Professional Documents
Culture Documents
المسؤولية المدنية للمتبوع عن خطأ التابع
المسؤولية المدنية للمتبوع عن خطأ التابع
وبالإ�ضافة �إلى ذلك ،ف�إن م�س�ؤولية المتبوع قد تت�أثر في حالة انتقال �سلطته على التابع �إلى الغير.
وفي جميع الأحوال ،ف�إن م�س�ؤولية المتبوع قد �أثارت الجدل حول الأ�سا�س الذي تقوم عليه
باعتبار �أن الم�شرع المغربي والفرن�سي لم ي�شر �أيا منهما �إلى و�سائل دفعها.
المطلب الأول� :شروط م�س�ؤولية المتبوع عن خط�أ التابع
ترتبط �شروط قيام م�س�ؤولية المتبوع عن خط�أ التابع بنطاق عالقة التبعية بينهما ،ثم �سلوك
هذا الأخير.
الفقرة الأولى :رابطة التبعية
يرتبط المتبوع بتابعه برابطة تفتر�ض �سلطة �آمرة من جانب الأول اتجاه الثاني ،و�أن ي�ؤدي
التابع ن�شاطا لفائدة المتبوع.
�أوال :ال�سلطة الآمرة
تقوم رابطة التبعية على عالقة قوامها قدرة �شخ�ص على �إعطاء الأوامر لآخر ،حيث يتقيد بها،
وي�ستوي �أن تكون نا�شئة عن القانون �أو الواقع.3
وعلى هذا النحو ،فرابطة التبعية تتعلق بالم�س�ؤولية عن فعل الغير ،ويتجاوز نطاقها التبعية
الناتجة عن عقد ال�شغل التي تعتبر ذات �أ�سا�س قانوني ،وبمعنى �آخر ،فالأولى تتخذ مفهوما وا�سعا،4
حيث ي�ستوي �أن تن�ش�أ عن عقد �أو حالة واقعية قد تكون في بع�ض الأحوال مجرد عالقة عر�ضية.5
وت�ستوجب رابطة التبعية �أن تتوافر لدى المتبوع �سلطة �آمرة اتجاه تابعه ،وهي تقت�ضي �إعطاء
الأوامر والتعليمات حول كيفية �أداء العمل.6
3. M.Fabre - Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, PUF,
janvier 2019, p :428.
4. Ch Radé : Droit du travail et responsabilité civile, LGDJ, 1997, p : 203
5. Cass civ 10 décembre 2014, RTD civ 2015, p :145 obs P. Jourdain.
6. « avait donc le pouvoir de donner à ce dernier des instructions sur la manière de remplir sa
mission, ce qui caractérise l’existence d’un lien de subordination ».
- Cass civ 24 janvier 2006, RTD civ 2006, p :327 obs P. Jourdain.
وال �شك �أن هذا ما يجعل ال�شخ�ص املعنوي م�س�ؤوال من حيث املبد�أ على �أ�سا�س الف�صل 1240من القانون املدين الفرن�سي
املعدل �سنة 2016والف�صل 77من ق ل ع املغربي ولي�س على �أ�سا�س الف�صل 1242يف فقرته اخلام�سة من القانون املدين
الفرن�سي املعدل �سنة 2016و الف�صل 85من ق ل ع يف فقرته الثالثة ،بالنظر �إىل وجود ا�ستقاللية يف الت�سيري جتعل ممثله
ال يتخذ و�ضع التابع.
وبناء على ما �سبق ،فال�سلطة الآمرة التي يمتلكها المتبوع هي التي تبرر م�س�ؤوليته عن خط�أ
7
التابع ،ف�إذا كان الأ�صل �أن كل �شخ�ص يعد م�س�ؤوال عن �أفعاله ال�شخ�صية في القانون الفرن�سي
والمغربي ،8مادام �أنه حر وم�ستقل ،ف�إنه �إذا خ�ضع ل�سلطة �شخ�ص �آخر ،ف�إن هذا الأخير هو الذي
يتحمل بالم�س�ؤولية بالتبعية نظير ما انتق�ص من حرية الأول.9
ثانيا :مجال �سلطة المتبوع على التابع
ي�شترط �أن تتعلق ال�سلطة ب�أعمال يعهد بها المتبوع �إلى تابعه ،و�أن ي�ؤديها هذا الأخير لفائدة
الأول.
فقد جاء يف قرار ملحكمة النق�ض الفرن�سية ب�صدد هذه احلالة ما يلي:
« La faute de la personne morale s’entend non seulement de celle qui est commise par son re-
présentant, mais aussi de celle qui résulte d’un défaut d’organisation ou de fonctionnement ».
- Cass civ 15 mai 2008, RTD civ 2008, p :680, obs : P Jourdain
7. L’article 1240 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) dispose
que :
« Tout fait quelconque de l’homme, qui cause à autrui un dommage, oblige celui par la faute
duquel il est arrivé à le réparer ».
- L’article 1241 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) dispose
que :
« Chacun est responsable du dommage qu’il a causé non seulement par son fait, mais encore
par sa négligence ou par son imprudence ».
88ين�ص الف�صل 77من ق ل على ما يلي:
»كل فعل ارتكبه الإن�سان عن بينة واختيار ،ومن غري �أن ي�سمح له به القانون ،ف�أحدث �رضرا ماديا �أو معنويا للغري،
�ألزم مرتكبه بتعوي�ض هذا ال�رضر� ،إذا ثبت �أن ذلك الفعل هو ال�سبب املبا�رش يف ح�صول ال�رضر.
وكل �رشط خمالف لذلك يكون عدمي الأثر«.
وين�ص الف�صل 78من ق ل على ما يلي:
» كل �شخ�ص م�س�ؤول عن ال�رضر املعنوي �أو املادي الذي �أحدثه ،ال بفعله فقط ولكن بخط�إه �أي�ضا ،وذلك عندما يثبت �أن
هذا اخلط�أ هو ال�سبب املبا�رش يف ذلك ال�رضر.
وكل �رشط خمالف لذلك يكون عدمي الأثر.
واخلط�أ هو ترك ما كان يجب فعله� ،أو فعل ما كان يجب الإم�ساك عنه ،وذلك من غري ق�صد لإحداث ال�رضر«.
9. N. Dissaux : obs sous Cass civ 8 septembre 2009, D, 2010, p :23.
- M. Cartier : note sous Cass civ 8 septembre 2009, Gaz pal 25-26, novembre 2009, p :20.
ولهذا ال�سبب ال يعد املقاول الرئي�سي م�س�ؤوال تق�صرييا يف مواجهة الغري عن الأ�رضار التي يت�سبب فيها املقاول من الباطن.
جاء يف قرار ملحكمة النق�ض الفرن�سية بتاريخ � 8شتنرب 2009ب�صدد هذه امل�س�ألة ما يلي:
« Que l’entrepreneur principal n’est pas délictuellement responsable, envers les tiers, des
dommages causé par son sous-traitant ».
-Cass civ 8 septembre 2009, Gaz pal, 25-26 novembre 2009, p :20.
المغ ــربي ،والف�صليـ ــن 15 1240و 16 1241مـ ـ ــن القان ــون الم ــدني الف ــرن�س ــي المعـ ـ ــدل
�سنـ ـ ــة .17 2016
الفقرة الثالثة :توافر عالقة �سببية بين الفعل ال�ضار والوظيفة
طبقا للفقرة الخام�سة من الف�صل 1242من القانون المدني الفرن�سي المعدل �سنة 2016
والفقرة الثالثة من الف�صل 85من قانون االلتزامات والعقود ،ف�إن المتبوع ال يكون م�س�ؤوال �إال عن
ال�ضرر الذي ت�سبب فيه التابع بخطئه في �أداء الوظيفة المكلف بها ،وهو ما يعني �أن تكون هناك
�صلة بين الفعل ال�ضار المن�سوب للتابع والوظيفة الم�سندة �إليه.18
وال �شك �أن تجاوز التابع حدود المهمة المكلف بها دون �إذن ولأغرا�ض خارجة عن حدود
وظيفته ،هو الذي �أدى �إلى جدل وا�سع على م�ستوى الق�ضاء والفقه.
ذلك �أن هذه الم�س�ألة �أثارت اختالفا كبيرا بين غرف محكمة النق�ض الفرن�سية ،فقد كانت
الغرفة الجنائية تتبنى مفهوما وا�سع ًا لمفهوم ال�صلة بالوظيفة ،فالمتبوع يبقى م�س�ؤوال عن خط�أ
تابعه متى ارتبط بالوظيفة الم�سندة �إليه �أو �سهلت له ارتكاب الخط�أ� ،سواء تج�سدت في المكان الذي
يبا�شر فيه الوظيفة� ،أو خالل الوقت المحدد لممار�ستها� ،أو عن طريق و�سيلة تتعلق بمزاولتها.19
�أما الغرفة المدنية بنف�س المحكمة ،فقد تبنت تف�سيرا �ضيقا ،حيث ال يجوز �إثارة م�س�ؤولية
المتبوع مادام �أن التابع قد تجاوز حدود الوظيفة المكلف بها.20
ولو�ضع حد لهذا الإ�شكال� ،أ�صدرت محكمة النق�ض الفرن�سية عدة قرارات بغرفها مجتمعة
ابتداء من �سنة � 1960إلى حدود .1988
فقد ذهبت في قرار لها بتاريخ 9مار�س � 1960إلى �أنه �إذا كان الفعل ينف�صل عن رابطة التبعية
التي تربط التابع بم�شغله ،ف�إن هذا الأخير باعتباره متبوعا ال يعد م�س�ؤوال.21
15. L’article 1240 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) précité.
16. L’article 1241 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) précité.
17. Cass civ 8 avril 2004, RTD civ 2004, p :517, P. Jourdain.
18. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,
p :432.
19. M.F Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit, p :433
20. M.F Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit, p :433
21. Ass plén 9 mars 1960, D, 1960, p :329 note R. Savatier.
�أن المتبوع ال يعد م�س�ؤوال عن ال�ضرر الذي ت�سبب فيه التابع1977 يونيو10 و�أو�ضحت بتاريخ
.22 متى كان ذلك دون �إذن ولأغرا�ضه ال�شخ�صية،بوا�سطة ال�سيارة الم�سلمة �إليه لمبا�شرة الوظيفة
�أن المتبوع ال،1988 ماي19 و�أ�ضافت نف�س المحكمة في �آخر قرار بغرفها المجتمعة بتاريخ
ُيعفى من الم�س�ؤولية �إال �إذا كان التابع قد ت�صرف خارج الوظائف المكلف بها دون �إذن ولأغرا�ض
.23خارجة عن حدود اخت�صا�صاته
وقد حددت محكمة النق�ض الفرن�سية معايير تقدير ال�سلوك وال�صلة بينه وبين الوظيفة عبر
، �إذ اعتبرت �أن التابع �أثناء �أداء وظيفته، تتجلى في زمان ومكان وو�سائل الوظيفة،ثالثة عنا�صر
دون �إذن، والو�سائل التي ارتكب الخط�أ بمنا�سبتها، وخالل وقت القيام بها،وفي مكان مزاولتها
حيث تبقى الجمعية، ال يعد قد ت�صرف خارج الوظيفة،ولأغرا�ض خارجة عن اخت�صا�صاته
.24باعتبارها متبوعا م�س�ؤولة عن ال�ضرر الذي ت�سبب فيه
22. « le commettant n’est pas responsable du dommage causé par le préposé qui utilise, sans au-
torisation, à des fins personnelles, le véhicule à lui confié pour l’exercice de ses fonctions ».
- Ass plén 10 juin 1977, D, 1977, p :465, note Ch. Larroumet.
23. « Le commettant ne s’exonère de sa responsabilité que si son préposé a agi hors des fonctions
auxquelles il était employé, sans autorisation, et à des fins étrangères à ses attributions ».
-Ass plén 19 mai 1988, D, 1988, p :513 note Ch. Larroumet.
: ما يلي1983 يونيو17 وقد �سبق �أن جاء يف قرار �آخر لنف�س املحكمة بغرفها املجتمعة بتاريخ
« Les dispositions de l’article 1384, alinéa-5 du code civil ne s’appliquent pas au commettant
en cas de dommages causés par le préposé qui, agissant sans autorisation, à des fins étran-
gères à ses attributions, s’est placé hors des fonctions auxquelles il est employé ».
-Ass plén 17 juin 1983, RTD civ, 1983, p :749, obs G. Durry.
: جاء فيه ما يلي1985 نونرب15 ويف قرار �آخر لنف�س املحكمة بغرفها املجتمعة بتاريخ
« Les dispositions de l’article 1384, alinéa-5 du code civil ne s’appliquent pas au commet-
tant en cas de dommages causés par le préposé qui, agissant sans autorisation, à des fins
étrangères à ses attributions, s’est placé hors des fonctions auxquelles il etait employé ».
- Ass plén 15 novembre 1985, D 1986, p:81, note J-L Aubert.
24. Cas civ 17 mars 2011, D, 2011, p:1530
: ما يلي2011 مار�س17 جاء يف قرار ملحكمة النق�ض الفرن�سية بتاريخ
«Que ce préposé, qui avait ainsi trouvé dans l’exercice de sa profession sur son lieu de tra-
vail et pendant son temps de travail, les moyens de sa faute et l’occasion de la commettre,
fût- ce sans autorisation et à des fins étrangères à ses attributions, n’avait pas agi en dehors
de ses fonctions, et que l’association, son commettant, était responsable des dommages qu’il
avait ainsi causés ».
- Cas civ 17 mars 2011, D, 2011, p:1530
والواقع �أن هذه احلالة التي �أ�شار �إليها القرار تدخل يف �إطار الفر�ضيات التي يكون فيها املتبوع والتابع م�س�ؤولني بالت�ضامن
. باعتبار �أن التابع مل يخرج عن حدود الوظيفة امل�سندة �إليه،يف مواجهة املت�رضر
- D. Sindrès : L’introuvable abus de fonctions du préposé, D, 2011, p :1530.
المطلب الثاني:انتقال �سلطة المتبوع �إلى �شخ�ص �آخر والآثار المترتبة على التعار�ض بين �صفة
التابع والحار�س
�إذا كان المتبوع يعد م�س�ؤوال عن خط�أ التابع متى ارتكبه هذا الأخير في �إطار العمل الذي ي�ؤديه
لح�ساب الأول ،ف�إن م�س�ؤوليته تبقى مرتبطة بمبا�شرته ل�سلطة الأمر على التابع� ،إذ متى انتقلت الى
الغير ،ف�إن هذا الغير يتحمل الم�س�ؤولية تبعا لذلك.
وفي جميع الأحوال ،قد تنتقل �سلطة المتبوع �إلى رب الحرفة �أو �إلى �أي �شخ�ص �آخر يعتبر
متبوعا عر�ضيا ،و�إن كان هذا االنتقال تترتب عليه بع�ض الآثار فيما يخ�ص التبعية والحرا�سة.
الفقرة الأولى :حاالت انتقال �سلطة المتبوع
تتعدد حاالت انتقال �سلطة المتبوع على التابع ،حيث �سنقت�صر على الإ�شارة �إلى بع�ضها.
�أوال :انتقال �سلطة المتبوع �إلى رب الحرفة
في بع�ض الأحوال ،قد ينق�ص التابع المعرفة الفنية بخ�صو�ص بع�ض جوانب العمل المكلف به،
حيث يعهد به المتبوع �إلى رب الحرفة لتدريبه على ذلك.
و�إذا كان المتبوع يحقق فائدة من التدريب الفني للتابع ،ف�إن م�س�ؤوليته ال تقوم النق�ضاء رابطة
التبعية �أثناء فترة التدريب ،حيث تنتقل �سلطته في الرقابة والتوجيه �إلى رب الحرفة ،25كما هو
الحال بالن�سبة لمعلم �سياقة ال�سيارات.
وي�شترط النق�ضاء �سلطة المتبوع �أن يكون رب الحرفة م�ستقال في �أداء عمله .ف�إذا كان هو �أي�ضا
خا�ضعا ل�سلطة المتبوع ،ف�إن م�س�ؤولية هذا الأخير تقوم بالن�سبة للخط�أ ال�صادر �سواء من معلم
الحرفة �أو المتعلم ،حيث يعتبر كل منهما تابعا له.26
وال �شك �أن و�ضع الممتحن يختلف عن و�ضع معلم ال�سياقة باعتباره رب حرفة ،ف�إذا كان
هذا الأخير يلتزم بواجب الرقابة ،وبالتبعية تثار م�س�ؤوليته عن �أخطاء المتعلم باعتبار �أنه كان
)25. L’article 1242 alinéa 6 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016
dispose que :
«Les instituteurs et les artisans, du dommage causé par leurs élèves et apprentis pendant le
temps qu’ils sont sous leur surveillance » .
-تن�ص الفقرة الرابعة من الف�صل 85من ق ل ع على ما يلي:
» �أرباب احلرف ي�س�ألون عن ال�رضر احلا�صل من متعلميهم خالل الوقت الذي يكونون فيه حتت رقابتهم «.
26. CA Colmar 6 mai 1933, Gaz pal 1933, p : 215
يتوقعها ،ف�إن الأول ال يلتزم ب�شيء من ذلك ،فهو يقت�صر على مالحظة المتعلم حول ما �إذا كان يتبع
االحتياطات المتعلقة بال�سياقة �أم ال دون واجب الرقابة ،وبالتبعية ال يكون م�س�ؤوال عن �أخطائه.27
ثانيا :انتقال �سلطة المتبوع المعتاد �إلى متبوع عر�ضي
قد يكون التابع خا�ضعا في �أداء عمله ل�سلطة م�شتركة يبا�شرها عدة �أ�شخا�ص ،تثبت لهم جميعا
�صفة المتبوع طالما �أن العمل ي�ؤدى لح�سابهم جميعا ،حيث ال يمكن تجزئته ،وبالتالي يعتبرون كلهم
م�س�ؤولين بكيفية ت�ضامنية عن خط�أ التابع متى �ألحق �ضررا بالغير.
�أما �إذا انتقلت �سلطة المتبوع المعتاد �إلى متبوع �آخر يكون عر�ضيا ،ف�إن الأمر يتوقف على وجود
رابطة التبعية ،فالأ�صل �أن يبقى المتبوع المعتاد م�س�ؤوال ،كما لو كلف �أحد عماله ب�أداء عمل فني
لدى �أحد الزبائن ،وذلك ال�ستمرار ال�سلطة الفعلية في �أداء التابع للعمل.
وفي جميع الأحوال ،يقت�ضي الأمر تحديد الأعمال التي تخ�ضع ل�سلطة المتبوع العر�ضي ،وتلك
التي يبقى المتبوع المعتاد محتفظا ب�سلطته في الرقابة والتوجيه عليها ،وتبعا لذلك ،يتحدد نطاق
م�س�ؤولية كل متبوع منهما.
ثالثا :حالة م�ساعد التابع
بالرغم من خ�ضوع الم�ساعد لتوجيهات التابع ،ف�إن هذا الأخير تنق�صه ال�سلطة الم�ستقلة في
رقابة م�ساعده لخ�ضوعه هو ل�سلطة المتبوع فيما يتعلق بالأعمال المكلف بها ،حيث تتخلف رابطة
التبعية بين التابع وم�ساعده.
وتبعا لذلك ،ف�إن المتبوع ي�س�أل عن فعل تابعه ،كما لو كلف هذا الأخير �شخ�صا غير ملم ب�أ�صول
ال�سياقة لقيادة �سيارة متبوعه ،حيث يعتبر خط�أ من جانب التابع.28
�أما �إذا كان ا�ستخدام التابع لآخر ال يكون خط�أ في حد ذاته ،ف�إن المتبوع يحتفظ ب�صفته هذه
في مواجهة م�ساعد التابع على �أ�سا�س �أن العمل يتم ل�صالحه.
وتبرير ذلك �أن قرينة الم�س�ؤولية في مواجهة المتبوع مقررة لم�صلحة المت�ضرر� ،أما العالقة
بين المتبوع وتابعه وم�ساعد هذا الأخير ،فال ت�أثير لها على نطاق حق المت�ضرر في التعوي�ض،
باعتبارها تبقى منح�صرة بينهم.
ويترتب على التعار�ض بين �صفة التابع و�صفة الحار�س الآثار التالية.
�أوال :الحرا�سة للمتبوع ولو كان التابع مالكا لل�شيء
الأ�صل �أن المالك يعتبر حار�سا �إلى �أن يثبت انتقال الحرا�سة �إلى �شخ�ص �آخر ،32وعلى ذلك،
ف�إن التابع الذي ي�ستخدم �شيئا مملوكا له في �أداء عمله لح�ساب المتبوع يفتر�ض �أنه حار�س لل�شيء،
بحيث ال يتحمل المت�ضرر عبء �إثبات توافر الحرا�سة لديه� ،إال �أن التابع يمكن له �إثبات عك�س هذا
االفترا�ض ب�إثبات انتقال الحرا�سة الى المتبوع الذي ي�ؤدي العمل لح�سابه.
ولكن مادام �أن �سلطة المتبوع تن�صب على تابعه ،فهذا الأخير و�إن كان مالكا لل�شيء� ،إال �أن
خ�ضوعه ل�سلطة المتبوع من حيث الرقابة والتوجيه في �أداء العمل المنوط به لح�ساب هذا المتبوع،
يرفع عنه �سلطة الأمر الم�ستقلة على ال�شيء الذي يمتلكه ،33حيث تكون حيازته لل�شيء حيازة مادية
تنق�صها �سلطة التوجيه المعنوي ،فالمتبوع هو الذي يوجه ا�ستخدام ال�شيء بناء على الأوامر التي
ي�صدر �إليه في �أداء عمله ،وبالتالي هناك ارتباط بين خ�ضوع التابع ل�سلطة المتبوع في �أداء عمله،
وفقده ل�سلطة التوجيه المعنوي على ال�شيء الذي ي�ستخدمه في �أداء العمل.
ثانيا :الحرا�سة للمتبوع ولو كان التابع هو المت�ضرر
يثار الإ�شكال في حالة ما �إذا كان المت�ضرر هو التابع نف�سه �أثناء �أداء العمل لح�ساب المتبوع،
هل يجوز له التم�سك ب�أحكام الم�س�ؤولية عن حرا�سة الأ�شياء في مواجهة متبوعه �أم �أنها تقررت
لحماية الغير من مخاطر ال�شيء ولي�س لحماية تابعي المتبوع.
- 1عدم وجود عقد بين المتبوع والتابع
لقد انعقد الإجماع على �أن الن�صو�ص المتعلقة بالم�س�ؤولية عن حرا�سة الأ�شياء �سواء في القانون
المغربي �أو الفرن�سي وردت عامة ،34وبالتالي ال مجال لو�ضع تفرقة بالنظر �إلى عدم وجود ن�ص
32. Cass civ 9 juin 1993, JCP, 1994, II, n° 2202.
جاء يف قرار للمجل�س الأعلى )حمكمة النق�ض حاليا ( بتاريخ 15ماي 1968ما يلي:
« مالك ال�سيارة يفرت�ض فيه �أنه حار�س لها ،وهو الذي يتحمل عبء �إثبات فقدان احلرا�سة ونقلها �إىل الغري».
-قرار املجل�س الأعلى )حمكمة النق�ض حاليا ( بتاريخ 15ماي � 1968أ�شار �إليه حممد جوهر� :سياقة ال�سيارة بدون ترخي�ص
بني قانون الت�أمني وقانون امل�س�ؤولية ،مطبعة النجاح اجلديدة� ،1997 ،ص27 :
33. « les qualités de préposé et de gardien étant incompatibles, le commettant devient gardien
de la chose appartenant au préposé quand celui-ci l’utilise dans l’intérêt du commettant pour
»accomplir la mission qui lui est confiée par ce dernier
- Cass civ 24 janvier 1973, Bull civ, III, n° 72
34. L’article 1384 alinéa 1 er du code civil Français ( Loi 1804-02-09 promulguée le 19 février
1804) dispose que :
يقرر ا�ستبعاد التابع .35وتبعا لذلك ،لي�س هناك ما يمنع من ا�ستفادة التابع من �أحكام الم�س�ؤولية
عن حرا�سة الأ�شياء �إذا لحق به �ضرر �أثناء �أدائه للعمل لح�ساب المتبوع.
- 2وجود عقد لل�شغل بين المتبوع والتابع
في حالة وجود عقد لل�شغل بين المتبوع �أو الم�شغل ،والتابع �أو الأجير ،اعتبر الق�ضاء في وقت
�سابق �أنه مادام ال يت�ضمن التزاما ب�سالمة الأجير يتحمل به الم�شغل لإثارة م�س�ؤوليته العقدية ،ف�إن
التابع �أو الأجير يمكن له الرجوع على المتبوع �أو الم�شغل بقواعد الم�س�ؤولية التق�صيرية ،وتحديدا
الم�س�ؤولية عن حرا�سة الأ�شياء.36
ولكن عقد ال�شغل �أ�صبح الآن يت�ضمن التزاما يفر�ض على الم�شغل �ضمان �سالمة الأجير وفقا
للفقرة الأولى من المادة 37 24من مدونة ال�شغل المغربية والمادة L4121-1 38من مدونة ال�شغل
الفرن�سية ،حيث يلتزم كل م�شغل باتخاذ جميع التدابير الالزمة لحماية �سالمة الأجراء و�صحتهم،
لدى قيامهم بالأ�شغال التي ينجزونها تحت �إمرته.
« On est responsable non seulement du dommage que l’on cause par son propre fait, mais
encore de celui qui est causé par le fait des personnes dont on doit répondre, ou des choses
que l’on a sous sa garde ».
- L’article 1242 alinéa 1er du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février
2016) précité.
-الف�صل 88من ق ل ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه.
35. Cass civ 27 février 1929, S, 1929, p : 297.
36. Cass soc 24 février 1956, JCP, 1956, n° 9656.
337تن�ص الفقرة الأوىل من املادة 24من القانون رقم 65.99املتعلق مبدونة ال�شغل على ما يلي:
يجب على امل�شغل ،ب�صفة عامة� ،أن يتخذ جميع التدابري الالزمة حلماية �سالمة الأجراء و�صحتهم ،وكرامتهم ،لدى
قيامهم بالأ�شغال التي ينجزونها حتت �إمرته ،و�أن ي�سهر على مراعاة ح�سن ال�سلوك والأخالق احلميدة ،وعلى ا�ستتباب
الآداب العامة داخل املقاولة«.
38. L’article L4121-1 du code du travail Français (Ordonnance n°2017-1389 du 22 septembre
2017) dispose que : «L’employeur prend les mesures nécessaires pour assurer la sécurité et
protéger la santé physique et mentale des travailleurs.
Ces mesures comprennent :
1° Des actions de prévention des risques professionnels, y compris ceux mentionnés à
;l’article L. 4161-1
; 2° Des actions d’information et de formation
3° La mise en place d’une organisation et de moyens adaptés.
L’employeur veille à l’adaptation de ces mesures pour tenir compte du changement des
circonstances et tendre à l’amélioration des situations existantes ».
وبناء على ذلك ،ف�إن الأجير متى �أ�صابه �ضرر �أثناء تنفيذ عقد ال�شغل ،يمكنه الرجوع على
الم�شغل بدعوى الم�س�ؤولية العقدية ،باعتبار �أنه يت�ضمن التزاما مفتر�ضا بن�ص القانون ب�ضمان
�سالمته ،وهو التزام بتحقيق نتيجة.39
ثالثا :عدم جواز االتفاق على نقل �سلطة المتبوع في الحرا�سة �إلى التابع
تميل محكمة النق�ض الفرن�سية �إلى �إلغاء القرارات التي تجعل التابع حار�سا لل�شيء ،وت�ستند في
ذلك على �أنه ال يوجد في وقائع الملف ما يثبت قيام المتبوع بنقل الحرا�سة �إلى التابع بكيفية م�ستقلة.40
فالمجمع عليه ق�ضاء �أنه يوجد تعار�ض بين �صفة التابع و�صفة الحار�س ،41ف�إذا �أمكن قيام اتفاق
بين المتبوع والتابع ،بحيث تنتقل الحرا�سة �إلى هذا الأخير ،ف�إن ذلك �سي�ؤدي �إلى تفادي الرجوع
على المتبوع بقواعد الم�س�ؤولية عن الأ�شياء ،حيث يعد ذلك اتفاقا على الإعفاء من الم�س�ؤولية،
والحال �أن الم�س�ؤولية التق�صيرية ال يمكن االتفاق على مخالفتها باعتبارها تت�صل بالنظام العام.42
وف�ضال عن ذلك ،ف�إن نقل الحرا�سة يقت�ضي �أن ينقل المتبوع �إلى التابع ال�سلطة الآمرة على
ال�شيء لكي يبا�شرها بكيفية م�ستقلة ،ودون خ�ضوعه ل�سلطة الأول ،ولكن وجود رابطة التبعية يجعل
التابع خا�ضعا ل�سلطة الرقابة والتوجيه التي يبا�شرها المتبوع بالن�سبة للعمل الذي يتم لح�سابه،
وهو ما يتنافى مع �صفة اال�ستقالل الالزمة لقيام الحرا�سة.
وبالتالي ال يمكن فهم توجه محكمة النق�ض الفرن�سية �إال بكونه يفيد �أن قا�ضي المو�ضوع ال يمكن
�أن يحكم بثبوت الحرا�سة للتابع �إال �إذا �أو�ضح في الحكم الوقائع التي من �ش�أنها �إثبات انق�ضاء
رابطة التبعية ،حيث ي�صبح التابع م�ستقال ،فتنق�ضي �صفته كتابع ،وبالتالي ي�صبح حار�سا.
رابعا :عدم �إمكانية نقل التابع للحرا�سة �إلى م�ساعده
تفتر�ض هذه الحالة ا�ستعانة التابع ب�شخ�ص �آخر لم�ساعدته في �أداء العمل المكلف به لفائدة
المتبوع.
39. Ph. Malaurie, L. Aynes, Ph, Stoffel - Munck : Droit des obligations, LGDJ, 10 éd, 2018, p :
120.
40. Cass civ 28 janvier 1941, Gaz pal, 1941, p : 270.
41. « la garde est alternative et non cumulative, les qualités de gardien et de préposé sont
»incompatibles
- Cass civ 11 mai 1956, D, 1957, p : 121.
442الفقرة الأخرية من الف�صل 77من ق ل ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه.
الفقرة الثانية من الف�صل 78من ق ل ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه.
- L Ducharme : La limitation contractuelle de la responsabilité civile : ses principes et son
champ d’application ; Les cahiers de droit, n° 1, avril 1957, p : 45 et 46.
انعقد �إجماع الق�ضاء على عدم انتقال الحرا�سة �إلى م�ساعد التابع ،حيث تظل للمتبوع.43
وتبرير ذلك� ،أن انتقال الحرا�سة يتم باالتفاق مع المالك ب�شرط وجود ال�سلطة الفعلية ،و�إما
بحيازة ال�شيء من طرف الغير رغما عن �إرادة المالك.
والأ�صل �أن التابع ال يمكن له نقل الحرا�سة على ال�شيء� ،إذ ي�ستوجب �أن يكون ناقل الحرا�سة
يتمتع ب�صفة الحار�س ،حيث ال يمكنه نقل حرا�سة ال يتوفر على عنا�صرها.
لذلك ،يبقى المتبوع ب�صفته هذه قبل م�ساعد تابعه ،في�صبح هذا الم�ساعد تابعا هو الآخر
للمتبوع ،ويرجع الأمر �إلى وجود �سلطة للمتبوع بالن�سبة للعمل المعهود به للتابع ،بالإ�ضافة �إلى �أن
الم�ساعد �إنما يقوم بالعمل لح�ساب المتبوع ،ولي�س لح�ساب التابع.44
خام�سا :اعتبار �شخ�ص تابعا ينفي عنه �صفة الحار�س
ا�ستقر الق�ضاء على عدم جواز انتقال الحرا�سة �إلى التابع ،باعتبار �أن حيازة التابع لل�شيء تكون
لح�ساب المتبوع وال ت�ستند على �سلطة م�ستقلة.45
�إن الحرا�سة الفعلية ال يكفي في توافرها مجرد الحيازة المادية والتوجيه المادي لل�شيء� ،إذ
العبرة ب�سلطة التوجيه المعنوي �أي �سلطة الأمر المتعلقة با�ستخدام ال�شيء ،وهذه ال�سلطة تثبت
للمتبوع دون التابع ،فالحرا�سة الفعلية يجب �أن تت�سم ب�صفة اال�ستقالل� ،أما التابع ،فهو خا�ضع
ل�سلطة المتبوع في الرقابة والتوجيه عند ا�ستخدامه لل�شيء في �أداء عمله.
وتبعا لذلك ،يمكن لل�شخ�ص �أن يكون حار�سا لل�شيء �إذا انتفت �صفته كتابع ،بالنظر �إلى �أن
ثبوت الحرا�سة للمتبوع يفتر�ض توافر �سلطة له على ال�شيء� ،أي حرا�سته لهذا ال�شيء.
�ساد�سا :اعتبار �شخ�ص حار�سا ينفي عنه �صفة التابع
الأ�صل �أن ال�سلطة الفعلية تبقى للحار�س حتى ولو كانت الحيازة المادية لل�شيء لدى �شخ�ص
�آخر ،طالما �أن الحار�س يملك ال�سلطة الآمرة الم�ستقلة على ال�شيء.
وتبعا لذلك ،هناك تعار�ض بين ثبوت الحرا�سة ل�شخ�ص واعتباره تابعا في نف�س الوقت ،فالتابع
ال يكت�سب الحرا�سة �إال �إذا انق�ضت �صفته كتابع ،والحار�س ال يعد تابعا �إال �إذا �أ�صبح خا�ضعا لل�سلطة
الآمرة ل�شخ�ص �آخر.
43. Cass civ 17 juillet 1962, Gaz pal, 1962, p : 309.
44. Cass civ 20 juin 1973, D, 1974, p : 409.
?45. Cass civ 26 novembre 1941, D, 1941, p : 65
�سابعا:جواز الرجوع على المتبوع باعتباره م�س�ؤوال مدنيا عن خط�أ تابعه وب�صفته حار�سا
لل�شيء
�إن قيام رابطة التبعية يعني توافر الحرا�سة للمتبوع ،حيث يمكن للمت�ضرر �أن ي�ستند في دعواه
على قواعد الم�س�ؤولية عن الأ�شياء ،وفي هذه الحالة يلزمه �إثبات كون ال�ضرر يرجع الى فعل ال�شيء
الموجود في حرا�سته ،وال يحتاج في هذه الحالة �إلى �إثبات خط�أ التابع.46
كما يجوز للمت�ضرر �أي�ضا �أن يرجع على المتبوع ب�صفته هذه ،حيث يلزمه �إثبات خط�أ التابع وفقا وفقا
للف�صلين 47 77و 48 78من قانون االلتزامات والعقود المغربي ،والف�صلين 49 1240و 50 1241من القانون
المدني الفرن�سي المعدل �سنة .51 2016
على �أن المت�ضرر كذلك يمكنه �أن يجمع في رجوعه على المتبوع بين الم�س�ؤوليتين معا� ،إحداهما
بكيفية �أ�صلية ،والأخرى بكيفية احتياطية ،بالنظر �إلى �أن الجمع بينهما ي�ضمن للمت�ضرر الح�صول
على التعوي�ض� ،إذ �أن �إثباته لخط�أ التابع يرتب م�س�ؤولية المتبوع ،وتظهر �أهمية اال�ستناد على قواعد
الم�س�ؤولية عن الأ�شياء عند عدم �إثباته لخط�أ التابع� ،إذ ي�س�أل المتبوع باعتباره حار�سا طالما لم
يثبت �شروط التحلل من الم�س�ؤولية.52
المطلب الثالث� :أ�سا�س م�س�ؤولية المتبوع
لقد احتدم الخالف ب�ش�أن م�س�ؤولية المتبوع عن خط�أ التابع ،بالنظر الى غياب �أ�سا�س محدد
�سواء على م�ستوى القانون الفرن�سي �أو المغربي.
وقد دار الخالف ال�سابق حول معيار الخط�أ والمعيار االقت�صادي ،ثم المعيار القانوني والفعلي.
وبالرغم من الأ�سانيد التي ارتكز عليها كل معيار ،ف�إنه لم ي�سلم من النقد بالنظر الى �أن �أ�سا�س
الم�س�ؤولية ينبغي �أن ي�ستجيب لكافة حاالت اللجوء �إليها.
446قرار املجل�س الأعلى )حمكمة النق�ض حاليا(عدد 5903بتاريخ 15نونرب � 1995أ�شار �إليه حممد �أوغري�س :ق�ضاء املجل�س
الأعلى يف التعوي�ض والت�أمني ،مطبعة القرويني� ،2001 ،ص187 :
447الف�صل 77من ق ل ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه.
448الف�صل 78من ق ل ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه.
49. L’article 1240 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) précité.
50. L’article 1241 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) précité.
51. Cass civ 8 avril 2004, RTD civ 2004, p :517, P. Jourdain
52. Cass civ 28 janvier 1970, JCP, 1970, 4, 73
53. Ph. Malaurie, L. Aynes, Ph, Stoffel - Munck : Droit des obligations, LGDJ, op cit, p : 90
ذلك �أن املتبوع يتخذ و�صف حار�س ال�شيء الذي يبا�رش به التابع العمل مل�صلحته ،وبالتايل ،ف�إن م�س�ؤوليته وفقا للف�صل 88
من ق ل ع غري مبنية على اخلط�أ� ،إذ حتى لو �أثبت عدم ارتكابه لأي خط�أ ،ف�إن م�س�ؤوليته ال تنتفي.
54. « la responsabilité du fait personnel et la responsabilité du fait des choses ont chacune leur
domaine propre ».
- Cass civ 5 novembre 1969, Bull civ, II, n° 299
والتمييز امل�شار �إليه يف القرار كما ينطبق على امل�س�ؤولية املبنية على خط�أ واجب الإثبات وامل�س�ؤولية عن حرا�سة الأ�شياء،
ف�إنه ينطبق كذلك على امل�س�ؤولية الأوىل وم�س�ؤولية املتبوع عن خط�أ تابعه ،باعتبار �أن املتبوع قد يتخذ و�صف احلار�س.
55. Cass civ 17 décembre 1964, JCP, G, 1965, II, 14125
56. R Rodière : note sous Cass civ 17 décembre 1964, JCP, G, 1965, II, 14125
57. J Laroque : Réflexions sur la jurisprudence de la chambre sociale de la cour de cassation, in
études G H Camerlynck, D, 1978, p : 33
58. R Savatier : note sous Cass crim 13 janvier 1922, D, 1923, p : 5
ولكن هذا التحليل انتقد على �أ�سا�س �أنه ال يت�ضمن كافة ال�صور المختلفة للم�س�ؤولية� ،إذ �أن
التابع كذلك يجني منفعة مادية ،ومع ذلك ال يمكن القول بم�س�ؤوليته عن �أعمال المتبوع ،ف�ضال
عن �أن المتبوع قد ال ي�ستهدف منفعة بل مجرد الخير ،حيث ي�صعب تبرير قيام م�س�ؤوليته عن فعل
التابع في هذه الحالة.59
كذلك ،ال يمكن الت�سليم بنظرية تحمل التبعة ،لأن المت�ضرر �إن �سمح له بالرجوع على المتبوع،
ف�إن م�س�ؤولية هذا الأخير لي�ست �أ�صلية ،و�إنما تبعية تتوقف في قيامها على ارتكاب خط�أ من طرف
التابع ،حيث يبقى هذا الأخير هو الم�س�ؤول الأ�صلي عن االلتزام بالتعوي�ض.60
وتبعا لذلك ،فالتابع ال يجوز له الرجوع على المتبوع ال�سترداد ما دفعه من تعوي�ض للمت�ضرر،
وبالعك�س ،ف�إن المتبوع يجوز له الرجوع على التابع ،الذي يتحمل الم�س�ؤولية في النهاية مما يتعار�ض
مع نظرية تحمل التبعة ك�أ�سا�س لم�س�ؤولية المتبوع.
وحا�صل ما تقدم� ،أن مفهوم المنفعة لي�س حا�سما لتحديد المتبوع ،باعتبار �أن رابطة التبعية
تنتج عن �سلطة المتبوع في توجيه الأوامر بكيفية م�ستقلة �إلى التابع ب�ش�أن العمل الذي كلفه به.61
الفقرة الثالثة :المعيار القانوني
ي�شترط وفقا للمعيار القانوني �أن تكون �سلطة المتبوع م�ستمدة من مركز قانوني ،يخوله �سلطة
�إ�صدار الأوامر.
وفي �أغلب الأحوال ،تن�ش�أ رابطة التبعية من عقد ال�شغل ،كما هو الحال في التبعية بين الأجير
والم�شغل.
ولكن �سلطة المتبوع قد ال ت�ستند على عقد ،حيث تتخذ طابعا فعليا ،وهو ما جعل الق�ضاء يتجاوز
ال�سلطة القانونية للمتبوع الى ال�سلطة الفعلية في �إ�صدار الأوامر طالما �أن هذا الأخير يبا�شرها
نحو التابع.62
59. Ph. Malaurie, L. Aynes, Ph, Stoffel - Munck : op cit, p : 90
60. P Esmein : Responsabilité des commettants, rev crit de Leg et Juris 1924, p : 196
61. « la notion de profit n’est pas déterminante pour apprécier qui est le commettant, le lien de
préposition résultant du pouvoir de commandement, du droit de donner des ordres et des
instructions ».
- Cass civ 17 décembre 1964, JCP, G, 1965, II, 14125
62. Cass crim 7 novembre 1968, D, 1969, p : 34
هذه ال�سلطة هو الذي ي�ؤدي �إلى قيامها ،وهو ما حر�ص الق�ضاء على الت�أكيد عليه ،حيث ي�شير �إلى
ال�سلطة التي با�شرها المتبوع بالفعل ،ويرتب على ذلك قيامها.
- 2مدى ا�شتراط المعرفة الفنية في المتبوع الفعلي
�إذا كانت المعرفة الفنية ال ت�شترط في المتبوع التي ي�ستمد �سلطته من مركز عقدي ،ف�إن بع�ض
الفقه �أقام م�ساواة بينه وبين المتبوع الذي ي�ستمدها من مركز فعلي.64
الواقع �أن ال�سلطة الفعلية �إذا تعلقت بعمل فني ،ف�إن ذلك ي�ستلزم �أن يكون المتبوع على دراية
به ،حتى يتمكن من �إ�صدار الأوامر ب�ش�أن كيفية تنفيذه ،ويكفي �أن يكون ملما بالقواعد التي تحكم
العمل دون التفا�صيل الجزئية.65
ثالثا :التبعية في �إطار العالقات العائلية
من حيث المبد�أ تعد العالقات العائلية غير كافية لإن�شاء رابطة التبعية �أو ا�ستبعادها ،حيث
يتعلق الأمر بالظروف الخا�صة بكل حالة على حدة.66
وتبعا لذلك ،لي�س هناك ما يمنع من قيامها في �إطار عائلي كما هو ال�ش�أن بالن�سبة للأب الدي
يكون �أجيرا لدى �إبنه �أو يزاول عمال لح�سابه ،حيث يكون تابعا له في هذه الحالة.67
الفقرة الخام�سة :نظرية ال�ضمان
تعتبر م�س�ؤولية المتبوع عن خط�أ التابع مبنية على نظرية ال�ضمان ،حيث يعد المتبوع م�س�ؤوال
تبعيا بجانب التابع كم�س�ؤول �أ�صلي ،يكون قادرا على تحمل �أعباء التعوي�ض ،68فهي بمثابة �ضمان
لحماية الغير �ضد �إع�سار التابع ،ولي�س الهدف منها جعل هذا الأخير يتحلل الم�س�ؤولية التي يتحمل
بها.69
64. G Ripert, J Boulanger : Traité de droit civil, (d’après le Traité de Planiol), t 2, LGDJ, Paris,
1957, p : 429
65. CA Paris 14 mars 1930, D, 1930, p : 115
66. Ph. Malaurie, L. Aynes, Ph, Stoffel - Munck : op cit, p : 91
67. Cass crim 27 décembre 1961, D, 1962, p :75
68. Ph. Malaurie, L. Aynes, Ph, Stoffel - Munck : op cit, p : 90
69. Cass crim 29 juin 2011, JCP, G, 2012, 530, n° 5 obs C Bloch
جاء يف هذا القرار ما يلي:
« la responsabilité civile du commettant a pour but unique de protéger les tiers contre
l’insolvabilité de l’auteur de l’infraction et non de décharger celui-ci, dans une mesure
quelconque, de la responsabilité qui lui incombe ».
- Cass crim 29 juin 2011, JCP, G, 2012, 530, n° 5
70. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats,op cit,
p : 438.
71. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,
p : 438.
72. M.F Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit, p :
438.
73. L’article 1240 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) précité.
-L’article 1241 du code civil Français ( Ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016) précité.
-الف�صل 77من ق.ل.ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه.
-الف�صل 78من ق.ل.ع الذي �سبقت الإ�شارة �إليه.
74. M.F Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit, p :
439.
75. « n’engage pas sa responsabilité à l’égard des tiers le préposé qui agit sans excéder les
limites de la mission qui lui a été impartie par son commettant ».
- Ass plèn 25 février 2000, D, 2000, p : 673 note Ph. Brun
- F. Rinaldi : note sous Ass plèn 25 février 2000, Gaz pal 2000, p : 1462
776قرار املجل�س الأعلى )حمكمة النق�ض حاليا (عدد 73بتاريخ 18مار�س ،1975امللف االجتماعي عدد 45 .965من�شور
مبجلة الق�ضاء والقانون ،العدد ،126ال�سنة ،16يوليوز � ،1977ص149 :
777قرار املجل�س الأعلى )حمكمة النق�ض حاليا(عدد 502بتاريخ � 24أكتوبر ،1985من�شور مبجلة املحاكم املغربية ،العدد
،45ماي ،يونيو � ،1987ص51 :
- 3الأثر المترتب على عدم خروج التابع عن حدود المهمة المكلف بها من طرف المتبوع
يتعذر على المتبوع في هذه الحالة ممار�سة دعوى الرجوع في مواجهة التابع ،بالنظر �إلى �أن
هذا الأخير ولو ارتكب خط�أ ،ف�إن م�س�ؤوليته ال يمكن �أن تثار �إال �إذا تجاوز حدود المهمة المكلف بها
من طرف المتبوع.78
ثانيا :التابع ال�سائق
لقد مدد الق�ضاء الفرن�سي نف�س الحل ال�سابق حتى بالن�سبة للتابع عندما يكون �سائقا ،حيث ال
يلزم بالتعوي�ض في مواجهة ال�ضحية عندما يرتكب حادثة �سير مادام قد ت�صرف في حدود المهمة
المكلف بها.79
وبخالف الأمر �إذا ت�صرف بفعل مبادرته ال�شخ�صية ودون عالقة بمهمته ،ف�إنه ي�صبح حار�سا
و�سائقا عر�ضيا ل�سيارة الغير التي ارتكب بوا�سطتها الفعل ال�ضار.80
ونف�س التوجه تبناه الق�ضاء المغربي كذلك ،حيث « تنتفي الم�س�ؤولية عندما يعلم الم�ضرور �أن
الت�صرف ال�صادر عن التابع كان لح�سابه ال�شخ�صي ،ويكون كذلك في حالة نقل الم�سافرين الذي
يتم �إنجازه بعلم ه�ؤالء وجهل مالك ال�سيارة� ،أي بمبادرة التابع ولم�صلحته ،وبالتالي ،ف�إن مالك
ال�سيارة المذكورة ال يمكن م�ساءلته في هذا ال�ش�أن».81
78. crim 15 octobre 2010 cité par M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité
civile et quasi-contrats, op cit, p : 441
جاء يف هذا القرار ال�صادر عن حمكمة النق�ض الفرن�سية بتاريخ � 25أكتوبر 2010ما يلي:
« attendu qu’en prononçant par ces seuls motifs, d’où il ne résulte pas que le préposé a
excédé les limites de sa mission, la cour d’appel n’a pas justifié sa décision ».
79. Cass civ 28 mai 2009, RTD civ 2009, p : 541 obs P. Jourdain
جاء يف هذا القرار ما يلي:
« n’est pas tenu à indemnisation à l’égard de la victime le préposé conducteur d’un véhicule
de son commettant impliqué dans un accident de la circulation qui agit dans les limites de la
mission qui lui a été impartie ».
- Cass civ 28 mai 2009, RTD civ 2009, p : 541
- I. Gallmeister : obs sous Cass civ 28 mai 2009, D, 2009, p : 2667
80. « devenu, par l’effet d’une initiative personnelle sans rapport avec sa mission, gardien
et conducteur occasionnel du véhicule d’un tiers au moyen duquel il avait commis l’acte
dommageable ».
- Cass civ 3 juin 2004, RTD civ 2004, p : 742 obs P. Jourdain
881قرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط بتاريخ 27فرباير ،1959من�شور باملجلة املغربية للقانون ،العدد � ،1959 ،1951ص:
58
87. J. Mouly : note sous Cass crim 28 mars 2006, JCP, G, 2006, II, 10188
88. « dès lors que le préposé, titulaire d’une délégation de pouvoir, auteur d’une faute qualifiée
au sein de l’article 121-3 du code pénal, engage sa responsabilité civile à l’égard du tiers
victime l’infraction, celle-ci fût-elle commise dans l’exercice de ses fonctions ».
- Cass crim 28 mars 2006, RTD civ 2007, p : 135 obs P. Jourdain
89. L’article 121-3 du code pénal Français (Loi n°2000-647 du 10 juillet 2000) dispose que :
« Il n’y a point de crime ou de délit sans intention de le commettre.
Toutefois, lorsque la loi le prévoit, il y a délit en cas de mise en danger délibérée de la
personne d’autrui.
Il y a également délit, lorsque la loi le prévoit, en cas de faute d’imprudence, de négligence ou
de manquement à une obligation de prudence ou de sécurité prévue par la loi ou le règlement,
s’il est établi que l’auteur des faits n’a pas accompli les diligences normales compte tenu, le
cas échéant, de la nature de ses missions ou de ses fonctions, de ses compétences ainsi que
du pouvoir et des moyens dont il disposait.
Dans le cas prévu par l’alinéa qui précède, les personnes physiques qui n’ont pas causé
directement le dommage, mais qui ont créé ou contribué à créer la situation qui a permis
la réalisation du dommage ou qui n’ont pas pris les mesures permettant de l’éviter, sont
responsables pénalement s’il est établi qu’elles ont, soit violé de façon manifestement
délibérée une obligation particulière de prudence ou de sécurité prévue par la loi ou le
règlement, soit commis une faute caractérisée et qui exposait autrui à un risque d’une
particulière gravité qu’elles ne pouvaient ignorer.
Il n’y a point de contravention en cas de force majeure » .
90. J. H. Robert : Droit pénal général, PUF , 6éd, 2005, p : 324
و�إذا كان التابع لم يخرج عن حدود وظيفته ،ف�إن المتبوع يبقى م�س�ؤوال معه ت�ضامنا في مواجهة
المت�ضرر من الناحية المدنية.91
ثالثا :ارتكاب التابع لخط�أ مدني بكيفية عمدية
ن�ص م�شروع تعديل قانون الم�س�ؤولية المدنية الفرن�سي بتاريخ 13مار�س 2017في الف�صل
1249على �أن التابع ال تثار م�س�ؤوليته ال�شخ�صية �إال في حالة الخط�أ العمدي �أو عندما يت�صرف دون
�إذن ولتحقيق �أغرا�ض خارجة عن اخت�صا�صاته.92
الفقرة الثالثة :عدم �إمكانية م�ساءلة التابع و�أثرها على تنفيذ عقد ال�شغل
�سنتطرق الى طبيعة عدم تحمل التابع للم�س�ؤولية عن خطئه مادام لم يتجاوز حدود مهمته،
و�أثر ذلك على تنفيذ عقد ال�شغل �إذا كان �أجيرا لدى المتبوع �أو الم�شغل.
�أوال :طبيعة عدم �إمكانية م�ساءلة التابع
القاعدة �أن التابع ال يمكن �أن تثار م�س�ؤوليته �إذا لم يتجاوز نطاق المهمة المكلف بها من طرف
المتبوع.
وتبعا لذلك ،ال يمكن �أن يلزم ب�أداء التعوي�ض �سواء في مواجهة المت�ضرر �أو المتبوع �أثناء
ممار�سة هذا الأخير دعوى الرجوع في مواجهته.93
وبمعنى �آخر ،ف�إن التابع ال يمكن �أن يتحمل نتائج �سلوكه ولو كان خاطئا ما لم يرتكب جريمة
عمدية �أو جريمة غير عمدية �أو يتجاوز حدود مهمته على نحو ما �سبق.94
91. «Le commettant ne s’exonère de sa responsabilité de plein droit que si son préposé a agi
hors des fonctions auxquelles il était employé, sans autorisation et à des fins étrangères à
ses attributions ».
- Cass civ 12 mai 2011 cité par M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité
civile et quasi-contrats, op cit, p : 453
92. L’article 1249 du projet de réforme du droit de la responsabilité (13 mars 2017) dispose que :
« Le prépose n’engage sa responsabilité personnelle qu’en cas de faute intentionnelle ou
lorsque, sans autorisation, il a agi à des fins étrangères à ses attributions ».
93. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,
p : 447
94. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,
p : 447
ثانيا� :أثر عدم تحمل التابع للم�س�ؤولية بالن�سبة لتنفيذ عقد ال�شغل
�إذا كان التابع ال يمكن �أن تثار م�س�ؤوليته ولو ارتكب خط�أ في نطاق المهمة المكلف بها من طرف
المتبوع في مواجهة الغير المت�ضرر ،فما هو ت�أثير ذلك الخط�أ في عالقته بالمتبوع �إذا كان مرتبطا
معه بعقد �شغل.
الواقع �أن المتبوع ال يملك �أي دعوى للرجوع في مواجهة �أجيره �أمام الق�ضاء المدني وال يمكن
�أن يتم�سك بالحلول في حقوق ال�ضحية� ،أو يمار�س �أي دعوى في مواجهة التابع التي ت�صرف في
حدود المهمة المكلف بها� ،إال �إذا كان ال�ضرر الالحق بالمت�ضرر ناتجا عن جريمة عمدية �أو خط�أ
عمديا ،ولما ثبت لمحكمة اال�ستئناف �أن الحادثة وقعت �أثناء �أداء الأجير اللتزاماته المهنية ،ف�إنها
قررت �أن البحث في مو�ضوع النزاع يقت�ضي تقدير وجود خط�أ في تنفيذ عقد ال�شغل ،وهو ما يخرج
عن اخت�صا�صها.95
المطلب الثاني :االرتباط بين م�س�ؤولية المتبوع والتابع
�إذا كانت القاعدة �أن التابع عندما يرتكب الخط�أ في حدود المهمة المكلف بها ال يمكن �أن تثار
م�س�ؤوليته ،حيث يبقى المتبوع م�س�ؤوال عن ذلك ،ف�إن هذه القاعدة ال تتميز بالإطالق� ،إذ �أن التابع
متى تجاوز حدود المهمة المكلف بها ،يعد م�س�ؤوال بكيفية �شخ�صية في مواجهة المت�ضرر من جهة،
ومن جهة �أخرى ،ف�إن المتبوع تثار م�س�ؤوليته مع التابع بكيفية ت�ضامنية متى لم يتجاوز هذا الأخير
حدود الوظيفة المكلف بها.
95. Cass civ 20 décembre 2007, RTD civ 2008, p : 315 obs P. Jourdain
- J. Mouly : note sous Cass civ 20 décembre 2007, D, 2008, p : 1248
جاء يف قرار ملحكمة النق�ض الفرن�سية بتاريخ 20دجنرب 2007ما يلي:
« le commettant ne disposant d’aucune action récursoire contre son salarié devant la
juridiction de droit commun dès lors qu’il ne peut se prévaloir d’une subrogation dans les
droits de la victime, laquelle ne dispose d’aucune action contre le préposé qui a agi dans les
limites de la mission qui lui était impartie, hors le cas ou le préjudice de la victime résulte
d’une infraction pénale ou d’une faute intentionnelle, la cour d’appel, qui a constaté que
l’accident s’était produit dans l’exercice par le salarié de ses obligations professionnelles,
a exactement décidé que l’examen du litige nécessitait l’appréciation de l’existence d’une
faute dans l’exécution du contrat de travail et relevait de la compétence d’attribution de la
juridiction prud’homale ».
- Cass civ 20 décembre 2007, D, 2008, p : 1248
وبناء على التفرقة التي �سبقت الإ�شارة �إليها ،فالتابع من الناحية العملية قد يتجاوز حدود
مهمته ،دون �أن ي�ستلزم ذلك تجاوزا في حدود وظيفته.
ف�إذا ما ت�صرف التابع خارج حدود الوظيفة التي تم ت�شغيله من �أجلها ودون �إذن ومن �أجل
غر�ض �أجنبي عنها ،ف�إنه يعتبر قد تجاوز في وظيفته ،بحيث يعتبر المتبوع غير م�س�ؤول في مواجهة
ال�ضحية �أو المت�ضرر ،ويبقى التابع هو الم�س�ؤول في مواجهة هذا الأخير.100
وبالمقابل ،ف�إن العك�س غير �صحيح ،فقد يحدث �أن يتجاوز التابع حدود مهمته ،ففي هذه الحالة
يكون م�س�ؤوال بكيفية �شخ�صية في مواجهة ال�ضحية ،ومادام لم يرتكب تجاوزا في حدود وظيفته،
ف�إن المتبوع يبقى كذلك م�س�ؤوال ،كما لو وجه هذا الأخير تعليمات للتابع بحيث لوالها لما تجاوز
هذا الأخير في حدود مهمته.101
ثانيا :الخط�أ الجنائي المرتكب من طرف التابع ال ي�ستلزم التجاوز في حدود الوظيفة
القاعدة �أن الخط�أ الجنائي المرتكب من طرف التابع ال يقت�ضي �أن يكون هناك تجاوز في حدود
الوظيفة في كافة الحاالت.102
فمن جهة �أولى ،يبقى التابع م�س�ؤوال �إذا اقترف جريمة عمدية� ،سواء كان ذلك في حدود
مهمته �أم ال ،ومن جهة ثانية� ،إذا لم يتجاوز حدود وظيفته ،ف�إن المتبوع يبقى م�س�ؤوال معه بكيفية
ت�ضامنية.103
وعلى هذا النحو ،فالمتبوع ال يعفى من م�س�ؤوليته المقررة بقوة القانون �إال �إذا كان التابع
قد ت�صرف خارج الوظيفة التي تم ت�شغيله من �أجلها ،ودون �إذن ،ومن �أجل �أغرا�ض �أجنبية عن
اخت�صا�صاته.104
100. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,
p : 451
101. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,
p : 451 et 452
102. Cass civ 16 mai 2005, JCP , G,2006, I, 111, n° 10
103. Ph. Stoffel- Munck : obs sous Cass civ 16 juin 2005, JCP, G, 2006, I, 111, n° 10
104. « le commettant ne s’exonère de sa responsabilité de plein droit que si son préposé a agi
hors des fonctions auxquelles il était employé, sans autorisation et à des fins étrangères à
ses attributions ».
- Cass civ 12 mai 2011 cité par M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité
civile et quasi-contrats, op cit, p : 453
وحا�صل ما تقدم� ،أن التابع عندما يرتكب جريمة عمدية ،ف�إنه يعتبر م�س�ؤوال �سواء تجاوز حدود
مهمته �أم ال ،ومادام لم يتجاوز حدود وظيفته ،ف�إن المتبوع كذلك يبقى م�س�ؤوال معه من الناحية
المدنية بكيفية ت�ضامنية ،وال يمكن له التحلل من الم�س�ؤولية �إال �إذا �أثبت �أن التابع قد تجاوز حدود
وظيفته.105
الفقرة الثانية :حاالت م�س�ؤولية المتبوع والتابع
�إن مفهوم التجاوز في الوظيفة ي�سمح بتقدير نطاق م�س�ؤولية المتبوع ،وتحديد ما �إذا كان
م�س�ؤوال �أم ال� ،أما التجاوز في حدود المهمة ،ف�إنه ي�سمح بتقدير م�س�ؤولية التابع.
فالتجاوز في الوظيفة من طرف التابع ي�ستتبع تجاوزا في حدود المهمة ،ولكن العك�س غير
�صحيح� ،إذ �أن تجاوز التابع لحدود مهمته ال ي�ستلزم حتما ارتكاب تجاوز في حدود الوظيفة.106
لذلك ،يقت�ضي الأمر التمييز بين ثالثة فر�ضيات.
�أوال :التابع غير م�س�ؤول ولكن المتبوع يعتبر م�س�ؤوال
يعتبر التابع غير م�س�ؤول في مواجهة الغير �إذا ت�صرف دون تجاوز حدود المهمة المكلف بها من
طرف المتبوع ،107حيث يبقى هذا الأخير م�س�ؤوال.108
105. Ass plén 19 mai 1988, D, 1988, p : 513 note Ch. Laroumet
جاء يف هذا القرار ما يلي:
« de ces énonciations, d’où il résulte que (le préposé), en détournant des fonds qui lui
avaient été remis dans l’exercice de ses fonctions, ne s’était pas placé hors de celles-ci, la
cour d’appel a exactement déduit que la (la compagnie d’assurance) ne s’exonérait pas de
sa responsabilité civile ».
- Ass plén 19 mai 1988, D, 1988, p : 513
وجاء كذلك يف نف�س القرار ما يلي:
« le commettant ne s’exonère de sa responsabilité que si son préposé a agi hors des fonctions
auxquelles il était employé, sans autorisation, et à des fins étranges à ses attributions ».
- Ass plén 19 mai 1988, D, 1988, p :
- Cass civ 16 juin 2005, JCP, G, 2006, I, 111, n° 10
106. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats, op cit,
p : 453
107. « n’engage pas sa responsabilité à l’égard des tiers le préposé qui agit sans excéder les
limites de la mission qui lui a été impartie par son commettant ».
- Ass plèn 25 février 2000, D, 2000, p : 673 note Ph. Brun
108. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats,op cit,
p : 453
109. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats,op cit,
p : 454
110. M Fabre Magnan : Droit des obligations, 2- Responsabilité civile et quasi-contrats,op cit,
p : 454