You are on page 1of 27

‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫االدوار العاملية في الرواية العراقية دراسة وتطبيق في منهج غريماس‬

‫م‪.‬م‪.‬عالية خليل ابراهيم‬

‫مخلص‪:‬‬

‫أ‪0‬ج غريماس مؤسس مدرسة باريس في السيميائيات السردية ‪،‬تعد نظريته الداللية والتي طور‬
‫بها مقوالت بروب التأسيسية في المنهج الوظيفي الوصفي للدراسة السردية نظرية رائدة في تتبع‬
‫المعنى من خالل السيرورة الداللية ‪.‬‬

‫ان الداللة السردية ليست طاقة مستقلة يمكن تحديدها بشكل حدسي خارج عمليات الوصف انها‬
‫حالة من حاالت المفصلة بين الدال والمدلول‬

‫اراد غريماس ان ينظم السرد وفق نسق تراتبي للتوصل الى جملة قواعد تحكم بناء المعنى‪.‬والمعنى‬
‫عنده هو امساك بسيرورة ال تحديد لمضمون يوجد خارجها‪.‬‬

‫هذا البحث محاولة لتلمس االسس النظرية لهذا المنهج ومن ثم تطبيقها على نماذج مختارة من الرواية‬
‫العراقية الصادرة في التسعينيات‪،‬ومن ثم الخروج بأستنتاجات تضئ على المعنى بوصفه داللة‬
‫محايثة للخطاب السردي وليست مضمونا يسلط عليه من الخارج‪.‬‬

‫مدخل نظري ‪:‬‬

‫تستمد الجذور المعرفية للوظائف السردية مقوماتها من االلسنية التي اعتبرت اللغة نظاما‬
‫يوصف على نحو شكلي‪ ،‬اما المعنى فيعد محصلة القتران وجهي الدليل اللفظي"الدالوالمدلول"وعلى‬
‫شاكلة اللغة من الممكن دراسة الخطاب السردي بوصفه "جملة كبيرة"‪.1‬‬

‫‪147‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫"الوظيفة" مصطلح طرحه العالم اللغوي الدنماركي "يامسليف" يعد من مؤسسي حلقة براغ التي‬
‫بدأت العمل باالتجاه الوظيفي في دراسة اللغة‪ ،2‬وقد اشار الى ان تحليل المدلول يهتم بمختلف‬
‫الجوانب الشكلية فقط التي يمكن تحديدها والتي تتابع في انتاج المعنى‪.‬‬

‫بناء" على اهمية الشكل في تحديد المضمون اكتشف بروب ان الخرافة الروسية تعالج مواضيع‬
‫متشابهة وتتبع السيرورة الحكائية ذاتها مع اختالف الشخصيات‪،‬وقد اطلق على تلك‬
‫السيرورة"الوظائف"‪.‬‬

‫وقد عرفها بقوله" فعل الشخصية قد حدد من وجهة نظر داللته في سيرورة الحبكة"‪.3‬‬

‫تشيد الوظائف على ايجاد نسق تراتبي للشخصيات داخل التعدد الالنهائي للمحكيات‪،‬وقد الحظ‬
‫بروب وجود احدى وثالثين وظيفة للشخصيات في الخرافة الروسية‪،‬ومن ثم اختصر تلك الوظائف‬
‫بسبع فقط وهي" البطل‪ ،‬البطل الضد‪ ،‬االميرة‪،‬المساعد‪ ،‬المعتدي‪،‬الواهب‪،‬المرسل"‪.4‬‬

‫بارت شرح اهمية دراسة الوظائف بقوله" ان روح كل وظيفة بذرتها التي تسمح ببذر المسرود‬
‫‪5‬‬
‫بعنصر سوف ينضج فيما بعد على المستوى نفسه او على مستوى اخر"‪.‬‬

‫وقد ارجع منظرو الوظائف السردية اهمية الطروحات التي تختصر الشخصية في الفعل الذي تقوم‬
‫به الى اراء ارسطو في كتابه"الشعرية" وقوله " التراجيديا ليست محاكاة لألشخاص بل لألعمال‬
‫‪6‬‬
‫والحياة‪،‬والسعادة والشقاء هما في العمل"‪.‬‬

‫غير ان انضاج دراسة الوظائف جاء على يد أ‪.‬ج "غريماس" مؤسس مدرسة باريس في‬
‫السيميائيات السردية‪،‬فقد تعمق في دراسة وظائف بروب ووضح ما يكتنفها من اشكاليات في التنظير‬
‫والتطبيق بقوله" ان هذه الوظائف تستخدم في ذهنه من حيث انها تحتوي على روايات مختلفة وتعد‬
‫تعميما لداللة هذه الروايات بأعتبارها تلخيصا لمختلف مقاطع الحكاية اكثر مما تعين مختلف االنشطة‬
‫التي يقوم فيها التتابع بمهمة اظهار القصة كبرنامج منظم"‪.7‬‬

‫عوضا عن االختصار الداللي لفعل الشخصية بجملة تبويبات وصفية تراتبية تسمى"وظائف" اراد‬
‫غريماس ان ينظم سيرورة المحكي وفق نسق منظم اطلق عليه" الملفوظ السردي" للتوصل الى جملة‬
‫قواعد تحكم بناء "المعنى" تستند تلك القواعد الى خاصيتين سيميائيتن جذريتين االولى‪ :‬العالئقية‪ "،‬ان‬
‫عناصر النص ال تأخذ مدلوليتها وال يمكن ان يعترف بها كدوال اال من خالل مجموعة العالقات التي‬
‫تقيمها فيما بينها"‪ ,8‬وهذه العالقات تنتظم وفق مبدأين‪،‬مبدأ التقابل والذي يعكس كل عنصر عنصرا‬
‫مماثال ‪ ،‬انه مبدأ التنظيم االستبدالي‪ ،‬ومبدأ التتابع‪ :‬كل عنصر يستدعي منطقيا عناصر تسبقه او‬
‫تتبعه‪ ،‬انه مبدأ التنظيم النظمي‪.9.‬الخاصية الثانية هي‪:‬‬

‫‪148‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫"االختالف" ال يوجد معنى اال باالختالف ‪ ،‬المبدأ الذي اقره دو سوسيرويامسالف "التحليل السيميائي‬
‫‪10‬‬
‫للنصوص هو في العمق تعرف على االختالف داخل النصوص ووصف له"‪.‬‬

‫فوظيفة العالمة خالفية فهي ال تحيل على معنى جاهز‪ ،‬تتعلق بوجود تطور متواز لنشاطين ذهنين‬
‫‪11‬‬
‫من طبيعتين احدهما طولي يتحقق في الحضور والثاني عمودي يتحقق في الغياب‪.‬‬

‫بهذه الخصائص التي تدرس نسق المحكي في بعديه المعرفي والتداولي رسخت "السيميائيات‬
‫السردية" دراسة العناصر الوظيفية بشكل اغنى واشمل وابعد تأثيرا في الخطابات االخرى غير‬
‫‪12‬‬
‫االدبية"التاريخية‪،‬القانونية‪،‬السياسية" من اللبنات االولى التي وضعها فالديمير بروب‪.‬‬

‫ولم يمض ربع قرن في وضع نظريته في السيميائيات السردية حتى اخذ "غريماس" يضع السمع‬
‫لضرورة القاء الضوء على الجانب الهووي للشخصية وعدم االكتفاء بالنسق النظمي لألفعال ‪،‬وقد‬
‫اشترك مع "جاك فونتنيي" في وضع كتاب "سيمياء االهواء" والذي عد السيمياء السردية نشاطا قيد‬
‫البناء الدائم ضمن مسار "توليدي" ال يخل بالشروط التاريخية لتأسيس النظرية‪ .‬وقد درست االهواء‬
‫في اطار مرجعيتها للذات" بأعتبارها ذاتا ابستمولوجية تتجسد من خالل نمط وجود محتمل قبل ان‬
‫تتخذ شكال محينا بأعتبارها ذاتا عارفة من خالل تقطيع الداللة"‪،13.‬وقد اولت "سيمياء االهواء" مع‬
‫"سيمياء الذات" التي وضعها "جان كلود كوكي" اهمية للعالقة بين الذات وتمثيل العالم عبر واسطة‬
‫الجسد مستفيدة من تصورات االدراك في الظاهراتية التي تقر العالقة التفاعلية بين الرؤية والحساسية‬
‫‪14‬‬
‫والتجربة الحسية للجسد واالدراك‪.‬‬

‫ينبغي قبل تحليل الوظائف السردية للشخصية الجنوبية التعريف بالمصطلحات الرئيسة التي‬
‫اجترحها غريماس في وضع نظريته للتحليل السردي اذ ستكون تلك المصطلحات عماد المقاربة‬
‫الالحقة‪.‬‬

‫المستوى السطحي والمستوى العميق‪:‬‬

‫هما مستويان ينظمان القوانين التي يخضع لها انتاج المعنى اذ تعتبر النصوص جهاز مبني من‬
‫القواعد والعالقات" علينا التعرف على وحدات قادرة على الدخول في هذه المجموعة من القواعد‬
‫‪15‬‬
‫وفي هذا النسق من العالقات وتحقيق ذلك من الضروري التمييز بين مستويات للوصف"‬

‫على المستوى السطحي يوجد مكونين ‪،‬مكون سردي يضبط تتابع وتسلسل الحاالت والتحوالت‪،‬‬
‫وتسمى ظاهرة تتابع الحاالت والتحوالت الموجودة في الخطاب ب" السردية"ومكون خطابي يضبط‬
‫تسلسل الصور واثار المعنى في نص ما‪.16‬‬

‫‪149‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫اما البنية العميقة فتشتمل على شبكتين من العالقات االولى تصنف القيم وفق العالقات التي تعقدها‬
‫فيما بينها والثانية تتمثل في نظام من العمليات ينظم المرور من قيمة الى اخرى‪.‬‬

‫وسوف تقتصر المقاربة التحليلة للوظائف على المكون السردي ضمن المستوى السطحي الهمية هذا‬
‫المكون في تحليل الشخصية على وجه الخصوص‪.‬‬

‫الفاعل‪:‬‬

‫من اهم مفاهيم المكون السردي التي طرحها غريماس مستغنيا به عن مصطلح الشخصية‬
‫السردية‪،‬فهو الجزء االساس في المحكي والذي هو بحاجة الى عدد معين من االفعال كي‬
‫يعمل‪"،‬الفاعل هو الهيئة المضطلعة بهذه االفعال ‪،‬لهذا وبتحديده ك" منفذ" وكتجسيد انساني الدوار‬
‫الزمة في سياق المحكي‪،‬يشكل مفهوما قريبا جدا من مفهوم الشخصية"‪.17‬‬

‫الفاعل مفهوم يحدد عالقات الرغبة بين الحاالت وهو ما يتعلق بالكينونة في المحكي‪،‬والتحوالت‬
‫وهو ما يتعلق بالفعل" اذ يوافق ملفوظ الحالة العالقة بين فاعل وموضوع‪ ،‬لكن يجب‬
‫االنتباه‪،‬الفاعل"فا" ليس شخصية والموضوع"م" ليس شيئا‪،‬فهما دوران ومفهومان يحددان مواقف‬
‫مترابطة"عوامل وادوار عاملية" اليمكن الحداهما ان توجد دون االخرى"‪.18‬‬

‫الفاعل في التعريف اعاله هيئة مجردة او نظام لتوصيف العالقة بين الذات وخصمها لذلك فأن‬
‫في كل مكون سردي نوعين من الفواعل‪:‬فاعاللحالة"وهو في عالقة وصلة او فصلة بموضوع‬
‫العالقة"فا‪-‬م"‪،‬و"فاعل االنجاز" او الفاعل المنفذ وهو في عالقة مع اداء يحققه‪،‬نسميه فاعل‬
‫الفعل‪،‬وتعد العالقة بين الفاعل والموضوع بؤرة النموذج العاملي" وتبدو من جهة غريماس محملة‬
‫بالشحنة الداللية الكامنة في الرغبة"‪،19‬وبذلك يكون تعبيرا عن عالقة الرغبة بين الذات والموضوع‬
‫ومرتبطا باالنموذج العاملي الذي يتكون من االدوار والعوامل والبرنامج السردي‪.‬‬

‫العامل‪:‬‬

‫يستعمل مصطلح العامل لتوصيف المكون السردي على المستوى السطحي‪،‬لهذا ال يمكن اعتباره‬
‫معطى في النص‪،‬وانما مفهوم يشيده التحليل‪،‬كما يتحدد بوصفه دورا الزما لوجود المحكي"انه الدور‬
‫الذي يناط به الفاعلون كوظيفة"‪. 20‬فهو وحدة تركيبية تقوم بأعادة تنظيم لألدوار والوظائف التي‬
‫وضعها بروب ومن بعده سوريو ومحاولة دمجها في ست ادوار عاملية‪.‬‬

‫وهنا يمكن التساؤل عن جدلية العالقة بين الفاعل والعامل؟ من الممكن االجابة بالقول ان هناك حالة‬
‫تماثل وليس تطابق بين المفهومين‪ ،‬الفاعل الواحد بوسعه ان يشغل ادوارا عامليةعديدة‪،‬ففي روايات‬

‫‪150‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫الصراع الداخلي ينهض الفاعل ذاته بدور المساعد والمعيق على سبيل المثال‪،‬وقد تشغل الفئة العاملية‬
‫فواعل مختلفين‪.‬‬

‫تعد العوامل وحدات محكي فهي مخطط ينظم المحكي في البرنامج السردي اما الفواعل فهي‬
‫وحدات خطاب تأخذ على عاتقها تحديد شكل المعنى‪.21‬‬

‫الدور والدور الثيماتي‪:‬‬

‫الدور كلمة " تستوعب كليا حقل وظائف بمعنى حقل تصرفات مشار اليها حقا في المحكي‪،‬نتيجة‬
‫لذلك يتطابق المضمون الداللي للدور بالمضمون الداللي االدنى للفاعل"‪ 22‬وهو ايضا"وضع شكلي‬
‫يحتله العامل في مساره السردي‪،‬حالة معينة يتبناها عامل ما في التطور المنطقي للسرد"‪. 23‬‬

‫اما الدور الثيماتي او الموضوعاتي والذي سوف نتناوله في مبحث الحق فهو يحيل الى مقوالت‬
‫سايكولوجية تسمح بتحديد الشخصية على مستوى المضمون مثل الزوجة‬
‫الخائنة ‪،‬المنافق‪،‬الشرير‪،‬المعلم‪.‬‬

‫الحاالت والتحوالت‪:‬‬

‫القيام بتحليل سردي لنص ما هو اوال‪ :‬وضع تصنيف لملفوظات الحالة" الكينونة" ولملفوظات‬
‫الفعل‪،‬يوجد شكالن من ملفوظ الحالة أي عالقة"فا"و"م"‪،‬ملفوظ حالة منفصل أي ان الفاعل‬
‫والموضوع في حالة فصله ويرمز لها بالرمز‪" 7‬فا‪v‬م"‪،‬وملفوظ حالة متصل أي ان الفاعل‬
‫والموضوع في حالة وصلة ويرمز لها بالرمز‪ " 8‬فا‪ 8‬م" ‪.24‬‬

‫يوجد ايضا شكالن من ملفوظ التحول‪،‬تحول وصلي يتم من خالله االنتقال من حالة الفصلة الى حالة‬
‫وصلة (فا‪ 7‬م)‪(-‬فا ‪ 8‬م)‪.‬‬

‫الممثل‪:‬‬

‫ان كلمة ممثل"‪"acteur‬كانت في االصل تسمي شخصية مسرحية‪،‬ثم الفنان الذي يقوم في‬
‫المسرح او السينما بدور شخصية‪،‬ولها معنى اوسع فقد سمي بها كل شخص يساهم في نشاط‬
‫ما ‪ . 25‬والممثل ايضا التحقق الذي يحققه العامل على مستوى البنية السطحية‪،‬فأذا كان العامل يتخذ‬
‫مفهومامجردا يهتم باالدوار وال يهتم بالذوات فأن الممثل يتخذ صورة فرد يقوم بدور ما في الحكي‪،‬‬
‫يمكن لعامل واحد ان يكون ممثال في الحكي بممثلين او اكثر‪،‬كما ان ممثال واحدا يمكن ان يقوم‬
‫بأدوار عاملية متعددة‪.‬‬

‫‪151‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫وبحسب غريماس ان العوامل تمتلك قانونا"ميتا لسانيا"‪ 26‬بالنسبة للممثلين انها تفترض باالضافة الى‬
‫ذلك التحليل الوظيفي‪،‬أي التكوين التام لدوائر نشاطها‪.‬‬

‫االنموذج العاملي‪:‬‬

‫وهو نظام خاضع لعالقات قارة بين العوامل ومن حيث هو سيرورة قائمة على تحوالت‬
‫متتالية‪،27‬يتشكل االنموذج العاملي من ست ادوار مهمة تظل ثابتة بالرغم من تغير المحكي والممثلين‬
‫‪،‬وهذه االدوار هي‪" :‬الذات والموضوع" وتعد العالقة بينهما بؤرة االنموذج العاملي وتمثلها عالقة‬
‫الفصلة والوصلة بين الحاالت والتحوالت المذكورة آنفا‪ "،‬المرسل والمرسل اليه"‪ ،‬ان حضور هذين‬
‫الدورين في المحكي يوحي بوجود عالم مؤسس على منظومة من القيم يحكم بمقتضاها على االفعال‬
‫سلبا او ايجابا" الوظيفة الموكلة الى المؤتى تتمثل في المحافظة على هذه القيم وصيانتها وضمان‬
‫استمرارها وذلك بتبليغها الى المؤتى اليه‪-‬الفاعل او امالئها عليه"‪ .28‬المساعد والمعارض" تتحدد‬
‫وظيفة المساعد في تقديم العون للفاعل بغية تحقيق مشروعه العملي والحصول على ما يريد فيما‬
‫يكون المعارض معرقال النجاز الفاعل‪.‬‬

‫البرنامج السردي‪:‬‬

‫يطلق اسم برنامج سردي(س ب) على سلسلة التحوالت التي تتابع على اساس عالقة "فا‪-‬م"‬
‫وتحتوي على اربع مراحل من التحوالت المتمفصلة والتراتبية وتتمثل هذه المراحل في‪:‬‬

‫اوال‪ :‬التفعيل او المعالجة" تفترض مرسال يسعى ابالغ ذات البحث ارادة الفعل او لزوم الفعل‪،‬فهي‬
‫مرحلة تبث فيها القيم‪،‬وتحيينها يسمح بمعرفة ما يحفز الشخصية"‪ ،29‬ثانيا‪":‬الكفاءة او المقدرة"‪ ،‬وهي‬
‫مرحلة اكتساب الذات القدرة على الفعل‪ ،‬ويمكن ان تعود كفاءة الفاعل المنفذ الى ثالث‬
‫عناصر"وجوب الفعل وارادة الفعل ومعرفة الفعل"‪، 30‬ثالثا"االداء او التصديق" وهي مرحلة تحول‬
‫الحاالت من منظور فاعل الحالة ومختلف العالقات التي يعقدها الفاعل مع الموضوع‪،‬وهي عملية‬
‫تتعلق بالفعل ‪ ،‬وينبغي تفحصها من منظور الفاعل المنفذ او فاعل االنجاز‪، 31‬رابعا واخيرا مرحلة"‬
‫الجزاء او اتمام الفعل" وهي الحلقة الحاسمة للبرنامج السردي حيث الفعل مؤول او مقيم"يسمح‬
‫بمقارنة القيم المتحققة بالقيم الملفوظة‪،‬وبرؤية كيف ومن طرف من يتم الحكم على فعل الذات‪،‬‬
‫يمثل"االداء" تحوال للحاالت يمثل"الجزاء" تقييم الحاالت من ناحية المصداقية‪.‬‬

‫تستدعي هذه المراحل االربعة منطقيا بعضها البعض وقد ال تظهر جميعها دوما في النصوص التي‬
‫تقرأ لكن في كل مرة يتم التعرف فيها على احدى هذه المراحل يمكن ايجاد مجمل البرنامج السردي‬
‫‪32‬‬
‫الذي تنتمي اليه‪.‬‬

‫‪152‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫وبما ان االختالف شرط من شروط العالمة اللغوية والخطابية فأن ازدواجية البرنامج السردي‬
‫مسألة مهمة " اذا الحظنا بأن كل برنامج سردي يعكس برنامجا مرتبطا به ويوافق كل تحول وصلي‬
‫لفاعل تحوال فصليا لفاعل اخر‪،‬فهنالك برنامجين سرديينممكنين‪،‬يمكن رواية نفس المحكي او‬
‫االستماع اليه بعرض احد البرنامجين"‪.33‬فبرنامج فقدان او هزيمة لذات الحالة يقابله برنامج نجاح‬
‫لذات االنجاز وهكذا باالمكان تقليب البرنامج السردي على وجهين او اكثر‪.‬‬

‫بعد هذا التعريف بالمصطلحات السردية التي استخدمها غريماس في التحليل الوظيفي للنصوص‬
‫نطبق ما جاء فيها على الروايات الجنوبية عينة البحث‪.‬‬

‫التحليل السردي لوظائف الشخصيات‪:‬‬

‫في التحليل الالحق سنحدد عشر روايات هي االكثر استجابة للمقاربة الوصفية التي طرحها‬
‫غريماس لما تتميز به من تنميط حدثي وشخصيات متعددة تسمح بتطبيق اجرائيات تحليلة قد ال تتوفر‬
‫في روايات المتن الميتا سردي او الغرائبي او التجريبي وهو ما عرفت في تصنيف جنيت المذكور‬
‫آنفا بروايات االقوال‪،‬لكنّ المقاربة لن تتجاوز محاولة االشتباك مع روايتي"كراسة كانون" و"ستة ايام‬
‫الختراع قرية" من خالل تطبيق االنموذج العاملي عليهما‪.‬‬

‫رواية درب الزعفران‪:34‬‬

‫‪153‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫الحاالت والتحوالت(‪)1‬‬

‫التحول‬ ‫ملفوظ‬ ‫ذات‬ ‫العالقة‬ ‫ملفوظ‬ ‫ذات‬


‫االنجاز‬ ‫االنجاز‬ ‫الحالة‪/‬م‬ ‫الحالة‪/‬فا‬
‫فا‪8‬م‬ ‫االبتزاز‬ ‫الغريب‬ ‫فا ‪ 8‬م‬ ‫الغريب‪/‬‬ ‫وهاب‬
‫زيدان‬ ‫اتصال‬ ‫السيطرة‬ ‫جالل الدين‬
‫فا‪7‬م‬ ‫واالستحواذ‬ ‫االمين‬
‫تحول‬ ‫لطفي‬
‫فصلي‬ ‫الحامد‬

‫االدوار العاملية(‪)1‬‬

‫المعيق‬ ‫المساعد‬ ‫المرسل‬ ‫المرسل‬ ‫الموضوع‬ ‫الذات‬


‫اليه‬
‫" مثقفو‬ ‫الشهوة‬ ‫الغريب‪/‬السيطرة المعتدي"زيدان" ابناء درب‬ ‫جالل‬
‫درب‬ ‫"ثقاب"‬ ‫الزعفران‬ ‫الدين‬
‫الزعفران"‬ ‫االمين‬
‫وهاب‬

‫برنامج سردي البتزاز المثقف(‪)1‬‬

‫االنجاز‬ ‫االداء‬ ‫الكفاءة‬ ‫التفعيل‬


‫" موت" جالل‬ ‫تصفية الخصوم‬ ‫زيدان‪/‬االبتزاز‬ ‫خوف النخبة‬
‫الدين االمين‬ ‫تسقيط الشرفاء‬ ‫وخضوعهم‬
‫"سكوت" وهاب‬
‫المطبق‬

‫الرواية تبتدأ بالجامع وتنتهي بالجامع حيث يحيط الحضور بجثمان جالل الدين االمين الذي‬
‫مات قهرا وكمدا"وظيفة خضوع" بسبب االبتزاز الذي تعرض له من قبل الغريب المتنفذ"وظيفة‬
‫تسلط""‪،‬تظهر الرواية جميع الممثلين ومن ضمنهم الراوي وهاب في حالة عطالة فعلية تامة ‪،‬يظهر‬
‫زيدان وهو يتحكم في عوالم"درب الزعفران" وكأنه اله يحكم السيطرة على مخلوقاته‪،‬وقد كان‬

‫‪154‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫الممثلون في حالة اتصال قسرية معه لم تتحول الى حالة انفصال اال بموت جالل الدين االمين واتهام‬
‫لطفي الحامد بالقتل وقد كانا على وفاق ظاهري مع زيدان الذي يعد الفاعل االهم وذات االنجاز‬
‫الوحيدة‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫سابع ايام الخلق‪:‬‬

‫‪155‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫الحاالت والتحوالت(‪)2‬‬

‫التحول‬ ‫ملفوظ االنجاز‬ ‫ذات‬ ‫العالقة‬ ‫ملفوظ‬ ‫ذات‬


‫االنجاز‬ ‫الحالة‪/‬م‬ ‫الحالة‪/‬فا‬
‫فا‪8‬م‬ ‫تشييد سلطة‬ ‫مطلق‬ ‫فا‪8‬م‬ ‫السلطة‬ ‫الراوي‬
‫المشيخة‬ ‫بدر فرهود‬ ‫اتصال‬ ‫الروحية‬ ‫السيد نور‬
‫فا‪7‬م‬ ‫الطارش‬ ‫بالضد من‬ ‫رواة‬
‫انفصالي‬ ‫السياسية‬ ‫مخطوطة‬
‫الراووق‬
‫االدوار العاملية(‪)2‬‬

‫المعيق‬ ‫المرسل اليه المساعد‬ ‫المرسل‬ ‫الموضوع‬ ‫الذات‬


‫السيد نور‬ ‫الدولة‬ ‫المهمشون‬ ‫انتهاء‬ ‫االنسان‬ ‫مطلق‬
‫الناشئة‬ ‫مرحلة‬ ‫المدني‬ ‫وابنائه‬
‫السلطة‬ ‫الرعي‬ ‫بمواجهة‬
‫الدينية‬ ‫وبداية‬ ‫الديني‬
‫عصر‬
‫الزراعة‬

‫برنامج سردي الفتراق السلطة المدنية عن الدينية(‪)2‬‬

‫االنجاز‬ ‫االداء‬ ‫الكفاءة‬ ‫التفعيل‬


‫افتراق السلطتين‬ ‫السيد نور ينحدر‬ ‫مطلق يتمرد‬ ‫السيد نور ضد‬
‫السياسية شماال‬ ‫جنوبا نحو المزار‬ ‫ويبني القلعة‬ ‫التقدم مع بدائية‬
‫والروحية جنوبا‬ ‫يبدأ بتأليف‬ ‫شماال‬ ‫وسائل االنتاج‬
‫مخطوطته‬

‫برنامج سردي النتهازية المثقف(‪)2‬‬

‫االنجاز‬ ‫االداء‬ ‫الكفاءة‬ ‫التفعيل‬


‫الراوي يشكك في في زمن هوان‬ ‫بدر فرهود‬ ‫استتباب االنظمة‬
‫نسب الطارش وال المثقف وانكساره‬ ‫الطارش‬ ‫الزمنية"الشمولية"‬
‫يرفض ان يتملقه يبدع المؤلف‬ ‫يسيطر على‬
‫رواياته الثالث‬ ‫ويأخذ عطاياه‬ ‫المتحف‬

‫‪156‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫والمكتبة‬
‫والمخطوطة‬

‫يتشكل المبنى الحكائي لرواية" سابع ايام الخلق" على وفق مبنى قصص الف ليلة وليلة‬
‫التراثية فهنالك القصة االطار وهي قصة الراوي‪/‬المؤلف الذي يتابع مخطوطة"الراووق" مع سلسلة‬
‫رواة ومدوني المخطوطة الستة‪،‬أي ان الراوي نظير لشهرزاد التي تروي قصة متن المخطوطة‬
‫ويظهر فيها االهتمام بالمبنى الميتا سردي"وظيفة متعالية"‪.‬‬

‫وهناك" قصة متن المخطوطة" وتمثل قصة الصراع التاريخي والحضاري بين السلطة الدينية ممثلة‬
‫"السيد نور" والسلطة المدنية او الزمنية"السياسية" ممثلة" الشيخ مطلق"‪ .‬ذلك يعني ان من الممكن‬
‫كتابة برنامجين سرديين االول قصة المتن‪،‬و برنامج سردي اخر يخص الفاعل النخبوي "انتهازية‬
‫المثقف" وهو وثيق الصلة باالول‪،‬فأفتراق السلطتين الدينية" الروحية" عن الزمنية واعالن غلبة‬
‫الثانية المطلقة على االولى قد مهد لظهور عقدة الصراع في القصة االطار بين الراوي ‪/‬سابع رواة‬
‫المخطوطة" سلطة المثقف" وبين بدر فرهود الطارش"مثقف السلطة" ويبدو جليا في الرواية نفاق‬
‫الراوي وتملقه لألخر"وظيفة انتهازية" مما يفسر غياب سلطة المثقف الروحية ومن ثم الفكرية في‬
‫المجتمع وسعيه لألحتفاظ بوظيفة"متعالية"وهي الكتابة‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫رياح شرقية رياح غربية‪:‬‬

‫الحاالت والتحوالت(‪)3‬‬

‫التحول‬ ‫ملفوظ‬ ‫ذات‬ ‫العالقة‬ ‫ملفوظ‬ ‫ذات‬


‫االنجاز‬ ‫االنجاز‬ ‫الحالة‪/‬م‬ ‫الحالة‪/‬فا‬
‫فا‪ 8‬م‬ ‫االضراب‬ ‫حسين‬ ‫فا‪ 8‬م‬ ‫االخر‬ ‫الراوي‬
‫طعمة‬ ‫اتصال‬ ‫االجنبي‬
‫فا‪7‬م‬ ‫سلمان‬
‫انفصالي‬ ‫العبد‬

‫‪157‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫االدوار العاملية(‪)3‬‬

‫المعيق‬ ‫المساعد‬ ‫المر المرسل‬ ‫الموضوع‬ ‫الذات‬


‫اليه‬ ‫سل‬
‫حكومة‬ ‫البصريون الماركسيو‬ ‫االضراب المستر‬ ‫الراوي‬
‫بغداد‬ ‫ن‬ ‫فوكس‬ ‫الجنوبيو‬
‫الجواسيس‬ ‫المهمشون‬ ‫األحتالل‬ ‫ن‬
‫المنتفعون‬ ‫البريطاني‬

‫برنامج سردي لفشل االضراب(‪)3‬‬

‫االنجاز‬ ‫االداء‬ ‫الكفاءة‬ ‫التفعيل‬


‫فشل االضراب‬ ‫خلل في قدرة‬ ‫القيام باالضراب‬ ‫دور‬
‫استمرار سيادة‬ ‫وارادة الفعل‬ ‫االيديولوجيات‬
‫االجنبي‬ ‫دور الثقافة‬
‫والكتابة‬
‫وعي طبقة‬
‫العمال‬

‫تتجسد في رواية "رياح شرقية رياح غربية" حركية الفاعل الجنوبي واضحة عبر طرح ثالث نماذج‬
‫شخصية مهمة وهي الراوي‪/‬الكاتب‪،‬وهو المحتاج دائما للسالم والراحة والهدوء لكي يبدع"وظيفة‬
‫متعالية" ولذلك فهو عادة ما يكون جبانا طبعه الخضوع فيظهر في اتصال مع المستر فوكس من‬
‫خالل العمل معه مترجما‪ ،‬وان كان على انفصال معه على مستوى االيديولوجي والنفسي؟!‪،‬النموذج‬
‫الثاني الشيوعي الحالم المتهور"حسين طعمة" "وظيفة ايديولوجية‪،‬وثالثهما الزنجي المقموع‬
‫والمهمش"وظيفةتمرد""‪،‬لقد و ّحد بين هؤالء الثالثة الشعور الوطني و رفضهم للظلم واالستبداد و قد‬
‫شاركوا في االضراب كل حسب ما يجيده‪،‬الروائي بالكتابة في الصحف عن يوميات الحدث ودعوة‬
‫الجماهير لتأييد االضراب‪،‬الشيوعي بالتحريض والتنظيم والمتابعة‪،‬الزنجي بالشجاعة والتصميم‬
‫والمواجهة‪،‬وقد كان الدمج بين ثالث شخصيات متخيلة بحدث تاريخي واقعي الضراب عمال‬
‫وموظفي شركة نفط البصرة في بداية الخمسينيات وفشل ذلك االضراب جاء تلبية للنظرة السوداودية‬
‫التي اراد المؤلف طرحها عن نهاية الشخصيات الثالثة ففشل االضراب هو فشل تلك الفواعل‬
‫وانهزامها امام سطوة االخر وتفوقه‪.‬‬

‫‪158‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫كراسة كانون‪:37‬‬

‫الحاالت والتحوالت(‪)4‬‬

‫التحول‬ ‫ملفوظ‬ ‫ذات‬ ‫العالقة‬ ‫ملفوظ‬ ‫ذات‬


‫االنجاز‬ ‫االنجاز‬ ‫الحالة‪/‬م‬ ‫الحالة‪/‬فا‬
‫ال يوجد‬ ‫النص‬ ‫الراوي‬ ‫ف‪8‬م‬ ‫ويالت‬ ‫الراوي‬
‫التكعيبي‬ ‫اتصال‬ ‫الحرب‬ ‫ز الطفلة‬

‫االدوار العاملية(‪)4‬‬

‫المعيق‬ ‫المساعد‬ ‫المرسل‬ ‫المرسل‬ ‫الموضوع‬ ‫الذات‬


‫اليه‬
‫دعاة‬ ‫نظام‬ ‫الجنوبيون‬ ‫قوات‬ ‫الحرب‬ ‫ذوات‬
‫السالم‬ ‫بغداد‬ ‫التحالف‬ ‫الحالة‬
‫في العالم‬

‫برنامج سردي للهروب نحو تل الجماجم(‪)4‬‬

‫االنجاز‬ ‫االداء‬ ‫الكفاءة‬ ‫التفعيل‬


‫الهروب نحو‬ ‫الكتابة ال تقي من‬ ‫التحدي بكتابة‬ ‫انسداد االفق‬
‫تل الجماجم‬ ‫ويالت الحرب‬ ‫نص‬ ‫امام المثقف‬
‫نص تكعيبي‬

‫من الصعوبة اخضاع الروايات ذات المتن الميتاسردي للتحليل الوظيفي النها غالبا ما ترتكز‬
‫على شخصية واحدة يدور الحكي حول تداعياتها الفكرية والنفسية وال يكون لفعلها ذلك التأثير الذي‬
‫يسمح بتعدد االدوار العاملية وتنوع البرامج السردية‪،‬وتكون فيها ذات الحالة هي ذات االنجاز‪38‬هذا‬
‫ما هو متحقق في رواية"كراسةكانون"‪،‬غير انها ذات وجهين او مسارين‪،‬الوجه الخطابي الذي يحاكم‬
‫فيه الراوي مشروع الرواية في زمن الحرب ويفاضل فيها بين فن الكتابة وبين فن الرسم التكعيبي‬
‫وايهما ابلغ في معالجة موضوعة الحرب؟‪.‬ويبحث الراوي عن كتابة نص ادبي سداسي االبعاد‬
‫كالرسم التكعيبي"وظيفة متعالية"؟‪ .‬الوجه االخر وهو"ضمني" بالمقارنة مع االول هو الوجه‬
‫االجتماعي والسياسي لموضوعة الحرب‪،‬هذا الوجه او البعد بالرغم من اختصاره على مستوى‬

‫‪159‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫خطاب وزمن الحكي اال انه بالغ االثر في توجيه الداللة"وظيفة دفاع عن الجنوب"ذلك مما يسمح‬
‫بكتابة اكثر من برنامج سردي‪ ،‬اما البرنامج الوارد فقد ادمجت فيه الوجهتين او المسارين‪ ،‬وكان من‬
‫الممكن ان يطلق عليه برنامج "كتابة نص تكعيبي" لكن االكتفاء بمقاربة المتن الميتا سردي دونا عن‬
‫السياسي قد يضر بصحة النتائج وال يعبر عن حقيقة االنجاز او نهاية الرواية التي توقفت عند التالل‬
‫االثارية وباالخص"تل الجماجم" معلنة حالة هروب او هزيمة او ضياع للتاريخ وللذات ولألبداع‪.‬‬

‫رواية تل اللحم‪:39‬‬

‫‪160‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫الحاالت والتحوالت(‪)5‬‬

‫التحول‬ ‫ملفوظ‬ ‫ذات‬ ‫العالقة‬ ‫ملفوظ‬ ‫ذات‬


‫االنجاز‬ ‫االنجاز‬ ‫الحالة‪/‬م‬ ‫الحالة‪/‬فا‬
‫فا‪8‬م‬ ‫العمل‬ ‫افطيم بي‬ ‫فا‪8‬م‬ ‫االخر‪/‬‬ ‫الراوي‬
‫بالدعارة‬ ‫دي‬ ‫اتصال‬ ‫السلطة‬
‫فا ‪7‬م‬ ‫اسيد لوتي‬ ‫االنتهاك‬
‫فصلي‬

‫االدوار العاملية(‪)5‬‬

‫المعيق‬ ‫المساعد‬ ‫المرسل‬ ‫المرسل‬ ‫الموضوع‬ ‫الذات‬


‫اليه‬
‫ذوات‬ ‫المكان تل‬ ‫الفواعل‬ ‫هزيمة‬ ‫الفرار من‬ ‫الجنوبيون‬
‫االنجاز‬ ‫اللحم‬ ‫ذوات‬ ‫سلطة‬ ‫القمع‬
‫الحالة‬ ‫البعث‬
‫انفسهم‬ ‫في حرب‬
‫‪1991‬‬

‫برنامج سردي للهروب من القمع(‪)5‬‬

‫االنجاز‬ ‫االداء‬ ‫الكفاءة‬ ‫التفعيل‬


‫الوصول الى‬ ‫توفر ارادة‬ ‫الهروب بأتجاه تل‬ ‫الفوضى بعد‬
‫تل اللحم ومنه الى‬ ‫الهروب رفض‬ ‫اللحم‬ ‫حرب ‪1991‬‬
‫وراء الحدود‬ ‫السلطة والمكان‬

‫يتشكل الحكي في"تل اللحم" في البرنامج السردي الماثل على جملة من مفارقات الحدث والشخصية‬
‫مما يؤشر لقطيعة مع االرث السردي السابق عنها‪،‬تعيش شخصيات الرواية بما الراوي في حالة‬
‫غيبوبة عن الوعي بالذات والتاريخ والمكان نتيجة الكراهات السلطة ومحاولتها تجريد االنسان‬
‫الجنوبي من كرامته وانسانيته لذلك فأن منطق الحكي ينهض على المنطقية سلوكيات السلطة القمعية‪،‬‬
‫ومن تحكمهم على حد سواء؟! فتظهر الممارسات الشاذة من امثال الدعارة والتجسس والتملق والكذب‬
‫والنفاق وكأنها القانون الصحيح‪،‬وقد كانت ذوات الحالة بين خيارين اما القبول بهذا الوضع‬

‫‪161‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫والرضوخ له في بداية الرواية" وظيفة خضوع" او السخط والرفض للسلطة الحاكمة ورفض للمكان‬
‫الجغرافي الذي يسمح بنمو وتبرعم وترسيخ تلك السلوكيات الشاذة والمنحرفة "وظيفة‬
‫فوضوية"فيكون الفرار من المكان القاحل المتمثل ب"تل اللحم" والهروب من وجه السلطة القامعة هو‬
‫الحل النهائي لدى فواعل الحالة؟!‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫الغالمة‪:‬‬

‫الحاالت والتحوالت(‪)6‬‬

‫‪162‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫التحول‬ ‫ملفوظ‬ ‫ذات‬ ‫العالقة‬ ‫ملفوظ‬ ‫ذات‬


‫االنجاز‬ ‫االنجاز‬ ‫الحالة‪/‬م‬ ‫الحالة‪/‬فا‬
‫فا‪7‬م‬ ‫القمع‬ ‫انقالبيو‬ ‫فا‪7‬م‬ ‫االغتصاب‬ ‫صبيحة‬
‫واالستبداد‬ ‫‪1963‬‬ ‫انفصال‬ ‫وئام‪-‬‬
‫فا‪8‬م‬ ‫وصال‬
‫وصلي‬

‫االدوار العاملية(‪)6‬‬

‫المعيق‬ ‫المساعد‬ ‫المرسل‬ ‫المرسل‬ ‫الموضوع‬ ‫الذات‬


‫اليه‬
‫شهداء‬ ‫ذوات‬ ‫الشيوعيون‬ ‫سيطرة‬ ‫التدجين‬ ‫شيوعيو‬
‫الحزب‬ ‫الحالة‬ ‫حزب‬ ‫واالخضاع‬ ‫الحقبة‬
‫المناضلون‬ ‫الخاضعون‬ ‫البعث‬ ‫الستينية‬
‫والسبعينية‬

‫برنامج سردي لهزيمة الشيوعيين(‪)6‬‬

‫االنجا‬ ‫االداء‬ ‫الكفاءة‬ ‫التفعيل‬


‫ز‬
‫انتحار او قتل‬ ‫نسخ معدلة‬ ‫تصفية الخصوم‬ ‫انقالب شباط‬
‫اصحاب الضمائر‬ ‫لشيوعيين بعثيين‬ ‫او اغراءهم‬ ‫‪1963‬‬
‫بالمال‬

‫احداث رواية "الغالمة" تتناول حقبة من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي تلك التي اعقبت‬
‫انقالب شباط ‪ 1963‬قامت بعدها ميلشيات الحرس القومي"ذوات االنجاز" بأنتهاكات فاضحة لحقوق‬
‫االنسان ومنها االغتصاب المنظم الذي وقع في السجون للمعتقالت الشيوعيات ومنهن صبيحة‬
‫وشبيهاتها من ذوات الحالة"وظيفةاالغتالم‪/‬المجتمع الذكوري" ‪،‬ومن ثم" بعد فشل الجبهة الوطنية" تم‬
‫على نطاق واسع شراء المواقف والذمم واالغراء بالمناصب ليقع البعض من معتنقي افكار الحزب‬
‫في دائرة اغواء السلطة ويجرفه تيارها ولتكون النهاية االنتحار او التصفية او الموت في ظروف‬

‫‪163‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫غامضة للذين تأبى عليهم انفسهم مجاراة السلطة والرضا عن ممارساتها القمعية ‪،‬كالذي حدث لبطلة‬
‫الرواية"صبيحة"‪.‬‬

‫‪164‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫االستنتاجات‪:‬‬

‫بعد تثبيت الجداول السابقة" للحاالت والتحوالت"‪ ،‬و"االدوار العاملية"‪"،‬البرامج السردية" نلخص‬
‫بعض النتائج فيما يخص حركية"الفواعل‪،‬والعوامل" في الرواية الجنوبية‪.‬‬

‫الدور العاملي االهم الذي يتعلق به فهم الداللة السردية للمحكي بحسب شروحات غريماس هو"‬
‫دور المرسل" حيث يطلق عليه الفاعل الجهاتي وعالقته جدلية بفاعلي الحالة واالنجاز" عند تأويل‬
‫الحاالت المحولة يكون المرسل في عالقة مع فاعل الحالة المحولة‪ ،‬وعند تقييم االداءات يكون‬
‫المرسل في عالقة مع الفاعل المنفذ"‪ ،41‬كما يوصف"المرسل" بأنه اعلى تراتبيا من الفاعل المنفذ النه‬
‫‪42‬‬
‫يمارس على االخير تحوالت الفاعل الجهاتي‪.‬‬

‫والسؤال الذي ينبغي االجابة عنه " من هو المرسل" في الرواية الجنوبية؟‪.‬‬

‫في الجداول المعروضة ظهر دور المرسل كالتالي " زيدان‪،‬المسترفوكس‪،‬قوات التحالف‪ ،‬حرب‬
‫‪،1991‬سيطرة حزب البعث‪،‬عصرااليديولوجيات‪،‬االنتقال من نمط الرعي الى الزراعة‪ ،‬العنف‬
‫الطائفي بعد ‪،2003‬الذات بعد ‪ ،2003‬التهجير القسري‪،‬الهوية الوطنية" ‪ ،‬في جميع الحاالت‬
‫الواردة لم يكن المرسل "شخصية" انما دورا اال في حالة الجدول " ‪."3، 1‬‬

‫"المرسل" في الروايات على االرجح " الزمانية" بما تمثله من ذاكرة شخصية وجمعية للفواعل‬
‫و"تاريخ" سياسي واجتماعي للجنوب‪،‬والتاريخ بوصفه خطابا سلطويا‪ ،‬والسلطة بوصفها انساقا للمنع‬
‫واالكراهات والهيمنة" الخطاب ليس فقط ما يترجم الصراعات وانظمة السيطرة لكنه ما نصارع من‬
‫اجله وما نصارع به وهو السلطة التي نحاول االستيالء عليها"‪.43‬‬

‫فالمرسل عبارة عن سلسلة متتابعة تمارس اكراهاتها على الخطاب الروائي تبدأ من"السلطة‬
‫السياسية والتي تمثل "االخر المستبد" ومن ثم "السلطة االجتماعية والدينية" الممثلة لألنا التسلطية‬
‫بعدها تمارس تلك السلطات تأثيرها على الذاكرة الفردية والجمعية للجنوبيين وعالقتها باالفقين‬
‫الزماني وبالفضاء االجتماعي" الجغرافي"‪ ،44‬باالستناد على ذلك من الممكن عد "السلطة"‬
‫وتجذراتها الثقافية‪ ،‬هي "الفاعل الرئيسي" في الرواية الجنوبية‪ .‬ولن تتضح اهمية ذلك الفاعل في‬
‫تفعيل او تعطيل البرنامج السردي اال بمعرفة فواعل االنجاز والحاالت وعالقتهما به؟‪.‬‬

‫فاعل االنجاز او" المنفذ" هو ما يعرف بدور" البطل" واحيانا يكون" بطل ضد"‪،‬وقد ظهر في‬
‫الجداول الواردة ان فواعل االنجاز ثالث فئات‪،‬الفئة االولى تمثل االخر"الغريب" المسيطر مجسدا‬
‫للسلطة الحاكمة او المحتلة ‪،‬في البرامج" ‪، ،" 6، 3، 1‬الفئة الثانية تمثل جنوبيين يمثلون سلطة‬
‫االخر وهيمنته‪،‬كما في البرامج" ‪ " 5، 2‬او السلطة االجتماعية والدينية "الروايات التي لم تذكر‬
‫برامجها" من الممكن عد ادوار شيوخ العشائر" ورجال الدين ضمن هذه الفئة‪.‬‬
‫‪165‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬
‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫الفئة الثالثة تمثل الجنوبي المهمش سواء كان حزبيا متعلما‪،‬في البرامج"‪ ، " 7، 3‬او راعيا طامحا‬
‫في "‪،"2‬او زنجيا في الحاالت"‪ " 3‬مثقفا هامشيا كما في البرنامج‬

‫ومع ان الروايات قد اولت الفواعل المهمشة اهمية"فعلية‪،‬تاريخية" على تلك التي تمثل الطبقة‬
‫المتوسطة‪،‬وطبقة المثقفين" االنتلجنسيا"‪ ،‬اال ان المعيار الكمي للعينات المدروسة "المجدولة وغير‬
‫المجدولة" يعطي االولوية لألخر و للفواعل الممثلة للسلطة في تصدر الفعل االنجازي‪ ،‬وبذلك‬
‫تمارس" السلطة" تاريخا وشخصيات هيمنتها الداللية على سيرورة الحاالت والتحوالت‪.‬‬

‫اما" البطل" فهو غالبا"بطل ضد" ‪،‬فاالطروحة التقليدية للبطل المولود من رحم االساطير الممثل"‬
‫للشخصية الحرة المعارضة النحدار االنسان‪ ،‬المتمسكة بالقيم المثالية"‪ 45‬يكاد ان يكون مختفيا في‬
‫الرواية الجنوبية!؟‪ ,‬واالدوار المهمة كانت البطال مضادين‪. 46‬‬

‫الكالم عن "فواعل الحالة" وعالقتهم بالموضوع الذين هم في حالة" وصلة او فصلة" معه يستتبع‬
‫الكالم عن "المصداقية" وهي مسألة مفصلية في التعرف على كينونة الذات" توافق جهات ملفوظ‬
‫الحالة وصفا للعالقة فاعل‪-‬موضوع‪،‬هذا يعني تأويال لحالة الفاعل التي ال تحول الحالة ولكن تغير‬
‫الصفة"‪ .47‬ففاعل الحالة في عالقة مع موضوع تغير صورته"الكينونة" اما فاعل االنجاز في عالقة‬
‫مع فعل ينجزه هذا هو الفرق يبنهما‪.‬‬

‫حدد غريماس حالتين لمصداقية فاعل الحالة‪ ،‬االولى حالة فاعل توضع امام هيئة قادرة على‬
‫تأويلها وتسمى"حالة التجلي او الكينونة" والثانية‪:‬حالة فاعل محددة في المحكي بعيدا عن الهيئة‬
‫التأويلية تسمى" حالة محايثة او الظاهر"‪.48‬‬

‫وبين محوري الظاهر والكينونة بين االيجاب والسلب تحدد نسبة الصدق او الباطل صفة للفاعل‬
‫وبينهما توضع حاالت" للسر" او"للزيف"‪.‬‬

‫فواعل الحالة الجنوبيون والذين يمثلون غالبا الرواة والشخصيات الواصلة بهم‪ ،‬يعيشون حالة من‬
‫الفصام الدائم مع موضوع الحالة"السلطة"‪،‬فهذه الشخصيات تستبطن خالف ما تتصرف؟‪.‬‬

‫مما يسبب ارباكا في رصد عالقة الفاعل بالموضوع وثبيت جداول التحول!؟‪.‬ففي الجداول"‪5، 2، 1‬‬
‫الفواعل في حالة اتصال قسري مع" االخر‪ ،‬السلطة" على مستوى الفعل وانفصال على مستوى‬
‫الشعور‪ ،‬على مستوى الخطاب" المحايثة" في حالة وصلة وعلى مستوى التأويل" الكينونة" في حالة‬
‫فصلة‪،‬هذه االزدواجية قد حجمت منظومة التحول للذات‪،‬فلم يكن هنالك تحول منضبط اال في حالة"‬
‫‪ ،"3‬وفي الحالة"‪ " 6‬كان التحول ارتداديا سلبيا‪ ،‬اما تحوالت الهرب نحو "التالل االثارية" في‬
‫الجداول"‪ " 5، 4‬فهي ال تعد تحوالت في عالقة الفاعل مع الموضوع وانما هي تحوالت‬
‫خطابية"ميتا سردية" وليست فعلية‪ ،‬فهي تحاول ان تقدم صورة استعارية للمكان الجنوبي المقفر‬
‫‪166‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬
‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫والمعادي‪،‬أي نقل اثر التحول الذي تمارسه السلطة من الذات الى المكان في عملية استبدالية تعبر‬
‫عن عمق العالقة بين االثنين‪،‬وعن صورة اليأس المطبقة التي تحياها الفواعل‪.‬‬

‫وقد وضحت ازدواجية الفواعل في البرنامج السردي المعنون" برنامج سردي النتهازية المثقف"‬
‫حيث يظهر بوضوح الخلل في مصداقية الذات في عالقتها بالموضوع‪ ،‬فاالنجازات االدبية التي‬
‫يفختر بها الراوي في كتابة روايات الثالث"الراووق‪،‬قبل ان يحلق الباشق" ومن ثم "سابع ايام الخلق"‬
‫جميعها حصلت والمثقف الجنوبي يعيش اسوأ حاالت النبذ والتهميش والعزلة في ظل هيمنة السياسي‬
‫المتنفذ" ذات االنجاز" "بدر فرهود الطارش"‪،‬وقد بين الراوي تلك العزلة وذلك التهميش في سرده‬
‫لسيرته في الرواية‪ ،‬وسيرة سادس رواة المخطوطة"شبيب طاهر الغياث"‪.‬‬

‫ومع ان الدراسة الداللية تشددعلى تطابق حاالت المصداقية عالقات العناصر داخل المحكي وليست‬
‫احكام مفروضة من الخارج اال ان ازدواجية الفاعل الجنوبي في السرد الروائي نجدها موصولة‬
‫باالفكار التي طرحها عالم االجتماع العراقي "علي الوردي" عن الشخصية العراقية التي ال تستقر‬
‫وال تعرف ما تريد‪!49‬؟‪،‬فاالبعاد المرجعية للذات تجد تمثيلها في الخطاب االدبي‪.‬‬

‫وعند االخذ بشئ من اراء"جاك فونتاني" عن االنفعال الذي يسبق المعرفة ويتوسط بين الذات‬
‫وفعلها‪، 50‬فمن الممكن القول ان"هوى" السلطة والرغبة فيها بأعتماد ما هو مترسب في الوعي من‬
‫سلطة االب وتفرعاتها يجعل من الفاعل متماهيا معها في السلوك ومناهضا لها في التفكير‪.‬‬

‫في اصل التنظير"لسيرورة البرامج السردية" ضمن دوائر الحاالت والتحوالت‪،‬تنتقل"ذوات‬


‫الحالة" الى مستوى" فاعل االنجاز" بأكتسابها العامل الجهاتي" االرادة ‪،‬الكفاءة المقدرة" ‪،‬وبذلك‬
‫تصبح لحركية الفواعل دينامية في البرامج السردية‪ ،‬لكن الحاالت والتحوالت في الرواية الجنوبية‬
‫عموما منقسمة الى فاعلين متضادين"االناواالخر"‪"،‬الذات والسلطة" سواء كان االخر شخصية او‬
‫مفهوما وبينما تكون"االنا"معطلة فعليا وهذا ما بدا واضحا في حقل التحول الخاص بذوات الحالة‬
‫بالمقابل يكون االخر"المرسل" مقتدرا ذا كفاءة في التحول وارادة االنجاز!‬

‫ومن ثم تكون سيرورة البرامج السردية للمحكي تأخذ مسارا سلبيا قامعا للمهمش وسكونيا‬
‫للمثقف‪،‬فمرحلة التفعيل التي تسمى مرحلة الفعل االقناعي" يحقق مرسل التفعيل عمليات اقناع‬
‫يستجيب لها المرسل اليه بعمليات تأويل"‪ .51‬وبما ان المرسل والمرسل اليه في الروايات ضدان‬
‫فتظهر عمليات االقناع على انها اكراهات او ضغوط تمارس على المرسل اليه لحمله على‬
‫الخضوع‪،‬اما مرحلة الكفاءة فتتعلق بفاعل االنجاز وهي متالزمة مع االداء والفرق‬
‫بينهما‪،‬الكفاءةتمثل"كينونة الفعل" عالقة فاعل االنجاز بمواضيع الجهة‪،‬اما االداء فيمثل"فعل الكينونة"‬
‫عالقة فاعل االنجاز بحاالت الكينونة‪،‬ومثلما يتضح في البرامج السردية"‪ " 6، 5، 1‬فأن فعلي‬
‫الكفاءة واالداء متعلقان باالخر او بالجنوبي الممثل للسلطة‪ ،‬بينما في البرامج"‪ " 3، 2‬ادت الذوات‬

‫‪167‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫اداء" افتقد القدرة واالرادة‪ ،‬او كان اداء اكراهيا من قبل االخر‪ ،‬او كان ساديا تدميريا ولذلك جاءت‬
‫مرحلة االعتراف او "الجزاء" والتي تقرر فيها المصداقية وتقيم فيها االداءات تعبيرا عن الهزيمة‬
‫والفشل للذات‪ ،‬وعن صورة قاتمة للشخصية السردية!‪.‬‬

‫‪168‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬

‫التاريخ والحقيقة لدى ميشيل فوكو‪،‬السيد ولد اباه‪،‬الدار العربية للعلوم‪،‬بيروت‪،‬الطبعة الثانية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 1425‬ه‪ 2004 -‬م‪.‬‬
‫التحلي ل الس يميائي للنص وص‪،‬فريق انترفرن‪،‬ترجم ة‪ ،‬حبيب ة جري ر‪،‬دارنين وى للدراس ات‬ ‫‪-‬‬
‫والنشر‪،‬دمشق‪ ،‬الطبعة االولى‪2012،‬‬
‫الثقافة واالمبريالية‪،‬ادواردسعيد‪،‬ترجم ة كم ال اب و ديب‪،‬داراالداب‪،‬ب يروت‪،‬الطبع ة الثالث ة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪2004‬‬
‫السيميائيات السردية مدخل نظ ري‪،‬س عيدبنكراد‪،‬منش ورات ال زمن ومطبع ة النج اح الجدي د‬ ‫‪-‬‬
‫الدار البيضاء‪2001،‬‬
‫الغالمة‪،‬عالية ممدوح‪،‬دار الساقي للنشر‪،‬بيروت‪،‬الطبعة االولى‪2000،‬‬ ‫‪-‬‬
‫المصطلح السردي‪،‬جيرالدبرنس‪،‬ترجمة عابد خازندار‪،‬المشروع الق ومي للترجم ة‪ ،‬المجلس‬ ‫‪-‬‬
‫االعلى للثقافة‪،‬القاهرة‪،‬الطبعة االولى‪2003،‬‬
‫النقد البنيوي للحكاية‪،‬روالنبارت‪،‬ترجمة وتقديم انطوان اب و زي د‪،‬منش وراتعويدات‪،‬ب يروت‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫باريس‪،‬الطبعة االولى‪1988،‬‬
‫بني ة النص الس ردي من منظ ور النق د االدبي‪،‬حميدلحم داني‪،‬المرك ز الثق افي‬ ‫‪-‬‬
‫العربي‪،‬الدارالبيضاء‪،‬الطبعة الثالثة‪2000،‬‬
‫تل اللحم‪،‬نجم والي‪،‬دار ميريت للنشر‪،‬القاهرة‪،‬الطبعة الثانية‪2005،‬‬ ‫‪-‬‬
‫درب الزعفران‪،‬محسن الموسوي‪،‬دار الشروق‪،‬القاهرة‪،‬الطبعة االولى‪1990،‬‬ ‫‪-‬‬
‫رياح شرقية رياح غريبة‪،‬مهدي عيسى الصقر‪،‬دار عشتار للنشر والتوزيع‪،‬القاهرة‪1998،‬‬ ‫‪-‬‬
‫سابع اي ام الخل ق‪،‬عب د الخ الق الرك ابي‪،‬دار الش ؤون الثقافي ة العام ة‪،‬بغ داد‪،‬الطبع ة االولى‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪1994‬‬

‫سيميائيات االهواء‪،‬من حاالت االشياء الى ح االت النفس‪،‬غريم اس وج اك فونت اني‪،‬ترجم ة‬ ‫‪-‬‬
‫وتقديم‪،‬سعيدبنكراد‪،‬دار الكتاب الجديد‪،‬بيروت‪2010،‬‬
‫سيمويطيقا الذات بين النظرية والتطبيق‪،‬جميل حمداوي‪،‬بحث الكتروني‪،‬منشورعلي موال‬ ‫‪-‬‬
‫شخصية الفرد العراقي‪،‬علي الوردي‪،‬مكتبة النجاح‪،‬الطبعة الثامنة‪2006،‬‬ ‫‪-‬‬
‫شعرية الرواية‪،‬فانس ون ج وف‪،‬ترجم ة لحس ن لحمام ة‪،‬دار التك وين للنش ر‪،‬دمش ق‪،‬الطبع ة‬ ‫‪-‬‬
‫االولى‪2012،‬‬
‫في الخطاب السردي نظرية غريماس‪،‬محم د ناص ر العجيمي‪،‬ال دار العربي ة للكت اب‪،‬ت ونس‬ ‫‪-‬‬
‫‪1991‬‬

‫‪169‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫مجلـة كليـة التربيـة ‪ /‬جامعة واسط‬ ‫العـدد العشرون‬

‫___________________________________________________‬

‫كتاب ارسطو طاليس في الشعر‪،‬ترجم ة ش كري محم د عي اد‪،‬دار الكت اب الع ربي للطباع ة‬ ‫‪-‬‬
‫والنشر‪،‬القاهرة‪1967- 1368،‬‬
‫كراسة كانون‪،‬محمد خضير‪،‬دار الشؤون الثقافية العامة‪،‬الطبعة االولى‪2001،‬‬ ‫‪-‬‬
‫معجم تحليل الخطاب‪،‬باتريك ش اردو‪،‬دومني ك منغ و‪،‬ترجم ة عب د الق ادر المه يري‪،‬حم ادي‬ ‫‪-‬‬
‫صمود‪،‬دار سيناترا للنشر‪،‬تونس‪2008،‬‬
‫معجم مصطلحات نقد الرواية‪،‬لطيف زيتوني‪،‬دار النهار للنشر‪،‬بيروت‪2002،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مورفولوجية الخرافة‪،‬فالديميربروب‪،‬ترجمة‪،‬انطوان ابو زيد‪،‬المركز الثق افي الع ربي‪،‬ال دار‬ ‫‪-‬‬
‫البيضاء‪،‬‬

‫‪170‬‬ ‫تموز ‪2015‬‬


‫‪-1‬ينظر النقد البنيوي للحكاية‪/‬بارت‪،‬ت‪12،:‬‬

‫‪- 2‬ا ينظرالتحليل السيميائي للنصوص‪،‬فريق انترفون‪،‬ت‪:‬حبيبة جرير‪.14،‬‬

‫‪-3‬مورفولوجيةالخرافة‪،‬فالديميربروب‪،‬ت‪:‬انطوان ابو زيد‪35/‬‬

‫‪-4‬مورفولوجية الخرافة‪39/،38/‬‬

‫‪-5‬النقد البنيوي للحكاية‪16/‬‬

‫‪ - 6‬كتاب ارسطو طاليس في الشعر‪/‬ترجمة وتحقيق الدكتور شكري محمد عياد‪،52/‬وقد ذكر بارت في كتابه" النقد البنيوي للحكاية"‬
‫عن ارسطو ما نصه"باالمكان ايجاد حكايا دونما خصائص‪،‬ولكن يستحيل ان توجد خصائص دون حكايا"‪122 /‬‬

‫‪-7‬السيميائيات السردية‪/‬مدخل نظري‪،‬سعيد; بنكراد‪36،‬‬

‫‪-8‬التحليل السيميائي للنصوص‪36،‬‬

‫‪-9‬نفسه‪54،‬‬

‫‪-10‬نفسه‪41،‬‬

‫‪-11‬ينظر سيمياء االهواء‪،‬غريماس‪ ،‬جاك فونتاني‪،‬ت سعيد بنكراد‪ ،‬مقدمة المترجم‪21،‬‬

‫‪-12‬ينظر السيميائيات السردية‪ ،‬مدخل نظري‪28 ،‬‬

‫‪-13‬سيمياء االهوا‪53،،‬‬

‫‪-14‬سيميوطيقا الذات بين النظرية والتطبيق‪،‬جميل حمداوي‪15،‬‬

‫‪ -15‬التحليل السيميائي للنصوص‪37/‬‬

‫‪-16‬نفسه‪37/‬‬

‫‪-17‬شعرية الرواية‪/‬فانسون جوف‪100/‬‬

‫‪-18‬التحليل السيميائي للنصوص‪63/‬‬

‫‪-19‬في الخطاب السردي‪،‬نظرية غريماس‪/‬محمد ناصر العجيمي‪40/‬‬

‫‪-20‬شعرية الرواية‪102/‬‬

‫‪-21‬ينظر المصدر نفسه‪،105/‬وفي الخطاب السردي‪،26/‬يقول المؤلف"اهم مبدأ افادته الداللية من االلسنية القول بأن المعنى شكل‬
‫وليس وليس مادة"‬
‫‪-22‬شعرية الرواية‪105/‬‬

‫‪-23‬المصطلح السردي‪/‬جيرالد برنس‪ /‬ت‪:‬عابد خزندار‪19/‬‬

‫‪-24‬ينظر التحليل السيميائي للنصوص‪43/‬‬

‫‪-25‬ينظر معجم تحليل الخطاب‪24/‬‬

‫‪-26‬بنية النص السردي‪،‬حميد لحمداني‪،33/‬‬

‫‪ -27‬ينظر في الخطاب السردي‪،‬نظرية غريماس‪38/‬‬

‫‪-28‬في الخطاب السردي‪42/‬‬

‫‪-29‬شعرية الرواية‪106/‬‬

‫‪-30‬التحليل السيميائي للنصوص‪64/‬‬

‫‪-31‬ينظر التحليل السيميائي للنصوص‪61/ 60،‬‬

‫‪-32‬ينظر المصدر نفسه‪48/‬‬

‫‪-33‬التحليل السيميائي للنصوص‪52/‬‬


‫‪34‬‬
‫‪-‬درب الزعفران‪/،‬محسن جاسم الموسوي‬

‫‪35‬‬
‫‪-‬سابع ايام الخلق‪/‬عبد الخالق الركابي‬

‫‪36‬‬
‫‪-‬رياح شرقية رياح غربية‪،‬مهدي عيسى الصقر‬

‫‪37‬‬
‫‪-‬كراسة كانون‪/‬محمد خضير‬

‫‪-38‬ينظر شعرية الرواية‪103/‬‬

‫‪39‬‬
‫‪-‬تل اللحم‪،‬نجم والي‬

‫‪40‬‬
‫‪-‬الغالمة‪ ،‬عالية ممدوح‬

‫‪-41‬التحليل السيميائي للنصوص‪85،‬‬

‫‪ -42‬ينظر المصدرنفسه‪ ، 63،‬االفعال الجهاتية من مثل" ارادة الفعل‪،‬قدرة الفعل‪"،‬‬

‫‪-43‬التاريخ والحقية لدى ميشيل فوكو‪،‬السيد ولد اباه‪175،‬‬

‫‪ - 44‬يقول ادوارد سعيد في كتاب" الثقافة واالمبريالية" ‪،‬ت‪،‬كمال ابو ديب "ان االشكالية المركزية بالنسبة للوكاش في عمله الرئيسي‬
‫التاريخ والوعي الطبقي هي الزمانية‪ ،‬اما بالنسبة لغرامشي فأن التاريخ االجتماعي والواقع‪،‬يدركان في اطار معطيات جغرافية"‪/‬‬
‫‪116‬‬

‫‪-45‬معجم مصطلحات نقد الرواية‪،‬لطيف زيتوني‪34،‬‬

‫‪- 46‬البطل المضاد هو البطل السلبي والذي ال يمتلك من مواصفات البطولة شيئا‪ ،‬معجم مصطلحات نقد الرواية‪36،‬‬

‫‪-47‬التحليل السيميائي للنصوص‪75،‬‬

‫‪48‬ينظر الكتاب نفسه‪75،‬‬

‫‪ - 49‬يقول الدكتور الوردي" ان العراقي سامحه اهلل‪،‬اكثر من غيره هياما بالمثل العليا ودعوة اليها في خطاباته وكتاباته ولكنه في نفس‬
‫الوقت من اكثر الناس انحرافا عن هذه المثل في واقع حياته"‪،‬شخصية الفرد العراقي‪36،‬‬

‫‪- 50‬يتحدث جاك فونتاني ب عن مفهوم "التمفصل" بين الذات االبستمولوجيةبأعتبارها شرطا مسبقا وبين المسار المسند للذات‬
‫السردية" المحتمل والمحين والمتحقق" من خالل توسط االهواء‪ ،‬ينظر سيمياء االهواء ‪،‬جاك فونتاني‪،‬غريماس‪،‬ت‪:‬سعيد بنكراد‪53،‬‬

‫‪-51‬التحليل السيميائي للنصوص‪91،‬‬

You might also like