You are on page 1of 7

‫هل ناسا تكذب؟ وكيف تلتقط صورا للمجرة وكأن الصورة من خارجها‪ ،‬وهي لم تصل خارجها؟‬

‫في خضم الحدث العالمي الهائل بوصول الصور بالغة الدقة من تلسكوب جيمس ويب‪،‬‬

‫تكاثرت املواضيع التي تتهم ناسا بالكذب‪ ،‬وكيف تلتقط مثل هذه الصور وهي لم تخرج خارج املجموعة‬
‫الشمسية‬

‫وهل هذه الصور فوتو شوب؟ أم محاكاة تخيلية؟‬

‫ما هو أشد النجوم ملعانا في السماء؟‬

‫ذات الكرسي أ‪،‬‬

‫‪Cassiopeia A‬‬

‫لكنك لو نظرت بعيونك إلى البقعة التي هي فيها في السماء فلن تر شيئا البتة! وال حتى بتلسكوب عادي‬
‫بصري!‬

‫فكيف تراها؟‬

‫باألمواج الراديوية‪ ،‬التي لوالها لظل هذا النجم غائبا عن األبصار‪.‬‬

‫ال بد بداية من أن نعرج على ما يسمى الطيف الكهرومغناطيسي‪:‬‬

‫إن معظم معلوماتنا عن األجسام الفضائية‪ ،‬أمكن الحصول عليها من تحليل الضوء‪( ،‬واألشكال األخرى‬
‫لإلشعاعات الكهرومغناطيسية (‬

‫والضوء شكل من أشكال الطاقة ينتقل عبر نبضات من الطاقة تسمى الفوتونات أو الضويء بالعربي‬

‫وتختلف كمية الطاقة حسب طبيعة الضويء هذا‪،‬‬

‫فالفوتون الخاص باألشعة السينية له من الطاقة ما يساوي تريليون أي (مليون مليون) مرة‪ ،‬قدر‬
‫فوتون موجات الراديو‪.‬‬

‫وإذا تجمع عدد كاف من الضويئات ترتبت على شكل موجي‪،‬‬


‫وموجة كل نمط من اإلشعاعات لها طول خاص بها‪ ،‬ومن ثم فإننا نتعرف على اإلشعاع بأطوال موجاته‬
‫فمثال اإلشعاعات ذات املوجات الطويلة (من بضعة آالف من األمتار إلى نحو عشرة سنتيمترات) هي‬
‫املوجات الراديوية ‪ ،Radio Waves‬أما اإلشعاعات التي تبلغ أطوال موجاتها (من عشرة سنتيمترات إلى‬
‫ثمانية أجزاء من مائة ألف جزء من السنتيمتر) فهي األشعة تحت الحمراء أي األشعة الحرارية ‪Infra‬‬
‫‪Red‬‬

‫وهكذا‪ ،‬لكل فئة من فئات الطيف الكهرومغناطيسي أطوال أمواج معينة‬

‫والباصرة (العين) تستطيع رؤية نطاق ضيق من الطيف الكهرومغناطيسي هو نطاق األشعة املرئية‬

‫وطول موجاتها ذلك (من ثمانية من مائة ألف إلى أربعة من مائة ألف من السنتيمتر)‪.‬‬

‫وهذا ينقلنا للحديث عن‪:‬‬

‫علم الفلك الراديوي‪ ،‬وعلم الفلك البصري‪:‬‬

‫حين ال تستطيع رؤية النجوم بعيونك‪،‬‬

‫تجد أن املوجات الراديوية تنتقل بحرية‪ ،‬وهذه األمواج الراديوية مهمة جدا في عملية دراسة النجوم‬
‫واملجرة‪ ،‬وهذا االستعمال املهم تم التوصل إليه بالصدفة‪ ،‬ففي العام ‪ ،1933‬قام مهندس اسمه كارل‬
‫تشانسكي‪ ،‬بتركيب نظام يتتبع مصدر الكهرباء الساكنة على خطوط تلفونات‪ ،‬تشبك طرفي املحيط‬
‫االطلسي‪ ،‬واكتشف أن التداخل املوجي يأتي من قلب املجرة‪،‬‬

‫ولشدة االهتمام بتقنيات الراديو واالتصاالت في الحرب العاملية الثانية‪ ،‬تقدم علم فلك جديد اسمه‬
‫علم الفلك الراديوي ‪ Radio astronomy‬يستمع للموجات الراديوية الصادرة من الفضاء‪( ،‬مقابل علم‬
‫الفلك البصري‪)،‬‬

‫وحين ال ترى النجوم بعيونك‪ ،‬تستطيع رؤيتها بالتصوير الحراري‪ ،‬أي التصوير باألشعة تحت الحمراء‪،‬‬
‫التي ترى املوجات الناشئة فقط عن الحرارة‪ ،‬ثم تستطيع تحويل تلك الصور إلى صورة يستطيع‬
‫االنسان مشاهدتها بعينه‪ ،‬مثل هذه الكاميرات تستعملها فرق اإلطفاء عند اختراقها لغرف مليئة‬
‫بالدخان‪ ،‬تبحث بها عن حرارة ناتجة عن جسم شخص فاقد للوعي‪،‬‬
‫وفي العام ‪ 2003‬أطلق العلماء للفضاء تلسكوبا مزودا بكاميرات شديدة الحساسية‪ ،‬تعمل باألشعة تحت‬
‫الحمراء للفضاء‪ ،‬لدراسة النجوم حديثة الوالدة‪ ،‬اسمه ‪ Spitzer‬واملجرات املوغلة في البعد عن‬
‫األرض‪ ،‬وقد مكنت هذه الكاميرات العلماء من مشاهدة مركز املجرة على بعد ‪ 26‬الف سنة ضوئية‪،‬‬
‫وذلك بتجميع ما يزيد على ‪ 12‬الف صورة عالية الجودة عالية الحساسية‪ ،‬من تلك الكاميرا‪ ،‬استغرقت‬
‫التلسكوب فترة ‪ 16‬ساعة من العمل لجمعها وإرسالها لألرض‪ ،‬وذلك يغطي مساحة ‪ 900‬سنة ضوئية‬
‫عرضا و‪ 700‬سنة ضوئية ارتفاعا‪ ،‬تلك املنطقة من قلب املجرة تم تصويرها بتلك الكاميرا‪.‬‬

‫ومن أنواع التصوير أيضا التصوير بأشعة إكس‪،‬‬

‫إذ إن الطاقة الهائلة التي تنتج عن الثقب األسود‪،‬‬

‫وعن انفجارات "املستعر األعظم" السوبرنوفا‪،‬‬

‫ترسل في مدى موجات األشعة السينية‪،‬‬

‫وهذه األشعة قدرتها عظيمة في اختراق الحجب التي تحول بيننا وبين غيرها من املوجات من الوصول‬
‫لباصرتنا‪،‬‬

‫فاألشعة الراديوية هي الحاملة ألقل طاقة‪ ،‬ألن طول موجتها هو األطول‪،‬‬

‫وفي املقابل والنقيض‪،‬‬

‫فإن األشعة السينية وأشعة جاما‪ ،‬تملك أقوى طاقة‪ ،‬وتحمل على أقصر موجة طوال‪،‬‬

‫األمر الذي جعل تصوير قلب املجرة ممكنا باستعمال هذه التقنيات‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬فالتصوير ال يتم فقط بكاميرا بصرية‪ ،‬بل يتم بمجموعة متنوعة من الكاميرات التي تعمل بتقنيات‬
‫مختلفة راديوية‪ ،‬إكس‪ ،‬حرارية‪ ،‬بصرية ‪...‬الخ‬

‫وهذه الكاميرات التي في التلسكوبات مزودة بمستشعرات كاشفات للحرارة وأجهزة استشعار األشعة‬
‫تحت الحمراء‬
‫ً‬
‫استنادا إلى‬ ‫وهناك أيضا مستشعرات دقيقة تسمح للتلسكوب بالتوجه نحو الجسم املستهدف للتصوير‬
‫املسافة بين الجسم املراد تصويره ونجوم الدليل القريبة‪.‬‬
‫ويتم تحليل الضوء إلى أطياف ألوانه باستخدام املحلل الطيفي التصويري لتلسكوب الفضاء (‪ .)STIS‬كما‬
‫ُ‬
‫يوجد مستشعر حرارة‪ .‬باإلضافة إلى املحلل الطيفي لألصول الكونية الذي يستقبل األشعة فوق‬
‫البنفسجية ويبحث في أجزاء منها لدراسة الغازات في الكون‪.‬‬

‫وأنواع الكاميرات التي على تلسكوب هابل على سبيل املثال‪ :‬هناك كاميرات متقدمة لالستطالع‪،‬‬

‫وهي تشمل ‪ 3‬أنواع من الكاميرات‪ :‬واسعة املجال وشمسية وعالية الدقة‪ .‬‬

‫تستطيع الكاميرا ذات املجال الواسع التقاط صور كبيرة للفضاء‪ .‬يستخدم العلماء الكاميرا الشمسية‬
‫اللتقاط صور للنجوم الساخنة واألجسام الفضائية األخرى التي تنبعث منها األشعة فوق البنفسجية‪،‬‬
‫عندما تتداخل أشعة الشمس مع األشعة فوق البنفسجية‪ .‬بينما تستطيع الكاميرا عالية الدقة التقاط‬
‫صور رائعة داخل املجرات‪.‬‬

‫وهناك الكاميرات واسعة املجال‬

‫تستطيع هذه الكاميرا التقاط صور مذهلة للفضاء خالل نطاق محدد من أطياف الضوء‪ ،‬وهذا النطاق‬
‫يقع بالقرب من األشعة فوق البنفسجية ومنطقة الضوء املرئي واألشعة تحت الحمراء القريبة‪ .‬‬

‫وكما هو معلوم‪ ،‬فإن الغالف الجوي األرضي يحجب الكثير من األشعة الكهرومغناطيسية‬

‫يقول الدكتور مايكل دينتون‪" :‬ومن املوافقات ذات األهمية حقيقة أن غازات الجو ك(األوكسجين‬
‫واآلزوت وثاني أوكسيد الكربون وبخار املاء) تمرر ‪ 80‬باملائة من أشعة الشمس املرئية ومن األشعة‬
‫تحت الحمراء القريبة‪ ،‬وتسمح لها بالوصول إلى األرض‪ ...،‬بل إن غازات جو األرض نفسها تمتص‬
‫األشعة الكهرومغناطيسية من أجزاء الطيف الواقعة مباشرة خارج حزمة الضوء املرئي واألشعة تحت‬
‫الحمراء القريبة بقوة‪ ،‬فاملنطقة الوحيدة من الطيف الضوئي التي يسمح لها الجو بالعبور هي الحزمة‬
‫الضيقة جدا التي تحوي الضوء املرئي واألشعة تحت الحمراء القريبة‪ ،‬وعمليا ال يصل األرض أي أشعة‬
‫إكس أو أي أشعة فوق بنفسجية أو تحت حمراء بعيدة أو أشعة املوجات امليكروية"‪ .‬وقد َّ‬
‫عقبت‬
‫النسخة الخامسة عشر من املوسوعة البريطانية على هذه الحقيقة الواضحة للعيان‪ ،‬وهي أن املنطقة‬
‫الوحيدة من الطيف التي ُيسمح لها بالنفاذ عبر الجو واملاء السائل هي مجال ضيق من الطيف‪ ،‬وهو‬
‫املجال النافع للحياة‪ ،‬وجاء فيها‪" :‬باعتبار أهمية الضوء املرئي لكل مناحي الحياة البرية‪ ،‬ال يملك املرء إال‬
‫‪1‬‬
‫أن يصاب بالذهول لهذه النافذة الضيقة جدا في االمتصاص الجوي‪ ،‬وفي طيف امتصاص املاء"‪.‬‬

‫انتهى قوله‬

‫وعليه‪ ،‬فالتصوير من خارج الغالف الجوي يعطي صورا أكثر نقاء‪ ،‬ويسمح بالتقاط صور بعيدة جدا‬

‫أما كيف تلتقط صور الفضاء‪،‬‬


‫ُ‬
‫ثناء التقاط الصور‪ ،‬تفتح عدسة كاميرا التلسكوب لتسمح بمرور الضوء ثم يستخدم العلماء مرشحات‬
‫ُ‬ ‫سترسل فيما بعد إلى األرض ُوت َ‬ ‫ُ‬
‫جمع حتى تكون صورة‪ .‬في العادة‪ ،‬ال تكون‬ ‫للحصول على املعلومات التي‬
‫الصور األولية ُملونة كما نراها في النهاية‪ ،‬لكن ُيضيف العلماء األلوان إليها ً‬
‫بناء على املرشح الضوئي‬
‫الذي يمر من خالله الضوء‪ ،‬وتصبح النتيجة صورة زاهية‪ ،‬ساحرة الجمال‪ُ ،‬مذهلة للعيون‪.‬‬

‫أما كيف نلتقط صورة مجرة درب التبانة‪ ،‬مع أننا جزء منها‬

‫ولم نخرج خارجها لنصورها من الخارج‬

‫فتجيب ناسا على ذلك بما يلي‪:‬‬


‫ً‬
‫نظرا ألن نظامنا الشمسي مضمن في مجرتنا ‪ ،‬يمكننا فقط إظهار تمثيل فنان ملا تبدو عليه مجرتنا من‬
‫ً‬
‫الخارج ‪ ،‬بدال من إظهار صورة فلكية حقيقية ‪،‬‬

‫كما تم إنتاجها بواسطة التلسكوب‪.‬‬

‫من وجهة نظرنا في مستوى املجرة ‪،‬‬

‫لدينا فقط منظر جانبي ملجرة درب التبانة ‪،‬‬


‫لكن هذا املنظر ال يزال ً‬
‫مفيدا للغاية ‪،‬‬

‫خاصة عند دمج املعلومات من أنواع مختلفة من املالحظات الفلكية‪.‬‬

‫بعض املالحظات جيدة لتتبع األذرع الحلزونية ملجرتنا ‪،‬‬

‫‪ 1‬قدر الطبيعة‪ ،‬قوانين الحياة تفصح عن وجود الغاية في الكون‪ .‬د‪ .‬مايكل دينتون‪ ،‬ترجمة د‪ .‬موسىى إدريس وآخرين‪ ،‬مركز براهين‪ ،‬ص‬
‫‪109-108‬‬
‫بينما البعض اآلخر أفضل للكشف عن النجوم ‪،‬‬

‫والبعض اآلخر مفيد لتتبع الغاز والغبار‪.‬‬


‫ُ‬
‫يمكن بعد ذلك عمل صورة ملجرة درب التبانة ‪ ،‬كما ترى من الخارج ‪،‬‬
‫عن طريق تجميع املعلومات من هذه املالحظات املختلفة ً‬
‫معا‪.‬‬

‫انتهى قول ناسا‬

‫إذن‪ ،‬فهناك صور حقيقية ملنظر مقطع جانبي للمجرة‪ ،‬وصور حقيقية للغازات والبخار‪ ،‬وصور حقيقية‬
‫للنجوم‬

‫فتستعمل هذه املعلومات إلنتاج صورة كأنها من خارج املجرة‬

‫أخيرا‪:‬‬

‫موقع األرض من املجرة‪:‬‬

‫وموقعنا في درب التبانة فاألرض تقع بين ذراعين من دوامة مجرية حلزونية‬

‫ضمن منطقة صغيرة نسبيا حيث تكون الحياة ممكنة‪،‬‬

‫وكنتيجة لذلك نتمتع كبشر بمرأى ممتاز‪،‬‬

‫في وضوح نظرنا للكون دون عائق من مجرتنا أو باقي الكون‪،‬‬

‫إن موقع األرض هذا يسمح لنا بأن نرى هللا تعالى من خالل مخلوقاته وعظمته!‬

‫وإال لو لم نكن نستطيع رؤية الكون لظننا أن مجموعتنا الشمسية أو حتى درب التبانة هي الكون كله!‬

‫إن موقع األرض بالنسبة للمجرة وبالنسبة للكون بما يسمح لنا مشاهدة املجرات‬

‫وسبر أغوار الكون‬

‫والتوصل لالكتشافات العلمية املذهلة‪،‬‬

‫وللقدرة على تفسير الكون‪،‬‬


‫يدل على أن من صميم تصميم الكون أن يسمح لإلنسان بسبر أغواره‬

‫كي يتوصل إلى دراسته والتوصل لخالقه!‬

‫فموقع األرض ليس مصادفة‪،‬‬

You might also like