You are on page 1of 16

‫القضاء باليمين‬

‫املقالة إلستيفاء الواجبة ملادة فقه املقارن‬

‫تحت اإلشراف ‪:‬‬


‫األستاذ دكتور آيب سيف هللا‬
‫املجموعة السابعة‬
‫‪١١٢١٠٦٠٠٠٠٠٠٩٣‬‬ ‫موتيارا أرس الخلدى‬
‫‪١١٢١٠٦٠٠٠٠٠٠٩٤‬‬ ‫مزينة زهرة‬
‫ّ‬
‫‪١١٢١٠٦٠٠٠٠٠١٠٥‬‬ ‫النساء صافي أولية‬
‫‪11210600000106‬‬ ‫عتيقة قمرية‬
‫‪11210600000110‬‬ ‫فارس نصر هللا‬

‫كلية الدرسات االسالمية والعربية‬


‫جامعة شريف هداية هللا االسالمية الحكومية جاكرتا‬
‫‪1444‬ه‪2023 /‬م‬
‫املقدمة‬
‫الشكر والتقدير‬
‫إن الحم‪66‬د هلل نحم‪66‬ده ونس‪66‬تعينه ونس‪66‬تغفره ونع‪66‬وذ باهلل من ش‪66‬ورو أنفس‪66‬نا ومن س‪66‬يئات أعمالن‪66‬ا‬
‫من يه‪66‬ده هللا فال مض‪6ّ 6‬ل ل‪66‬ه ومن يض‪66‬لل فلن تج‪66‬د ل‪66‬ه ولي‪66‬ا مرش‪66‬دا‪ .‬والص‪66‬الة والس‪66‬الم على س‪66‬يد املرس‪66‬لين‬
‫محم ‪66‬د ص ‪66‬لى هللا علي ‪66‬ه وس ‪66‬لم ومن تبع ‪66‬ه بإحس ‪66‬ان إلى ي ‪66‬وم ال ‪66‬دين‪ ،‬أم ‪66‬ا بع ‪66‬د‪ .‬فه ‪66‬ذه املقال ‪66‬ة العلمي ‪66‬ة تحت‬
‫املوضوع ‪ :‬القضاء باليمين ‪.‬‬
‫ونق‪66 6‬دم جزي‪66 6‬ل الش‪66 6‬كر إلى األس‪66 6‬تاذ آيب س‪66 6‬يف هللا ك‪66 6‬املعلم في ه‪66 6‬ذا ال‪66 6‬درس ‪ ،‬ال‪66 6‬ذي يق‪66 6‬وم ً‪6‬‬
‫دائم‪ 6‬ا‬
‫بتوجي‪66‬ه وتق‪66‬ديم األفك‪66‬ار واملعرف‪66‬ة املفي‪66‬دة لن‪66‬ا‪ .‬وأخ‪66‬يرا نرج‪66‬و اإلقتراح‪66‬ات اإليجابي‪66‬ة واالص‪66‬الح من الق‪66‬ارئين‬
‫ونس‪66‬أل هللا ع‪66‬ز وج‪66‬ل أن ينفعن‪66‬ا به‪66‬ا واملس‪66‬لمين عام‪66‬ة ويتقبله‪66‬ا بقب‪66‬ول حس‪66‬ن وص‪66‬لى هللا وس‪66‬لم وب‪66‬ارك على‬
‫نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬والحمد هلل رب العاملين‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬القضاء باليمين‬
‫اختل ‪66‬ف الفقه ‪66‬اء في مفه ‪66‬وم ق ‪66‬ول الرس ‪66‬ول ص ‪66‬لى هللا علي ‪66‬ه وس ‪66‬لم ‪ " -‬البيئ ‪66‬ة على املدعي واليمين على من‬
‫انك‪66 6‬ر وه‪66 6‬ل اليمين على من أنك‪66 6‬ر فق‪66 6‬ط أم املدعي واملدعى علي‪66 6‬ه‪ ،‬أم خص املدعي بالبين‪66 6‬ة‪ ،‬واملدعى علي‪66 6‬ه‬
‫باليمين‪.‬‬
‫ف ‪66‬الجمهور ق‪66‬الوا‪ :‬ال تثبت دع‪66‬وى املدعى ب‪66‬اليمين س‪66‬واء أك‪66‬انت في إثب‪66‬ات ح‪66‬ق ل‪66‬ه أو إس ‪66‬قاط ح‪66‬ق عن‬ ‫‪‬‬
‫نفسه إال ما قام الدليل على تخصيصه‪ ،‬كدعوى التلف في الودائع فإنها تثبت بيمين املدعي‪.‬‬
‫وذهب مالك إلى العمل باليمين من املدعي إذا أنكر املدعي عليه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واليمين في الغالب يكون من املدعي عليه لنفي الدعوى عن نفسه‪.‬‬
‫واليمين هو الحلف‪.‬‬
‫وأجمع العلماء على أن اليمين التي تثبت الدعوى أو تسقطها هو الحلف باهلل الذي ال ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ال إله إال هو‪ ،‬ال يزيد عليها‪.‬‬
‫وأج‪66‬از الش‪66‬افعي الزي‪66‬ادة تغليظ‪66‬ا‪ :‬وه‪66‬و أن يق‪66‬ول املوج‪66‬ه إلي‪66‬ه الحل‪66‬ف‪ :‬أقس‪66‬م باهلل ال‪66‬ذي ال إل‪66‬ه إال ه‪66‬و‬ ‫‪‬‬
‫الذي يعلم من السر ما يعلم من العالنية‪.‬‬
‫التغليظ في اليمين باملكان ‪:‬‬

‫يج ‪66‬وز أخ ‪66‬ذ الح ‪66‬الف إلى أش ‪66‬رف األم ‪66‬اكن ليق ‪66‬ع بيمين ‪66‬ه فيه ‪66‬ا تغليظ ‪66‬ا مث ‪66‬ل املس ‪66‬جد الج ‪66‬امع‪ ،‬ويفض ‪66‬ل عن ‪66‬د‬
‫املنبر‪.‬‬

‫وق‪66‬ال الش‪66‬افعي‪ :‬إذا ك‪66‬ان مح‪66‬ل اليمين املدين‪66‬ة يحل‪66‬ف عن‪66‬د من‪66‬بر رس‪66‬ول هللا ﷺ وإن ك‪66‬ان مك‪66‬ة حل‪66‬ف بين‬
‫ال‪66‬ركن واملق‪66‬ام‪ ،‬أي ركن الحج‪66‬ر األس‪66‬ود ومق‪66‬ام إب‪6‬راهيم ‪ -‬علي‪66‬ه الس‪66‬الم – وعن‪66‬ده في ك‪66‬ل بل‪66‬د يك‪66‬ون الحل‪66‬ف‬
‫عند املنبر‪.‬‬

‫وقال داود ‪ :‬يحلف فوق املنبر في القليل والكثير‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫وقال أبو حنيفة ‪ :‬ال تغليظ باملكان لليمين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وق ‪66‬ال مال ‪66‬ك‪ :‬يغل ‪66‬ظ في الكب ‪66‬ير ال الحق ‪66‬ير‪ ،‬ف ‪66‬إن ك ‪66‬ان الحل ‪66‬ف على مث ‪66‬ل نص ‪66‬اب الس ‪66‬رقة فص ‪66‬اعدا ك ‪66‬ان‬ ‫‪‬‬
‫الحلف في املسجد‪ ،‬وإن كان في املدينة كان من فوق منبر رسول هللا‪.‬‬

‫وسبب الخالف في التغليظ في املكان هو‪:‬‬


‫مفهوم حديث رسول هللا‪ ،‬وهل هو للوجوب أم للن‪66‬دب‪ ،‬عن ج‪66‬ابر بن عب‪6‬دا األنص‪66‬اري" أن رس‪66‬ول هللا‬ ‫‪‬‬
‫ق‪66 6‬ال ‪ :‬من حل‪66 6‬ف على من‪66 6‬بري أثم‪66 6‬ا تب‪66 6‬وأ مقع‪66 6‬ده من الن‪66 6‬ار‪ ،‬فمن ق‪66 6‬ال بالتغلي‪66 6‬ظ باملك‪66 6‬ان احتج به‪66 6‬ذا‬
‫الحديث بالوجوب‪ ،‬ومن قال ال تغليظ باملكان حمل حكم الحديث على الندب‪.‬‬
‫ومفه ‪66‬وم ق ‪66‬ول رس ‪66‬ول هللا * من اقتط ‪66‬ع ح ‪66‬ق ام ‪66‬رئ مس ‪66‬لم بيمين ‪66‬ه ح ‪66‬رم هللا علي ‪66‬ه الجن ‪66‬ة وأوجب ل ‪66‬ه‬ ‫‪‬‬
‫النار‬
‫ً‬
‫وقد اختلف الفقهاء في مفهوم هذا الحديث أيضا هل يوجب الحكم باليمين أم ال الى فريقين‪:‬‬

‫الفريق األول‪ :‬الجمهور‪ :‬مفهوم الحديث يوجب على القاضي القضاء باليمين إن تبين له الحق‪.‬‬

‫الفريق الثاني‪ :‬الحنفية‪ :‬الحديث للندب وال يوجب القضاء باليمين ألن مرجعه إلى تقدير القاضي‪.‬‬

‫اليمين ‪ :‬التعريف باأليمان‬

‫األيمان جمع يمين وأصلها في اللغة اليد اليمين‪ ،‬وأطلقت على الحلف‪ ،‬ألنهم كانوا إذا تحالفوا يأخذ ك‪66‬ل‬
‫واح ‪66‬د منهم بيمين ص ‪66‬احبه‪ ،‬وس ‪66‬مي العض ‪66‬و ب ‪66‬اليمين‪ ،‬لوف ‪66‬ور قوت ‪66‬ه ق ‪66‬ال تع ‪66‬الى‪ ":‬ألخ ‪66‬ذنا من ‪66‬ه ب ‪66‬اليمين" أي‬
‫بالقوة‪.‬‬

‫وملا كان الحلف يؤدي إلى إثبات الحق أو نفيه‪ ،‬سمي يمينا‪.‬‬

‫وقيل سمي الحلف يمينا‪ ،‬ألنها تحفظ الشيء على الحالف كما تحفظه اليد‪.‬‬

‫أم‪RR‬ا األيم‪RR‬ان في االص‪RR‬طالح‪ :‬فهي تحقي‪66‬ق أم‪66‬ر غ‪66‬ير ث‪66‬ابت ماض‪66‬يا ك‪66‬ان أو مس‪66‬تقبال‪ ،‬نفي‪66‬ا أو إثبات‪66‬ا‪ ،‬ممكن‪66‬ا أو‬
‫ممتنعا‪ ،‬صادقة كانت أو كاذبة‪ ،‬مع العلم بالحال أو الجهل به‪.‬‬

‫معاني التعريف االصطالحي‪:‬‬

‫تحقيق أي إثبات به خرج لغو اليمين‪ ،‬والحلف في األقضية من غير طلب ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أم‪RR‬ر غ‪RR‬ير ث‪RR‬ابت مث‪66‬ل املتن‪66‬ازع علي‪66‬ه‪ ،‬أوال أص‪66‬عد في الس‪66‬ماء‪ ،‬فال مع‪66‬نى لتحقيق‪66‬ه وك‪66‬ذلك ك‪66‬ل م‪66‬ا يتص‪66‬ور‬ ‫‪.2‬‬
‫فيه الحنث‪ ،‬مثل وهللا ال أموتن‪.‬‬
‫ماضيا كان أو مستقبال واملاضي كأن يحلف على أمر مضى واملستقبل ه‪66‬و تعلي‪66‬ق اليمين على ح‪66‬دوث‬ ‫‪.3‬‬
‫فع‪66 6‬ل‪ ،‬أو إض‪66 6‬افته إلى أم‪66 6‬ر س‪66 6‬يقع أو إن وق‪66 6‬ع في املس‪66 6‬تقبل‪ ،‬مث‪66 6‬ل إن أتى ش‪66 6‬هر ك‪66 6‬ذا‪ ،‬أو إن أمط‪66 6‬رت‬
‫السماء‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .5‬نفيا أو إثباتا‪ ،‬ممكنا أو ممتنعا ‪ :‬كأن ينفي عن نفسه الدعوى‪ ،‬أو يثبت بها حقا‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫صادقة كانت أو كاذبة‪ :‬فاأليمان في جملتها ال تخلو من الحالتين‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫م‪66 6‬ع العلم بالح‪66 6‬ال أو الجه‪66 6‬ل ب‪66 6‬ه‪ :‬العلم ه‪66 6‬و اليقين‪ ،‬كمن حل‪66 6‬ف مس‪66 6‬تيقنا ص‪66 6‬دق يمين‪66 6‬ه‪ ،‬والجه‪66 6‬ل‬ ‫‪.6‬‬
‫باملحلوف عليه‪ ،‬كشاهد الزور‪.‬‬

‫الدليل على العمل باليمين ‪:‬‬

‫استدل على استخالف املدعي واملدعى عليه إلثبات الحق أو نفيه بالكتاب والسنة وإجماع األمة‪.‬‬
‫ً‬
‫أوال ‪ :‬من الكتاب‪:‬‬
‫َّ‬
‫اس َوالل ُه َس ‪ِ 6‬م ٌيع‬ ‫ص ‪6‬ل ُحوا ْبي َن َّ‬
‫الن‬ ‫ض ‪ً 6‬ة َأِل ْي َمن ُك ْم َأ ن َت َب‪6ُّ 6‬روا َو َت َّت ُ ‪6‬ق وا َو ُت ْ‬ ‫َّ‬
‫الل َه ُع ْر َ‬ ‫‪6‬وا‬ ‫ل‬
‫‪6‬‬
‫َ اَل َ ْ َ ُ‬
‫ق ‪66‬ال هللا تع ‪66‬الى‪( :‬و تجع‬ ‫‪.1‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َع ِل ٌ‬
‫يم)‬
‫ان)‬‫بالل ْغو في َأ ْي َمان ُك ْم َو َلكن ُيَؤ اخ ُذ ُكم ب َما َع ْقد ُّت ُم اَأْل ْي َم َ‬ ‫ُ َؤ ُ ُ ُ ُ َّ‬
‫وقال هللا تعالى‪( :‬الي ِاخذكم هللا‬ ‫‪.2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُ َؤ ُ ُ ُ ُ َّ ْ َأ ْ َ ُ ْ َ َ ُ َؤ ُ ُ َ َ َ َ ْ ُ ُ ُ ُ ْ َ َّ‬
‫الل ُه َغ ُ‪6‬ف ٌ‬
‫ور‬ ‫اخ ذكم ِب ‪6‬ما كس‪6‬بت قل‪6‬وبكم و‬ ‫اخ ذكم هللا ب‪6‬اللغ ِو ِفي ي ‪6‬ما ِنكم ول ِكن ي ِ‪6‬‬ ‫وقال هللا تع‪6‬الى‪( :‬ال ي ِ‪6‬‬ ‫‪.3‬‬
‫َح ِل ٌ‬
‫يم)‬
‫ُ َ َ َ‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫(و َت ْش َت ُروا ب َع ْهد َ ً َ اًل َّ‬ ‫َ اَل‬
‫هللا ُه َو خ ْي ٌر لك ْم ِإ ن ك ُنت ْم ت ْعل ُمون)‬ ‫هللا ث َمنا ق ِلي ِإ ن َما ِعند ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫وقال هللا تعالى‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫َ َ اًل‬ ‫َأ‬ ‫َّ‬ ‫ين َي ْش َت ُر َ‬ ‫َّ‬
‫ون ِب َع ْه ِد الل ِه َو ْي َم ِان ِه ْم ث َم ًنا ق ِلي )‬ ‫(الذ َ‬
‫وقال هللا تعالى ِ‬ ‫‪.5‬‬

‫في هذه اآليات نهي من هللا سبحانه وتعالى عن اللجوء إلى اليمين ملنع الخير‪ ،‬أو الحصول على شر‪.‬‬

‫وق ‪66‬د روى عم ‪66‬رو بن ش ‪66‬عيب عن أبي ‪66‬ه عن ج ‪66‬ده ق ‪66‬ال ‪ :‬ق ‪66‬ال رس ‪66‬ول هللا ﷺ ال ن ‪66‬ذر وال يمين فيم ‪66‬ا ال يمل ‪66‬ك‬
‫ابن آدم‪ ،‬وال في معص ‪66‬ية هللا‪ ،‬وال في قطعي ‪66‬ة رحم‪ ،‬ومن حل‪66‬ف على يمين ف ‪6‬رأى غيره ‪66‬ا خ‪66‬يرا منه ‪66‬ا فلي ‪66‬دعها‬
‫وليأت الذي هو خير فإن تركها كفارتها " رواه أبو داود‪.‬‬

‫والكفارة فيما عقد عليه القلب من أيمان ثم تركه‪.‬‬

‫ثانيا من السنة‪:‬‬

‫عن األش ‪66‬عث بن قيس ق ‪66‬ال‪ :‬ك ‪66‬ان بي ‪66‬ني وبين رج ‪66‬ل خص ‪66‬ومة في ب ‪66‬ئر فاختص ‪66‬منا إلى رس ‪66‬ول الل ‪66‬ه ﷺ ‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫فقال ‪" :‬شاهداك أو يمينه" فقلت‪ :‬إنه إذن يحلف وال يبالي‪ ،‬فقال‪ :‬من حلف على يمين يقتطع بها من‬
‫امرىء مسلم هو فيها فاجر لقى الله وهو عليه غضبان" متفق عليه‪.‬‬
‫عن وائل بن حجر قال‪ :‬جاء رجل من حضرموت ورجل من كن‪66‬دة إلى الن‪6‬بي ﷺ ل‪66‬ه فق‪66‬ال الحض‪66‬رمي ‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‪66‬ا رس‪66‬ول هللا ‪ :‬إن ه‪66‬ذا ق‪66‬د غلب‪66‬ني على أرض ك‪66‬انت ألبي‪ ،‬ق‪66‬ال الكن‪66‬دي‪ :‬هي أرض في ي‪66‬دي أزرعه‪66‬ا ليس‬
‫ل‪6‬ه فيهـا حـق‪ ،‬فق‪66‬ال الن‪66‬بي ﷺ للحض‪6‬رمي ‪ :‬أل‪6‬ك بين‪66‬ة؟" ق‪66‬ال ‪ :‬ال ‪ ،‬ق‪66‬ال ‪ :‬فل‪6‬ك يمين‪6‬ه" فق‪6‬ال ‪ :‬ي‪6‬ا رس‪66‬ول‬
‫هللا ‪ :‬الرج‪66‬ل ف‪66‬اجر ال يب‪66‬الي على م‪66‬ا حل‪66‬ف علي‪66‬ه‪ ،‬وليس يت‪66‬ورع من شيء ق‪66‬ال" ليس ل‪66‬ك من‪66‬ه إال ذل‪66‬ك‪،‬‬
‫ف‪66‬انطلق ليحل‪66‬ف‪ ،‬فق‪66‬ال رس‪66‬ول هللا ﷺ ملا أدب‪66‬ر الرج‪66‬ل‪ ":‬أم‪66‬ا لئن حل‪66‬ف على مال‪66‬ه ليأكل‪66‬ه ظلم‪66‬ا ليلقين‬
‫هللا وهو عنه معرض" رواه مسلم والترمذي‪.‬‬
‫عن ابن عباس ‪-‬رضي هللا عنهما ‪" -‬أن النبي ﷺ أقضي باليمين على املدعى عليه" رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫هذه األحاديث وغيرها كثيرة تدل على أن اليمين حجة يعمل بها‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬اإلجماع‬

‫أجم ‪66‬ع علم ‪66‬اء األم ‪66‬ة على ج ‪66‬واز بن ‪66‬اء حكم القاض ي على يمين املدعى علي ‪66‬ه إذا لم تكن بين ‪66‬ة وال إق ‪6‬رار‪ ،‬وال‬
‫عبرة لكذبه ‪ ،‬ألنه ال مطلع عليه إال هللا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬فيحاسبه ويأخذه أخذ املغضوب عليهم‪.‬‬

‫اليمين التي يبرأ بها املطلوب ‪:‬‬

‫اتفق الفقهاء على أن األيمان تبطل الدعوى على املدعي عليه إذا لم تكن للمدعي بينة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لكنهم اختلفوا في قب‪66‬ول اليمين من املدعي إلى ف‪66‬ريقين وس‪66‬بب اختالفهم ه‪66‬و تفس‪6‬يرهم لق‪66‬ول الرس‪66‬ول‬ ‫‪‬‬
‫ﷺ‪" 6‬البينة‪ 6‬على‪ 6‬املدعي‪ 6‬واليمين‪ 6‬على‪ 6‬من‪ 6‬أنكر"‪ 6‬وهل‪ 6‬ذلك‪ 6‬عام‪ 6‬في‪ 6‬كل‪ 6‬مدعي‪ 6‬عليه‪ 6‬ومدع‪ 6‬أم‪ 6‬خص‬
‫املدعي بالبينة واملدعى عليه باليمين‪.‬‬

‫الفري‪RR‬ق األول‪ :‬الجمه‪66‬ور‪ :‬الحنفي‪66‬ة والش‪66‬افعية والحنابل‪66‬ة ‪ :‬ق‪66‬الوا ‪ :‬إن اليمين ح‪66‬ق املدعي علي‪66‬ه‪ ،‬فال تثبت‬
‫للم ‪66‬دعي دع ‪66‬وى بيمني ‪66‬ه‪ ،‬وإنم ‪66‬ا حق ‪66‬ه في إثب ‪66‬ات ال ‪66‬دعوى ال يك ‪66‬ون إال بالبين ‪66‬ة إال م ‪66‬ا خص ‪66‬ه االتف ‪66‬اق‪ ،‬مث ‪66‬ل‬
‫دعوى التلف في الوديعة وإثباتها‪.‬‬

‫الفري‪RR‬ق الث‪RR‬اني‪ :‬وهم املالكي ‪66‬ة‪ :‬وق‪66‬د ق ‪66‬الوا ‪ :‬يثبت الح ‪66‬ق للم ‪66‬دعي ب ‪66‬اليمين في حال ‪66‬ة إنك ‪66‬ار املدعي علي‪66‬ه‪ ،‬ألن‬
‫املدعي أقوي سببا وشبهة‪.‬‬

‫حكم طلب املدعي للحلف من الخصم ‪:‬‬


‫لو ادعى رجل دعوى على رجل وطلب من القاضي تحليفه قبل إحضار البينة‪ ،‬ففي تحليفه وجهان‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الوجه األول‪ :‬لو طلب املدعي من القاضي تحلي‪6‬ف املدعى علي‪6‬ه قب‪6‬ل إحض‪6‬اره للبين‪66‬ة حلف‪6‬ه القاضي‪ ،‬ألن‬
‫طلب الحلف من املدعى حق له‪ ،‬وكذلك سواء أكانت بينته قريبة أم بعيدة‪.‬‬

‫الوج‪RR R‬ه الث‪RR R‬اني‪ :‬ال يج‪66 6‬وز للم‪66 6‬دعي طلب تحلي‪66 6‬ف املدعى علي‪66 6‬ه‪ ،‬ألن في تل‪66 6‬ك البيئ‪66 6‬ة غني‪66 6‬ة عن اليمين فلم‬
‫يشرع معها‪ ،‬وألن البينة أصل واليمين بدل‪ ،‬فال ُيجمع بين البدل واألصل كالتيمم مع املاء‪.‬‬

‫أما إن كانت بينة املدعي بعيدة فيقبل منه طلب تحليف املدعي عليه ألن البينة البعيدة كاملعدومة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ملشقة حضورها‪ ،‬فيملك طلب استحالفه‪.‬‬

‫صيغة يمين البراءة‪:‬‬

‫اليمين املش ‪66‬روعة ال ‪66‬تي ي ‪66‬برأ به ‪66‬ا املدعى علي ‪66‬ه ‪ :‬هي اليمين باهلل في ق ‪66‬ول عام ‪66‬ة أه ‪66‬ل العلم‪ ،‬ف ‪66‬إن اس ‪66‬تحلف‬
‫قاضيا مدعيا عليه باهلل أجزأه ‪ ،‬ومع هذا فقد زاد مالك والشافعي في صيغة الحلف‪.‬‬

‫فقال مالك‪ :‬أحب أن يقول في حلفه ‪ :‬أقسم باهلل الذي ال إله إال هو‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ق‪6‬ال ابن املن‪6‬ذر‪ :‬ه‪66‬ذا أحب إلى " ألن ابن عب‪6‬اس روى أن رس‪6‬ول هللا ﷺ اس‪6‬تحلف رجال فق‪6‬ال ل‪6‬ه "ق‪6‬ل‬ ‫‪‬‬
‫وهللا الذي ال إله إال هو ما له عندك شيء" رواه أبو داود‪.‬‬
‫وفي حديث عمر حين حلف ألبي قال‪" :‬وهللا الذي ال إله إال هو إن النخل لتخلي وما ألبي فيها شيء"‬
‫وق‪66‬ال الش‪66‬افعي‪ :‬إن ك‪66‬ان املدعي ب‪66‬ه يبل‪66‬غ نص‪66‬ابا ف‪66‬أكثر‪ ،‬غلظت اليمين فيحل‪66‬ف املطل‪66‬وب للحل‪66‬ف‪ :‬باهلل‬ ‫‪‬‬
‫ال ‪66 6‬ذي ال إل ‪66 6‬ه إال ه ‪66 6‬و ع ‪66 6‬الم الغيب والش ‪66 6‬هادة ال ‪66 6‬رحمن ال ‪66 6‬رحيم ال ‪66 6‬ذي يعلم من الس ‪66 6‬ر م ‪66 6‬ا يعلم من‬
‫العالنية‪.‬‬
‫قال القاضي‪ :‬إن هذا في أيمان القسامة خاصة وليس بشرط‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وق ‪66‬د ثبت عن الرس ‪66‬ول ﷺ وص ‪66‬حابته التحلي‪66‬ف" اس ‪66‬تحلف الن ‪66‬بي ﷺ ُركان ‪66‬ة بن عب ‪66‬د يزي ‪66‬د في الطالق‬ ‫‪‬‬
‫‪6‬دي للحض‪66 6‬رمي‪ ،‬حينم‪66 6‬ا طلب‬ ‫الثالث فق‪66 6‬ال‪ :‬هللا م‪66 6‬ا أردت إال واح‪66 6‬دة ؟ اس‪66 6‬تحلف الرس‪66 6‬ول ﷺ الكن‪ُ 6 6‬‬
‫الحضرمي‪ ،‬أحلفه وهللا ما يعلم أنها أرضى غصبنيها"‪.‬‬
‫وقال عثمان البن عمر ‪-‬رضي هللا عنهم‪ " :-‬تحلف باهلل لقد بعته وما به داء تعلمه"‬ ‫‪‬‬

‫فالحلف بلفظ الجاللة "هللا" فيه الكفاية‪ ،‬فوجب أن يكتفى باسمه في اليمين‪.‬‬

‫أما ما ذكر عن مالك والشافعي فقد قال فيه ابن قدامة ‪ :‬إنه تحكم ال نص فيه وال قياس يقتضيه‪.‬‬
‫ونق‪66‬ول إن الزي‪66‬ادة في اليمين على لف‪66‬ظ الجالل‪66‬ة ال شيء فيه‪66‬ا م‪66‬ادامت بص‪66‬فات متص‪66‬لة ب‪66‬ه‪ ،‬ب‪66‬ل ك‪66‬ل‬ ‫‪‬‬
‫ص ‪66‬فة هللا على الحل ‪66‬ف ق ‪66‬د ت ‪66‬ؤدي فائ ‪66‬دة‪ ،‬وهي زي ‪66‬ادة ت ‪66‬رهيب الح ‪66‬الف خاص ‪66‬ة إذا ك ‪66‬ان من الع ‪66‬وام‬
‫والفسقة‪.‬‬

‫من شرع عليه اليمين ‪:‬‬

‫تش‪66‬رع اليمين في ح‪66‬ق ك‪66‬ل م‪66‬دعي علي‪66‬ه س‪66‬واء أك‪66‬ان مس‪66‬لما‪ ،‬أو ك‪66‬افرا‪ ،‬ع‪66‬دال‪ ،‬أو فاس‪66‬قا‪ ،‬ام‪66‬رأة أو رجال‬
‫لقول النبي ﷺ "اليمين على املدعى عليه"‪6.‬‬

‫عن األش‪66 6‬عث بن قيس ق‪66 6‬ال ‪ :‬ك‪66 6‬ان بي‪66 6‬ني وبين رج‪66 6‬ل من اليه‪66 6‬ود أرض فجح‪66 6‬دني‪ ،‬فقدمت‪66 6‬ه إلى الن‪66 6‬بي ﷺ‬
‫فقال لي رسول هللا‪" :‬هل لك بينة ؟ " قلت‪ :‬ال ‪ ،‬قال لليهودي‪ " :‬احلف" قلت‪ :‬إذا يحلف فيذهب بمالي‪،‬‬
‫آْل‬ ‫َ اًل ُأ َ اَل َ اَل َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َّ َّ َ َ ْ َ َ َ‬
‫هللا َو ْي َ ‪6‬م ِان ِه ْم ث َم ً ‪6‬ن‪6‬ا ق ِلي ولِئ َك خ َق ل ُه ْم ِفي ا ِ ‪6‬خ َر ِة‬
‫ف ‪66‬أنزل هللا ع ‪66‬ز وج ‪66‬ل (ِإ ن ال ِذين يش ‪6‬ت ُرون ِبع ْ ‪6‬ه ِد ِ‬
‫اب َأ ِل ٌ‬
‫يم) رواه البخاري‪.‬‬ ‫نظ ُر َل ْيه ْم َي ْو َم ْال ِق َي َام ِة َواَل ُي َز ِّكيه ْم َو َل ُه ْم َع َذ ٌ‬
‫َ اَل ُ َ ِّ ُ ُ ُ ُ َ اَل َ ُ‬
‫ِ‬ ‫و يكلمهم هللا و ي ِإ ِ‬

‫كيفية حلف أهل الكتاب‪.‬‬

‫تختلف صيغة اليمين من اليهودي عن النصراني‪.‬‬

‫فإن كان املطلوب للحلف يهوديا قيل له‪ :‬قل وهللا الذي أن‪6‬زل الت‪6‬وراة على موسى إن ه‪6‬ذا لي وليس‬ ‫‪‬‬
‫لفالن‪ ،‬وما عندي شيء لفالن‬
‫أم‪66‬ا إن ك‪66‬ان نص‪66‬رانيا قي‪66‬ل ل‪66‬ه‪ :‬ق‪66‬ل وهللا ال‪66‬ذي أن‪66‬زل اإلنجي‪66‬ل على عيسى م‪66‬ا عن‪66‬دي شيء لفالن وال‬ ‫‪‬‬
‫حق له فيما َّادعى‪.‬‬
‫ويجوز تغليظ اليمين عليهم في اللفظ واملكان والزمان إن كان عندهم مك‪6‬ان معين يرهبون‪6‬ه‪ ،‬وك‪66‬ذا‬ ‫‪‬‬
‫في الوقت‪.‬‬

‫ويق ‪66‬ول الخ ‪66‬رقي‪ 6:‬إن األيم ‪66‬ان تغل ‪66‬ظ على اليه ‪66‬ود والنص ‪66‬ارى دون املس ‪66‬لمين‪ ،‬ووج ‪66‬ه تغليظه ‪66‬ا في حقهم م ‪66‬ا‬
‫رواه أب ‪66‬و هري ‪66‬رة ق ‪66‬ال‪ :‬ق ‪66‬ال رس ‪66‬ول هللا ﷺ لليه ‪66‬ود‪" :‬نش ‪66‬دتكم باهلل ال ‪66‬ذي أن ‪66‬زل الت ‪66‬وراة على موس ى م ‪66‬ا‬
‫تجدون في التوراة على من زنى؟" رواه أبو داود‪.‬‬

‫كيفية تحليف غير أهل الكتاب من املشركين ‪:‬‬


‫ك ‪66‬ل من ك ‪66‬انت علي ‪66‬ه دع ‪66‬وى وال بين ‪66‬ة للم ‪66‬دعي ك ‪66‬ان علي ‪66‬ه أن يحل ‪66‬ف وال يخل ‪66‬و الزم ‪66‬ان من دع ‪66‬اوى بين‬
‫املس‪66‬لمين وغ‪66‬يرهم‪ ،‬ففي الهن‪66‬د مثال يعيش املس‪66‬لمون م‪66‬ع أه‪66‬ل عقائ‪66‬د مختلف‪66‬ة‪ ،‬ف‪66‬إذا تخاص‪66‬م مس‪66‬لم م‪66‬ع‬
‫هندوسي مثال وطلب الحلف من الهندوسي حلف باليمين التالية ‪:‬‬

‫إن كان الحالف مجوسيا قال له القاضي‪ :‬قل وهللا الذي خلقني ورزقني‪.‬‬

‫وإن كان الح‪6‬الف وثني‪6‬ا حلف‪6‬ه باهلل الواح‪6‬د األح‪6‬د‪ ،‬ألن‪6‬ه ال يج‪6‬وز الحل‪6‬ف بغ‪6‬ير هللا‪ ،‬لق‪6‬ول الن‪6‬بي ﷺ "من‬
‫كان حالفا فليحلف باهلل أو ليصمت"‪.‬‬

‫حكم الحلف على املصحف‪:‬‬

‫اختل‪66‬ف الفقه‪66‬اء في تأكي‪66‬د الحل‪66‬ف باهلل م‪66‬ع وج‪66‬ود املص‪66‬حف ووض‪66‬عه في حج‪66‬ر الح‪66‬الف م‪66‬ع الحل‪66‬ف باهلل‬
‫وعلى كتاب هللا إلى قولين‪:‬‬
‫ً‬
‫الق‪R‬ول األول‪ :‬ق‪66‬ال ابن املن‪66‬ذر‪ :‬لم نج‪66‬د أح‪66‬دا ي‪66‬وجب اليمين باملص‪66‬حف ولم يثبت عن رس‪66‬ول هللا ﷺ في‬
‫اليمين‪.‬‬

‫الق‪RR‬ول الث‪RR‬اني‪ :‬للش‪66‬افعي‪ :‬ق‪66‬ال يج‪66‬وز الحل‪66‬ف على املص‪66‬حف تأكي‪66‬دا مث‪66‬ل احل‪66‬ف باهلل وبكتاب‪66‬ه املنزل على‬
‫محم‪66‬د ﷺ وأحل‪66‬ف ب‪66‬القرآن الك‪66‬ريم‪ ،‬أو وض‪66‬ع القاضي املص‪66‬حف في حج‪66‬ر الح‪66‬الف م‪66‬ع الحل‪66‬ف باهلل إن‬
‫تأك‪6‬دت طه‪6‬ارة الح‪6‬الف‪ ،‬ك‪6‬أن يك‪6‬ون الحل‪6‬ف بع‪6‬د انتهائ‪6‬ه من ص‪6‬الة مثال أو وض‪6‬ع املص‪6‬حف أم‪6‬ام الح‪6‬الف‬
‫إن كان قائما‪.‬‬

‫ودليل الشافعي ‪-‬رحمه هللا‪:-‬‬

‫أنه رأى ابن مازن وهو قاض باليمن في صنعاء يغلظ اليمين باملصحف‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫وقال في األم "وقد كان من حكام اآلفاق من يستحلف على املصحف وذلك عندي حسن"‬

‫وقال القاضي حسين" وهذا التغليظ مستحب إذا ك‪6‬ان الح‪6‬الف مس‪6‬لما‪ ،‬كم‪6‬ا حل‪6‬ف الرس‪6‬ول ‪-‬ص‪6‬لى‬
‫هللا عليه وسلم‪ -‬اليهود على التوراة والنصارى على اإلنجيل باإلضافة‪.‬‬

‫وقيل التغليظ باملصحف حسن ألنه يشتمل على كالم هللا تعالى وأسمائه‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫االعتراض على االستدالل‪:‬‬
‫إن م‪66‬ا فعل‪66‬ه حك‪66‬ام اآلف‪66‬اق من غ‪66‬ير دلي‪66‬ل وال حج‪66‬ة لهم يس‪66‬تندون إليه‪66‬ا‪ ،‬وال ي‪66‬ترك فع‪66‬ل رس‪66‬ول هللا‬ ‫‪.1‬‬
‫ﷺ وأصحابه لفعل من ال حجة لهم‪.‬‬
‫االعتراض على التغليظ‪ :‬إن ما ثبت عن رسول هللا ﷺ ال يجب التزامه من غير زيادة‪ ،‬وال‪66‬ذي ثبت‬ ‫‪.2‬‬
‫هو الحلف باهلل فقط من املسلم‪.‬‬
‫ويستثى من التغليظ باملصحف‪ :‬املريض والهرم‪ ،‬والحائض والنفساء‪ ،‬فال يغلظ عليهم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الترجيح‪.‬‬
‫الذي نراه أن الحالف باهلل مع وجود املصحف على الخيار للقاضي وذلك تبع‪66‬ا لح‪6‬ال الح‪66‬الف وق‪66‬د أمرن‪6‬ا‬
‫بتعظيم كت ‪66 6‬اب هللا ألن تعظيم ‪66 6‬ه تعظيم هلل‪ ،‬وفي حض ‪66 6‬ور املص ‪66 6‬حف ت ‪66 6‬رهيب للح ‪66 6‬الف وتأكي ‪66 6‬د ووع ‪66 6‬ظ‬
‫وتخوي ‪66‬ف ل ‪66‬ه ب ‪66‬ل أرى في حض ‪66‬وره دالل ‪66‬ة قريب ‪66‬ة للح ‪66‬الف على خط ‪66‬ر م ‪66‬ا ه ‪66‬و مطل ‪66‬وب إلي ‪66‬ه‪ ،‬كم ‪66‬ا ال يخ ‪66‬رج‬
‫الحلف باملصحف عن الحلف باهلل‪.‬‬

‫وال يجوز الحلف م‪6‬ع حض‪66‬ور كتب الس‪6‬نة كالبخ‪66‬اري ومس‪6‬لم‪ ،‬وه‪6‬و من ب‪6‬دع الع‪6‬وام املحرم‪6‬ة وإذ ق‪6‬اال مث‪6‬ل‬
‫هذا قاض وجب عزله‪.‬‬

‫ومن حلف بالطالق أو بالنبي‪ ،‬أو األب‪ ،‬كما هو حال العوام فهو جاهل وارتكب إنما عظيم‪6‬ا‪ ،‬ب‪6‬ل ق‪66‬ال‬ ‫‪‬‬
‫العلم‪66 6‬اء إن‪66 6‬ه من الش‪66 6‬رك ألن الحل‪66 6‬ف تق‪66 6‬ديس وتنزي‪66 6‬ه للمحل‪66 6‬وف ب‪66 6‬ه‪ ،‬وه‪66 6‬ذا ال يك‪66 6‬ون إال هلل وح‪66 6‬ده ‪-‬‬
‫س‪66‬بحانه وتع‪66‬الى ومن لج‪66‬أ إلى غ‪66‬ير الحل‪66‬ف باهلل ن‪66‬رى أن‪66‬ه يجب على الح‪66‬اكم تعزي‪66‬ره ومطالبت‪66‬ه ب‪66‬الكف‬
‫عنه مع التوبة‪.‬‬
‫كم‪66 6‬ا أن الحل‪66 6‬ف عه‪66 6‬د بين العب‪66 6‬د وخالق‪66 6‬ه‪ ،‬على الص‪66 6‬دق واألمان‪66 6‬ة والعه‪66 6‬د ال يك‪66 6‬ون إال م‪66 6‬ع من أدرك‬ ‫‪‬‬
‫أسرار الحالف‪ ،‬وال مدرك لسره إال هللا ‪ -‬تعالى الذي عظمت أسراره‪.‬‬

‫اقتران اليمين باملدعى عليه ‪:‬‬

‫ي ‪66‬أتي يمين الح ‪66‬الف على حس ‪66‬ب جواب ‪66‬ه‪ ،‬ف ‪66‬إذا ك ‪66‬انت ال ‪66‬دعوى قائم ‪66‬ة على غص ‪66‬ب املدعى علي ‪66‬ه ولم يق ‪66‬ر‬
‫الغاصب‪ ،‬أو نفى الغصب‪ ،‬بأن قال ما غصبتك‪ ،‬أو ما غصبت ماال لك‪.‬‬

‫وفي جحد الوديعة إذا لم يقر بها ‪ ،‬حلف‪ :‬وهللا ما أودعتني شيئ‬ ‫‪‬‬
‫وفي نكران الفرض حلف وهللا ما اقترضت منك شيئا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ويكتفي من املدعى علي‪66‬ه التعميم في الحل‪66‬ف‪ ،‬ك‪66‬أن يق‪66‬ول‪ :‬وهللا م‪66‬ا ل‪66‬ك على ح‪66‬ق‪ ،‬أو وهللا ال تس‪66‬تحق‬ ‫‪‬‬
‫علي ش ‪66‬يئا‪ ،‬أو وهللا ال تس ‪66‬تحق على م ‪66‬ا ادعيت ‪66‬ه وال ش ‪66‬يئا من ‪66‬ه‪ ،‬فك ‪66‬ل ه ‪66‬ذا ك ‪66‬ان جواب ‪66‬ا ص ‪66‬حيحا‪ ،‬وال‬
‫يكلف الجواب املفصل ألنه من الجائز أنه قد رد ما أخذه‪.‬‬
‫وال يقبل من املدعي عليه اليمين إال إذا طلبه منه القاضي أو من وقع عليه أمر الفصل بينهما‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫رجوع املقر في الحقوق املالية ‪:‬‬

‫إن أقر املدعى عليه بحق مالي للمدعي ال يجوز له الرج‪66‬وع عن إق‪6‬راره وق‪6‬د أجم‪6‬ع الفقه‪6‬اء على ع‪6‬دم قب‪66‬ول‬
‫رج‪66‬وع املق‪66‬ر عن إق ‪6‬راره املالي أو ال‪66‬ذي تعل‪66‬ق ب‪66‬ه ح‪66‬ق العب‪66‬د وق‪66‬د ذكرن‪66‬ا في اإلق ‪6‬رار أن املق‪66‬ر بالزن‪66‬ا يج‪66‬وز ل‪66‬ه‬
‫الرجوع عن إقراره بإجم‪66‬اع الفقه‪6‬اء‪ ،‬أم‪6‬ا الرج‪6‬وع عن اإلق‪6‬رار في ب‪6‬اقي الح‪6‬دود ففي‪66‬ه خالف فمنهم م‪6‬ا قاس‪6‬ه‬
‫على اإلقرار بالزنا‪ ،‬فأجازه‪ ،‬ومنهم من قال بعدم قبول رجوعه‪ ،‬ألنه ال دليل عليه‪.‬‬

‫النيابة في اليمين ‪:‬‬

‫أجمع الفقهاء على أن الوكالة ال تدخل اليمين وال يقبل الحلف من أحد من غيره‪.‬‬

‫فل‪66‬و ك‪66‬ان املدعي علي‪66‬ه ص‪66‬غيرا أو مجنون‪66‬ا لم يحل‪66‬ف عن‪66‬ه ولي‪66‬ه‪ ،‬ويتوق‪66‬ف الحكم ح‪66‬تى يبل‪66‬غ الص‪66‬بي ويعق‪66‬ل‬
‫املجنون‪ ،‬ولم يحلف عنه وليه ‪.‬‬

‫أم‪66 6‬ا ل‪66 6‬و ادعى األب حق‪66 6‬ا البن‪66 6‬ه الص‪66 6‬غير‪ ،‬أو ادع‪66 6‬اه الوص ي أو األمين‪ ،‬ف‪66 6‬أنكر املدعى علي‪66 6‬ه ‪ -‬الص‪66 6‬غير‬ ‫‪‬‬
‫واملوص ى علي ‪66 6‬ه ‪ -‬حكم بق ‪66 6‬ول املدعي م ‪66 6‬ع يمني ‪66 6‬ه‪ ،‬وتملك ‪66 6‬ه الص ‪66 6‬غير واملوص ى علي ‪66 6‬ه لقل ‪66 6‬ة إدراكهم ‪66 6‬ا‬
‫ملصلحتهما‪.‬‬
‫واس‪66‬تثنى من ه‪66‬ذا التوق‪66‬ف وع‪66‬دم قب‪66‬ول النياب‪66‬ة‪ ،‬م‪66‬ا ادعى علي‪66‬ه على العب‪66‬د من حق‪66‬وق مالي‪66‬ة ك‪66‬إتالف‬ ‫‪‬‬
‫مال‪ ،‬أو جريمة أوجبت حقا ماليا فال يحلف العبد بح‪6‬ال‪ ،‬ألن الخص‪6‬م ه‪6‬و الس‪6‬يد واليمين علي‪6‬ه ألن‪6‬ه‬
‫مسئول عن كل ما يرتكبه العبد بسبب حقوق مالية وهو الغارم‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬النكول عن اليمين ‪:‬‬


‫ُ‬
‫النكول ‪ :‬هو االمتناع عن الحلف من املدعى علي‪66‬ه إذا طلب من‪6‬ه‪ .‬ف‪66‬إذا لم تكن للم‪6‬دعى بين‪6‬ة على دع‪6‬واه‪،‬‬
‫ولم يق ‪66‬ر املدعى علي ‪66‬ه بح ‪66‬ق ال ‪66‬دعوى‪ ،‬وجب توجي ‪66‬ه اليمين على املدعي علي ‪66‬ه ف ‪66‬إن امتن ‪66‬ع عن اليمين فه ‪66‬ل‬
‫يحكم القاض ي ب‪66 6‬الحق للم‪66 6‬دعي؟ خالف بين العلم‪66 6‬اء نحص‪66 6‬ره في ثالث‪66 6‬ة آراء‪ ،‬األول للحنفي‪66 6‬ة والحنابل‪66 6‬ة‪،‬‬
‫والثاني للمالكية‪ ،‬والثالث للشافعية والخالف بين املالكية والشافعية في بعض الحقوق أو جميعها ‪:‬‬

‫الرأي األول‪ :‬ألبي حنيفة واإلمام أحمد‪ :‬إذا امتنع من توجهت عليه اليمين عن الحلف فهو ناك‪6‬ل‪ ،‬لكنهم‬
‫اختلفوا هل يحكم القاضي بالنكول في الحال أم يمهله على وجهين‪:‬‬

‫الوج‪RR‬ه األول‪ :‬أن‪66‬ه ال يمه‪66‬ل‪ ،‬ف‪66‬إن ق‪66‬ال م‪66‬ا أري‪66‬د أن أحل‪66‬ف أو س‪66‬كت املدعي علي‪66‬ه ولم ي‪66‬ذكر ش‪66‬يئا‪ ،‬نظ‪66‬ر في‬
‫ُ‬
‫امل َّد َعي‪ ،‬فإن كان ماال ونكل املدعى عليه ال ت‪6‬رد اليمين على املدعي‪ ،‬وي‪6‬دفع إلي‪6‬ه حق‪66‬ه‪ ،‬ق‪6‬ال اإلم‪66‬ام أحم‪6‬د ‪:‬‬
‫أن‪66 6‬ا ال أرى رد اليمين على املدعي‪ ،‬إن امتن‪66 6‬ع عن اليمين املدعي علي‪66 6‬ه‪ ،‬وي‪66 6‬دفع الح‪66 6‬ق إلى املدعي في الح‪66 6‬ال‬
‫بنكول املدعي عليه ‪.‬‬

‫الوج ‪RR‬ه الث ‪RR‬اني‪ :‬قي ‪66‬ل إن الح ‪66‬الف إذا لم يحل ‪66‬ف ال يك ‪66‬ون ذل ‪66‬ك من ‪66‬ه نك ‪66‬وال إال بع ‪66‬د إمهال ‪66‬ه قليال ثم يطلب‬
‫اليمين من ‪66‬ه‪ ،‬ألن ‪66‬ه ربم ‪66‬ا ت ‪66‬ورع عن اليمين م ‪66‬ع علم ‪66‬ه بص ‪66‬دقه‪ .‬واس ‪66‬تدل ه ‪66‬ؤالء على ع ‪66‬دم تحلي ‪66‬ف املدعي‬
‫وتسليمه املدعى بعد نكول املدعي عليه بما ثبت عن رسول هللا ﷺ‪.‬‬

‫قال رسول هللا ﷺ "ال البينة على املدعي‪ ،‬واليمين على املدعى عليه‪".‬‬

‫فجعل ﷺ جنس اليمين في جانب املدعي عليه كما جعل جنس البيئة في جانب املدعي‪.‬‬

‫وروى أحمد قدم ابن عمر إلى عثمان في عبد ‪،‬باعه‪ ،‬فقال له عثمان احلف أن‪6‬ك م‪6‬ا بعت‪6‬ه و ب‪6‬ه عيب‬ ‫‪‬‬
‫علمته فأبى ابن عمر أن يحلف فرد العبد عليه‪ ،‬ولم يرد اليمين على املدعي‬

‫ال‪R‬رأي الث‪RR‬اني‪ :‬لإلم‪66‬ام مال‪66‬ك‪ :‬يق‪66‬ول ب‪66‬رد اليمين على املدعي في الحق‪66‬وق املالي‪66‬ة‪ :‬إذا لم يحل‪66‬ف املدعى علي‪66‬ه‪،‬‬
‫وهذا ما عليه أهل املدينة‪.‬‬
‫ً‬
‫وذل‪66‬ك في الحق‪66‬وق املالي‪66‬ة خاص‪66‬ة‪ ،‬ومث‪6‬ل ذل‪66‬ك ‪ :‬أن يرف‪66‬ع رج‪66‬ل دع‪66‬وى ملكي‪66‬ة س‪66‬يارة (مثال) على رج‪66‬ل آخ‪66‬ر‪،‬‬
‫وال بين ‪66‬ة للم ‪66‬دعي ش ‪66‬هود ‪ -‬فوجه ‪66‬ه الح ‪66‬اكم الحل ‪66‬ف إلى املدعي علي ‪66‬ه ف ‪66‬امتنع‪ ،‬فال يحكم القاض ي للم ‪66‬دعي‬
‫بملكي ‪66‬ة الس ‪66‬يارة ح ‪66‬تى ي ‪66‬رد اليمين علي ‪66‬ه‪ ،‬فيحل ‪66‬ف املدعي ب ‪66‬أن يق ‪66‬ول‪ :‬وهللا الس ‪66‬يارة مح ‪66‬ل ال ‪66‬دعوى ملكي‪،‬‬
‫وبهذا يحكم له القاضي بأخذ الحق‪.‬‬

‫ال ‪R‬رأي الث ‪RR‬الث‪ :‬للش ‪66‬افعي‪ :‬وه ‪66‬و متف ‪66‬ق م ‪66‬ع اإلم ‪66‬ام مال ‪66‬ك‪ ،‬ومح ‪66‬ل الخالف بينهم ‪66‬ا أن رد اليمين على املدعي‬
‫يكون في جميع الدعاوى من غير تفرقة بين الحقوق املالية والحقوق غير املالية‪.‬‬
‫فيق‪66‬ول الش‪66‬افعية‪ :‬للقاضي رد اليمين على املدعي في جمي‪66‬ع ال‪66‬دعاوى‪ ،‬ف‪66‬إن رده‪66‬ا وحل‪66‬ف املدعي حكم ل‪66‬ه‬
‫بما ادعاه‪.‬‬

‫واستدل مالك والشافعي على رد اليمين على املدعي بعد نكول املدعي عليه بما يأتي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫روى نافع عن ابن عمر رضي هللا عنهما ‪ -‬أن النبي رد اليمين على طالب الحق" رواه الدار قطني‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أن نك ‪66 6‬ول املدعي علي ‪66 6‬ه ليس دليال على ص ‪66 6‬دق املدعي‪ ،‬وال ق ‪66 6‬وة لحق ‪66 6‬ه‪ ،‬فتش ‪66 6‬رع اليمين في حق ‪66 6‬ه‬ ‫‪.2‬‬
‫كاملدعي عليه قبل نكوله‪ ،‬وكاملدعي إذا شهد له شاهد واحد مع يمينه‪.‬‬
‫أن النك ‪66‬ول ق ‪66‬د يك ‪66‬ون لجه ‪66‬ل املدعى علي ‪66‬ه بالح ‪66‬ل أو تورع ‪66‬ه عن الحل ‪66‬ف‪ ،‬أو ترفع ‪66‬ا عنه ‪66‬ا م ‪66‬ع علم ‪66‬ه‬ ‫‪.3‬‬
‫بص ‪66‬دقه في إنك ‪66‬اره لل ‪66‬دعوى وال يتعين بنكول ‪66‬ه ص ‪66‬دق املدعى‪ ،‬فال يج ‪66‬وز الحكم ل ‪66‬ه من غ ‪66‬ير دلي ‪66‬ل‪،‬‬
‫فإذا حلف كانت يمينه دليال عند عدم ما هو أقوى منهما – البينة‪.-‬‬

‫النكول في الحدود‪:‬‬

‫ال حكم في الح‪66‬دود ب‪66‬النكول ألنه‪66‬ا ت‪66‬درأ بالش‪66‬بهة‪ ،‬ف‪66‬إذا لم تكن بين ‪66‬ة وال إق ‪6‬رار درأ الح‪66‬د عن املدعي علي‪66‬ه‪،‬‬
‫فإن كان املدعي قذفا حد املدعي‪.‬‬

‫أما القصاص فاختلف فيه العلماء في الحكم بالنكول إلى ثالثة أقوال‪:‬‬

‫األول‪ :‬ألبي حنيف‪66‬ة يقضى ب‪66‬النكول في القص‪66‬اص فيم‪66‬ا دون النفس وذل‪66‬ك في األرش‪ ،‬ألن‪66‬ه في أك‪66‬ثر أحوال‪66‬ه‬
‫يوجب الفدية‪ ،‬وهي‪ ‬مال‪.‬‬

‫الث ‪RR‬اني‪ :‬لإلم ‪66‬ام مال ‪66‬ك وأبي ويوس ‪66‬ف ومحم ‪66‬د ورواي ‪66‬ة عن أحم ‪66‬د ‪ :‬ال يقض ى في القص ‪66‬اص ب ‪66‬النكول س ‪66‬واء‬
‫أكان القصاص في النفس أو الطرف ويخلى سبيله ألنه لم يثبت عليه حجة‪ ،‬ويخلى س‪66‬بيله ألن‪66‬ه لم يثبت‬
‫عليه حجة‪ ،‬وفائدة اليمين الردع والزجر‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬للش‪66‬افعية ورواي‪66‬ة عن أحم‪66‬د‪ ،‬وفي‪66‬ه يقضى في القص‪66‬اص مطلق‪66‬ا ب‪66‬النكول عن اليمين‪ ،‬ألن اليمين‬
‫محل البيئة‪ ،‬فإن نكل عنها أثبت على نفسه الحق كما لو كان بالبينة‪.‬‬

‫وفي هذا‪ :‬ذكر أصحاب الشافعي وجهين‪ :‬في عمل القاضي مع من امتنع عن اليمين‪.‬‬

‫الوجه األول‪ :‬يخلى سبيله ألنه ال دليل على جنايته‪.‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬يحبس حتى يقر ‪ ،‬أو يحلف‪ ،‬وذلك إذا كانت قرائن تشير إلى أنه هو الجاني‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬القضاء بالشاهد واليمين‪.‬‬

‫القض ‪66‬اء بالش ‪66‬اهد م ‪66‬ع اليمين ‪ :‬ه ‪66‬و أن تك ‪66‬ون بين ‪66‬ة املدعي من ش ‪66‬اهد واح ‪66‬د‪ ،‬فيحل ‪66‬ف املدعي على ص ‪66‬حة‬
‫دعواه‪ ،‬على أن يكون حلفه بدل الشاهد الثاني وذلك في األموال فقط‪.‬‬

‫فإذا كانت بينة املدعي هكذا فهي يحكم له الحاكم بيمينه مع الشاهد أم ال؟‬ ‫‪‬‬

‫خالف بين العلماء‪:‬‬

‫الجمهور الحكم بالشاهد واليمين‪ ،‬ومنعه‪ ‬الحنفية‪:‬‬

‫الجمه‪RR‬ور‪ :‬الخلف‪66‬اء األربع‪66‬ة وأك‪66‬ثر أه‪66‬ل العلم ومال‪66‬ك والش‪66‬افعي وأحم‪66‬د‪ :‬ق‪66‬الوا‪ :‬يثبت املال ملدعي‪66‬ه بش‪66‬اهد‬
‫ً‬
‫ويمين‪ ،‬فإن أحضر املدعي شاهدا واحدا حلفه القاضي‪ ،‬وحكم له‪.‬‬
‫ّ‬
‫ال ‪RR‬دليل‪ :‬روى س ‪66‬هل عن أبي ‪66‬ه عن أبي هري ‪66‬رة رض ي الل‪66‬ه عن ‪66‬ه ق ‪66‬ال ‪" :‬قض ى رس ‪66‬ول هللا ﷺ ب ‪66‬اليمين م ‪66‬ع‬
‫الشاهد الواحد" رواه األربعة‪.‬‬

‫وق‪RR‬الوا‪ :‬إن اليمين تش‪66‬رع في ح‪66‬ق من ق‪66‬وى جانب‪66‬ه وظه‪66‬ر ص‪66‬دقه‪ ،‬ول‪66‬ذا ش‪66‬رعت في ح‪66‬ق املدعى علي‪66‬ه‪ ،‬ألن‪66‬ه‬
‫صاحب اليد واملدعى هنا قوي حقه بالشاهد‪ ،‬فوجب أن تشرع اليمين في جانبه‪.‬‬

‫اعترض على الحديث بأن الترمذي قال إنه حسن غريب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ويج ‪66 6‬اب على االع ‪66 6‬تراض بأن ‪66 6‬ه حس ‪66 6‬نه‪ ،‬كم ‪66 6‬ا أن ‪66 6‬ه روي من ط ‪66 6‬رق ع ‪66 6‬دة عن ابن عب ‪66 6‬اس‪ ،‬وعلي‪ ،‬وج ‪66 6‬ابر‪،‬‬
‫ومسروق‪ ،‬وقال النسائي‪ :‬إسناد ابن عباس في اليمين مع الشاهد‪ ،‬اسناد جيد‪.‬‬

‫واعترض على القياس‪ :‬بأنه زيادة على النص‪ ،‬وال تصح الزيادة على النص‪.‬‬

‫الق ‪RR‬ول الث ‪RR‬اني‪ :‬ألص ‪66‬حاب ال ‪6‬رأي ‪ -‬الحنفي ‪66‬ة ‪ -‬والنخعي والش ‪66‬عبي‪ ،‬واألوزاعي‪ ،‬وعن ‪66‬دهم اليقض ى بالش ‪66‬اهد‬
‫واليمين‪.‬‬

‫وقال محمد بن الحسن‪ :‬من قضى بالشاهد واليمين‪ ‬نقضت‪ ‬حكمه‪.‬‬

‫استدل أصحاب الرأي بما يأتي‪:‬‬


‫َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ْ ْ ّ َ ُ ْ َ ْ َّ ْ َ ُ َ َ ُ َ ْ َ َ ُ ٌ َ ْ َ َأ َ‬
‫‪6‬ان ِم َّم ْن‬
‫ون ‪66‬ا رجلي ِن فر ‪6‬ج ‪ 6‬ل وامر ِ‬
‫‪6‬‬ ‫ت‬
‫‪6‬‬ ‫ق ‪66 6‬ال هللا تع ‪66 6‬الى‪( :‬واستش ‪ِ 6 6‬هدوا ش ‪ِ 6 6‬هيدي ِن ِمن ِر ‪6‬ج ‪ِ 6‬الكم ف‪ِ 6 6‬إ ن لم يك ‪6‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ّ‬ ‫َْ َ َ‬
‫الل‪6‬ه س‪66‬بحانه أن الح‪66‬ق املالي للم‪66‬دعي بالش‪66‬اهدين من الرج‪66‬ال‪ ،‬أو رج‪66‬ل‬ ‫ض ‪ْ 6‬ون ِم َن ال ُّش ‪َ 6‬ه َد ِاء) فنص ‪6‬‬ ‫تر‬
‫وامرأت‪66‬ان‪ ،‬فمن ق‪66‬ال بغ‪66‬ير ه‪66‬ذا فق‪66‬د زاد في النص‪ ،‬فال يص‪66‬ح الحكم في األم‪66‬وال بالش‪66‬اهد الواح‪66‬د م‪66‬ع‬
‫يمين املدعي‪ ،‬ألنه غير الثابت‪.‬‬
‫روى عن الن‪66 6‬بي ﷺ أن‪66 6‬ه ق‪66 6‬ال‪" :‬البين‪66 6‬ة على املدعي‪ ،‬واليمين على من أنك‪66 6‬ر" فحص‪66 6‬ر البين‪66 6‬ة في ج‪66 6‬انب‬ ‫‪.2‬‬
‫املدعي‪ ،‬واليمين في جانب املدعي عليه‪ ،‬فال يثبت حق يمين املدعي ولو معه شاهد واحد‪.‬‬

‫االعتراض على األدلة‪:‬‬

‫اعترض الجمهور على استدالل أهل الرأي باآلية على عدم الحكم بيمين املدعي م‪66‬ع الش‪66‬اهد‪ ،‬ب‪66‬دعوى أن‬
‫ال حجة لهم في اآلية‪ ،‬ألنها دلت على مش‪6‬روعية الش‪6‬اهدين‪ ،‬والش‪6‬اهد واملرأتين والحكم بالش‪6‬اهد واليمين‬
‫ال يمنع الحكم بالشاهدين‪.‬‬

‫كم‪66‬ا أن اآلي‪66‬ة ت‪66‬دل على من يتحم‪66‬ل الش‪66‬هادة وال ت‪66‬دل على األداء وله‪66‬ذا ق‪66‬ال‪ ":‬أن تض‪66‬ل إح‪66‬داهما فت‪66‬ذكر‬
‫إحداهما األخرى" والنزاع‪ ‬في‪ ‬األداء"‪.‬‬

‫االعتراض على االستدالل بالحديث من وجهين‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬ذكروا أن الحديث ضعيف‪.‬‬

‫املودع إذا‬
‫أم‪RR‬ا الوج‪RR‬ه الث‪RR‬اني‪ :‬بأن‪66‬ه ل‪66‬و ك‪66‬ان ص‪66‬حيحا فه‪66‬و ليس للحص‪66‬ر‪ ،‬ب‪66‬دليل أن اليمين تش‪66‬رع في ح‪66‬ق ِ‬
‫ادعى رد الوديع ‪66 6‬ة أو تلفه ‪66 6‬ا‪ ،‬كم ‪66 6‬ا يش ‪66 6‬رع في ح ‪66 6‬ق األمن ‪66 6‬اء لظه ‪66 6‬ور جن ‪66 6‬ايتهم وتش ‪66 6‬رع في ح ‪66 6‬ق املالعن‪ ،‬وفي‬
‫القسامة‪ ،‬وتشرع في حق البائع واملشتري إذا اختلفا في الثمن والسلعة قائمة‪.‬‬

‫أم‪RR‬ا ق‪RR‬ول محم‪RR‬د بن الحس‪RR‬ن‪ :‬بأن‪66‬ه ينقض قض‪66‬اء من قضى بالش‪66‬اهد واليمين‪ ،‬يتض‪66‬من الق‪66‬ول بنقض م‪66‬ا‬
‫َ‬ ‫َ اَل َ َ ّ َ اَل‬
‫‪6‬ك ُيْؤ ِم ُ‪6‬ن‪6‬ون َح َّتى‬ ‫ثبت بقضاء رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬والخلفاء‪ ،‬وقد قال هللا تع‪6‬الى ‪( :-‬ف ور ِب‬
‫ّ َ‬ ‫وك ف َيما َش َج َر َب ْي َن ُه ْم ُث َّم اَل َيج ُدوا في َأ ُنفسه ْم َح َر ًجا ّم َّما َق َ‬
‫ض ْي َت َو ُي َس ِل ُموا ت ْس‪ِ 6‬ل ْي ًما) فال ع‪6‬برة ملا قال‪6‬ه‬ ‫ُ َ ّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يح ِك ُم ِ‬
‫محمد بن الحسن‪.‬‬

‫في هذا االعتراض‪:‬‬


‫نلمس الشدة على ابن الحسن‪ ،‬واملدقق ينفي عنه ما فهمه هؤالء فهو لم يعترض على ما أتى عن رس‪6‬ول‬
‫هللا ص‪66‬لى هللا علي‪66‬ه وس‪66‬لم وال عن ص‪66‬حابته‪ ،‬وإنم‪66‬ا اس‪66‬تنكر أن يك‪66‬ون ذل‪66‬ك م‪66‬روي عنهم‪ ،‬لض‪66‬عف الح‪66‬ديث‬
‫الذي استدل به املجوزون‪.‬‬

‫وله‪66‬ذا أرى رجح‪66‬ان م‪66‬ا ذهب إلي ‪66‬ه أه ‪66‬ل ال ‪6‬رأي وذل‪66‬ك لنص اآلي ‪66‬ة على الحكم للم ‪66‬دعي بالش‪66‬اهدين‪ ،‬أو‬ ‫‪‬‬
‫الش‪66 6 6 6‬اهد ومع‪66 6 6 6‬ه ام‪6 6 6 6‬رأتين‪ ،‬أم‪66 6 6 6‬ا األح‪66 6 6 6‬اديث ال‪66 6 6 6‬تي اس‪66 6 6 6‬تند إليه‪66 6 6 6‬ا املج‪66 6 6 6‬وزون واملانعون‪ ،‬فال تخل‪66 6 6 6‬و‬
‫من‪ ‬مقال‪ ‬في‪ ‬سندها‪.‬‬
‫وعلي ‪66 6‬ه ال يقب ‪66 6‬ل القض ‪66 6‬اء بالش ‪66 6‬اهد الواح ‪66 6‬د م ‪66 6‬ع يمين املدعي‪ ،‬وال ‪66 6‬ذهاب إلى تقري ‪66 6‬ر َ‬
‫املدعى علي ‪66 6‬ه‪ ،‬أو‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الل‪6‬ه علي‪66‬ه وس‪66‬لم ق‪66‬ال للحض‪66‬رمي "أل‪66‬ك بين‪66‬ة؟" ق‪66‬ال‪ :‬ال‪،‬‬
‫الل‪6‬ه ص‪66‬لى ‪6‬‬ ‫تحليف‪66‬ه أوال‪ ،‬وق‪66‬د ثبت أن رس‪66‬ول ‪6‬‬
‫قال‪" :‬فلك يمينه"‬

‫والبينة املرادة‪ :‬شاهدان‪ ،‬أو شاهد وامرأتان‪ ،‬كما ورد النص على ذلك‪.‬‬
‫ّٰ‬
‫والله‪ ‬أعلم‬

You might also like