You are on page 1of 9

‫مقدمة‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية نظرية تكاليف الصفقات‬


‫المطلب األول‪ :‬نشأة فكرة نظرية التكاليف‬
‫إن أول من وضع مصطلح "تكاليف المعامالت" هو رونالد كواسي‪ ،‬فقد استخدمه لوضع إطار‬
‫نظري لتوقع متى تقوم الشركات بتنفيذ مهام اقتصادية معينة‪ ،‬ومتى تؤدي أعمالها في السوق‪.‬‬
‫ولكنه لم يستخدم هذا المصطلح في أعماله األولى حتى السبعينيات من القرن العشرين‪ .‬وفي‬
‫حين أن كواسي لم يستحدث هذا المصطلح على وجه التحديد‪ ،‬فقد ناقش "تكاليف استخدام آلية‬
‫التسعير" في ورقته البحثية طبيعة الشر كة عام ‪ ،1937‬حيث ناقش للمرة األولى مفهوم‬
‫تكاليف المعامالت وأشار إلى "تكاليف معامالت السوق" في عمله الفريد من نوعه مشكلة‬
‫التكاليف االجتماعية (‪ .)1960‬ويمكن تتبع مصطلح "تكاليف المعامالت" نفسه في أدبيات‬
‫االقتصاديات النقدية في فترة الخمسينيات‪ ،‬وال يتضح على وجه التحديد من "استحدث" هذا‬
‫المصطلح‬
‫لقد أصبح منطق تكاليف المعامالت معروفًا جدًا على نطاق واسع من خالل اقتصاديات‬
‫تكاليف المعامالت لـ أوليفر إي ويليامسون‪ .‬وتستخدم اقتصاديات تكاليف المعامالت اليوم‬
‫لتفسير عدد من السلوكيات المختلفة‪ .‬وينطوي هذا عادة على اعتبار أن "المعامالت" ليست‬
‫ضا على التعامالت الشعورية‬ ‫فقط الحاالت الواضحة من الشراء والبيع‪ ،‬ولكنها تنطوي أي ً‬
‫اليومية وتبادل الهدايا غير الرسمي‪ ،‬إلخ‪ .‬ولقد حصلت أوليفر إي ويليامسون على جائزة نوبل‬
‫في العلوم االقتصادية عام ‪.2009‬‬
‫ووفقًا لويليامسون‪ ،‬فإن محددات تكاليف التعامالت هي التكرار والنوعية وعدم التيقن‬
‫والمعقولية المحدودة والسلوك االنتهازي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف فكرة نظرية التكاليف‬
‫تكاليف الصفقات هي "تكاليف مقارنة لتخطيط وتكييف ومراقبة إتمام المهمة في ظل بني إدارة‬
‫بديلة‪ ،‬أو هي تكاليف قياس الخصائص القيمة لما يتم تبادله وتكاليف حماية الحقوق وإخضاع‬
‫العقود إلجراءات المنظمة وتنفيذها‪ ،‬حيث أن التركيز هو على التطور التدريجي لبني اإلدارة‬
‫(المؤسسات‪ ،‬األشكال التعاقدية وغير ذلك) بهدف معالجة تكاليف الصفقات‪ ،‬ويمكن اعتبار‬
‫كذلك تكاليف الصفقات كتكاليف تشغيل النظام‪ ،‬والذي نعني به المؤسسة (‪.)1‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أولفير وليامسون‬
‫‪ Oliver williamson‬اقتصادي أمريكي ولد بتاريخ ‪ 27‬سبتمبر ‪ ،1932‬حائز على جائزة‬
‫نوبل في العلوم االقتصاد عام ‪ 2009‬بالمشاركة مع إلينور أوستروم‪ ،‬ولدى في والية ويسكنسن‬
‫األمريكية وهو يعمل في جامعة كاليفورنيا في بيركلي منذ ‪ ،1988‬حصل عام ‪ 1963‬على‬
‫درجة الدكتوراه من جامعة كارنيجي مليون في مدينة بيتسبرج بوالية بنسلفانيا ويدرس في‬
‫جامعة كاليفورنيا في بيركلي‪.‬‬

‫‪ - 1‬صديقي خضرة‪ ،‬مدى مساهمة البنوك في تحقيق حكومة النشرات "دراسة حالة مؤسسة الرياض وحدة مطاحن بشار" مذكرة تخرج شهادة‬
‫الماجستير‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،2010 ،‬ص ‪.06‬‬
‫ومن أهم إنجازاته‬
‫تحليل ويليامسن لإلدارة االقتصادية بما في ذلك حدود الشركات‪ ،‬ويشرح نظريته بأن الشركات‬
‫التجارية وضعت نفسها على النموذج االقتصادي المهيمن ألنها تسهل إدارة الصراع ويقلل من‬
‫التكاليف من خالل التسلسل الهرمي‪.‬‬
‫‪ -‬أ ظهرت دراساته أن األوساق والمنظمات على غرار المؤسسات لديها هيكليات إدارة بديلة‬
‫تختلف في طريق حلها لنزاعات المصالح‬
‫‪ -‬ب موجب نظرية وليامسون فإن الشركات الكبرى الخاصة قائة بشكل أساسي ألنها فعالةن‬
‫وحين تفشل الشركات في تحقيق أرباح كافية فإن وجودها يصبح موضع تساؤل‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تحليل" وليامسون" لنظرية تكاليف الصفقات‪:‬‬
‫أكد "رونالد كوز" في تحليله لمختلف تكاليف الصفقات أن تكاليف المنظمة الداخلية ترتفع مع‬
‫نمو حجم المؤسسة‪ ،‬لكن لم يفسر بطريقة محكمة جذور هذه التكاليف؛ في أي حالة ترتفع؟ وفي‬
‫أي حالة تكون ضعيفة؟ و هذا ما قاد "اوليفر ويليامسون" إلى التعمق و معرفة مفاتيح المتغيرات‬
‫مستندا على الدراسات السابقة ل "كوز" و"سيمون"؛ وقد استخدم اقتصاديات تكاليف‬
‫المعامالت التفسير عدد من السلوكيات المختلفة؛ و هذا على اعتبار أن المعامالت ليست فقط‬
‫الحاالت الواضحة من الشراء والبيع‪ ،‬بل أيضا التعامالت الشعورية غير الرسمية كتبادل الهدايا‬
‫؛ وقد ركز "ويليامسون" اهتمامه على تكاليف الصفقات ما بين المراحل؛ فالصفقة هي عبارة‬
‫عن انتقال منتوج أو خدمة نتيجة إعتماد مرحلة على نتائج المراحل السابقة‪ ،‬هذا اإلنتقال يمكن‬
‫أن يكون مكلفا؛ ويركز "وليامسون" على الصفقات ما بين مختلف مراحل اإلنتاج التي يفرض‬
‫أنها منفصلة تكنولوجيا‪ ،‬كما إعتمد على تحديد العوامل المحددة للتكاليف كخطوة أولى ثم‬
‫كخطوة ثانية قيم قدرة النماذج المختلفة للتنسيق و أطلق عليها إسم" هياكل الحكومة" ويركز‬
‫في البداية على المقارنة بين المؤسسة والسوق‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الصفقة عند ‪wiliamson‬‬
‫عرف ‪ wiliamson‬الصفقة على أنها "تحدث بإتمام مبادلة تعاقدية لسلعة أو خدمة بين‬
‫المتعاملين االقتصاديين في مكان وزمان محدد‪ ،‬إن مفهوم تكلفة الصفقة هو في جوهر التحليل‬
‫المقدم من قبل ‪ williamson‬يشمل مجموع التكاليف الناتجة عن سلوك األفراد المشاركين في‬
‫(‪)2‬‬
‫الصفقة واألهداف الخاصة بالسوق‬

‫المطلب الثاني‪ :‬محددات تكاليف الصفقات‬


‫حسب ويليامسون" فإن العوامل المسببة لتكاليف الصفقات مرتبطة من جهة بسلوك األفراد‪،‬‬
‫في تصرفاتهم برشاده محدودة وبإنتهازية كاملة؛ ومن جهة أخرى بخصائص الصفقات؛ حيث‬
‫يحدد الصفقات من خالل معرفة نوعية األصول والتكرار وحالة عدم التأكد كما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ -‬الرشادة المحدودة واالنتهازية‪ :‬يعتبر "وليامسون" أن األفراد يتصرفون برشادة‬
‫محدودة؛ هذا المفهوم و ضعه "سيمون (‪ ")1991‬حيث يرى أن القدرات الفيزيولوجية لألفراد‬
‫‪ - 2‬بلهادي عبد القادر‪ ،‬أثر ثقافة المؤسسة على تفعيل حوكمة المؤسسات‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في علوم التسيير نظام ل م د‪ ،‬جامعة‬
‫سيدي بلعباس‪ ،2019 ،‬ص ‪36‬‬
‫ضعيفة لتلقي وتخزين و معالجة المعلومات المعقدة‪ ،‬لذلك يعجز األفراد عن تحديد البدائل‬
‫المتاحة أمامهم‪ ،‬الحالية منها و المستقبلية‪ ،‬من أجل تعظيم دوال منفعتهم‪ ،‬فهم يتصرفون مادام‬
‫أنهم راضون؛ باتخاذهم لقرارات مستندين إلى معلومات محدودة و هذا ما تبينه الرشادة‬
‫المحدودة ؛ وبالتالي العقود التي يبرمها األفراد هي بالضرورة غير مكتملة؛ و هذا ما يمهد‬
‫الطريق لالنتهازية‪.‬‬
‫أما بالنسبة لنظرية الوكالة فيرى "وليامسون" أن سلوكات األفراد هي بطبيعتها انتهازية؛‬
‫ويميز من خالل ذلك بين نوعين من اإلنتهازية؛ قبلية ومن اآلثار المترتبة عنها نحد االختيار‬
‫المعاكس وزوال األسواق‪ ،‬وانتهازية بعدية و من اآلثار المترتبة عنها أحد المخاطرة األخالقية‬
‫و تغيير السلوك‪ .‬ثانيا‪ :‬خصوصية األصول التردد وعدم التأكد‪:‬‬
‫الشرط األول هو تخصص األصول ‪ :‬يرتكز تحليل "ويليامسون" على خاصية أساسية و هي‬
‫خصوصية األصول المطبقة في الصفقات‪ ،‬حيث نقول عن أصول أنها نوعية خاصة عندما‬
‫توافق استثمارا مستسلم‪ ،‬وهذا اإلستثمار ال يكون مرتبطا بصفقة أخرى غير الصفقة المشار‬
‫إليها؛ يعتبر "مارشال" أول من تطرق إلى هذا المفهوم عام (‪ " )1890‬إن الذي يدير عمال هو‬
‫على معرفة باألشخاص والمواد التي يجب أن تباع في بعض الحاالت بسعر أعلى‪ ،‬لكن في‬
‫حاالت أخرى ت جربته ال قيمة لها خارج نشاطه المعهود"‪ ،‬وعند مغادرته يمكن أن يخسر من‬
‫راتبه ألنه في موضع أخر ال يستطيع الحصول على نصف راتبه"‪ ،‬وطورت هذه الفكرة عن‬
‫طريق "بوير" الذي أكد أن إنتقال عامل من "نيسان" إلى "تويوتا" في نفس منصبه يخلق له‬
‫العديد من المصاعب إلختالف األعم ال الروتينية ما بين "نيسان" و"تويوتا" أي أن عامل‬
‫"نيسان" محدد برأس مال بشري خاص ال يمكنه أن يعمل بطريقة إقتصادية فعالة في "‬
‫تويوتا"؛ ويمكن أن تقسم األصول الخاصة إلى خمس فئات‪:‬‬
‫‪ . 1‬األصول المادية الخاصة مثل األثاث واآلالت التي ال يمكن إستعمالها إال في نشاط محدد‬
‫بذاته مثل األفران في سان جويان لصنع الزجاج ال يمكن إستعمالها لنشاط آخر غير الزجاج‪.‬‬
‫‪ .2‬األصول الواقعة في مكان محدد فبعض األصول تقع في أماكن خاصة ال يمكن نقلها دون‬
‫تحميل تكاليف‬
‫نقل باهظة‪ ،‬كالمناجم‪.‬‬
‫‪ .3‬األصول البشرية الخاصة أي اليد العاملة التي تملك مؤهالت خاصة جدا؛ كعامل "نيسان"‬
‫المذكور سابقا‪.‬‬
‫‪ . 4‬األصول المخصصة (المكرسة) و هي المخصصة لتلبية طلب زبون محدد بذاته فال يوجد‬
‫طلب آخر غيره؛ إنه تعارض ما بين مصطلحين "تكريس" و"مقياسي " (معياري)؛ فمثال‬
‫لتلبية الطلب على إطارات ألخر طراز السيارة رونو" فإن" ميشالن" طورت آلة كأصل‬
‫مخصص ال يمكن إستخدامها إال اإلطارات "رونو" ‪.‬‬
‫‪ . 5‬األصول غير المادية (معنوية) كشهرة المحل والعالمات التجارية‪ ،‬و براءات اإلختراع‪،‬‬
‫فمثال براءة اإلختراع المنتج معطى ال يمكن إستعمالها لصنع أي منتج آخر‪.‬‬
‫كما أن درجة تخصص األصول ذو أهمية حيث نجد‪:‬‬
‫‪ -‬ألصول المتخصصة كلية والتي ال يمكن لها دعم إال صفقة واحدة؛ وواحدة فقط‪.‬‬
‫‪ -‬األصول المتماثلة كلية والتي يمكنها إمساك مجموعة الصفقات المتوفرة‪.‬‬
‫و بين هاتين الفرضيتين هناك درجات أكثر أو أقل إرتفاعا من التخصص الذي يمكن توقعه؛‬
‫و يمكن اإلجابة على إشكالية تخصص األصول و عدم إمكانية إسترجاع التكاليف في إختيار‬
‫سوق المؤسسة‪ ،‬منطقيا ألن المؤسسة معرضة لسلوك إنتهازية من طرف الشركاء ويمكن‬
‫إيضاح ذلك في المثال التالي‪ :‬في "‪ "1980‬كان هناك صانعين القارئ األقراص" ‪Conner‬‬
‫‪ "peripheral inc et Seagate technology‬كانوا يشترون من صانع نفسه يوفر لهم قطع‬
‫تدخل في صناعة القارئ و بعد مدة قام ‪ Seagate‬بشراء المصنع وإنتهز الفرصة و فسخ العقد‬
‫الذي يربطه مع "‪ " Conner‬الذي وجد صعوبة كبيرة في إيجاد ممون أخر للقطعة؛ و في عام‬
‫‪ 1990‬رفع "‪ " Conner‬دعوة قضائية ضد"‪ " Seagate‬لتعوضه الخسائر التي لحقت به؛‬
‫كما بين "‪ " williams‬أن شرط تخصص األصول ال يكفي لطرح إشكالية؛ يجب التحقق من‬
‫شرط الثاني اال وهو "عدم التأكد"‪.‬‬
‫الشرط الثاني هو حالة عدم التأكد‪ :‬هذا المصطلح يرجع إلى اإلقتصاد في تشكيلة المستقبل‬
‫الذي يمكن أن يكون أكيد و خطر أو غير أكيد فالمستقبل األكيد كما في النموذج النيوكالسيكي‬
‫األساسي‪ ،‬يمكن لألفراد أن يكون لهم تبني سلوك أمثل لدالة منفعتهم؛ أما المستقبل الخطير‬
‫ونقول كذألك "حالة عدم التأكد ضعيفة"‪ ،‬األفراد ال يعرفون بثقة المستقبل ولكن باإلحتماالت‬
‫فقط فمثال األفراد ال يعرفون بدقة أسعار السوق المستقبلية‪ .‬وفي النهاية حالة عدم التأكد يمكن‬
‫أن تكون قوية؛ و التي ظهر بها " ‪ " .k Knight‬والتي تسمى حالة عدم التأكد الجذري و في‬
‫هذه الحالة ال يمكن لألفراد قياس حالة عدم التأكد فيها‪ ،‬ألنهم ال يمكنهم معرفة المستقبل‪ ،‬إذا لم‬
‫تعرف ماذا يأكل المستهلك في مدة ‪ 10‬سنوات‪ ،‬المنتجات الحالية‪ ،‬المنتجات الجديدة‪ ،‬المنتجات‬
‫التقليدية؛ المؤسسة تكون معرضة إلى مشاكل في إتخاذ القرار األمثل و كما أشرنا إليه سابقا‬
‫حالة عدم التأكد الجذري‪ ،‬هي إحدى محددات محدودية تفكير األفراد حيث ال يمكن معالجة‬
‫جميع المعلومات المتوفرة ؛ كما ال يمكنهم معرفة جميع المعلومات المستقبلية التي سوف تحدد‬
‫في المستقبل؛ و بالعودة إلى تحليل اويليامسون" في غياب حالة عدم التأكد بتحديد السلوك‬
‫المستقبلي للشركاء المحتملين‪ ،‬خطر اإلنتهازية يختفي‪ ،‬حيث أننا نعرف مسبقا هل الشريك‬
‫سيكون إنتهازيا أو ال يكون‪ ،‬على األقل يمكن التنبؤ في وقت كتابة العقد‪.‬‬
‫الشرط الثالث التعدد (التوتر)‪ :‬إذا كان عدد الصفقات ضعيف هذا يعني وجود حالة المحدودية‪،‬‬
‫وإذا لم تتم الصفقة إال مرة واحدة ال يمكن الخوف من إنتهازية الشريك حتى في حالة خصوصية‬
‫األصول وحالة عدة التأكد حالة عدم التأكد ‪ +‬تعدد (توتر) ‪ +‬تخصص ‪‬خطر اإلنتهازية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬محددات اإلختيار سوق ‪ -‬مؤسسة‪:‬‬
‫المرحلة الثانية من التحليل تتمثل في تقييم قابلية مختلف صيغ التنظيم و التنسيق للتقليص من‬
‫تكاليف الصفقات؛ هذه الصيغ التنسيقية يسميها اويليامسون" هياكل الحوكمة ( ‪Structure de‬‬
‫‪)Gouvernance‬؛ حيث لم يكن "ويليامسون" مهتما إال بالمعارضة ما بين المؤسسة والسوق‬
‫و هو نفس منطق "رونالد كوز"‪ ،‬هذه الهياكل تعتبر هجينة‪ ،‬فهي ال تتطابق مع هيكلة السوق‬
‫المحضة وال مع هيكلة المؤسسة المحضة‪ ،‬أي تقع بينهما‪ ،‬منها؛ المناولة؛ الشراكة؛‬
‫الترخيصات؛ إنشاء مشروع مشترك؛ فالسوق هو آلية تنسيق غير مركزية مستندة على نظام‬
‫األسعار والعالقة بين المؤسسات غير معروفة‪ ،‬أي أن الهياكل الهجينة للتنسيق تفرض تخطيط‬
‫توقعات و تقديرات مسبقة للعمل الجماعي وتحديد الخصائص الكمية للسلع وهذا ما يجعل‬
‫التنسيق وفقا للهياكل الهجينة مختلف عما هو الحال في السوق ؛ بمبدأ اليدالخفية‪ ،‬كما أن‬
‫االختالف بين هيكلة المؤسسة و الهياكل الهجينة راجع إلى أن األطراف المتدخلة في هذه‬
‫األخيرة تبقی مستقلة قانونيا‪.‬‬
‫كما قام "ويليامسون" بتعميق تحليله باإلعتماد على فرضية حالة عدم التأكد قوية ومن ثم ميز‬
‫بين الصفقات حسب ترددها (تعددها) وكذلك حسب تخصص األصول الداخلة في الصفقة؛‬
‫وعلى أساس قيم هذه المتغيرات قام بتحديد هياكل للحوكمة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬عندما تكون األصول غير متخصصة؛ حيث نمر من السوق فقد كالسيكي) وتسمى‬
‫الهيكلة في هذه الحالة هيكلة السوق؛ حيث يمكن معرفة كل ظروف الصفقة قبل تحقيقها‪ ،‬ويظهر‬
‫العقد في هذه الحالة فيما يسمى بالصفقة العادية والعقود التي تخضع لهذا النوع هي الصفقات‬
‫السوقية العادية كشراء سيارة؛ وفي هذا النوع من الصفقات يمكن األطراف الصفقة أال‬
‫يتعارفوا؛ كما يمكن اللجوء إلى المحكمة عند ظهور أي خالف‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬عندما تكون األصول متخصصة جدا نلجأ إلى المؤسسة (عقد شخصي) وتسمى الهيكلة‬
‫في هذه الحالة بالهيكلة الموحدة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬أما في الحاالت التي تكون فيها األصول متوسطة التخصص فالحوكمة تكون إما ثنية أو‬
‫ثالثية و هذا حسب تردد الصفقات‪:‬‬
‫عندما تكون األصول متوسطة التخصص وتردد الصفقات ‪ occasionnelle‬فالحوكمة تكون‬
‫ثالثية والتي تستوجب وضع عقد طويل المدى؛ و يتم اللجوء إلى حكم لحل النزاعات عبارة‬
‫عن شخص أو محكمة و الذي تعطى له كل الصالحيات و هذا النوع من العقود يسمى بالعقود‬
‫النيوكالسيكية‪ : .‬عندما تكون األصول متوسطة التخصص و الصفقات متكررة ما يستوجب‬
‫عقد شخصي يشتمل على قواعد للتأقلم؛ فالحوكمة في هذه الحالة ثنائية؛ و التي ظهرت لوجود‬
‫عالقة تبعية كبيرة بين الطرفين‪ ،‬في الحوكمة الموحدة‪ ،‬حيث ال يمكن لهذه العالقات أن تتم في‬
‫إطار عادي‪ ،‬دون الهيكلة الثنائية ‪ ،‬و التي يكون األطراف فيها مستقلين في إتخاذ القرارات‪.‬‬
‫وللتوضيح أكثر درس "ويليامسون" في تحليله العالقة الموجودة بين "جينيرال موتورز" و‬
‫"فيشر بودي" ؛ ففي سنة ‪ 1919‬أمضت "جينيرال موتورز" عقد مع منتج هياكل السيارات‬
‫"فيشر بودي" بشرط أن إنتاج هياكل السيارات يكون مقتصر على "جينيرال موتورز" فقط‬
‫مما يلزم" فيشر" على إحضار وسائل إنتاج معتمدة خصيصا اإلنتاج هياكل السيارات المالئمة‬
‫للسيارات المنتجة من طرف "جينيرال موتورز" باإلضافة إلى ذلك فإن "جينيرال موتورز"‬
‫طلبت من "فيشر" وضع مصانع بجانب مصانع التجميع "لجينيرال موتورز" لتحقيق إقتصاد‬
‫في النقل و التخزين‪ ،‬إذن يستوجب على "فيشر" القيام بإستثمارات في األصول المادة المحددة‬
‫و في مكان محدد‪" .‬فيشر" عارض عقد اإليجار وذهب إلى إمضاء عقد قصير األجل خوفا من‬
‫خطر اإلنتهازية من طرف "جينيرال موتورز" عند تحديد العقد بمعنى آخر "فيشر "خشي من‬
‫سلوك إنتهازي من طرف "جينيرال موتورز" من جهته ذهب "جينيرال موتورز "إلى إمضاء‬
‫عقد قصير األجل ألنه هو كذلك خشي من خطر إنتهازية "فيشر" عند تحديد العقد أي "جينيرال‬
‫موتورز" خشي من سلوك إنتهازي" لفيشر"‬
‫الحل يبدو في بداية األمر إمضاء عقد طويل األجل (‪ 10‬سنوات) مع صيغة مقيدة بتحديد‬
‫األسعار خالل هذة الفترة؛ و بعد ‪ 1919‬أصبح الطلب متغير لألسعار التعاقدية التي أصبحت‬
‫مرتفعة جدا من طرف "جينيرال موتورز"‪ ،‬إذن فالعقد طويل األجل ليس مضمونا بسبب عدم‬
‫القدرة على التنبؤ بالشروط المتعلقة بتطور األسعار‬
‫العقد غير كامل)؛ فنرى إذن أن الرشادة المحدودة للممثلين‪ ،‬خطر اإلنتهازية‪ ،‬عدم التأكد في‬
‫سلوكات األفراد‪ ،‬ترددات الصفقات وبالتأكيد درجة تخصص األصول تشرح بأن التكامل كان‬
‫يمكن إحداثه في عقد قصير األجل أو عقد طويل األجل‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫قائمة المراجع‬

You might also like