــدرداأ يقــول‪ :‬إم أحــب مبــرد هللا إىل هللا م ـ وج ـ الــذير حيبــوم هللا وحيببــوم هللا إىل النــرس‪ ،‬والــذير‬
‫يراموم الشار والقار واألظلة لذكر هللا م وج (‪.)4‬‬
‫َوذ علل و‬
‫وإبا أردت أ ــي الق ــررئ تطبي ًق ــر ماليً ــر هل ــذ الوس ــيلة ف ــرلظر إىل قول ــه تع ــرىل وه ــو خيرط ــب في ــه لبي ــه‪،‬‬
‫ين‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ااض َ؟ ال ااذ َ‬ ‫ويعلا ــه طريق ــة ال ــدمو وم ــر ينب ــي أم يتأ ــانه طرهب ــر م ــر حتبي ــب الن ــرس يف رهب ــم‪َ  :‬وإذَا َال ا َ‬
‫اوض ِيلَ َهالَااة ُمثَّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اب َببُّ ُرا م َعلَااى نَا مف ِس ِاه َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الر ممحَاةَ أَنَّاهُ َماان َعلا َ ما من ُر م ُسا ا‬ ‫يُا مؤمنُاو َك بآيَاتنَااا َا ُقا م َساثَ ٌل َعلَا ماي ُر م َكتَ َ‬
‫وب َّبِحي ٌ‪[ ‬األلعرم‪.]54 :‬‬ ‫َصلَ َح َأَنَّهُ غَ ُف ٌ‬
‫ِِ‬
‫اب من بَا معدل َوأ م‬
‫تَ ِ‬
‫َ‬
‫ساناا إِ َي أ َ‬
‫َالا‬ ‫اعاا َح َ‬‫استَا م ِف ُروا َببَّ ُر م ُمثَّ تُوبُاوا إِلَمي ِاه ُنَاتِّم مع ُر َّمتَ ا‬ ‫ِ‬
‫وهذا كثري يف القرآم تأم قوله تعرىل‪َ  :‬وأَك م‬
‫اب يَا مول َكبًِر‪[ ‬هود‪.]3 :‬‬ ‫اَ َعلَمي ُر م َع َذ َ‬ ‫َخ ُ‬ ‫ضلَهُ َوإِك تَا َولَّ موا َِإِّم أ َ‬
‫ض َم‬ ‫ت ُك َّ ِذي َ م‬ ‫ُّمس ًّلى ويا مؤ ِ‬
‫َ َُ‬
‫ولقــد كــرم رس ــول هللا صــلى هللا ملي ــه وســلم مث ــر كــرمال للداميــة ال ــذي حيبــب الن ــرس يف هللا م ـ وج ـ ‪،‬‬
‫ويدفعام للفرار إليه ماار ارتكبوا مر آثرم‪.‬‬
‫يومر مر األيرم شيخ كبري وهو يستند ملى مصر ‪ ،‬فقرل‪ :‬ير لض هللا إم يل درات وفجرات فا ي فر‬
‫أتر ً‬

‫(‪ )1‬احملبة هلل سبحرله للجنيد‪.57 /‬‬


‫(‪ )2‬املصدر السرب ‪.63 /‬‬
‫(‪ )3‬استنشرق لسيم األلر‪.46 ،45 /‬‬
‫(‪ )4‬املصدر السرب ‪.75 /‬‬

‫‪114‬‬
‫هللا يل؟ فقرل النض صلى هللا مليه وسـلم‪ :‬تشاهد أك ال إلاه إال هللا وأك حملا ادا بساول هللا؟ قـرل‪ :‬بلـى يـر رسـول‬
‫هللا‪ .‬قرل‪ :‬إك هللا قد غفر لا غدباتا و جراتا‪ .‬فرلطل وهو يقول‪ :‬هللا أكرب هللا أكرب(‪.)1‬‬
‫شرمرا يقذر النسرأ‪ ،‬وكرلـ‬
‫وكذلأ كرم صحربته‪ :‬فاذا أبو هرير رضي هللا منه يلقى الفرزدق وقد كرم ً‬
‫النرس تكر فيه بلأ‪ ،‬فاربا قرل له أبو هرير مندمر لقيه؟‬
‫يقول الفرزدق‪ :‬قرل يل أبو هرير ‪ :‬أل الفرزدق؟ قل ‪ :‬لعم‪ .‬فقرل‪ :‬أل الشرمر؟ قل ‪ :‬لعـم‪ .‬فقـرل‪ :‬أمـر‬
‫قومر يقولوم توبة لأ‪ ،‬فإيرحم أم تقطع رجرأحم مر رمحة هللا(‪.)2‬‬
‫ً‬ ‫إلأ إم بقي لقي‬
‫ملي بر احلسني فقرل له‪ :‬إم مر وراأ ابنأ ثاله الل‪ :‬أمر‬ ‫ومرت لرج ابر مسرر ملى لفسه‪ ،‬فلقيه ّ‬
‫أوهلر فشارد أم إلـه إ هللا‪ ،‬وأمـر الثرليـة فشـفرمة رسـول هللا صـلى هللا مليـه وسـلم‪ ،‬وأمـر الثرلثـة فرمحـة هللا مـ‬
‫وج ال وسع ك شيأ(‪.)3‬‬
‫سردسر‪ :‬اإلحلرح ملى هللا بأم يرزقنر حبه‬
‫ً‬ ‫‪‬‬
‫ملينــر أم لســأل هللا مـ وجـ وللــح مليــه بــأم يرزقنــر حبــه‪ ،‬مثـ مــر كــرم يفعـ رســول هللا صــلى هللا مليــه وســلم‪،‬‬
‫فار دمرئه قوله‪« :‬الله إ اسألا حباأ وحب من أحباأ وحب عل يقاربين إي حباا‪ .‬اللها االعا حباا‬
‫إا من نفس وماا وأهل ومن املاض البابد على الظلأ»‪.‬‬ ‫أحب َّ‬
‫إاأ وخشايتا أخاوَ اَّشاياض عناديأ واقطاو عاين حاالاات الادنيا‬
‫وقولـه‪« :‬الله االعا حباا أحاب اَّشاياض َّ‬
‫بالشوق إي لقائاأ وإذا أقربت أعني أه الدنيا من دنياه أقرب عيين و عبادتا»‪.‬‬
‫يرد سرئال مر بربه‪ ،‬فلـو رأ منـر صـدقًر يف طلـب حمبتـه لرزقنـر إيرهـر‪ ،‬وفـتح‬ ‫واملم أ ي أم هللا م وج‬
‫لنر برم األلر به والشوق إليه‪.‬‬
‫و ــتم احلــديث بــأثر روا اءنيــد بإســنرد مــر صــر بــر مســارر قــرل‪ :‬بل نــر أم هللا م ـ وج ـ أرس ـ إىل‬
‫سليارم بر داود مليه السالم بعـد مـوت أبيـه داود مل ًكـر مـر املالئكـة فقـرل لـه امللـأ‪ :‬إم ريب مـ وجـ أرسـلا‬
‫إليأ لتسأله حرجة‪.‬‬
‫قرل سليارم‪ :‬فـإين أسـرل ريب أم جيعـ قلـض حيبـه كاـر كـرم قلـب أيب داود حيبـه‪ ،‬وأسـرل هللا أم جيعـ قلـض‬

‫(‪ )1‬أورد اهليثاي يف جماع ال وائد ‪ ،83/10‬ولسبه أليب يعلى والب ار والطرباين يف الص ري ورجرهلم ثقرت‪.‬‬
‫(‪ )2‬حسر الظر برهلل بر أيب الدلير ص ‪.69‬‬
‫(‪ )3‬املصدر السرب ‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫خيشر كار كرم قلب أيب داود خيشر ‪.‬‬
‫إا أك أالع ا قلبااه بااينأ‬
‫فقــرل الــرم تبــررحم وتعــرىل‪« :‬أبساال ِت إي عباادي ليسااألين حاالااة راناا ِت حاالتااه َّ‬
‫وأالع قلبه اشا أ وعز َّكرمنه‪ .‬وهب له مل ارا ال ينب َّحد من بعدل(‪.»)1‬‬
‫***‬

‫(‪ )1‬احملبة هلل سبحرله للجنيد رب رقم (‪.)79‬‬

‫‪116‬‬
‫كللة أخًرن‬
‫حول الطريق إي حمبة هللا‬
‫و الصــة القــول أم الطريـ إىل حمبــة هللا مـ وجـ – حمبــة صــردقة مثاــر – يبــدأ بكثــر قـراأ القــرآم بفاــم‬
‫وتأثر‪ ،‬وكذلأ برلتفكر اليومي يف أحداه احلير ال متر بنر وحتا يف طيرتر مظرهر احلب اإلهلي لنر مر لطف‬
‫ورمحة وقيومية وتذكري وتسخري‪.‬‬
‫ومع هرتني الوسيلتني العظياتني اللتني مر شأهنار إلشرأ احملبة يف القلـب و ـرس بـذرتر وتأسـير قرمـدتر‪،‬‬
‫تـأيت األماــرل الصــرحلة بعــد بلـأ لرتفــع البنيــرم وتســقي البـذر فــال ترتكاــر إ بعــد أم تصـبح شــجر وارفــة مثاــر‬
‫تؤيت أكلار ك حني بإبم رهبر‪.‬‬
‫وهــذ األماــرل هــي بكــر الــنعم‪ ،‬ورحــالت ا متبــرر‪ ،‬وكثــر احلاــد برللســرم‪ ،‬ومنرجــر هللا بــرلنعم‪ ،‬وحتبيــب‬
‫النرس يف هللا م وج وأ ًريا اإلحلرح ملى هللا م وج بأم يرزقنر حمبته‪.‬‬
‫لسأل هللا م وج أم جيع حبه يايار ملى قلوبنر وأم يفتح لنر بـرم األلـر بـه والشـوق إليـه وأم جيعلنـر‬
‫ضوا َع منهُ‪[ ‬املرئد ‪.]119:‬‬ ‫ممر قرل يف شأهنم ‪ ُِ ‬بُّا ُه وُِ بُّونَهُ‪[ ‬املرئد ‪ ]54:‬و‪َّ ‬ب ِ‬
‫ض َ هللاُ َع منا ُه م َوَب ُ‬ ‫مَ‬
‫وص َّ الله على سيدنا حملد وعلى آله وصحبه وسل ‪.‬‬
‫وا لد هلل الذي هدانا َّلذا وما كنا لنهتدي لوال أك هدانا هللا‬

‫وللتواص و‬
‫‪www. Alemanawalan.Com.‬‬
‫***‬

‫‪117‬‬
‫الفاـ ـ ـ ــرس‬

‫املوضوع‬
‫املقدمة ‪...............................................................‬‬
‫ولكننر حنب هللا ! ‪.....................................................‬‬
‫املعرفة طري احملبة ‪......................................................‬‬
‫املعرفة النرفعة ‪..........................................................‬‬

‫متايد بد منه‬
‫تكرم العبودية ‪........................................................‬‬
‫سيرج احملبة ‪...........................................................‬‬
‫ضرور التوازم ‪.........................................................‬‬
‫رحلة احملبة ‪............................................................‬‬
‫كيف لفتح برم احملبة؟! ‪...............................................‬‬

‫الفص األول‬
‫أمهية احملبة الصردقة مر العبد لربه‬
‫الثارر احللو ‪..........................................................‬‬
‫أو ً‪ :‬الرضر برلقأرأ ‪...................................................‬‬
‫ثرليًر‪ :‬التلذب برلعبرد وسرمة املبردر إليار ‪.................................‬‬
‫ثرلثًر‪ :‬الشوق إىل هللا ‪...................................................‬‬
‫ابعر‪ :‬التأحية مر أجله واءارد يف سبيله ‪................................‬‬ ‫رً‬
‫رمسر‪ :‬الرجرأ والطاع فيار مند هللا ‪....................................‬‬‫ً‬
‫سردسر‪ :‬احليرأ مر هللا ‪..................................................‬‬
‫ً‬
‫سربعر‪ :‬الشفقة ملى ا ل ‪..............................................‬‬ ‫ً‬

‫‪118‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫املوضوع‬
‫ثرمنًر‪ :‬ال ري هلل ‪........................................................‬‬
‫ترسعر‪ :‬ال ا برهلل ‪......................................................‬‬
‫ً‬
‫الفص الثرين‬
‫ملربا حيب هللا مبرد ؟‬
‫النفخة العلوية ‪.........................................................‬‬
‫تكر اإللسرم ‪........................................................‬‬
‫لفسر؟! ‪.......................................................‬‬ ‫ً‬ ‫أليس‬
‫تقرم املالئكة إىل هللا برلدمرأ للبشر ‪.....................................‬‬
‫مبرهرته بعبرد ‪.........................................................‬‬
‫ضحكه سبحرله ‪.......................................................‬‬
‫قدر املؤمر مند هللا ‪....................................................‬‬
‫يكر سبحرله مسرأ مبد املؤمر ‪........................................‬‬
‫فرحه – سبحرله – بتوبة العرصني ‪......................................‬‬
‫مراد أم تد اءنة‪...................................................‬‬
‫أحب العبرد إىل هللا ‪....................................................‬‬
‫أشد مر ي أبه ‪........................................................‬‬
‫املرحلة األ ري ‪........................................................‬‬
‫أه املظري ‪...........................................................‬‬
‫الفص الثرلث‬
‫مظرهر حب هللا تعرىل لعبرد‬
‫متايد‪............................................................... .‬‬
‫جوالب املعرفة‪........................................................ .‬‬

‫‪119‬‬
‫املوضوع‬
‫أو ‪ :‬سب فأله مليأ قب أم توجد‪................................... .‬‬
‫سب الفأ يف التكر ‪.................................................‬‬
‫املشاد العظيم ‪........................................................‬‬
‫سب فأ ال مرم‪......................................................‬‬
‫تيسر احلير ‪...........................................................‬‬
‫سب فأ املكرم ‪.....................................................‬‬
‫الوالدام ‪..............................................................‬‬
‫اللسرم العريب ‪.........................................................‬‬
‫سب الفأ يف العرفية ‪.................................................‬‬
‫كلاة بد منار ‪......................................................‬‬
‫ثرليًر‪ :‬هدايته ومصاته ودوام مرفيته‪..................................... .‬‬
‫هدايته لأ ‪...........................................................‬‬
‫العصاة ‪..............................................................‬‬
‫ثرلثًر‪ :‬قيرمه ملى ش ولأ‪.............................................. .‬‬
‫حول و قو إ برهلل‪............................................... .‬‬
‫ابعر‪ :‬تسخري الكوم لأ‪.............................................. .‬‬ ‫رً‬
‫أل القرئد ‪...........................................................‬‬
‫أيار املدل ‪............................................................‬‬
‫طي مث طي ‪..........................................................‬‬
‫س لفسأ ‪...........................................................‬‬
‫رمسر‪ :‬كرمه البرله‪ ،‬وهداير املتنومة إليأ‪.............................. .‬‬
‫ً‬
‫مر األمري؟ ‪...........................................................‬‬
‫كر يف مطرير ‪.......................................................‬‬

‫‪120‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫املوضوع‬
‫اهلداير املتنومة ‪.........................................................‬‬
‫شكرا ‪...................................................‬‬‫يرضى برحلاد ً‬
‫رم شكور ‪...........................................................‬‬
‫كرم مجيب ‪..........................................................‬‬
‫سردسر‪ :‬رمحته ورأفته بأ‪ ،‬وشفقته وحنرله مليأ‪......................... .‬‬
‫ً‬
‫وجه للاقررلة ‪.......................................................‬‬
‫وملربا ا بتالأ؟! ‪.......................................................‬‬
‫مر فوائد ا بتالأ ‪......................................................‬‬
‫الشفقة اإلهلية ‪.........................................................‬‬
‫ا بتالأ برلذلب واحلرمرم مر الطرمة ‪.....................................‬‬
‫الرمحة الواسعة ‪.........................................................‬‬
‫رم رأور ‪...........................................................‬‬
‫رفع احلرج‪.............................................................‬‬
‫تنر ألأ مبد ‪......................................................‬‬
‫شريعته كلار رمحة ‪......................................................‬‬
‫تقلي األمارل يف أميننر ‪................................................‬‬
‫الرمحة املد ر ‪.........................................................‬‬
‫سربعر‪ :‬تيسري طريقأ إىل التوبة والرجوع إليه‪............................. .‬‬
‫ً‬
‫حيوجنر إىل املشي الكثري ‪.............................................‬‬
‫بربه مفتوح للجايع ‪....................................................‬‬
‫أقب و طف ‪.........................................................‬‬
‫يعلانر مر لقوله لنتوم ‪..................................................‬‬
‫مدم ا ستقصرأ ‪.......................................................‬‬

‫‪121‬‬
‫املوضوع‬
‫يسا ملينر طري التوبة ‪................................................‬‬
‫لننتا الفرصة ‪.........................................................‬‬
‫ثرمنًر‪ :‬حلاه وصرب وسرت لأ‪......................................... .‬‬
‫كرم معنر ‪.............................................................‬‬
‫أبة الكوم‪..........................................................‬‬
‫ا لي ير امللكوت ‪...................................................‬‬
‫الستري ‪................................................................‬‬
‫ترسعر‪ :‬طربه الودود الذي خيرطبأ به‪................................. .‬‬ ‫ً‬
‫مر أل ؟ ‪............................................................‬‬
‫طرم يطا ر مستاعه ‪................................................‬‬
‫ولنبدأ بصي ة النداأ ‪....................................................‬‬
‫طرم يقول لأ‪ :‬أقب و طف ‪.......................................‬‬
‫طرم يستثري اهلام ‪...................................................‬‬
‫النصرئح ال رلية ‪........................................................‬‬
‫التوجيه ري املبرشر ‪....................................................‬‬
‫مرامر النفسية البشرية‪..................................................‬‬
‫مر برل أقوام؟! ‪........................................................‬‬
‫ملربا العقرم؟ ‪.........................................................‬‬
‫مواسرته للابتلني‪.......................................................‬‬
‫ويف النارية ‪............................................................‬‬
‫مرشرا‪ :‬تر يبأ وترهيبأ ‪...............................................‬‬
‫ً‬
‫الرتبية الربرلية ‪..........................................................‬‬
‫ه قرم القيرمة؟! ‪...................................................‬‬

‫‪122‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫املوضوع‬
‫اللن والسجر ‪........................................................‬‬
‫ول الرت يب والرتهيب ‪................................................‬‬
‫مجيعر ‪...........................................................‬‬
‫النرس ً‬
‫الرتهيب والرت يب يف قصن السربقني ‪...................................‬‬
‫الرسرئ اإلهلية ‪........................................................‬‬
‫املستقب والرت يب والرتهيب ‪............................................‬‬
‫الرت يب والرتهيب يف أفعرل العبرد ‪.......................................‬‬
‫الفص الرابع‬
‫الوسرئ العالية لتاكني حب هللا يف القلب‬
‫أمرام بد مناار ‪......................................................‬‬
‫وسرئ التذكري عررر احملبة ‪............................................‬‬
‫أو ‪ :‬القرآم ودور يف إلشرأ اإلميرم والتذكري عررر احملبة‪...................‬‬
‫ثرليًر‪ :‬التفكر يف الكوم وأحداه احلير ‪...................................‬‬
‫بدي مر التفكر ‪....................................................‬‬
‫تفكر يقود إىل احملبة ‪...................................................‬‬
‫األمارل الصرحلة املقرتح القيرم هبر ‪.......................................‬‬
‫أو ‪ :‬بكر النعم ‪.......................................................‬‬
‫العبرد املاجور ‪.......................................................‬‬
‫كيفية بكر النعم ‪......................................................‬‬
‫القرآم يعلانر‪..........................................................‬‬
‫ثرليًر‪ :‬رحالت ا متبرر ‪.................................................‬‬
‫ثرلثًر‪ :‬كثر احلاد ‪......................................................‬‬
‫ابعر‪ :‬منرجر هللا برلنعم ‪................................................‬‬
‫رً‬

‫‪123‬‬
‫املوضوع‬
‫مر صور املنرجر ‪......................................................‬‬
‫أفأ أوقرت املنرجر ‪.................................................‬‬
‫سجود الشكر ‪........................................................‬‬
‫رمسر‪ :‬حتبيب النرس يف هللا م وج ‪...................................‬‬ ‫ً‬
‫سردسر‪ :‬اإلحلرح ملى هللا بأم يرزقنر حبه‪..................................‬‬
‫ً‬
‫كلاة أ ري حول الطري إىل حمبة هللا ‪....................................‬‬
‫الفارس ‪..............................................................‬‬

‫***‬

‫‪124‬‬

You might also like