You are on page 1of 12

‫سلطنة عمان‬

‫جامعة السلطان قابوس‬

‫كلية التربية‬

‫‪:‬بحث بعنوان‬

‫معاملة النبي (صلى هللا عليه وسلم) لليهود في المدينة‬

‫عمل‪ :‬حمدة بنت حمد الحكماني‬

‫الرقم الجامعي‪122693 :‬‬

‫مقدم لدكتور‪ 9:‬زايد عواد أبوحماد‬

‫‪1‬‬
‫نموذج تقييم البحث‬

‫العالمة المستحقة‬ ‫العالمة‬ ‫الفئة‬


‫‪1‬‬ ‫المقدمة‬

‫‪7‬‬ ‫أصالة المحتوى‬

‫‪2‬‬ ‫تسلسل األفكار‬

‫‪2‬‬ ‫بنية الجملة‬

‫‪4‬‬ ‫االقتباسات والتوثيق‬

‫‪2‬‬ ‫النمط والتنسيق العام‬

‫‪2‬‬ ‫الخاتمة والفهارس‬

‫‪20‬‬ ‫المجموع‬

‫إذا ثبت بأن البحث مسروق عن االنترنت أو غيره ترصد للطالب صفر عالمة‬ ‫مالحظة‬

‫‪2‬‬
‫الملخص‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫‪.‬الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى اله واصحابه الى يوم الدين‬

‫أما بعد‪ ،‬فإن دين اإلسالم قد اوجب اإلحسان إلى جميع الناس‪ ،‬بل الى جميع الكائنات الحية‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪( :‬وأحسنوا إن هللا يحب المحسنين)‬

‫عندما هاجر الرسول صلى هللا عليه وسلم الى المدينة المنورة‪ ،‬كان يسكن المدينة قبيلتان عربيتان‬
‫وهما‪ :‬األوس والخزرج‪ ،‬وكان يسكن معهما ثالث قبائل يهودية وهي قبيلة قينقاع‪ ،‬وبني النضير‪،‬‬
‫وبني قريظة‪ ،‬وكان هؤالء اليهود‪ 9‬قد جاؤوا‪ 9‬الى المدينة بسبب اضطهاد الدولة الرومانية لهم بعد‬
‫ان اعتنقت الدولة الديانة النصرانية‪ ،‬وبسبب اعتقادهم ان سيظهر نبي تكون هجرته الى المدينة‬
‫كما ورد في كتبهم‪ ،‬وقد عقد النبي عهدا مع كل قبيلة مقتضاه ترك الحرب واالذى‪ 9‬بينه وبينهم‪)2( .‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫مقدمة‬

‫التمهيد‬

‫المبحث االول‪ :‬التعامل االجتماعي واالقتصادي‪ 9‬مع اليهود‬

‫المطلب األول‪ :‬التعامل االجتماعي مع اليهود‪9‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعامل االقتصادي‪ 9‬مع اليهود‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التعامل العسكري‪ 9‬مع اليهود‬

‫المطلب األول‪ :‬غزوة بني النضير‪9‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬غزوة بني قريظة‬

‫الخاتمة‬

‫‪4‬‬
‫تمهيد‬

‫‪5‬‬
‫المبحث االول‪ :‬التعامل االجتماعي والديني مع اليهود‬
‫المطلب األول‪ :‬التعامل االجتماعي مع اليهود‬
‫بالرغم من االختالف العقائدي بين المسلمين واليهود‪ 9‬وبالرغم مما يشوب هذه العالقات من التوتر‬
‫بين الحين واآلخر فإن ذلك لم يمنع من وجود‪ 9‬تفاعل اجتماعي بين المسلمين واليهود‪ 9‬خاصة في‬
‫‪،‬المراحل األولى بعد الهجرة النبوية‪ ،‬وقد تمثل هذا التفاعل في صور‪ 9‬عديدة منها‬

‫‪:‬التزاوج بين المسلمين واليهود‬

‫أباحت الشريعة اإلسالمية التزوج من اليهوديات‪ ،‬بل نجد الرسول‪ 9‬صلى هللا عليه وسلم تزوج من‬
‫نساء اليهود وأصبحن بزواجهن منه واسالمهن أمهات للمؤمنين‪ ،‬ففي زواجه بجويريه بنت‬
‫الحارث رضي‪ 9‬هللا عنها‪ ،‬التي كانت من االسيرات في غزوة بني المصطلق‪ 9،‬فأراد الرسول أكرام‬
‫هذا الصنف من النساء فساوى بينهن وبين الحرائر‪ ،‬وضرب لناس أروع األمثلة على سماحة‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلسالم‪.‬‬

‫‪:‬إباحة تناول طعام اليهود للمسلمين‬

‫ات ۖ َوطَ َعا ُ‪9‬م الَّ ِذينَ ُأوتُوا ْال ِكت َ‬


‫َاب ِحلٌّ لَّ ُك ْم َوطَ َعا ُم ُك ْ‪9‬م ِحلٌّ لَّهُ ْم ۖ)‬ ‫لقوله تعالى‪ْ ( :‬ليَوْ َم ُأ ِح َّل لَ ُك ُم الطَّيِّبَ ُ‬
‫(‪)2‬‬

‫‪:‬ومن السنة نجد فعل النبي صلى هللا عليه وسلم مع اليهود ومن ذلك‬

‫دعوة بعض اليهود النبي صلى هللا عليه وسلم إلى الطعام فأجاب دعوتهم‪ ،‬كما اكل النبي صلى هللا‬
‫(‪)3‬‬
‫عليه وسلم من شاة اهدتها له احدى نساء خيبر‪.‬‬

‫‪:‬الحفاظ على حقوق الجار‬

‫روى محمد بن الحسن في كتاب اآلثار‪ :‬أخبرنا أبو حنيفة عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن‬
‫صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم فَقَا َل لَنَا‪“ :‬قوموا بنا نَعُو ُد جارنا ْاليهو ِدي”‪9.‬‬ ‫ابيه قال‪ُ ( :‬كنَّا ُجلُوسًا ِع ْن َد النَّبِ ِّي ‪َ -‬‬
‫ت‪،‬‬ ‫ث َمرَّا ٍ‬ ‫ض َعلَ ْي ِه ال َّشهَا َدتَي ِْن‪ ،‬ثَاَل َ‬ ‫قَا َل‪ :‬فََأتَ ْينَاهُ‪ ،‬فَقَا َل لَهُ عليه السالم‪َ “ :‬ك ْيفَ َأ ْنتَ يَا فُاَل نُ ؟”‪ ،‬ثُ َّم ع ََر َ‬
‫ق بِي نَ َس َمةً ِم ْن‬ ‫ال ‪-‬عليه السالم‪ْ :-‬ال َح ْم ُد هَّلِل ِ الَّ ِذي َأ ْعتَ َ‬ ‫ال لَهُ َأبُوهُ فِي الثَّالِثَ ِة‪ :‬يَا بُنَ َّ‬
‫ي ا ْشهَ ْد‪ .‬فَ َش ِهدَ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫فَقَ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫ار‪).‬‬‫النَّ ِ‬

‫‪6‬‬
‫التحية بين المسلمين واليهود‪:‬‬

‫إن بعض اليهود‪ 9‬يحيون الرسول والمس‪9‬لمين بق‪9‬ولهم الس‪9‬ام عليكم‪ ،‬وهي كلم‪9‬ة بذيئ‪9‬ة تحم‪9‬ل مع‪9‬اني‬
‫فاسدة‪ ،‬فهي تأتي بمعنى السام أي انه‪99‬ا دع‪99‬اء بالس‪99‬ام‪ 9‬من ال‪99‬دين وأيض‪9‬ا‪ 9‬ت‪99‬أتي بمع‪99‬نى الم‪99‬وت‪ ،‬فهي‬
‫دعاء بالموت لرسول‪ 9‬هللا والمسلمين‪ .‬ولذا فقد كانت وصية الن‪99‬بي أال يب‪99‬دأ المس‪99‬لمون بالس‪99‬الم على‬
‫اليهود‪ ،‬فقال‪( :‬ال تبدؤوا اليهود والنصارى بالس‪99‬الم)‪ ،‬وجع‪99‬ل رد تحيتهم ب‪99‬القول وعليكم‪( :‬إذا س‪99‬لم‬
‫(‪)1‬‬
‫عليكم أهل الكتاب فقولوا‪ 9‬وعليكم)‪.‬‬

‫وتعكس هذه األحاديث مدى التسامح الذي حضي به اليه‪99‬ود في المدين‪99‬ة‪ ،‬على ال‪99‬رغم من إس‪99‬اءتهم‬
‫لنبي ودعائهم‪ 9‬عليه وعلى المسلمين بالهالك إال أنه كان يأمر أصحابه بعدم التعرض لهم بس‪99‬وء أو‬
‫(‪)2‬‬
‫الفحش لهم ولكن االكتفاء بقول (وعليكم)‪.‬‬

‫الصدقة على اليهود‪:‬‬

‫من حق المحتاج من أهل الذم‪99‬ة ان يأخ‪99‬ذ من بيت م‪99‬ال المس‪99‬لمين م‪99‬ا يس‪99‬د حاجت‪99‬ه‪ ،‬أج‪99‬از اإلس‪99‬الم‬
‫الصدقة على غير المسلمين من غير عنصرية وال تمييز‪ .‬فتصدق‪ 9‬النبي صلى هللا عليه وس‪99‬لم على‬
‫(‪)3‬‬
‫أسرة يهودية‪ ،‬وتبرع‪ 9‬بصدقه جارية على أحد بيوت اليهود‪.‬‬

‫قضاء المخاصمات بين اليهود‪:‬‬

‫كان اليهود يؤمنون بعدل الرسول‪ ،‬فيأتون إليه لكي يقضي بينهم‪ ،‬فج‪99‬اء لرس‪99‬ول‪ 9‬بن‪99‬و النض‪99‬ير‪ 9‬وهم‬
‫كانوا يأخذون دية كاملة عن قتالهم لقوتهم وشرفهم‪ 9،‬وبنو قريظة كانوا يأخذون نصف الدية فجعل‬
‫(‪)4‬‬
‫الرسول الدية سواء‪.‬‬

‫حرية األعتقاد‪:‬‬

‫لقوله سبحانه وتعالى‪( :‬اَل ِإ ْك َراهَ فِي الدِّي ِن ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّ ْش ُد ِمنَ ْالغ ِّ‬
‫(‪)5‬‬
‫َي)‬
‫(‪)6‬‬
‫وكذلك قد كفلت وثيقة المدينة الحرية الدينية لليهود (فلليهود دينهم‪ 9‬وللمسلمين دينهم)‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الدعوة الى اإلسالم‪:‬‬

‫هناك وسائل نص عليها القرآن الكريم في دعوة اليهود الى االسالم‪ ،‬ومن هذه الوسائل‪:‬‬

‫إقامة األدلة على صدق النبي‬ ‫‪-1‬‬


‫إرشادهم إلى ما دعاهم إليه محمد موافق اصوله الى ما دعا إليه األنبياء السابقين‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ترغيبهم في اتباع الدين باألسلوب اللين‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫إنذارهم بالعقوبة العاجلة واآلجلة إذا لم يتبعوا النبي‬ ‫‪-4‬‬
‫اعالمهم ان اختالفهم في الدين سببه الحسد‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫اخبارهم بأن القرآن الكريم يقضي عليهم الحق في خالفاتهم‪9.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫(‪)1‬‬
‫إقامة الحجة عليهم عن طريق‪ 9‬االستشهاد بهم على صدق النبي‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫تحريم قتل اليهود المعاهدين‪:‬‬

‫كان النبي يوصي‪ 9‬أصحابه بعدم التعرض لليهود وغيرهم من اهل العهد والذمة ما داموا محافظين‬
‫(‪)2‬‬
‫على العهد مع المسلمين‪ .‬قال رسول‪ 9‬هللا‪ :‬من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعامل االقتصادي مع اليهود‬


‫يمكن معرف‪99‬ة طبيع‪99‬ة العالق‪99‬ات االقتص‪99‬ادية بين المس‪99‬لمين واليه‪99‬ود في المدين‪99‬ة عن طري‪9‬ق‪ 9‬النق‪99‬اط‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫المعامالت االقتصادية بين المسلمين واليهود‪:‬‬

‫تكشف الروايات التاريخية عن الكثير من المعامالت االقتصادية بين المسلمين واليهود‪ ،‬ومن ذل‪99‬ك‬
‫البيع والش‪9‬راء‪ ،‬فق‪9‬د روي‪ 9‬ان علي رض‪9‬ي هللا عن‪9‬ه اش‪9‬ترى دقيق‪9‬ا من يه‪9‬ودي‪ 9‬بس‪9‬وق ب‪9‬ني قينق‪9‬اع‪،‬‬
‫وشراء النبي شعيرا‪ 9‬من يهودي‪ 9‬بالرهن‪ .‬وأيضا من هذه المعامالت ممارسة المسلمين التج‪99‬ارة في‬
‫سوق بني قينقاع‪ ،‬كما روي عن عثمان رضي‪ 9‬هللا عنه عن تجارته بالتمر في سوق بني قينقاع بعد‬
‫هجرته الى المدينة‪ .‬وكذلك ما اشارت ل‪9‬ه العدي‪9‬د من الرواي‪9‬ات من اق‪9‬تراض المس‪9‬لمين من اليه‪9‬ود‬
‫(‪)3‬‬
‫البضائع واألموال‪ ،‬فقد روي ان النبي رهن درعه عند يهودي‪ 9‬بثالثين صاعا من الشعير‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫إجراءات النبي لتحرير اقتصاد المدينة‪:‬‬

‫بسبب سيطرة اليهود على اقتصاد‪ 9‬المدينة وابتزازهم‪ 9‬األموال من المسلمين وتوجيههم جميع‬
‫النشاطات االقتصادية في المدينة بما يضمن خدمة مصالحهم‪ 9‬الشخصية وزيادة ثرائهم على‬
‫حساب فقر المسلمين‪ ،‬اتخذ الرسول العديد من اإلجراءات لتحرير اقتصاد‪ 9‬المدينة من السيطرة‬
‫اليهودية‪ ،‬والعمل على انعاش اقتصاد‪ 9‬المسلمين‪.‬‬

‫من هذه اإلجراءات‪:‬‬

‫اتخاذ سوق بديل‪ ،‬عن سوق بني قينقاع يحررهم من احتكار اليهود وسيطرتهم‪ 9،‬فأتخذ‬ ‫‪-1‬‬
‫للمسلمين سوق جديد غرب المسجد النبوي ثم قال‪( :‬هذا سوقكم‪ 9‬فال يضيق‪ 9‬وال يؤخذ منه‬
‫خراج)‪ ،‬النبي جعل هذا السوق صدقة على المسلمين ونهى ان يؤخذ منهم فيه خراج‪ ،‬مما‬
‫زاد من اقبال الناس عليه وانصرافهم عن سوق‪ 9‬بني قينقاع‪.‬‬
‫تنظيم المعامالت التجارية وفق‪ 9‬قواعد جديدة على أسس الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وذلك يظهر‬ ‫‪-2‬‬
‫من األحاديث الكثيرة في باب البيوع‪ .‬تنظم المعامالت التجارية من خالل مراقبة األسعار‬
‫وتحديدها‪ ،‬ومنع االحتكار وتحريم‪ 9‬الغش والنهي عن الربا‪ ،‬ومنع بيع الثمار حتى يبدوا‬
‫صالحها وتنظيم‪ 9‬أمور المكاييل والموازين‪.‬‬
‫تنشيط المسلمين في المجاالت االقتصادية المتعددة‪ ،‬وخاصة في المجال الزراعي ومن‬ ‫‪-3‬‬
‫ذلك ان من احيا ارضا فهي له‪ .‬وفي المجال التجاري‪ 9‬افاد المهاجرون من خبرتهم‪9‬‬
‫(‪)1‬‬
‫التجارية التي اشتهر بها اهل مكة وبرع عدد منهم في التجارة ومنهم عثمان بن عفان‪.‬‬

‫أثر إجالء اليهود على اقتصاد المدينة‪:‬‬

‫ان اجالء اليهود عن المدينة تسبب في إثراء اقتصاد المدينة‪ ،‬بسبب النجاحات البارزة التي حققها‬
‫(‪)2‬‬
‫المهاجرون القرشيون في مجال التجارة‪ ،‬وانتقال أراضي اليهود وممتلكاتهم الى المسلمين‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التعامل العسكري مع اليهود‬
‫المطلب األول‪ :‬غزوة بني النضير‬

‫أن النبي صلى هللا عليه وسلم لما قدم الى المدينة عاهده بنو النضير على ان ال يقاتلوه وال يقاتلوا‬
‫معه‪ ،‬قبل الرسول صلى هللا عليه وسلم ذلك منهم وعلى الرغم من وجود هذا التفاهم على التعايش‬
‫السلمي‪ ،‬اال ان بعض علماء وزعماء بنو النضير كانوا يضمرون العداء لرسول هللا ولجماعة‬
‫المسلمين‪)1( .‬‬

‫أسباب غزوة بني النضير‬ ‫‪-‬‬

‫أوال‪ :‬نقض بنو النضير العهود ومنها التي تحتم عليهم ان ال يؤووا‪ 9‬عدوا للمسلمين‪ ،‬ولم يكتفوا‬
‫بهذا بل أرشدوا‪ 9‬أبا سفيان بن حرب ودلوه ونصروه بالمعلومة حين قدم في مئتي راكب لحرب‬
‫المسلمين‪ ،‬كما ان سيدهم سالم بن مشكم استضافه وفتح له حصنه‪ ،‬فبعث أبو سفيان رجاال من‬
‫فرسانه فعاثوا فسادا‪ 9‬في بعض نخيل المدينة وقتلوا‪ 9‬رجال من األنصار‪ 9‬وحليفا لرسول‪ 9‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪)2( .‬‬

‫فما ان علم بهم الرسول صلى هللا عليه وسلم حتى سار في طلبهم فبلغ قرقرة الكدر ولكن القوم‬
‫فاتوه بعد ان تخففوا مما كانوا يحملون من ازواد السويق‪ 9.‬فسميت غزوة السويق‪)3( .‬‬

‫ثانيا‪ :‬محاولتهم اغتيال الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬عندما خرج الرسول الى ديار بني النضير‬
‫يستعينهم في دية القتيلين من بني عامر الذين قتلهم عمرو بن امية الضمري‪ 9‬لجهله بجوار‪ 9‬الرسول‬
‫لهما‪ ،‬وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف‪ ،‬فلما اتاهم الرسول‪ 9‬يستعينهم في دية القتيلين‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬نعم نعينك على ذلك‪ ،‬ثم خال بعضهم ببعض‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنكم لن تجدوا‪ 9‬الرجل على مثل حاله‬
‫هذه‪ ،‬ورسول‪ 9‬هللا كان قاعد الى جنب ديار من بيوتهم‪ ،‬فمن رجل يعلو هذا البيت فيلقي عليه‬
‫الصخرة‪ ،‬فقال احدهم‪ :‬انا لذلك‪ ،‬فصعد‪ 9‬ليلقي الصخرة على رسول هللا‪ ،‬ورسول هللا كان في نفر‬
‫من أصحابه‪ ،‬فيهم أبو بكر وعمر وعلي رضوان هللا عليهم‪ ،‬فجاء الى رسول هللا الخبر من السماء‬
‫(‪)4‬‬
‫فقام وخرج راجعا الى المدينة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫فأخبر النبي أصحابه بما ارادت بنو النضير ولم ينكر بنو النضير ذلك‪ .‬فأرسل لهم النبي محمد بن‬
‫سلمة وقال‪ :‬اذهب إلى بني النضير فمرهم‪ 9‬ان يخرجوا‪ 9‬من المدينة وال يساكنوني بها وقد اجلتهم‬
‫عشرا فمن وجد بعد ذلك ضربت عنقه‪ .‬وكان رأي رئيسهم‪ 9‬حيي بن أخطب المقاومة واالعتماد‬
‫على المساعدة الخارجية من ابن ابي سلول وبنو قريظة‪ ،‬وعارضه سالم بن مشكم وحذره من‬
‫بناء االمال على وعود ابن ابي‪ ،‬واخبره ان بني قريظة رفضوا نقض العهد مع المسلمين‪ .‬لكن‬
‫حيي قال‪ :‬نأبى إال عداوة محمد وقتاله‪ ،‬قال سالم‪ :‬هو وهللا جالؤنا عن ارضنا وذهاب أموالنا‬
‫وشرفنا‪ 9‬وقتل مقاتلينا وسبي نسائنا‪ ،‬ومع هذه المعارضة تغلب رأي حيي وقال له بنو النضير‬
‫امرنا ألمرك ولن نخالفك‪ .‬فأرسل الى رسول هللا يقول‪ :‬لن نخرج من ديارنا فأصنع‪ 9‬ما بدا لك‪.‬‬

‫فنهض النبي لحربهم رغم ان هذه الحرب لم تكن مأمونة العواقب‪ ،‬لكن النبي قرر‪ 9‬حربهم مهما‬
‫كانت النتائج وانما النصر من عند هللا‪ .‬فخرج إليهم المسلمون وحاصروا‪ 9‬حصونهم‪ 9‬ووقف‪ 9‬اليهود‬
‫فوقها‪ 9‬يرمون المسلمين بالنبل والحجارة‪ .‬وأستمر‪ 9‬الحصار خمسة وعشرين يوم لم يتحرك لنصرة‬
‫بني النضير‪ 9‬أحد‪ .‬فيئسوا‪ 9‬وعجزوا عن المقاومة فدب الرعب في قلوبهم فسألوا‪ 9‬رسول هللا ما‬
‫رفضوه من قبل وهو الجالء على ان لهم من أموالهم ما حملت االبل فقبل النبي ما طلبوه‪ ،‬واخذوا‬
‫(‪)1‬‬
‫يتهيأون لرحيل وقاموا بهدم بيوتهم‪ 9‬وافسدوا‪ 9‬فيها قبل جالئهم حقدا وغيضا‪.‬‬

‫وكل ما ترك بنو النضير‪ 9‬كان فيئا لرسول‪ 9‬ولكن الرسول لم يستأثر‪ 9‬به لنفسه وانما جعله دعامة‬
‫لبناء اقتصاد‪ 9‬المجتمع اإلسالمي بالمدينة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬غزوة بني‪ L‬قريظة‬

‫بعد جالء بني النضير لم يبق من يهود المدينة من يعتد به اال بنو قريظة‪ ،‬وكانوا‪ 9‬احرص اليهود‬
‫على عهد المسلمين لكنهم عندما نقضوه كانوا اخبث من نقض العهد اذ اختاروا‪ 9‬لذلك أدق ظرف‬
‫وأكثره حرجا في تاريخ المسلمين واشتركوا في مؤامرة ضد اإلسالم لو قدر لها ان تتم كما‬
‫رسموا لكانت القاضية ولمحي اإلسالم والمسلمون من الوجود‪ .‬لذلك اختلف مصيرهم‪ 9‬عن مصير‬
‫(‪)2‬‬
‫من سبقهم من من اليهود وكان جزاء خيانتهم يتناسب مع شناعة جريمتهم‪.‬‬

‫اتفق المؤرخون أن غزوة بني قريظة كانت بعد غزوة االحزاب مباشرة‪ ،‬بعد ان أقبلت جيوش‬
‫األحزاب حتى بلغت المدينة‪ ،‬فاغتاظوا‪ 9‬لحصانتها‪ ،‬وحال الخندق دون التحام الجيوش فكانوا‬
‫يتبادلون التراشق بالنبال‪ .‬فدب اليأس من النصر في قلوب قادة األحزاب بعد ان طال الزمن في‬
‫(‪)3‬‬
‫مقابلة حصانة ومنعة المدينة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وبعد ان رأى حيي بن أخطب زعيم بني النضير‪ ،‬ان جيوش األحزاب صممت على الرجوع‪،‬‬
‫وعدهم باالتفاق مع بنو قريظة على أن ينقضوا عهدهم مع الرسول ليفتحوا لهم الطريق الجنوبية‬
‫لدخول المدينة من جهة اقامتهم‪ 9،‬سارع حيي بالذهاب إلى كعب بن أسد سيد بني قريظة ليغريه‬
‫بنقض عهده مع النبي‪ ،‬فرفض في البداية ثم ضل حيي يحاوره الى ان اقنعه وسار‪ 9‬اليهود بوجهة‬
‫نظره‪ ،‬فنقض كعب بن أسد عهده مع النبي ومزق الصحيفة التي كانت بينهم‪ .‬ولما وصل لرسول‬
‫خبر نقضهم العهد‪ ،‬بعث سعد بن معاذ وسعد بن عبادة في رجال من األنصار فوجدوهم‪ 9‬على شر‬
‫(‪)1‬‬
‫مما بلغ عنهم‪ ،‬وسبوا‪ 9‬الرسول وقالوا‪ 9:‬من رسول‪ 9‬هللا؟ ال عهد بيننا وبين محمد وال عقد‪.‬‬

‫وبعد انتهاء حصار‪ 9‬االحزاب ورجوعهم‪ 9‬الى ديارهم‪ ،‬تنفس المسلمون الصعداء وبالتالي فإن‬
‫الرسول قد أمر بالعودة الى المدينة ووضع السالح‪ .‬ما كاد الرسول يستريح من عناء تلك الليلة‬
‫حتى جاءه جبريل عليه السالم فقال‪ :‬يا رسول‪ 9‬هللا أوضعت السالح وهللا ما وضعناه اخرج إليهم‬
‫وأشار الى بني قريظة‪ .‬فخرج الرسول الى بني قريظة‪ ،‬وتواصلت أحداث بني قريظة تبعا لغزوة‬
‫(‪)2‬‬
‫األحزاب‪.‬‬

‫فحاصر‪ 9‬المسلمون بني قريظة اشد الحصار حتى قرروا بنو قريظة عرض المفاوضات مع النبي‪،‬‬
‫فطرحوا‪ 9‬على الرسول عدة عروض فرفض‪ 9‬إال ان ينزلوا‪ 9‬على حكمه‪ ،‬فأستسلم يهود بني قريظة‬
‫(‪)3‬‬
‫ونزلوا على حكم الرسول‪ ،‬فأمر بأسرهم وأخرجوا النساء والذراري‪ 9‬من الحصون‪.‬‬

‫‪12‬‬

You might also like