You are on page 1of 9

‫قراءة نظرية آلليات حوكمة المنظمات وفق مقاربة أوليفار ويليماسون الحائز على جائزة نوبل ‪9002‬‬

‫قراءة نظرية آلليات حوكمة المنظمات وفق مقاربة أوليفار ويليماسون‬


‫الحائز على جائزة نوبل ‪9002‬‬

‫د‪ .‬الياس بن ساسي‪ ،‬جامعة ورقلة‬


‫أ‪ .‬مريم فيها خير ‪ ،‬جامعة ورقلة‬
‫ملخص ‪:‬‬
‫نحاول من خالل هذه الورقة التعريف بأهم اسهامات ‪ Oliver williamson‬المتعلقة بموضوع الحوكمة‬
‫و تطبيقات نظرية تكاليف الصفقات‪ ،‬و التي بفضلها – هذه االسهامات ‪ -‬نال جائزة نوبل لالقتصاد سنة‬
‫‪ ،9002‬وذلك بالتطرق بداية إلى تحليل صفات نظرية الصفقات ثم تحديد هياكل الحوكمة والتي تسمح فيما‬
‫بعد باتخاذ قرار اللجوء إلى السوق أو االعتماد على التنسيق بين الوظائف داخل المؤسسة‪ ،‬وأخي ار تقديم بعض‬
‫تطبيقات نظرية تكلفة الصفقات على استراتيجيات المؤسسات‪.‬‬
‫الكلمات الدالة ‪ :‬نظرية تكلفة الصفقات‪ ،‬الحوكمة‪ ،‬سمات الصفقات‪ ،‬الرشادة المحدودة‪ ،‬االنتهازية‪ ،‬خصوصية‬
‫االصول‪ ،‬هياكل الحوكمة‪ ،‬العقد‪ ،‬السوق‪ ،‬المؤسسة‪.‬‬
‫مدخل‪:‬‬
‫فاز االقتصادي االمريكي ‪ Oliver williamsson‬بجائزة نوبل لالقتصاد سنة ‪ 9002‬رفقة االقتصادية‬
‫االمريكية ‪ Elinor Ostrom‬عن مجمل أعماله حول الحوكمة وتطويره لنظرية تكاليف الصفقات التي تساعد‬
‫المؤسسات االقتصادية في حل المشاكل والخالفات والحد منها‪.‬‬
‫يحلل ‪ Oliver williamsson‬نظرية تكاليف الصفقة الى ثالث مراحل في األول يحلل سمات الصفقات ‪les‬‬
‫‪ attributs de transaction‬فهي مختلفة جدا من صناعة ألخرى‪ ،‬ثم يحدد وسائل دعم الصفقة المتمثلة‬
‫في هياكل الحوكمة‪ ،‬واخي ار يقترح نموذج لالختيار المسبق بين الهياكل المذكورة اعاله‪ ،‬وهذا هو السبب في‬
‫أنه يعتبر خبير في الحوكمة ألنه يسمح باالختيار بين هذه الهياكل للحفاظ على تكاليف الصفقة‪ ،‬فهو يدعو‬
‫دائما لمقارنة المزايا النسبية لهياكل الحوكمة الفعلية بدال من معايرة هيكل مثالي كما في السوق‬
‫‪1‬‬
‫النيوكالسيكية‪،‬كما أن ‪ Williamson‬ال يعارض اللجوء إلى السوق ألنه ليس هناك هيكل للحوكمة المثالية‪.‬‬

‫‪ ‬تتمثل هياكل احلوكمة يف السوق‪ ،‬املؤسسة واهلياكل اهلجينة‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪Michel Gheretman, Oliver Williamson : Un Nobel Pour L'économie Et La Gestion, Revue française de gestion ,n o 200,‬‬
‫‪2010, p 70.‬‬

‫‪801‬‬
‫قراءة نظرية آلليات حوكمة المنظمات وفق مقاربة أوليفار ويليماسون الحائز على جائزة نوبل ‪9002‬‬
‫الهندسة النظرية (نظرية تكاليف الصفقة) ‪:‬‬ ‫‪.I‬‬
‫يدفع ‪ williamsson‬بنظرية تكاليف الصفقة إلى أبعد من )‪ Rounald Coase (1937‬الحائز على جائزة‬
‫نوبل سنة ‪ ،1221‬والذي يبرر وجود المؤسسات الكبرى من خالل قدرتها على ضمان توفير الصفقة بسعر‬
‫‪2‬‬
‫أقل من سعر السوق‪.‬‬
‫‪ .1‬خصائص الصفقات‪:‬‬
‫تشمل خصائص الصفقات على عنصرين أساسيين وهما الفرضيات السلوكية وسمات الصفقات وألن هذه‬
‫األخيرة تبدأ وتكتمل بواسطة العنصر البشري فال بد من تحديد الفرضيات السلوكية قبل تحليل سمات‬
‫‪3‬‬
‫الصفقات‪.‬‬
‫أ‪ .‬الفرضيات السلوكية لنظرية تكاليف الصفقات ‪ :‬الرشادة المحدودة واالنتهازية‬
‫‪ -‬الرشادة المحدودة‪:‬‬
‫في البداية طور هذا المفهوم من قبل )‪ Simon (1974‬حيث عبر عن الرشادة المحدودة بكون الفرد ال‬
‫يملك قدرة الحصول على كافة المعلومات وفهمها وتوقع ردود أفعال الموظفين و الموردين و العمالء و‬
‫‪4‬‬
‫المنافسين بشكل دقيق‪.‬‬
‫‪ -‬االنتهازية ‪:‬‬
‫حسب ‪ Williamson‬عندما يكون هناك عقد غير تام فانه ذلك يطرح مشاكل اضافية تقترن مع حالة‬
‫االنتهازية والتي تظهر على شكل ‪ :‬سوء االختيار‪ ،‬الخطر االخالقي‪ ،‬التهرب‪ ،‬السعي لتحقيق اهداف غير‬
‫‪5‬‬
‫رئيسية‪ ،‬وغيرها من اشكال السلوك االستراتيجي‪.‬‬
‫وبناءا على الفرضيات السابقة‪ ،‬يرى ‪ Williamson‬أن العقود لن تكون تامة وبالتالي فانه يوجد طرف يتعرض‬
‫النتهازية طرف آخر‪ ،‬مما يشكل حالة تضارب في المصالح بين األطراف المتعاقدة‪.‬‬
‫ب‪ .‬سمات نظرية تكاليف الصفقة ‪:‬‬
‫حسب ‪ Williamson‬فإن تحديد فرضيات وسمات نظرية تكاليف الصفقة تمثل المرحلة األولى في التحليل‬
‫وتتمثل هذه السمات في ثالث عناصر ‪ :‬خصوصية األصول‪ ،‬عدم التأكد‪ ،‬درجة تكرار الصفقة‪ .‬وهي تعتبر‬
‫‪6‬‬
‫عناصر أساسية لالختيار األمثل بين هياكل الحوكمة‪.‬‬

‫‪2 Idem.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Michel Ghertman, Oliver Williamson et la théorie des coûts de transaction, Revue française de gestion 1, no 142, 2003, p 45.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Idem.‬‬
‫‪5 Oliver E. Williamson, The New Institutional Economics: Taking Stock, Looking Ahead, Journal of Economic Literature,‬‬
‫‪Vol. XXXVIII (September 2000) p 60 .‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Michel Gheretman , Oliver Williamson et la théorie des coûts de transaction, Op.cit, 2003, p 46.‬‬

‫‪802‬‬
‫قراءة نظرية آلليات حوكمة المنظمات وفق مقاربة أوليفار ويليماسون الحائز على جائزة نوبل ‪9002‬‬
‫‪ -‬خصوصية االصول ‪:‬‬
‫يقال عن أصل أنه ذا خصوصية (متخصص) عندما يستثمره العون االقتصادي بحيث يخدم فقط صفقة‬
‫وحيدة بشكل ال يسمح باستخدامه في صفقات أخرى دون تحمل تكاليف عالية‪ ، 7‬أي ال يمكن أن يعاد‬
‫استخدامه في ابرام عقود أخرى بتكلفة أقل من االستثمار في أصول جديدة‪ ،‬مثل كابالت األلياف الزجاجية‬
‫المدفونة أو دراسة لتركيب نظام المعلومات الداخلي لشركة معينة‪ ،‬أو وحدة امدادية متخصصة قريبة جغرافيا‬
‫من مصنع االنتاج‪...‬إلخ‪.‬‬
‫ويكون األصل ذو مستوى منخفض نسبيا من الخصوصية‪ ،‬لما يمكن اعادة توزيعه على تكلفة منخفضة‬
‫لصفقات أخرى مثل أرفف المتاجر الكبرى وحاويات القوارب التي يمكن أن تحمل االثاث والمركبات و األغذية‬
‫‪8‬‬
‫المعلبة‪...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التأكد ‪:‬‬
‫ترتبط أو تتعلق حالة عدم التأكد بقدرة األعوان على التحكم في االنتاج أو تقديم الخدمة‪ ،‬مثل الحصول على‬
‫‪9‬‬
‫متطلبات الجودة لنقل التكنولوجيا‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪:‬‬ ‫وتنقسم حالة عدم التأكد إلى مكونين‬
‫‪ ‬حالة عدم التأكد الداخلي ‪ :‬والتي تشمل الطبيعة الضمنية للمهام التي تقوم بها المؤسسة داخليا؛‬
‫‪ ‬حالة عدم التأكد الخارجي ‪ :‬تتعلق بحاالت عدم التأكد الموجودة في البيئة الخارجية للمؤسسة مثل حالة‬
‫عدم التأكد التكنولوجي‪ ،‬عدم التأكد القانوني و التنظيمي‪ ،‬حالة عدم التأكد الجبائي و حالة عدم التأكد‬
‫التنافسي‪.‬‬
‫‪ -‬درجة التكرار(تعدد الصفقة)‪:‬‬
‫تتمثل درجة التكرار في عدد الصفقات التي تجرى بين عونين اقتصاديين أو اكثر‪ ،‬وال يعتبرها ‪Williamson‬‬
‫الصفة األكثر اهمية عند قرار اختيار هياكل الحوكمة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪Ipid, pp 46-47.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪Michel Gheretman, Oliver Williamson et la théorie des coûts de transaction, Op.cit, p 71.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Idem‬‬
‫‪10‬‬
‫‪Michel Gheretman, Oliver Williamson et la théorie des coûts de transaction, Op.cit , p 47.‬‬

‫‪803‬‬
‫قراءة نظرية آلليات حوكمة المنظمات وفق مقاربة أوليفار ويليماسون الحائز على جائزة نوبل ‪9002‬‬
‫‪ .9‬هياكل الحوكمة (محدادت االختيار بين السوق أو المؤسسة)‪:‬‬
‫أ‪ .‬طبيعة الصفقات‪:‬‬
‫بناءا على الفرضيات السلوكية وخصوصية األصول وضح ‪ williamson‬كيف يمكننا اختيار طبيعة‬
‫الصفقات موضحة في الجدول التالي‪:‬‬
‫الجدول رقم ‪ : 1‬سمات عملية الصفقة‬
‫الفرضيات السلوكية‬
‫طبيعة الصفقة‬ ‫خصوصية األصول‬
‫الرشادة المحدودة‬ ‫االنتهازية‬
‫تخطيط‬ ‫‪+‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪+‬‬
‫وعد‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪0‬‬
‫منافسة‬ ‫‪0‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬
‫حوكمة‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬
‫المصدر ‪Oliver E.Williamson, The Economic Institutions Of Capitalism, Collier :‬‬
‫‪Macmillan Publishers, london, p 31.‬‬
‫في الحالة االولى وعندما تكون األصول متخصصة و األعوان االقتصاديون يتميزون بالرشادة المحدودة مع‬
‫وجود انتهازية الشركاء‪ ،‬تعتمد الصفقة هنا على التخطيط؛‬
‫أما في الحالة الثانية و عند غياب االنتهازية مع كون االعوان االقتصاديين ذوي رشادة محدودة و األصول‬
‫متخصصة‪ ،‬تعتمد الصفقة على الوعد‪ ،‬أما عند توفر فرضية الرشادة المحدودة لألعوان االقتصاديين مع وجود‬
‫االنتهازية في ظل عدم خصوصية األصول‪ ،‬فتعتمد هنا الصفقة على المنافسة‪ ،‬وحين تتوفر جميع العناصر‬
‫السابقة (االنتهازية‪ ،‬الرشادة المحدودة‪ ،‬خصوصية األصول) فالخيار األنسب هو الحوكمة‪.‬‬
‫ب‪ .‬هياكل الحوكمة ‪:‬‬
‫وتعتبر المرحلة الثانية من التحليل فبناءا على درجة خصوصية األصول ودرجة تكرار الصفقة حدد‬
‫‪ Williamson‬أربع هياكل للحوكمة موضحة في الجدول التالي ‪:‬‬

‫‪804‬‬
‫قراءة نظرية آلليات حوكمة المنظمات وفق مقاربة أوليفار ويليماسون الحائز على جائزة نوبل ‪9002‬‬
‫الجدول رقم ‪ : 9‬مطابقة هياكل الحوكمة بالصفقات التجارية‬
‫درجة خصوصية االصل‬
‫بدون خصوصية‬ ‫متوسط الخصوصية‬ ‫كامل الخصوصية‬

‫هيكلة (حوكمة) السوق‬ ‫هيكلة (حوكمة) ثالثية‬


‫ضعيفة‬
‫عقد نيوكالسيكي‬
‫درجة التكرار‬

‫قوية‬ ‫هيكلة (حوكمة) موحدة هيكلة (حوكمة) ثنائية‬


‫عقد كالسيكي‬

‫المصدر ‪Oliver E.Williamson, Transaction-Cost Economics: The Governance :‬‬


‫‪of Contractual Relations, Journal of Law and Economics, Vol. 22, No. 2,‬‬
‫‪1979, p 253.‬‬

‫‪ .1‬هيكلة السوق ‪ :‬عندما تكون األصول بدون خصوصية ودرجة التكرار متزايدة أو منخفضة (ال يهم) فإننا‬
‫نلجأ إلى العقد الكالسيكي وتسمى الهيكلة في هذه الحالة بهيكلة السوق؛‬
‫‪ .9‬هيكلة ثنائية أو ثالثية ‪:‬‬
‫‪ -‬هيكلة ثنائية ‪ :‬عندما تكون األصول متوسطة الخصوصية مع درجة تكرار قوية؛‬
‫‪ -‬هيكلة ثالثية ‪ :‬عندما تكون األصول نوعية أو متوسطة الخصوصية مع درجة تكرار ضعيفة‪ ،‬فإننا نلجأ‬
‫الى العقد النيوكالسيكي وتسمى الهيكلة في هذه الحالة بالهيكلة الثالثية؛‬
‫‪ .3‬هيكلة موحدة ‪ :‬عندما تكون األصول نوعية مع درجة تكرار قوية‪ ،‬أي نلجأ إلى المؤسسة (ممارسة جميع‬
‫األنشطة و التنسيق بين الوحدات)‪.‬‬
‫تطبيقات على استراتيجية االعمال‪:‬‬ ‫‪.II‬‬
‫‪ .1‬التكامل االفقي والتنظيم التشغيلي ‪ /‬التوظيفي‪:‬‬
‫اعتمدت الواليات المتحدة األمريكية في منتصف القرن التاسع عشر على استراتيجية التوسع األفقي لمسارات‬
‫السكة الحديدية في الشمال االمريكي بهدف تطوير خدمة النقل عبر القطارات‪ ،‬و كانت التكنولوجيا المتاحة‬
‫آنذاك تسمح بإنشاء خطوط لحوالي ‪ 00‬كم على الطول لكل متعاقد‪ ،‬بحيث عندما يمتلك اثنان من المقاولين‬
‫المختلفين خطوطا من البداية إلى النهاية فإنه يمكنهما ابرام صفقة لتسهيل حركة البضائع و الركاب‪ ،‬ألن‬
‫السكك الحديدة لها نفس القطر‪ .‬ولذلك فإن مسافة ‪ 0000‬كم من نيويورك إلى سان فرنسيسكو ستشكل ما‬
‫مجموعه ‪ 05‬عقدا بين ‪ 05‬شركة مختلفة‪.‬‬

‫‪805‬‬
‫قراءة نظرية آلليات حوكمة المنظمات وفق مقاربة أوليفار ويليماسون الحائز على جائزة نوبل ‪9002‬‬
‫إال أن صيغة التعاقد هاته أفشلت المشروع في بدايته بسبب كثرة المتعاقدين و اللجوء المفرط إلى السوق‪،‬‬
‫النابعة أصال من تطبيق المقاربات النيوكالسيكية السائدة آنذاك‪ ،‬و يعود هذا الفشل إلى أن تكاليف الصفقات‬
‫كانت أعلى بكثير من التكاليف المتعلقة بمؤسسة كبيرة‪ ،‬حيث لو عهد المشروع إلى عدد قليل من المؤسسات‬
‫الكبيرة فإن تكاليف الصفقات ستكون أقل من تكاليف التنسيق الداخلي للمؤسسة الكبيرة‪.‬‬
‫و على هذا األساس تم استبدال مفاوضة العشرات من العقود وتجديداتها ومنازعاتها والدعاوى القضائية‬
‫المرتقبة بتكلفة زهيدة من قبل االدارة الداخلية للمؤسسات الكبرى نتيجة إلحداث تنسيق هرمي‪ ،‬و من هذا‬
‫المنطلق‪ ،‬يطرح التساؤل‪ :‬لماذا لم يقم المقاولون بتشكيل تكتالت لتحديد االسعار تجنبا لإلحتكار؟‬
‫يعود ذلك إلى أن انتهازية بعض المقاولين إضافة الى الرشادة المحدودة تجعل المعلومة مكلفة للغاية وتنشئ‬
‫تكلفة التنسيق الداخلي في المؤسسة بشكل عالي جدا‪ ،‬و من هنا أصبحت هذه التسوية غير قابلة للتطبيق‬
‫على الرغم من عدم وجود قوانين منع االحتكار في ذلك الوقت‪.‬‬
‫متر بمسؤولي وظائف‪ :‬المهندسين‪،‬‬
‫في البداية أحيط بكل مسير مكلف بعقد انجاز خط مسافته ‪ 00‬كيلو ا‬
‫المبيعات‪ ،‬الصيانة‪...‬إخ‪ ،‬و بعدا تم استبدالهم من قبل منظمة وظيفية (‪ )line and staff‬مع مسؤولين‬
‫جغرافيين لجميع العمليات ومسؤولين تنفيذيين في مقر الشركة المسؤولة عن وضع المعايير التشغيلية والرقابة‬
‫عليها‪ ،‬و تم بذلك القضاء على االزدواجية في العمل مثال‪ :‬مدير مبيعات واحد عوض عن ‪ 05‬مقاوال وهذا‬
‫أدى إلى توفير في تكاليف الصفقة الداخلية‪ ،‬و هو ما يفسر انشاء هذا الشكل الجديد من التنظيم الذي ال يزال‬
‫‪11‬‬
‫يستخدم من قبل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬
‫‪ .9‬التنويع والهيكل المتعدد االقسام‪:‬‬
‫تم ابتكار النموذج التنظيمي المتعدد األقسام في الواليات المتحدة األمريكية في بداية الثمانينات و تم تطبيقه‬
‫من قبل المؤسسات التي تعتمد التنوع المرتبط في استراتيجياتها في عدة قطاعات صناعية مختلفة‪ ،‬مثل‬
‫السيارات كبيرة الحجم ذات األسعار المختلفة (جنرال موتورز) أو االنشطة الكيميائية المتنوعة كالمتفجرات‬
‫‪...‬إلخ‪.‬‬
‫في البداية أبقت هذه المؤسسات على الهيكل التشغيلي‪/‬الوظيفي في كل انشطتها القديمة والجديدة على حد‬
‫سواء‪ .‬و على مستوى كل وظيفة أو نشاط يلجأ متخذي الق اررات إلى تحكيم المسؤول األعلى تجنبا للتصادم و‬
‫التناقض بين القرارات‪ ،‬و إثر تشكلت ائتالفات لتعزيز وتشجيع الواحدة تلوى األخرى من خالل عالقات أفقية‬
‫تبادلية مشكلين ما يعرف بنموذج (اعطاء‪ -‬اعطاء) » ‪.« donnant-donnant‬‬

‫‪11‬‬
‫‪Michel Gheretman, Oliver Williamson : Un Nobel Pour L'économie Et La Gestion, p71.‬‬

‫‪806‬‬
‫قراءة نظرية آلليات حوكمة المنظمات وفق مقاربة أوليفار ويليماسون الحائز على جائزة نوبل ‪9002‬‬
‫و بفعل نقص المعلومات و غموضها‪ ،‬تراجع الدور التحكيمي لإلدارات العليا‪ ،‬و زادت حدة الرشادة المحدودة‬
‫للمسؤولين‪ ،‬األمر الذي أدى إلى ظهور السلوك االنتهازي للمسؤولين على مستوى الوظائف و األنشطة‪ ،‬و في‬
‫ظل هذا الوضع ارتفعت تكاليف الصفقات الداخلية لهذه المؤسسات‪ ،‬و تراجعت حصتها السوقية كما شهدت‬
‫أرباحها انخفاضا سريعا وتحولت إلى خسائر في فترة وجيزة‪.‬‬
‫و للحد من هذه الوضعية الخطيرة عين المدير المسؤول على العمليات لكل قسم أو شعبة كمدير مركزي مع‬
‫اطارات ذوي مستوى عالي وقادر على فهم مشاكل كل قسم ومراقبة ميزانياتها‪ ،‬و للتقليل من مخاطر السلوك‬
‫االنتهازي كتمويه النتائج واالستيالء على أرباح اإلستثمارات أصبح توزيع االرباح مقر امتياز فضال عن كونها‬
‫تعمل كسوق داخلي لرؤوس األموال لتشجيع االستثمارات على القطاعات ذات النمو المرتفع عوضا عن تلك‬
‫التي تشهد ركودا‪ ،‬و بفعل كل هذا تشكل الهيكل التنظيمي متعدد االقسام الذي يعد أحد الصيغ التنظيمية‬
‫األكثر فعالية و مرونة مقارنة بالصيغ الوظيفية‪ ،‬و شهد تطبيقات واسعة في الواليات المتحدة األمريكية‬
‫خصوصا تلك التي تتميز باالستخدام المكثف للتكنولوجيا و االرتفاع في حجم األنشطة و تنوعها‪.‬‬
‫‪ .3‬التكامل العمودي و عقود االمتياز‪:‬‬
‫أ‪ .‬التكامل العمودي‪:‬‬
‫عندما يجعل المورد استثما ار محددا لعميل وحيد‪ ،‬يصبح رهينة لالنتهازية المحتملة لهذا األخير والتي يمكن أن‬
‫تضيق الخناق بالمطالبة بتخفيض االسعار و غيرها من الضغوطات‪ ،‬فالعقود ليست كافية لحماية المورد‪،‬‬
‫نظ ار ألنها بطبيعتها غير مكتملة‪ ،‬بمعنى غير قادرة لتشمل جميع مصادر عدم التأكد المستقبلية‪ ،‬فالخالفات‬
‫والنزاعات والدعاوى القضائية مكلفة أكثر من المرجح‪ ،‬و بالمقابل يمارس نفس الضغط على العميل إذا‬
‫استثمر في أصول محددة لهذه الصفقات‪ ،‬و عندها يكون المورد هو محمي بواسطة حالة الرهن الثنائية‬
‫وخصوصية األصول‪ ،‬و حينها يمكن للمورد أن يتغلب على العميل إذا تكامل نحو األمام‪ ،‬حيث يستفيد من‬
‫استبدال تكاليف العقود ومخاطر االفالس بتكاليف التنسيق الداخلي‪.‬‬
‫ب‪ .‬االمتياز‪:‬‬
‫تلجأ الشركات ذات العالمة التجارية في معظم األحيان إلى ابرام عقود االمتياز بصفقات بيع مع موزعين‬
‫مستقلين‪ ،‬إال أن مخاطر السلوك االنتهازي تظهر عندما تتطور االستثمارات في مجاالت محددة للعالمات‬
‫التجارية فضال عن الحفاظ على مستوى يعادل الجودة في جميع شركات التوزيع األخرى‪ ،‬و في هذه الحالة‬
‫يستغل الموزعون المستقلون مظلة سمعة العالمة التجارية لزيادة أرباحهم‪ ،‬فيبرمون صفقات موازية تمكنهم من‬
‫الشراء بأسعار أقل من أسعار المورد المتعاقد معهم لكن بجودة أقل‪ ،‬فيتمكنون من الحفاظ على مستوى‬
‫و ذلك على حساب سمعة المورد المتعاقد‪ ،‬و هذا سلوك انتهازي خطير‬ ‫المبيعات بفعل العالمة التجارية‬
‫يضر بقيمة العالمة التجارية‪.‬و مرد هذا السلوك يعود إلى أن عقد االمتياز أفضل له من العقد األحادي‪ ،‬ألنه‬

‫‪807‬‬
‫قراءة نظرية آلليات حوكمة المنظمات وفق مقاربة أوليفار ويليماسون الحائز على جائزة نوبل ‪9002‬‬
‫ال يتوجب على صاحب االمتياز الشراء من الموردين المعتمدين من قبل العالمة التجارية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫توفير تكاليف التنسيق‪ ،‬كما أن االمتياز يوفر في تكاليف أرس المال مقارنة مع التكامل نحو االمام في‬
‫التوزيع ألن صاحب االمتياز يوفر االستثمار األولي بما في ذلك أرس المال العامل‪ ،‬و هذا يسمح بتحقيق نمو‬
‫أسرع مقارنة بالنمو عن طريق التكامل العمودي‪.‬‬
‫و نخلص مما سبق‪ ،‬إلى أن تحقيق الفعالية في تنفيذ استراتيجيات األعمال وكذا تجسيد السياسات العامة‬
‫يتطلب ضرورة اختيار هيكل حوكمة يساعد على التقليل من مخاطر االنتهازية و الحد من التضارب في‬
‫المصالح بين المتعاملين االقتصاديين و الشركاء اإلجتماعيين‪ ،‬و ذلك اما باعتماد الهياكل البديلة أو‬
‫التصنيف الترتيبي لتكاليف الصفقة لكل واحدة منها يؤدي الى تبني الخيار األكثر فعالية في تحقيق أهداف‬
‫المؤسسة دون االضرار بمصالح أي طرف آخر‪.‬‬

‫خالصة ‪:‬‬
‫واحدة من أكثر ما يجذب نظرية تكاليف الصفقات كونها تقوم على البديهيات السلوكية أكثر من الواقعية من‬
‫النظريات النيوكالسيكية أو الماركسية‪ ،‬ففي المسائل االستراتيجية يشير ‪ (1999) williamson‬إلى نجاح‬
‫البحث االكاديمي بجدارة والذي تحقق من خالل صحة فرضيات نظريته في أكثر من ‪ 000‬دراسة أكاديمية و‬
‫ميدانية‪ ،‬أحرزت )‪ Nickerson (2009‬نخبة من هذه النتائج في اإلستراتيجية و التي تظهر جيدا أن العوامل‬
‫االقتصادية تجعل خيارات هياكل الحوكمة مقتصرة على تكاليف الصفقة حتى و لو أنهم يجهلون مضمون‬
‫النظرية أو حتى وجودها‪.‬‬
‫و تجدر االشارة إلى أن هذا النوع من االطار المفاهيمي المصمم للمؤسسات يمكن استخدامه الختيار هيكل‬
‫الحوكمة البديلة لتحسين فعالية السياسات العامة‪.‬‬
‫و من خالل هذه الدراسة نستنتج أن أعمال ‪ ،Williamson‬ساهمت في التوصل لحلول المشكالت والخالفاات‬
‫االقتصااادية والمس اااهمة فا اي حوكم ااة المؤسسااات والعالق ااات وتدنيا اة التك اااليف وه ااذا م اان خ ااالل اختي ااار الهيك اال‬
‫المناسب لكل صفقة‪ ،‬ورغم القبول الذي القته نظرية تكلفة الصفقات إال أنها التزال في قيد الدراسات التجريبياة‬
‫التي تؤكد صحة ماجاءت به‪.‬‬

‫‪808‬‬
9002 ‫قراءة نظرية آلليات حوكمة المنظمات وفق مقاربة أوليفار ويليماسون الحائز على جائزة نوبل‬
: ‫المصادر‬
1. Williamson, The Economic Institutions Of Capitalism, Firms, Markets,
Relational Contracting, Collier Macmillan Publishers, london.
2. Oliver E.Williamson, Transaction-Cost Economics: The Governance of
Contractual Relations, Journal of Law and Economics, Vol. 22, No. 2, 1979,
p 253.
3. Michel Gheretman (2010), Oliver Williamson : Un Nobel Pou
4. Michel Ghertman, Oliver Williamson et la théorie des r L'économie Et La
Gestion, Revue française de gestion , n° 200, 2010. coûts de
transaction, Revue française de gestion ,no 142, 2003.
5. Oliver E. Williamson, The New Institutional Economics: Taking Stock,
Looking Ahead, Journal of Economic Literature,Vol. XXXVIII, September 2000.

809

You might also like