Professional Documents
Culture Documents
العلّة النحوية عند المتنبي
العلّة النحوية عند المتنبي
إن إثب ات ( ي اء المتكلم ) في المن ادى يفي د من ع التب اس المن ادى المض اف
َ
بالمن ادى المف رد( ) .وق د وردت ه ذه اللغ ة في ثالث ة مواض ع من ش عر المتن بي، 1
نحو:
الناس في إرضاِئ ِه
طت ُك َّل َّ
أس َخ ُ
ْ َو ِب ُم َه ِجتي يا عاذلي المل ُك الذي
ونحو :
ّأذاةً أو نجـــــــــــــــــــــــاةً أو هالكا وَأياً شْئ ِت يا طُُرقـــــي فَ ُكـــــــــوني
َّ
ونحو :
ِ
فيــــــــــه َلظ َن ْن ِت َج َّنتي يا لب لو َر َْأي ِت َل ِه َي ُ
بـــــــــه وق َق ٍ
َو ُخفُ ُ
()2
َج َه َّنما
ج اء المن ادى في ه ذه األبي ات مض افا إلى ( ي اء المتكلم ) ،وج اء باللغ ِة ال تي
تثبت
( ياء المتكلم ) وتسكنه وقف اً ووص الً .وقد جاء النداء هنا معترض اً بين شيئين،
َم ا في البي تين اآلخ رين
فج اء في ال بيت األول معترض اً بين ب اء التفدي ة والمف دى أ َ
فق د ج اء بين الش رط وجوابه وق د أف اد ه ذا االس تعمال األبي ات تحس يناً وتقوي ةً
وتسديداً ،فجاء الكالم مؤثراً في المتلقي.
ودل الن داء في ال بيت األول على مع نى التش هير ف أراد أن يش هر وين وه
َ
()3
ويعترف بحبه وطاعته لممدوحه ،وقد ذكر الزمخشري هذا المعنى في الكشاف
ينظر :شرح ديوان المتنبي للعكبري .4/28 ،2/395 ،1/22 : )(2
حذف بعض المصوتات في الكلمات الطوال وهو يختلف عن التخفيف بحذف الحركة ،وتسكين
المتح رك ،وح ذف اح د المض عفين ،وت رك الهم ز ،وق د ُأوج زت أب واب في الص رف للتخفي ف
ومنه (اإلدغام) مثالً فهو مبني كون العلّ ة في العربية تكره كما اشرنا في العلّ ة السابقة توالي
()
األمثال ،وتستثقله فتلجأ بحيلة للتخفيف باإلدغام حتى يصير هذان المثالن حرفاً واحداً . 1
ينظر :ظاهرة المشاكلة في الصرف العربي ،إبراهيم جميل إبراهيم ،ط1426 ،1/ه.92 : )(1
()2
القياس في كثير من المسائل النحوية التي يدرسونها ويعلقون عليها وقد استعمل النحويون
ويجرون عليه ا اآلراء اللغوي ة والنحوي ة ،وأن الع رب تق ول في تص غير الس نة (س نيهة) ،ويق ال
()
في جمعها (سنهات) علىالقياس بما ُسمع عن العرب وما لم ُيسمع عنهم . 3
من أئم ة القي اس بع د أبي علي الفارس ي وأبي الفتح ابن ج ني ،ج ار اهلل أبو القاسم محم د بن )(2
العل وي ص احب األم الي (542هـ) وأب و البرك ات كم ال ال دين عب د ال رحمن بن األنب اري (
577هـ) ،ثم العك بري محب ال دين أب و البق اء عب د اهلل بن الحس ين (616هـ) ،ينظ ر :النح اة
ينظر :شرح ديوان المتنبي للواحدي ،249 :وشرح ديوان المتنبي للعكبري.91-3/90 : )(4
ق الوا :المع روف من الع رب األت ُرج وال ُتر ْنج مم ا يغل ط ب ه العام ة ،فق ال أب و
()
الطيب :يقال أترجة وأترج وترنج . 1
ذكر االشموني (ت900 :ه) ان حرف الجر (في) تأتي للسببية وتسمى التعليلية
()
ايضاً ، 2وقد استعملها المتنبي وبهذا المعنى لتحقيق خطابه كما في قوله:
()3
لقاء ُك ْم … ولو لم تُِر ْد ُكم لم ت ُكن في ُك ُم ْ
خصمي عني َتغ ْر لم ْتز ِو ّ
فلولم َ
فقد جاء بحرف (في) هنا للداللة على التعليلي ،وألنها تؤدي معنى السبب ،وان
()4
ألنه قال لعل بها ،فكان كمن شك ثم هذا البيت تقوية لما ظنه في البيت األول
أقام األدلة على ان ظنه صحيح فقال لو لم تغر ،من الغيرة يعني بها النوى ،لم ِ
تزو
()
عني لقاءكم ،أي لم تصرفه ، 5فهو هنا يرسم استراتيجية اقناع للمخاطب باستعماله
لحرف الجر (في).
شرح ديوان المتنبي للعكبري ،3/91 :و الواضح في مشكالت شعر المتنبي.17 : )(1
ينظر :شرح ديوان المتنبي للواحدي ،66:وشرح ديوان المتنبي للعكبري.3/366 : )(3
فهو يقول ( :لومي البعد بتبعيد هذه المرأة عني ،واختصاصه بها غاية الظلم له ،فلعل به
من السقم والعشق مثل ما بي فتعشق هذه المرأة الذي ذهب بها .ينظر :معجز احمد.1/282 :
(الشاميات)
ينظر :الالمع العزيز رح ديوان المتنبي.1240 : )(5
ومنه ما جاء في قول المتنبي:
()1
سل ُّ
الرد مكنه فيسه ِمهالمر ِ
رميه … َوُي ُ ِ
ُْ َْ الشيء من قَْبل ْ
َ صيب
كاد ُي ُ
َي ُ
وفيه منع ابن جني ان يكون الفعل (يمكن) معطوفاً على (يكاد) ،ورأى أنه يكون
معطوف اً على (يص يب) ،وه و من ع نج د ص داه في كتب الخ الفين ألبي الفتح ،على
()2
نحو اهمال العطف على (يكاد) وذكر العطف على (يصيب) وحده .
وق د أحس ن أب و العالء كث يراً في ت ردده بين العطفين ف ذكر أن الق ول بعط ف
(يمكن) على (يص يب) في ه تخليص للش اعر من المبالغ ة المفرط ة في الم دح على
نحو الكذب أي معناه (لم يصبه) فيكون المعنى أنه حكم بإمكان رد سهم الممدوح
()3
صيبالمرسل ،وهذا ما فر منه ابن جني ،وقال العكبري( :يمكنه معطُوف علىي ِ
ُ ُ ُ َْ
اَل على ي َك اد اْل َم ْع نى ُي ِريد َأن اِإْل َ
ص َابة من قبله لمسارعتها ت َك اد تسبق رميه َوُيمكن