You are on page 1of 43

‫ماستر األداء السياسي والمؤسساتي‬

‫الفوج الرابع‬
‫وحدة‪ :‬السياسات اإلدارية والترابية‬
‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫سياسة الالتركيز اإلداري بالمغرب‬

‫من إنجاز الطلبة‪:‬‬

‫شيماء السالمي‬
‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫إبراهيم بوعدين‬

‫د‪ .‬عبدالحافظ ادمينو‬ ‫عبد الرزاق مستنصير‬

‫اسعاد كزوي‬

‫صالح تيزي‬
‫مقدمة‬
‫نتيجة لتطور الحياة العصرية وبفعل جملة من التحوالت السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية أخذ تدخل الدولة في مختلف الميادين والمجاالت ينمو بشكل متسارع‪ ،‬وقد‬
‫شمل التدخل جل القطاعات المرتبطة أشد االرتباط بحياة السكان وأنشطتهم ‪.‬غير أن هذا‬
‫التوجه لم يقتصر فحسب على هاذين االتجاهين بل شمل كذلك المجال اإلداري‪ ،‬والذي‬
‫لم يكن ليستثني من هذه التحوالت‪ ،‬بالنظر إلى إرساء مبادئ التنشيط والتدبير لمجمل‬
‫األنشطة العامة‪.1‬‬

‫فالدولة أصبحت ملزمة تحث ضغط المتغيرات الدولية واإلقليمية والتحديات الداخلية‬
‫لتخلي عن مجموعة من المهام والصالحيات لفائدة فاعلين آخرين فهي لم تعد قادرة‬
‫بمفردها على التحكم في تدبير قضايا التنمية المالية واالستجابة للحاجيات المتزايدة‬
‫للساكنة‪ ،‬خاصة في زمن يشهد بروز متزايد لفاعلين جدد على المستوى الترابي‬
‫(المؤسسات العمومية والقطاع الخاص والمقاوالت االقتصادية وهيئات المجتمع‬
‫المدني)‪ ،‬مما فرض عليها البحث عن توازن جديد يوفق بين مختلف الفاعلين‪2.‬‬

‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬ومن أجل مواكبة هذه التحوالت المتسارعة في شتى الميادين‪،‬‬
‫أخذت الدول المعاصرة على عاتقها مهمة إعادة النظر في أنماط تنظيمها اإلداري السائد‬
‫بشكل يواكب التطور الذي لحق الدول وذلك من خالل وضع تصور شامل يجمع مابين‬
‫الالمركزية باعتبارها ألية من خاللها يتم تمكين الجماعات المحلية من صالحيات مهمة‬
‫‪،‬والالتركيز كتقنية تسمح بإعادة توزي ع الصالحيات داخل أجهزة الدولة كما أنها يمكن أن‬
‫تكون دعامة أساسية وتقنية فعالة لتحقيق التنمية االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬إال أن‬
‫الحديث عن مفهوم عدم التركيز اإلداري يثير عدة إشكاالت‪ ،‬كما يكتنفه بعض الغموض‪،‬‬
‫وذلك راجع بالطبع إلى عدم إتفاق فقهاء القانون اإلداري على تعريف واحد شامل‪ ،‬بل‬
‫تعددت التعاريف والمفاهيم كما تنوعت المصطلحات على هذا النمط اإلداري‪ ،‬حيث‬
‫نجد بالنسبة للفقه اإلداري الفرنسي وفي مقدمتهم العميد "جيورج فيديل " يقر أن عدم‬
‫التركيز اإلداري هو ذلك النمط من التنظيم اإلداري الذي تعطى فيه سلطة إتخاذ قرارات‬
‫إدارية هامة لموظفين تابعين للسلطة المركزية والمنتشرين في المناطق أو المرافق اإلدارية‬
‫المختل فة‪ ،‬أما الفقيه "بيتيلمي" فقد عرف عدم التركيز اإلداري بكونه الوسيلة التي تتزايد‬
‫عن طريقها اختصاصات الموظفين التابعين للسلطة المركزية في مختلف أنحاء الدولة‪.‬‬

‫أسية أهرواز‪ ،‬الالتمركز اإلداري ومدى مساهمته في تحقيق الجهوية المتقدمة بالمغرب المركز الديمقراطي العربي‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬صالح العكاوي‪ ،‬الالتمركز اإلداري آفاق للتنمية والتكامل المجالي‬


‫يكتسي موضوع الالتمركز اإلداري أهمية بالغة فمن جهة يعتبر وسيلة هامة لتحقيق‬
‫الفعالية والعقلنة والسرعة في العمل اإلداري وذلك من خالل اقتسام وتوزي ع الوظائف‬
‫بين السلطة اإلدارية المركزية والمصالح الخارجية لمختلف الوزارات أي المصالح‬
‫الالممركزة وبين الجماعات الترابية في إطار سياسة الالتمركز الترابي‪ ،‬مما يستجيب‬
‫لحاجيات المواطن والمتعلقة أساسا بمطالبة اإلدارة العمومية بالسرعة في األداء والجودة‬
‫في الخدمات‪ .‬ومن جهة أخرى فان الالتمركز اإلداري في سياق الجهوية المتقدمة‪ ،‬يدخل‬
‫في خانة اإلصالحات ذات البعد المجالي‪ ،‬في إطار ما يسمى بالحكامة الترابية‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل ضرورة العمل على تقوية سياسة الالتمركز باتخاذ مجموعة من التدابير التي تندرج‬
‫مجملها‪ ،‬في ضرورة تزويد الدولة بجهاز إداري فعال يستجيب لسياسة تدخل الدولة‬
‫والجماعات العمومية في تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬بحيث يستطيع هذا‬
‫الجهاز االضطالع بمهام تنظيم وإدارة القوى البشرية والمادية لتحقيق األهداف العامة‬

‫ومن خال ل ما سبق تظهر األهمية البالغة التي يكتسبها الالتمركز االداري كأسلوب‬
‫للتنظيم االداري‬

‫وانطالقا من هذا واستنادا إلى التطور التاريخي الذي عرفه هذا االسلوب في إطار‬
‫التنظيم االداري في المغرب‪ ،‬وباالستناد إلى المكانة واألهمية التي بات يحتلها الالتركيز‬
‫االداري فسوف يطرح إشكالية محورية‪:‬‬

‫‪‬ما هي تمظهرات ومكونات الالتركيز اإلداري على مستوى الترابي؟‬

‫ويتفرع عن هذه اإلشكالية العامة مجموعة من األسئلة الفرعية‪ ،‬والتي يمكن إجمالها فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ ‬ماهية الالتركيز اإلداري وآليات تطبيقه؟‬

‫‪ ‬ما هي خصوصيات القوانين المؤطرة لالتركيز اإلداري؟‬

‫‪ ‬ما هي المشاكل و العوائق التي تعترض تطبيق سياسة االلتركيز ؟‬

‫‪ ‬ما هي العالقة التي تجمع بين الجهوية المتقدمة و سياس الالتركيز؟‬


‫و من أجل اإلحاطة باإلشكالية المثارة أعاله‪ ،‬و محاولة معالجة األسئلة المتفرعة عنها‬
‫‪،‬فإننا نقترح تصميما ثنائيا ‪ ،‬نحاول من خالله الوقوف عند أهم األسس الدستورية و‬
‫التنظيمية المؤطرة لسياسة الالتركيز االداري ‪ ،‬فضال عن تحديد اإلطار المفاهيمي لالتركيز‬
‫(المبحث األول) ‪ ،‬ثم محاولة إبراز مظاهر القصور و المحدودية التي تشوب الالتركيز و‬
‫عالقة هذا األخير بالجهوية المتقدمة (المبحث الثاني ) ‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي و القانوني ألسلوب الالتركيز اإلداري‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية الالتركيز اإلداري وآليات تطبيقه‪:‬‬

‫إذا كانت الالمركزية تعني توزيع السلطات بين إدارات الدولة وهيئات إدارية محلية مستقلة وال‬
‫تخضع للسلطة المركزية بشكل مباشر إال في حدود الوصاية الممارسة عليها‪ ،‬فان الالتمركز اإلداري‬
‫يفيد نقل بعض السلطات أللعوان الدولة مع بقاء هؤالء خاضعين للسلطة المركزية في إطار السلطة‬

‫الرئاسية باعتمادها على مبدأ أساسي هو مبدأ التفويض‪.‬‬

‫أما في المغرب فقد اعتبر الالتمركز اإلداري منذ السنوات األولى لالستقالل خيارا ضروريا لقيام‬
‫الدولة بمسؤولياتها الجديدة المرتبطة بتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والذي يستهدف أساسا نقل‬
‫بعض الصالحيات لفائدة ممثلي السلطة المركزية على مستوى مختلف التقسيمات اإلدارية ‪.‬‬

‫ولمعرفة ماهية االتمركز اإلداري وكذا تطبيقات هذا األسلوب بالمغرب بمختلف مصالحه الالممركزة‬
‫سنتناول أوال تحديد مضمونه (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم نعرج للحيث عن أهم آليات تطبيقه المتمثلة في مبدأ‬
‫التفويض (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلطار المفاهيمي لالتمركز اإلداري‪:‬‬

‫مفهوم االتمركز‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫يقوم أسلوب عدم التركيز اإلداري على أساس منح بعض موظفي الوزارة في العاصمة أو في األقاليم‬
‫بصفة فردية أو في شكل لجان تعين الحكومة أعضائها‪ ،‬حق البث نهائيا في بعض األمور دون حاجة‬
‫للرجوع إلى الوزير المختص بغية تخفيف العبء عن الوزير وتحقيق السرعة في انجاز بعض أمور‬
‫الوظيفة اإلدارية خاصة بالنسبة لألماكن البعيدة عن العاصمة‪ ،‬وسلطة البث هذه ال تعني استقالل‬
‫الموظفين عن الوزير وإنما هم خاضعين إلشرافه بالرغم من ذلك‪.‬‬

‫و التركيز اإلداري وإن كان يخفف من وطأة المركزية اإلدارية فإنه ال يمس بجوهرها‪ ،‬فاألعوان‬
‫المحليين يظلون خاضعين للسلطة الرئاسية‪ ،‬في حين القرار دائما يتخذ باسم الدولة‪ ،‬أي عوض أن يتخذه‬
‫الرئيس التسلسلي (الوزير)‪ ،‬يتخذ من قبل األعوان المحليين‪ ،3‬لذلك نجد جانبا من الفقه وصف التركيز‬
‫اإلداري أو الالتركيز اإلداري بنظام المركزية النسبية أو الجزئية أو البسيطة أو الوزارية‪ ،‬ولعدم التركيز‬
‫اإلداري صورتان‪:‬‬

‫عدم التركيز الداخلي‪ :‬يتم فيها منح سلطة البت النهائي إلى بعض كبار موظفي الوزارة‬ ‫‪-‬‬
‫في‬
‫العاصمة‪ ،‬ويتعلق األمر هنا بالتمثيليات أو البنيات اإلدارية الترابية الممثلة لإلدارات المركزية على‬
‫مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة واإلقليم سواء كانت تابعة لقطاع وزاري معين‪ ،‬أو مشتركة بين‬
‫قطاعين أو أكثر كيفما كان شكل تنظيم هذه التمثيليات أو البنيات‪.‬‬

‫يمنح فيها هذه السلطة لبعض موظفي الوحدات اإلدارية‬ ‫عدم التركيز الخارجي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫المختلفة‬
‫خارج العاصمة سلطة البث النهائي ‪.‬‬

‫وتكمن أهمية التركيز في أمرين أساسيين‪ ،‬أولهما أنه يسمح بإزالة االختصاصات عن السلطة المركزية‬
‫وما ينتج عنها من طول المساطر في معالجة األمور‪ ،‬وثانيهما أن الالتركيز يسمح بزيادة هامة في‬
‫سلطات الممثلين المحليين ويسمح لهم بمعالجة المشاكل المطروحة أخذا بعين االعتبار الخصوصيات‬
‫‪4‬‬
‫المحلية‪.‬‬

‫تصورات االلتمركز بالمغرب‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫أما على الصعيد الوطني فقد بدأ االهتمام بالالتمركز منذ السنوات األولى لالستقالل‪ ،‬حيث كان الملك‬
‫محمد الخامس أول من أكد على أهمية هذا النظام بعد عودته إلى أرض الوطن وتشكيل أول حكومة‬
‫مغربية‪ ،‬كما قام بتعيين العمال وخاطبهم قائال‪ " :‬فعلينا وعلى الحكومة التي اسسناها‪ ،‬وعليكم أنتم الذين‬
‫تمثلونا في مختلف النواحي‪ ،‬أن نمهد جميعا الطريق ونفتح المسالك ونقيم دعائم العهد الجديد ثم أكد بعد‬
‫ذلك بمناسبة أول اجتماع لعمال العماالت واألقاليم قائال‪" :‬وكلكم على علم بأننا منذ أخدنا انتقلت في هذه‬

‫‪3‬‬
‫بوجمعة بوعزاوي‪" :‬التنظيم اإلداري"‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬ص‪. 22 :‬‬

‫‪ 4‬عبد الكريم يعلوش‪"،‬الالتركيز اإلداري مدخل إلنجاح الجهوية بالمغرب "‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‪ ،‬عدد ‪،122-122‬‬
‫غشت ‪ ،2111‬عدد‪.121 :‬‬
‫النعمة‪ ،‬كان من بين ما أنجزناه في ميدان اإلصالح اإلداري أن قسمنا المغرب إلى عماالت وجعلنا‬
‫‪5‬‬
‫مسؤوال على رأس كل عمالة "‪.‬‬

‫وبذلك صارت العماالت واألقاليم مستوى لتطبيق الالتمركز اإلداري الذي حدده المغرب كخيار‬
‫لينهجه‪ ،‬وذلك العتباره من أهم أساليب التنظيم اإلداري المساعد في بناء دولة حديثة ومعاصرة‪.‬‬

‫وقد شكل الالتمركز اإلداري أحد المحاور الرئيسية لجميع الحكومات المتعاقبة على الحياة السياسية‬
‫المغربية ‪ ،‬ابتداء من الحكومة األولى التي عرفها مغرب االستقالل برئاسة مبارك البكاي لهبيل إلى‬
‫الحكومة الحالية‪ ،‬كلها أكدت على إعطاء أسلوب الالتمركز اإلداري أهمية كبرى وأبعاد مهمة ومختلفة‬
‫ومكانة خاصة‪ ،‬وتظهر صورة الالتمركز اإلداري أساسا في التفويض اإلداري الذي تتزايد أهميته في‬
‫الوقت الحاضر ألنه تقنية يتم بمقتضاها التخفيف من وطأة التركيز اإلداري‪.‬‬

‫فماهو مبدأ التفويض و ما مضمونه وكيف تم اعتماده في المغرب ؟‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ التفويض كآلية من آليات الالتمركز اإلداري‪:‬‬

‫مفهوم التفويض‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫يصعب اعطاء تعريف جامع لمفهوم التفويض‪ ،‬ذلك نظرا لتعدد التعريفات وتنوعها نتيجة الختالف‬
‫رؤى الباحثين لمفهومه‪ ،‬فقد عرف بأنه عبارة عن عملية إعطاء المسؤولية ومنح السلطة الالزمة‬
‫للموظف لغرض تمكينه من استثمار مهاراته لخدمة التنظيم‪.‬‬

‫كما يعرف التفويض بكونه إجراء يعهد من خالله الرئيس اإلداري وفقا لما يسمح به القانون‪ ،‬ألحد‬
‫مرؤوسيه بممارسة بعض االختصاصات التي تدخل في مهام وظيفته التي يشغلها‪.‬‬

‫‪ 5‬مقتطف من نص الخطاب الملكي بمناسبة انعقاد أول اجتماع لعمال العماالت و األقاليم ‪ 12‬يوليوز‪ ،‬أورده عبد الرحمان جماجمة‪ ،‬اإلدارة‬
‫الالمرك زية مع الالتمركز وسياسة القرب في الخطب و األنشطة الملكية من محمد الخامس إلى محمد السادس‪ ،‬دار السالم للطباعة و النشر و‬

‫التوزيع ‪,‬الرباط الطبعة األولى ‪ ،2112‬ص ‪.21 :‬‬


‫وقد عرف األستاذ محمد سليمان الطماوي التفويض من حيث طبيعته القانونية بأنه‪" :‬اإلجراء الذي‬
‫بمقتضاه يعهد صاحب اختصاص بجزء من هذا االختصاص سواء في مسألة معينة أو نوع معين من‬
‫‪6‬‬
‫المسائل إلى فرد آخر أو سلطة أخرى طبقا لما تقتضيه األوضاع القانونية"‪.‬‬

‫وعادة ما يكون التفويض بخصوص القرارات متوسطة األهمية أو األقل أهمية ‪ ،‬فيما يحتفظ الرئيس‬
‫باتخاذ القرارات ذات األهمية الكبرى‪ .‬على أن يعهد الرئيس لفرد من فريقه‪ ،‬أو مجموعة من األفراد‬
‫السلطة التي يتمتع بها ضمن حدود وأصول معينة ألداء مهام محددة في وقت محدد‪ ،‬لتحقيق أهداف تحت‬
‫‪7‬‬
‫إشرافه ورقابته مع احتفاظه بحق مسائلة المفوض إليهم عن نتائج هذه المهام وتحمل المسئولية عنها‪.‬‬

‫وفي تعريف آخر للتفويض بأنه " تحويل الرئيس بعض الصالحيات المسندة إليه إلى غيره من بين‬
‫مرؤوسيه‪ ،‬على أن يتخذ التدابير والوسائل الكفيلة لمساءلتهم ومحاسبتهم على نتائجها بحيث يضمن‬
‫ممارستهم لتلك االختصاصات على الوجه الذي يتراءى له بصفته المسؤول األول عنها"‪.‬‬

‫والتفويض إذن يتضمن في معناه مسؤولية ثنائية الشخص المفوض إليه السلطة أمام من فوضها إليه‬
‫عند مباشرة االختصاص الذي فوض فيه‪ ،‬يصبح مسؤوال ومع ذلك يبقى الرئيس مسؤوال عن العمل الذي‬
‫فوضه وعن نتائجه‪.‬‬

‫ومن أبرز مزاياه‪ ،‬تخفيف العبء عن الرؤساء ‪ ،‬وتحقيق السرعة والفاعلية والمرونة في أداء األعمال‬
‫مما يسهل على المواطنين قضاء مصالحهم‪.‬‬

‫و التفويض في جوهره ال يتضمن تنازال عن السلطة وإنما هو عمل إرادي يتم بإرادة المفوض‪،‬‬
‫ويتضم ن إشراك المفوض إليه في بعض سلطاته مع الرقابة والتوجيه من جانب المفوض‪ ،‬وتتوفر فيه‬
‫مجموعة من الشروط‪ ،‬الموضوعية منها والشروط الشكلية وتتمثل في‪:‬‬

‫أ ‪ -‬الشروط الموضوعية‪:‬‬

‫‪ 6‬منار تومي ‪" :‬عرض االلتمركز اإلداري بالمغرب"‪ ،‬ماستر الحكامة القانونية و القضائية‪ ،‬جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء‪ .‬سنة‬
‫‪ ،2112/2112‬ص‪.11 :‬‬

‫‪ 7‬اإلدارة من خالل التفويض "الجهاز المركزي للتنظيم واإلدارة"‪ :SAAP،‬االستثمار في األفراد‪.‬‬


‫يمكن إجمالها فيما يلي ‪:‬‬

‫وجود نص صريح يبيح أو يأذن بالتفويض ‪ :‬فاألصل هو أن يمارس صاحب‬ ‫●‬


‫االختصاص‪،‬‬
‫اختصاصه بصفة أصلية وال يمكن تفويض إلى غيره إال إذا كان هناك نص يجيز بذلك‪ ،‬شريطة أن‬
‫يكون النص من نفس مستوى النص الذي خوله االختصاص‪ ،‬مع إمكانية اإلستناذ إلى عرف دستوري‬
‫‪8‬‬
‫قائم باعتباره مصدر من مصادر القانون اإلداري ‪.‬‬

‫يجب أن يكون التفويض جزئيا وليس كليا‪ :‬فال يجوز لصاحب االختصاص األصلي‬ ‫●‬
‫تفويض‬
‫كل اختصاصاته إلى غيره ويبقى هو بدون اختصاص وإنما يجب أن يقتصر على جزء من‬
‫االختصاص فقط‪ ،‬الشيء الذي من شأنه تخفيف أعباء الرئيس‪.‬‬

‫أن يكون التفويض صحيحا ‪ :‬بمعنى أن يكون المفوض هو صاحب االختصاص الحقيقي‬ ‫●‬
‫وإال‬
‫شاب تصرفه البطالن فال يجوز للسلطة التي تملك اإلختصاص التفويض فيها‪ ،‬كما ال يجوز التفويض‬
‫في المسائل التي قد ال يسمح المشرع بالتفويض فيها العتبارات معينة‪.‬‬

‫يجب أن يكون التفويض صريحا ‪ :‬بمعنى ال غموض فيه ألن التفويض غير الصريح أو‬ ‫●‬
‫الغامض يقوم مقام عدمه ‪.‬‬

‫أن يكون التفويض في حدود نص اإلذن ‪ :‬أي أن النص الذي يأذن بالتفويض يجب أن‬ ‫●‬
‫يرسم‬
‫عادة الحدود التي يمارس فيها التفويض سواء من حيث األشخاص الذين يفوض إليهم ‪ ،‬أو من حيث‬
‫‪9‬‬
‫الموضوعات التي يفوض عليها فيها‪.‬‬

‫أن ال يكون التفويض في االختصاصات المفوضة ‪ :‬أي أن عملية التفويض ال تتكرر‬ ‫●‬
‫بالنسبة‬

‫‪8‬‬
‫أحمد اجعون ‪" :‬التنظيم اإلداري المغربي بين المركزية والالمركزية "‪,،‬مطبعة وراقة سجلماسة الزيتون مكناس‪ ,‬طبعة ‪ 2112،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪9‬‬
‫أحمد اجعون ‪" :‬الوجيز في التنظيم اإلداري المغربي "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22 :‬‬
‫لنفس االختصاصات حتى ال تضيع المسؤولية عنها ‪ ،‬لهذا ال يجوز للمفوض إليه أن يقوم بإعادة‬
‫‪10‬‬
‫التفويض نفسه إلى من هم أدنى منه درجة في السلم اإلداري‪.‬‬

‫أن يصدر قرارا اداريا يقضي بالتفويض‪ :‬ألنه بمقتضى ذلك القرار يتمكن صاحب‬ ‫●‬
‫السلطة‬
‫األصلية من التعبير عن إرادته في التفويض إلى غيره حتى يلتزم هذا الغير بعمل أو االمتناع عن عمل‬
‫فيحقق ذلك القرار أثرا قانونيا اتجاه الطرفين‪ ،‬كما يمكنه إصدار قرار جديد بإلغاء التفويض وعودة‬
‫‪11‬‬
‫االختصاصات المفوضة إليه ومن هذا المنطلق يعتبر التفويض ذو طابع مؤقت‪.‬‬

‫ب ‪- -‬الشروط الشكلية ‪:‬‬

‫تعتبر هذه الشروط مكملة للشروط الموضوعية للتفويض‪ ،‬وهي تنقسم إلى نوعين‪ ،‬شكل قرار‬
‫التفويض في ذاته‪ ،‬ثم نشر قرار التفويض‪.‬‬

‫شكل قرار التفويض ‪ :‬يقصد به الشكل الخارجي للقرار‪ ،‬کالكتابة والتاريخ والتوقيع كلها‬ ‫●‬
‫من‬
‫أشكال القرار‪ ،‬ولكن عموما ليس هناك شكل معين للقرار‪ ،‬ولكن درج العمل على ضرورة أن يكون‬
‫قرار التفويض مكتوبا للتدليل على صفة مصدره و لتبرير شرعية األعمال المتخذة من قبل المفوض له ‪،‬‬
‫غير أنه من الناحية العملية قد يكون قرار التفويض شفويا‪ ،‬مما قد يطرح في حالة وجود نزاع بين‬
‫المعنيين بقرار التفويض إشكالية إثبات وجوده وما قد يترتب عنه من مسؤوليات‪.‬‬

‫وعليه فقرار التفويض ال يخضع لشكل معين‪ ،‬ولكن على العموم فان شكليات قرار التفويض هي نفس‬
‫الشكليات الالزم توفرها في أركان القرار اإلداري والمتمثلة في االختصاص والشكل والمحل والغاية‬
‫والسبب‪.‬‬

‫نشر قرار التفويض ‪ :‬هي عملية مادية تقتضي وضع القرار في دائرة التنفيذ‪ ،‬ليكون من‬ ‫●‬
‫يهمهم‬

‫‪10‬‬
‫منية بنلمليح ‪":‬مدخل لدراسة التنظيم اإلداري بالمغرب"‪ ،‬مكتبة وراقة سجلماسة مكناس‪ ،‬الطبعة ‪ ،2112‬ص ‪.21 :‬‬
‫‪11‬‬
‫منية بنلمليح ‪ :‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.22 :‬‬
‫األمر على علم به‪ ،‬والمسلم به أنه إذا نص القانون على طريقة القرار اإلداري غير أنه يختلف عنه من‬
‫حيث اآلثار‪ ،‬فإذ كانت القرارات اإلدارية تعتبر سارية بمجرد صدورها من حيث المبدأ حتى ولو لم يتم‬
‫نش رها ‪ ،‬فإنه بالنسبة للتفويض ال يمكن للمفوض إليه أن يمارس االختصاصات المفوضة له استنادا إلى‬
‫قرار ينشر‪ ،‬ويعتبر القرار الصادر بناء على قرار تفويض لم ينشر قرار صادرا من السلطة غير‬
‫مختصة ‪ ،‬كما أن النشر الالحق لهذا القرار ال يغطي هذا العيب‬

‫‪:‬مبدأ التفويض في التجربة المغربية‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫أما على الصعيد الوطني‪ ،‬فمبدأ التفويض فيه يتم من خالل نقل االختصاصات في إطار الالتمركز‬
‫اإلداري بإحدى الطريقتين‪:‬‬

‫صدور نص تشريعي يخول لسلطة ما اختصاصات وسلطات معينة‪ ،‬كما هو الشأن مثال‬ ‫●‬
‫بالنسبة‬
‫للظهير الذي صدر بتاريخ ‪ 11‬فبراير ‪ 121211‬والذي حدد اختصاصات العامل بصفته ممثال للملك‬
‫ومندوبا للحكومة‪.‬‬

‫تفويض السلطة المركزية بعض السلطات للمفوضين التابعين لها سواء بالعاصمة أو‬ ‫●‬
‫باألقاليم ‪ ،‬وعملية التفويض هنا تعني أن يعهد صاحب االختصاصات إلى المفوض إليه بعض‬
‫‪13‬‬

‫االختصاصات‪ ،‬بمعنى أن التفويض يقتصر على بعض الصالحيات والسلطات الالزمة اتخاذها‬
‫دون أن يؤثر ذلك على المسؤولية‪ ،‬إذ أن هذه األخيرة ال تفوض‪ ،‬حيث يبقى الرئيس اإلداري‬
‫الذي يفوض بعض اختصاصاته مسؤوال عن أداء المفوض إليه بخصوص واجبات المفوضة إليه‬
‫وعن كيفية استعماله لسلطته‪.‬‬

‫وقد تنوعت المصادر القانونية التي تجيز التفويض‪ ،‬حيث نجد ذات طبيعة دستورية أو تشريعية أو‬
‫تنظيمية‪.‬‬

‫‪ 12‬يتعلق األمر بالظهير رقم ‪ ،1.111.1.2‬بتاريخ ‪ 11‬فبراير ‪ ،1211‬المتعلق باختصاصات العامل‪ ،‬ج ‪.‬ر عدد ‪ ،2212:‬بتاريخ ‪2/2/1211‬ص ‪:‬‬
‫‪...1‬‬
‫‪13‬‬
‫في هذا اإلطار نصت المادة ‪ 1‬من المرسوم ‪ 12‬دجنبر ‪ 2111‬المتعلق بتحديد قواعد تنظيم القطاعات الوزارية والالتمركز اإلداري على ما‬
‫‪12‬‬

‫يل ي ‪:‬يتعين على رؤساء القطاعات الوزارية تفويض اإلمضاء و المسؤولية التخاذ القرارات اإلدارية الفردية إلى رؤساء المصالح االلمتمركز على‬

‫صعيد الجهة و العمالة و اإلقليم ‪.‬باستثناء تلك التي يمكن تفويضها لهم بموجب مقتضيات التشريعية أو تنظيمية مخالفة‬
‫بالنسبة للنصوص ذات طبيعة دستورية ونذكر منها ‪:‬‬ ‫●‬

‫•الفصل ‪ 22‬من الدستور‪ " :‬للملك أن يفوض لرئيس الحكومة بناء على جدول أعمال محدد رئاسة‬
‫مجلس وزاري"‪.‬‬

‫•الفصل ‪ 12‬من الدستور‪" :‬الملك هو القائد األعلى للقوات المسلحة الملكية وله حق التعيين في‬
‫الوظائف العسكرية ‪ ،‬كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق"‪.‬‬

‫•الفصل ‪ 12‬من الدستور‪" :‬يرأس الملك المجلس األعلى لألمن ‪ ،‬وله أن يفوض لرئيس الحكومة‬
‫صالحية رئاسة اجتماع لهذا المجلس على أساس جدول أعمال محدد"‪.‬‬

‫•الفصل ‪ 21‬من الدستور‪ " :‬يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية ‪ ،‬ويمكن أن يفوض بعض‬
‫سلطة إلى الوزراء"‪.‬‬

‫•الفصل ‪ 21‬من الدستور‪ " :‬يعين رئيس الحكومة في الوظائف المدنية في اإلدارات العمومية ‪ ،‬وفي‬
‫الوظائف السامية في المؤسسات والمقاوالت العمومية دون إخالل بأحكام الفصل ‪ 22‬من هذا الدستور‬
‫يمكن لرئيس الحكومة تفويض هذه السلطة"‪.‬‬

‫•الفصل ‪ 22‬من الدستور‪" :‬يمكن للوزراء أن يفوضوا جزءا من اختصاصاتهم إلى كتاب الدولة"‪.‬‬

‫أما بالنسبة للنصوص ذات طبيعة تشريعية أي قوانين عادية يمكن أن نذكر من ضمنها ‪:‬‬ ‫●‬

‫• الظهير الشريف رقم ‪ 21.11.1‬بتاريخ ‪ 2‬ابريل ‪ 14:1211‬الخاص بالتفويض في السلطة الذي يسند‬
‫لرئيس الحكومة ‪ ،‬التفويض في القيام باختصاصات معينة والتفويض في التأشير على بعض القرارات‬
‫المحددة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،2112 :‬لسنة ‪.1211‬‬
‫•الظهير الشريف رقم ‪ 21.11.1‬بتاريخ ‪ 22‬غشت ‪15: 1211‬الخاص بالتفويض في سلطة التعيين‬
‫الذي يخول لرئيس الحكومة و للوزراء ورؤساء اإلدارات التفويض في التعيين في المناصب التابعة‬
‫لسلطاتها بموجب المقتضيات المعمول بها‪.‬‬

‫• الظهير الشريف رقم ‪ 11.21.1‬بتاريخ ‪ 21‬يونيو ‪ 1221‬بتغير الظهير الشريف رقم ‪221.21.1‬‬
‫بتاريخ ‪ 12‬دجنبر ‪ :1221‬الخاص بتحديد اختصاصات كتاب الدولة و بتأهيل الوزراء لتفويض إمضائهم‬
‫‪16‬‬
‫أو بعض اختصاصاتهم إلى كتاب الدولة التابعين لهم‬

‫• القانون التنظيمي رقم ‪ 12.112‬المتعلق بالجماعات‪ 17:‬الذي ينص في المادة ‪ 112‬منه على ما يلي‪:‬‬
‫"يجوز لرئيس المجلس تحت مسؤوليته ومراقبته أن يفوض إمضاءه بقرار إلى نوابه باستثناء التسيير‬
‫اإلداري و األمر بالصرف ‪.‬‬

‫ويجوز له أيضا أن يفوض لنوابه بقرار أو بعض صالحياته شريطة أن ينحصر التفويض في قطاع‬
‫محدد لكل نائب وذلك مع مراعاة أحكام هذا القانون التنظيمي"‪.‬‬

‫فيما يخص النصوص ذات صبغة تنظيمية ومن ضمنها ‪:‬‬ ‫●‬

‫• المرسوم رقم ‪ 2.2.12.2‬بتاريخ ‪ 11‬يونيو ‪181973:‬الذي يقضي بالتفويض في السلطة إلى وزير‬
‫المالية لتحديد المصاريف في ميدان التأمين ‪.‬‬

‫• المرسوم رقم ‪ 2 .11 .222‬بتاريخ ‪ 22‬أبريل ‪ 19:1211‬المتعلق بالتفويض في السلطة إلى الوزير‬
‫المكلف باإلعالم‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،21.2 :‬لسنة ‪.1211‬‬
‫‪16‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية ‪,‬عدد ‪ 2112، :‬لسنة ‪.1211‬‬

‫‪ 17‬القانون التنظيمي ‪ 112.12،‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ ،1.11.21:‬بتاريخ ‪ 1‬يوليوز ‪ ، 2111‬ج ‪.‬ر عدد ‪:‬‬
‫‪ ،.221،،‬بتاريخ ‪ 22‬يوليوز ‪ ،2111‬ص ‪, ...1:‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية ‪,‬عدد ‪ , 2111 :‬بتاريخ ‪ 2‬غشت ‪.1212‬‬
‫‪19‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية ‪,‬عدد ‪ ,2211 :‬بتاريخ ‪ .‬يوليوز ‪.1211‬‬
‫• المرسوم رقم ‪ 2 .22 ..21‬بالتاريخ ‪ 21‬أكتوبر‪ :‬الذي نص في مادته الثالثة من "الفقرة الثالثة "على‬
‫أنه يجوز للوزراء أن يفوض إلى رؤساء المصالح الخارجية التابعة لهم والى العمال التصرف باسمهم‬
‫ضمن الحدود الداخلة في نطاق اختصاصاتهم‪.‬‬

‫• المرسوم رقم ‪ 2. 1 . 112‬بتاريخ ‪ 21‬أكتوبر ‪ :2112‬في شأن تفويض إمضاء الوزراء وكتاب‬
‫الدولة ونواب كتاب الدولة الذي يجيز السلطات الحكومية تفويض اإلمضاء أو التأشير نيابة عنهم‬
‫للموظفين واألعوان التابعين إدارتهم والة الجهات وعمال العماالت واألقاليم في حدود نفوذهم الترابي ‪...‬‬

‫• وينظم أحكام تفويض التوقيع أو اإلمضاء في التشريع المغربي عدة نصوص قانونية منها مثال‪:‬‬

‫الظهير الشريف الصادر في ‪ 21‬غشت ‪ :1211‬الذي يقضي بالسماح للوزراء والكتاب‬ ‫‪-‬‬
‫العامين ونوابهم في تفويض اإلمضاء‪،‬‬

‫والمرسوم الصادر بتاريخ ‪ 21‬أكتوبر ‪ :2112‬في شأن تفويض إمضاء الوزراء وكتاب‬ ‫‪-‬‬
‫الدولة‬
‫ونواب كتاب الدولة‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬اإلطار القانوني لالتركيز اإلداري‬
‫حظ يت المؤسسات على مستوى االتركيز اإلداري باهتمام كبير وواضح من قبل‬
‫السلطات العليا‪ ،‬حيث لم يعد دور السلطة المركزية محصور فقط على الصعيد المركزي‪،‬‬
‫بل امتد نشاطها على مستوى الصعيد المحلي من خالل ممثليها في العماالت واألقاليم‪ ،‬وذلك‬
‫في إطار تطبيق تدريجی لسياسة الالتركيز اإلداري‬
‫وفي هدا السياق يستوجب منا معرفة النصوص القانونية المؤطرة لسياسة الالتركيز من‬
‫خالل إطارها الدستوري (الفقرة األولى) باإلضافة إلى المراسم والمواثيق (الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬التأطير الدستوري لالتركيز اإلداري‪.‬‬
‫باالطالع على التأطير الدستوري لالتمركز اإلداري‪ ،‬نجده يستند إلى مرجعيات‬
‫أساسية أهمهما ما أكده الفصل ‪ 121‬من الدستور الجديد‪ ،‬هدا األخير جاء بمستجدين فيما‬
‫يخص مبدأ الالتركيز اإلداري سوف نحاول التطرق إليهما فيما يلي‬
‫أوال ‪ :‬تعزيز صالحيات الوالة والعمال‪.‬‬
‫إن سلطة العامل تعد من بين الوظائف البارزة التي تحتل مرتبة إستراتيجية في النظام‬
‫اإلداري المغربي وتشكل محطة إدارية وسياسية للحكومة على المستوى اإلقليمي والجهوي‬
‫حيث تمت دسترة منصب العامل كسلطة سياسية وإدارية وأمنية‪ ،‬إذ حظي بمكانة متميزة‬
‫عززتها الدساتير الالحقة‪ ،‬التي نصت على مهام جديدة منها الفصل ‪ 101‬من دستور‬
‫‪ 1991‬الذي نص على مسألة تنفيذ مقررات مجالس الجهات باإلضافة إلى مسؤوليته عن‬
‫تدبير المصالح المحلية التابعة لإلدارة المركزية طبقا للفصل ‪ 101‬من نفس الدستور‪ ،‬والدي‬
‫يستشف منه أن العامل أصبح يمثل الدولة‪.20‬‬
‫والم الحظ هو أن الدساتير التي عرفها المغرب ابتداء من دستور ‪ 12.2‬مرورا‬
‫بدساتير ‪ 1211‬و ‪ 1212‬إلى غاية دستور ‪، 1222‬قد نصت على صالحيات العمال في‬
‫تنفيذ مقررات مجالس العماالت وتنسيق أنشطة اإلدارات العمومية على نطاق العمالة أو‬
‫‪21‬‬
‫اإلقليم والسهر على تطبيق القانون‬
‫وفي هدا السياق‪ ،‬فقد قام دستور ‪ 2111‬بتعزيز دور مؤسسة الوالي والعامل ‪ ،‬كما‬
‫عرفت اهتماما متواصال بسبب الدور الذي أصبحت تتبوؤه الجهة باعتبارها إطارا لتبني‬
‫وتنزيل السياسات العمومية كما أنها تمثل فضاء يتيح لسلطات المركزية حسن مراقبة‬
‫مصالحها الخارجية وضمان استمرارية خدماتها‬
‫حيث قام الفصل ‪ 121‬من الباب التاسع من اإلصالح الدستوري الجديد بمأسست دور‬
‫الوالي أو العامل باعتباره الساهر على ضمان حسن التنسيق بين المصالح الالممركزة‬
‫والهيئات الالمركزية وكذا التنسيق فيما بينها‪ ،‬كما تقوم هذه المؤسسة بالسهر على حسن‬
‫تطبيق القانون ومراقبة هذه المصالح تحت سلطة الوزراء المعنيين‬
‫فمنذ سنة ‪ 121.‬أخذت السلطة تعنى بأهمية التنسيق وذلك من أجل مواجهة قضايا‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية التي تتطلب التجانس والتعاون والتكامل حيث إن التسيير‬
‫اإلداري يدعو اليوم إلى أعمال مندمجة يقوم بها العديد من المتدخلين ومن هنا تظهر‬
‫الضرورة الملحة لسلطة مكلفة بالتنسيق مع المصالح االممركزة والتي عرفت أسسها‬

‫‪ -‬احمد حضراني‪" :‬مكانة العامل ومشروع تعديل قانون التنظيم اإلقليمي"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع ‪ 22‬الساعة‪ ،‬عدد ‪-22‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪ 2111‬ص ‪1‬‬

‫‪21‬‬
‫فردوس مقدم‪" :‬التركيز اإلداري والتنمية بالمغرب"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المسنة في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد ‪ 11‬المالك السعدي‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2111-211.‬ص ‪22‬‬
‫الدستورية و القانونية تطورا ملحوظا‪ ،‬فقد تمت دسترتها منذ أول دستور إلى أن توجت‬
‫بالفصل ‪ 121‬من دستور ‪.222111‬‬
‫فلم يعد ممثلي الدولة من الوالة و العمال في الجهات والعماالت واألقاليم يمارسون أعمال‬
‫إدارية فحسب بل أصبحوا باإلضافة إلى ذلك مكلفون بالتنسيق بين المصالح الالمتمركزة‬
‫لإلدارات المدنية التابعة للدولة والمؤسسات العمومية المتواجدة داخل النفوذ الترابي‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬كما يمتد دورهم كذلك إلى المبادرة والنهوض بتلك األعمال والمصالح‬
‫واإلشراف عليها وتتبعها وذلك بتنسيق متبادل بينهم وبين السلطات المركزية حول المشاريع‬
‫‪23‬‬
‫المزمع انجازها في تراب الجماعات الترابية وكذا مستويات تنفيذ تلك المشاريع‬
‫ومن خالل قراءة المقتضيات الدستورية التي أطرت اختصاصات الوالة والعمال في‬
‫دستور ‪ ،2111‬نجد الفصل ‪ 121‬الذي ينص في فقرته األولى على أن المشرع منح للوالة‬
‫والعمال تمثيل السلطة المركزية على مستوى الجماعات الترابية‪ ،‬أي أنهم يمثلون العاصمة‬
‫في الجهات واألقاليم والعماالت التي ينتمون إليها مما يعطينا صورة واضحة أن الدولة‬
‫أعطتهم امتياز كبير في هذا السياق‪.‬‬
‫وعند التمعن في تفاصيل الفقرة الثالثة من الفصل أعاله‪ ،‬نجد أن الوالة والعمال يقومون‬
‫بمساعدة رؤساء الجماعات الترابية وبالخصوص رؤساء المجالس الجهوية التي يسهر الوالي‬
‫على تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة لها‪ ،‬من أجل تنفيذ المخططات والبرامج التنموية التي‬
‫تنجزها الجماعات الترابية وعلى رأسها الجهات بحكم أنها تتصدر الجماعات التربية وهي‬
‫‪24‬‬
‫التي تساهم في التقائية السياسات العمومية على المستوى الجهوي‬

‫وفي األخيرة ركزت الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 121‬من دستور ‪ ،2111‬على أن الوالة‬
‫والعمال منح لهم إختصاص جد مهم أال وهو السهر على تنسيق أنشطة المصالح الالممركزة‬
‫لكن يجب اإلشارة هنا أنه تحت سلطة الوزراء المعنيين المشرفين على وزاراتهم‪.‬‬

‫ومنه يتضح أن وظيفة رجال السلطة من الوالة والعمال ال تقتصر على تمثيل الدولة في‬
‫الجماعات الترابية المتواجدين‪ ،‬بل لهم من االختصاصات ما يجعلهم احد الفاعلين األساسيين‬

‫‪22‬‬
‫خالد صديق مؤسسة الوالي و العامل بين سياستي الالتركيز والالمركزية على ضوء دستور ‪2111‬و القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬الطبعة ‪,2111‬‬
‫ص‪21-22 ،‬‬

‫‪23‬‬
‫الصروخ مليكة ‪ ،‬القانون اإلداري دراسة مقارنة‪ ،‬منشورات مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 122.،‬ص ‪111‬‬

‫‪ 24‬الفصل ‪ 541‬من الباب التاسع من دستور ‪1155‬‬


‫في المجال االقتصادي ويتبين ذلك من خالل مشاركته في جل القرارات ذات الطبيعة‬
‫‪25‬‬
‫االقتصادية المتخذة على المستوى المحلى‬
‫باإلضافة إلى تعزيز دور الوالة والعمال في مجال الالتركيز‪ ،‬فان الدستور المغربي لسنة‬
‫‪ 2111‬قد ارتقى بالوضعية القانونية لمندوبيات الوزارات على المستوى الترابي وغير‬
‫تسميتها من المصالح الخارجية إلى المصالح الالممركزة تعزيزا لسياسة الالتركيز‬

‫ثانيا‪ :‬تحسين وضعية مندوبيات الوزارات عبر ربوع التراب الوطني‬

‫إن اختيار المشرع المغربي لمصطلح "المصالح الالممركزة" بدل مصطلح "‬
‫المصالح الخارجية " يدل على األهمية التي يحظى بها تدعيم نظام الالتركيز إلداري‪ ،‬هذا‬
‫االختيار جاء نتيجة لعوامل منها العمل على تجميع المصالح غير الممركزة على مستوى‬
‫الجهة وذلك في اتجاه التخلي عن تموقعها على المستوى اإلقليمي لفائدة التموقع على‬
‫المستوى الجهوي‪.26‬‬
‫ويرى العديد من الدارسين أن الجهة ستشكل مجاال مفضال إلحالل سياسة عدم التركيز‬
‫وستتيح لإلدارة المركزية مراقبة وتأمين استمرارية أنشطة مصالحها الغير الممركزة‪ ،‬ليس‬
‫فقط عن طريق مندوبيها الجهويين‪ ،‬ولكن أيضا عن طريق العامل كممثل لسلطة المركزية‬
‫من جهة وباعتباره مسؤوال عن تنفيذ القرارات الحكومية من جهة أخرى‪ ،‬باعتباره المكلف‬
‫‪27‬‬
‫بضمان التنسيق بين مختلف أنشطة هذه المصالح‬
‫كما ان رهان التنمية الجهوية يفرض على اإلدارات المركزية في إطار سياسة الالتركيز‬
‫اإلداري‪ ،‬إحداث مصالح غير ممركزة على مستوى االختصاصات والموارد بكل الجهات‬
‫حتى تتمكن هذه األخيرة بواسطة والي الجهة وعمال األقاليم من النظر في توزيع هذه‬
‫‪28‬‬
‫المصالح بالتوازي على باقي التراب الوطني‬
‫‪ 25‬سعيد الميري‪ ،‬التدبير االقتصادي للجماعات المحلية بالمغرب ‪،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة محمد الخامس السويسي كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ 2112، 2111‬ص‪212‬‬

‫‪ 26‬مجيدي محمد ‪ ،‬الجهة بالمغرب البنية ووسائل العمل دراسة مقارنة ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام جامعة محمد الخامس السويسي كلية‬
‫العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ‪ ، 1221 1222‬ص ‪111‬‬

‫‪27‬‬
‫بخنوش عبدالكريم‪ ،‬عدم التركيز االداري بين العمالة و االقليم‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة المحلية و التنمية سلسلة مواضيع الساعة عدد ‪، 12‬‬
‫‪ 211.‬ص ‪22- 21‬‬

‫مبعوث عبدالواحد‪ ،‬التنمية الجهوية بين عدم التركيز و الالمركزية االدارية‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة محمد الخامس اكدال طلية العلوم‬ ‫‪28‬‬

‫القانونية و االقتصادية و االجتماعية ‪ ،1999 1000‬ص ‪211‬‬


‫باإلضافة إلى أن الالتركيز يشكل بمثابة الزمة لالمركزية‪ ،‬بحيث أنه لتوفير النجاح‬
‫لهذا المبدأ كان على الدولة أن تؤكد التزامها المحلي بوضع المؤسسات الغير متمركزة من‬
‫‪29‬‬
‫أجل إقامة حوار بين المنتخبين المحليين والممثلين المحليين للدولة‬
‫وهكذا فان تنصيص دستور ‪ 1011‬في الفصل ‪ 121‬على عبارة "المصالح االممركزة‬
‫لإلدارة المركزية" يكون المشرع الدستوري قد خطى خطوة مهمة في تعزيز مسلسل‬
‫اإلصالح التنظيمي اإلداري‪ ،‬ليجمع بين ما هو محلي وجهوي تكريسا لتمثيلية متوازنة‬
‫للدولة تواكب التحوالت الدولية واإلقليمية‪ ،‬إذ صارت الجهة إطارا تجتمع فيه كافة الفاعلين‬
‫الممثلين للدولة والجماعات الترابية‪ ،‬المؤسسات العمومية ومنظمات المجتمع المدني نحو‬
‫تحقيق التنمية المندمجة‪ ،‬لذلك أصبح دور الوالة والعمال مساعدة رؤساء الجماعات الترابية‬
‫على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية‪ ،‬بما يفيد تعزيز الديمقراطية المحلية عبر تقوية‬
‫الدور التمثيلي لرؤساء الجهات والعماالت واألقاليم والجماعات الحضرية والقروية بموجب‬
‫القوانين التنظيمية الصادرة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المراسيم والمواثيق‪:‬‬
‫شكل تعاقب عدد من النصوص القانونية مدخال لتكريس االتمركز اإلداري‪ ،‬كان أبرزها‬
‫مرسوم ‪ 1222‬المتعلق بعدم التركيز اإلداري مرسوم ‪ 2111‬بتنظيم القطاعات الوزارية‬
‫والالتمركز اإلداري ومرسوم ‪ 2112‬المتعلق بالميثاق الوطني لالتمركز اإلداري‬

‫أوال‪ :‬مرسوم ‪ 3991‬المتعلق بعدم التركيز اإلداري‬

‫لقد شهد مسلسل الالتركيز اإلداري تطورات متالحقة منذ عام ‪ 1222‬ولعل أهم‬
‫الخطوات التي اتخذت في هذا الباب هي اعتماد مرسوم ‪ 21‬أكتوبر ‪ 1222‬بشأن الالتركيز‪،‬‬
‫اد ال نكاد نجد قبل صدور مرسوم ‪ 21‬أكتوبر ‪ 1222‬إطار قانونيا واضحا لسياسة عدم‬
‫التركيز اإلداري وجاء هذا المرسوم ليترجم وعي السلطات المغربية باألهمية الكبيرة لعدم‬
‫التركيز وبدوره في تحديث اإلدارة‪ ،30‬ففي المراحل السابقة لم تهتم السلطات العمومية‬
‫بمضمون سياسة عدم التركيز اإلداري‪ ،‬بل اقتصرت فقط على الجانب المؤسساتي بتوزيع‬

‫‪ 29‬رزوق عادل‪ ،‬الجهوية بالمغرب بين عدم التركيز و الالمركزية االدارية‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراة في القانون العام جامعة عبدالمالك السعدي‬
‫اكدال كلية العلوم القانوينة و االفتصادية و االجتماعية طنجة ‪ 2111 2112‬ص ‪122‬‬

‫‪ 30‬سمير الصمدي السلطة التنسيقية للعامل و رهان التنمية ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ,‬جامعة عبد المالك السعدي ‪,‬كلية الحقوق طنجة‪ ,‬السنة‬
‫الجامعية ‪ .2112/2112 :‬ص ‪.1‬‬
‫الهياكل اإلدارية توزيعا جغرافيا على مجموع الخريطة اإلدارية مع تركيز السلطة على‬
‫صعيد العاصمة‪.31‬‬
‫وقد عمل مرسوم ‪ 2.22..21‬على توزيع االختصاصات والوسائل بين المصالح المركزية‬
‫والمصالح الخارجية لإلدارة العامة‪ ،‬بحيث نص على أن المصالح األولى تختص بمهمة‬
‫التخطيط والتوجيه والتنظيم واإلدارة على المستوى الوطني‪ ،‬في حين تتكلف المصالح الثانية‬
‫بتنفيذ سياسة الحكومة وجميع المقررات والتوجيهات الصادرة عن السلطات المختصة‪ ،‬وفقا‬
‫‪32‬‬
‫للنصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها‬
‫وفي هذا السياق يجوز للوزراء أن يفوضوا إلى رؤساء المصالح التابعة لهم وإلى العمال‬
‫حق التصرف باسمهم وذلك بمراعاة واحترام الحدود الداخلة في نطاق اختصاصاتهم وهو‬
‫بذلك يوسع من اختصاصات العمال وأيضا تطبيقا لسياسة تقريب اإلدارة من المواطنين‬
‫وتبسيطا في اإلجراءات اإلدارية‪..‬‬
‫ويمكن اعتبار المادة الرابعة أهم مقتضيات هذا المرسوم‪ ،‬إذ تم تدعيم سياسة عدم التركيز‬
‫اإلداري وتوطيد التنسيق الحكومي السياسي واإلداري على أعلى مستويات هرم السلطة‬
‫العامة‪ ،‬حيث نصت هذه المادة على إحداث لجنة دائمة لعدم التركيز اإلداري لدى الوزير‬
‫األول‪ ،‬آنذاك أنيطت لها مهمة اقتراح سياسية حكومية مالئمة لهذا األسلوب ومتابعة تنفيذها‬
‫كما أنها مكلفة بجرد جميع التدابير القابلة بان تكون موضوع تفويض اإلمضاء‪ ،‬مع سهرها‬
‫على االنسجام بين دوائر االختصاص الجغرافي للمصالح التابعة لإلدارات العامة والتوفيق‬
‫بين تقسيمها والمهام المسندة إليها‬
‫وما يمكن مالحظته على هذا المرسوم أن مقتضيات القانونية جاءت قليلة ال تتعدى سبعة‬
‫مواد‪ ،‬مما يؤثر على الدور الحقيقي الذي يمكن أن يلعبه عدم التركيز اإلداري حتى يستطيع‬
‫مواكبة التطورات المتعلقة بالالمركزية‪ ،‬بل كان حري على المشرع أن ينظم هذا المقتضى‬
‫في شكل قانون استجابة لألدوار الجديدة التي تضطلع بها اإلدارة‪ ،‬مع أن هذا المرسوم قد‬
‫وضع ألول مرة اإلطار القانوني لالتركيز إال أن هذه المقتضيات ظلت هشة حيث لم‬
‫تتجاوز في أحسن األحوال حدود التفويض في اإلمضاء‪ ،‬والحالة أن هذا التفويض ال يلزم‬

‫‪ 31‬محمد الحسناوي الثقال‪،‬عدم التركيز اإلداري الواقع و األفاق ‪,‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ,‬جامعة عبد المالك السعدي ‪,‬كلية الحقوق طنجة‪ ,‬السنة‬
‫الجامعية ‪ 2112،2111 :‬ص ‪1.‬‬

‫‪ 32‬محم د بنيحيى‪ ،‬التنظيم اإلداري المحلي‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ‪،‬طبعة الثانية‪, 211. ،‬صفحة ‪221 ، 22..‬‬
‫الوزراء بل جاء بصيغة اإلمكان والجواز‪ ،‬مما يجعل حظوظ نجاح هذه اإلمكانية مرتبط‬
‫بإرادة الوزراء‪.33‬‬
‫في حين أن واقع المصالح الخارجية للوزارات يؤكد على أنها مجرد مصالح للضبط أو‬
‫التسجيل بسبب عدم االعتراف لرؤسائها بسلطة التقرير واضطرارها إلى اللجوء في كل‬
‫كبيرة وصغيرة إلى المصالح المركزية‪ ،‬فهذه المصالح وإن كانت قريبة من المواطن‬
‫عضويا وماديا فهي مصالح بعيدة كل البعد من الناحية الوظيفية عنه حينما يطلب منها البث‬
‫‪34‬‬
‫في طلباته بصفة مباشرة‬
‫وهكذا فإن األمر يستدعي وجود إرادة سياسية أكثر فاعلية من أجل تفعيل سياسة عدم‬
‫التركيز اإلداري‪ ،‬ومن خالل هذا المعطى واستجابة ألعمال وتوصيات المناظرة السابعة‬
‫للجماعات المحلية المنعقدة بالدار البيضاء والمناظرة الوطنية األولي حول المصالح‬
‫اإلدارية‪ ،‬من بين التوصيات التي خرجت بها المناظرة الوطنية األولى حول اإلصالح‬
‫اإلداري هي ضرورة إصدار ميثاق عدم التركيز اإلداري‪.‬‬
‫فإذا كان هذا هو حال مشروع المرسوم ‪ ،1222‬فماذا عن مرسوم ‪ 2‬دجنبر ‪2111‬‬
‫المتعلق بتحديد قواعد تنظيم القطاعات الوزارية والالتمركز اإلداري‬
‫ثانيا ‪ :‬مرسوم ‪ 5002‬المتعلق بتنظيم القطاعات الوزارية والالتمركز اإلداري‬

‫سعيا لترسيخ مبدأ الالتمركز اإلداري‪ ،‬تمت مراجعة إطاره القانوني المعمول به منذ‬
‫سنة ‪ 1222‬المبني أساسا على تفويض التوقيع‪ ،‬هذا األخير الذي ينتهي مفعوله مباشرة مع‬
‫انتهاء مهام الجهة المفوضة أوالجهة المفوض إليها‪ ،‬وذلك بإصدار مرسوم ‪ 2‬دجنبر ‪2111‬‬
‫والذي حدد المقصود بالقطاعات الوزارية في الوزارات واإلدارات التي تترأسها سلطة‬
‫حكومية‪ ،‬وكذا توزيع االختصاصات بين اإلدارات المركزية والمصالح االممركزة‪ ،‬وذلك‬
‫مع مراعاة المقتضيات الواردة في ظهير‪ 11‬فبراير ‪ 1211‬المتعلق باختصاصات العمال‬
‫كما تم تتميمه و تعديله ‪ ،‬ويبين هذا المرسوم أيضا األجهزة والهياكل التي تتكون منها‬
‫الوزارة على الصعيد المركزي او على الصعيد المحلي ومن أجل ذلك فاإلدارة المركزية‬

‫‪ 33‬عزيز مفتاح ‪ ،‬الالمركزية من التسيير اإلداري إلى تدبير التنمية ‪ ,‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ,‬جامعة محمد الخامس كلية‬
‫العلوم القانونية و االقتصادية‪ ،‬اكدال‪-‬الرباط ‪,‬السنة الجامعية ‪ ،2111،2111‬ص ‪211‬‬

‫‪ 34‬سمير الصمدي ‪ ،‬السلطة التنسيقية للعامل ورهان التنمية ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ,‬جامعة عبد المالك السعدي كلية الحقوق طنجة‪ ,‬السنة‬
‫الجامعية ‪ 2112 ،2112 ،‬ص ‪..2،.1‬‬
‫تضع رهن إشارة المديريات الجهوية والمديريات اإلقليمية اإلمكانات والوسائل الضرورية‬
‫‪35‬‬
‫لتمكينها من ممارسة اختصاصاتها‬
‫و يتكون هدا المرسوم من ‪ 31‬مادة ‪ ،‬ووفقا لهذا المرسوم يمكن التمييز بين مستويين‬
‫من البنيات اإلدارية ‪:‬‬

‫‪ ‬على المستوى المركزي ‪ :‬كتابة عامة مفتشيه عامة ‪ -‬مديريات مركزية‪-‬‬


‫أقسام – مصالح المركزية‬
‫‪ ‬على المستوى المحلي الالممرکز ‪ :‬مديريات جهوية‪ -‬مديريات إقليمية –‬
‫‪36‬‬
‫مصالح‬
‫وقد أكد المرسوم على أنه يتعين على رؤساء القطاعات الوزارية تفويض التوقيع‬
‫ومسؤولية اتخاذ القرارات اإلدارية الفردية إلى رؤساء المصالح االلمركزة على صعيد‬
‫الجهة أو العمالة أو اإلقليم‪ ،‬باستثناء تلك التي ال يمكن تفويضها لهم إال بموجب مقتضيات‬
‫تشريعية أو تنظيمية مخالفة ويراد حسب مدلول هذا المرسوم بالقرارات اإلدارية الفردية‬
‫كل قرار صادر بكيفية أحادية الجانب عن السلطة اإلدارية المعنية يهم شخصا بعينه أو مجموعة‬
‫‪37‬‬
‫أشخاص محددة أسماءهم سواء كانو اشخاصا ذاتيين أو معنويين عموميين او خواصا‬

‫ولتفعيل مقتضيات هذا المرسوم أحدثت لجنة مكلفة بتنظيم الهياكل اإلدارية والالتمركز‬
‫اإلداري لوزارة تحديث القطاعات العامة وذلك بمقتضى المادة ‪ 11‬من مرسوم ‪ 2‬دجنبر‬
‫‪ ، 2111‬مهمتها دراسة مشاريع النصوص المتعلقة بتنظيم الهياكل اإلدارية‪ ،‬وتتكون من ‪:‬‬

‫‪ ‬ممثل السلطة الحكومية المكلفة بتحديث القطاعات العامة رئيسا‪،‬‬


‫‪ ‬ممثل عن وزارة المالية‬
‫‪ ‬ممثل عن السطة الحكومية صاحبة المشروع أو االقتراح المعروض على‬
‫اللجنة‬
‫وتتكون في حالة دراسة التصاميم المديرية لالتمركز اإلداري من ‪:‬‬
‫‪ ‬ممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‬
‫‪ ‬وممثل من السلطة الحكومية المكلفة بإعداد التراب الوطني والماء والبيئة‬
‫‪ ‬وممثل عن األمانة العامة للحكومة‬
‫‪35‬‬
‫‪ .‬احمد اجعون‪ ،‬التنظيم اإلداري المغربي بين المركزية و الالمركزية ‪ ،‬مطبعة وراقة سجلماسة‪ ،‬مكناس طبعة ‪2112 ،‬ص ‪122‬‬

‫‪ 36‬المادة الثانية من مرسوم ‪ 2111‬المتعلق بتنظيم القطاعات الوزارية والالتمركز اإلداري‬

‫‪37‬عبد الغني أعبيزة‪ ،‬التجربة الجديدة في مجال إحداث البنيات اإلدارية بالمغرب المجلة إلدارية المحلية و التنمية‪ ،‬عدد‪ ،21،2112‬ص ‪112‬‬
‫‪ ‬وممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالشؤون االقتصادية‬
‫‪38‬‬
‫‪ ‬وممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالتخطيط‬
‫ورغم هذا التطور القانوني الذي يعكس إرادة صريحة ورغبة أكيدة في تكريس نظام عدم‬
‫التركيز يقوم على توزيع االختصاصات بين المركز والمحيط‪ ،‬إال أنه لم يضع حلوال واقعية‬
‫وملموسة لإلشكاالت التي يطرحها الموضوع‪ ،‬ومن أهم هذه اإلشكاالت مشکل التنسيق ما‬
‫بين المصالح الخارجية واإلدارة المركزية‪ ،‬مما يجعل من اإلطار القانوني الحالي لعدم‬
‫‪39‬‬
‫التركيز هشا و بدون تأثير على توزيع االختصاصات‬
‫مما يدعو إلى إقرار ميثاق لعدم التركيز اإلداري يجمع شتات كل النصوص القانونية‬
‫المتعلقة بهذا المجال‪.‬‬

‫ثالثا ‪:‬مرسوم رقم ‪ 573.7132‬المتعلق بالميثاق الوطني لالتمركز اإلداري‬

‫يشكل مرسوم ‪ 2.11..12‬آخر لبنة من اللبنات التي تأسس عليها عدم التركيز اإلداري‬
‫حيث تم إصداره بتاريخ ‪ 21‬أكتوبر ‪ ، 2112‬وقد تم إعداد هذا الميثاق استنادا و تفعيال‬
‫للتوجهات الملكية الواردة في العديد من الخطب الموجهة للحكومة و ذلك من أجل مواكبة‬
‫ورش الجهوية المتقدمة ‪ ،‬كان ضمنها خطاب عيد العرش لسنه ‪، 2112‬كما يأتي أيضا‬
‫استنادا لمقتضيات دستور ‪ 2111‬والذي بوأ الجهة مستوى الصدارة بين مختلف الفاعلين‬
‫المحليين وجعلها فضاء للحوار و التشاور و مجاال إلعداد السياسات العمومية ولبرامج‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية جهويا ومحليا‪.‬‬

‫ويروم هذا الميثاق أو المرسوم إلى تدخل الدولة على المستوى الجهوي والترابي من‬
‫خالل تمكين المصالح االممركزة من جملة من االختصاصات تتمثل في المساهمة في إعداد‬
‫"برنامج عمل" الدولة على المستوى الجهوي‪ ،‬تحت إشراف والى الجهة وتنسيق أنشطة‬
‫المصالح الالممركزة على مستوى العماالت واألقاليم‪.40‬‬

‫القطاعات الوزارية و والالتمركز اإلداري ‪.‬‬ ‫المادة ‪ 11‬من مرسوم ‪ 2111‬المتعلق بتنظيم‬ ‫‪38‬‬

‫‪39‬‬
‫محمد الحسناوي الثقال‪ ،‬عدم التركيز اإلداري الواقع و األفاق‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.1‬‬

‫‪ 40‬المادة الثامنة من الميثاق االوطني لالتمركز اإلداري‬


‫ويهدف الميثاق إلى تحقيق جملة من األهداف منها‪:‬‬

‫‪ ‬تطبيق التوجهات العامة لسياسة الدولة في مجال إعادة تنظيم مصالحها على‬
‫الصعيدين الجهوي واإلقليمي‪ ،‬و تحديد المهام الرئيسية الموكولة إلى هذه المصالح‬
‫‪ ‬األخذ بعين االعتبار للخصوصيات الجهوية في إعداد السياسات العمومية‬
‫وتنفيذها وتقييمها‬
‫‪ ‬مواكبة التنظيم الترابي الالمركزي للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة‪،‬‬
‫والعمل على ضمان نجاعته وفعاليته‬
‫‪ ‬تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة للجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها‪،‬‬
‫ومواكبتها في انجاز برامجها ومشاريعها التنموية‪.‬‬
‫‪ ‬تقريب الخدمات العمومية التي تقدمها الدولة إلى المرتفقين وتحسين جودتها‬
‫‪41‬‬
‫وتأمين استمراريتها‬
‫وقد خص هذا الميثاق مؤسسة الوالي أو العامل أيضا بعدة مستجدات تعمل على‬
‫مساعدتها على حسن تأدية المهام التي أناطها بها الفصل ‪ 342‬من اإلصالح الدستوري‬
‫الجديد منها ‪:‬‬

‫اللجنة الجهوية لتنسيق‪:‬‬

‫تحدث هده اللجنة لدى والي الجهة من أجل تمكينه من ممارسة المهام المنوطة به‪ ،‬وتعمل‬
‫تحت رئاسته وتتكلف بمها م التنسيق بين المصالح الالممركزة فيما بينها وبينها وبين‬
‫الهيئات الالمركزية بهدف حسن تنفيذ البرامج وكذا تسهر على مراقبة هذه المصالح‪.‬‬

‫وتتكون هذه اللجنة تحت رئاسة والي الجهة من‪:‬‬

‫‪ ‬عمال العماالت واألقاليم التابعة لنفوذ تراب الجهة‪.‬‬


‫الكاتب العام لشؤون الجهوية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬رؤساء المصالح الالممركزة المعنية‪.‬‬
‫‪ ‬المسؤولون عن المراكز الجهوية لالستثمار والمسؤولون الجهويون‬
‫للمؤسسات العمومية المعنية‪.42‬‬

‫‪41‬‬
‫المادة ‪ 7‬من مرسوم رقم ‪ 1.17.112‬بمثابة ميثاق وطني لالتمركز اإلداري‬

‫‪42‬‬
‫المادة ‪ 21‬من الميثاق‬
‫الكتابة العامة لشؤون الجهوية ‪:‬‬

‫ضمانا لحسن تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 121‬من الدستور تحدث لدى مؤسسة الوالي لجنة‬
‫تسمى الكتابة العمة لشؤون الجهوية يرأسها تحت سلطته كاتب عام لشؤون الجهوية يعين‬
‫من قبل وزير الداخلية‪.‬‬

‫وتتولى هذه الجنة عالوة على األمور التي يوكلها إليها الوالي مهام‬
‫‪ ‬التنسيق والتتبع لمساعدة الوالي على القيام بمهامه‪.‬‬
‫‪ ‬تحضير اجتماعات اللجنة التنسيقية وتتبع أشغالها‪.‬‬
‫‪ ‬انجاز تقرير سنوي حول أعمال المصالح الذي يقدم إلى الوالي بعد المصادقة‬
‫‪43‬‬
‫عليه ليرفعه إلى اللجنة الوزارية لالتمركز قبل متم شهر مارس كل سنة‬

‫اللجنة التقنية للعماالت واألقاليم ‪:‬‬

‫تحدث لدى عامل العمالة أو اإلقليم لجنة تسمى اللجنة التقنية تقوم بمساعدته على حسن‬
‫‪44‬‬
‫تنفيذ المهام التي وكلها إياه الفصل ‪ 121‬من الدستور وتحل محل اللجنة الجهوية لتنسيق‬

‫إذن ورغم هذه الترسانة القانونية التي خصت بها هذه المقاربة التدبيرية لإلدارة‪ ،‬فان‬
‫انجاحها ومسايرتها لنظام الالمركزي يبقى رهين حسب تجسيدها من قبل الفاعلين األساسين‬
‫وذلك بتقبل اإلدارة المركزية للمنطق الجديد لتوزيع االختصاص بينها وبين مصالحها‬
‫الخارجية مما يفرض عليها تطبيق مبدأ إعادة االنتشار لتوزيع األطر والكفاءات بمختلف‬
‫المصالح الالممركزة لتحقيق التوازن‪،‬كما يفترض أن يقوم الوالة والعمال بالدور المناط‬
‫على بهم على أكمل وجه والقضاء على النزعة المركزية وكذا االبتعاد عن كل ما من شأنه‬
‫‪45‬‬
‫أن يسقط هذا النظام في مركزية جهوية‬

‫‪ 43‬المادة ‪ 22‬من الميثاق‬

‫‪44‬‬
‫المادة ‪ 22‬من الميثاق‬

‫‪ 45‬الرميشي يوسف‪ ،‬مستجدات القانون ‪ 2.11..12‬المتعلق بالميثاق الوطني للتركيز اإلداري‪ ،.‬مقال منشور في مجلة مؤسسة المركز الديمقراطى العربى‬
‫للدراسات اإلستراتيجية واالقتصادية والسياسية ‪2112‬‬
‫اما بالنسبة لمستجدات الميثاق فيما يخص تنظيم المصالح الالممركزة فيتعلق األمر‬
‫بإحداث اللجنة الوزارية لالتمركز وكذا التمثيليات اإلدارية‪.‬‬

‫التمثيليات اإلدارية‪:‬‬

‫تهدف التمثيليات اإلدارية الى تبسيط المساطر اإلدارية والمساهمة في انجاز المشاريع‬
‫وهي تمثيليات سواء قطاعية أو مشتركة بين قطاعين أو أكثر سواء على المستوى الجهوي‬
‫أو اإلقليمي‪.‬‬

‫يتم إحداث التمثيليات اإلدارية إما بمبادرة من أو بناءا على اقتراح من‪:‬‬

‫اللجنة الوزارية لالتمركز‬ ‫‪‬‬


‫من والي الجهة أو عامل العمالة أو اإلقليم‪.46‬‬ ‫‪‬‬

‫اللجنة الوزارية لالتمركز اإلداري ‪:‬‬


‫تحدث لدى رئي س الحكومة لجنة وزارية لالتمركز اإلداري تناط بها مهام التدابير الالزمة‬
‫لتنفيذ التوجيهات العامة لسياسة الدولة في مجال الالتمركز وكذا تتبعها وتقييم نتائجها‪،‬‬
‫وتتولى هذه اللجنة مهام‪:‬‬

‫‪ ‬اقتراح إحداث تمثيليات إدارية على المستوى الجهوي واإلقليمي‪.‬‬


‫‪ ‬البحث عن التدابير الكفيلة بالرفع من أداء المصالح الالممركزة‪.‬‬
‫‪ ‬المصادقة على التصاميم الجهوية لالتمركز اإلداري‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار ينبغي على السلطات الحكومية المعنية مد اللجنة قبل نهاية السنة بتقرير‬
‫مفصل حول‪:‬‬

‫‪ ‬االختصاصات التي تم نقلها خالل السنة واالختصاصات المزمع نقلها خالل‬


‫السنة أو السنوات المقبلة‪.‬‬
‫‪ ‬تقرير حول توزيع الموارد البشرية بين المركز والمصالح الالممركزة جهويا‬
‫وإقليميا‪.‬‬

‫‪ 46‬المادة ‪ 11 11 11‬من الميثاق وطني لالتمركز اإلداري‬


‫‪ ‬التدابير المقترحة لتعزيز سياسة الالتمركز اإلداري‪.‬‬

‫تتألف اللجنة الوزارية لالتمركز اإلداري تحت رئاسة رئيس الحكومة من‪:‬‬

‫السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫األمين العام للحكومة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السلطة الحكومية المكلفة بالمالية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السلطة الحكومية المكلفة بإصالح اإلدارة والوظيفة العمومية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪47‬‬
‫كل سلطة حكومية أخرى معنية بالنقط المطروحة لنقاش‬ ‫‪‬‬

‫وهكذا ومن خالل قراءة متأنية ألهم الصالحيات واالختصاصات التي تقوم بها‬
‫المصالح الالممركزة ‪ ،‬يتضح بجالء أن ميثاق الالتمركز اإلداري يساهم إيجابا على أداء‬
‫الجهات ‪ ،‬من خالل تقوية أداء المصالح الخارجية بالمساهمة في تغيير اإلدارة وأساليب‬
‫عملها بحيث أن الميثاق عمل على إحداث بنيات للتنسيق وضمان التقائية السياسات‬
‫العمومية ونجاعتها ‪ ،‬من لجنة وزارية يرأسها رئيس الحكومة تشرف على وضع البرامج‬
‫واستراتيجيات تنزيل الميثاق وأيضا تقييمه وإعداد مقترحات لتطوير تنفيذه‪ ،‬عالوة على‬
‫لجنة إدارية جهوية يترأسها الوالي ” تحمل اسم ” اللجنة الجهوية للتنسيق” تتولى مهام‬
‫التنسيق والتتبع والتقييم واالقتراح وإبداء الرأي حول مشاريع السياسات والبرامج العمومية‬
‫للدولة على المستوى الجهات‪.‬‬

‫‪ 47‬المادة ‪ 21 ، 22 ، 22‬من الميثاق الوطني لالتمركز االداري‬


‫المبحث الثاني ‪ :‬إكراهات الالتمركز اإلدراي و مداخل تطويره في أفق الجهوية المتقدمة ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬إكراهات الالتمركز اإلداري ‪.‬‬
‫تعاني سياسة الالتركيز اإلداري حاليا العديد من اإلكراهات حالت دون أن‬
‫تساير التطورات التي تعرفها الالمركزية و الجهوية ‪ ،‬الشيء الذي أدى إلى‬
‫ضعف األداء اإلداري لإلدارة المغربية ‪ ،‬و تحول دون تحقيق التنمية الترابية‬
‫المنشودة ‪.‬‬
‫و يمكن إجمال أهم هذه اإلكراهات فيما يلي ‪:‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬اإلكراهات البررية و المالية ‪.‬‬
‫فالالتركيز اإلداري ال يهذف فقط إلى إنشاء مصالح خارجية للوزارات ‪ ،‬بل‬
‫يجب أن تتوفر هذه المصالح على الموارد المالية و البشرية التي تمكنها من‬
‫ممارسة اختصاصاتها و على أخذ المبادرة والقرار على الصعيد المحلي دون‬
‫الرجوع إلى السطات المركزية ‪.‬‬
‫وعلى مستوى الموارد البشرية يالحظ أن غالبية الموارد البشرية تدبر من‬
‫طرف اإلدارة المركزية ‪ ،‬كما أن بعض الجهات و األقاليم تبدو أقل جاذبية من‬
‫غيرها لألطر ذات الخبرة و الكفاءة العاليتين ‪ ،‬فضال عن أن الموارد البشرية‬
‫العاملة في المصالح الالممركزة تعاني من غياب التنسيق بسبب تعدد الجهات‬
‫المتدخلة ‪ ،‬و كذا ضعف و غياب استراتيجية واضحة للتكوين المستمر ‪ ،‬و‬
‫تمركزه في الغالب األعم‪ ،‬و لعل ما يدلل على ذلك توفر اإلدارة المركزية على‬
‫طاقات بشرية متخصصة و متقدمة في كثير من جوانب العمل الحكومي‪.48‬‬
‫كما هناك عائق آخر تعاني منه الموارد البشرية العاملة بالمصالح الالممركزة‬
‫و يتعلق األمر ب "ثنائية الرئاسة " ‪ ،‬حيث تكون هذه المصالح تابعة للوزارة أو‬
‫لمؤسسة موجودة داخل المركز ‪ ،‬و في نفس الوقت تكون تابعة لسلطة الوالي أو‬
‫العامل بحيث لهذين األخيرين الحق في التنقيط على رؤساء المصالح الالممركزة‬
‫‪ ،‬إضافة إلى حق التوقيف و هو ما يؤثر سلبا على مردودية رؤساء هذه المصالح‬

‫‪ - 48‬ليلى طوير‪ ،‬حدود تدخالت الجهة و الجهوية المتقدمة في تدبير حالة الطوارئ ‪ :‬كوفيد ‪ 12‬نموذجا ‪journal of intergrated studies ،‬‬
‫‪ ،in economics,law,technical sciences & communication , vol 1 ,No 1,2021.‬ص ‪.12‬‬
‫‪ ،‬فضال على أنه قد تتعارض في الكثير من األحيان توجهات الوزارة التابعة لها‬
‫هذه المصالح مع توجهات الوالة و العمال‪.49‬‬

‫و على مستوى الممارسة في ميدان تدبير الموارد البشرية ‪ ،‬يالحظ أن هناك‬


‫ندرة في اإلدارات التي تطلب من مديري الموارد البشرية تشخيصا لواقع هذه‬
‫الموارد والعوائق التي تعاني منها‪ ،‬فالفكر السائد في المغرب أن وظيفة "الموارد‬
‫البشرية" أصبحت تطبعها صورة نمطية تجعلها شبيهة بباقي الوظائف اإلدارية‬
‫األخرى ‪.‬‬
‫إال أنه من المشاكل التي تعاني الموارد البشرية هو غياب إطار مرجعي لهذه‬
‫المؤهالت و الكفاءات ‪ ،‬إضافة إلى غياب معطيات حول تدبير هذه الموارد‬
‫البشرية مما يطرح معه إشكال يتمثل في عدم الضبط والتحكم في اإلحصائيات‬
‫المتعلقة بهذه الموارد ‪ ،‬وكل مايتعلق بها و معرفة مواطن قصور هذه الموارد‬
‫بغية تجاوزها ووضع حلول كفيلة بإنجاحها و تحقيق الغاية من تعيينها ‪ ،‬و كذا‬
‫الرفع من المردودية خاصة على مستوى المهنية لهذه الموارد البشرية ‪. 50‬‬
‫بناء على ما سبق ‪ ،‬يمكن القول أن الموارد البشرية التابعة للمصالح‬
‫الالممركزة تعاني من مجموعة متداخلة من اإلكراهات ‪ ،‬تحول دون مسايراتها‬
‫لمتطلبات التحديث و إصالح اإلدارة ‪ ،‬مما يجعلها عاجزة عن تحقيق التنمية‬
‫المرجوة ‪ ،‬ال سيما أن العنصر البشري يعتبر مقوما رئيسيا لتحقيق أي تنمية‬
‫محلية ‪.‬‬
‫أما فيما يخص المستوى المالي ‪ ،‬فتبرز إشكالية توزيع الموارد المالية‬
‫والمتسم بالالعقالنية ‪،‬إذ نجد أن أغلب اإلدارات الالممركزة ليس لها هامش من‬
‫الحرية في اتخاذ القرارات اإلدارية المتعلقة بالجانب المالي‪ ،‬وبالتالي تبقى‬
‫خاضعة بشكل مطلق لإلدارات المركزية على مستوى التسيير و على مستوى‬

‫‪ - 49‬هدى قشاش‪ ،‬مساهمة الالتركيز اإلداري في فعالية التدبير العمومي ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس‬
‫‪،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪،‬الرباط ‪،‬السويسي‪،1010-1019،‬ص ‪.21‬‬

‫‪ - 50‬نوال الهناوي ‪ " :‬التدبير العمومي الجديد " أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية و‬
‫االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬اكدال ‪ ، 2112- 2112 ،‬ص ‪. 122-121 :‬‬
‫التجهيز‪ ،‬وعليه فإن جل االلتزامات المالية من قبيل الصفقات العمومية وكذا‬
‫اإلتفاقيات تخضع بالضرورة لمصادقة السلطات المركزية‪.51‬‬
‫كما يالحظ بشكل واضح تعنت اإلدارة المركزية على تفويض صالحياتها و‬
‫خاصة عندما يتعلق األمر بالتفويض في الشق المالي لمصالحها الالممركزة ‪ ،‬و‬
‫هذا بالضبط واقع حال المصالح الالممركزة رغم أننا نجد الميثاق الوطني‬
‫لالتمركز اإلداري ينص في الفصل ‪ 11‬منه على تخويل رؤساء المصالح‬
‫الالممركزة على الصعيد الجهوي ‪ ،‬صفة آمرين بالصرف جهويين‪ ،‬لتمكينهم من‬
‫تدبير اإلعتمادات المرصودة لهذه المصالح ‪ ،‬و كذا تمكين الرؤساء المذكورين ‪،‬‬
‫من صالحيات تدبير المسار المهني للموارد البشرية الخاضعة لسلطتهم على‬
‫الصعيدين الجهوي واإلقليمي ‪ .‬إال أنه على المستوى الواقعي لم يتم تخويل أي من‬
‫هاته الصالحيات للمصالح الالممركزة ‪ ،‬و على إعتبار أن التصاميم المديرية‬
‫لالتمركز اإلداري هي المختصة بنقل مجموع اإلختصاصات مع مراعاة طبيعة‬
‫كل وزارة ‪ ،‬و منها الموارد البشرية و المادية لتمكين المصالح الالممركزة للدولة‬
‫من ممارسة اإلختصاصات الموكولة لها ‪ ،‬إال أنه لم يتم كما سبق الذكر اإلعالن‬
‫عن أي تصميم مديري‪. 52‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلكراهات التنظيمية ‪.‬‬
‫و تبرز اإلكراهات التنظيمية في تعدد المستويات اإلدارية‪ ،‬فمن جهة هناك‬
‫الجهات والعماالت أو األقاليم والجماعات ‪ ،‬ومن جهة ثانية هناك الواليات‬
‫والدوائر والقيادات والباشاوات والمقاطعات‪ ،‬ومن جهة ثالثة هناك فاعلين إداريين‬
‫و اقتصاديين آخرين من فروع المؤسسات العمومية الصناعية والتجارية (‬
‫المكتب الوطني للماء الصالح للشرب)‪ ،‬إضافة إلى شركات عمومية أو شبه‬
‫عمومية محلية ‪.‬‬
‫وإذا كان تعديل وتحيين الخريطة اإلدارية على ضوء المعطيات والظروف‬
‫المستجدة أمر محمود فإن االرتجالية والتعديالت السريعة المتخدة في غياب أي‬
‫تشاور مع كافة القطاعات بإمكانه أن يضفي على عملية التعديل هاته بعدا سلبيا ‪،‬‬

‫‪ -‬ليلى طوير ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪ - 52‬هدى قشاش ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫إال أن إحداث هذه المستويات اإلدارية يكلف ميزانية الدولة مبالغ مالية هامة‬
‫ويحول دون تمثيل مجموع المصالح الخارجية على مستواها أو على األقل‬
‫يؤخره‪ ،‬وقد أصبح عمل بعضها مضاعفا خاصة مع التطور الذي شهدته‬
‫الالمركزية مما يطرح إمكانية اإلستغناء عنها ‪. 53‬‬
‫و هذا التعدد في المستويات من شأنه أن يخلق تضاربا في اتخاد القرارات‬
‫ألن لكل جهة مصالحها و أهذافها و مراميها ‪ ،‬و لعل هذا ما يفسر بطء و ضعف‬
‫تغطية هذه البنية و وجود وحدات إدارية ترابية تفتقد للترابط و االنسجام الداخلي‬
‫‪. 54‬‬
‫و هنا ال بد من اإلشارة إلى أن التوزيع الترابي للمصالح الخارجية ال بد أن‬
‫يتالءم مع التقسيم اإلداري للمملكة ‪ ،‬إذ كان على المشرع مراعاة البعد الجهوي‬
‫في إحداث وإنشاء هذه المصالح وليس العمالة أو اإلقليم‪ ،‬ألنه غالبا ما يتم إحداث‬
‫هذه األخيرة ألجل أهداف سياسية وأمنية وليست تنموية أو اقتصادية‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالجهة تبقى الفضاء األمثل واإلطار األنسب للتنمية باعتباره فضاء أكبر من‬
‫العمالة ويضمها ‪.55‬‬
‫في نفس اإلطار نجد إشكالية التنسيق اإلداري ‪ ،‬حيث مازال لم يتحقق إجماع‬
‫الباحثين حول طبيعة وحدود الميكانيزمات التي يتعين تطبيقها لضمان فعالية‬
‫التنسيق و لتجنب عدم التوافق بين برامج مختلف القطاعات الوزارية‪ ،‬وبالتالي‬
‫بين مختلف المصالح الخارجية ال سيما وأن عملية التنسيق الموكولة إلى العامل‬
‫تعرضها العديد من الصعوبات‪ ،‬تأتي في مقدمتها أن مفهوم التنسيق بقي غامضا‬
‫بحيث ال يوجد نص يوضح طبيعة وظيفة التنسيق ولعل السبب في عدم تحديد‬
‫مفهوم وظيفة التنسيق التي يقوم بها العامل بوصفه ممثال للسلطة التنفيذية‪ ،‬هو‬
‫تمكينه من تنفيذ كل سياسة تقرها اإلدارة المركزية وفق الظروف والوقائع التي‬
‫تعيشها البالد‪ ،‬کما أن عدم تحديد طبيعة التنسيق دفع بدوره إلى تعنت الوزارات‬
‫المركزية ومصالحها الخارجية و عدم توحيد الجهود‪ ،‬وانحصرت وظيفة التنسيق‬
‫‪ - 53‬اإلدريسي مصطفى ‪ ،‬الالتمركز اإلداري في أفق الجهوية المتقدمة ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‬
‫‪ ،‬كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجتماعية ‪ ،‬طنجة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪1019-1012‬ص ‪.28‬‬

‫‪ - 54‬رشيد السعيد ‪ ،‬الجهوية الموسعة و تطوير مسلسل الالتمركز بالمغرب ‪ ،‬سلسلة الالمركزية و اإلدارة المحلية ‪ ،‬عدد مزدوج ‪،11-11‬‬
‫الطبعة الثانية ‪ ،1011 ،‬ص ‪. 199‬‬

‫‪ -55‬اإلدريسي مصطفى ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 22‬‬


‫في جانبها السلبي حيث ظلت المرافق اإلقليمية مستقلة عن بعضها البعض وهي‬
‫تتلقى األوامر والتوجيهات من الوزراء المعنيين‪ ،‬وال تلتفت إلى توجيهات العامل‬
‫إال نادرا مستندة في ذلك على وحدة األمر الذي يفيد أن الموظف ال يستطيع أن‬
‫يعمل بكل فعالية وجدية تحت سلطة أكثر من موجه واحد أو يخدم سيدين مرة‬
‫واحدة ‪ .‬والواقع أن سلطة العامل التنسيقية ال يمكن أن تكتسب طابعا فعليا‪ ،‬إال‬
‫بتوفر شرطين أساسيين يتمثل األول في ضرورة تمثيل أهم المصالح الخارجية‬
‫باإلقليم وتكييفها مع التقسيم اإلداري‪ ،‬والشرط الثاني في ممارسة اإلشراف الفعلي‬
‫على األنشطة اإلقتصادية واإلجتماعية‪. 56‬‬
‫و إن كان المرسوم الجديد لالتمركز اإلداري قد عمل على تقوية مكانة‬
‫مؤسسة الوالي و العامل في مجال التنسيق ‪ ،‬حيث نصت المادة الخامسة من‬
‫المرسوم على "الدور المحوري لوالي الجهة باعتباره ممثال للسلطة المركزية‬
‫على المستوى الجهوي في تنسيق أنشطة المصالح الالممركزة والسهر على حسن‬
‫سيرها ومراقبتها تحت سلطة الوزراء المعنيين بما يحقق النجاعة والفعالية و‬
‫االتقائية المطلوبة في تنفيذ السياسات العمومية على مستوى الجهة وتتبعها" ‪،‬‬
‫إحداث لجنة جهوية تحمل إسم "اللجنة الجهوية للتنسيق " تعمل تحت رئاسة‬
‫الوالي ‪ ،‬ومن أجل دعم مؤسسة الوالي والرفع من قدراته وفعالياته في مجال‬
‫تنسيق أنشطة المصالح الالمركزية للدولة والمؤسسات العمومية التي تمارس‬
‫مهامها على مستوى الجهة‪ ،‬والسهر على حسن سيرها‪ ،‬و لهذا الغرض تم إحداث‬
‫لجنة جهوية تحمل إسم "اللجنة الجهوية للتنسيق" تعمل تحت رئاسة الوالي و تناط‬
‫بها جملة من المهام‪ ،‬إال أن استمرار تعدد المستويات اإلدارية و إختالف مساعيها‬
‫و اإلختالف بينها ينعكس على مستوى مجموعة من القطاعات التي تتباين فيها‬
‫طبيعة عملها ‪ ،‬و هو ما يستدعي وضع منظومة تساير جميع القطاعات و تدبير‬
‫شؤونهم بشكل شامل ‪.‬‬
‫كما أن التباين بين إختصاصات المصالح المركزية و المصالح الالممركزة‬
‫وهيمنة المصالح المركزية على أغلبية إختصاصات ممثيها الالمركزين يجعل‬

‫‪ - 56‬اإلدريسي مصطفى ‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫هذه المصالح الالممركزة من كثير من األحيان ال تعدو أن تكون مجرد أداة فقط‬
‫لتنفيذ توجهات رؤسائها المركزيين ‪. 57‬‬
‫و في هذا الصدد ال بد من اإلشارة إلى أن المشاكل التي تواجه المصالح‬
‫الالممركزة ال يمكن حصرها فقط في التنسيق ‪ ،‬بل البد أن يتم إحداث هذه‬
‫المصالح وفق معايير تقنية تستجيب معها لمتطلبات المرحلة وبالتالي تحقيق‬
‫المردودية من خالل اضطالعها بصالحياتها ‪ ،‬كما أن مسؤولي المصالح‬
‫الالممركزة يجب أن يتم تعيينهم وفق معايير الكفاءة و ذلك نظرا للمهام المنوطة‬
‫بهم ‪ ،‬بإعتبارهم المسؤولين عن تفعيل و تجسيد السياسات الحكومية و المركزية‬
‫على المستوى الترابي ‪.‬‬
‫كما أن عدم قدرة مسؤولي هذه المصالح على إتخاذ تدابير مستقلة عن اإلدارة‬
‫المركزية أو إتخاذ القرارات ‪،‬يترتب عنه بطء في التنفيذ و تعقيد المساطر‪ ،‬الشيء‬
‫الذي يستحيل معه تطبيق سياسة الالتمركز اإلداري و التي تهدف باألساس إلى‬
‫تبسيط المساطر و تقديم الخدمات في أقرب اآلجال‪.58‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬اإلكراهات اإلدارية ‪.‬‬
‫إن العائق األساسي الذي يعترض التنمية الترابية بالمغرب‪ ،‬وقيام حكامة‬
‫محلية حقيقية هو الرغبة في احتكار السلطة‪ ،‬والعقلية القائمة على المركزية‬
‫المتحجرة الموجودة لدى مسؤولي اإلدارة المركزية‪ .‬وهو ما يؤكده الملك نفسه في‬
‫إحدى خطاباته وذلك عندما قال‪ ..." :‬كما نهيب بالحكومة‪ ،‬إلى إعداد ميثاق وطني‬
‫لعدم التمركز يتوخى إقامة نظام فعال إلدارة الممركزة‪ ،‬يشكل قطيعة حقيقية مع‬
‫المركزية المتحجرة "‪.59‬‬

‫فاإلكراهات اإلدارية تتجلى أساسا في طبيعة النظام اإلداري ‪ ،‬المتسم‬


‫بالمركزية الشديدة و عدم رغبة الطبقة التكنقراطية المركزية بدورها في التخلي‬
‫عن اختصاصاتها وصالحيتها‪ ،‬وعدم استعدادها اقتسام جزء منها مع المصالح‬

‫‪ - 57‬بجية العربي ‪ " :‬القوانين التنظيمية الترابية و مبدا التدبير الحر ‪ ،‬مجلة مسالك في الفكر و السياسة و االقتصاد ‪ ،‬عدد ‪ ، 22-22‬سنة ‪2111‬‬
‫‪،‬ص ‪. 11.‬‬
‫‪ - 58‬هدى قشاش ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -59‬مقتطف من نص الخطاب الذي وجهه الملك إلى األمة‪ ،‬بمناسبة الذكرى الثالثة والثالثين للمسيرة الخضراء‪ ،‬في مراكش يوم ‪ .‬نوفمبر ‪.2112‬‬
‫الالممركزة وإن كانت تتبع لها‪ ،‬وهذا الموقف السلبي منتشر بشكل كبير في كل‬
‫اإلدارات المركزية تقريبا ‪ ،60‬ذلك أن المسؤولين باإلدارات المركزية تعودوا‬
‫على التدخل في كل شؤون اإلدارة التي يشرفون عليها‪ ،‬وبالتالي يرون في نقل‬
‫جزء من اختصاصاتهم إلى أشخاص آخرين أمر يمس شخصهم ‪.61‬‬
‫باإلضافة إلى خلق العراقيل المتصلة ببطء المساطر وتعقيدها وتطويلها‪،‬‬
‫وخصوصا بالنسبة للقضايا الفنية مع التأخير في إصدار القرار إلثبات الوجود‬
‫وتيئيس كل طرف ‪.62‬‬
‫استنادا على ماسبق ‪ ،‬يمكن القول أن تطبيق أسلوب الالتمركز اإلداري قد‬
‫أبان عن عدة نواقص ‪ ،‬و ال زال يعاني من عدة أعطاب و اختالالت ‪ ،‬تؤثر‬
‫بشكل سلبي على تطوره و تحول دون تحقيقه لألهذاف التي وضع من أجلها‬
‫المتمثلة أساسا في تحقيق التنمية المحلية و المندمجة ‪ ،‬و تحسين التدبير العمومي‬
‫و الرفع من نجاعته و فعاليته ‪.‬‬
‫الطلب الثاني الال تركيز اإلداري والجهوية المتقدمة‬
‫الفقرة األولى الالتمركز اإلداري وعالقته بالجهوية المتقدمة‬
‫شهد الالتركيز قفزة نوعية على ضوء المراجعة الدستورية لسنة ‪ 122.‬بغية‬
‫إعطاء نفس جديد للممارسة اإلدارية‪ ،‬وذلك من خالل تبني مجموعة من‬
‫النصوص ترمي كلها إلى الحد من المركزية المفرطة للسلطات هذا فضال عما‬
‫حظي به الالتمركز اإلداري خالل دستور ‪ 2111‬وكذا الخطابات الرسمية التي‬
‫ألقاها جاللة الملك محمد السادس الذي شكل محور اهتمام البرامج الحكومية‬
‫بالنسبة للحكومات التي تداولت على السلطة ببالدنا باعتباره محور أساسي من‬
‫محاور اإلصالح اإلداري كما حظي باهتمام مختلف مخططات التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،63‬يعتبر الخطاب الملكي الذي وجهه جاللة الملك إلى األمة بتاريخ‬
‫‪ .‬نونبر ‪ 2112‬مرجعية أساسية للجهوية المتقدمة‪ ،‬حيث أعلن جاللته فتح صفحة‬

‫‪ -60‬إبراهيم الزياتي‪" ،‬نظام الالتمركز و رهانات تنظيم الدولة في أفق الجهوية المتقدمة "‪ ،‬مجلة مسالك ‪ ،‬العدد ‪ ،11/12 :‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 61‬رشيد السعيد ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ -62‬اإلدريسي مصطفى ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪ 63‬أسية أهرواز‪ ،‬الالتمركز اإلداري ومدى مساهمته في تحقيق الجهوية المتقدمة بالمغرب المركز الديمقراطي العربي‬
‫جديدة في نهج اإلصالحات المتواصلة الشاملة التي يقودها جاللته من خالل‬
‫إطالق مسار جهوية متقدمة ومتدرجة‪ ،‬تشمل كل مناطق المملكة‪ ،‬وفي مقدمتها‬
‫جهة الصحراء المغربية‪.‬‬
‫كما أعاد جاللة الملك في خطاب ‪ 2‬يناير ‪ 2111‬بمناسبة تنصيب اللجنة‬
‫االستشارية للجهوية التأكيد على أهمية الجهوية الموسعة باعتبارها "ليست مجرد‬
‫إجراء تقني أو إداري‪ ،‬بل توجها حاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة‪ ،‬والنهوض‬
‫بالتنمية المندمجة"‬
‫كما أعطى جاللة الملك في خطاب ‪ 22‬يوليوز ‪ ،2112‬بمناسبة عيد العرش‪،‬‬
‫تعليماته بإصدار ميثاق الالتمركز اإلداري الذي تتيح مقتضياته للمسؤولين‬
‫المحليين‪ ،‬اتخاذ القرارات‪ ،‬وتنفيذ برامج التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬في‬
‫انسجام وتكامل مع الجهوية المتقدمة‪.‬‬
‫ويعتبر هذا الميثاق مدخال أساسيا لمواكبة الدينامية الجديدة التي يشهدها‬
‫التنظيم الترابي الالمركزي للمملكة القائم على الجهوية‪ ،‬ولبنة أساسية في بناء‬
‫الجهوية المتقدمة وتوفير الشروط الالزمة لتنفيذ السياسات العمومية للدولة على‬
‫الصعيد الترابي‪ ،‬وفق مقاربة مندمجة ومتكاملة لتحقيق تنمية مستدامة‪ ،‬تمثل‬
‫الجهة الفضاء الترابي المالئم لبلورتها على أرض الواقع‪.‬‬
‫حيث تعد الجهوية المتقدمة في بالدنا إضافة إلى كونها مشروعا سياسيا من‬
‫حيث تمكينها للمواطنات والمواطنين من المساهمة في اختيار ممثليهم عن طريق‬
‫اإلقتراع العام المباشر في هيئات تداولية تتمتع بصالحيات مهمة وفق مبدأ التدبير‬
‫الحر‪ ،‬وكذا جعلها فضاء للمشاركة المدنية عبر إعتماد آليات الديمقراطية‬
‫التشاركية في صنع البرامج والقرارات على المستوى الجهوي‪ .‬فالجهة أيضا‬
‫مجال مهم للفعل العمومي‪ ،‬وكذلك إيجاد الحلول المالئمة للمشاكل العمومية‬
‫المطروحة في إطار الدولة الموحدة‪.64‬‬

‫‪ 64‬عبد الحفيظ إدمينو ‪ :‬التعاقد بين المديريات المركزية و المديريات الجهوية و ترسيخ التدبير الالممركز ‪ ،‬المجلة المغربية االدارة المحلية‬
‫والتنمية ‪ ،‬عدد ‪ ، 121‬ص‪21‬‬
‫كما تعتبر الجهوية في شكلها المتقدم‪ ،‬أرقى مستويات التقسيم الترابي الذي وصل‬
‫إليه المغرب‪ ّ ،‬فهي تجسد تحوال إستراتيجيا في هيكلة التنظيم اإلداري للمملكة‪،‬‬
‫وتطورا مهما في المشهد المؤسساتي والديمقراطي بالمغرب‪.‬‬
‫وعلى الرغم من التقدم الذي تم إحرازه في مسار تنزيل مقتضيات الجهوية‬
‫المتقدمة على المستويات التشريعية والقانونية والمؤسساتية‪ ،‬إال أنه ال يزال هناك‬
‫الكثير مما ينبغي عمله لبلوغ الغاية المرجوة حيث ظل الالتركيز جد محدود الى‬
‫يومنا هذا خصوصا وأن أغلب سلطات القرار ال زالت ممركزة بالمصالح‬
‫الوزارية المركزية‪ .‬وأمام التحوالت التي تعرفها البالد والتحديات التي يجب‬
‫مواجهتها ال تساعد أن تكون اإلدارة حاجزا للتنمية‪ ،‬على اعتبار أن المغرب دخل‬
‫مرحلة جديدة قوامها إرساء الجهوية المتقدمة التي تشكل فرصة إلصالح نظام‬
‫الالتمركز اإلداري‪ ،‬ذلك أن تمتع الجهات بصالحيات واسعة يفرض على الدولة‬
‫المركزية تنظيم تواجدها ‪،‬على المستوى الجهوي بشكل فعال‪.‬‬
‫ويأمل المغرب من مؤسسة الجهة في شكلها الجديد أن تتجاوز اإلكراهات‬
‫والمشاكل التي تعوق التنمية الترابية‪ ،‬وبأن تشكل مستوى ترابي تتمفصل فيه‬
‫تدخالت الهيئات والمؤسسات المركزية والجهوية والمحلية الفاعلة في التنمية‬
‫المجالية إن الهدف األساسي من تطوير مؤسسة الجهة ‪ ،‬يكمن في إعطاء نفس‬
‫جديد للتدبير الترابي ‪ ،‬يكون قادرا على تنفيذ وتنزيل برامج السياسات العمومية‬
‫المتعلقة لنموذج التنموي الجديد و ‪ ،‬يرتكز المنظور الجديد للسياسة المجالية على‬
‫الدور المحوري للجهة في ضل التراجع الملحوظ لدور لدولة في تنشيط االقتصاد‬
‫المحلي‪ ،‬وفي دعم الحقل االجتماعي الدور المحوري للجهة في ظل التراجع‬
‫الملحوظ لدور الدولة االجتماعي ‪ ،‬وعلى هيئات الالتركيز اإلداري ‪ ،‬وهذا من‬
‫شأنه أن يساعد على تطوير المحاالت الجهوية و يجعلها أكثر تنافسية وجذ‬
‫لالستثمار ات الداخلية والخارجية‪ ،‬و يساهم في تقليص االختالالت والفوارق‬
‫المجالية‪ ،‬و يدعم التماسك االجتماعي و التضامن بين مناطق الجهة ‪ .‬ويتطلب‬
‫تحقيق أهداف الجهوية المتقدمة‪ ،‬القيام بإعادة هيكلة الهندسة المؤسساتية‪،‬‬
‫وتوضيح توزيع السلط والمسؤوليات بين المؤسسات الوطنية والمؤسسات الجهوية‬
‫والترابية‪ ،‬وبين الهيئات اإلدارية والهيئات االستشارية والتشاركية‪.65‬‬
‫إن تحقيق أهداف ومبادئ الالتركيز اإلداري يتوقف على التفعيل الحقيقي‬
‫لمؤسسة الجهة على المستوى الترابي دون الرجوع إلى السلطات المركزية‪ ،‬مع‬
‫تخصيص الموارد المالية ومنحها صالحيات تقريرية الكفيلة بمساعدة الجهة على‬
‫توطين وتنفيذ برامج السياسات العمومية في النطاق الترابي التابع لها‪ .‬وتأتي‬
‫اإلصالحات الجوهرية التي همت مؤسسة الجهة‪ ،‬وصدور ميثاق الالتمركز‬
‫اإلداري لتأسس مرحلة جديدة لتدبير الشأن المحلي‪ ،‬وترتكز هذه السياسة الجديدة‬
‫على إعطاء بعد ترابي لعمليات التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬األمر الذي‬
‫‪66‬‬
‫سيمكن من الرفع من االستثمار الترابي‪.‬‬
‫الفقرة الثانية أزمة كورونا فرصة لتعزيز الجهوية المتقدمة بالمغرب‬
‫الشك أن األزمة الصحية التي يشهدها العالم عامة والمغرب خاصة‪ ،‬والمتعلقة‬
‫بتفشي وباء كورونا قد شكلت فرصة من أجل إعادة النظر في سياساتها تجاه الفرد‬
‫والمجتمع‪ ،‬بالنظر إلى مسؤولية الدولة في الحفاظ على صحة األفراد‪ ،‬فكان لزاما‬
‫عليها اتخاذ مجموعة من اإلجراءات من أجل مجابهة هاته األخطار‪ .‬فأوكلت ذلك‬
‫إلى الحكومات التي مارست اختصاصات ومهام استثنائية في إطار قانون‬
‫الطوارئ انطالقا من الدور الذي تقوم به مركزيا حيث أبانت عن هيمنة لسلطة‬
‫الدولة على حساب الجهة وخيار الجهوية المتقدمة‪ ،‬فلعبت السلطات المركزية‬
‫اإلدارية ممثلة في وزارة الداخلية‪ ،‬ووزارة الصحة‪ ،‬األطقم الطبية بنوعيها‬
‫العسكري والمدني‪ ،‬وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬األمن والجيش وكذا اإلعالم‬
‫الرسمي دورا محوريا في نجاعة تدخالتها وجهودها الميدانية‪ ،‬في غياب شبه‬
‫منعدم للمجالس المنتخبة‪ ،‬مما يوضح بجالء الهوة الفارقة بين النص القانوني‬
‫والمستوى الواقعي فيما يتعلق باختصاصات المجالس المنتخبة‪ ،‬وهو ما يؤثر سلبا‬

‫‪ 65‬التقرير الدراسة المنجزة من طرف المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي وبنك المغرب تحت عنوان‪ :‬الثروة اإلجمالية للمغرب ما بين‬
‫‪ 1222‬و‪2112‬‬
‫‪ 66‬صالح العكاوي‪ ،‬الالتمركز اإلداري آفاق للتنمية والتكامل المجالي‪ ،‬مقال ‪2121‬‬
‫على عملية تنزيل الجهوية المتقدمة وتدعيم أسسها ‪.‬وتأسيسا على ذلك وتماشيا مع‬
‫‪67‬‬
‫التطورات المتالحقة التي يشهدها النظام اإلداري المغربي‪.‬‬
‫فاإلدارة الجهوية أصبحت مدعوة أكثر إلعادة هيكلة بنياتها وأساليب عملها‪ ،‬من‬
‫أجل مواكبة المتطلبات التي تفرضها مرحلة معينة‪ ،‬ولعل تفشي وباء كورونا في‬
‫عصرنا الحالي خير دليل على ذلك‪ ،‬إذ وجب اعتبار وباء كوفيد ‪19‬فرصة‬
‫سانحة لتعزيز الجهوية المتقدمة‪ ،‬فحسب ما جاء في أحد التقارير الدولية والمعنون‬
‫ب‪":‬مذكرة إستراتيجية حول األثر االقتصادي واالجتماعي لجائحة كوفيد ‪12‬‬
‫‪"،‬والذي شاركت فيه وكاالت األمم المتحدة للتنمية‪ ،‬والمندوبية السامية للتخطيط‬
‫والبنك الدولي‪ ،‬هذا التقرير الذي يحث المغرب على النظر إلى أزمة الجهوية‬
‫كفرصة لتعزيز الجهوية المتقدمة وتعزيز دولة المجتمع المدني‪ ،‬وذلك باألخذ‬
‫بعين االعتبار الدروس المستخلصة من االزمة الصحية التي عرفها العالم بأسره‪،‬‬
‫عن طريق سن مجموعة من الليات التي ستساهم في تجاوز االختالالت التي‬
‫عرفها تدبير ملف جائحة كورونا والمتجلية في مجموعة من النقاط نجملها فيما‬
‫يلي‪:68‬‬
‫ضرورة إيالء أهمية قصوى للبحث العلمي المبدع والخالق‪ ،‬القادر على الدفاع‬
‫على حرمة الوطن وأيضا‪ ،‬فتقدم الدولة رهين بمدى اهتمامها بالبحث العلمي‬
‫المتميز في مختلف القطاعات‪ ،‬ما يجعلها قادرة على مواكبة المستجدات‬
‫المتسارعة والتغلب على المشكالت التي قد تواجهها في المستقبل بطرق علمية‬
‫حديثة‪ ،‬لذا وجب تحفيز الباحثين عبر تسهيل كافة اإلجراءات التي يحتاجها البحث‬
‫العلمي وتوفير بيئة محفزة لالبتكار‪ ،‬وكذا توجيه الباحثين لالهتمام بقضايا‬
‫المجتمع المغربي‪.69‬‬
‫أما بالنسبة لمؤسسة والي الجهة‪ ،‬فتبعيته لوزارة الداخلية تؤثر على وظيفته‬
‫ودوره في مجال الالتركيز استنادا إلى الدور التنسيقي الذي يلعبه هذا األخير‪،‬‬
‫والذي يمكنه من فرض نوع من الهيمنة‪ ،‬فيبرز هنا مشكل التقوقع القانوني‬

‫‪ 67‬ليلى طوير حدود تدخالت الجهة والجهوية المتقدمة في تدبير حالة الطوارئ _ ‪ :‬كوفيد ‪ _12‬نموذجا‪ ،‬مجلة الدراسات المتكاملة في االقتصاد‬
‫والقانون والعلوم التقنية واالتصاالت المغرب ‪ 2121‬ص‪11‬‬
‫‪ 68‬ليلى طوير حدود تدخالت الجهة والجهوية المتقدمة في تدبير حالة الطوارئ _ ‪ :‬كوفيد ‪ _12‬نموذجا مرجع سابق ص‪11‬‬
‫‪ 69‬القريش ي عبد الواحد‪" :‬التدبير االستثنائي لنظام الالمركزية الترابية إبان فتر ة الطوارئ"‪ ،‬مجلة مسارات في األبحاث والدراسات القانونية‪،‬‬
‫‪.102‬ص‪11، 2121 ،‬‬
‫والواقعي لبعض الوزارات على حساب المصالح الالممركزة والتي تتأثر بنوعين‬
‫من التدخالت والتعليمات األولى من طرف الوزير الوصي‪ ،‬والثانية من طرف‬
‫وزارة الداخلية ممثلة في مؤسسة الوالي‪ ،‬ما ينتج عنه تعارض في التوجيهات‪،‬‬
‫فبحسب عدد من المختصين بتحليل السياسات العمومية تم االجماع على أنه قد‬
‫حان الوقت لتغيير التبعية وفتح نقاش حول إمكانية تبعية الوالي أو العامل لرئيس‬
‫الحكومة‪ ،‬من أجل إضفاء الواقعية لدور الوالة والعمال في تمثيل الدولة على‬
‫‪70‬‬
‫المستوى الترابي‪.‬‬

‫مراد أزماني‪" :‬السياسات العمومية في بعدها الترابي وسؤال اإللتقائية"‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واالدارية‪ ،‬مؤلف جماعي‪ ،‬ص‪22‬‬ ‫‪70‬‬
‫خاتمة‬
‫عموما ‪ ،‬فالالتركيز اإلداري و إن كان يشكل انعكاسا لرهانات االصالح اإلداري‬
‫بالمغرب ‪ ،‬خاصة مع وجود تنظيم ترابي ال ممركز ‪ ،‬إعتبارا لما جاء به من مستجدات‬
‫خاصة على مستوى التنسيق و إحداث لجان الحكامة التي تساهم في تفعيل هذا الميثاق سواء‬
‫في العالقة بين اإلدارة المركزية و المصالح الالممركزة ‪ ،‬حيث توجد اللجان الوزارية‬
‫الالتمركز االداري ‪ ،‬الذي تساهم في إسارع من وثيرة إعداد التصاميم المديرية لالتمركز‬
‫اإلداري التي تأخرت بسبب ما عرف المغرب من حالة طوارئ صحية و حجر صحي ‪ ،‬أو‬
‫في إطار عالقة المصالح الالممركزة بالوالة و العمال حيث توجد اللجنة الجهوية للتنسيق و‬
‫الكتابة العامة للشؤون الجهوية ‪ ،‬باإلضافة إلى المراكز الجهوية الستثمار التي أصبحث‬
‫تشكل دعامة لمركز الجهة في توفيرها لمناخ األعمال‪.‬‬
‫في إطار هذه الرهانات المتعلقة بمستجدات نظام الالتمركز بالمغرب ‪ ،‬ال يزال‬
‫غياب المواكبة لنظام الالمركزية ‪ ،‬الذي يعترف للجماعات الترابية باالستقالل المالي و‬
‫اإلداري ‪ ،‬مما يترتب عليه تلقائيا استقاللية في اتخاذ القرار مع وجود سلطة أشراف فقط ‪،‬‬
‫خاصة على المستوى الجهوي و اإلقليمي حيث نجد أن ممثلو السلطة المركزية على‬
‫المستوى المحلي هم من يمارسون أهم االختصاصات على المستوى الجهة أو العماالت أو‬
‫األقاليم ‪ ،‬بينما ممارست مجالس الجماعات الترابية الختصاصات الهامة تحتاج إلى موافقة‬
‫الوالي أو العامل ‪ ،‬حيث أصبحنا نتحدث عن مركزية الالمركزية ‪ ،‬ونقدم في هذا اإلطار‬
‫بعض االقتراحات التي تساهم في تحقيق النتائج الفعالة لسياسة الالتمركز اإلداري ‪:‬‬
‫‪ -‬نقل االختصاص عوض التفويض ‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن نقل االختصاصات ال يعني‬
‫التخلص منها (‪.)transfére les attriobutions n’est pas s’en débarrasser‬‬
‫‪ -‬إلغاء سلطة الرقابة اإلدارية الممارسة من طرف ممثلي السلطة المركزية على المستوى‬
‫المحلي ‪ ،‬لمواكبة تطور نظام الالمركزية بالمغرب ؛‬
‫‪ -‬االهتمام بتحسين عالقة اإلدارة بالمواطن ؛‬
‫‪ -‬تفعيل اإلدارة اإللكترونية و االنفتاح على الوسائل التكنولوجيا الحديثة ‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد آليات الشراكة في تدبير الشأن الترابي‪.‬‬
‫الئحة المراجع‬
‫الكتب‬
‫خالد صديق مؤسسة الوالي و العامل بين سياستي الالتركيز والالمركزية على ضوء‬
‫دستور ‪2111‬و القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬الطبعة ‪2111‬‬
‫الصروخ مليكة ‪ ،‬القانون اإلداري دراسة مقارنة‪ ،‬منشورات مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪122.،‬‬

‫المجالت‬
‫احمد حضراني‪" :‬مكانة العامل ومشروع تعديل قانون التنظيم اإلقليمي"‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع ‪ 22‬الساعة‪ ،‬عدد ‪2111-22‬‬
‫محمد بنيحيى‪ ،‬التنظيم اإلداري المحلي‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية و‬
‫التنمية ‪،‬طبعة الثانية‪211. ،‬‬
‫‪ .‬احمد اجعون‪ ،‬التنظيم اإلداري المغربي بين المركزية و الالمركزية‪ ،‬مطبعة وراقة‬
‫سجلماسة‪ ،‬مكناس طبعة ‪2112 ،‬‬
‫عبد الغني أعبيزة‪ ،‬التجربة الجديدة في مجال إحداث البنيات اإلدارية بالمغرب المجلة‬
‫إلدارية المحلية و التنمية‪ ،‬عدد‪21،2112‬‬
‫بجية العربي ‪ " :‬القوانين التنظيمية الترابية و مبدا التدبير الحر ‪ ،‬مجلة مسالك في الفكر و‬
‫السياسة و االقتصاد ‪ ،‬عدد ‪ ، 22-22‬سنة ‪2111‬‬

‫الرسائل و االطروحات‬
‫فردوس مقدم‪" :‬التركيز اإلداري والتنمية بالمغرب"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المسنة في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد ‪ 11‬المالك السعدي‪ ،‬كلية الحقوق طنجة‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪2111-211.‬‬
‫سعيد الميري‪ ،‬التدبير االقتصادي للجماعات المحلية بالمغرب ‪،‬اطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في القانون العام جامعة محمد الخامس السويسي كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية ‪2112، 2111‬‬
‫مجيدي محمد ‪ ،‬ا لجهة بالمغرب البنية ووسائل العمل دراسة مقارنة ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا في القانون العام جامعة محمد الخامس السويسي كلية العلوم القانونية و‬
‫االقتصادية و االجتماعية ‪1221 1222‬‬
‫بخنوش عبدالكريم‪ ،‬عدم التركيز االداري بين العمالة و االقليم‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة‬
‫المحلية و التنمية سلسلة مواضيع الساعة عدد ‪211. ، 12‬‬
‫مبعوث عبدالواحد‪ ،‬التنمية الجهوية بين عدم التركيز و الالمركزية االدارية‪ ،‬اطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة محمد الخامس اكدال طلية العلوم القانونية و‬
‫االقتصادية و االجتماعية ‪1222 2111‬‬
‫رزوق عادل‪ ،‬الجهوية بالمغرب بين عدم التركيز و الالمركزية االدارية‪ ،‬اطروحة لنيل‬
‫الدكتوراة في القانون العام جامعة عبدالمالك السعدي اكدال كلية العلوم القانوينة و‬
‫االفتصادية و االجتماعية طنجة ‪2111 2112‬‬
‫سمير الصمدي السلطة التنسيقية للعامل و رهان التنمية ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة‪ ,‬جامعة عبد المالك السعدي ‪,‬كلية الحقوق طنجة‪ ,‬السنة الجامعية ‪:‬‬
‫‪.2112/2112‬‬
‫عزيز مفتاح ‪ ،‬الالمركزية من التسيير اإلداري إلى تدبير التنمية ‪ ,‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في الحقوق‪ ,‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و االقتصادية‪ ،‬اكدال‪-‬‬
‫الرباط ‪,‬السنة الجامعية ‪2111،2111‬‬
‫سمير الصمدي ‪ ،‬السلطة التنسيقية للعامل ورهان التنمية ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة‪ ,‬جامعة عبد المالك السعدي كلية الحقوق طنجة‪ ,‬السنة الجامعية ‪،2112 ،‬‬
‫‪2112‬‬
‫هدى قشاش‪ ،‬مساهمة الالتركيز اإلداري في فعالية التدبير العمومي ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الماستر في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و‬
‫االجتماعية‪،‬الرباط ‪،‬السويسي‪.2121-2112،‬‬
‫اإلدريسي مصطفى ‪ ،‬الالتمركز اإلداري في أفق الجهوية المتقدمة ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الم استر في القانون العام ‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي ‪ ،‬كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و‬
‫اإلجتماعية ‪ ،‬طنجة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2112-2112‬‬
‫نوال الهناوي ‪ " :‬التدبير العمومي الجديد " أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬اكدال ‪،‬‬
‫‪.2112- 2112‬‬

‫المقاالت‬
‫الرميشي يوسف‪ ،‬مستجدات القانون ‪ 2.11..12‬المتعلق بالميثاق الوطني للتركيز‬
‫اإلداري‪ ،.‬مقال منشور في مجلة مؤسسة المركز الديمقراطى العربى للدراسات‬
‫اإلستراتيجية واالقتصادية والسياسية ‪.2112‬‬
‫ليلى طوير‪ ،‬حدود تدخالت الجهة و الجهوية المتقدمة في تدبير حالة الطوارئ ‪ :‬كوفيد‬
‫‪ 12‬نموذجا ‪journal of intergrated studies in economics,law,technical ،‬‬
‫‪sciences & communication , vol 1 ,No 1,2021‬‬
‫رشيد السعيد ‪ ،‬الجهوية الموسعة و تطوير مسلسل الالتمركز بالمغرب ‪ ،‬سلسلة‬
‫الالمركزية و اإلدارة المحلية ‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،12-11‬الطبعة الثانية ‪2111 ،‬‬
‫أسية أهرواز‪ ،‬الالتمركز اإلداري ومدى مساهمته في تحقيق الجهوية المتقدمة بالمغرب‬
‫المركز الديمقراطي العربي ‪ 12‬أغسطس ‪2112‬‬
‫عبد الحفيظ إدمينو ‪ :‬التعاقد بين المديريات المركزية و المديريات الجهوية و ترسيخ‬
‫التدبير الالممركز ‪ ،‬المجلة المغربية االدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬عدد ‪121‬‬
‫القريش ي عبد الواحد‪" :‬التدبير االستثنائي لنظام الالمركزية الترابية إبان فتر ة‬
‫الطوارئ"‪ ،‬مجلة مسارات في األبحاث والدراسات القانونية‪2121 ،‬‬
‫مراد أزماني‪" :‬السياسات العمومية في بعدها الترابي وسؤال اإللتقائية"‪ ،‬مجلة المنارة‬
‫للدراسات القانونية واالدارية‪ ،‬مؤلف جماعي‬
‫الفهرس‬
‫مقدمة‪2 ..........................................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي و القانوني ألسلوب الالتركيز اإلداري‪1 ........ :‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية الالتركيز اإلداري وآليات تطبيقه‪1 .......................... :‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلطار المفاهيمي لالتمركز اإلداري‪1 ............................. :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ التفويض كآلية من آليات الالتمركز اإلداري‪1 ...............:‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬اإلطار القانوني لالتركيز اإلداري ‪12 ..............................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬التأطير الدستوري لالتركيز اإلداري‪12 ......................... .‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المراسيم والمواثيق‪12 ................................................. :‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬إكراهات الالتمركز اإلدراي و مداخل تطويره في أفق الجهوية‬
‫المتقدمة ‪21 ................................................................................... .‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬إكراهات الالتمركز اإلداري ‪21 .................................. .‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬اإلكراهات البشرية و المالية ‪21 .................................. .‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلكراهات التنظيمية ‪22 ............................................. .‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬اإلكراهات اإلدارية ‪22 .............................................. .‬‬
‫خاتمة‪22 ........................................................................................‬‬

You might also like