Professional Documents
Culture Documents
لجنة المناقشة
المقـدمـــة.
إنه ليس في النظام اإلسالمي من هو معفى من المسؤولية ،عن عبد هللا بن عمر رضي هللا
فاألم ُير َّالِذي َعَلى ِ اعَ ،وُكُّل ُك ْم مسؤول َع ْن َرِعيَِّت ِه،
عنهما عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال " :أال ُكُّل ُك ْم َر ٍ
اع عَلى أَه ِل بيِت ِه ،وهو مسئول عنهم ،واْلم أَرة ر ِ
اع َي ٌة َعَلى َب ْي ِت ؤول َع ْن َرِعيَِّت ِهَ ،و َّ الن ِ
َّ
َْ ُ ْ َ َْ ُ َ ْ َْ َ َُ الرُج ُل َر ٍ َ اعَ ،و ُه َو َم ْس ٌ
اس َر ٍ
ال َسِِّيِدِه َو ُه َو مسؤول َع ْن ُه ،أال َف ُكُّل ُك ْم َر ٍ
اعَ ،وُكُّل ُك ْم اع عَلى م ِ ِِ ِ ِ
َب ْعل َها َوَوَلدهَ ،وه َي َم ْسؤوَل ٌة َع ْن ُه ْمَ ،واْل َع ْبُد َر ٍ َ َ
ؤول عن رعيته " -متفق عليه -ومنه فالمسؤولية مرتبطة حتما بالسلطة أي كل من تولى السلطة َم ْس ٌ
يخضع للمساءلة عن ما تولى من أمر الرعية ،ولما كان أمر الناس ال يستقيم بغير حاكم ألنهم بحاجة
إلى من يحميهم ويحفظ حقوقهم ويؤمن مصالحهم ويصون دينهم ،لذا فرض هللا عز وجل على المؤمنين
يعوا َطيعوا َّ ِ ِ طاعة أولي األمر وجعلها تابعة لطاعته ورسوله قال عز من قائل " يا أَي َّ ِ
َّللاَ َوأَط ُ آمُنوا أ ُ ُّها الذي َن َ َ َ
اَّلِ واْليو ِم ِ
األِ ِر ِ ِ َّللاِ و َّ ِ ِ ِ ٍ ِ ِ ِ
الرُسول إ ْن ُكنتُ ْم تُ ْؤم ُنو َن ب َّ َ َ ْ األم ِر م ْن ُك ْم َفإ ْن تََن َازْعتُ ْم في َش ْيء ُ
فرُّدوهُ إَلى َّ َ ول َوأ ُْولِي ْ الرُس َ
َّ
َح َس ُن تَأ ِْويال" 1و لم يكرر فعل األمر أطيعوا مع أولي األمر حي ال طاعة مطلقة للحاكم ، ِ
َذل َك َِ ْيٌر َوأ ْ
إنما يطاعون بطاعتهم هلل ورسوله كما جعل للطاعة شرط هو اإليمان وهو رد ما يتنازعون فيه إلى هللا
ِ ِ ول ِإن كنتم تؤ ِمنون ِب َّ ِ َّللاِ َو َّ ٍ ِ
اَّل َواْل َي ْو ِم األِ ِر َذل َك َِ ْيٌر َوأ ْ
َح َس ُن الرُس ِ ْ ُ ُ ْ ُ ْ ُ َ فرُّدوهُ ِإَلى َّ ِ
ورسوله " َفإ ْن تََن َازْعتُ ْم في َش ْيء ُ
تَأ ِْويال" .2ومع تطور المجتمعات اتسعت سلطات الدولة وتطورت نظاما وحكما ووسط هذه السلطات
المتسعة والتي أصبح ال غنى عنها النتظام حياة األفراد في المجتمع كان لزاما ترسيخ ضمانة هامة
تتمثل في مبدأ المشروعية أين انطوت تحت لواءه الكثير من الدول حتى أصبح طابعا تتميزبه الدول
القانونية والتي يخضع فيها الحاكم والمحكوم للقانون وكلهم على قدم المساواة في الحقوق والواجبات وفي
لم يعد الخضوع للقانون مقصو ار على األفراد يلتزمون بأحكامه الخضوع لكل أنواع الرقابة والمسائلة حي
بل تعدى ذلك إلى السلطة الحاكمة والحاكم على الخصوص إذ يخضع لمبدأ المشروعية أي "القانون"
وبعكس ذلك نكون أمام حاكم مستبد يعمل على حمل شعبه على احترام القانون دون أن يلتزم به لتصبح
إرادة الحاكم مطلقة طليقة من كل قيد إن شاء طبق القانون أو استبعده.
ولما كانت السلطة المطلقة مفسدة مطلقة كان لزاما أن الحاكم يخضع للقانون ولرقابة القانون الذي
يطبقه القضاء كهيئة رقابة على الحاكم ولكي يكتمل النظام القانوني للدولة ال بد من أن يكون هناك
استقالل للسلطة القضائية ورقابة قضائية على أعمال اإلدارة،الن استقالل القضاء دعامة أساسية لقيام
أ
مقدمة
الدولة 1فسيادة القانون ال تتحقق دون أن تشمل الحكام والمحكومين على حد سواء 2وقد انتهى الفقه
تكون المسؤولية وعلى قدر المسؤولية تكون الدستوري إلى قاعدة شهيرة مفادها أن السلطة تكون حي
السلطة.إن مسالة الرقابة القضائية على الحاكم مسالة مهمة إذ من ِاللها يمكن تكريس مبدأ المشروعية
وكذا تعزيز أسس الشورى والديمقراطية وهي ضمان لعدم ِروج الحاكم على ما حدده القانون كما أن
مسألة الرقابة القضائية على الحاكم مسألة مرت عبر األزمنة بالعديد من التطورات ،من مرحلة كانت
منعدمة على اإلطالق إلى وصولها لمرحلة مسؤولية الحاكم وِضوعه للرقابة.
فما المقصود بالرقابة القضائية على الحاكم وما هي أسسها وتطبيقاتها في الفقه اإلسالمي
تمهيدي إلى فصلين بعد مبح لإلجابة عن هذه األسئلة اِترنا تقسيم البح والقانون الوضعي الحدي
يتمحور الفصل األول بعنوان ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية
الحديثة وفصل ثاني بعنوان آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين
أن اعتمد على منهج استقرائي تحليلي ومنهج مقارن في الدستورية الحديثة وقد وجدت لمقتضيات البح
طرح البح .
في مسألة الرقابة القضائية على الحاكم تستلزم ضبط بعض المفردات والمصطلحات إن البح
وتبيان مفهومها وداللتها لغة واصطالحا سواء في الفقه اإلسالمي أو القانون الوضعي لذلك ارتأيت أن
تمهيدي ِاص بضبط المصطلحات . يكون مبح
-1األستاذ ذبيح ميلود ،الفصل بين السلطات في التجربة الدستورية الجزائرية،دار الهدى ،عين مليلة الجزائر،
،7002ص.8
-2لجلط فواز ـ أطروحة دكتوراه في القانون،بعنوان الضمانات الدستورية لحماية مبدأ الشرعية،جامعة الجزائر-،،70،1
،70،9ص3
ب
الفصل االول
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
الفصـــل األول :ماهيـــة الرقابـــة القضـــائية علـــى الحـــاكم بـــين الفقـــه اإلســـالمي
والقوانين الدستورية الحديثة
عن ماهية الرقابة القضائية على الحاكم في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي يتطلب إن البح
عن النصوص الواردة في القران الكريم والسنة النبوية عن مسؤولية الحاكم أو الخليفة أو أمير البح
المؤمنين هذه النصوص تجعل من سلطة الحاكم ِاضعة لقواعد الدين وهي النصوص التي تقوم تباعا لها
في القواعد الفقهية كمصدر لمسؤولية الحاكم وأساس لمسائلة الحاكم مسؤولية الحاكم ،كما يتطلب البح
عن أحكام الرقابة القضائية على الحاكم في القوانين الوضعية. عن تصرفاته كما يتطلب البح
في ذلك يتطلب طرح إشكاليات عديدة تتلخص في :ما مصادر مسؤولية الحاكم في الفقه وللبح
اإلسالمي ؟ وفيما تتمثل ِصائصها وصورها ؟ إلى أي مدى تتجلى أحكام الرقابة القضائية على الحاكم ؟
وكيف نشأت وتطورت؟ وما هي المراحل التي مرت بها؟ وما أنواع الرقابة على الحاكم ؟.
4
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
المسؤولية :ويقصد بها تحمل نتائج األفعال والتصرفات المتحققة فعالً وتقع في ثالثة مستويات.
أ -المسؤولية الذاتية :وهي المسؤولية عن األفعال والتصرفات الذاتية وهي مبدأ مهم في الرقابة ،فكل
فرد مسئول عن أفعاله أمام هللا ،قال تعالى" :كل امرئ بما كسب رهين" .1
ب -المسؤولية الجماعية :أي رقابة الجماعة على الفرد ،وهي تأكيد ألهمية الرقابة الخارجية ،يقول
تعالى" :والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" ،.2عن عبد هللا
بن عمر رضي هللا عنهما انه سمع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول" :كلكم راع وكلكم مسئول عن
رعيته ".متفق عليه.3
ج -المسؤولية اإلدارية :وتعني مسؤولية الحاكم عن رعيته ،فمن تولى أمر المسلمين يكون مسؤوالً أمام
هللا في شؤونهم ،وبالتالي فهو مسؤول أمام الناس وأمام هللا عن المحافظة على أحكام الشريعة وحدود هللا،
اح ُك ْم َب ْي َن ُه ْم ِب َما وبالتالي فإن سلطته مقيدة بتلك األحكام وبتحقيق مصالح المسلمين يقول هللا تعالى" :وأ ِ
َن ْ َ
َّللاُ."4
أ َْن َزَل َّ
انه ال يوجد في اإلسالم من هو بمنأى عن المسؤولية ابتداء من رئيس الدولة اإلسالمية حي
وهو أعلى سلطة في الدولة إلى اصغر فرد فيها ،فكل فرد في الدولة اإلسالمية مسؤول مسؤولية كاملة
عن أفعاله وأقواله أمام هللا سبحانه وتعالى ،إلى جانب مسؤوليته في الدنيا تجاه المجتمع الذي يعيش فيه.
إن اإلسالم ال يعطي رئيس الدولة مرك از ِاصا يعفيه من النصح والتوجيه والمحاسبة من أفراد
الدولة اإلسالمية ،فهو فرد من أفرادها ،إال أن األمة تختاره ليكون ممثال لها يتولى اإلشراف على أمورها
وتدبير شؤون ها ،وهو ملزم بأن ال يخرج عن أحكام اإلسالم ،فان تحقيق العدالة ال يتأتى إال بان يسأل كل
فرد عن أفعاله وتصرفاته .ورئيس الدولة كذلك ،فال بد من مساءلته ومحاسبته تحقيقا للعدالة والمساواة إن
ِالف أي حكم من أحكام الشريعة .القرآن الكريم جاء بأحكام عامة لجميع المسلمين صغيرهم وكبيرهم ،
حاكمهم ومحكومهم على حد سواء ،فكل من يرتكب جريمة يحاسب عليها حتى ولو كان رئيس الدولة
نفسه ،فليس له أن يستعلي على أحكام اإلسالم أو يقول أن قواعد وأحكام اإلسالم ال تنطبق عليه كونه
رئيسا للدولة فكل الناس سواسية أمام الشرع وال تفاضل بينهم إال بالتقوى.
5
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
فإذا ارتكب رئيس الدولة اإلسالمية جناية تستوجب عقوبة تعزير أو قصاص أو حد فإنه يحاسب
عليها بل يجب على األمة محاسبته وإقام الحد ويقتص منه ويعزر بحسب األحوال.1
-،غسان عبد الحفيظ دمحم حمدان ،رسالة ماجستير في الفقه والتشريع ،جامعة النجاح الوطنية ،نابلس فلسطين7003،
- 2سورة األحزاب اآلية . 27
6
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
كتابه . 1فإذا كان األنبياء وهم اشرف ِلق هللا وحملة رساالته وقد ِيرهم هللا سبحانه عز وجل عن باقي
البشر ،هم يحاسبون ومأمورين بالحكم بالعدل فمن باب أولى الحكام أن يلتزموا بالحق والعدل.
سورة النساء اآلية .98
َن تَ ْح ُك ُموا ِباْل َع ْد ِل ِۚإ َّن هللا َهلِ َها َوإِ َذا َح َك ْمتُ ْم َب ْي َن َّ ِ
الن ِ
اس أ ْ األم َانات ِإَلى أ ْ
َن تؤدوا َ ْم ُرُك ْم أ ْ
هللا َيأ ُ "ِإ َّن
ير"
ص ًاِب ِه ِۚإ َّن هللا َكان س ِميعا ب ِ ِن ِع َّما َي ِع ُ
ظ ُك ْم
َ َ ً َ
("إن هللا يأمركم أن تؤدوا األمانات" أي ما اؤتمن عليه من الحقوق «إلى أهلها» نزلت لما أِذ
علي رضي هللا عنه مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة لما قدم النبي صلى هللا عليه وسلم مكة عام الفتح
ِّ
ومنعه وقال لو علمت أنه رسول هللا لم أمنعه فأمر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم برده إليه وقال هاك
علي اآلية ،فأسلم وأعطاه عند موته ألِيه شيبة فبقي في ولده .
ِالدة تالدة فعجب من ذلك فق أر له ُّ
واآلي ُة وإن وردت على سبب ِاص فعمومها معتبر بقرينة الجمع "وإذا حكمتم بين الناس" يأمركم
نعما" فيه إدغام ميم نعم في ما النكرة الموصولة أينعم شيئا "يعظكم به" تأدية
"أن تحكموا بالعدل إن هللا َّ
2
األمانة والحكم بالعدل"إن هللا كان سميعا" لما يقال "بصي ار" بما يفعل)
من ِالل اآلية الكريمة هي ِطاب صريح لالبتعاد عن الخيانة بكل أنواعها سواء ِيانة هللا
سبحانه عز وجل أو ِيانة األمانة بما فيها هذا الفعل من دناءة.
(و المقصــود مــن هــذه اآليــة أن تكــون فرقــة مــن األمــة تتصــدى لهــذا الشــأن ،وإن كــان ذلــك واجبــا
على كل فرد من األمة بحسبه ،كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضية هللا عنه قال :قال رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم " من رأى منكم منك ار فليغيره بيده ،فإن لم يستطع فبلسانه ،فإن لـم يسـتطع فبقلبـه،
وذلك اضعف اإليمان).
- 1ابن كثير ،تفسير القران العظيم ،دار إحياء الكتب العربية ،ص . 191
- 2بن كثير ،المرجع السابق.
7
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
" َوُق ِل ْ
اع َمُلوا َف َس َي َرى هللا َع َمَل ُك ْم َوَرُسوُل ُه َواْل ُم ْؤ ِمُنو َن"
الش َه َاد ِة َفُي َنِِّبُئ ُكم ِب َما ُكنتُ ْم تَ ْع َملُو َن".
"وستُرُّدو َن ِإَلى َعالِ ِم اْل َغ ْي ِب و َّ
َ ََ َ
إن لفظ -وقل ِ -طاب موجه للرسول صلى هللا عليه وسلم النبي أن يقول للعباد أن اعملوا هلل
بما يرضيه من طاعته ،وأداء فرائضه ،واجتناب المعاصي ،فسيرى هللا عملكم ورسوله والمؤمنون ،وسيتبين
أمركم ،وسترجعون يوم القيامة إلى َمن يعلم سركم وجهركم ،فيخبركم بما كنتم تعملون .وفي هذا تهديد
ووعيد لمن استمر على باطله وطغيانه.
7009 ، .- 1د .عبد العزيز دمحم عزام ،القواعد الفقهية ،دار الحدي
8
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
تعتبر مصدر من مصادر التشريع اإلسالمي وأساس النضر في تصرفات ومراقبة الحاكم من أهل الحل
العقد .
قال اإلمام الشافعي " منزلة اإلمام من الرعية منزلة الولي من اليتيم " وقال رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم " ما من عبد استرعاه هللا رعية فلم يحطها بنصيحة إال لم يجد رائحة الجنة ".
و قال صلى هللا عليه وسلم " ما من أمير يولى أمر المسلمين ثم ال يجتهد لهم وينصح إال لم
يدِل الجنة" 1و المقصود منالقاعدةأن صحة ولزوم تصرفات الراعي على رعيته تتوقف على تضمنها
للمصلحة والمنفعة ،فان ِلت منها فال صحة وال لزوم ألنه مطالب بتحري المصلحة وصيانة الحقوق وال
يكون تصرفه شهيا غير مبني على مقتضى المصلحة في التدبير فعن عمر ابن الخطاب رضي هللا عنه
قال " إني أنزلت نفسي من مال هللا بمنزلة والي اليتيم ،إن احتجت أِذت منه فإذا أيسرت رددته فان
استغنيت استعففت" .
ظاهر في التحذير من غش المسلمين كتضييع حقوقهم ،وترك العدل بينهم من ومعنى الحدي
تمييز بعض الناس دون بقيتهم أو تنفيذ األحكام على الضعفاء دون األشراف وتحذير في اإلسراف
والتبذير من المال العام .
-المطلب الثاني :خصائص وصور الرقابة القضائية على الحاكم في الفقه اإلسالمي .
حقوق وحريات األفراد من الضمانات التي قررها اإلسالم ،فنظم بإحكام أمور الحكم والحياة بكل
مجاالتها وأسس قواعد تحكم عالقة اإلنسان بربه هذه القواعد شملت وأحاطت كل عمل العبد بالمسؤولية ،
ومنه كانت المسؤولية صفة متالزمة مع العمل الذي يؤديه بخصائصها وصورها المختلفة.
1صحيح مسلم " شرح النووي على مسلم " ،يحي بن شرف أبو زكرياء النووي ،دار الخير،،552،ص 379
9
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
* الجزاء عن العمل في الحياة اآلخرة :على عكس القوانين الوضعية اإلسالم يمتاز بخاصية الجزاء في
وهذه من أهم ِصائص اآلِرة والمسائلة أمام هللا عز وجل عن المسؤولية التي تولها اإلنسان في الدنيا
المسؤولية في اإلسالم ،إذ انه ال يفلت احد من العقاب أمام هللا عز وجل عن األفعال التي ارتكبها وان
كان استطاع أن يفلت منها في دنياه فاَّل بصير بالعباد ويعلم الجهر وما يخفى.
* الثبات والتطور :إن قواعد الشريعة اإلسالمية ثابتة تصلح للتطبيق في كل زمان ومكان ،فإذا حدثت
تطورات في مجتمع ما وفي زمن ما استطاع رجال الفقه اإلسالمي (المجتهدون) استنباط األحكام ،ووضع
القواعد التي تتماشى مع التقدم في ضوء الكتاب والسنة ،لذلك تعهد هللا بحفظها لقوله تعالى" :إن نحن
2
أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون".
* شخصية المسؤولية والعقاب :كل إنسان يسأل عن أفعاله التي ارتكبها هذه األفعال لصيقة به دون
" كل نفس بما كسبت رهينة" ، 3ويترتب على ذلك أن المسؤولية غير وهو من يسأل عنها لقوله تعالى:
ال تلحق إال الشخص مرتكب الذنب والعقوبة كذلك ألن المسؤولية شخصية ال تلحق إال الجاني ،كما أنها
غير قابلة للتقادم أو تحميلها للغير ولو أراد الغير تحملها وتقوم العقوبة على الشخص وإن كان الفاعل
رئيس الدولة.
01
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
* مبدأ الشرعية في المسؤولية :إن مبدأ الشرعية الذي جاءت به القوانين الوضعية " ال جريمة وال عقوبة
وال تدابير أمن إال بنص " هذه القاعد أسس لها اإلسالم قبل أن تعرفها القوانين الوضعية ذلك أن علم
المسلم باألحكام مسبقا وموضوع المسؤولية ينصرف إلى النص القرآني أو نهج النبي -صلى هللا عليه
وسلم -أما ما لم ينهى عنه أو لم يأمر به هللا بنصوص القران أو بسنة النبي -صلى هللا عليه وسلم -فال
مجال للعقاب عنه إذ انه ال يوجب المسؤولية ،القواعد واضحة أمام المسلم ال يجوز له أن يتعداها ألنه
في حالة تعديه يضع نفسه موضع المساءلة ،ويتعرض للعقاب .
هذا الوزر يتحمله كل البشر سواء كانوا حكاما أم محكومين ،إالِّ من تاب وآمن ورجع إلى هللا
وعمل صالحا فإن هللا يغفر له لقوله تعالى " :إالِّ من تاب وآمن وعمل عمال صالحا فأولئك يبدل هللا
سيئاتهم حسنات وكان هللا غفو ار رحيما" ،2ولقد لعبت المسؤولية الدينية ومازالت دو ار هاما في حياة األمة
اإلسالمية من تهذيب لألِالق وحسن المعامالت وااللتزامات مع الغير ،ألن القرآن الكريم والسنة المطهرة
وبينت أن كل إنسان سوف يجد ما قدم من ِير أو شر في الدنيا ،وأن هللا تعالى سيحاسب
قررت ذلك ً
عليه وسوف يجازي كل نفس بما كسبت.
00
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
إن النص الديني أساس كل مسؤولية ومرجعية تتضمن قاعدة سلوك اجتماعي مخالفتها ينتج
عنها إضرار بمصلحة محددة للفرد وتكون المسؤولية حسب طبيعة قاعدة السلوك والمصلحة المخالفة،
فنجد المسؤولية المدنية واإلدارية والجنائية وحتى السياسية ،ويالحظ أن القانون قد أِذ بنفس التقسيم
الذي أِذ به فقهاء الشريعة مع االِتالف في األلفاظ واألسماء وبعض الجزئيات ،لكن المعنى واحد في
االثنين.
-المسؤولـية المدنيـة:
عرفت الشريعة اإلسالمية المسؤولية المدنية وكان لها فضل السبق عن القانون الوضعي،
لقد ً
وكانت مجاال توسع الفقهاء فيه .
يوجد في الفقه الكثير من المسائل التي تفيد أحكاما عن المسؤولية المدنية ،فقد قام الفقهاء
المسلمون بشرح وبسط مسائل الضمان بأنواعه الثالثة :ضمان العقد ،وضمان اليد وضمان اإلتالف،
يعتبر الضمان األول تعويضا عن اإلِالل بااللتزامات العقدية وهو نفسه المسؤولية التعاقدية في حي
القانون ،والنوعان اآلِران -ضمان اليد وضمان اإلتالف -يعبر عنها بالمسؤولية التقصيرية.
اهتمت الشريعة اإلسالمية كذلك بتعويض المضرور سواء كان الضمان منشأه العقد أو كان فعال
ضا ار ،بل يكفي لقيامها توافر أركان المسؤولية المدنية الثالث"الخطأ "في الشريعة التعدي" والضرر
والعالقة السببية ،ولما كان الخليفة في اإلسالم فردا كسائر األفراد وال يتميز عنهم في شيء ،فيسري
عليه ما يسري على األفراد من قواعد في أموره الخاصة وعالقاته الشخصية.
ال توجد للخليفة أي حصانة تمنعه من المسؤولية وفي نطاق المسؤولية المدنية يمكن أن يكون
مدعيا أو مدعى عليه ،وإذ أثبت ِطأه تحمل نتيجة هذا الخطأ فال يجوز له أن يتعدى على حقوق األفراد
ويتحمل مسؤولية مدنية كاملة عن أِطائه التي ينتج عنها ضرر ،فال عالقة لهذه المسؤولية بالمنصب
الذي يشغله الخليفة ،وال تؤثر على استمرار الحاكم في الحكم أو تركه بل يكفي التعويض عما ألحقه
بالغير من ضرر أثناء توليه منصب الرئاسة.1
-،العايب سامية" :مكانة السلطة التشريعية في النظام الدستوري الجزائري طبقا لدستور ،،552مذكرة ماجستير كلية
الحقوق -قالمة7009-
01
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
-المسؤولــية اإلداريـة:
مفهوم المسؤولية اإلدارية في اإلسالم يعني إزاحة الظلم " ديوان المظالم" الواقع من الحكام أو من
ينوب عنهم على األفراد ،وهي صورة للمسؤولية اإلدارية في القانون إالِّ أنها في الشريعة اإلسالمية
صورتها أشمل.
يمارسها بحكم مسؤوليته على المسلمين ، فإذا كا ن الخليفة هو رأس السلطة التنفيذية حي
ويساع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده فيها بتفويـ ـ ـ ـ ـ ــض منه من ينوبه على األقالـ ـ ـ ـ ـ ــيم ،ويخضع الخليفة في اإلسالم للمسؤولية
اإلدارية في جميع ق ارراته ،ولما كان يستطيع ممارسة شؤون الحكم بنفسه فإنه يستعين بغيره من أمراء ووالة
على األقاليم وغيرهم ممن يقومون بممارسة السلطة ال على أساس والية أصلية ،فإذا وقع من أحدهم "من
ينوبه" ظلم ألحد أفراد الرعية سأل الخليفة عن هذا الظلم ويجب رفعه ورد الحق إلى صاحبه ،ومن هنا
نشأت فكرة والية المظالم.
-المسؤولية الجنائية:
المسؤولية الجنائية في اإلسالم عامة يتحملها كل مخاطب في اإلسالم ممن توافرت فيهم األهلية
لنسألنهم أجمعين عما كانوا
ً الالزمة " العقل " إذ تقوم مسؤوليته عن أفعاله لقوله تعالى " :فوربك
يعملون"سورة الحجر اآلية ،.29 ،27 ،فالمسؤولية بصفة عامة ًتوقع على كل فرد ارتكب فعال أِل
بالنظام العام واألمن بالمجتمع .ويالحظ أنه لقيام المسؤولية الجنائية في اإلسالم يجب أن يكون المتهم
مسؤوال عن الجريمة ماديا ومعنويا عالوة على الركن الشرعي وهو تجريم الفعل ،وهذه األركان ال تختلف
في توافرها لقيام المسؤولية الجنائية في القانون عنها في الشريعة ،وعند توافرها فليس هناك ملك يحميه
ملكه إن ارتكب ظلما ،وال استثناء ألحد على اآلِر لعظمته أو جاهه أو سلطانه أو ماله ،فالجميع سواء
أمام هللا فال فضل ألحد على اآلِر.
-المسؤولية السياسية:
إن تقرير حق العزل الذي تمارسه األمة أو أهل الحل والعقد يعتبر مسؤولية سياسية وهو شبيه
لما يعتبر في النظم الدستورية الحديثة جزاء للمسؤولية السياسية ،وهذا النوع من المسؤولية في اإلسالم
عند ثبوت إدانة الحاكم ومخالفته لألحكام الشرعية ،يقوم حق األمة في محاسبة حاكمهم عند ِروجه عن
أحكام الكتاب والسنة المتعلقة بالمصالح العامة ،وعزله من منصبه عند ثبوت إدانته.
01
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
-المبحث الثاني :أحكام الرقابـة القضـائية علـى الحـاكم فـي القـوانين الدسـتورية
الحديثة.
إذا كان النظام اإلسالمي قد قرر المسؤولية عن تصرفات وأعمال الحاكم بصرف النظر عن
مكانتهم ِلفاء أو والة أو عمال...ففيما تتمثل المسؤولية وكيف نشأت وتطورت في القانون الوضعي؟
-المطلب األول :نشأة وتطور الرقابة القضائية على الحاكم في القوانين الدستورية الحديثة.
مراحل عديدة مرت بها مسؤولية الحكام قبل أن يتم النص عنها دستوريا ،كانت البداية بسيادة مبدأ
انعدام مسؤولية الحكام ،كانت البشرية تعتقد أن الحكام في موضع ومكانة فوق البشر ،فقد كان يعتقد أن
الحكام آلهة ثم تطورت النضرة وأصبح اعتبارهم نوابا عن هللا أو ِلفاء هللا في أرضه ،وأمام هكذا معتقدات
عن المسؤولية فقد كانت منعدمة أصال ،إلى أن تطورت المعتقدات والنضرة لم يكن يوجد مجال للحدي
فطالب المحكومين حكامهم باحترام حقوق وحريات الشعوب وطالبوا بسيادة القانون ،والفصل بين شخصية
الحاكم وشخصية الدولة ككيان مستقل.1
وعليه لتوضيح المسؤولية ولمعرفة مدى تالزمها مع مسؤولية الحكام في أعقاب هذه النظم
السياسية البد من التطرق قبال إلى مراحل نشأة المسؤوليـ ــة وِصوصية كل مرحلة من مراحل إرساء
المسؤولية.
-الفرع االول :مرحلة انعدام تقرير مسؤولية الحاكم( -المرحلة األولى النظريات الثيوقراطية)
إن مبدأ انـعدام مسؤولية الحكام نظرية سادت في القديم استنادا إلى أن مكانة الحكام فـوق كل
الناس ،بل هم آ لهة ثم تطورت االعتقادات إلى أنهم نواب عن هللا في األرض وكان من المنطقي في ظل
عن المسؤولية باعتبارها منعدمة أصال ،و في مرحلة نهاية ألوهية هذه المعتقدات أال يوجد مجال للحدي
الحاكم واالعتقاد أن الحاكم ممثل عن الرب فمسؤولية هؤالء الحكام ال تقام إال أمام هللا مباشرة.2
هذه المعتقدات عبر التاريخ كانت أساس السلطة فأقرتها المسيحية في أول عهدها ثم استند إليها
الملوك في أوربا في القرنين ( ،2و. ) ،2
ف ي هذه المرحلة كان ينضر إلى تفسير سلطة الملوك وتبريرها بأنها مستمدة من هللا عز وجل
بطريق مباشر أو غير مباشر ،ولقد عرفها الفقه الدستوري باسم " النظريات الدينية" والتي تعني أن إرادة
.1سعيد بوشعير ،القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.
.2سعيد بوشعير ،المرجع السابق.
04
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
الحاكم تعلو إرادة المحكومين ،وال يملك الشعب محاسبتهم أو مساءلتهم عما يرتكبونه من أِطاء أو
تقصير أو إهمال ذلك أن الحاكم من طبيعة إلهية وليست بشرية بل هو هللا نفسه هؤالء الحكام ذو الطبيعة
اإللهية يملكون السيادة المطلقة والسلطان المقدس الذي ال حدود له على رعاياهم ،وكان هؤالء الرعايا
يطيعونهم طاعة عمياء ويخضعون لهم ِضوعا كامال ،وينفذون أوامرهم المقدسة تنفيذا دقيقا دون إبداء
أدنى اعتراض أو مناقشة ألنهم كانوا ينظرون إليهم بكل تقديس وإجالل باعتبارهم آلهة وفي ظل طبيعة
عن المسؤولية ألنه ال يمكن محاسبة اإلله أو ممثل هللا في األرض. الحكام اإللهية ال مجال للحدي
ظل الشعب الياباني معتقدا بالطبيعة اإللهية لألباطرة، حي امتدت هذه األفكار إلى غاية العصر الحدي
ويعتقدون أن اإلمبراطور أو "الميكادو" إالها حيا إلى أن قامت الحرب العالمية الثانية وانتهت بانتهائها هذه
النظرية في عام ،518م.
بقيت هذه النظريات حتى أتت الثورة الفرنسية سنة ،285التي أطاحت بها وحلت مكانها نظرية
سيادة الشعب ،أما عن المسؤولية في هذه المرحلة فال يمكن ألحد من أفراد الشعب محاسبة الحاكم،ألنه
ال يخضع للحساب إال أمام هللا عز وجل وهو مصدر سلطته التي أعطاها بطريق غير مباشر للشعب
الِتياره ممثال لقد كانت هذه النظريات سائدة في جميع بلدان العالم بسبب الجهل ،ولكن مع انتشار العلم
انتهى األمر إلى المرحلة التي تم فيها تنظير المسؤولية ثم تقريرها .
يعد أن سادت هذه النظرية فترة من الزمن قامت الحروب والثورات ضد الحكومات الجائرة وطالبت
الشعوب باحترام حقوقها وحرياتها ،وجعل السيادة للقانون وليس لألفراد الذين لهم حق عزل الحاكم ،ومن
هنا ظهرت النظريات الديمقراطية التي تنادي بمحاربة السلطة المطلقة للحكام وتطالب بخضوعهم إلرادة
الشعب وتقرير مبدأ مسؤولية الحاكم أمام شعبه صاحب السيادة.
-،أحمد إبراهيم السبيلي ،المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في النظم الوضعية والفكر السياسي
اإلسالمي،أطروحة دكتوراه ،جامعة عين شمس القاهرة،550،
05
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
السلطات وكانت الغاية من هذه األفكار هو ضمان حقوق األفراد وحرياتهم ومنع الحكام من االستبداد
بالسلطة .فكيف ساهمت هذه األفكار في بلورة وتنظير مبدأ مسؤولية السلطة أو الحكام؟
أوال :نظرية القـانون الطـبيعي:
أساس النظرية وجود قانون طبيعي كامن في طبيعة الروابط االجتماعية يكتشفه العقل ،وهو يسبق
الدولة في الوجود ألنه من ِلق هللا والعقل يتولى مهمة التأمل الكتشافه وصياغته ودرجة الكمال في
القانون الوضعي تزداد كلما اقتربت من القانون الطبيعي وبما انه قانون كامن في الطبيعة فهو يعتبر قيدا
على سلطان الحاكم ،لكنها في الواقع كانت " من الناحية النقدية " ال تضع على سلطان الدولة سوى قيود
تقيدها بأي قيد قانوني إال أنها اشتهرت في القرن السابع عشر ،وذلك على اثر ما
أدبية وسياسية دون أن َ
ساد في القرن السادس عشر من أفكار عن سيادة الدولة المطلقة التي ال تخضع للقانون ،وكانت كوسيلة
للدفاع وضمان لحقوق األفراد وحرياتهم ضد طغيان الدولة واتخذها فالسفة السياسة أداة لمقاومة
الطغيان.1
ولقد ساهمت فكرة القانون الطبيعي في تكوين نظرية الحقوق الفردية ،فقد استخدمت للتأكد على
وجود حقوق طبيعية لإلنسان سابقة على وجود الدولة وملزمة لها ،ألنها حقوق ثابتة وأزلية تحتمها
وتفرضها طبيعة اإلنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان .
هكذا ارتبطت الحقوق الفردية مرة بالقانون الطبيعي واستمدت منه وجودها ،وارتبطت حينا آِر
بنظرية العقد االجتماعي الذي ًبين كيفية كفالة السلطة لهذه الحقوق وحدود ممارستها.
-العقد االجتماعي:
في أوائل القرن السابع عشر تناول الفيلسوف االنجليزي "توماس هوبز" ثم "جون لوك" ومن
بعدهم "جون جاك روسو" فكرة التعاقد بين أفراد الجماعة ،وصاغ منها نظريته على نحو ينتهي إلى تأييد
السلطان المطلق للحكام ،فهو كان ضد اآلراء والثورات التي تطالب بالحد من سلطان الملوك وعزلهم ،
وسنده في هذا أن األفراد قد اتفقوا فيما بينهم على إقامة مجتمع منظم يخضعون فيه إلمرة رئيس واحد
يسهر على مصالحهم ،ويكفل لهم االستقرار واألمن بمقتضى تنازلهم عن كل حقوقهم للحاكم الذي اِتاروه
عن رضا والذي لم يكن طرفا في العقد.
وعليه مهما استبد الحاكم فإن حياة األفراد ستكون أفضل من حياتهم البدائية التي كان يسودها
يقرر ما يراه صالحا ،لكنه ملزم التناحر والحروب ،لكن إذا كان للملك وحده السلطة التشريعية بحي
- 1إبراهيم أبو النجا ،محاضرات في فلسفة القانون ،ديوان المطبوعات الجامعية ،ط.،555 ، ،
06
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
باحترام الحريات وإالِّ تحولت السلطة المطلقة إلى سلطة مستبدة ،والحاكم ملزم بالعدل بين أفراد الجماعة
والمساواة بينهم في جميع المجاالت القانون وفي األعباء كما يلزم واجبات هي من مهام الحاكم اتجاه
الجماعة " التعليم ،توزيع الثروات " وفي حالة عجز الحاكم عن القيام بهذه المهام كان من حق الجماعة
أو الشعوب عزله عن الحكم من ِالل استرداد ما تنازلوا عنه للحاكم ألنه لم يعد قاد ار على السهر على
توفير األمن والرفاهية وإرساء قواعد العدل أين يستوجب الحال اللجوء لحاكم غيره.
-فكرة الفـصل بين السلطات:
أقام مونتسكيو فكرة الفصل بين السلطات على توزيع وظائف الدولة بين سلطات ثالث سلطة
بإمكان أن توقف كل سلطة األِرى فتمنعها من إساءة تنفيذية ،سلطة تشريعية ،سلطة قضائية ،حي
استعمال سلطتها.
يؤكد مونتسكيو أن استحواذ هيئة واحدة أو شخص واحد على السلطات جميعا يقود حتما إلى
االستبداد وضياع حقوق األفراد ،وحتى ال يستطيع أحد أن يسيء استعمال السلطة فيجب بحكم طبيعة
األشياء أن تقوم سلطة أِرى لتوقفها.
"مونتسكيو" لم ينادي بالفصل المطلق بين السلطات ،وإنما نادى بأن تقوم كل سلطة في مواجهة
07
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
وبعد نشأة النظـ ــام الرئاسي بوضع دستور،282في الواليات المتحدة األمريكية قامت جل الدول
العربية التي كانت مستعمرات لهذه الدول بعد ذلك باقتباس جل أحكام دساتيرها وتقليدها في نظمها
السياسيةِ ،اصة المستعمرات الفرنسية والبريطانية.
وعليه نجد أنه قد حدث تنظير أولي لمبدأ قمع االستبداد والحدِّ من سلطة الملوك ،وحماية حقوق
تأثرت وحريات األفراد في مجمل المنابع الفكرية التي ظهرت في القرنين السابع عشر والثامن عشر ،حي
أقرت بمقتضى ذلك نوع من المسؤولية للحكام ،بداية بمسؤولية الوزراء دون
بها الدول في دساتيرها و ِّ
الملوك ( الرؤساء) كمرحلة أولى في بريطانيا ،لتتطور نحو تقرير المسؤولية الجنائية للرؤساء.1
-المطلب الثاني :أنواع الرقابة القضائية على الحاكم في القوانين الدستورية الحديثة..
فما هي اآلليات التي قننتها دساتير النظم السياسية الغربية والعربية لتقرير مسؤولية الرؤساء
والحكومة؟
08
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
إن الهيئات الدستورية من أهم المؤسسات في الدولة ألن لها دور رئيسيا في تثبيت دولة القانون
وجعل األشخاص االعتبارية والطبيعية تحترم القوانين " أعالها القانون الدستوري " وعليه فإن تنظيم هذه
األجهزة يعتبر أم ار صعبا ومختلفا من دولة إلى أِرى وهذا راجع لطبيعة الجهاز في كل منها ،وبطبيعة
الحال الِتالف نظرة الجهاز السياسي لهذه الهيئة وما ينتظر منها.
تختلف مكانة المجلس الدستوري من دولة ألِرى ،فبعض الدول منحته دو ار محوريا في تسيير
أمورها وبعض الدول لم تمنحه كل هذه األهمية ،وعليه نالحظ أن اللجوء إلى هذا الجهاز يبقى حسب
أهميته في النظام السياسي للدولة وكذلك حسب النصوص التي تحكمه .
إن الرقابة الدستورية للمجال التشريعي تعتبر رقابة في العمق لسلطة الرئيس وبذلك يمكن الربط
بين الرقابة الدستورية وتدعيم الديمقراطية.
وألكثر توضيح سنتطرق إلى كيفية عمل المجلس الدستوري في الجزائر فمن ِالل هذا العنصر
سنعرف أساليب الرقابة ،حدودها ونتائجها.تتنوع صالحيات المجلس الدستوري الجزائري بين الرقابية،
واالنتخابية ،واالستشارية ،إلى جانب الحاالت الخاصة المتعلقة بشغور منصب رئيس الجمهورية.
.الصالحيات الرقابية :من صالحيات ومهام المجلس الدستوري رقابة دستورية القوانين والتنظيمات
والمعاهدات ،ورقابة مطابقة القوانين العضوية واألنظمة الداِلية لغرفتي البرلمان للدستور ،وقد تكون رقابة
المجلس سابقة أو الحقة لصدور التشريعات ،كما أنها تكون اِتيارية إذا تعلق األمر بالقوانين العادية
والتنظيمات ،في حين تكون إلزامية على القوانين العضوية واألنظمة الداِلية لغرفتي البرلمان ،بعد إِطار
1
من رئيس الجمهورية
الصالحيات االنتخابية :باعتباره قاضيا انتخابيا ،يتولى المجلس مراقبة صحة االنتخابات التشريعية
والرئاسية واالستفتاءات ،ويتلقى الطعون المقدمة بشأنها ،ويعلن نتائجها النهائية ،إضافة إلى ذلك فقد ِوله
لمدة أقصاها ستون يوما ،في حالة وفاة أحد المترشحين
الدستور صالحية تمديد فترة إجراء االنتخابات ِّ
أي مانع آِر له.
لالنتخابات الرئاسية في الدور الثاني أو انسحابه أو حدوث ِّ
الصالحيات االستشارية :يلجأ رئيس الجمهورية الستشارة المجلس الدستوري قبل إقدامه على إعالن بعض
الحاالت التي قد تمس بحقوق وحريات المواطنين ،كحالة الحصار والطوارئ والحالة االستثنائية ،إضافة
إلى إبداء رأيه حول مشروع التعديل الدستوري الذي ال يعرض على االستفتاء.
09
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
الحاالت الخاصة :من حق المجلس الدستوري التدِل في حاالت ِاصة ،مثل التأكد من شغور رئاسة
الجمهورية في حالة استقالة أو مرض أو وفاة الرئيس ،ويصل األمر إلى تولي رئيسه رئاسة الدولة في
حال تزامن شغور رئاسة الجمهورية مع شغور مجلس األمة.
وقد مارس المجلس صالحياته الدستورية المقررة في هذا الصدد مرة واحدة لما اقترن فيها شغور رئاسة
الجمهورية بسبب االستقالة ،بشغور المجلس الشعبي الوطني بسبب الحل .وبما أن هذه الحالة لم تكن
مقررة في دستور 73فبراير ،،585فقد أصدر المجلس الدستوري بيانا يوم ،،يناير ،557يثبت فيه
الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية ويكلف المؤسسات المخولة بالسلطات الدستورية المنصوص عليها في
المواد ،30 ،،75 ،25 ،29 ،71و ،93من الدستور ،أن تسهر على استم اررية الدولة وتوفير الشروط
الضرورية للسير العادي للمؤسسات والنظام الدستوري.
إن الرقابة الدستورية في نهاياتها رقابة تحديد المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية وهي مسؤولية
أساسية وهي تثور عند اإلِالل بااللتزامات الدستورية أو الفشل السياسي أو ارتكاب أِطاء جسيمة من
شأنها تعريض مصالح البالد للخطر ،وال تتوافر هذه المسؤولية إال في حق من يمارس عمال من أعمال
السلطة التنفيذية كرئيس الدولة ورئيس الوزراء والوزراء ونوابهم.
وقد ثار بشأنها اجتهاد واسع لغموض فكرة المسؤولية في الفقه الدستوري ولم يتوصل الفقه لوضع
تعريف محدد لها ،ويرجع االِتالف في وجهات النظر حسب رؤية كل ب ـ ـ ـ ـ ــاح ،فجانب من الفقه
المصري ذهب في تعريفه إلى قصر المسؤولية السياسية على الو ازرة وهي حق البرلمان في سحب الثقة
من الو ازرة كلها ،أو من أحد الوزراء مما يرتب وجوب استقالة الو ازرة أو الوزير وذلك نتيجة سحب الثقة
منها ،في حين ذهب البعض إلى أنها مسؤولية الو ازرة أمام البرلمان عن كافة أعمالهم وتصرفاتهم االيجابية
عرفها بأنها إسقاط
والسلبي ـ ــة ،المشروعة وغير المشروعة ،العمدية وغير العمدية ،أما البعض اآلِر فقد ً
الو ازرة أو الوزير إذا فقد ثقة البرلمان.
أما الفقه الفرنسي فقد اتجه إلى أنه يجب التسليم بأن المسؤولية السياسية قد تجاوزت مصيـ ـ ــر
ذهب الفقيه الفرنسي " "Michel Bélangerبقوله "المسؤولية السياسية مسؤولية تنعقد ليس الوزراء ،حي
ألفعال إجرامية ،ولكن ألِطاء سياسية عامة يعاقب عليها بفقد الوجود السياسي.
أما في الجزائر وفي ذات السياق يعترف النظام السياسي بالمسؤولية السياسية للحكومة أمام
البرلمان الذي يملك أدوات للمراقبة تمكنه من ترتيب مسؤولية الحكومة ،وعلى هذا المستوى من الطرح
ُّ
ومرد ذلك أن الرئيس ًيوجه فلرئيس الجمهورية -ضمنيا -مسؤولية سياسية أمام البرلمان وأمام الشعب
11
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
وينسق ويتابع أعمال الحكومة برمتها في مجلس الوزراء ،وبالتالي فهو مسؤول على جنوح الحكومة التي
إن سقطت أثًر ذلك على وجوده وعلى سياسته جملة ،لم يقرر دستور ،585المسؤولية السياسية لرئيس
الجمهورية رغم ما يتمتع به من صالحيات جد واسعة حسب نص المادة 21من دستور
.،585بخصوص مسؤولية رئيس الجمهورية في دستور ،552نجد أنه يتمتع بسلطات واسعة جدا وفي
مقابل ذلك ال توجد نصوص تقرر مسؤوليته السياسية بصريح النص ،ماعدا ما ورد في نص المادة ،18
من الدستور التي تمكن البرلمان من فتح مناقشة حول السياسية الخارجية للدولة بناءا على طلب من
رئيس الجمهورية أورئيس إحدى غرفتي البرلمان ،لكن هذا اإلجراء أيضا ال تترتب عليه مسؤولية سياسية
ألنها ال تؤدي إلى عزله.
-المسؤولية اإلدارية لرئيس الجمهورية:
مفهوم المسؤولية اإلدارية هو حق األفراد في الحصول على تعويض عن األضرار التي تلحق بهم
بسبب قيام الدولة بأعمال وظائفها المختلفة وذلك إذا توافرت الشروط المقررة لذلك ،ومناط المسؤولية
اإلدارية األفعال الصادرة من السلطة التنفيذية ال بصفتها هيئة حكومية بل بوصفها هيئة إدارية .و يتمكن
الشخص الحصول على حقه في هذا الشأن عن طريق رفع دعوى قضائية أمام القضاء المختص مطالبا
بحقه ،ويخضع رئيس الدولة لهذه المسؤولية عن طريق الطعن في الق اررات اإلدارية الصادرة منه والتي
تكون محال للطعن أمام القضاء اإلداري( .باستثناء أعمال السيادة ).
10
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
هذا ما ذهب إليه الدستور الفرنسي الحال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي في المادة 28منه قبل وبعد التعديل وفي القانون
1
نصت المادة 72منه األساسـي لـ ،595/0،/07حي
تقيد دعاوى التعويض عن الضرر
على أنه "ال يقبل االدعاء المدني أمام المحكمة العليا ،وال َ
الناتج عن الجنايات والجنح المنظورة أمام المحكمة إال أمام القضاء العادي" ،وعليه ال يمكن تحريك
الدعوى المدنية في حق رئيس الجمهورية إال باسم الدولة،ولو بموجب اتهام مقدم أمام المحكمة المختصة
بمحاكمة رئيس الجمهورية ،لذلك هناك من وصف وضعية الرئيس هنا " بالوضعية القانونية المنفردة وغير
العادلة ،بل أن القضاء المصري قد ذهب في حكمه للقضية رقم ،0098لسنة ،580والتي طالب فيها
المدعي من رئيس الجمهورية (أنور السادات) تعويضا عما سببه له من ضرر ،إلى أن مسؤولية الرئيس
الشخصية مرتبطة بمسؤوليته الجنائية وهذه األِيرة أي المسؤولية الجنائية تخالطها مسؤولية سياسية.2
وطالما أن الخطأ المدني والخطأ الجنائي متالزمان ،وفي ضوء تكييف دعوى المسؤولية الجنائية
عما إذا كان الفعل المطالب بالتعويض عنه لرئيس الجمهورية أمام المحكمة االستثنائية ،البد من البح
قد تحققت عنه المسؤوليتين معا المدنية والجنائية أم ال ،وعليه قضت بعدم جواز سماع الدعوى قبل السيد
رئيس الجمهورية ،بل ذهبت إلى أبعد من هذا ،فقد أسست رفضها بأنه ال تنطبق على رئيس الجمهورية
القواعد العامة في تحديد فكرة الخطأ في المسؤولية المدنية ،ألنه ليس فردا عاديا حتى يؤِذ بمعيار
االنحراف عن السلوك المألوف للشخص العادي الذي يطبقه القضاء العادي.أما بخصوص المسؤولية
المدنية المستقلة عن الدعوى العمومية ،فتخضع لنصوص القانون المدني ويتعلق األمر هنا بخطأ ينبغي
أن يقع أثناء ممارسة الوظائف ،وإال كنا بصدد أشخاص القانون الخاص.إن المسؤولية الشبه إجرامية
تنطبق على مجوع عمال الدولة تحت تسمية مسؤولية الموظفين والتي تنقسم إلى مسؤولية مرفقية تقع على
عاتق الدولة ،ومسؤولية شخصية ناتجة عن أفعال الموظف تقع على عاتقه ،مع العلم أن هذه المبادئ
نفسها تنطبق على األجهزة التنفيذية وبصفة ِاصة على الوزراء الذين يعتبرون بمثابة موظفين ،وال يبدو
إمكانية مالحقة رئيس الجمهورية لمسؤوليته الشخصية بسبب ما يوقعه من أوامر ،والسبب في عدم
يصدق عليها .
يوقعه من أوامر َ
مسؤولية الرئيس الشخصية يكمن في أن ما ِّ
. 1د .برنار شانت بوت ،القانون الدستوري والعلوم السياسية ،مطبعة كوالن ،ط ،552 ، ،3
-2جريدة األهرام عدد ،،318سنة ،580
11
ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة الفصل األول
11
الفصل الثاني
24
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
-الفصـــل الثـــاني :آليـــات تحريـــا الرقابـــة القضـــائية علـــى الحـــاكم بـــين الفقـــه
اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة.
كل األشخاص يخضعون للمسائلة حكام ومحكومين ،والمسائلة تعني قيام مسؤولية الشخص
المخالف لقاعدة شرعية او نص قانوني وضعي ،هذه النصوص سواء الشرعية او الوضعية نصوص
معروفة ومنصوص عليها من قبل عمال بمبدأ الشرعية " ال جريمة وال عقوبة وال تدبير امن بغير نص "
رسوال" وقوله تعالى " رسال مبشرين ومنذرين لئال يكون للناس وقوله تعالى " وما كنا معذبين حتى نبع
على هللا حجة بعد الرسل " وقوله تعالى " ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لوال أرسلت إلينا
رسوال فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى " هذه اآليات تدل على أن القواعد الشرعية والنصوص الدينية
معروفة عند كل عاقل ،فإذا كان قيام مسؤولية الشخص العادي وِضوعه للمسؤولية والمساءلة القضائية
في حال مخالفة النصوص أمر بديهي وال يستدعي آي إشكال فان الحاكم في الفقه اإلسالمي إذا كانت
تقوم مسؤوليته ويخضع للرقابة القضائية ففيما تتمثل آليات الرقابة القضائية وعلى ما تنطوي الرقابة
القضائية من تصرفاته.
15
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
يؤدي حتما إلى مفسدة 1فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة فهو يخضع للرقابة وللوقوف على آليات الرقابة
القضائية على الحاكم في الفقه اإلسالمي ينبغي أوال تبيان سلطات الحاكم وفي أي مجاالت تتمثل وأي
مدى يخضع الحاكم للرقابة القضائية في مجال سلطاته ؟ وما هي اآلليات لتحريك هذه الرقابة ؟ .
-،د .باسـم صــبحي بشــناق ،الفصـل بــين الســلطات فــي النظـام السياســي اإلســالمي ،مجلـة الجامعــة اإلســالمية للد ارســات
اإلسالمية ،العدد 70،3 ، ،
16
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
الحاكم في الدولة اإلسالمية يتولى مجموعة من االِتصاصات السياسية على الصعيد الداِلي
للدولة أو على الصعيد الخارجي فهو ممثل الدولة اإلسالمية على الصعيد الخارجي.
-االختصاصات السياسية في المجال الداخلـي:
من المهام الصرفة لرئيس الدولة " الخليفة" في اإلسالم تحديد األسس التي تقوم عليها الدولة أي
وضع السياسة العامة لها والعمل على تنفيذها اقتداء الن هذه المهمة توالها الرسول – صلى هللا عليه
وسلم – والذي كان يعتمد على مجموعة من المبادئ في تسير دولة اإلسالم أساسها ان الحاكمية هلل " إن
الحكم هلل " الشورى في أمور الدولة سلما وحربا " وشاورهم في األمر " والمساواة " ليس لعربي على
أعجمي " بين كل أفراد الدولة اإلسالمية وإقامة العدل " وهللا لو أن فاطمة بنت دمحم سرقت " ومبدأ طاعة
ولي األمر ما دام ملتزما بشرع هللا " وأطيعوا هللا وأطيعوا الرسول".
وأساس الشورى بين المسلمين لم يكن في المساءل القطعية في الشريعة اإلسالمية الن مثل هذه
األحكام منزلة وهي حد من الحدود ال يمكن المساس بها بل كانت الشورى حول المساءل الضنية 1وهي
مساءل تحتاج إلى اجتهاد من العلماء ومساءل تحتاج تفعيل العقل سواء بالقياس أو المطابقة للوصل إلى
نتيجة يجتمع عليها أمر المسلمين.
-االختصاصات السياسية في المجال الخارجي:
إن تسيير الدولة على الصعيد الخارجي يتطلب حتما إقامة عالقات مع باقي الدول الغير إسالمية
"على اعتبار أن الدولة اإلسالمية كيان واحد حدودها يتحدد بانتشار اإلسالم " 2و إقامة العالقات على
هكذا مستوى يتطلب إبرام معاهدات ،الدِول في سلم مع دولة أِرى ِاصة " وإذا جنحوا للسلم فاجنح
لها " ِاصة إذا كان في هذا السلم مصلحة للمسلمين ،وقد تدعي الضرورة إلى إعالن الحرب على دولة
أِرى فيقوم الحاكم بإعالن الحرب والذي يسمى في الشريعة اإلسالمية بالجهاد وهو أعلى منازل األجر
في اإلسالم.3
-االختصاصات التنفيذية :
إدارة دولة اإلسالم وتدبير شؤونها تعد من السلطات التنفيذية للحاكم وسلطة التنفيذ في النظام
السياسي اإلسالمي هي السلطة المختصة بتنفيذ الشريعة اإلسالمية وال تملك الصالحية في مخافتها وهي
سلطة تعمل على تسيير المرافق وقد توالها في بداية اإلسالم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ذلك أن
17
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
الرسول الكريم هو رسول هللا ومطلوب منه أن يبلغ رسالة ربه إلى الناس أجمعين وهذا يقتضي أن ينفذ
شريعة اإلسالم وأن يحكم ويدير شؤون الناس وفق أحكام هذه الشريعة وبعد رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم تولى هذه المهمة الخليفة ويستمد الخليفة صالحياته التنفيذية من ما عهد إليه من بيعة من المسلمين
على حراسة الدين وإدارة شؤونهم لذلك وبموجب هذه لبيعة يملك الخليفة كامل السلطة التنفيذية ال يشاركه
أو ينازعه فيها أحد وله حق إدارتها بما يرى لتنفيذ طريقة الحكم التي يرتئيها وما على األمة إال الطاعة
التامة ،ولكن بشرط عدم مخالفة ما عاهد األمة عليه عند البيعة.
-وتتمثل أهم الوظائف في:
-توفير األمن :إن امن وسالمة العباد من المهام المنوطة بالحاكم وعليه أن يتخذ في ذلك جميع
التدابير لتوفيرها وتكليف المعاونين لتجسيده في المجتمع حتى تسود الطمأنينة واألمان .
-تنظيم المصالح العامة :تسيير مصالح الناس وتوفير الخدمات الالزمة يتطلب من الحاكم ان شاء
مرافق عامة وتنظيمها " دواوين (.ديوان الجيش ،ديوان الخراج.)...
-تعيين والي اإلقليم :إدارة الدولة ال تكون بشخص الحاكم لوحده بل الحاكم يعين من ينوب عليه سواء
في األقاليم أو الدواوين أو تعين القضاة واألئمة وهو في ذلك يجب أن يتحلى بحسن االِتيار ويختار
من بين رجال المسلمين من هو يمتاز بالكفاءة 1و يكون أهال للمنصب .
-الرقابة على السلطات السياسية والتنفيذية :
ان الرقابة على السلطة السياسية للحاكم في دولة الخالفة ال يتوالها برلمان حسب النظم السياسية
الحديثة أو محكمة دستورية بل أن الرقابة تتم عن طريق أهل الحل والعقد وهم من علماء ووجهاء األمة
وعلى دراية بأحكام الشرع ونصوصه وكلمتهم عالية مسموعة من طرف الحاكم ومن طرف جميع المسلمين
ونالوا ثقة الجماعة وبذلك هم آهل لمراقبة شؤون األمة وتصرفات الحاكم ومرصد يتولى مراقبة المصلحة
العامة لدولة المسلمين فيقومون بتقديم النصح للحاكم وتبيان مواطن الصالح سواء عند المشورة من طرف
الحاكم أو عند وقوفهم علة أِطاء ارتكبها الحاكم ويملكون في ذلك النداء وتقرير عزل الحاكم إذا لم يلتزم
بالرجوع عن مخالفة قواعد الشريعة اإلسالمية بعد النصح.
-1دمحم رأفت عثمان ،رئاسة الدولة في الفقه اإلسالمي ،دار الكتاب العربي ،بدون تاريخ نشر ،ص 39،
18
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
- .،دمحم عاطف البنا ،الوسيط في النظم السياسية ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،551،
- 7دمحم علي السايس ،نشأة الفقه االجتهادي وأطواره،سلسلة البحوث اإلسالمية ،الكتاب التاسع ،دون ذكر البلد،،580 ،
.ص 2
-3دمحم رأفت عثمان ،المرجع السابق.
. -1السيد سابق ،المرجع السابق ،ص 152
19
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
-المطلب الثاني :أسباب وأثار الرقابة القضائية على الحاكم في اإلسالم .
الرقابة على الحاكم ال تكون على أساس االِتالف معه أو تضارب المصالح بل هي تقوم ويتم
تحريكها على أساس دالئل مقنعة تكون وتشكل سببا للرقابة القضائية عليه وفي حالة ثبوتها فإنها تنتهي
بإصدار قرار يكون بمثابة نتيجة لتلك الرقابة ففيما تتمثل أسباب الرقابة ؟ وما النتائج المترتبة عن الرقابة؟
11
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
10
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
-العـزل:
يتقرر عزل الحاكم كجزاء في اإلسالم ويجرد من سلطته ألنه ِرج على نصوص وأحكام الشريعة
اإلسالمية واِل بواجباته بشكل جسيم وبعد عن الصواب وأضاع األمانة التي سلمت له وعلى أساسها عقد
له الحكم ولم يكن قائما وحاكما بأمر هللا سواء بالجور أو الظلم فبدل سيرة عهد المسلمين وبذلك يكون قد
1
والمرجع او السند في ذلك لمبدأ سيادة فقد شرطا من شروط الوالية على المسلمين وحق لألمة عزله
األمة..
كما قد يالحظ أن الخليفة قد أصبح غير قادر على القيام بالمهام الموكلة إليه ويلجأ إلى األمة
طالبا منها إعفاءه مما كلفته به ،وعدم القدرة قد يكون لعجز أو هرم ال يستطيع معه الخليفة مباشرة مهام
منصبه وقد يكون رغبة منه في ترك المنصب للتخفيف عنه من المسؤولية أمام هللا يوم القيامة أو ألي
سبب آِر ،وإذا ِلع الخليفة نفسه انتقلت إلى ولي عهده وقد يكون ذلك بطلب من أهل الحل والعقد اذا
ما ثبت عجزه ولم يطلب الخليفة إعفاءه من المنصب.
-المسؤولية الجنائية:
ان الشريعة اإلسالمية لم تكتفي فقط بالعقوبة في اآلِرة وبالترهيب والتخويف من غضب هللا بل
جعل عقوبات في الدنيا يخضع لها كل من ِالف نصوصها وتعدى حدودها وقد بين لنا رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم ذلك من ِالل تطبيق المسؤولية وتحملها على نفسه عندما طعن " سواد بن غزية" بعود من
سواك في بطنه ،فطلب سواد القصاص من رسول هللا _صلى هللا عليه وسلم_ فلما استنكر األنصار ذلك
من سواد ،قال عليه الصالة والسالم :ما لبشر أحد على بشر من فضل ،وكشف الرسول _صلى هللا عليه
وسلم _عن جسده ليقتص منه فقال سواد :أتركها لتشفع لي بها يوم القيامة ،وعليه يكون الخليفة مسؤوال
مسؤولية جنائية كاملة عن جميع ما يرتكبه مما يوجب القصاص أو الحد.
11
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
-المطلب األول :إجراءات الرقابة القضائية على الحاكم في النظم الغربية .
-الفرع األول :إقامة وتحريا مسؤولية الحاكم في بريطانيا.
كانت األسرة الحاكمة " أسرة تيودور " تحكم بريطانيا ِالل ( )،288-،203وكانت األسرة تحكم
وفق نظرية الحق إال هي وجعلتها أساسا لسلطتها ،فاعتدى ملوك هذه األسرة على حقوق وحريات الشعب
االنجليزي ،إضافة إلى قيامهم بفرض ضرائب دون موافقة البرلمان ومن هنا ثار البرلمان االنجليزي
وكانت البداية لتقوية وتعزيز البرلمان ومن تم التحول إلى الملكية المقيدة ومع ذلك فقد كانت هذه الملكية
غير متوازنة ألن الملك يملك حق حل البرلمان.1
رغم هذا االِتالل فإن هذا النظام كان ي ــٌعد تقدما غير عادي بالنسبة لكل األنظمة التي تعيش
في ظل حكم ملكي مطلق وكانت التجربة االنجليزية بمثابة الطريق المقتدى به من طرف باقي الدول
األوربية والتي تأثرت به وأرادت تقليده.
تعتبر انجلت ار مهد النظام البرلماني ،فقد نشأت المسؤولية وتطورت في هذا النظام بعد الصراع
المستمر بين الملك والشعب ،الذي كان السبب في ظهور الحريات في انجلت ار وانتقالها إلى سائر الدول
الديمقراطية.
-1عبد هللا إبراهيم ناصف" ،مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة" ،رسالة دكتوراه في الحقوق،
القاهرة،،58، ،
- 2سعيد السيد علي،النظام البرلماني والمسؤولية السياسية ،دار الكتاب الحدي ،القاهرة .7005،
3- Albert Geouffre de Lapradelle ،Cours de droit constitutionnel ،Pedone ،1912
14
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
أول اتهام حدث في تاريخ انجلت ار كان في ،322في عهد البرلمان الصالح المعروف باسم " the
اتهم "اللورد اليتمر "lord Latimerمستشار الملك بسبب عدائه لفكرة ، "good parlementحي
اإلصالح الديني التي كانت ترمي إلى زيادة استقالل الكنيسة وقد حكم عليه بالغرامة والعزل.
تميز باالضطراب ،كما اتهم
توالت بعد ذلك االتهامات في عهد "ريتشارد الثاني"( )،355-،322الذي ً
"ايرليك سيفلوك" بتقاضي رشوة من ملك فرنسا ليعقد" هدنة تور ، "tourواستمرت االتهامات إلى غاية
،125أين توقف البرلمان عن استخدام وسيلة االتهام الجنائي إلى غاية ، ،27،ويرجع سبب ذلك إلى
قيام" أسرة التيودورو" باستمالة أعضاء المجلس إلى جانبها ،و قدرتها على التعايش معهم في وفاق وسالم.
عاد االتهام الجنائي مرة أِرى للظهور في عهد "أسرة استوارت" التي ِّتولت الحكم من سنة
" ،203إلى ، "،288حي دِل البرلمان عن طريق هذا اإلجراء في صراع مرير مع الوزراء أدى
بالملك إلى حله لمدة 7،عاما ،ليعود مرة أِرى تحت ضغط حاجة الملك له لكنه عاد منتقما لمن
عاون الملك في سياستهُ أثناء فترة حل البرلمان.1
في هذا اإلطار قام البرلمان باحتجاجين كبيرين (األول سنة ،21،والثاني ، )،217وقد جاء
في االحتجاج األول أنه بعد تلخيص األعمال غير المشروعة التي اقترفها الملك منذ اعتالئه العرش وجب
تعذر على هذا األِير تأييد سياسة الملك
عليه اِتيار وزراءه وموظفيه ممن يثق فيهم البرلمان ،وإالِّ ِّ
ومساعدته .أما في الثاني فقد احتج البرلمان على أن يتم تسيير المسائل الهامة في المملكة بواسطة رجال
غير معروفين ال يتمتعون بثقة الشعب ،لكن الملك لم يأِذ في االعتبار هذه االحتجاجات ِّ
ورد على
البرلمان بما يؤكد سلطته المطلقة في اِتيار وزراءه مما جعل البرلمان يندفع في استخدام االتهام الجنائي.
ظلت طريقة االتهام الجنائي هي الوسيلة الوحيدة إلثارة مسؤولية الوزراء أمام البرلمان من القرن
ال الرابع عشر حتى القرن السابع عشر ،لكن كانت تعتريها مجموعة من العيوب عند مباشرتها ،بحي
يمكن اللجوء إليها إالِّ إذا كان العمل الذي ارتكبه الوزير يشكل جريمة منصوص عليها في قانون
العقوبات ،كما أن الملك قد يصدر عفوا عن الوزير المتهم أو يـٌحبط االتهام بحل مجلس العموم أو تأجيل
البرلمان.2
15
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
1دمحم كامل ليلة ،النظم السياسية الدولة والحكومة ،دار الفكر العربي ،القاهرة.،52،،
.2سعيد السيد علي ،المرجع السابق
-.3عبد هللا ابراهيم ناصف ،المرجع السابق
16
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
"روبرت والبول" دعا الملك زعيم األغلبية لتولي رئاسة الو ازرة ،ومن هنا تأكدت قاعدة أحقية زعيم
المعارضة المنتصر في تولي رئاسة الو ازرة.
تطورت المسؤولية من مجرد كونها مسؤولية فردية لتصبح مسؤولية تضامنية في عام ، ،827
على االستقالة حين أجبر مجلس العموم البريطاني "لورد نورث" الوزير األول في عهد الملك جورج الثال
بعد اِتالفهما على السياسة الواجب إتباعها حيال المستعمرات األمريكية ، 1وتعتبر استقالة "نورث" أول
استقالة جماعية أو تضامنية شملت الو ازرة كلها.
أسفرت األزمة بين وزراة " ( "Portlandبورتلند) وبين الملك الذي كان يحاربها س ار وعالنية إلى
تقرير قاعدة دستورية جديدة في مجال المسؤولية السياسية للو ازرة ،مفادها أنه عند نشوب ِالف بين
البرلمان والو ازرة فإن هذه األِيرة تستطيع -بدال من تقديم استقالتها -أن تلجأ إلى حل البرلمان واالحتكام
إلى هيئة الناِبين للتعرف على رأي األمة ،فإذا جاءت نتيجة االستفتاء في صالح البرلمان تستقيل الو ازرة
،وإذا جاءت في صالح الو ازرة تستمر في الحكم على أن يؤيدها في سياستها البرلمان الجديد الذي حل
محل البرلمان "القديم المنحل.2
1
-Décret n° 2002-961 du 4 juillet 2002 portant création d’une commission chargée de mener une
réflexion sur le statut pénal du président de la république français
2 - Cour de cassation, arrêt du 10 octobre 2001 Dominique chagnollaud, « la responsabilité pénale des
» gouvernants
18
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
أن " فقيه القانون الدستوري يحكم أيضا على الواقع الدستوري ،أو بشكل أدق يحكم على
لها على أساس ِّ
النظام القانوني ويحل النزاعات والثغرات من ِالل الدستور".1
قانـوني لنيل درجة الدبلوم في القانون العام ،دمشق ،7001 ،ص .،72 - 1غسان عرنوس ،مسؤولية رئيس الدولة ،بح ـ
-،عبد الغني بسيوني عبد هللا ،سلطة ومسؤولية رئيس الدولة في النظام البرلماني المنظور ،دون ذكر دار النشر ،القاهرة،
. - 2،55،
3
. -عبد الغني بسيوني عبد هللا ،المرجع السابق
- 4عبد الغني بسيوني عبد هللا ، ،المرجع السابق
-5عبد الغني بسيوني عبد هللا ، ،المرجع السابق
6
-عبد الغني بسيوني عبد هللا ، ،المرجع السابق
19
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
*ولقد ذكر عضو مجلس الشيوخ " "Daillyفي 78ماي ،553أن هناك حاالت عديدة يمكن أن تُعتبر
ِيانة عظمى ،مثال عندما يخون رئيس الدولة عمدا مصالح فرنسا لحساب قوة أجنبية أو يمتنع عمدا عن
تكيف هذه األعمال على أنها
مباشرة أعمال وظيفته ،أو يباشر عادات تتناقض مع الدستور ،كما يمكن أن ً
2.
جنايات أو جنح بواسطة قانون العقوبات
يتضح لنا من عرض آراء الفقهاء الفرنسيين بأن الخيانة العظمى في ظل الدستور الفرنسي تتمثل
في كل عمل يتلخص في اإلهمال أو التقصير ،أو االنحراف الشديد في أداء االلتزامات الدستورية
الموكلة للرئيس مما يرتب اإلضرار بالمصالح العليا للبالد ،كما أن االتجاه الفقهي الراجح يؤكد على
ترجيح الطبيعة السياسية على جريمة الخيانة العظمى النتفاء تعريف تشريعي لها من جهة ولطبيعة االتهام
والمحاكمة من جهة أِرى كما سنرى ذلك.
: - -إجراءات االتهام والمحاكمة :
على مستوى كل نظام سياسي توجد هيئة تتولى محاكمة الحكام عندما يقترفون جرائم غير عادية
ضد أمن الدولة وسالمتها ،ولقد عرفت فرنسا في دساتيرها المختلفة هيئات مختلفة تتولى النظر في االتهام
والمحاكمة.
في ظل دستور (،818الجمهورية الثانية )كان مجلس النواب هو الذي يتولى النظر في االتهام
الموجه إلى رئيس الجمهورية ،أما في دستور ،829وبمقتضى المادة ،7منه (دستور الجمهورية الثالثة)
ِّ
فلقد اقتصرت مهمة مجلس النواب على االتهام في حين يتولى مجلس الشيوخ سلطة المحاكمة3غير أن
دستور الجمهورية الرابعة لسنة ،512لم يتبع النهج السابق ،فكانت المحاكمة تتم أمام المحكمة العليا بعد
توجيه االتهام له من طرف الجمعية الوطنية ،لتقوم لجنة التحقيق المشكلة بمعرفة النائب العام بتكييف
الوقائع ،أما في ظل الدستور الحالي لسنة ،598فقد نظمت المادة 28منه كيفية اتهام رئيس
الجمهورية بالخيانة العظمى وحددت المادة 22تكوين المحكمة القضائية العليا ويتم ذلك كاآلتي:
*مرحلة االتهام :يكون اتهام رئيس الجمهورية بواسطة مجلسي البرلمان بالتصويت المنفصل لكل مجلس
وباالنتخاب السري العام وباألغلبية المطلقة لألعضاء،ويمتنع حل الجمعية الوطنية في هذه
األثناء ،والمالحظ أنه ليس للمدعي العام أي دور في اتهام الرئيس وإنما يعطي االتهام لغرفتي البرلمان
1
.-عبد الغني بسيوني عبد هللا ، ،المرجع السابق
. - 2عبد الغني بسيوني عبد هللا ، ،المرجع السابق
. - 3عبد الغني بسيوني ،المرجع السابق
41
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
بإجراءات استثنائية ،فطبقا للمادة ،8من القانون األساسي رقم 0،لسنة 1،595والمادة 82من الئحة
مجلس الشيوخ والمادة ،92من الئحة الجمعية الوطنية يكون تقديم االقتراح باتهام رئيس الجمهورية عن
طريق طلب موقع من عشرة( )،0نواب على األقل من أعضاء الجمعيتين البرلمانيتين ،يجب أن يتضمن
هذا الطلب تحديد اسم المتهم ويكون مرفقا به عرض عن األفعال والوقائع المنسوبة إليه ،وُيقرر مجلسي
البرلمان عدم قبول االقتراح باتهام رئيس الجمهورية إذا لم يحمل توقيع عشرة أعضاء برلمانيين.
ويصدر قرار االتهام من مجلسي البرلمان ويتخذ بالتصويت العلني وباألغلبية المطلقة ألعضاء
المجلسين ،على أن يضع المجلس موج از لالتهام في ِالل عشرة أيام ويكون واضحا فيه اتهام رئيس
الجمهورية،ويشترط لعقد االتهام ضد رئيس الجمهورية الشروط اآلتي في ذكرها:
-اجتماع البرلمان سواء بقوة القانون أو في دورة انعقاد عادية أو غير عادية.
-البد أن يكون توجيه االتهام محترما للشكل الخاص بحماية حقوق الدفاع الموضوعة بواسطة الئحة كل
مجلس من مجلسي البرلمان.
-.أن يتم التصويت من المجلسين باألغلبية المطلقة وبصورة علنية.
يرسل قرار االتهام بعد تحديد الوقائع إلى النائب العام أمام محكمة النقض الذي يمثل النيابة
العامة ،والذي يعلن في 71ساعة التالية ِبر اتهام رئيس الجمهورية إلى المحكمة العليا ورئيس لجنة
التحقيق.2
*مرحلة التحقيق :يكون التحقيق في قرار االتهام طبقا للمادة ،7من القانون األساسي رقم ،لسنة
،595عن طريق لجنة تتكون من 9أعضاء أساسين ،وعضوين احتياطيين ُيعينون لمدة سنتين بواسطة
ينظم
مكتب محكمة النقض من بين أعضاء هذه المحكمة ،ويتم تعيين رئيس اللجنة من بين أعضائها وال ُ
لتشكيلها أي عناصر سياسية.
تختص لجنة التحقيق بتفحص قرار االتهام دون تغيير للتكييف ألن طبيعتها قضائية والقرار
المتعلق بتكييف مسؤولية رئيس الجمهورية يعتبر ق ار ار ذو طبيعية سياسية ،وينتهي عمل اللجنة بإصدارها
قرار االتهامضد رئيس الجمهورية وبتبليغ المدعي العام الـم ـ ــكًلف بإبالغ الرئيس قبل مثوله أمام المحكمة
بثمانية أيام()08على األكثرُ ،ليعقد االِتصاص للمحكمة العليا لمحاكمته.
1-ordonnance organique du 02 Janvier 1959 n 59-01 portant loi organique sur la haute cour de Justice
2 - Charles Debash ; « président de la République et premier ministre dans le système politique de la
Ve République
40
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
ال يدِل في *المحكمة المختصة :بينت المادة 22من دستور ،598كيفية تشكيل هذه المحكمة حي
تشكيلة أعضائها العنصر القضائي ،فهي تتكون من أعضاء منتخبين من بين أعضاء الجمعية الوطنية
ومجلس الشيوخ وبعدد متساوي لكل منهما بعد كل تجديد عام أو جزئي للمجلسين ،وتختار المحكمة
رئيسها من بين أعضائها على أن يحدد القانون األساسي تشكيل هذه المحكمة وقواعد سيرها وكذلك
اإلجراءات المطبقة أمامها.
قررت أن و لقد نظمت المادة 0،من القانون األساسي رقم ،سنة ،595تشكيل المحكمة حي
عدد قضاة المحكمة العليا أربعة وعشرين ( )71قاضي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أصليا واثني عشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر قاضيا احتياطيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا()،7
يحٌلون محل األصليين في حالة الغياب أو وجود عـ ـ ـ ـ ــائق ،وبهذه التشكيلة يكون جميع أعضاء المحكمة
القضائية سياسيون ألن جميع القضاة الذين يتولون محاكمة الرئيس من النواب ،وفي ظل هذه االعتبارات
يصعب الحكم بوجود مبادئ قانون العقوبات األساسية كافتراض البراءة وحياد القضاة إذ أن الحكم ببراءة
رئيس الجمهورية المتهم بما هو منسوب إليه يشكل ِطورة على الذين وجهوا إليه االتهام بالخيانة
العظمى ،كما أن الحكم الذي يصدر بعد المحاكمة لن يكون مسببا وال يوجد بطبيعة الحال طريقا للطعن
فيه سواء باالستئناف أو بالنقض.
يجمع الفقه الدستوري الفرنسي على أن المحكمة القضائية العليا تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في
تقدير العقوبة المناسبة لتُِّوقع على الرئيس المتِّهم دون أن يتعقب حكمها أي جهة أِرى ،لذلك تثير
العقوبات التي يمكن توقيعها على رئيس الجمهورية مشاكل سياسية أكثر منها جنائية ،فقد تتخذ العقوبات
المحتملة جزاء العزل دون محاكمة جنائية ،أو العزل بعد المحاكمة الجنائية -وهو جوهر نظام االتهام.
-..مسؤولية رئيس الجمهورية في حالة إخالله بواجباته الوظيفية طبقا للمادتين 72و 72من
الدستور بعد تعديلهما في فيفري :7112
لقد كانت مسؤولية رئيس الجمهورية في فرنسا في ظل دستور ،598منحصرة في حالة ارتكابه
جريمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الخيانة العظمى ،ولقد أضيف إليها بموجب التعديل الدستوري الذي أجري في 8يوليو ،555
الجرائم التي تدِل في اِتصاص المحكمة الجنائية الدولية (جرائم العدوان ،اإلبادة ،جرائم الحرب.).....
تم إحداث تعديالت جوهرية في الدستور المذكور في عدة مواد ،منها نص وفي شهر فيفري ً 7002
المادتين 22و 28ولقد جاء في فحوى المادتين ما يلي:
نصت المادة " :22رئيس الجمهورية ال يمكن مساءلته عن األعمال التي يرتكبها بهذه الصفة
باستثناء الحاالت المنصوص عليها في المادتين 7/93و ،28وال يجوز استدعاؤه لسماع شهادته ِالل
مدة رئاسته أمام أي سلطة قضائية أو إداري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة فرنسية ،وأكثر من ذلك ال يجوز أن يكون موضوعا
41
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
والتحقيق أو المالحقة القضائية وتكون جميع مدد التقادم وسقوط الحق لدعوى أو عمل من أعمال البح
موقوفة ويتم مباشرة الدعاوى واإلجراءات التي كانت موقوفة ِالل الشهر التالي النتهاء فترة نيابته".
.
"أما المادة 28فنصت على أنه ":ال يجوز عزل رئيس الجمهورية إال في حالة اإلِالل بواجباته
الوظيفية إِالال يظهر التناقض مع ممارسته لنيابته ،ويصدر الحكم بالعزل من البرلمان المشكل للمحكمة
العليا .
واالقتراح بانعقاد المحكمة العليا يتخذ بواسطة أي من الجمعيتين البرلمانيتين ،والذي يسلم فو ار إلى
األِرى التي تتخذ ق ار ار بشأنه ِالل ِمسة عشرة يوما.
ويرأس المحكمة العليا رئيس الجمعية الوطنية والتي تصدر حكمها ِالل شهر،ويكون التصويت
بورقة سرية فيما يتعلق بالحكم بالعزل والذي يكون أثره فوريا ،والق اررات الصادرة تطبيقا لهذه المادة تتخذ
بأغلبية ثلثي األعضاء المكونين للجمعية المعنية أو المحكمة العليا ،ويمنع التصويت عن طريق اإلنابة
ويتم حصر جميع األصوات المؤيدة لالقتراح في اجتماع جلسة المحكمة العليا حينما تصدر حكمها
بالعزل.
ويضع القانون األساسي الضوابط الالزمة لتطبيق هذه المادة"..
من ِالل هذين النصين نجد أن المؤسس الفرنسي قد وضع ضوابط جديدة وتنظيما مختلفا
لمسؤولية رئيس الجمهورية مستعينا باقتراحات اللجنة ،نستكشفها من ِالل دراسة الجرائم التي يمكن
مساءلة رئيس الجمهورية عنها ثم اإلجراءات المتبعة وصوال إلى العقوبة المقررة تباعا لذلك.
-الجرائم التي ترتب مسؤولية لرئيس الجمهورية:
لقد تم تحديد النظام القانوني لرئيس الجمهورية من قبل االجتهاد الدستوري بعد دعوة الرئيس" جاك
شيراك" لتشكيل لجنة برئاسة "بيار أفريل" القتراح إصالح ممكن لهذا النظام بعد االعتراضات الحادة للمادة
28من الدستور الت ي كانت تعتبر بأن الرئيس يتمتع بحصانة غير مبررة ،وعليه قررت السلطة التأسيسية
أِي ار التدِل في 7002لتعديل المادتين آِذة بالحلول التي استخلصها االجتهاد سابقا،إال أن النص
- 1اميلي ما ركوقيتشي "،االجتهادات القضائية والتعديل الدستوري :مثال عام ، "7002مجلة القانون العام وعلم السياسة،
،7002ص ،،99-،،91
41
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
لقد حددت المادة 28من الدستور الجرائم التي يمكن مساءلة الرئيس عنها وهي تلك المرتكبة
ِالل فترة الرئاسة وتمثل إِالال بواجبات وظيفته بشكل يتعارض مع ممارسته لنيابته ،ومن هذا المنطلق
يكون المشرع الدستوري قد تجنب فكرة الخيانة العظمى التي كانت غامضة وتحمل أكثر من معنى ،وحسم
الخالف الذي دار بين الفقهاء لمدة تفوق األربعين سنة حول مضمونها ومحاولة وضع تعريف أو تحديد
لها ،وعليه يمكن بعد هذا التعديل مالحقة رئيس الجمهورية قضائيا عن أي عمل يقوم به يمثل تقصي ار
المحددة في الدستور ،والتي تتناقض بوضوح مع ممارسته لواليته ولنيابته عن
ِّ وإِالال بواجبات وظيفته
الشعب الفرنسي الذي هو مصدر السلطات.
ِارج هذه الحالة وباستثناء األعمال المنصوص عليها في المادة ،7/93ال يمكن استدعاء رئيس
الجمهورية أمام أي جهة قضائية أو إدارية فرنسية ،أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحري والمالحقة
ضده طوال فترة رئاسته ،وال يجوز استدعاؤه أمام أي سلطة قضائية أو إدارية لسماع شهادته أثناء مدة
العهدة حسب الفقرة 7من المادة 22من الدستور.
"إن صيغة الفقرة الثانية واسعة للغاية فميدان الحصانة المؤقتة يغطي في آن واحد الميدان المدني
واإلداري والميدان الجزائي والتعويض والعقوبة" ، 1كما أن النص الدستوري الجديد لم يحدد طبيعة جريمة
إِالل رئيس الجمهورية لواجباته الوظيفية ،ولكن بالرجوع إلى تقرير اللجنة التي قامت بوضع ضوابط
مسؤولية رئيس الجمهورية المشكلة بموجب مرسوم 1يوليو 7007بواسطة السيد" بيار افريل" نجدها قد
قررت أن هذه الجريمة ذات طبيعة سياسية ،إذ ورد بالتقرير أن" حالة العزل تكون لخطأ رئيس الجمهورية
2
في أداء واجباته ...هذا فيما يتعلق بالمسؤولية السياسية أثناء مباشرته ألعمال وظيفته"
وعليه نجد أن نظام المسؤولية االستثنائية لرئيس الجمهورية الناجم عن هذه المواد الجديدة من
الدستور يختلف كثي ار عن النظام القديم ،فسبب المسؤولية سياسي بشكل بحت وإجراء اإلقالة يبتعد عن
التأثير الجزائي ،كما أن المحكمة ذات تشكيلة برلمانية ينتمون إلى جهة سياسية ورئيسها هو رئيس
الجمعية الوطنية.
-الضوابط الخاصة بإجراءات االتهام والمحكمة المختصة:
لقد حدد المشرع الدستوري مجموعة من الضوابط المتعلقة باالتهام وبالمحكمة المختصة بمحاكمة
رئيس الجمهورية عن اإلِالل بواجباته الوظيفية ،وقد أحال إلى قانون أساسي يصدر في هذا الشأن
44
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
ليضع الشروط الالزم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة لتطبيق هذه المسؤوليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ،وبالتالي تظل اإلجراءات والضوابط المتعلقة بطريقة
االتهام والتحقيق والمحاكمة المنصوص عليهما في المادتين 22و 28من الدستور قبل تعديله ،وكذلك
القانون األساسي رقم 0،لسنة ،595الصادر في ،595/،/7سارية فيما ال يتعارض مع نص المادة
28بعد التعديل إلى أن يصدر القانون الجديد الذي يتناول هذا الموضوع،أما الضوابط الجديدة المحددة
في المادة 28بعد التعديل فتمثلت في:
-الق اررات المتعلقة باالتهام والمحاكمة لرئيس الجمهورية عن جريمة اإلِالل بواجباته الوظيفية تصدر
. بأغلبية ثلثي األعضاء المكونين للجمعية المعنية أو المحكمة العليا.
-اقتراح انعقاد المحكمة العليا يتخذ بواسطة إحدى الجمعيتين البرلمانيتين إما الجمعية الوطنية أو مجلس
الشيوخ والذي يسلم إلى األِرى تباعا والتي تتخذ قر ا
ار بشأنه ِالل ،9يوما من استالمه*.
-يتولى رئاسة المحكمة العليا المشكلة للفصل في اتهام رئيس الجمهورية"رئيس الجمعية الوطنية" على
يتم اِتياره عن طريق االنتخاب من قبل باقي أعضاء المحكمة . ِالف السابق حي
-ال بد من أن يكون التصويت شخصيا بورقة سرية مع حصر األصوات في حالة الحكم بالعزل ،والبد
على المحكمة أن تصدر حكمها ِالل شهر من تاريخ إبالغها باالنعقاد ،ويكون للحكم الصادر بالعزل في
حق رئيس الجمهورية أث ار فوريا "،وتعتبر مدة الشهر إلصدار الحكم مدة معقولة حتى ال تظل المهام
الدستورية التي يباشرها رئيس الجمهورية معطلة لمدة طويلة مما يضر بمصالح الدولة في الداِل
. 1
والخارج " .
-العـــقـــوبـــة:
ساهم القضاء الدستوري الفرنسي في تطوير الفكرة القائلة "بأن السلطة يمكن أن تعاقب سياسيا
بسبب أخطاء سياسية ،وعقوبة الخطأ السياسي ال يمكن أن تكون فعالة إال إذا كانت سياسية أيضا". 2
لقد حدد النص الدستوري العقوبة الواجبة التطبيق بمقتضى التعديل بالعزل وهو بهذا اإلجراء
يكون قد نهج ما سار عليه القضاء الدستوري سابقا ،وأزال اللبس الذي كان قائما بشأن العقوبة المقررة
لجريمة الخيانة العظمى ولم يعد للمحكمة أية سلطة تقديرية في توقيع العقوبة غير المحددة في النص.
وبهذا استقر إلى ما ذهب إليه الفقه سابقا بأن العقوبة الواجبة التطبيق على مخالفات الرئيس تحمل معنى
سياسيا أكثر منه جنائيا.
45
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
وحكم المحكمة العليا في هذا الشأن يترتب عليه عزل الرئيس من منصبه وإنهاء ما كلفته به األمة
من أعمال بأثر فوري ،لكن التساؤل المطروح هل يمكن المطالبة بالتعويض عن األضرار التي رتبتها
تصرفات السلطة الحاكمة(الرئيس) بعد العزل؟ نأمل أن يتضمن القانون األساسي الذي سوف يتم إصداره
ذلك ولو بتحمل الدولة التعويض عن هذه األعمال .
-المطلب الثاني :إجراءات الرقابة القضائية على الحاكم في النظم العربية .
إن موضوع مبدأ المسؤولية من المواضيع المستحدثة في دساتير الدول العربية وذلك راجع لعدة
ِّ
أسباب أهمها :أنها كانت تحت وطأة االستعمار وهي دول حديثة االستقالل في مجملها ،إضافة إلى أنها
عن وسائل لتنظيم مجتمعاتها تنظيما يتالءم مع العقلية السائدة فيها اجتماعيا. قد دأبت على البح
مما
وألنها واجهت صعوبة ِلق نظام سياسي أصيل في المدى القصير لجأت إلى تقليد النظم الغربية ِّ ،
جعل معظم الدساتير العربية تتضمن (عدم توازن) في مبدأ توازن السلطة مع المسؤولية.
إن اقتباس وتقليد النظم السياسية الغربية ليس سمة النظم العربية فحسب ،بل أن الفرنسيين أنفسهم
لم يبتكروا نظاما سياسيا ِاصا بهم وإنما قلدوا شأنهم شأن معظم بلدان الغرب النظام البرلماني االنجليزي
،والذي حاولوا من ِالله ِلق نظام سياسي وسط بين النظامين الرئاسي والبرلماني عن طريق دستور
،،598وهو الدستور الذي انتهجت أحكامه جل الدساتير العربية من بينهما الدستورين المصري
والجزائري ،وإن كانت مصر السباقة في ذلك .
-الفرع األول :الرقابة القضائية على الحاكم في الجزائر.
مسؤولية رئيس الجمهورية في دستور ،552المعدل في 70،2نجد أنه يتمتع بسلطات واسعة
جدا وفي مقابل ذلك ال توجد نصوص تقرر مسؤوليته السياسية بصريح النص ،ماعدا ما ورد في نص
المادة ،18من الدستور التي تمكن البرلمان من فتح مناقشة حول السياسية الخارجية للدولة بناءا على
طلب من رئيس الجمهورية أورئيس إحدى غرفتي البرلمان ،لكن هذا اإلجراء أيضا ال تترتب عليه مسؤولية
سياسية ألنها ال تؤدي إلى عزله .
أما عن مسؤوليته الجنائية فيعد دستور ،552أول دستور تضمن صراحة مسؤولية رئيس
تتقرر الجمهورية بنص المادة ،98منه ،والتي أصبحت بموجب تعديل 70،2تحت رقم ،22منه حي
له المسؤولية عند ارتكابه جريمة الخيانة العظمى التي يؤول اِتصاص الفصل فيها "للمحكمة العليا
للدولة" والتي لم ترى النور إلى غاية اليوم .
46
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
وما نخلص إليه أن تكريس مسؤولية رئيس الجمهورية بمقتضى هذا النص الدستوري المستحدث
تم صدور القانون العضوي الذي يبين إجراءات عد ِطوة جريئة نحو تكريس دولة القانون ،إذا ما ِّ
ُي ِّ
المحاكمة وتشكيل المحكمة ،حتى ال يبقى النص الدستوري حب ار على ورق.
إن المسؤولية المباشرة لرئيس الدولة تتمثل في المسؤولية التي نظمتها وحددت إجراءاتها نصوص
الدستور ،فقد نصت المادة ،98من دستور " ،552تؤسس محكمة عليا للدولة تختص بمحاكمة رئيس
الجمهورية عن األفعال التي يمكن وصفها بالخيان ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة العظمي ،والوزير األول عن الجنايات والجنح التي
يرتكبانها بمناسبة تأديتهما لمهامها،ويحدد قانون عضوي تشكيلة المحكمة العليا للدولة وتنظيمها وسيرها
وكذلك اإلجراءات المطبقة" ،ولقد حافظ التعديل الدستوري لسنة 70،2على نفس الفحوى مع تغيير في
ترتيب المادة فقط إذ أصبحت تحت رقم ،22منه.
نظ ار للمركز الدستوري الخاص الذي يتمتع به رئيس الجمهورية فإن اتهامه ومتابعته قد تكون من
الصعوبة بمكان فمن له يا ترى صالحية االتهام ،ومن له صالحية المحاكمة؟ وماهي تشكيلة المحكمة
؟ المختصة بمتابعته؟
المحدد لصالحيات المحكمة العليا للدولة ،ال يمكن اإلجابة عن
ّ في ظل غياب القانون العضوي
هذه األسئلة وال يمكننا التنبؤ بالهيئات التي تتكفل بمهمة المتابعة والمحاكمة مستقبال ،وعليه ال بد لنا
من الرجوع إلى أحكام القانون المقارن ،السيما فرنسا ومصر بالنظر إلى تشابه أحكام دستوريهما مع
دستورنا الوطني الستخالص ما يمكن أن يستدل به المؤسس الدستوري الحقا في حالة إصداره القانون
العضوي.
وعليه نتساءل :ما هو األساس الدستوري لتقرير المسؤولية المباشرة لرئيس الجمهورية وفق أحكام
الدساتير المقارنة؟ وما هي إجراءات محاكمة الرئيس في حال ثبوت ارتكابه الخيانة العظمى؟ وما الفرق
بين المسؤولية السياسية والجنائية لرئيس الجمهورية؟ هذا ما سنحاول اإلجابة عليه: : .
47
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
اِتلف الفقهاء حول تعريف جريمة الخيانة العظمى وتحديد طبيعتها في ظل عدم وجود تحديد
تشريعي لها ،فقد تناولها الدستور الجزائري بل معظم الدساتير في النظم المعاصرة بشكل فضفاض غير
دقيق مما يساعد على اإلفالت منها.
48
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
للدراسات المقارنة لنستخلص من تجاربهم ما يمكن أن نستدل به مستقبال بما يتماشى ونظامنا الدستوري
الحالي.
إذا كان المؤسس الدستوري الجزائري قد فصل في تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر الجرائم
والجنح التي يرتكبها رئيس الجمهورية بمناسبة تأديته لوظائفه ،إال أن اإلشكال الذي يبقى مطروحا يتعلق
بمشكل تحديد مفهوم الخيانة العظمى ،وكيفية الفصل بينها وبين جريمة الخيانة المنصوص عليها في
قانون العقوبات.
تطبيقا للمبدأ الذي يقضي بأنه "ال عقوبة وال جريمة إال بنص" يصعب متابعة رئيس الجمهورية
طالما أن عناصر جريمة الخيانة العظمى لم تحدد بدقة ،ألن المبدأ يطبق على المحكمة العليا للدولة كما
1
أن هذه المحكمة ال تستطيع تجريم إالِّ األفعال المنصوص عليها
يطبق على بقية الجهات القضائية ،كما ِّ
في القانون الجنائي ،وفي نفس الوقت تلت ـ ـ ـ ـ ـ ــزم بتطبيق العقوبات المقررة في ذلك القانون لتلك الجرائم .
إن الخيانة العظمى ليست متعلقة دائما بالتعاون مع جهات أجنبية ضد مصالح الدولة ،وإنما قد
ِّ
تعني ِرق الدستور وعدم احترام أحكامه أو حتى تطبيق أحكامه بطريقة تعسفية أو لمصالح شخصية.
وفي انتظار صدور القانون العضوي المنظم للمحكمة العليا للدولة يمكننا االستفادة من التجربة الفرنسية
في هذا المجال.
-الشروط المستنبطة من نص المادة 022من الدستور والمتعلقة باالختصاص القضائي النوعي:
لقد أسس الدستور الجزائري هيئة قضائية جديدة من نوعها تسمى المحكمة العليا للدولة ،وهي
جهاز دستوري قضائي جديد يختلف عن أجهزة القضاء العادي واإلداري مهمته الرقابة القضائية الجزائية
على رئيس الجمهورية عن األفعال التي يمكن وصفها بالخيانة العظمى والتي يرتكبها بمناسبة تأديته
لمهامه ،وتكريس محكمة داِلية لمحاكمة أعلى وأقوى سلطة في الدولة يعد بال شك ِطوة جريئة نحو
تكريس دولة القانون ،بشرط تفعيلها بصدور القانون العضوي الذي ِّ
يبين تشكيلتها وعملها وتنظيمها.
إن المحكمة العليا للدولة تعد محكمة استثنائية ذات طابع جزائي وسياسي تختص بمحاكمة
شخصين فقط هما رئيس الجمهورية عن جريمة الخيانة العظمى والوزير األول في حالة جناية أو جنحة،
ويشترط أن يرتكب الفعل أثناء تولي الرئيس العهدة الرئاسية وأثناء مدة استمرار الوزير األول في حكومته.
-،عمار عباس ،الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة في النظام الدستوري الجزائري ،دار الخل ـ ــدونية للنشر ،الجزائر،
،-7002ص.7،9
49
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
يظهر أن حصانة رئيس الجمهورية أوسع من حصانة الوزير األول ،ففي حين يحاكم رئيس
الجمهورية عن جريمة واحدة نجد أن الوزير األول يحاكم عن كل جنحة أو جناية يرتكبها أثناء
يحدد المؤسس الدستوري نطاق المسؤولية الجنائية ،بجانب ذلك لم يحدد لنا األفعال
مهامه ،ومع ذلك لم ِّ
التي ترتب حالة االعتداء أو االنتهاك للدستور1و عليه ينص الدستور على المسؤولية الجنائية ال غير
مما يجعلها في شكل مبدأ قانوني أجوف لها مضمون صوري ومجازي ويعدمها من الناحية العملية
أصال ،وطالما أن المؤسس الدستوري لم يحدد نوع الجنح والجنايات ،فالقاعدة تقضي أن المطلق يبقى
قيد بصدور القانون العضوي الذي سوف يحدد لنا طائفة هذه الجرائم.
على إطالقه ما لم ُي ِّ
إذا ما رجعنا إلى روح النص نجد المقصود بالخيانة العظمى التي يعاقب عليها القانون الجنائي
كل الجنايات والجنح التي تمس النظام العام كالتمرد والتخابر ،وتسريب أسرار الدولة...
ومن شروط عقد االِتصاص للمحكمة العليا للدولة كذلك هو أن ترتكب الجريمة أثناء ممارسة
رئيس الجمهورية لمهامه ،فال يمكن أن يعاقب الرئيس في حالة ارتكابه الفعل ِارج المهام الرسمية سواء
كانت قبل أو بعد انتهاء العهدة الرئاسية ،أو بعد انتهاء مهامه ألي سبب كان أمام المحكمة العليا للدولة
التي تصبح غير مختصة بنظر هذه الجريمة.
وعليه يمكن تقسيم األفعال التي يمكن أن تتصف بالخيانة العظمى إلى نوعين :نوع يرتكب أثناء
فترة الرئاسة وتختص المحكمة العليا به ،ونوع ثاني يرتكب قبل بداية مدة الرئاسية أو بعد انتهائها ،وفي
هذا النوع من األفعال وطالما أنها لم تقع أثناء فترة النيابة فال مبرر لخضوع الرئيس فيها إلجراءات
المحاكمة الخاصة طالما أنه يكون في هذه الفترة كجميع المواطنين العاديين ،يمكن فقط تأجيل هذه
المسؤولية لحين انتهاء فترة الرئاسة.
-الشروط المتعلقة بصفـة المتهم(منصب رئيس الجمهورية):
جاء نص المادة ،22من الدستور واضحا في إعطاء االِتصاص للمحكمة العليا الدولة
بمحاكمة رئيس الجمهورية ،والمقصود بمنصب رئيس الجمهورية هو كل شخص انتخب عالنية في
المعبر عن إرادة الشعب والناطق
ِّ انتخاب عام سري ومباشر من طرف أغلبية الناِبين ،على أن يكون هو
يجسد وحدة األمة داِل البالد وِارجها.2
باسمه ،بل أن الدستور جعله ِّ
.- 1عبد هللا بوقفه ،آليات تنظيم السلطة في النظام السياسي الجزائري ،دار هومة ،الجزائر ،7003 ،ص 722
51
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
إذا ما ركزنا على تسمية "رئيس الجمهورية" حسب ما ورد في فحوى النص وبالرجوع إلى المادة
،07من التعديل الدستوري لسنة 70،2التي تناولت جميع حاالت شغور منصب الرئاسية تفاديا لما
حدث في فترة الفراغ المؤسساتي ،يطرح التساؤل إذا ما كان تطبيق أحكام المادة ،22من دستور
،552يمتد إلى من يتولى مهام رئيس الدولة ورئيس الدولة بالنيابة ومساءلته جنائيا أمام هذه المحكمة
في حال ارتكابه لجريمة الخيانة العظمى أم ال؟.
يتعذر فيها على رئيس
ِّ إن الحاالت الواردة بنص المادة ،07من دستور ،552حاالت
يتعين معه تعيين شخص آِر يقوم بهذه المهمة ولو
الجمهورية ممارسة مهامه بصفة عادية ،األمر الذي ِّ
معين وفق أحكام الدستور وليس منتخبا مما ينفي عنه صفة رئيس الجمهورية
لفترة محدودة ،فهذا الشخص ِّ
المنتخب بل هو رئيس دولة معين .
وبخصوص مركز كليهما ،هل يتمتع رئيس الجمهورية ورئيس الدولة بالنيابة بنفس الصالحيات
والسلطات الد ستورية الموكلة لرئيس الجمهورية فترة توليهما الحكم ،حتى يمكن االستناد إلى تطبيق المادة
،22من الدستور على أعمالهما أم ال؟
لإلجابة على هذا السؤال ال بد أن نفرق بين حالتين تضمنتهما المادة ،07من دستور ،552
المعدل.
الحالة األولى :حالة شغور منصب رئيس الجمهورية بسبب المرض الخطير والمزمن:
في هذه الحالة يتولى رئيس مجلس األمة مهمة رئيس الدولة بالنيابة لمدة أقصاها 19يوما بعد
استيفاء الشروط الشكلية التي حددتها المادة ،07فقرة ،و 7من دستور ،552المعدل وهي :
*االجتماع الوجوبي للمجلس الدستوري الذي يتأكد من حقيقة المانع . :
*إعالن البرلمان المجتمع بغرفتيه معا ثبوت المانع بأغلبية 7/3أعضائه.
في هذه الحالة فقط يتولى رئيس مجلس األمة مهام ممارسة رئاسة الدولة بالنيابة لمدة أقصاها 19يوما
وبالرجوع إلى أحكام المادة ،01ال يمكن لرئيس الدولة بالنيابة في فترة 19يوما أن يمارس بعض
الصالحيات التي يتمتع بها رئيس الجمهورية المنتخب ،فال يمكنه إصدار العفو أو تخفيض العقوبات ،وال
اللجوء إلى استفتاء الشعب وال تعيين الحكومة كما ال يمكنه التشريع بأوامر أو حل الغرفة األولى أو إجراء
انتخابات تشريعية قبل أوانها ،كذلك ال يمكنه تطبيق أحكام المواد ،99-،91من الدستور والمتعلقة
بملتمس الرقابة ،كما ال يملك حق المبادرة بتعديل الدستور وال إصداره وال عرضه على االستفتاء ،وإذا
استمر المانع أكثر من 19يوما يعلن الشغور باالستقالة وجوبا.
الحالة الثانية :حالة شغور منصب رئيس الجمهورية بسب االستقالة أو الوفاة:
50
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
في حالة شغور رئاسة الجمهورية بسبب االستقالة أو الوفاة مهما كان سببها طبيعية أو انتحار أو
عن طريق جريمة اغتيال ،يتولى هنا رئيس مجلس األمة مهمة رئاسة الدولة لمدة أقصاها 20يوما
أصبحت 50يوما بعد عدل المؤسس في هذه المدة بموجب التعديل الدستوري لسنة 70،2حي
وقد ِّ
: استيفاء اإلجراءات اآلتية :
. *اجتماع المجلس الدستوري وجوبا وإثبات الشغور النهائي.
*.تبليغ شهادة الشغور إلى البرلمان المجتمع بغرفتيه وجوبا.
وال يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة إالِّ أن يمارس الصالحيات المنوطة له بالقيود الواردة
في المادة ،01من الدستور المحددة سلفا ،وإذا اقترنت حالة شغور رئاسة الجمهورية بشغور رئاسة
مجلس األمة لمانع ما ،فإن رئيس المجلس الدستوري هو الذي ِّ
يتولى مهمة رئاسة الدولة لنفس المدة()20
يوما ،على أن يتم تنظيم انتخابات رئاسية ِاللها دون أن يترشح لها.
وعليه وبعد تحليلنا للمادة ،07من دستور ،552وجدنا أن مركز كل من رئيس الدولة بالنيابة
ورئيس الدولة أقل مرتبة ومكانة من مركز رئيس الجمهورية ،بالنظر إلى السلطات التي يتمتع بها هذا
األِير والقيود المفروضة على رئيس الدولة من جهة أِرى .
وفي الحقيقة لم نجد ما ينظم هذه مسألة وفي ظل غياب نصوص في الدستور وفي قانون
العقوبات ،وفي قانون اإلجراءات الجزائية1تقنن االتهام الجنائي لرئيس الدولة بهذه الصفة (إما رئيس
-،نصت المادة 923من قانون اإلجراءات الجزائية على المسؤولية الجزائية ألعضاء الحكومة عند ارتكابهم
جنح أو جنايات ،أما كبار مسؤولي الدولة فال يمكن تطبيق هذا النص عليهم ،ألنهم ليسوا من أعضاء الحكومة التي تشمل
.الوزراء ورئيس الحكومة
51
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
عرفها الفقه باسم االتهام الجنائي ففرق بينها وبين باقي الجرائم األِرى المحصورة في القانون
لقد ِّ
وإن كانت في جوهرها تختلف عن التهمة المتعلقة بعدم الوالء للنظام الجمهوري.1
فهل بهذا التعري ـ ـ ـ ـ ـ ــف الفق ـ ـ ـ ـ ـ ــهي يــُعتبر وص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الخي ــانة الع ـ ـ ـ ــظمى ذو طابـ ـ ــع جنائي أم ذو
التوجهات بين من ُيكيًِفها
طابع سياسي؟ هذا السؤال طرحه الفقه المصري وقبله الفقه الفرنسي وقد اِتلفت ٌ
على أنها جريمة ذات وصف سياسي في حين يرى جانب آِر بأن الجريمة ذات طابع جنائي محض ،في
حين يرى البعض اآلِر أنها ذات وصف مزدوج .
وبالنسبة لوصف الجريمة في النظام الجزائري فإنه يشوبه الغموض ،وذلك لعدم ورود نصوص
تعرفها ال في الدستور وال في قانون العقوبات ،ويمكن القول أن المؤسس الدستوري الجزائري كان يقصد
ً
إضفاء الصبغة الجزائية على مدلول الخيانة العظمى بعقده االِتصاص في محاكمة الرئيس لجهاز
قضائي ال سياسي،ألنه ربط بين الخيانة العظمى والجرائم الجزائية(الجنايات والجنح) باإلضافة إلى أن
قانون العقوبات تحدث أيضا عن الجنايات والجنح ،جرائم الخيانة والتجسس ،2جرائم التعدي على الدفاع
الوطني واالقتصاد الوطني واالعتداءات والمؤامرات األِرى ضد سلطة الدولة وسالمة أرض الوطن ،3وفي
كل هذه الجرائم تكون العقوبة اإلعدام الذي يطبق على كل جزائري.
وتطبيقا لقاعدة العمومية والتجريد ومبدأ المساواة أمام القضاء تنطبق هذه األحكام على رئيس
الجمهورية ،وتبعا لذلك إعمال هذه المواد ِّيقر بأن الخيانة العظمى جريمة جزائية تستوجب المساءلة
.
المقرر في ذلك يكون وفق أحكام قانون العقوبات.
الجزائية والعقاب ِّ
قررت أن كل مواطن يجب لقد جاءت المادة 29من دستور ،552المعدل بما يوافق ذلك بأن ِّ
عليه حماية وصيانة استقالل البالد ،وأن القانون يعاقب على" الخيانة والتجسس والوالء للعدو" وعلى جميع
الجرائم المرتكبة ضد أمن الدولة ،ورئيس الجمهورية مواطن كغيره من المواطنين مطالب باحترام قواعد
الدستور وحمايته .
قد تكون كل هذه المبررات مردودة بمبررات الرأي المعارض الذي يرى بأن المؤسس الدستوري
كان يقصد إضفاء الصبغة السياسية على الخيانة العظمى ،على اعتبارها جريمة سياسية تستوجب إقامة
المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية وبالتالي ضرورة تقدير عقوبات سياسية محضة كاالستقالة ،ألن
غياب تجريم الخيانة العظمى في قانون العقوبات الجزائري ُي ُّ
قر سلفا بطابعها السياسي ال الجزائي ،ومن
51
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
.- 1أحمد سامي متولي ،اِتصاصات الرئيس في الدستور ،األهرام ،القاهرة 77،ماي 70،1
54
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
جريمة انتهاك أحكام الدستور ضمن الجرائم التي تعفي الرئيس من منصبه فضال عن جريمة الخيانة
العظمى والجرائم الجنائية .وبينما لم يحدد دستور ،52،طريقة تشكيل المحكمة الخاصة برئيس
70،1هذه الطريقة في صلب الجمهورية وتركها للقانون ،فقد أقر دستور 70،7المعدل في سنة
المواد ،وعلى أن يرأس هذه المحكمة رئيس مجلس القضاء األعلى ،لتصبح لدينا آلية دستورية فعالة
لمحاكمة الرئيس.1
هذا وقد سمحت التعديالت األِيرة لسنة 70،1وألول مرة بإمكانية سحب الثقة من الرئيس عبر
أن الرئي ـ ـ ــس قد انتهك أحكـ ـ ــام الدستور ،على أن يحل
البرلمان وبعد االستفتاء إذا ما الحظ هذا األِير ِّ
البرلمان في حالة رفض الشعب سحب الثقة ،علما أن سلطات رئيس الجمهورية الواسعة في إصدار
القوانين عند الضرورة قد ألغيت مما يفيد بأن إمكانية ِرقه ألحكام الدستور بموجب األحوال االستثنائية
قد قيد أيضا ،ومع هذا تبقى إمكانية اتهامه بخرق أحكام الدستور قائمة .
-مسؤولية رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى:
وقع ِالف كبير بين الفقهاء في مصر حول تعريف جريمة الخيانة العظمى وذلك ألن لفظها
واسع وفضفاض وغير محدد.
اتجاه الفقه حول تعريف الخيانة العظمى:
أحالت المادة 89من دستور ،52،والمادة ،97من دستور 70،7والمادة ،95فقرة 1من
دستور 70،1إلى قانون ِاص يصدر في هذا الشأن لتنظيم تشكيل المحكمة الخاصة بمحاكمة رئيس
الجمهورية وإجراءات المحاكمة وتحديد العقاب ،إال أن هذا القانون لم يصدر حتى اآلن ،لذلك لجأ البعض
إلى القانون رقم 712لسنة ،592والخاص بمحاكمة رئيس الجمهورية في ظل دستور ،592الذي
عرف جريمة عدم الوالء للنظام الجمهوري لكنه لم يتناول أيضا تعريف الخيانة العظمى ،بل اكتفت المذكرة
ً
اإليضاحية للقانون باإلحالة في تحديد أعمالها ألحكام قانون العقوبات وبالتالي تكون الجرائم المنظمة
للجنايات والجنح المضرة بالمصلحة العامة هي التي تشكل هذه الجريمة.
البعض اآلِر من الفقه اتجه إلى القانون رقم 25لسنة ،598الخاص بمحاكمة الوزراء حي
وعرفها بأنها كل جريمة تمس سالمة الدولة أو أمنها الخارجي أو الداخلي
حدّد جريمة الخيانة العظمىً ،
ّ
55
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
أو نظام الحكم الجمهوري ويكون منصوص عليها في القوانين المصرية ،محددا لها عقوبة اإلعدام
..1
أو األشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو االعتقال المؤبد أو المؤقت
نهج فريق آِر من الفقه مسار الفقه الفرنسي في تعريفه للخيانة العظمى عن طريق مضمونها
والذي يكون في صورة اإلهمال الخطير أو خرق الدستور فيما يتعلق بالمهام الملقاة على عاتق رئيس
الجمهورية ،على أن يترك تقدير ما إذا كان الفعل مكونا لهذه الجريمة من عدمه إلى الجهة المختصة
باتهامه ومحاكمته.
*أما الرأي المخالف لما ورد جملة ،فيرى أن فعل الخيانة العظمى الذي ورد النص عليه
بالدستور " هو من قبيل الترف الدستوري إذ أنها حروف ميتة وجدت في الدساتير وال يمكن من الناحية
القانونية أن توجد مخالفة تدخل في هذا الوصف ،وأن هذه النصوص عديمة الجدوى ولن تجد مجاال
للتطبيق استنادا إلى عدم صدور القانون الخاص بمساءلة رئيس الدولة ،باإلضافة إلى قوة نفوذه من
الناحية الفعلية".2
-اتجاه الفقه حول طبيعة الخيانة العظمى:
انقسم الفقهاء حول تكييف الخيانة العظمى إلى ثالثة اتجاهات:
كيفها على أنها جريمة جنائية :وقد استند هذا االتجاه 3إلى المادة 2من القانون رقم
*االتجاه األول ّ
حددت عقوبة جنائية الرتكاب جريمة الخيانة العظمى ،وهي اإلعدام أو األشغال 712سنة ،592حي
الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ،كما استند إلى أن المذكرة اإليضاحية للقانون المذكور قد تركت تحديد أعمال
الخيانة العظمى لقانون العقوبات ناهيك على أن القانون رقم 25لسنة ،598الخاص بمحاكمة الوزراء قد
عرف الخيانة العظمى بأنه جريمة وقد نص الدستور على الخيانة العظمى بشكل متالزم مع ارتكاب
وحد اإلجراءات والعقوبات المقررة عند ارتكابه أيا منهما أو ارتكابه عدم الوالء للنظام
جريمة جنائية و ِّ
الجمهوري.
كيفها على أنها جريمة سياسية :واستند لعدة أسباب 4أهمها أن الدستور والقانون رقم
*االتجاه الثاني ّ
712لسنة ،592والخاص بمحاكمة رئيس الجمهورية لم يضعا مدلوال واضحا للخيانة العظمى وال
56
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
وصف القانون رقم 25لسنة ،598الخاص بمحاكمة الوزراء للخيانة العظمى بأنها جريمة
لعناصرها ،و ُ
أثناء تعريفها ال يسري بالضرورة في شأن رئيس الجمهورية وذلك في وجود قانون ِاص بمحاكمته.
وأبلغ دليل على أن الخيانة العظمى ليست جريمة جنائية وإنما جريمة ذات طابع سياسي أن
الدستور ذكر الحالتين التي يجوز فيها اتهام رئيس الجمهورية ،إذ أورد كل لفظ على حدا "الخيانة العظمى
وارتكاب أي جناية أِرى".
كيفها على أنها جريمة سياسية بصفة أصلية وجنائية بصفة تبعية :واستند في تبريره
االتجاه الثالث ّ
لموقفه إلى عدم وجود تجريم محدد سلفا قانونيا لجريمة الخيانة العظمى في حق رئيس الجمهورية ،والجزاء
المقرر عن الخيانة العظمى هو العزل من منصب رئاسة الجمهورية ،وال يمكن للمحكمة الخاصة بمحاكمة
قرر عقوبات جنائية بمفهومها الدقيق عليه عند ارتكابه لجريمة الخيانة العظمى إال إذا كانت رئيس أن تُ ِّ
. الوقائع المنشئة لها تقع أيضا تحت طائلة القانون الجنائي.
يفهم كذلك من نص المادة 89من دستور ،52،والمادة ،97من دستور 70،7المجمـِّـ ـ ـ ـ ــد
57
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
وما استقر عليه الفقه يمكن القول أنها" كل مخالفة أو انتهاك ألحكام القانون الجنائي ،مما يستلزم تطبيق
النص وتوقيع العقوبة الواردة به".1
لكن اإلشكال يظهر في ماهية الجرائم التي بمقتضاها يستفيد رئيس الجمهورية من إجراءات اتهام
ومحاكمة ِاصة تختلف عن اإلجراءات المقررة لألفراد العاديين.
فالنص الدستوري والقانون رقم 712لسنة ،592لم يفرقا بين نوعي الجرائم المرتكبة من رئيس
الجمهورية أثناء ممارسته الوظيفة ،سواء األعمال التي يرتكبها الرئيس أثناء فترة الرئاسة ومتصلة
تتحدث بأعمالها أو األعمال التي يرتكبها أثناء فترة الرئاسة ومنفصلة عن أعمال الوظيفة ،حي
النصوص عن إجراءات واحدة لالتهام والمحاكمة ،األمر الذي يؤدي إلى نتيجة مؤداها حماية رئيس
الجمهورية أثناء مدة النيابة من المساءلة الجنائية العادية ألفعال تقع ِارج ممارسة وظائفه ،2أما الجرائم
التي ترتكب قبل بداية مدة الرئاسة أو بعد انتهائها فلم تنظم بموجب نصوص دستورية ،وكما جرى عليه
العمل في فرنسا يمكن تأجيل هذه المسؤولية لحين انتهاء فترة الرئاسة.
إجراءات االتهام والتحقيق والمحاكمة قبل التعديل ( في دستوري 0220و : )7107
يكون اتهام رئيس الجمهورية وفقا لنص المادة 89من دستور ،52،والمادة ،97من دستور
( )،/3أعضاء مجلس الشعب ،وذلك بطلب يقدم إلى رئيس المجلس 70،7بناءا على اقتراح ثل
ويصدر قرار االتهام بأغلبية ( )7/3أعضائه وليس الحاضرين فقط ،ومن هنا يظهر الطابع السياسي لقرار
االتهام بصدوره من جهة سياسية.
أما عن إجراءات الت حقيق فقد تم إعمال إجراءات التحقيق في اتهام رئيس الجمهورية التي نظمتها
المواد( )،،،،7 ،،0من القانون رقم 712لسنة ،،592اعتبا ار أن دستور ،52،عند صدوره لم ُي ِ
لغ
كل النصوص القانونية التي ُوجدت في ظل الدساتير السابقة إال إذا تعارضت معه،إلى حين صدور قانون
ينظم ذلك والذي لم يصدر حتى عند وضع دستور .370،7
بعد تقديم االقتراح باتهام رئيس الجمهورية إلى رئيس المجلس ،يقوم المجلس بتشكيل لجنة للتحقيق
تتكون من ِمسة من أعضائه على أن يجري انتخابهم بطريق االقتراع السري وذلك في جلسة
علنية ،وتتولى لجنة التحقيق دراسة موضوع االقتراح والتحقيق فيه وإعداد تقرير بنتيجة أعمالها ِالل شهر
58
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
من تكليفها بهذا العمل ،وتقوم بتقديمه إلى رئيس مجلس الشعب ويجوز للمجلس أن يقوم بتقصير مدة
عمل اللجنة إلى أقل من شهر.
وبعد قيام اللجنة بوضع التقرير يحدد رئيس مجلس الشعب جلسة لمناقشته وذلك ِالل ،9يوما
من تاريخ رفع التقرير إليه ،ويصدر عندها قرار االتهام لرئيس الجمهورية بأغلبية( )7/3أعضاء المجلس
المذكور مع العلم أن إجراءات التحقيق السابقة تتبع قواعد قانون اإلجراءات الجنائية"وال تستطيع اللجنة أن
تقرر التكييف القانوني للواقع وال تغييره باعتباره خيانة عظمى ،وال يمكنها التصرف بأن تصدر أم ار بأالّ
وجه إلقامـــة الدعوى ،فهي تقوم بتقدير مدى كفاية األدلة فقط".1
أما عن إجراءات المحاكمة فتكون المحكمة العليا صاحبة االِتصاص طبقا لنصوص المواد ،،
تتكون من ،7عضوا،ويـ ـ ــُختار كذلك 77 ،،8 ،9 ،1 ،3 ،7من القانون رقم 712لسنة ،592حي
عدد مساو من أعضاء مجلس الشعب والمستشارين بصفة احتياطية ،ويقوم بوظيفة االتهام أمام المحكمة
ثالثة( )3من أعضاء مجلس الشعب ينتخبهم المجلس ،وذلك بعد صدور قرار االتهام باالقتراع السري
بأغلبية أعضائه الحاضرين.
تنعقد هذه المحكمة في محكمة النقض وتصدر حكمها بأغلبية( )7/3أعضائها سواء كان بالبراءة
أو اإلدانة طبقا للمادة ،8من قانون 712لسنة ،592م ،وبالرجوع إلى المواد ،2 ،،9 ،،1 ،،3من
نفس القانون يتضح لنا أنه بمجرد صدور قرار من مجلس الشعب بأغلبية( )7/3أعضائه باتهام رئيس
،ي ـ ــرسل قرار اال تهام في اليوم الموالي لصدوره إلى رئيس مجلس القضاء األعلى لتحديد تشكيلة
الجمهورية ُ
المحكمة العليا كما رأينا سابقا ِالل 2أيام على األكثر من صدور قرار االتهام.
وبعد تعيين رئيس المحكمة يقوم رئيس المجلس ِالل ثالثة أيام على األكثر بإرسال القرار
الصادر من المجلس بإحالة رئيس الجمهورية إلى المحكمة مرفقا بمحضر جلسة الشعب الذي صدر فيه
قرار االتهام +تقرير لجنة التحقيق مع جميع المستندات واألوراق المؤي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدة له ،باإلضافة إلى أسماء
األعضاء الذين انتخبهم المجلس ليمثلوا االتهام أمام المحكمة.
تصدر المحكمة حسب نص المادة 89فقرة أِيرة من دستور ،52،والمادة ،97فقرة أِيرة من
دستور،70،7وكذلك نص المادة 2من القانون رقم 712عقوبة العزل وذلك بإعفائه من منصبه .مع
عدم اإلِالل بالعقوبات األِرى وهي اإلعدام أو األشغال الشاقة المؤيدة أو المؤقتة ويكون الحكم الصادر
نهائيا وال يجوز الطعن فيه بأي وجه من أوجه الطعن األِرى سوى إعادة النظر ،وال يكون ذلك إال بعد
59
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
سنة على األقل من صدور الحكم بناء على طلب من النائب العام أو المحكوم عليه أو من يمثله قانونا أو
أقاربه بعد وفاته.1
وينفذ الحكم بمعرفة النائب العام ويجوز العفو عنه بموافقة مجلس الشعب وذلك طبقا للمادة ،8
من القانون رقم 712لسنة ،،592وتنطبق نفس القواعد المنظمة لمسؤولية رئيس الجمهورية على نائب أو
نواب رئيس الجمهورية وذلك وفقا لنص المادة ،35من دستور .2،52،
-إجراءات االتهام والتحقيق والمحاكمة في دستور : 7102
يكون اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك أحكام الدستور ،أو بالخيانة العظمى،أو أية جناية أِرى،
بناء على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على األقل ،وال يصدر قرار االتهام إال بأغلبية
ً
ثلثي أعضاء المجلس.
من هنا يظهر الطابع السياسي لقرار االتهام بصدوره من جهة سياسية -مجلس النواب -في
جميع صور مجاالت اتهام رئيس الجمهورية ،سواء تعلق األمر بانتهاكه لألحكام الدستور أو ارتكابه
للخيانة العظمى أو أي جناية كانت بمجرد صدور هذا القرارُ ،ي َوًقف رئيس الجمهورية عن عمله ويعتبر
ذلك مانعاً مؤقتاً يحول دون مباشرته الِتصاصاته حتى صدور حكم في الدعوى.
ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء األعلى عوضا من
محاكمته أمام المحكمة العليا كما كان واردا في دستور ،52،و ،70،7وعضوية أقدم نائب لرئيس
المحكمة الدستورية العليا ،وأقدم نائب لرئيس مجلس الدولة ،وأقدم رئيسين بمحاكم االستئناف ،ويتولى
االدعاء أمامها النائب العام ،وإذا قام بأحدهم مانع ،حل محله من يليه في األقدمية.
و يالحظ أن إجراءات التحقيق والمتابعة قد تغيرت جملة وتفصيال عما كان سائدا في ظل
دستوري ،52،و ، 70،7إذ أصبحت التشكيلة قضائية محضة وبخصوصية في انتقاء أعضائها (أقدم
نائب لرئيس المحكمة الدستورية العليا ،وأقدم نائب لرئيس مجلس الدولة ،وأقدم رئيسين بمحاكم
االستئناف) ،وقد ذكرها المؤسس صراحة في متن النص الدستوري ،ليحيل هذا األِير إلى قانون
يصدر في هذا الشأن لتنظيم إجراءات التحقيق والمحاكمة .
.- 1غازي فوزي مناور "،مسؤولية رئيس الدولة " الخليفة في اإلسالم مع المقارنة باألن ـ ـ ـ ـ ــظمة الديمقراطية الغربية
.- 2صبري دمحم السنوسي ،الدور السياسي للبرلمان في مصر ،دار النهضة العربية ،القاهرة7002،
61
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
وأحكام المحكمة نهائية غير قابلة للطعن ،وإذا ُحكم بإدانة رئيس الجمهورية أُعفى من منصبه مع
عدم اإلِالل بالعقوبات األِرى ،وهو ما يؤكد الطبيعة السياسية للعقوبة التي يتعرض لها رئيس
الجمهورية إذا ثبتت إدانته.
وقد رصدت 2 ،مادة ب "الئحة النواب" إلعادة قراءتها ألنها تحتاج للتعديل لتتفق مع دستور
70،1مع ضرورة إضافة فصلين لتنظيم إجراءات سحب الثقة من الرئيس و"محاكمة رئيس الوزراء" ،فـ ــد
المنظمة لعمل مجلس النواب (الشعب سابقا) ،أم ًار ملحاً ،لتنضبط موادها مع صحيح
بات تعديل الالئحة ُ
مواد دستور ِ ،70،1اصة أن الالئحة الحالية تستند في موادها إلى دستور ،52،الذي أسقطته ثورة
79يناير ،وهو األمر الذي دفع عددا من النواب السابقين للتشديد على أهمية وضع الئحة جديـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدة
وع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدم االقتصار على "التعديل المجرد" ،وذلك لما تضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمنه من تناقض يشوب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها في عدد من
المـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواد ،إذ البد من تعديل المادة ( )،07من الالئحة ،والخاصة باتهام رئيس الجمهورية ومحاكمته
لتستند لنص المادة ( )،95من دستور 70،1بدال من المادة ( )89فى دستور ،،52،وذلك الِتالفهما
كليا في إجراءات التحقيق والمتابعة .
وقد نشرت "اليوم السابع" نص مشروع الالئحة الداِلية الجديدة لمجلس النواب ،التى أعدتها
اللجنة الخاصة المكلفة بتعديل الالئحة الداِلية وإعداد المشروع الجديد ،برئاسة المستشار" بهاء الدين
أب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو شقة" ،والمكونة من ،1باب و 35،مادة ،باإلضافة إلى عدد من المواد المستحدثة في 8
فـ ـ ـ ـ ـ ــبراير في 70،2في انتظار التصويت عليها .
الطبيعة السياسية للمسؤولية الجنائية لرئيس الجمهوريـة: -
يتجه الرأي السائد حاليا إلى إضفاء الطابع السياسي على المسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية،
ومؤدى ذلك أن كل جريمة جنائية يرتكبها الرئيس تكون المسؤولية المترتبة عليها سياسية وليست جنائية،
وقد أدى إلى هذه النتيجة الشك في إمكانية توقيع عقوبة جنائية على رئيس الجمهورية األمر الذي يحول-
من الناحية العملية -من نشوء مسؤوليته الجنائية.
إن ارتكاب رئيس الجمهورية لجريمة أو ِطأ سياسي ما بسبب الخيانة العظمى أو اإلِالل بالواجبات
الوظيفية يكون سببا لنشوء المسؤولية السياسية له ،وتكون المسؤولية الجنائية هي األساس القانوني إلثارة
هذه المسؤولية ومن ثمة يمكن القول بأن المسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية تكون ذات طبيعية سياسية،
ولو أنها بحسب األصل مسؤولية جنائية تتحقق بسبب انتهاك رئيس الجمهورية لمبدأ المشروعية في فترة
معينة ،وما يؤكد الطابع السياسي لهذه المسؤولية الجنائية أمرين الطبيعة السياسية للوضع موضع االتهام
والعقوبات المتوقعة على رئيس الجمهورية في حالة ثبوت مسؤوليته الجنائية.
60
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
.- 1ابراهيم حمدان عنزاوي،رئيس الدولة في النظام الديمقراطي،رسالة دكتوراه،جامعة القاهرة ،دون تاريخ نشر
61
الفصل الثاني آليات تحريك الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية المقارنة
* توجيه االتهام وتنظيم المحاكمة بواسطة البرلمان إذ لم يتم تنظيمها وفق قانون العقوبات.1
*العقوبة المحددة لجريمة الخيانة العظمى عقوبة سياسية وهي العزل.
*لم يتناول قانون العقوبات تعريف الخيانة العظمى.
في هذا المجال فيرى بأن جريمة الخيانة العظمى ذات وهو الرأي الثال أما االتجاه الحدي
طبيعة سياسية وجنائية،2وكذلك المسؤولية هي مسؤولية سياسية بصفة أصلية وجنائية بصفة احتياطية
تستشف من ِالل إجراءات االتهام والمحاكمة لوجود تالزم بينهما،إذ من المسؤولية الجنائية نصل إلى
المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية.
إن الخيانة العظمى تستند في شرعيتها إلى التحديد بواسطة القانون الجنائي وهي حسب هذا
ِّ
االتجاه جريمة ذات شكل جنائي لمسؤولية سياسية ،وهو نفس الموقف الذي ذهب إليه الفقه المصري إذ
أضفى الوصف السياسي والجنائي على الخيانة العظمى " الزدواجية العقوبة من جهة وللطبيعة المختلفة
لتشكيلة المحكمة من جهة أِرى".
فعال ،فقد ذهب القضاء المصري
انتقد البعض نظام االتهام الجنائي في كونه إجراء صوري وغير ِّ
في حكمه لقضية رقم ،0098لسنة ،580أنه من الناحية الجنائية ال يمكن أن تثار المسؤولية الجنائية
إال بالنسبة للجرائم التي تكون على درجة كبيرة من الجسامة والتي هي غير مضبوطة قانونا.
قرر القضاء من ِالل القضية التي رفعها المدعي (األستاذ الدكتور حلمي مراد) ضد (دمحم
و قد ِّ
أنور السادات) رئيس جمهورية مصر العربية السابق بصفته ،إلى أن المسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية
تخالطها مسؤولية سياسية تتطلب تقدي ار معينا ،وهو ما جعل المشرع يشرك عنصر سياسي في المحكمة
التي تتولى محاكمته جنائيا عن أية جريمة جنائية يرتكبها ،كما أن مسؤوليته الشخصية ترتبط بمسؤوليته
السياسية والجنائية.
61
خاتمـــة
64
خاتمة
خاتمـــة:
السلطة أداة للحكم ،والحكم المطلق دون الخضوع للرقابة بشتى أنواعها مفسدة مطلقة ،والتجربة
توجد سلطة توجد المسؤولية ،والحاكم إنما تولى السلطة أثبتت أن الحكم الراشد يقتضي حتما انه حي
ألنه استمدها من إرادة الشعب لذلك يجب أن يخضع للرقابة ،فالتوازن بين السلطة والمسؤولية عامل
حاسم في إنشاء حكم راشد وإقامة نظام سياسي صالح في الدولة ،ورغم تطور الفكر السياسي واألنظمة
السياسية إال أن األنظمة الحديثة ِاصة في الدول العربية مازالت بعيدة عن تجسيد مبادئ حكم راشد
يخضع فيه الحاكم للمساءلة ،ويتجلى ذلك من ِالل مدى السلطات التي يمارسها الحاكم في األنظمة
الدستورية الحديثة في الوطن العربي في الظروف العادية والتي تزداد اتساعا في الظروف االستثنائية إذ
ومن ِالل تحليل الواقع في أنظمة الحكم العربية نالحظ انه ال يقع على الحاكم رغم السلطات الواسعة أي
مسؤولية تقابلها والمسؤولية الوحيدة المنوطة بالحاكم تتمثل في جريمة الخيانة العظمى والتي يبقى معناها
ومضمونها غير دقيق بل أن الواقع يثبت أن هذه المسؤولية بخصوص هذه الجريمة تبقى حب ار على ورق
ِاصة في ضل انعدام صدور أي قوانين ِاصة بالمحكمة التي تباشر الدعوى هذا من جهة ومن جهة
أِرى يبقى مفهوم الخيانة العظمى غامض وغير محدد ولم تقرر له ال مسؤولية سياسية وال مسؤولية
جزائية مما ينفي على اإلطالق ويجعل استحالة ِضوع رئيس الجمهورية " الحاكم " لمثل هكذا رقابة مما
أدى إلى ِلل في التوازن بين سلطات الحاكم ومسؤوليته وهذا ما ينعكس على النظام السياسي بشكل عام
ال رقابة عليه يمسك بزمام السلطة وال مسؤولية عليه مما يجعل من اآلليات يجعله نظام مستبد
المنصوص عليها في تقرير المسؤولية غير فعالة وعاجزة ِاصة إذا كانت سلطة الحاكم تمتد إلى تعيين
رئيس المجلس الدستوري وأغلبية األعضاء مع عدم فاعلية البرلمانات النعدام الكفاءة في معظم منتخبيه
مما يزيد من تغول السلطة التنفيذية والتي على رأسها الحاكم وال يعقل ان يتخذ المجلس الدستوري قرار
ضد من عينه من جهة ومن جهة أِرى ومن ِالل التحليل نجد ان السلطة القضائية يرأس مجلسها
األعلى رئيس الجمهورية فلو سلمنا جدال أن المحكمة العليا للدولة قد صدر القانون العضوي الخاص بها
وتم تعيين قضاة على رأسها فالقضاة يعينون من طرف رئيس الجمهورية "الحاكم" هذه اآلليات والسلطات
الشاملة التي يمارسها الحاكم ِاصة في تعيين أعضاء المجلس الدستوري وفي تعيين القضاة على أعلى
هرم السلطة القضائية يشكل عائق ابدي لخضوع الرئيس ألي رقابة قضائية ويجعله بعيد عن تحمل اي
مسؤولية ولو ارتكب أي ِطأ أو ِالف قواعد الدستور الذي يملك تغييره في أي وقت وفق قواعد تتحكم
بها السلطة كل هذه العوائق تجعل من الحاكم سلطته مطلقة تأِذنا إلى العودة إلى النظريات التوقراطية
65
خاتمة
من جديد األمر الذي يجعل ضرورة تحلي المجتمعات العربية بالوعي السياسي والمطالبة بتأسيس حكم
راشد يخضع للمساءلة مع تأسيس قواعد بعيدة عن سلطة الحاكم من ِاللها تتم مراقبة تصرفاته وتخضعه
للمساءلة متى ما ِالف القواعد الدستورية ومتى حاد بسلطته عن المصالح العامة لألمة التي استمد
سلطته من ِاللها هذه اآلليات فقط تخلق نوع من التوازن بين سلطة الحاكم ومسؤوليته .
66
قائمة املراجع
67
قائمة المراجع
قائمـــــة المراجـــع
القران الكريم .
-،صحيح مسلم " شرح النووي على مسلم " ،يحي بن شرف ابو زكرياء النووي ،دار الخير.
-7صحيح البخاري.كتاب الجمعة.
ابن كثير ،تفسير القران الكريم،دار احياء الكتب العربية. -3
الرازي زين الدين دمحم ابي بكر ،مختار الصحاح ،ط،،،مؤسسة الرسالة ،بيروت،172،هـ. -1
-9ابن منضور ،لسان العرب،ج،،9مطبعة بيروت.،529،
-2الزيات أحمد حسن الزيات ،المعجم الوسيط ،ط،7ج ،،المكتبة االسالمية اسطنبول ،دون تاريخ
نشر.
-2احمد بن دمحم بن علي ،المصباح المنير،ط،،ج ،،دار الكتب العلمية بيروت.
-8المعجم الوسيط،مجمع اللغة العربية ،القاهرة،ط.70،،، 9
-5المنجد الفرنسي الروس.7009 ،
-،0ابن رجب الحنبلي ،جامع العلوم ،الجزء الثاني ،مؤسسة الرسالة .
-،،الدستور الجزائري،القانون 0،/،2المؤرخ في 02مارس ،70،2الجريدة الرسمية رقم،1
سنة.70،2
-،7د .عبد العزيز دمحم عزام ،القواعد الفقهية ،دار الحدي .7009 ،
-،3عبد الرحمن ابن ابي بكر بن دمحم السيوطي ،القواعد الفقهية االشباه والنضائر ،دار الكتب العلمية
،ط .،583 ،،
-،1دمحم علي السايس،نشأة الفقه االجتهادي وأطواره ،سلسلة البحوث االسالمية،المتاب السابع،دون ذكر
البلد .،580
-،9السيد سابق،فقه السنة ،الجزء الثال ،دار الفتح لالعالم العربي ،القاهرة.7003،
-،2ابراهيم ابو النجا ،محاضرات في فلسفة القانون،ديوان المطبوعات الجامعية .،555
-،2سعيد بوشعير ،القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.
-،8د .يحي السيد الصباحي ،النظام الرئاسي االمريكي والفقه االسالمي ،دار الفكر العربي،ط،،
.،553
-،5دمحم عاطف البنا ،الوسيط في النظم السياسية ،دار الفكر العربي ،القاهرة .،551،
68
قائمة المراجع
-70األستاذ ذبيح ميلود ،الفصل بين السلطات في التجربة الدستورية الجزائرية،دار الهدى،
الجزائر.7002،
-7،دمحم كامل ليلى ،النظم السياسية والحكومة،دار الفكر العربي ،القاهرة.،52،،
-77سعيد سيد علي ،النظام البرلماني والمسؤولية السياسية ،دار الكتاب الحدي ،القاهرة.7005،
-73دمحم رأفت عثمان ،رئاسة الدولة في الفقه االسالمي ،دار الكتاب العربي ،دون تاريخ نشر.
-71وسيم حسام الدين األحمد ،الحصانات القانونية،منشورات الحلبي الحقوقية،لبنان.70،0،
-79عمار عباس ،الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة في النظام الدستوري الجزائري ،دارالخلدونية
للنشر ،الجزائر.7002،
-72عبد هللا بوقفة ،اليات تنظيم السلطة في النظام السياسي الجزائري ،دار هومة ،الجزائر.7003 ،
-72حسين عثمان دمحم عثمان ،النظم السياسية والقانون الدستوري ،دون ذكر دار
النشر،االسكندرية.،558،
-78عزة مصطفى حسني عبد المجيد،مسؤولية رئيس الدولة ،دار النهضة العربية.7008،
-75صبري دمحم السنوسي ،الدور السياسي للبرلمان في مصر ،دار النهضة العربية،القاهرة.7002،
-30عبد الغني بسيوني عبد هللا ،سلطة ومسؤولية رئيس الدولة في النظام البرلماني المنظور،دون ذكر
دار النشر ،القاهرة .،55، ،
-3،د.دمحم دمحم بدران ،رقابة القضاء االداريعلى اعمال االدارة ،دار النهضة العربية ،القاهرة.
-37لجلط فواز ،اطروحة دكتوراة ،الضمانات الدستورية لحماية مبدأ الشرعية،جامعة الجزائر،،
.70،9/70،1
-33ابراهيم حمدان غزاوي ،رئيس الدولة في النظام الديمقراطي،رسالة دكتوراة،جامعة القاهرة،دون تاريخ
النشر.
-31غازي فوزي مناور مسؤولية رئيس الدولة الخليفة في االسالم مع المقارنة باالنظمة الديمقراطية
الغربية والنظام الدستوري المصري،رسالة دكتوراة ،جامعة االسكندرية.،583،
-39دمحم فوزي نوجي ،مسؤولية رئيس الدولة في الفقه االسالمي ،رسالة دكتوراة ،جامعة القاهرة.7007،
-32عبد هللا ابراهيم ناصف ،مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة ،رسالة
دكتوراه،القاهرة.،55،،
-32احمد ابراهيم السبيلي ،المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في النظم الوضعية والفكر السياسي
االسالمي ،اطروحة دكتوراه ،جامعة عين شمس ،القاهرة.،550 ،
69
قائمة المراجع
-38غسان عبد الحفيظ دمحم حمدان ،رسالة ماجستير في الفقه والتشريع،جامعة النجاح الوطنية ،نابلس،
.7003
-35العايب سامية ،مكانة السلطة التشريعية في النظام الدستوري الجزائري طبقا لدستور ،،552مذكرة
ماجستير ،جامعة قالمة.
لنيل درجة الدبلوم في القانون العام ،دمشق.7001، -10غسان عرنوس ،مسؤولية رئيس الدولة ،بح
-1،أحمد سامي متولي ،اِتصاصات الرئيس في الدستور ،االهرام ،القاهرة77 ،ماي .70،1
-17أ.ذبيح ميلود ،اليات رقابة الكنغرس االمريكي على اعمال السلطة التنفيذية ،مجلة الفكر البرلماني،
الجزائر ،العدد ،72أفريل .70،،
-13االستاذين فريد علواش /نبيل قرقور ،مبدأ الفصل بين السلطات في الدساتير الجزائرية ،مجلة مخبر
اثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ،جامعة بسكرة.
-11د .باسم صبحي بشناق ،الفصل بين السطات في النظام السياسي االسالمي ،مجلة الجامعة
االسالمية للدراسات االسالمية ،عدد.70،3 ،،
-19شارل ديباش ،رئيس الجمهورية والوزير االول في النظام السياسي للجمهورية الخامسة.
المراجع باللغة الفرنسية:
46- Charles Debash ,président de la République et premier ministre dans le
système politique de la Ve République
47- Albert Geouffre de Lapradelle, Cours de droit constitutionnel,
Pedone,1912.
د .برنار شانت بوت ،القانون الدستوري والعلوم السياسية ،مطبعة كوالن،ط.،552 ،،3 -18
49- Jacque cadart، Régime électoral et régime parlementaire en Grande-
Bretagne،Librairie Armand Colin, 1491
د .روبرت الكسي ،فلسفة القانون ،مفهوم القانون وسريانه ،تعريب د .كامل فريد السالك ،منشورات -90
الحلبي الحقوقية ،بيروت لبنان.
فرنسوا سان بونيه ،التكوين المزدوج للقضاء الدستوري في فرنسا ،مجلة القانون العام وعلم -9،
السياسة ،فرنسا.7002،
اميلي ما ركوفيتشي ،االجتهادات القضائية والتعديل الدستوريمثال عام ،7002مجلة القانون -97
العام وعلم السياسة .7002
جريدة االهرام ،عدد ،،318سنة.،580 -93
71
قائمة المراجع
70
فهرا المحتويات
72
فهرس المحتويات
فهرا المحتويات
شكر
إهداء
المقـدم ــة .............................................................................................أ
الفصل األول :ماهية الرقابة القضائية على الحاكم بين الفقه اإلسالمي والقوانين الدستورية الحديثة 1
األول :أحكام الرقابة القضائية على الحاكم في الفقه اإلسالمي1 ............................ . -المبح
-الفرع األول :القواعد الشرعية للرقابة على الحاكم في الفقه اإلسالمي2 ........................ .
-الفرع الثاني :القواعد الفقهية للرقابة على الحاكم في الفقه اإلسالمي8 ......................... .
-المطلب الثانيِ :صائص وصور الرقابة القضائية على الحاكم في الفقه اإلسالمي 5 ............ .
الثاني :أحكام الرقابة القضائية على الحاكم في القوانين الدستورية الحديثة،1 ............... . -المبح
-المطلب األول :نشأة وتطور الرقابة القضائية على الحاكم في القوانين الدستورية الحديثة،1 ...... .
-الفرع االول :مرحلة انعدام تقرير مسؤولية الحاكم( -المرحلة األولى النظريات الثيوقراطية) ،1 ..
-الفرع الثاني :مرحلة تأسيس الرقابة تقرير المسؤولية ( -النظريات الديمقراطية) ،9 .............
-المطلب الثاني :أنواع الرقابة القضائية على الحاكم في القوانين الدستورية الحديثة،8 ............ ..
الفصــل الثــاني :آليــات تحريــا الرقابــة القضــائية علــى الحــاكم بــين الفقــه اإلســالمي والقـوانين الدســتورية
المقارنة79 ..........................................................................................
االول :الرقابة القضائية أساس التوازن بين سلطات ومسؤولية الخليفة في اإلسالم 79 ...... . -المبح
-المطلب األول :صور الرقابة القضائية على الحاكم في اإلسالم 72 ............................. .
-الفرع األول :الرقابة القضائية على االِتصاصات السياسية والتنفيذية للحاكم72 ............. .
-الفرع الثاني :الرقابة القضائية على االِتصاصات التشريعية والقضائية للحاكم75 ............ .
-المطلب الثاني :أسباب وأثار الرقابة القضائية على الحاكم في اإلسالم 30 ................... .
71
فهرس المحتويات
الثاني :اإلطار اإلجرائي والموضوعي للرقابة القضائية على الحاكم في النظم المقارنة33 ... . -المبح
-المطلب األول :إجراءات الرقابة القضائية على الحاكم في النظم الغربية 33 ..................... .
-المطلب الثاني :إجراءات الرقابة القضائية على الحاكم في النظم العربية 12 ......................
74