You are on page 1of 31

‫‪13‬‬

‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬


‫ﺍﻟﻤﺴؤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﺒﻮﻉ ﻋﻦ ﺧﻄﺄ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫✍ الدكتور �أحمد الدراري‬
‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺒﺮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫�أ�ستاذ باحث بجامعة ابن زهر‬
‫ﺇﺩﺭﻳﺲ ﻛﺮﻛﻴﻦ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫كليـ ــة الع ـ ــلوم القانونية واالقت�صادية‬
‫واالجتماعية ب�أكادير‬ ‫ﺍﻟﺪﺭﺍﺭﻱ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻉ‪16,17‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫عن خط�إ التابع بمثابة و�سيلة ت�ستهدف �ضمان الحق في التعوي�ض لفائدة‬ ‫تعتبر م�س�ؤولية المتبوع‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫المت�ضرر‪.‬‬
‫‪2020‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫ﻧﻮﻧﺒﺮ‪ 1‬على غرار نظيره الفرن�سي‪ 2‬قد ن�ص على م�س�ؤولية المتبوع عن خط�إ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬إذا كان الم�شرع المغربي‬
‫و�‬
‫التابع متى �ألحق �ضررا بالغير‪ ،‬ف�إن هذه الم�س�ؤولية تفتر�ض قيام رابطة للتبعية بينه وبين التابع‪،‬‬
‫‪13 - 41‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫على نحو ي�ؤدي هذا الأخير عمال لح�ساب الأول‪ ،‬حيث يتحدد نطاق الم�س�ؤولية انطالقا من هذه‬
‫‪1224202‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫الرابطة من جهة‪ ،‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬قد تتداخل التبعية مع الحرا�سة التي تفتر�ض بدورها �سلطة‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬
‫المترتبة على ذلك‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬حيث ينبغي تحديد الآثار‬ ‫ﻧﻮﻉ‬
‫على ال�شيء‪،‬‬
‫‪Arabic‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫وم�س�ؤولية المتبوع عن خط�إ التابع ي�شترط لقيامها �شروط معينة‪ ،‬و�إن كان �أ�سا�س هذه الم�س�ؤولية قد‬
‫‪IslamicInfo‬‬
‫ح�صانة للتابع من �إثارة م�س�ؤوليته في بع�ض الأحوال ب�شروط معينة‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪�:‬أدى �إلى تكوين‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ‬
‫عرف اختالفا بما‬
‫ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤﺘﺒﻮﻉ‪ ،‬ﻣﺴؤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺒﻮﻉ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺴؤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ‪،‬‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫التابع و�أ�سا�سها‬
‫ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ‬ ‫ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ‬‫ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪،‬خط�إ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥالمتبوع عن‬
‫المبحث الأول‪� :‬شروط م�س�ؤولية‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1224202‬‬
‫وتحديدا بخ�صو�ص‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬القاعدة �أن التبعية تقوم ا�ستنادا �إلى �سلطة المتبوع في الرقابة والتوجيه‪،‬‬
‫العمل الذي يتم لح�سابه‪.‬‬
‫ف�إذا انتفى �أحد العنا�صر الالزمة لقيام التبعية‪ ،‬ف�إن ذلك بال �شك ينعك�س على نطاق م�س�ؤولية‬
‫كل من التابع والمتبوع على حد �سواء‪.‬‬
‫‪ 11‬تن�ص الفقرة الثالثة من الف�صل ‪ 85‬من ق ل ع على ما يلي‪:‬‬
‫» املخدومون ومن يكلفون غريهم برعاية م�صاحلهم ي�س�ألون عن ال�رضر الذي يحدثه خدامهم وم�أمورهم يف �أداء الوظائف‬
‫التي �شغلوهم فيها « ‪.‬‬
‫)‪2. L’article 1242 alinéa 5 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016‬‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫‪dispose que : ‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ‬
‫‪« Les‬‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ‬ ‫‪maîtres‬‬
‫ﻣﻮﺍﻗﻊ‬ ‫ﺃﻱ‪et les‬‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ‬ ‫‪commettants,‬‬ ‫‪du dommage‬‬
‫ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ‬ ‫‪causé‬ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ‬
‫‪ par‬ﻭﻳﻤﻨﻊ‬
‫‪leurs‬ﻓﻘﻂ‪،‬‬ ‫‪domestiques‬‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‪et‬ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫‪préposés‬‬ ‫‪dans‬‬
‫ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ‬
‫‪les fonctions auxquelles ils les ont‬‬ ‫‪employés‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ‪».‬‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫‪13‬‬

‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬


‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬
‫✍ الدكتور �أحمد الدراري‬ ‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬
‫�أ�ستاذ باحث بجامعة ابن زهر‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫واالقت�صادية‬ ‫القانونية‬ ‫ـلوم‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫كل‬
‫ﺍﻟﺪﺭﺍﺭﻱ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ‪ .(2020) .‬ﺍﻟﻤﺴؤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﺒﻮﻉ ﻋﻦ ﺧﻄﺄ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺒﺮ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ‪ ،‬ﻉ‪ .41 - 13 ،16,17‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ واالجتماعية ب�أكادير‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1224202‬‬
‫‪MLA‬م�س�ؤولية المتبوع عن خط�إ التابع بمثابة و�سيلة ت�ستهدف �ضمان الحق في التعوي�ض لفائدة‬ ‫ﺇﺳﻠﻮﺏتعتبر‬
‫ﺍﻟﺪﺭﺍﺭﻱ‪ ،‬ﺃﺣﻤﺪ‪" .‬ﺍﻟﻤﺴؤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﺒﻮﻉ ﻋﻦ ﺧﻄﺄ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺒﺮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ‬ ‫المت�ضرر‪.‬‬
‫ﻉ‪ .41 - 13 :(2020) 16,17‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫ن�ص على م�س�ؤولية المتبوع عن خط�إ‬ ‫و�إذا كان الم�شرع المغربي‪ 1‬على غرار نظيره الفرن�سي‪ 2‬قد‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1224202‬‬
‫التابع متى �ألحق �ضررا بالغير‪ ،‬ف�إن هذه الم�س�ؤولية تفتر�ض قيام رابطة للتبعية بينه وبين التابع‪،‬‬
‫على نحو ي�ؤدي هذا الأخير عمال لح�ساب الأول‪ ،‬حيث يتحدد نطاق الم�س�ؤولية انطالقا من هذه‬
‫الرابطة من جهة‪ ،‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬قد تتداخل التبعية مع الحرا�سة التي تفتر�ض بدورها �سلطة‬
‫على ال�شيء‪ ،‬حيث ينبغي تحديد الآثار المترتبة على ذلك‪.‬‬
‫وم�س�ؤولية المتبوع عن خط�إ التابع ي�شترط لقيامها �شروط معينة‪ ،‬و�إن كان �أ�سا�س هذه الم�س�ؤولية قد‬
‫عرف اختالفا بما �أدى �إلى تكوين ح�صانة للتابع من �إثارة م�س�ؤوليته في بع�ض الأحوال ب�شروط معينة‪.‬‬
‫المبحث الأول‪� :‬شروط م�س�ؤولية المتبوع عن خط�إ التابع و�أ�سا�سها‬
‫القاعدة �أن التبعية تقوم ا�ستنادا �إلى �سلطة المتبوع في الرقابة والتوجيه‪ ،‬وتحديدا بخ�صو�ص‬
‫العمل الذي يتم لح�سابه‪.‬‬
‫ف�إذا انتفى �أحد العنا�صر الالزمة لقيام التبعية‪ ،‬ف�إن ذلك بال �شك ينعك�س على نطاق م�س�ؤولية‬
‫كل من التابع والمتبوع على حد �سواء‪.‬‬
‫‪ 11‬تن�ص الفقرة الثالثة من الف�صل ‪ 85‬من ق ل ع على ما يلي‪:‬‬
‫» املخدومون ومن يكلفون غريهم برعاية م�صاحلهم ي�س�ألون عن ال�رضر الذي يحدثه خدامهم وم�أمورهم يف �أداء الوظائف‬
‫التي �شغلوهم فيها « ‪.‬‬
‫)‪2. L’article 1242 alinéa 5 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016‬‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫‪dispose que : ‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ‬
‫‪« Les‬‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ‬ ‫‪maîtres‬‬
‫ﻣﻮﺍﻗﻊ‬ ‫ﺃﻱ‪et les‬‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ‬ ‫‪commettants,‬‬ ‫‪du dommage‬‬
‫ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ‬ ‫‪causé‬ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ‬
‫‪ par‬ﻭﻳﻤﻨﻊ‬
‫‪leurs‬ﻓﻘﻂ‪،‬‬ ‫‪domestiques‬‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‪et‬ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫‪préposés‬‬ ‫‪dans‬‬
‫ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ‬
‫‪les fonctions auxquelles ils les ont‬‬ ‫‪employés‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ‪».‬‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫‪13‬‬

‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬


‫✍ الدكتور �أحمد الدراري‬
‫�أ�ستاذ باحث بجامعة ابن زهر‬
‫كليـ ــة الع ـ ــلوم القانونية واالقت�صادية‬
‫واالجتماعية ب�أكادير‬
‫تعتبر م�س�ؤولية المتبوع عن خط�إ التابع بمثابة و�سيلة ت�ستهدف �ضمان الحق في التعوي�ض لفائدة‬
‫المت�ضرر‪.‬‬
‫و�إذا كان الم�شرع المغربي‪ 1‬على غرار نظيره الفرن�سي‪ 2‬قد ن�ص على م�س�ؤولية المتبوع عن خط�إ‬
‫التابع متى �ألحق �ضررا بالغير‪ ،‬ف�إن هذه الم�س�ؤولية تفتر�ض قيام رابطة للتبعية بينه وبين التابع‪،‬‬
‫على نحو ي�ؤدي هذا الأخير عمال لح�ساب الأول‪ ،‬حيث يتحدد نطاق الم�س�ؤولية انطالقا من هذه‬
‫الرابطة من جهة‪ ،‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬قد تتداخل التبعية مع الحرا�سة التي تفتر�ض بدورها �سلطة‬
‫على ال�شيء‪ ،‬حيث ينبغي تحديد الآثار المترتبة على ذلك‪.‬‬
‫وم�س�ؤولية المتبوع عن خط�إ التابع ي�شترط لقيامها �شروط معينة‪ ،‬و�إن كان �أ�سا�س هذه الم�س�ؤولية قد‬
‫عرف اختالفا بما �أدى �إلى تكوين ح�صانة للتابع من �إثارة م�س�ؤوليته في بع�ض الأحوال ب�شروط معينة‪.‬‬
‫المبحث الأول‪� :‬شروط م�س�ؤولية المتبوع عن خط�إ التابع و�أ�سا�سها‬
‫القاعدة �أن التبعية تقوم ا�ستنادا �إلى �سلطة المتبوع في الرقابة والتوجيه‪ ،‬وتحديدا بخ�صو�ص‬
‫العمل الذي يتم لح�سابه‪.‬‬
‫ف�إذا انتفى �أحد العنا�صر الالزمة لقيام التبعية‪ ،‬ف�إن ذلك بال �شك ينعك�س على نطاق م�س�ؤولية‬
‫كل من التابع والمتبوع على حد �سواء‪.‬‬
‫‪ 11‬تن�ص الفقرة الثالثة من الف�صل ‪ 85‬من ق ل ع على ما يلي‪:‬‬
‫» املخدومون ومن يكلفون غريهم برعاية م�صاحلهم ي�س�ألون عن ال�رضر الذي يحدثه خدامهم وم�أمورهم يف �أداء الوظائف‬
‫التي �شغلوهم فيها « ‪.‬‬
‫)‪2. L’article 1242 alinéa 5 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016‬‬
‫‪dispose que : ‬‬
‫‪« Les maîtres et les commettants, du dommage causé par leurs domestiques et préposés dans‬‬
‫‪les fonctions auxquelles ils les ont employés ».‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪14‬‬

‫وبالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬ف�إن م�س�ؤولية المتبوع قد تت�أثر في حالة انتقال �سلطته على التابع �إلى الغير‪.‬‬
‫وفي جميع الأحوال‪ ،‬ف�إن م�س�ؤولية المتبوع قد �أثارت الجدل حول الأ�سا�س الذي تقوم عليه‬
‫باعتبار �أن الم�شرع المغربي والفرن�سي لم ي�شر �أيا منهما �إلى و�سائل دفعها‪.‬‬
‫المطلب الأول‪� :‬شروط م�س�ؤولية المتبوع عن خط�أ التابع‬
‫ترتبط �شروط قيام م�س�ؤولية المتبوع عن خط�أ التابع بنطاق عالقة التبعية بينهما‪ ،‬ثم �سلوك‬
‫هذا الأخير‪.‬‬
‫الفقرة الأولى‪ :‬رابطة التبعية‬
‫يرتبط المتبوع بتابعه برابطة تفتر�ض �سلطة �آمرة من جانب الأول اتجاه الثاني‪ ،‬و�أن ي�ؤدي‬
‫التابع ن�شاطا لفائدة المتبوع‪.‬‬
‫�أوال‪ :‬ال�سلطة الآمرة‬
‫تقوم رابطة التبعية على عالقة قوامها قدرة �شخ�ص على �إعطاء الأوامر لآخر‪ ،‬حيث يتقيد بها‪،‬‬
‫وي�ستوي �أن تكون نا�شئة عن القانون �أو الواقع‪.3‬‬
‫وعلى هذا النحو‪ ،‬فرابطة التبعية تتعلق بالم�س�ؤولية عن فعل الغير‪ ،‬ويتجاوز نطاقها التبعية‬
‫الناتجة عن عقد ال�شغل التي تعتبر ذات �أ�سا�س قانوني‪ ،‬وبمعنى �آخر‪ ،‬فالأولى تتخذ مفهوما وا�سعا‪،4‬‬
‫حيث ي�ستوي �أن تن�ش�أ عن عقد �أو حالة واقعية قد تكون في بع�ض الأحوال مجرد عالقة عر�ضية‪.5‬‬
‫وت�ستوجب رابطة التبعية �أن تتوافر لدى المتبوع �سلطة �آمرة اتجاه تابعه‪ ،‬وهي تقت�ضي �إعطاء‬
‫الأوامر والتعليمات حول كيفية �أداء العمل‪.6‬‬

‫‪3. M.Fabre - Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, PUF,‬‬
‫‪janvier 2019, p :428.‬‬
‫‪4. Ch Radé : Droit du travail et responsabilité civile, LGDJ, 1997, p : 203‬‬
‫‪5. Cass civ 10 décembre 2014, RTD civ 2015, p :145 obs P. Jourdain.‬‬
‫‪6. « avait donc le pouvoir de donner à ce dernier des instructions sur la manière de remplir sa‬‬
‫‪mission, ce qui caractérise l’existence d’un lien de subordination ».‬‬
‫‪- Cass civ 24 janvier 2006, RTD civ 2006, p :327 obs P. Jourdain.‬‬
‫وال �شك �أن هذا ما يجعل ال�شخ�ص املعنوي م�س�ؤوال من حيث املبد�أ على �أ�سا�س الف�صل ‪ 1240‬من القانون املدين الفرن�سي‬
‫املعدل �سنة ‪ 2016‬والف�صل ‪ 77‬من ق ل ع املغربي ولي�س على �أ�سا�س الف�صل ‪ 1242‬يف فقرته اخلام�سة من القانون املدين‬
‫الفرن�سي املعدل �سنة ‪ 2016‬و الف�صل ‪ 85‬من ق ل ع يف فقرته الثالثة‪ ،‬بالنظر �إىل وجود ا�ستقاللية يف الت�سيري جتعل ممثله‬
‫ال يتخذ و�ضع التابع‪.‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪15‬‬

‫وبناء على ما �سبق‪ ،‬فال�سلطة الآمرة التي يمتلكها المتبوع هي التي تبرر م�س�ؤوليته عن خط�أ‬
‫‪7‬‬
‫التابع‪ ،‬ف�إذا كان الأ�صل �أن كل �شخ�ص يعد م�س�ؤوال عن �أفعاله ال�شخ�صية في القانون الفرن�سي‬
‫والمغربي‪ ،8‬مادام �أنه حر وم�ستقل‪ ،‬ف�إنه �إذا خ�ضع ل�سلطة �شخ�ص �آخر‪ ،‬ف�إن هذا الأخير هو الذي‬
‫يتحمل بالم�س�ؤولية بالتبعية نظير ما انتق�ص من حرية الأول‪.9‬‬
‫ثانيا‪ :‬مجال �سلطة المتبوع على التابع‬
‫ي�شترط �أن تتعلق ال�سلطة ب�أعمال يعهد بها المتبوع �إلى تابعه‪ ،‬و�أن ي�ؤديها هذا الأخير لفائدة‬
‫الأول‪.‬‬

‫فقد جاء يف قرار ملحكمة النق�ض الفرن�سية ب�صدد هذه احلالة ما يلي‪:‬‬
‫‪« La faute de la personne morale s’entend non seulement de celle qui est commise par son re-‬‬
‫‪présentant, mais aussi de celle qui résulte d’un défaut d’organisation ou de fonctionnement ».‬‬
‫‪- Cass civ 15 mai 2008, RTD civ 2008, p :680, obs : P Jourdain‬‬
‫‪7. L’article 1240 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) dispose‬‬
‫‪que : ‬‬
‫‪« Tout fait quelconque de l’homme, qui cause à autrui un dommage, oblige celui par la faute‬‬
‫‪duquel il est arrivé à le réparer ».‬‬
‫‪- L’article 1241 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) dispose‬‬
‫‪que : ‬‬
‫‪« Chacun est responsable du dommage qu’il a causé non seulement par son fait, mais encore‬‬
‫‪par sa négligence ou par son imprudence ».‬‬
‫‪ 88‬ين�ص الف�صل ‪ 77‬من ق ل على ما يلي‪:‬‬
‫»كل فعل ارتكبه الإن�سان عن بينة واختيار‪ ،‬ومن غري �أن ي�سمح له به القانون‪ ،‬ف�أحدث �رضرا ماديا �أو معنويا للغري‪،‬‬
‫�ألزم مرتكبه بتعوي�ض هذا ال�رضر‪� ،‬إذا ثبت �أن ذلك الفعل هو ال�سبب املبا�رش يف ح�صول ال�رضر‪.‬‬
‫وكل �رشط خمالف لذلك يكون عدمي الأثر«‪.‬‬
‫وين�ص الف�صل ‪ 78‬من ق ل على ما يلي‪:‬‬
‫» كل �شخ�ص م�س�ؤول عن ال�رضر املعنوي �أو املادي الذي �أحدثه‪ ،‬ال بفعله فقط ولكن بخط�إه �أي�ضا‪ ،‬وذلك عندما يثبت �أن‬
‫هذا اخلط�أ هو ال�سبب املبا�رش يف ذلك ال�رضر‪.‬‬
‫وكل �رشط خمالف لذلك يكون عدمي الأثر‪.‬‬
‫واخلط�أ هو ترك ما كان يجب فعله‪� ،‬أو فعل ما كان يجب الإم�ساك عنه‪ ،‬وذلك من غري ق�صد لإحداث ال�رضر«‪.‬‬
‫‪9. N. Dissaux : obs sous Cass civ 8 septembre 2009, D, 2010, p :23.‬‬
‫‪- M. Cartier : note sous Cass civ 8 septembre 2009, Gaz pal 25-26, novembre 2009, p :20.‬‬
‫ولهذا ال�سبب ال يعد املقاول الرئي�سي م�س�ؤوال تق�صرييا يف مواجهة الغري عن الأ�رضار التي يت�سبب فيها املقاول من الباطن‪.‬‬
‫جاء يف قرار ملحكمة النق�ض الفرن�سية بتاريخ ‪� 8‬شتنرب ‪ 2009‬ب�صدد هذه امل�س�ألة ما يلي‪:‬‬
‫‪« Que l’entrepreneur principal n’est pas délictuellement responsable, envers les tiers, des‬‬
‫‪dommages causé par son sous-traitant ».‬‬
‫‪-Cass civ 8 septembre 2009, Gaz pal, 25-26 novembre 2009, p :20.‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪16‬‬

‫‪ - 1‬تعلق �سلطة المتبوع ب�أعمال يعهد بها �إلى التابع‬


‫القاعدة �أن �سلطة المتبوع ال تقوم �إال بالن�سبة للأعمال التي ِي�ؤديها التابع لح�ساب الأول‪ ،‬حيث‬
‫تزول �سلطة المتبوع بالن�سبة للأعمال التي لم يتم تكليف التابع بها‪.‬‬
‫فم�س�ؤولية المتبوع ترتبط بعمل معين‪ ،‬بخالف متولي الرقابة التي تثبت له �سلطة عامة في‬
‫الرقابة على �سلوك ال�شخ�ص الخا�ضع لرقابته دون �أن تتعلق بعمل معين‪.10‬‬
‫وال ت�شترط �صفة الدوام في العمل‪ ،‬فقد يكون م�ؤقتا �أو عر�ضيا‪.11‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬تتحدد �صفة المتبوع تبعا للعمل المنجز لح�سابه‪ ،‬حيث يكون كل متبوع م�س�ؤوال عن‬
‫خط�أ التابع خالل مبا�شرة العمل لح�سابه‪.‬‬
‫‪� - 2‬أداء التابع للعمل لح�ساب المتبوع‬
‫�إن عمل التابع يعد امتدادا لن�شاط المتبوع‪ ،‬فكما �أن هذا الأخير ي�س�أل عن ن�شاطه الخا�ص‪ ،‬فهو‬
‫ي�س�أل كذلك عن ن�شاط التابع‪ ،‬باعتباره جزءا من عمله مادام �أنه يتم لح�سابه‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬ال يكفي العتبار ال�شخ�ص متبوعا �أن يكون له �سلطة �إ�صدار الأوامر بالن�سبة لعمل‬
‫معين �إذا لم يكن هذا العمل يتم لح�سابه و�إنما لح�ساب �شخ�ص �آخر‪ ،‬كما هو الحال في رئي�س‬
‫الأجراء‪ ،‬حيث تنق�صه اال�ستقاللية لخ�ضوعه ل�سلطة رب العمل �أو الم�شغل في �أداء عمله الرئا�سي‪.12‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬ارتكاب خط�أ من طرف التابع‬
‫ُي�شترط لقيام م�س�ؤولي ــة المتب ــوع �أن يرتكب التابع خطـ ـ�أ من �ش�أن ــه �أن يعقد م�س�ؤول ــية‬
‫ه ــذا الأخير ال�شخ�صية وفق ــا للف�صلين ‪ 13 77‬و‪ 14 78‬من قانون االلتزامات والعق ــود‬

‫‪ 110‬تن�ص الفقرة الثانية من الف�صل ‪ 85‬من ق ل ع على ما يلي‪:‬‬


‫» الأب فالأم بعد موته‪ ،‬ي�س�أالن عن ال�رضر الذي يحدثه �أبنا�ؤهما القا�رصون ال�ساكنون معهما‪.« ‬‬
‫)‪- L’article 1242 alinéa 4 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016‬‬
‫‪dispose que :‬‬
‫‪« Le père et la mère, en tant qu’ils exercent l’autorité parentale, sont solidairement respon-‬‬
‫‪sables du dommage causé par leurs enfants mineurs habitant avec eux».‬‬
‫‪11. R Savatier : note sous Cass crim 13 janvier 1922, D, 1923, p :5.‬‬
‫‪12. Cass civ 20 juin 1973, D, 1974, p : 409.‬‬
‫‪ 113‬الف�صل ‪ 77‬من ق ل ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه‪.‬‬
‫‪ 114‬الف�صل ‪ 78‬من ق ل ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه‪.‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪17‬‬

‫المغ ــربي‪ ،‬والف�صليـ ــن ‪ 15 1240‬و‪ 16 1241‬مـ ـ ــن القان ــون الم ــدني الف ــرن�س ــي المعـ ـ ــدل‬
‫�سنـ ـ ــة ‪.17 2016‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬توافر عالقة �سببية بين الفعل ال�ضار والوظيفة‬
‫طبقا للفقرة الخام�سة من الف�صل ‪ 1242‬من القانون المدني الفرن�سي المعدل �سنة ‪2016‬‬
‫والفقرة الثالثة من الف�صل ‪ 85‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬ف�إن المتبوع ال يكون م�س�ؤوال �إال عن‬
‫ال�ضرر الذي ت�سبب فيه التابع بخطئه في �أداء الوظيفة المكلف بها‪ ،‬وهو ما يعني �أن تكون هناك‬
‫�صلة بين الفعل ال�ضار المن�سوب للتابع والوظيفة الم�سندة �إليه‪.18‬‬
‫وال �شك �أن تجاوز التابع حدود المهمة المكلف بها دون �إذن ولأغرا�ض خارجة عن حدود‬
‫وظيفته‪ ،‬هو الذي �أدى �إلى جدل وا�سع على م�ستوى الق�ضاء والفقه‪.‬‬
‫ذلك �أن هذه الم�س�ألة �أثارت اختالفا كبيرا بين غرف محكمة النق�ض الفرن�سية‪ ،‬فقد كانت‬
‫الغرفة الجنائية تتبنى مفهوما وا�سع ًا لمفهوم ال�صلة بالوظيفة‪ ،‬فالمتبوع يبقى م�س�ؤوال عن خط�أ‬
‫تابعه متى ارتبط بالوظيفة الم�سندة �إليه �أو �سهلت له ارتكاب الخط�أ‪� ،‬سواء تج�سدت في المكان الذي‬
‫يبا�شر فيه الوظيفة‪� ،‬أو خالل الوقت المحدد لممار�ستها‪� ،‬أو عن طريق و�سيلة تتعلق بمزاولتها‪.19‬‬
‫�أما الغرفة المدنية بنف�س المحكمة‪ ،‬فقد تبنت تف�سيرا �ضيقا‪ ،‬حيث ال يجوز �إثارة م�س�ؤولية‬
‫المتبوع مادام �أن التابع قد تجاوز حدود الوظيفة المكلف بها‪.20‬‬
‫ولو�ضع حد لهذا الإ�شكال‪� ،‬أ�صدرت محكمة النق�ض الفرن�سية عدة قرارات بغرفها مجتمعة‬
‫ابتداء من �سنة ‪� 1960‬إلى حدود ‪.1988‬‬
‫فقد ذهبت في قرار لها بتاريخ ‪ 9‬مار�س ‪� 1960‬إلى �أنه �إذا كان الفعل ينف�صل عن رابطة التبعية‬
‫التي تربط التابع بم�شغله‪ ،‬ف�إن هذا الأخير باعتباره متبوعا ال يعد م�س�ؤوال‪.21‬‬

‫‪15. L’article 1240  du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) précité. ‬‬
‫‪16. L’article 1241  du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) précité.‬‬
‫‪17. Cass civ 8 avril 2004, RTD civ 2004, p :517, P. Jourdain.‬‬
‫‪18. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,‬‬
‫‪p :432.‬‬
‫‪19. M.F Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit, p :433‬‬
‫‪20. M.F Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit, p :433‬‬
‫‪21. Ass plén 9 mars 1960, D, 1960, p :329 note R. Savatier.‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫ �أحمد الدراري‬.‫د‬
18

‫ �أن المتبوع ال يعد م�س�ؤوال عن ال�ضرر الذي ت�سبب فيه التابع‬1977 ‫ يونيو‬10 ‫و�أو�ضحت بتاريخ‬
.22‫ متى كان ذلك دون �إذن ولأغرا�ضه ال�شخ�صية‬،‫بوا�سطة ال�سيارة الم�سلمة �إليه لمبا�شرة الوظيفة‬
‫ �أن المتبوع ال‬،1988 ‫ ماي‬19 ‫و�أ�ضافت نف�س المحكمة في �آخر قرار بغرفها المجتمعة بتاريخ‬
‫ُيعفى من الم�س�ؤولية �إال �إذا كان التابع قد ت�صرف خارج الوظائف المكلف بها دون �إذن ولأغرا�ض‬
.23‫خارجة عن حدود اخت�صا�صاته‬
‫وقد حددت محكمة النق�ض الفرن�سية معايير تقدير ال�سلوك وال�صلة بينه وبين الوظيفة عبر‬
،‫ �إذ اعتبرت �أن التابع �أثناء �أداء وظيفته‬،‫ تتجلى في زمان ومكان وو�سائل الوظيفة‬،‫ثالثة عنا�صر‬
‫ دون �إذن‬،‫ والو�سائل التي ارتكب الخط�أ بمنا�سبتها‬،‫ وخالل وقت القيام بها‬،‫وفي مكان مزاولتها‬
‫ حيث تبقى الجمعية‬،‫ ال يعد قد ت�صرف خارج الوظيفة‬،‫ولأغرا�ض خارجة عن اخت�صا�صاته‬
.24‫باعتبارها متبوعا م�س�ؤولة عن ال�ضرر الذي ت�سبب فيه‬

22. « le commettant n’est pas responsable du dommage causé par le préposé qui utilise, sans au-
torisation, à des fins personnelles, le véhicule à lui confié pour l’exercice de ses fonctions ».
- Ass plén 10 juin 1977, D, 1977, p :465, note Ch. Larroumet.
23. « Le commettant ne s’exonère de sa responsabilité que si son préposé a agi hors des fonctions
auxquelles il était employé, sans autorisation, et à des fins étrangères à ses attributions ».
-Ass plén 19 mai 1988, D, 1988, p :513 note Ch. Larroumet.
:‫ ما يلي‬1983 ‫ يونيو‬17 ‫وقد �سبق �أن جاء يف قرار �آخر لنف�س املحكمة بغرفها املجتمعة بتاريخ‬
« Les dispositions de l’article 1384, alinéa-5 du code civil ne s’appliquent pas au commettant
en cas de dommages causés par le préposé qui, agissant sans autorisation, à des fins étran-
gères à ses attributions, s’est placé hors des fonctions auxquelles il est employé ».
-Ass plén 17 juin 1983, RTD civ, 1983, p :749, obs G. Durry.
:‫ جاء فيه ما يلي‬1985 ‫ نونرب‬15 ‫ويف قرار �آخر لنف�س املحكمة بغرفها املجتمعة بتاريخ‬
« Les dispositions de l’article 1384, alinéa-5 du code civil ne s’appliquent pas au commet-
tant en cas de dommages causés par le préposé qui, agissant sans autorisation, à des fins
étrangères à ses attributions, s’est placé hors des fonctions auxquelles il etait employé ».
- Ass plén 15 novembre 1985, D 1986, p:81, note J-L Aubert.
24. Cas civ 17 mars 2011, D, 2011, p:1530
:‫ ما يلي‬2011 ‫ مار�س‬17 ‫جاء يف قرار ملحكمة النق�ض الفرن�سية بتاريخ‬
«Que ce préposé, qui avait ainsi trouvé dans l’exercice de sa profession sur son lieu de tra-
vail et pendant son temps de travail, les moyens de sa faute et l’occasion de la commettre,
fût- ce sans autorisation et à des fins étrangères à ses attributions, n’avait pas agi en dehors
de ses fonctions, et que l’association, son commettant, était responsable des dommages qu’il
avait ainsi causés ».
- Cas civ 17 mars 2011, D, 2011, p:1530
‫والواقع �أن هذه احلالة التي �أ�شار �إليها القرار تدخل يف �إطار الفر�ضيات التي يكون فيها املتبوع والتابع م�س�ؤولني بالت�ضامن‬
.‫ باعتبار �أن التابع مل يخرج عن حدود الوظيفة امل�سندة �إليه‬،‫يف مواجهة املت�رضر‬
- D. Sindrès : L’introuvable abus de fonctions du préposé, D, 2011, p :1530.

2020 ‫ ● نونرب‬17-16 ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪19‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬انتقال �سلطة المتبوع �إلى �شخ�ص �آخر والآثار المترتبة على التعار�ض بين �صفة‬
‫التابع والحار�س‬
‫�إذا كان المتبوع يعد م�س�ؤوال عن خط�أ التابع متى ارتكبه هذا الأخير في �إطار العمل الذي ي�ؤديه‬
‫لح�ساب الأول‪ ،‬ف�إن م�س�ؤوليته تبقى مرتبطة بمبا�شرته ل�سلطة الأمر على التابع‪� ،‬إذ متى انتقلت الى‬
‫الغير‪ ،‬ف�إن هذا الغير يتحمل الم�س�ؤولية تبعا لذلك‪.‬‬
‫وفي جميع الأحوال‪ ،‬قد تنتقل �سلطة المتبوع �إلى رب الحرفة �أو �إلى �أي �شخ�ص �آخر يعتبر‬
‫متبوعا عر�ضيا‪ ،‬و�إن كان هذا االنتقال تترتب عليه بع�ض الآثار فيما يخ�ص التبعية والحرا�سة‪.‬‬
‫الفقرة الأولى‪ :‬حاالت انتقال �سلطة المتبوع‬
‫تتعدد حاالت انتقال �سلطة المتبوع على التابع‪ ،‬حيث �سنقت�صر على الإ�شارة �إلى بع�ضها‪.‬‬
‫�أوال‪ :‬انتقال �سلطة المتبوع �إلى رب الحرفة‬
‫في بع�ض الأحوال‪ ،‬قد ينق�ص التابع المعرفة الفنية بخ�صو�ص بع�ض جوانب العمل المكلف به‪،‬‬
‫حيث يعهد به المتبوع �إلى رب الحرفة لتدريبه على ذلك‪.‬‬
‫و�إذا كان المتبوع يحقق فائدة من التدريب الفني للتابع‪ ،‬ف�إن م�س�ؤوليته ال تقوم النق�ضاء رابطة‬
‫التبعية �أثناء فترة التدريب‪ ،‬حيث تنتقل �سلطته في الرقابة والتوجيه �إلى رب الحرفة‪ ،25‬كما هو‬
‫الحال بالن�سبة لمعلم �سياقة ال�سيارات‪.‬‬
‫وي�شترط النق�ضاء �سلطة المتبوع �أن يكون رب الحرفة م�ستقال في �أداء عمله‪ .‬ف�إذا كان هو �أي�ضا‬
‫خا�ضعا ل�سلطة المتبوع‪ ،‬ف�إن م�س�ؤولية هذا الأخير تقوم بالن�سبة للخط�أ ال�صادر �سواء من معلم‬
‫الحرفة �أو المتعلم‪ ،‬حيث يعتبر كل منهما تابعا له‪.26‬‬
‫وال �شك �أن و�ضع الممتحن يختلف عن و�ضع معلم ال�سياقة باعتباره رب حرفة‪ ،‬ف�إذا كان‬
‫هذا الأخير يلتزم بواجب الرقابة‪ ،‬وبالتبعية تثار م�س�ؤوليته عن �أخطاء المتعلم باعتبار �أنه كان‬

‫)‪25. L’article 1242 alinéa 6 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016‬‬
‫‪dispose que :‬‬
‫‪«Les instituteurs et les artisans, du dommage causé par leurs élèves et apprentis pendant le‬‬
‫‪temps qu’ils sont sous leur surveillance » .‬‬
‫‪ -‬تن�ص الفقرة الرابعة من الف�صل ‪ 85‬من ق ل ع على ما يلي‪:‬‬
‫» �أرباب احلرف ي�س�ألون عن ال�رضر احلا�صل من متعلميهم خالل الوقت الذي يكونون فيه حتت رقابتهم «‪.‬‬
‫‪26. CA Colmar 6 mai 1933, Gaz pal 1933, p : 215‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪20‬‬

‫يتوقعها‪ ،‬ف�إن الأول ال يلتزم ب�شيء من ذلك‪ ،‬فهو يقت�صر على مالحظة المتعلم حول ما �إذا كان يتبع‬
‫االحتياطات المتعلقة بال�سياقة �أم ال دون واجب الرقابة‪ ،‬وبالتبعية ال يكون م�س�ؤوال عن �أخطائه‪.27‬‬
‫ثانيا‪ :‬انتقال �سلطة المتبوع المعتاد �إلى متبوع عر�ضي‬
‫قد يكون التابع خا�ضعا في �أداء عمله ل�سلطة م�شتركة يبا�شرها عدة �أ�شخا�ص‪ ،‬تثبت لهم جميعا‬
‫�صفة المتبوع طالما �أن العمل ي�ؤدى لح�سابهم جميعا‪ ،‬حيث ال يمكن تجزئته‪ ،‬وبالتالي يعتبرون كلهم‬
‫م�س�ؤولين بكيفية ت�ضامنية عن خط�أ التابع متى �ألحق �ضررا بالغير‪.‬‬
‫�أما �إذا انتقلت �سلطة المتبوع المعتاد �إلى متبوع �آخر يكون عر�ضيا‪ ،‬ف�إن الأمر يتوقف على وجود‬
‫رابطة التبعية‪ ،‬فالأ�صل �أن يبقى المتبوع المعتاد م�س�ؤوال‪ ،‬كما لو كلف �أحد عماله ب�أداء عمل فني‬
‫لدى �أحد الزبائن‪ ،‬وذلك ال�ستمرار ال�سلطة الفعلية في �أداء التابع للعمل‪.‬‬
‫وفي جميع الأحوال‪ ،‬يقت�ضي الأمر تحديد الأعمال التي تخ�ضع ل�سلطة المتبوع العر�ضي‪ ،‬وتلك‬
‫التي يبقى المتبوع المعتاد محتفظا ب�سلطته في الرقابة والتوجيه عليها‪ ،‬وتبعا لذلك‪ ،‬يتحدد نطاق‬
‫م�س�ؤولية كل متبوع منهما‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حالة م�ساعد التابع‬
‫بالرغم من خ�ضوع الم�ساعد لتوجيهات التابع‪ ،‬ف�إن هذا الأخير تنق�صه ال�سلطة الم�ستقلة في‬
‫رقابة م�ساعده لخ�ضوعه هو ل�سلطة المتبوع فيما يتعلق بالأعمال المكلف بها‪ ،‬حيث تتخلف رابطة‬
‫التبعية بين التابع وم�ساعده‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬ف�إن المتبوع ي�س�أل عن فعل تابعه‪ ،‬كما لو كلف هذا الأخير �شخ�صا غير ملم ب�أ�صول‬
‫ال�سياقة لقيادة �سيارة متبوعه‪ ،‬حيث يعتبر خط�أ من جانب التابع‪.28‬‬
‫�أما �إذا كان ا�ستخدام التابع لآخر ال يكون خط�أ في حد ذاته‪ ،‬ف�إن المتبوع يحتفظ ب�صفته هذه‬
‫في مواجهة م�ساعد التابع على �أ�سا�س �أن العمل يتم ل�صالحه‪.‬‬
‫وتبرير ذلك �أن قرينة الم�س�ؤولية في مواجهة المتبوع مقررة لم�صلحة المت�ضرر‪� ،‬أما العالقة‬
‫بين المتبوع وتابعه وم�ساعد هذا الأخير‪ ،‬فال ت�أثير لها على نطاق حق المت�ضرر في التعوي�ض‪،‬‬
‫باعتبارها تبقى منح�صرة بينهم‪.‬‬

‫‪27. CA Toulouse 8 janvier 1931, D H, 1931, p : 126.‬‬


‫‪28. Cass crim 28 mars 1930, Gaz pal, 1930, p : 862.‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪21‬‬

‫رابعا‪ :‬ا�ستيالء ال�سلطة العامة على ال�سيارة وتكليف �سائقها بقيادتها‬


‫تن�صرف هذه الفر�ضية �إلى ا�ستيالء ال�سلطة العامة على ال�سيارة بموجب قرار اال�ستيالء‪،‬‬
‫لذلك يتعين تحديد المتبوع الم�س�ؤول عن عمل �سائق ال�سيارة‪.‬‬
‫ق�ضت محكمة النق�ض الفرن�سية بتاريخ ‪ 25‬مار�س ‪ 1954‬ب�أن تكليف ال�سائق الأ�صلي بقيادة‬
‫ال�سيارة ي�ؤدي �إلى انق�ضاء كل �سلطة للمالك في الرقابة والتوجيه‪ ،‬حيث تنتقل هذه ال�سلطة �إلى‬
‫المتبوع العر�ضي‪.29‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬ال ت�أثير لنوع الأعمال المنوطة بالتابع طالما �أن المتبوع العر�ضي ي�س�أل عنها جميعا‬
‫بالنظر �إلى توافر ال�سلطة الفعلية لديه في توجيه ورقابة التابع‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الآثار المترتبة على التعار�ض بين �صفة التابع و�صفة الحار�س‬
‫القاعدة لدى الق�ضاء �أن التابع ال يمكن اعتباره في نف�س الوقت حار�سا‪ ،‬مادام �أن الحرا�سة‬
‫تفتر�ض �سلطة م�ستقلة في التوجيه والرقابة على ال�شيء‪ ،‬وهو ما يتعار�ض مع خ�ضوع التابع لل�سلطة‬
‫الآمرة للمتبوع‪.30‬‬
‫ذلك �أن التابع ي�صبح بفعل مبادرته ال�شخ�صية وبكيفية منف�صلة عن المهمة المكلف بها‪،‬‬
‫حار�سا و�سائقا عر�ضيا ل�سيارة الغير التي ارتكب بها الفعل ال�ضار‪ ،‬وهو ما ي�ستنتج منه تبعا لذلك‬
‫�أنه لم يعد تابعا في هذه الحالة مادام قد ت�صرف خارج وظيفته ودون �إذن من �أجل �أغرا�ضه‬
‫ال�شخ�صية التي تخرج عن حدود اخت�صا�صاته‪.31‬‬

‫‪29. Cass civ 25 mars 1954, D, 1954, p :400.‬‬


‫‪30. P. Jourdain : obs sous Cass civ 3 juin 2004, RTD civ 2004, p :742.‬‬
‫‪31. Cass civ 3 juin 2004, RTD civ 2004, p :742.‬‬
‫جاء يف القرار ما يلي‪:‬‬
‫‪«  devenu, par l’effet d’une initiative personnelle sans rapport avec sa mission, gardien‬‬
‫‪et conducteur occasionnel du véhicule d’un tiers au moyen duquel il avait commis l’acte‬‬
‫‪dommageable, il en résultait alors qu’il ne pouvait plus être considéré comme préposé‬‬
‫‪puisqu’il avait agi en dehors de ses fonctions, sans autorisation et à des fins étrangères à ses‬‬
‫‪attributions ».‬‬
‫‪- Cass civ 3 juin 2004, RTD civ 2004, p :742.‬‬
‫جاء يف قرار ملحكمة اال�ستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 27‬فرباير ‪ 1959‬ما يلي‪:‬‬
‫« تنتفي امل�س�ؤولية عندما يعلم امل�رضور �أن الت�رصف ال�صادر عن التابع كان حل�سابه ال�شخ�صي‪ ،‬ويكون كذلك يف حالة نقل‬
‫امل�سافرين الذي يتم �إجنازه بعلم ه�ؤالء وجهل مالك ال�سيارة‪� ،‬أي مببادرة التابع ومل�صلحته‪ ،‬وبالتايل‪ ،‬ف�إن مالك ال�سيارة‬
‫املذكورة ال ميكن م�ساءلته يف هذا ال�ش�أن»‪.‬‬
‫‪ -‬قرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 27‬فرباير ‪ ،1959‬من�شور باملجلة املغربية للقانون‪ ،‬العدد ‪� ،1959 ،1951‬ص‪58 :‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪22‬‬

‫ويترتب على التعار�ض بين �صفة التابع و�صفة الحار�س الآثار التالية‪.‬‬
‫�أوال‪ :‬الحرا�سة للمتبوع ولو كان التابع مالكا لل�شيء‬
‫الأ�صل �أن المالك يعتبر حار�سا �إلى �أن يثبت انتقال الحرا�سة �إلى �شخ�ص �آخر‪ ،32‬وعلى ذلك‪،‬‬
‫ف�إن التابع الذي ي�ستخدم �شيئا مملوكا له في �أداء عمله لح�ساب المتبوع يفتر�ض �أنه حار�س لل�شيء‪،‬‬
‫بحيث ال يتحمل المت�ضرر عبء �إثبات توافر الحرا�سة لديه‪� ،‬إال �أن التابع يمكن له �إثبات عك�س هذا‬
‫االفترا�ض ب�إثبات انتقال الحرا�سة الى المتبوع الذي ي�ؤدي العمل لح�سابه‪.‬‬
‫ولكن مادام �أن �سلطة المتبوع تن�صب على تابعه‪ ،‬فهذا الأخير و�إن كان مالكا لل�شيء‪� ،‬إال �أن‬
‫خ�ضوعه ل�سلطة المتبوع من حيث الرقابة والتوجيه في �أداء العمل المنوط به لح�ساب هذا المتبوع‪،‬‬
‫يرفع عنه �سلطة الأمر الم�ستقلة على ال�شيء الذي يمتلكه‪ ،33‬حيث تكون حيازته لل�شيء حيازة مادية‬
‫تنق�صها �سلطة التوجيه المعنوي‪ ،‬فالمتبوع هو الذي يوجه ا�ستخدام ال�شيء بناء على الأوامر التي‬
‫ي�صدر �إليه في �أداء عمله‪ ،‬وبالتالي هناك ارتباط بين خ�ضوع التابع ل�سلطة المتبوع في �أداء عمله‪،‬‬
‫وفقده ل�سلطة التوجيه المعنوي على ال�شيء الذي ي�ستخدمه في �أداء العمل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحرا�سة للمتبوع ولو كان التابع هو المت�ضرر‬
‫يثار الإ�شكال في حالة ما �إذا كان المت�ضرر هو التابع نف�سه �أثناء �أداء العمل لح�ساب المتبوع‪،‬‬
‫هل يجوز له التم�سك ب�أحكام الم�س�ؤولية عن حرا�سة الأ�شياء في مواجهة متبوعه �أم �أنها تقررت‬
‫لحماية الغير من مخاطر ال�شيء ولي�س لحماية تابعي المتبوع‪.‬‬
‫‪ - 1‬عدم وجود عقد بين المتبوع والتابع‬
‫لقد انعقد الإجماع على �أن الن�صو�ص المتعلقة بالم�س�ؤولية عن حرا�سة الأ�شياء �سواء في القانون‬
‫المغربي �أو الفرن�سي وردت عامة‪ ،34‬وبالتالي ال مجال لو�ضع تفرقة بالنظر �إلى عدم وجود ن�ص‬
‫‪32. Cass civ 9 juin 1993, JCP, 1994, II, n° 2202.‬‬
‫جاء يف قرار للمجل�س الأعلى )حمكمة النق�ض حاليا ( بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪ 1968‬ما يلي‪:‬‬
‫« مالك ال�سيارة يفرت�ض فيه �أنه حار�س لها‪ ،‬وهو الذي يتحمل عبء �إثبات فقدان احلرا�سة ونقلها �إىل الغري»‪.‬‬
‫‪-‬قرار املجل�س الأعلى )حمكمة النق�ض حاليا ( بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪� 1968‬أ�شار �إليه حممد جوهر‪� :‬سياقة ال�سيارة بدون ترخي�ص‬
‫بني قانون الت�أمني وقانون امل�س�ؤولية‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪� ،1997 ،‬ص‪27 :‬‬
‫‪33. «  les qualités de préposé et de gardien étant incompatibles, le commettant devient gardien‬‬
‫‪de la chose appartenant au préposé quand celui-ci l’utilise dans l’intérêt du commettant pour‬‬
‫»‪accomplir la mission qui lui est confiée par ce dernier ‬‬
‫‪- Cass civ 24 janvier 1973, Bull civ, III, n° 72‬‬
‫‪34. L’article 1384 alinéa 1 er du code civil Français ( Loi 1804-02-09 promulguée le 19 février‬‬
‫‪1804) dispose que :‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪23‬‬

‫يقرر ا�ستبعاد التابع‪ .35‬وتبعا لذلك‪ ،‬لي�س هناك ما يمنع من ا�ستفادة التابع من �أحكام الم�س�ؤولية‬
‫عن حرا�سة الأ�شياء �إذا لحق به �ضرر �أثناء �أدائه للعمل لح�ساب المتبوع‪.‬‬
‫‪ - 2‬وجود عقد لل�شغل بين المتبوع والتابع‬
‫في حالة وجود عقد لل�شغل بين المتبوع �أو الم�شغل‪ ،‬والتابع �أو الأجير‪ ،‬اعتبر الق�ضاء في وقت‬
‫�سابق �أنه مادام ال يت�ضمن التزاما ب�سالمة الأجير يتحمل به الم�شغل لإثارة م�س�ؤوليته العقدية‪ ،‬ف�إن‬
‫التابع �أو الأجير يمكن له الرجوع على المتبوع �أو الم�شغل بقواعد الم�س�ؤولية التق�صيرية‪ ،‬وتحديدا‬
‫الم�س�ؤولية عن حرا�سة الأ�شياء‪.36‬‬
‫ولكن عقد ال�شغل �أ�صبح الآن يت�ضمن التزاما يفر�ض على الم�شغل �ضمان �سالمة الأجير وفقا‬
‫للفقرة الأولى من المادة ‪ 37 24‬من مدونة ال�شغل المغربية والمادة‪ L4121-1  38‬من مدونة ال�شغل‬
‫الفرن�سية‪ ،‬حيث يلتزم كل م�شغل باتخاذ جميع التدابير الالزمة لحماية �سالمة الأجراء و�صحتهم‪،‬‬
‫لدى قيامهم بالأ�شغال التي ينجزونها تحت �إمرته‪.‬‬

‫‪« On est responsable non seulement du dommage que l’on cause par son propre fait, mais‬‬
‫‪encore de celui qui est causé par le fait des personnes dont on doit répondre, ou des choses‬‬
‫‪que l’on a sous sa garde ».‬‬
‫‪- L’article 1242 alinéa 1er du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février‬‬
‫‪2016) précité.‬‬
‫‪ -‬الف�صل ‪ 88‬من ق ل ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه‪.‬‬
‫‪35. Cass civ 27 février 1929, S, 1929, p : 297.‬‬
‫‪36. Cass soc 24 février 1956, JCP, 1956, n° 9656.‬‬
‫‪337‬تن�ص الفقرة الأوىل من املادة ‪ 24‬من القانون رقم ‪ 65.99‬املتعلق مبدونة ال�شغل على ما يلي‪:‬‬
‫يجب على امل�شغل‪ ،‬ب�صفة عامة‪� ،‬أن يتخذ جميع التدابري الالزمة حلماية �سالمة الأجراء و�صحتهم‪ ،‬وكرامتهم‪ ،‬لدى‬
‫قيامهم بالأ�شغال التي ينجزونها حتت �إمرته‪ ،‬و�أن ي�سهر على مراعاة ح�سن ال�سلوك والأخالق احلميدة‪ ،‬وعلى ا�ستتباب‬
‫الآداب العامة داخل املقاولة‪«.‬‬
‫‪38. L’article L4121-1 du code du travail Français (Ordonnance n°2017-1389 du 22 septembre‬‬
‫‪2017) dispose que : «L’employeur prend les mesures nécessaires pour assurer la sécurité et‬‬
‫‪protéger la santé physique et mentale des travailleurs.‬‬
‫‪Ces mesures comprennent :‬‬
‫‪1° Des actions de prévention des risques professionnels, y compris ceux mentionnés à‬‬
‫;‪l’article L. 4161-1 ‬‬
‫; ‪2° Des actions d’information et de formation‬‬
‫‪3° La mise en place d’une organisation et de moyens adaptés.‬‬
‫‪L’employeur veille à l’adaptation de ces mesures pour tenir compte du changement des‬‬
‫‪circonstances et tendre à l’amélioration des situations existantes ».‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪24‬‬

‫وبناء على ذلك‪ ،‬ف�إن الأجير متى �أ�صابه �ضرر �أثناء تنفيذ عقد ال�شغل‪ ،‬يمكنه الرجوع على‬
‫الم�شغل بدعوى الم�س�ؤولية العقدية‪ ،‬باعتبار �أنه يت�ضمن التزاما مفتر�ضا بن�ص القانون ب�ضمان‬
‫�سالمته‪ ،‬وهو التزام بتحقيق نتيجة‪.39‬‬
‫ثالثا‪ :‬عدم جواز االتفاق على نقل �سلطة المتبوع في الحرا�سة �إلى التابع‬
‫تميل محكمة النق�ض الفرن�سية �إلى �إلغاء القرارات التي تجعل التابع حار�سا لل�شيء‪ ،‬وت�ستند في‬
‫ذلك على �أنه ال يوجد في وقائع الملف ما يثبت قيام المتبوع بنقل الحرا�سة �إلى التابع بكيفية م�ستقلة‪.40‬‬
‫فالمجمع عليه ق�ضاء �أنه يوجد تعار�ض بين �صفة التابع و�صفة الحار�س‪ ،41‬ف�إذا �أمكن قيام اتفاق‬
‫بين المتبوع والتابع‪ ،‬بحيث تنتقل الحرا�سة �إلى هذا الأخير‪ ،‬ف�إن ذلك �سي�ؤدي �إلى تفادي الرجوع‬
‫على المتبوع بقواعد الم�س�ؤولية عن الأ�شياء‪ ،‬حيث يعد ذلك اتفاقا على الإعفاء من الم�س�ؤولية‪،‬‬
‫والحال �أن الم�س�ؤولية التق�صيرية ال يمكن االتفاق على مخالفتها باعتبارها تت�صل بالنظام العام‪.42‬‬
‫وف�ضال عن ذلك‪ ،‬ف�إن نقل الحرا�سة يقت�ضي �أن ينقل المتبوع �إلى التابع ال�سلطة الآمرة على‬
‫ال�شيء لكي يبا�شرها بكيفية م�ستقلة‪ ،‬ودون خ�ضوعه ل�سلطة الأول‪ ،‬ولكن وجود رابطة التبعية يجعل‬
‫التابع خا�ضعا ل�سلطة الرقابة والتوجيه التي يبا�شرها المتبوع بالن�سبة للعمل الذي يتم لح�سابه‪،‬‬
‫وهو ما يتنافى مع �صفة اال�ستقالل الالزمة لقيام الحرا�سة‪.‬‬
‫وبالتالي ال يمكن فهم توجه محكمة النق�ض الفرن�سية �إال بكونه يفيد �أن قا�ضي المو�ضوع ال يمكن‬
‫�أن يحكم بثبوت الحرا�سة للتابع �إال �إذا �أو�ضح في الحكم الوقائع التي من �ش�أنها �إثبات انق�ضاء‬
‫رابطة التبعية‪ ،‬حيث ي�صبح التابع م�ستقال‪ ،‬فتنق�ضي �صفته كتابع‪ ،‬وبالتالي ي�صبح حار�سا‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬عدم �إمكانية نقل التابع للحرا�سة �إلى م�ساعده‬
‫تفتر�ض هذه الحالة ا�ستعانة التابع ب�شخ�ص �آخر لم�ساعدته في �أداء العمل المكلف به لفائدة‬
‫المتبوع‪.‬‬
‫‪39. Ph. Malaurie, L. Aynes, Ph, Stoffel - Munck : Droit des obligations, LGDJ, 10 éd, 2018, p :‬‬
‫‪120.‬‬
‫‪40. Cass civ 28 janvier 1941, Gaz pal, 1941, p : 270.‬‬
‫‪41. «  la garde est alternative et non cumulative, les qualités de gardien et de préposé sont‬‬
‫»‪incompatibles ‬‬
‫‪- Cass civ 11 mai 1956, D, 1957, p : 121.‬‬
‫‪ 442‬الفقرة الأخرية من الف�صل ‪ 77‬من ق ل ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه‪.‬‬
‫الفقرة الثانية من الف�صل ‪ 78‬من ق ل ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه‪.‬‬
‫‪- L Ducharme : La limitation contractuelle de la responsabilité civile : ses principes et son‬‬
‫‪champ d’application ; Les cahiers de droit, n° 1, avril 1957, p : 45 et 46.‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪25‬‬

‫انعقد �إجماع الق�ضاء على عدم انتقال الحرا�سة �إلى م�ساعد التابع‪ ،‬حيث تظل للمتبوع‪.43‬‬
‫وتبرير ذلك‪� ،‬أن انتقال الحرا�سة يتم باالتفاق مع المالك ب�شرط وجود ال�سلطة الفعلية‪ ،‬و�إما‬
‫بحيازة ال�شيء من طرف الغير رغما عن �إرادة المالك‪.‬‬
‫والأ�صل �أن التابع ال يمكن له نقل الحرا�سة على ال�شيء‪� ،‬إذ ي�ستوجب �أن يكون ناقل الحرا�سة‬
‫يتمتع ب�صفة الحار�س‪ ،‬حيث ال يمكنه نقل حرا�سة ال يتوفر على عنا�صرها‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬يبقى المتبوع ب�صفته هذه قبل م�ساعد تابعه‪ ،‬في�صبح هذا الم�ساعد تابعا هو الآخر‬
‫للمتبوع‪ ،‬ويرجع الأمر �إلى وجود �سلطة للمتبوع بالن�سبة للعمل المعهود به للتابع‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى �أن‬
‫الم�ساعد �إنما يقوم بالعمل لح�ساب المتبوع‪ ،‬ولي�س لح�ساب التابع‪.44‬‬
‫خام�سا‪ :‬اعتبار �شخ�ص تابعا ينفي عنه �صفة الحار�س‬
‫ا�ستقر الق�ضاء على عدم جواز انتقال الحرا�سة �إلى التابع‪ ،‬باعتبار �أن حيازة التابع لل�شيء تكون‬
‫لح�ساب المتبوع وال ت�ستند على �سلطة م�ستقلة‪.45‬‬
‫�إن الحرا�سة الفعلية ال يكفي في توافرها مجرد الحيازة المادية والتوجيه المادي لل�شيء‪� ،‬إذ‬
‫العبرة ب�سلطة التوجيه المعنوي �أي �سلطة الأمر المتعلقة با�ستخدام ال�شيء‪ ،‬وهذه ال�سلطة تثبت‬
‫للمتبوع دون التابع‪ ،‬فالحرا�سة الفعلية يجب �أن تت�سم ب�صفة اال�ستقالل‪� ،‬أما التابع‪ ،‬فهو خا�ضع‬
‫ل�سلطة المتبوع في الرقابة والتوجيه عند ا�ستخدامه لل�شيء في �أداء عمله‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬يمكن لل�شخ�ص �أن يكون حار�سا لل�شيء �إذا انتفت �صفته كتابع‪ ،‬بالنظر �إلى �أن‬
‫ثبوت الحرا�سة للمتبوع يفتر�ض توافر �سلطة له على ال�شيء‪� ،‬أي حرا�سته لهذا ال�شيء‪.‬‬
‫�ساد�سا‪ :‬اعتبار �شخ�ص حار�سا ينفي عنه �صفة التابع‬
‫الأ�صل �أن ال�سلطة الفعلية تبقى للحار�س حتى ولو كانت الحيازة المادية لل�شيء لدى �شخ�ص‬
‫�آخر‪ ،‬طالما �أن الحار�س يملك ال�سلطة الآمرة الم�ستقلة على ال�شيء‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬هناك تعار�ض بين ثبوت الحرا�سة ل�شخ�ص واعتباره تابعا في نف�س الوقت‪ ،‬فالتابع‬
‫ال يكت�سب الحرا�سة �إال �إذا انق�ضت �صفته كتابع‪ ،‬والحار�س ال يعد تابعا �إال �إذا �أ�صبح خا�ضعا لل�سلطة‬
‫الآمرة ل�شخ�ص �آخر‪.‬‬

‫‪43. Cass civ 17 juillet 1962, Gaz pal, 1962, p : 309.‬‬
‫‪44. Cass civ 20 juin 1973, D, 1974, p : 409.‬‬
‫?‪45. Cass civ 26 novembre 1941, D, 1941, p : 65‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪26‬‬

‫�سابعا‪:‬جواز الرجوع على المتبوع باعتباره م�س�ؤوال مدنيا عن خط�أ تابعه وب�صفته حار�سا‬
‫لل�شيء‬
‫�إن قيام رابطة التبعية يعني توافر الحرا�سة للمتبوع‪ ،‬حيث يمكن للمت�ضرر �أن ي�ستند في دعواه‬
‫على قواعد الم�س�ؤولية عن الأ�شياء‪ ،‬وفي هذه الحالة يلزمه �إثبات كون ال�ضرر يرجع الى فعل ال�شيء‬
‫الموجود في حرا�سته‪ ،‬وال يحتاج في هذه الحالة �إلى �إثبات خط�أ التابع‪.46‬‬
‫كما يجوز للمت�ضرر �أي�ضا �أن يرجع على المتبوع ب�صفته هذه‪ ،‬حيث يلزمه �إثبات خط�أ التابع وفقا وفقا‬
‫للف�صلين ‪ 47 77‬و‪ 48 78‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬والف�صلين ‪ 49 1240‬و ‪ 50 1241‬من القانون‬
‫المدني الفرن�سي المعدل �سنة ‪.51 2016‬‬
‫على �أن المت�ضرر كذلك يمكنه �أن يجمع في رجوعه على المتبوع بين الم�س�ؤوليتين معا‪� ،‬إحداهما‬
‫بكيفية �أ�صلية‪ ،‬والأخرى بكيفية احتياطية‪ ،‬بالنظر �إلى �أن الجمع بينهما ي�ضمن للمت�ضرر الح�صول‬
‫على التعوي�ض‪� ،‬إذ �أن �إثباته لخط�أ التابع يرتب م�س�ؤولية المتبوع‪ ،‬وتظهر �أهمية اال�ستناد على قواعد‬
‫الم�س�ؤولية عن الأ�شياء عند عدم �إثباته لخط�أ التابع‪� ،‬إذ ي�س�أل المتبوع باعتباره حار�سا طالما لم‬
‫يثبت �شروط التحلل من الم�س�ؤولية‪.52‬‬
‫المطلب الثالث‪� :‬أ�سا�س م�س�ؤولية المتبوع‬
‫لقد احتدم الخالف ب�ش�أن م�س�ؤولية المتبوع عن خط�أ التابع‪ ،‬بالنظر الى غياب �أ�سا�س محدد‬
‫�سواء على م�ستوى القانون الفرن�سي �أو المغربي‪.‬‬
‫وقد دار الخالف ال�سابق حول معيار الخط�أ والمعيار االقت�صادي‪ ،‬ثم المعيار القانوني والفعلي‪.‬‬
‫وبالرغم من الأ�سانيد التي ارتكز عليها كل معيار‪ ،‬ف�إنه لم ي�سلم من النقد بالنظر الى �أن �أ�سا�س‬
‫الم�س�ؤولية ينبغي �أن ي�ستجيب لكافة حاالت اللجوء �إليها‪.‬‬

‫‪ 446‬قرار املجل�س الأعلى )حمكمة النق�ض حاليا(عدد ‪ 5903‬بتاريخ ‪ 15‬نونرب ‪� 1995‬أ�شار �إليه حممد �أوغري�س‪ :‬ق�ضاء املجل�س‬
‫الأعلى يف التعوي�ض والت�أمني‪ ،‬مطبعة القرويني‪� ،2001 ،‬ص‪187 :‬‬
‫‪ 447‬الف�صل ‪ 77‬من ق ل ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه‪.‬‬
‫‪ 448‬الف�صل ‪ 78‬من ق ل ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه‪.‬‬
‫‪49. L’article 1240  du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) précité. ‬‬
‫‪50. L’article 1241  du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) précité.‬‬
‫‪51. Cass civ 8 avril 2004, RTD civ 2004, p :517, P. Jourdain‬‬
‫‪52. Cass civ 28 janvier 1970, JCP, 1970, 4, 73‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪27‬‬

‫الفقرة الأولى‪ :‬معيار الخط أ�‬


‫يعتبر الفقه التقليدي �أن م�س�ؤولية المتبوع ت�ستند على خطئه‪� ،‬سواء كان في االختيار �أو الرقابة‪.‬‬
‫ولكن هذا التوجه يبدو منتقدا على �أ�سا�س �أن م�س�ؤوليته انطالقا من الن�صو�ص تعتبر م�س�ؤولية‬
‫كاف لنفي‬‫مقررة بن�ص القانون‪ ،‬حيث �إن �إثبات عدم ارتكاب خط�أ من طرف المتبوع يعد غير ٍ‬
‫م�س�ؤوليته‪ ،53‬باعتبار �أن م�س�ؤولية المتبوع تعد تبعية وم�س�ؤولية التابع تعتبر �أ�صلية‪ ،‬ولكل منهما‬
‫مجالها الخا�ص‪.54‬‬
‫لذلك هجر الق�ضاء هذا المعيار‪� ،‬إذ اعتبر �أن المتبوع يعد م�س�ؤوال عن �أفعال كافة تابعيه �سواء‬
‫كان له دور في اختيارهم �أم ال‪.55‬‬
‫وبناء على ما تقدم‪ ،‬ف�إن م�س�ؤولية المتبوع ترتبط ب�سلطة الأمر الثابتة له في مواجهة التابع‬
‫بخ�صو�ص العمل المكلف به بهذا الأخير‪� ،‬سواء با�شر �سلطة توجيه الأوامر بنف�سه �أو عن طريق �أحد‬
‫تابعيه كما هو ال�ش�أن في رئي�س الأجراء‪.56‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المعيار االقت�صادي‬
‫يعتبر المتبوع م�س�ؤوال وفقا لهذا المعيار مادام ي�ستفيد من ن�شاط التابع‪ ،‬وبالمقابل‪ ،‬ف�إنه يتحمل‬
‫النتائج المرتبطة بهذا الن�شاط‪.57‬‬
‫وال يمكن تبرير هذا المعيار االقت�صادي �إال عبر الأخذ بعين االعتبار الغنم الذي يجنيه المتبوع‬
‫من عمل التابع‪ ،‬وهو ما يوجب عليه تحمل المخاطر النا�شئة عنه من جهة �أولى‪ ،‬ومن جهة ثانية‪،‬‬
‫فالتابع يعتمد في ك�سب قوته على الأجر الذي يح�صل عليه من المتبوع ‪.58‬‬

‫‪53. Ph. Malaurie, L. Aynes, Ph, Stoffel - Munck : Droit des obligations, LGDJ, op cit, p : 90‬‬
‫ذلك �أن املتبوع يتخذ و�صف حار�س ال�شيء الذي يبا�رش به التابع العمل مل�صلحته‪ ،‬وبالتايل‪ ،‬ف�إن م�س�ؤوليته وفقا للف�صل ‪88‬‬
‫من ق ل ع غري مبنية على اخلط�أ‪� ،‬إذ حتى لو �أثبت عدم ارتكابه لأي خط�أ‪ ،‬ف�إن م�س�ؤوليته ال تنتفي‪.‬‬
‫‪54. « la responsabilité du fait personnel et la responsabilité du fait des choses ont chacune leur‬‬
‫‪domaine propre ».‬‬
‫‪- Cass civ 5 novembre 1969, Bull civ, II, n° 299‬‬
‫والتمييز امل�شار �إليه يف القرار كما ينطبق على امل�س�ؤولية املبنية على خط�أ واجب الإثبات وامل�س�ؤولية عن حرا�سة الأ�شياء‪،‬‬
‫ف�إنه ينطبق كذلك على امل�س�ؤولية الأوىل وم�س�ؤولية املتبوع عن خط�أ تابعه‪ ،‬باعتبار �أن املتبوع قد يتخذ و�صف احلار�س‪.‬‬
‫‪55. Cass civ 17 décembre 1964, JCP, G, 1965, II, 14125‬‬
‫‪56. R Rodière : note sous Cass civ 17 décembre 1964, JCP, G, 1965, II, 14125‬‬
‫‪57. J Laroque : Réflexions sur la jurisprudence de la chambre sociale de la cour de cassation, in‬‬
‫‪études G H Camerlynck, D, 1978, p : 33‬‬
‫‪58. R Savatier : note sous Cass crim 13 janvier 1922, D, 1923, p : 5‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪28‬‬

‫ولكن هذا التحليل انتقد على �أ�سا�س �أنه ال يت�ضمن كافة ال�صور المختلفة للم�س�ؤولية‪� ،‬إذ �أن‬
‫التابع كذلك يجني منفعة مادية‪ ،‬ومع ذلك ال يمكن القول بم�س�ؤوليته عن �أعمال المتبوع‪ ،‬ف�ضال‬
‫عن �أن المتبوع قد ال ي�ستهدف منفعة بل مجرد الخير‪ ،‬حيث ي�صعب تبرير قيام م�س�ؤوليته عن فعل‬
‫التابع في هذه الحالة‪.59‬‬
‫كذلك‪ ،‬ال يمكن الت�سليم بنظرية تحمل التبعة‪ ،‬لأن المت�ضرر �إن �سمح له بالرجوع على المتبوع‪،‬‬
‫ف�إن م�س�ؤولية هذا الأخير لي�ست �أ�صلية‪ ،‬و�إنما تبعية تتوقف في قيامها على ارتكاب خط�أ من طرف‬
‫التابع‪ ،‬حيث يبقى هذا الأخير هو الم�س�ؤول الأ�صلي عن االلتزام بالتعوي�ض‪.60‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬فالتابع ال يجوز له الرجوع على المتبوع ال�سترداد ما دفعه من تعوي�ض للمت�ضرر‪،‬‬
‫وبالعك�س‪ ،‬ف�إن المتبوع يجوز له الرجوع على التابع‪ ،‬الذي يتحمل الم�س�ؤولية في النهاية مما يتعار�ض‬
‫مع نظرية تحمل التبعة ك�أ�سا�س لم�س�ؤولية المتبوع‪.‬‬
‫وحا�صل ما تقدم‪� ،‬أن مفهوم المنفعة لي�س حا�سما لتحديد المتبوع‪ ،‬باعتبار �أن رابطة التبعية‬
‫تنتج عن �سلطة المتبوع في توجيه الأوامر بكيفية م�ستقلة �إلى التابع ب�ش�أن العمل الذي كلفه به‪.61‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬المعيار القانوني‬
‫ي�شترط وفقا للمعيار القانوني �أن تكون �سلطة المتبوع م�ستمدة من مركز قانوني‪ ،‬يخوله �سلطة‬
‫�إ�صدار الأوامر‪.‬‬
‫وفي �أغلب الأحوال‪ ،‬تن�ش�أ رابطة التبعية من عقد ال�شغل‪ ،‬كما هو الحال في التبعية بين الأجير‬
‫والم�شغل‪.‬‬
‫ولكن �سلطة المتبوع قد ال ت�ستند على عقد‪ ،‬حيث تتخذ طابعا فعليا‪ ،‬وهو ما جعل الق�ضاء يتجاوز‬
‫ال�سلطة القانونية للمتبوع الى ال�سلطة الفعلية في �إ�صدار الأوامر طالما �أن هذا الأخير يبا�شرها‬
‫نحو التابع‪.62‬‬

‫‪59. Ph. Malaurie, L. Aynes, Ph, Stoffel - Munck : op cit, p : 90‬‬
‫‪60. P Esmein : Responsabilité des commettants, rev crit de Leg et Juris 1924, p : 196‬‬
‫‪61. «  la notion de profit n’est pas déterminante pour apprécier qui est le commettant, le lien de‬‬
‫‪préposition résultant du pouvoir de commandement, du droit de donner des ordres et des‬‬
‫‪instructions ».‬‬
‫‪- Cass civ 17 décembre 1964, JCP, G, 1965, II, 14125‬‬
‫‪62. Cass crim 7 novembre 1968, D, 1969, p : 34‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪29‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬المعيار الفعلي‬


‫ي�ستند هذا المعيار في �إقامة رابطة التبعية على ال�سلطة الفعلية المقررة للمتبوع في �إ�صدار‬
‫الأوامر لتابعه‪ ،‬وهي �إما �أن تكون م�ستمدة من عقد‪� ،‬أو تظهر خارج نطاق العقد‪.‬‬
‫�أوال‪� :‬سلطة المتبوع الناتجة عن العقد‬
‫بالرغم من �أن رابطة التبعية قد تن�ش�أ عن عقد ال�شغل‪ ،‬ف�إن هذا ال يمنع من �أن تن�ش�أ من عقود‬
‫�أخرى‪ ،‬حيث تكت�سي �شروط العقد �أهمية كبيرة في تحديدها‪.‬‬
‫ف�إذا تبين وجود رابطة للتبعية‪ ،‬فال ت�أثير لذلك في ا�ستخدام المتبوع ل�سلطته في مواجهة التابع‬
‫من عدمها‪� ،‬إذ ال ت�شترط المعرفة الفنية فيما يتعلق بالأعمال المكلف بها التابع‪ ،‬بالنظر �إلى �أن‬
‫ا�شتراط ذلك‪� ،‬سي�ؤدي �إلى و�ضع غير مقبول‪ ،‬فال�شخ�ص المعنوي ال يمكن اعتباره متبوعا‪ ،‬وهذا‬
‫الأخير �إذا ا�ستخدم �أجراء فنيين ال يمكن ي�س�أل عن �أفعالهم‪.63‬‬
‫و�إذا لم يت�ضمن العقد وجود رابطة للتبعية‪ ،‬ف�إنه ال مجال لتطبيق م�س�ؤولية المتبوع عن خط�أ‬
‫التابع‪� ،‬إال �إذا با�شر �أحد الطرفين �سلطة فعلية في مواجهة الآخر بالن�سبة للأعمال التي كلفه بها‬
‫ولح�سابه‪.‬‬
‫ثانيا‪� :‬سلطة فعلية غير ناتجة عن العقد‬
‫قد تظهر رابطة التبعية خارج مجال العقد‪ ،‬حيث تتوافر بناء على وجود �سلطة فعلية‪ ،‬وتبعا‬
‫لذلك‪ ،‬فبطالن العقد �أو قابليته للإبطال �سيان‪� ،‬إذ لي�س من �ش�أنه �أن ي�ؤثر في قيام م�س�ؤولية المتبوع‬
‫مادام �أنه يبا�شر �سلطة بكيفية فعلية على التابع‪.‬‬
‫‪ - 1‬مدى ا�شتراط مبا�شرة المتبوع ل�سلطته بالفعل‬
‫الأ�صل �أنه ال مجال للتمييز فيما يتعلق بمبا�شرة المتبوع ل�سلطته من عدمها على التابع‪� ،‬إذا‬
‫كانت رابطة التبعية نا�شئة عن مركز قانوني‪.‬‬
‫و�إذا كان هذا الر�أي �صحيحا في حالة رابطة التبعية الم�ستمدة من العقد‪ ،‬ف�إن الأمر بخالف‬
‫ذلك‪� ،‬إذا كانت م�ستمدة من مركز فعلي‪� ،‬إذ في هذه الحالة لي�ست هناك �سلطة قانونية للمتبوع على‬
‫التابع تعطيه حق مبا�شرتها‪ ،‬وبالتالي عدم ممار�ستها ال ي�ؤثر في قيامها‪ ،‬بل �إن الأمر يتعلق ب�سلطة‬
‫فعلية يتوقف قيامها على مبا�شرتها بالفعل‪ ،‬وتخلف ذلك ي�ؤدي �إلى انتفائها‪ ،‬بالنظر �إلى �أن مبا�شرة‬

‫‪63. CA Dijon 20 juillet 1927, D, 1928, p : 13‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪30‬‬

‫هذه ال�سلطة هو الذي ي�ؤدي �إلى قيامها‪ ،‬وهو ما حر�ص الق�ضاء على الت�أكيد عليه‪ ،‬حيث ي�شير �إلى‬
‫ال�سلطة التي با�شرها المتبوع بالفعل‪ ،‬ويرتب على ذلك قيامها‪.‬‬
‫‪ - 2‬مدى ا�شتراط المعرفة الفنية في المتبوع الفعلي‬
‫�إذا كانت المعرفة الفنية ال ت�شترط في المتبوع التي ي�ستمد �سلطته من مركز عقدي‪ ،‬ف�إن بع�ض‬
‫الفقه �أقام م�ساواة بينه وبين المتبوع الذي ي�ستمدها من مركز فعلي‪.64‬‬
‫الواقع �أن ال�سلطة الفعلية �إذا تعلقت بعمل فني‪ ،‬ف�إن ذلك ي�ستلزم �أن يكون المتبوع على دراية‬
‫به‪ ،‬حتى يتمكن من �إ�صدار الأوامر ب�ش�أن كيفية تنفيذه‪ ،‬ويكفي �أن يكون ملما بالقواعد التي تحكم‬
‫العمل دون التفا�صيل الجزئية‪.65‬‬
‫ثالثا‪ :‬التبعية في �إطار العالقات العائلية‬
‫من حيث المبد�أ تعد العالقات العائلية غير كافية لإن�شاء رابطة التبعية �أو ا�ستبعادها‪ ،‬حيث‬
‫يتعلق الأمر بالظروف الخا�صة بكل حالة على حدة‪.66‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬لي�س هناك ما يمنع من قيامها في �إطار عائلي كما هو ال�ش�أن بالن�سبة للأب الدي‬
‫يكون �أجيرا لدى �إبنه �أو يزاول عمال لح�سابه‪ ،‬حيث يكون تابعا له في هذه الحالة‪.67‬‬
‫الفقرة الخام�سة‪ :‬نظرية ال�ضمان‬
‫تعتبر م�س�ؤولية المتبوع عن خط�أ التابع مبنية على نظرية ال�ضمان‪ ،‬حيث يعد المتبوع م�س�ؤوال‬
‫تبعيا بجانب التابع كم�س�ؤول �أ�صلي‪ ،‬يكون قادرا على تحمل �أعباء التعوي�ض‪ ،68‬فهي بمثابة �ضمان‬
‫لحماية الغير �ضد �إع�سار التابع‪ ،‬ولي�س الهدف منها جعل هذا الأخير يتحلل الم�س�ؤولية التي يتحمل‬
‫بها‪.69‬‬
‫‪64. G Ripert, J Boulanger : Traité de droit civil, (d’après le Traité de Planiol), t 2, LGDJ, Paris,‬‬
‫‪1957, p : 429‬‬
‫‪65. CA Paris 14 mars 1930, D, 1930, p : 115‬‬
‫‪66. Ph. Malaurie, L. Aynes, Ph, Stoffel - Munck : op cit, p : 91‬‬
‫‪67. Cass crim 27 décembre 1961, D, 1962, p :75‬‬
‫‪68. Ph. Malaurie, L. Aynes, Ph, Stoffel - Munck : op cit, p : 90‬‬
‫‪69. Cass crim 29 juin 2011, JCP, G, 2012, 530, n° 5 obs C Bloch‬‬
‫جاء يف هذا القرار ما يلي‪:‬‬
‫‪«  la responsabilité civile du commettant a pour but unique de protéger les tiers contre‬‬
‫‪l’insolvabilité de l’auteur de l’infraction et non de décharger celui-ci, dans une mesure‬‬
‫‪quelconque, de la responsabilité qui lui incombe ».‬‬
‫‪- Cass crim 29 juin 2011, JCP, G, 2012, 530, n° 5‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪31‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬و�سائل دفع م�س�ؤولية المتبوع‬


‫مادام �أن م�س�ؤولية المتبوع تقوم على قرينة للم�س�ؤولية‪ ،‬باعتبار �أن �إثبات خطئه غير الزم لإثارة‬
‫م�س�ؤوليته‪ ،‬وبالتبعية حتى لو �أثبت المتبوع �أنه لم يرتكب خط�أ‪ ،‬فذلك غير كاف لنفي م�س�ؤوليته‪.70‬‬
‫فالإمكانية الوحيدة للتحلل من الم�س�ؤولية تظهر في عالقته بالمت�ضرر‪ ،‬وتبعا لذلك‪ ،‬يتعين عليه‬
‫�إثبات �سبب �أجنبي‪� ،‬سواء كان قوة قاهرة �أو خط�أ المت�ضرر نف�سه‪.71‬‬
‫و�إذا كانت م�س�ؤولية المتبوع تعتبر بمثابة �ضمان للمت�ضرر‪ ،‬ف�إن المتبوع ال يمكن �أن يتم�سك بكون‬
‫الفعل المرتكب من طرف التابع قد �شكل بالن�سبة �إليه قوة قاهرة لكي يتحلل من م�س�ؤوليته‪.‬‬
‫وال �شك �أن القواعد التي ا�ستنتجها الق�ضاء بخ�صو�ص حاالت م�س�ؤولية المتبوع قد �أدت �إلى‬
‫تكوين ح�صانة للتابع مادام لم يخرج عن مهمته ولم يتجاوز الوظيفة المكلف بها من طرف الأول‬
‫في حدود معينة‪.‬‬
‫المطلب الأول‪ :‬ح�صانة التابع‬
‫مادام �أن م�س�ؤولية المتبوع تعد بمثابة �ضمان مقرر لفائدة المت�ضرر من �أجل تعوي�ضه عن‬
‫ال�ضرر الالحق به‪ ،‬ف�إن المتبوع الذي �أدى التعوي�ض يملك من حيث المبد�أ دعوى للرجوع في‬
‫مواجهة التابع‪ ،‬حيث يتحدد نطاق م�س�ؤولية كل منهما‪.72‬‬
‫ولي�س هناك ما يمنع المت�ضرر من الرجوع على التابع وحده على �أ�سا�س الم�س�ؤولية المبنية‬
‫على خط�أ واجب الإثبات‪ 73،‬وفي هذه الحالة ال يجوز للتابع �أن يمار�س دعوى للرجوع على المتبوع‪،‬‬
‫بالنظر �إلى كون م�س�ؤولية هذا الأخير تقررت ك�ضمان لفائدة المت�ضرر ولي�س للتابع‪.74‬‬

‫‪70. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats,op cit,‬‬
‫‪p : 438.‬‬
‫‪71. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,‬‬
‫‪p : 438.‬‬
‫‪72. M.F Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit, p :‬‬
‫‪438.‬‬
‫‪73. L’article 1240 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) précité.‬‬
‫‪-L’article 1241 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) précité.‬‬
‫‪ -‬الف�صل ‪ 77‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه‪.‬‬
‫‪ -‬الف�صل ‪ 78‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه‪.‬‬
‫‪74. M.F Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit, p :‬‬
‫‪439.‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪32‬‬

‫الفقرة الأولى‪� :‬شروط عدم �إمكانية م�ساءلة التابع‬


‫�إذا كانت م�س�ؤولية المتبوع تعد تبعية لم�س�ؤولية التابع‪ ،‬ف�إنها تتحدد في نطاق �ضيق يقت�ضي عدم‬
‫خروج التابع عن حدود المهمة الم�سندة �إليه من طرف الأول‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬تنتفي �إمكانية �إثارة م�س�ؤولية التابع عندما يت�صرف هذا الأخير دون تجاوز حدود‬
‫المهمة المكلف بها من طرف المتبوع‪ ،‬حيث تم التو�سع في هذه الو�ضعية لت�شمل كذلك التابع‬
‫ال�سائق‪.‬‬
‫�أوال‪ :‬عدم تجاوز التابع حدود المهمة الم�سندة �إليه من طرف المتبوع‬
‫�سنتطرق الى موقف الق�ضاء الفرن�سي والمغربي‪ ،‬ثم الأثر المترتب على عدم خروج التابع عن‬
‫حدود المهمة المكلف بها من طرف المتبوع‪.‬‬
‫‪ - 1‬الق�ضاء الفرن�سي‬
‫قررت محكمة النق�ض الفرن�سية بجميع غرفها بتاريخ ‪ 25‬فبراير ‪� 2000‬أن التابع الذي ت�صرف‬
‫دون �أن يتجاوز حدود المهمة الم�سندة �إليه من طرف المتبوع ال يمكن �أن تثار م�س�ؤوليته في مواجهة‬
‫الغير‪.75‬‬
‫‪ - 2‬الق�ضاء المغربي‬
‫لم يخرج الق�ضاء المغربي عن توجه نظيره الفرن�سي‪� ،‬إذ « ي�س�أل المخدوم عن الفعل ال�ضار‬
‫ال�صادر عن �أحد خدامه �إذا كان الفعل قد ارتكب �أثناء القيام بالوظيفة �أو ب�سببها»‪ ،76‬ذلك « �أن‬
‫العمل ال�ضار الذي يرجع الى الإ�ساءة في �أداء الوظيفة من طرف التابع ال تجعل المتبوع م�س�ؤوال �إذا‬
‫لم يكن هناك �أي ارتباط بين الفعل ال�ضار ومهمة التابع‪ ،‬ولذلك يتعين �إبراء دمة المتبوع كم�س�ؤول‬
‫مدني مادام �أن الفعل ال�ضار الذي ارتكبه التابع م�ستقال عن التبعية التي تربطه بم�شغله» ‪.77‬‬

‫‪75. « n’engage pas sa responsabilité à l’égard des tiers le préposé qui agit sans excéder les‬‬
‫‪limites de la mission qui lui a été impartie par son commettant ».‬‬
‫‪- Ass plèn 25 février 2000, D, 2000, p : 673 note Ph. Brun‬‬
‫‪- F. Rinaldi : note sous Ass plèn 25 février 2000, Gaz pal 2000, p : 1462‬‬
‫‪ 776‬قرار املجل�س الأعلى )حمكمة النق�ض حاليا (عدد ‪ 73‬بتاريخ ‪ 18‬مار�س ‪ ،1975‬امللف االجتماعي عدد ‪ 45 .965‬من�شور‬
‫مبجلة الق�ضاء والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،126‬ال�سنة ‪ ،16‬يوليوز ‪� ،1977‬ص‪149 :‬‬
‫‪ 777‬قرار املجل�س الأعلى )حمكمة النق�ض حاليا(عدد ‪ 502‬بتاريخ ‪� 24‬أكتوبر ‪ ،1985‬من�شور مبجلة املحاكم املغربية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،45‬ماي‪ ،‬يونيو ‪� ،1987‬ص‪51 :‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪33‬‬

‫‪ - 3‬الأثر المترتب على عدم خروج التابع عن حدود المهمة المكلف بها من طرف المتبوع‬
‫يتعذر على المتبوع في هذه الحالة ممار�سة دعوى الرجوع في مواجهة التابع‪ ،‬بالنظر �إلى �أن‬
‫هذا الأخير ولو ارتكب خط�أ‪ ،‬ف�إن م�س�ؤوليته ال يمكن �أن تثار �إال �إذا تجاوز حدود المهمة المكلف بها‬
‫من طرف المتبوع‪.78‬‬
‫ثانيا‪ :‬التابع ال�سائق‬
‫لقد مدد الق�ضاء الفرن�سي نف�س الحل ال�سابق حتى بالن�سبة للتابع عندما يكون �سائقا‪ ،‬حيث ال‬
‫يلزم بالتعوي�ض في مواجهة ال�ضحية عندما يرتكب حادثة �سير مادام قد ت�صرف في حدود المهمة‬
‫المكلف بها‪.79‬‬
‫وبخالف الأمر �إذا ت�صرف بفعل مبادرته ال�شخ�صية ودون عالقة بمهمته‪ ،‬ف�إنه ي�صبح حار�سا‬
‫و�سائقا عر�ضيا ل�سيارة الغير التي ارتكب بوا�سطتها الفعل ال�ضار‪.80‬‬
‫ونف�س التوجه تبناه الق�ضاء المغربي كذلك‪ ،‬حيث « تنتفي الم�س�ؤولية عندما يعلم الم�ضرور �أن‬
‫الت�صرف ال�صادر عن التابع كان لح�سابه ال�شخ�صي‪ ،‬ويكون كذلك في حالة نقل الم�سافرين الذي‬
‫يتم �إنجازه بعلم ه�ؤالء وجهل مالك ال�سيارة‪� ،‬أي بمبادرة التابع ولم�صلحته‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ف�إن مالك‬
‫ال�سيارة المذكورة ال يمكن م�ساءلته في هذا ال�ش�أن»‪.81‬‬

‫‪78. crim 15 octobre 2010 cité par M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité‬‬
‫‪civile et quasi-contrats, op cit, p : 441‬‬
‫جاء يف هذا القرار ال�صادر عن حمكمة النق�ض الفرن�سية بتاريخ ‪� 25‬أكتوبر ‪ 2010‬ما يلي‪:‬‬
‫‪« attendu qu’en prononçant par ces seuls motifs, d’où il ne résulte pas que le préposé a‬‬
‫‪excédé les limites de sa mission, la cour d’appel n’a pas justifié sa décision ».‬‬
‫‪79. Cass civ 28 mai 2009, RTD civ 2009, p : 541 obs P. Jourdain‬‬
‫جاء يف هذا القرار ما يلي‪:‬‬
‫‪« n’est pas tenu à indemnisation à l’égard de la victime le préposé conducteur d’un véhicule‬‬
‫‪de son commettant impliqué dans un accident de la circulation qui agit dans les limites de la‬‬
‫‪mission qui lui a été impartie ».‬‬
‫‪- Cass civ 28 mai 2009, RTD civ 2009, p : 541‬‬
‫‪- I. Gallmeister : obs sous Cass civ 28 mai 2009, D, 2009, p : 2667‬‬
‫‪80. « devenu, par l’effet d’une initiative personnelle sans rapport avec sa mission, gardien‬‬
‫‪et conducteur occasionnel du véhicule d’un tiers au moyen duquel il avait commis l’acte‬‬
‫‪dommageable ».‬‬
‫‪- Cass civ 3 juin 2004, RTD civ 2004, p : 742 obs P. Jourdain‬‬
‫‪ 881‬قرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 27‬فرباير ‪ ،1959‬من�شور باملجلة املغربية للقانون‪ ،‬العدد ‪� ،1959 ،1951‬ص‪:‬‬
‫‪58‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪34‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حدود عدم �إمكانية م�ساءلة التابع‬


‫قد تت�أثر م�س�ؤولية التابع في حدود معينة �إذا كان قد ارتكب جريمة عمدية �أو غير عمدية‪.‬‬
‫�أوال‪ :‬ارتكاب التابع لجريمة عمدية‬
‫القاعدة لدى الق�ضاء الفرن�سي �أن التابع �إذا ارتكب جريمة عمدية‪ ،‬ف�إنه يكون م�س�ؤوال عن‬
‫ال�ضرر الالحق بالمت�ضرر نتيجة لها من الناحية المدنية‪.82‬‬
‫فقد قررت محكمة النق�ض الفرن�سية بتاريخ ‪ 14‬دجنبر ‪� 2001‬أن التابع الذي ارتكب جريمة‬
‫بكيفية عمدية و�ألحق �ضررا بالغير‪ ،‬يعد م�س�ؤوال من الناحية المدنية في مواجهة هذا الأخير‪.83‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬فم�س�ؤولية التابع ال�شخ�صية ال ترتبط فح�سب بعالقة الفعل الذي ارتكبه بالمهمة‬
‫المكلف بها‪ ،‬ولكن �أي�ضا بطبيعة تكييف هذا الفعل كذلك‪.84‬‬
‫والتابع من جهة �أولى‪ ،‬يعد م�س�ؤوال من الناحية المدنية في مواجهة الغير المت�ضرر عندما‬
‫يرتكب جريمة عمدية‪ ،‬متى اعتبرت المحكمة الزجرية �أن فعله ي�شكل جريمة قائمة بمختلف‬
‫عنا�صرها ولو لم ت�صدر �أي عقوبة في مواجهته‪.85‬‬
‫ومن جهة ثانية‪ ،‬مادام �أن التابع لم يخرج عن حدود وظيفته‪ ،‬ف�إن المتبوع يكون م�س�ؤوال معه‬
‫بكيفية ت�ضامنية في مواجهة المت�ضرر من الناحية المدنية‪.86‬‬

‫‪82. Ass plèn 14 décembre 2001, D, 2002, p : 1317‬‬


‫‪- J. Julien : note sous Ass plèn 14 décembre 2001, D, 2002, p : 1230‬‬
‫‪83. « le préposé condamné pénalement pour avoir intentionnellement commis, fût -ce sur l’ordre‬‬
‫‪du commettant, une infraction ayant porté préjudice à un tiers, engage sa responsabilité‬‬
‫‪civile à l’égard de celui-ci ».‬‬
‫‪- Ass plèn 14 décembre 2001, RTD civ 2002, p : 109 obs P. Jourdain‬‬
‫‪84. R De Gouttes : Conclusions sous Ass plèn 14 décembre 2001, Gaz pal 2002, p : 124‬‬
‫‪- D. Mazeaud : obs sous Ass plèn 14 décembre 2001, D, 2002, p : 1317‬‬
‫‪85. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,‬‬
‫‪p : 444‬‬
‫وتتحقق هذه الفر�ضية عندما يتمتع اجلاين بعذر معف من العقاب مقرر يف القانون اجلنائي‪.‬‬
‫‪86. « de ces énonciations, d’où il résulte que (le préposé), en détournant des fonds qui lui avaient‬‬
‫‪été remis dans l’exercice de ses fonctions, ne s’était pas placé hors de celles-ci, la cour‬‬
‫‪d’appel a exactement déduit que la (la compagnie d’assurance) ne s’exonérait pas de sa‬‬
‫‪responsabilité civile ».‬‬
‫‪Ass plén 19 mai 1988, D, 1988, p : 513‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
35

‫ ارتكاب التابع لجريمة غير عمدية‬:‫ثانيا‬


‫لقد تو�سع الق�ضاء في مرحلة ثانية ب�صدد مفهوم الجريمة التي من �ش�أنها �أن ت�ؤدي �إلى قيام‬
.87‫م�س�ؤولية التابع المدنية بكيفية �شخ�صية‬
‫ذلك �أن التابع يعتبر م�س�ؤوال بكيفية �شخ�صية من الناحية المدنية متى ارتكب فعال يمكن تكييفه‬
‫ حيث يثير م�س�ؤوليته المدنية في مواجهة‬،‫ من القانون الجنائي الفرن�سي‬121-3 ‫في �إطار الف�صل‬
.88‫�ضحية الجريمة غير العمدية ولو ارتكبها �أثناء �أداء وظيفته‬
‫ من القانون الجنائي الفرن�سي ال يعد‬89 121-3 ‫والفعل الذي يمكن تكييفه في �إطار الف�صل‬
‫ ف�إنه لم يتخذ‬،‫ باعتبار �أن مرتكب الفعل و�إن كان ال ي�ستهدف النتيجة التي حدثت‬،‫جريمة عمدية‬
،‫االحتياطات الالزمة لمنع ما قد يترتب على �سلوكه من نتيجة باعتبار �أنها متوقعة وممكنة التحقق‬
‫حيث ينزل هذا الفعل من الناحية المدنية منزلة و�سطى بين الخط�أ العمدي والخط�أ الناتج عن‬
.90‫مجرد �إهمال �أو عدم احتياط ب�سيط‬

87. J. Mouly : note sous Cass crim 28 mars 2006, JCP, G, 2006, II, 10188
88. « dès lors que le préposé, titulaire d’une délégation de pouvoir, auteur d’une faute qualifiée
au sein de l’article 121-3 du code pénal, engage sa responsabilité civile à l’égard du tiers
victime l’infraction, celle-ci fût-elle commise dans l’exercice de ses fonctions ».
- Cass crim 28 mars 2006, RTD civ 2007, p : 135 obs P. Jourdain
89. L’article 121-3 du code pénal Français (Loi n°2000-647 du 10 juillet 2000) dispose que :
« Il n’y a point de crime ou de délit sans intention de le commettre.
Toutefois, lorsque la loi le prévoit, il y a délit en cas de mise en danger délibérée de la
personne d’autrui.
Il y a également délit, lorsque la loi le prévoit, en cas de faute d’imprudence, de négligence ou
de manquement à une obligation de prudence ou de sécurité prévue par la loi ou le règlement,
s’il est établi que l’auteur des faits n’a pas accompli les diligences normales compte tenu, le
cas échéant, de la nature de ses missions ou de ses fonctions, de ses compétences ainsi que
du pouvoir et des moyens dont il disposait.
Dans le cas prévu par l’alinéa qui précède, les personnes physiques qui n’ont pas causé
directement le dommage, mais qui ont créé ou contribué à créer la situation qui a permis
la réalisation du dommage ou qui n’ont pas pris les mesures permettant de l’éviter, sont
responsables pénalement s’il est établi qu’elles ont, soit violé de façon manifestement
délibérée une obligation particulière de prudence ou de sécurité prévue par la loi ou le
règlement, soit commis une faute caractérisée et qui exposait autrui à un risque d’une
particulière gravité qu’elles ne pouvaient ignorer.
Il n’y a point de contravention en cas de force majeure » .
90. J. H. Robert : Droit pénal général, PUF , 6éd, 2005, p : 324

2020 ‫ ● نونرب‬17-16 ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪36‬‬

‫و�إذا كان التابع لم يخرج عن حدود وظيفته‪ ،‬ف�إن المتبوع يبقى م�س�ؤوال معه ت�ضامنا في مواجهة‬
‫المت�ضرر من الناحية المدنية‪.91‬‬
‫ثالثا‪ :‬ارتكاب التابع لخط�أ مدني بكيفية عمدية‬
‫ن�ص م�شروع تعديل قانون الم�س�ؤولية المدنية الفرن�سي بتاريخ ‪ 13‬مار�س ‪ 2017‬في الف�صل‬
‫‪ 1249‬على �أن التابع ال تثار م�س�ؤوليته ال�شخ�صية �إال في حالة الخط�أ العمدي �أو عندما يت�صرف دون‬
‫�إذن ولتحقيق �أغرا�ض خارجة عن اخت�صا�صاته‪.92‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬عدم �إمكانية م�ساءلة التابع و�أثرها على تنفيذ عقد ال�شغل‬
‫�سنتطرق الى طبيعة عدم تحمل التابع للم�س�ؤولية عن خطئه مادام لم يتجاوز حدود مهمته‪،‬‬
‫و�أثر ذلك على تنفيذ عقد ال�شغل �إذا كان �أجيرا لدى المتبوع �أو الم�شغل‪.‬‬
‫�أوال‪ :‬طبيعة عدم �إمكانية م�ساءلة التابع‬
‫القاعدة �أن التابع ال يمكن �أن تثار م�س�ؤوليته �إذا لم يتجاوز نطاق المهمة المكلف بها من طرف‬
‫المتبوع‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬ال يمكن �أن يلزم ب�أداء التعوي�ض �سواء في مواجهة المت�ضرر �أو المتبوع �أثناء‬
‫ممار�سة هذا الأخير دعوى الرجوع في مواجهته‪.93‬‬
‫وبمعنى �آخر‪ ،‬ف�إن التابع ال يمكن �أن يتحمل نتائج �سلوكه ولو كان خاطئا ما لم يرتكب جريمة‬
‫عمدية �أو جريمة غير عمدية �أو يتجاوز حدود مهمته على نحو ما �سبق‪.94‬‬

‫‪91. «Le commettant ne s’exonère de sa responsabilité de plein droit que si son préposé a agi‬‬
‫‪hors des fonctions auxquelles il était employé, sans autorisation et à des fins étrangères à‬‬
‫‪ses attributions ».‬‬
‫‪- Cass civ 12 mai 2011 cité par M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité‬‬
‫‪civile et quasi-contrats, op cit, p : 453‬‬
‫‪92. L’article 1249 du projet de réforme du droit de la responsabilité (13 mars 2017) dispose que :‬‬
‫‪« Le prépose n’engage sa responsabilité personnelle qu’en cas de faute intentionnelle ou‬‬
‫‪lorsque, sans autorisation, il a agi à des fins étrangères à ses attributions ».‬‬
‫‪93. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,‬‬
‫‪p : 447‬‬
‫‪94. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,‬‬
‫‪p : 447‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪37‬‬

‫ثانيا‪� :‬أثر عدم تحمل التابع للم�س�ؤولية بالن�سبة لتنفيذ عقد ال�شغل‬
‫�إذا كان التابع ال يمكن �أن تثار م�س�ؤوليته ولو ارتكب خط�أ في نطاق المهمة المكلف بها من طرف‬
‫المتبوع في مواجهة الغير المت�ضرر‪ ،‬فما هو ت�أثير ذلك الخط�أ في عالقته بالمتبوع �إذا كان مرتبطا‬
‫معه بعقد �شغل‪.‬‬
‫الواقع �أن المتبوع ال يملك �أي دعوى للرجوع في مواجهة �أجيره �أمام الق�ضاء المدني وال يمكن‬
‫�أن يتم�سك بالحلول في حقوق ال�ضحية‪� ،‬أو يمار�س �أي دعوى في مواجهة التابع التي ت�صرف في‬
‫حدود المهمة المكلف بها‪� ،‬إال �إذا كان ال�ضرر الالحق بالمت�ضرر ناتجا عن جريمة عمدية �أو خط�أ‬
‫عمديا‪ ،‬ولما ثبت لمحكمة اال�ستئناف �أن الحادثة وقعت �أثناء �أداء الأجير اللتزاماته المهنية‪ ،‬ف�إنها‬
‫قررت �أن البحث في مو�ضوع النزاع يقت�ضي تقدير وجود خط�أ في تنفيذ عقد ال�شغل‪ ،‬وهو ما يخرج‬
‫عن اخت�صا�صها‪.95‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االرتباط بين م�س�ؤولية المتبوع والتابع‬
‫�إذا كانت القاعدة �أن التابع عندما يرتكب الخط�أ في حدود المهمة المكلف بها ال يمكن �أن تثار‬
‫م�س�ؤوليته‪ ،‬حيث يبقى المتبوع م�س�ؤوال عن ذلك‪ ،‬ف�إن هذه القاعدة ال تتميز بالإطالق‪� ،‬إذ �أن التابع‬
‫متى تجاوز حدود المهمة المكلف بها‪ ،‬يعد م�س�ؤوال بكيفية �شخ�صية في مواجهة المت�ضرر من جهة‪،‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن المتبوع تثار م�س�ؤوليته مع التابع بكيفية ت�ضامنية متى لم يتجاوز هذا الأخير‬
‫حدود الوظيفة المكلف بها‪.‬‬

‫‪95. Cass civ 20 décembre 2007, RTD civ 2008, p : 315 obs P. Jourdain‬‬
‫‪- J. Mouly : note sous Cass civ 20 décembre 2007, D, 2008, p : 1248‬‬
‫جاء يف قرار ملحكمة النق�ض الفرن�سية بتاريخ ‪ 20‬دجنرب ‪ 2007‬ما يلي‪:‬‬
‫‪« le commettant ne disposant d’aucune action récursoire contre son salarié devant la‬‬
‫‪juridiction de droit commun dès lors qu’il ne peut se prévaloir d’une subrogation dans les‬‬
‫‪droits de la victime, laquelle ne dispose d’aucune action contre le préposé qui a agi dans les‬‬
‫‪limites de la mission qui lui était impartie, hors le cas ou le préjudice de la victime résulte‬‬
‫‪d’une infraction pénale ou d’une faute intentionnelle, la cour d’appel, qui a constaté que‬‬
‫‪l’accident s’était produit dans l’exercice par le salarié de ses obligations professionnelles,‬‬
‫‪a exactement décidé que l’examen du litige nécessitait l’appréciation de l’existence d’une‬‬
‫‪faute dans l’exécution du contrat de travail et relevait de la compétence d’attribution de la‬‬
‫‪juridiction prud’homale ».‬‬
‫‪- Cass civ 20 décembre 2007, D, 2008, p : 1248‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪38‬‬

‫الفقرة الأولى‪ :‬م�س�ألة الجمع بين م�س�ؤولية المتبوع والتابع‬


‫�إذا كان الأ�صل �أن المتبوع يعتبر م�س�ؤوال عن خط�أ التابع متى لم يتجاوز هذا الأخير حدود‬
‫المهمة المكلف بها‪ ،‬ف�إن الإ�شكال يطرح ب�صدد ما �إذا كانت هناك �إمكانية �أمام المت�ضرر في �إثارة‬
‫م�س�ؤوليتهما معا �أم �أن م�س�ؤولية �أحدهما ت�ستبعد الأخرى‪.‬‬
‫�أوال‪ :‬التجاوز في حدود الوظيفة والتجاوز في حدود المهمة‬
‫القاعدة �أن كل تجاوز في الوظيفة ي�ستلزم �أن يكون هناك تجاوز في حدود المهمة‪ ،‬ولكن‬
‫العك�س يبقى غير �صحيح‪.96‬‬
‫ويرجع هذا التمييز �إلى الم�صطلحات الم�ستخدمة من طرف الق�ضاء الفرن�سي والذي يجعل‬
‫المتبوع ال يتحمل بالم�س�ؤولية �إذا كان التابع قد ت�صرف خارج الوظيفة المكلف بها دون �إذن‬
‫ولأغرا�ض �أجنبية‪ ،‬حيث يكون كذلك قد تجاوز حدود المهمة المكلف بها من طرف المتبوع‪.‬‬
‫ذلك �أن تف�سير الم�صطلحات الم�ستعملة من طرف الق�ضاء قد �أدى �إلى �إعطاء م�س�ؤولية المتبوع‬
‫والتابع مفهوما محددا‪ ،‬وبمعنى �آخر‪ ،‬ف�إن م�س�ؤولية كل واحد منهما ال يمكن �أن تكون �إال بكيفية‬
‫تبادلية دون �إمكانية الجمع بينهما �إال ا�ستثناء‪.97‬‬
‫والتمييز بين المفهومين على النحو ال�سابق يبقى منطقيا بالنظر �إلى اختالف وظيفتهما‪،‬‬
‫فالتجاوز في حدود المهمة ي�سمح بالأخذ بعين االعتبار خط�أ التابع‪ ،‬وبالتالي عدم �إثارة م�س�ؤوليته‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬لذلك يف�سر تف�سيرا وا�سعا‪� ،‬أما التجاوز في الوظيفة‪ ،‬فهو ي�سمح ب�إعفاء المتبوع‪،‬‬
‫وبالتالي بقاء التابع م�س�ؤوال بكيفية �شخ�صية‪ ،‬لذلك‪ ،‬فهو يف�سر تف�سيرا �ضيقا‪ ،‬و�إن كان هو الآخر‬
‫ي�ستهدف نف�س الغاية‪ ،‬وهي �ضمان التعوي�ض للمت�ضرر‪.98‬‬
‫وتبعا لما �سبق‪ ،‬فالتجاوز في حدود المهمة يتحقق عندما يقوم التابع ب�شيء غير ذلك الذي تم‬
‫ت�شغيله من �أجله‪ ،‬بينما التجاوز في حدود الوظيفة‪ ،‬يتحقق عندما يكون التابع قد ت�صرف بكيفية‬
‫فعلية خارج حدود عمله‪� ،‬سواء من حيث الوقت المخ�ص�ص له‪� ،‬أو مكان القيام به‪.99‬‬
‫‪96. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,p :‬‬
‫‪450‬‬
‫‪97. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,p :‬‬
‫‪451‬‬
‫‪98. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,p :‬‬
‫‪451‬‬
‫‪99. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,p :‬‬
‫‪451‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪39‬‬

‫وبناء على التفرقة التي �سبقت الإ�شارة �إليها‪ ،‬فالتابع من الناحية العملية قد يتجاوز حدود‬
‫مهمته‪ ،‬دون �أن ي�ستلزم ذلك تجاوزا في حدود وظيفته‪.‬‬
‫ف�إذا ما ت�صرف التابع خارج حدود الوظيفة التي تم ت�شغيله من �أجلها ودون �إذن ومن �أجل‬
‫غر�ض �أجنبي عنها‪ ،‬ف�إنه يعتبر قد تجاوز في وظيفته‪ ،‬بحيث يعتبر المتبوع غير م�س�ؤول في مواجهة‬
‫ال�ضحية �أو المت�ضرر‪ ،‬ويبقى التابع هو الم�س�ؤول في مواجهة هذا الأخير‪.100‬‬
‫وبالمقابل‪ ،‬ف�إن العك�س غير �صحيح‪ ،‬فقد يحدث �أن يتجاوز التابع حدود مهمته‪ ،‬ففي هذه الحالة‬
‫يكون م�س�ؤوال بكيفية �شخ�صية في مواجهة ال�ضحية‪ ،‬ومادام لم يرتكب تجاوزا في حدود وظيفته‪،‬‬
‫ف�إن المتبوع يبقى كذلك م�س�ؤوال‪ ،‬كما لو وجه هذا الأخير تعليمات للتابع بحيث لوالها لما تجاوز‬
‫هذا الأخير في حدود مهمته‪.101‬‬
‫ثانيا‪ :‬الخط�أ الجنائي المرتكب من طرف التابع ال ي�ستلزم التجاوز في حدود الوظيفة‬
‫القاعدة �أن الخط�أ الجنائي المرتكب من طرف التابع ال يقت�ضي �أن يكون هناك تجاوز في حدود‬
‫الوظيفة في كافة الحاالت‪.102‬‬
‫فمن جهة �أولى‪ ،‬يبقى التابع م�س�ؤوال �إذا اقترف جريمة عمدية‪� ،‬سواء كان ذلك في حدود‬
‫مهمته �أم ال‪ ،‬ومن جهة ثانية‪� ،‬إذا لم يتجاوز حدود وظيفته‪ ،‬ف�إن المتبوع يبقى م�س�ؤوال معه بكيفية‬
‫ت�ضامنية‪.103‬‬
‫وعلى هذا النحو‪ ،‬فالمتبوع ال يعفى من م�س�ؤوليته المقررة بقوة القانون �إال �إذا كان التابع‬
‫قد ت�صرف خارج الوظيفة التي تم ت�شغيله من �أجلها‪ ،‬ودون �إذن‪ ،‬ومن �أجل �أغرا�ض �أجنبية عن‬
‫اخت�صا�صاته‪.104‬‬

‫‪100. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,‬‬
‫‪p : 451‬‬
‫‪101. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,‬‬
‫‪p : 451 et 452‬‬
‫‪102. Cass civ 16 mai 2005, JCP , G,2006, I, 111, n° 10‬‬
‫‪103. Ph. Stoffel- Munck : obs sous Cass civ 16 juin 2005, JCP, G, 2006, I, 111, n° 10‬‬
‫‪104. «  le commettant ne s’exonère de sa responsabilité de plein droit que si son préposé a agi‬‬
‫‪hors des fonctions auxquelles il était employé, sans autorisation et à des fins étrangères à‬‬
‫‪ses attributions ».‬‬
‫‪- Cass civ 12 mai 2011 cité par M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité‬‬
‫‪civile et quasi-contrats, op cit, p : 453‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫د‪� .‬أحمد الدراري‬
‫‪40‬‬

‫وحا�صل ما تقدم‪� ،‬أن التابع عندما يرتكب جريمة عمدية‪ ،‬ف�إنه يعتبر م�س�ؤوال �سواء تجاوز حدود‬
‫مهمته �أم ال‪ ،‬ومادام لم يتجاوز حدود وظيفته‪ ،‬ف�إن المتبوع كذلك يبقى م�س�ؤوال معه من الناحية‬
‫المدنية بكيفية ت�ضامنية‪ ،‬وال يمكن له التحلل من الم�س�ؤولية �إال �إذا �أثبت �أن التابع قد تجاوز حدود‬
‫وظيفته‪.105‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حاالت م�س�ؤولية المتبوع والتابع‬
‫�إن مفهوم التجاوز في الوظيفة ي�سمح بتقدير نطاق م�س�ؤولية المتبوع‪ ،‬وتحديد ما �إذا كان‬
‫م�س�ؤوال �أم ال‪� ،‬أما التجاوز في حدود المهمة‪ ،‬ف�إنه ي�سمح بتقدير م�س�ؤولية التابع‪.‬‬
‫فالتجاوز في الوظيفة من طرف التابع ي�ستتبع تجاوزا في حدود المهمة‪ ،‬ولكن العك�س غير‬
‫�صحيح‪� ،‬إذ �أن تجاوز التابع لحدود مهمته ال ي�ستلزم حتما ارتكاب تجاوز في حدود الوظيفة‪.106‬‬
‫لذلك‪ ،‬يقت�ضي الأمر التمييز بين ثالثة فر�ضيات‪.‬‬
‫�أوال‪ :‬التابع غير م�س�ؤول ولكن المتبوع يعتبر م�س�ؤوال‬
‫يعتبر التابع غير م�س�ؤول في مواجهة الغير �إذا ت�صرف دون تجاوز حدود المهمة المكلف بها من‬
‫طرف المتبوع‪ ،107‬حيث يبقى هذا الأخير م�س�ؤوال‪.108‬‬

‫‪105. Ass plén 19 mai 1988, D, 1988, p : 513 note Ch. Laroumet‬‬
‫جاء يف هذا القرار ما يلي‪:‬‬
‫‪« de ces énonciations, d’où il résulte que (le préposé), en détournant des fonds qui lui‬‬
‫‪avaient été remis dans l’exercice de ses fonctions, ne s’était pas placé hors de celles-ci, la‬‬
‫‪cour d’appel a exactement déduit que la (la compagnie d’assurance) ne s’exonérait pas de‬‬
‫‪sa responsabilité civile ».‬‬
‫‪- Ass plén 19 mai 1988, D, 1988, p : 513‬‬
‫وجاء كذلك يف نف�س القرار ما يلي‪:‬‬
‫‪« le commettant ne s’exonère de sa responsabilité que si son préposé a agi hors des fonctions‬‬
‫‪auxquelles il était employé, sans autorisation, et à des fins étranges à ses attributions ».‬‬
‫‪- Ass plén 19 mai 1988, D, 1988, p :‬‬
‫‪- Cass civ 16 juin 2005, JCP, G, 2006, I, 111, n° 10‬‬
‫‪106. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,‬‬
‫‪p : 453‬‬
‫‪107. « n’engage pas sa responsabilité à l’égard des tiers le préposé qui agit sans excéder les‬‬
‫‪limites de la mission qui lui a été impartie par son commettant ».‬‬
‫‪- Ass plèn 25 février 2000, D, 2000, p : 673 note Ph. Brun‬‬
‫‪108. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats,op cit,‬‬
‫‪p : 453‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬


‫امل�س�ؤولية املدنية للمتبوع عن خط�إ التابع‬
‫‪41‬‬

‫ثانيا‪ :‬التابع م�س�ؤول والمتبوع غير م�س�ؤول‬


‫�إذا ت�صرف التابع خارج حدود وظيفته‪ ،‬وكذلك �إذا ارتكب جريمة عمدية �أو غير عمدية خارج‬
‫وظيفته‪ ،‬يعتبر م�س�ؤوال بكيفية �شخ�صية دون المتبوع الذي يتحلل من الم�س�ؤولية‪.109‬‬
‫ثالثا‪ :‬م�س�ؤولية التابع والمتبوع بكيفية ت�ضامنية‬
‫ي�شترط في هذه الفر�ضية �أن التابع لم يتجاوز وظيفته �سواء تجاوز حدود مهمته �أم ال‪ ،‬وكذلك‬
‫�إذا ارتكب جريمة عمدية �أو غير عمدية دون تجاوز حدود وظيفته‪ ،‬حيث يكون م�س�ؤوال من الناحية‬
‫المدنية بكيفية ت�ضامنية مع المتبوع‪.110‬‬

‫‪109. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats,op cit,‬‬
‫‪p : 454‬‬
‫‪110. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats,op cit,‬‬
‫‪p : 454‬‬

‫‪2020‬‬ ‫املنرب القانوين ● العدد املزدوج ‪ ● 17-16‬نونرب‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like