Professional Documents
Culture Documents
عرض ضبط المنافسة وتحرير الأسعار
عرض ضبط المنافسة وتحرير الأسعار
عرض حول:
يفرض الضبط االقتص ادي على الدولة كسلطة عامة ضمان نزاهة وشفافية
الممارسات االقتصادية ،فالدولة تعمل على تنظيم عالقة المتنافسين فيما بينهم وكذا
عالقاتهم بالمستهلكين ،إلى جانب ذلك الدولة ملزمة بضمان مناخ خال من االحتكارات
تظهر أساسا في وضع حد للممارسات التي تهدد وجود المنافسة الحرة في السوق ،والتي
تظهر في شكل اتفاقات أو تعسف في الهيمنة على السوق.
إذا كان غرض الدولة ضبط السوق ،فإن المشرع لم يكتف بسن مجموعة من
القوانين ،لتنظيم عمليات اإلنتاج والتوزيع التي تسمح للدولة كسلطة عامة ،التدخل بصفة
غير مباشرة لضبط النشاط االقتصادي ضمانا للمنافسة الحرة بين األعوان االقتصاديين
وبين المؤسسات ،وضمان الشفافية ونزاهة الممارسات المالية ،بل تعداه إلى إنشاء هيئات
إدارية مستقلة أوكلت لها سلطة الضبط االقتصادي وذلك من أجل تحقيق التوازن في
المنافسة 2 السوق وا لسهر على تطبيق هذه المقتضيات ،ومن بين هذه المؤسسات مجلس
والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها 3والهيئة المغربية لسوق الرساميل
- 1حماش سيلية ،الضوابط القانونية للمنافسة في التشريع الجزائري ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة طاهري محمد بشار – الجزائر ،السنة
الجامعية ،دفاتر السياسة والقانون ،العدد الخامس العاشر ،جوان .2016
- 2ظهير شريف 1.14.117صادر في رمضان 30( 1435يونيو 2014àبتنفيذ القانون رقم 20.13المتعلق بمجلس المنافسة ،ج.ر عدد
6276بتاريخ 26رمضان 24( 1435يوليو ،)2014ص.6095.
- 3ظهير شريف رقم 1.15.65صادر في 21شعبان 1436الموافق ل 9يونيو ،بتنفيذ القانون رقم 113.12المتعلق بالهيئة الوطنية والوقاية من
الرشوة ومحاربتها ،الجريدة الرسمية ،عدد 6374بتاريخ 15رمصان 1436الموافق ل 2يوليو ,2015
2
باعتبارها هيأت متخصصة تتكفل بهذه القضايا وينتظر إعادة النظر في النصوص المنظمة
لها ليتسنى لها القيام بمهامها كاملة.4
تقوم فكرة الضبط االقتصادي على تحقيق نوع من التوازن بين متطلبات السوق،
وتطوراته المستـمرة ،وبين رغبة الدولة في تأطير النشاط االقتصادي ،وهذا ما يتطلب
تراكم عدة وظائف ترجع باألصل إلى األداة الكالسيكية وألجل ممارسة هذه الوظائف البد
من إنشاء هيئات متخصصة تضطلع بممارسة مهام متنوعة تهدف إلى معالجة االختالالت
التي قد تؤثر على استقرار السوق.
يهدف الضبط أيضا إلى الوصول إلى نوع من التأقلم بين واقع السوق وإمكانيات
مختلف المتعاملين في ظل اقتصاد وذلك عن طريق مبادئ محددة قانونا وهذا استدعى
ضرورة إنشاء ما يعرف بسلطات الضبط االقتصادي ،وذلك لعجز الهيئات اإلدارية
التقليدية على التدخل في ضبط المنافسة والسوق بصفة دقيقة وشاملة.
إن الضبط االقتصادي يهدف إلى خلق وضعية توازن في السوق ،فالضبط يعرف
بأنه " المهمة التي يرجى منها إيجاد توازن بين حقوق وواجبات كل طرف ،وذلك بوضع
قواعد المنافسة بينهم ،ومراقبة مدى احترامها.
فإذا كان قانون المنافسة يرمي إلى إزالة الحواجز للدخول في السوق ،فإن قانون
الضبط يراقب السوق قبل الدخول إلي ه وأثناء ممارسة ،فسلطات الضبط تراقب السوق
بصفة دائمة ليس فقط بالنظر إلى قواعد المنافسة ،لكن كذلك مراقبة من يمارس اللعبة.
باعتبار مبدأ حرية التجارة مبدأ يعبر عن الحرية االقتصادية بشكل عام ،يتسع مبدأ
حرية التجارة والصناعة ،ليستوعب العديد من المبادئ التي تحمل مظهرا من مظاهر
الحرية في ممارسة األنشطة االقتصادية .وبصدد دراسة يكون محورها "السوق" ،وتكون
غايتها الوقوف على النظام القانوني لحماية هذه األخيرة ،فإن األمر يستدعي التركيز على
- 4منصور داود ،ا آلليات القانونية لضبط النشاط االقتصادي في الجزائر ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه ال علوم في الحقوق تخصص،
قانون األعمال ،السنة الجامعية ،2016/2015ص .16
3
المبادئ ذات الصلة المباشرة بحركية السوق ،والتي تشكل منطلقا أساسيا لألحكام القانونية
الخاصة بحمايته .وفي هذا اإلطار يبرز مبدأ حرية المنافسة من جهة ومبدأ حرية األسعار
من ناحية ثانية كمبدأين يعبران عن النشاط التنافسي للسوق.
لقد اختار المغرب منذ وقت طويل اقتصاد السوق ،ومن ثم فقد عمل على تشجيع
المبادرة الخاصة ،فإذا كانت الدولة حاضرة بقوة غداة االستقالل في المجاالت االقتصادية
واالجتماعية ،فقد تطور هذا الدور وفسح المجال للمبادرة واالستثمار الخاص مع
استمراره في القيام بوظيفته االستراتيجية المتمثلة في ضبط وسير المؤسسات ضمن
توازن ما بين متطلبات النمو االقتصادي والتماسك االجتماعي.
كما أن المغرب اختار االنفتاح على العالم ،وما توقيعه للعديد من االتفاقيات للتبادل
الحر إلى ترسيخ لهذه االرادة التي تندرج في سياق العولمة وانفتاح االسواق والحد من
التدابير الحمائية ،ولكي تتحقق الفائدة من ذلك ،فإن من الضروري أن يستفيد النمو
االقتصادي من الفرص الجديدة للتصدير واالستثمار الخارجي ،إذ يعتبر تقوية المنافسة
التي يتم إدخالها كحافز لتحسين التنافسية الشاملة للبالد ورافعة لتنمية اقتصادها جوهر
اقتصاد السوق ،فهي مصدر ديناميته وهي في نفس الوقت مسألة معقدة حيث تصطدم من
جهة بحدود اإلطار االقتصادي الذي تكون فاعلة فيه ومن جهة اخرى بالمصالح االقتصادية
والسياسية لنخبة محدودة من المجتمع ،لذا فمن غير الممكن ضبطها فقط بواسطة القوانين
بل يجب احداث هياكل متخصصة ومستقلة تتوفر على المرونة االزمة لتطبيق القانون
والتكيف مع االوضاع الخاصة.5
لقد انخرط المغرب منذ وقت مبكر في هذا االطار ليسهر على احترام مبادئ المنافسة
االقتصادية وتحرير األسواق ،غير أن هذا االطار أبان عن حدوده مما استدعى الشروع
في إصالحها اإلعالن عنه وهكذا فإن دستور 62011قد أشار في الفصل 23إلى أن
الدولة تضمن حرية المبادرة وحر ية المنافسة ،وهي تستند إلى القانون لمعاقبة كل استغالل
- 5شكيب بنموسى ،رئيس المجلس االقتصادي واالجتماعي ،سياسة المنافسة ومكافحة اقتصاد الريع ،طنجة 14-17دجنبر .2011
- 6ظهير شريف رقم 1.11.91الصادر في 27من شعبان 1432الموافق ل 29يوليوز 2011بتنفيذ نص الدستور.
4
للنفوذ أو امتيازات أو شطط في االستفادة من الموقع المهيمن أو االحتكاري وكل
الممارسات االخرى المنافية لمبدأ المنافسة الحرة والشرعية في العالقات االقتصادية،
وكذا كل المخالفات المتعلقة بتضارب المصالح واستغالل جميع أشكال االنحراف.
كما أن المغرب يتوفر على ترسانة قانونية كان الغرض منها ضبط وتقنين وتوجيه
االقتصاد نحو التحرير عن طريق المنافسة الحرة غايته في ذلك مراقبة السوق والحفاظ
7
على توازنه ،ويضم هذا اإلطار القانوني بالدرجة األولى كل من القانون 104-12
المتعلق بحرية األسعار والمنافسة ،والقانون المتعلق بمجلس المنافسة 8وحتى القانون
المتعلق بحماية المستهلك 9وكذا مدونة التجارة.10
ما مدى فعالية تدخل الدولة لضبط وتوجيه السوق نحو المنافسة والحفاظ على
توازنه؟
لبسط هذه اإلشكالية ومناقشة الجوانب المتعلقة بغها وفق منهجية قوامها المقاربة
القانونية يمكن طرح مجموعة من األسئلة كاآلتي:
- 7ظهير شريف رقم 1.14.116صادر في 2رمضان 30( 1435يونيو )2014بتنفيذ القانون 104.12المتعلق بحرية األسعار والمنافسة،
الجريدة الرسمية عدد 6276الصادرة ب بتاريخ 26رمضان 24( 1435يوليو ،2014ص.6077.
- 8ظهير شريف رقم 1.14.117صادر في 2رمضان 30( 1435يونيو )2014بتنفيذ القانون 20.13المتعلق بمجلس المنافسة ،جريدة
الرسمية عدد 26 – 6276رمضان 24( 1435يوليو .)2014
- 9ظهير شريف رقم 1.11.03صادر في 14من ربيع األول 18( 1432فبراير )2011بتنفيذ القانون رقم 31.08القاضي بتحديد تدابير
لحماية المستهلك ،الجريدة الرسمية عدد بتاريخ 3جمادى األولى 7( 1432أبريل ،)2011ص.1072 .
- 10ظهير شريف رقم 147..1.11صادر في 16من رمضان 17( 1432أغسطس )2011بتنفيذ القانون رقم 32.10المتمم بموجبه القانون
رقم 15.95المتعلق بمدونة التجارة كما تم تغييره وتتميمه ،الجريدة الرسمية عدد 8 – 5984ذو القعدة 6( 1432أكتوبر .2011
5
◆ ما هي االستثناءات الواردة على حرية االسعار؟
6
المبحث األول :الضبط التنافسي للسوق
من المعلوم أن القاعدة القانونية ال تنطلق من فراغ ،بل تأتي استجابة لواقع معين
وتحقيقا لغايات محددة ،وحتى تحقق هذه القاعدة األهداف المرجوة منها ينبغي أن يراعى
عند وضعها ضرورة استنادها ضمن مجال واسع يسمح باستيعاب كل الوضعيات
المحتملة.
إن وضع التشريع المتعلق بالمنافسة ،قد كان على إثر انتهاج حرية التجارة
والصناعة ،والتي تعد حرية المنافسة جزءا ال يتجزأ منها ،ذلك أن تعدد القائمين بالنشاط
االقتصادي الواحد من شأنه أن يسفر عن جنوح المنافسة عن مسارها الطبيعي والمشروع،
وتب عا لذلك ،فإن ممارسة الحرية االقتصادية البد أن تخضع لضوابط معينة
7
ولقد حاولت النظريات االقتصادية المتعاقبة التأسيس لفكرة المنافسة الحرة شيئا فشيئا
أصبح ينظر إليها كنظام اقتصادي ،يجسده مبدأ حرية المنافسة ،ويرتبط بمبدأ حرية التجارة
والصناعة ،وهو األمر الذي أدى إلى أن مضمون مبدأ حرية المنافسة ،ال ينظر إليه من
خالل بعده اإليجابي فحسب أي من ناحية كونه الضوء األخضر لحرية التنافس ،ولكن
أيضا من خالل بعده السلبي ،الذي تعكسه مختلف الضوابط التي تحكم هذا المبدأ ،والذي
يصبح بحد ذاته بعدا إيجابيا تحت تأثير مقولة أن "المنافسة تقتل المنافسة".11
ويقوم نموذج سوق "المنافسة التامة" على جملة من الشروط ،تتمثل فيما يلي:
-1التعدد في جانبي العرض والطلب ،أي وجود عدد كبير من المتدخلين والمستهلكين
في السوق؛
-5توفر جميع المعلومات المطلوبة حول السلعة وسعرها وطريقة إنتاجها والتكاليف
المرتبطة بها؛
- 11إلهام بوحاليس ،الحماية القانونية للسوق في ظل قواعد المنافسة ،أطروحة لنيل شهادة دكتوراه علوم في القانون ،تخصص قانون األعمال،
كلية الحقوق ،جامعة اإلخوة منتوري -قسنطينة -السنة الجامعية ،2017-2016 ،ص.28.
- 12محمد المرغدي ،المنافسة (أبعادها االقتصادية والقانونية) ،الجزء األول ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية (،)REMALD
الطبعة األولى المغرب ،2014 ،العدد ،85ص.20.
8
-6حرية انتقال اإلنتاج من إنتاج سلعة إلى إنتاج أخرى.13
غير أن نظام المنافسة التامة ،قد القى نقدا شديد ،ليس على أساس طبيعته المثالية،
وغير الواقعية فحسب ،بل لما يحمله أيضا من تناقضات ،إذ قذ ينقلب من نظام ناجح
للمنافسة إلى احتمال غياب كلي ألي نشاط تنافسي فعال ،فعلى سبيل المثال ،فإن سعر
التوازن المطبق في هذا النظام من شأنه أن يؤدي إلى غياب هامش الربح لدى المؤسسات،
وقد ينتهي االمر الى اإلفالس.15
على اثر االنتقادات الموجهة الى نظرية المنافسة الكاملة ،تم الترويج لنظام المنافسة
غير التامة أو غير المكتملة باعتبارها نمودجا وسطا بين المنافسة التامة والمنافسة
االحتكارية.
9
وفي هذا اإلطار ،فإن مكانة مبدأ حرية المنافسة ترتبط ارتباطا وثيقا بطريقة النظر
إلى المنافسة الحرة ،وفيما إذا كانت هذه األخيرة وسيلة أم غاية في حد ذاتها ،حيث يظهر
اتجاهان ،بهذا الخصوص ،أحدهما يعتبر المنافسة غاية ،واآلخر ينظر إليها على أنها
وسيلة ضمن وسائل أخرى لتحقيق غايات أسمى.
إن اعتبار المنافسة غاية في حد ذاتها هو بعد تظهر فيه "غلبة الشحنة السياسية
واإليديولوجية ،وتظهر فيه المنافسة "عقيدة" البد من االنصياع لها وتمجيد النتصار
عالمي للنظام الرأسمالي".16
أما بخصوص البعد الثاني ،فهو الذي يجعل من المنافسة الحرة نظاما اقتصاديا،
يضمن إرساؤه النجاعة االقتصادية ورفاهية المستهلكين .ويظهر هذا المفهوم على مستوى
التشريعي األوروبي والفرنسي للمنافسة ،حيث يتم النظر إلى المنافسة على أنها وسيلة
لتحقيق الفعالية االقتصادية وتحسين معيشة المستهلكين ،هذا االتجاه يقود إلى ضرورة
ارتباط سياسة المنافسة بالسياسة الصناعية والتكنولوجية ،وحتى االجتماعية.17
ولقد أفصحت عن هذا االتجاه العديد من المواقف للهيئات األوروبية ،حيث وفي
تقريرها السنوي لسنة 1991عبرت اللجنة األوربية عن أهداف المنافسة ،حيث أعتبرتها
العامل األساسي لالبتكار ولترقية اإلنتاجية ،معتبرة أن المنافسة توجد في قاعدة السياسات
الموجهة للنمو االق تصادي وتحقيق الرفاهية ،وأن المنافسة ال تهدف فقط إلى إلى إنتاجية
جيدة ولكنها تسمح للمستهلك بالحصول على جزء عادل من هذه الزيادة.18
إن غاية قانون المنافسة في تحقيق الفعالية االقتصادية تنطلق من حماية السوق،
فتصبح هذه الحماية هدفا لقانون المنافسة ،يراد من خالله تحقيق غاية أكبر هي الفعالية
- 16ولقد ساد هذا المفهوم في و.م.أ مع القوانين المضادة لالحتكار ،والتي صدرت تحت تأثيرات سياسية واجتماعية تتلخص في إيجاد جملة من
السلطات المضادة التي تحول دون التسلط والتعسف الذي يمكن أن ينتج عن ممارسة السلطات المشروعة وحماية الحقوق األساسية للمواطن،
وعلى رأسها حقه في ممارسة النشاط االقتصادي ،ويمكن ن نالحظ ذلك من خالل تحفظ قانون األنتيترست األمريكي بخصوص إيراد استثناءات
بشأن االتفاقات المنافية للمنافسة واالتجاه نحو حضرها ابتداء دون دراسة آثارها المحتملة على السوق.
راجع محمد المرغدي ،مرجع سابق ،ص.21.
10
االقتصادية ،فالسوق ليست بالحالة العفوية الطبيعية ،بل هي حالة عابرة بإمكانها أن
تختفي ،وهو ما يبرر ضرورة حمايتها تحت طائلة االنغالق على نفسها وبالتالي االتجاه
نحو االحتكار التام أو احتكار القلة ،وبالتالي اختفائها.19
وفي هذا السياق ذهب التشريع المغربي إلى اعتبار المنافسة الحرة وسيلة وليست
غاية ،وذلك بصفة صريحة من خالل المادة الثانية من القانون المتعلق بحرية األسعار
والمنافسة والتي جاء فيها " .....تحدد أسعار السلع والمنتوجات والخدمات عن طريق
المنافسة الحرة.20"...
فحسب النص السا بق ،يكون المشرع قد حدد غايتين لقانون المنافسة وهما الفعالية
االقتصادية وتحسين معيشة المستهلك ،وطالما وجد تكامل بين هاتين الغايتين ،فتحقيق
الفعالية االقتصادية يصب في مصلحة المستهلك ،باعتباره المستفيد النهائي من أي تطور
اقتصادي.
المطلب الثاني :المتدخلون في ضبط المنافسة االقتصادية بالمغرب
إن المصطلحات األكثر شيوعا واستعماال من طرف المشرع لتحديد مهام السلطات
اإلدارية المستقلة المكلفة بضبط السوق هي السهر ،اإلشراف ،الرقابة ،هذا يدل على أن
هناك قاسم مشترك بين هذه المهام وهي رقابة احترام وتطبيق القواعد القانونية بمختلف
أنواعها في القطاعات وضمان حقوق مختلف المعنيين بها ،كما وصفهم أحد الفقهاء
بمستعملي القطاع من متدخلين ومتعاملين أيا كانت صفاتهم أفرادا أو مؤسسات أو شركات،
وذلك يتم في إطار وظيفة هذه الهيئات وهي الضبط بمعناه الذي يميز تدخالت هذه األخيرة
ويضم كل المهام السابقة.21
من خالل هذا المطلب سنحاول التطرق إلى كافة المتدخلين في ضبط المنافسة في
األسواق على مستوى التجربة المغربية علما أن مجلس المنافسة يمارس مجموعة من
11
الصالحيات على مستوى كافة األسواق (فقرة أولى) ،بينما هناك مجموعة أخرى من
الهيئات اإلدارية المستقلة تمارس اختصاصاتها كل حسب المجال المسند لها (فقرة ثانية).
من خالل استقراء القانون 20.13يتبن أن لمجلس المنافسة دور أساسي في ضبط
المنافسة في السوق من خالل تمتعه بسلطة تقريرية في ميدان محاربة الممارسات المنافية
لقواعد المنافسة ومراقبة عمليات التركيز االقتصادي كما هي معرفة في القانون المتعلق
بحرية األسعار والمنافسة ،كما يكلف كذلك بإبداء أرائه بشأن طلبات االستشارة وإصدار
كما يمكنه كذلك توجيه توصيات 23
دراسات بشأن المناخ العام للمنافسة قطاعيا ووطنيا
إلى اإلدارة لتفعيل التدابير الالزمة لتحسين السير التنافسي لألسواق.24
- 22ظهير شريف رقم 1.14.117صادر في 2رمضان 30( 1435يونيو )2014بتنفيذ القانون رقم 20.13المتعلق بمجلس المنافسة ،ج.ر عدد
26 – 6276رمضان 24( 1435يوليو .)2014
- 23المادة الثانية من القانون 20.13المتعلق بمجلس المنافسة.
- 24المادة الرابعة من القانون 20.13المتعلق بمجلس المنافسة.
12
بالسهر على ضبط المنافسة واألسعار في السوق المالية (أوال) ،ونجد كذلك بنك المغرب
ب اعتباره الساهر على مراقبة السوق النقدية واإلشراف كذلك على السوق االئتمانية (ثانيا).
تعتبر الهيئة الم غربية لسوق الرساميل سلطة مكلفة بمراقبة السوق المالي ،وتتمثل
مهمتها األساسية في حماية االدخار المستثمر في القيم المنقولة من خالل مراقبة مدى
احترام المقتضيات القانونية والتنظيمية التي يخضع لها السوق المالي .وقد تم تعيين الهيئة
المغربية لسوق الرساميل كسلطة اشراف ومراقبة تجاه األشخاص الخاضعين الذين
يعملون في مجال اختصاصها بموجب المادة 13-1من قانون مكافحة غسل األموال،25
وبناء عليه تتولى هذه الهيئة مهام رقابية تتجلى في مراقبة الفاعلين في سوق الرساميل
وكذا مراقبة المعلومات المنشورة من قبل المصدرين ،باإلضافة إلى المهام الحمائية
المتمثلة في حماية االدخار وذا تدبير المخاطر
وبدوره يرتبط مبدأ حرية المنافسة بمبدأ آخر هو مبدأ حرية األسعار.
- 25ظهير شريف رقم 1.07.79صادر في 28من ربيع األول 17( 1428أبريل )2007بتنفيذ القانون رقم 43.05المتعلق بمكافحة غسل
األموال ،الجريدة الرسمية عدد 5522بتاريخ 14ربيع اآلخر 3(1428ماي ،)2007ص.1359.
- 26أحمد آيت الطالب ،التنظيم القانوني للسوق المالي المغربي (البنيات والفاعلون) – دراسة قانونية استشرافية لهيكلة السوق المالي والتدخالت
الفاعلين فيه على ضوء آخر اإلصالحات ،الطبعة األولى 2006مطبعة المعارف الجديدة – الرباط – ،2006ص.20.
13
المبحث الثاني :األسعار بين التحرير والضبط
يرتبط مبدأ حرية األسعار بمبدأ حرية المنافسة ،ارتباطا وثيقا ،فال يمكن الحديث
عن حرية المنافسة في غياب حرية األسعار ،كما يعد متفرعا عن مبدأ حرية التجارة
والصناعة ،إذ ال يمكن الحديث عن اقتصاد حر في ظل نظام أسعار منظمة.
ويقصد بحرية األسعار ،عدم تدخل الدولة لتحديد أسعار السلع والخدمات بصفة
إدارية ،وترك األسعار حرة ،أي خاضعة لألليات الطبيعية للعرض والطلب.
وعلى صعيد السوق تعتبر األسعار أحد أهم العناصر المحددة للصراع التنافسي
فيها ،بحيث تعتبر المنافسة باألسعار أحد أهم العناصر في اقتصاد السوق ،من حيث كونها
27
تدفع المتعاملين االقتصاديين الى االستغالل األمثل للموارد المسخرة بأقل تكلفة ممكنة
أما عن كون مبدأ حرية األسعار أحد منطلقات الحماية القانونية للسوق ،فذلك ألن
آلية السعر ،كما يمكن أن تكون وسيلة تنافسية إيجابية ،تحفز المؤسسات في سبيل بذل
أقصى جهودها من أجل تحقيق أعلى المبيعات في السوق المعنية ،وهو ما يعود بالفائدة
على الفعالية االقتصادية وعلى المستهلك ،فإنه يمكن أن تتحول إلى وسيلة تنافسية سلبية،
تظهر في شكل ممارسات منافية للمنافسة ،وتأخد السمة الغالبة فيها شكل اتفاقات تحديد
األسعار ،أو تعسف في وضعية هيمنة مما يتطلب تدخل الدولة لوضع مجموعة من
االستثناءات قصد ضبط األسعار وتوجيهها نحو اإلطار التنافسي
- 27محمد يتورسي ،الضوابط القانونية للحرية التنافسية في الجزائر ،دار هومة ،الجزائر ،2013 ،ص.105.
14
يعتمد مبدأ حرية األسعار الذي يعتبر ضمن مبادئ حرية التجارة والصناعة ،لكن في
مقابل ذلك يعتمد على هامش تدخل الدولة لموازنة السوق ،من خالل التقنين والضبط.
كانت الدولة تهيمن على مختلف الجوانب المتعلقة بسير االقتصاد الوطني ،وتعمل
بواسطة مختلف أجهزتها على التحكم في كل ما يتعلق باألسواق الوطنية ،هادفة إلى حماية
القدرة الشرائية للمستهلك عن طريق دعم المواد األساسية ،لكن المستجدات والظروف
الدولية دفعت المغرب التخلي عن سياسة الرقابة والتوجيه االقتصادي والتوجه نحو
الليبرالية االقتصادية ،هذا لم يكن بمحض قناعة المشرع المغربي إذ أصبح العالم قرية
صغيرة تتكسر داخل كل الحدود الجغرافية للتداخل المصالح وتتشابك االقتصاديات
وبالتالي يبرز دول التشريع المغربي الفعال المواكب للتطورات وفتح أبواب االقتصاد
الوطني في وجه المؤسسات والشركات األجنبية ،كل هذا جعل المشرع يعدل قانون أول
قانون للمنافسة وتحرير األسواق بالمملكة المغربية 06-99بالقانون 104-12سنة.2014
وقد شملت عملية تقنين األسعار ما يعادل 172فئة من الخدمات والمواد تهم عدة
قطاعات اقتصادية .وكانت مجموعة من هذه المواد تستفيد من دعم الحكومة ونذكر على
سبيل المثال الحليب ومشتقاته ،المواد الغذائية كالسكر والزيت والدقيق....
- 28السعر لغة هو القدر الذي يقوم عليه الثمن ،ويجب التنبيه إلى الفرق بين السعر والثمن ،فالسعر هو ما تقع عليه المبايعة بين المتعاقدين ،أو هو
ما يكون نتيجة المساومة بينهم ،أو هو القدر الذي يستحق في مقابل المبيع ،لذلك الذي يوصف بالغالء أو الرخص هو السعر وليس الثمن .أنظر في
ذلك هباش عمران ،مبدأ حرية األسعار ،مذكرة مكملة لمقتضيات نيل شهادة الماستر في القانون ،تخصص قانون األعمال ،جامعة لمسيلة ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية .2014-2013ص.7.
- 29القانون رقم 008.71الصادر في 21من شعبان 12( 1391أكتوبر )1971المتعلق بتنظيم األسعار ومراقبتها وشروط حيازة البضائع
والمنتوجات وبيعها ،كما وقع تغييره وتتميمه.
15
عرفت سياسة األسعار ابتداء من سنة 1982تحوال ملموسا في أهم أسسها .ويندرج
هذا التحول في إطار التوجه الحكومي الجديد آنذاك والذي يصب في تقليص التدخل
المباشر للدولة في االقتصاد الوطني وذلك من أجل التصدي لبعض اإلكراهات الخارجية
التي كان يعرفها المغرب خالل فترة الثمانينيات والتي تزامنت مع مجموعة من الختالالت
الهيكلية.
وقد ترجمت السياسة الجديدة للحكومة أنداك من خالل التراجع التدريجي عن تقنين
األسعار وفتح االقتصاد الوطني عن طريق تحرير التجارة الخارجية وتشجيع الصادرات.
تعتبر الخدمات والمواد التي تم االحتفاظ بها إما ذات طابع استراتيجي أو اجتماعي
أو تغيب شروط المنافسة في تحديد أسعارها.
تعتبر حرية االسعار المبدأ االساسي القتصاد السوق .حيث تلعب دورا أساسيا في
وضع قواعد وآ ليات المنافسة الشريفة في السوق .ويعتبر الثمن المحدد من طرف السوق
والذي ينتج عن التوازن بين العرض والطلب الثمن األمثل الذي يحقق التوزيع المتوازن
للموارد في سوق معين.
حاليا تكرس المادة 2من القانون 104.12المتعلق بحرية االسعار والمنافسة مبدا
حرية اسعار السلع والمنتوجات والخدمات اعتمادا على العرض والطلب .إال انه يحق
لإلدارة التدخل من اجل تحديد أسعار بعض السلع والمنتوجات والخدمات في الحاالت
التالية:
- 30ظهير شريف رقم 1.00.225صادر في 2ربيع األول 5( 1421يونيو )2000بتنفيذ القانون رقم 06.99المتعلق بحرية األسعار
والمنافسة ،الجريدة الرسمية عدد 4810بتاريخ ،06/07/2000ص.1914
16
-صعوبات في التموين؛
-مقتضيات قانونية او تنظيمية.31
في هذا اإلطار يمكن الحديث عن كل من قطاع الشؤون العامة والحكامة (أوال)
ولجنة األسعار المشتركة بين الوزارات (ثانيا).
تتوفر مديرية األسعار والمنافسة المنتمية لقطاع الشؤون العامة والحكامة والتي
أصبحت منضوية تحت لواء وزارة االقتصاد والما على نظام لليقظة فيما يخص األسعار،
هذا النظام يعمل على تتبع تطور األسعار في األسواق العالمية وكذلك في األسواق
الوطنية.
تحرص مصالح المديرية على مواكبة ومتابعة التطور العادي لألسعار حيت تقوم
بتتبع:
- 31يتم تحديد قائمة الخدمات واألسعار الخاضعة للتقنين بقرار ر قم 3086.14للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة الصادر بتاريخ 29دجنبر
2014وتشمل قائمة السلع والمنتوجات والخدمات التي يمكن تحديد أسعارها كما يلي:
▪ الدقيق الوطني للقمح اللين
▪ السكر
▪ التبغ المصنع
▪ الكهرباء
▪ الماء الصالح للشرب
▪ التطهير السائل
▪ غاز البوطان
▪ النقل المسافرين عبر الطرق
▪ المنتجات الصيدلية
▪ االعمال والخدمات الطبية في القطاع الطبي الخاص
▪ االعمال المنجزة من طرف القوابل والممرضين والممرضات في القطاع الخاص
▪ الكتب المدرسية
▪ عقود المفوضين القضائيين
▪ العقود العبرية
▪ أتعاب الموثقين
▪ النقل الحضري لألشخاص بواسطة الحافالت
▪ النقل بواسطة سيارات األجرة من الصنفين األول والثاني
▪ النقل المزدوج لألشخاص
▪ االعالنات القانونية واالدارية والقضائي
17
-أسعار بعض المواد كالسكر والقمح في السوق العالمية؛
-أسعار المواد األكثر استهالكا في األسواق الوطنية؛
-أسعار المواد المقننة؛
-أسعار المواد المصادق عليها.
تعمل مصالح الم ديرية على تتبع مختلف التقارير والدراسات المنجزة في هذا
الخصوص.
يعهد إلى هذه اللجنة الوزارية لتتبع وضعية تموين األسواق وتطور األسعار
وعمليات المراقبة السهر على حالة األسواق الوطنية فيما يخص:
• التموين؛
• األسعار؛
• المراقبة التي تخص األسعار والجودة.
18
-المكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية.32
وتجدر اإلشارة على أن هذه اللجنة لعبت دور محوري في إطار التدابير
االحترازية لحماية االقتصاد الوطني والمواطنين من انعكاسات وباء كورونا المستجد
"كوفيد "19من خالل عقد عدة اجتماعات تحت رئاسة قطاع الشؤون العامة والحكامة
وذلك مرتين في األسبوع على األقل من أجل الوقوف على وضعية التموين ومراقبة
األسعار عبر إصدار عدة بالغات وإعالنات بحماية السوق من االحتكار.33
إذا كان المبـدأ العام المعمول به هو حريـة األسـعار ،فان أن المشـرع سمح للدولـة بالتدخل
لتحديد األسـعار كاستثـناء .ويتـأسس تدخل الدولة لتحديد األسعـار كاستـثناء على أسبـاب ارتأينا
إلى تقـسيمها إلى :أسباب بـنيويـة وأخرى ظرفـية وهذا ما سـنحاول تبـيانه من خالل التـطرق إلى
كل اسـتثناء على حدة.
19
الفقرة األولى :االستثناءات البنيوية
يمكن فيما يتعلق بالقطاعات أو المناطق الجغـرافية التي تكون فيها المنـافسة باألسعار
محدودة إما بسبب حاالت احتكار قانونـي أو فعلي وإما بفعل صعوبات دائمة في التموين؛ وإما
نتيجة أحكام تشريعـية أو تنظيمـية؛ أن تحدد اإلدارة األسعار بعد استشارة مجلس المنافسة.
فمن خالل قراءة المادة الثالثة من قانون حرية األسعار والمـنافسـة يتبين أن اإلدارة لها
الحق في التدخل لتحديد األسعار وذلك بعد استشارة مجلس المنـافسة ،وهذا التدخـل يتجسد في
حالتين:
االحتكار قد يعود إلى أسباب منها تولـي مشروع ما تقديم خدمة حصـل على امتياز تقديمها
وفقا للقانون (الماء الصالح للشـرب ،الكهرباء ،السكك الحديديـة ،)....كما قد يمكن لإلدارة
اتخاذ تدابير استثنائـية في حالة وجود صعوبات مزمنة في التموين داخل قطاع معين أو في
منطقة جغـرافية معينة.
يدخل أيضا ضمن قائمة االستثناءات المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون حرية
األسعار والمنافسـة ،المواد والخدمات التي تستدعي نصـوص قانونية أو تنظيـمية تقديمها أو
بيعها لفئة محدودة من المسـتهلكين وذلك اعتـبا ار لطبيـعة هذه المواد أو الخدمة ،ويدخل ضمنها
كل المواد والخدمات التي تدعمها الدولة ،والمواد الصيدلية ،وقطاعات النقل العمومي باإلضافة
إلى بعض القطــاعات األخرى.
غير أن هذا ال يكفي وحده لجعل اإلدارة تتدخل من أجل تحديد األسعار وإنما استوجب
المشرع على هذه األخيـرة بضرورة استشارة مجلس المنافسة ،كما أنه ال يجب أن تزيد مدة
تطبيق التدابير المتخذة من طرف اإلدارة لتحديد األسعار على ستة أشهر قابلة للتمديد مرة
واحدة وذلك طبقا لما نصت عليه المادة 4من قانون حرية األسعار والمنافسة
20
الفقرة الثانية :االستثناءات الظرفـيـة
إن اإلدارة لها حق التدخل في حالة الظرفية المفرطة ويتبين هذا التدخل أساسا في الحاالت
التالية
فطبقا لما نصت عليه المادة 4من قانون حرية األسعار والمنـافسة فإنه في حالة حدوث
ظروف استثنائية ترتب عنها ارتفاع أو انخفاض فاحش في األسـعار فإن هذا يخول لإلدارة
الحق في اتخاذ تدابير أو اجراءات مؤقتة بقصد تجاوز هذه الظرفية االستثنائية ،وقد تحدث
هذه األخيرة بفعل أسباب خارجية ومنها على سبيل المثال ال الحصر أزمة التموين الحاصلة
في مادة البتـرول أو قد تكون بفعل أسباب وطـنية داخلية غير متوقعة كاشـتداد حدة الجفاف
بسبب ندرة المياه أو حدوث فيضانات غير منتظ ـرة.
كما قد يحدث الظـرف االستثنائي بسبب حدوث اضطراب في التـموين ،ومن قبيـل هذا
األزمات التي تـعرف السـوق دوريـا بسبب ندرة مادة السـكر أو الدقيـق.....
يتوجب على اإلدارة في ظـل حدوث انخفاض أو ارتفاع فاحش في األسعار أن تتدخل
بسبب عدم توازن قواعد المنافسـة ،إذ يستوجب على اإلدارة اتخاذ تدابيـر استعجالية ،ويبقى
تدخل اإلدارة قصد تصحيح الوضعية محاطا بمجموعة من القيود حيث اشترط المشرع لكي
تتدخل اإلدارة قصد تصحـيح الوضعية أن يكون هناك ارتفاع أو انخفاض فاحش في األسعار،
وهنـا نجد غياب أي سند أو معيار مرجعي يمكن االستناد إليه في هذا التـحديد.
كمـا اشترط المشرع من أجل تدخل اإلدارة في تـحديد األسعار أن تتوفر أسباب محددة قد
يتبين لنا ظاهريا أنها واردة على سبيل الحصر في النص ولكنها حقيقة األمر فهي عكس ذلك
فهي تترك لإلدارة مجاال واسـعا للتدخل ،بحيث أنـه إذا لم يكن من أجل مواجهة الكوارث العامة
فإنه يكـون في ظـل الظروف االستثنــائية.
21
كما اشترط المشرع أيضا في تدخـل اإلدارة من أجـل تحديد األسعار بضرورة استشارة مجلس
المنافـسة من قبل اإلدارة وذلك طبقـا لما نصت عليه المادة الرابعة من قانون حرية األسعار
والمنافسة.
كما تجدر اإلشارة أيضا أن تدخل اإلدارة في الظـروف االستثنائية وبقصد اتخاذ التدابيـر
الالزمة يكون تدخال مؤقـتا بحيث ال يجب أن تتجاوز مدة تطبيق التـدابير المتخذة من قبل
اإلدارة سـتة أشـهر قابلة للتجديد مرة واحــدة
•ج -تحديد األسـعار بناءا عـلى توافق اإلدارة ممثلة الدولة مع ممثلي المنظمات المهنية
المعنية
فإذا كانـت اإلدارة لها الحق في التدخل في تحديد األسعـار وذلك بناءا على ما هو منصوص
عليه في المادتين الثـالثة وال اربـعة من قانون حريـة األسعار والمنافسة السالفتين الذكر ،فإن
المادة الخامسة تعطي لإلدارة نفس الحـق ،غير أن هذه األخيرة ال يمكن لها أن تقوم بالتدخل
بدون أن يكون هـناك حل توافقـي لإلدارة مع ممثلي المنظمـات المهنية المعنية في حالة تقديم
هذه األخيـرة لطلب أو مسعى لإلدارة وذلك طبقا لما جاء في المادة الخامسة من قانون حرية
األسعار والمنافسة ،حيث يجتمع ممـثلو المنظمات المهنـية المعنية ،لكن يمكن في بعض
األحيـان أن تنفرد اإلدارة بالحق في التدخل إذا اتضح لها أن ممثلي مهني القطاع قد قاموا
بتـجاوز وخرق االتفاق محل المصـادقة ،وبالتالي فإن اإلدارة يمـكن أن تنفرد بالحق في تحديد
األسـعار المعنـية
إال أن التسـاؤل المطروح هنا ،ماهي اإلجراءات التي تتبعـها اإلدارة للتدخل في مجال
تحديد األسـعار؟
إن اإلدارة ملزمة باسـتشارة مجلس المنـافسة وهذا األخير يجب أن يدلي برأيه داخل أجل
أقصاه شهرين ،غير أن هذا األجل يمكن أن يخفض إلـى شهر واحــد كما قد يمكن أيضا أن
ينخفض في حاالت استثنائية التي تستوجـب اتخاذ إجراءات استعجالية.
22
ويتم تحديد أسـعار السلع والمنتـوجات والخدمات بقرار من الوزيـر األول أو السلطة الحكومية
المفوضة من لدنه وذلك بعد استـشارة مجلس المنافسة واستـطالع رأي لجنة األسعار المشتركة
بين الو ازرات ،ويجـوز للوزير األول أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه لهذا الغرض القيام
بتكـليف موظ ِـفـين من قطاعات و ازريـة مختلفة من بينـهم أعوان هيئة مراقبي األسعـار بالقيام
بكل الد ارسـات واألبحاث التي تمكن من حصر العناصـر التي يرتكـز عليها تحديـد األسعـار.
23
24
خاتمة
يع ــد تفعي ــل مب ــدأ حري ــة المنافس ــة وتحرير االسواق أب ــرز رك ــائز اقتص ــاد الس ــوق،
حي ــث ح ــرص المش ــرع المغربي علــى ســن تش ـريعات وت ــوفير آليــات مناســبة تتــولى التس ــيير
الجيــد للمنافســة فــي الس ــوق والعم ــل عل ــى ض ـ ـبطها وتنظيمه ــا ،حي ــث تتن ــوع اآللي ــات القانوني ــة
الكفيل ــة بحماي ــة المنافس ــة ،ب ــين موض ــوعية تتمث ــل أساس ــا ف ــي حظ ــر الممارس ــات الت ــي تتن ــافى
م ــع المنافس ــة الحـ ـرة م ــن خ ــالل حظ ــر التواطـ ــؤ والتعسـ ــف فـ ــي اسـ ــتعمال القـ ــوة االقتصـ ــادية،
والبيـ ــع بأسـ ــعار مخفضـ ــة تعسـ ــفيا وأخي ـ ـ ار إخضاع التجمعات االقتصادية للرقابة ،ال ــى جان ــب
ه ــذه اآللي ــات الموض ــوعية هن ــاك آلي ــات مؤسس ــاتية ،تس ــهر عل ــى الس ــير الحس ــن للســوق
والــردع عنــد خــرق القواعــد الموضــوعية ،تتمثــل هــذه اآلليــات فــي الهيئــات االداريــة المســتقلة،
التــي أوكلــت لهــا مهمــة التــدخل مــن أجــل ضــبط وتنظــيم النشــاط داخــل الســوق ،يوجــد علــى
رأس تل ــك الهيئ ــات مجل ــس المنافس ــة ال ــذي أعتب ــر الخبيـ ــر الع ــام بمس ــائل المنافس ــة ،فه ــو
يعن ــى بحماي ــة المنافس ــة ف ــي جمي ــع القطاع ــات االقتص ــادية ،ال ــى جانب ــه انش ــئت مجموع ــة
م ــن س ــلطات الض ــبط القطاعي ــة ،الت ــي وزع ــت عل ــى قطاع ــات مختلف ــة م ــن النش ــاط
االقتص ــادي.
صفوة القول أن تدخل الدولة في المجال االقتصادي ال يزال وازعا نظ ار لتعدد الحاالت
المسموح فيها خاصة مع غياب احترام شروط المنافسة االقتصادية الشريفة ،وهذا إن دل على
شيء إنما يدل على حرص المشرع على احاطة المنافسة واألسعار بكامل الضمانات القانونية
الكفيلة بحمايتها من أي تعسف يمكن أن يؤثر سلبا من على فعالية الحركية التجارية ،وعليه
فإن أقصى ما يمكن قبوله بهذا الصدد هو أن التدخل االستثنائي وسيلة في يد الدولة لضبط
السوق حفاظا على النظام العام االقتصادي إلى جانب ضمان االستقرار االجتماعي وتحسين
معيشة المستهلكين تجنبا للتعسفات القائمة فيه ودحضا للعوامل المعرقلة للحركة العادية في
السوق.
25
الئحة المراجع
الكتب
◆ أحمد آيت الطالب ،التنظيم القانوني للسوق المالي المغربي (البنيات والفاعلون) –
دراسة قانونية استشرافية لهيكلة السوق المالي والتدخالت الفاعلين فيه على ضوء
آخر اإلصالحات ،الطبعة األولى 2006مطبعة المعارف الجديدة – الرباط –
.2006
◆ محمد يتورسي ،الضوابط القانونية للحرية التنافسية في الجزائر ،دار هومة ،الجزائر،
.2013
األطروحات والرسائل
◆ إلهام بوحاليس ،الحماية القانونية للسوق في ظل قواعد المنافسة ،أطروحة لنيل شهادة
دكتوراه علوم في القانون ،تخصص قانون األعمال ،كلية الحقوق ،جامعة اإلخوة منتوري
-قسنطينة -السنة الجامعية.2017-2016 ،
◆ حماش سيلية ،الضوابط القانونية للمنافسة في التشريع الجزائري ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،جامعة طاهري محمد بشار – الجزائر ،السنة الجامعية ،دفاتر السياسة
والقانون ،العدد الخامس العاشر ،جوان .2016
◆ منصور داود ،ا آلليات القانونية لضبط النشاط االقتصادي في الجزائر ،أطروحة
مقدمة لنيل شهادة دكتوراه ال علوم في الحقوق تخصص ،قانون األعمال ،السنة
الجامعية .2016/2015
◆ إلهام خرشي ،السلطات اإلدارية المستقلة في ظل الدولة الضابطة ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام ،جامعة سطيف ،2كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة
الجامعية .2015-2014
26
النصوص التنظيمية والقانونية
27
◆ القانون رقم 008.71الصادر في 21من شعبان 12( 1391أكتوبر )1971المتعلق
بتنظيم األسعار ومراقبتها وشروط حيازة البضائع والمنتوجات وبيعها ،كما وقع تغييره
وتتميمه.
◆ ظهير شريف رقم 1.07.79صادر في 28من ربيع األول 17( 1428أبريل )2007
بتنفيذ القانون رقم 43.05المتعلق بمكافحة غسل األموال ،الجريدة الرسمية عدد 5522
بتاريخ 14ربيع اآلخر 1428الموافق ل 3ماي .2007
تقرير
المقاالت
28
موقع الكترواني
◆ http://www.mag.gov.ma/index.php/ar/2014-11-10-11-
21-42/2014-11-27-17-11-54.html
29
الفهرس
مقدمة 1..................................................................................
المبحث األول :الضبط التنافسي للسوق 4.............................................
المطلب األول :المطلب األول :المنافسة كمبدأ في ضبط السوق4....................
الفقرة األولى :مضمون مبدأ المنافسة4................................................
الفقرة الثانية :مكانة المنافسة الحرة 9.................................................
المطلب الثاني :المطلب الثاني :المتدخلون في ضبط المنافسة في السوق11........
الفقرة األولى :مجلس المنافسة 11.....................................................
الفقرة الثانية :المتدخلين في ضبط المنافسة واألسعار حسب نوعية السوق13.....
المبحث الثاني :األسعار بين التحرير والضبط 15........ .............................
المطلب األول :حرية السعر كمبدأ 16...................................................
الفقرة األولى :نظام األسعار بالمغرب 17..............................................
الفقرة الثانية :المتدخلين في ضبط األسعار بالمغرب18...............................
المطلب الثاني :تدخل الدولة كاستثناء لمبدأ حرية األسعار19........................
الفقرة األولى :االستثناءات البنيوية19........................................... ......
الفقرة الثانية :االستثناءات الظرفية 21.................................................
خاتمة 23...................................................................................
الئحة المراجع 24.........................................................................
الفهرس 25................................................................................
30