You are on page 1of 147

~1~

~2~
‫ك قصد اإللماـ بالمكضكع تـ إتباع خطة متككنة مف فصميف اثنيف منفصميف شكبل ك متصميف‬
‫مكضكعا‪ ،‬يسبقيما مبحثا تمييديا كمدخؿ لمقياس نظرية الجريمة ك العقكبة‪.‬‬
‫نتطرؽ في الفصل األول لنظرية الجريمة‪ ،‬مف خبلؿ تقسيمو إلى ثبلث مباحث منفصمة شكبل‬
‫ك متصمة مكضكعا‪ ،‬حيث نتطرؽ في المبحث األكؿ لمفيكـ الجريمة ك تقسيماتيا‪ ،‬ك في المبحث‬
‫الثاني نتناكؿ أركاف الجريمة‪ ،‬أما المبحث الثالث فخصصناه لممسؤكلية الجزائية‪ ،‬ك كؿ ىذا كفقا‬
‫لمتشريع الجزائرم‪.‬‬
‫أما الفصل الثاني فنعالج فيو نظرية العقكبة ككنيا رد الفعؿ األكؿ عف الجريمة بتقسيمو ىك‬
‫اآلخر إلى ثبلث مباحث‪ ،‬حيث نتعرض في المبحث األكؿ لمفيكـ الجريمة ك تطكرىا التاريخي‪،‬‬
‫ك في المبحث الثاني نفصؿ في أنكاع العقكبات‪ ،‬أما المبحث الثالث نعالج فيو بدائؿ العقكبة‬
‫ك حاالت إنقضائيا مف منظكر التشريع الجزائرم ىك اآلخر‪.‬‬

‫~‪~3‬‬
‫مبحث تمييدي‪:‬‬
‫مدخــــــل لمـــــقانـــون الجنــــائـــــي‬

‫إف الحياة البشرية ال بد ليا مف إطار ينظميا ك يحكـ عبلقاتيا فجاءت القكانيف الكضعية لتحقيؽ‬
‫ىذه الغاية‪ ،‬فصدرت عدة قكانيف تنظـ العبلقات فيما بيف األفراد‪ ،‬ك الشريعة اإلسبلمية الغراء كانت‬
‫السباقة إلى ذلؾ عف طريؽ القرآف الكريـ ك السنة النبكية‪.‬‬
‫يعتبر القانكف الجنائي أىـ القكانيف نظ ار لككنو يسعى لتحقيؽ العدالة ك يحدد نطاؽ الحريات‪،‬‬
‫فمك كاف الناس مبلئكة لما كجد ىذا القانكف‪ ،‬ك منو سنحاكؿ في ىذا المبحث التمييدم التعريؼ بو‬
‫ك الغاية مف كجكده‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬مفيوم القانون الجنائي‬
‫لتحديد مفيكمو نتطرؽ إلى تعريفو ك أىميتو‪ ،‬ك كذا عبلقتو بالقكانيف ك العمكـ الجنائية األخرل‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريفو و أقسامو‬
‫أوال‪ -‬تعريفو‪:‬‬
‫يع ِّرؼ قانكف العقكبات بذلؾ ‪ ‬القانكف الذم تحدد قكاعده السمكؾ اإلنساني المعتبر جريمة‬
‫ك يرتب عمى إتيانو عقكبة‪.)1( ‬‬
‫كما يع ِّرؼ بأنو ‪ ‬القانكف المحدد لؤلفعاؿ المعتبرة جرائـ‪ ،‬ك كذا العقكبات ك التدابير األمنية‬
‫المقررة ليا‪.)2( ‬‬
‫ك عميو يمكف أف نعرؼ قانكف العقكبات بأنو مجمكعة القكاعد القانكنية التي تضفي عمى الفعؿ‬
‫الصفة اإلجرامية‪ ،‬ك تقرر ضده جزاء جنائيا‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى اختبلؼ الفقو في تسميتو‪ ،‬فيناؾ مف يسميو بالقانكف الجنائي‪ ،‬ك ىناؾ مف‬
‫يعبر عنو بالقانكف العقكبات‪ ،‬ك آخركف يسمكنو بالقانكف الجزائي‪ ،‬ك كؿ لو حججو‪ ،‬كما كجيت عدة‬
‫انتقادات لكؿ تسمية‪ ،‬أما المشرع الجزائرم فقد أخذ بتسمية قانكف العقكبات مف خبلؿ األمر‬
‫رقـ‪ 156-66 :‬المؤرخ في‪ 08 :‬يكنيك ‪ 1966‬المتضمف قانكف العقكبات(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1996 ،‬ص ‪.35‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– لحسيف بف شيخ‪ ،‬مبادئ القانكف الجزائي العاـ‪ ،‬دار ىكمة لمنشر ك التكزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2004 ،‬ص ‪.10‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– الجريدة الرسمية العدد‪ ،49 :‬المؤرخة في‪ 11 :‬يكنيك ‪.1966‬‬
‫~‪~4‬‬
‫ك يكتسي قانكف العقكبات أىمية بالغة ككنو يسعى لتحيؽ عدة غايات ضركرية لمحياة البشرية‬
‫أىميا(‪:)1‬‬
‫‪ -‬حماية المصالح اإلجتماعية المشتركة ميما تنكعت؛‬
‫‪ -‬تحقيؽ العدالة؛‬
‫‪ -‬تكفير الطمأنينة ألفراد المجتمع‬
‫‪ -‬كما لو ىدؼ كقائي بالتيديد بتكقيع عمى كؿ مف تسكؿ لو نفسو بارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أقسامو‪:‬‬
‫يتضح مف تعريؼ القانكف الجنائي أف القاعدة الجنائية تنقسـ إلى شقيف‪ ،‬األكؿ يمثؿ شؽ‬
‫التكميؼ أك التجريـ‪ ،‬ك الثاني شؽ الجزاء‪ ،‬ك يسمى عند البعض حكـ القاعدة الذم يتضمف ما تأمر‬
‫بو القاعدة ك ما تنيى عنو‪ ،‬فمكضكعو منع الجريمة‪ ،‬ثـ جزاء القاعدة الذم يبيف األثر القانكني‬
‫المترتب عمى مخالفة ىذه القاعدة ك الذم يختمؼ بدكره عف سائر الجزاءات القانكنية األخرل(‪.)2‬‬
‫كما يتبيف أيضا مف خبلؿ تعريؼ القانكف الجنائي أنو ينقسـ إلى قسميف ىما‪:‬‬
‫أ‪ .‬القسـ العاـ‪:‬‬
‫ك ىك القسـ الذم يدرس الجريمة بأركانيا ك صفاتيا دكف أسمائيا‪ ،‬فيك يحدد المبادئ العامة‬
‫التي تقكـ عمييا الجريمة‪ ،‬سكاء كانت الجريمة منصكص عمييا في قانكف العقكبات أك القكانيف‬
‫المكممة لو ما لـ يكجد نص يقضي خبلؼ ذلؾ عمى اعتبار أنيا قكانيف خاصة‪ ،‬ك أكرد المشرع‬
‫الجزائرم ىذا القسـ مف المادة ‪ 01‬إلى المادة ‪ 60‬مكرر قانكف عقكبات‪.‬‬
‫ب‪ .‬القسـ الخاص‪:‬‬
‫ىك الذم يدرس الجرائـ بأسمائيا‪ ،‬حيث يبيف كؿ جريمة عمى حذل ك النص القانكني الذم‬
‫ينطبؽ عمييا‪ ،‬نص عميو المشرع مف المادة ‪ 61‬إلى غاية المادة ‪ 466‬مف نفس القانكف‪.‬‬
‫ك رغـ ذلؾ اإلختبلؼ فيناؾ عبلقة كطيدة بينيما إذ يمثبلف كجياف لعممة كاحدة‪ ،‬فعند البحث‬
‫عف أركاف الجريمة ينبغي فيميا عمى ضكء القسـ العاـ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– لمتفصيؿ فييا راجع‪ :‬سمير عالية‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ :‬القسـ العاـ ( دراسة مقارنة)‪ ،‬المؤسسة الجامعية لمدراسات‬
‫ك النشر ك التكزيع‪ ،‬بيركت‪ ،2002 ،‬ص ص ‪.10 -9‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫~‪~5‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬عالقة قانون العقوبات بالقوانين و العموم الجنائية األخرى‬
‫يعتبر قانكف العقكبات مف أكجو السياسة الجنائية المنتيجة في مجاؿ مكافحة الجريمة ك مبلحقة‬
‫المجرميف‪ ،‬غير أنو ليس كاؼ بمفرده‪ ،‬فيناؾ قكانيف جنائية أخرل مساعدة‪ ،‬إضافة إلى العمكـ‬
‫الجنائية التي بدكرىا متعددة‪ ،‬ك منو سنكتفي بعبلقة قانكف العقكبات بأىميا فقط‪.‬‬
‫أوال‪ -‬عالقتو بقانون اإلجراءات الجزائية‪:‬‬
‫قانكف اإلجراءات الجزائية ىك مجمكعة القكاعد القانكنية الكاجب اتباعيا مف لحظة ارتكاب‬
‫الجريمة إلى غاية إلقاء القبض عمى المتيـ ك الحكـ عميو نيائيا‪ ،‬ك لقد صدر بمقتضى األمر‬
‫رقـ‪ 155-66 :‬المؤرخ في‪ 08 :‬جكاف ‪.)1(1966‬‬
‫يختمؼ قانكف اإلجراءات الجزائية عف قانكف العقكبات ككنو قانكف شكمي أما اآلخر فيك قانكف‬
‫مكضكعي‪ ،‬رغـ ذلؾ فتكجد عبلقة كطيدة بينيما‪ ،‬فكبلىما ييدؼ إلى مكافحة الجريمة‪ ،‬حيث أف‬
‫قانكف اإلجراءات الجزائية ىك الذم ينقؿ قانكف العقكبات مف حالة السككف إلى حالة الحركة‬
‫ك الفعالية‪ ،‬كما أنو يحمي الحقكؽ ك الحريات الشخصية لممتيـ ك عمى رأسيا قرينة البراءة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬عالقتو بعمم اإلجرام‪:‬‬
‫يقصد بعمـ اإلجراـ ذلؾ العمـ الذم ييتـ بدراسة الجريمة عمى أنيا حقيقة كاقعية غير مرتبطة‬
‫بأم فقو أك قانكف‪ ،‬فيك يدرس الجريمة كظاىرة سمككية مف حيث أسبابيا ك طرؽ الكقاية منيا‪،‬‬
‫ك ظيكره أكؿ مرة كاف عمى يد عالـ األجناس تكبينارد عاـ ‪ 1879‬ك أتى بعده جاركفالك بكتابو "عمـ‬
‫اإلجراـ"(‪ ، )2‬لذلؾ فيك يساعد المشرع في إعطائو الحمكؿ لمكاجية الجرائـ‪ ،‬إذ يبمكر النظريات‬
‫المتكصؿ إلييا ك يشرع منيا النصكص القانكنية الناجعة ك المناسبة‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬عالقتو بعمم العقاب‪:‬‬
‫عمـ العقاب ىك العمـ الذم ييتـ بدراسة الجزاء الجنائي ك مدل كفايتو في مكافحة الجريمة‪ ،‬ك‬
‫ىنا يمجأ إلى اإلحصاء الجنائي بكصفو أحد كسائؿ دراسة الظاىرة اإلجرامية بمغة األرقاـ‪ ،‬لذا‬
‫فالمشرع يستعيف بعمماء العقاب في اختيار الجزاء الجنائي المناسب ضد كؿ جريمة ك اختيار‬
‫المعاممة العقابية بما يخدـ الغرض مف العقكبة القائـ عمى إعادة إصبلح المجرـ تحقيقا لسياسة‬
‫الدفاع اإلجتماعي‪ ،‬ك ىذا كمو مف اجتياد عمماء العقاب الذم نقمكا قانكف العقكبات مف الكحشية إلى‬
‫اإلنسانية فبات يعرؼ بأنسنة قانكف العقكبات‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– الجريدة الرسمية العدد‪ ،48 :‬المؤرخة في‪ 10 :‬يكنيك ‪.1966‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عدناف الدكرم‪ ،‬أسباب ارتكاب الجريمة ك طبيعة السمكؾ اإلجرامي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشكرات ذات السبلسؿ‪ ،‬الككيت‪،‬‬
‫‪ ،1984‬ص ‪.9‬‬
‫~‪~6‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬دور المدارس العقابية في تطور قانون العقوبات‬
‫إف قانكف العقكبات عبارة عف نظريات ك أفكار لمجمكعة فقياء شكمكا مدارس عقابية كاف ليا‬
‫الفضؿ في تطكره ك انتقالو مف القساكة إلى األنسنة نذكرىا بإيجاز‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المدرسة التقميدية القديمة و الحديثة‬
‫أوال‪ -‬المدرسة التقميدية القديمة ( كالسيكية)‪:‬‬
‫نشأت ىذه المدرسة منتصؼ القرف الثامف عشر عمى يد سيزارم ديبيكاريا صاحب الكتاب‬
‫الشيير ‪‬الجرائـ ك العقكبات‪ ،‬ك األلماني فكيرباخ‪.‬‬
‫إف كجكد ىذه المدرسة جاء في ظؿ قساكة النظاـ العقابي أنذاؾ‪ ،‬فكاف ليا الفضؿ في بمكرة أىـ‬
‫المبادئ التي يقكـ عمييا قانكف العقكبات ك تتمخص باألساس فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬إقرار مبدأ الشرعية‪ ،‬سكاء مف حيث التجريـ أك العقكبة ككسيمة لمحد مف سمطة ك تعسؼ‬
‫القضاة‪ ،‬فبل جريمة ك ال عقكبة إال بناء عمى نص قانكني‪ ،‬ك بو أصبح القاضي مكزعا آليا‬
‫لمعقكبات(‪.)1‬‬
‫‪ -‬حرية اإلختيار ىي أساس المسؤكلية الجزائية‪ ،‬فالشخص حر حرية مطمقة في تصرفاتو‬
‫ك ارتكابو لمجريمة يككف بإرادتو لقدرتو عمى التمييز بيف الفعؿ النافع ك الضار‪.‬‬
‫‪ -‬إرتباط العقكبة بجسامة الفعؿ المرتكب ككنيا تركز عمى الفعؿ دكف الفاعؿ‪.‬‬
‫‪ -‬اليدؼ مف العقكبة ككظيفتيا تحقيؽ الردع العاـ بالتخكيؼ مف ارتكاب الجريمة بالعقكبة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬المدرسة التقميدية الحديثة‪:‬‬
‫أماـ اإلنتقادات التي طالت المدرسة التقميدية القديمة ك عمى رأسيا إىماليا لظركؼ الجاني‪،‬‬
‫تطكرت أفكار المدرسة التقميدية بإدخاؿ عدة تعديبلت عمييا‪.‬‬
‫ظيرت المدرسة التقميدية الحديثة في النصؼ األكؿ مف القرف التاسع عشر عمى يد كؿ مف‬
‫تايمكر‪ ،‬جارسكف‪ ،‬ك أكرتكالف(‪ ،)2‬ك نادت بعدة مبادئ أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬تكسيع دائرة مكانع المسؤكلية لتشمؿ حالة اإلكراه‪ ،‬ك عدـ تساكم المجرميف في مجاؿ أساس‬
‫المسؤكلية‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعتراؼ بالمسؤكلية المخففة بتخفيؼ العقكبة عند ثبكت نقص حرية اإلختيار‪.‬‬
‫‪ -‬تصنيؼ المسجكنيف تبعا لظركفيـ‪ ،‬ك تقرير معاممة تختمؼ باختبلؼ حالة كؿ فئة منيـ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– فكزية عبد الستار‪ ،‬مبادئ عمـ اإلجراـ ك عمـ العقاب‪ ،‬دار المطبكعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2007 ،‬ص ‪.283‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– منصكر رحماني‪ ،‬الكجيز في القان كف الجنائي العاـ ( فقو ك قضايا)‪ ،‬دار العمكـ لمنشر ك التكزيع‪ ،‬عنابة ( الجزائر)‪،‬‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.37‬‬
‫~‪~7‬‬
‫كاف الفضؿ ليذه المدرسة في الجمع بيف فكرة المنفعة اإلجتماعية ك العدالة‪ ،‬فمنعت المغاالة في‬
‫كظيفة الردع العاـ ك الخاص‪ ،‬كما كفقت بيف الحرية ك الجبرية بتقرير المسؤكلية المخففة‪ ،‬حيث‬
‫نادت باألعذار ك الظركؼ المخففة ك كذا التفريد العقابي‪ ،‬فأصبح ليا صدل في العديد مف‬
‫التشريعات العقابية(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المدرسة الوضعية و مدرسة الدفاع اإلجتماعي‬
‫أوال‪ -‬المدرسة الوضعية‪:‬‬
‫ظيرت ىذه المدرسة في الربع األخير مف القرف التاسع عشر عمى يد كؿ مف سيزار لكمبركزك‬
‫صاحب كتاب ‪ ‬اإلنساف المجرـ‪ ،‬أنريكك فيرم ك جاركفالك‪.‬‬
‫كاف الفضؿ ليذه المدرسة في تحكيؿ االىتماـ مف الجريمة إلى المجرـ بدراسة العكامؿ اإلجرامية‬
‫ك الخطكرة اإلجرامية الكامنة فيو‪.‬‬
‫لقد نادت ىذه المدرسة ك تبنت عدة مبادئ أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬اإلىتماـ بدراسة شخصية المجرـ ك إىماؿ الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬إعتبار اإلنساف مسير ك ليس مخير في تصرفاتو‪.‬‬
‫‪ -‬أساس المسؤكلية الجزائية الخطكرة اإلجرامية ك ليست الحرية‪.‬‬
‫‪ -‬ىدؼ العقكبة ىك اإلصبلح ك الدفاع اإلجتماعي فأقرت فكرة التدابير‪.‬‬
‫رغـ أف ىذه المدرسة لفتت األنظار بدراستيا لممجرـ ك تطبيؽ األسمكب العممي في ذلؾ ك الذم‬
‫استفاد منو فيما بعد عمـ السياسية الجنائية ك القانكف الجنائي‪ ،‬إال أنيا تعرضت لعدة انتقادات حيث‬
‫لـ ترت كز عمى أسس عممية صحيحة لعدـ كجكد أنماط معينة مف المجرميف يمتازكف بصفات بدنية‬
‫خاصة تميزىـ عف غيرىـ‪ ،‬كما أني ا أىممت الجريمة أك الفعؿ ك ىذا غير سميـ عمى اعتبارىا نتاج‬
‫ظركؼ اجتماعية ك اقتصادية ك ليست نتاج الشخصية اإلجرامية فقط(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– رؤكؼ عبيد‪ ،‬مبادئ القسـ العاـ في التشريع العقابي‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار الفكر العربي لمطبع ك النشر‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،1979‬ص ص ‪.78-75‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– محمد صبحي نجـ‪ ،‬قانكف العقكبات‪ :‬القسـ العاـ ( النظرية العامة لمجريمة)‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار الثقافة لمنشر‬
‫ك التكزيع‪ ،‬عماف‪ ،2010 ،‬ص ‪.31‬‬
‫~‪~8‬‬
‫ثانيا‪ -‬مدرسة الدفاع اإلجتماعي‪:‬‬
‫أماـ اإلنتقادات المكجية لممدرسة الكضعية جاءت ىذه المدرسة التكفيقية بيف أراء المدرسة‬
‫التقميدية ك أراء المدرسة الكضعية‪.‬‬
‫تجسدت ىذه المدرسة في اتجاىيف ىاميف‪:‬‬
‫‪ -I‬اإلتحاد الدكلي لقانكف العقكبات‪:‬‬
‫تأسس ىذا اإلتحاد سنة ‪ 1889‬عمى يد كؿ مف "ىامؿ" ك "براف" ك "ليست"‪ ،‬حيث يعد مف‬
‫اإلتجاىات التكفيقية بيف أفكار كؿ مف المدرستيف التقميدية ك الكضعية(‪ ،)1‬ك أىـ ما نادل إليو‪:‬‬
‫‪ -‬تقرير مبدأ التفريد العقابي‪.‬‬
‫‪ -‬تقرير تدابير األمف ك التي ال تككف إال بنص‪ ،‬ك بحكـ قضائي يقضي بيا‪.‬‬
‫‪ -‬الغاية مف العقكبة اإلصبلح ك إعادة التأىيؿ المجرـ‪.‬‬
‫‪ -II‬حركة الدفاع اإلجتماعي‪:‬‬
‫ظيرت مع أكاخر النصؼ األكؿ مف القرف العشريف عمى يد الفقيييف " فيميبك جراماتيكا" ك "مارؾ‬
‫أنسؿ"(‪.)2‬‬
‫فجراماتيكا اعتبر أساس المسؤكلية الجزائية يستند لفكرة اإلنحراؼ اإلجتماعي ك ليس الخطأ أك‬
‫الخطكرة اإلجرامية‪ ،‬لذا نادل بتطبيؽ تدابير الدفاع اإلجتماعي اليادفة إلعادة تأىيؿ المجرـ في‬
‫المجتمع بدؿ تطبيؽ العقكبة عميو‪.‬‬
‫أما مارؾ أنسؿ اعتبر اإلرادة الحرة ىي أساس المسؤكلية الجزائية‪ ،‬ك الغاية مف الجزاء إعادة‬
‫التأىيؿ‪ ،‬دكف االستغناء عف العقكبة بؿ تغيير كظيفتيا فقط‪ ،‬لذا ينبغي تطبيؽ العقكبة ك التدابير معا‬
‫حتى تتحقؽ الغاية مف الجزاء الجنائي‪.‬‬
‫موقف المشرع الجزائري‪:‬‬
‫بالرجكع إلى نصكص قانكف العقكبات ك القكانيف المكمة لو‪ ،‬نبلحظ أف المشرع تبنى المدرسة‬
‫التكفيقية التي تجمع بيف المدرستيف التقميدية ك الكضعية‪ ،‬حيث أخذ بحرية اإلختيار كأساس‬
‫لممسؤكلية الجزائية‪ ،‬ك تبنى فكرة الظركؼ المخففة ك كقؼ التنفيذ‪ ،‬كما نص عمى ىدؼ العقكبة‬
‫المتمثؿ في تكريس سياسة الدفاع اإلجتماعي بإعادة تأىيؿ ك إصبلح المجرـ ك نظاـ التفريد العقابي‬
‫ك غير ذلؾ مف المبادئ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– عبد الرحماف خمفي‪ ،‬محاضرات في القانكف الجنائي العاـ‪ ،‬دار اليدل لمطباعة ك النشر ك التكزيع‪ ،‬عيف مميمة‬
‫(الجزائر)‪ ،2010 ،‬ص ‪.19‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬شرح قانكف العقكبات الجزائرم ( القسـ العاـ)‪ ،‬الجزء األكؿ‪ :‬الجريمة‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬ديكاف‬
‫المطبكعات الجامعية‪ ،‬بف عكنكف‪ ،2004 ،‬ص ‪.49‬‬
‫~‪~9‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫نظــــــــريــــــــة الجـــــــريمـــــــة‬
‫إف لئلنساف حاجيات أىميا البقاء ك ضماف البقاء‪ ،‬لذا يسعى لتحقيؽ ذلؾ بكؿ السبؿ‪،‬‬
‫فالمفركض فيو الشخص أف يحقؽ أىدافو مادية أك معنكية بالطرؽ المشركعة أك القانكنية‪ ،‬لكف ك‬
‫نظ ار لطبعو األناني قد يسعى لذلؾ بطرؽ غير قانكنية ك أخطرىا ارتكاب الجريمة‪ ،‬ك منو سنحاكؿ‬
‫مف خبلؿ ىذا الفصؿ تفصيؿ نظرية الجريمة مف الكجية القانكنية بمعرفة مفيكميا ك أركانيا التي‬
‫تقكـ عمييا انتياء بالمسؤكلية الجزائية ككنيا األثر المترتب عنيا‪ ،‬بتقسيمو إلى ثبلث مباحث‪.‬‬
‫‪ -‬المبحث األكؿ‪ :‬مفيكـ الجريمة ك تقسيماتيا‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬مفيكـ الجريمة‬
‫المطمب الثاني‪ :‬تقسيمات الجرائـ‬
‫‪ -‬المبحث الثاني‪ :‬أركاف الجريمة‪.‬‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬الركف الشرعي لمجريمة‬
‫المطمب الثاني‪ :‬الركف المادم لمجريمة‬
‫المطمب الثالث‪ :‬الركف المعنكم لمجريمة‬
‫‪ -‬المبحث الثالث‪ :‬المسؤكلية الجزائية‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬مفيكـ المسؤكلية الجزائية ك أساسيا‬
‫المطمب الثاني‪ :‬شركط المسؤكلية الجزائية ك مكانعيا‬

‫~‪~11‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفيوم الجريمة و تقسيماتيا‬
‫لمعرفة اإلطار العاـ لمجريمة يقتضي البدء بتحديد مفيكميا ثـ تمييزىا عف غيرىا مف الجرائـ‬
‫كصبل إلى تقسيماتيا‪ ،‬ك ىذا كمو مف الكجية القانكنية بالدرجة األكلى‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬مفيوم الجريمة‬
‫إف الجريمة قديمة قدـ اإلنسانية‪ ،‬فيي ظاىرة اجتماعية في أصميا‪ ،‬حيث يسمـ أم مجتمع منيا‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الجريمة‬
‫نتطرؽ لمتعريؼ الجريمة مف الكجيتيف الفقيية ك القانكنية إف كجد تعريؼ ليا في ىذه األخيرة‪.‬‬
‫أوال‪ -‬المدلول الفقيي لمجريمة‪:‬‬
‫مرد ذلؾ اختبلؼ تخصصاتيـ ك مجاؿ‬
‫لقد اختمؼ الفقياء حكؿ مكضكع تعريؼ الجريمة ك ٌ‬
‫بحكثيـ‪.‬‬
‫فعرفيا عمماء النفس بأنيا ‪ ‬تعارض سمكؾ الفرد مع المقكمات ك العادات المكجكدة في‬
‫البلشعكر‪ ،‬فيعتبر مجرما الشخص الذم يقدـ عمى ارتكاب فعؿ مخالؼ لممبادئ ك المقكمات‬
‫المكجكدة في األنا األعمى ‪.)1( ‬‬
‫ك عند عمماء االجتماع فعرفيا إيميؿ دكر كايـ بأنيا ‪ ‬الفعؿ الذم يقع بالمخالفة لمشعكر‬
‫الجماعي‪ ،‬فيي كؿ فعؿ يخالؼ الشعكر العاـ لمجماعة مما يخدش بعض العكاطؼ اإلجتماعية التي‬
‫تمتاز بشدة الكضكح ك الحساسية‪.)2( ‬‬
‫أما عمماء اإلجراـ فقد اختمفكا في تعريفيا بيف المدرستيف التقميدية ك الكضعية‪ ،‬فاألكلى اعتبرتيا‬
‫‪ ‬كؿ فعؿ أك امتناع عف فعؿ يجرمو المشرع بنص ك يقرر لو جزاء جنائيا‪ ،‬أما الثانية فعرفتيا‬
‫بأنيا ‪ ‬كؿ فعؿ أك امتناع عف فعؿ يتعارض مع القيـ األخبلقية السائدة في المجتمع‪.)3( ‬‬
‫في حيف يع ِّرفت الجريمة مف الناحية الشرعية بأنيا ‪ ‬إتياف فعؿ مجرـ معاقب عمى فعمو‪ ،‬أك ترؾ‬
‫فعؿ مأمكر بو معاقب عمى تركو‪ ،‬كلو في الشرع جزاء عاجؿ في الدنيا كجزاء آجؿ في اآلخرة‪.)4(‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمف خمفي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عدلي السمرم ك أماؿ عبد الحميد ك آخركف‪ ،‬عمـ اإلجتماع الجريمة ك اإلنحراؼ‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الميسرة لمنشر‬
‫ك التكزيع‪ ،‬عماف‪ ،2010 ،‬ص ‪.18‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– فكزية عبد الستار‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ 13‬؛ محمد أحمد المشيداني‪ ،‬أصكؿ عممي اإلجراـ ك العقاب‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫دار الثقافة لمنشر ك التكزيع‪ ،‬عماف‪ ،2011 ،‬ص ‪.07‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬محمد أبك زىرة‪ ،‬الجريمة ك العقكبة ف ي الفقو اإلسبلمي‪ :‬الجريمة‪ ،‬دار الفكر العربي لمطباعة ك النشر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دكف‬
‫ذكر التاريخ‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫~‪~11‬‬
‫أما فقياء القانكف الجنائي فعرفكىا بأنيا ‪ ‬كؿ سمكؾ يمكف إسناده إلى فاعمو يضر أك ييدد‬
‫بالخطر مصمحة اجتماعية محمية بجزاء جنائي‪.)1( ‬‬
‫ك عميو يجب التمييز بيف مصطمح الجريمة ك المصطمحات ذات الصمة ك منيا المجرـ‪ُّ ،‬‬
‫الجرـ‪،‬‬
‫اإلنحراؼ أك المنحرؼ‪ ،‬المتيـ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬المدلول القانوني لمجريمة‪:‬‬
‫بالرجكع إلى قانكف العقكبات فإف المشرع الجزائرم لـ يضع تعريفا لمجريمة شأنو في ذلؾ شأف‬
‫التشريعات المقارنة‪ ،‬ك حسف ما فعؿ‪ ،‬فكضع التعاريؼ مف اختصاص الفقو ك ليس التشريع إال في‬
‫حاالت استثنائية(‪.)2‬‬
‫ك عميو نرجع إلى التعريؼ الذم أجمع فقياء القانكف عمى أف الجريمة‪ ‬ىي كؿ فعؿ أك امتناع‬
‫عف فعؿ يحضره القانكف ك يقرر لو جزاء جنائيا ما لـ يقع ىذا الفعؿ استعماال لحؽ أك أداء‬
‫لكاجب‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تمييز الجريمة الجنائية عن الجريمة المدنية و التأديبية‬
‫لمجريمة الجنائية عدة مميزات تميزىا عف الجريمة المدنية ك التأديبية‪ ،‬ك إف كانت ىاتيف‬
‫األخيرتيف ال يصمح عمييما مصطمح الجريمة‪.‬‬
‫أوال‪ -‬الجريمة الجنائية و الجريمة المدنية‪:‬‬
‫الجريمة المدنية ىي كؿ فعؿ يقكـ بو الشخص ك يسبب ضر ار لمغير تحكمو نص المادة ‪124‬‬
‫مف القانكف المدني(‪ ،)3‬ك عميو فيي تختمؼ عف الجريمة الجنائية في عدة أكجو منيا‪:‬‬
‫‪ -‬الجريمة الجنائية يحكميا مبدأ الشرعية الجنائية بخبلؼ الجريمة المدنية‪.‬‬
‫‪ -‬الجريمة الجنائية تقكـ إما لضرر أك خطر‪ ،‬في حيف الجريمة المدنية ال يمكف تصكرىا دكف‬
‫كجكد ضرر‪.‬‬
‫‪ -‬الجريمة الجنائية الجزاء فييا أكثر جسامة طبقا لنص المادة ‪ 05‬قانكف عقكبات‪ ،‬بخبلؼ‬
‫الجريمة المدنية الجزاء فييا ىك التعكيض‪.‬‬
‫‪ -‬كما يختمفاف مف حيث اإلختصاص فالجريمة الجنائية مف اختصاص القضاء الجزائي أما‬
‫المدنية فيختص بيا القاضي المدني كقاعدة عامة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– كامؿ السعيد‪ ،‬شرح األحكاـ العامة في قانكف العقكبات‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الثقافة لمنشر ك التكزيع‪ ،‬عماف‪،2002 ،‬‬
‫ص ‪.31‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– المعدلة بمقتضى القانكف رقـ‪ 10-05 :‬المؤرخ في‪ 20 :‬يكنيك ‪ 2005‬المعدؿ ك المتمـ لمقانكف المدني‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية العدد‪ ،44 :‬المؤرخة في‪ 26 :‬يكنيك ‪.2005‬‬
‫~‪~12‬‬
‫غير أنو قد يتكفر في الفعؿ الكاحد الكصفيف معا كجريمة الضرب مثبل‪ ،‬فيمكف ىنا متابعة‬
‫الشخص جزائيا ك مدنيا‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬الجريمة الجنائية و الجريمة التأديبية‪:‬‬
‫الجريمة التأديبية ىي إ خبلؿ المكظؼ بكاجباتو المينية أك الكظيفية‪ ،‬فيي بذلؾ تختمؼ عف‬
‫الجريمة الجنائية في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الجريمة الجنائية يحكميا مبدأ الشرعية الجنائية بخبلؼ الجريمة التأديبية‪.‬‬
‫‪ -‬الجريمة التأديبية أقؿ خطكرة مقارنة بالجريمة الجنائية ككف ىذه األخيرة تمثؿ اعتداء عمى‬
‫المجتمع ككؿ‪.‬‬
‫‪ -‬الجزاء في الجريمة الجنائية أكثر جسامة ‪ ،‬بخبلؼ الجريمة التأديبية الجزاء فييا أقؿ كالعزؿ‬
‫أك الخصـ مف الراتب أك اإلنذار مثبل‪.‬‬
‫‪ -‬كما يختمفاف مف حيث االختصاص فالجريمة الجنائية مف اختصاص القضاء الجزائي أما‬
‫التأديبية فتختص بيا السمطة التي ينتمي إلييا ىذا المكظؼ‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة إلى أنو يمكف أف يجتمع في الفعؿ الكصفيف معا كجريمة الرشكة مثبل‬
‫أك اإلختبلس‪ ،‬فالشخص يعاقب جزائيا ك تأديبيا‪.‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬تقسيمات الجرائم‬
‫إف تقسيـ لمجريمة لو كجييف رئيسيف‪ ،‬األكؿ قانكني مف كضع المشرع الجنائي‪ ،‬ك الثاني فقيي‬
‫مف اجتياد فقياء القانكف الجنائي‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التقسيم القانوني لمجريمة‬
‫إستنادا لنص المادة ‪ 27‬قانكف عقكبات فإف المشرع الجزائرم ك عمى غرار باقي التشريعات تبنى‬
‫التقسيـ الثبلثي لمجرائـ كفؽ معيار خطكرة الجريمة ك جسامتيا‪ ،‬حيث قسميا إلى جنايات ثـ جنح ثـ‬
‫مخالفات‪ ،‬معتمدا عمى جسامة العقكبة كمعيار لمتمييز بينيا طبقا لنص المادة ‪ 05‬قانكف عقكبات‬
‫المعدلة بمقتضى القانكف رقـ‪ 01-14 :‬المؤرخ في‪ 4 :‬فبراير ‪ 2014‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف‬
‫العقكبات(‪ ،)1‬ك مرتك از عمى العقكبة األصمية‪ ،‬ك تتمثؿ فيما يمي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– الجريدة الرسمية العدد‪ ،07 :‬المؤرخة في‪ 16 :‬فبراير ‪.2014‬‬
‫~‪~13‬‬
‫أكال‪ -‬الجنايات‪:‬‬
‫‪ -‬اإلعداـ؛‬
‫‪ -‬السجف المؤبد؛‬
‫‪ -‬السجف المؤقت؛‬
‫إال أنو ك كفؽ تعديؿ ‪ 2014‬أقر المشرع إمكانية السجف لمدة تزيد عف عشريف سنة لكركد عبارة‬
‫ما لـ يقرر القانكف حدكدا قصكل أخرل »‪ ،‬كما أنو ك استنادا لنص المادة ‪ 05‬مكرر يمكف‬ ‫«‬

‫لمقاضي الجزائي في حالة الحكـ بعقكبة السجف المؤقت الحكـ أيضا بعقكبة الغرامة‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬الجنح‪:‬‬
‫‪ -‬الحبس مف شيريف عمى األقؿ إلى ‪ 05‬سنكات عمى األكثر‪ ،‬ما لـ يقرر القانكف حدكدا قصكل‬
‫أخرل؛‬
‫‪ -‬الغرامة التي ال تقؿ عف ‪ 20.000‬دج‪.‬‬
‫لقد نص المشرع عمى الجنايات ك الجنح في المكاد مف ‪ 61‬إلى ‪ 439‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬المخالفات‪:‬‬
‫‪ -‬الحبس مف يكـ عمى األقؿ إلى شيريف عمى األكثر‪.‬‬
‫‪ -‬الغرامة مف ‪ 2000‬إلى ‪ 20.000‬دج‪.‬‬
‫ك نظميا المشرع في المكاد مف ‪ 440‬إلى ‪ 466‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫سياسة التجنيح المنتيجة من طرف المشرع الجنائي‪:‬‬
‫بنص المشرع عمى إمكانية الحكـ في الجنح بأكثر مف ‪ 05‬سنكات قد يختمط األمر ىؿ ىي‬
‫جناية أـ جنحة؟‬
‫في ىذه الحالة ننظر إلى المصطمح الذم استخدمو المشرع فإذا كاف سجف فيي جناية‪ ،‬أما إذا‬
‫كاف الحبس فيي جنحة ك المسماة بالجنحة المشددة‪.‬‬
‫تدخؿ ىذه السياسة في إطار تحسيف المنظكمة القضائية الجزائية حيث أنزؿ فييا المشرع في‬
‫العديد مف الجرائـ في الكصؼ مف جنايات إلى جنح مع تشديد العقكبة‪ ،‬ك ىذا لسببيف تخفيؼ العبئ‬
‫عمى محكمة الجنايات مف جية‪ ،‬ك ألف الجنايات تمر بإجراءات معقدة ك طكيمة مقارنة بالجنح‪ ،‬ك‬
‫قد كرسيا المشرع في العديد مف النصكص سكاء في قانكف العقكبات أك القكانيف المكممة لو‪.‬‬

‫~‪~14‬‬
‫إف لتقسيـ لمجريمة مف الكجية القانكنية أىمية كبيرة سكاء مف الناحية المكضكعية‪ ،‬أك الناحية‬
‫اإلجرائية نكرد البعض منيا عمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر‪:‬‬
‫‪ -‬الشركع في الجريمة معاقب عميو في الجنايات دكف حاجة لمنص‪ ،‬ك الجنح بنص‪ ،‬أما‬
‫المخالفات فبل شركع فييا عمى اإلطبلؽ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشتراؾ في الجريمة معاقب عميو في الجنايات ك الجنح فقط دكف المخالفات‪.‬‬
‫‪ -‬تطبيؽ قانكف العقكبات عمى الجرائـ الكاقعة في الخارج إذا كانت جنايات أك جنح‪.‬‬
‫‪ -‬تقادـ الدعكل العمكمية ك العقكبة يختمفاف مف حيث المدة باختبلؼ نكع أك كصؼ الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬التحقيؽ كجكبي في الجنايات فقط‪.‬‬
‫‪ -‬إضافة إلى اإلختبلؼ مف حيث اإلختصاص‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التقسيم الفقيي لمجريمة‬
‫يقسـ فقياء القانكف الجنائي الجريمة حسب كؿ ركف مف أركانيا عمى النحك التالي‪:‬‬
‫أوال‪ -‬حسب الركن الشرعي‪:‬‬
‫ىناؾ مف يسمييا حسب المصمحة أك طبيعة الحؽ المعتدل عميو‪ ،‬ك تنقسـ الجرائـ تبعا ليذا‬
‫التقسيـ إلى‪:‬‬
‫‪ -I‬الجريمة السياسية‪:‬‬
‫لقد اختمؼ الفقو في تحديد معناىا إلى مذىبيف‪:‬‬
‫أ) المذىب الشخصي‪:‬‬
‫يعتبر الجريمة سياسية كمما كاف الباعث إلييا سياسيا‪ ،‬فيك ييتـ بالدكافع المجرـ‪ ،‬كمف يقتؿ‬
‫منافسو في اإلنتخابات مثبل لينفرد بالحكـ‪.‬‬
‫ب) المذىب المكضكعي‪:‬‬
‫يعتبر المذىب السائد حيث يعتبر الجريمة سياسية إذا مست بمصمحة سياسية لمدكلة‪ ،‬أك بحؽ‬
‫ذك طابع سياسي(‪ ،)1‬فالعبرة فييا بمكضكع الحؽ المعتدل عميو‪ ،‬كجريمة تزكير االنتخابات أك‬
‫اإلساءة إلى العمـ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪- Jacopin Sylvain Droit pénal général Bréal Éditions Paris 2011 p 67.‬‬
‫~‪~15‬‬
‫ك بالرجكع إلى المشرع الجزائرم لـ ينص عمييا صراحة لكنو جرـ بعض األفعاؿ ىي ذات‬
‫طبيعة سياسية كجرائـ أمف الدكلة في نص المادة ‪ 61‬ك ما بعدىا مف قانكف العقكبات‪ ،‬أك الجنايات‬
‫ك الجنح الماسة بالدستكر‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 600‬قانكف اإلجراءات الجزائية عمى عدـ جكاز تطبيؽ‬
‫اإلكراه البدني في قضايا الجرائـ السياسية‪ ،‬ك كذا عدـ جكاز تسميـ المجرميف السياسييف طبقا لممادة‬
‫‪ 2/698‬مف ذات القانكف‪ ،‬ك بالتالي فالمشرع تبنى المذىب المكضكعي‪.‬‬
‫‪ -II‬الجريمة العادية‪:‬‬
‫ك ىي كؿ ما ال يعد جريمة سياسية سكاء كاف الفعؿ ضا ار بالمصمحة العامة أك ضا ار باألفراد‪،‬‬
‫أك الممتمكات‪.‬‬
‫‪ -III‬الجريمة العسكرية‪:‬‬
‫ك يقصد بيا كؿ فعؿ أك امتناع عف فعؿ يخؿ بقكاعد يفرضيا قانكف القضاء العسكرم يقكـ بو‬
‫الشخص الخاضع ليذا القانكف‪ ،‬حيث لو صفة العسكرم(‪ ،)1‬ك تنقسـ بدكرىا إلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬جرائـ عسكرية بحتة‪:‬‬
‫ك ىي الجرائـ المرتكبة مف طرؼ األشخاص الخاضعيف لمقكانيف العسكرية إخبلال بنظاـ الييئة‬
‫المنتميف إلييا دكف سكاىا‪ ،‬كجريمة العصياف أك الفرار مف الجيش‪ ،‬ك ىذا طبقا لمقرار رقـ‪44950 :‬‬
‫الصادر عف الغرفة الجنائية األكلى لممحكمة العميا بتاريخ‪ 26 :‬نكفمبر ‪.)2(1985‬‬
‫ب‪ -‬جرائـ عادية مرتكبة مف العسكرييف‪:‬‬
‫ك ىي الجرائـ المرتكبة مف طرؼ شخص لو صفة العسكرم لكنيا خارج نطاؽ الخدمة ك ليس‬
‫داخؿ المؤسسة العسكرية طبقا لمقرار رقـ‪ 83485 :‬الصادر عف الغرفة الجنائية األكلى لممحكمة‬
‫العميا بتاريخ‪ 08 :‬جانفي ‪.)3(1992‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– األمر رقـ‪ 28-71 :‬المؤرخ في‪ 22 :‬أفريؿ ‪ 1971‬المتضمف قانكف القضاء العسكرم‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪،38 :‬‬
‫المؤرخة في‪ 11 :‬مايك ‪ ،1971‬المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– جيبللي بغدادم‪ ،‬اإلجتياد القضائي في المكاد الجزائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬الديكاف الكطني لؤلشغاؿ‬
‫التربكية‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.77‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬المجمة القضائية العدد الرابع‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1992 ،‬‬
‫~‪~16‬‬
‫ت‪ -‬جرائـ عسكرية مختمطة‪:‬‬
‫ىي الجرائـ المنصكص عمييا في قانكف العقكبات ك قانكف القضاء العسكرم‪ ،‬ك ضابط التمييز‬
‫بينيا ك بيف الجرائـ العادية البحتة مف حيث جسامة العقكبة فيي أقؿ جسامة في ىذه األخيرة‪ ،‬ك ىك‬
‫ما أكد عميو القرار رقـ‪ 36550 :‬الصادر عف الغرفة الجنائية األكلى لممحكمة العميا بتاريخ‪:‬‬
‫‪ 02‬مايك ‪.)1(1984‬‬
‫ك التفرقة بيف ىاتو األنكاع لو أىميتو خاصة مف عدة أكجو‪ ،‬فمف حيث االختصاص ك‬
‫اإلجراءات مثبل‪ ،‬فالجرائـ العسكرية مف اختصاص القضاء العسكرم‪ ،‬أـ الجرائـ العادية مف‬
‫اختصاص القضاء العادم‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬حسب الركن المادي‪:‬‬
‫لمجريمة حسب الركف المادم ستة أنكاع أك أقساـ نظ ار ألىميتو‪ ،‬كفؽ ثبلثة أكجو ك ىي‪:‬‬
‫‪ -I‬الجريمة اإليجابية ك الجريمة السمبية‪:‬‬
‫‪ .1‬الجريمة اإليجابية‪:‬‬
‫ىي الجرائـ التي تقع بفعؿ يقكـ بو المجرـ‪ ،‬ك أغمب الجرائـ ىي إيجابية كالضرب أك القتؿ أك‬
‫النصب أك القذؼ ك غيرىا‪.‬‬
‫‪ .2‬الجريمة السمبية‪:‬‬
‫ىي عكس سابقتيا ك تعني امتناع الشخص عف القياـ بفعؿ مأمكر بو قانكنا‪ ،‬كجريمة امتناع‬
‫الزكج عف دفع النفقة المقررة قضاء‪ ،‬جريمة اإلمتناع عف التبميغ عف جرائـ الفساد‪ ،‬كجريمة عدـ‬
‫تقديـ المساعدة لشخص في حالة خطر‪.‬‬
‫لكن ىل كل امتناع عن فعل ىو جريمة سمبية؟‬
‫طبعا ال‪ ،‬فيناؾ جرائـ السمبية أك اإلمتناع‪ ،‬فيذا األخير ىك مصدر التجريـ ك ال يشترط تحقؽ‬
‫النتيجة‪ ،‬في حيف ىناؾ جرائـ السمكؾ باإلمتناع فبل بد مف تحقؽ النتيجة فييا لقياـ الجريمة‪،‬‬
‫فالطبيب الذم ال يمتنع عف إعطاء الدكاء لمريضو بنية قتمو‪ ،‬فبل يتابع بجناية القتؿ العمد إال إذا‬
‫تحققت الكفاة لكجكد كاجب قانكف يقضي بقيامو بكظيفة التمريض لكنو امتنع عف ذلؾ‪.‬‬
‫إف التفريؽ بينيما ال فائدة منو في نظر البعض لعدـ كجكد أم أثار عممية باستثناء فرؽ نظرم‬
‫كاحد ك المتعمؽ بتصكر البدء في التنفيذ أك الشركع الذم ال يمكف أف يتحقؽ أك يتصكر في الجرائـ‬
‫السمبية ألنيا ال تقع إال كاممة‪ ،‬بخبلؼ الجرائـ اإليجابية التي يتحقؽ فييا ذلؾ(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬المجمة القضائية العدد الثالث‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1989 ،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– كامؿ السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.234‬‬
‫~‪~17‬‬
‫‪ -II‬الجريمة اآلنية ( الكقتية) ك الجريمة المستمرة‪:‬‬
‫‪ .1‬الجريمة اآلنية أك الكقتية‪:‬‬
‫ىي الجرائـ التي ال تتطمب مركر فترة زمنية لتماميا‪ ،‬فيي تبدأ ك تنتيي لحظة كاحدة‪ ،‬ك أغمب‬
‫الجرائـ ىي كقتية كإفشاء السر الميني أك الضرب‪ ،‬النصب مثبل أك التزكير‪ ،‬ك غيرىا‪.‬‬
‫‪ .2‬الجريمة المستمرة‪:‬‬
‫ىي التي تقكـ عمى مركر فترة زمنية معينة‪ ،‬فبل تنتيي إال بانتياء اإلستمرار‪ ،‬كجرائـ اإلختطاؼ‬
‫أك إخفاء األشياء المسركقة‪ ،‬أك اإلعتداء عمى الممكية العقارية‪ ،‬أك جريمة استعماؿ المزكر‪.‬‬
‫ك لكي تعتبر الجريمة مستمرة البد أف يمتد الركف المادم لزمف طكيؿ نسبيا سكاء مف حيث‬
‫السمكؾ اإلجرامي كإدارة محؿ دكف ترخيص أك مف حيث النتيجة دكف الفعؿ كإخفاء األشياء‬
‫المسركقة‪ ،‬فيي يمكف أف تطكؿ بمركر الكقت مف خبلؿ كجكد إرادة ثابتة لدل مرتكبيا(‪.)1‬‬
‫إف اإلستمرار في الجريمة المستمرة قد يككف ثابتا ك ىذا ال يحتاج إلى تداخؿ نشاط متجدد مف‬
‫طرؼ الجاني بؿ تظؿ الحالة محؿ التجريـ مستمرة مف تمقاء نفسيا بحكـ طبيعتيا‪ ،‬ك قد يككف‬
‫اإلستمرار تجديديا ك ىنا تحتاج إلى ىذا التداخؿ عكس األكلى‪.‬‬
‫لذلؾ معيار الزمف ىك نسبي غير متفؽ عميو ككنو متركؾ لمسمطة التقديرية لقضاة المكضكع‬
‫يستخمصكنو مف ظركؼ ك مبلبسات كؿ حالة عمى حدل حسب النص التجريمي المتعمؽ بيا(‪.)2‬‬
‫إف التمييز بيف الجرائـ الكقتية ك المستمرة لو أىميتو مف عدة أكجو أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬مف حيث احتساب التقادـ‪.‬‬
‫‪ -‬مف حيث تحديد اإلختصاص المحمي‪.‬‬
‫‪ -‬ك كذا تطرح مسألة نطاؽ سرياف النص الجزائي مف حيث الزماف ك المكاف‪.‬‬
‫‪ -‬مف حيث تكقيت استعماؿ حؽ الدفاع الشرعي‪.‬‬
‫‪ .3‬الجريمة المتتابعة األفعاؿ‪:‬‬
‫ىي جرائـ التي تنشأ مف أفعاؿ متماثمة ك متتالية تجمع بينيا كحدة الحؽ أك المصمحة المعتدل‬
‫عمييا‪ ،‬ك كحدة القصد الجنائي منيا‪ ،‬كالخادـ الذم يسرؽ ماؿ سيده عمى دفعات‪ ،‬أك ضرب المجني‬
‫عميو عدة مرات ك عدة ضربات مف طرؼ الجاني(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪- Sourzat Claire Droit pénal général et procédure pénal larcier Éditions Bruxelles 2014‬‬
‫‪p 82.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– كامؿ السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.228‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– محمد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫~‪~18‬‬
‫ك عميو فيي تأخذ حكـ الجريمة الفكرية أك الكقتية‪ ،‬إال أنو يمكف تطبيؽ عمييا بعض األحكاـ‬
‫المتعمقة بالجريمة المستمرة رغـ اإلختبلؼ بينيما كاحتساب التقادـ أك تحديد اإلختصاص مثبل‪ ،‬كما‬
‫أنيا تختمؼ عف الجريمة اإلعتيادية ك الجريمة المركبة في عدة جكانب‪.‬‬
‫‪ .4‬الجريمة المركبة‪:‬‬
‫يقصد بيا الجريمة التي يككف ركنيا المادم قائـ عمى عدة أفعاؿ إجرامية مختمفة تدخؿ كعنصر‬
‫فييا كفؽ لنمكذجيا القانكني‪ ،‬كجريمة الخركج مف اإلقميـ بطريقة غير قانكنية‪ ،‬جريمة النصب‪،‬‬
‫جريمة سرقة المنازؿ ك غيرىا مف الجرائـ‪.‬‬
‫‪ -III‬الجرائـ البسيطة ك جرائـ اإلعتياد‪:‬‬
‫‪ -I‬الجرائـ البسيطة‪:‬‬
‫ىي الجرائـ التي ال تتطمب تكرار الفعؿ حتى تقكـ الجريمة‪ ،‬ك أغمب الجرائـ ىي كذلؾ‪ ،‬كجرائـ‬
‫السرقة‪ ،‬القتؿ‪ ،‬الضرب ك الجرح‪ ،‬التزكير‪ ،‬السب ك غيرىا‪.‬‬
‫‪ -II‬جرائـ اإلعتياد‪:‬‬
‫فيي الجرائـ التي تقتضي تكرار الفعؿ أكثر مف مرة ك إال فبل تقكـ الجريمة‪ ،‬ألنيا ال تدؿ عمى‬
‫الخطكرة اإلجرامية‪ ،‬مثؿ جريمة اعتياد التسكؿ‪ ،‬أك إيكاء األشرار مثبل‪ ،‬ك ال يشترط تعدد المجني‬
‫عمييـ‪ ،‬كما ال يشترط أف يككف التكرار في أياـ مختمفة بؿ تتكفر حالة اإلعتياد حتى ك لك حدث‬
‫التكرار في يكـ كاحد‪ ،‬غير أنو يجب أال يفكؽ الزمف بيف الفعؿ ك تك ارره مدة التقادـ‪.‬‬
‫ك المدة بيف الفعؿ ك تك ارره لقياـ الجريمة اإلعتيادية متركؾ لمسمطة التقديرية لقاضي المكضكع‪،‬‬
‫كما أف ارتكاب الفعؿ أكؿ مرة ال يعد شركعا في الجريمة‪.‬‬
‫لكف ىؿ تكرار الفعؿ بالضركرة نككف أماـ جريمة اعتيادية؟‬
‫الجكاب بالنفي طبعا‪ ،‬فيناؾ االعتياد ك العكد ك التعدد‪ ،‬ككؿ لو أحكامو‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعتياد ىك تكرار الفعؿ ك ىذا األخير يدخؿ في الركف الشرعي لمجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬أما العكد ف يك ارتكاب الشخص لجريمة جديدة بعد صدكر الحكـ النيائي عميو عف جريمة‬
‫سابقة(‪ ، )1‬ك ىك ظرؼ مشدد عاـ كأصؿ عاـ ال يتغير معو كصؼ أك نكع الجريمة تطبيقا لنص‬
‫المادة ‪ 28‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫‪ -‬في حيف التعدد ىك ارتكاب الشخص لجريمة جديدة قبؿ صدكر الحكـ النيائي عميو عف جريمة‬
‫سابقة‪ ،‬ك ال ييـ نفس الفعؿ أـ ال‪ ،‬ك ىنا نطبؽ أحكاـ تعدد الجرائـ سكاء التعدد صكريا أـ حقيقيا(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أنظر نص المكاد مف ‪ 54‬مكرر إلى ‪ 59‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر نص المكاد مف ‪ 32‬إلى ‪ 38‬مف ذات القانكف‪.‬‬
‫~‪~19‬‬
‫ك لمتمييز بينيما أىمية كبيرة في عدة مسائؿ نذكر منيا‪:‬‬
‫‪ -‬مف حيث احتساب التقادـ‪.‬‬
‫‪ -‬مف حيث سرياف النص الجزائي مف حيث الزماف ك المكاف‪.‬‬
‫‪ -‬مف حيث اإلختصاص المحمي أك اإلقميمي‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬حسب الركن المعنوي‪:‬‬
‫تنقسـ الجرائـ تبعا لمركف المعنكم إلى نكعيف ىاميف ىما‪:‬‬
‫‪ -I‬الجرائـ العمدية‪:‬‬
‫ىي الجرائـ التي تقكـ عمى القصد الجنائي‪ ،‬فالشخص فييا يريد السمكؾ ك النتيجة معا‪،‬‬
‫ك األصؿ في الجرائـ أنيا عمدية كالكشاية الكاذبة‪ ،‬خيانة األمانة‪ ،‬تبييض األمكاؿ‪ ،‬اليجرة غير‬
‫الشرعية‪ ،‬ك نحك ذلؾ‪ ،‬حيث تككف في الجنايات ك الجنح ك المخالفات‪.‬‬
‫‪ -II‬الجرائـ غير العمدية‪:‬‬
‫ك نعني بيا الجرائـ التي تقع أك ترتكب دكف قصد جنائي أك بخطأ غير المقصكد‪ ،‬فالشخص‬
‫فييا يريد السمكؾ دكف النتيجة‪ ،‬ك ىي استثناء مف القاعدة العامة‪ ،‬ك تتخذ عدة صكر ك اآلتي‬
‫تفصيميا الحقا كجريمة القتؿ الخطأ ك الضرب ك الجرح غير العمدم‪.‬‬
‫ك الجريمة غير العمدية تقع بكجو عاـ في الجنح ك المخالفات دكف الجنايات إال في حاالت‬
‫استثنائية‪.‬‬
‫إف التمييز بيف الجرائـ العمدية ك الجرائـ غير العمدية لو أىميتو مف الناحية المكضكعية‪ ،‬ألنو‬
‫ثمة مسائؿ تنفرد بيا الجرائـ العمدية فقط نذكر مف بينيا‪:‬‬
‫‪ -‬الخطكرة اإلجرامية نجدىا أشد في الجرائـ العمدية ككنيا تقع عف قصد‪.‬‬
‫‪ -‬الشركع في الجريمة يمكف تصكره في الجرائـ العمدية فقط‪.‬‬
‫‪ -‬المساىمة الجنائية تككف في الجرائـ العمدية دكف الجرائـ غير العمدية‪.‬‬
‫‪ -‬الجرائـ العمدية أشد جسامة مف حيث العقكبة مقارنة بالجرائـ غير العمدية‪.‬‬

‫~‪~21‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أثر الظروف عمى القاعدة الجنائية‬
‫نتعرض إلييا مف خبلؿ تحديد مدلكليا‪ ،‬ثـ تأثيرىا عمى النصكص الجنائية‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريفيا و تقسيماتيا‪:‬‬
‫لـ يضع المشرع الجزائرم تعريؼ لمظركؼ‪ ،‬غير أنو الفقو عرفيا بأنيا ‪ ‬كاقعات ثانكية ك ممحقة‬
‫تتصؿ بالفعؿ ك مف شأنيا إذا أضيفت إلى أركانو أف تغير مف كضعو أك مف قكاعد تجريمو أك مف‬
‫طبيعة عقكبتو‪ ،‬بغض النظر عما إذا كاف ذلؾ مف قبيؿ تبرير الجريمة‪ ،‬أك تخفيؼ أك تشديد‬
‫العقكبة‪.)1( ‬‬
‫ك عميو ف الظركؼ ىي أحكاؿ ثانكية أك عرضية قد تسبؽ أك تعاصر أك تمي ارتكاب الجريمة‪،‬‬
‫فيي بذلؾ ال تدخؿ في أركاف الجريمة‪ ،‬كىك ما يميزىا عف األركاف‪ ،‬فالركف يدخؿ في تككيف‬
‫الجريمة ك قياميا‪.‬‬
‫غير أنو قد يككف الظرؼ ممحؽ بجريمة معينة فيؤثر في تككينيا القانكني ك كصفيا فيؿ يعد ىنا‬
‫ظرفا أـ ركنا خاص لمجريمة؟‬
‫لقد اختمؼ الفقو في إيجاد معيار مناسب لمتمييز بيف الظرؼ ك الركف في ىذه الحالة‪ ،‬فاجتيدكا‬
‫مف خبلؿ عدة معايير كاالعتماد عمى األثر القانكني لمظرؼ أك معيار العمـ بالعنصر ك أحيانا‬
‫معيار حماية مصمحة معينة(‪ ، )2‬إال أف البعض يعتبر الظرؼ ركنا خاصا لمجريمة إذا امتد تأثيره إلى‬
‫النمكذج أك الكصؼ القانكني لمجريمة‪ ،‬أما إف اقتصر تأثيره عمى التشديد أك التخفيؼ أك اإلعفاء‬
‫فيبقى ظرفا(‪.)3‬‬
‫لمظ ركؼ عدة أنكاع أك تقسيمات‪ ،‬تختمؼ باختبلؼ تصنيفيا نكردىا عمى النحك التالي‪:‬‬
‫‪ -‬مف حيث مصدرىا كتقسـ إلى الظركؼ القانكنية ك الظركؼ القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬مف حيث طبيعتيا فنجد الظركؼ الشخصية ك الظركؼ العينية أك المكضكعية‪ ،‬فمـ ينص‬
‫المشرع عمى الظركؼ المختمطة أك المزدكجة صراحة‪.‬‬
‫‪ -‬مف حيث مجاؿ تطبيقيا أك نطاقيا فيناؾ الظركؼ العامة ك الظركؼ الخاصة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– جيبللي بغدادم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.364‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– عمي عبد القادر القيكجي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ :‬القسـ العاـ ( نظرية الجريمة)‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬منشكرات الحمبي‬
‫الحقكقية‪ ،‬بيركت‪ ،2008 ،‬ص ‪.54‬‬
‫~‪~21‬‬
‫ثانيا‪ -‬أثرىا عمى القاعدة الجنائية‪:‬‬
‫ذكرنا آنفا أف لمقاعدة الجنائية شقيف‪ ،‬شؽ التكميؼ ك شؽ الجزاء‪ ،‬ك بالرجكع إلى نصكص قانكف‬
‫العقكبات ك القكانيف المكمة لو نص المشرع عمى كؿ األنكاع السالفة الذكر‪ ،‬غير أف تأثيرىا يختمؼ‬
‫مف ظرؼ آلخر نكردىا – باختصار‪ -‬عمى النحك التالي‪:‬‬
‫‪ -I‬الظركؼ المشددة‪:‬‬
‫ك ىي حاالت قانكنية نص عمييا المشرع في نصكص متفرقة‪ ،‬ك تأثيرىا لو كجييف‪:‬‬
‫‪ )1‬ظركؼ مشددة تؤثر عمى شقي القاعدة الجنائية معا‪ ،‬فتزيد مف جسامة الجريمة بتشديد‬
‫الكصؼ ك جسامة العقكبة تبعا لذلؾ‪ ،‬مثؿ السرقة باستعماؿ السبلح‪ ،‬أك الضرب ك الجرح المسبكؽ‬
‫بسبؽ اإلصرار ك الترصد مثبل‪ ،‬أك اإلجياض إذا أدل إلى الكفاة(‪.)1‬‬
‫‪ )2‬ظركؼ مشددة تؤثر عمى العقكبة فقط دكف الكصؼ فتزيد مف جسامتيا دكف تغيير في‬
‫كصؼ الجريمة‪ ،‬كجريمة القتؿ العمدم‪ ،‬جريمة ترؾ األطفاؿ ك تعريضيـ لمخطر‪ ،‬جريمة السرقة‬
‫بالعنؼ مثبل ك غيرىا مف الجرائـ‪.‬‬
‫ك ىذه الظركؼ المشددة قد تككف منفردة أك بأكثر مف ظرؼ‪ ،‬ك إما عامة كالعكد‪ ،‬أك خاصة‬
‫كتمؾ المتعمقة بجناية القتؿ العمد م‪ ،‬ك إما شخصية كجرائـ الفركع ضد األصكؿ‪ ،‬أك مكضكعية‬
‫مرتبطة إما بزماف الجريمة أك مكانيا أك الكسيمة المرتكبة بيا‪.‬‬
‫‪ -II‬الظركؼ المخففة‪:‬‬
‫ك ىي حاالت يختمؼ تخفيفيا حسب النص ك الحالة في حد ذاتيا لجعميا تتبلئـ مع شخصية‬
‫المجرـ ك مادية العمؿ المرتكب‪ ،‬ك التي تنقسـ بدكرىا إلى نكعيف‪:‬‬
‫أ) األعذار المخففة‪:‬‬
‫ىي حاالت محددة عمى سبيؿ الحصر في القانكنية إذا تكفرت تخفؼ العقكبة‪ ،‬فالمشرع ىك الذم‬
‫حددىا‪ ،‬فبل يممؾ فييا القاضي أم سمطة تقديرية إذ يجب الحكـ بيا إذا تكفرت ك تسمى األعذار‬
‫المخففة‪ ،‬عرفيا المشرع في المادة ‪ 52‬قانكف العقكبات‪ ،‬ك كرسيا في العديد مف الجرائـ مثؿ األعذار‬
‫في الجنايات ك الجنح(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 264‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك نص المادة ‪ 265‬مف ذات القانكف؛‬
‫‪ -‬أنظر نص المادة ‪ 350‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك نص المادة ‪ 351‬مف ذات القانكف‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر نص المكاد مف ‪ 277‬إلى غاية ‪ 283‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫~‪~22‬‬
‫ب) الظركؼ المخففة‪:‬‬
‫ىي حاالت تركيا المشرع لمقاضي المختص يستعمؿ سمطتو التقديرية في النطؽ بيا مف عدمو‪،‬‬
‫نظميا المشرع في نص المكاد مف ‪ 53‬إلى ‪ 53‬مكرر‪ 7‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك ىي مطبقة بكثرة في‬
‫حاالت كجكد حديف لمعقكبة إذ يمكف لمقاضي الحكـ بالحد األدنى إذا استشؼ ظرفا مخففا كمف‬
‫يسرؽ إلطعاـ شخص آخر مثبل‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة أف الظركؼ المخففة ال يتغير معيا نكع الجريمة‪ ،‬فتبقى محتفظة بكصفيا‬
‫القانكني إعماال بنص المادة ‪ 28‬قانكف عقكبات ك ىك ما كرسو القضاء الجزائي في القرار‬
‫رقـ‪ 18317 :‬الصادر عف الغرفة الجنائية األكلى لممحكمة العميا بتاريخ‪ 6 :‬فبراير ‪.)1(1979‬‬
‫إضافة إلى ىذا كمو يمكف لمظركؼ أف تؤثر عمى القاعدة الجنائية بأكجو أخرل ك ىي‪:‬‬
‫‪ -‬قد تككف سببا لقياـ الجريمة ك ىنا تصبح ركنا خاصا؛‬
‫‪ -‬قد تككف عذ ار معفيا مف العقاب؛‬
‫‪ -‬ك قد تككف سببا لئلباحة؛‬
‫‪ -‬ك قد نككف مانعا لممسؤكلية الجزائية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫–المجمة القضائية العدد الثاني‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1989 ،‬‬
‫~‪~23‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أركان الجريمة‬
‫نقصد باألركاف العناصر التي تقكـ عمييا الجريمة‪ ،‬ك تخمؼ إحداىا يؤدم إلى انتفائيا‪ ،‬ك سكؼ‬
‫نتطرؽ لؤلركاف العامة الكاجب تكافرىا في كافة أنكاع الجرائـ سكاء المنصكص عمييا في قانكف‬
‫العقكبات أك القكانيف الخاصة‪ ،‬ك نخرج مف دراستنا األركاف الخاصة التي يشترطيا المشرع في‬
‫بعض الجرائـ فقط‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬الركن الشرعي لمجريمة‬
‫يعتبر الركف الشرعي أك القانكني مف أركاف الجريمة رغـ اعتراض بعض الفقو عميو‪ ،‬ك سنتناكلو‬
‫بناء عمى عناصره الثبلث‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬خضوع الفعل لنص التجريم ( مبدأ الشرعية الجنائية)‬
‫مركر بمصادره ك أصمو التاريخي‪.‬‬
‫ا‬ ‫نتناكؿ فيو مدلكلو ك أىميتو كصكال إلى نتائجو‪،‬‬
‫أوال‪ -‬مدلول مبدأ الشرعية و أصمو التاريخي‪:‬‬
‫‪ -I‬مدلكلو‪:‬‬
‫يقصد بمبدأ خضكع الفعؿ لنص التجريـ أك الشرعية الجنائية حصر الجرائـ ك العقكبات في‬
‫القانكف بتحديد األفعاؿ التي تعتبر جرائـ مف حيث أركانيا ك الجزاء المقرر ضدىا‪.‬‬
‫ك منو فالسمطة التشريعية كحدىا ىي المخكلة أصبل في سف النصكص التجريمية بمقتضى‬
‫قانكف مكتكب‪ ،‬فيك يعد فاصبل بيف ما لممشرع ك ما لمقاضي مف اختصاص ك الذم ينبغي احترامو‪،‬‬
‫فمبدأ الشرعية يجب أف يمس الشقيف معا التجريـ ك العقاب ك بينيما الشرعية اإلجرائية‪.‬‬
‫إف لمبدأ الشرعية أىمية بالغة ككنو يمثؿ ضمانة لحقكؽ األفراد حيث يبيف ليـ الحدكد الكاضحة‬
‫لما ىك مشركع ك غير مشركع‪ ،‬فيك يشكؿ الحد الفاصؿ بيف ما ىك مباح ك ما ىك مجرـ‪ ،‬فاألصؿ‬
‫في األشياء اإلباحة إال ما يج ِّرـ بنص‪.‬‬
‫كما يمثؿ أىمية لممصمحة العامة‪ ،‬إذ أف إسناد كظيفة التجريـ ك الجزاء إلى المشرع كحده يعطي‬
‫لقانكف العقكبات مبر ار قانكنيا يجعمو مقبكال لجية امتثاؿ المكاطنيف لنصكصو مما يحقؽ مصمحة‬
‫حقيقية لممجتمع ‪ ،‬حتى أنو يمثؿ ضمانة حتى لممجرميف‪ ،‬إذ يمنع عنيـ احتماؿ تكقيو جزاء أشد مما‬
‫ىك منصكص عميو كقت ارتكاب الفعؿ(‪.)1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– سمير عالية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫~‪~24‬‬
‫إضافة إلى ذلؾ فإف لممبدإ دك ار تربكيا مف خبلؿ السماح لؤلفراد بمعرفة تعميمات قانكف‬
‫العقكبات‪ ،‬حيث يشير بعض الفقياء أف مبدأ الشرعية يسمح باستيعاب القاعدة الجنائية مف قبؿ‬
‫المكاطنيف مما يجسد إدماج المحظكرات اإلجتماعية في أذىاف الجميع(‪.)1‬‬
‫‪ -II‬تأصيمو التاريخي‪:‬‬
‫إف مبدأ الشرعية الجنائية لو جذكر تاريخية قديمة حيث تعد الشريعة اإلسبلمية الغراء السباقة‬
‫إلى تقرير ىذا المبدأ حيث كرد ذكره في القرآف الكريـ في العديد مف المكاضع‪ ،‬كقكلو تعالى‬
‫يميىا ىر يسكال ىي ٍتميك ىعمىٍي ًي ٍـ ىآياتًىنا ىك ىما يكنا يم ٍيمً ًكي ا ٍلقيىرل إًال‬
‫ث ًفي أ ِّ‬ ‫ؾ يم ٍيمً ى‬
‫ؾ ا ٍلقيىرل ىحتى ىي ٍب ىع ى‬ ‫اف ىرُّب ى‬
‫﴿ ىك ىما ىك ى‬
‫كف﴾(‪.)2‬‬ ‫ً‬
‫ىىمييىا ظىال يم ى‬
‫ىكأ ٍ‬
‫لـ يظير مبدأ الشرعية إال في المحظة التي تحددت فييا سمطات الدكلة ك انفصمت كؿ منيا عف‬
‫األخرل إثر تقرير مبدأ الفصؿ بيف السمطات لمحيمكلة دكف تحكـ القضاة(‪.)3‬‬
‫أما التشريعات في الكضعية فترجع جذكره إلى القرف الثالث عشر في العيد األعظـ الذم التزـ‬
‫بو الممؾ اإلنجميزم "جكف" لرعاياه عاـ ‪ 1216‬حيث جاء كرد فعؿ لسمطة القضاة التحكمية في‬
‫التجريـ ك العقاب(‪ ،)4‬ثـ ظير مع النيضة األكركبية في القرف الثامف عشر بظيكر المدارس العقابية‬
‫ك بالخصكص المدرسة التقميدية بزعامة " سيزارم ديبكاريا"‪ ،‬كما ظير ىذا المبدأ في الكاليات‬
‫المتحدة األمريكية في إعبلف حقكؽ اإلنساف لعاـ ‪ ،1774‬ك في قانكف العقكبات النمساكم عاـ‬
‫‪ ، 1787‬ثـ أكدت عميو الثكرة الفرنسية في إعبلف حقكؽ اإلنساف لعاـ ‪.)5(1789‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪- Catherine Ginestet Thierry Garé Droit pénal  procédure pénal Dalloz Éditions Paris‬‬
‫‪2000 p 16.‬‬
‫‪ ،x\ -‬مكية‪ ،‬اآلية ‪.59‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪ -‬أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم ( الشرعية الدستكرية في قانكف العقكبات‪ ،‬الشرعية الدستكرية في قانكف‬ ‫(‪)3‬‬

‫اإلجراءات الجنائية)‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الشركؽ لمنشر ك التكزيع‪ ،‬القاىرة‪ ،2002 ،‬ص ‪.31‬‬
‫– أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ :‬النظرية العامة لمجريمة ك العقكبة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬مطبعة‬ ‫(‪)4‬‬

‫أكتكبر اليندسية‪ ،‬القاىرة‪ ،2015 ،‬ص ‪.55‬‬


‫– منصكر رحماني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.128‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫~‪~25‬‬
‫ك بالرجكع إلى التشريع الجزائرم فإف المشرع حذل حذك التشريعات األخرل ك نص عمى مبدأ‬
‫الشرعية الجنائية ك جعمو مبدأ دستكريا مما يدؿ عمى أىميتو‪ ،‬حيث نص عميو في المادتيف ‪43‬‬
‫«‬
‫ك ‪ 167‬مف دستكر ‪ 30‬ديسمبر ‪ ،)1(2020‬كما نص عميو في المادة األكلى مف قانكف عقكبات‬
‫ال جريمة ك ال عقكبة أك تدابير أمف بغير قانكف» فاعتبر بذلؾ مف المبادئ العامة التي يقكـ عميو‬
‫القانكف الجنائي‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬مصادر مبدأ الشرعية الجنائية و نتائجو‪:‬‬
‫‪ -I‬مصادره‪:‬‬
‫المصدر ىك المرجع المعتمد عميو في كضع النصكص الجنائية التي تختمؼ مف تشريع ألخر‬
‫ك حتى في التشريع الكاحد إذ نجد لو عدة مصادر‪ ،‬ك لقانكف العقكبات ىذه الميزة أيضا‪.‬‬
‫‪ )1‬المصادر المباشرة‪:‬‬
‫أ) القانكف‪:‬‬
‫تعتبر القكانيف الصادرة عف السمطة التشريعية أكلى مصادر قانكف العقكبات‪ ،‬فالتشريع يعد‬
‫المصدر الكحيد لمتجريـ ك الجزاء‪ ،‬ك المقصكد ىنا التشريع العادم ك ىك القانكف الذم يجب أف‬
‫يككف مكتكبا ك صاد ار في الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫قد يككف القانكف المقصكد قانكف العقكبات ك التعديبلت التي طرأت عميو مع تطكر أساليب‬
‫ارتكاب الجريمة‪ ،‬ك بما أنو ال يمكنو استيعاب كؿ األفعاؿ المجرمة ىناؾ قكانيف أخرل تعد مكممة‬
‫لقانكف العقكبات ك مف بينيا‪:‬‬
‫‪ -‬القانكف رقـ‪ 01-06 :‬المؤرخ في‪ 20 :‬فبراير ‪ 2006‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد ك مكافحتو(‪.)2‬‬
‫‪ -‬القانكف ‪ 18-04‬المؤرخ في‪ 25 :‬ديسمبر ‪ 2004‬المتعمؽ بالكقاية مف المخدرات ك المؤثرات‬
‫العقمية ك منع االستعماؿ ك االتجار غير المشركعيف بيا(‪.)3‬‬
‫‪ -‬القانكف رقـ‪ 05-20 :‬المؤرخ في‪ 28 :‬أبريؿ ‪ 2020‬المتعمؽ بالكقاية مف التمييز كخطاب‬
‫الكراىية ك مكافحتيما(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– الصادر بمقتضى المرسكـ الرئاسي رقـ‪ 442-20 :‬المؤرخ في‪ 30 :‬ديسمبر ‪ 2020‬المتضمف التعديؿ الدستكرم‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،82 :‬المؤرخة في‪ 30 :‬ديسمبر ‪.2020‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– الجريدة الرسمية العدد‪ ،14 :‬المؤرخة في‪ 08 :‬مارس ‪ ،2006‬المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،83 :‬المؤرخة في‪ 26 :‬ديسمبر ‪.2004‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬الجريدة الرسمية العدد‪ 25 :‬المؤرخة في‪ 24 :‬أبريؿ ‪.2020‬‬
‫~‪~26‬‬
‫ب) أعماؿ السمطة التنفيذية‪:‬‬
‫تحقيقا لمبدإ المركنة في الفصؿ بيف السمطات‪ ،‬فالسمطة التنفيذية يمكنيا التشريع في مجاؿ‬
‫الجرائـ ك العقكبات عف طريؽ التفكيض التشريعي ك بعدة كسائؿ منيا‪:‬‬
‫‪ -‬األكامر‪:‬‬
‫يمكف لرئيس الجميكرية في حالة شغكر البرلماف أك بيف دكرتيو التشريع بأكامر مثؿ الج ارئـ‬
‫اإلرىابية جاءت باألمر رقـ‪ 11-95 :‬المؤرخ في‪ 2 :‬فبراير ‪ ،1995‬حتى أف بعض تعديبلت قانكف‬
‫العقكبات جاءت بأمر ك آخرىا األمر رقـ‪ 01-20 :‬المؤرخ في‪ 30 :‬يكليك‪ ،)1(2020‬كما أف بعض‬
‫الجرائـ في القكانيف الخاصة جاءت بأكامر كجرائـ الصرؼ‪ ،‬ك جرائـ التيريب ك غيرىما‪.‬‬
‫‪ -‬المراسيـ ك الق اررات اإلدارية التنظيمية‪:‬‬
‫حيث يمكف التجريـ في مجاؿ المخالفات فقط سكاء بمرسكـ رئاسي أك قرار تنظيمي ك الذم‬
‫يككف محصكر ىك اآلخر في المخالفات فقط‪ ،‬مع العمـ أف عدـ االمتثاؿ ليا يشكؿ جريمة طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 459‬قانكف عقكبات(‪.)2‬‬
‫‪ )2‬المصادر غير المباشرة‪:‬‬
‫رغـ أف ىناؾ مف يعتبر أف القانكف ك المكائح ىما المصدراف الكحيديف لمقانكف الجنائي(‪ ،)3‬إال أنو‬
‫تكجد مصادر أخرل ثانكية يمكف لممشرع اإلستعانة بيا في كضعو لمنصكص الجنائية ك مف أىميا‪:‬‬
‫أ) المعاىدات ك اإلتفاقيات الدكلية‪:‬‬
‫أماـ التطكر التكنكلكجي ك ظيكر أنماط جديدة لمجريمة فأصبحنا أماـ جرائـ مستحدثة ك‬
‫مستجدة‪ ،‬فأصبح التعاكف الدكلي ضركرة ال مفر منيا في مكافحة الجرائـ األكثر خطكرة‪ ،‬فأبرمت‬
‫العديد مف اإلتفاقيات الثنائية ك الجماعية لذات الغرض‪.‬‬
‫ك المشرع الجزائرم مف التشريعات التي كرست ىذا التكجو خاصة ك أف المعاىدات التي يصادؽ‬
‫عمييا رئيس الجميكرية تسمكا عمى القانكف(‪ ،)4‬ك مف بيف المعاىدات التي تأثر بيا المشرع الجنائي‬
‫بعد المصادقة عمييا نجد‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– الجريدة الرسمية العدد‪ ،44 :‬المؤرخة في‪ 30 :‬يكليك ‪.2020‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬المعدلة بمقتضى القانكف رقـ‪ 06-20 :‬المؤرخ في‪ 28 :‬أفريؿ ‪ 2020‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف العقكبات‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية العدد‪ ،25 :‬المؤرخة في‪ 29 :‬أفريؿ ‪.2020‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– لحسيف بف شيخ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫(‪)4‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 150‬مف دستكر ‪.2016‬‬
‫~‪~27‬‬
‫‪ -‬إتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة اإلتجار غير المشركع بالمخدرات ك المؤثرات العقمية المكافؽ‬
‫عمييا بتاريخ‪ 20 :‬ديسمبر ‪)1(1988‬؛‬
‫‪ -‬إتفاقية األمـ المتحدة لمكا فحة الجريمة المنظمة عبر الكطنية المعتمدة بتاريخ‪ 15 :‬نكفمبر‬
‫‪)2(2000‬؛‬
‫‪ -‬إتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد المعتمدة بتاريخ‪ 31 :‬أكتكبر‪.)3(2003‬‬
‫ب) العرؼ‪:‬‬
‫يعتبر العرؼ عادة‪ ،‬متكررة‪ ،‬قديمة‪ ،‬غير مكتكبة ك ممزمة‪ ،‬فيك ال يرقى إلى إنشاء قكاعد لمتجريـ‬
‫جديدة ك العقاب عميو‪ ،‬أك إلغاء قكاعد مكجكدة‪ ،‬إال أف ثمة أفعاؿ أقر العرؼ عدـ تجريميا كمف‬
‫يمبس مبلبس اإلستحماـ عمى الشاطئ مثبل‪ ،‬كما يمجأ إلى العرؼ في تحديد بعض معاني األلفاظ‬
‫المكجكدة في النصكص الجنائية ككنيا مرنة تتغير بتغير الزماف ك المكاف مع محافظة كؿ دكلة في‬
‫ذلؾ عمى خصكصية عادات ك تقاليد المجتمع‪.‬‬
‫ت) الشريعة اإلسبلمية ك القانكف الدكلي‪:‬‬
‫يعتمد عمييما المشرع الجنائي في تحديد مدلكؿ بعض المصطمحات ك المعاني‪ ،‬كمصطمح‬
‫اإلقميـ‪ ،‬أك مسالة الحصانة الدبمكماسية بالنسبة لمقانكف الدكلي‪ ،‬ك تحديد معاني اآلداب العامة أك‬
‫انتياؾ العرض‪ ،‬كما يقكـ المشرع بتجريـ بعض األفعاؿ بناء عمى المرجعية الدينية بدليؿ اختبلؼ‬
‫النصكص بيف الدكؿ في بعض الجرائـ كالزنا أك الشذكذ ك نفس األمر بالنسبة لبعض العقكبات(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬صادقت عمييا الجزائر بتحفظ بمكجب المرسكـ الرئاسي رقـ‪ ،41-95 :‬المؤرخ في‪ 28 :‬يناير ‪ ،1995‬الجريدة‬
‫الرسمية العدد‪ ،07 :‬المؤرخة في‪ 15 :‬فبراير ‪.1995‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬صادقت عمييا الجزائر بتحفظ بمكجب المرسكـ الرئاسي رقـ‪ ،55-02 :‬المؤرخ في‪ 05 :‬فبراير ‪ ،2002‬الجريدة‬
‫الرسمية العدد‪ ،09 :‬المؤرخة في‪ 10 :‬فبراير ‪.2002‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬صادقت عمييا الجزائر بتحفظ بمكجب المرسكـ الرئاسي رقـ‪ ،128-04 :‬المؤرخ في‪ 19 :‬أبريؿ ‪ ،2004‬الجريدة‬
‫الرسمية العدد‪ ،26 :‬المؤرخة في‪ 25 :‬أبريؿ ‪.2004‬‬
‫(‪)4‬‬
‫– منصكر رحماني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫~‪~28‬‬
‫‪ -II‬نتائج مبدأ الشرعية الجنائية‪:‬‬
‫إف مبدأ الشرعية الجنائية يخمؽ جممة مف النتائج ىي عبارة عف إلتزامات تقع عمى عاتؽ المشرع‬
‫ك القاضي الجنائي عمى حد سكاء‪.‬‬
‫‪ .1‬إلتزامات المشرع الجنائي‪:‬‬
‫إف لممشرع كاجب أساسي يتمثؿ في ضركرة تحرم الدقة ك الكضكح في كضعو لمنصكص‬
‫الجنائية‪ ،‬حيث يجب عميو أف يحدد أركاف الجريمة بكضكح‪ ،‬ك الج ازء الجنائي المقرر ضدىا بدقة ك‬
‫اإلبتعاد عف المصطمحات ك المفردات الغامضة التي تحتمؿ عدة تفسيرات‪ ،‬فكؿ غمكض في‬
‫النصكص الجنائية مف شأنو أف يؤدم إلى التحكـ القضائي الخطر ككنو يؤدم بدكره إلى إنفبلت‬
‫النصكص مف ضكابطيا ك تعدد تأكيبلتيا(‪.)1‬‬
‫‪ .2‬إلتزامات القاضي الجزائي‪:‬‬
‫‪ -1.2‬التفسير الكاشؼ ك الضيؽ لمنص‪:‬‬
‫يقصد بالتفسير البحث عف المعنى ك الكقكؼ عمى حقيقة إرادة المشرع مف خبلؿ ألفاظ النص‬
‫المراد تفسيره عمى نحك يجعمو صالحا لمتطبيؽ عمى الكقائع المادية المراد تطبيقو عمييا(‪.)2‬‬
‫ك عميو فتفسير القاضي لمنص كاشؼ ك ليس منشئ لنص جديد‪ ،‬حيث يبحث القاضي مف‬
‫خبلؿ التفسير عف إرادة المشرع الحقيقية مف كضع النص ك المعنى الذم يقصده‪ ،‬فإذا كجد القاضي‬
‫كضكحا في النص فعميو تطبيقو كفقا لقاعدة ‪ ‬ال اجتياد مع صراحة النص‪ ،‬أما إذا كجده غامضا‬
‫فيفسره في إطار ضيؽ مستعينا باألعماؿ التمييدية لمبرلماف مف خبلؿ تقرير المجنة المختصة ك‬
‫المناقشة التي دارت في البرلماف ك إف بقي غامضا يفسره عمى أساس اإلباحة ال التجريـ ألنو‬
‫األصؿ(‪.)3‬‬
‫‪ -2.2‬حضر القياس‪:‬‬
‫القياس ىك إلحاؽ كاقعة غير مجرمة بكاقعة مجرمة التحادىما في عمة التجريـ‪ ،‬ك نتيجة لمتفسير‬
‫الضيؽ يمنع عمى القاضي القياس‪ ،‬ألف ذلؾ يؤدم إلى خمؽ جرائـ جديدة‪ ،‬كما أف المشرع يمكنو‬
‫متابعة التجريـ عف طريؽ تعديمو لقانكف العقكبات‪ ،‬فالقياس محضكر في التجريـ ك العقاب دكف‬
‫اإلباحة أك مكانع المسؤكلية الجزائية أك مكانع العقاب ككنيا ال تتعارض مع المبدأ في حد ذاتو ك ال‬
‫تشكؿ انتياكا لمحقكؽ ك الحريات الفردية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أحمد فتحي سركر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– كامؿ السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أحسف بكسقيعة‪ ،‬الكجيز في القانكف الجزائي العاـ‪ ،‬الطبعة الثامنة عشر‪ ،‬دار ىكمة لمنشر ك التكزيع‪ ،‬الجزائر‪،2018 ،‬‬
‫ص ‪.82‬‬
‫~‪~29‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سريان النص الجزائي من حيث الزمان و المكان‬
‫حتى يكتمؿ الركف الشرعي لمجريمة البد أف يككف النص الجزائي صالح لمتطبيؽ عمى الفعؿ‬
‫زمانا ك مكانا‪ ،‬فيما مف أىـ عناصره أيضا‪.‬‬
‫أوال‪ -‬سريان النص الجزائي من حيث الزمان‪:‬‬
‫إف النصكص الجنائية تمتاز بالحركية ك المركنة‪ ،‬فيي تخضع لمتعديؿ كمما دعت الحاجة إلى‬
‫ذلؾ سكاء في قانكف العقكبات أك القكانيف الخاصة المكممة لو باإلضافة أك اإللغاء رغبة مف المشرع‬
‫في مكافحة الجريمة‪ ،‬فالنص قد يككف فعاال في كقت دكف آخر تماشيا مع تطكر المجتمع‪.‬‬
‫‪ -I‬قاعدة عدـ رجعية النص الجزائي ( المبدأ)‪:‬‬
‫تعني أف النص الجزائي ال يطبؽ عمى الكقائع التي سبقت كجكده‪ ،‬فالنص التجريمي الصادر‬
‫يطبؽ بأثر فكرم ك مباشر عمى الكقائع البلحقة لصدكره‪ ،‬فإذا كاف الفعؿ سابؽ فإصدار النص‬
‫الجديد فإنو يخضع لمقانكف القديـ حتى ك لك لـ يفصؿ في لقضية ألف العبرة في تحديد القانكف‬
‫الكاجب التطبيؽ ىك الكقت المرتكب فيو الفعؿ المجرـ ال بالكقت الذم يحاكـ فيو الفاعؿ‪.‬‬
‫نص المشرع عمى ىذا المبدأ في المادة ‪ 02‬قانكف عقكبات بعبارة « ال يسرم قانكف العقكبات‬
‫عمى الماضي ‪.»...‬‬
‫إف تحديد الزماف يككف بيف لحظة نفاذ النص ك تاريخ إلغائو‪ ،‬فبل يطبؽ عمى كقائع سابقة ك ال‬
‫عمى كقائع الحقة إللغائو ك ىذا حماية لمحريات الفردية‪ ،‬فبل يتابع الشخص عمى فعؿ كاف مباح‬
‫كقت ارتكابو أك الحكـ عميو بعقكبة أشد مف التي كانت مقررة في ذلؾ الكقت‪.‬‬
‫ك يقتضي تطبيؽ ىذا المبدأ تحديد كقت أك لحظة ارتكاب الجريمة ك الذم يتجمى بكقت ارتكاب‬
‫الفعؿ ك ليس تحقؽ النتيجة‪ ،‬فإذا بقي التاريخ مجيكال فنطبؽ قاعدة الشؾ يفسر لمصمحة المتيـ‬
‫فيعتبر الفعؿ مرتكبا قبؿ صدكر القانكف إذا كاف أسكء لو ك العكس صحيح(‪.)1‬‬
‫‪ -II‬رجعية النص الجزائي األصمح لممتيـ ( اإلستثناء)‬
‫نصت عميو المادة ‪ 02‬بعبارة « إال ما كاف منو أقؿ شدة »‪ ،‬غير أنو لتطبيؽ ىذا اإلستثناء ال بد‬
‫مف تكفر شركط معينة ك ىي‪:‬‬
‫‪ .1‬أف يككف القانكف أصمح لممتيـ‪:‬‬
‫يككف القانكف كذلؾ إذا أنشأ لممتيـ مرك از قانكنيا أك كضعا أفضؿ‪ ،‬فيمكف أف يككف القانكف القديـ‬
‫الذم كاف أك الجديد الذم جاء‪ ،‬فإف عرضت عمى القاضي قضية فيؿ يحكـ بقانكف كقت ارتكاب‬
‫الجريمة‪ ،‬أـ بالقانكف الجديد الذم صدر قبؿ الحكـ في القضية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– منصكر رحماني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫~‪~31‬‬
‫بالرجكع إلى قانكف العقكبات لـ يضع المشرع معايير لتحديد القانكف األصمح لممتيـ‪ ،‬غير أف‬
‫الفقو ك القضاء اعتمد عمى ضابطيف اثنيف انطبلقا مف تككيف القاعدة الجنائية لشقيف التكميؼ ك‬
‫الجزاء‪ ،‬عمى أساس أف القاضي ممزـ بالمكازنة ك المفاضمة بينيما‪.‬‬
‫أ‪ -‬مف حيث التكميؼ أك التجريـ‪:‬‬
‫‪ -‬كأف يصدر قانكف جديد ينزؿ الكصؼ مف جناية إلى جنحة‪ ،‬فيك المطبؽ في ىذه الحالة‪.‬‬
‫‪ -‬قد يصدر قانكنا جديدا ك يضيؼ ركنا أك شرطا لمركف لـ يكف مكجكدا في القانكف القديـ‬
‫فيككف ىك األصمح لممتيـ ك العكس صحيح‪.‬‬
‫ب‪ -‬مف حيث الجزاء‪:‬‬
‫‪ -‬كأف يقرر القانكف الجديد عقكبة كاحدة‪ ،‬فيككف أصمح لو مف القديـ الذم كاف يقرر عقكبتيف‪.‬‬
‫‪ -‬قد يقرر القانكف الجديد عقكبة تكميمية مع األصمية‪ ،‬فيككف القانكف القديـ ىك األصمح لممتيـ‬
‫ك العكس‪.‬‬
‫‪ -‬إذا زاد القانكف الجديد في مبمغ الغرامة ك خفض في مدة الحبس فإنو يطبؽ ألف الحبس ىك‬
‫األساس‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كاف أحد القانكنيف أصمح لممتيـ في أحد الحديف فالعبرة بالحد األقصى‪ ،‬ك ىذا طبقا‬
‫لمقرار رقـ‪ 397 :‬الصادر عف الغرفة الجنائية الثانية بالمجمس األعمى ( المحكمة العميا حاليا)‬
‫بتاريخ‪ 24 :‬ديسمبر ‪.)1(1981‬‬
‫غير أ ف بعض الفقياء مف يقكؿ نحدد القانكف األصمح لممتيـ عمى ضكء الجريمة ك شخصية‬
‫المتيـ ك مدل إستحقاقو كفقا لكقائع الدعكل لمحد األدنى أك األقصى لمعقكبة(‪.)2‬‬
‫‪ .2‬أال يككف قد صدر حكـ نيائي ك بات في القضية‪:‬‬
‫مازلت في أركقة المحاكـ‪ ،‬ك إف صدر الحكـ ينبغي أال يككف قد استنفذ‬
‫ك يعني ذلؾ أف القضية ا‬
‫طرؽ الطعف العادية ك غير العادية‪ ،‬ك ىذا حفاظا عمى استقرار األحكاـ القضائية‪ ،‬فبل يمكف النظر‬
‫في قضية مف جديد بعد صدكر حكـ حائز لقكة الشيء المقضي فيو حتى ك لك كاف القانكف أصمح‬
‫لممتيـ‪ ،‬ك لـ ينص المشرع صراحة عمى ىذا الشرط ك ىذا عيب في التشريع بخبلؼ بعض‬
‫التشريعات األخرل‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أحسف بكسقيعة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ 95‬؛ منصكر رحماني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أحمد فتحي سركر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.120‬‬
‫~‪~31‬‬
‫ك تجدر اإلشارة أف رجعية النص الجزائي ال تسرم عمى تدابير األمف ألف ىدفيا كقائي تكاجو‬
‫حالة الخطكرة‪ ،‬كما أنيا ال تسرم عمى قانكف اإلجراءات الجزائية ألنو قانكف شكمي أك إجرائي ك ليس‬
‫مكضكعي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :-‬سريان النص الجزائي من حيث المكان‪:‬‬
‫يقصد بو الحيز الجغرافي الذم يطبؽ فيو القانكف ك المعركؼ بمبدإ اإلقميمية‪ ،‬ك حماية لمدكلة‬
‫داخميا ك خارجيا نص المشرع عمى مبادئ أخرل مساعدة ككسيمة لمبلحقة المجرميف خارج إقميـ‬
‫الدكلة‪.‬‬
‫‪ -I‬مبدأ إقميمية النص الجزائي‪:‬‬
‫ك نعني بو أف القانكف الجنائي يطبؽ عمى كافة الجرائـ المرتكبة داخؿ اإلقميـ الخاضع لسيادة‬
‫الدكلة ككنو أحد مظاىرىا‪ ،‬فالعبرة بمكاف كقكع الجريمة داخؿ إقميـ الدكلة بغض النظر عف جنسية‬
‫مرتكبيا أك جنسية المجني عميو‪.‬‬
‫نصت عميو المادة ‪ 1/03‬قانكف عقكبات « يطبؽ قانكف العقكبات عمى كافة الجرائـ التي ترتكب‬
‫في أراضي الجميكرية » ‪ ،‬ك األجدر بالمشرع أف يستعمؿ مصطمح اإلقميـ لشمكليتو ك حتى يحدث‬
‫نكعا مف التناسؽ بيف النصكص القانكنية ذات الصمة‪.‬‬
‫إف أىمية مبدأ اإلقميمية تظير في عدة أكجو ك عمى رأسيا تحقيؽ العدالة ككف تطبيؽ اإلجراءات‬
‫الجزائية في مكاف كقكع الجريمة يسيؿ البحث عف األدلة ك تقديرىا‪ ،‬كما يحقؽ الردع العاـ ككف‬
‫األشخاص يمكنيـ معرفة تفاصيؿ الجريمة ك العقكبة المقررة ليا‪.‬‬
‫يقصد باإلقميـ بقعة مف الكرة األرضية لو ممحقات أك تكابع في المجاؿ الجكم ك البحرم في‬
‫الدكؿ المطمة عمى البحار‪ ،‬حيث تككف إقامة الدكلة عميو شرعيا غير متنازع عميو(‪.)1‬‬
‫ك منو فمقكمات اإلقميـ ىي‪:‬‬
‫أ‪ -‬اإلقميـ البرم المتمثؿ في المجاؿ الترابي أك األرضي لمدكلة‪ ،‬حيث تحدده الخريطة السياسية‬
‫كفقا لقكاعد القانكف الدكلي‪ ،‬إذ يبمغ ‪ 2.381.741‬كمـ مربع‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬محمد بكسمطاف‪ ،‬مبادئ القانكف الدكلي العاـ‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1994 ،‬ص ‪.102‬‬
‫~‪~32‬‬
‫ب‪ -‬اإلقميـ البحرم ك ىك خط المياه البحرية المبلصقة لميابسة التي تمارس عمييا الدكلة الساحمية‬
‫سيادتيا‪ ،‬كما يقصد بو البحر اإلقميمي أك المياه اإلقميمية الممتدة مف الشاطئ نحك أعالي البحار(‪.)1‬‬
‫كما يدخؿ ضمف المياه اإلقميمية المنطقة المصيقة أك المتاخمة ك المنطقة االقتصادية الخالصة‪،‬‬
‫أما قاع ك أعالي البحار فيي ال تخضع لسيادة الدكلة‪.‬‬
‫ت‪ -‬اإلقميـ الجكم ك ىك المجاؿ الذم يعمك البر ك البحر‪ ،‬أما األجساـ السماكية ك الفضاء‬
‫الخارجي بكجو عاـ ال يخضع لسيادة الدكلة طبقا لنص المادة الثانية مف معاىدة الفضاء الخارجي‬
‫لعاـ ‪ ، 1967‬ك ىذا النكع يعرؼ فكضى في استعمالو أيف تبسط الدكؿ الكبرل ىيمنتيا عميو عمى‬
‫حساب الدكؿ الضعي فة خاصة في مجاؿ األقمار الصناعية‪ ،‬ك يقصد بو مف الناجية القانكنية‬
‫األجكاء التي تعمك الفضاء الجكم لمدكؿ أك مجمكع النشاطات الخاضعة لنظاـ قانكف الفضاء الذم‬
‫تعكد بكادر ظيكره لفترة الستينات مف القرف الماضي(‪.)2‬‬
‫الحكمي أك العرضي لمدكلة الذم يشمؿ األراضي‬ ‫إضافة إلى ذلؾ ىناؾ ما يسمى باإلقميـ ي‬
‫األجنبية المحتمة مف طرؼ جيش دكلة أخرل بالنسبة لمجرائـ المرتكبة ضد سبلمة الجيش المحتؿ ك‬
‫ضد مصالحو‪ ،‬كما يشمؿ السفف ك المركبات اليكائية التي تحمؿ جنسية الدكلة‪ ،‬إضافة إلى‬
‫السفارات ك القنصميات ك المفكضيات‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة إلى ضركرة تحديد مكاف كقكع الجريمة لتبسط الدكلة سيادتيا عمى اإلقميـ الذم‬
‫يتحدد بمكاف تحقؽ الركف المادم ك ال تثار أية صعكبة إذا كقع بأكممو في الجزائر‪ ،‬إال أنو قد‬
‫يرتكب الفعؿ في إقميـ ك تحصؿ النتيجة في إقميـ آخر فينا الجريمة كقعت في اإلقميميف معا‪ ،‬ك في‬
‫ىذه الحالة يجكز محا كمة الشخص في إحدل اإلقميميف ككف الركف المادم كقع فييما معا ك ىذا ما‬
‫نصت عميو المادة ‪ 586‬قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫غير أنو إذا كاف اشتراؾ في الجريمة فيشترط أف يككف الفعؿ معاقب عميو في الجزائر ك اإلقميـ‬
‫الذم ارتكبت فيو‪ ،‬كما ينبغي أف تككف الجريمة جناية أك جنحة ثبت ارتكابيا بقرار نيائي مف الجية‬
‫األجنبية طبقا لنص المادة ‪ 585‬قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫المطكؿ في القانكف الدكلي لمحدكد‪ ،‬الجزء األكؿ‪ :‬عالمية القانكف الدكلي لمحدكد‪ ،‬ديكاف المطبكعات‬
‫ٌ‬ ‫(‪ - )1‬عمر سعد ا﵀‪،‬‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪.201‬‬
‫‪ -‬لقد حددت المادة الثالثة مف إتفاقية مانتيقكبام (جامايكا) لقانكف البحار المبرمة في‪ 10 :‬جكاف ‪ 1982‬الم ً‬
‫عدلة لبلتفاقية‬ ‫ي‬
‫جنيؼ لعاـ ‪ 1958‬مسافة البحر اإلقميمي بػ‪ 12‬ميؿ بحرم‪ ،‬ك ىك مار سار عميو المشرع الجزائرم طبقا لممادة األكلى مف‬
‫المرسكـ الرئاسي رقـ‪ 403-63 :‬المؤرخ في‪ 10 :‬أكتكبر ‪ 1963‬المقدرة بحكالي ‪ 22.300‬متر‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬عمر سعد ا﵀‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.316‬‬
‫~‪~33‬‬
‫الجرائم الواقعة عمى ظير السفن و عمى متن الطائرات‬
‫تعتبر السفف ك الطائرات إمتداد إلقميـ الدكلة‪ ،‬ك تخضع لقانكف ذلؾ اإلقميـ‪ ،‬إال أف تطبيؽ‬
‫القانكف تتخممو بعض األحكاـ تتعمؽ بمكاف الجريمة ك طبيعة السفينة أك الطائرة‪.‬‬
‫أ‪ -‬بالنسبة لمجرائـ الكاقعة عمى ظير السفف‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 590‬قانكف اإلجراءات الجزائية عمى اختصاص المحاكـ الجزائرية في الحاالت‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كانت الجريمة جناية أك جنحة؛‬
‫‪ -‬إذا كانت السفينة تحمؿ الراية الجزائرية سكاء كاف الشخص جزائرم أـ أجنبي؛‬
‫‪ -‬إذا كانت السفينة تحمؿ الراية األجنبية أجنبية ك كانت في المياه اإلقميمية لمدكلة؛‬
‫ىذا كمو شريطة أف تككف السفينة في أعالي البحار‪ ،‬ك أال تككف حربية ككنيا تخضع لقانكف‬
‫الدكلة التي تنتمي إلييا‪.‬‬
‫ب‪ -‬بالنسبة لمجرائـ الكاقعة عمى متف الطائرات‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 591‬قانكف اإلجراءات الجزائية عمى اختصاص المحاكـ الجزائرية في الحاالت‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كانت الجريمة جناية أك جنحة؛‬
‫‪ -‬حالة كقكع الجريمة عمى متف طائرة تحمؿ الراية الجزائرية ميما كانت جنسية مرتكبيا؛‬
‫‪ -‬حالة كقكع الجريمة عمى متف طائرة تحمؿ الراية األجنبية ك أحد طرفييا جزائرم؛‬
‫‪ -‬حالة كقكع الجريمة عمى متف طائرة تحمؿ الراية األجنبية ك ىبطت بالجزائر‪ ،‬ك ىنا قد تطرح‬
‫مسألة تنازع اإلختصاص‪.‬‬
‫كما تستثنى الطائرات الحربية ككنيا ىي األخرل امتداد لسيادة الدكلة‪.‬‬
‫اإلستثناءات الواردة عمى مبدإ اإلقميمية‪:‬‬
‫إذا كاف األصؿ أف كؿ الجرائـ التي تقع في إقميـ الدكلة تطبؽ قانكنيا الداخمي بدكف تمييز بيف‬
‫األشخاص‪ ،‬إال أف ىناؾ فئة منيـ يستثنييـ المبدأ نظ ار لطبيعة كظائفيـ‪ ،‬كما أف متابعتيـ تخضع‬
‫إلجراءات خاصة‪ ،‬كؿ ىذا أقره القانكف الداخمي ك حتى الدكلي ك ىؤالء األشخاص ىـ‪:‬‬
‫‪ -‬رئيس الدكلة؛‬
‫‪ -‬نكاب البرلماف ك أعضاء مجمس األمة‪ ،‬ك حصانتيـ ليست مطمقة؛‬
‫‪ -‬رؤساء الدكؿ األجنبية لتمتعيـ بالحصانة الدبمكماسية؛‬

‫~‪~34‬‬
‫‪ -‬رجاؿ السمؾ الدبمكماسي كالسفراء ك القناصمة ك مكظفي المنظمات الدكلية‪ ،‬ك حتى الكزراء إذا‬
‫كانكا في مياـ خارج دكليـ؛‬
‫‪ -‬رجاؿ القكات العسكرية األجنبية إذا تكاجدكا بإقميـ الدكلة بناء عمى معاىدة ك حصانتيـ مرتبطة‬
‫بحدكد اإلقميـ الذم يقيمكف فيو‪.‬‬
‫‪ -II‬تطبيؽ النص الجزائي خارج إقميـ الدكلة ( المساعدة)‪:‬‬
‫قد ترتكب جريمة في الخارج مف طرؼ كطني أك أجنبي لكنيا تضر بمصمحة دكلة أخرل‪،‬‬
‫فنصت ‪ 2/03‬قانكف عقكبات عمى امتداده إلى الخارج‪ ،‬لذا كاف البد مف تقرير آليات نبلحؽ بيا‬
‫الفاعؿ في الخارج فتقررت مبادئ مساعدة لمبدإ اإلقميمية‪.‬‬
‫‪ -10‬مبدأ الشخصية‪:‬‬
‫نظمو المشرع بمقتضى نص المادة ‪ 582‬قانكف إجراءات جزائية ك يعني تطبيؽ القانكف الجزائرم‬
‫عمى الجرائـ المرتكبة في الخارج إذا تكفرت الشركط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أف تككف الجريمة جناية أك جنحة؛‬
‫‪ -‬أف ترتكب الجريمة في الخارج؛‬
‫‪ -‬أف يككف مرتكب الجريمة جزائرم الجنسية‪ ،‬ك العبرة بكقت ارتكاب الفعؿ المجرـ‪ ،‬إال أف‬
‫المشرع نص عمى إ مكانية تطبيؽ القانكف الجزائرم حتى ك لك اكتسب الجنسية الجزائرية بعد ارتكاب‬
‫الجريمة طبقا لنص المادة ‪ 584‬مف نفس القانكف حتى ال يفمت مف المتابعة‪.‬‬
‫‪ -‬أف يعكد الجزائرم إلى أرض الكطف‪ ،‬ك ال أىمية طريقة أك سبب العكدة؛‬
‫‪ -‬أال يككف قد يح ِّكـ عميو نيائيا أك قضى العقكبة أك سقطت بالتقادـ أك العفك‪ ،‬فبل يتابع الشخص‬
‫مرتيف عف فعؿ كاحد‪.‬‬
‫ك إذا كانت الجريمة جنحة فإنو يشترط كذلؾ أف تككف معاقب عمييا في كبل القانكنيف‪ ،‬ك إذا‬
‫تعمقت بالجنح ضد األفراد فبلبد مف شككل مف المجني عميو أك بببلغ مف السمطات المختصة لمدكلة‬
‫التي كقعت فييا الجنحة إلى النيابة العامة في الجزائر طبقا لنص المادة ‪.3/1/583‬‬
‫ك المبلحظ عمى المشرع أنو نص عمى الشخصية اإليجابية لما يككف الفاعؿ جزائرم الذم‬
‫يرتكب الجريمة في الخارج‪ ،‬ك لـ ينص عمى الحالة العكسية التي يككف فييا المجني عميو جزائريا‬
‫في نص المادة ‪.582‬‬

‫~‪~35‬‬
‫إال أنو تدارؾ ذلؾ بتعديمو لممادة ‪ 588‬في األمر رقـ‪ 02-15 :‬المؤرخ في‪ 23 :‬يكليك ‪2015‬‬
‫(‪)1‬‬
‫لما أضاؼ عبارة « أك أم جناية أك جنحة ترتكب‬ ‫المعدؿ ك المتمـ لقانكف اإلجراءات الجزائية‬
‫إضرار بمكاطف جزائرم» دكف تحديد شركط ذلؾ‪.‬‬
‫كما نص صراحة عمى تطبيؽ القانكف الجزائرم بالنسبة لمجرائـ المتعمقة بالتمييز إذا ارتكبت في‬
‫الخارج ك كاف الضحية جزائرم أك حتى أجنبي مقيـ بالجزائر‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 21‬مف القانكف‬
‫رقـ‪ 05-20 :‬المؤرخ في‪ 28 :‬أبريؿ ‪ 2020‬المتعمؽ بالكقاية مف التمييز ك خطاب الكراىية‬
‫ك مكافحتيما‪.‬‬
‫‪ -10‬مبدأ العينية‪:‬‬
‫نصت عميو المادة ‪ 588‬قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬فيطبؽ القانكف الجزائرم إذا تكفرت الشركط‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أف تككف الجريمة جناية أك جنحة؛‬
‫‪ -‬أف ترتكب الجريمة في الخارج؛‬
‫‪ -‬أف يككف مرتكب الجريمة أجنبي الجنسية سكاء بكصفة فاعبل أصميا أك شريكا (‪)2‬؛‬
‫‪ -‬أف تككف الجريمة مف الجرائـ الماسة بأمف ك أمكاؿ الدكلة‪ ،‬أك ضد المحبلت الدبمكماسية ك‬
‫القنصمية الجزائرية‪ ،‬أك تزكير ك تزييؼ لمنقكد ك األكراؽ المصرفية المتداكلة قانكنا‪.‬‬
‫‪ -‬أف يقبض عميو في الجزائر أك تـ تسميمو مف طرؼ الدكلة في إطار تسميـ المجرميف؛‬
‫‪ -‬أال يككف قد يح ِّكـ عميو نيائيا أك قضى العقكبة أك سقطت بالتقادـ أك العفك‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة أف كؿ مف الشخصية ك العينية ليست كجكبية الستعماؿ المشرع مصطمح‬
‫يجكز» مما يدؿ عمى الصيغة اإلختيارية لتطبيؽ النص ألف األصؿ مبدأ اإلقميمية‪.‬‬ ‫«‬

‫(‪)1‬‬
‫– الجريدة الرسمية العدد‪ ،40 :‬المؤرخة في‪ 23 :‬يكليك ‪.2015‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– األجنبي ىك كؿ فرد ال يحمؿ الجنسية الجزائرية أك الذم ال يحمؿ أية جنسية‪ ،‬أنظر نص المادة ‪ 03‬مف القانكف‬
‫رقـ‪ 11-08 :‬المؤرخ في‪ 25 :‬يكنيك ‪ 2008‬المتعمؽ بشركط دخكؿ األجانب إلى الجزائر ك إقامتيـ بيا ك تنقميـ فييا‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،36 :‬المؤرخة في‪ 2 :‬يكليك ‪.2008‬‬

‫~‪~36‬‬
‫‪ -10‬مبدأ العالمية‪:‬‬
‫يقصد بو تمتع كؿ دكلة بكالية القضاء في أم جريمة بغض النظر عف جنسية مرتكبيا أك مكاف‬
‫ارتكابيا‪ ،‬شريطة القبض عميو قبؿ محاكمتو في الدكلة التي ستحاكمو(‪.)1‬‬
‫فيذه الشمكلية في الحؽ في العقاب يسمح لمدكلة التي تـ القبض فييا عمى المشتبو فيو بارتكابو‬
‫السمكؾ المجرـ اف تعمف أنيا مؤىمة لمحكـ عميو‪ ،‬فيك بمثابة إذف ذك طابع دكلي(‪.)2‬‬
‫يجسد ىذا المبدأ التعاكف الدكلي في مكافحة الجرائـ التي تيدد المصمحة الدكلية كجرائـ تبييض‬
‫األمكاؿ‪ ،‬جرائـ المخدرات‪ ،‬القرصنة ك غيرىا‪.‬‬
‫تعد بمجيكا الدكلة السباقة في تطبيقو ك لضغكطات سياسية ك اقتصادية تخمت عنو بعد إدخاؿ‬
‫عدة تعديبلت عميو(‪ ،)3‬أما المشرع الجزائرم فمـ ينص عميو في قانكف العقكبات‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬عدم خضوع الفعل ألسباب اإلباحة‬
‫لتماـ الركف الشرعي لمجريمة البد مف تكفر عنصر سمبي ك ىك عدـ خضكع الفعؿ لسبب مف‬
‫أسباب اإلباحة‪ ،‬فيي حاالت مكضكعية قانكنية تخرج الفعؿ مف دائرة التجريـ ك تدخمو دائرة اإلباحة‪،‬‬
‫ك منو فيي تتميز بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ىي أسباب مكضكعية مرتبطة أك متصمة بالفعؿ ك ليس بالفاعؿ‪.‬‬
‫‪ -‬تمحك الصفة اإلجرامية عف الفعؿ‪.‬‬
‫‪ -‬تمنع المسؤكلية الجزائية ك المدنية معا‪.‬‬
‫‪ -‬تسرم عمى الفاعؿ األصمي ك عمى الشريؾ أيضا‪.‬‬
‫ك تقتصر دراستنا عمى األسباب العامة الكاردة في المادتيف ‪ 39‬ك ‪ 40‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك التي‬
‫تسرم عمى كافة أنكاع الجرائـ‪.‬‬
‫أوال‪ -‬أمر و إذن القانون‪:‬‬
‫‪ -I‬أمر القانكف‪:‬‬
‫ىناؾ بعض األفعاؿ يككف فييا الشخص مرتكب جريمة مف حيث الظاىر‪ ،‬لكف ىذا الفعؿ‬
‫مفركض عميو قانكنا‪ ،‬كالطبيب الذم يفشي مرضا خطي ار ال ييسأؿ عف جريمة إفشاء السر الميني‬
‫الكاردة بنص المادة ‪ 301‬قانكف عقكبات‪ ،‬أك منفذ عقكبة اإلعداـ ال ييسأؿ عف جريمة القتؿ‪،‬‬
‫ك ضابط الشرطة القضائية الذم ينفذ األمر بالقبض ال ييسأؿ عف جريمة احتجاز األشخاص‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬نصيرة تكاتي‪ ،‬محاضرات في القانكف الجنائي العاـ‪ ،‬مطبكعة مكجية لطمبة السنة الثانية ؿ ـ د‪ ،‬كمية الحقكؽ ك العمكـ‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة عبد الرحماف ميرة ببجاية‪ ،‬الجزائر‪ ،2015 -2014 ،‬ص ‪.19‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪- Sourzat Claire op cit p 49.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– عبد الرحماف خمفي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫~‪~37‬‬
‫ك عميو فتنفيذ أمر القانكف ىك كاجب ك عدـ القياـ بو يرتب مسؤكلية التأديبية ك أحيانا الجزائية‬
‫شريطة أف يككف األمر مستكفيا لشركطو القانكنية شكمية كانت أـ مكضكعية‪.‬‬
‫‪ -II‬إذف القانكف‪:‬‬
‫يمنح القانكف أحيانا لمشخص إمكانية القياـ بعمؿ معيف يشكؿ ىك اآلخر ظاىريا جريمة لكف‬
‫المشرع أخرجو مف دائرة التجريـ ك أدخمو دائرة اإلباحة‪ ،‬فمنحو السمطة التقديرية في ذلؾ‪ ،‬فإف لـ‬
‫يمجأ إليو ال يي سأؿ ككنو اختيارم ك ليس كجكبا شريطة أيضا احتراـ إجراءاتو الشكمية ك المكضكعية‪.‬‬
‫‪ )1‬حاالت أذف فييا القانكف لممكظؼ استعماؿ سمطتو التقديرية‪:‬‬
‫ىناؾ حاالت يمكف لممكظؼ القياـ بأفعاؿ ال تشكؿ جريمة كما أنيا غير إجبارية‪ ،‬يعني عدـ‬
‫مسائمة المكظؼ أك ال شخص في حالة عدـ القياـ بو‪ ،‬فقاضي التحقيؽ الذم يقكـ بالتفتيش مثبل ال‬
‫يسأؿ عف جريمة انتياؾ حرمة مسكف‪ ،‬أك ضابط الشرطة القضائية الذم يمجأ إلى التكقيؼ لمنظر ال‬
‫يشكؿ جريمة احتجاز األشخاص شريطة تنفيذه بحسف نية ك محترما إجراءاتو الشكمية‪ ،‬أك الشخص‬
‫الذم يمقى القبض عمى مرتكب الجناية أك الجنحة ك يقتاده إلى أقرب مركز لمضبطية القضائية طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 61‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ )2‬استعماؿ الحقكؽ المقررة قانكنا‪:‬‬
‫ك يدخؿ في نطاقو ممارسة الشخص لحؽ مقرر في القانكف بكجو عاـ ك تتمثؿ بالخصكص في‪:‬‬
‫أ‪ .‬حؽ التأديب‪:‬‬
‫ىك حؽ مقرر لمصمحة األسرة ك المجتمع ككؿ‪ ،‬فاألب الذم يضرب إبنو بغرض تأديبو أك‬
‫الزكج لزكجتو ال يعد مرتكبا لجريمة الضرب‪ ،‬ك ينطبؽ عمى المعمـ في المدرسة ك الحرؼ لمتعمـ‬
‫الحرفة‪ ،‬شريطة عدـ تجاكز حؽ التأديب ك التيذيب‪ ،‬أك التعميـ‪ ،‬ك يجد مصدرىما في الشريعة‬
‫اإلسبلمية ك العرؼ السائد‪.‬‬
‫ب‪ .‬القياـ باألعماؿ الطبية‪:‬‬
‫إف أعماؿ الطبيب إذا كانت بغرض إشفاء المريض ك ليس التجارب العممية فعممو ىنا ال يشكؿ‬
‫جريمة إذا قاـ مثبل بإجراء عمميات جراحية‪ ،‬حتى ك إف لـ ييشفى المريض‪ ،‬ففعمو يبقى مباحا ألنو‬
‫ممزـ ببذؿ العناية ك ليس بتحقيؽ نتيجة‪.‬‬
‫ت‪ .‬ممارسة األلعاب الرياضية‪:‬‬
‫نجد بعض األلعاب الرياضية فييا احتكاؾ جسماني بيف المتنافسيف كالمبلكمة أك الجيدك‪ ،‬ك‬
‫غيرىا‪ ،‬فإف مارسيا الشخص باحتراـ أصكؿ ك قكانيف المعبة تصبح مباحة‪ ،‬لذا فأفعاؿ العنؼ أثنائيا‬
‫ليست مجرمة ك ال يعاقب عمييا مادامت في إطار المنافسة ك ليس خارجيا‪.‬‬

‫~‪~38‬‬
‫ثانيا‪ -‬الدفاع الشرعي‪:‬‬
‫األصؿ في الشخص أنو ال يأخذ حقو بنفسو ك إنما يراجع السمطات المختصة مف أجؿ ذلؾ‪،‬‬
‫لكف ثمة حاالت الفعؿ فييا عمى كشؾ الكقكع ك ال يستطيع الشخص مراجعة السمطة المختصة فمف‬
‫المنطقي أف يرد اإلعتداء قبؿ أف تتحقؽ الجريمة فجاء الدفاع الشرعي أك المشركع‪.‬‬
‫‪ -I‬تعريؼ الدفاع الشرعي‪:‬‬
‫نظـ المشرع الدفاع الشرعي مف زاكيتيف‪ ،‬إذ نص عمى الدفاع الشرعي العادم في المادة ‪،2/39‬‬
‫ك عمى الدفاع الشرعي الممتاز في المادة ‪ 40‬مف قانكف عقكبات‪.‬‬
‫مف خبلؿ النصيف لـ يضع المشرع تعريفا لو بؿ نص عمى شركطو‪ ،‬ك منو يمكف تعريفو بأنو‬
‫حؽ الشخص في استعماؿ القكة المقررة قانكنا لرد اإلعتداء الحاؿ عميو أك عمى مالو أك حتى عمى‬
‫نفس ك ماؿ الغير‪ ،‬فيك رد اإلعتداء باإلعتداء لعدـ القدرة الزمنية لمراجعة السمطة المختصة‪.‬‬
‫ك عميو اختمؼ الفقو حكؿ طبيعتو‪ ،‬فيناؾ مف اعتبره نكع مف اإلكراه المعنكم يمنع المسؤكلية‬
‫الجزائية‪ ،‬ك ىناؾ مف اعتبر أف المدافع يمارس كظيفة عامة نيابة عف الدكلة التي ال ترد اإلعتداء‪.‬‬
‫غير أف الرأم الراجح يرل بأنو يقكـ عمى المكازنة بيف المصالح المتعارضة لؤلفراد فيختار‬
‫مصمحة أكلى بال رعاية‪ ،‬فالمدافع ك إف أىدر حؽ المعتدم لكنو حافظ عمى حؽ المعتدل عميو ك ىك‬
‫األجدر بالرعاية ‪ ،‬ك لقد عمؿ الفيمسكؼ األلماني ىيجؿ الدفاع قريبا مف ىذا المعنى بقكلو ‪ ‬اإلعتداء‬
‫نقض الحؽ‪ ،‬أما الدفاع فيك نقض ليذا النقض‪ ،‬فيك بالتالي إحقاؽ لمحؽ‪.)1( ‬‬
‫‪ -I‬شركط تطبيؽ الدفاع الشرعي‪:‬‬
‫مف خبلؿ نص المادة التاسعة ك الثبلثيف في فقرتيا الثانية فإف لمدفاع الشرعي شركط تتعمؽ‬
‫بالفعؿ ك أخرل تتعمؽ برد الفعؿ‪.‬‬
‫‪ .1‬شركط اإلعتداء ( الفعؿ)‪:‬‬
‫أ‪ .‬أف ييدد الفعؿ بخطر غير مشركع‪:‬‬
‫ك يعني ذلؾ أف الفعؿ ييدد مصمحة محمية قانكنا‪ ،‬فالدفاع المباح ىك المكجو إلى الخطر‬
‫لمحيمكلة دكف كقكع االعتداء‪ ،‬فبل محؿ لمدفاع إذا تحقؽ االعتداء أك كاف الخطر مشركعا‪ ،‬إال أنو‬
‫يجكز الدفاع إذا تجاكز المدافع فيو ألنو يصبح غير مشركع‪.‬‬
‫ب‪ .‬يجب أف يككف الخطر حقيقيا ك ليس كىميا‪:‬‬
‫كمف يطمؽ النار عمى شخص قادـ نحكه ضانا منو أنو عدكه‪ ،‬أك أف المقتكؿ يحمؿ سبلحا فإذا‬
‫بو ىك غير كذلؾ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– كامؿ السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫~‪~39‬‬
‫ك المشرع الجزائرم لـ يتعرض إلى ىذه المسألة ك ىنا تدخؿ الفقو لتحديد مسؤكلية الكاىـ‪ ،‬ك‬
‫الذم أجمع عمى أف الشخص الكاىـ ال تتكفر فيو اإلباحة ككنيا أسباب مكضكعية‪ ،‬فنبحث عمى‬
‫الظركؼ المحيطة بالسمكؾ المادم لمشخص ك ليس حالتو النفسية‪ ،‬فالخطر المبرر بو الدفاع‬
‫الشرعي ىك الخطر الحقيقي ال الكىمي‪.‬‬
‫كما يمكف الدفاع إذا كاف مصدر الخطر مجنكف أك صبي بما أف الفعؿ لو ىذا الكصؼ‪ ،‬ك كذا‬
‫يجكز الدفاع إذا كاف ىناؾ إعفاء مف العقكبة لصاحبيا أك حتى حصانة لو مف المتابعة(‪.)1‬‬
‫ت‪ .‬أف يككف الخطر حاال‪:‬‬
‫عبر عنو المشرع بالضركرة الحالة‪ ،‬حيث يككف كذلؾ عندما يصبح فعؿ االعتداء عمى كشؾ‬
‫الكقكع أم متكقع الحدكث فك ار حسب المجرل العادم لؤلمكر‪ ،‬كمف يرل خصمو يرفع العصا بقصد‬
‫ضربو فيككف في مكقؼ دفاع ك لك أف فعؿ االعتداء لـ يقع بعد‪ ،‬فالقانكف لـ يمزـ األشخاص‬
‫االنتظار حتى يقع االعتداء عميو ثـ يبرر فعمو بالدفاع‪.‬‬
‫ث‪ .‬البد أف يككف االعتداء مستم ار‪:‬‬
‫فإف انتيى ال يجكز اإلحتجاج بالدفاع الشرعي ألف المدافع يصبح بذلؾ منتقما‪ ،‬غير أنو في‬
‫الجريمة المستمرة كاإلختطاؼ مثبل يبقى حؽ الدفاع قائما طيمة مدة اإلختطاؼ ككف الخطر مازاؿ‬
‫قائما‪.‬‬
‫ج‪ .‬أف ييدد الخطر النفس ك الماؿ‪:‬‬
‫فالمشرع لـ يحدد نكعيا أك طبيعتيا‪ ،‬بؿ أعطى لمشخص حؽ الدفاع ميما كانت الجريمة‪ ،‬ضد‬
‫األشخاص أك األمكاؿ أك الشرؼ ك اإلعتبار‪ ،‬كما يمتد ليشمؿ الدفاع عف الغير أيضا‪ ،‬كؿ ىذا‬
‫لعمكمية النص ك شمكليتو‪.‬‬
‫‪ .2‬شركط الدفاع ( رد الفعؿ)‪:‬‬
‫بما أف المشرع أباح الدفاع ككنو مجرد مف اإلنتقاـ‪ ،‬فقد حدد فيو شركطا معينة ك ىي‪:‬‬
‫أ‪ -‬المزكـ‪:‬‬
‫ك يعني ذلؾ أف يككف اإلعتداء ضركريا لرد اإلعتداء‪ ،‬بمعنى آخر المزكـ يعني الطريؽ الكحيد‬
‫أماـ المدافع لدرء االعتداء ىك االعتداء‪ ،‬فبل يعد مدافعا مف يستطيع مثبل نزع السبلح مف خصمو‬
‫الذم ىدده بو دكف تعريض نفسو لمخطر‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.359‬‬
‫~‪~41‬‬
‫غير أنو إذا كاف باستطاعة الشخص اليرب لكنو تمسؾ بالدفاع فالقانكف يجيز لو ذلؾ ألنو لـ‬
‫يفرض عمى الناس اليرب منى خطر اإلعتداء بجريمة أك مغادرة مكانيا أك مبلزمة المنزؿ ك عدـ‬
‫الخركج منو‪ ،‬ك نحك ذلؾ ما قد يضفي عمى صاحبو مظير الضعؼ ك الجبف الذم يتعارض مع‬
‫الكرامة اإلنسانية(‪.)1‬‬
‫كما يجب أف يكجو إلى مصدر الخطر ال إلى شخص آخر باستثناء إذا استعمؿ الشخص حيكانا‬
‫ممكا لو كالكمب مثبل فإف الدفاع يكجو ضد مالكو ألنو يممؾ زمامو‪.‬‬
‫ب‪ -‬التناسب‪:‬‬
‫يعني لجكء المدافع إلى فعؿ يكفيو شر الخطر أك اإلعتتداء المحدؽ بو فحسب‪ ،‬فإذا بالغ اختؿ‬
‫شرط التناسب‪.‬‬
‫ك المشرع لـ يضع لنا معيا ار محددا لتحديد درجة التناسب‪ ،‬تركا إياىا لقاضي المكضكع يستشفو‬
‫مف ظركؼ ك مبلبسات الجريمة ككنو مسألة مكضكعية ك اعتبارات أخرل كالقكة البدنية لمشخص‪،‬‬
‫فتطبيؽ المعيار المكضكعي مرده الصعكبة في إيجاد معيار محدد لذا يمجأ القاضي إلى معيار‬
‫الرجؿ العادم الذم أحاطت بو نفس الظركؼ ك جسامة رد فعمو ك إال اعتبر مسؤكال عف فعمو‬
‫النتفاء التناسب‪ ،‬ك التناسب المقصكد ىنا العاـ ك ليس الخاص‪.‬‬
‫‪ -III‬الحاالت الممتازة لمدفاع الشرعي‪:‬‬
‫نصت عميو المادة ‪ 40‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك يختمؼ عف سابقو في ككف المدافع معفى مف إثبات‬
‫شركط الفعؿ ك رد الفعؿ السالفة الذكر لذا سمي ممتازا‪ ،‬لكنو ممزـ بإثبات حالة مف الحالتيف‬
‫المذككرتيف عمى سبيؿ الحصر في النص أعبله‪ ،‬فالمشرع بذلؾ حدد الجرائـ بخبلؼ الدفاع الشرعي‬
‫العادم‪ ،‬ك تتمثؿ ىذيف الحالتيف في‪:‬‬
‫‪ -‬القتؿ أك الجرح أك الضرب الذم يرتكب لدفع اعتداء عمى حياة الشخص أك سبلمة جسمو أك‬
‫لمنع تسمؽ الحكاجز أك الحيطاف أك مداخؿ المنازؿ أك األماكف المسككنة أك تكابعيا أك كسر شيء‬
‫منيا أثناء الميؿ؛‬
‫‪ -‬القتؿ الذم يرتكب لمدفاع عف النفس أك عف الغير ضد مرتكبي السرقات أك النيب بالقكة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– رؤكؼ عبيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.560‬‬
‫~‪~41‬‬
‫‪ -IV‬أثار الدفاع الشرعي‪:‬‬
‫إذا تكفرت شركط الدفاع الشرعي في األحكاؿ العادية‪ ،‬أك حالة مف حالتي الدفاع الشرعي‬
‫الممتاز فإف الفعؿ يصبح مباحا ك يستفيد مف اإلباحة كؿ مف شارؾ فيو ككنو سبب مكضكعي‪،‬‬
‫فيمحك الصفة اإلجرامية عف الفعؿ ألف المشرع ربطو بالركف الشرعي لمجريمة الستعماؿ المشرع‬
‫‪ ،‬فإف كاف الممؼ عمى مستكل النيابة تصدر أم ار بالحفظ‪ ،‬ك إف كاف عمى‬ ‫»‬
‫عبارة « ال جريمة‬
‫مستكل التحقيؽ أم ار أك قرار بأال كجو لممتابعة‪ ،‬ك إف كاف عمى مستكل جية الحكـ فتقضي بب ارءة‬
‫المتيـ‪.‬‬
‫كما يستفيد الشخص مف اإلباحة سكاء كاف عالما بيا أـ ال ككنيا أسباب مكضكعية‪ ،‬كفقا لقاعدة‬
‫‪ ‬الجيؿ باإلباحة ال يحكؿ دكف تكافرىا ك اإلستفادة منيا‪.)1(‬‬
‫غير أف المشرع لـ ينص عمى مسألة ميمة تتعمؽ بتجاكز الدفاع الشرعي باختبلؿ شرط التناسب‬
‫ك ىنا يصبح فعمو غير مبرر ك بالتالي يسأؿ جزائيا‪ ،‬لذا يعتقد البعض أف مسؤكلية المتجاكز في‬
‫ىذه المسألة تقتضي التمييز بيف حالتيف‪.‬‬
‫‪ -‬فإذا كاف التجاكز متعمدا فيسأؿ عف جريمة عمدية ألف فعمو يحمؿ طابع اإلنتقاـ أكثر مف‬
‫الدفاع‪.‬‬
‫‪ -‬أما إذا كاف مبنيا عمى خطأ في تقدير جسامة اإلعتداء أك قكة الدفاع فنككف أماـ جريمة غير‬
‫عمدية(‪.)2‬‬
‫كما أف ىناؾ مسألة عممية‪ ،‬فالمدافع ىك مف يقع عميو عبئ إثبات أنو في حالة دفاع يدفع بو‬
‫التيمة عف نفسو تحت تسمية نظرية الدفكع خبلفا لمقكاعد العامة المعركفة في اإلثبات الجنائي‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة في األخير إلى أف المشرع الجزائرم بخبلؼ بعض التشريعات األخرل لـ ينص‬
‫عمى حالة ميمة تتعمؽ برضا المجني عميو ىؿ ىك مف أسباب اإلباحة أـ ال‪ ،‬رغـ أنو نص في‬
‫قانكف العقكبات عمى بعض الجرائـ أساس قياميا عدـ الرضا كاإلغتصاب أك السرقة مثبل(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– سامي جميؿ الفياض الكبيسي‪ ،‬رفع المسؤكلية الجنائية في أسباب اإلباحة‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيركت‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص ‪.55‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.142‬‬
‫– لمتفصيؿ في رضا المجني عميو ك أحكامو راجع‪ :‬جماؿ الديف عناف‪ ،‬القتؿ الرحيـ بيف اإلباحة ك التجريـ( دراسة مقارنة‬ ‫(‪)3‬‬

‫في القانكف الكضعي ك الشريعة اإلسبلمية)‪ ،‬أطركحة دكتكراه في القانكف العاـ‪ ،‬تخصص قانكف جنائي‪ ،‬كمية الحقكؽ‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،2014-2013 ،1‬ص ص ‪137-120‬؛ بف يكسؼ القينعي‪ ،‬محاضرات في المسؤكلية الجزائية‪ ،‬مطبكعة‬
‫جامعية ألقيت عمى طمبة السنة األكلى ماستر‪ ،‬تخصص قانكف جنائي ك عمكـ جنائية‪ ،‬كمية الحقكؽ ك العمكـ السياسية‪،‬‬
‫جامعة يحي فارس بالمدية‪ ،‬الجزائر‪ ،2017-2016 ،‬ص ص ‪.57-55‬‬
‫~‪~42‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬الركن المادي لمجريمة‬
‫الثابت أنو ال جريمة دكف ركف مادم الذم يمثؿ المظير الخارجي لمجريمة‪ ،‬ككنو يخرجيا إلى‬
‫العالـ الخارجي ك يتحقؽ بو االعتداء عمى المصمحة المحمية قانكنا‪ ،‬نتطرؽ فيو إلى الجريمة التامة‪،‬‬
‫ثـ الجريمة الناقصة‪ ،‬ثـ المساىمة الجنائية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تمام الركن المادي ( الجريمة التامة)‬
‫الجريمة التامة تتحقؽ بتحقؽ كؿ عناصر الركف المادم المتمثمة في السمكؾ المجرـ ك النتيجة‬
‫اإلجرامية‪ ،‬ك تجمعيما رابطة أك عبلقة سببية‪.‬‬
‫أوال‪ -‬السموك المجرم‪:‬‬
‫ىك العمؿ العضمي الذم يقكـ بو الفاعؿ‪ ،‬فبل جريمة دكف فعؿ‪ ،‬حيث يتجسد في صكرتيف‪:‬‬
‫أ‪ -‬السمكؾ اإليجابي‪:‬‬
‫يعني إقداـ الشخص عمى فعؿ محضكر القياـ بو قانكنا ك المعركفة فقيا بالجرائـ اإليجابية‪،‬‬
‫ك أغمب الجرائـ ىي كذلؾ‪ ،‬كجريمة القتؿ‪ ،‬الضرب أك السرقة ك نحك ذلؾ‪.‬‬
‫ب‪ -‬السمكؾ السمبي‪:‬‬
‫ك ىك إمتناع الشخص عف القياـ بفعؿ مأمكر بو قانكنا ك المعركفة بالجريمة السمبية كجريمة‬
‫االمتناع عف دفع النفقة أك عدـ التبميغ عف جرائـ الفساد ك غيرىا‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة أنو ثمة جرائـ السمكؾ باالمتناع تتكسط الجرائـ اإليجابية ك السمبية‪ ،‬فيي جريمة‬
‫إيجابية لكف يشترط فييا تحقؽ النتيجة المادية‪ ،‬عمى خبلؼ جرائـ اإلمتناع التي فييا االمتناع ىك‬
‫مصدر التجريـ بغض النظر عف تحقؽ النتيجة مف عدميا‪ ،‬كامتناع الطبيب عف تقديـ الدكاء‬
‫لمريضو بنية قتمو مثبل (‪.)1‬‬
‫ك لمسمكؾ المادم أىمية بالغة ككنو يسيؿ عمينا معرفة المسؤكؿ عف الجريمة ألنو يدؿ عمى‬
‫مرتكبيا‪ ،‬ك بالسمكؾ نحدد المركز القانكني لكؿ مساىـ في الجريمة في حالة تعددىـ‪ ،‬إف كاف‬
‫الشخص فاعبل أصميا أـ شريكا ك بالتالي درجة المسؤكلية الجزائية لكؿ كاحد منيـ‪ ،‬ك إف كاف مف‬
‫الناحية القانكنية ال قيمة لمتمييز بيف الفاعؿ األصمي ك الشريؾ مادامت العقكبة المقررة قانكنا كاحدة‬
‫طبقا لنص الفقرة األكلى مف المادة الرابعة ك األربعيف قانكف عقكبات‪ ،‬إال إذا تدخمت ظركؼ فإف‬
‫العقكبة تختمؼ حسب نكعيا إف كانت مكضكعية أك شخصية حسب الفقرتيف الثانية ك الثالثة مف‬
‫نفس النص‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬لمتفصيؿ راجع‪ :‬سمير عالية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫~‪~43‬‬
‫ثانيا‪ -‬النتيجة اإلجرامية‪:‬‬
‫نعني بيا األثر الذم يتركو السمكؾ المجرـ‪ ،‬ففي السرقة تتحقؽ النتيجة بانتقاؿ حيازة الماؿ‬
‫المسركؽ مف المجني عميو إلى الجاني‪ ،‬ك الكفاة تقع نتيجة لجريمة القتؿ‪.‬‬
‫غير أنو اختمؼ في مدلكليا بيف مدلكؿ مادم ك أخر قانكني‪.‬‬
‫‪ -I‬المدلكؿ المادم‪:‬‬
‫ي عني التغير الذم يحدث كأثر لمسمكؾ اإلجرامي في العالـ الخارجي‪ ،‬ك الذم لو تكييؼ قانكني‬
‫ككف اآلثار التي تنتجيا الجريمة تفسر قانكنا عمى أنيا اعتداء عمى حؽ يحميو القانكف(‪.)1‬‬
‫ك بيذا المدلكؿ تقسـ الجرائـ إلى جرائـ مادية ك ىي الجرائـ ذات النتيجة‪ ،‬ك جرائـ شكمية‪ ،‬ك ىي‬
‫جرائـ السمكؾ المحض‪.‬‬
‫‪ -II‬المدلكؿ القانكني‪:‬‬
‫يعني ذلؾ أنو لكؿ سمكؾ مجرـ أثر قد يككف مممكس أك غير مممكس ماداـ ييدد مصمحة محمية‬
‫قانكنا إما بضرر أك خطر‪ ،‬فالقتؿ مثبل ييدد حؽ اإلنساف في الحياة‪.‬‬
‫ك عميو فتقسـ الجرائـ كفؽ ىذا المدلكؿ إلى جرائـ ضرر ك جرائـ خطر‪ ،‬فالمصمحة يحمييا‬
‫المشرع بيذيف الكجييف‪.‬‬
‫ك باستقراء نصكص قانكف العقكبات فإف المشرع اعتد في الكثير مف نصكصو بالمدلكؿ المادم‬
‫لمنتيجة ككنو يجعؿ الربط بيف عناصر الركف المادم سميما‪ ،‬ففي جرائـ العنؼ مثبل جعؿ المشرع‬
‫الجزاء يتناسب ك النتيجة التي يتركيا العنؼ‪ ،‬كما أنو يسيؿ التمييز بيف الجريمة التامة ك الشركع‬
‫فييا(‪.)2‬‬
‫ك لمنتيجة عبلقة مباشرة بتحديد جسامة المسؤكلية الجزائية‪ ،‬فإذا تحققت كما أرادىا الفاعؿ ييسأؿ‬
‫عف جريمة تامة ك إال فيسأؿ عف الشركع في الجريمة‪ ،‬ك في ىذه الحالة يجب معرفة نكع الجريمة‬
‫لمحكـ بمسؤكليتو الجزائية‪ ،‬فتجريـ الشركع يختمؼ باختبلؼ الجريمة في حد ذاتيا‪ ،‬فالشركع في‬
‫الجناية كالجناية‪ ،‬أما الجنح فبلبد مف النص صراحة عمى ذلؾ‪ ،‬في حيف المخالفات ال شركع فييا‬
‫عمى اإلطبلؽ طبقا لنص المادتيف ‪ 31 ،30‬قانكف عقكبات‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– محمد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫~‪~44‬‬
‫ثالثا‪ -‬العالقة السببية‪:‬‬
‫ك تعني الصمة أك الرابطة التي تجمع بيف السمكؾ ك النتيجة‪ ،‬فالرابطة السببية ال تيثار في كافة‬
‫الجرائـ‪ ،‬فيي تبرز في الجرائـ المادية ذات النتيجة لما تتداخؿ عدة أسباب في إحداثيا‪ ،‬فبل تيتصكر‬
‫في الجرائـ الشكمية القائمة عمى السمكؾ المحض‪ ،‬ك ال في الشركع لعدـ تحقؽ النتيجة‪.‬‬
‫ك تيشكؿ العبلقة السببية أىمية بالغة بالنسبة لممسؤكلية الجزائية فيي تحدد نطاقيا‪ ،‬فإذا انقطعت‬
‫الرابطة السببية انتفت المسؤكلية الجزائية بأكمميا‪.‬‬
‫إف الرابطة أك العبلقة السببية ألىميتيا ينبغي تحديدىا‪ ،‬ك ىذه المسألة ال تطرح أم إشكاؿ في‬
‫الجرائـ الشكمية ككنيا ال تقكـ عمى النتيجة‪ ،‬ك ال تثار في الجرائـ المادية ذات السبب الكاحد‪ ،‬ك إنما‬
‫تطرح في الجرائـ المادية لما تتداخؿ عدة أسباب في إحداث النتيجة ك ىنا انقسـ الفقو إلى ثبلث‬
‫نظريات كؿ لو حججو ك أسانيده‪.‬‬
‫‪ -10‬نظرية تعادؿ أك تكافؤ األسباب‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ك مقتضىاىا أف جميع العكامؿ‬ ‫أسست ىذه النظرية عمى يد الفقيو األلماني– ‪-Von Buri‬‬
‫التي ساىمت في إحداث النتيجة متعادلة ك متساكية‪ ،‬فيسأؿ الجاني عف الكفاة الشخص الذم جرحو‬
‫ك تكفي لخطإ مف الطبيب ماداـ فعمو أحد العكامؿ بغض النظر عف سببو مألكفا كاف أك شاذا‪.‬‬
‫يستند أنصار ىذه النظرية إلى القكؿ أف فعؿ الجاني بما أنو أحد العكامؿ فإنو في ذات الكقت‬
‫سبب النتيجة ككف العكامؿ ال تكفي لكحدىا بدكف فعؿ الجاني عف إحداث النتيجة عمى النحك الذم‬
‫حدثت فيو‪ ،‬فبل تنقطع الرابطة السببية حسب ىذه النظرية إال في حالة كحيدة ك ىي إذا كاف سمكؾ‬
‫الجاني ال أثر لو عمى كقكع النتيجة اإلجرامية‪ ،‬أم حدكثيا كاف نتيجة عكامؿ مستقمة عف ذلؾ‬
‫السمكؾ ك كافية كحدىا إلحداث النتيجة فمف يطعف شخص في القطار بآلة حادة ثـ حدثت الكفاة‬
‫نتيجة تصادـ القطار‪ ،‬فبل يعد مسؤكال عف الكفاة بؿ عف اإلصابة فقط‪ ،‬أك مف يضرب قائد القارب‬
‫فيصيبو بجركح ال تعكقو عف القيادة ثـ ينقمب القارب فيمكت القائد بسبب عاصفة رعدية‪ ،‬فبل ييسأؿ‬
‫الجاني عف الكفاة إذا تبيف أف المجني عميو سيبلقي ذات المصير حتى مع عدـ حصكؿ الضرب(‪.)2‬‬
‫غير أف ىذه النظرية رغـ أنيا تكؼ عناء البحث عف الرابطة السببية مف طرؼ القضاة‪ ،‬إال أنيا‬
‫تعرضت لنقد شديد ككنيا غير عادلة حيث ترجح مصمحة الضحية عمى المتيـ فقد يسأؿ جزائيا عف‬
‫نتيجة سببو فييا كاف بعيدا عنيا‪ ،‬كما أنيا تكسع مف دائرة الرابطة السببية ك بالتالي نطاؽ المسؤكلية‬
‫الجزائية مما أدل بظيكر نظرية أخرل المعركفة بالسبب األقكل أك الفعاؿ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫– محمد محمد مصباح القاضي‪ ، ،‬قانكف العقكبات‪ :‬القسـ العاـ( النظرية العامة لمجريمة)‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬منشكرات‬
‫الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪ ،2014 ،‬ص ‪.343‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عمي عبد القادر القيكجي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪326‬؛ محمد محمد مصباح القاضي‪ ،‬مرجع سابؽ‪.344 ،‬‬
‫~‪~45‬‬
‫‪ -10‬نظرية السبب المباشر‪:‬‬
‫نادل بيذه النظرية الفقو الفرنسي ك اإلنجميزم ك عمى رأسيـ "فرنسيس باككف"‪ ،‬فحسب ىذه‬
‫النظرية ال يسأؿ الجاني عف النتيجة التي حصمت إال إذا فعمو ىك السبب األساسي ك األقكل ك‬
‫الذم أدل مباشرة إلى حدكثيا‪ ،‬ك لقد أخذ بيا القضاء اإلنجميزم ك الفرنسي خاصة في جرائـ القتؿ‬
‫حيث يشترط تحقؽ كفاة المجني عميو‪.‬‬
‫كما تقكـ ىذه النظرية عمى التمييز بيف الجرائـ المقصكدة ك غير المقصكدة‪ ،‬حيث ينبغي تكفر‬
‫الرابطة السببية في األكلى نظ ار لجسامة العقكبة ك اإلكتفاء بالسببية غير المباشرة في الحالة الثانية‪،‬‬
‫فبل يسأؿ الجاني عف القتؿ إذا تدخمت عكامؿ أخرل مستقمة عنو بؿ يسأؿ عف الشركع فيو(‪.)1‬‬
‫إال أف ىذه النظرية غير عادلة ىي األخرل حيث تغمب مصمحة المتيـ عف مصمحة الضحية‬
‫فتطبيقيا قد يؤدم إلى إفبلت العديد مف المجرميف مف المسائمة الجزائية ككنيا تضيؽ مف الرابطة‬
‫السببية ك منو تضييؽ نطاؽ المسؤكلية الجزائية‪.‬‬
‫‪ -10‬نظرية السببية المبلئمة أك الكافية‪:‬‬
‫يرل أصحاب ىذه النظرية أف الفاعؿ ال يسأؿ جزائيا عف النتيجة إال إذا كاف فعمو سببا مبلئما‬
‫لحدكثيا حسب المجرل العادم لكقائع الحياة المألكفة‪ ،‬كما يسأؿ عف كافة النتائج المحتممة التي‬
‫تترتب عمى فعمو(‪.)2‬‬
‫ك بذلؾ فيـ يفرقكف بيف العكامؿ المألكفة ك العكامؿ الشاذة أك غير المألكفة‪ ،‬فيخرجكف ىذه‬
‫األخيرة مف التسمسؿ السببي‪ ،‬فبل يسأؿ عف الكفاة مثبل مف يضرب شخص ك يينقؿ إلى المستشفى‬
‫فيمكت نتيجة حريؽ كقع بو ف ييسأؿ عف الضرب فقط‪.‬‬
‫ك ضابط التمييز ىك العمـ الكاجب تكفره أك إمكانية ذلؾ كقت ارتكاب الجريمة أف فعمو سكؼ‬
‫يؤدم إلى إحداث النتيجة حسب المجرل العادم لؤلمكر‪ ،‬كىذا كمو كفؽ معيار مكضكعي بتقدير كؿ‬
‫حالة عمى حدل(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– محمد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– سمير عالية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.225‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– رؤكؼ عبيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.244‬‬
‫~‪~46‬‬
‫ك بالرجكع إلى التشريع الجزائرم فإف المشرع الجزائرم لـ ينص صراحة عمى نظرية معينة‪ ،‬تاركا‬
‫المسألة لقضاة المكضكع بدراسة كؿ حالة عمى حدل ك حسب ظركؼ كؿ جريمة‪ ،‬ففي جريمة القتؿ‬
‫العمدم مثبل تطبؽ نظرية السبب المباشر أك الفعاؿ‪ ،‬حيث يككف الجاني مسؤكال عف كفاة المجني‬
‫عميو متى كانت النتيجة مرتبطة بنشاطو ارتباطا كثيقا‪ ،‬إذ يككف نشاطو ىك السبب المباشر في‬
‫حدكث الكفاة سكاء كاف الفعؿ إيجابيا أـ سمبيا ك ىك ما أكد عميو القرار رقـ‪ 10839 :‬الصادر عف‬
‫الغرفة الجنائية األكلى لممحكمة العميا بترايخ‪ 01 :‬جكيمية ‪ ،1975‬ك القرار رقـ‪ 30100 :‬الصادر‬
‫عف الغرفة الجنائية األكلى لممحكمة العميا بترايخ‪ 4 :‬جانفي ‪ ،)1( 1983‬كما طبؽ القضاء الجزائي‬
‫نظرية السبب المبلئـ ككنيا أكثر النظريات منطقا ك عقبلنية‪.‬‬
‫ك في األخير قد نتسائؿ عف الرابطة السببية في جرائـ اإلمتناع؟‬
‫إف العبلقة السببية ال تثار في الجرائـ السمبية البسيطة بؿ في الجرائـ السمبية ذات النتيجة‪ ،‬ك‬
‫ىنا تثار الصعكبة ككف النتيجة ظاىرة مممكسة أما اإلمتناع فيك مكقؼ سمبي فرغـ إنكار البعض‬
‫بكجكد عبلقة سببية فييا إال أف الرأم السائد قاؿ عكس ذلؾ ماداـ اإلمتناع ليس عدما ك أف لو‬
‫كجكد قانكني ك ينتج أثار يعتد بيا ك منو فيك سبب لمنتيجة(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الشروع في الجريمة ( الجريمة الناقصة)‬
‫األصؿ في الجريمة أنيا تقع تامة بتحقؽ النتيجة التي أرادىا المجرـ‪ ،‬غير أنو قد يحدث العكس‬
‫فنككف أماـ جريمة غير تامة ك نسمييا الجريمة الناقصة ك المعبر عنيا بالشركع‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف الشروع و أنواعو‪:‬‬
‫‪ -I‬تعريفو‪:‬‬
‫نظـ المشرع الجزائرم الشركع تحت تسمية "المحاكلة" في المادتيف ‪ 31 ،30‬قانكف عقكبات‪،‬‬
‫ك التي مف خبلليا لـ يضع تعريفا لمشركع بؿ نص عمى األركاف التي يقكـ عمييا‪.‬‬
‫يمكف تعريؼ الشركع بأنو بدء الشخص في ارتكاب الجريمة ثـ كقؼ تنفيذىا ألسباب خارجة عف‬
‫إرادتو‪.‬‬
‫ك عميو فبل يمكف تصكر الشركع في‪:‬‬
‫‪ -‬الجرائـ غير العمدية؛‬
‫‪ -‬الجرائـ الشكمية ككنيا جرائـ سمكؾ؛‬
‫‪ -‬كما ال يككف في المخالفات‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫– جيبللي بغدادم‪ ،‬مبادئ اإلجتياد القضائي في المكاد الجزائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الديكاف الكطني لؤلشغاؿ التربكية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2000 ،‬ص ص ‪.89-88‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– لمتفصيؿ راجع‪ :‬عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص ‪.162-160‬‬
‫~‪~47‬‬
‫أما الغاية أك العمة مف تجريمو يرجع ليدؼ المشرع الجنائي إلى حماية المصالح الجديرة‬
‫بالحماية مف الضرر ك مف الخطر في ذات الكقت‪ ،‬ك الشركع يعتبر مف جرائـ الخطر لذا كاف البد‬
‫مف تجريمو ماداـ الشخص عبر عف خطكرتو اإلجرامية‪.‬‬
‫‪ -II‬أنكاع الشركع‪:‬‬
‫حسب نص المادة ‪ 30‬يمكف التمييز بيف نكعيف مف الشركع األكؿ ناقص ك اآلخر تاـ‪.‬‬
‫أ‪ .‬الشركع الناقص‪:‬‬
‫ك يعني عدـ إتماـ الفاعؿ لمنشاط المادم لمجريمة ك يتعمؽ األمر بالجريمة المكقكفة‪ ،‬ك تطرح‬
‫«‬
‫كؿ‬ ‫في ىذه الحالة مسالة ميمة تتعمؽ بالعدكؿ عف ارتكاب الجريمة‪ ،‬عبر عنيا المشرع بعبارة‬
‫المحاكالت‪...‬نفسيا إذا لـ تكقؼ‪.» ...‬‬
‫ب‪ .‬الشركع التاـ‪:‬‬
‫ىك إتماـ الفاعؿ نشاطو المادم دكف تحقؽ النتيجة التي أرادىا ك لو صكرتيف اثنتيف ىما الجريمة‬
‫‪ ...‬أك لـ يخب أثرىا إال نتيجة‪ ،» ...‬ك الجريمة المستحيمة‪،‬‬ ‫«‬
‫الخائبة التي أكردىا المشرع بعبارة‬
‫التي عبر عنيا بعبارة «‪ ...‬حتى ك لك لـ يكف بمكغ اليدؼ المقصكد بسبب ظرؼ مادم يجيمو‬
‫مرتكبيا »‪ ،‬ك منو فالجريمة الخائبة مكنة الكقكع أما المستحيمة فيستحيؿ ذلؾ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أركان الشروع‪:‬‬
‫لقد نصت المادة ‪ 30‬قانكف عقكبات ك كرسيا القضاء في القرار رقـ‪ ،82315 :‬الصادر عف‬
‫(‪)1‬‬
‫عمى أف الشركع يقكـ عمى ركنيف أساسيف‬ ‫الغرفة الجنائية لممحكمة العميا بتاريخ‪ 05 :‬فبراير‪1991‬‬
‫ركف مادم المتمثؿ في البدء في التنفيذ‪ ،‬ثـ كقؼ التنفيذ‪ ،‬ك ركف معنكم‪.‬‬
‫‪ -I‬الركف المادم‪:‬‬
‫‪ -10‬البدء في التنفيذ‪:‬‬
‫إف الشركع ليس المرحمة األكلى لمجريمة‪ ،‬بؿ تمر ىذه األخيرة بمراحؿ سابقة ك المتمثمة في‪:‬‬
‫أ) مرحمة التفكير في الجريمة‪:‬‬
‫تسمى بالمرحمة الداخمية ك النفسية لمجريمة(‪ ،)2‬ك تعني النشاط الذىني الذم يدكر بداخؿ‬
‫شخصية المتيـ‪ ،‬ك صراع بيف ارتكاب الجريمة أك اإلحجاـ عنيا‪ ،‬فيقرر األكلى بدؿ الثانية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– المجمة القضائية العدد الثاني‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1993 ،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– محمد محمد مصباح القاضي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.437‬‬
‫~‪~48‬‬
‫إف ىذه المرحمة لـ ييتـ المشرع بيا ك ال يعاقب عمييا مادامت لـ تخرج إلى العالـ الخارجي‪،‬‬
‫فالمشرع ال يعاقب عمى النكايا ك األحاسيس حتى ك لك اعترؼ بيا الشخص‪.‬‬
‫ك استثناء يعاقب المشرع عمى بعض الحاالت ليس لككنيا تفكير في الجريمة‪ ،‬بؿ ألنيا تشكؿ‬
‫جرائـ مستقمة ك قائمة بذاتيا اتخذت مظي ار ماديا كجرائـ التحريض أك اإلتفاؽ الجنائي‪.‬‬
‫ب) مرحمة التحضير لمجريمة‪:‬‬
‫العمؿ التحضيرم ىك إعداد العدة ك تحضير الكسائؿ الرتكاب الجريمة‪ ،‬كالسبلح لمقتؿ أك‬
‫العصا لمضرب‪ ،‬أك الحبؿ لمتسمؽ بغرض السرقة‪.‬‬
‫تقضي القاعدة أف األعماؿ التحضيرية ال عقاب عمييا باعتبارىا محاكلة في الجريمة محؿ‬
‫التحضير ألنيا أعماؿ غير كاضحة الداللة عمى القصد منيا ك ليا أكثر مف تفسير أك تأكيؿ‪ ،‬فشراء‬
‫السبلح قد ي ككف لمصيد أك التباىي مثبل‪ ،‬كما أنيا أعماؿ بعيدة عف الجريمة ك يمكف لمجاني أف‬
‫يعدؿ عف ارتكابيا‪ ،‬لذا ينبغي التركم في تجريميا تشجيعا لمعدكؿ عنيا(‪.)1‬‬
‫غير أنو ثمة بعض الحاالت يعاقب عمييا المشرع بكصفيا جرائـ مستقمة كاستغبلؿ منشأة دكف‬
‫ترخيص مسبؽ(‪ ،)2‬أك حيازة األدكات المعدة لمتزكير(‪ ،)3‬أك تقميد المفاتيح(‪.)4‬‬
‫ت) مرحمة البدء في التنفيذ‪:‬‬
‫يتجاكز الفاعؿ في ىذه المرحمة التفكير ك التحضير حيث يبدأ في إخراج الجريمة إلى الكجكد‬
‫بقيامو باألعماؿ التنفيذية‪ ،‬كبذلؾ فقد عبر عف خطكرتو اإلجرامية بتيديده لممصالح الجديرة بالحماية‪،‬‬
‫فإذا تحققت النتيجة المرجكة تعتبر الجريمة تامة‪ ،‬ك إذا لـ تكف كذلؾ فالجريمة ناقصة ك تسمى‬
‫شركع في الجريمة‪.‬‬
‫أماـ ىذا الكضع كاف البد مف معرفة متى يعتبر الفعؿ بدء في التنفيذ ك بالتالي شركعا ك متى‬
‫يبقى عمى مستكل األعماؿ التحضيرية فقط‪ ،‬ك في ىذا الشأف ظير مذىبيف مختمفيف األكؿ مادم أك‬
‫مكضكعي ك اآلخر شخصي نشرحيما بإيجاز عمى النحك التالي‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– سمير عالية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.233‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 102‬مف القانكف رقـ‪ 10-03 :‬المؤرخ في‪ 19 :‬يكليك ‪ 2003‬المتعمؽ بحماية البيئة في إطار‬
‫التنمية المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،43 :‬المؤرخة في‪ 20 :‬يكليك ‪.2003‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 203‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬أنظر نص المادة ‪ 358‬مف القانكف ذاتو‪.‬‬
‫~‪~49‬‬
‫‪ -‬المذىب المكضكعي‪:‬‬
‫مف أنصاره الفقو األلماني ك بعض الفقو الفرنسي ك القضاء األنجمكساكسكني(‪.)1‬‬
‫يركز أنصاره عمى ماديات الجريمة دكف اىتماـ بالمجرـ‪ ،‬فينصب عمى خطكرة الفعؿ في ذاتو‪،‬‬
‫فيتطمب البدء في التنفيذ حسبيـ أفعاال خطرة في ذاتيا‪ ،‬فحسبيـ يعد بدء في التنفيذ مف يدخؿ يده‬
‫في جيب الشخص مف أجؿ السرقة فتبلمس يده الماؿ المراد سرقتو‪ ،‬أك مف يريد ضرب شخص‬
‫فبل بد أف يمس جسـ الضحية‪.‬‬
‫غير أف ىذا المذىب أنتقد ألنو ضيؽ مف نطاؽ الشركع مما يفمت بسببو الكثير مف الجناة مف‬
‫المسائمة الجزائية ك عميو جاء االتجاه الثاني‪.‬‬
‫‪ -‬المذىب الشخصي‪:‬‬
‫يركز ىذا المذىب عمى النية اإلجرامية لمشخص ثـ ماديات الجريمة ك ظركفيا‪ ،‬ك ذىب أنصاره‬
‫ك عمى رأسيـ الفقيو "جارك فالك" إ لى القكؿ بأف الشركع ىك سمكؾ يؤدم حاال ك مباشرة إلى الركف‬
‫المادم لمجريمة كما كصفو نمكذجيا القانكني(‪.)2‬‬
‫فحسب أنصاره يعد بدء في التنفيذ كؿ مف يقكـ بعمؿ يؤدم حسب المجرل العادم ك ال يحمؿ‬
‫مجاال لمشؾ سكل أف الشخص يريد ارتكاب الجريمة‪ ،‬فمف يتسمؽ جدار جاره ليبل مثبل فإنو يريد‬
‫ارتكاب الجريمة ال محالة(‪.)3‬‬
‫إف ىذا المذىب رغـ غمكضو لتركيزه عمى النية التي تعتبر أمر نفسي داخمي‪ ،‬غير أنو يعد‬
‫المذىب المستقر عميو فقيا ك قضاء ك تشريعا‪ ،‬ك ىك المذىب الذم تبناه المشرع الجزائرم صراحة‬
‫أك أفعاؿ ال لبس فييا تؤدم مباشرة إلى‬ ‫«‬
‫في نص المادة ‪ 30‬قانكف عقكبات التي جاء فييا‬
‫ارتكابيا» ‪ ،‬كما استقر عميو القضاء في العديد مف أحكامو ك ق ارراتو‪ ،‬حيث طبؽ ىذا المذىب كمعيار‬
‫لمشركع في السرقة ك ذلؾ مف خبلؿ القرار الصادر عف المجمس األعمى في‪ 14 :‬جانفي ‪1969‬‬
‫المؤيد لمقرار المطعكف فيو ك الصادر في‪ 13 :‬يكليك ‪ 1968‬عف مجمس قضاء المدية حيث أداف‬
‫المتيـ الذم شرع في سرقة حقائب ك عندما شاىده الحارس ك استكقفو سارع إلى تسميمو إياىا‬
‫بالحبس لمدة ستة أشير تأييدا لمحكـ الصادر ضده (‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– محمد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.233‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.702‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– لمتفصيؿ أكثر راجع‪:‬‬
‫‪Jacopin Sylvain op cit p 254.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬إبراىيـ الشباسي‪ ،‬الكجيز في شرح قانكف العفكيات الجزائرم‪ :‬القسـ العاـ‪ ،‬دار الكتب المبناني‪ ،‬بيركت‪ ،‬دكف ذكر‬
‫التاريخ‪ ،‬ص ‪.127‬‬
‫~‪~51‬‬
‫‪ -10‬كقؼ التنفيذ‪:‬‬
‫نعني بو أف الشخص لـ يكمؿ الجريمة ك لـ تتحقؽ النتيجة التي أرادىا ألسباب خارجة عف‬
‫إرادتو‪ ،‬ك في ىذه الحالة تطرح مسألة ذات أىمية ك قيمة قانكنية تتمثؿ في العدول عن الجريمة‪.‬‬
‫العدكؿ ىك تراجع الشخص عف إتماـ جريمتو‪ ،‬ك ىك عمى نكعيف اثنيف‪:‬‬
‫‪ -01.02‬العدكؿ اإلختيارم‪:‬‬
‫يتحقؽ بتراجع الشخص مف تمقاء نفسو عف إتماـ جريمتو ميما كاف السبب‪ ،‬كرحمتو بالضحية أك‬
‫خكفو مف العقاب‪ ،‬ك ىذا العدكؿ غير معاقب عميو تشجيعا مف المشرع لؤلشخاص عمى عدـ إتماـ‬
‫جرائميـ‪ ،‬فيك مف سبؿ مكافحة الجريمة‪ ،‬كما أف مصمحة المجتمع في عدـ إتماـ الجريمة فكؽ‬
‫مصمحتو في تكقيع العقاب ‪ ،‬ك ىذا النكع مف العدكؿ يمكف تصكره في الجريمة المكقكفة‪.‬‬
‫ك عميو يجب أف يتكفر في العدكؿ اإلختيارم أك الطكعي الشركط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أف يككف تمقائيا‪ ،‬فالشخص يعدؿ عف إتماـ الجريمة بمحض إرادتو رغـ قدرتو عمى ذلؾ‪.‬‬
‫‪ -‬أف يككف قبؿ إتماـ الجريمة‪ ،‬أما إذا كاف بعد ذلؾ فإنو تكبة أك تأنيب ضمير‪ ،‬فينا الشخص‬
‫ال يعفى مف العقكبة ك إنما قد يستفيد مف التخفيؼ حسب السمطة التقديرية لقاضي الحكـ ككف الفعؿ‬
‫يبقى محتفظا بصفتو اإلجرامية‪.‬‬
‫‪ -02.02‬العدكؿ اإلضطرارم‪:‬‬
‫يتحقؽ ىذا العدكؿ بتدخؿ عكامؿ خارجية تحكؿ بيف المجرـ ك بيف إتماـ تنفيذ جريمتو‪ ،‬فيك‬
‫عكس سابقو‪ ،‬كمف يمقى عميو القبض أك يرل الحارس أك مركر دكرية لمشرطة‪ ،‬أك ييرب الضحية‬
‫منو فيتراجع عف إتماـ سمككو اإلجرامي‪ ،‬ك ىذا العدكؿ ال قيمة لو حيث يعتبر بدء في التنفيذ ك‬
‫بالتالي شركعا كيعاقب عميو القانكف‪ ،‬لكنو قد يككف سببا لتخفيؼ العقكبة في حدكد السمطة التقديرية‬
‫لقاضي الحكـ‪.‬‬
‫غير أنو قد يككف العدكؿ مختمطا‪ ،‬إضط ارريا مف جية ك اختياريا مف جية أخرل‪ ،‬كمف يسمع‬
‫صكتا قريبا منو فيتصكر أف أحدا سيقبض عميو فيتكقؼ عف إتماـ جريمتو‪ ،‬فيذه المسألة كانت محؿ‬
‫اختبلؼ فقيي‪ ،‬حيث ذىب رأم إلى اعتباره عدكال اختياريا ماداـ التكقؼ لـ يكف ألسباب خارجة عف‬
‫إرادة الفاعؿ‪ ،‬ك ىناؾ رأم أخر يقكؿ عكس ذلؾ‪ ،‬ك ىناؾ رأم ثالث يأخذ بفكرة العدكؿ الغالب ك‬
‫ىذا صعب التطبيؽ‪ ،‬لذا فالرأم األكؿ ىك األقرب لمصكاب ماداـ الظرؼ الخارجي ىك الذم اثر في‬
‫نفسية الجاني ك دفعو إلى عدـ إتماـ جريمتو(‪.)1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– عمي عبد القادر القيكجي‪ ،‬مرجع سابؽ‪367 ،‬؛ عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫~‪~51‬‬
‫‪ -II‬الركف المعنكم‪:‬‬
‫يشترط لتماـ الشركع الركف المعنكم المتمثؿ في القصد الجنائي‪ ،‬ك ىذا بدييي فبل يمكف تصكر‬
‫الشركع في الجرائـ العمدية‪ ،‬ك اآلتي تفصيمو في دراستنا لمركف المعنكم لمجريمة‪.‬‬
‫حكم الجريمة المستحيمة‪:‬‬
‫يقصد بالجريمة المستحيمة بدء الفاعؿ بالسمكؾ المجرـ مع استنفاذ كؿ نشاطو لكف النتيجة‬
‫المرجكة لـ تتحقؽ الستحالة ذلؾ‪ ،‬كمف يطمؽ النار بسبلح ثـ تبيف أنو غير صالح أصبل لبلستعماؿ‬
‫أك الذخيرة ليست حقيقية‪ ،‬أك مف يقدـ مادة سامة لشخص قصد قتمو لكف المادة المعطاة ليست‬
‫سامة‪.‬‬
‫تمتقي الجريمة المستحيمة مع الخائبة في عدـ تحقؽ النتيجة فييما معا رغـ استكماؿ النشاط‬
‫المادم غير أنيما يختمفاف في سبب ذلؾ‪ ،‬ففي الجريمة المستحيمة فاألسباب قائمة منذ بداية ارتكاب‬
‫الفعؿ‪ ،‬فيي ليست عارضة ك إنما مقدرة منذ البداية‪ ،‬أما الجريمة الخائبة فالسبب عارض غير‬
‫مكجكد لحظة بدء الجاني في ارتكاب الجريمة ك إنما ط أر بعد ذلؾ‪ ،‬ك بذلؾ فالخيبة تبدك محتممة‬
‫عند البدء في التنفيذ بالنسبة لمجريمة الخائبة ك لكنيا محققة عند البدء في الجريمة المستحيمة(‪.)1‬‬
‫ك منو قد نتسائؿ‪ :‬ىؿ تعد الجريمة المستحيمة بدء في التنفيذ ك بالتالي شركعا في الجريمة؟‬
‫لقد انقسـ الفقو في ىذه المسألة إلى ثبلث اتجاىات‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلتجاه أك المذىب المكضكعي‪:‬‬
‫يرل أصحاب ىذا اإلتجاه بعدـ العقاب عمى الجريمة المستحيمة في جميع األحكاؿ‪ ،‬ككف الشركع‬
‫يفترض بدء في التنفيذ كىذا ال يمكف تصكره في الجريمة المستحيمة‪ ،‬كما أف الضرر أك الخطر غير‬
‫متكفر فييا لذا فبل داعي لمعقاب عمييا‪.‬‬
‫ك ىذا اإلتجاه يضيؽ مف نطاؽ التجريـ مما يؤدم إلى إفبلت الكثير مف الجناة مف العقاب رغـ‬
‫تكافر الخطكرة اإلجرامية فييـ‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلتجاه أك المذىب الشخصي‪:‬‬
‫يرل أنصاره عكس سابقو‪ ،‬حيث ينادم أصحابو بالعقاب عمى الجريمة المستحيمة ككنو ال يعتد‬
‫بالنتائج ما دامت النية ك الخطكرة اإلجرامية متكفرة لدل الجاني‪.‬‬
‫غير ىذا اإلتجاه لـ يسمـ مف النقد‪ ،‬ككنو يركز عمى النية فقط‪ ،‬ك الشركع جريمة يحتاج إلى‬
‫أركاف كباقي الجرائـ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫~‪~52‬‬
‫‪ .3‬اإلتجاه أك المذىب التكفيقي‪:‬‬
‫نظ ار لتركيز كؿ مذىب عمى زاكية معينة جاء أنصار ىذا المذىب الذم يكفؽ ك يجمع بينيما‪،‬‬
‫غير أنو انقسـ في تحديد معيار العقاب عمى الجريمة المستحيمة إلى فريقيف‪:‬‬
‫‪ -1.3‬أنصار التفرقة بيف اإلستحالة المطمقة ك اإلستحالة النسبية‪:‬‬
‫يرل أنصار ىذا التفريؽ بضركرة عدـ العقاب في حالة اإلستحالة المطمقة‪ ،‬ك أيدىـ بعض‬
‫أنصار المدرسة التقميدية‪ ،‬ك التي قد تككف في الكسيمة المستعممة كمف يستعمؿ بندقية لمقتؿ ك ىي‬
‫أصبل تالفة‪ ،‬ك قد تككف في مكضكع الجريمة كمف يطمؽ الرصاص عمى شخصا ىك ميت مف قبؿ‪.‬‬
‫أما في حالة اإلستحالة النسبية فيمكف العقاب عمييا ك التي قد تتعمؽ ىي األخرل بالكسيمة‬
‫المستعممة أك مكضكع الجريمة(‪.)1‬‬
‫ك انتقدت عمى أساس أف اإلستحالة كاحدة ك ليست متعددة‪ ،‬ك الجريمة إما ممكنة ك إما‬
‫مستحيمة ك ال كسط بينيما‪.‬‬
‫‪ -2.3‬أنصار التفرقة بيف اإلستحالة القانكنية ك اإلستحالة المادية‪:‬‬
‫تككف اإلستحالة قانكنية في حالة غياب أحد أركاف ك عناصر الجريمة ك عميو فبل عقاب عمييا‬
‫ككنيا ال تمثؿ اعتداء عمى مصمحة محمية قانكنا‪.‬‬
‫أما اإلستحالة المادية فتككف بكجكد أسباب عارضة مستقمة عف إرادة الفاعؿ‪ ،‬سكاء في الكسيمة‬
‫أك مكضكع الجريمة حالت دكف كقكع النتيجة‪ ،‬فأركاف الجريمة قائمة‪ ،‬مما ِّ‬
‫يمكف العقاب عمييا‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة أف الفقيو" أنرم ىنرم" في كتابو "القانكف العقابي" عاـ ‪ 1929‬أف" نظرية‬
‫الجريمة المستحيمة منبكذة إلى يكمنا ىذا سكاء كانت اإلستحالة النسبية أك المطمقة‪ ،‬ك سكاء‬
‫اإلستحالة المادية أك القانكنية"(‪.)2‬‬
‫موقف المشرع الجزائري‪:‬‬
‫بالرجكع إلى نص المادة ‪ 30‬قانكف عقكبات فالمشرع الجزائرم كغيره مف التشريعات عاقب عمى‬
‫الجريمة المكقكفة ك الخائبة ك المستحيمة‪.‬‬
‫غير أنو ال يعتد بالشركع إال إذا كانت الكسيمة قادرة عمى تحقيؽ النتيجة‪ ،‬ففي جريمة القتؿ‬
‫بالتسميـ الكاردة في نص المادة ‪ 260‬قانكف عقكبات أخذ المشرع بالكسيمة‪ ،‬فإذا كانت ال تؤدم إلى‬
‫الكفاة مطمقا فبل شركع ك ال عقاب عميو‪ ،‬كذلؾ الحاؿ بالنسبة لجريمة اإلجياض حسب نص المادة‬
‫‪ 304‬قانكف عقكبات فالمشرع ىنا اعتد بمحؿ الجريمة‪ ،‬فاإلجياض ال يككف إال عمى امرأة حامؿ أك‬

‫(‪)1‬‬
‫– منصكر رحماني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ ،169‬نقبل عف‪ :‬رؤكؼ عبيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.394‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬لحسيف بف شيخ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫~‪~53‬‬
‫مفترض حمميا‪ ،‬ك بالتالي ال شركع في إجياض إمرأة ليست حامبل‪ ،‬ك منو فالمشرع الجزائرم يعتد‬
‫باإلستحالة النسبية ك يعتبرىا شركعا ك ال يعتد باإلستحالة المطمقة(‪.)1‬‬
‫ثالثا‪ -‬العقاب عمى الشروع‪:‬‬
‫باستقراء المادتيف فإف المشرع يسكم في العقكبة بيف الجريمة التامة ك الشركع فييا‪ ،‬ك العبرة‬
‫بالعقكبة األصمية ك المقررة قانكنا بخبلؼ بعض التشريعات المقارنة‪ ،‬غير أنو ميز بيف أنكاع‬
‫الجرائـ‪ ،‬فالشركع في الجناية كالجناية فبل تحتاج إلى نص لمعقاب عمى الشركع فييا‪ ،‬أما الجنح ال‬
‫عقاب عمى الشركع فييا إال إذا كجد نص صريح يقضي خبلؼ ذلؾ ك مف أمثمتيا الرشكة‪،‬‬
‫اإلختبلس‪ ،‬السرقة‪ ،‬خيانة األمانة‪ ،‬النصب ك غيرىا مف الجرائـ‪ ،‬أما المخالفات فبل عقاب عمى‬
‫الشركع فييا عمى اإلطبلؽ لعدـ خطكرتيا اإلجرامية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬المساىمة الجنائية ( اإلشتراك في الجريمة)‬
‫األصؿ في الجريمة أنيا ترتكب مف طرؼ شخص كاحد‪ ،‬إال أنيا قد تقترؼ مف طرؼ عدة‬
‫أشخاص‪ ،‬ك عميو فيؿ كمما تعدد الفاعميف كنا أماـ مساىمة جنائية؟‬
‫أوال‪ -‬تعريف المساىمة الجنائية و شروط قياميا‪:‬‬
‫المساىمة الجنائية تعني الحالة التي يتعدد فييا الجناة في جريمة كاحدة‪ ،‬فيأتي كؿ منيـ سمككا‬
‫يتضافر مع سمكؾ غيره في تحقيؽ ىذه الجريمة‪ ،‬فيي تقع ثمرة تعاكف أشخاص عديديف لكؿ منيـ‬
‫دكره المادم ك إرادتو اإلجرامية(‪.)2‬‬
‫ك منو فالمساىمة الجنائية قياـ عدة أشخاص بارتكاب نفس الجريمة التي في األصؿ يمكف‬
‫ارتكابيا مف طرؼ شخص كاحد‪.‬‬
‫لكف ك حتى نككف أماـ مساىمة جنائية البد مف تكفر الشرطيف التالييف‪:‬‬
‫‪ -‬تعدد الفاعميف‪:‬‬
‫ك نقصد بذلؾ كجكد أكثر مف شخصيف في جريمة يكفي الرتكابيا شخص كاحد‪ ،‬ك منو فبل‬
‫مجاؿ لمحديث عف المساىمة الجنائية في الجرائـ التي يعتبر التعدد فييا مطمكب لقياميا كالرشكة أك‬
‫الزنا مثبل فاإلشتراؾ ضركرم فييا‪ ،‬كما أف المقصكد تعدد الفاعميف ك ليس تعدد الجرائـ فاألمر‬
‫مختمؼ بينيما‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.184‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.262‬‬
‫~‪~54‬‬
‫‪ -‬كحدة الجريمة‪:‬‬
‫ك تتحقؽ إذا كاف ليـ مشركع إجرامي كاحد المتمثؿ في تحقيؽ نتيجة كاحدة مجسدة الكحدة‬
‫المادية‪ ،‬إضافة إلى الكحدة المعنكية بكجكد قصد جنائي كاحد‪.‬‬
‫ك منو فبل يمكف تصكر المساىمة الجنائية في الجرائـ غير العمدية‪ ،‬ك ال في الشركع‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬صور المساىمة الجنائية‪:‬‬
‫لقد نظـ المشرع الجزائرم المساىمة الجنائية في نص المكاد مف ‪ 41‬إلى ‪ 46‬قانكف عقكبات‬
‫تحت تسمية " المساىمكف في الجريمة "‪ ،‬عمى اعتبار أنو يكجد مف يسمييا اإلشتراؾ الجرمي‬
‫ك ىناؾ مف يسمييا المساىمة الجنائية‪ ،‬إال أنيما تعبيراف ليما نفس المعنى‪ ،‬ك إف كانت تغمب عمى‬
‫األكلى الصناعة القانكنية‪ ،‬أما الثانية تغمب عمييا الصناعة الفقيية(‪.)1‬‬
‫يتضح مف خبلؿ النصكص المتعمقة بالمساىمة أنيا تتخذ صكرتيف أساسيتيف ىما‪:‬‬
‫‪ -I‬الفاعؿ األصمي( المساىمة المباشرة)‪:‬‬
‫نعني بو مف لو دكر رئيسي في تنفيذ الركف المادم لمجريمة‪.‬‬
‫ك ىذه الصكرة قد يككف فييا الفاعؿ األصمي بمفرده ك غيره شركاء‪ ،‬أك مع فاعميف أصمييف‬
‫آخريف‪ ،‬ك في ىذه حالة نككف أماـ مساىمكف أصميكف ك آخركف تبعيكف‪ ،‬ك ىنا تحديد معيار التمييز‬
‫بينيما إنقسـ الفقو بشأنيا إلى قسميف(‪:)2‬‬
‫‪ -‬النظرية الشخصية حيث تعتبر أف المساىـ األصمي مف تكفرت فيو نية مف نكع خاص‪ ،‬لذا‬
‫فيـ يركزكف عمى الركف المعنكم‪.‬‬
‫‪ -‬النظرية المكضكعية تركز عمى الفعؿ المرتكب‪ ،‬فالفاعؿ األصمي يرتكب أفعاؿ ذات صمة‬
‫كثيقة بالركف المادم لمجريمة ك قد يككف جزء منيا‪.‬‬
‫بالرجكع إلى نص المادة ‪ 41‬قانكف عقكبات فالفاعؿ األصمي في التشريع الجزائرم يتخذ ثبلثة‬
‫مظاىر أك صكر ك المتمثمة في ما يمي‪:‬‬
‫‪ )1‬الفاعؿ المادم أك المباشر‪:‬‬
‫ىك الذم يقكـ بالنشاط المادم أك األعماؿ التنفيذية لمجريمة‪ ،‬لذلؾ يشترط تكاجده في مسرح‬
‫الجريمة ككقتيا‪ ،‬فبل ييـ إف كاف بمفرده أك مع غيره‪ ،‬كمف يكسر باب الخزانة ك زميمو يسرؽ‬
‫المسركقات فكبلىما فاعؿ مادم بالتالي فاعؿ أصمي‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– كامؿ السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.347‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– منصكر رحماني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.177‬‬
‫~‪~55‬‬
‫المحرض‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫‪)2‬‬
‫المحرض فاعبل أصميا بمقتضى تعديؿ نص المادة المذككر أعبله في القانكف‬
‫ِّ‬ ‫لقد اعتبر المشرع‬
‫رقـ‪ 04-82 :‬المؤرخ في‪ 13 :‬فبراير ‪ 1982‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف العقكبات أيف كاف يعد شريكا‬
‫في الجريمة(‪.)1‬‬
‫التحريض‪ :‬ىك خمؽ فكرة الجريمة في ذىف الشخص ك إقناعو بارتكابيا‪ ،‬لذا لدينا شخصيف‬
‫المحرض الذم يمارس التحريض ك المحرض الذم ينفذ الجريمة‪.‬‬
‫ِّ‬
‫لقد حدد المشرع في نص المادة ‪ 41‬كسائؿ التحريض عمى سبيؿ الحصر فيما يمي‪:‬‬
‫المحرض لممحرض شيئا أك ماال كحافز لتنفيذ الجريمة‪ ،‬ميما‬
‫ِّ‬ ‫‪ -1.2‬اليبة‪ :‬تتحقؽ بإعطاء‬
‫كانت طبيعتو مادية فقط يجب أف تككف اليبة قبؿ ارتكاب الجريمة ك إال فبل يعتد بيا‪.‬‬
‫المحرض بكعد المحرض بإعطائو مكافأة نظير ارتكابو لمجريمة‪ ،‬لذا‬
‫ِّ‬ ‫‪ -2.2‬الكعد‪ :‬ك فيو يقكـ‬
‫ينبغي فيو ىك اآلخر أف يككف قبؿ ارتكاب الجريمة‪ ،‬ك يتحقؽ الكعد إما بشيء مادم أك أداء خدمة‬
‫مثبل‪.‬‬
‫المحرض عمى المحرض يحمؿ ىذا األخير إلى‬
‫ِّ‬ ‫‪ -3.2‬التيديد‪ :‬ك ىك الضغط الذم يمارسو‬
‫ارتكاب الجريمة‪ ،‬سكاء كاف التيديد ماديا أك معنكيا‪ ،‬ك يقع دائما قبؿ ارتكاب الجريمة‪ ،‬كما قد‬
‫يجتمع مع الكعد في أف كاحد‪ ،‬إال أنو قد يشكؿ التيديد جريمة مستقمة ك قائمة بذاتيا‪.‬‬
‫المحرض لو سمطة عمى المحرض التي قد‬
‫ِّ‬ ‫‪ -4.2‬إساءة استعماؿ السمطة أك الكالية‪ :‬ك ىنا‬
‫تككف قانكنية كسمطة الرئيس عمى المرؤكس أك سمطة كالئية كاألب عمى إبنو‪.‬‬
‫المحرض إلى الكذب يدفع بو المحرض إلى‬
‫ِّ‬ ‫‪ -4.2‬التحايؿ ك التدليس اإلجرامي‪ :‬حيث يمجأ ىنا‬
‫ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫ك عميو فالتحريض مف يستعمؿ غيره مف أجؿ ارتكاب جريمتو ك ىذا الغير مسؤكؿ جزائيا‪ ،‬ك ال‬
‫يشترط تكاجده في مسرح الجريمة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– الجريدة الرسمية العدد‪ ،07 :‬المؤرخة في‪ 16 :‬فبراير ‪.1982‬‬
‫~‪~56‬‬
‫أحكام خاصة بالتحريض‪:‬‬
‫أ‪ -‬يشترط في التحريض أف يككف شخصيا ك مباشرا‪ ،‬بمعنى تكجيو التحريض لشخص محدد‬
‫نظ ار لككف التحريض قد يشكؿ جريمة مستقمة في حد ذاتو‪ ،‬كجريمة التحريض عمى التجمير غير‬
‫المسمح طبقا لنص المادة ‪ 100‬قانكف عقكبات مثبل‪.‬‬
‫المحرض في إقناع المحرض ك ىذا األخير لـ يقـ بارتكاب الجريمة بمحض‬
‫ِّ‬ ‫ب‪ -‬إذا نجح‬
‫المحرض جزائيا عف الجريمة التي حرض عمييا تطبيقا‬
‫ِّ‬ ‫إرادتو‪ ،‬فإف جريمة التحريض قائمة ك يسأؿ‬
‫لنص المادة ‪ 46‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫المحرض في إقناع المحرض بارتكاب الجريمة فنطبؽ في ىذه الحالة أحكاـ‬
‫ِّ‬ ‫ج‪ -‬قد ال يستطيع‬
‫الشركع في التحريض طبقا لمقكاعد العامة‪.‬‬
‫المحرض الجزائية تبقى في حدكد التحريض فقط ك ال تتعداه إلى نتائج أخرل‬
‫ِّ‬ ‫د‪ -‬إف مسؤكلية‬
‫ميما كانت جسيمة‪.‬‬
‫‪ )3‬الفاعؿ المعنكم‪:‬‬
‫نصت عميو المادة ‪ 45‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك يقصد بو استعماؿ شخص لشخص آخر غير مسؤكؿ‬
‫جزائيا لكصفو أك كضعو بغية ارتكاب الجريمة‪ ،‬كمف يستخدـ مجنكف أك صبي‪ ،‬أك مف ىك في حالة‬
‫دفاع شرعي‪ ،‬فيك يستعمؿ غيره في ارتكاب الجريمة حتى ك لك كاف حيكانا مدربا عمى الجريمة‪ ،‬كما‬
‫ال يشترط تكاجده في مسرح الجريمة‪.‬‬
‫يتحقؽ الفاعؿ المعنكم في الحالتيف اآلتيتيف‪:‬‬
‫‪ -‬انتفاء األىمية الجنائية لدل المنفذ كأف يككف مجنكف أك الصبي مثبل‪.‬‬
‫‪ -‬انتفاء القصد الجنائي لدل المنفذ فقد ال تتكفر المسؤكلية الجزائية لممنفذ عف جريمة عمدية‬
‫النتفاء القصد‪ ،‬ثـ يثبت أف القصد كاف متكف ار لدل مف دفعو إلى الفعؿ الذم كقعت بو الجريمة‬
‫كمدير المسرح الذم يسمـ الممثؿ مسدسا فيو ذخيرة حية الستعماليا أثناء التمثيؿ مكىما إياه أنيا‬
‫خراطيش مما يؤدم إلى قتؿ ب طمة المسرحية‪ ،‬أك مف يطمب مف خادـ المطعـ أف يسممو معطفا معمقا‬
‫الذم ىك لمغير فيحضره إليو معتقدا أف المعطؼ لمف طمبو(‪.)1‬‬
‫ك بالتالي الفاعؿ المعنكم يسيطر عمى المنفذ ك يعتبره أداة بيده الرتكاب جريمتو‪ ،‬ك ال تيـ‬
‫الكسيمة ماداـ المشرع لـ يحددىا‪ ،‬فقد تككف مادية أك معنكية‪ ،‬إال أنو ييسأؿ جزائيا عف النتائج‬
‫المتكقعة ك غير المتكقعة‪ ،‬ك منو فإنو يمتقي ك يختمؼ عف التحريض في عدة مكاضع‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– سمير عالية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.318‬‬
‫~‪~57‬‬
‫‪ -II‬الشريؾ (المساىمة التبعية أك غير المباشرة)‪:‬‬
‫نظـ المشرع المساىمة التبعية أك الشريؾ في نص المادة ‪ ،42‬ك المادة ‪ 43‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫إف األصؿ في أعماؿ الشريؾ غير مجرمة ك ال يعاقب عمييا ككنيا تدخؿ ضمف األعماؿ‬
‫التحضيرية‪ ،‬لكنيا اكتسبت الصفة التجريمية بسبب تجريـ أعماؿ الفاعؿ األصمي‪ ،‬لذلؾ ال يعاقب‬
‫الشريؾ إال إذا قاـ الفاعؿ األصمي بالجريمة أك شرع فييا‪.‬‬
‫بالرجكع إلى نص المادتيف المذككرتيف أعبله فالشريؾ في التشريع الجزائرم يتخذ مظيريف أك‬
‫صكرتيف ىما‪:‬‬
‫‪ -10‬الشريؾ الفعمي‪:‬‬
‫إف أعماؿ الشريؾ ليا عدة مظاىر فيك يقدـ المعاكنة أك المساعدة لمفاعؿ األصمي لتسييؿ‬
‫ارتكاب الجريمة ك التي تختمؼ باختبلؼ طبيعة الجريمة‪ ،‬ك ىي عمى ثبلث أكجو‪:‬‬
‫‪ -1.1‬المساعدة السابقة‪:‬‬
‫كمف يعطي حببل لمسارؽ أك عصا مف أجؿ الضرب‪ ،‬فالشريؾ ىنا غير مكجكد في مسرح‬
‫الجريمة ك ال كقتيا‪ ،‬غير أنو بطبيعة الحاؿ البد مف تكفر عنصر العمـ‪.‬‬
‫‪ -2.1‬المساعدة المعاصرة‪:‬‬
‫يقصد بيا تقديـ المساعدة لمفاعؿ األصمي كقت ارتكاب الجريمة‪ ،‬كمف ينتظر السارؽ خارج‬
‫المنزؿ لميركب بالمسركقات مثبل‪.‬‬
‫غير أنو قد يككف الشريؾ فاعبل أصميا إذا قدـ المساعدة كقت ارتكاب الجريمة ك كاف مكجكدا‬
‫بمسرحيا كمف يمسؾ بشخص ك األخر يضربو‪.‬‬
‫‪ -3.1‬المساعدة البلحقة‪:‬‬
‫ك ىي تقديـ المساعدة لمفاعؿ األصمي ك في ىذه الحالة قد نككف أماـ جريمة مستقمة كجريمة‬
‫إخفاء أشياء مسركقة طبقا لنص المادة ‪ 387‬قانكف العقكبات لمف يخبئيا عنده‪.‬‬
‫‪ -10‬الشريؾ الحكمي‪:‬‬
‫نظمتو المادة ‪ 43‬قانكف عقكبات ك ىك مف يقدـ مسكنو إليكاء األشرار ك إخفائيـ بغية التخطيط‬
‫لمجريمة‪ ،‬غير أنو ييشترط تكرار الفعؿ فيي مف الجرائـ اإلعتيادية‪ ،‬فقياـ مرة كاحدة ال يشكؿ جريمة‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة ىنا إلى أف المشرع جرـ بعض األفعاؿ البلحقة عمى ارتكاب الجريمة ك اعتبرىا‬
‫جرائـ مستقمة كنص المادة ‪ 91‬قانكف عقكبات مثبل‪.‬‬

‫~‪~58‬‬
‫أحكام خاصة باإلشتراك في الجريمة‪:‬‬
‫أ‪ -‬ال يعتبر شريؾ الشريؾ شريكا النقطاع الرابطة السببية بينو ك بيف الفاعؿ األصمي ما لـ يكف‬
‫عالما بما يجرم‪ ،‬ألف القانكف يتطمب عبلقة بيف نشاط الشريؾ ك الجريمة المرتكبة ك ليس بيف‬
‫الشريؾ ك شخص آخر(‪.)1‬‬
‫ب‪ -‬في حالة عدكؿ الشريؾ ال ييسأؿ جزائيا ما لـ يقـ الفاعؿ األصمي بالجريمة أك شرع فييا‬
‫شريطة أف يككف عدكلو اختياريا مف تمقاء نفسو‪.‬‬
‫ج‪ -‬إف المسؤكلية الجزائية لمشريؾ تبقى في حدكد اإلشتراؾ فقط‪ ،‬فإذا قاـ الفاعؿ األصمي‬
‫بالسرقة ك القتؿ مثبل فإف الشريؾ ال ييسأؿ عف القتؿ ماداـ اتفاقيما كاف عمى السرقة فقط‪.‬‬
‫د‪ -‬البد مف تحديد الطريقة التي تمت بو المشاركة في الجريمة حتى يككف الحكـ سميما حسب‬
‫القرار رقـ‪ 229039 :‬الصادر عف الغرفة الجنائية لممحكمة العميا بتاريخ‪ 29 :‬فبراير‪،)2(2002‬‬
‫إضافة إلى إبراز عناصر جريمة المشاركة مف عمـ كطرؽ المساعدة ك المعاكنة‪ ،‬ك السؤاؿ الذم ال‬
‫يستظير طريقة المساىمة يعد مبيما ك غير تاـ العناصر المككنة ليا ك ىذا طبقا لمقرار الصادر‬
‫عف الغرفة الجنائية بتاريخ‪ 19 :‬يناير ‪ 1988‬في القضية رقـ‪.)3(46312 :‬‬
‫ق‪ -‬ال يصمح اإلمتناع سببا لئلشتراؾ في الجريمة‪ ،‬ما لـ يشكؿ اإلمتناع جريمة خاصة يعاقب‬
‫عمييا بكصفو فاعبل أصميا ال شريكا‪.‬‬
‫ك ىذه المسألة عرفت اختبلفا فقييا‪ ،‬مذىب يقكؿ بعدـ تصكر اإلشتراؾ في جرائـ اإلمتناع ألف‬
‫ىذه األخير ليس لو فاعمية سببية فيك عدـ ك ال ينتج سكل العدـ‪ ،‬فالشخص الذم يشاىد جريمة‬
‫ك ال يمنعيا ال يعد شريكا فييا‪ ،‬ك مذىب ثاني يقكؿ عكس ذلؾ تماما فميس ىناؾ ما يمنع مؤاخذة‬
‫شخص عمى اإلشتراؾ بطريؽ اإلمتناع متى ساىـ نشاطو السمبي في حصكؿ النتيجة ك كاف راغبا‬
‫فييا‪ ،‬كالخادـ الذم يترؾ الباب مفتكحا لتسييؿ السرقة شريطة تكفر الرابطة السبيية(‪.)4‬‬
‫ك المبلحظ عمى المشرع الجزائرم مف خبلؿ نص المادتيف ‪ 42 ،41‬قانكف عقكبات جاء المفظ‬
‫عاما غير مقيد مما يعني أف اإلشتراؾ قد يككف باإلمتناع أيضا‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.221‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬اإلجتياد القضائي لمغرفة الجنائية‪ ،‬عدد خاص‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪ ،2003 ،‬ص ‪.562‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪ ،1990 ،‬ص ‪.222‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬لمزيد مف التفصيؿ راجع‪ :‬مسعكد ختير‪ ،‬المساىمة الجنائية في جرائـ اإلمتناع‪ ،‬مجمة دفاتر السياسة ك القانكف‪ ،‬العدد‬
‫العاشر‪ ،‬كمية الحقكؽ ك العمكـ السياسية‪ ،‬جامعة قاصدم مرباح بكرڤمة‪ ،‬الج ازئر‪ ،‬جانفي ‪ ،2014‬ص ص ‪.293-289‬‬
‫~‪~59‬‬
‫ثالثا‪ -‬طبيعة العالقة بين الشريك و الفاعل األصمي‪:‬‬
‫لقد ثار اختبلؼ فقيي كبير حكؿ ىذه المسألة ببركز نظريات متباينة اآلراء نكجزىا في األتي‪:‬‬
‫‪ -I‬نظرية إستعارة التجريـ‪:‬‬
‫مرد ىذه النظرية أك المذىب إلى القانكف الركماني(‪ ،)1‬ك تعني أف مسؤكلية الشريؾ مرتبطة‬
‫بمسؤكلية الفاعؿ األصمي عمى أساس أنو يستعير إجرامو مف إجراـ الفاعؿ األصمي‪ ،‬ك منو فبل‬
‫يسأؿ جزائيا إذا امتنع الفاعؿ األصمي عف ارتكاب الجريمة‪ ،‬كما أنو يستفيد مف مكانع المسؤكلية أك‬
‫العقاب إذا تكفرت في الفاعؿ األصمي‪ ،‬كما قد تشدد مسؤكليتو الجزائية بمسائمتو عف عدة جرائـ لـ‬
‫يكف يتكقعيا نتيجة ارتكابيا مف طرؼ الفاعؿ األصمي إذا اقترنا قصدىما الجنائي‪.‬‬
‫‪ -II‬نظرية اإلستقبللية‪:‬‬
‫أماـ النقد المكجو لنظرية اإلستعارة برز اتجاه آخر يقضي بأف أعماؿ الشريؾ مستقمة عف أعماؿ‬
‫الفاعؿ األصمي‪ ،‬ك كؿ كاحد مستؽ عف األخر مف حيث العقكبة‪ ،‬ك بالتالي ال يتأثر الشريؾ بمكانع‬
‫المسؤكلية أك العقاب إذا تكفرت في الفاعؿ األصمي‪ ،‬كما أف الشريؾ يساؿ جزائيا تبعا لخطكرتو‬
‫اإلجرامية فقد تككف عقكبتو اشد أك أخؼ مف عقكبة الفاعؿ األصمي‪ ،‬إضافة إلى اقتصار مسؤكليتو‬
‫الجزائية ت بعا لمقصد الجنائي المتعمؽ بالجريمة المراد ارتكابيا دكف غيرىا في حالة تعدد الجرائـ(‪.)2‬‬
‫أما عف مكقؼ المشرع الجزائرم ك مف خبلؿ نص المادة ‪ 44‬قانكف عقكبات فإنو أخذ بنظرية‬
‫اإلستعارة في التجريـ‪ ،‬ك االستقبللية في الظركؼ‪ ،‬ك التبعية في العقكبة‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬عقوبة الفاعل األصمي و الشريك‪:‬‬
‫‪ -I‬العقكبة المقررة‪:‬‬
‫يعاقب الفاعؿ األصمي بالعقكبة المقررة لمجريمة حسب النص القانكني المتعمؽ بيا‪ ،‬سكاء كاف‬
‫بمفرده أك مع غيره مف الفاعميف األصمييف ما لـ يكف التعدد ظرفا مشددا‪ ،‬ك ميما كاف مظيره‪.‬‬
‫أما عقكبة الشريؾ ك طبقا لنص المادة ‪ 1/44‬فإف المشرع بخبلؼ بعض التشريعات األخرل‬
‫يسكم في العقكبة بيف الفاعؿ األصمي ك الشريؾ‪ ،‬غير أنو ميز بيف أنكاع الجرائـ فيعاقب عمى‬
‫اإلشتراؾ في الجنايات ك الجنح دكف المخالفات حسب النص المذككر أعبله‪.‬‬
‫إف العبرة ىنا بالعقكبة المقررة قانكنا ك ليس المقدرة قضاء‪ ،‬حيث يمكف لمقاضي المختص في‬
‫حالة كجكد حديف أف يخفؼ عقكبة الشريؾ مقارنة بالفاعؿ األصمي‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.288‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عبد الرحماف خمفي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫~‪~61‬‬
‫‪ -II‬تأثير الظركؼ عمى العقكبة‪:‬‬
‫إعماال بذات النص في فقرتيو الثانية ك الثالثة فإف تأثير الظركؼ تختمؼ باختبلؼ طبيعتيا إف‬
‫كانت شخصية أك مكضكعية‪.‬‬
‫‪ -‬فبالنسبة لمظركؼ الشخصية ال تسرم عمى الفاعؿ األصمي أك الشريؾ إال إذا تكفرت فيو‪،‬‬
‫ميما كانت مشددة أك مخففة أك معفية أك مانعة لممسؤكلية‪ ،‬كالجنكف أك العكد أك صمة القرابة مثبل‬
‫في بعض الجرائـ ك غيرىا‪.‬‬
‫‪ -‬أما بالنسبة لمظركؼ المكضكعية فإنيا تسرم عمى الفاعؿ األصمي ك الشريؾ شريطة أف‬
‫يككف كؿ مساىـ في الجريمة عالـ بيا‪ ،‬سكاء كاف ىذا الظرؼ المكضكعي مرتبط بمكاف الجريمة أك‬
‫زمانيا أك الكسيمة المرتكبة بيا‪.‬‬
‫إال أ ف ىناؾ مف يرل بأف اشتراط المشرع ضركرة العمـ بالظركؼ المكضكعية لو ما يبرره في‬
‫حالة التشديد كي ال يفاجأ مرتكب الجريمة بما ال يعمـ‪ ،‬أما الظركؼ المخففة فبل يكجد سبب‬
‫الشتراطو ك الحكمة مف ذلؾ غير معمكمة أك معركفة(‪.)1‬‬
‫المطمب الثالث‪ :‬الركن المعنوي لمجريمة‬
‫لتماـ قياـ الجريمة البد مف تكفر ركف ثالث الذم يجسد العبلقة أك الرابطة النفسية التي تجمع‬
‫بيف الجريمة ك مرتكبيا ك المعركؼ بالركف المعنكم فيك يمثؿ ركح المسؤكلية الجزائية‪ ،‬ك يتخذ‬
‫صكرتيف متعاكستيف الجريمة عمدية‪ ،‬ك الجريمة غير عمدية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الجريمة العمدية ( الخطأ العمدي أو المقصود)‬
‫نعني بالجريمة العمدية تمؾ الجريمة التي تقكـ أك تتكفر عمى القصد الجنائي‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف القصد الجنائي و عناصره‪:‬‬
‫‪ -I‬تعريؼ القصد الجنائي‪:‬‬
‫لـ يضع المشرع الجزائرم تعريفا لمقصد الجنائي بؿ استخدـ لفظ العمد لمداللة عميو كجريمة‬
‫القتؿ العمدم(‪ ،)2‬كما دؿ عميو بمصطمح سكء النية في جريمة إصدار شيؾ دكف رصيد(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– عبد الرحماف خمفي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 254‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 274‬مف ذات القانكف‪.‬‬
‫~‪~61‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ىما‪:‬‬ ‫أما الفقو فقد انقسـ في تعريفو إلى فريقيف‬
‫‪ )1‬المذىب التقميدم‪:‬‬
‫يمثمو كؿ مف نكرماف الذم عرؼ القصد الجنائي بأنو ‪‬عمـ الجاني بأنو يقكـ مختا ار بارتكاب‬
‫الفعؿ المكصكؼ جريمة في القانكف‪ ،‬ك عممو أنو بذلؾ يخالؼ أكامره ك نكاىيو"‪ ،‬ك أيضا قارك‪،‬‬
‫إضافة إلى قارسكف الذم اعتبره "عمـ الجاني بأنو يقكـ بعمؿ غير شرعي‪ ،‬ك منو فالقصد الجنائي‬
‫حسبيـ يتألؼ مف عنصرم العمـ ك اإلرادة‪.‬‬
‫‪ )2‬المذىب الكاقعي‪:‬‬
‫يتزعمو ال فقيو فيرم الذم يعتبر أف النية ليست مجردة بؿ ىي إرادة محددة بسبب أك بباعث‬
‫ك الذم نبحث فيو إف كاف اجتماعيا أـ ال‪ ،‬ك ال يككف الفعؿ معاقبا عميو إال إذا كانت الغاية منو‬
‫مخالفة النظاـ اإلجتماعي ‪ ،‬ك ىك المكقؼ الذم لـ يقره المشرع الجزائرم حيث أخذ بالمذىب التقميدم‬
‫مف خبلؿ فصمو بيف النية ك الباعث‪.‬‬
‫ك عميو فالقصد الجنائي اتجاه إرادة الجاني إلى تحقيؽ النتيجة مع عممو بالكاقعة اإلجرامية‪،‬‬
‫فالشخص يريد السمكؾ ك النتيجة معا في الجرائـ المادية مما يدؿ عمى كجكد اإلرادة اآلثمة‪ ،‬ك ىذا‬
‫ىك األصؿ في الجرائـ‪ ،‬ك الجريمة العمدية نجدىا في الجنايات ك الجنح ك المخالفات(‪.)2‬‬
‫‪ -II‬عناصر القصد الجنائي‪:‬‬
‫يتضح مف خبلؿ تعريؼ القصد الجنائي أنو يتألؼ مف عنصريف ىاميف ىما‪:‬‬
‫‪ )1‬العمـ بالكاقعة اإلجرامية‪:‬‬
‫ك ىك إدراؾ األمكر عمى نحك صحيح‪ ،‬فالجاني ينبغي أف يعمـ بأنو يعتدم عمى مصمحة محمية‬
‫قانكنا ‪ ،‬فالعمـ الحالة الذىنية التي يككف عمييا الجاني كقت ارتكاب الجريمة‪ ،‬حيث يمتمؾ قد ار الزما‬
‫مف المعمكمات عف عناصر الجريمة كفقا لكجييا المحدد قانكنا‪.‬‬
‫غير أنو يجب في عنصر العمـ التمييز بيف نكعيف مف الكقائع‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬أحسف بكسقيعة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص ‪.146-143‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– لمتفصيؿ في مختمؼ التعاريؼ راجع‪ :‬صالح نبيو‪ ،‬النظرية العامة لمقصد الجنائي( مقارنا بكؿ مف القصد اإلحتمالي‬
‫ك القصد المتعدم ك القصد الخاص)‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الثقافة لمنشر ك التكزيع‪ ،‬عماف‪ ،2004 ،‬ص ص ‪.47-44‬‬
‫~‪~62‬‬
‫أ‪ -‬الكقائع الكاجب العمـ بيا‪:‬‬
‫بقصد بيا العناصر التي تتككف منيا الجريمة‪ ،‬ك يقتضي تحديدىا الرجكع إلى النمكذج القانكني‬
‫لكؿ جريمة عمى حدل ك التأكد مف عمـ الجاني بيا(‪ ،)1‬ك المتمثمة في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬العمـ بمكضكع الحؽ المعتدل عميو ك خطكرة فعمو‪ ،‬حيث يعمـ أف يعتدم عمى مصمحة‬
‫محمية قانكنا الدالة عمى إرادتو اآلثمة‪ ،‬ك التي تفترض العمـ بيذا الحؽ مكضكع الحماية الجنائية‬
‫ككف الحؽ عبارة عف فكرة قانكنية ال يمكف تصكره دكف مكضكع ينصب عميو(‪.)2‬‬
‫‪ -‬العمـ بمكاف ك زماف ارتكاب الجريمة‪ ،‬ك يتعمؽ األمر بالجرائـ التي يشترط القانكف كقكعيا‬
‫في مكاف أك زماف محدديف‪ ،‬ألف القاعدة العامة تقضي بغير ذلؾ‪.‬‬
‫‪ -‬العمـ بالصفات الكاجب تكفرىا في الشخص سكاء كاف الجاني أك المجني عميو‪ ،‬كجريمة‬
‫الرشكة مثبل‪ ،‬أك جريمة قتؿ الفركع لؤلصكؿ‪ ،‬أك اإلجياض‪ ،‬أك الزنا‪.‬‬
‫‪ -‬العمـ بالظركؼ المشددة التي تغير مف كصؼ الجريمة‪ ،‬كالسرقة باستعماؿ السبلح‪ ،‬أك‬
‫الضرب المفضي إلى المكت ك غيرىا ‪ ،‬ألف الظرؼ يعد بمثابة ركف ليا‪ ،‬فيك ينشأ جريمة جديدة ليا‬
‫عناصرىا المتميزة عف الجريمة في حالتيا البسيطة‪.‬‬
‫‪ -‬العمـ بتكقع النتيجة ك العبلقة السببية التي تربط بيف الفعؿ ك النتيجة المراد تحقيقيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬الكقائع التي ال يتطمب القانكف العمـ بيا‪:‬‬
‫ىي الكقائع التي يسأؿ عنيا الجاني بغض النظر عف عممو بيا مف عدمو ك مف أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬العمـ بعناصر األىمية الجنائية‪ ،‬فبل تؤثر عمـ الجاني أك جيمو بعناصر األىمية عمى تكافر‬
‫القصد كمف يعتقد أف مريض عقميا ك يثبت أف شفي منو كقت ارتكاب الفعؿ فالقصد الجنائي ىنا‬
‫قائـ‪.‬‬
‫‪ -‬الظركؼ المشددة التي ال تغير مف كصؼ الجريمة ككنيا ليست مف عناصر الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬الظركؼ المشددة المتعمقة بجسامة النتيجة‪ ،‬أك الشركط المكضكعية لمعقاب‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– عمي عبد القادر القيكجي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.389‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– صالح نبيو‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫~‪~63‬‬
‫تأثير الجيل أو الغمط في قيام القصد الجنائي‬
‫لمجيؿ ك الغمط عبلقة كطيدة بالقصد الجنائي نظ ار لمعناصر التي يتككف منيا ىذا األخير‪ ،‬ك‬
‫لمعرفة تأثيرىما نميز بيف حالتيف‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لمكقائع‪:‬‬
‫الجيؿ بالكاقعة يعني عدـ العمـ بيا‪ ،‬أما الغمط فييا فيك العمـ بيا عمى نحك غير صحيح‪.‬‬
‫إذا انصب الجيؿ أك الغمط عمى ركف مف أركاف الجريمة فإنو يعدـ القصد الجنائي‪ ،‬كمف يطمؽ‬
‫النار عمى إ نساف معتقدا أنو الصيد الذم يريده فيسأؿ ىنا عف جريمة غير عمدية‪ ،‬ك أحيانا تنتفي‬
‫المسؤكلية تماما كمف يسرؽ شيئا مممككا لمغير معتقدا عف غمط أنو ممكو ألف السرقة ال تقع بالخطأ‪.‬‬
‫أما إذا كقع الجيؿ أك الغمط عمى م ا ال يعد ركنا في الجريمة فإف القصد الجنائي ال ينتفي‪ ،‬كمف‬
‫يخطأ في شخص أك شخصية المجني عميو عند قيامو بجريمة القتؿ مثبل(‪.)1‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لمقانكف‪:‬‬
‫العمـ بالقانكف ال يثير صعكبة إذا كانت الجريمة المرتكبة تمس األخبلؽ ك الديف أيضا‪ ،‬لكف‬
‫الصعكبة تكمف لما تككف الجريمة ال تناقض تعاليـ األخبلؽ ك إنما جرميا المشرع حماية لبعض‬
‫مصالح المجتمع كجرائـ المركر أك الجمارؾ ك غيرىا ‪ ،‬فينا قد ال يتكفر عنصر العمـ عند فاعميا‪ ،‬ك‬
‫مف أجؿ التنسيؽ بيف تحقيؽ مصمحة المجتمع في حماية الحقكؽ مف جية‪ ،‬ك كفالة المدلكؿ السميـ‬
‫لمقصد الجنائي تـ استبعاد ال عمـ بالقانكف مف عناصر القصد‪ ،‬حيث ذىب الرأم السائد في الفقو ك‬
‫القضاء إلى افتراض العمـ بالقانكف(‪.)2‬‬
‫إف العمـ في المسائؿ الجنائية يمفترض‪ ،‬فبل يجكز ألم شخص أف يدفع بجيمو لمقانكف حتى ينفي‬
‫القصد الجنائي كفؽ مبدأ ‪ ‬ال ييعذر الشخص بجيؿ القانكف‪ ،‬ك يعني أف سمطة اإلتياـ غير ممزمة‬
‫بإثباتو‪ ،‬ك ال يمكف لممتيـ الدفع بانتفاء قصد الجنائي نتيجة جيمو بالقانكف أك خطإ في تفسيره‪ ،‬ك‬
‫ىذا الذم تبناه المشرع الجزائرم‪ ،‬حيث أقر ىذه القاعدة ك جعميا مبدأ دستكريا لقيمتيا القانكنية ك‬
‫العممية(‪ ،)3‬كما أنيا تعتبر قرينة قاط عة عمى عمـ الكافة أكجبتو الضركرة‪ ،‬ك ىذا ما كرسو القضاء‬
‫الجزائي في القرار رقـ‪ 20225 :‬الصادر بتاريخ‪ 19 :‬مايك ‪ 1981‬عف الغرفة الجنائية الثانية‬
‫لممحكمة العميا(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– رؤكؼ عبيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص ‪.288-287‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.212‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 1-74‬مف دستكر‪ 06‬مارس ‪.2016‬‬
‫(‪)4‬‬
‫– جيبللي بغدادم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫~‪~64‬‬
‫ك تجدر اإلشارة إلى أنو إذا كاف الجيؿ أك الغمط في قانكف غير عقابي كمف يرتكب جريمة‬
‫خيانة األمانة التي يشترط كجكد عقد مف عقكد األمانة‪ ،‬فتسمـ الشخص مبمغا مف الماؿ عمى سبيؿ‬
‫األمانة ك لكنو اعت قد أنو تسممو بمقتضى عقد قرض الذم ال يعد كذلؾ‪ ،‬فينا الجيؿ أك الغمط في‬
‫قاعدة غير عقابية لذا فإنو ليس جيبل بالقانكف ك إنما بالكاقع أدل إلى غمط في القانكف ك لذلؾ فيك‬
‫ينفي القصد الجنائي‪ ،‬فاإلحتجاج بالجيؿ أك الغمط في القانكف يجكز الدفع بو في حالة القكة القاىرة‪،‬‬
‫أك استحالة العمـ بالقانكف‪ ،‬أك عدـ نشره(‪.)1‬‬
‫‪ )2‬اإلرادة‪:‬‬
‫اإلرادة ىي القكة النفسية التي تحركو إلى ارتكاب الجريمة‪ ،‬ك ىي ثاني عنصر لمقصد الجنائي‪،‬‬
‫ك ىي اإلرادة المقصكدة ىي التي تككف حرة كاعية بخمكىا مف أم عيب بعدـ تكفر أسباب اإلباحة‬
‫أك مكانع المسؤكلية الجزائية‪.‬‬
‫ك لكي تتحقؽ اإلرادة يشترط تكفرىا عمى عنصريف ىما‪:‬‬
‫‪ -‬إرادة الفعؿ أك السمكؾ أم إتياف الفعؿ المككف لمجريمة العمدية‪ ،‬ك ىذه اإلرادة مفترضة‪،‬‬
‫فالنيابة العامة أك سمطة اإلتياـ معفاة مف إقامة الدليؿ عمى كجكدىا ك إف كانت القرينة غير قاطعة‬
‫إذ ىي قابمة إلثبات العكس فمممتيـ إثبات أنو لـ يرد الفعؿ الصادر منو(‪.)2‬‬
‫‪ -‬إرادة إحداث النتيجة أم أنو أراد تحقيؽ نتيجة إجرامية مف فعمو الذم قاـ بو‪ ،‬باعتدائو عمى‬
‫مصمحة محمية قانكنا‪ ،‬ك ىذا في الجرائـ المادية‪ ،‬ك ىنا يجب التمييز ك عدـ الخمط بينيا ك بيف‬
‫الباعث ك الغاية الذم ينتج اختبلفا في القصد الجنائي لكجكد عبلقة فيما بينيا‪ ،‬لذا ينبغي التمييز‬
‫في األخير بيف اإلرادة ك القصد‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أنواع القصد الجنائي‪:‬‬
‫لمقصد الجنائي عدة أنكاع نكردىا عمى النحك التالي‪:‬‬
‫‪ -I‬القصد العاـ ك القصد الخاص‪:‬‬
‫القصد العاـ ىك اتجاه اإل رادة إلى النتيجة مع العمـ بالكاقعة اإلجرامية‪ ،‬فيك مطمكب في كافة‬
‫الجرائـ العمدية سكاء المنصكص عمييا في قانكف العقكبات أك القكانيف المكممة لو‪.‬‬
‫أما القصد الخاص فيك انصراؼ النية إلى غاية معينة أك نية دفعيا إلى الفعؿ باعث خاص‪،‬‬
‫فيك قصد إضافي أك شرط تجريـ في بعض الجرائـ التي ال يكفي فييا القصد العاـ‪ ،‬لذلؾ فيك‬
‫يتشكؿ مف الباعث ك الغاية ك أيضا النتيجة اإلجرامية(‪.)3‬‬
‫(‪)1‬‬
‫– صالح نبيو‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– كامؿ السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.281‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– صالح نبيو‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.346‬‬
‫~‪~65‬‬
‫أكرد المشرع في قانكف العقكبات العديد مف الجرائـ التي يشترط فييا القصد الخاص إضافة إلى‬
‫العاـ منيا‪:‬‬
‫‪ -‬الجرائـ المكصكفة بأفعاؿ إرىابية أك تخريبية؛‬
‫‪ -‬جريمة القتؿ العمدم؛‬
‫‪ -‬جريمة السرقة؛‬
‫‪ -‬جريمة تيريب المياجريف؛‬
‫‪ -‬جريمة النصب‪.‬‬
‫غير أف اإلشكاؿ المطركح ثمة جرائـ نص عميو صراحة‪ ،‬ك جرائـ أخرل لـ يحدده صراحة مما‬
‫قد يثير اختبلفا قضائيا في اشتراطو مف عدمو‪.‬‬
‫‪ -II‬القصد المحدد ك القصد غير المحدد‪:‬‬
‫القصد المحدد ىك الذم تتجو فيو اإلرادة إلى تحقيؽ النتيجة في مكضكع محدد‪ ،‬كمف يطمؽ النار‬
‫عمى شخص معيف بالذات مثبل‪ ،‬أك مف يستكلي عمى ماؿ معيف بنية تممكو‪.‬‬
‫أما القصد غير المحدد عكس سابقو فاإلرادة فيو تتجو إلى تحقيؽ نتيجة إجرامية غير محددة‬
‫لمكضكعيا‪ ،‬كالذم يمقي بقنبمة كسط جمع مف الناس دكف تحديد لشخصياتيـ‪ ،‬فضابط التمييز بينيما‬
‫يتكقؼ عمى مكضكع النتيجة اإلجرامية لذا ال تكجد أىمية قانكنية لمتمييز بينيما ماداـ القصد الجنائي‬
‫متكفر(‪.)1‬‬
‫‪ -III‬القصد المباشر ك القصد اإلحتمالي‪:‬‬
‫القصد المباشر يعني اتجاه اإلرادة إلى اإلعتداء عمى الحؽ المحمي قانكنا بتحقيؽ النتيجة‬
‫اإلجرامية‪ ،‬ك ىك الصكرة العادية ك الكاضحة لمقصد الجنائي ككنو يتكفر عمى عناصره‪ ،‬فاإلرادة فيو‬
‫تستند إلى عمـ يقيني ثابت بتكفر عناصر الجريمة كمف يطمؽ النار عمى المجني عميو راغبا قتمو‪.‬‬
‫أما القصد اإلحتمالي فيك قياـ الجاني بفعؿ لتحقيؽ نتيجة معينة فتحدث نتيجة أشد مف النتيجة‬
‫التي أرادىا‪ ،‬فيك بذلؾ يمتقي مع القصد المباشر في عنصرم العمـ ك اإلرادة‪ ،‬غير أنو يتميز عنو‬
‫في أف الفاعؿ ال يككف مكقنا كقت ارتكاب الجريمة فإرادتو تقؼ عند حد تكقع النتيجة اإلجرامية فقط‬
‫بمعنى مف المحتمؿ أف تقع لذا ال يفرقكف بينو ك بيف القصد المتعدم(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– عمي عبد القادر القيكجي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.416‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– صالح نبيو‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.259‬‬
‫~‪~66‬‬
‫ك بالرجكع إلى قانكف العقكبات فالمشرع لـ يفرؽ بيف القصد المباشر ك اإلحتمالي مف حيث‬
‫قيمتيما في تكفر المسؤكلية الجزائية فيي كاحدة في كمييما‪ ،‬غير أنو قد تشدد في بعض الحاالت‬
‫ك المعركفة بالجرائـ المتعدية قصد أك الجرائـ المشددة بالنتيجة‪ ،‬ك مثاؿ ذلؾ جريمة الضرب‬
‫ك الجرح المفضي إلى المكت(‪ ،)1‬جريمة الخصاء إذا أدت إلى الكفاة(‪ ،)2‬جرائـ ترؾ األطفاؿ‬
‫ك تعريضيـ لمخطر(‪ ،)3‬جريمة تعريض طائرة أك باخرة لمخطر بتقديـ معمكمات خاطئة(‪ ،)4‬رغـ أف‬
‫الفقو اختمؼ في تحديد األساس الذم تقكـ عميو المسؤكلية الجزائية(‪.)5‬‬
‫ثالثا‪ -‬عالقة الباعث بالقصد الجنائي‪:‬‬
‫لقد ذىب البعض إلى التمييز بيف الباعث ك الدافع عمى اعتبار األكؿ يمثؿ العكامؿ النفسية التي‬
‫تممييا العاطفة اليكجاء ك اإلنفعاؿ العابر فيك يجسد اإلحساس مجرد مف المصمحة‪ ،‬أما الثاني‬
‫فيمثؿ العاطفة التي يممييا العقؿ في ىدكء فيك عكس األكؿ المصمحة مجردة مف اإلحساس‪ ،‬رغـ‬
‫أنيما مصطمحيف مترادفيف يمكف استعماليما لذات الغرض(‪.)6‬‬
‫يع ِّرؼ الباعث بأنو الدافع أك المصمحة التي تحث عمى تككيف العمـ ك اإلرادة الذيف ييدفاف إلى‬
‫تحقيؽ نتيجة معينة‪ ،‬فيك نشاط نفسي داخمي سابؽ عمى الجريمة ك ىك دافع الرتكابيا‪ ،‬كما أنو‬
‫العمة في اإلنحراؼ‪ ،‬ك بالتالي فيك يختمؼ عف القصد ك الغرض ك أيضا الغاية(‪.)7‬‬
‫بالرجكع إلى التشريع الجزائرم لـ يضع المشرع تعريفا لمباعث بخبلؼ بعض التشريعات األخرل‬
‫كالمش رع األردني أك المبناني‪ ،‬ك إنما عرفو القضاء عمى أنو العامؿ النفسي الذم يدعك إلى التفكير‬
‫في الجريمة ك القكة المحركة الرتكابيا‪.‬‬
‫أما عف تأثيره عمى الجريمة فيك مستقؿ عنيا ككنو ال يدخؿ ضمف عناصرىا‪ ،‬فالجريمة تبقى‬
‫قائمة ميما كاف الدافع إلييا شريفا أـ كضيعا ‪ ،‬نبيبل أـ رذيبل‪ ،‬ك إنما قد يجيز تخفيؼ العقكبة في‬
‫حدكد المادة الثالثة ك الخمسيف قانكف عقكبات‪ ،‬عمى عكس القصد الجنائي الذم يعد عنص ار مف‬
‫عناصر الجريمة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 264‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 274‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬أنظر نص المادة ‪ 314‬ك ما بعدىا قانكف عقكبات‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬أنظر نص المادة ‪ 417‬مكرر‪ 1‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫– لمتفصيؿ راجع‪ :‬عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.295-292‬‬
‫(‪)6‬‬
‫– رؤكؼ عبيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.298‬‬
‫(‪)7‬‬
‫– جماؿ الديف عناف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫~‪~67‬‬
‫كما أف الباعث قد يتعدد عكس القصد الجنائي فيك كاحد‪ ،‬فالقتؿ العمدم مثبل القصد فيو إزىاؽ‬
‫الركح لكف الباعث قد يككف االنتقاـ أك الثأر أك رحمة بالمجني عميو‪.‬‬
‫ك بالرجكع إلى قانكف العقكبات ك القكانيف المكممة لو فالمشرع قد يعتبره ركنا خاصا في بعض‬
‫الجرائـ خاصة لما يستعمؿ عبارة "بغية كذا" أك "بغرض كذا" ك نحك ذلؾ مف المصطمحات كجريمة‬
‫تيريب المياجريف مثبل(‪ ،)1‬كما قد يككف مخففا لمعقكبة إما بنص فيسمى عذ ار مخففا‪ ،‬ك إما متركؾ‬
‫لمسمطة التقديرية لمقاضي المختص ك يسمى ظرفا مخففا(‪ ،)2‬كما قد يككف ظرفا مشددا لمعقكبة(‪.)3‬‬
‫ك تجدر اإلشارة في األخير إلى أف القصد الجنائي مف المسائؿ المكضكعية‪ ،‬فالبحث في نية‬
‫المتيـ ك قصده عند ارتكاب الجريمة ليس مف المسائؿ القانكنية ك ال يخضع لمرقابة‪ ،‬كانما األمر‬
‫متركؾ لقضاة المكضكع‪ ،‬فيكفي إلثبات القصد الجنائي أف يككنكا قضائيـ عمى صحة الكاقعة ك‬
‫نسبتيا إلى المتيـ كاستنتاجيا مف ظركؼ كمبلبسات الجريمة بشرط أف يككف ما تكصمكا إليو منطقيا‬
‫ك قانكنيا‪ ،‬ك ىك ما أكد عميو القضاء الجزائي في القرار رقـ‪ 55206 :‬الصادر عف الغرفة الجنائية‬
‫لممحكمة العميا بتاريخ‪ 24 :‬نكفمبر‪.)4(1987‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الجريمة غير العمدية (الخطأ غير العمدي)‬
‫أوال‪ -‬تعريفو و عناصره‪:‬‬
‫‪ -I‬تعريفو‪:‬‬
‫لـ يضع المشرع الجزائر تعريفا لمخطأ غير العمدم بؿ نص عمى صكره المختمفة في نص المادة‬
‫‪ 288‬قانكف عقكبات التي نصت عمى جريمة القتؿ الخطأ‪ ،‬ك منيا يمكف تعريؼ الخطأ غير العمدم‬
‫بأنو ‪ ‬إخبلؿ الشخص بكاجب الحيطة ك الحذر المفركضة عميو قانكنا‪ ،‬مما أدل إلى كقكع نتيجة‬
‫كاف بإمكانو تكقعيا ك اجتنابيا‪.‬‬
‫لذلؾ فاإلرادة نشيطة في انصرافيا إلى السمكؾ الخطر المقصكد ك لكف األمر الناجـ عنيا غير‬
‫مقصكد‪ ،‬فيك يسمى عند البعض بخمكؿ اإلرادة(‪.)5‬‬

‫و‬
‫بمكجب القانكف رقـ‪ 01-09 :‬المؤرخ في‪ 25 :‬فبراير‪ 2009‬المعدؿ‬ ‫– أنظر نص المادة ‪ 303‬مكرر ‪ ،30‬المستحدثة‬ ‫(‪)1‬‬

‫ك المتمـ لقانكف العقكبات‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‪ ،15 :‬المؤرخة في‪ 8 :‬مارس‪.2009‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– مثاؿ لمعذر المخفؼ أنظر نص المادة ‪ 279‬إلى ‪ 283‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫مثاؿ عف الظرؼ نطبؽ نص المكاد مف ‪ 53‬إلى ‪ 53‬مكرر‪ 8‬قانكف العقكبات‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 293‬مكرر‪ 2/‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫– المجمة القضائية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪ ،1990 ،‬ص ‪.203‬‬
‫(‪)5‬‬
‫– رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.926‬‬
‫~‪~68‬‬
‫ك منو فالخطأ غير العمدم الشخص فيو يريد السمكؾ ك ال يريد النتيجة‪ ،‬لذا فيك يمتقي مع‬
‫الخطأ العمدم في أف كؿ منيما يتطمب اإلرادة اإلجرامية‪ ،‬غير أنيا في ىذا األخير يتطمب سيطرة‬
‫ا إلرادة سيطرة فعمية عمى عناصر الجريمة‪ ،‬ك بالتالي ال مجاؿ لمبحث عف تكافر الخطأ غير العمدم‬
‫إال إذا ثبت انتفاء القصد الجنائي فأف تكفر القصد استبعد الخطأ فأحدىما يستبعد اآلخر(‪.)1‬‬
‫أما الغاية مف العقاب عمى الجريمة غير العمدية التي ىي استثناء فاألصؿ في الجرائـ أنيا‬
‫عمدية‪ ،‬راجع لكثرتيا في الحياة اليكمية‪ ،‬فالمصالح الجديرة بالحماية قد تييدد عف طريؽ العمد أك‬
‫عف طريؽ الخطأ‪ ،‬لذا كاف البد مف العقاب عمييا ك لك بدرجة أقؿ جسامة مف العمد طبعا حتى‬
‫يحتاط األشخاص أكثر في تصرفاتيـ ك يضبطكا سمككياتيـ‪.‬‬
‫‪ -II‬عناصر الخطأ غير العمدم‪:‬‬
‫يتضح مف خبل ؿ تعريؼ الخطأ غير العمدم أف ىذا األخير ك ميما كانت صكرتو يتألؼ مف‬
‫عنصريف أساسييف ىما‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلخبلؿ بكاجب الحيطة ك الحذر‪:‬‬
‫إف ال فرد ممزـ قانكنا في حياتو اإلجتماعية تكخي الحيطة ك الحذر في تصرفاتو‪ ،‬فبل يقكـ بعمؿ‬
‫يحقؽ نتيجة إجرامية ‪ ،‬حيث يبيف القانكف حدكد ىذه التصرفات ك ما يجب مراعاتو‪ ،‬كما يمكف المجكء‬
‫إلى الخبرة اإلنسانية طالما أف القانكف ال يمـ بكؿ ما يتكجب عمى الفرد لتحديد القكاعد الكاجب‬
‫مراعاتيا‪ ،‬ك ىذا كمو كفؽ معيار مكضكعي بمقارنة بيف ما صدر عف الشخص المخطئ ك ما كاف‬
‫يمكف أف يصدر عف شخص آخر متكسط الحذر‪ ،‬ألف األخذ بالمعيار الشخصي قد يؤدم إلى‬
‫المسؤكلية الجزائية لمجرد ىفكة بسيطة(‪.)2‬‬
‫‪ .2‬العبلقة النفسية بيف إرادة الفاعؿ ك النتيجة‪:‬‬
‫لقياـ الخطأ غير العمدم البد أيضا مف تكفر نتيجة إجرامية معينة‪ ،‬فبل يكفي السمكؾ كحده‬
‫– كأصؿ عاـ‪ -‬لتكقي ع العقكبة‪ ،‬لذا ينبغي تكفر عبلقة بيف إرادتو ك النتيجة التي حصمت‪ ،‬ك ىذه‬
‫العبلقة ليا صكرتيف ىما‪:‬‬
‫‪ -1.2‬صكرة عدـ تكقع النتيجة اإلجرامية ك ىنا اإلرادة آثمة فكاف يجب عميو تكقع النتيجة كمف‬
‫يطمؽ عيارات نارية في حفؿ زفاؼ عميو تكقع أنو سكؼ يصب أحد المدعكيف مما يحممو المسؤكلية‬
‫الجزائية حسب معيار الرجؿ المتكسط الحيطة ك الحذر‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.237‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.274‬‬
‫~‪~69‬‬
‫‪ -2.2‬صكرة تكقع النتيجة اإلجرامية ك عدـ اتجاه اإلرادة إلييا ك ىنا ظف الجاني أنو يمكف‬
‫تجنبيا‪ ،‬فيي ال تعدك عف عدـ تكخي الحذر كمية أك اتخذ مكقؼ عدـ الجدية أك أف احتياطو لـ يكف‬
‫كافيا كالسائؽ الذم يعتمد عمى ميارتو في القيادة بسرعة في مكاف مزدحـ بالناس‪ ،‬فيذه الصكرة‬
‫تفترض تكقع النتيجة مع عدـ إمكانية درئيا‪ ،‬فإذا لـ يتكقعيا أك أنو تكقعيا لكنو لمي يستطع درئيا‬
‫فبل مجاؿ لقياـ الخطأ‪ ،‬ألف القكؿ بغير ذلؾ يعني تكميؼ الناس بما ال يطيقكف(‪.)1‬‬
‫ثانيا‪ -‬صور الخطأ غير العمدي‪:‬‬
‫أكرد المشرع الجنائي عدة صكر لمخطا غير العمدم في نص المادة ‪ 288‬قانكف عقكبات‪ ،‬يكفي‬
‫أف تتكافر إحداىا فقط لتتحقؽ الجريمة غير العمدية الستخداـ المشرع لفظ " أك"‪ ،‬ك التي تتمثؿ‬
‫فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -I‬الرعكنة‪:‬‬
‫تعني لغة الطيش ك سكء التقدير‪ ،‬ك تتمثؿ في إقداـ الشخص عمى عمؿ غير مقدر خطكرتو ك‬
‫غير مدرؾ ما يحتمؿ أف يترتب عميو مف آثار‪ ،‬فيي ال تختمؼ كثي ار عف قمة الحيطة‪ ،‬لذا حاكؿ‬
‫بعض الفقو أف يعطي ليا مفيكما مستقبل مف خبلؿ قصرىا عمى أىؿ االختصاص(‪ ،)2‬كالمرأة التي‬
‫ترمي شيئ ا صمبا مف النافذة فتصبف أحد المارة‪ ،‬أك مف يمقي بحجارة مف بناية غير متكقع أف يصيب‬
‫أحد فإذا بو عكس ذلؾ‪.‬‬
‫‪ -II‬عدـ الحيطة أك اإلنتباه‪:‬‬
‫تتحقؽ ىذه الصكرة بفعؿ إيجابي يتـ عف عدـ تبصر بعكاقب ك خطكرة الفعؿ الذم أقدـ عميو‬
‫الفاعؿ‪ ،‬فيك الخطأ بتبصر أك الكاعي‪ ،‬فيك يدرؾ خطكرة الفعؿ لكنو يستمر فيو‪ ،‬كاألـ التي تناـ مع‬
‫رضيعيا فتنقمب عميو فيمكت‪ ،‬أك مف يعبث بمسدسو في مكاف عاـ فتنطمؽ منو رصاصة فتصيب‬
‫شخص فتقتمو‪ ،‬أك مف يحفر بئ ار فبل يغطيو أك يضيئو‪.‬‬
‫ك ىناؾ بعض الفقياء مف يدرج الرعكنة في ىذا المفيكـ ك التي تتمثؿ في أخطاء أصحاب‬
‫االختصاص كاألطباء ك الصيادلة‪ ،‬كما أف المسؤكلية الجزائية تقكـ حتى ك لك لـ يكف المخطئ‬
‫نفسو‪ ،‬فرب العمؿ ييسأؿ جزائيا حتى ك لك كاف غائبا عف مكاف العمؿ إذا لـ يتخذ االحتياطات‬
‫البلزمة بشأف آالت الخطرة فتمحؽ إيذاء بأحد العماؿ(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– كامؿ السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.320‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عمي عبد القادر القيكجي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.436‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– سمير عالية‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.272‬‬
‫~‪~71‬‬
‫‪ -III‬اإلىماؿ‪:‬‬
‫ىذه الصكرة عكس سابقتيا حيث يتحقؽ اإلىماؿ بفعؿ سمبي بامتناع الجاني عف اتخاذ العناية‬
‫البلزمة التي تقتضييا كاجبات الحيطة ك الحذر‪ ،‬فمـ يقـ بما مف شأنو الحيمكلة دكف كقكع الضرر(‪،)1‬‬
‫كالجزار الذم يترؾ المحكـ معرضة لمغبار دكف تغميفيا‪ ،‬أك الممرضة التي تحقف المريض دكف‬
‫اختبار الحساسية‪ ،‬أك مف يترؾ حفرة في الطريؽ دكف تسييجيا‪ ،‬أك مف لديو كمب عقكر ك يتسمى‬
‫بتركو طميقا ك يعتدم جراء ذلؾ عمى الناس(‪.)2‬‬
‫‪ -IV‬مخالفة األنظمة ك المكائح‪:‬‬
‫ك يقصد بذلؾ عدـ مطابقة سمكؾ الجاني لمقكاعد اآلمرة التي تقررىا السمطات المختصة‪،‬‬
‫المتمثمة في جميع النصكص التي تقرر القكاعد العامة لمسمكؾ سكاء كاف مصدرىا السمطة التشريعية‬
‫أك التنفيذية ك عبر عنيا المشرع بمفظ "األنظمة" في المادة ‪ 288‬قانكف العقكبات فيي في نظر‬
‫البعض صيغة ناقصة مقتبسة مف قانكف العقكبات الفرنسي قبؿ إلغائو عاـ ‪.)3(1994‬‬
‫ك الذم يميز ىذا الخطأ بأف الذم يخالؼ القكانيف ك األنظمة يعاقب حتى ك لك لـ يرتب فعمو‬
‫أم نتيجة فيك خطا ثابت معفى القاضي مف إقامة الدليؿ عمى قدرة الفاعؿ عمى تكقع النتيجة‪،‬‬
‫فالمسؤكلية الجزائية قائمة طالما تكفرت الرابطة السببية بيف الفعؿ ك النتيجة ك ىك ما يطمؽ عميو‬
‫بالخطأ الخاص تميي از لو عف اإلىماؿ ك عدـ الحيطة(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.240‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– كامؿ السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.316‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أحسف بكسقيعة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫(‪)4‬‬
‫– محمد صبحي نجـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.317‬‬
‫~‪~71‬‬
‫غير أن السؤال المطروح‪ :‬ىل ىذه الصور واردة عمى سبيل الحصر أم المثال؟‬
‫بالرجكع إلى نصكص قانكف العقكبات يتضح أف المشرع الجزائرم لـ يتبع خطة أك اتجاه معيف‪،‬‬
‫فأحيانا يضع الصكر كميا في نص كاحد‪ ،‬ك أحيانا يكتفي بصكرة كاحدة‪ ،‬ك أحيانا بصكرتيف(‪ ،)1‬إال‬
‫أنو ك رغـ اإلختبلؼ الفقيي بشأنيا فإننا نرل أف صكر الخطأ غير العمدم جاءت في المادة ‪288‬‬
‫قانكف العقكبات عمى سبيؿ الحصر ك ليس المثاؿ بدليؿ استخداـ المشرع لفظ "با‪ ،"...‬ك ىذا ما‬
‫كرسو القضاء الجزائي حيث عمى قاضي الحكـ عند تقريره اإلدانة أف يثبت الخطأ الذم أديف مف‬
‫أجمو المتيـ طبقا لمقرار رقـ‪ 8713 :‬الصادر عف الغرفة الجنائية األكلى لممحكمة العميا بتاريخ‪:‬‬
‫‪ 22‬مايك ‪.)2(1973‬‬
‫كما ال ييـ إف كاف الخطأ جسيما أك يسيرا‪ ،‬عاديا أك فنيا‪ ،‬مدنيا أك جنائيا‪ ،‬إضافة إلى ذلؾ كمو‬
‫فيي محصكرة كقاعدة عامة في الجنح ك المخالفات باستثناء بعض الجنايات(‪ ،)3‬كما ال يمكف‬
‫تصكر الشركع ك ال المساىمة الجنائية في الجرائـ غير العمدية‪.‬‬
‫ك عميو فالركف المعنكم لو عبلقة مباشرة بالمسؤكلية الجزائية ككنو يحدد نطاقيا‪ ،‬فقد ييسأؿ‬
‫الشخص عف جريمة عمدية ك ىنا مسؤكليتو مشددة مف حيث جسامتيا ككنيا عبرت عف شخصيتو‬
‫اإلجرامية الخطيرة ك دلت عف إرادتو اآلثمة‪ ،‬ك ال أىمية لجسامة الخطأ‪ ،‬أما الجرائـ غير العمدية‬
‫فإف المسؤكلية الجزائية عنيا مخففة لعدـ كجكد اإلرادة اآلثمة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أنظر عمى سبيؿ المثاؿ نص المكاد‪ 457 ،405 ،442 ،190 ،157 :‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– جيبللي بغدادم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.400‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أنظر مثبل نص المادة ‪ 66‬قانكف عقكبات المتعمقة بجريمة الكشؼ عف كثائؽ سرية متعمقة بالدفاع الكطني بغير قصد‪.‬‬
‫~‪~72‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المسؤولية الجزائية‬
‫إف ارتكاب الجريمة بكامؿ أركانيا يتكجب حدكث أثر لذلؾ الفعؿ حتى ال تتكرر مرة أخرل‪،‬‬
‫فتقرر عمى مرتكبيا المسؤكلية الجزائية‪ ،‬ك ىذا ما سنتطرؽ إليو مف خبلؿ تعريفيا ك أساسيا‪،‬‬
‫ك إضافة إلى شركطيا ك حاالت انتفائيا أك امتناعيا‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬مفيوم المسؤولية الجزائية و أساسيا‬
‫إف تحديد مفيكـ المسؤكلية الجزائية ك أساسيا ليما أىميتيما‪ ،‬إذ تبنى عمييما العناصر األخرل‬
‫لممسؤكلية الجزائية بكجو عاـ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفيوم المسؤولية الجزائية‬
‫لتحديد مفيكـ المسؤكلية نتعرض لتعريفيا ك تمييزىا ع باقي المسؤكليات القانكنية‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف المسؤولية الجزائية‪:‬‬
‫لقد اختمؼ فقياء القانكف حكؿ تحديد مدلكؿ المسؤكلية الجزائية إذ ىناؾ عدة تعريفات ليا‪.‬‬
‫فحسب الفقو الفرنسي ييقصد بيا ‪ ‬إلتزاـ الشخص بتحمؿ النتائج القانكنية المترتبة عمى تكافر‬
‫أركاف الجريمة‪ ،‬ك مكضكعو العقكبة أك التدبير اإلحترازم عف الجريمة الذم ينزلو القانكف بالمسؤكؿ‬
‫عنيا ‪.)1( ‬‬
‫ك عرفت بأنيا ‪ ‬ىي إلتزاـ بتحمؿ النتائج المترتبة عمى تكافر أركاف الجريمة‪ ،‬فالمسؤكلية ال تنشأ‬
‫إال بعد أف تتكفر جميع أركاف الجريمة ألنيا أثر مف أثار ىذه األركاف‪.)2(‬‬
‫ك عميو يمكف تعريؼ المسؤكلية الجزائية بأنيا إلتزاـ يتحمؿ الشخص بمكجبو تبعة مخالفتو‬
‫لمقاعدة الجنائية‪ ،‬سكاء كانت الجريمة المرتكبة لخطإ عمدم أك غير عمدم‪ ،‬متى تكفرت شركطيا ك‬
‫انتفت مكانعيا‪.‬‬
‫ك بالرجكع إلى نصكص قانكف العقكبات لـ يضع المشرع تعريفا لممسؤكلية الجزائية‪ ،‬غير أف‬
‫القضاء استقر عمى أف المسؤكلية الجزائية ىي التي تترتب عمى الشخص الذم ارتكب فعبل أك امتنع‬
‫عف القياـ بعمؿ يعتبر جريمة كفقا لقانكف العقكبات ك القكانيف المكممة لو طبقا لمقرار الصادر عف‬
‫الغرفة الجنائية األكلى في القرار رقـ‪ 68947 :‬المؤرخ في‪ 24 :‬يكليك ‪ ،)3(1990‬ك ميما كانت‬
‫طبيعة الفعؿ المجرـ‪ ،‬سكاء كاف المتيـ فاعبل أصميا أـ فاعبل مع غيره أك شريكا ك ذلؾ بحكـ القرار‬
‫رقـ‪ 80535 :‬الصادر عف الغرفة الجنائية األكلى لممحكمة العميا بتاريخ‪ 22 :‬مايك ‪.)4(1990‬‬
‫(‪)1‬‬
‫– جماؿ إبراىيـ الحيدرم‪ ،‬أحكاـ المسؤكلية الجزائية‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬منشكرات زيف الحقكقية‪ ،‬لبناف‪ ،2010 ،‬ص ‪.25‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– سامي جميؿ الفياض الكبيسي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– جيبللي بغدادم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.317‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬المجمة القضائية العدد الثاني‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1993 ،‬‬
‫~‪~73‬‬
‫ثانيا‪ -‬تمييز المسؤولية الجزائية عن المسؤولية المدنية و التأديبية‪:‬‬
‫‪ - I‬تمييز المسؤكلية الجزائية عف المسؤكلية المدنية‪:‬‬
‫تقع المسؤكلية المدنية جراء كؿ فعؿ يقكـ بو الشخص ك يسبب ضر ار لمغير أيا كاف ىذا الفعؿ‬
‫مشركع أك غير مشركع‪ ،‬نص عمييا المشرع في المادة ‪ 124‬مف القانكف المدني‪ ،‬ك تتميز المسؤكلية‬
‫الجزائية عف المسؤكلية المدنية في عدة مسائؿ أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬المسؤكلية الجزائية يحكميا مبدأ الشرعية‪ ،‬بخبلؼ المسؤكلية المدنية‪ ،‬فاألفعاؿ فييا غير كاردة‬
‫عمى سبيؿ الحصر‪.‬‬
‫‪ -‬مكضكع المسؤكلية الجزائية ىك تكقيع الجزاء الجنائي‪ ،‬في حيف أف المسؤكلية المدنية‬
‫مكضكعيا الحصكؿ عمى التعكيض‪.‬‬
‫‪ -‬الضرر ضركرم لقياـ المسؤكلية المدنية فيك أحد أركانيا‪ ،‬أما المسؤكلية الجزائية فبل‪.‬‬
‫‪ -‬الخطأ مطمكب في الفعؿ المسبب لممسؤكلية في كؿ منيما‪ ،‬غير أنو أكثر أىمية بالنسبة‬
‫لممسؤكلية الجزائية‪.‬‬
‫‪ -‬كما يختمفاف مف حيث اإلختصاص‪ ،‬فالمسؤكلية الجزائية يختص بيا القاضي الجزائي‪ ،‬أما‬
‫المسؤكلية المدنية فتختص بيا المحكمة المدنية باستثناء حاالت معينة أيف يمكف المطالبة بالتعكيض‬
‫أماـ القاضي الجزائي كفؽ ما يسمى بالدعكل المدنية التبعية‪.‬‬
‫إال أنو قد يقكـ الشخص بسمكؾ مجرـ فيرتب المسؤكليتيف معا المدنية ك الجزائية‪ ،‬كفعؿ الضرب‬
‫ك الجرح فيك جريمة طبقا لنص المادة ‪ 264‬قانكف عقكبات ك يسبب ضر ار لمغير‪ ،‬ك ىنا إجرائيا‬
‫نككف أماـ دعكل عمكمية ك أخرل مدنية بالتبعية‪.‬‬
‫‪ - II‬تمييز المسؤكلية الجزائية عف المسؤكلية التأديبية‪:‬‬
‫تتميز المسؤكلية الجزائية عف المسؤكلية التأديبية في عدة نقاط أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬المسؤكلية الجزائية سببيا فعؿ يمثؿ اعتداء عمى مصمحة محمية قانكنا‪ ،‬عمى خبلؼ‬
‫المسؤكلية التأديبية فيي أقؿ خطكرة ألنيا تمس الكظيفة فقط‪.‬‬
‫‪ -‬المسؤكلية الجزائية يحكميا مبدأ الشرعية‪ ،‬بخبلؼ المسؤكلية التأديبية‪.‬‬
‫‪ -‬الجزاء في المسؤكلية الجزائية أشد جسامة مقارنة بالجزاء في المسؤكلية التأديبية‪.‬‬
‫‪ -‬كما يختمفاف مف حيث اإلختصاص‪ ،‬فالمسؤكلية الجزائية مف اختصاص القاضي الجزائي‪،‬‬
‫أما المسؤكلية التأديبية فتختص بيا الجية التي ينتمي إلييا المكظؼ‪.‬‬
‫غير أنو قد تجتمع في الفعؿ الكاحد المسؤكليتيف معا‪ ،‬كقياـ مكظؼ بجريمة الرشكة أك اإلختبلس‬
‫ك غيرىما‪.‬‬

‫~‪~74‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أساس المسؤولية الجزائية‬
‫لقد ثار اختبلؼ فقيي كبير حكؿ األساس الذم تقكـ عميو المسؤكلية الجزائية‪ ،‬الرتباطو‬
‫بمسألتيف ىامتيف ىما الجبر ك االختيار‪.‬‬
‫أوال‪ -‬اإلتجاه األخالقي ( حرية اإلختيار)‪:‬‬
‫مف أقطاب ىذا اإلتجاه ‪ ‬إيمانكيؿ كانت‪ ‬ك ‪‬سيزار بيكاريا‪ ،‬ك أساس المسؤكلية الجزائية‬
‫حسبيـ ىك حرية االختيار أك اإلرادة الحرة‪ ،‬حيث تقكـ عمى فكرة المسؤكلية األدبية‪ ،‬فالمسؤكلية‬
‫الخمقية‪ ،‬عمى اعتبار أف الفعؿ محؿ التجريـ ينطكم‬
‫الجزائية كثيقة االرتباط باألخبلؽ أك المسؤكلية ي‬
‫دائما عمى مدلكؿ اإلثـ ك اإلذناب(‪.)1‬‬
‫ك منو فحرية اإلرادة تشكؿ أساس المسؤكلية الجزائية ككؿ‪ ،‬فاإلنساف حر حرية مطمقة‪ ،‬أيف لو‬
‫قدرة التفريؽ بيف الصكاب ك الخطأ فيختار األخير‪ ،‬لذا ييشترط فييا اإلدراؾ ك اإلختيار‪ ،‬فإذا تخمفت‬
‫إنتفت مسؤكليتو الجزائية‪ ،‬فاإلنساف ليس مجبر بؿ مخير ك حر حرية مطمقة في تصرفاتو ك أفعالو‪.‬‬
‫ك بناء عمى ذلؾ يترتب ما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬إرتباط المسؤكلية الجزائية بالمسؤكلية األدبية‪.‬‬
‫‪ -‬إىماليا ك عدـ اىتماميا بظركؼ المجرـ‪.‬‬
‫إال أنو ما يعاب عمى ىذا االتجاه ىك تركيزه عمى الجريمة ك الظركؼ المحيطة بيا دكف أدنى‬
‫اىتماـ بمرتكب الجريمة ك العكامؿ التي دفعت بو إلى ارتكابيا‪ ،‬كما أف تفسير الجريمة في ظؿ ىذا‬
‫االتجاه عند البعض ينحصر في الجرائـ العمدية فقط أيف إلرادة الفاعؿ دكر أساسي فييا‪ ،‬ك ال‬
‫تصمح لمتطبيؽ في الجرائـ غير العمدية التي تقكـ عمى فكرة اإلىماؿ(‪.)2‬‬
‫ثانيا‪ -‬اإلتجاه الوضعي ( الحتمية – الخطورة اإلجرامية)‪:‬‬
‫يمثؿ ىذا االتجاه المدرسة الكضعية التي نشأت في إيطاليا أكاخر القرف التاسع عشر‪ ،‬ك أىـ‬
‫أعبلميا ‪ ‬سيزار لكمبركرز‪ ،‬أنريكك فيرم‪ ‬ك ‪‬رافييؿ جارك فالك‪.‬‬
‫يقكـ ىذا االتجاه عمى فكرة الجبرية‪ ،‬حيث تأثر أقطابيا بأفكار الفمسفة الكضعية ألكجست ككنت‬
‫الذم نادل باستخداـ المنيج العممي القائـ عمى المبلحظة ك التجربة ك تطبيقيا في العمكـ‬
‫االجتماعية ك اإلنسانية(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬محمد كماؿ الديف إماـ‪ ،‬المسؤكلية الجزائية‪ :‬أساسيا ك تطكرىا( دراسة مقارنة في القانكف الكضعي ك الشريعة‬
‫اإلسبلمية)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2004 ،‬ص ‪.215‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– جماؿ إبراىيـ الحيدرم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬عمي عبد القادر القيكجي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.09‬‬

‫~‪~75‬‬
‫فطبقت المدرسة قاعدة السببية الحتمية التي تحكـ مختمؼ الظكاىر فالجريمة نتيجة حتمية‬
‫لعكامؿ متعددة‪ ،‬ك المجرـ ال يرتكب جريمتو باختياره ك إنما دفعتو إلى ذلؾ عدة عكامؿ داخمية ك‬
‫خارجية‪ ،‬لذا فاإلنساف مجبر بسببيا الرتكاب الجريمة‪.‬‬
‫ك بناء عميو فأساس المسؤكلية الجزئية حسب أنصار ىذا االتجاه ىي الخطكرة اإلجرامية‪ ،‬التي‬
‫يدافع بسببيا المجتمع عف نفسو منيا ك ذلؾ بتقرير تدابير ضد المجرـ‪.‬‬
‫لقد اختمؼ فقياء القانكف الجنائي حكؿ تعريؼ الخطكرة اإلجرامية ك مرد ذلؾ التبايف حكؿ مفيكـ‬
‫الخطكرة في حد ذاتيا‪ ،‬فعرفيا جارك فالك بأنيا‪ ‬األمارات التي تبيف ما يبدك عمى المجرـ مف فساد‬
‫ك تحدد كمية الشر التي يجب أف يتكقع صدكرىا عنو‪ ،‬ك جانب مف الفقو عرفيا بأنيا‪ ‬حالة نفسية‬
‫أك أىمية الشخص في أف يصبح مصد ار محتمبل الرتكاب الجريمة‪.)1(‬‬
‫ك بالتالي فيعتمد أنصار الحتمية إجرامية عمى مبادئ أىميا‪:‬‬
‫أ‪ -‬تثبت المسؤكلية الجزائية بمكاجيتيا لجميع أفراد المجتمع عمى قدـ المساكاة‪ ،‬فكؿ مجرـ تتخذ‬
‫ضده التدابير البلزمة حتى ك لك كاف مجنكنا أك صغي ار في السف‪.‬‬
‫ب‪ -‬كما تبنى ىذا االتجاه مبدأ تفريد العقكبة الىتمامو بالمجرـ ك ظركفو المختمفة‪.‬‬
‫إال أنو ما يعاب عمى ىذا االتجاه أنو أىمؿ حرية االختيار التي ىي أساس التصرفات كميا‪ ،‬كما‬
‫أىمؿ مكانع المسؤكلية الجزائية ك تأثيرىا عمى القاعدة الجنائية ككؿ‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬االتجاه التوفيقي‪:‬‬
‫أماـ االنتقادات المكجية لكبل االتجاىيف السابقيف جاء ىذا االتجاه ليكفؽ بينيما خاصة في ظؿ‬
‫إشكالية حرية تصرفات اإلنساف مف عدميا ك ىؿ ىك حر أـ مقيد‪.‬‬
‫تبمكرت أفكار ىذا االتجاه في إنشاء اإلتحاد الدكلي لقانكف العقكبات سنة ‪ 1889‬عمى يد‬
‫أدكلؼ براند‪ ،)2( ‬حيث أقر عدـ الخكض في ىذه اإلشكالية ك‬ ‫‪‬‬ ‫فكف ليست‪ ‬ك‬ ‫‪‬‬ ‫فاف ىامؿ‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫اتخاذ مكقؼ محايد‪ ،‬ثـ حمت محمو فيما بعد الجمعية الدكلية لمقانكف الجنائي بباريس عاـ ‪.1923‬‬
‫لقد ذىب العديد مف فبلسفة الغرب لمتكفيؽ بيف المذىبيف‪ ،‬أيف استخمصكا أف اإلنساف ال يتمتع‬
‫بحرية مطمقة إذ تخضع تصرفاتو إلى عدة عكامؿ تحد مف حريتو‪ ،‬ك رغـ ذلؾ فيي ال تقيده تماما‬
‫بؿ تبقى حريتو نسبية أك مقيدة‪ ،‬عمى اعتبار أف العكامؿ ال تصؿ إلى حد إمبلء الفعؿ عميو‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬محمد سعيد نمكر‪ ،‬دراسات في الفقو الجنائي‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الثقافة لمنشر ك التكزيع‪ ،‬األردف‪،2004 ،‬‬
‫ص ص ‪.14-13‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– سامي جميؿ الفياض الكبيسي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫~‪~76‬‬
‫ك منو فأساس المسؤكلية الجزائية حسب ىذا االتجاه ىي حرية االختيار المقيدة ك التي قد تخفؼ‬
‫المسؤكلية الجزائية أحيانا بسبب تمؾ العكامؿ‪.‬‬
‫ك بناء عمى ذلؾ فالشخص ينبغي أف يخضع لمجزاء حتى مع تكفر تمؾ العكامؿ تكريسا لسياسة‬
‫الدفاع االجتماعي التي تمثؿ الغرض األساسي لمعقكبة‪ ،‬فالمجنكف أك الصبي رغـ عدـ مسؤكليتيـ‬
‫إال أنو يمكف إخضاعيما لمتدابير‪.‬‬
‫موقف المشرع الجزائري‪:‬‬
‫بالرجكع إلى أحكاـ قانكف العقكبات فإف المشرع لـ ينص صراحة عمى أساس المسؤكلية الجزائية‬
‫ك ىذا عيب في التشريع‪ ،‬إال أنو ك مف خبلؿ نص المكاد ‪ 49 ، 48 ،47‬ك بمفيكـ المخالفة ليا فقد‬
‫تبنى مذىب حرية االختيار كأساس لممسؤكلية الجزائية لكف بشكؿ مرف‪ ،‬مما يعني تطبيقو لممذىب‬
‫التكفيقي أيف اعترؼ بحرية اإلختيار المقيدة‪ ،‬حيث نص عمى عدـ مسائمة المجنكف جزائيا مع اتخاذ‬
‫بشأنو تدبير أمف الكارد في نص المادة ‪ 21‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك كذا الصبي لصغر سنو‪ ،‬كما اىتـ‬
‫بظركؼ المجرـ ع ندما نص عمى تخفيؼ العقكبة إما بنص قانكني ك المسماة األعذار المخففة ك إما‬
‫مترككة لمقاضي المختص ك المسماة بالظركؼ المخففة ك ىنا لمباعث دكر في تخفيؼ أك تشديد‬
‫العقكبة رغـ أنو ليس مف أركاف الجريمة‪ ،‬كما نص عمى مبدإ تفريد العقكبة الذم نادت بو المدرسة‬
‫الكضعية ك ىذا طبقا لمقانكف رقـ‪ 04 -05 :‬المؤرخ في‪ 06 :‬فبراير ‪ 2005‬المتضمف قانكف تنظيـ‬
‫السجكف ك إعادة اإلدماج االجتماعي لممحبكسيف(‪.)1‬‬

‫«‬ ‫(‪)1‬‬
‫يرتكز تطبيؽ العقكبة‬ ‫– الجريدة الرسمية العدد‪ ،12 :‬المؤرخة في‪ 13 :‬فبراير ‪ ،2005‬حيث نصت المادة ‪ 03‬منو‬
‫السالبة لمحرية عمى مبدأ تفريد العقكبة الذم يتمثؿ في معاممة المحبكس كفقا لكضعيتو الجزائية ك حالتو البدنية ك العقمية»‪.‬‬
‫~‪~77‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬شروط المسؤولية الجزائية و موانعيا‬
‫تختمؼ شركط المسؤكلية بيف الشخص الطبيعي ك المعنكم‪ ،‬ك تتبع األساس الذم تقكـ عميو‪ ،‬لذا‬
‫فتركيزنا يككف عمى اعتبار حرية اإلختيار ك ليس الخطكرة اإلجرامية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬شروط المسؤولية الجزائية‬
‫تختمؼ شركط المسؤكلية الجزائية باختبلؼ الشخص محؿ المسؤكلية‪.‬‬
‫أوال‪ -‬بالنسبة لمشخص الطبيعي‪:‬‬
‫إف شركط المسؤكلية الجزائية تحددىا األساس الذم تقكـ عميو‪ ،‬ك انتيينا أف أساس المسؤكلية‬
‫الجزائية في التشريع الجزائرم ىك حرية اإلختيار فإف شركط قياميا ىي اإلدراؾ ك اإلرادة‪.‬‬
‫‪ -I‬اإلدراؾ‪:‬‬
‫يقصد بو قدرة اإلنساف عمى فيـ ماىية أفعالو ك تقدير نتائجيا‪ ،‬فاإلدراؾ معناه الكعي‪ ،‬فبل كعي‬
‫مف شخص غير مميز ككف ىذا األخير قد ال يككف كاعيا كالسكراف مثبل‪ ،‬فالكعي ىك القدرة عمى‬
‫فيـ ماىية الفعؿ ك طبيعتو ك تكقع اآلثار المترتبة عميو(‪ ،)1‬ك ال ييقصد فيـ الفعؿ مف الكجية‬
‫القانكنية كالتكييؼ مثبل‪ ،‬فالشخص ييسأؿ جزائيا عف فعمو حتى ك لك كاف يجيؿ أف القانكف يعاقب‬
‫عميو ككف العمـ مفترض إعماال بقاعدة ‪‬ال يعذر الشخص جيؿ القانكف‪.‬‬
‫ك عميو فكؿ ما يؤثر في إدراؾ الشخص لؤلمكر إدراكا صحيحا ينفي عنو قياـ المسؤكلية‬
‫الجزائية النتفاء أحد شركطيا‪.‬‬
‫ك يجب التفريؽ ىنا بيف اإلدراؾ ك التمييز ككف ىذا األخير أقؿ مرتبة مف اإلدراؾ‪ ،‬فالتمييز‬
‫يتكفر حتى عند الحيكاف بمعرفتو ما يصمح ليى ك ما يؤذيو‪ ،‬لذا ينبغي أف يقترف التمييز لتماـ‬
‫األىمية الجنائية أف يككف المكمؼ عاقبل بالغا(‪.)2‬‬
‫‪ -II‬اإلرادة‪:‬‬
‫تعني اإلرادة القكة النفسية التي تحرؾ الشخص نحك القياـ بعمؿ أك اإلمتناع عنو ك تكجيو الذىف‬
‫نحك مكقؼ معيف‪ ،‬ك أساس اإلرادة كشرط لممسؤكلية الجزائية ىك حرية اإلختيار‪ ،‬مما يفترض كجكد‬
‫خيارات متعددة لدل الفاعؿ أك بدائؿ إضافة إلى قدرتو عمى المفاضمة بينيا‪.‬‬
‫ك حتى يؤخذ باإلرادة ينبغي أف تككف حرة غير معيبة لذا فيي تختمؼ عف اإلدراؾ‪ ،‬حيث أف‬
‫الشخص قد يفقد اإلرادة دكف اإلدراؾ كما ىك الحاؿ بالنسبة لصغير السف‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– كامؿ السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.527‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– محمد عمي سكيمـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫~‪~78‬‬
‫غير أف حرية اإلختيار ليست مطمقة لدل اإلنساف بؿ نسبية‪ ،‬حيث تحكميا عكامؿ متعددة تدفع‬
‫بالشخص الرتكاب الجريمة غير أنيا ال تعدـ حرية االختيار لديو‪ ،‬إال إذا كانت ىذه العكامؿ تنفي‬
‫الس ٍكر االضطرارم‪.‬‬
‫حرية اإلختيار كمية كاإلكراه أك حالة الضركرة أك ي‬
‫يتضح أف شركط المسؤكلية الجزائية ىما اإلدراؾ ك حرية اإلختيار‪ ،‬فتخمؼ إحداىا يمنع قياميا‪،‬‬
‫فيما يجسداف األىمية الجنائية لدل الشخص‪ ،‬فكؿ كاحد منا أىبل الرتكاب الجريمة‪ ،‬لكنو ليس‬
‫بالضركرة أىبل لتحمؿ المسؤكلية الجزائية عنيا‪ ،‬لذا يشترط خمكىما مف مكانع المسؤكلية الجزائية‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة إلى كجكد اخ تبلؼ بيف اإلرادة ك اإلدراؾ‪ ،‬فاإلرادة تكجيو الذىف إلى تحقيؽ عمؿ‬
‫مف األعماؿ ك لكنيا قد تككف كاعية ك قد تككف غير ذلؾ‪ ،‬فالمجنكف يريد أفعالو التي يأتييا ك لكنو‬
‫ال يدرؾ م داىا ك ال يقدر التفرقة بيف ما ىك مباح لو ك ما ىك ممنكع منو‪ ،‬فيك ك إف لـ يفقد اإلرادة‬
‫(‪)1‬‬
‫فاقد لئلدراؾ‪ ،‬ك نفس الشأف بالنسبة لمصغير غير المميز‬
‫كما يجب أف يقترف تكفر اإلدراؾ ك اإلختيار بكقت ارتكاب الجريمة ك إف كاف األصح كقت‬
‫ارتكاب األفعاؿ المنسكبة لمفاعؿ ككف الجرائـ ليست كميا آنية‪.‬‬
‫ك لقد أكد عميو القضاء الجزائي مف خبلؿ القرار الصادر عف غرفة الجنح ك المخالفات‬
‫لممحكمة العميا بتاريخ‪ 28 :‬سبتمبر ‪ 1997‬في القضية رقـ‪ ،)2(151964 :‬ك القرار الصادر عف‬
‫نفس الغرفة بتاريخ‪ 28 :‬أكتكبر ‪ 1998‬في القضية رقـ‪.)3(188085 :‬‬
‫ثانيا‪ -‬بالنسبة لمشخص المعنوي‪:‬‬
‫نظـ المشرع الجزائرم الشخص المعنكم بمقتضى في نص المادتيف ‪ 49‬ك ‪ 50‬قانكف مدني(‪.)4‬‬
‫ك أماـ التزايد المستمر لؤلشخاص المعنكية ك تأثيرىا الكبير في شتى مجاالت الحياة جعميا‬
‫عرضة الرتكاب العديد مف الجرائـ فبات مف الضركرم معرفة مدل إمكانية مسائمتيا جزائيا‪ ،‬حيث‬
‫كانت محؿ اختبلؼ فقيي ك تشريعي بيف مؤيديف ك معارضيف‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– عمي عبد القادر القيكجي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ :‬القسـ العاـ ( المسؤكلية الجنائية ك الجزاء الجنائي)‪ ،‬الطبعة األكلى‪،‬‬
‫منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪ ،2009 ،‬ص ‪.54‬ص ‪.54‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– جيبللي بغدادم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– المجمة القضائية العدد األكؿ‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪ ،1999 ،‬ص ‪.196‬‬
‫(‪)4‬‬
‫– األمر رقـ‪ 58-75 :‬المؤرخ في‪ 26 :‬سبتمبر‪ 1975‬المتضمف القانكف المدني‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،78 :‬المؤرخة‬
‫في‪ 30 :‬سبتمبر‪ 1975‬المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫~‪~79‬‬
‫‪ -I‬االتجاه المعارض لممسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم‪:‬‬
‫لقد استدؿ أصحاب ىذا المكقؼ عمى العديد مف الحجج أىميا‪:‬‬
‫‪ .1‬إف كجكد الشخص المعنكم عمى أرض الكاقع درب مف الخياؿ ك الكىـ‪ ،‬فبل يممؾ اإلرادة‪ ،‬فيك‬
‫إفتراض قانكني ال يمكنو ارتكاب الجريمة ك ال يمكف نسبة الخطأ إليو‪.‬‬
‫‪ .2‬إف الشخص المعنكم يي عترؼ لو القانكف بالشخصية المعنكية المحددة كفؽ مبدإ التخصص‬
‫الذم يحكـ نشاطو‪ ،‬فخ ركجو عنو قد ال يككف لو كجكد قانكني‪ ،‬ك بالتالي ال يمكف أف تككف الجريمة‬
‫أحد أىدافو‪ ،‬فكقكع الجريمة مف أحد ممثميو ك لك لحسابو ال ييسأؿ عنيا الشخص المعنكم ك إنما تقع‬
‫المسؤكلية الجزائية عمى عاتؽ الممثؿ المرتكب لمجريمة(‪.)1‬‬
‫‪ .3‬إف القكؿ بمسؤكلية الشخص المعنكم يتعارض مع مبدأ شخصية العقكبة‪ ،‬ذلؾ أف قبكؿ إنشاء‬
‫مسؤكلية شركة ينطكم عمى قبكؿ معاقبة أبرياء بطريؽ غير مباشر‪ ،‬إذ يترتب عمى القكؿ بمسؤكلية‬
‫الشخص المعنكم أف تطاؿ العقكبة كؿ المساىميف في إنشائو بعدىـ عف الجريمة‪.‬‬
‫‪ .4‬إف العقكبات المنصكص عمييا قانكنا محميا الشخص الطبيعي ك ال يمكف تطبيقيا عمى‬
‫الشخص المعنكم‪ ،‬ك حتى أىدافيا المتمثمة في إعادة التأىيؿ ك اإلدماج في المجتمع تصمح‬
‫لمشخص الطبيعي فقط‪.‬‬
‫ك بيذا يرل أنصار ى ذا االتجاه بعدـ مسؤكلية الشخص المعنكم جزائيا‪ ،‬ك أماـ المبررات السالفة‬
‫الذكر ظير اتجاه معاكس يقر بمسؤكلية الشخص المعنكم جزائيا‪.‬‬
‫‪ -II‬اإلتجاه المؤيد لممسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم‪:‬‬
‫لقد قاـ أصحاب ىذا المكقؼ بالرد عمى كؿ حجة مف حجج المعارضيف عمى النحك التالي‪:‬‬
‫أ‪ .‬أف الشخص المعنكم حقيقة كاقعية ك ليس كائف إفتراضي‪ ،‬ك ذلؾ بسب المصالح التي يسعى‬
‫إلى تحقيقيا فمو شخصية قانكنية مستقمة عف أصحابيا‪ ،‬فمو كجكد قانكني ك ذمة مالية‪ ،‬كما أف لو‬
‫إرادة مستقمة عف إرادة كؿ فرد فيو‪ ،‬فإرادتو ىي خبلصة مجمكع آراء أعضائو ك المساىميف فيو‪ ،‬ك‬
‫مظيرىا األكامر ك التعميمات التي ينفذىا القائمكف بإدارة أعمالو(‪.)2‬‬
‫ب‪ .‬إف العقكبات ليست كميا غير قابمة لمتطبيؽ عمى الشخص المعنكم‪ ،‬إذ يمكف أف تطبؽ عميو‬
‫بما يتبلئـ ك طبيعتو كحؿ الشخص المعنكم‪ ،‬إغبلقو‪ ،‬باإلضافة إلى الغرامة ك المصادرة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– عمي عبد القادر القيكجي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ :‬القسـ العاـ ( المسؤكلية الجنائية ك الجزاء الجنائي) مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص ‪.30‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬إبراىيـ عمي صالح‪ ،‬المسؤكلية الجنائية لؤلشخاص المعنكية‪ ،‬دار المعارؼ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دكف تاريخ‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫~‪~81‬‬
‫ت‪ .‬إف مبدأ التخصص ال يتعارض مع قياـ المسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم‪ ،‬فالمعارضيف‬
‫شكككا في صحة تطبيؽ قاعدة اإلسناد المادم لمجرائـ بالنسبة لمشخص المعنكم‪ ،‬عمى أساس أنو‬
‫محدكد بدائرة عممو‪ ،‬فإذا خرج عنيا فقد كجكده‪ ،‬ككف كثيقة إنشائو ال تتضمف احتماؿ ارتكابو لمجرائـ‬
‫ك عـ ذلؾ فمتى ارتكب جريمة سقط االعتراؼ بو كشخص معنكم لخركجو عف مبدإ التخصص‪ ،‬ك‬
‫ىذا كمو ال يمنع تطبيؽ قاعدة اإلسناد المادم ألف حتى الشخص الطبيعي نفسو ليست الغاية مف‬
‫كجكده ارتكاب الجرائـ ك رغـ ذلؾ ييسأؿ عنيا(‪.)1‬‬
‫ث‪ .‬إذا فرضنا أف اإلخبلؿ بمبدأ شخصية العقكبة مكجكد بالنسبة لمشخص المعنكم‪ ،‬فحتى‬
‫بالنسبة لمشخص الطبيعي يمكف تصكره‪ ،‬فقد تمتد أثار العقكبة عمى أشخاص لـ يشارككا فييا كاألب‬
‫الذم ييسج ف فقد تتضرر زكجنو ك أكالده‪ ،‬ك ىذا المثؿ ال يعد في نظر البعض متجانسا مع اإلشكاؿ‬
‫الذم تـ عرضو في تطبيؽ العقكبة عمى الشخص المعنكم‪ ،‬ك عميو فبل يعتبر مخالفة لمبدإ‬
‫الشخصية بؿ تطبيؽ سميـ لو عمى أساس امتداد أثارىا إلى الغير بطريقة غير مباشرة ال يشكؿ خرقا‬
‫ليذا المبدإ(‪.)2‬‬
‫موقف المشرع الجزائري من المسؤولية الجزائية لمشخص المعنوي‪:‬‬
‫لقد امتد االختبلؼ الفقيي حكؿ االعتراؼ بمسؤكلية الشخص المعنكم جزائيا أثره إلى االختبلؼ‬
‫التشريعي‪ ،‬ك رغـ ذلؾ فتسير االتجاىات التشريعية الحديثة إلى إقرار ىذه المسؤكلية عمى الشخص‬
‫المعنكم لتأثيراتو في شتى مجاالت الحياة‪.‬‬
‫‪ -I‬مراحؿ المسؤكلية الجزائية في التشريع الجزائرم‪:‬‬
‫لقد مرت المسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم في التشريع الجزائرم بمراحؿ مختمفة ىي‪:‬‬
‫‪ -10‬مرحمة عدـ اإلقرار بالمسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم‪:‬‬
‫لـ ينص قانكف العقكبات عمى األخذ بالمسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم غير أنو لـ يستبعدىا‬
‫صراحة‪ ،‬فقد نص عمى بعض األحكاـ الدالة عمى تقريره ليا كنصو عمى عقكبة إغبلؽ المؤسسة‬
‫ضمف العقكبات التكميمية في المادة ‪ 05/09‬منو‪ ،‬كما نص عمى عقكبة منع الشخص المعنكم مف‬
‫االستمرار في ممارسة النشاط طبقا لنص المادة ‪ 17‬مف ذات القانكف‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬سميـ صمكدم‪ ،‬المسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم( دراسة مقارنة بيف التشريع الجزائرم ك الفرنسي)‪ ،‬دار اليدل‬
‫لمطباعة ك النشر ك التكزيع‪ ،‬عيف مميمة (الجزائر)‪ ،‬دكف ذكر التاريخ‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عبد الرحماف خمفي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.162‬‬
‫~‪~81‬‬
‫كما أف القضاء لـ يعترؼ بالمسؤكلية الجزائية لؤلشخاص المعنكية‪ ،‬حيث رفضيا انطبلقا مف‬
‫مبدأ شخصية العقكبة ك تفردييا‪ ،‬فكاف يحكـ عمى الشخص المعنكم بالجزاءات الجبائية المقررة في‬
‫قانكف الجمارؾ(‪.)1‬‬
‫‪ -10‬مرحمة اإلقرار بالمسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم في القكانيف الخاصة‪:‬‬
‫إف اعتراؼ المشرع الجزائرم بالمسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم في البداية كاف ضمف بعض‬
‫قكانيف الخاصة مف بينيا‪:‬‬
‫‪ -‬األمر رقـ ‪ 37 – 74‬المؤرخ في‪ 29 :‬أبريؿ ‪ 1974‬المتعمؽ باألسعار ك قمع المخالفات‬
‫الخاصة بتنظيـ األسعار‪ ،‬حيث أقرت المادة ‪ 61‬منو صراحة المسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم؛‬
‫‪ -‬األمر رقـ ‪ 22-96‬المؤرخ في‪ 09 :‬يكليك ‪ 1996‬المتعمؽ بقمع مخالفة التشريع ك التنظيـ‬
‫الخاصيف بالصرؼ ك حركة رؤكس األمكاؿ مف ك إلى الخارج طبقا لنص المادة ‪ 05‬منو‪.‬‬
‫‪ -10‬مرحمة تكريس المسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم في قانكف العقكبات‪:‬‬
‫نص المشرع الجنائي صراحة عمى المسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم في المادة ‪ 51‬مكرر‬
‫المستحدثة في القانكف رقـ‪ 15 -04 :‬المؤرخ في‪ 10 :‬نكفمبر ‪ 2004‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف‬
‫العقكبات(‪ ،)2‬إال أنيا مسؤكلية خاصة ك متميزة حيث قيدىا المشرع بشركط محددة‪.‬‬
‫‪ -II‬شركط مسائمة الشخص المعنكم جزائيا‪:‬‬
‫بالرجكع إلى النص المذككر سمفا فالشركط تتمثؿ فيما يمي‪:‬‬
‫أ) مف حيث األشخاص المعنكية محؿ المسؤكلية الجزائية‪:‬‬
‫«‬
‫باستثناء الدكلة ك الجماعات المحمية ك األشخاص المعنكية الخاضعة‬ ‫لقد جاء في النص‬
‫لمقانكف العاـ‪ ،‬يككف الشخص المعنكم مسؤكال جزائيا ‪.» ...‬‬
‫يتضح أف المشرع الجزائرم استبعد صراحة األشخاص المعنكية العامة مف نطاؽ المسائمة‬
‫الجزائية‪ ،‬كالدكلة بمختمؼ مصالحيا كرئاسة الجميكرية‪ ،‬الك ازرات‪ ،‬ك مصالحيا الخارجية كالمديريات‬
‫الكالئية‪ ،‬ك ىذا عمى أساس أنيا تضمف حماية المصالح العامة الجماعية منيا ك الفردية‪ ،‬كذلؾ‬
‫الكالية ك البمدية‪ ،‬إضافة لممؤسسات العمكمية كالجامعات ك المستشفيات‪.‬‬
‫ك بمفيكـ المخالفة فالمشرع قرر إخضاع جميع األشخاص المعنكية الخاصة لممسؤكلية الجزائية‬
‫بغض النظر عف شكميا أك الغرض المرجك مف إنشائيا‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أحسف بكسقيعة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.270‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– الجريدة الرسمية العدد‪ ،71:‬المؤرخة في‪ 10 :‬نكفمبر ‪.2004‬‬
‫~‪~82‬‬
‫ب) مف حيث الجرائـ المسؤكؿ عنيا جزائيا‪:‬‬
‫إف مسؤكلية الشخص المعنكم تخضع لمبدإ التخصص‪ ،‬فيي مسؤكلية خاصة ككنيا محددة‬
‫بالجرائـ التي ينص عمييا القانكف صراحة‪ ،‬ك ىك ما كرستو نص المادة ‪ 51‬مكرر‪ 1/‬التي جاء فييا‬
‫« ‪ ...‬عندما ينص القانكف عمى ذلؾ »‪ ،‬ك عميو فبل يجكز متابعة الشخص المعنكم جزائيا إال إذا‬
‫كجد نص يقضي بذلؾ‪.‬‬
‫لقد كرس المشرع الجزائرم ىذه المسؤكلية في قانكف العقكبات‪ ،‬ك في القكانيف الخاصة‪ ،‬نذكر‬
‫منيا عمى سبيؿ المثاؿ ك ليس الحصر‪:‬‬
‫‪ -‬جريمة اإلتجار باألشخاص كفقا لنص المادة ‪ 303‬مكرر‪.11‬‬
‫‪ -‬جريمة اإلتجار باألعضاء كفقا لنص المادة ‪ 303‬مكرر‪.26‬‬
‫‪ -‬جريمة تبييض األمكاؿ الكاردة في نص المادة ‪ 389‬مكرر‪.7‬‬
‫‪ -‬جريمة المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات في نص المادة ‪ 394‬مكرر‪.4‬‬
‫‪ -‬ج ػرائـ المخػػدرات المنصػػكص عمييػػا بمقتضػػى القػػانكف رقػػـ‪ 18 -04 :‬المتعمػػؽ بالكقايػػة مػػف‬
‫المخػػدرات ك المػػؤثرات العقميػػة ك قمػػع اإلسػػتعماؿ ك اإلتجػػار غيػػر المشػػركعيف بيػػا طبقػػا لػػنص المػػادة‬
‫‪ 25‬منو‪.‬‬
‫‪ -‬جرائـ التيريب الكاردة بمقتضى األمر رقـ‪ 06 – 05 :‬المؤرخ في‪ 23 :‬أكت ‪ 2005‬المتعمؽ‬
‫بمكافحة التيريب حسب نص المادة ‪ 24‬منو‪.‬‬
‫‪ -‬جرائـ الفساد الكاردة بمقتضى القانكف رقـ‪ 01 -06 :‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد ك مكافحتو‪.‬‬
‫ج‪ -‬مف حيث صفة الفاعؿ ك الغاية‪:‬‬
‫ال يكفي لقياـ المسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم تكفر الشرطيف السابقيف بؿ ال بد أيضا أف‬
‫ترتكب الجريمة مف طرؼ أحد أجيزتو‪ ،‬ك ىـ األشخاص المؤىمكف قانكنا لمتحدث ك التصرؼ باسمو‬
‫كمجمس اإلدارة‪ ،‬الجمعية العامة لمشركاء‪ ،‬المسير‪ ،‬المدير العاـ‪ ،‬أك كؿ شخص لو سمطة التصرؼ‬
‫باسمو سكاء كانت ىذه السمطة قانكنية أك بحكـ قانكف المؤسسة‪.‬‬
‫كما يجب أف ترتكب الجريمة لحساب الشخص المعنكم‪ ،‬أم بيدؼ تحقيؽ مصمحة أك منفعة لو‬
‫كتحقيؽ ربح أك تجنب إلحاؽ ضرر بو‪ ،‬سكاء كانت ىذه المصمحة مادية أك معنكية‪ ،‬مباشرة أك غير‬
‫مباشرة‪ ،‬محققة أك احتمالية‪ ،‬ك ىذا استنادا لقاعدة ‪ ‬المستفيد مف الجريمة كفاعميا‪.‬‬

‫~‪~83‬‬
‫ك يبلحظ عمى نص الفقرة الثانية مف المادة كاحد ك خمسيف قانكف العقكبات أف المشرع أخذ‬
‫بمبدإ ازدكاجية المسؤكلية الجزائية‪ ،‬حيث أف قياـ مسؤكلية الشخص المعنكم الجزائية ال يعني إعفاء‬
‫األشخاص الطبيعية مرتكبي الجريمة مف المسؤكلية الجزائية‪ ،‬فيي ليست عمى أساس مسؤكلية بديمة‬
‫أك عمى سبيؿ الخيار‪ ،‬ك مرد ذلؾ حتى ال يتممص الشخص الطبيعي مف المسؤكلية لككنو مرتكب‬
‫الجريمة‪ ،‬كما أف كفاة ىذا األخير ال يحكؿ دكف مسائمة الشخص المعنكم‪.‬‬
‫بما أف الشخص المعنكم يخضع إلجراءات شكمية إلنشائو فأحيانا قد يرتكب الجريمة أثنائيا مما‬
‫يطرح مسألة مدل إخضاعو لممسؤكلية الجزائية في ىذه المرحمة؟‬
‫تكتسب الشركة الشخصية القانكنية مف تاريخ قيدىا في السجؿ التجارم طبقا لنص المادة ‪549‬‬
‫القانكف التجارم‪ ،‬ك بالتالي تقرير المسؤكلية الجزائية عمييا يككف مف تاريخ قيدىا في السجؿ‬
‫التجارم‪ ،‬ك عميو فإذا ارتكبت الشركة جريمة خبلؿ فترة تأسيسيا ال يمكف مسائمتيا جزائيا ألنيا لـ‬
‫تكتسب الشخصية المعنكية بعد ك ىذا حسب مفيكـ نص المادة ‪ 51‬مكرر قانكف عقكبات‪.‬‬
‫أما إذا كانت الشركة في مرحمة التصفية التي تعد مف أساليب إنياء الشخص المعنكم ك التي‬
‫مف حاالتيا تحقيؽ اليدؼ مف إنشائو‪ ،‬فيناؾ جانب مف الفقو يرل بإمكانية تطبيؽ المسؤكلية عف‬
‫الجرائـ التي ترتكب خبلؿ ىذه المرحمة ما دامت الشخصية المعنكية لمشركة قائمة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬موانع المسؤولية الجزائية‬
‫المكانع ىي أسباب قانكنية شخصية تعدـ قياـ المسؤكلية الجزائية لتأثيرىا عمى شركطيا‪ ،‬ككنيا‬
‫تمس إدراكو ك إرادتو عمى السكاء‪.‬‬
‫أكرد المشرع الجزائرم مكانع المسؤكلية الجزائية في الفصؿ الثاني تحت عنكاف ‪ ‬المسؤكلية‬
‫الجزائية ‪ ‬مف المادة ‪ 47‬إلى غاية المادة ‪ 51‬مكرر قانكف عقكبات‪.‬‬
‫ك عميو فمكانع المسؤكلية الجزائية ليا خصكصيات تتميز بيا أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬مكانع المسؤكلية الجزائية أسباب شخصية ترتبط ارتباطا مباش ار بمرتكب الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬مكانع المسؤكلية الجزائية ال تمحكا الصفة اإلجرامية عف الفعؿ الستعماؿ المشرع في المادة‬
‫السابعة ك األربعيف قانكف عقكبات عبارة ‪ ‬ال عقكبة ‪.‬‬
‫‪ -‬ال تسرم عمى الشريؾ إال إذا تكفرت فيو طبقا لنص المادة ‪ 44‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ قياـ المسؤكلية الجزائية ال ينفي قياـ المسؤكلية المدنية‪.‬‬
‫ك بالرجكع إلى األحكاـ المتعمقة بمكانع المسؤكلية الجزائية فيي عمى نكعيف مكانع تتعمؽ‬
‫باإلدراؾ ك أخرل تتعمؽ باإلرادة‪.‬‬

‫~‪~84‬‬
‫أوال‪ -‬الموانع المتعمقة باإلدراك‪:‬‬
‫تتمثؿ باألساس في حالتي الجنكف ك صغر السف‪.‬‬
‫‪ -I‬حالة الجنكف‪:‬‬
‫«‬
‫ال عقكبة عمى مف كاف في حالة جنكف كقت ارتكاب‬ ‫نصت عميو المادة ‪ 47‬قانكف عقكبات‬
‫الجريمة كذلؾ دكف اإلخبلؿ بأحكاـ الفقرة ‪ 2‬مف المادة ‪.» 21‬‬
‫أ‪ .‬مدلكؿ الجنكف‪:‬‬
‫يتضح مف النص أف المشرع لـ يضع تعريؼ لمجنكف‪ ،‬مما يطرح مسألة ذات أىمية تتعمؽ بمدل‬
‫األخذ بالمفيكـ الكاسع لو‪.‬‬
‫إف تعريؼ الجنكف مف أصعب األمكر الفنية‪ ،‬لذا تعددت تعريفاتو‪ ،‬فعرفو البعض بأنو‪ ‬حالة‬
‫الشخص الذم يككف عاج از عف تكجيو تصرفاتو عمى نحك صحيح بسبب تكقؼ قكاه العقمية عف‬
‫النمك ك انحرافيا‪ ،)1( ‬ك عرفو البعض بأنو ‪‬عدـ قدرة الشخص عمى التكفيؽ بيف أفكاره ك شعكره ك‬
‫بيف ما يحيط بو ألسباب عقمية‪.)2(‬‬
‫ك منو يمكف تعريؼ الجنكف بأنو حالة تصيب اإلنساف في ممكاتو العقمية تجعمو فاقدا إلدراؾ ما‬
‫يقكـ بو مف أفعاؿ‪.‬‬
‫األصؿ في اإلنساف أنو كامؿ األىمية الجنائية باكتماؿ اإلدراؾ ك التمييز لديو‪ ،‬غير أف ىذه‬
‫القرينة ليست قاطعة أيف يمكف إثبات عكسيا عمى الرغـ مف بمكغ الشخص سف الرشد الجزائي‪ ،‬إال‬
‫أف رجاالت القانكف ييعبِّركف عف انعداـ ىذه األىمية بالمصطمح الشائع ك ىك الجنكف‪ ،‬لذا فيذا‬
‫األخير يعدـ لدل الشخص اإلدراؾ ك التمييز‪.‬‬
‫عرؼ الجنكف بمعناه الكاسع‪ ،‬إذ يحمؿ داللة قانكنية عمى شتى أنكاع األمراض‬
‫ك عميو فالقانكف يي ِّ‬
‫العقمية ك العصبية‪ ،‬ك ىك الخيار الذم تبناه المشرع الجزائرم طبقا لنص المادة ‪ 47‬التي أحالت‬
‫«‬
‫الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية لؤلمراض العقمية ىك‬ ‫لنص المادة ‪ 1/21‬حيث نصت‬
‫كضع الشخص بناء عمى أمر أك حكـ أك قرار قضائي في مؤسسة مييأة ليذا الغرض بسبب خمؿ‬
‫في قكاه العقمية قائـ كقت ارتكابو الجريمة أك اعتراه بعد ارتكابيا»‪.‬‬

‫(‪ -)1‬رؤكؼ عبيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.625‬‬


‫(‪ -)2‬حناف شعباف مطاكع عبد العاطي‪ ،‬المسؤكلية الجنائية لمصبي في الفقو اإلسبلمي ( دراسة مقارنة بالقانكف الجنائي‬
‫الكضعي)‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،2004 ،‬ص ‪.138‬‬
‫~‪~85‬‬
‫ك منو فالمجنكف يشمؿ المعتكه ك كؿ األمراض النفسية ك العصبية التي تصيب الفرد بضعؼ‬
‫عقمو رغـ االختبلؼ الفقيي حكليا(‪.)1‬‬
‫ب‪ .‬شركط األخذ بالجنكف‪:‬‬
‫حتى يعتد بالجنكف كمانع لممسؤكلية الجزائية البد مف تكفر الشركط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إصابة المتيـ بجنكف أك مرض عقمي‪.‬‬
‫‪ -‬أف يؤدم ىذا الخمؿ العقمي إلى عدـ القدرة عمى اإلدراؾ ك التمييز رغـ عدـ النص عميو‬
‫صراحة‪ ،‬إال أنو يستشؼ مف مفيكـ الجنكف‪ ،‬بخبلؼ بعض التشريعات المقارنة التي استعممت‬
‫مكفؽ‪ ،‬ألف الشعكر يدؿ عمى‬ ‫مصطمح ‪ ‬فقداف الشعكر ك االختيار‪ ‬ك ىك في نظر البعض غير ى‬
‫اإلدراؾ‪ ،‬كما أنو لك اكتفى بذكر فقداف االختيار فقط كاف أصكب عمى أساس أف اإلرادة تمثؿ دائما‬
‫ختاـ التفاعؿ بيف اإلدراؾ ك الشعكر‪ ،‬فانعداـ االختيار مرده خمؿ في اإلدراؾ أك في الشعكر أك خمؿ‬
‫في أداء اإلرادة كظيفتيا(‪.)2‬‬
‫‪ -‬أف يككف الجنكف كقت ارتكاب الجريمة بمعنى معاصرة الجنكف الرتكاب الجريمة‪ ،‬فبلبد مف‬
‫إثبات حالة الجنكف أنو كاف قائما كقت ارتكاب الجريمة‪ ،‬ك األدؽ كقت ارتكاب األفعاؿ المنسكبة‬
‫إليو‪ ،‬فيمكف لمقضاة االستعانة بالخبراء المتخصصيف ككف الجنكف مسألة كاقعية ك ىك أكد عميو‬
‫القرار رقـ‪ 41022 :‬الصادر عف الغرفة الجنائية األكلى لممحكمة العميا بتاريخ ‪ 15‬جانفي‬
‫‪.)3(1985‬‬
‫ت‪ .‬أثر حالة الجنكف‪:‬‬
‫إذا ثبت الجنكف عمى مرتكب الجريمة فإنو ال ييعد مسؤكال جزائيا‪ ،‬كالقضاء بما يخالؼ ذلؾ يعد‬
‫خرقا لمقانكف‪ ،‬كما ال يعد عذ ار قانكنيا معفيا مف العقاب طبقا لمقرار رقـ‪ 931266 :‬الصادر عف‬
‫الغرفة الجنائية لممحكمة العميا بتاريخ‪ 22 :‬مام‪.)4(2014‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– لقد اختمؼ حكؿ المسؤكلية الجزائية لممصابيف باألمراض ك العمؿ النفسية إلى ثبلث اتجاىات‪:‬‬
‫‪ -‬إتجاه األكؿ ( القديـ) يرفض اعتبارىا مانعة أك حتى مخففة لممسؤكلية الجزائية‪.‬‬
‫‪ -‬إتجاه ثاني كسطي يقر بتخفيؼ المسؤكلية الجزائية في ىذه الحالة‪.‬‬
‫‪ -‬إتجاه ثالث ( الحديث) يعتبر بعض األمراض ك العمؿ النفسية مانعة لممسؤكلية الجزائية‪ ،‬ك أخرل مخففة ليا‪.‬‬
‫لمتفصيؿ راجع‪ :‬كامؿ السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.587‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.1059‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬جيبللي بغدادم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪128‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬المجمة القضائية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪ ،2014 ،‬ص ‪.394‬‬
‫~‪~86‬‬
‫إال أف ىذا الكضع ال يمنع إخضاعو لمجزاء المناسب إذ نميز بيف ثبلث حاالت‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كاف الجنكف معاص ار لمجريمة فإنو ييحجز عميو قضائيا بكضعو بمؤسسة إستشفائية‬
‫لؤلمراض العقمية حسب نص المادة ‪ 21‬قانكف عقكبات كتدبير أمف شخصي‪.‬‬
‫‪ -‬أما إذا كاف الجنكف بعد ارتكاب الجريمة‪ ،‬فإذا لـ يصدر الحكـ ضده فتكقؼ اإلجراءات حتى‬
‫يشفى ليتمكف مف ممارسة حؽ الدفاع المكفكؿ قانكنا‪ ،‬أما إذا حصؿ الجنكف بعد الحكـ باإلدانة‬
‫فيكقؼ تنفيذ العقكبة لعدـ تحقيؽ مغزاىا‪.‬‬
‫‪ -II‬صغر السف‪:‬‬
‫الثابت عقبل ك منطقا أف الشخص يكلد فاقدا لئلدراؾ ك اإلرادة معا‪ ،‬ثـ يبدأ يكبر في السف‬
‫تدريجيا فتنمكا معو قدراتو الذىنية ك العقمية ك النفسية إلى أف تكتمؿ بعد مضي سِّنا معينة‪.‬‬
‫بالرجكع إلى التشريع الجزائرم فقد انتيج المشرع خطة يقضي بمقتضاىا تدرج المسؤكلية‬
‫(‪« )1‬‬
‫ال يككف محبل لممتابعة الجزائية القاصر الذم‬ ‫الجزائية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 49‬قانكف عقكبات‬
‫لـ يكمؿ عشر (‪ )10‬سنكات‪.‬‬
‫ال تكقع عمى القاصر الذم يتراكح سنو مف ‪ 10‬إلى أقؿ مف ‪ 13‬سنة إال تدابير الحماية أك التيذيب‪.‬‬
‫ك مع ذلؾ‪ ،‬فإنو في مكاد المخالفات ال يككف محبل إال لمتكبيخ‪.‬‬
‫ك يخضع القاصر الذم يبمغ سنو مف ‪ 13‬إلى ‪ 18‬سنة إما لتدابير الحماية أك التيذيب أك لعقكبات‬
‫مخففة»‪.‬‬
‫ك عميو فتدرج المسؤكلية الجزائية ىك تِّبعا لسِّف اإلنساف عمى النحك التالي‪:‬‬
‫‪ -‬أقؿ مف ‪ 10‬سنكات‪:‬‬
‫المسؤكلية الجزائية فييا منعدمة‪ ،‬فبل يبقى لمضحية سكل مطالبة كليو الشرعي أك المتكفؿ برعايتو‬
‫التعكيض جب ار لمضرر‪ ،‬ك مرد ذلؾ أف الطفؿ في ىذه المرحمة العمرية فاقد لئلدراؾ الذم يعد أىـ‬
‫شركط قياـ المسؤكلية الجزائية‪.‬‬
‫‪ -‬مف ‪ 10‬إلى أقؿ مف ‪ 13‬سنة‪:‬‬
‫فنكع الجريمة المرتكبة تحدد طبيعة الجزاء‪ ،‬حيث يخضع فييا الحدث لتدبير مف تدابير الحماية‬
‫أك التيذيب إذا ارتكب جناية أك جنحة‪ ،‬أما إذا ارتكب مخالفة فبل يخضع إال لمتكبيخ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– المعدلة في القانكف رقـ‪ 01-14 :‬المؤرخ في‪ 04 :‬فبراير ‪ 2014‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف العقكبات‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫العدد‪ ،07:‬المؤرخة في‪ 16 :‬فبراير‪.2014‬‬
‫~‪~87‬‬
‫‪ -‬مف ‪ 13‬إلى أقؿ مف ‪ 18‬سنة‪:‬‬
‫المسؤكلية الجزائية فييا مخففة‪ ،‬حيث يخضع فييا الحدث إما لتدبير مف تدابير الحماية أك‬
‫التيذيب‪ ،‬ك إما لعقكبات مخففة إعماال بنص المادة ‪ 50‬قانكف العقكبات‪.‬‬
‫‪ 18 -‬سنة فأكثر تككف المسؤكلية الجزائية كاممة‪.‬‬
‫ك منو فالمشرع حدد سف الرشد الجزائي بثمانية عشر سنة كاممة‪ ،‬فالشخص الذم لـ يبمغ ىذه‬
‫السف يسمى طفبل حتى ك لك ارتكب جريمة إال أف التسمية فقط تختمؼ حيث يصبح حدثا ك ىذا‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 02‬مف القانكف رقـ‪ 12-15 :‬المؤرخ في‪ 15 :‬يكليك ‪ 2015‬المتعمؽ بحماية‬
‫«‬ ‫(‪)1‬‬
‫كؿ شخص لـ يبمغ الثامنة‬ ‫عرؼ المشرع الحدث صراحة ك إنما عرؼ الطفؿ بأنو‬ ‫الطفؿ ‪ ،‬فمـ يي ِّ‬
‫عشر سنة كاممة »‪ ،‬ثـ جاءت الفقرة الثانية مف نفس المادة ك اعتبرت أف الحدث يفيد نفس المعنى‪،‬‬
‫ك بالتالي كؿ مف لـ يكمؿ الثامنة عشر سنة فيك حدث‪ ،‬فتطبيقا لمنص يعتبر الشخص حدثا منذ‬
‫كالدتو حتى بمكغو سنا معينة‪.‬‬
‫إف معيار التمييز بيف الحدث ك البالغ ىك معيار زمني‪ ،‬ك مسألة إثبات السف ك تحديده يككف‬
‫بالكثائؽ الرسمية كعقد الميبلد مثبل أك أية كثيقة رسمية أخرل يمعِّدة لذلؾ‪ ،‬كما أف تقكيمو يككف‬
‫بالميبلدم‪ ،‬ك العبرة فيو بكقت ارتكاب الحدث لمجريمة‪ ،‬فبل عبرة ليكـ المتابعة أك المحاكمة‪ ،‬ك ىك‬
‫ما كرسو القضاء في القرار رقـ‪ 26790 :‬الصادر عف الغرفة الجنائية األكلى لممحكمة العميا‬
‫بتاريخ‪ 20 :‬مارس ‪.)2(1984‬‬
‫كما أف المشرع مف خبلؿ ىذا القانكف كضع ًسننا معينة لمرحمة الحداثة‪ ،‬حيث حدد حدىا األدنى‬
‫بعشر سنكات لما نص عمى الطفؿ الجانح طبقا لممادة ‪ 3/02‬التي نصت« الطفؿ الجانح الطفؿ‬
‫الذم يرتكب فعبل مجرما ك الذم ال يقؿ عمره عف عشر سنكات»‪ ،‬ك تككف العبرة في تحديد سنو بيكـ‬
‫ارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،39 :‬المؤرخة في‪ 19 :‬يكليك ‪.2015‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬المجمة القضائية العدد الثاني‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،1990 ،‬ص ‪.263‬‬
‫~‪~88‬‬
‫ثانيا‪ -‬الموانع المتعمقة باإلختيار‪:‬‬
‫تتمثؿ في حالتي اإلكراه ك حالة الضركرة‪.‬‬
‫‪ -I‬حالة اإلكراه‪:‬‬
‫«‬
‫ال عقكبة عمى مف اضطرتو إلى ارتكاب الجريمة قكة ال قبؿ‬ ‫نصت المادة ‪ 48‬قانكف عقكبات‬
‫لو بدفعيا»‪.‬‬
‫‪ -01‬تعريفو ك أنكاعو‪:‬‬
‫اإلكراه ضغط عمى إرادة الشخص تحممو عمى ارتكاب الجريمة‪ ،‬فيك يعدـ اإلرادة دكف اإلدراؾ‪،‬‬
‫ك يقع اإلكراه أك يتخذ مظيريف أك صكرتيف أساسيتيف ىما‪:‬‬
‫أ‪ -‬اإلكراه المادم‪:‬‬
‫ك يعني اإلستعانة بعامؿ خارجي ضد الشخص تجعمو يرتكب الجريمة‪ ،‬لذا يفترض ىذا اإلكراه‬
‫إستعماؿ القكة لمتأثير عمى الفاعؿ فتفقده السيطرة عمى أعضاء جسمو‪.‬‬
‫يتحقؽ ىذا اإلكراه سكاء لمقياـ بجريمة إيجابية أك سمبية‪ ،‬فالقكة المستعممة تككف عمدية ضد‬
‫شخص آخر فتسمبو إرادتو بصفة مطمقة إلكراىو عمى الجريمة(‪ ،)1‬كمف يمسؾ بيد شخص لحممو‬
‫عمى إمضاء ك تكقيع كثيقة أك محرر مزكر‪.‬‬
‫كما يدخؿ ضمف اإلكراه المادم القكة القاىرة التي تككف بفعؿ الطبيعة كزلزاؿ أك فيضاف‪ ،‬كمف‬
‫تعترضو الثمكج لمكصكؿ إلى المحكمة لئلدالء بشيادتو‪ ،‬أك بفعؿ الحيكاف كمف يدفع إنساف ىركبا مف‬
‫حيكاف مفترس فيصاب المدفكع بجركح مثبل‪ ،‬ألنيا تقطع الرابطة السببية بيف الجريمة ك اإلنساف‪ ،‬فبل‬
‫يمكف إسناد الجريمة إليو(‪.)2‬‬
‫إضافة إلى ذلؾ يدخؿ ضمف اإلكراه المادم الحدث المفاجئ كمف يصدـ شخصا إندفع نحكه‪،‬‬
‫فيك ال يزيؿ إرادة الفاعؿ ك إنما يمحك فيو العمد فيجردىا مف الصفة اإلجرامية‪ ،‬حيث يقصد بو‬
‫عامؿ طارئ يتميز بالمفاجأة أكثر مما يتصؼ بالعنؼ يجعؿ جسـ اإلنساف أداة لحدث إجرامي‬
‫معيف‪ ،‬دكف أم اتصاؿ إرادم بيف ىذا الحدث ك نفسية ذلؾ اإلنساف ك سكاء كاف العامؿ ظاىرة‬
‫طبيعية أـ فعبل إنسانيا(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬عبد الحكيـ فكدة‪ ،‬إمتناع المسائمة الجنائية في ضكء الفقو ك قضاء النقض‪ ،‬دار المطبكعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص ‪.88‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر عمى سبيؿ المثاؿ نص المادة ‪ 54‬مف القانكف رقـ‪ 10-03 :‬المتعمؽ بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪ -‬أنظر أيضا نص المادة ‪ 803‬مف األمر رقـ‪ 80-76 :‬المؤرخ في‪ 23 :‬أكتكبر ‪ 1976‬المتضمف القانكف البحرم‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،29 :‬المؤرخة في‪ 10 :‬أبريؿ‪ ،1977‬المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.964‬‬
‫~‪~89‬‬
‫ب‪ -‬اإلكراه المعنكم‪:‬‬
‫ىك نقيض اإلكراه المادم إذ يعتبر ضغط عمى نفسية الشخص دكف القبض عمى القبض عمى‬
‫جسده تجعمو يقدـ عمى الجريمة مرغما‪ ،‬فيك يتفؽ مع اإلكراه المادم في المصدر ك الغاية‪ ،‬غير أنو‬
‫يختمؼ عنو في الطبيعة إذ يشكؿ ىذا اإلكراه قكة معنكية‪ ،‬كما يحمؿ في طياتو التيديد ك التي قد‬
‫تشكؿ جريمة في حد ذاتيا(‪ ، )1‬كمف يقدـ بضاعة لعصابة بعد تيديدىا لو بالقتؿ في حاؿ عدـ‬
‫تسميميا ليـ‪ ،‬ك أمثمتو كثيرة خاصة في ظؿ الثكرة المعمكماتية‪.‬‬
‫‪ -02‬شركط األخذ بو ك أثره‪:‬‬
‫حتى يعتد باإلكراه بنكعيو كمانع لممسؤكلية الجزائية ينبغي تكفر الشركط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أف يككف اإلكراه غير متكقع‪ ،‬بحيث يككف خارج إرادة الفاعؿ فبل دخؿ إلرادتو في إيجادىا ك‬
‫ينطبؽ عمى اإلكراه المادم بالخصكص‪ ،‬ك ال يتحقؽ إال إذا كانت القكة غير معركفة ك ال متكقعة‪.‬‬
‫‪ -‬إستحالة دفعيا أك درئيا‪ ،‬حيث ال يمكف لمشخص دفع تمؾ القكة التي دفعتو الرتكاب الجريمة‬
‫ك إال ييسأؿ جزائيا عف الجريمة التي ارتكبيا‪ ،‬ك المسألة ىنا تخضع لمسمطة التقديرية لقاضي‬
‫المكضكع حسب كؿ حالة عمى حدل‪.‬‬
‫‪ -‬التيديد بخطر جسيـ ييدد نفسو فيؤثر عمى إرادتو‪ ،‬ك ىذا ينطبؽ عمى اإلكراه المعنكم‬
‫خاصة‪.‬‬
‫‪ -‬أف يقع اإلكراه كقت ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫فإذا تكفرت الشركط يؤخذ باإلكراه كمانع لممسؤكلية الجزائية‪ ،‬ك القضاء بما يخالؼ ذلؾ يعد خرقا‬
‫لمقانكف ألف الفاعؿ تنعدـ فيو اإلرادة الحرة ك ىذا ما تضمنو القرار رقـ‪ 18781 :‬الصادر عف‬
‫الغرفة الجنائية األكلى لممحكمة العميا بتاريخ‪ 04 :‬يكليك ‪.)2(1978‬‬
‫‪ -II‬حالة الضركرة‪:‬‬
‫‪ .1‬تعريفيا ك شركط األخذ بيا‪:‬‬
‫لقد تعددت تعاريؼ حالة الضركرة فعرفت بأنيا ‪ ‬مجمكعة مف الظركؼ تيدد شخصا بخطر‬
‫جسيـ ال مفر منو إال بارتكاب السمكؾ اإلجرامي‪ ،‬فيي جريمة ضركرة يقترفيا الشخص حماية‬
‫لنفسو أك مالو أك حتى نفس ك ماؿ الغير لدفع خطر جسيـ محدؽ بو(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أنظر مثبل نص المكاد ‪ 286 ،285 ،284‬ك ‪ 287‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬جيبللي بغدادم‪ ،‬مبادئ اإلجتياد القضائي في المكاد الجزائية‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬المؤسسة الكطنية لبلتصاؿ ك النشر‬
‫ك اإلشيار‪ ،1996 ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– لتفصيؿ مختمؼ التعاريؼ راجع‪ :‬عمار عباس الحسيني‪ ،‬حالة الضركرة ك أثرىا في المسؤكلية الجنائية ( دراسة‬
‫مقارنة)‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪ ،2011 ،‬ص ص ‪.35-34‬‬
‫~‪~91‬‬
‫إف المشرع الجزائرم لـ ينص عمى حالة الضركرة ال ضمف مكانع المسؤكلية الجزائية ك ال ضمف‬
‫أسباب اإلباحة بخبلؼ بعض التشريعات المقارنة‪ ،‬إال أنيا تيدرج ضمف حالة اإلكراه الكاردة في نص‬
‫المادة ‪ 48‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫ك حتى تعتبر حالة الضركرة مانع لممسؤكلية الجزائية ال بد أف تتحقؽ فييا الشركط التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الشركط المتعمقة بالخطر‪:‬‬
‫يشترط في الخطر المسبب لحالة الضركرة ما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬أف يككف الخطر مكجكدا ك ميددا لئلنساف‪ ،‬فبل ييعتد بالخطر الكىمي‪.‬‬
‫‪ -‬أف يبمغ الخطر درجة مف الجسامة ببمكغو ضر ار غير قابؿ لئلصبلح‪ ،‬ك ىذه تخضع لتقدير‬
‫قضاة المكضكع‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أف يككف الخطر حاال أم عمى كشؾ الكقكع أيف يجرد اإلرادة مف الحرية‪ ،‬فبل ييعتد‬
‫المستقبمي ألف الشخص بإمكانو مراجعة السمطات المختصة ك التبميغ عف ذلؾ‪.‬‬
‫بالخطر ي‬
‫‪ -‬أال يتسبب فاعؿ الجريمة في الخطر ك أال يككف مفركض عميو قانكنا التعرض لمخطر‪.‬‬
‫ب‪ -‬الشركط المتعمقة بفعؿ الضركرة‪:‬‬
‫يجب أف يتحقؽ فيو شرطيف أساسييف ىما‪:‬‬
‫‪ -‬أال يككف تفادم الخطر ممكنا بغير ارتكاب الجريمة‪ ،‬ك بالتالي فاقتراؼ الجريمة ىك السبيؿ‬
‫الكحيد أماـ الشخص لمتخمص مف الخطر المحدؽ بو‪.‬‬
‫‪ -‬أف يككف فعؿ الضركرة لدرء الخطر‪ ،‬بمعنى التناسب بيف الخطر ك الفعؿ‪ ،‬فالضركرة تقدر‬
‫بقدرىا‪ ،‬فبل يستطيع الفاعؿ القياـ بفعؿ أشد جسامة لدفع الخطر عنو‪ ،‬ك اختبلؿ التناسب في نظر‬
‫الفقو الحديث جريمة عمدية في كؿ األحكاؿ ألف الفاعؿ تعمد كبل مف السمكؾ ك الحدث المككنيف لو‬
‫ك لك أنو تخفؼ العقكبة ضده بحسب حسف نيتو(‪.)1‬‬
‫ك بيذا إذا تحققت الشركط المذككرة سمفا فإف حالة الضركرة ييعتد بيا عمى أساس إكراه عمى‬
‫الجريمة لعدـ كجكد نص يجعميا كذلؾ‪ ،‬إال أنو ك مف خبلؿ شركطيا يبدكا أنيا تتداخؿ مع األسباب‬
‫األخرل باألخص اإلكراه المعنكم ك حالة الدفاع الشرعي الذم ىك مف أسباب اإلباحة إال أنيا تتميز‬
‫عنيما في عدة أكجو(‪.)2‬‬
‫إال أف المشرع نص عمى حالة الضركرة كمانع لممسؤكلية الجزائية في بعض القكانيف الخاصة‬
‫كنص المادة ‪ 97‬مف القانكف رقـ‪ 10-03 :‬المتعمؽ بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫– كامؿ السعيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.575‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– لمعرفة أىـ أكجو اإلختبلؼ فيما بينيا راجع‪ :‬عمار عباس الحسيني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪64‬؛ عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص ص‪.328 -327‬‬
‫~‪~91‬‬
‫ما ييبلحظ عمى المشرع الجنائي أنو لـ ينص صراحة عمى بعض الحاالت رغـ كركدىا في‬
‫الس ٍكر اإلضطرارم الذم ييفقِّد الشخص اإلدراؾ ك يككف‬
‫الكاقع ضمف مكانع المسؤكلية ك عمى رأسيا ُّ‬
‫الس ٍكر ظرؼ مشدد في بعض الجرائـ كالقتؿ الخطأ كفؽ‬
‫كقت ارتكاب الجريمة رغـ نصو عمى أف ُّ‬
‫نص المادة ‪ 290‬قانكف عقكبات بخبلؼ بعض التشريعات األخرل‪.‬‬
‫ك عميو إذا تكفرت حالة مف ىذه الحاالت فالمجرـ ال يعد مسؤكال جزائيا‪ ،‬دكف أف ننسى أف‬
‫غياب ركف مف أركاف الجريمة أك تخمؼ عنصر أك شرط مف شركط الركف‪ ،‬فيي األخرل أيضا‬
‫تعتبر مانعا لممسؤكلية ككف الجريمة مصدر المسؤكلية الجزائية‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة في األخير أن نظرية الجريمة تطرقنا إلييا وفقا لمقواعد العامة‪ ،‬ألنو توجد‬
‫جرائم خرج فييا المشرع الجنائي نوعا ما عن ىذه القواعد سواء من حيث أركان الجريمة أو من‬
‫حيث المسؤولية الجزائية‪ ،‬و من بينيا الجرائم االقتصادية و المالية‪ ،‬جرائم األعمال و غيرىا‪،‬‬
‫و التي ىي محل دراسة في القانون الجنائي الخاص و ليس العام(‪.)1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– لمتفصيؿ راجع‪ :‬بف يكسؼ القينعي‪ ،‬الخصكصيات المكضكعية لمجرائـ الماسة بعقكد األعماؿ في التشريع الجزائرم‪،‬‬
‫مقاؿ في كتاب‪ :‬عقكد األعماؿ‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬مخبر السيادة ك العكلمة‪ ،‬كمية الحقكؽ ك العمكـ السياسية‪ ،‬جامعة يحي فارس‬
‫بالمدية‪ ،‬دار التؿ لمطباعة ك النشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2020 ،‬ص ص ‪.443-423‬‬

‫~‪~92‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫نظــــريــــة الـــــعقوبـــــــة‬
‫إذا كانت الجريمة فعؿ ك خركج مف الشخص عف القاعدة الجنائية‪ ،‬فبلبد مف رد فعؿ مف‬
‫المجتمع عمى ىذا السمكؾ فتقرر الجزاء الجنائي ككنو يعبر عف غضب المجتمع عمى ىذا المجرـ‪،‬‬
‫ك أىـ رد الفعؿ ىك تقرير العقكبة ضده ككنيا أداة فعالة نحافظ ك نحمي بيا المصالح الجديرة‬
‫بالحماية‪ ،‬ك منو سنتطرؽ في ىذا الفصؿ كيؼ نظـ المشرع الجزائرم العقكبة بكصفيا الكجو األكؿ‬
‫ك الرئيسي لمجزاء الجنائي إلى جانب التدابير‪ ،‬ك ىذا بتقسيـ الفصؿ إلى ثبلث مباحث‪:‬‬
‫‪ -‬المبحث األكؿ‪ :‬ماىية العقكبة‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬مفيكـ العقكبة‬
‫المطمب الثاني‪ :‬التطكر التاريخي لمعقكبة‬
‫‪ -‬المبحث الثاني‪ :‬أنكاع العقكبات‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬العقكبات األصمية‬
‫المطمب الثاني‪ :‬العقكبات التكميمية‬
‫‪ -‬المبحث الثالث‪ :‬بدائؿ العقكبة ك انقضائيا‬
‫المطمب األكؿ‪ :‬بدائؿ العقكبة‬
‫المطمب الثاني‪ :‬إنقضاء العقكبة‬

‫~‪~93‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماىية العقوبة‬
‫نتطرؽ في ىذا المبحث لمفيكـ العقكبة‪ ،‬ثـ خصائصيا ك كظائفيا‪ ،‬مع الكقكؼ عند تطكرىا‬
‫التاريخي‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬مفيوم العقوبة‬
‫نعالج مف خبلؿ ىذا المطمب لتعريفيا ك العناصر التي تقكـ عمييا‪ ،‬ثـ التطرؽ لخصائصيا ثـ‬
‫أغراضيا‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف العقوبة و عناصرىا‬
‫أوال‪ -‬مدلول العقوبة و تمييزىا عن تدابير األمن‪:‬‬
‫‪ -I‬مدلكؿ العقكبة‪:‬‬
‫لقد اختمؼ الفقو حكؿ تعريؼ العقكبة ك إف كاف اإلختبلؼ شكميا ك لـ يمس الجكىر‪.‬‬
‫يقصد بيا‪ ‬اإليبلـ الذم ينزؿ بالجاني ك ينفذ قي ار بمكجب إجراءات محددة قانكنا‪ ،‬فيي جزاء‬
‫جنائي يقرره القانكف ك يكقعو القضاء عمى المجرـ‪.)1( ‬‬
‫ك عرفت بأنيا ‪ ‬انتقاص مف حقكؽ قانكنية لئلنساف تنزلو سمطة القضاء بمف سمؾ سمككا‬
‫يحضره قانكف العقكبات‪ ،‬كال ييدؼ إلى التنفيذ الجبرم ليذا الحظر‪ ،‬ألف مخالفتو أصبح أم ار كاقعا‪،‬‬
‫ك إنما يعتبر كسيمة لمنع إتياف ذلؾ السمكؾ مرة أخرل سكاء مف طرؼ صاحبو أك مف طرؼ أم‬
‫مكاطف مف المكاطنيف‪. )2( ‬‬
‫ك ىناؾ مف عرفيا بأنيا ‪ ‬إيبلـ ك زجر قسرم مقصكد‪ ،‬يحمؿ معنى المكـ األخبلقي ك‬
‫اإلستيجاف اإلجتماعي‪ ،‬تستيدؼ أغراض أخبلقية ك نفعية محددة سمفا بناء عمى القانكف‪ ،‬تنزلو‬
‫السمطة العامة في مكاجية الجميع‪ ،‬بحكـ قضائي عمى مف ثبتت مسؤكليتو عف الجريمة‪ ،‬ك بالقدر‬
‫الذم يتناسب معيا‪.)3( ‬‬
‫ك مف الناحية الشرعية فيي ‪ ‬جزاء كضعو الشارع لمردع عف ارتكاب ما نيى عنو ك ترؾ ما أمر‬
‫بو‪ ،‬فيي جزاء مادم مفركض سمفا يجعؿ المكمؼ يحجـ عف ارتكاب الجريمة‪.)4( ‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬شرح قانكف العقكبات الجزائرم ( القسـ العاـ)‪ ،‬الجزء الثاني‪ :‬الجزاء الجنائي‪ ،‬ديكاف المطبكعات‬
‫الجامعية‪ ،‬بف عكنكف( الجزائر)‪ ،2002 ،‬ص ‪.418‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– رمسيس بيناـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– محمد صغير سعداكم‪ ،‬السياسة الجزائية لمكافحة الجريمة‪ ،‬أطركحة دكتكراه في األنثركبكلكجيا الجنائية‪ ،‬كمية اآلداب ك‬
‫العمكـ اإلجتماعية ك اإلنسانية‪ ،‬جامعة أبك بكر بمقايد بتممساف‪ ،‬الجزائر‪ ،2010-2009 ،‬ص ‪.58‬‬
‫(‪)4‬‬
‫– أحمد فتحي بينسي‪ ،‬المكسكعة الجنائية في الفقو اإلسبلمي‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬بيركت‪،1991 ،‬‬
‫ص ‪.72‬‬
‫~‪~94‬‬
‫ك مف خبلؿ ىذه التعريؼ يمكف تعريؼ العقكبة بأنيا صكرة لمجزاء الجنائي محددة قانكنا‪ ،‬لمف‬
‫قامت في حقو المسؤكلية الجزائية عف ارتكابو لمجريمة‪ ،‬بمقتضى نص قانكني‪ ،‬ك بتكقيع مف القاضي‬
‫المختص‪.‬‬
‫‪ -II‬تمييز العقكبة عف تدابير األمف‪:‬‬
‫تعد تدابير األمف إحدل أكجو الجزاء الجنائي في التشريع الجزائرم طبقا لنص المادة ‪ 04‬قانكف‬
‫عقكبات‪.‬‬
‫يقصد بتدابير األمف ‪ ‬مجمكعة اإلجراءات التي يصدرىا القاضي لمكاجية الخطكرة اإلجرامية‬
‫في شخص مرتكب الجريمة بغرض تخميصو منيا‪.)1( ‬‬
‫نظميا المشرع الجزائرم في المادتيف ‪ 21‬ك ‪ 22‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك المتمثمة في الحجز القضائي‬
‫في مؤسسة إستشفائية لؤلمراض العقمية‪ ،‬ك الكضع القضائي في مؤسسة عبلجية‪ ،‬ك كبلىما تدابير‬
‫أمف شخصية(‪.)2‬‬
‫ك عميو فيي تمتقي مع العقكبة في الخصائص‪ ،‬كما ييدفاف معا إلى مكافحة الجريمة‪ ،‬رغـ ىذا‬
‫التشابو بيف العقكبة ك التدابير إال أنيا تتميز عنيا في عدة مسائؿ أىميا ما يمي(‪:)3‬‬
‫‪ -‬تيدؼ العقكبة إ لى تحقيؽ الردع سكاء الردع العاـ أـ الخاص عف طريؽ إيبلـ المجرـ ‪ ،‬أما‬
‫التدابير فيدفيا كقائي ك ذلؾ بكقاية المجتمع مف مخاطر المجرـ‪ ،‬ككنو ليس بالضركرة ذك إرادة‪،‬‬
‫ك الكقاية تككف بعبلجو بمختمؼ الكسائؿ ك بما يتناسب ك حالتو الشخصية بصرؼ النظر عف‬
‫ظركؼ الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬تحكـ العقكبة بعض المبادئ المحددة كتطبيؽ القانكف الجزائي األصمح لممتيـ كفؽ مبدأ‬
‫رجعية النص الجزائي‪ ،‬ك ال تنفذ إال إذا حاز الحكـ قكة الشيء المقضي فيو‪ ،‬ك انقضائيا بالعفك ك‬
‫سقكطيا بالتقادـ ك نحك ذلؾ‪ ،‬في حيف ال تتكفر أك ال تسرم ىذه المبادئ عمى التدابير الختبلفيما‬
‫في اليدؼ‪.‬‬
‫‪ -‬تخضع العقكبة لنظاـ كقؼ التنفيذ‪ ،‬بخبلؼ تدابير األمف ال يسرم عمييا ىذا النظاـ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– نصيرة تكاتي‪ ،‬مرجع سابؽ‪.57 ،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– كانت ىناؾ نكعيف مف تدابير األمف ‪ ،‬شخصية ك عينية‪ ،‬فألغى المشرع ىذه األخيرة إثر تعديمو لقانكف العقكبات سنة‬
‫‪ 2006‬ك التي كانت تتمثؿ في المصادرة ك إغبلؽ المؤسسة ك ألحقيا بالعقكبات التكميمية‪ ،‬محتفظا بذلؾ عمى تدابير األمف‬
‫الشخصية فقط‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– رؤكؼ عبيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪.776 ،‬‬
‫~‪~95‬‬
‫‪ -‬العقكبة تخضع في تناسبيا حسب جسامة الفعؿ المرتكب الذم يعبر عف مدل درجة اإلثـ‬
‫لديو ك تحقيقا لمعدالة عند تقريرىا‪ ،‬عمى عكس التدابير فتككف مناسبة بالنظر إلى خطكرة المجرـ‪ ،‬ك‬
‫بذلؾ فاألكلى ذات طبيعة مكضكعية أما الثانية فذات طبيعة شخصية‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬عناصر العقوبة‪:‬‬
‫يتضح مف تعريؼ العقكبة أنيا تتشكؿ أك تقكـ عمى عنصريف ىاميف ىما‪:‬‬
‫‪ -I‬اإليبلـ‪:‬‬
‫يقصد باإليبلـ تكبيد المجرـ مشقة محددة تشعره بكطأة األثر الذم يرتد إليو جراء جريمتو‪ ،‬حيث‬
‫يكجو اإليبلـ إلى حؽ مف حقكؽ المجرـ أك مجمكعة منيا أيف يككف باإلنقاص منيا مف طرؼ‬
‫المشرع ك ىك بصدد كضع سياستو الجنائية(‪.)1‬‬
‫ك عميو فاإليبلـ يجسد إنقاص مف حقكؽ مرتكب الجريمة سكاء تعمؽ ىذا الحؽ بشخصو كحقو‬
‫في الحياة أك الحرية‪ ،‬أك تعمؽ بمالو‪.‬‬
‫إف اإليبلـ مقصكد في العقكبة فيك مسألة أساسية ك ليست عرضية فالحبس المؤقت رغـ أنو‬
‫يحد مف الحرية لكنو ال يعتبر عقكبة ‪ ،‬كما أنو ليس مقصكد لذاتو ك إنما لتحقيؽ األغراض التي‬
‫تيدؼ إلييا العقكبة ك ا لمتمثؿ في مكافحة الجريمة ك يتحقؽ ذلؾ عف طريؽ أىداؼ قريبة تككف‬
‫بمثابة الكسائؿ إلى بمكغ اليدؼ البعيد(‪.)2‬‬
‫‪ -II‬إرتباط اإليبلـ المقصكد بالجريمة‪:‬‬
‫إف العقكبة مرتبطة بالجريمة فبل تكقع دكف كجكدىا‪ ،‬لذا ينبغي أف تتناسب العقكبة مع الجريمة‬
‫المرتكبة‪ ،‬ك ىذا اإلرتباط لو كجيتيف‪:‬‬
‫‪ -‬األكلى أف اإل يبلـ الذم تضمنتو العقكبة ال يمكف إنزالو إال كأثر لمجريمة أم الحؽ الرتكابيا‪.‬‬
‫‪ -‬أما الثاني أف اإليبلـ الذم تسببو الجريمة ك يتحقؽ كأثر ليا يجب أف يتناسب مع تمؾ‬
‫الجريمة المرتكبة‪ ،‬فاإليبلـ كعنصر مف عناصر العقكبة ال نفيـ منو اإلنتقاـ مف الجاني عف الجريمة‬
‫التي ارتكبيا ك خاصة في ظؿ السياسات العقابية الحديثة‪ ،‬حيث لـ يعد ىك الغرض األساسي مف‬
‫العقكبة(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– محمد صغير سعداكم‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عمي عبد القادر القيكجي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ :‬القسـ العاـ ( المسؤكلية الجنائية ك الجزاء الجنائي)‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص ‪.176‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– حسيبة محي الديف‪ ،‬العقكبات ك التدابير‪ ،‬مطبكعة مكجية لطمبة السنة الثانية ماستر‪ ،‬تخصص‪ :‬قانكف جنائي ك عمـ‬
‫اإلجراـ‪ ،‬كمية الحقكؽ ك العمكـ السياسية‪ ،‬جامعة لكنيسي عمي – البميدة‪ ،-2‬الجزائر‪ ،2019-2018 ،‬ص ‪.13‬‬
‫~‪~96‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص العقوبة و أغراضيا‬
‫إف لمعقكبة خصائص تتصؼ بيا‪ ،‬ك تقريرىا مف قبؿ المشرع جاء لتحقيؽ غايات معينة‪ ،‬ك ىك‬
‫ما سنكضحو في ىذا الفرع‪.‬‬
‫أوال‪ -‬خصائص العقوبة‪:‬‬
‫خمصنا إلى أف العقكبة جزاء جنائي‪ ،‬لذا فيي تتصؼ بجممة مف الخصائص تعد بمثابة مبادئ‬
‫أك ضمانات تحكميا ك يجب احتراميا ك تتمثؿ في ما يمي‪:‬‬
‫‪ -I‬شرعية العقكبة‪:‬‬
‫إف مبدأ الشرعية يحكـ القانكف الجنائي بأكممو ك العقكبة أحد مبادئو‪ ،‬فيي األخرل تخضع لو‪،‬‬
‫«‬
‫ال جريمة ك ال عقكبة أك تدابير أمف‬ ‫نص عمييا المشرع في المادة األكلى مف قانكف العقكبات‬
‫بغير قانكف» ‪ ،‬فمبدأ الشرعية يمثؿ حامي الحقكؽ ك الحريات الفردية‪ ،‬فالعقكبة ترتكز عمى ىذه‬
‫الخاصية ألنيا تتقرر كفقا لمقتضيات التجريـ‪ ،‬فبل يعاقب الشخص بأكثر مما ىك منصكص عميو‬
‫في القانكف‪.‬‬
‫‪ -II‬شخصية العقكبة‪:‬‬
‫تقضي القاعدة العامة بأنو ال يتحمؿ العقكبة سكل مرتكب الجريمة‪ ،‬حيث ال تتقرر لغيره‪ ،‬مما‬
‫يعني سقكطيا ك انتفائيا في حالة كفاة المتيـ‪ ،‬إذ ال تنتقؿ إلى الكرثة مثبل‪ ،‬ك ىي مبدأ مكرس في‬
‫التشريعات الداخمية ك الدكلية بما فييا المشرع الجزائرم‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 160‬مف دستكر ‪2016‬‬
‫« تخضع العقكبات لمبدأم الشرعية ك الشخصية »‪.‬‬
‫س‬ ‫ك ىذا المبدأ يك ِّرس ىك اآلخر في التشريع الجنائي اإلسبلمي مصداقا لقكلو تعالى ﴿ يك ُّؿ ىن ٍف و‬
‫ب يك ُّؿ‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫ىغ ٍي ىر الم ًو أىٍب ًغي ىرًّبا ىك يى ىك ىر ُّ‬
‫ب يك ِّؿ ىش ٍيء ۚ ىكىال تى ٍكس ي‬ ‫ت ىرًى ىينةه﴾ ‪ ،‬ك قكلو أيضا ﴿ يق ٍؿ أ ى‬ ‫بً ىما ىك ىسىب ٍ‬
‫(‪)1‬‬

‫يخر ٰل ۚ ثيـ إًلى ٰى رِّب يكـ مر ًجع يكـ فىيىنبيِّئ يكـ بًما يك ٍنتيـ ًف ً‬ ‫ىن ٍف و ً‬
‫يو‬ ‫ٍ‬ ‫ى ٍ ىٍ ي ٍ ي ٍ ى‬ ‫س إال ىعمىٍييىا ۚ ىكىال تى ًزير ىك ًازىرةه ًكٍزىر أ ٍ ى‬
‫كف﴾(‪.)2‬‬ ‫ً‬
‫تى ٍخ ىتمفي ى‬
‫‪ -III‬قضائية العقكبة‪:‬‬
‫فالعقكبة تتـ بمعرفة القاضي المختص الذم يصدر حكمو بذلؾ‪ ،‬فبل يمكف لضابط الشرطة‬
‫القضائية مثبل ك ال حتى النيابة العامة أف تقرر العقكبة لمجرد اعتراؼ المتيـ بالجريمة‪ ،‬بؿ البد مف‬
‫محاكمتو أماـ الجيات المختصة‪ ،‬ك صيركرة الحكـ النيائي‪.‬‬

‫– \‪ ،É‬مكية‪ ،‬اآلية ‪.38‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫– \‪ ،b‬مكية‪ ،‬اآلية ‪.164‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫~‪~97‬‬
‫‪ -IV‬مبدأ المساكاة في العقكبة‪:‬‬
‫إف العقكبة تكقع تبعا لخطكرة الجريمة ك ظركؼ المجرـ ك غيرىا مف العكامؿ‪ ،‬فاألشخاص‬
‫سكاسية أماـ القانكف‪ ،‬ك ىك اآلخر مبدأ دستكرم طبقا لنص المادة ‪ 2/158‬مف دستكر ‪2016‬‬
‫يجسده احتراـ القانكف»‪ ،‬فيك يحقؽ التناسب‬
‫الك ٌؿ سكاسية أماـ القضاء‪ ،‬ك ىك في متناكؿ الجميع ك ٌ‬
‫«‬

‫في العقكبة ‪ ،‬إذ تككف مناسبة لجسامة الفعؿ المرتكب كفؽ مبدأ تدرج السمـ العقابي‪ ،‬حيث لظركؼ‬
‫ارتكاب الجريمة تأثير كبير في تحديد جسامتيا ك كيفية تطبيقيا‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أغراض العقوبة‪:‬‬
‫خمصنا مف تعريؼ العقكبة أنيا تقكـ عمى عنصر اإليبلـ‪ ،‬ك ىذا األخير يمنح لمعقكبة الغرض‬
‫مف تقريرىا‪.‬‬
‫إف أغراض العقكبة تباينت منذ نشأتيا في المجتمعات القديمة كصكال إلى العصر الحديث‪ ،‬ك إف‬
‫كانت ترمي باألساس إلى مكافحة الجريمة ك تحقيؽ العدالة‪ ،‬ك منو فأغراض العقكبة متعددة ك‬
‫مختمفة نجمميا فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -I‬الردع العاـ‪:‬‬
‫يقصد بالردع العاـ إشعار اآلخريف بميانة الجزاء الذم ينتظر مرتكب الجريمة ك تخكيفيـ مف‬
‫اإلقداـ عمى مخالفة القانكف ك اإلعتداء عمى المصالح المرعية(‪.)1‬‬
‫ك بالتالي فالردع العاـ إنذار لمجميع مف عكاقب ارتكاب الجريمة‪ ،‬ككنو يؤدم كظيفة كبح الدكافع‬
‫النفسية التي تتكافر لدل أغمبية الناس ك التي تسكؿ ليـ ارتكاب الجريمة إذا سمحت ليـ الفرصة‬
‫بذلؾ(‪.)2‬‬
‫‪ -II‬تحقيؽ العدالة اإلجتماعية‪:‬‬
‫ك تعني أف المجرـ الذم يرتكب جريمة معينة يجب أف تمحؽ بو عقكبتيا‪ ،‬ك كمما كانت جسامة‬
‫العقكبة متناسبة مع الضرر الجريمة أك خطرىا كمما ازداد شعكر الجماعة باإلرتياح إلى عدالة‬
‫مجتمعيـ‪ ،‬فذا كانت العكس يشعر العامة باإلستخفاؼ بالتشريع القائـ ‪ ،‬ك إذا زادت عف مستكل‬
‫الخطر يككف الشعكر بالسخط مف طرؼ الجماعة‪ ،‬ك في كبل الحالتيف دليؿ عمى انعداـ عدالة‬
‫العقاب في النظاـ السياسي القائـ(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– عمار عباس الحسيني‪ ،‬كظيفة الردع العاـ لمعقكبة( دراسة مقارنة في فمسفة العقاب)‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬منشكرات الحمبي‬
‫الحقكقية‪ ،‬بيركت‪ ،2011 ،‬ص ‪.16‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.456‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– إسحاؽ إبراىيـ منصكر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫~‪~98‬‬
‫‪ -III‬الردع الخاص‪:‬‬
‫يقصد بو ما يتركو ألـ العقكبة مف اثر نفسي عمى المحككـ عميو يحكؿ بينو ك بيف العكدة إلى‬
‫اإلجراـ مرة ثانية(‪.)1‬‬
‫إف كظيفة الردع الخاص تختمؼ عف الردع العاـ في عدة أكجو منيا(‪:)2‬‬
‫‪ -‬الردع الخاص إصبلح لمجناة ك تيذيبيـ‪.‬‬
‫‪ -‬الردع الخاص ذك طابع فردم ككنو يتجو إلى شخصية الجاني بالذات بخبلؼ الردع العاـ‪.‬‬
‫‪ -‬يتجو الردع الخاص إلى الماضي‪ ،‬أما العاـ يتجو لممستقبؿ ك محاكلة تبلفي ارتكاب جرائـ‬
‫جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬لمردع الخاص أثر مادم مممكس ككف تطبيؽ العقكبة ال يخمك مف اإليبلـ عمى عكس الردع‬
‫أثر نفسيا بالنسبة لآلخريف‪.‬‬
‫العاـ لو ا‬
‫ك عميو فالردع الخاص ال يسقط الردع العاـ ك إنما يعني مجرد كضعو في المرتبة التالية‪،‬‬
‫فاختيار العقكبة مف أجؿ إصبلح المجرـ يعني اإلعتماد عمى مطمؽ شخصية المجرـ فيي كحدىا‬
‫الخاضعة لمعبلج‪ ،‬أما الردع العاـ فيك يتحقؽ ضمنيا مف خبلؿ إيبلـ الشخص بالعقكبة المكقعة‬
‫عمى المجرـ‪ ،‬ك بالتالي فالرد ع العاـ يحتؿ المرتبة األكلى مف الزاكية التشريعية أما الردع الخاص‬
‫فيك مف الزاكية العممية القضائية(‪.)3‬‬
‫‪ -IV‬التأىيؿ‪:‬‬
‫يقصد بالتأىيؿ أف تنفذ العقكبة بطريقة فييا كسائؿ التيذيب ك العبلج ما يمكف الجاني بعد‬
‫مغادرتو لممؤسسة العقابية أف يككف أىبل لمتكيؼ مع المجتمع ك أف ال يعكد لئلجراـ مستقببل(‪.)4‬‬
‫يعد التأىيؿ ىك الغاية األكلى ك اليامة لمعقكبة نادت بو مدرسة الدفاع االجتماعي‪ ،‬فالمشكمة‬
‫ليس في معاقبة المجرـ بؿ في كيفية إعادة إدماجو في المجتمع ك جعمو فردا إيجابيا بعد تنفيذ‬
‫عقكبتو‪ ،‬ك ىك ما سارت عميو التشريعات الجنائية الحديثة بما فييا المشرع الجزائرم حيث اعتبرىا‬
‫مف مبادئ السياسة العقابية ك كرسيا بالعديد مف الكسائؿ(‪.)5‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– عمي عبد القادر القيكجي‪ ( ،‬المسؤكلية الجنائية ك الجزاء الجنائي)‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– لمتفصيؿ أكثر في كظيفة الردع العاـ راجع‪ :‬عمار عباس الحسيني‪ ،‬كظيفة الردع العاـ لمعقكبة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪16‬‬
‫ك ما بعدىا‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أحمد فتحي سركر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫(‪)4‬‬
‫– أحسف بكسقيعة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.291‬‬
‫(‪)5‬‬
‫– أنظر نص المادة األكلى مف القانكف رقـ‪.04-05 :‬‬
‫~‪~99‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬التطور التاريخي لمعقوبة‬
‫إف العقكبة مرت بمراحؿ متعددة ك تطكرت بتطكر الفكر البشرم عمكما ك الفكر العقابي‬
‫خصكصا‪ ،‬سكاء مف حيث طبيعتيا أك مف حيث كسائؿ تنفيذىا حتى كصمت إلى ما ىي عميو اآلف‪،‬‬
‫ك ىك ما سنحاكؿ تبيانو بإيجاز‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العقوبة في العصور القديمة و الوسطى‬
‫مرت العقكبة في ىذه الحقبة التاريخية بمرحمتيف اثنتيف‪:‬‬
‫أوال‪ -‬مرحمة ما قبل ظيور الدولة‪:‬‬
‫كانت العقكبة في بداياتيا تعرؼ بأنيا شر يقبؿ شر‪ ،‬أم أف الجريمة في أصميا ارتكاب عمؿ‬
‫شرير فبلبد أف يقابؿ ىذا الشر بعقكبة مف نفس الفعؿ أم بشر مماثؿ(‪.)1‬‬
‫كاف أساس العقكبة آنذاؾ يتصؼ بطابع اإلنتقاـ الذم كاف فرديا في ظؿ نظاـ اآلسرة أك العائمة‪،‬‬
‫ثـ إنتقاما جماعيا في ظؿ نظاـ العشيرة‪ ،‬ك بعدىا إنتقاما دينيا في ظؿ نظاـ القبيمة(‪.)2‬‬
‫تميزت العقكبة في ىذه المرحمة بعدـ التناسب مع الجريمة‪ ،‬حيث كاف تقديرىا مترككا لممجني‬
‫ع ميو أك عشيرتو دكف تقيد بحدكد ك دكف إمكاف المعاقبة عمى تجاكزىا‪ ،‬مما جعمو يسرؼ في تكقيعيا‬
‫إشباعا لشيكتو في اإلنتقاـ‪ ،‬غير أنيا تحسنت بظيكر نظاـ القصاص‪ ،‬كما لـ تكف العقكبة شخصية‪،‬‬
‫ك رغـ ذلؾ فكاف لئلنتقاـ دكر في تحقيؽ الردع ك عدـ عكدة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مرة أخرل‬
‫خشية تحمؿ الجزاء(‪.)3‬‬
‫ثانيا‪ -‬مرحمة ما بعد ظيور الدولة‪:‬‬
‫أدل ظيكر الدكلة ك تأثير فبلسفة اإلغريؽ ك الرماف إلى تطكر العقكبة‪ ،‬حيث تحكلت فكرة‬
‫اإلنتقاـ إلى فكرة الدية بمفيكـ جديد‪ ،‬أيف كانت تتميز بخاصيتيف األكلى مكضكعية إذ تقدر عمى‬
‫أساس الضرر الذم كقع بغض النظر عف ظركؼ اإلعتداء أك الشخص المعتدم‪ ،‬ك ما إذا كاف‬
‫مسؤكال مسؤكلية كاممة أك ناقصة أك عديـ المسؤكلية‪ ،‬ك الثانية أنيا إذ تدفع لممعتدل عميو ال‬
‫لخزينة الدكلة أك المجتمع(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– إسحاؽ إبراىيـ منصكر‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– محمد أحمد المشيداني‪ ،‬أصكؿ عممي اإلجراـ ك العقاب في الفقييف الكضعي ك اإلسبلمي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار الثقافة‬
‫لمنشر ك التكزيع‪ ،‬عماف‪ ،2011 ،‬ص ‪.114‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬فكزية عبد الستار‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص ‪.225-224‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬إسحاؽ إبراىيـ منصكر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.127‬‬
‫~‪~111‬‬
‫ثـ تطكرت فكرة الدية حيث أصبح لمدكلة الحؽ في اقتساـ الدية مع المعتدل عميو عمى اساس‬
‫أف المجتمع أصيب بضرر نتيجة لكقكع الجريمة ك منو ظيرت صكرة العقكبة العامة ك أساسيا‬
‫الضرر فتدخمت الدكلة في تحديدىا فظير حؽ العقاب لممجتمع‪ ،‬ك كانت لمكنيسة أثار فمسفية عميقة‬
‫في المجتمعات األكركبية إنعكست عمى نظرية العقكبة ك عمى أرسيـ " تكماس الككيني"‪،‬‬
‫ك "ساف أكجستيف" الذم اعتبر الجريمة خطيئة تنطكم عمى عصياف لتعاليـ الكنيسة في التسامح ك‬
‫الصفح ك العيش بسبلـ‪ ،‬فنادكا بفكرة المسؤكلية كأساس لتكقيع العقكبة ك التي تختمؼ درجتيا حسب‬
‫درجة أك جسامة الخطيئة فألزمكا التعكيض المتناسب لدرجة الخطيئة‪ ،‬كما أقركا فكرة العقكبات غير‬
‫المحددة في بعض الجرائـ ك عميو ظير مبدأ تفريد العقاب ك بدأ في اإلنتشار‪ ،‬رغـ إساءة البعض‬
‫في فيمو مما أدل إلى انتشار فكرة العقكبة التحكمية التي يقررىا القضاة التحكمييف لفترة مف الزمف‬
‫فأصبح القاضي مشرع ك قاض في آف كاحد(‪.)1‬‬
‫ظمت العقكبة طكاؿ ىذه الفترة أك العصر تتسـ ببل إنسانية‪ ،‬ك ظؿ الحاؿ عمى ذلؾ حتى ظيرت‬
‫بكادر الثكرة الفرنسية في القرف الثامف عشر بحكؿ عاـ ‪.)2(1789‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبة في العصر الحديث‬
‫منذ القرف الثامف عشر ك بعد الثكرة الفرنسية بدأ التطكر في النظـ السياسية‪ ،‬ك كاف لفبلسفة‬
‫القرنيف الثامف عشر ك التاسع عشر في نظريات العقد اإلجتماعي ك ديمقراطية الحكـ ك تحديد‬
‫كظيفة الدكلة ك التحكالت اإلقتصادية ك اإلجتماعية كؿ ىذا أثر بشكؿ فعاؿ في تغيير مفيكـ العقكبة‬
‫الذم تجمى في عدة مظاىر أىميا(‪:)3‬‬
‫‪ -‬تحديد العقكبة بنص قانكني‪:‬‬
‫ك تجمى بإعبلف حقكؽ اإلنساف ك المكاطف في ‪ 26‬أكت ‪ 1789‬الذم نص عمى ضركرة أال‬
‫تككف ىناؾ جريمة ك ال عقكبة إال بنص محدد مف حيث األلفاظ لمنع تحكـ القضاة إذا ما ترؾ لو‬
‫حرية تقدير األفعاؿ المجرمة ك جزاؤىا‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– إسحاؽ إبراىيـ منصكر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– فكزية عبد الستار‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪226‬؛ محمد أحمد المشيداني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– حسيبة محي الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص ‪.09-08‬‬
‫~‪~111‬‬
‫‪ -‬التخفيؼ مف قساكة العقكبة‪:‬‬
‫تـ اإلتجاه في الفكر الحديث إلى التخفيؼ مف قسكة العقكبات بالقدر الذم يتماشى مع كرامة‬
‫اإلنساف ‪ ،‬ك بالقدر الذم يتناسب مع ما ارتكبو مف فعؿ غير مشركع‪ ،‬فأصبحت عقكبة اإلعداـ في‬
‫جرائـ ا إلعتداء عمى الحياة دكف غيرىا‪ ،‬ك منو أصبح الغرض مف العقكبة ىك الدفاع اإلجتماعي‬
‫بالقدر الذم يردع المحككـ عميو ك يعيد تأىيمو لمحياة اإلجتماعية مرة أخرل‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد أسمكب تنفيذ العقكبة‪:‬‬
‫أ صبحت العقكبات تنفذ بأسمكب معيف منصكص عميو قانكنا‪ ،‬فعقكبة اإلعداـ مثبل أصبح تنفيذىا‬
‫بأسمكب المقصمة في فرنسا أك المقعد الكيربائي في أمريكا‪ ،‬ك الرمي بالرصاص في غالبية‬
‫التشريعات الجنائية ‪ ،‬أما بالنسبة لمعقكبات السالبة لمحرية فأصبحت ذات ىدؼ تقكيمي يقكـ عمى‬
‫تكفير الرعاية النفسية ك الصحية ك اإلجتماعية لممحككـ عميو فظير نظاـ اإلفراج المشركط ك‬
‫فحص األطباء لممحككـ عمييـ بعقكبات بدنية ك كقؼ تنفيذ العقكبة ك كذا العفك‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة ىنا إلى الدكر الفعاؿ ك التأثير الكبير الذم لعبتو المدارس العقابية في تطكير‬
‫السياسة العقابية بكجو عاـ بفضؿ األفكار ك المبادئ التي نادت بيا كؿ مف‪:‬‬
‫المدرسة التقميدية بزعامة سيزارم ديبكاريا؛‬
‫المدرسة التقميدية الحديثة بزعامة تايمكر‪ ،‬ك جارسكف ؛‬
‫المدرسة الكضعية بزعامة لكمبركزك؛‬
‫مدرسة الدفاع اإلجتماعي بزعامة مارؾ أنسؿ ك جراماتيكا‪.‬‬
‫فقد ساىـ ىؤالء ك أنصارىـ بقسط كبير في نقؿ قانكف العقكبات مف القساكة إلى األنسة(‪.)1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– راجع‪ :‬المطمب الثاني‪ :‬دكر المدارس العقابية في تطكر قانكف العقكبات‪ ،‬مف المبحث التمييدم‪ :‬مدخؿ لمقانكف الجنائي‪،‬‬
‫مف ىذه المطبكعة‪ ،‬ص ص ‪.08-06‬‬
‫~‪~112‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع العقوبات‬
‫إف لمعقكبات عدة تقسيمات‪ ،‬فمنيا تقسيـ حيث اإلستقبللية ك الكفاية‪ ،‬ك آخر عمى أساس طبيعة‬
‫الحؽ الذم تمسو‪ ،‬حيث نجد منيا ما يمس البدف ك منيا ما تمس الذمة المالية‪ ،‬ك منيا الماسة‬
‫بالمكانة اإلجتماعية لمشخص ك اعتباره‪ ،‬ك تقسيـ مف حيث إلزاميتيا‪.‬‬
‫ك بالرجكع إلى التشريع الجزائرم فقد جسد المشرع التقسيـ األكؿ حسب استقبلليتيا أيف ميز بيف‬
‫العقكبات األصمية ك التكميمية طبقا لنص المادة ‪ 3/2/04‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬العقوبات األصمية‬
‫يقصد بالعقكبات األصمية ىي العقكبات التي يمكف الحكـ بيا منفردة دكف اقترانيا بعقكبة أخرل‪،‬‬
‫فيي الجزاء األساسي لمجريمة‪.‬‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 05‬قانكف عقكبات فالعقكبات األصمية تختمؼ مف حيث جسامتيا باختبلؼ‬
‫نكع أك كصؼ الجريمة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬عقوبات الجنايات‬
‫تعتبر الجنايات أكثر الجرائـ خطكرة‪ ،‬لذا قرر المشرع ضدىا عدة عقكبات جسيمة‪.‬‬
‫أوال‪ -‬اإلعدام‪:‬‬
‫تعتبر عقكبة اإلعداـ مف أقدـ العقكبات التي عرفتيا البشرية‪ ،‬فيي ذات طبيعة بدنية أك‬
‫جسدية‪ ،‬ككنيا تمثؿ إزىاؽ ركح المحككـ عميو بمقتضى القانكف‪.‬‬
‫إف عقكبة اإلعداـ ك لككنيا تمس أىـ حؽ مف حقكؽ اإلنساف ك المتمثؿ في الحؽ في الحياة‪،‬‬
‫فقد أسالت الكثير مف الحبر بيف مؤيد ك معارض ك لكؿ لو حججو ك أسانيده(‪.)1‬‬
‫لقد مرت عقكبة اإلعداـ في التشريع الجزائرم مرحمتيف ىامتيف‪:‬‬
‫‪ -‬مرحمة ما قبؿ اإلستقبلؿ‪:‬‬
‫كانت الجزائر مستعمرة فرنسية فقد تـ سف عقكبة اإلعداـ ك طبقت في حؽ الجزائرييف بمحاكمات‬
‫صكرية‪ ،‬ك بالمكازاة مع الحكـ الفرنسي بالجزائر كاف يكجد نظاـ القضاء الذم يحتكـ إليو المجاىديف‬
‫فكانت تطبؽ عقكبة اإلعداـ عمى العديد مف الجرائـ كإفشاء السر أك ضياع السبلح أك كؿ ما‬
‫يضرب الكحدة الكطنية‪ ،‬ك ىذا بصدكر حكـ مف طرؼ المجمس العسكرم لمناحية العسكرية لممنطقة‬

‫(‪)1‬‬
‫– لمتفصيؿ في حجج المؤيديف ك المعارضيف لعقكبة اإلعداـ راجع‪ :‬عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬شرح قانكف العقكبات الجزائرم‪:‬‬
‫القسـ العاـ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مرجع سايؽ‪ ،‬ص ص ‪.438-432‬‬
‫~‪~113‬‬
‫بحضكر قادتيا ك يبمغ الحكـ كجكبا قبؿ تنفيذه إللى قيادة الكالية ك ينفذ بعدىا اإلعداـ رميا‬
‫بالرصاص(‪.)1‬‬
‫‪ -‬مرحمة ما بعد اإلستقبلؿ‪:‬‬
‫تميزت ىذه المرحمة بفترتيف األكلى قبؿ ‪ ،1993‬أيف صدر قانكف العقكبات ك أقر عقكبة اإلعداـ‬
‫في العديد مف الجرائـ‪ ،‬تمتيا فترة ما بعد ‪ 1993‬أيف أعمف المجمس األعمى لمدكلة في ديسمبر‬
‫‪ 1993‬عف تعميؽ تنفيذ عقكبة اإلعداـ مف أجؿ تيدئة األكضاع ك تحفيز الحكار الكطني لتكقؼ‬
‫تنفيذىا نيائيا بأمر مف رئيس الدكلة سنة ‪ ،1994‬ثـ اتجو المشرع تدريجيا إلى استبداليا بعقكبات‬
‫السالبة لمحرية تحت تأثير المكاقؼ الدكلية المنادية إللغائيا‪ ،‬إذ قاـ المشرع بتقميص الجرائـ المحككـ‬
‫(‪)2‬‬
‫حيث حصرىا في الجرائـ األكثر خطكرة سكاء في قانكف العقكبات أك القكانيف‬ ‫عمييا باإلعداـ‬
‫الخاصة نكرد منيا عمى سبيؿ المثاؿ ك ليس الحصر‪:‬‬
‫‪ -‬الجرائـ الماسة بأمف الدكلة؛‬
‫‪ -‬جريمة القتؿ العمد المقترنة بظرؼ مشدد؛‬
‫‪ -‬جريمة الخصاء إذا أدت إلى الكفاة؛‬
‫‪ -‬جريمة الفرار مع عصابة مسمحة أك إلى العدك حسب المادة ‪ 266 ،265‬قانكف القضاء‬
‫العسكرم‪.‬‬
‫أما فيما يخص إجراءات تنفيذىا فقد نضميا المشرع في القانكف رقـ‪ 04-05 :‬في بابو السابع‬
‫المعنكف ‪‬األحكاـ الخاصة بالمحككـ عمييـ باإلعداـ‪.‬‬
‫مف المكاد مف ‪ 151‬إلى ‪ 157‬ي‬
‫ثانيا‪ -‬السجن المؤبد‪:‬‬
‫يعتبر السجف المؤبد ثاني عقكبة مف حيث الجسامة بعد اإلعداـ‪ ،‬فيك مف العقكبات السالبة‬
‫لمحرية‪ ،‬ك يعني سمب حرية المحككـ عميو مدل الحياة‪ ،‬فيي ذات حد كاحد‪.‬‬
‫نص عمييا المشرع في الكثير مف الجرائـ الخطيرة عمى المجتمع فنجده مثبل في‪:‬‬
‫‪ -‬جريمة تزكير النقكد طبقا لممادة ‪ 197‬قانكف عقكبات؛‬
‫‪ -‬جريمة السرقة باستعماؿ السبلح أك باستغبلؿ نائبة حسب المادة ‪ 351‬مف نفس القانكف؛‬
‫‪ -‬جريمة القتؿ العمد دكف اقترانيا بالظركؼ المشددة طبقا لنص المادة ‪ 254‬مف نفس القانكف‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– حسيبة محي الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– مف الجرائـ التي ألغى فييا المشرع عقكبة اإلعداـ نجد‪ :‬جريمة تزكير النقكد‪ ،‬جريمة السرقة باستعماؿ السبلح مثبل‪.‬‬
‫~‪~114‬‬
‫أما عف تنفيذ العقكبة فطبقا لنص المادة ‪ 28‬مف القانكف رقـ‪ 04-05 :‬يككف بمؤسسة إعادة‬
‫التأىيؿ التي تمثؿ إحدل المؤسسات العقابية ذات البيئة المغمقة(‪ ،)1‬كما يطبؽ عميو نظاـ الحبس‬
‫اإلنفرادم بكضع المحككـ عميو معزكال عف باقي المحبكسيف ليبل ك نيا ار لمدة ال تفكؽ ‪ 03‬سنكات‬
‫إعماال بنص المادة ‪ 46‬مف نفس القانكف‪ ،‬ثـ يطبؽ عميو نظاـ الحبس الجمعي ألنو األصؿ في‬
‫نظاـ اإلحتباس في التشريع الجزائرم(‪.)2‬‬
‫ثالثا‪ -‬السجن المؤقت‪:‬‬
‫يعتبر ىك اآلخر عقكبة سالبة لمحرية‪ ،‬حيث يقكـ عمى سمب حرية المحككـ عميو لمدة معينة‬
‫تتراكح ما بيف ‪ 05‬ك ‪ 20‬سنة‪ ،‬فيك عقكبة ذاك حديف‪ ،‬ك يككف عمى النحك التالي‪:‬‬
‫‪ -‬مف ‪ 05‬إلى ‪ 10‬سنكات كالجرائـ الكاردة في المكاد ‪ 107 ،75‬ك ‪ 206‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫‪ -‬مف ‪ 10‬إلى ‪ 20‬سنة كالجرائـ الكاردة في المكاد ‪ 70 ،87‬مف نفس القانكف‪.‬‬
‫‪ -‬مف ‪ 05‬إلى ‪ 15‬سنة كالجريمة المنصكص عمييا في المادة ‪ 149‬مكرر‪ 5‬مف نفس القانكف‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة إلى أف المشرع في تعديمو لقانكف العقكبات بمقتضى القانكف رقـ‪23-06 :‬‬
‫المؤرخ في‪ 23 :‬ديسمبر ‪ 2006‬نص عمى إمكانية الحكـ بالغرامة أيضا بجانب عقكبة السجف‬
‫المؤقت باستحداثو نص المادة ‪ 05‬مكرر(‪ ،)3‬ك المبلحظ فييا أف المشرع لـ يحدد مبمغ الغرامة‬
‫بالضبط‪ ،‬كما لـ يبيف مدة السجف المؤقت التي يمكف معيا تقرير الغرامة ك ىذا كمو في نظرنا إىدار‬
‫لمبدإ شرعية الجزاء‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلؾ ك بمقتضى القانكف رقـ‪ 01-14 :‬المؤرخ في‪ 4 :‬فبراير ‪ ،2014‬أضاؼ عبارة‬
‫لنص المادة ‪ « 05‬ما عدا الحاالت التي يقرر فييا القانكف حدكدا قصكل أخرل»‪ ،‬مما يعني إمكانية‬
‫الحكـ بالسجف لمدة تفكؽ ‪ 20‬سنة إذا كجد نص يقضي بذلؾ‪ ،‬ك تنفيذىا يخضع لمبيئة المغمقة‬
‫بمؤسسة إعادة التأىيؿ مثميا مثؿ عقكبة السجف المؤبد‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– ىي مؤسسة مخصصة لحبس األشخاص المحككـ عمييـ نيائيا بعقكبة الحبس لمدة تفكؽ خمس سنكات ك بعقكبة‬
‫السجف‪ ،‬ك المحككـ عمييـ معتادم اإلجراـ ك الخطريف ميما تكف مدة العقكبة المحككـ بيا عمييـ‪ ،‬ك المحككـ عمييـ باإلعداـ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 45‬مف القانكف رقـ‪.04-05 :‬‬
‫»‬
‫– نصت المادة ‪ 05‬مكرر « إف عقكبات السجف المؤقت ال تمنع الحكـ بعقكبة الغرامة‬ ‫(‪)3‬‬

‫~‪~115‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬عقوبات الجنح و المخالفات‬
‫تعد الجنح ثاني الجرائـ مف حيث الخطكرة اإلجرامية تمييا المخالفات‪ ،‬لذا قرر المشرع ليما‬
‫عقكبات أخؼ مقارنة بالجنايات إعماال بنص المادة ‪ 05‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫أوال‪ -‬الحبس‪:‬‬
‫يعتبر الحبس مف العقكبات السالبة لمحرية في مكاد الجنح ك المخالفات‪ ،‬ك ىك سمب حرية‬
‫المحككـ عميو لمدة محددة قانكنا‪ ،‬فيك ذك حديف‪ ،‬غير أف مدتو مختمفة بيف الجنحة أك مخالفة‪.‬‬
‫‪ -‬فبالنسبة لمجنح فإف مدة الحبس تتراكح ما بيف شيريف إلى ‪ 05‬سنكات‪.‬‬
‫‪ -‬أما المخالفات فتتراكح مف يكـ عمى األقؿ إلى شيريف عمى األكثر‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة إلى مسألة ذات األىمية فقد ينطؽ القاضي بعقكبة تزيد عف ‪ 05‬سنكات‪ ،‬فيؿ‬
‫ىي جناية أـ جنحة ك ىذا ألف المشرع نص عمى إمكانية تجاكز عقكبة الجنح خمس سنكات لكركد‬
‫عبارة « ما عدا الحاالت التي يقرر فييا القانكف حدكدا أخرل» كالرشكة مثبل فيي مف ‪ 02‬إلى ‪10‬‬
‫سنكات‪ ،‬أك اإلختبلس‪ ،‬أك السرقة باستعماؿ العنؼ ك غيرىا‪ ،‬فيؿ تعد جنح أـ جنايات؟‬
‫لئلجابة عمى السؤاؿ المطركح نقكؿ أف الكصؼ القانكني ىك جنحة‪ ،‬ك نسمييا بالجنحة المشددة‬
‫ألف المشرع أنزؿ الكصؼ لكنو ضاعؼ العقكبة ك ىذا في إطار سياسة التجنيح المنتيجة مف قبؿ‬
‫المشرع في إطار السياسة الجنائية الحديثة‪ ،‬ك لمتمييز ننظر لممصطمح المستعمؿ مف طرؼ المشرع‬
‫في النص‪ ،‬فإف استعمؿ مصطمح الحبس فيي جنحة أك مخالفة‪ ،‬أما إذا استعمؿ السجف فيي جناية‪،‬‬
‫لذا فيناؾ فرؽ بيف المصطمحيف مف عدة جكانب منيا‪:‬‬
‫‪ -‬يختمفاف مف حيث مجاؿ التطبيؽ؛‬
‫‪ -‬مف حيث المدة؛‬
‫‪ -‬مف حيث مكاف التنفيذ؛‬
‫‪ -‬مف حيث الجية المصدرة؛‬
‫‪ -‬مف حيث تطبيؽ بدائؿ العقكبة‪.‬‬
‫أما تنفيذ عقكبة الحبس فقد يككف بمؤسسة الكقاية‪ ،‬أك مؤسسة إعادة التربية‪ ،‬أك مؤسسة إعادة‬
‫التأىيؿ حسب مدة العقكبة المحككـ بيا تطبيقا لنص المادة ‪ 28‬مف قانكف تنظيـ السجكف‪.‬‬
‫ك تجدر اإلشارة في األخير سكاء في الحبس أك السجف أف المدة تحسب كاممة‪ ،‬فاليكـ بأػربع ك‬
‫عشريف ساعة‪ ،‬ك الشير بثبلثيف يكـ‪ ،‬ك السنة بإثنتي عشرة شي ار ميبلديا(‪.)1‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 13‬مف القانكف رقـ‪.04-05 :‬‬
‫~‪~116‬‬
‫ثانيا‪ -‬الغرامة‪:‬‬
‫تعد الغرامة مف العقكبات الماسة بالذمة المالية لمشخص المحككـ عميو بيا‪.‬‬
‫يقصد بالغرامة إلزاـ المحككـ عميو بدفع مبمغ مالي إلى خزينة الدكلة‪ ،‬ك المقرر بمكجب الحكـ‬
‫الصادر ضده‪ ،‬فيي األخرل تخضع لمضمانات التي تحكـ العقكبة بكجو عاـ السالفة الذكر‪.‬‬
‫تعتبر الغرامة مف العقكبات األصمية في التشريع الجزائرم في مكاد الجنح ك المخالفات‪ ،‬سكاء‬
‫كاف مرتكب الجريمة شخصا طبيعيا أـ معنكيا‪ ،‬غير أنيا مختمفة مف حيث المقدار الذم تحكمو‬
‫طبيعة الجريمة ك مرتكبيا‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة إلى الجنح فمقدراىا ينبغي أف يفكؽ ‪ 20.000‬دج دكف تحديد لحدىا األدنى تاركا‬
‫المسألة لمسمطة التقديرية لمقاضي المختص حسب كؿ حالة باستثناء حاالت محددة قانكنا‪.‬‬
‫‪ -‬أما المخالفات فيي محددة ما بيف ‪ .2000‬إلى ‪ 20.000‬دج‪.‬‬
‫ك باستقراء نصكص قانكف العقكبات نبلحظ أف المشرع الجنائي نص عمى عقكبة الغرامة بعدة‬
‫أكجو‪ ،‬فأحيانا تككف منفردة دكف اقترانيا بعقكبة سالبة لمحرية(‪ ،)1‬ك أحيانا عمى سبيؿ الخيار بينيا ك‬
‫بيف عقكبة الحبس(‪ ،)2‬ك أحيانا كجكب الجمع بينيما(‪.)3‬‬
‫ك إذا تعمؽ األمر بالشخص المعنوي فإف مقدار الغرامة حصره المشرع طبقا لنص المكاد ‪18‬‬
‫(‪)4‬‬
‫عمى النحك التالي‪:‬‬ ‫مكرر‪ 18 ،‬مكرر‪ ،1‬ك ‪ 18‬مكرر‪ 2‬قانكف عقكبات‬
‫أ‪ .‬عندما ينص القانكف عمى عقكبة الغرامة بالنسبة لمشخص الطبيعي‪:‬‬
‫تككف الغرامة في ىذه حالة تساكم مف مرة إلى خمس مرات الحد األقصى لمغرامة المقررة‬
‫لمشخص الطبيعي في القانكف الذم يعاقب عمى الجريمة‪ ،‬ميما كاف نكع الجريمة إعماال بنص‬
‫المادتيف ‪ 18‬مكرر‪ ،1/‬ك ‪ 18‬مكرر‪ 1/1‬قانكف عقكبات‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أنظر مثبل نص المادة ‪ ،118‬ك نص المادة ‪ 141‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬أنظر مثبل نص المادة ‪ ،144‬ك نص المادة ‪ 444‬مف نفس القانكف‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أنظر مثبل نص المادة ‪ ،350‬ك نص المادة ‪ 372‬مف نفس القانكف‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫– المستحدثتيف بمكجب القانكف رقـ‪ 15-04 :‬المؤرخ في‪ 10 :‬نكفمبر ‪ 2004‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف العقكبات‪.‬‬
‫~‪~117‬‬
‫ب‪ .‬عندما ال ينص القانكف عمى عقكبة الغرامة بالنسبة لمشخص الطبيعي‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫عمى النحك التالي‪:‬‬ ‫حددىا المشرع بمقتضى المادة ‪ 18‬مكرر‪2‬‬
‫‪ 2000.000 -‬دج عندما تككف الجناية معاقب عمييا باإلعداـ أك السجف المؤبد‪.‬‬
‫‪ 1000.000 -‬دج عندما تككف الجناية معاقب عمييا بالسجف المؤقت‪.‬‬
‫‪ 500.000 -‬دج بالنسبة لمجنحة‪.‬‬
‫ك نشير أف مبمغ الغرامة قد يخفض إذا تكفرت الظركؼ المخففة حسب المادة ‪ 53‬قانكف عقكبات‬
‫مع التمييز ما إذا كاف الشخص مسبكقا قضائيا أـ ال‪ ،‬كما قد نجد مبمغ الغرامة أكثر أك أقؿ في‬
‫نص معيف فنطبؽ قاعدة الخاص يقيد العاـ‪.‬‬
‫أما فيما يخص كيفية تحصيؿ مبمغ الغرامة فاألصؿ فيو إختياريا بتسديد المحككـ عميو مبمغ‬
‫(‪)2‬‬
‫حيث تتكلى المصالح‬ ‫الغرامة طكعا ك في ىذه الحالة نطبؽ المادة ‪ 597‬قانكف إجراءات جزائية‬
‫المختصة التابعة لمجيات القضائية تحصيؿ مبمغ الغرامات ك المصاريؼ القضائية‪ ،‬إال أنو يمكف‬
‫لمصالح الضرائب ك إد ارة المصالح الكطني تحصيؿ الغرامات بناء عمى طمب النائب العاـ أك ككيؿ‬
‫الجميكرية(‪ ،)3‬ك لقد أصدر المشرع المرسكـ التنفيذم رقـ‪ 120-17 :‬المؤرخ في‪ 22 :‬مارس ‪2017‬‬
‫يحدد فيو شركط ك كيفيات تحصيؿ الغرامات ك المصاريؼ القضائية مف قبؿ الجيات القضائية(‪.)4‬‬
‫أما إذا لـ يمتثؿ طكعا يفيمجأ إلى التنفيذ الجبرم بالتنفيذ عمى ممتمكاتو طبقا لنص المادة ‪598‬‬
‫قانكف إجراءات جزائية‪ ،‬أك المجكء إلى اإلكراه البدني طبقا لنص المكاد مف ‪ 599‬إلى ‪ 611‬مف ذات‬
‫القانكف‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– المعدلة بمقتضى القانكف رقـ‪ 23-06 :‬المؤرخ في‪ 20 :‬ديسمبر ‪ 2006‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف العقكبات‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية العدد‪ ،84 :‬المؤرخة في‪ 24 :‬ديسمبر ‪.2006‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– المعدلة بمقتضى القانكف رقـ‪ 13-18 :‬المؤرخ في‪ 11 :‬يكنيك ‪ 2018‬المتضمف قانكف المالية التكميمي لسنة ‪،2018‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،24 :‬المؤرخة في‪ 15 :‬يكليك ‪.2018‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 10‬مف القانكف رقـ‪.04-05 :‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،19 :‬المؤرخة في‪ 26 :‬مارس ‪.2017‬‬
‫~‪~118‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬العقوبات التكميمية‬
‫العقكبات التكميمية ىي العقكبات التي ال يمكف النطؽ بيا منفردة عف العقكبة األصمية طبقا‬
‫لنص المادة ‪.3/04‬‬
‫نظـ المشرع الجزائرم العقكبات التكميمية مف المادة ‪ 09‬إلى غاية المادة ‪ 18‬قانكف عقكبات‪،‬‬
‫ك عمى نكعيف كجكبية‪ ،‬ك اختيارية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العقوبات التكميمية اإلجبارية‬
‫ك ىي العقكبات التي يجب تطبيقيا عمى مرتكب الجريمة مع العقكبة األصمية‪ ،‬ك ال تطبؽ تمقائيا‬
‫لمطعف‪.‬‬ ‫بؿ يجب القاضي النطؽ بيا إلى جانب العقكبة األصمية ك إال عرض حكمو‬
‫أوال‪ -‬الحجر القانوني‪:‬‬
‫نصت عميو المادة ‪ 09‬مكرر قانكف عقكبات‪ ،‬ك يعني حرماف المحككـ عميو مف ممارسة حقكقو‬
‫المالية أثناء تنفيذ العقكبة األصمية(‪.)1‬‬
‫يعتبر عقكبة كجكبية في مكاد الجنايات‪ ،‬ك عميو تيدار أمكالو طبقا إلجراءات الحجز القضائي‬
‫(‪)2‬‬
‫بكاسطة كلي أك كصي‪ ،‬ك إف لـ يكف لو ذلؾ تعيف المحكمة‬ ‫المنصكص عميو في قانكف األسرة‬
‫مقدما يرعى أمكالو‪.‬‬
‫ك ال يكفي أف تككف الجريمة جناية لتطبيؽ الحجر القانكني بؿ البد أف تككف العقكبة المحككـ‬
‫بيا جنائية مف خبلؿ النص‪ ،‬ك منو فإف صدر عمى المتيـ المتابع بجناية حكـ يقضي بعقكبة جنحية‬
‫بفعؿ تطبيؽ ا لظركؼ المخففة فإف المحكمة ليست ممزمة بالحكـ عميو بالحجر القانكني(‪.)3‬‬
‫نفيـ مف ىذا كمو أف الحجر القانكني يسرم مف سرياف العقكبة األصمية ك ينقضي بانقضائيا‪،‬‬
‫فبل يمكنو إبراـ العقكد أك التصرفات القانكنية‪ ،‬أما إذا استفد مف اإلفراج المشركط مثبل فإف الحجر‬
‫يرفع عنو ك يمكنو حينيا إدارة أمكالو‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– كانت قبؿ تعديؿ ‪ 2006‬عقكبة تبعية تطبؽ بقكة القانكف عمى الجنايات‪ ،‬فبل تحتاج لمنطؽ بيا في الحكـ‪ ،‬ك بعد إلغاء‬
‫المشرع ليذه العقكبات في القانكف ‪ 23-06‬ضمت إلى العقكبات التكميمية ك احتفظ ليا بالصفة الكجكبية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر نص المكاد مف ‪ 101‬إلى ‪ 108‬مف القانكف رقـ‪ 11-84 :‬المؤرخ في‪ 09 :‬يكنيك ‪ 1984‬المتضمف قانكف‬
‫األسرة‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،24 :‬المؤرخة في‪ 12 :‬يكنيك ‪ ،1984‬المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أحسف بكسقيعة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.327‬‬
‫~‪~119‬‬
‫ثانيا‪ -‬الحرمان من الحقوق الوطنية و المدنية و العائمية‪:‬‬
‫المداف مف مجمكعة الحقكؽ المحددة بمقتضى المادة ‪ 09‬مكرر‪1‬‬‫تتمثؿ في حرماف الشخص ي‬
‫قانكف عقكبات(‪ ،)1‬ك ىذه الحقكؽ تتمثؿ فيما يمي‪:‬‬
‫‪ .1‬العزؿ أك اإلقصاء مف جميع الكظائؼ ك المناصب العمكمية التي ليا عبلقة بالجريمة؛‬
‫‪ .2‬الحرماف مـ حؽ االنتخاب أك الترشح أك مف حمؿ أم كساـ؛‬
‫‪ .3‬عدـ األىمية ألف يككف مساعدا محمفا‪ ،‬أك خبيرا‪ ،‬أك شاىدا عمى أم عقد‪ ،‬أك شاىدا أماـ‬
‫القضاء إال إلى سبيؿ االستدالؿ؛‬
‫‪ .4‬الحرماف مف الحؽ في حمؿ األسمحة‪ ،‬ك التدريس‪ ،‬ك في إدارة مدرسة أك الخدمة في مؤسسة‬
‫لمتعميـ بكصفو أستاذا أك مدرسا أك مراقبا؛‬
‫‪ .5‬عدـ األىمية ألف يككف كصيا أك قيما؛‬
‫‪ .6‬سقكط حؽ الكالية في كميا أك بعضيا‪.‬‬
‫أما مدة الحرماف فإنيا ال تفكؽ ‪ 10‬سنكات تسرم مف تاريخ انقضاء العقكبة األصمية أك اإلفراج‬
‫عف المحككـ عميو‪ ،‬ك ىي كجكبية في مكاد الجنايات فقط ك العقكبة ذات طبيعة جنائية أيضا‪ ،‬كما‬
‫أف القاضي ليس ممزـ بالنطؽ بيا كميا‪ ،‬بؿ يكفي أف يأمر بالحرماف مف حؽ كاحد أك أكثر‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات التكميمية اإلختيارية‬
‫ىي العقكبات التي يممؾ فييا القاضي سمطة تقديرية في الحكـ بيا مف عدمو‪ ،‬فيي ذات طابع‬
‫جكازم‪ ،‬غير أف النطؽ بيا كجكبي إذا أراد ذلؾ‪.‬‬
‫لقد أقر المشرع مجمكعة مف العقكبات التكميمية الجكازية‪ ،‬فمنيا مف تمس الحرية ك الذمة‬
‫المالية‪ ،‬ك منيا ما تمس ببعض الحقكؽ ك منيا مف تناؿ مف اإلعتبار‪.‬‬
‫أوال‪ -‬العقوبات التكميمية المقيدة لمحرية و الماسة بالذمة المالية‪:‬‬
‫‪ -I‬تحديد اإلقامة‪:‬‬
‫نصت عمييا المادة ‪ 11‬قانكف عقكبات ك ىي إلزاـ المحككـ عميو باإلقامة في منطقة أك إقميـ‬
‫معيف ك عدـ مغادرتو‪ ،‬ك المحدد في الحكـ الصادر ضده‪.‬‬
‫إف مدة تحديد اإلقامة ال تتجاكز ‪ 05‬سنكات تبدأ مف يكـ انقضاء العقكبة األصمية أك اإلفراج‬
‫عف المحككـ عميو‪ ،‬كما يبمغ الحكـ إلى ك ازرة الداخمية التي بإمكانيا إصدار رخصا إستثنائية لمتنقؿ‬
‫خارج اإلقميـ المحدد‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– كانت أيضا قبؿ تعديؿ ‪ 2006‬ضمف العقكبات التبعية ك الممغاة فيما بعد‪.‬‬
‫~‪~111‬‬
‫ك حتى يي عطى الطابع اإللزامي الحتراـ تحديد اإلقامة نصت الفقرة األخيرة مف المادة ‪ 11‬عمى‬
‫تجريـ مخالفة تحديد اإلقامة‪ ،‬إذ يعاقب الشخص الذم يخالفيا بالحبس مف ‪ 03‬أشير إلى‬
‫‪ 03‬سنكات ك الغرامة مف ‪ 25.000‬إلى ‪ 300.000‬دج‪.‬‬
‫ك المبلحظ عمى النص أف المشرع لـ يحدد طبيعة الجرائـ التي يمكف الحكـ فييا بتحديد اإلقامة‬
‫سكاء جناي ة أك جنحة أك حتى مخالفة لعدـ التخصيص في النص عمى طبيعة الجريمة‪.‬‬
‫‪ -II‬المنع مف اإلقامة‪:‬‬
‫نظميا المشرع بمقتضى المادة ‪ 12‬قانكف عقكبات ك ىي حظر المحككـ عميو مف تكاجده في‬
‫مناطؽ معينة في الحكـ الصادر ضده ككف المشرع استعمؿ عبارة "بعض األماكف" مما يعني أف‬
‫المنع مف اإلقامة ينبغي أف يككف متعددا ك ليس محصكر بمكاف معيف‪.‬‬
‫إف مدة المنع مف اإلقامة تختمؼ باختبلؼ طبيعة الجريمة‪ ،‬فبالنسبة لمجنايات فمدة المنع ‪10‬‬
‫سنكات‪ ،‬أما الجنح فيي ‪ 05‬سنكات‪.‬‬
‫المبلحظ عمى المشرع أنو استبعد صراحة تطبيؽ المنع في حالة المخالفات بعدـ النص عمى‬
‫ذلؾ‪ ،‬كما أنو يمكف الحكـ بيا منفردة كاستثناء بدليؿ نصو عمى بداية سريانيا إذ اقترنت بعقكبة‬
‫سالبة لمحرية يككف مف يكـ انقضاء العقكبة األصمية أك اإلفراج عف المحككـ عميو حسب المادة‬
‫«‬
‫فيما‬ ‫‪ ،2/12‬ك ىذا كمو تطبيقا لنص المادة ‪ 04‬إذ قضت بإمكانية الحكـ بيا منفردة لكركد عبارة‬
‫عدا الحاالت التي ينص عمييا القانكف صراحة»‪.‬‬
‫«‬
‫ما لـ‬ ‫غير أف المدة ليست ثابتة حيث نص المشرع عمى إمكانية الخركج عنيا لكركد عبارة‬
‫ينص القانكف عمى خبلؼ ذلؾ»‪.‬‬
‫ك حتى يعطى أيضا الطابع اإللزامي الحتراـ المنع مف اإلقامة نصت الفقرة األخيرة مف ذات‬
‫النص عمى معاقبة الشخص الذم يخالفيا بالحبس مف ‪ 03‬أشير إلى ‪ 03‬سنكات ك الغرامة مف‬
‫‪ 25.000‬إلى ‪ 300.000‬دج‪.‬‬
‫ك إذا كاف المداف أجنبي ك ارتكب جناية أك جنحة نصت المادة ‪ 13‬قانكف عقكبات عمى منعو‬
‫مف اإلقامة في التراب الكطني بصفة نيائية أك لمدة ‪ 10‬سنكات عمى األكثر‪ ،‬ك يقتاد إثر ذلؾ إلى‬
‫الحدكد مباشرة‪ ،‬فبل يحتاج ذلؾ إلى النطؽ بو في حكـ اإلدانة فينفذ بقكة القانكف‪.‬‬
‫ك إف خالؼ ذلؾ يعاقب ىذا األجنبي بالحبس مف ‪ 03‬أشير إلى ‪ 03‬سنكات ك الغرامة مف‬
‫‪ 25.000‬إلى ‪ 300.000‬دج طبقا لمفقرة األخيرة مف نص المادة ‪.13‬‬

‫~‪~111‬‬
‫‪ -III‬المصادرة الجزئية لؤلمكاؿ‪:‬‬
‫عرفيا المشرع في نص المادة ‪ 01/15‬قانكف عقكبات بأنيا األيمكلة النيائية إلى الدكلة لماؿ أك‬
‫مجمكعة مف أمكاؿ معينة أك ما يعادؿ قيمتيا عند اإلقتضاء(‪.)1‬‬
‫إف المصادرة بكصفيا عقكبة تكميمية تختمؼ عف كصفيا تدبير كقائي مف عدة أكجو(‪:)2‬‬
‫‪ -‬فالمصادرة كتدبير كقائي يحكـ بيا ك لك لـ تكف ىناؾ أية عقكبة أصمية أك إذا قضي ببراءة‬
‫المتيـ‪ ،‬كمصادرة بندقية غير مرخصة بغض النظر عف استعماليا في الجريمة أـ ال أك مخدرات‬
‫مضبكطة حتى ك لك أخذ المتيـ البراءة لعدـ ثبكت األدلة مثبل‪ ،‬بخبلؼ ككنيا عقكبة تكميمية؛‬
‫‪ -‬تعت بر كجكبية إذا كانت كتدبير فبل خيار لممحكمة فييا‪ ،‬عمى عكس بكصفيا عقكبة تكميمية فقد‬
‫تككف اختيارية أك كجكبية حسب النص القانكني؛‬
‫‪ -‬كما يختمفاف في اعتبار المصادرة عقكبة تكميمية ينبغي أال تمس بحقكؽ الغير الحسف النية‪،‬‬
‫أما بكصفيا تدبير فيحكـ بيا في جميع األحكاؿ‪.‬‬
‫إف المشرع الجزائرم اعتبر المصادرة عقكبة تكميمية في األصؿ‪ ،‬كما أخذ بالمصادرة الجزئية أك‬
‫الخاصة دكف العامة‪ ،‬ك التي تعني أنيا ال تنصب إال عمى شيء كاحد أك أشياء معينة بالذات‬
‫بخبلؼ المصادرة العامة التي تشمؿ كافة أمكاؿ المحككـ عميو المنقكلة ك غير المنقكلة(‪.)3‬‬
‫غير أنو لـ يترؾ الحكـ بالمصادرة مطمقا بؿ قيده بشركط محددة ك ىي‪:‬‬
‫أ‪ .‬ال بد مف صدكر حكـ بعقكبة أصمية لجناية‪ ،‬فبل تطبؽ في حالة الجنحة إال إذا كجد نص‬
‫صريح في القانكف يقضي بذلؾ عمبل بالمادة ‪ 15‬مكرر‪ 1‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك مف الجنح التي تطبؽ‬
‫فييا المصادرة في قانكف العقكبات نجد الجرائـ المتعمقة بنظـ دكر القمار ك اليانصيب طبقا لممكاد‬
‫مف ‪ 165‬إلى ‪ ،169‬جريمة تبييض األمكاؿ طبقا لممادة ‪ 389‬مكرر‪ ،4‬المخالفات المتعمقة بالنظاـ‬
‫العمكمي ذات الدرجة الثانية طبقا لممادتيف ‪ 452‬ك ‪.453‬‬
‫ب‪ .‬أف تشمؿ محؿ المصادرة األشياء التي استعممت أك كانت ستستعمؿ في ارتكاب الجريمة أك‬
‫تحصمت منيا ك نحك ذلؾ مف المنافع األخرل أك المكافآت‪.‬‬
‫ت‪ .‬أف ال تككف األشياء محؿ المصادرة مف األشياء المنصكص عمييا في المادة ‪ 15‬مكرر‪2/1‬‬
‫قانكف عقكبات حيث نصت عمى عدـ جكاز مصادرة محؿ السكف البلزـ إليكاء الزكج ك األصكؿ ك‬
‫الفركع مف الدرجة األكلى لممحككـ عميو إذا كانكا يشغمكنو فعبل عند معاينة الجريمة ما لـ يكف‬

‫(‪)1‬‬
‫– كانت قبؿ تعديؿ ‪ 2006‬تدابير أمف عيني ‪ ،‬ك التي ألغيا المشرع فيما بعد ك احتفظ فقط بتدابير األمف الشخصية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– رؤكؼ عبيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.869‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– حسيبة محي الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫~‪~112‬‬
‫مكتسب بطريؽ غير مشركع‪ ،‬كما ال يككف محبل لممصادرة المداخيؿ الضركرية لمعيشة الزكج‬
‫ك أكالد المحككـ عميو ك األصكؿ الذيف يعيشكف تحت كفالتو‪.‬‬
‫ث‪ .‬كما يجب مراعاة حقكؽ الغير حسف النية إعماال بنص المادة ‪ 15‬مكرر‪ 2‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬العقوبات التكميمية السالبة لمحقوق و الماسة باإلعتبار‪:‬‬
‫‪ -I‬المنع المؤقت مف ممارسة مينة أك نشاط‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ك تعني حرماف المحككـ عميو مف القياـ بنشاط‬ ‫نصت عمييا المادة ‪ 16‬مكرر قانكف عقكبات‬
‫أك مينة شريطة أف تككف ليا عبلقة مباشرة بالجريمة ك استمرار العمؿ أك النشاط يشكؿ خط ار‬
‫كالطبيب الذم يقكـ بعمميات اإلجياض دكف مبرر مثبل‪.‬‬
‫ك تتميز ىذه العقكبة بطابعيا المؤقت‪ ،‬حيث حددىا المشرع بفترة معينة حسب نكع الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬فإذا كانت الجريمة جناية فمدة المنع ال تتجاكز ‪ 10‬سنكات‪.‬‬
‫‪ -‬أما الجنح فمدتو ال تتجاكز ‪ 05‬سنكات‪.‬‬
‫‪ -‬ك ال تطبؽ في حالة المخالفات‪.‬‬
‫ما يبلحظ عمى المشرع أنو لـ ينص عمى بدء سرياف المدة المقررة‪ ،‬ك في نظرنا يككف بعد نفاذ‬
‫العقكبة األصمية أك اإلفراج عف المحككـ عميو‪.‬‬
‫ك المنع مف ممارسة النشاط أك المينة قد يككف عقكبة إجبارية كالمكاد ‪ 311‬ك ‪ 312‬قانكف‬
‫العقكبات فيما يخص جرائـ اإلجياض‪ ،‬أك جرائـ التيريب طبقا لممادة ‪ 19‬مف قانكف التيريب‪.‬‬
‫ك قد يككف بصفة جكازية كنص المادة ‪ 142‬ك ‪ 139‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك كذا المادة ‪ 29‬مف‬
‫القانكف رقـ‪ 18-04 :‬المتعمؽ بالكقاية مف المحذرات‪.‬‬
‫ك حتى يككف ليا أثر ك تجنب العمؿ بسرية نصت المادة ‪16‬مكرر ‪ 6‬عمى أف كؿ مف يخالؼ‬
‫اإللتزامات المفركضة عميو بمكجب المنع مف ممارسة النشاط أك المينة يعاقب بالحبس مف‬
‫‪ 03‬أشير إلى ‪ 03‬سنكات ك الغرامة مف ‪ 25.000‬إلى ‪ 300.000‬دج‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– قبؿ تعديؿ ‪ 2006‬كانت تدبير أمف شخصي‪ ،‬ثـ ألحقيا المشرع فيما بعد بالعقكبات التكميمية‪.‬‬
‫~‪~113‬‬
‫‪ -II‬إغبلؽ المؤسسة‪:‬‬
‫نظميا المشرع في المادة ‪ 16‬مكرر‪ 1‬قانكف عقكبات(‪ ،)1‬ك تعني منع ممارسة العمؿ أك النشاط‬
‫في المكاف الذم ارتكبت الجريمة بمناسبتو‪ ،‬فتطبؽ عمى المدارس المفتكحة دكف ترخيص أك‬
‫الصيدليات التي تبيع المكاد المخدرة بطرؽ غير مشركعة أك محبلت لبيع الخمكر تمارس فييا‬
‫الدعارة(‪.)2‬‬
‫ك عميو يشترط شرطا ضمنيا لتطبيؽ ىذه العقكبة أف يككف إنشاء المؤسسة ك ممارستيا لعمميا‬
‫كاف قانكنيا ك اإلغبلؽ تـ بسبب الجريمة التي ارتكبت ك تقدير القضاء أف كجكد المؤسسة كاف لو‬
‫دك ار في ذلؾ ك استمرارىا قد يؤدم إلى ارتكاب جرائـ جديدة ألنو يسيؿ الظركؼ لمجاني لمقياـ‬
‫بجريمتو(‪.)3‬‬
‫إف إغبلؽ المؤسسة قد يككف بصفة نيائية ك قد يككف بصفة مؤقتة‪ ،‬ك في ىذه الحالة مدة‬
‫اإلغبلؽ متكقفة عمى نكع الجريمة‪ ،‬فإذا كانت جناية فإف مدتو ال تفكؽ عشر سنكات‪ ،‬أما في الجنح‬
‫فبل تتعدل خمس سنكات‪ ،‬دكف تحديد مف المشرع بداية سريانيا‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪16‬مكرر ‪ 6‬عمى أف كؿ مف يخالؼ اإللتزامات المفركضة عميو بمكجب‬
‫إغبلؽ المؤسسة يعاقب بالحبس مف ‪ 03‬أشير إلى ‪ 03‬سنكات ك الغرامة مف ‪ 25.000‬إلى‬
‫‪ 300.000‬دج‪.‬‬
‫‪ -III‬اإلقصاء مف الصفقات العمكمية‪:‬‬
‫نصت عمييا المادة ‪ 16‬مكرر ‪ 2‬قانكف عقكبات المستحدثة سنة ‪ ،2006‬ك تعني منع المحككـ‬
‫عميو مف المشاركة بصفة مباشرة أك غير مباشرة في أية صفقة عمكمية‪ ،‬إما بصفة نيائية أك لمدة‬
‫‪ 10‬سنكات إذا كانت الجريمة جناية‪ ،‬ك ‪ 05‬سنكات إذا كانت جنحة‪ ،‬ك لـ ينص المشرع عمى بداية‬
‫سريانيا ىؿ مف صيركرة الحكـ النيائي أـ مف تنفيذ العقكبة األصمية‪.‬‬
‫ك صحيفة السكابؽ القضائية ىي التي تكفؿ تطبيؽ ىذه العقكبة فقبؿ تكقيع أم صفقة يطمب‬
‫مستخرج مف صحيفة السكابؽ القضائية لممتعيد عندما يتعمؽ األمر بشخص طبيعي‪ ،‬ك لممسير أك‬
‫المدير العاـ لممؤسسة عندما يتعمؽ األمر بشركة(‪.)4‬‬
‫ك إف خالؼ الشخص المداف ذلؾ يعاقب طبقا لنص المادة ‪ 16‬مكرر ‪ 6‬بالحبس مف ‪ 03‬أشير‬
‫إلى ‪ 30‬سنكات ك الغرامة مف ‪ 25.000‬إلى ‪ 300.000‬دج‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– كانت قبؿ تعديؿ ‪ 2006‬تدبير أمف عيني‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– لحسيف بف شيخ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.169‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬شرح قانكف العقكبات الجزائرم‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.585‬‬
‫(‪)4‬‬
‫– حسيبة محي الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫~‪~114‬‬
‫‪ -IV‬الحظر مف إصدار شيكات ك‪ /‬أك استعماؿ بطاقات الدفع‪:‬‬
‫إستحدثيا المشرع في المادة ‪ 16‬مكرر‪ 3‬قانكف عقكبات إثر تعديمو سنة ‪ ،2006‬ك ىي إلزاـ‬
‫المحككـ عميو بإرجاع الدفاتر ك البطاقات التي بحكزتو أك عند ككبلئو إلى المؤسسة المصرفية‬
‫المصدرة ليا‪.‬‬
‫ك مدة الحظر مؤقتة حيث تككف ع شر سنكات إذا تعمؽ األمر بجناية‪ ،‬ك خمس سنكات إذا كانت‬
‫جنحة دكف تحديد لبداية سريانيا‪ ،‬ك ال تحديد إف كانت ليا عبلقة بالجريمة المرتكبة أـ ال‪.‬‬
‫غير أنو ال يمكف الحظر عمى الشيكات التي تسمح بسحب األمكاؿ مف طرؼ الساحب لدل‬
‫المسحكب عميو أك مف تمؾ المضمنة طبقا لممادة ‪ 16‬مكرر‪.2/3‬‬
‫ك كؿ مف يخالؼ ىذا المنع ك يقكـ بإصدار شيكا أك استعمؿ بطاقة الدفع فإنو يعاقب بالحبس‬
‫مف سنة إلى خمس سنكات ك بغرامة مف ‪ 100.000‬إلى ‪ 500.000‬دج دكف اإلخبلؿ بالعقكبات‬
‫المتعمقة بجريمة إصدار شيؾ دكف رصيد الكاردة في نص المادة ‪ 374‬قانكف عقكبات ك ىي عقكبة‬
‫مشددة مقارنة بنظيراتيا مف العقكبات المتعمقة بمخالفة المنع بالنسبة لمعقكبات التكميمية األخرل‪.‬‬
‫‪ -V‬تعميؽ أك سحب رخصة السياقة أك إلغائيا مع المنع مف استصدار رخصة جديدة‪:‬‬
‫كردت ىذه العقكبة في نص المادة ‪ 16‬مكرر‪ 4‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك ليا ثبلثة أكجو ىي‪:‬‬
‫‪ ‬تعميؽ رخصة السياقة‪ :‬ىك تدبير مؤقت يقضي بحرماف المحككـ عميو مف استعماؿ رخصة‬
‫السياقة مدة ‪ 05‬سنكات مف تاريخ صدكر الحكـ باإلدانة‪ ،‬ثـ يزاكؿ السياقة بعد انقضائيا‪.‬‬
‫‪ ‬سحب رخصة السياقة‪ :‬ك يعني انتياء صبلحية الرخصة‪ ،‬فيصبح المحككـ عميو دكف رخصة‬
‫سياقة‪ ،‬مما يتحتـ عميو استصدار رخصة جديدة إذا أراد السياقة بعد مضي مدة السحب ‪ 05‬سنكات‬
‫مف تاريخ صدكر الحكـ باإلدانة‪.‬‬
‫‪ ‬إلغاء رخصة السياقة ك منع استصدار أخرل جديدة‪ :‬ك ىنا يصبح المحككـ عميو دكف‬
‫رخصة سياقة بصفة نيائية مع إبطاؿ الرخصة التي كانت بحكزتو‪.‬‬
‫ما يمكف مبلحظتو أف المشرع لـ يحدد نكع الجريمة التي يمكف معيا الحكـ بيذه العقكبة مما‬
‫يعني إمكانية النطؽ بيا سكاء كانت الجريمة جناية أك جنحة أك حتى مخالفة لعمكـ النص‪ ،‬كما يبمغ‬
‫الحكـ لممصالح اإلدارية باألخص المصالح الكالئية المختصة‪.‬‬

‫~‪~115‬‬
‫‪ -VI‬سحب جكاز السفر‪:‬‬
‫نص عمييا المشرع بمقتضى المادة ‪ 16‬مكرر‪ 5‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك تككف في حالة ارتكاب‬
‫الشخص المداف لجناية أك جنحة لمدة ‪ 05‬سنكات عمى األكثر دكف التمييز بينيما‪.‬‬
‫ك المشرع ىنا حدد بداية سريانيا مف تاريخ النطؽ بالحكـ ك األصح الحكـ النيائي‪ ،‬كما يبمغ‬
‫الحكـ إلى ك ازرة الداخمية‪ ،‬كرسيا المشرع في العديد مف الجرائـ كالمادة ‪ 29‬مف القانكف رقـ‪:‬‬
‫‪ ،18-04‬ك المادة ‪ 49‬مف القانكف رقـ‪ 06-05 :‬المتعمؽ بالتيريب‪ ،‬ك كؿ مف يخالؼ ذلؾ يعاقب‬
‫بالحبس مف ثبلثة أشير إلى ثبلثة سنكات ك الغرامة مف ‪ 25.000‬إلى ‪ 300.000‬دج تطبيقا‬
‫لممادة ‪ 16‬مكرر‪ 6‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫يبلحظ عمى ىذه العقكبة أنيا ذات طابع كقائي نمنع بيا المتيـ مف الفرار خارج الكطف‪.‬‬
‫‪ -VII‬نشر أك تعميؽ حكـ أك قرار اإلدانة‪:‬‬
‫نصت عميو المادة ‪ 18‬قانكف عقكبات ك يعني نشر الحكـ أك مستخرج منو في جريدة أك أكثر‬
‫محددة في الحكـ‪ ،‬ك أك يككف النشر في أماكف محددة فيو أيضا‪ ،‬فيك بمثابة تشيير بيذا الشخص‬
‫المداف لتنبيو الناس بأنو ليس مكضع ثقة‪.‬‬
‫ك نشر الحكـ قد يككف كجكبي عمى القاضي كنص المادة ‪ 174‬قانكف عقكبات‪ ،‬ك قد يككف‬
‫جكازم كنص المادة ‪ 250 ،144‬ك المادة ‪ 300‬مف ذات القانكف‪ ،‬فيي بمثابة تشيير بالشخص‬
‫المداف لتحذير الكافة منو‪.‬‬
‫شير كاحدا‪ ،‬ك بغية التحقؽ مف التعميؽ نصت الفقرة الثانية مف‬
‫ا‬ ‫أما مدة التعميؽ فيي ال تتجاكز‬
‫المادة ‪ 18‬عمى معاقبة كؿ مف يقكـ بإتبلؼ أك تمزيؽ أك إخفاء المعمقات كميا أك جزئيا ك ذلؾ‬
‫بالحبس مف ‪ 03‬أشير إلى سنتيف ك الغرامة مف ‪ 25.000‬إلى ‪ 200.000‬دج‪.‬‬
‫أما إذا كاف المحككـ عميو شخصا معنويا ك نظ ار لطبيعتو مف جية‪ ،‬ك خصكصية مسؤكليتو‬
‫الجزائية مف جية أخرل نص المشرع عمى عقكبات تكميمية خاصة بو تختمؼ باختبلؼ الجريمة‬
‫المرتكبة مف طرفو‪.‬‬

‫~‪~116‬‬
‫في حالة الجنايات أو الجنح‪:‬‬
‫تتمثؿ العقكبات التكميمية طبقا لنص ‪ 18‬مكرر‪ 2/‬قانكف عقكبات فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬حؿ الشخص المعنكم؛‬
‫‪ -‬غمؽ المؤسسة أك فرع مف فركعيا لمدة خمس سنكات عمى األكثر؛‬
‫‪ -‬اإلقصاء مف الصفقات العمكمية لمدة خمس سنكات عمى األكثر؛‬
‫‪ -‬المنع مف مزاكلة نشط أك عدة أنشطة مينية أك اجتماعية بشكؿ مباشر أك غير مباشر نيائيا‬
‫أك لمدة خمس سنكات عمى األكثر؛‬
‫‪ -‬مصادرة الشيء الذم استعمؿ في ارتكاب الجريمة أك نتج عنيا؛‬
‫‪ -‬الكضع تحت الحراسة القضائية لمدة ال تتجاكز خمس سنكات ؛‬
‫‪ -‬نشر ك تعميؽ حكـ اإلدانة‪.‬‬
‫في حالة المخالفات‪:‬‬
‫تتمثؿ في مصادرة الشيء الذم استعمؿ في ارتكاب الجريمة أك نتج عنيا طبقا لمفقرة الثانية مف‬
‫المادة ‪ 18‬مكرر‪ 1‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫ك حتى يككف لمعقكبات التكميمية تطبيؽ ممزـ كفعاؿ نصت المادة ‪ 18‬مكرر‪ 3‬عمى أنو عند‬
‫معاقبة الشخص المعنكم بعقكبة تكميمية أك أكثر مما سبؽ ذكره‪ ،‬ك تـ خرؽ اإللتزامات المترتبة عف‬
‫الحكـ فإنو يعاقب الشخص الطبيعي بالحبس مف سنة إلى ‪ 05‬سنكات‪ ،‬ك الغرامة مف ‪100.000‬‬
‫إلى ‪ 500.000‬دج‪.‬‬

‫~‪~117‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬بدائل العقوبة و انقضائيا‬
‫إف العقكبات السالبة لمحرية بكجو عاـ ك القصيرة المدة بكجو خاص أسالت الكثير مف الحبر‬
‫عمى اعتبار أف مساكئيا أكثر مف محاسنيا‪ ،‬فيناؾ مف نادل حتى بإلغائيا ك استبداليا ببدائؿ‬
‫أخرل‪ ،‬كما أف العقكبة حتى تؤدم كظيفتيا فبلبد مف تنفيذىا ك تجنب أحكاؿ انقضائيا أك زكاليا‪.‬‬
‫المطمب األول‪ :‬بدائل العقوبة‬
‫البدائؿ عبارة عف عقكبة يقررىا القانكف ك يكقعيا القاضي كبديؿ لعقكبة الحبس األصمية‪ ،‬فيي‬
‫األخرل تخضع لضمانات العقكبة بكجو عاـ‪ ،‬ك نكتفي ببديميف ىاميف ككنيما يصدراف عف قاضي‬
‫الحكـ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬عقوبة العمل لمنفع العام‬
‫نتطرؽ مف خبلؿ ىذه المطمب أىـ األحكاـ المتعمقة بعقكبة العمؿ لمنفع العاـ ككنيا العقكبة‬
‫البديمة الكحيدة التي نص عمييا المشرع الجزائرم صراحة‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف عقوبة العمل لمنفع العام و خصائصيا‪:‬‬
‫‪ -I‬تعريفيا‪:‬‬
‫لقد أعطيت لعقكبة العمؿ لمنفع العاـ عدة تعريفات‪ ،‬فيناؾ مف عرفيا بأنيا ‪ ‬تكميؼ الجاني‬
‫بالقياـ بالعمؿ في إحدل المؤسسات الحككمية لعدد معيف مف الساعات خبلؿ فترة العقكبة سكاء‬
‫بصفة يكمية أك لعدد معيف مف األياـ خبلؿ الشير يحددىا الحكـ الصادر‪ ،‬ك الذم يحدد كذلؾ‬
‫المؤسسة التي سيقكـ المحككـ عميو بتنفيذ الحكـ بيا‪.)1( ‬‬
‫كما عرفت بأنيا ‪ ‬إلزاـ المحككـ عميو بإتماـ عمؿ دكف مقابؿ لمصمحة المجتمع بدال مف دخكلو‬
‫السجف ك ذلؾ خبلؿ مدة معينة تحددىا المحكمة في قرارىا بفرض ىذا النظاـ‪.)2( ‬‬
‫ك عميو يمكف تعريؼ عقكبة العمؿ لمنفع العاـ بأنيا قياـ المحككـ عميو بأداء عمؿ في إحدل‬
‫المؤسسات العمكمية دكف أجر‪ ،‬ي قررىا نص قانكني‪ ،‬ك بتكقيع مف القضاء بمكجب حكـ قضائي‪،‬‬
‫بعد مكافقتو الصريحة عمييا‪ ،‬ك ذلؾ لمدة ك فترة محددتيف في الحكـ‪.‬‬

‫(‪ -)1‬بشرل رضا راضي سعد‪ ،‬بدائؿ العقكبات السالبة لمحرية ك أثرىا في الحد مف الخطكرة اإلجرامية ( دراسة مقارنة)‪،‬‬
‫الطبعة األكلى‪ ،‬دار كائؿ لمنشر ك التكزيع‪ ،‬عماف‪ ،2013 ،‬ص ‪.110‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬صفاء أكتاني‪ ،‬العمؿ لممنفعة العامة في السياسة العقابية المعاصرة ( دراسة مقارنة)‪ ،‬مجمة جامعة دمشؽ لمعمكـ‬
‫اإلقتصادية ك القانكنية‪ ،‬المجمد ‪ ،25‬العدد الثاني‪ ،‬دمشؽ‪ ،2009 ،‬ص ‪.430‬‬
‫~‪~118‬‬
‫بالرجكع إلى التشريع الجزائرم ك في إطار مكاصمة تكريس سياسة الدفاع االجتماعي إستحدث‬
‫المشرع عقكبة العمؿ لمنفع العاـ بمقتضى القانكف رقـ‪ 01-09 :‬المؤرخ في‪ 25 :‬فبراير ‪2009‬‬
‫المعدؿ ك المتمـ لقانكف العقكبات(‪ ،)1‬حيث نص عمييا في المكاد مف ‪ 05‬مكرر‪ 1‬إلى ‪ 05‬مكرر‪،6‬‬
‫حيث نصت المادة ‪ 05‬مكرر‪ « 1/1‬يمكف الجية القضائية أف تستبدؿ عقكبة الحبس المنطكؽ بيا‬
‫بقياـ المحككـ عميو بعمؿ لمنفع العاـ بدكف أجر‪ ،‬لمدة تتراكح بيف أربعيف (‪ )40‬ساعة ك ستمائة‬
‫(‪ )600‬ساعة‪ ،‬بحساب ساعتيف (‪ )2‬عف كؿ يكـ حبس‪ ،‬في أجؿ أقصاه ثمانية عشر (‪ )18‬شيرا‪،‬‬
‫لدل شخص معنكم مف القانكف العاـ‪.» ...‬‬
‫‪ -II‬خصائصيا‪:‬‬
‫يتضح مف خبلؿ تعريؼ عقكبة العمؿ لمنفع العاـ أف ليا عدة خصائص تميزىا عف غيرىا مف‬
‫البدائؿ ك أىميا‪:‬‬
‫أ) ىي ذات طبيعة رضائية حيث تتميز كجكب رضا المحككـ عميو بيا ك مكافقتو عمييا‪ ،‬حيث‬
‫يعد أحد شركطيا‪ ،‬ك حسف ما فعؿ المشرع ىنا ك ذلؾ حتى تحقؽ المغزل مف تقريرىا ك المتمثؿ في‬
‫إعادة إدماج ك تأىيؿ المجرـ في المجتمع‪.‬‬
‫ب) المجكء إلى تطبيؽ العمؿ لمنفع العاـ مسألة جكازية ك ليست كجكبية‪ ،‬حيث تخضع لمسمطة‬
‫التقديرية لقاضي الحكـ‪ ،‬ك ذلؾ باستعماؿ المشرع مصطمح « يمكن‪ » ...‬في نص المادة ‪ 5‬مكرر‪1‬‬
‫حتى مع تكفر شركطيا القانكنية‪ ،‬ك ىذا قد ال يخدـ المغزل مف تقريرىا إذ قد يتعسؼ قاضي تطبيؽ‬
‫العقكبات في المجكء إلييا مما ييدر مبدأ المساكاة في المعاممة العقابية‪.‬‬
‫ت) مف حيث الطبيعة القانكنية فيي تعتبر بديؿ لمعقكبة السالبة لمحرية ك ىذا بصريح نص‬
‫المادة ‪ 05‬مكرر قانكف عقكبات التي جاء فييا « يمكف الجية القضائية أف تستبدل عقكبة الحبس‬
‫المنطكؽ بيا‪ ، » ...‬تحمؿ في طياتيا اإليبلـ ك الردع‪ ،‬ك ليست تدبير أمف الذم ىدفو كقائي نكاجو‬
‫بو الخطكرة اإلجرامية‪.‬‬
‫ث) ىي مقيدة لمحرية حيث ترتكز عمى ضركرة قياـ المحككـ عميو بعمؿ معيف ك دكف أجر‬
‫بتحديد مف طرؼ القاضي المختص ك بحجـ ساعي معيف لمعمؿ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،15 :‬المؤرخة في‪ 08 :‬مارس ‪.2009‬‬
‫~‪~119‬‬
‫ك تجدر اإلشارة عمى اختبلؼ الفقو حكؿ طبيعتيا القانكنية إف كانت عقكبة أـ تدبير‪ ،‬غير أنيا‬
‫ذك طبيعة خاصة ككنيا تجمع بينيما‪ ،‬فيي كإحدل بدائؿ العقكبة السالبة لمحرية تحمؿ بعض‬
‫صفات العقكبة‪ ،‬غير أنيا تتميز عنيا في الغرض إذ تيدؼ عمى إصبلح ضرر الجريمة مف جية‪،‬‬
‫ك إعادة تأىيؿ المجرـ إجتماعيا مف جية أخرل(‪.)1‬‬
‫ثانيا شروط تطبيق عقوبة العمل لمنفع العام و إجراءاتيا‪:‬‬
‫لقد أ صدر منشكر خاصا يتعمؽ بكيفيات تطبيقيا ك ىك المنشكر الكزارم رقـ‪ 02 :‬الصادر عف‬
‫ك ازرة العدؿ بتاريخ‪ 21 :‬أبريؿ ‪.2009‬‬
‫‪ -I‬شركط تطبيقيا‪:‬‬
‫إف إصدار عقكبة العمؿ لمنفع العاـ ليس مطمؽ بؿ مقيد بشركط يجب تكفرىا ك عمى القاضي‬
‫التأكد منيا‪ ،‬كىي عمى النحك التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬الشركط الشخصية‪:‬‬
‫نقصد بيا الشركط المتعمقة بالشخص المحككـ عميو ك المتمثمة فيما يمي‪:‬‬
‫أ‪ .‬أف ال المحككـ عميو مسبكقا قضائيا‪ ،‬حيث لـ يسبؽ ك أف صدر في حقو حكما نيائيا يقضي‬
‫بإدانتو الرتكابو جريمة ما ميما كاف كصفيا جناية أك جنحة أك حتى مخالفة لعمكـ النص الكارد في‬
‫إذا كاف المتيـ غير مسبكؽ قضائيا »‪.‬‬ ‫«‬
‫المادة ‪ 05‬مكرر‪1‬‬
‫ب‪ .‬أف ال يقؿ ًسف المتيـ عف ستة عشرة سنة كقت ارتكابو لمكقائع المجرمة المنسكبة إليو‪ ،‬ك‬
‫العبرة بتاريخ ارتكاب الفعؿ المجرـ ال بحصكؿ النتيجة‪ ،‬ك حسف ما فعؿ المشرع ألف الجرائـ ال تبدأ‬
‫ك تنتيي لحظة كاحدة‪ ،‬فيناؾ مف الجرائـ يمعب الزمف فييا دك ار في قياميا ك المعركفة بالجرائـ‬
‫المستمرة كجرائـ اإلختط اؼ مثبل‪ ،‬ك إف كاف ىذا الشرط يمكف التخمي عنو لكجكد قانكف خاص‬
‫بحماية الطفؿ بكصفو ضحية أك مجرما(‪.)2‬‬
‫ت‪ .‬المكافقة الصريحة لممتيـ عمييا‪ ،‬مما يستدعي حضكره جمسة النطؽ بالحكـ ك إبداء رأيو إما‬
‫بالمكافقة أك الرفض إعماال بالفقرة األخيرة مف نص المادة ‪ 05‬مكرر‪ ،1‬ك ىذا شرط ضركرم ك ىاـ‬
‫لمغاية‪ ،‬فبل تأتي عقكبة العمؿ لمنفع العاـ بثمارىا عمى أرض الكاقع ك تحقيؽ إعادة التأىيؿ ما لـ‬
‫يتفاعؿ معيا المعني‪ ،‬ك ال يتأتى ىذا إال برغبتو ك رضاه بيا‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– لمتفصيؿ في الطبيعة القانكنية لعقكبة العمؿ لمنفع العاـ ك أغراضيا راجع‪ :‬صفاء أكتاني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص‬
‫‪.436-432‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر القانكف رقـ‪ 12-15 :‬المؤرخ في‪ 15 :‬يكليك ‪ 2015‬المتعمؽ بحماية الطفؿ‪.‬‬
‫~‪~121‬‬
‫ك في نظرنا ىذا الشرط يتناقض ك مبادئ القانكف الجنائي ككنو مف النظاـ العاـ‪ ،‬ألف المتيـ مف‬
‫يختار ا لعقكبة ك ليس القاضي‪ ،‬كما أف المكافقة تشكؿ مساسا بقرينة البراءة‪ ،‬فبمجرد إختياره لمعمؿ‬
‫لمنفع العاـ يعد قرينة بأنو مرتكب الجريمة‪.‬‬
‫‪ .2‬الشركط المكضكعية‪:‬‬
‫نقصد بيا الشركط المرتبطة بجسامة العقكبة مف جية‪ ،‬ك طبيعة الحكـ الصادر مف جية أخرل‪،‬‬
‫ك حصرىا المشرع فيما يمي‪:‬‬
‫أ‪ .‬أف ال تتجاكز العقكبة المقررة قانكنا مدة ‪ 03‬سنكات‪ ،‬فبل تطبؽ عمى الجنايات ألف عقكبتيا‬
‫السجف‪ ،‬بؿ عمى الجنح ك مخالفات فقط ك التي ليست كميا طبعا فقط التي تستكفي المدة المشركطة‬
‫في النص‪ ،‬ك بالتالي ضيؽ المشرع مف نطاؽ األشخاص المستفيديف منيا‪ ،‬ك ىك ما عارضو بعض‬
‫نكاب البرلماف أثناء مناقشتيـ لمشركع التعديؿ حيث أيقترح إلغائو(‪.)1‬‬
‫ب‪ .‬أف ال تتجاكز مدة العقكبة المنطكؽ بيا عاـ حبسا نافذة تطبيقا لمسمطة التقديرية لمقاضي‬
‫الجزائي‪ ،‬ك بيذا فيككف المشرع قد ضيؽ أكثر مف نطاؽ تطبيؽ ىذه العقكبة البديمة‪ ،‬فيي تسرم‬
‫عمى كؿ المخالفات المعاقب عمييا بالحبس ك ليست كؿ الجنح‪ ،‬ك ىذا ال يخدـ الغاية مف تقريرىا‪،‬‬
‫ك ىذا ال نؤيده ألنو قد ييدر مبدأ المساكاة في العقكبة‪.‬‬
‫ت‪ .‬أف يككف الحكـ نيائيا باستفائو كافة طرؽ الطعف تطبيقا لنص المادة ‪ 05‬مكرر‪ 6‬قانكف‬
‫عقكبات‪ ،‬فاألحكاـ الجزائية تصدر ابتدائية تحقيقا لمبدإ التقاضي عمى درجتيف‪ ،‬مع العمـ أف المشرع‬
‫نص عمى الحكـ النيائي ك ليس البات نظ ار لئلختبلؼ المكجكد بينيما مف حيث الطبيعة ك األثر‪.‬‬
‫ث‪ .‬لقد حددت المادة ‪ 5‬مكرر‪ 3/1‬قانكف عقكبات مدة العمؿ لمنفع العاـ ك حصرتيا بيف حديف‬
‫أدنى ك أقصى‪ ،‬ك ىي تختمؼ باختبلؼ سِّف المتيـ الذم ييفترض أف يتكقع قبكلو ليا‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كاف المتيـ بالغا فتككف مدتيا ما بيف أربعيف ك ستمائة ساعة؛‬
‫‪ -‬أما إذا كاف قاص ار فمدتيا ما بيف عشريف ك ثبلثمائة ساعة‪.‬‬
‫ك في كؿ األحكاؿ تطبؽ بمعدؿ ساعتيف عمؿ عف كؿ يكـ حبس ك في حدكد ثمانية عشرة‬
‫شيرا‪ ،‬ك إذا كاف المتيـ محبكسا مؤقتا تيخصـ مدة الحبس المؤقت التي قضاىا باحتساب ساعتيف‬
‫عمؿ عف كؿ يكـ حبس ثـ تيستبدؿ المدة المتبقية مف العقكبة األصمية بالعمؿ لمنفع العاـ تطبيقا(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬الجريدة الرسمية لممناقشات العدد‪ ،104 :‬المجمس الشعبي الكطني‪ ،‬المؤرخة في‪ 4 :‬فبراير ‪ ،2009‬ص ‪.14‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 13‬مف القانكف رقـ‪04-05 :‬‬
‫~‪~121‬‬
‫‪ -II‬إجراءات تنفيذ عقكبة العمؿ لمنفع العاـ‪:‬‬
‫بعد صيركرة الحكـ أك القرار المتضمف عقكبة العمؿ لمنفع العاـ نيائيا ك الذم يجب أف يحتكم‬
‫عمى معمكمات محددة(‪ ،)1‬تيرسؿ نسخة مف ىذا الحكـ إضافة لممستخرج إلى النيابة العامة المختصة‬
‫بالتنفيذ‪ ،‬ك التي ترسؿ بدكرىا نسخة منو مع مستخرج إلى قاضي تطبيؽ العقكبات بصفتو المكمؼ‬
‫بتطبيؽ العقكبات‪.‬‬
‫يتـ بعدىا إستدعاء المعني مف طرؼ قاضي تطبيؽ العقكبات عف طريؽ ال ِّ‬
‫محضر القضائي‪،‬‬
‫ك بعدما يتأكد ىذا األخير مف ىكيتو عند حضكره إليو ك التعرؼ عمى كضعيتو االجتماعية ك‬
‫الصحية ك العائمية ك يمكنو ىنا االستعانة بالنيابة العامة لمتأكد مف صحة المعمكمات‪ ،‬يقكـ بعرض‬
‫المعني عمى طبيب المؤسسة العقابية بمقر المجمس القضائي أك بمقر المحكمة ك المتمثمة إما في‬
‫مؤسسة الكقاية أك إعادة التربية أك إعادة التأىيؿ مف أجؿ فحصو بغية اختيار نكع ك طبيعة العمؿ‬
‫المناسب لحالتو الصحية‪ ،‬ك عميو يحرر قاضي تطبيؽ العقكبات بطاقة معمكمات شخصية خاصة‬
‫بيذا المحككـ عميو ك تكضع بممفو‪.‬‬
‫بعد ذلؾ يقكـ قاضي تطبيؽ العقكبات بإصدار مقرر الوضع الذم ينبغي أف يحتكل عمى‬
‫البيانات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬اليكية الكاممة لممعني؛‬
‫‪ -‬طبيعة العمؿ المسند إليو؛‬
‫‪ -‬إلتزامات المعني؛‬
‫‪ -‬عدد الساعات اإلجمالي ك تكزيعيا كفؽ البرنامج الزمني المتفؽ عميو مع المؤسسة؛‬
‫‪ -‬الضماف اإلجتماعي؛‬
‫‪ -‬التنكيو إلى تنفيذ العقكبة األصمية عميو في حالة إخبللو بالتزاماتو؛‬

‫(‪)1‬‬
‫– تتمثؿ المعمكمات في‪:‬‬
‫‪ -‬العقكبة األصمية في منطكؽ الحكـ؛‬
‫‪ -‬إستبداؿ عقكبة الحبس بعقكبة العمؿ لمنفع العاـ؛‬
‫‪ -‬اإلشارة إلى حضكر المتيـ في الجمسة مع التنكيو إلى أنو قد أعمـ بحقو في قبكؿ أك رفضو ليا؛‬
‫‪ -‬تنبيو المحككـ عميو أنو في حالة إخبللو بااللتزامات المترتبة عف عقكبة العمؿ لمنفع العاـ تطبؽ عميو عقكبة الحبس‬
‫األصمية؛‬
‫‪ -‬البيانات الجكىرية الكاجب تكفرىا في الحكـ كرقـ الحكـ ك الجية المصدرة لو ك تاريخ النطؽ بو ك غير ذلؾ‪.‬‬
‫~‪~122‬‬
‫‪ -‬كما يشار في ىامش المقرر تنبيو لممؤسسة المستقبمة بضركرة مكافاة قاضي تطبيؽ العقكبات‬
‫ببطاقة مراقبة أداء عقكبة العمؿ لمنفع العاـ‪ ،‬ك إعبلمو فك ار عف كؿ إخبلؿ يصدر مف المعني في‬
‫تنفيذ ىذه اإللتزامات‪.‬‬
‫يعيف في مقرر الكضع المؤسسة المستقبمة لممحككـ عميو ك كيفية أداء العمؿ لمنفع العاـ‪ ،‬ثـ يبمغ‬
‫بو كؿ مف المعني ك كذا النيابة العامة ك المؤسسة المستقبمة ك كذا المصمحة الخارجية إلدارة‬
‫السجكف بصفتيا المكمفة بإعادة اإلدماج االجتماعي لممحبكسيف ك بصفتيا مف مؤسسات الدفاع‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫إف التزاـ المحككـ عميو بمقرر الكضع ك تنفيذ العمؿ المطمكب منو في الكقت المحدد لو يككف‬
‫بيذا قد نفذ عقكبتو فيصبح المقرر كأف لـ يكف‪ ،‬ك عند اإلنتياء مف ذلؾ تقكـ المؤسسة المستقبمة‬
‫بإشعار قاضي تطبيؽ العقكبات الذم يحرر إشعا ار بذلؾ ك يرسمو لمنيابة العامة التي تتكلى بدكرىا‬
‫إرساؿ نسخة منو إلى كؿ مف مصمحة السكابؽ القضائية لمتأشير بذلؾ في الصحيفة رقـ كاحد مع‬
‫اإلشارة لذلؾ في ىامش الحكـ أك القرار‪.‬‬
‫إال أنو قد تط أر عند التنفيذ عكارض تحكؿ دكف إتماـ تنفيذ العقكبة فينا يتدخؿ قاضي تطبيؽ‬
‫العقكبات لحؿ كؿ اإلشكاالت المتعمقة بتنفيذىا باتخاذ اإلجراء المناسب حسب الحالة المعركضة‬
‫تطبيقا لنص المادة ‪ 05‬مكرر‪ 3‬قانكف عقكبات‪.‬‬
‫حماية لمحريات ك الظركؼ الشخصية يمكف لقاضي تطبيؽ العقكبات بصفتو الساىر عمى‬
‫تطبيؽ ىذه العقكبة البديمة إما تمقاء نفسو أك بطمب مف المحككـ عميو أك نائبو إصدار مقرر بكقؼ‬
‫تطبيؽ ال عقكبة ألسباب صحية كأف يصاب المحككـ عميو بمرض‪ ،‬أك أسباب عائمية ككفاة أحد أفراد‬
‫عائمتو مثبل أك اجتماعية حتى يزكؿ ىذا السبب الذم يخضع لمسمطة التقديرية لقاضي تطبيؽ‬
‫العقكبات بدراسة كؿ حالة عمى حدل‪ ،‬مع إببلغ الجيات المعنية بذلؾ‪.‬‬
‫ك في حالة عدـ حضكر المعني دكف عذر جدم في التاريخ المحدد بعد تبميغو ك إعماال بنص‬
‫المادة ‪ 05‬مكرر‪ 4‬قانكف عقكبات يقكـ قاضي تطبيؽ العقكبات بتحرير محضر عدـ المثكؿ ك يرسمو‬
‫لمنائب العاـ المساعد الذم يقكـ بدكره بإخطار مصمحة تنفيذ العقكبات التي تقكـ بتنفيذ اإلجراءات‬
‫الخاصة بتطبيؽ عقكبة الحبس األصمية‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة في األخير إلى أف الحكـ بعقكبة العمؿ لمنفع العاـ ال ييقيد في صحيفة السكابؽ‬
‫القضائية رقـ ثبلثة التي تسمـ لممعني‪ ،‬ألنو ييسجؿ فييا األحكاـ النافذة فقط‪ ،‬ك إنما يسجؿ في‬
‫الصحيفة رقـ كاحد ك اثناف‪ ،‬ك ىذا اإلجراء يتـ مف طرؼ النيابة العامة المختصة‪.‬‬

‫~‪~123‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إيقاف تنفيذ العقوبة‬
‫أوال‪ -‬تعريفو و خصائصو‪:‬‬
‫‪ -I‬تعريفو‪:‬‬
‫يع ِّرؼ نظاـ كقؼ النتفيذ بذلؾ ‪ ‬النظاـ يرمي إلى إصبلح المجرـ المحككـ بإدانتو ك عقابو عف‬
‫طرؽ تيديد بالحكـ الصادر بالعقكبة فترة تككف بمثابة تجربة‪.)1( ‬‬
‫ك منو ف نظاـ إيقاؼ أك كقؼ التنفيذ ىك عدـ تطبيؽ العقكبة عمى مرتكب الجريمة لمدة زمنية‬
‫محددة قانكنا تعتبر اختبا ار لممجرـ بعدـ العكدة لئلجراـ مستقببل‪ ،‬ك تعكد بكادر ظيكره لممدرسة‬
‫الكضعية اإليطالية بقيادة سيزار لكمبركزك‪ ،‬ك يعد التشريع اإلنجميزم أكلى التشريعات الكضعية التي‬
‫أخذت بو ك كاف ذلؾ عاـ ‪ ،1887‬ثـ المشرع البمجيكي عاـ ‪ ،1888‬ثـ المشرع الفرنسي‪.)2(1898‬‬
‫أما في التشريعات العربية فتعد مصر السباقة إلى تقرير ىذا النظاـ في قانكف العقكبات الصادر‬
‫في‪ 14 :‬فيفرم ‪ 1904‬في نص المكاد ‪ 52‬إلى ‪ ،54‬تمتيا لبناف عاـ ‪ 1943‬في نص المادة ‪169‬‬
‫ك ما بعدىا‪ ،‬ثـ سكريا عاـ ‪ 1949‬في نص المادة ‪ 168‬ك ما بعدىا‪ ،‬ثـ العراؽ ك األردف عاـ‬
‫‪ 1988‬في نص المادة ‪.)3(54‬‬
‫أكرد المشرع الجزائرم ىذا النظاـ في المكاد ‪ 592‬إلى ‪ 595‬قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 592‬المعدلة بمقتضى القانكف رقـ‪ 14-04 :‬المؤرخ في‪ 10 :‬نكفمبر ‪ 2004‬المعدؿ‬
‫(‪« )4‬‬
‫يجكز لممجالس القضائية ك لممحاكـ في حالة الحكـ بالحبس أك‬ ‫قانكف اإلجراءات الجزائية‬
‫الغرامة إذا لـ يكف المحككـ عميو قد سبؽ الحكـ عميو بالحبس لجناية أك جنحة مف جرائـ القانكف‬
‫العاـ أف تأمر بحكـ مسبب باإليقاؼ الكمي أك الجزئي لتنفيذ العقكبة األصمية » ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬آسيا نعمكف‪ ،‬نظاـ كقؼ تنفيذ العقكبة في التشريع الجزائرم ك سمطة القاضي الجزائي في تفعيمو‪ ،‬مجمة الباحث‬
‫لمدراسات األكاديمية‪ ،‬المجمد السادس‪ ،‬العدد األكؿ‪ ،‬كمية الحقكؽ ك العمكـ السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،1‬الجزائر‪ ،‬جانفي ‪،2019‬‬
‫ص ‪.933‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– رؤكؼ عبيد‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.695‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬آسيا نعمكف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.836‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬الجريدة الرسمية العدد ‪ ،71‬المؤرخة في‪ 10 :‬نكفمبر ‪.2004‬‬
‫~‪~124‬‬
‫‪ -II‬خصائصو‪:‬‬
‫يتميز نظاـ كقؼ التنفيذ مف خبلؿ نصكصو القانكنية بعدة خصائص تميزه عف غيره مف البدائؿ‬
‫المشابية لو نكرد منيا ما يمي‪:‬‬
‫أ‪ .‬يعتبر مسألة إجرائية ك ليست مكضكعية لمنص عميو في قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬عمى‬
‫خبلؼ بعض التشريعات األخرل التي نصت عميو في قانكف العقكبات‪.‬‬
‫ب‪ .‬مجاؿ تطبيقو أكسع مقارنة بالنفع العاـ مثبل‪ ،‬فمـ يحدد مثبل مقد ار العقكبة أك ِّسف المحككـ‬
‫عميو‪.‬‬
‫ت‪ .‬ىك مف صبلحيات قاضي الحكـ عمى خبلؼ بعض البدائؿ التي تدخؿ في المعامبلت‬
‫العقابية كاإلفراج المشركط أك الحرية النصفية ككنيا مف صبلحيات قاضي تطبيؽ العقكبات(‪.)1‬‬
‫ث‪ .‬ذك طابع جكازم ك ليس كجكبي عمى القاضي حتى مع تكفر شركطو الستعماؿ المشرع‬
‫عبارة « يجكز» في نص المادة ‪ 592‬قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ -‬كما أنو يختمؼ عف التأجيؿ المؤقت لتنفيذ الحكـ الجزائي‪ ،‬أك التكقيؼ المؤقت لتطبيؽ العقكبة‬
‫مف عدة أكجو(‪.)2‬‬
‫ثانيا‪ -‬شروط و إجراءات تطبيقو‪:‬‬
‫نص المشرع الجزائرم عمى جممة مف الشركط الكاجب تكفرىا لتطبيؽ نظاـ كقؼ التنفيذ‪ ،‬كما‬
‫خصو بإجراءات شكمية محددة يجب اتباعيا فيو‪.‬‬
‫‪ -I‬شركط تطبيقو‪:‬‬
‫باستقراء نص المادة ‪ 592‬قانكف اإلجراءات الجزائية فإنو لتطبيؽ إيقاؼ التنفيذ شركط يجب‬
‫المداف ك أخرل بطبيعة العقكبة عمى النحك التالي‪:‬‬
‫تكفرىا‪ ،‬منيا ما تتعمؽ بالشخص ي‬
‫أ‪ -‬بالنسبة لممحككـ عميو‪:‬‬
‫يشترط أف يككف المحككـ عميو غير مسبكؽ قضائيا ك ذلؾ بعدـ ارتكابو لجناية أك جنحة مف‬
‫قبؿ‪ ،‬ك الحكـ بغير ذلؾ ييعد خرقا لمقانكف‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 104‬ك نص المادة ‪ 134‬مف القانكف رقـ‪04-05 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 15‬ك ما بعدىا‪ ،‬ك نص المادة ‪ 130‬ك ما بعدىا مف القانكف رقـ‪.04-05 :‬‬
‫~‪~125‬‬
‫ب‪ -‬بالنسبة لمعقكبة‪:‬‬
‫إف إيقاؼ تنفيذ العقكبة يقتصر عمى العقكبة األصمية المتمثمة في الحبس الغرامة‪ ،‬فبل يمتد‬
‫لمعقكبات التكميمية كما ال يشمؿ الجنايات‪ ،‬ك لـ يحدد المشرع مدة الحبس في كبل الحديف ك ال‬
‫مقدار الغرامة رغـ اعتراض البعض عمى ىذه األخيرة‪ ،‬حيث اعتبر جانب مف الفقو أف اليدؼ مف‬
‫تقرير نظاـ إيقاؼ التنفيذ يتحقؽ بالنسبة لعقكبة الحبس دكف الغرامة‪ ،‬ك ذلؾ لككنو بديبل مناسبا ليا ك‬
‫كسيمة لمحد مف المساكئ الناجمة عف تنفيذىا‪.‬‬
‫إف إيقاؼ التنفيذ ال ييطبؽ بقكة القانكف إذا تكفرت شركطو ككنو ليس حقا مكتسب لممحككـ‬
‫عميو‪ ،‬ك إنما يخضع لمسمطة التقديرية لمقاضي الجنائي المختص كفقا لظركؼ القضية ك الظركؼ‬
‫يجوز‪.» ...‬‬ ‫«‬
‫الشخصية لمجاني ك ذلؾ لكركد عبارة‬
‫‪ -II‬إجراءاتو‪:‬‬
‫إذا ارتأت المحكمة المختصة الحكـ بإيقاؼ التنفيذ يجب مراعاة جممة مف اإلجراءات أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬عمى القاضي تسبيب الحكـ بإيقاؼ التنفيذ ك إال عرض حكمو لمطعف‪ ،‬أما عدـ الحكـ بو‬
‫فيك معفى مف تسبيب ذلؾ الرفض‪.‬‬
‫‪ -‬مدة الحكـ بإيقاؼ التنفيذ ال تفكؽ ‪ 05‬سنكات‪ ،‬تبدأ سريانيا مف تاريخ صيركرة الحكـ‬
‫النيائي‪ ،‬فإذا لـ ييحكـ عمى الشخص خبلليا بعقكبة أشد يصبح الحكـ باإلدانة غير ذم أثر‪،‬‬
‫فالشخص ييعامؿ مثؿ باقي األشخاص ال كمجرـ‪ ،‬أما إذا ارتكب جريمة قبؿ مركر تمؾ المدة فتطبؽ‬
‫عميو العقكبة الصادرة في الحكـ األكؿ الذم كاف مشمكال بإيقاؼ التنفيذ‪ ،‬ك عمى ىيئة المحكمة إنذار‬
‫المحككـ عميو بأنو في حالة إدانتو مجددا فستينفذ عميو العقكبة األكلى دكف أف يمتبس بالعقكبة الثانية‬
‫إعماال بنص المادة ‪ 593‬قانكف إجراءات جزائية‪ ،‬ك في ىذه الحالة عمى ىيئة المحكمة إنذار‬
‫المحككـ عميو بما ىك كارد في المادة ‪ 594‬ك إال اعتبرت مرتكبة لخطأ جكىرم في اإلجراءات‪ ،‬ك‬
‫أف يبيف رئيس الجمسة ذلؾ في ق ارره كجكبا‪.‬‬
‫‪ -‬إيقاؼ التنفيذ ال يمس بالضركرة كؿ العقكبة‪ ،‬فقد يشمؿ جزء منيا فقط‪ ،‬سكاء كاف الحبس أك‬
‫الغرامة‪.‬‬
‫‪ -‬الحكـ بإيقاؼ التنفيذ ال يمتد أك ال يشمؿ دفع المصاريؼ القضائية ك ال التعكيضات تطبيقا‬
‫لنص المادة ‪ 594‬مف ذات القانكف‪.‬‬

‫~‪~126‬‬
‫‪ -‬الحكـ بإبقاؼ التنفيذ ال يقيد في صحيفة السكابؽ القضائية رقـ ثبلثة التي تيسمـ لممعني ألنو‬
‫ييسجؿ فييا األحكاـ النافذة فقط‪ ،‬ك إنما يسجؿ في الصحيفة رقـ ‪ 01‬ك ‪ 02‬طبقا لنص المادة‬
‫‪ 3/632‬قانكف اإلجراءات الجزائية(‪.)1‬‬
‫ك تجدر اإلشارة في األخير أف ىناؾ بدائؿ أخرل – رغـ أف المشرع لـ يعتبرىا كذلؾ صراحة‪-‬‬
‫تدخؿ في إطار المعاممة العقابية تصدر مف طرؼ قاضي تطبيؽ العقكبات بمعية لجنة تطبيؽ‬
‫العقكبات‪ ،‬نص عمييا المشرع الجزائرم في القانكف رقـ‪ 04-05 :‬المتعمؽ بتنظيـ السجكف ك إعادة‬
‫اإلدماج اإلجتماعي لممحبكسيف المعدؿ ك المتمـ بالقانكف رقـ‪ 01-18 :‬المؤرخ في‪ 30 :‬يناير‬
‫(‪)2‬‬
‫اليدؼ منيا تكريس سياسة الدفع اإلجتماعي القائمة عمى إعادة إصبلح ك تأىيؿ المجرـ‬ ‫‪2018‬‬
‫في المجتمع‪ ،‬ك عمى رأسيا نجد‪:‬‬
‫‪ -‬الكرشات الخارجية؛‬
‫‪ -‬إجازة الخركج؛‬
‫‪ -‬الحرية النصفية؛‬
‫‪ -‬اإلفراج المشركط؛‬
‫‪ -‬المراقبة اإللكتركنية‪.‬‬
‫ك كؿ ىذه األساليب محؿ تفصيؿ في مقياس عمـ العقاب‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– المعدلة بمقتضى القانكف رقـ‪ 06-18 :‬المؤرخ في‪ 10 :‬يكنيك ‪ 2018‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف اإلجراءات الجزائية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،34 :‬المؤرخة في‪ 10 :‬يكنيك ‪.2018‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– الجريدة الرسمية العدد‪ ،05 :‬المؤرخة في‪ 30 :‬يناير ‪.2018‬‬
‫~‪~127‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬إنقضاء العقوبة‬
‫إف الطريؽ العادم ك المنطقي النقضاء العقكبة ىك تنفيذىا‪ ،‬عمى اعتبار أف الدعكل العمكمية قد‬
‫استكفت جميع مراحميا ك صدر الحكـ ضد مرتكب الجريمة‪ ،‬غير أنو ثمة حاالت قد تؤدم إلى‬
‫انقضائيا ك زكاؿ أثارىا‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الوفاة و التقادم‬
‫أوال‪ -‬وفاة المحكوم عميو‪:‬‬
‫نقصد بالكفاة بعد الحكـ‪ ،‬فإف كانت قبمو فإننا نككف أماـ انقضاء الدعكل العمكمية ك ليست‬
‫العقكبة(‪.)1‬‬
‫إف انقضاء العقكبة بالكفاة مرده استحالة تنفيذىا لعدـ كجكد محؿ العقكبة إستنادا إلى مبدإ‬
‫شخصية العقكبة‪ ،‬ك ىذه القاعدة تسرم عمى جميع العقكبات بدكف استثناء‪.‬‬
‫غير أنو يثكر التساؤؿ حكؿ عقكبة الغرامة لككنيا تمس الذمة المالية لممحككـ عميو‪ ،‬فقد اختمؼ‬
‫فييا الفقو إلى مذىبيف‪ ،‬األكؿ رأل بانقضائيا بالكفاة عمى اعتبار أنيا عقكبة‪ ،‬ك مذىب آخر رأل‬
‫العكس نظ ار لتحكليا إلى ديف مدني يجب تنفيذىا مف تركة المتكفى عمبل بقاعدة ‪ ‬ال تركة إال بعد‬
‫سداد الديكف‪ ،‬أما العقكبات األخرل كالمصاريؼ القضائية أك المصادرة أك التعكيضات المدنية ال‬
‫تنقضي بالكفاة فتبقى كاجبة التنفيذ(‪.)2‬‬
‫ثانيا‪ -‬التقادم‪:‬‬
‫ك يعنػػي م ػػركر م ػػدة زمني ػػة معين ػػة إم ػػا أف تكتسػػب الح ػػؽ أك تفق ػػده‪ ،‬ك من ػػو تقػ ػادـ العقكب ػػة يعن ػػي‬
‫انقضػػاء حػػؽ الدكلػػة فػػي تنفيػػذ العقكبػػة مػػع بقػػاء الحكػػـ باإلدانػػة قائمػػا‪ ،‬ك ييعػػرؼ فػػي المجػػاؿ القضػػائي‬
‫بقانكف النسياف(‪.)3‬‬
‫نظػـ المشػرع تقػادـ العقكبػػة فػي المػكاد مػػف ‪ 612‬إلػى ‪ 617‬قػانكف اإلجػراءات الجزائيػة حيػث حػػدد‬
‫مدة تقادـ العقكبة تبعا لنكع الجريمة‪ ،‬كما نص عمى جرائـ بأسمائيا ال تسقط العقكبة فييا بالتقادـ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 6‬قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– عبد ا﵀ سميماف‪ ،‬شرح قانكف العقكبات الجزائرم‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.515‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬فضيؿ العيش‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات الجزائية ( بيف النظرم ك العممي مع آخر التعديبلت)‪ ،‬دار البدر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دكف‬
‫ذكر التاريخ‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫~‪~128‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لمجنايات فتتقادـ العقكبة فييا يككف بمضي ‪ 20‬سنة كاممة تبدأ مف التاريخ الذم‬
‫يصبح فيو الحكـ نيائيا‪ ،‬باستفائو لطرؽ الطعف العادية تطبيقا لنص المادة ‪ 613‬قانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية‪.‬‬
‫غير أنو إذا سقطت العقكبة بالتقادـ فإف المحككـ عميو ك بقكة القانكف يحظر عميو مدل الحياة‬
‫اإلقامة في نطاؽ إقميـ الكالية التي يقيـ فييا المجني عميو في الجناية أك كرثتو المباشريف‪ ،‬أما إذا‬
‫كانت العقكبة السجف المؤبد ك سقطت بالتقادـ فإف الحظر مف اإلقامة يككف لمدة ‪ 05‬سنكات تبدأ‬
‫مف تاريخ اكتماؿ مدة التقادـ‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لمجنح البسيطة فنصت المادة ‪ 614‬قانكف اإلجراءات الجزائية عمى أف تقادـ‬
‫عقكباتيا يككف بمضي ‪ 05‬سنكات مف التاريخ الذم يصبح فيو القرار أك الحكـ نيائيا‪.‬‬
‫ك إذا كانت الجريمة مف الجنح المشددة التي تزيد فييا العقكبة عف خمس سنكات‪ ،‬فإف مدة‬
‫تقادـ العقكبة تككف مساكية ليذه المدة‪ ،‬فالرشكة مثبل إذا حكـ القاضي بستة سنكات مثبل فإف مدة‬
‫تقادـ العقكبة ىي ست سنكات إعماال بنص المادة ‪ 2/614‬قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لممخالفات فتقادـ العقكبة ىك بمضي سنتيف كاممتيف مف التاريخ الذم يصبح فيو‬
‫القرار أك الحكـ نيائيا طبقا لنص المادة ‪ 615‬قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫ك عميو فالمبلحظ أف مدة تقادـ العقكبة تحكميا طبيعة الجريمة المرتكبة ك خطكرتيا‪ ،‬لذا نص‬
‫المشرع عمى عدـ سقكط العقكبة بالتقادـ في بعض الجرائـ ك ىي‪ :‬الجرائـ المكصكفة بأفعاؿ إرىابية‬
‫أك تخريبية‪ ،‬ك الجريمة المنظمة العابرة لمحدكد الكطنية‪ ،‬ك كذا جريمة الرشكة طبقا لنص المادة ‪612‬‬
‫مكرر قانكف اإلجراءات الجزائية المستحدثة بالقانكف رقـ‪ 14-04 :‬السالؼ الذكر(‪.)1‬‬
‫ك تجدر اإلشارة في األخير أف التقادـ مف النظاـ العاـ يجب إثارتو في أم مرحمة مف مراحؿ‬
‫األطرؼ أك ىيئة المحكمة أك المجمس‪.‬‬
‫ا‬ ‫الدعكل العمكمية‪ ،‬سكاء مف‬

‫(‪)1‬‬
‫– غير أنو في جريمة الرشكة نصت المادة ‪ 54‬مف القانكف رقـ‪ 01-06 :‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد ك مكافحتو عمى‬
‫عدـ تقادـ العقكبة إذا حكلت العائدات اإلجرامية إلى الخارج مما يطرح مشكمة النص المطبؽ‪ ،‬كما ال يمثؿ تناسقا في‬
‫النصكص القانكنية‪.‬‬
‫~‪~129‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العفو عن العقوبة و رد االعتبار‬
‫أحيانا قد يثبت المحككـ عميو حسف سيرتو أثناء العقكبة فيمنح لو العفك‪ ،‬ك أحيانا أخرل تنفذ‬
‫العقكبة عميو ك يحتاج بعدىا إلى تنظيؼ سكابقو العدلية فيمجأ إلى رد االعتبار‪.‬‬
‫أوال‪ -‬العفو عن العقوبة‪:‬‬
‫العفك عف العقكبة ىك كسيمة لمصفح تمجأ إلييا الدكلة في بعض المناسبات لمف ثبت حسف‬
‫سمككو إما بإسقاط العقكبة كميا أك جزئيا أك استبداليا بعقكبة أخؼ‪ ،‬كما أنو كسيمة لمعالجة األخطاء‬
‫القضائية التي ال يمكف إصبلحيا بالطعف في الحكـ(‪.)1‬‬
‫المقصكد ىنا العفك الخاص الذم يصدره رئيس الجميكرية‪ ،‬ك ال نقصد العفك الشامؿ الختبلفيما‬
‫في عدة أكجو أىميا‪:‬‬
‫‪ -‬العفك الخاص مف صبلحيات رئيس الجميكرية إعماال بنص المادة ‪ 7/91‬مف دستكر ‪،2016‬‬
‫ك يبدم فيو المجمس األعمى لمقضاء رأيا إستشاريا قبميا في ممارسة رئيس الجميكرية ىذا الحؽ‬
‫إعماال بالمادة ‪ 175‬مف دستكر ‪ ، 2016‬بينما العفك الشامؿ مف صبلحيات البرلماف أك السمطة‬
‫التشريعية حسب المادة ‪ 7/140‬مف الدستكر‪.‬‬
‫‪ -‬العفك الخاص ذك طبيعة شخصية يستفيد منو الشخص أك مجمكعة بصفات محددة‪ ،‬أما العفك‬
‫الشامؿ فيك مكضكعي يتعمؽ بالجريمة أك عدة جرائـ يستفيد منو كؿ شخص ارتكب ىذا الفعؿ‪.‬‬
‫‪ -‬العفك الخاص ال يمحك الصفة اإلجرامية عف الفعؿ ككنو يقكـ بإنياء اإللتزاـ بتنفيذ العقكبة‬
‫األصمية‪ ،‬في حيف العفك الشامؿ عكس ذلؾ‪ ،‬ك ىك مف األسباب العامة النقضاء الدعكل‬
‫العمكمية(‪.)2‬‬
‫‪ -‬كما أنيما يختمفاف في تكقيت الصدكر‪ ،‬فالعفك الخاص يككف بعد أف يصبح الحكـ اإلدانة باتا‬
‫حائزا لقكة الشيء المقضي فيو‪ ،‬بخبلؼ العفك الشامؿ يمكف أف يصدر قبؿ ذلؾ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.585‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 6‬قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫~‪~131‬‬
‫ثانيا‪ -‬رد اإلعتبار‪:‬‬
‫يعتبر رد االعتبار إجراء يزيؿ تماما حكـ اإلدانة مستقببل ك العمة في ذلؾ بغية إصبلح المحككـ‬
‫عميو ك إمكانية عكدتو عنص ار صالحا في المجتمع(‪ ،)1‬لذلؾ فيك في نظر البعض مف األسباب التي‬
‫تؤدم إلى زكاؿ أثار العقكبة إلى جانب العفك(‪.)2‬‬
‫نظـ المشرع الجزائرم رد االعتبار في قانكف اإلجراءات الجزائية بدءا مف نص المادة ‪ 676‬إلى‬
‫غاية نص المادة ‪ ، )3(693‬حيث أقره في الجنايات ك الجنح ك حتى المخالفات إثر تعديمو لنص‬
‫المادة ‪ 676‬عاـ ‪ ،2018‬إال أف المشرع ميز بيف نكعيف مف رد االعتبار‪.‬‬
‫‪ -I‬رد االعتبار بقكة القانكف‪:‬‬
‫نظمو المشرع في المادتيف ‪ 677‬ك ‪ 678‬قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬فبمجرد مركر مدة زمنية‬
‫معينة يسترجع المحككـ عميو اعتباره ك حقكقو تمقائيا إذا كانت الجريمة المرتكبة جنحة أك مخالفة‪،‬‬
‫ك في ىذه الحالة ننظر إلى العقكبة المحككـ بيا عميو‪:‬‬
‫‪ -‬فبالنسبة لمغرامة فإف المدة ىي ‪ 03‬سنكات اعتبا ار مف يكـ سدادىا‪ ،‬أك انتياء اإلكراه البدني أك‬
‫مضي أجؿ التقادـ حسب الفقرة األكلى مف المادة ‪.677‬‬
‫‪ -‬فيما يخص عقكبة العمؿ لمنفع العاـ بعد ميمة ‪ 04‬سنكات مف انتياء العقكبة حسب الفقرة‬
‫الثانية مف ذات النص‪.‬‬
‫‪ -‬أما إذا حكـ عميو مرة كاحدة بالحبس لمدة أقؿ مف سنة‪ ،‬أك بعقكبات متعددة بالحبس ال‬
‫يتجاكز مجمكعيا سنكات كاحدة فإف رد االعتبار يككف بعد مضي ‪ 06‬سنكات مف انتياء العقكبة أك‬
‫مضي أجؿ التقادـ طبقا لمفقرة الثالثة مف ذات النص‪.‬‬
‫‪ -‬ك إذا كانت مدة الحبس ال تتجاكز سنتيف أك كانت بعقكبات متعددة ال يفكؽ مجمكعيا سنتيف‬
‫فإف المدة ىي ‪ 08‬سنكات ك بنفس الطريقة مف حيث احتسابيا إعماال بالفقرة الرابعة مف النص ذاتو‪.‬‬
‫‪ -‬ك إذا كانت مدة الحبس ال تتجاكز ‪ 05‬سنكات أك كانت بعقكبات متعددة ال يفكؽ مجمكعيا‬
‫‪ 03‬سنكات فإف المدة ىي ‪ 12‬سنة ك بنفس الطريقة مف حيث احتسابيا إعماال بالفقرة الخامسة مف‬
‫ذات النص‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– فضيؿ العيش‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.334‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.577‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– كفقا لمتعديؿ الصادر بمقتضى القانكف رقـ‪ 06-18 :‬المؤرخ في‪ 10 :‬يكنيك ‪ 2018‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية السالؼ ذكره‪.‬‬
‫~‪~131‬‬
‫‪ -‬ك إذا كانت مدة الحبس تتجاكز ‪ 05‬سنكات أك كانت بعقكبات متعددة ال يفكؽ مجمكعيا ‪05‬‬
‫سنكات فإف المدة ىي ‪ 15‬سنة ك بنفس الطريقة مف حيث احتسابيا إعماال بالفقرة السادسة مف ذات‬
‫النص‪.‬‬
‫ك منو فإف رد اإلعتبار بقكة القانكف يقتصر عمى الجنح ك المخالفات فقط ك لـ يذكر الجنايات‬
‫مادامت المدة طكيمة لمتأكد مف إصبلح المحككـ عميو ك تحسيف سيرتو(‪.)1‬‬
‫إف رد اإلعتبار بقكة القانكف ال يمحك العقكبات مف صحيفة السكابؽ القضائية رقـ ‪ 2‬التي ال‬
‫يمكف تسميميا إال لمسمطات القضائية ك ىك ما أكد عميو القرار رقـ‪ 62960 :‬الصادر عف غرفة‬
‫الجنح ك المخالفات لممحكمة العميا بتاريخ‪ 09 :‬يكنيك ‪.)2(1991‬‬
‫و تجدر اإلشارة إلى أنو في حالة ما إذا كان المحكوم عميو شخصا معنويا فإن رد اإلعتبار لو‬
‫بقوة القانون يخضع لنص المادة ‪ 876‬مكرر المستحدثة بمقتضى القانون رقم‪ 68-16 :‬المعدل‬
‫و المتمم لقانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ -II‬رد اإلعتبار القضائي‪:‬‬
‫نص عميو المشرع في المكاد مف ‪ 679‬إلى ‪ 693‬قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬فيك يتميز عف‬
‫سابقو ككنو سريع مف حيث اآلجاؿ‪ ،‬غير أنو قيده بجممة مف الشركط الشكمية أك اإلجرائية‪ ،‬فيك‬
‫يتحقؽ بطمب مف المعني مف أجؿ رد اعتباره كفؽ إجراءات معينة‪.‬‬
‫أ‪ -‬بالنسبة لمطمب‪:‬‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 680‬قانكف اإلجراءات الجزائية يتقدـ بالطمب كؿ شخص محككـ عميو بجناية‬
‫أك جنحة أك مخالفة مف جية قضائية كطنية سكاء بنفسو أك نائبو القانكني‪ ،‬ك في حالة كفاتو فيمكف‬
‫لزكجو أك أصكلو أك فركعو متابعة الطمب المقدـ مف طرؼ المحككـ عميو قبؿ كفاتو‪.‬‬
‫ك إ ذا تعمؽ األمر بالشخص المعنكم فإف طمب رد اإلعتبار القضائي فيقدمو ممثمو القانكني إلى‬
‫ككيؿ الجميكرية لمكاف تكاجد المقر اإلجتماعي لمشخص المعنكم‪ ،‬أك إلى ككيؿ الجميكرية لمجية‬
‫القضائية التي أصدرت آخر العقكبة إذا كاف مقره بالخارج(‪.)3‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– فضيؿ العيش‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.336‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– المجمة القضائية‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪ ،1992 ،‬ص ‪.237‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 693‬مكرر قانكف إجراءات جزائية‪ ،‬المستحدثة في القانكف رقـ‪ 06-18 :‬السالؼ الذكر‪.‬‬
‫~‪~132‬‬
‫غير أف المشرع لـ يترؾ تقديـ الطمب مفتكحا بؿ قيده بآجاؿ معينة حددتو المادة ‪ 681‬ك فؽ‬
‫تعديؿ ‪ ،2018‬حيث ينبغي تقديمو‪:‬‬
‫‪ -‬بعد مضي ‪ 03‬سنكات مف يكـ اإلفراج عنو إذا كانت الجريمة جنحة؛‬
‫‪ -‬أما إذا تعمؽ األمر بجناية فبعد مضي ‪ 05‬سنكات؛‬
‫‪ -‬سنة كاحدة إذا كانت الجريمة مخالفة؛‬
‫‪ -‬إذا اشتممت العقكبة عمى الحبس ك الغرامة فمف يكـ اإلفراج؛‬
‫‪ -‬ك إذا كانت الغرامة كحدىا فيبدأ األجؿ مف تاريخ سدادىا؛‬
‫‪ -‬ك في حالة الحكـ بعقكبات تكميمية فيككف تقديـ الطمب بعد تنفيذىا‪.‬‬
‫‪ -‬أما إذا تكفرت حالة العكد فالميمة تصبح ‪ 06‬سنكات إذا تعمؽ األمر بالجنحة‪ ،‬ك إذا تعمؽ‬
‫األمر بعقكبة جنائية فترفع إلى ‪ 10‬سنكات(‪.)1‬‬
‫غير أنو يستثنى مف المدة مف ارتكب الجريمة ك بعدىا قدـ خدمات جميمة لمببلد مخاط ار بحياتو‬
‫مف أجؿ ذلؾ(‪.)2‬‬
‫ب‪ -‬بالنسبة إلجراءات الطمب‪:‬‬
‫يقدـ الطمب إلى السيد ككيؿ الجميكرية المختص بدائرة محؿ إقامتو‪ ،‬ك إذا كاف مقيما بالخارج‬
‫فيقدـ طمبو إلى ككيؿ الجميكرية آلخر محؿ إقامة لو بالجزائر‪ ،‬ك إذا لـ يكجد فيقدمو غمى ككيؿ‬
‫الجميكرية آلخر جية قضائية أصدرت العقكبة‪ ،‬أيف يبيف ك يكضح بدقة كؿ الكقائع ك اإلجراءات‬
‫المتعمقة بالحكـ الصادر ضده‪ ،‬حيث ينبغي أف يحتكم عمى تاريخ الحكـ باإلدانة‪ ،‬ك األماكف التي‬
‫أقاـ بيا المحككـ عميو منذ تاريخ إدانتو(‪.)3‬‬
‫ثـ يقكـ بعدىا ككيؿ الجميكرية بإجراء تحقيؽ في الجيات التي أقاـ بيا المحككـ عميو بمعرفة‬
‫مصالح الدرؾ ك األمف‪ ،‬ك كذا المصالح الخارجية إلدارة السجكف مع استطبلع رأم قاضي تطبيؽ‬
‫العقكبات‪ ،‬ك إذا تعمؽ األمر برد اإلعتبار لشخص معنكم يقكـ ككيؿ الجميكرية بإجراء تحقيؽ مع‬
‫استطبلع رأم اإلدارات العمكمية المعنية إذا رأل ذلؾ(‪.)4‬‬

‫(‪)1‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 682‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬أنظر نص المادة ‪ 684‬مف ذات القانكف‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 2/1/685‬مف ذات القانكف كفؽ تعديؿ ‪.2018‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬أنظر نص المادة ‪ 686‬مف ذات القانكف كفؽ تعديؿ ‪.2018‬‬
‫~‪~133‬‬
‫يشرع بعدىا ككيؿ الجميكرية بتككيف الممؼ المتعمؽ بالمعني‪ ،‬حيث يحتكم عمى كؿ الكثائؽ‬
‫المطمكبة حسب نص المادة ‪ 687‬قانكف اإلجراءات الجزائية ك المتمثمة في نسخة مف األحكاـ‬
‫الصادرة بالعقكبة‪ ،‬مستخرج مف سجؿ اإليداع بمؤسسات إعادة التربية التي قضى بيا المحككـ عميو‬
‫مدة عقكبتو مع رأم المدير بشأف سمككو في الحبس‪ ،‬إضافة إلى قسيمة السكابؽ رقـ‪.)1( 1:‬‬
‫ييرس ؿ الممؼ بعدىا إلى السيد النائب العاـ ك الذم يرفعو بدكره إلى غرفة اإلتياـ بالمجمس‬
‫القضائي التي تفصؿ في الطمب في أجؿ أقصاه شيريف طبقا لنص المادة ‪ 689‬قانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية بحكـ قابؿ لمطعف لدل المحكمة العميا‪ ،‬ك إذا رفض الطمب ال يمكنو إعادتو إال بعد مضي‬
‫سنتيف مف تاريخ رفض الطمب األكؿ(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬أنظر نص المادة ‪ 687‬قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫– أنظر نص المادة ‪ 691‬مف ذات القانكف‪.‬‬
‫~‪~134‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫مف خبلؿ عرض نظرية الجريمة ك العقكبة مف منظكر التشريع الجزائرم يمكف القكؿ أف المشرع‬
‫الجزائرم حذل حذك التشريعات المقارنة في العديد مف المسائؿ الجنائية ك عمى رأسيا التقسيـ‬
‫الثبلثي لمجريمة‪ ،‬كما يمكف إبراز اليدؼ مف ذلؾ ك المتمثؿ في مكافحة الجريمة ك مبلحقة‬
‫المجرميف لتكفير األمف ك اإلستقرار في المجتمع بإقامة العدالة فيو التي ال تتأتى إال بالمحافظة عمى‬
‫المصالح الجديرة بالحماية عف طريؽ معاقبة كؿ مف يعتدم عمييا بضرر أك حتى خطر‪ ،‬ك ىذا‬
‫كمو بكجكد قانكف العقكبات ككنو األداة الفعالة بيد الدكلة لتحقيؽ ىذا المغزل لما تحممو القاعدة‬
‫الجنائية لطابع الردع بالدرجة األكلى‪.‬‬
‫لقد اتبع المشرع الجزائرم سياسة جنائية تتماشى ك التحكؿ الحاصؿ في الفكر الجنائي بكجو عاـ‬
‫كفؽ سياسة جنائية حديثة تضع في الحسباف ظركؼ الفعؿ مف جية‪ ،‬ك ظركؼ الفاعؿ مف جية‬
‫أخرل‪ ،‬ك ابتعاده عف السياسة التقميدية خاصة مع مصادقة الجزائر عمى معظـ اإلتفاقيات الدكلية‬
‫ذات الصمة ك ىذا كمو كفؽ آخر تعديؿ لقانكف العقكبات سنة ‪.2020‬‬

‫ك بيذا فالدراسة انصبت ‪ -‬دكف إطاالت مممة أك اختصارات مخمة‪ -‬عمى نظرية الجريمة‬
‫ك العقكبة كفؽ المقرر المطمكب تدريسو‪.‬‬

‫~‪~135‬‬
‫قائمة المصــــادر و المراجع‪:‬‬
‫قائمة المصادر‪:‬‬
‫‪ ‬القرآف الكريـ‪.‬‬
‫قائمة المراجـــــع‪:‬‬
‫أوال‪ -‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -I‬بالمغة العربية‪:‬‬
‫‪ -01‬د‪ .‬إبراىيـ الشباسي‪ ،‬الكجيز في شرح قانكف العقكبات الجزائرم( القسـ العاـ)‪ ،‬دار الكتب‬
‫المبناني‪ ،‬بيركت‪ ،‬دكف تاريخ‪.‬‬
‫‪ -02‬د‪ .‬إبراىيـ عمي صالح‪ ،‬المسؤكلية الجنائية لؤلشخاص المعنكية‪ ،‬دار المعارؼ‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دكف‬
‫ذكر التاريخ‪.‬‬
‫‪ -03‬د‪ .‬أحسف بكسقيعة‪ ،‬الكجيز في القانكف الجزائي العاـ‪ ،‬الطبعة الثامنة عشر‪ ،‬دار ىكمة لمنشر‬
‫ك التكزيع‪ ،‬الجزائر‪.2018 ،‬‬
‫‪ -04‬أحمد فتحي بينسي‪ ،‬المكسكعة الجنائية في الفقو اإلسبلمي‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬بيركت‪.1991 ،‬‬
‫‪ -05‬د‪ .‬أحمد فتحي سركر‪ ،‬القانكف الجنائي الدستكرم ( الشرعية الدستكرية في قانكف العقكبات‪،‬‬
‫الشرعية الدستكرية في قانكف اإلجراءات الجنائية )‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الشركؽ لمنشر ك التكزيع‪،‬‬
‫القاىرة‪.2002 ،‬‬
‫‪ -06‬د‪ .‬إسحاؽ إبراىيـ منصكر‪ ،‬مكجز في عمـ اإلجراـ ك عمـ العقاب‪ ،‬الطبعة ال اربعة‪ ،‬ديكاف‬
‫المطبكعات الجامعية‪ ،‬بف عكنكف‪.2009 ،‬‬
‫‪ -07‬د‪.‬أشرؼ تكفيؽ شمس الديف‪ ،‬شرح قانكف العقكبات القسـ العاـ‪ :‬النظرية العامة لمجريمة‬
‫ك العقكبة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دكف ذكر الناشر‪.2015 ،‬‬
‫‪ -08‬د‪ .‬بشرل رضا راضي سعد‪ ،‬بدائؿ العقكبات السالبة لمحرية ك أثرىا في الحد مف الخطكرة‬
‫اإلجرامية ( دراسة مقارنة)‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار كائؿ لمنشر ك التكزيع‪ ،‬عماف‪.2013 ،‬‬
‫‪ -09‬د‪ .‬جماؿ إبراىيـ الحيدرم‪ ،‬أحكاـ المسؤكلية الجزائية‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬منشكرات زيف الحقكقية‪،‬‬
‫لبناف‪.2010 ،‬‬
‫‪ -10‬جيبل لي بغدادم‪ ،‬مبادئ اإلجتياد القضائي في المكاد الجزائية‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬المؤسسة الكطنية‬
‫لبلتصاؿ ك النشر ك اإلشيار‪ ،‬الجزائر‪.1996 ،‬‬

‫~‪~136‬‬
‫‪ ، ------ -11‬مبادئ اإلجتياد القضائي في المكاد الجزائية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المؤسسة الكطنية‬
‫لبلتصاؿ ك النشر ك اإلشيار‪ ،‬الجزائر‪.2000 ،‬‬
‫‪ ،------ -12‬اإلجتياد القضائي في المكاد الجزائية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬الديكاف‬
‫الكطني لؤلشغاؿ التربكية‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ -13‬د‪ .‬حناف شعباف مطاكع عبد العاطي‪ ،‬المسؤكلية الجنائية لمصبي في الفقو اإلسبلمي ( دراسة‬
‫مقارنة بالقانكف الجنائي الكضعي)‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2004 ،‬‬
‫‪ -14‬د‪ .‬رؤكؼ عبيد‪ ،‬مبادئ القسـ العاـ في التشريع العقابي‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار الفكر العربي‬
‫لمطبع ك النشر‪ ،‬مصر‪.1979 ،‬‬
‫‪ -15‬د‪ .‬رمسيس بيناـ‪ ،‬النظرية العامة لمقانكف الجنائي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشأة المعارؼ‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.1996 ،‬‬
‫‪ -16‬د‪ .‬سامي جميؿ الفياض الكبيسي‪ ،‬رفع المسؤكلية الجنائية في أسباب اإلباحة‪ ،‬الطبعة األكلى‪،‬‬
‫دار الكتب العممية‪ ،‬بيركت‪.2005 ،‬‬
‫‪ -17‬أ‪ .‬سميـ صمكدم‪ ،‬المسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم( دراسة مقارنة بيف التشريع الجزائرم‬
‫ك الفرنسي)‪ ،‬دار اليدل لمطباعة ك النشر ك التكزيع‪ ،‬عيف مميمة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دكف ذكر التاريخ‪.‬‬
‫‪ -18‬د‪ .‬سمير عالية‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ :‬القسـ العاـ ( دراسة مقارنة)‪ ،‬المؤسسة الجامعية‬
‫لمدراسات ك النشر ك التكزيع‪ ،‬بيركت‪.2002 ،‬‬
‫‪ -19‬د‪ .‬صالح نبيو‪ ،‬النظرية العامة لمقصد الجنائي ( مقارنا بكؿ مف القصد اإلحتمالي ك القصد‬
‫المتعدم ك القصد الخاص)‪ ،‬دار الثقافة لمنشر ك التكزيع‪ ،‬األردف‪.2004 ،‬‬
‫‪ -20‬د‪ .‬عبد الحكيـ فكدة‪ ،‬إمتناع المسائمة الجنائية في ضكء الفقو ك قضاء النقض‪ ،‬دار‬
‫المطبكعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2005 ،‬‬
‫‪ -21‬د‪ .‬عبد الرحماف خمفي‪ ،‬محاضرات في القانكف الجنائي العاـ‪ ،‬دار اليدل لمطباعة ك النشر‬
‫ك التكزيع‪ ،‬عيف مميمة (الجزائر)‪.2010 ،‬‬
‫‪ -22‬د‪ .‬عبد ا﵀ سميماف شرح قانكف العقكبات الجزائرم ( القسـ العاـ)‪ ،‬الجزء الثاني‪ :‬الجزاء‬
‫الجنائي‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬بف عكنكف‪.2002 ،‬‬
‫‪ ،------ -23‬شرح قانكف العقكبات الجزائرم ( القسـ العاـ)‪ ،‬الجزء األكؿ‪:‬الجريمة‪ ،‬الطبعة‬
‫الخامسة‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬بف عكنكف‪.2004 ،‬‬
‫‪ -24‬د‪ .‬عدلي السمرم ك أماؿ عبد الحميد ك آخركف‪ ،‬عمـ اإلجتماع الجريمة ك اإلنحراؼ‪ ،‬الطبعة‬
‫األكلى‪ ،‬دار الميسرة لمنشر ك التكزيع‪ ،‬عماف‪.2010 ،‬‬

‫~‪~137‬‬
‫‪ -25‬د‪ .‬عدناف الدكرم‪ ،‬أسباب ارتكاب الجريمة ك طبيعة السمكؾ اإلجرامي‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشكرات‬
‫ذات السبلسؿ‪ ،‬الككيت‪.1984 ،‬‬
‫‪ -26‬د‪ .‬عمي عبد القادر القيكجي‪ ،‬شرح قانكف العقكبات‪ :‬القسـ العاـ ( نظرية الجريمة)‪ ،‬الطبعة‬
‫األكلى‪ ،‬منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪.2008 ،‬‬
‫‪ ، ------ -27‬شرح قانكف العقكبات‪ :‬القسـ العاـ ( المسؤكلية الجنائية‪ :‬أساسيا – عكارضيا‪،‬‬
‫الجزاء الجنائي‪ :‬العقكبة‪ -‬التدبير)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2009 ،‬‬
‫‪ -28‬د ‪ .‬عمار عباس الحسيني‪ ،‬حالة الضركرة ك أثرىا في المسؤكلية الجنائية ( دراسة مقارنة)‪،‬‬
‫الطبعة األكلى‪ ،‬منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪.2011 ،‬‬
‫‪ ، ----- -29‬كظيفة الردع العاـ لمعقكبة ( دراسة مقارنة في فمسفة العقاب)‪ ،‬الطبعة األكلى‪،‬‬
‫منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪.2011 ،‬‬
‫‪ -30‬د‪ .‬عمر سعد ا﵀‪ ،‬المطكؿ في القانكف الدكلي لمحدكد‪ ،‬الجزء األكؿ ( عالمية القانكف الدكلي‬
‫لمحدكد)‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫‪ -31‬أ‪ .‬فضيؿ العيش‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات الجزائية بيف النظرم ك العممي ( مع آخر‬
‫التعديبلت)‪ ،‬دار البدر‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ -32‬د‪ .‬فيد يكسؼ الكساسبة‪ ،‬كظيفة العقكبة ك دكرىا في اإلصبلح ك التأىيؿ ( دراسة مقارنة)‪،‬‬
‫الطبعة األكلى‪ ،‬دار كائؿ لمنشر ك التكزيع‪ ،‬عماف‪.2010 ،‬‬
‫‪ -33‬د‪ .‬فكزية عبد الستار‪ ،‬مبادئ عمـ اإلجراـ ك عمـ العقاب‪ ،‬دار المطبكعات الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬
‫‪ -34‬د‪ .‬كامؿ السعيد‪ ،‬شرح األحكاـ العامة في قانكف العقكبات ( دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الثقافة لمنشر‬
‫ك التكزيع‪ ،‬عماف‪.2009 ،‬‬
‫‪ -35‬أ‪ .‬لحسي ف بف شيخ‪ ،‬مبادئ القانكف الجزائي العاـ‪ ،‬دار ىكمة لمنشر ك التكزيع‪ ،‬عنابة‪.2004 ،‬‬
‫‪ -36‬محمد أبك زىرة‪ ،‬الجريمة ك العقكبة في الفقو اإلسبلمي‪ :‬الجريمة‪ ،‬دار الفكر العربي لمطباعة ك‬
‫النشر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دكف ذكر التاريخ‪.‬‬
‫‪ -37‬د‪ .‬محمد أحمد المشيداني‪ ،‬أصكؿ عممي اإلجراـ ك العقاب في الفقييف الكضعي ك اإلسبلمي‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،‬دار الثقافة لمنشر ك التكزيع‪ ،‬عماف‪.2011 ،‬‬
‫‪ -38‬د‪ .‬محمد بكسمطاف‪ ،‬مبادئ القانكف ا لدكلي العاـ‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪.1994 ،‬‬

‫~‪~138‬‬
‫‪ -39‬د‪ .‬محمد سعيد نمكر‪ ،‬دراسات في الفقو الجنائي‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬دار الثقافة لمنشر ك التكزيع‪،‬‬
‫عماف‪.2004 ،‬‬
‫‪ -40‬محمد صبحي نجـ‪ ،‬قانكف العقكبات‪ :‬القسـ العاـ ( النظرية العامة لمجريمة)‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫دار الثقافة لمنشر ك التكزيع‪ ،‬عماف‪.2010 ،‬‬
‫‪ -41‬د‪ .‬محمد كماؿ الديف إماـ‪ ،‬المسؤكلية الجزائية‪ :‬أساسيا ك تطكرىا( دراسة مقارنة في القانكف‬
‫الكضعي ك الشريعة اإلسبلمية)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬
‫‪ -42‬د‪ .‬محمد محمد مصباح القاضي‪ ،‬قانكف العقكبات‪ :‬القسـ العاـ( النظرية العامة لمجريمة)‪،‬‬
‫الطبعة األكلى‪ ،‬منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪.2014 ،‬‬
‫‪ -43‬د‪ .‬منصكر رحماني‪ ،‬الكجيز في القانكف الجنائي العاـ ( فقو ك قضايا)‪ ،‬دار العمكـ لمنشر‬
‫ك التكزيع‪ ،‬عنابة‪.2006 ،‬‬
‫‪ -II‬بالمغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪01- Catherine Ginestet Thierry Garé Droit pénal général procédure‬‬


‫‪pénal Dalloz Éditions Paris 2000.‬‬
‫‪02- Sourzat Claire Droit pénal général et procédure pénal larcier Éditions‬‬
‫‪Bruxelles 2014.‬‬
‫‪03- Jacopin Sylvain Droit pénal général Bréal Éditions Paris 2011.‬‬
‫ثانيا‪ -‬الدوريات‪:‬‬
‫‪ -I‬المقاالت العممية‪:‬‬
‫‪ -01‬أ‪ .‬آسيا نعمكف‪ ،‬نظاـ كقؼ تنفيذ العقكبة في التشريع الجزائرم ك سمطة القاضي الجزائي في‬
‫تفعيمو‪ ،‬مجمة الباحث لمدراسات األكاديمية‪ ،‬المجمد السادس‪ ،‬العدد األكؿ‪ ،‬كمية الحقكؽ ك العمكـ‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،1‬الجزائر‪،‬جانفي ‪.2019‬‬
‫‪ -02‬د‪ .‬بف يكسؼ القينعي‪ ،‬الخصكصيات المكضكعية لمجرائـ الماسة بعقكد األعماؿ في التشريع‬
‫الجزائرم‪ ،‬مقاؿ في كتاب‪ :‬عقكد األعماؿ‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬مخبر السيادة ك العكلمة‪ ،‬كمية الحقكؽ ك‬
‫العمكـ السياسية‪ ،‬جامعة يحي فارس بالمدية‪ ،‬دار التؿ لمطباعة ك النشر‪ ،‬الجزائر‪.2020 ،‬‬
‫‪ -03‬د‪ .‬صفاء أكتاني‪ ،‬العمؿ لممنفعة العامة في السياسة العقابية المعاصرة ( دراسة مقارنة)‪ ،‬مجمة‬
‫جامعة دمشؽ لمعمكـ اإلقتصادية ك القانكنية‪ ،‬المجمد ‪ ،25‬العدد الثاني‪ ،‬دمشؽ‪.2009 ،‬‬

‫~‪~139‬‬
‫‪ -04‬أ‪ .‬مسعكد ختير‪ ،‬المساىمة الجنائية في جرائـ اإلمتناع‪ ،‬مجمة دفاتر السياسة ك القانكف‪ ،‬العدد‬
‫العاشر‪ ،‬كمية الحقكؽ ك العمكـ السياسية‪ ،‬جامعة قاصدم مرباح بكرڤمة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬جانفي ‪.2014‬‬
‫‪ -II‬المطبوعات الجامعية‪:‬‬
‫‪ -01‬د‪ .‬بف يكسؼ القينعي‪ ،‬محاضرات في‪ :‬المسؤكلية الجزائية‪ ،‬مطبكعة مكجية لطمبة السنة‬
‫األكلى ماستر‪ ،‬تخصص‪ :‬القانكف الجنائي ك العمكـ الجنائية‪ ،‬كمية الحقكؽ ك العمكـ السياسية‪،‬‬
‫جامعة يحي فارس بالمدية‪ ،‬الجزائر‪.2016 ،‬‬
‫‪ -02‬د‪ .‬حسيبة محي الديف‪ ،‬العقكبات ك التدابير األمنية‪ ،‬مطبكعة مكجية لطمبة السنة الثانية‬
‫ماستر‪ ،‬تخصص‪ :‬قانكف جنائي ك عمـ اإلجراـ‪ ،‬كمية الحقكؽ ك العمكـ السياسية‪ ،‬جامعة لكنيسي‬
‫عمي – البميدة ‪ ،- 2‬الجزائر‪.2018 ،‬‬
‫‪ -03‬د‪ .‬نصيرة تكاتي‪ ،‬محاضرات في القانكف الجنائي العاـ‪ ،‬مطبكعة مكجية لطمبة السنة الثانية‬
‫ؿ ـ د‪ ،‬كمية الحقكؽ ك العمكـ السياسية‪ ،‬جامعة عبد الرحماف ميرة ببجاية‪ ،‬الجزائر‪.2015 ،‬‬
‫‪ -III‬الرسائل و المذكرات الجامعية‬
‫‪ -‬أطروحات الدكتوراه‪:‬‬
‫‪ -01‬جماؿ الديف عناف‪ ،‬القتؿ الرحيـ بيف اإلباحة ك التجريـ( دراسة مقارنة في القانكف الكضعي ك‬
‫الشريعة اإلسبلمية)‪ ،‬أطركحة دكتكراه في القانكف العاـ‪ ،‬تخصص قانكف جنائي‪ ،‬كمية الحقكؽ‪ ،‬بف‬
‫عكنكف‪ ،‬الجزائر‪.2014-2013 ،‬‬
‫‪ -02‬محمد صغير سعداكم‪ ،‬السياسة الجزائية لمكافحة الجريمة‪ ،‬أطركحة دكتكراه في األنثركبكلكجيا‬
‫الجنائية‪ ،‬كمية اآلداب ك العمكـ اإلجتماعية ك اإلنسانية‪ ،‬جامعة أبك بكر بمقايد بتممساف‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2010-2009‬‬
‫‪ -IV‬اإلجتياد القضائي‪:‬‬
‫‪ -01‬المجمة القضائية العدد الثاني‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1989 ،‬‬
‫‪ -02‬المجمة القضائية العدد الثالث‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1989 ،‬‬
‫‪ -03‬المجمة القضائية العدد الثاني‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1990 ،‬‬
‫‪ -04‬المجمة القضائية العدد الثالث‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1990 ،‬‬
‫‪ -05‬المجمة القضائية العدد الرابع‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1990 ،‬‬
‫‪ -06‬المجمة القضائية العدد الثالث‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1992 ،‬‬
‫‪ -07‬المجمة القضائية العدد الرابع‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1992 ،‬‬
‫‪ -08‬المجمة القضائية العدد الثاني‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1993 ،‬‬

‫~‪~141‬‬
‫‪ -09‬المجمة القضائية العدد الثالث‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1994 ،‬‬
‫‪ -10‬المجمة القضائية العدد األكؿ‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.1999 ،‬‬
‫‪ -11‬اإلجتياد القضائي لمغرفة الجنائية‪ ،‬عدد خاص‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.2003 ،‬‬
‫‪ -12‬المجمة القضائية العدد الثاني‪ ،‬المحكمة العميا‪ ،‬الجزائر‪.2014 ،‬‬
‫‪ -V‬الجرائد الرسمية لممناقشات‪:‬‬
‫‪ -‬الجريدة الرسمية لممناقشات‪ ،‬العدد‪ ،104 :‬المجمس الشعبي الكطني‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المؤرخة في‪:‬‬
‫‪ 04‬فبراير ‪.2009‬‬
‫ثالثا‪ -‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ -I‬اإلعالنات و اإلتـفاقيات الدولية‪:‬‬
‫‪ -01‬إتفاقية مانتيقكبام (جامايكا) لقانكف البحار المبرمة في ‪ 10‬جكاف ‪.1982‬‬
‫‪ -II‬التشريع الداخمي‪:‬‬
‫أ‪ .‬الدساتير‪:‬‬
‫‪ -‬المرسكـ الرئاسي رقـ‪ 442-20 :‬المؤرخ في‪ 30 :‬ديسمبر ‪ 2020‬المتضمف التعديؿ‬
‫الدستكرم‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،82 :‬المؤرخة في‪ 30 :‬ديسمبر ‪.2020‬‬
‫ب‪ .‬القوانين‪:‬‬
‫‪ -01‬القانكف ‪ 11-84‬المؤرخ في‪ 09 :‬يكنيك ‪ 1984‬المتضمف قانكف األسرة‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫العدد‪ ،24 :‬المؤرخة في‪ 12 :‬يكنيك ‪ ،1984‬المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫‪ -02‬القانكف رقـ‪ 10-03 :‬المؤرخ في‪ 19 :‬يكليك ‪ 2003‬المتعمؽ بحماية البيئة في إطار التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،43 :‬المؤرخة في‪ 20 :‬يكليك ‪.2003‬‬
‫‪ -03‬القانكف رقـ‪ 14-04 :‬المؤرخ في‪ 10 :‬نكفمبر ‪ 2004‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،71 :‬المؤرخة في‪ 10 :‬نكفمبر ‪.2004‬‬
‫‪ -04‬القانكف رقـ‪ 15-04 :‬المؤرخ في‪ 10 :‬نكفمبر ‪ 2004‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف العقكبات‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،71 :‬المؤرخة في‪ 10 :‬نكفمبر ‪.2004‬‬
‫‪ -05‬القانكف رقـ‪ 18-04 :‬المؤرخ في‪ 25 :‬ديسمبر ‪ 2004‬المتعمؽ بالكقاية مف المخدرات ك‬
‫المؤثرات العقمية ك قمع االستعماؿ ك االتجار غير المشركعيف بيا‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪،83 :‬‬
‫المؤرخة في‪ 26 :‬ديسمبر ‪.2004‬‬

‫~‪~141‬‬
‫‪ -06‬القانكف رقـ‪ 04-05 :‬المؤرخ في‪ 06 :‬فبراير ‪ 2005‬المتضمف قانكف تنظيـ السجكف ك إعادة‬
‫اإلدماج اإلجتماعي لممحبكسيف‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،12 :‬المؤرخة في‪ 13 :‬فبراير ‪،2005‬‬
‫المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫‪ -07‬القانكف رقـ‪ 10-05 :‬المؤرخ في‪ 20 :‬يكنيك ‪ ،2005‬المعدؿ ك المتمـ لمقانكف المدني‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،44 :‬المؤرخة في‪ 26 :‬يكنيك ‪ ،2005‬المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫‪ -08‬القانكف رقـ‪ 01-06 :‬المؤرخ في‪ 20 :‬فبراير ‪ ،2006‬المتعمؽ بالكقاية مف الفساد‬
‫ك مكافحتو‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،14 :‬المؤرخة في‪ 08 :‬مارس ‪ ،2006‬المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫‪ -09‬القانكف رقـ‪ 23-06 :‬المؤرخ في‪ 20 :‬ديسمبر ‪ 2006‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف العقكبات‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،84 :‬المؤرخة في‪ 24 :‬ديسمبر‪.2006‬‬
‫‪ -10‬القانكف رقـ‪ 11-08 :‬المؤرخ في‪ 25 :‬يكنيك ‪ 2008‬المتعمؽ بشركط دخكؿ األجانب إلى‬
‫الجزائر ك إقامتيـ بيا ك تنقميـ فييا‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،36 :‬المؤرخة في‪ 2 :‬يكليك ‪.2008‬‬
‫‪ -11‬القانكف رقـ‪ 01-09 :‬المؤرخ في‪ 25 :‬فبراير‪ 2009‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف العقكبات‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،15 :‬المؤرخة في‪ 8 :‬مارس‪.2009‬‬
‫‪ -12‬القانكف رقـ‪ 01-14 :‬المؤرخ في‪ 4 :‬فبراير ‪ 2014‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف العقكبات‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،07 :‬المؤرخة في‪ 16 :‬فبراير ‪.2014‬‬
‫‪ -13‬القانكف رقـ‪ 01-18 :‬المؤرخ في‪ 30 :‬يناير ‪ 2018‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف تنظيـ السجكف‬
‫ك إعادة اإلدماج االجتماعي لممحبكسيف‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،05 :‬المؤرخة في‪ 30 :‬يناير‬
‫‪.2018‬‬
‫‪ -14‬القانكف رقـ‪ 06-18 :‬المؤرخ في‪ 10 :‬يكنيك ‪ 2018‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،34 :‬المؤرخة في‪ 10 :‬يكنيك ‪.2018‬‬
‫‪ -15‬القانكف رقـ‪ 13-18 :‬المؤرخ في‪ 11 :‬يكنيك ‪ 2018‬المتضمف قانكف المالية التكميمي لسنة‬
‫‪ ،2018‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،24 :‬المؤرخة في‪ 15 :‬يكليك ‪.2018‬‬
‫‪ -16‬القانكف رقـ‪ 05-20 :‬المؤرخ في‪ 28 :‬أبريؿ ‪ 2020‬المتعمؽ بالكقاية مف التمييز ك خطاب‬
‫الكراىية ك مكافحتيما‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪ ،25 :‬المؤرخة في‪ 29 :‬أبريؿ ‪.2020‬‬
‫‪ -17‬القانكف رقـ‪ 06-20 :‬المؤرخ في‪ 28 :‬أبريؿ ‪ 2020‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف العقكبات‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،25 :‬المؤرخة في‪ 29 :‬أبريؿ ‪.2020‬‬

‫~‪~142‬‬
‫ث‪ -‬المراسيم الرئاسية و التنفيذية‪:‬‬
‫‪ -01‬المرسكـ الرئاسي رقـ‪ ،41-95 :‬المؤرخ في‪ 28 :‬يناير ‪ ،1995‬الجريدة الرسمية العدد‪،07 :‬‬
‫المؤرخة في‪ 15 :‬فبراير ‪.1995‬‬
‫‪ -02‬المرسكـ الرئاسي رقـ‪ ،55-02 :‬المؤرخ في‪ 05 :‬فبراير ‪ ،2002‬الجريدة الرسمية العدد‪،09 :‬‬
‫المؤرخة في‪ 10 :‬فبراير ‪.2002‬‬
‫‪ -03‬المرسكـ الرئاسي رقـ‪ ،128-04 :‬المؤرخ في‪ 19 :‬أبريؿ ‪ ،2004‬الجريدة الرسمية‬
‫العدد‪ ،26 :‬المؤرخة في‪ 25 :‬أبريؿ ‪.2004‬‬
‫‪ -04‬المرسكـ التنفيذم رقـ‪ 120-17 :‬المؤرخ في‪ 22 :‬مارس ‪ ،2017‬الجريدة الرسمية العدد‪،19:‬‬
‫المؤرخة في‪ 19 :‬مارس ‪.2017‬‬
‫ج‪ -‬األوامر‪:‬‬
‫‪ -01‬األمر رقـ‪ 155-66 :‬المؤرخ في ‪ 08‬يكنيك ‪ 1966‬المتضمف قانكف اإلجراءات الجزائية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،48 :‬المؤرخة في‪ 10 :‬يكنيك ‪ ،1966‬المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫‪ -02‬األمر رقـ‪ 156-66 :‬المؤرخ في‪ 06 :‬يكنيك ‪ 1966‬المتضمف قانكف العقكبات‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية العدد‪ ،49 :‬المؤرخة في‪ 11 :‬يكنيك ‪ ،1966‬المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫‪ -03‬األمر رقـ‪ 80-76 :‬المؤرخ في‪ 23 :‬أكتكبر ‪ 1976‬المتضمف القانكف البحرم‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية العدد‪ ،29 :‬المؤرخة في‪ 10 :‬أبريؿ ‪ ،1976‬المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫‪ -04‬األمر رقـ‪ 06 – 05 :‬المؤرخ في‪ 23 :‬أكت ‪ 2005‬المتعمؽ بمكافحة التيريب‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية العدد‪ ،59 :‬المؤرخة في‪ 28 :‬غشت ‪ ،2005‬المعدؿ ك المتمـ‪.‬‬
‫‪ -05‬األمر رقـ‪ 02-15 :‬المؤرخ في ‪ 23‬يكليك ‪ 2015‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف اإلجراءات الجزائية‬
‫الجريدة الرسمية العدد‪ ،40 :‬المؤرخة في‪ 23 :‬يكليك ‪.2015‬‬
‫‪ -06‬األمر رقـ‪ 01-20 :‬المؤرخ في‪ 30 :‬يكليك ‪ 2020‬المعدؿ ك المتمـ لقانكف العقكبات‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية العدد‪ ،44 :‬المؤرخة في‪ 30 :‬يكليك ‪.2020‬‬
‫ح‪ -‬المناشير‪:‬‬
‫‪ -‬المنشكر الكزارم رقـ‪ 02 :‬المؤرخ في‪ 21 :‬أبريؿ ‪ ،2009‬المتعمؽ بكيفيات تطبيؽ عقكبة‬
‫العمؿ لمنفع العاـ‪ ،‬ك ازرة العدؿ‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫~‪~143‬‬
‫‪‬‬
‫‪60-61‬‬ ‫مقدمة‪.‬‬
‫‪66-60‬‬ ‫مبحث تمييدي‪ :‬مدخل لمقانون الجنائي‪.‬‬
‫‪03‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬مفيكـ القانكف الجنائي‪.‬‬
‫‪03‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬تعريفو ك أىميتو‪.‬‬
‫‪05‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬عبلقة قانكف العقكبات بالقكانيف ك العمكـ الجنائية األخرل‪.‬‬
‫‪06‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬دكر المدارس العقابية في تطكر قانكف العقكبات‪.‬‬
‫‪06‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬المدرسة التقميدية القديمة ك الحديثة‪.‬‬
‫‪07‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬المدرسة الكضعية ك مدرسة الدفاع اإلجتماعي‪.‬‬
‫‪01 -60‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬نظرية الجريمة‪.‬‬
‫‪09‬‬ ‫تمييد‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫المبحث األكؿ‪ :‬مفيكـ الجريمة ك تقسيماتيا‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬مفيكـ الجريمة‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬تعريؼ الجريمة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تمييز الجريمة الجنائية عف الجريمة المدنية ك التأديبية‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬تقسيمات الجرائـ‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬التقسيـ القانكني لمجريمة‪.‬‬
‫‪14‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬التقسيـ الفقيي لمجريمة‪.‬‬
‫‪20‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬أثر الظركؼ عمى القاعدة الجنائية‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أركاف الجريمة‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬الركف الشرعي لمجريمة‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬خضكع الفعؿ لنص التجريـ ( مبدأ الشرعية الجنائية)‪.‬‬
‫‪29‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬سرياف النص الجزائي مف حيث الزماف ك المكاف‪.‬‬
‫‪36‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬عدـ خضكع الفعؿ ألسباب اإلباحة‬
‫‪42‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬الركف المادم لمجريمة‪.‬‬
‫‪42‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬تماـ الركف المادم ( الجريمة التامة)‪.‬‬
‫‪46‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الشركع في الجريمة ( الجريمة الناقصة)‪.‬‬

‫~‪~144‬‬
‫‪53‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬المساىمة الجنائية ( اإلشتراؾ في الجريمة)‪.‬‬
‫‪60‬‬ ‫المطمب الثالث‪ :‬الركف المعنكم لمجريمة‪.‬‬
‫‪60‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬الجريمة العمدية ( الخطأ العمدم)‪.‬‬
‫‪67‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الجريمة غير العمدية (الخطأ غير العمدم)‪.‬‬
‫‪72‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬المسؤكلية الجزائية‪.‬‬
‫‪72‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬مفيكـ المسؤكلية الجزائية ك أساسيا‪.‬‬
‫‪72‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬مفيكـ المسؤكلية الجزائية‪.‬‬
‫‪74‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬أساس المسؤكلية الجزائية‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬شركط المسؤكلية الجزائية ك مكانعيا‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬شركط المسؤكلية الجزائية‪.‬‬
‫‪83‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مكانع المسؤكلية الجزائية‪.‬‬
‫‪100 -00‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬نظرية العقوبة‪.‬‬
‫‪92‬‬ ‫تمييد‪.‬‬
‫‪93‬‬ ‫المبحث األكؿ‪ :‬مفيكـ العقكبة‪.‬‬
‫‪93‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬مفيكـ العقكبة‪.‬‬
‫‪93‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬تعريؼ العقكبة ك عناصرىا‪.‬‬
‫‪96‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص العقكبة ك أغراضيا‪.‬‬
‫‪99‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬التطكر التاريخي لمعقكبة‪.‬‬
‫‪99‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬العقكبة في العصكر القديمة ك الكسطى‪.‬‬
‫‪100‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬العقكبة في العصر الحديث‪.‬‬
‫‪102‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أنكاع العقكبات‪.‬‬
‫‪102‬‬ ‫المطمب األكؿ‪ :‬العقكبات األصمية‪.‬‬
‫‪102‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬عقكبات الجنايات‪.‬‬
‫‪105‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬عقكبات الجنح ك المخالفات‪.‬‬
‫‪108‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬العقكبات التكميمية‪.‬‬
‫‪108‬‬ ‫الفرع األكؿ‪ :‬العقكبات التكميمية اإلجبارية‪.‬‬
‫‪109‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬العقكبات التكميمية اإلختيارية‪.‬‬

‫~‪~145‬‬
‫‪117‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬بدائؿ العقكبة ك انقضائيا‪.‬‬

‫~‪~146‬‬
~147~

You might also like