You are on page 1of 24

‫بنك العبارات‬

‫ـ الغضب‪:‬‬
‫الغضب انفعال يمكن أن يكون داخل ّيا وخارج ّي ا في نفس الوقت‪ ،‬وهو انفعال يدفع للحركة والهجوم والعدوان ّية إالّ إذا‬
‫استطاع صاحبه ال ّتح ّكم فيه‪ .‬ومن العبارات المب ّينة للغضب نجد‪:‬‬

‫‪       ‬ـ اختل ّ توازني‪.‬‬

‫‪       ‬ـ ارتجفت أوصالي‪.‬‬

‫‪       ‬ـ انكفأ لونه وارتجفت أوصاله‪.‬‬

‫‪       ‬ـ فقدت عقلي ورشدي بسرعة فائقة‪.‬‬

‫‪       ‬ـ أحسست بالدّ م يتد ّفق في عروقي ساخنا هائجا مجنونا مسحوقا…‪.‬‬

‫الخفي في نفسي وتصاعد لهيبه ح ّتى شعرت وكأ ّنه يحرق روحي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪       ‬ـ انفجر المستودع‬

‫‪       ‬ـ شعرت باليأس المميت‪ ،‬والغضب القاتل‪ ،‬وبغيظ حانق يطحن نفسي‪.‬‬

‫‪       ‬ـ غضبت غضبا جنون ّيا جارفا‬

‫عيني فأصبحت أرى الدّ نيا‬


‫ّ‬ ‫‪       ‬ـ اشتعل دمي نارا موقدة‪ ،‬وضغط على سمعي فأصبحت ال أكاد أسمع شيئا‪ ،‬وخضب‬
‫شعلة حمراء‬

‫‪       ‬ـ تسارع نسق تنفسي وتدفق الدّ م في عروقي وأصبحت كال ّثور الأرى إالّ اللّون األحمر‬

‫‪       ‬ـ شعرت بصدري يمتلئ‪ ،‬ويتصلّب كاألفعى إذا هوجمت‪.‬‬

‫‪       ‬ـ أحسست بدمائي تلتهب وتحرق عروقي جميعا‪.‬‬

‫‪       ‬ـ صرت أتح ّفز للقتال‬

‫ملوثة بالغضب والحقد‬


‫علي حالة مريرة ّ‬
‫‪       ‬ـ استولت ّ‬

‫جو مشبع بالغضب والحقد‬


‫‪       ‬ـ غمرني ّ‬

‫‪       ‬ـ لفحت قلبي ه ّبة من انفعال شديد‪.‬‬

‫‪       ‬ـ التهب وجهي غضبا‬

‫يحول عينيه ع ّني ينظر ّ‬


‫إلي نظرة غيظ وحنق ‪.‬‬ ‫‪       ‬ـ بقي صامتا ال ّ‬

‫إلي بقساوة‪.‬‬
‫‪       ‬ـ ينظر ّ‬

‫‪1‬‬
‫‪       ‬ـ صرخ في وجهي‪ ،‬وهو يضرب ك ّفا ّ‬
‫بكف‬

‫‪       ‬ـ زمجر في وجهي‪ ،‬وهو يضرب ك ّفا ّ‬


‫بكف‬

‫‪       ‬ـ افترسني غضب شديد‪ ،‬وصرخت بشيء من ال ّتحدّ ي‪.‬‬

‫‪       ‬ـ طفح الكيل فتو ّترت أعصابي‪ ،‬وفار دمي‪ ،‬وانفجرت كالقنبلة أصرخ‪ ،‬وأصيح…‬

‫موجها له اإلهانات وال ّتهديدات‬


‫ّ‬ ‫علي غضب ما انف ّك يزداد ويزداد … فاندفعت نحوه‬
‫‪       ‬ـ جنّ جنوني‪ ،‬واستولى ّ‬

‫‪       ‬ـ كدت أنفجر أل ّنفس عن صدري الكظيم ولك ّني ملكت أعصابي‬

‫‪       ‬ـ خلعت ثوب الجالل والوقار وانفجرت في وجهه‬

‫‪       ‬ـ كان كل ّ واحد م ّنا ينظر شزرا لآلخر‬

‫‪       ‬ـ تالقت عينانا بال ّنظرات‪ ،‬نظرات ملتهبة‬

‫‪       ‬ـ صرت ال أسمع وال أرى شيئا على اإلطالق‬

‫‪       ‬ـ كان قلبي يوشك أن ينفجر حنقا‬

‫‪       ‬ـ كنت على وشك االختناق بشدّ ة الغضب‬

‫شفتي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتقطعت الكلمات بين‬ ‫‪       ‬ـ صرت أتنفس بصعوبة‬

‫رمادي تشوبه زرقة‪ ،‬وارتجفت يداها وأصبحت‬


‫ّ‬ ‫العاجي قد استحال إلى لون‬
‫ّ‬ ‫‪       ‬ـ نظرت إلى وجه أ ّمي فإذا لونه‬
‫ّ‬
‫تمس حتى تنفجر‬
‫ّ‬ ‫أشبه ما تكون بقنبلة قد سحب منها ص ّمام اآلمان ما تكاد‬

‫السفلى ح ّتى كاد يقطعها‬


‫عض شفته ّ‬
‫ّ‬ ‫‪       ‬ـ وقف أبي ووجهه مربدّ وجفناه يرتعشان وقد‬

‫‪       ‬ـ كان الغضب قد ذهب بي مذهبا جعلني ال أقوى على الكالم‬

‫ـ رمت األ ّم ابنتها بنظرة يتطاير منها الشّرر‬

‫ـ ول ّما سمعت ما قاله صديقي بشأني غضبت غضبا شديدا‪ ،‬وتألّمت ألما شديدا‬

‫‪  ‬ـ الغضب والمشاجرة‪:‬‬


‫‪    ‬ـ إنّ البشائر األولى تؤذن بوقوع مشاجرة‬

‫شتائم بش ّتى أنواعها‬


‫السباب وال ّ‬
‫‪    ‬ـ وانطلقت األلسنة تقذف ّ‬

‫الصيحات والهمهمات وال ّتهديدات المختلفة من كل ّ جانب معلنة بداية المعركة‬


‫‪    ‬ـ وبدأت تتعالى ّ‬

‫‪    ‬ـ التقطت أنفاسي وهجمت عليه‬

‫‪2‬‬
‫‪    ‬ـ صرخ صديقي المسكين مجهشا وهو يكاد يختنق‬

‫موجها له اإلهانات وال ّتهديدات‬


‫ّ‬ ‫‪    ‬ـ اندفعت نحوه صارخا‬

‫‪    ‬ـ اشتدّ بي الغضب ولم أعد أتماسك نفسي فاندفعت نحوه……‬

‫‪  ‬ـ الغضب واالنزواء‪:‬‬


‫‪    ‬ـ وقعت بين مشاعر ش ّتى تجذبني تارة إلى …‪    ‬وتشدّ ني تارة أخرى إلى…‬

‫علي رغبة عارمة في االنزواء والهروب من أعماقي‬ ‫‪    ‬ـ ازدادت حالتي ّ‬


‫تأزما وانتابتني وحدة وكآبة وسيطرت ّ‬
‫المتمزقة وكلّما أوغلت في وحدتي أحسست بتحدّ داخلي‬
‫ّ‬

‫‪    ‬ـ أصبحت معزوال عن ال ّناس وعن الحياة لقد أحسست أنّ كل ّ شيء قد أفلت من زمام يدي‪ ،‬وفي غمرة حزني‬
‫ف ّكرت في …‬

‫مرة شعرت أنّ الحياة تلفظني وتتحدّ اني‬


‫وألول ّ‬
‫عيني ّ‬
‫ّ‬ ‫‪    ‬ـ ترقرقت دمعة اليأس في‬

‫الساعات‬
‫‪    ‬ـ بدت لي الغرفة ض ّيقة‪ ،‬موحشة‪ ،‬وانكمشت بصورة مضحكة داخل فراشي‪ ،‬بين أربعة جدران‪ ،‬وأظل ّ ّ‬
‫أستقر على حال‬
‫ّ‬ ‫الطويلة شارد ّ‬
‫الذهن‪ ،‬ال أكاد‬ ‫ّ‬

‫‪  ‬ـ ال ّتح ّكم في الغضب‪:‬‬


‫‪       ‬ـ التقطت أنفاسي وتمالكت أعصابي‪.‬‬

‫‪       ‬ـ دفنت غضبي في أعماق نفسي‪ ،‬وارتددت إلى طبيعتي األولى‪.‬‬

‫‪       ‬ـ ملكت نفسي‪ ،‬وهدّ أت غضبي‪.‬‬

‫‪  ‬ـ االعتذار والشعور بالخجل‪:‬‬


‫‪      ‬ـ أحسست بالخجل‬

‫إلي بكل ّ قوتي‬


‫ذراعي وضممته ّ‬
‫ّ‬ ‫‪      ‬ـ فأخذته بين‬

‫‪      ‬ـ ما كدت أفتح فمي ح ّتى أومأ ّ‬


‫إلي بيده أن أسكت واضعا س ّبابته على فمه‬

‫‪      ‬ـ أذعنت لمشيئته‪ ‬‬

‫‪      ‬ـ كان ال مناص لي من االعتراف‬

‫السالمة فأعتذرت‬
‫‪      ‬ـ اعتراني أسف شديد‪ ،‬وآثرت ّ‬

‫السالمة فظللت صامتا‬


‫‪      ‬ـ اعتراني خوف شديد‪ ،‬وآثرت ّ‬

‫‪3‬‬
‫‪      ‬ـ وجدت نفسي وجه لوجه أمام أبي…‪.‬‬

‫علي الخوف بوضوح وفجأة ودون شعور غرقت أجفاني في الدّ موع‬
‫‪      ‬ـ وقفت أمامها شديد االضطراب وقد بدا ّ‬

‫ـ وقفت أمام أ ّمي وعلى وجهي كل ّ عالمات الخيبة لعدم نجاحي في مه ّمتي‬

‫اقشعر جسمي عندما ف ّكرت أ ّني أنا الّذي كنت سأقوم بهذا العمل‪ .‬حمدت هّللا الّذي ّ‬
‫نجاني وأوقع هؤالء ال ّتالميذ في‬ ‫ّ‬ ‫ـ‬
‫مغ ّبة أعمالهم‬

‫تحس بها… وإ ّنما دموع لوضع حدّ للوم‬


‫ّ‬ ‫ـ سكتت البنت… وقد ترقرقت الدّ موع في عينيها… ليست دموع أوجاع‬
‫أ ّمها‬

‫ـ شعرت بقلبي يدقّ بشدّ ة‪ ،‬ولك ّني اقتربت من الباب برفق وطرقته… ث ّم دخلت بهدوء وطلبت من أ ّمي العفو‪ .‬قالت‬
‫الرحيم… إنّ هّللا يغفر ّ‬
‫الذنوب‬ ‫أ ّمي‪”:‬إنّ هّللا يعفو عن ال ّناس… وما دمت قد ندمت على ما فعلته فإنّ هّللا هو الغ ّفور ّ‬
‫جميعا يا ولدي”‬

‫ـ طأطأت البنت رأسها وانهمرت الدّ موع من عينيها‬

‫ـ سكتت أ ّمي‪ ،‬وكفّت عن إيذائي بالكالم الجارح‪ ،‬فأحترمت سكوتها‪ ،‬ولم أنبس بحرف‪ ،‬وبقيت من ّكس ال ّرأس‪ ،‬أقرع سنّ‬
‫النّدم‪ ،‬وكالمها ال يبارح فكري‬

‫‪ ‬‬

‫ـ الشعور بالفشل والهزيمة‪:‬‬


‫‪     ‬ـ عدت إلى المنزل وحاولت ال ّتسلّل إلى الدّ اخل ولك ّني وجدت نفسي وجها لوجه أمام أ ّمي‪ ،‬فزعزعت المفاجأة كياني‬
‫ترى أأنا في حلم من األحالم ولك ّني أعرف حقّ المعرفة أ ّني في الحقيقة فأنا لم أحسب حساب هذا اللّقاء‪ ،‬ولم آخذ أهبتي‬
‫غرة ومنيت بالهزيمة‪ ،‬وبادرتها…‪..‬‬
‫خطة من خططي البارعة‪ ،‬فقد أخذت على ّ‬ ‫له‪ ،‬ولم أرسم ّ‬

‫صدمة‪:‬‬
‫‪   ‬ـ الشعور بال ّ‬
‫قدمي رعدة كانت أعنف ما يمكن ألوصالي‬
‫ّ‬ ‫‪    ‬ـ سرت في جسمي من ق ّمة رأسي إلى أخمص‬

‫إلي أ ّنني وقعت في بئر ال يسبر له غور‪ ،‬وشعرت بقلبي يدقّ بعنف‪ ،‬وأحسست بمغص في بطني‪،‬‬ ‫‪    ‬ـ عندئذ خ ّيل ّ‬
‫وبرجلي قد انفصلتا ع ّني كما لو أنّ قنبلة ّ‬
‫مزقتني إلى أجزاء صغيرة متناثرة والحظت أ ّمي ما آلت إليه حالي فصفعتني‬ ‫ّ‬
‫صفعتين قو ّيتين‬

‫‪  ‬ـ الشعور بالظلم‪:‬‬


‫‪     ‬ـ أفلتت منها صرخة ث ّم ّ‬
‫غطت وجهها بيديها وصرخت إجهاش ّ‬
‫يمزق األكباد‬

‫ـ شحب وجهه ث ّم صرخ بشيء من الحدّة‬

‫‪4‬‬
‫‪  ‬ـ الشعور بالخوف‪:‬‬
‫‪   ‬ـ خفق قلبي وتسارعت د ّقاته‬

‫ـ فزعت فزعا فاتال ‪ ‬‬

‫ـ شعرت بالغثيان‬

‫تعرقت وارتجفتّ أطرافي‬


‫‪   ‬ـ ّ‬

‫‪   ‬ـ أحسست باالختناق وضيق ال ّتنفس‬

‫‪   ‬ـ تصلّبت شراييني وضاق تنفسي‬

‫‪   ‬ـ أحسست بدوار واختل ّ توازني وثقل رأسي ح ّتى أصبحت ال أستطيع حمله‬

‫‪   ‬ـ أصبت بالهلوسة وانتابني الجنون فصرت ال أم ّيز شيئا‬

‫‪   ‬ـ صرت أخاف األماكن الخال ّية وأتج ّنب نظرات ال ّناس‬

‫‪   ‬ـ احتبس تن ّفسي‪ ،‬وتناقصت د ّقات قلبي‪ ،‬فشعرت بوجهي يشحب‪ ،‬وعضالتي تتقلّص‪ ،‬وببوادر دواريصيبني‬

‫الضروري‬
‫ّ‬ ‫بجانبي‪ ،‬وجعلني أحتل ّ أقل ّ ح ّيز ممكن‪ ،‬وحملني على أن ال أتن ّفس إالّ لتاقدر‬
‫ّ‬ ‫مرفقي‬
‫ّ‬ ‫‪   ‬ـ لقد ألصق الخوف‬

‫الصدر‪،‬‬ ‫‪   ‬ـ بينما كنت في أحد اللّيالي مستلقعلى فراشي ّ‬


‫مر ت بي أشباح فاهتززت‪ .‬سمعت صوتا يجيء من بعيد يخلج ّ‬
‫ّ‬
‫فتشجعت‪ ،‬وقمت‪ ،‬ومشيت محترسا ح ّتى إذا اقتربت من باب المطبخ‪ ،‬ارتفعت دقات قلبي…‬
‫ّ‬

‫الصوت حدّ ة وشدّ ة‪ ،‬فأحسست نهايتي قد اقتربت‬


‫ـ ازداد ّ‬

‫علي خوف شديد ولك ّني لن أقهر في يسر أو سهولة‬


‫ـ استولى ّ‬

‫ـ خافت البنت خوفا شديدا‪ ،‬ح ّتى أ ّنها لم تستطع أن تصرخ وتستغيث‪ ،‬ول ّما أفاق تمن ذهولها …‬

‫ـ الحزن‪:‬‬
‫‪   ‬ـ انتابني صمت عميق‪ ،‬وشرود وذهول غريبين‬

‫‪   ‬ـ أخذ حزني يزداد شيئا فشيئا‬

‫‪   ‬ـ كم أتمنّى أن أبكي لعلّي أجد في البكاء بعض ال ّراحة‬

‫‪5‬‬
‫تحجرت دموعي في مقلتي وانكفأت إلى الدّاخل‬
‫‪   ‬ـ ّ‬

‫يمتص قلبي امتصاصا فيسلبني قوتي ويقضي عل ّي شيئا فشيئا‬


‫ّ‬ ‫‪   ‬ـ كان الحزن‬

‫‪   ‬ـ بكيت بصمت دون أن أنطق بكلمة واحدة‬

‫‪   ‬ـ كانت عيناها مطفأتين من أثر البكاء الموصول‪ ،‬وكانت لزوايا فمها التواءة األلم المألوف تلك الّتي ترى عند المحكوم‬
‫عليهم والمرضى بداء ال برء منه‬

‫‪   ‬ـ كانت مشية الولد‪ ،‬وهيئته‪ ،‬وجرس صوته‪ ،‬والفترات بين ك ّل كلمة من كلماته وبين األخرى‪ ،‬ونظراته‪ ،‬وصمته‪،‬‬
‫واقتصاده في الحركة‪ .‬كان ك ّل ذلك يفصح عن فكرة واحدة‪ :‬الحزن‬

‫‪   ‬ـ كان الحزن منثورا عليه‪ ،‬بل كان مغطّى به‬

‫ـ كنت أقبع مع نفسي أحاورها في حزن‪ ،‬وحيرة ‪  ‬‬

‫ـ امتألت نفس الولد بالحزن واله ّم‬

‫ـ مسكين صديقي ليس في الدّ نيا كلّها من هو أش ّد منه حزنا وغ ّما‬

‫ـ وما زادني حزنا على حزن ‪ ‬غضب أ ّمي منّي‪ ،‬فأنشأت أقرع سنّ النّدم‪ ،‬وأقسمت أن ال أقدم على فعل شيء يغضبها‬

‫الفرح‬

‫ـ خرجت من الباب ولش ّد ما فرحت فرحا ال يوصف عندما رأيت ال ّد ّراجة قد نسيها أبي مركونة في الحديقة‪،‬‬
‫فأسرعت إليها‪ ،‬وأمسكت بها‪ ،‬وحينما نويت أخذها تذ ّكرت كلمات أبيحين قال لي‪“ :‬حذر اللّعب بال ّد ّراجة”‪ ،‬فتردّ دت‬
‫قليال‪ ،‬وكدت أعيدها إلى مكانها‬
‫ـ كاد الولد أن يجنّ من ّ‬
‫شذة فرحه‬

‫ـ تهلّل وجه الولد سرورا‬

‫الصدر‪ ،‬مبتهج الفؤادـ‬


‫ـ سمعت الخبر فأنطلقت منشرح ّ‬

‫عيني … ث ّم فتحتها على اآلخر ح ّتى أتأ ّكد من أ ّني صاح‪ ،‬ولست في‬
‫ّ‬ ‫أذني‪ ،‬وفركت‬
‫ّ‬ ‫ـ سمعت كالم أ ّمي وأنا ال أصدّ ق‬
‫حلم‬

‫ـ إنّ عالمات الحزن واأللم الّتي كانت على وجهه قد تغ ّيرت … وحلّت محلّها مالمح ّ‬
‫السعادة واألمل‬

‫العزم‬

‫ـ قلت في نفسي‪”:‬ه ّيا فإنّ العلم يدعونا وال ّنجاح أمامنا“‬

‫ـ مألتني كلمات المعلّم بنشاط عظيم‪ ،‬وقوة هائلة‪ ،‬وتصميم ال ح ّد له‬

‫‪6‬‬
‫صورة الّتي كلّفنا بها المعلّم بلمسات سحر ّية ‪ ‬من ريشتي‪ ،‬‬
‫ألون ال ّ‬
‫ـ بقيت إلى وقت متأخر أجلس إلى منضدتي ّ‬
‫ولكن جفناي أصبحا يغمضان من ش ّدة ال ّنعاس فال ألبث أن أنهض وأستوي معتدال‪ ،‬وأت ّم تلوين ّ‬
‫الصورة‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬ـ االضطراب‪:‬‬
‫ّ‬
‫متقطعة‬ ‫‪   ‬ـ أريد أن أصرخ ولك ّني أسمع صوتي يرتجف رغما ع ّني فتخرج الكلمات‬

‫‪   ‬ـ يمتلئ صوتي بالدّ موع فيرتجف رغما ع ّني‬

‫مضى يذرع الطوار ألنه لم يكن يحتمل الجمود طويال‪ .‬وكأنما سويت أعصابه من قلق‪ ،‬وكان يذرعه ‪ ‬بعجلة دلت على‬
‫انشغاله واضطرابه وقلقه‪ ،‬كان ضيق الصدر تلوح في عينيه نظرة شاردة تغيب بصاحبها عما حوله‪.‬‬

‫‪…  ‬وكان صوت ابنها مضطربا حين لفظ هذه الكلمات‪ ،‬فأطالت األ ّم ال ّنظر إليه‪ ،‬واستغربت أن تراه أصفر الوجه‪،‬‬
‫يتص ّبب العرق من جبينه‬

‫ّ‬
‫تتفطن أ ّمي لما فعلت وأتم ّكن من األفالت من العقاب‬ ‫والسرور وعدم المباالة ح ّتى ال‬
‫ّ‬ ‫ـ عزمت أن أتظاهر بالبهجة‬

‫‪ ‬ـ االنفعال ال ّنفسي‪( ‬الحيرة)‬


‫وأتحصل على الجوائز‪ ،» ‬ث ّم أسألها‬
‫ّ‬ ‫فأتفوق‬
‫ّ‬ ‫‪   ‬ـ قلت لنفسي في صمت عميق «‪ ‬كنت فيما مضى أعتني بدروسي…‬
‫«‪ ‬ماذا أصابني؟ لماذا هذا ال ّنفور بيني وبين الدّ راسة؟‪ ،» ‬وفي األخير أجيبها «‪ ‬إني مضطرب‪ ،‬متس ّمر في مفترق طرق‬
‫ّ‬
‫ال أعرف أ ّيها أختار؟‪» ‬‬

‫‪   ‬ـ لقد اقتحمت مشاعر الحيرة قلبي‪ ،‬وجعلتني أعيش في عذاب وألم‬

‫قررت أن أخلّص نفسي من عناء هذه الحيرة وعذابها‬


‫‪   ‬ـ في األخير ّ‬

‫‪   ‬ـ تشابكت األفكار في رأسي فق ّيدتني وك ّبلتني وشلّت حركتي وجعلتني سجين حيرة أخذت تنهش عقلي‪ .‬صمدت‬
‫وتحاملت على نفسي وفككت قيودي وهدّ أت من روعي ول ّما أحسست باالستقرارـ ف ّكرت في هدوء ولم أجد أحسن من‬
‫أن …‬

‫وأي عمل يقوم به؟‬


‫فأي حل ّ يختار‪ّ ،‬‬
‫‪   ‬ـ أخذ يحاور نفسه في استغراب‪ ،‬وحيرة‪ ،‬وقلق أحيانا‪ .‬لم يعثر على شيء… ّ‬

‫أحس بالحيرة تخنقني‪ ،‬تحاصرني من كل ّ الجهات‪ ،‬وفي كل ّ مكان لم يعد بإمكاني ال ّثبات على أدنى شيء‬
‫ّ‬ ‫‪   ‬ـ إ ّني‬

‫الصور في مخ ّيلتي ح ّتى عدت ال‬


‫‪   ‬ـ أحسست بالحيرة تنهش رأسي‪ ،‬كانت األفكار تسقط من ذاكرتي المتعبة‪ ،‬وازدحمت ّ‬
‫أرى شيئا‬

‫ّ‬
‫وأكز على أسناني…‬ ‫قبضتي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الساعة‪ ،‬أجلس‪ ،‬ث ّم أقف‪ ،‬أضغط على‬ ‫‪   ‬ـ كنت أتر ّقب أ ّمي أنظر من ال ّنافذة‪ ،‬ث ّم ّ‬
‫أتفحص ّ‬
‫متى ستصل؟‬

‫‪   ‬ـ أستيقظ من غفوتي‪ ،‬يضيق صدري‪ ،‬أتن ّهد‪ ،‬ث ّم أردّ د في صمت …‬

‫‪7‬‬
‫‪   ‬ـ ما بك هل أصابك مكروه‪ ،‬قل لي‪،‬أال تنطق؟‬

‫غبي‪ ،‬وجبان‪ ،‬وهي الّتي طالما منحتني كل ّ ثقتها‬


‫ّ‬ ‫‪   ‬ـ وبعد قليل ستأتي أ ّمي‪ ،‬وستقول أ ّنني‬

‫أحس به‬
‫ّ‬ ‫الساعة تجري بسرعة‪ ،‬والوقت يمضي دون أن‬
‫‪   ‬ـ ّ‬

‫الساعة تتن ّقل ببطء‪ ،‬والوقت يمضي متثاقال يضني ال ّنفوس‬


‫‪   ‬ـ ّ‬

‫شفتي‬
‫ّ‬ ‫‪   ‬ـ أخذت الحيرة تنخر عظامي‪ ،‬فشل ّ تفكيري‪ ،‬وهرب الكالم من بين‬

‫تتلوى‪ ،‬وتعاند‪ ،‬ث ّم تقبع ال تريد الخروج كفأر مطارد التزم‬


‫‪   ‬ـ شعرت باألفكار تتردّ د في أعماقي رأسي المسحوقة‪ّ ،‬‬
‫جحره‬

‫علي الوقت طويال‪ ،‬طويال كأ ّنه سنة‪ ،‬ولك ّني صبرت‪ ،‬وتح ّملت بإرادتي القو ّية… وقلت لنفسي‪“ :‬كل ّ شيء له‬
‫ومر ّ‬
‫ـ ّ‬
‫تعسرت المشكلة … فال بدّ لها من حلّ”‬ ‫آخر… ومهما ّ‬
‫ـ انتابت ّ‬
‫الطفل دهشة بالغة لهذا لهذا الّذي رآه ح ّتى أ ّنه لم يستطع أن ينطق بحرف‬

‫ـ ظل ّ الولد في مكانه ينظر في دهشة دون أن يتكلّم وكأ ّن ه في حلم‪ ،‬وعيناه الواسعتان تتساءالن في استفهام على ما‬
‫يحدث‬

‫شاغل‪ ،‬وال يعرف كيف يحلّها فذهب…‪.‬‬


‫الصبح وتبدّ د الحلم‪ ،‬وكانت المشكلة ال تزال شغله ال ّ‬
‫ـ طلع ّ‬

‫ـ استولت عليه‪ ،‬وعجز عن تفسير ما تسائله به نفسه‪ ،‬وأطرق قليال وهو يف ّكر‪ ،‬ث ّم رفع رأسه‪ ،‬وقال…‪..‬‬

‫ـ ذهبت إلى فراشي ألنام‪ ،‬ولكن ال ّنوم فارق جفوني‪ ،‬فقدكنت مشغول البال‪ ،‬أف ّكر في حيلة تم ّكنني من اإلفالت من‬
‫العقاب‬

‫سأتصرف؟… ولم يوقظني من هذه األفكار‪،‬‬


‫ّ‬ ‫ـ … ولك ّني لبثت أف ّكر‪ ،‬وأقول في نفسي‪“ :‬ماذا عساي أفعل! وكيف‬
‫واآلراء إالّ …‬

‫أحست بحركة عند الباب‪ ،‬فعلمت أنّ أ ّمها قد عادت‪ ،‬فحبست‬


‫ّ‬ ‫ـ أخذت البنت تجهش بالبكاء‪ ،‬وهي ال تدري ما تفعل‪ ،‬فجأة‬
‫أنفاسها‪ ،‬ووقفت أمام أ ّمها‪ .‬راع األ ّم إصفرار وجه ابنتها‪ ،‬وخوفها البادي على مح ّياها…‬

‫الصباح مش ّتت ّ‬
‫الذهن‪ ،‬شارد الفكر‬ ‫ـ استيقظت في ّ‬

‫ـ جلست وحدي في غرفتي أستعيد فيها صفاء ذهني‪ ،‬وهدوء تفكيري‬

‫ـ انفردت بنفسي داخل الغرفة … وأخذت أف ّكر في حل ّ المشكلة‬

‫وتحول إلى فكرة ر ّبما تحل ّ المشكاة‬


‫ّ‬ ‫ـ وأخيرا اهتدى تفكيري إلى شيء ما‪ .‬أخذت أقلّب هذا ال ّ‬
‫شيء في ذهني …‬
‫(المعضلة)‪ ،‬هببت من مجلسي‪ ،‬وأسرعت …‬

‫ـ دخلت غرفتي‪ ،‬وجلست‪ ،‬ولكنّ كالم أ ّمي كان مستوليا عل ّي … فأنشغل فكري‪ ،‬وتشتّت ذهني‪ ‬‬
‫الكره‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫صرت أكره مشيته‪ ،‬وصوته‪ ،‬وجميع حركاته‬

‫الحلم‪:‬‬
‫حاولت أن أتنفّس‪ ،‬اختنقت‪ ،‬وقمت فزعا مرعوبا من نومي‪ ،‬ألعن الكابوس‬

‫لضياع‪:‬‬
‫لم أعرف موقع هذا المكان المسخوط‪ ،‬ولكنّي سأستحضر فراستي‪ ،‬وأنطلق‪ ،‬نظرت إلى ك ّل الواجهات كانت المباني‬
‫لية تضرب سورا منيعا أمامي‪ ،‬وأمام معرفتي باألماكن‬

‫الطقس‪:‬‬
‫كانت اللّيلة باردة‪ ،‬والمطر يهذي‪ ،‬وريح الشتاء تتالعب في الخارج‬

‫النّهار خريف كلّه … الشّمس الخجلى وراء الغيم‪ ،‬والعصافير واألشجار نائمة تسرد أحالم أيّام ال ّ‬
‫صيف‬

‫ّبت ريح عاصفة مألت المنزل ح ّتى ارتجف الولد من البرد الّذي نفذ إلى عظامه‪ .‬فأسرع يغلق ال ّنافذة الّتي تركها‬
‫شذة‪ ،‬والمطر ينهمر بغير‬ ‫الريح تعصف في ّ‬‫مروعة‪ ،‬مخيفة فقد أخذت ّ‬ ‫وحة يتر ّقب عودة أبويه‪ .‬وكانت تلك اللّيلة ّ‬
‫ف‪ ‬‬

‫قضينا يوما …‬ ‫ي مساء من أمسيات ال ّ‬


‫ش تاء الباردة خرجنا من الفصل‪ ،‬وعجنا إلى منازلنا بعد أن ّ‬

‫التذ ّكر‪:‬‬
‫ال أدري كيف أفلت من ذاكرتي المتعبة صوت خافت يذ ّكرني…‬

‫وصف العب كرة‪:‬‬


‫كان ينطلق بسرعة‪ ،‬يراوغ بقيّة الالّعبين رغم محاوالتهم للتّصدّي له‪ ،‬ولكنّه يتخلّص منهم‪ ،‬وبقذف الكرة لك ّل ذكاء‪،‬‬
‫وة ليسكنها الشّباك‪ ،‬فتهتف الحناجر‪ ،‬ويتعالى التّصفيق‬

‫االستيقاظ على صوت المنبّه‪:‬‬


‫قمت من نومي فزعا‪ ،‬ومددت يدي إلى المنبّه ألسكت صوت جرسه المبحوح وهو يوقظني‬

‫حث‬
‫ظرت إل ّي أ ّمي‪ ،‬وقالت‪»  :‬على مهلك … سأشفي غليلك‪ ،‬وأجيبك عن جميع أسئلتك‪ ،‬وستعرف الكثير ع ّما تبحث‪» ‬‬

‫عجاب‬
‫أكف عن ال ّنظر إلى ذلك الفستان فقد تعلّقت به أ ّيما تعلّق‪ ،‬وخلت نفسي أرفل فيه‪ ،‬فتتعلّق أنظار‬
‫ت ال أستطيع أن ّ‬
‫ّ‬
‫دقائي بي وتبقى محبوسة مع أفواه فاغرة‪ ،‬وعيون المعة كلها دهشة وإعجاب‬

‫‪9‬‬
‫ت الكسوة ممتازة‪ ،‬إنّها من الجاكيتات القصيرة البنيّة اللّون ذات األزرارـ المصنوعة من البرونز فهي تناسبني تماما‬

‫قني منظر الطّبيعة‪ ،‬فتوقّفت … وبقيت مسحورا مبهورا … أنظر‪ ،‬وال أتح ّرك … يا لل ّروعة !! ويا للبهاء !! ماذا أرى؟‬
‫ل في يقظة أم في منام أنا؟ إنّه منظر لم تر عيني مثله قطّ … ولن أنساه ما دمت حيّا … وهل ينسى الجمال ال ّرائع‪،‬‬
‫منظر الخالّب‬

‫قني منظر الطّبيعة‪ ،‬فتوقّفت … وبقيت مسحورا مبهورا … أنظر‪ ،‬وال أتح ّرك …‪ ‬فال جمال على األرض مثل هذا …‬
‫ا وقعت عيناي على أروع منه‪ ،‬وال أجمل أبدا … كان منظرا ساحرا … انجذب له ناظري … فأذهل عقلي‪ ،‬وسبى‬
‫ي‪ ،‬وألهاني عن نفسي‪ ،‬وغفلت عن ال ّزمن‪ ،‬ولم أتفطّن لمرور الوقت‬

‫قني منظر الكسوة‪ ،‬فتوقّفت … وبقيت مسحورا مبهورا … أنظر‪ ،‬وال أتح ّرك …‬

‫ح ّر‬
‫رت بالح ّر‪ ،‬فرحت أستجدي النّسمات مح ّركا ورقة أمام وجهي‬

‫نبهار‬
‫يت المعلّم يفتح عينيه‪ ،‬وينظر إلى عملي مبهورا‪ ،‬ث ّم شكرني‪ ،‬وأثنى ّ‬
‫علي‬

‫أى الولد شيئا عجيبا‪ ،‬لم يكن ليخطر له على بال‪ ،‬رأى كسوة …‬

‫قف ّ‬
‫الطفل برهة أمام الكسوة حائرا مدهوشا ث ّم طلب من أ ّمه أن تشاريها له‪ .‬إنّ جمالها باهر ساحر ! إ ّنها أجمل م ّما‬
‫يتصور‬
‫ّ‬ ‫ن‬

‫أخذت بلبّي‪ ،‬وسباني جمالها‪    ‬‬

‫‪   ‬طاعة الوالدين والمساعدة‬


‫عودها أن تطيعه‪ ،‬فكانت ال تخالف له أمرا من األوامر‬
‫ن أبوها قد ّ‬

‫السرور إلى تفسي‬


‫ن أبي يغمرني بجميل المالبس والكتب واأللعاب ويمعن في داللي وجلب ّ‬

‫شكر وال ّثناء‬ ‫أيت شيخا فأخذته من يده وشققت به ّ‬


‫الطريق ما أطلق لسانه بال ّ‬

‫بينما هو سائر إذ صادف في ّ‬


‫الطريق امرأة عجوزا فقيرة‪ ،‬محتاجة‪ ،‬فحنّ قلبه عليها‪ ،‬واقترب منها ليساعدها‬

‫سهرة‪ ،‬في تلك اللّيلة‪ ،‬عرضت أمر مشاركتي في ال ّرحلة على والدتي‪ ،‬واستأذنتها في المشاركة فيها‪ .‬فأبت‪.‬‬
‫ناء ال ّ‬
‫ححت‪ .‬فازدادت إباء‪ .‬فلم أيأس‪ ،‬ومازلت بها‪ ،‬أطمئنها حتّى النت … وأخيرا وافقت‬

‫يت شيخا وقورا يه ّم بعبور الطريق الواسع ولكنّه متردّد‪ ،‬فهرعت إليه وأمسكته من يده وعبرت الطّريق بصعوبة‪ ،‬ولكنّ‬
‫سامته المشرقة‪ ،‬الّتي ال تفارق وجهه‪ ،‬كانت خير مس ّل لي‪ ،‬وأحسن داع إلى ال ّ‬
‫صبر‬
‫وصف األشخاص‬

‫‪   ‬ـ يرتبط الوصف بسرد األحداث‪ ،‬ويؤ ّكد على تصوير ال ّ‬


‫شخص ّية أثناء الحركة واالنفعال‪ .‬ولكن يجب اختيار األوصاف‬

‫‪10‬‬
‫المناسبة للمطلوب‪ ،‬والمتماش ّية مع مسار األحداث إ ّما في ّ‬
‫تأزمها‪ ،‬أو انفراجها‬

‫‪      ‬ـ الجسم‪:‬‬

‫‪ ‬ـ جسمه ممشوق‪ ،‬نحيف‪ ،‬في غير هزال‬


‫‪ ‬ـ وقفت البنت ممشوقة القامة‪ ،‬تقرب إلى ّ‬
‫الطول‪ ،‬ليست بدينة‪ ،‬ولك ّنها ممتلئة‬

‫‪ ‬ـ كان وسيم الوجه‪ ،‬طويل القامة‪ ،‬مفتول العضالت‪ ،‬متثاقل المشية‬

‫‪ ‬ـ بدين‪ ،‬قصير القامة‪ ،‬مستدير الوجه‪ ،‬أشعث ال ّ‬


‫شعر‪ ،‬يمسك بيمناه عصا غليظة‬

‫‪ ‬ـ بنت شقراء‪ ،‬ممشوقة القامة‪ ،‬ناصعة البياض‪ ،‬رقيقة القدّ ‪ ،‬وسيمة الوجه‪ ،‬في حوالي الثانية عشر من عمرها‬

‫‪  ‬ـ كان يدنو من ختام األربعين يسترعي االنتباه بنحافة قامته وطولها‪ ،‬وفيما عدا ذلك فوجهه نحيل مستطيل‪ ،‬شاحب‬
‫اللون‪ ،‬ذو رأس صغير مستطيل ينحدر خفيفا إلى جبهة تميل إلى الضيق‪ ،‬يحدها حاجبان مستقيمان خفيفان متباعدان‪،‬‬
‫يظلالن عينين بالغتين في امتدادهما وضيقهما‪ ،‬فهما تكادان أن تمآل صفحة الوجه الضيقة فإذا ضيقهما ليتقي شعاع‬
‫الشمس بدتا مغمضتين واختفى لونهما العسلي العميق‪ ،‬وقد تساقطت أهدابهما واحمرت أشفارهما احمرارا خفيفا‪،‬‬
‫يتوسطهما أنف دقيق وفم رقيق الشفتين وذقن صغير مدبب‪ .‬‬

‫‪  ‬ـ كان يدنو من ختام األربعين يسترعي االنتباه بنحافة قامته وطولها‪ ،‬وفيما عدا ذلك فوجهه نحيل مستطيل‪ ،‬شاحب‬
‫اللون‪ ،‬ذو رأس صغير مستطيل ينحدر خفيفا إلى جبهة تميل إلى الضيق‪ ،‬يحدها حاجبان مستقيمان خفيفان متباعدان‪،‬‬
‫يظلالن عينين بالغتين في امتدادهما وضيقهما‪ ،‬فهما تكادان أن تمآل صفحة الوجه الضيقة فإذا ضيقهما ليتقي شعاع‬
‫الشمس بدتا مغمضتين واختفى لونهما العسلي العميق‪ ،‬وقد تساقطت أهدابهما واحمرت أشفارهما احمرارا خفيفا‪،‬‬
‫يتوسطهما أنف دقيق وفم رقيق الشفتين وذقن صغير مدبب‪ .‬‬

‫الزمان يترك أثاره‪ ،‬فال ّ‬


‫شعر بدأ يشيب‪ ،‬والبشرة بيضاء تعكس‬ ‫سنّ األربعين‪ ،‬على وجهه بدأ ّ‬ ‫ـ كان معلّمنا قد بلغ من ال ّ‬
‫والحب الّذي يحمله في قلبه لل ّتالميد‬
‫ّ‬ ‫صفاء‬
‫ال ّ‬

‫ـ قابلت شيخا كبيرا وقورا… له لحية بيضاء طويلة‬

‫‪   ‬ـ الوجه‪:‬‬

‫‪ ‬ـ ينطق وجهه المستطيل باللّطف‪ ،‬وال ّطيبة‬

‫‪ ‬ـ وجهه نحيف‪ ،‬بارز الوجنتين‪ ،‬قاسي المالمح‪ ،‬جاف ال ّنظرة‬


‫‪ ‬ـ فهو من الوجوه الّتي أودعتها ّ‬
‫الطبيعة الجالل والهيبة‬

‫‪ ‬ـ ما أن تمعن ال ّنظر إلى وجهها ح ّتى ترى أ ّنه مشرق ينطق باللّطف‪ ،‬والر ّقة‬

‫‪ ‬ـ كانت البنت ذات وجه رقيق‪ ،‬صغير‬

‫‪11‬‬
‫‪ ‬ـ كان وجهها يع ّبر عن ّ‬
‫الطيبة‪ ،‬والبساطة‬

‫تحس وأنت تنظر إلى وجهه بالوقار يل ّفه‬


‫ّ‬ ‫‪ ‬ـ‬

‫‪ ‬ـ كان وجهه شاحبا ج ّدا‪ ،‬وكانت عيناه غائرتين في محجريهما بسبب األرق‬

‫‪   ‬ـ العينان‪:‬‬
‫ّ‬
‫والطيبة‬ ‫بالصفا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬ـ تنطق عيناه‬

‫‪ ‬ـ عيناها ذواتا مقلتين صاف ّيتين‪ ،‬وحدقتين عسل ّيتين‬

‫والر ّقة‬ ‫‪ ‬ـ كنت أرى من خالل عينيها ّ‬


‫الطيبة ّ‬

‫‪ ‬ـ كنت أرى نظرات الحزن في عينيها‬

‫‪ ‬ـ كانت عيناها غائرتين في الحزن‬

‫‪ ‬ـ كانت عيناه تع ّبران عن المكر‪ ،‬والخداع‬

‫تتضرعان …‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬ـ كانت عيناه‬

‫‪ ‬ـ ‪ ‬عيناه سودوان‪ ،‬تلوح فيهما نظرة المعة تن ّم عن ذكائه الحادّ‬

‫‪ ‬ـ كانت نظرته متقلّبة توحي باالضطراب‪ ،‬والحياء‬

‫‪ ‬ـ كنت ألقي نظرات خاطفة عليه من حين إاى حين‬

‫ـ كانت عيناها ‪  ‬المعتين‪ ،‬وفي الوقت نفسه عامرتين بالرقة والخير‪ .‬وكانت شاحبة الوجه‪ ،‬وكان وجهها يعكس اإلشراق‬
‫والعافية‬

‫‪   ‬ـ االبتسامة‪:‬‬

‫‪ ‬ـ أضاءت ابتسامته وجهه شيئا فشيئا‬

‫‪ ‬ـ تعلو وجهه ابتسامة … (قلقة ـ مشرقة ـ شفقة …)‬

‫تفتر عن ابتسامة يغلب عليها الحزن‬


‫‪ ‬ـ كانت شفتاه ّ‬

‫افترت على شفتيه ابتسامة ر ّقة وطيبة‬


‫‪ ‬ـ ّ‬

‫ـ وكانت مالمح وجهها تدل على التفكير والرزانة‪ ،‬أكثر من البشاشة‬

‫ـ اليدين‬

‫‪12‬‬
‫كانت يداه قويتين‪ ،‬وعروقهما نافرة‬

‫وصف رجل فقير‬

‫‪  ‬أقبل الطفل يرتدي سرواال يصل إلى ركبتيه مهترئ األكمام‪ ،‬واألطراف‪ ،‬رجاله حافيتان ال بختلف لونهما عن لون‬
‫ال ّتراب‪ ،‬أ ّما قميصه فقد تناثرت رقعه ح ّتى خ ّيل لي أ ّنه يعدّ بها سنوات عذابه‪ ،‬وبؤسه‬

‫نظر النّاس إلى هذا ال ّرجل في ضرب من القلق‪ .‬فقد كان من العسير أن تقع العين على إنسان ‪ ‬بمظهر أشد بؤسا‪ ،‬كان‪   ‬‬
‫س ط الطول‪ ،‬بدينا‪ ،‬في عنفوان العمر‪ ،‬ولعله أن يكون قد بلغ السادسة واألربعين أو السابعة واألربعين‪ .‬كانت‬
‫متو ّ‬
‫قلنسوة جلدية ممالة إلى جانب تخفي نصف وجهه الذي لفحته الشمس والريح‪ ،‬وسال منه العرق‪ .‬كان صدره ‪ ‬باديا من‬
‫خالل القميص البالي األصفر الخشن الّذي فقد أغلب أزراره‪ .‬وكان يرتدي بنطلونا كتانيا أزرق خشنا‪ ،‬مهترئا باليا‪،‬‬
‫ابيضت إحدى ركبتيه‪ ،‬وتناثرت الثقوب في ركبته األخرى‪ ،‬وصدرة رمادية عتيقة رثة رقعت عند أحد جوانبها بقطعةـ‬
‫من القماش‪ ،‬وفي يده كان يحمل عصا هائلة ذات عقد‪ .‬كانت قدماه غير المجوربتين تنتعالن حذاء ظهرت أصابعه من‬
‫خالله‪ ،‬وكان شعره أشعث وكانت لحيته طويلة‪ .‬وأضاف العرق‪ ،‬والحرارة‪ ،‬والسير الطويل والغبار‪ ،‬قذارة على قذارته‬

‫ـ وصف معلّم‬

‫ـ معلّمنا رجل أمين‪ .‬يق ّدره الكبار‪ ،‬ويحترمه الصّغار‪ ،‬وكنت أنا أيضا أحترمه وأخشاه‬

‫ـ وصف تلميذ يتيم‬

‫يحب االنزواء‪ ،‬واجتناب النّاس‪ ،‬فهو يبتعد عن محادثتهم‪ ،‬واالختالط بهم‪ ،‬وكان أه ّم شيء فيه يدعو‬
‫ّ‬ ‫ـ سامي تلميذ‬
‫ّ‬
‫للدّهشة‪ ،‬ويثير االهتمام واالستغراب نظرته الحزينة‪ ،‬فكنت كثيرا ما أسترق النظر إليه فأعجب ألمره‪ ،‬وأسأل‬
‫‪ ‬نفسي‪» :‬ما هو س ّر هذه النّظرة الحزينة يا ترى؟‪ ،» ‬وكنت أسأل أصدقائي‪ ،‬فكانوا أجهل منّيـ‬

‫‪ ‬ـ وصف مريض‪ ‬‬

‫ولم يكن هذا وحده مما يستلفت االنتباه ولكن ‪ ‬خطواته لم تكن متزنة ـ يتعثر في طريقه‪ ،‬ويميل ذات اليمين وذات‪         ‬‬
‫اليسار‪ ،‬مما أثار فضولي‪ ،‬فلحقت به حتى أدركته عند سور المدرسة حيث ارتمى‪ ،‬واتكأ عليه‪ ،‬مغمضا عينيه‬
‫المنهوكتين من شدة التعب ‪ ..‬فقد كان محموما‬

‫‪ ‬كان تنفسها متقطعا وقصيرا تئنّ أنينا يتقطّع له القلب‪ ،‬ويذوب له ال ّ‬


‫صخر‪ .‬أما عيناها فكانتا تعبتان‪ ،‬كأنها في حالة من‬
‫الحمى‪ ،‬وكان وجهها شاحبا وكأنها في نزاعها األخير‪ .‬كان يثير في النفس مشاعر األسى واأللم‬

‫أحس بألم ال يطاق في رأسي وكتفي وظهري‪ ،‬وبفشل في أعضائي‪ ،‬ث ّم أخذت أسعل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ـ أفقت م ّرة من نومي وأنا‬
‫وأعطس‪ ،‬وشعرت بحرارة تغمر وجهي‪ ،‬وبدأت عيناي تدمعان‬

‫سعال حتّى خلت صدري ينخلع‪ ،‬وارتعدت أوصالي ارتعادا منكرا‪ ،‬وتقبّض وجهي‪ ،‬وتصبّب عرقا‪،‬‬ ‫ـ اشتدّت بي نوبة ال ّ‬
‫وأصبحت ألتقط أنفاسي بصعوبة‪ ،‬أظلمت الدّنيا في عين ّي‪ ،‬وحسبتها النّهاية‪ ،‬واستلقيت في شيء من الفتور والهمود‬
‫على فراشي‬

‫سعال‬
‫صحته تتدهور‪ ،‬وحالته تسوء يوما بعد يوم‪ ،‬فضال عن ال ّ‬
‫ـ أصيب أخي بالح ّمى‪ ،‬فلزم الفراش مكرها‪ ،‬وأخذت ّ‬
‫ّ‬
‫الّذي الزمه‪ ،‬فانقطعت أ ّمي للعناية به‪ ،‬وبقيت بجانبه‪ ،‬لتمريضه وقضاء شؤونه‪ ،‬فكانت تسهر اللّيالي الطوال ترعاه‬
‫‪ ‬وتلبّي طلباته حتّى تد ّرج نحو الشّفاء‪ ،‬وسرت في وجهه دماء العافيّة‪ ،‬وأصبح أحسن منه قبل ذلك‬

‫‪13‬‬
‫ـ وصف عامل‬

‫صانع قد عشق مهنته‪ ،‬وشغف‬ ‫ـ رأيته يشتغل وهو منصرف إلى عمله انصرافا تاما‪ ،‬منقطع النّظير‪ .‬فعلمت أنّ هذا ال ّ‬
‫بها‪ ،‬فنجح في الحياة‪ .‬ولم يدر في عقلي قطّ أن أنظر إلى المهنة من حيث هي‪ ،‬ألنّي ألعتقد أنّ ك ّل حركة فيها بركة‪ ،‬وأنّ‬
‫ك ّل عمل شريف‪ ،‬وأنّ ك ّل من يقوم يشغل‪ ،‬ويتقنه فنّان ‪ ،‬ولو كان هذا الشّغل بسيطا‬

‫انكب العامل على عمله ينجزه بك ّل جوارحه‪ ،‬فال شيء يشغله‪ ،‬وإنّما ه ّمه كلّه أن يتقنه‪ ‬‬
‫ّ‬ ‫ـ‬

‫ـ بقيت أتنقّل من مكان إلى مكان‪ ،‬أحادث هذا‪ ،‬وأعين ذاك‪ ،‬وأساعد اآلخر‪ ،‬ولم أشعر بانقضاء الوقت‪ ،‬ولكنّ المعلّم نبّهنا‬
‫إلى قرب العودة إلى منازلنا‬

‫ـ البؤس‬

‫ـ إنّ رجال يؤمن باهّلل ورسله‪ ،‬وآياته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ويحمل بين جنبيه قلبا يخفق بال ّرحمة والحنان‪ ،‬ال يستطيع أن يملك عينيه‬
‫من البكاء‪ ،‬وال قلبه من الخفقان عندما يرى طفلة مسكينة باليةالثوب‪ ،‬كاسفة البال‪ ،‬دامعة العين‪ ،‬تم ّد يدها وتستجدي‬
‫‪ ‬ال ّمارة‬

‫الصداقة‬
‫ّ‬

‫الحب والعطف واإليثار ‪ ‬‬


‫ّ‬ ‫ـ وإذا بصداقاتنا الّتي أضاعها الغرور واإلصرار قد أعادها‬

‫سماء … وكأ ّنه يعاتب نفسه على شيء فعله … فاقتربت منه‪ ‬‬
‫‪ ‬ـ وجدت صديقي حزينا … ينظر إلى ال ّ‬

‫ـ صادقت ولدا اكتشفت فيما بعد أ ّنه يقضي وقته كلّه في اللّعب مع األوالد َطوال ال ّنهار‬

‫ـ سمعت هذه اإلشاعات الّتي بدأت تنتشر بين أصدقائي وبق ّية ال ّتالميذ حول كالم قيل أ ّنه بدر من صديقي في ح ّقي‪،‬‬
‫ش ّك والعداء بيني وبين صديقي‪ ،‬ولك ّني لم‬‫فقلت في ّأول األمر ر ّبما كانت إشاعات وأقاويل مغرضة هدفها بذر ال ّ‬
‫وقررت أن أذهب بنفسي إلى صديقي وأحصل منه على الخبر اليقين‪ .‬ا ّتخذت طريقي مسرعا‬ ‫أستسلم لحيرتي كثيرا… ّ‬
‫أللتقي بصديقي فهو وحده سيخبرني بحقيقة ما يحدث‪ .‬وصلت إلى صديقي فقد وجدته واقفا تحت إحدى شجرات‬
‫ساحة‪ .‬حزنت لهذا‬ ‫ووجه عينيه إلى أرض ّية ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ساحة ساهما شاردا‪ .‬نظرت إليه ولك ّنه لم يستطع مواجهة نظراتي‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫الذهن‪ ،‬أف ّكر وقد سرحت خواطري ولم‬ ‫األمر … وغادرته بدون أن أنبس ببنت شفة‪ ،‬فقد فهمت كل ّ شيء‪ ،‬كنت شارد ّ‬
‫أشعر إالّ‬

‫ـ أ ّثر كالم صديقي في نفسي ولك ّني كتمت شعوري وغادرته مغلوبا على أمري‪ ،‬والغيظ يقطع قلبي‬

‫ساحة‪ ،‬وتج ّمع األصدقاء يناقشون بعض المسائل‪ ،‬وكنت أستمع‬‫صة‪ ،‬فخرجنا إلى ال ّ‬
‫ق الجرس معلنا عن انتهاء الح ّ‬
‫ـد ّ‬
‫إليهم‪ ،‬غير أنّي لم أستطع أن أحبس لساني‪ ،‬وأخبرتهم ببعض الكالم في شأن أحد األصدقاء‪ ،‬فأختلفوا بين مصدّق‪،‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬ومكذب‪ ،‬ومستغرب‪ ،‬ومتش ّكك‬

‫ساحة‪ ،‬وتج ّمع األصدقاء يناقشون بعض المسائل‪ ،‬وكنت أستمع‪ ‬‬‫صة‪ ،‬فخرجنا إلى ال ّ‬
‫ق الجرس معلنا عن انتهاء الح ّ‬ ‫د ّ‬
‫إليهم‪ ،‬غير أنّي لم أستطع أن أتح ّكمـ في لساني‪ ،‬وحدّثتهم ببعض الكالم في شأن أحد األصدقاء‪ ،‬فأختلفوا بين مصدّق‪،‬‬
‫ّ‬
‫‪  ‬ومكذب‪ ،‬ومستغرب‪ ،‬ومتش ّكك‬

‫ـ قال لنا المعلّم ‪”:‬األمر خطير ج ّدا‪ ،‬ولكن ح ّتى ال ن ّتخذ قرارنا في لحظة غضب علينا أن نهدأ” فهو يحاول أن ّ‬
‫يدربنا‬
‫صائب‪ .‬صحيح أنّ صديقنا تربطنابه صداقة حميمة قو ّية‪ ،‬ولكن هذه مصلحة شخص ّية‬ ‫على ال ّتفكير‪ ،‬وا ّتخاذ القرار ال ّ‬
‫الصداقة الّتي تربط كل ّ تال ميذ ‪ ‬القسم ببعضهم البعض‪ ،‬لذلك وجب علينا‬
‫صة ج ّدا‪ ،‬وصغيرة ج ّدا إذا ما قيست بعالقة ّ‬ ‫خا ّ‬

‫‪14‬‬
‫ال ّت فكير بعيدا عن العاطفة‪ .‬ولكن صديقنا تمادى في غروره وإصراره‪ ،‬ورفض أن ّ‬
‫يقر بالحقيقةـ الب ّينة عليه‪ .‬غضب‬
‫قرر أن يسلك كل ّ ّ‬
‫الطرق الّتي توصله‬ ‫المعلّم ولك ّنه تح ّكم في غضبه‪ ،‬فهو يريد أن يجعل صديقنا يعترف بخطئه‪ ،‬لذلك ّ‬
‫وقرر أن يستدعي أباه‬
‫إلى هذا الهدف ّ‬

‫ـ سامي … أحببته كثيرا‪ ،‬وتصادقنا طويال‪ ،‬ولعبنا‪ ،‬ولكن نهاية أمري معه كانت قاسية‪ .‬فقد تدنّت نتائجي‪ ،‬ووبّخني‬
‫والدايا‬

‫التّع ّرف على صديق‪ ‬‬

‫كان في ذلك الطّ فل شيء غريب يثير االهتمام ألول وهلة … شيء راح يستأثر باهتمامي شيئا فشيئا‪ ،‬حتى أني نسيت‬
‫كل شيء ماعدا النظر إليه والتحديق فيه … فقد أحببت أن أكتشف هذا السر‬

‫ـ اتّخذت فادي صديقا لي‪ ،‬وتمتّنت العالقة بيننا‪ ،‬وأصبح ال يف ّرق بيننا إالّ اللّيل‪ ،‬فأعينه ويعينني‪ ،‬وأساعده ويساعدني‪،‬‬
‫وأمدّه بما يحتاج إليه وهو كذلك حتّى صرت أترقّب قدومه‪ ،‬وأعاتبه على غيابه‪ ،‬أو ّ‬
‫تأخره …ـ‬

‫ـ لقد كان التّلميذ الجديد واسمه عالء كريم األخالق‪ ،‬فبشاشته‪ ،‬وسماحة نفسه تأسرك‪ .‬ولطف حديثه معك‪ ،‬يجعلك تحبّه‪،‬‬
‫وتسايره‪ ،‬وتنفّذ ما يطلبه منك عن طيب خاطر‬

‫ـ اللّباس‬

‫وتسر الفؤاد‪ ،‬لم أر أجمل منها‪ ،‬وال أروع‪ ،‬أعجبني لونها الدّ اكن‪ ،‬فرحت أتأ ّملها‬
‫ّ‬ ‫ـ أراني البائع كسوة‪ ،‬تبهج ال ّنظر‪،‬‬
‫أتحسسها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أتفحصه‪ ،‬فإذا هو ناعم‪ ،‬وقد شعرت بنشوة وغبطة ‪ ،‬وأنا‬ ‫بدهشة ال حدود لها‪ ،‬فلمست قِماشها‪ ،‬ورحت ّ‬
‫ّ‬
‫وتم ّنيت أن أرتديها‪ ،‬ولك ّني كبحت جماح نفسي‪،‬وأعدتها للبائع وأنا أتن ّهد‪ ،‬بدون أن أشعر إذ أنها لم تعجب أ ّمي‬

‫ـ كنت أم ّر بين المغازات‪ ،‬وأتطلّع على المالبس في الواجهات‪ ،‬فجأة شاهدت كسوة… يا هّللا ‪ …  ‬ما أجملها‪ ،‬وما أبدع‬
‫ألوانها‪ ،‬وما أروع شكلها وأبهاه!ـ‬

‫ـ نزع الغطّاس ثيابه وبدأ يرتدي كسوة الغوص … فلبس ال ّ‬


‫سراويل‪ ،‬ث ّم الج ّمازة‪ .‬ث ّم الحذاء‪ ،‬فغطاء ال ّرأس‪ ،‬وش ّد وسطه‬
‫ضفدع‪،‬‬ ‫بحزام مثقل بحلق من رصاص‪ ،‬ال يق ّل وزنها عن ستّة أرطال‪ ،‬ولبس بعد ذلك في قدميه مسباحين كساقي ال ّ‬
‫البحارة على ظهره قارورتين‪ ،‬مملوءتين هواء‪ ،‬وموصولتين بأنبوب ينتهي بنفّاسة‪ ،‬تركها تتأرجح على‬ ‫ووضع ّ‬
‫ّ‬
‫صدره‪ ،‬ث ّم وضع على عينيه نظارة كبيرة ذات زجاجة واحدة تسمح له بال ّرؤية‪ ،‬وتمنع الماء من الوصول لعينيه‪،‬‬
‫ولم‪ ‬ينس أن يش ّد إلى ساقه خنجرا كبيرا في غمده‬

‫ـ التّرقّب‬

‫ـ كنت أضجر من التّرقّب‪ ،‬فأخذت أحادث هذا‪ ،‬وأستمع إلى ذلك حتّى م ّر وقت خلته دهرا‪ ،‬ولكنّه لم يتجاوز خمس عشرة‬
‫دقيقة‪ .‬وأخيرا ح ّل الوقت الموعود‪ ،‬ورغم شدّة تل ّهفي لالطالع على النّتيجة إالّ أنّني أحسست باالضطراب … وخفق‬
‫قلبي خفقانا شديدا‪ ،‬وغمرني عرق غزير‬

‫‪ ‬‬

‫وصف عناصر الطبيعية‬

‫‪15‬‬
‫الجبال‬

‫‪ ‬ـ جبال شاهقة تخترق قممها قلب السحاب يكسوها الصنوبر والفلين فال ترى العين سوى الغصون واألفنان واألوراق‬

‫‪  ‬ـ جبال عمالقة شامخة شاهقة في الفضاء الواسع تبدو للناظر كأنها تالمس السماء‬

‫‪ ‬ـ جبال صخرية عالية ذات قمم حادة ومنحدرات وعرة‬

‫الظن أبدا‪ ،‬تجود بمائها الثّمين باستمرارـ على أرض معطاء‪ ،‬فتكتسي‬
‫ّ‬ ‫ـ جبال ش ّماء‪ ،‬تع ّمم هاماتها سحب دهماء‪ ،‬ال تخلف‬
‫خضرة دائمة‪ ،‬وتتزيّن بنبت وأزهار‪ ،‬فيتلطّفـ الجوّ‪ ،‬وتنتعش النفوس‪ ،‬وتسبىـ القلوب‬
‫ّ‬

‫السهول‪ ‬‬

‫ـ سهول ممتدة تكسوها الخضرة حيثما التفت وتعلوه أزهار مزدانة بمختلف األلــوان الزاهيــة حــتى وكأنهــا زربيــة من‬
‫حرير‬

‫‪ ‬ـ سهل يكسو أديمه بساط أخضر جميل خصب ونضير يثير في النفس البهجة‬

‫‪  ‬ـ الريف عظيم بشمسه الوهاجة وظالله الوارفة وبهوائه الالفح ونسيمه الوديع وبغدرانه وسواقيه الجارية‬

‫‪ ‬ـ أعشاب خضراء تغطي األرض كأنها بساط أخضر بـديع والمـاء يجـري خاللهـا يلمـع مثـل الفضـة وزهـور البنفسـج‬
‫سحر والفراشات الجميلة تتنقّل فوقها تلثم ال ّرحيق في‬
‫والقرنفل والياسمين تزيّنها وتضفي عليها مسحة من البهاء وال ّ‬
‫نهم كبير والنّسيم العليل يح ّركها في رفق متّبعا ألحان تغريد الطيور وتسبيحها‪.‬‬

‫الصـدر ويشـنّف األذن‪ ،‬إنّــه‬


‫‪ ‬ـ حقول شاسعة متراميّة األطراف فأينما وجهت نظرك ال ترى إال ما يسحر العين ويشرح ّ‬
‫جمال الحياة‪.‬‬

‫وكان مرأى تلك السهول الخضراء يثــير في الصـدر انشـراحا وفي النّفس ســكينة وفي العقـلـ انبهـارا‪:‬أشـجار صـنوبر‬
‫الذهبيّة وترمي بشباكها على ك ّل من حولها‪.‬‬‫وأزهار بنفسج وأطيار بالبل وشمس تحبك خيوطها ّ‬

‫الغابات‬

‫‪ ‬ـ ما أجمل غابات ال ّزيتون الّتي تمت ّد على مدى البصر حسب نظام هندس ّي وترتيب بديع يأخــذ بمجـامع القلــوب ويبعث‬
‫سرور‬‫مرآه على ال ّ‬

‫‪ ‬ـ كان المكان رائعا وديعا يأخذ األلباب إنه غابة بل جنّة متراميّة األطراف تعانقت أغصان أشــجارها الباســقة ببعضــها‬
‫البعض وامتد اخضرارها على مدى البصر وقد سحرت النفوس بجمالهــا األخــاذ‪ ‬وظاللهــا الوارفــة وطيورهــا المغــردة‬
‫وهوائها النقي‪.‬‬

‫‪ ‬ـ وصلنا إلى مكان من الغابة موحش أشجاره كثيفــة تحجب أشــعة الشــمس وســكونه مــريب يــرعب القلب وخشخشـةـ‬
‫أوراقه اليابسة تحت األقدام تقشعر األبدان‬

‫‪ ‬ـ هذه جنّة من جنان الفردوس أشجارها وارفة الظالل خضراء متعانقة األغصان وعصافيرها تمرح في بهجــة العبــة‬
‫هانئة غير عابئة بما حولها وغزالنها وسناجبها وأرانبها ترتع وتمرح وتــرعى العشــب األحضــر النّضــر في اطمئنــان‬
‫وراحة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ ‬ـ كانت الغابة أشد سحرا عند الغروب فالشّمس تبذر تبرها المحم ّر اللّ ّماع على الخضرة فتزيدها رونقا وبهاء وتختبئ‬
‫في خجل مودّعة الطّ بيعة جاعلة من األشجار حجابا أو وشاحا مزركشا يضفي على جمالها جماال وعلى بهائها بهاء‬

‫ـ زرت مدينة‪ ،‬سباني جمال طبيعتها‪ :‬رمـال عســجديّة صــفراء في شــاطئها‪ ،‬وأشـجار زبرجديّـة خضـراء في غاباتهـا‪،‬‬
‫ومياه الزورديّة زرقاء في بحرها‪ ،‬فإذا وقفت في ُربوة من رباها‪ ،‬متّعت بصرك بجمال ال ّربى‪ ،‬وروعــة المــاء‪ ،‬وبهــاء‬
‫الغاب‪ ‬‬

‫المنحدرات‬

‫‪ ‬ـ واد نضير خصيب تحيط به جبال صخرية يتدفق منها ماء غزيــر عــذب صــاف يتلـ ّوى في ســواقي متع ّرجــة متف ّرقــة‬
‫تارة‪ ،‬ومتّحدة أخرى تلتقي في قعر الوادي‬

‫‪  ‬ـ جبال شاهقة توجد فيها عين ماء فوارة يتدفق منها ماء غزير فإذا هي شالالت تنهمر على المنحدرات‬

‫‪  ‬ـ منحدرات بها ينابيع رقراقة كثيرة تتفرع منها مئات الجداول فتحدث خريرا دائما يستهوي القلوب ويشنّف األسماع‬

‫البحر‬

‫‪ ‬‬

‫سماء‬
‫‪ ‬ـ شاطئ البحر ضفافه فضية بلون الفجر ورماله ذهبية بلون الشمس ومياهه زرقاء بلون‪ ‬ال ّ‬

‫‪ ‬ـ كان الماء في البحر أزرق صافيا يحاكي زرقة السماء وصــفاء البلـور وكـان بعض النّـاس قـد اســتلقوا على الرمـال‬
‫الذهبية الاّل معة معرضين بشرتهم إلى أشعة الشمس الحارقة والبعض اآلخر فضل الجلوس في ظــل الشّمســيات بينمــا‬
‫أخذت مجموعة من الشبان يلعبون بالكرة يقفزون ويتصـايحون وعلى سـطح المـاء زوارق صـغيرة ناشـرة أشـرعتها‬
‫كأنها حمائم بيضاء‬

‫‪  ‬ـ كانت أمواج البحر تتألأل تحت أشعة الشمس الحارقة ورمال شاطئه تلمع كأنها التبر‬

‫‪ ‬ـ كانت السفينة تمخر عباب البحر بينما بــدأ البحــر يثـور كالجمـال الهائجـة وأخـذت األمــواج تتجمــع مزمجـرة مزبـدة‬
‫وجعلت الرياح العاتية تتالعب وترمي بها في كل االتجاهات‬
‫ـ البحر … جبّار عنيد‪ ،‬إن غضب‪ ،‬وثـار‪ .‬ولطيـف‪ ،‬كـريم إن سـكن والن !! البحـر مغـر‪ّ ،‬‬
‫جـذاب ولكنّـه غـرور‪ ،‬فتّـاك‪،‬‬
‫قاتل !‪ ‬‬

‫الصحراء‬

‫الصـفراء الب ّراقــة‪ ،‬وهــذه المجموعـة من نبـات‬


‫‪ ‬ـ تبــدو الواحـة كجزيــرة أو كزمـ ّردة تتألأل وســط صــحراء من ال ّرمـال ّ‬
‫وصحراء‪ ،‬وج ّو وشمس‪ ،‬يعطي بعضها بعضا جاذبيّة ساحرة‬

‫الشـتاء‪ ،‬وتمتـ ّد جنّــات النّخيــل كيلومــترات‪،‬‬


‫‪ ‬ـ يقصد النّاس الواحة للتن ّعم بجنّاتهــا‪ ،‬وطيب هوائهــا‪ ،‬واعتدالــه في أيّــام ّ‬
‫تتخلّلها عيون جاريّة‬

‫‪ ‬ـ توغلنا في الصحراء القاحلة فامتدت أمامنا الرمال رداء يلــف الــدنيا من حولنــا بصــفرة فيهــا بريــق الــذهب ولمعــان‬
‫التبر وبدت تجاعيد رمالها متالحقة في انسياب والتواء وكثبانهــا أكــثر تباعــدا وأشــد روعــة وجمــاال حتّى بلغنــا قلبهــا‬
‫فوجدنا أنفسنا داخل واحة يتوجهــا النخيــل وتخترقهــا المســارب والجــداول يــترقرق فيهــا المــاء على مهــل يتألأل تحت‬

‫‪17‬‬
‫أشعة شمس كأنها ال تغيب أبدا‬

‫‪  ‬ـ هبت عاصفة رملية فامتألت األرض والسماء بالرياح الشديدة المحملة بالرمل‬

‫امتدت أمامنا الرمال رداء يلف الدنيا بصفرة فيها بريق الذهب ولمعان التبر‬

‫صحراء إلى‪ ‬‬
‫ـ جزر خضراء … في رمال صفراء … فيها ظالل وارفة‪ ،‬ومياه جارية‪ ،‬وأشجار يانعة‪ ،‬تحيل قسوة ال ّ‬
‫‪ ‬لين وشقاءها إلى نعيم … تلك هي الواحات‪ ،‬في الجنوب‬

‫ـ في الواحات … ترى عمالقة النّخيل‪ ،‬تحيط بالبساتين‪ ،‬أو تحت ّل وسطها‪ ،‬صفوفا مستقيمة‪ ،‬متناسقة‪ ،‬وقد تح ّزمت‬
‫بالدّوالي‪ ،‬والكروم … في أوساطها … وتراصفت أشجار ال ّر ّمان‪ ،‬حول جذوعها … فتختلط الثّمار‪ ،‬مثلما اشتبكت‬
‫األشجار … فترى أبدع منظر‪ ،‬وأروع جمال … عراجين التّمر‪ ،‬تحنو على عناقيد العنب … المتدليّة فوق ال ّر ّمان‪،‬‬
‫سفرجل والتّفّاح … وما شئت من ثمار‪ ،‬أروتها المياه‪ ،‬وأنضجتها حرارة الشّمس‪ .‬يمت ّد تحت الجميع‪ ،‬بساط من‬ ‫وال ّ‬
‫الحشائش‪ ،‬وأصناف البقول‪ .‬يغريك بالجلوس ويدعوك للمكوث … فإذا استجبت لإلغراء شنّف سمعك خرير الماء‪،‬‬
‫س واقي‪ .‬وأطربتك زقزقة العصافير‪ ،‬المتواثبة بين األغصان‪ ،‬الباحثة عن رزقها بين الثّمار النّاضجة‬‫المنساب في ال ّ‬
‫والحشرات الطائرة‪ .‬هكذا هي البساتين … في الواحات … إنّها بهجة لألعين‪ ،‬ومطمح لألنفس‪ ،‬وعرضة لأليدي …‬
‫صغار‪ ،‬وفضول الكبار‬ ‫لذلك تحرس البساتين باستمرار‪ ،‬خوفا من عبث ال ّ‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫وصف األماكن االجتماعية‬

‫المدينة‬

‫ـ وقفت في أ ّول الشّارع وأرسلت نظري فرأيت على الجانبين مغازات عصرية وبعض أكشاك وصفوف من السيارات‬
‫مركونة‬

‫‪  ‬ـ مدينة عجيبة غريبة متسعة األرجاء مترامية األطراف طرقاتها زرعت على جانبها أشجار الورد والفل وفي‬
‫شرفات منازلها أصص القرنفل‬

‫ق شوارع واسعة‪ ،‬وألج ساحات تحيط بها مقاه وفنادق ومغازات‪ ،‬وأقف أمام حدائق‬ ‫‪ ‬ـ سرت في المدينة فإذا بي أش ّ‬
‫عموميّة زيّنتها أشجار باسقة خضراء وع ّمتها الخالئق من النّاس‪ ،‬هؤالء النّاس الّذين احتشدواـ في ك ّل األمكنة‬
‫يترقّبون الحافالت‪ ،‬أو يجتازون الشّوارع بحذر متّبعين المم ّرات المس ّمرة‪ ،‬أو يسيرون بتأنّ عند ملتقى الطّرق حيث‬
‫سير ويسهرون على راحة المواطن‬ ‫نجد رجال الشّرطة‪ ،‬ينظّمون حركة ال ّ‬

‫سماء إالّ عند المطر‪ ،‬وال بجمال الشّمس أو جمال القمر‪ ،‬فك ّل ما حوله من جمال‬ ‫‪ ‬ـ في ج ّو المدن ال يشعر اإلنسان بال ّ‬
‫جمال صناع ّي‪ .‬فهو قد استغنى بجمال باقات ال ّزهور عن ال ّزهور في منابتها‪ ،‬وبثريّا الكهرباء عن ثريّا ال ّ‬
‫سماء‪،‬‬
‫وبالحسن المصنوع عن الحسن الطّبيع ّي‬

‫‪  ‬ـ بهرتني المساجد ذات المنارات الرفيعة والمدارس العديدة والمستشفيات بنظامها والبنايات بتناسقها‬

‫‪18‬‬
‫القرية‬

‫‪ ‬ـ ما أروع مشهد القرية بصومعتها الشامخة وحقولها المترامية‪ ‬وشمسها الوهاجة ورقرقة مياه سواقيها وزقزقة‬
‫عصافيرها وأغاني فالحيها‬

‫‪ ‬ـ خرجت ُمبَ َّك ًرا أمشي بين الحقول‪ ،‬وأرقب الشّمس في طلوعها‪ ،‬والشّمس في ال ّريف أجمل منها في غيره‪ ،‬فال‬
‫بنايات شاهقة تحجبها‪ ،‬وال جدران تمنع حرارتها‪ ،‬بل هي تصافح النّاس مباشرة في وداعة ولطف وحنان‬

‫‪ ‬ـ في القرية الحياة ح ّرة طليقة‪ ،‬والج ّو مفتوح‪ ،‬والهواء جديد لم تفسده الحضارة بدخانها وغازاتها وسمومها‪ ،‬ولم‬
‫تحبسه األبنية الشّامخة‪ ،‬ولم تحجزه الحيطان األربعة‪ ،‬تتجدّد النّفس بتجدّده‪ ،‬وتمتلئ نشاطا من نشاطه‬

‫‪ ‬ـ إنّما يشعر اإلنسان حقيقة بجمال الكون‪ ،‬يوم يخرج إلى ال ّريف‪ ،‬ويف ّر إلى القرى والباديّة حيث أحضان الطّبيعة‬
‫سماء في النهايتها‪ ،‬والبحار في أبديّتها‬ ‫فيكشف له الخالق عن جمال مخلوقاته‪ ،‬وتأخذ بلبّه ال ّ‬

‫‪  ‬ـ دخلت منزال تحيط به حديقة فسيحة غرست أشجارا ظليلة وأزهارا عطرة وإذا األشجار تتراقص أغصانها على‬
‫السور تكسوه خضرة وتزيده بهاء وفي وسط المنزل فناء فسيح زاده رونقا وبهاء‬

‫‪ ‬‬

‫وصف الطبيعة الغاضبة‬


‫سماء في تض ّرع لتمطرها بقطرات من الماء تعيد إليها الحياة‪.‬‬‫ـ األرض قاحلة مشققة ممتدّة حتّى األفق تخطب و ّد ال ّ‬
‫فلطالما حلمت بأن تعود لها نظارتها فتنموا أعشابها‪ ،‬وتزهر ورودها‪ ،‬وتع ّمرها العصافير‬

‫سماء وانطلقت الرياح تعبث بك ّل شيء تولول وتصفّر وتتنقل في الشوارع‬


‫سماء وحهها وتلبدّت الغيوم في ال ّ‬ ‫‪ ‬ـ قطّبت ال ّ‬
‫وبين البيوت تتوعّد وتتهدّد‬

‫‪  ‬ـ تلبدت السماء بالغيوم ونزلت األمطار كأفواه القرب ظنناها سحابة عابرة لكنها لم تنقشع ولم تزدد األمطار إال شدة ولم‬
‫يزدد الرعد إال قعقعة وقصفا حتى لكأن الدنيا مجنونة عاودتها نوبتها فهي تصرخ وتقفز وتمزق ثوبها بيدها وتشق‬
‫حنجرتها بصراخها وازداد الرعد قرقعة وألهب البرق واستشرى وأغدقت السماء وجادت وعصفت الريح وثارت وتدفق‬
‫السيل يطيح باألخضر واليابس‪.‬‬

‫‪  ‬ـ ثار جنون العاصفة مولولة ثائرة غاضبة ترمي بما يعترضها هنا وهناك دون شفقة وال رحمة فخفت وعرفت يومها‬
‫خوفا ما عرفت له مثيال في حياتي‪ ،‬وال أعتقد أنّني سأرى مجدّدا الطّبيعة على هذا الوجه‬

‫ساحة بركة‬‫ـ ألقيت نظرة من خالل نافذة الفصل فإذا األشجار تهتز اهتزازاـ عنيفا وإذا األمطار كأفواه القرب وإذا ال ّ‬
‫متماوجة فانقبضت نفسي وتراجعت إلى الوراء متسائال في حيرة ‪ :‬كيف سأغادر هذا الفصل الدافئ ألواجه ذاك الزمهرير‬
‫الهائج‪.‬‬

‫سماء فاهت ّزت األرض لها‪ ،‬أسرعت إلى النّافذة فرأيت منظرا هائال‪ ،‬انقلب ك ّل‬
‫‪ ‬ـ سمعنا قعقعة عظمى فد انبعثت من ال ّ‬
‫شيء‪ ،‬وارتفع في الفضاء‪ ،‬تدبر به ال ّرياح وتقبل‪ ،‬تعلو به وتنزل مولولة غاضبة‪ .‬وخيّل إل ّي أنّ العاصفة لن تهدأ قبل أن‬
‫ي…‬ ‫تقضي على ك ّل شيء وكنت وحيدا أترقّب عودة والد ّ‬

‫سماء‪ ،‬وانقلب عالي ك ّل شيء أسفله‪،‬‬ ‫‪ ‬ـ سمعنا قعقعة عظمى فد انبعثت من جميع أرجاء البحر في آن واحد‪ ،‬فاهت ّزت ال ّ‬
‫سفينة ذ ّرة هائمة في ذلك الفضاء الفسيح‪ ،‬تقبل بها ال ّرياح‬
‫وصاح الجميع «‪ ‬العاصفة‪ .» ‬هنا رأيت منظرا هائال‪ ،‬رأيت ال ّ‬
‫سماء‪ ،‬وهي ترغي وتزبد‪ ،‬وأصبحت مقدّمة‬ ‫وتدبر‪ ،‬وتعلو بها األمواج وتنزل‪ ،‬ترتفع ارتفاع الجبال حتّى تكاد تالمس ال ّ‬

‫‪19‬‬
‫ّ‬
‫ومؤخرتها تهبط‪ .‬علم ر ّكابها أنّ الهالك أصبح على قاب قوسين منهم أو أدنى فذعروا وتهافتوا على‬ ‫سفينة ترتفع‪،‬‬
‫ال ّ‬
‫ّ‬
‫سطحها يصيحون ويطلبون النجدة‬

‫‪  ‬ـ سرت في الشارع المقفر مواجها ريحا عاتية تصفع وجهي وتلسع ساقي وتتسرب تحت معطفي فيقشعر جلدي‬
‫ويرتعش جسمي‪   ‬وتصطك أسناني فأنطلق مهروال حانيا ظهري دافنا رأسي بين كتفي ومن حين آلخر أخرج منديال أمسح‬
‫به أنفي وقد استحال نبعا ال ينضب ماؤه‪.‬‬

‫سحب‪ ،‬فازدادت دكنة وانحطاطا شيئا فشيئا حتّى تدلّت نحو األرض وهي تد ّوي وتئنّ ‪ ،‬ولمع البرق‪،‬‬ ‫‪ ‬ـ حشدت ال ّريح ال ّ‬
‫وطنّ ال ّرعد طنينا‪ ،‬وأ ّز أزيزا‪ ،‬وعوت ال ّرياح مختصمة فيما بينها‪ ،‬فقذفت بك ّل ما اعترضها‪ ،‬حينها اعتصرت ال ّ‬
‫سحب‬
‫وألقت بما فيها على المنازل وك ّل من حولها أمطارا كأفواه القرب‬

‫سيول الجارفة‬
‫سابحة في مياه ال ّ‬
‫‪  ‬ـ انتابني الذعر لمنظر األشجار الساقطة والجذوع المتهاوية واألغصان المتناثرة ال ّ‬
‫الملتفّة بالمنازل كأنّها حيّة قد أحكمت قبضتها بفريستها وهيّأت نفسها البتالعها‬

‫‪  ‬ـ ازدادت العاصفة قساوة عندما هطل المطر وتساقط البرد يرجم األشجار واألرض وأمل الفالحين وشقت األرض في‬
‫صلب األرض جداول تتدفق ملتوية تجرف التربة فتجرف معها الحياة استمرت هذه العاصفة ساعة من الزمن كانت أطول‬
‫من الدهر وأقسى من ضربات الفأس والمعول‬

‫‪ ‬ـ خرجت من المدرسة في يوم من أيّام الشّتاء‪ ،‬وأخذت أمشي بخطى سريعة‪ ،‬غير مبال بال ّزمهرير‪ ،‬ألنّي كنت أريد‬
‫الوصول بسرعة إلى المنزل‪ ،‬ول ّما كنت في منتصف الطّريق‪ ،‬هبّت ريح عاصفة شديدة د ّوت بها جوانب األفق‪ ،‬وقعقعت‬
‫تنقض‪ ،‬وأخذت تجاذبني معطفي مجاذبة شديدة‪ ،‬كأنّها تأبى إالّ أن تنزعه‬
‫ّ‬ ‫سماء‪ ،‬حتّى حسبتها توشك أن‬‫لها قبّة ال ّ‬
‫منّي‪،‬استمررت أدراجي‪،‬أتيامن معها تارة‪ ،‬وأتياسر أخرى‪ ،‬وأندفع متقدّما‪ ،‬وأك ّر راجعا‪ ،‬هدأت العاصفة قليال‪ ،‬ولكنّها ما‬
‫هدأت إالّ لتفتح الطّريق إلى الغيث الهاطل‪ ،‬فلم تهدأ ثورتها حتّى ثار ثائره‪ ،‬وأخذ يتساقط سقوطا شديدا‪ ،‬فابت ّل معطفي‪،‬‬
‫ومشت ال ّرعدة في جميع أعضائي‪ .‬ولكنّي تجلّدت‪ ،‬وقاومت‪ ،‬وغالبت الطّبيعة‪ ،‬حتّى وصلت‪ ،‬ولكنّي لم أصل إالّ بعد وقت‬
‫طويل‬

‫‪ ‬ـ غمرت الظّلمة الكون‪ ،‬وبدأت األمطار تنهمر بغزارة‪،‬ـ والعواصف تصفّر‪ ،‬وتتسارع‪ ،‬فترتعش لهولها األشجار‪ ،‬وتتململ‬
‫أمامها األرض‪ ،‬اختبأ النّاس والحيوانات‪ ،‬ولم يبق سواها تخطب على مسامع العمارات‪ ،‬والمنازل‬

‫صفراء تتساقط وتتطاير في الفضاء الرحب‬


‫‪ ‬ـ في فصل الخريف الشمس خجولة والهواء لطيف أوراق األشجار ال ّ‬
‫كتطاير العبرات‪ ،‬ث ّم تتكدّس‪ ،‬وتتراكم على األرض‪ ‬‬

‫السحب كثيرا ما تتكاثف فوق الجبال‪ ،‬ث ّم تسقط أمطار تم ّد الوادي بالحياة‪ ،‬وتسيل فيه بقوة‪ .‬وكثيرا ما حدث‬
‫‪ ‬ـ كانت ّ‬
‫أن فاض الوادي وأصاب القرية المجاورة الموجودة في مكان منخفض بفيضاناته‬

‫جر الماء ألمتعة ال ّناس‪ ،‬وسارت األمور على أحسن وجه‪ ،‬وأخيرا بدأ الفيضان‬
‫ـ رمينا إلى بعضنا بحبال تعيق ّ‬
‫ينحبس‬

‫‪ ‬‬

‫وصف ال ّطبيعة الحالمة‬


‫ـ كانت الحديقة فاتنة‪ ،‬فاألزهار تتطاول مبرزة نفسها نحو الضياء‪ ،‬وأغصان األشجار تعانق بعضها بعضا في رقّة‬
‫وحنان‪ ،‬والطّيور تتنقّل بينها منشدة لحن الحياة‬

‫‪20‬‬
‫ضياء تتدفّق بعد ذلك الظالم الطّويل‪ .‬الطّبيعة تفتح رئتيها للهواء النّق ّي‬
‫‪ ‬ـ ولد ال ّربيع من جديد‪ ،‬وانبثقت معه سيول من ال ّ‬
‫وقد تخلّصت من ثقل الشّتاء الّذي كان جاثما على صدرها‬

‫ـ ذهبت إلى الحديقة رغبة في النزهة‪ ،‬فوجدت كل شيء فيها‪  ‬يضحك‪ ،‬األزهار مفتحة تمأل الجو عبيرا‪ ،‬والفراشات‬
‫صخور في‬
‫راقصة فرحا بالربيع‪ ،‬والعصافير منشغلة ببناء أعشاشها تغ ّرد وتنشد أعذب األلحان‪ ،‬المياه تترقرق من بين ال ّ‬
‫بطء وانسجام‪  ‬‬

‫‪ ‬ـ استيقظ الطّفل وقد أفعم صدره أمال وحبورا‪ ،‬لم يعرف لهما مثيال منذ أيّام عديدة‪ .‬فتح النّافذة فإذا الشّمس الفتّانة تدعوه‬
‫الجذابة‪ ،‬وبريق النّدى على أوراقها توقظ في نفسه‬ ‫ّ‬ ‫في رقّة ودالل للخروج‪ ،‬وإذا باألشجار بقامتها الممشوقة‪ ،‬وخضرتها‬
‫حب التّجوال‪ ،‬والتن ّزه‬
‫ّ‬

‫‪ ‬ـ توقّفنا ونزلنا وإذا بنا وسط واحة من أشجار النّخيل‪ ،‬وكم كان ابتهاجي كبيرا وأنا أتملّى ذلك المنظر الجميل‪ ،‬فهو يبدو‬
‫كلوحة فنيّة رائعة ‪   ‬‬

‫ـ كان الربيع قد انتشر في كل مكان وكسا األرض رداؤه المرقش فالحقول قد هاجت باألزهار على اختالف أنواعها‬
‫وألوانها واألشجار ارتدت حلة من األوراق الفتية والطيور خرجت ترنم أناشيد الفرح بقدوم فصل الجمال والطبيعة كلها‬
‫بهجة ومرح‪.‬‬

‫سهول المنبسطة انبساطا يبعث‬ ‫‪ ‬ـ وقفت أنظر إلى المروج الخضراء الممتدّة بأعشابها الناضرة‪ ،‬وورودها اليانعة‪ ،‬وإلى ال ّ‬
‫سرور‪ ،‬ويجعلها تهفو إلى أن أكرافها الواسعة الّتي تبهج العين بآيات فنّها‪ ،‬وتر ّوح ال ّ‬
‫صدر بهوائها العليل‪،‬‬ ‫في النّفس ال ّ‬
‫وتبهج ال ّروح بنفحاتها الشذيّة‪ .‬ظللت أتنقّل من مكان إلى مكان حتّى إذا نال منّي التّعب أويت إلى سنديانة ظليلة ألرتاح‪.‬‬

‫‪  ‬ـ وصلنا إلى المكان فإذا هو حديقة غناء يكسو أرضها بساط من األعشاب الخضراء ‪ ‬وانتشرت األزهار الفواحة من‬
‫خاللها تدغدغ األنوف وتهز النفوس وتنشيها‪ ،‬وبدت السماء كعين الطفل صفاء تغطيها العصافير المغردة تخالها في‬
‫عرس أو مهرجان من األلحان وما ألحانها إال فيضان ما في قلبها من الغبطة بالوجود…‬

‫‪ ‬ـ جلست تحت سنديانة ظليلة‪ ،‬أغصانها متشابكة‪ ،‬يم ّر بها النّسيم فتطرب‪ ،‬ويداعبها بأصابعه الخفيّة فتسمعني من حفيف‬
‫أوراقها‪ ،‬وتغريد بالبلها أعذب معزوفة غنّتها أوتار الحياة‬

‫‪ ‬ـ فتنني هذا المنظر البديع‪ ،‬واطمأنّت نفسي لسحره‪ ،‬وموسيقاه المنبعثة من حفيف األوراق‪ ،‬وخرير المياه المنسابة في‬
‫هدوء‪ ،‬وتغاريد العصافير المبتهجة المتنقلّة من غصن إلى غصن‪ ،‬واستأنست لك ّل ما حولي أنسا عظيما‬

‫‪ ‬ـ فصل ال ّربيع‪ ،‬فصل األحالم‪ ،‬الك ّل منتش غارق في األحالم‪ ،‬فالعصافير منشغلة ببناء أعشاشها تحلم بفراخها واألشجار‬
‫ض ة تحلم بالثمار‪ ،‬والحيوانات ترعى العشب في طمأنينة تحلم بصغارها تدب حواليها‬
‫الخضراء بأغصانها وأوراقها الغ ّ‬
‫والفالح يتأ ّم ل حقله يحلم بالسنبلة التي دفن أمها في األرض تلك هي يقظة الحياة بعد هجوعها ‪.‬‬

‫المتوجه الّذي أضفى على الدّنيا‬


‫ّ‬ ‫‪ ‬ـ لم أنتبه من حلمي إالّ آخر العش ّي والشّمس عند األفق تقف وقفة الوداع بلونها األحمر‬
‫هالة من التبر المتأللئ وكأنّها ال تريد المغادرة‬

‫‪ ‬ـ بدأ الظالم يمتدّ‪ ،‬وينبسط على المكان‪ ،‬فأخذت طريق العودة وفي نفسي سرور عظيم وارتياح ونشوة ال توصف‪ .‬إنّ‬
‫الطّبيعة لهي الفضاء ال ّرحب الّذي يتأ ّمل فيه اإلنسان آيات الفنّ وشواهد الجمال‪ ،‬وفيه يطمئنّ ‪ ،‬قلبه ويشعر بال ّ‬
‫سكينة‪،‬‬
‫وتفعم نفسه ابتهاجا وأمال‪.‬‬

‫ق طريقه بين فجوج األشجار النّاعسة يدغدغها‪ ،‬ويرقص أغصانها وأوراقها الغ ّ‬
‫ضة‪،‬‬ ‫‪ ‬ـ انبثق الفجر وتهادى النّور يش ّ‬
‫فتتمطّى وتفتح عينيها في هدوء ودالل‪ ،‬وتهت ّز لتوقظ العصافير النّائمة‪ ،‬وتعلمها بحلول يوم جديد‬

‫سماء‪ ،‬وزها الكون بعد فترة سبات‪ ،‬فخرجت ألنعم بما حبانا به هّللا من جمال بديع‪،‬‬
‫‪ ‬ـ كان اليوم ربيعيّا صاحيّا صفت فيه ال ّ‬

‫‪21‬‬
‫سماء حامدة شاكرة‪ ،‬وعلى‬ ‫لم أبتعد كثيرا‪ ،‬كانت الطّبيعة تحتويني‪ ،‬أشجار خضراء باسقة تتطاول رافعة أعناقها إلى ال ّ‬
‫أغصانها حطّت طيور مغ ّردة بمعزوفة هي أشبه بابتهاالت ّ‬
‫تمجد قدرة الخالق على الخلق‪ ،‬وتحت قدم ّي امت ّد بساط أخضر‬
‫زركش بضروب من ال ّزهر وشقاشق النّعمان‬

‫ـ سرت بين نفحات الرياحين وأهازيج الطيور وخرير السواقي وخوار البقر وصهيل الخيل وصياح الديكة وثغاء األغنام‬
‫ثم تخليت عنها ألمتع نظري بهذا الوشاح البديع الذي يغشي األرض وألستمع إلى أصوات تلك المخلوقات التي تسبح‬
‫بلغاتها العديدة وظللت أمأل رئتي من هذا النسيم العطر الذي يتنازعه قر الشتاء وحر الصيف فلله ما أجمل الربيع‬

‫سحر‪ ،‬ونثرت‬
‫‪ ‬ـ كانت الشّمس تستع ّد لتأوي إلى مرقدها‪ ،‬كانت تقاوم ال ّرغبة في البقاء‪ ،‬فأضفت على الكون هالة من ال ّ‬
‫على الطّبيعة غبار التّبر فتألأل في ك ّل مكان‬

‫‪ ‬ـ تراقصت حولي فراشات مزه ّوة بألوانها الفاتنة تغازل ال ّزهور تارة وتلثمها أخرى ممعنة في امتصاص لذيذ رحيقها‬

‫سحريّة فتباينت ألوانها في تناسق عجيب‬


‫‪ ‬ـ لمس ال ّربيع األزهار بعصاه ال ّ‬

‫‪  ‬ـ كان الفصل ربيعيا فالسماء زرقاء صافية وشمسها مشرقة وروائح األزهار الذكية تمتزج بالهواء وتمأل الصدر‬
‫انشراحا وتداعب األلوان الزاهية األبصار فتريحها‬

‫‪ ‬ـ كان النّسيم عليال بليال يعبق بشذى الطّبيعة العذب يداعب وجنت ّي‪ ،‬ويهدّئ نفسي‪ ،‬ويخدّرها‪ ،‬فأنعم بلذيذ األحالم‪ ،‬وأسبح‬
‫في عالم من الخيال‪ ،‬عالم كلّه سعادة وحبور يخفق له قلبي ويحلّق فيه فؤادي نشوة عارمة‬

‫‪ ‬ـ عدت إلى المنزل أسبح مع النّسائم وأبتهل مع الطّيور العائدة إلى مراقدها‪ ،‬الحامدة الشاكرة ّ‬
‫لرب قدير رحيم جعل‬
‫الجمال في متناول ك ّل كائن لينعم به‪ ،‬ويتأ ّمل فيه‬

‫ـ أحسست بيد سحريّة دافئة توقظني برقّة ولطف‪ ،‬تململت قليال‪ ،‬وفتحت عين ّي‪ ،‬وإذا بأش ّعة الشّمس تتسلّل من النّافذة‪،‬‬
‫فتغمر الغرفة بموجة من الدّفء والنّور‪ ،‬وتبعث في النّفس نشوة ورغبة في الخروج‪ .‬نظرت من النّافذة فإذا الطّبيعة ملء‬
‫العيون بما أبدع هّللا فيها من ألوان زاهرة‪،‬ـ وأبرزهـ من أغصان ناضرة‪ ،‬وخلقه من جمال رائع‪ ،‬متناسق‪ ،‬منسجم يحيّر‬
‫ب‪ ،‬ويعلّم الفنّانين فنّهم‪ ،‬ويرقّي ذوقهم‪ ،‬ويلهمهم اإلبداع في التّنميق‪ ،‬واإلجادة في التّزويق…‬
‫العقول‪ ،‬ويأخذ اللّ ّ‬

‫‪ ‬ـ ح ّل الربيع وتجلّت الطّبيعة في أحلى حللها‪ ،‬فمألت الج ّو عطرا بأزهارها العبقة‪ ،‬وثمارها الفائحة‪ ،‬وريّاحينها الطّيّبة‪،‬‬
‫فأنعشت النّفوس‪ ،‬وبعثت األمل‪ ،‬وح ّركت أشجان الطّيور‪ ،‬وأطلقت لسانها‪ .‬كانت عجماء فأفصحت‪ ،‬وكانت خرساء‬
‫فنطقت‪ ،‬وكانت بكماء فص ّوتت وغ ّردت‪ .‬ول ّما غنّت‪ ،‬ح ّر كت أشجان اإلنسان‪ ،‬وأوحت إليه بالمعاني الحسان‪ ،‬فخرج النّاس‬
‫إلى الحدائق‪ ،‬والغابات‪ ،‬يتمتّعون بسحر ال ّربيع‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫ال ّرحالت‬
‫أشعتها ّ‬
‫الذهب ّية الهادئة على‬ ‫قررت أن أزور مع أصدقائي الغابة المجاورة للمدينة‪ .‬وصلنا فكانت ال ّ‬
‫شمس ترسل ّ‬ ‫ـ ّ‬
‫األشجارفتزيدها جماال وفتنة‬

‫‪22‬‬
‫‪ ‬‬

‫ـ استمررت أسير متن ّقال بين الحقول‪ ،‬والبساتين‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫ـ وكاد الوقت ينقضي‪ ،‬ونحن في لعب مرح‪ ،‬وأحاديث حلوة شائقة‪ ،‬فن ّبهنا المعلّم إلى أن نستعدّ ّ‬
‫للرجوع‪ ،‬فاستعددنا‬
‫متراخين كأ ّننا استيقظنا من حلم جميل‬

‫‪ ‬‬

‫متعرجة‬
‫ّ‬ ‫ـ وصلنا إلى مدينة عظيمة بيوتها بيضاء‪ ،‬ونوافذها كبيرة‪ ،‬وطرقاتها‬

‫‪ ‬‬

‫شجر واألغصان تتمايل‪ ،‬والعصافير تغ ّني‪ .‬استيقظت‬


‫الربيع الجميلة‪ ،‬ونسيم الهواء يداعب أوراق ال ّ‬
‫ـ في يوم من أ ّيام ّ‬
‫أتجول‬
‫ّ‬ ‫في منتهى الحيو ّية‪ ،‬وال ّنشاط‪ ،‬وخرجت‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬
‫التّعب‬

‫ضيعة‪ ،‬وشاركتهم جني ال ّزيتون ‪ ،‬وفرحهم‪ ،‬وزغاريدهم‪ .‬وفي آخر النّهار عدت إلى‬ ‫ـ ذهبت مع أفراد عائلتي إلى ال ّ‬
‫المنزل منهوك القوى‪ .‬ولكن رغم التّعب الّذي شعرت به … فإنّي كنت سعيدا جدّا‪ ،‬ولن يدرك س ّر سعادتي إالّ من‬
‫ضى اليوم كلّه في ال ّ‬
‫ضيعة‬ ‫ق ّ‬

‫الفشل‬

‫ـ أخذت أ ّمي توبّخني … وأنا واقف أمامها مطأطئ ال ّرأس‪ ،‬ولم أشعر بعبراتي إالّ وهي تنحدر فوق جبهتي …‬
‫دخلت غرفتي وحزني على ما فعلت عظيم‪ ،‬ولوعتي أش ّد وأعظم‪ ،‬أسفت لما سببته لها من ألم وحزن‪ ،‬وندمت على‬
‫كذبي‪ ،‬وعسى هّللا أن يغفر لي‬

‫ـ أخذت أ ّمي توبّخني … فرفعت رأسي‪ ،‬وقلت لها بلهجة كلّها صدق‪ » :‬ما أظنّني فعلت سوءا‪ ،‬وما اعتديت على‬
‫أحد … وأنت تعرف ذلك منّي جيّدا … فما ألجأك إلى ك ّل هذا الغضب؟‬

‫العمل‬

‫ضيت ساعات أبحث‬ ‫ـ جلست إلى المنضدة‪ ،‬وانكببت على عملي به ّمة ونشاط‪ ،‬وانصرفت إليه انصرافا كامال‪ ،‬وق ّ‬
‫بج ّد وال ه ّم لي غير ما كلّفني به المعلّم‪ ،‬وبعد عناء طويل وجدت ضالّتي‪ ،‬وكانت فرحتي خير عزاء لي على تعبي‪،‬‬
‫وأحسن جزاء أجازى به على صبري‪ .‬قدّمت بحثي‪ ،‬وشكرني المعلّم‪ ،‬وأشاد بي أمام أصدقائي‪ .‬خرجت إلى‬
‫ساحة‪ ،‬وكلّي فخر واعتزاز‪ ،‬يعود الفضل فيه إلى جدّي‪ ،‬واجتهادي في عملي‪ ،‬وإلى استقامتي‬ ‫ال ّ‬

‫الفرح‬

‫ـ سمعت نتيجة نجاحي‪ ،‬فكدت أطير لفرحي‪ ،‬والدّنيا ال تسعني لفرط ابتهاجي وغبطتي‬

‫‪23‬‬
‫الفزع‬

‫ـ غفوت … ولكننّي لم أهنأ بنومي طويال … فقد رأيت أبي في منامي وهو يرعد ويبرق … كان غاضبا أش ّد‬
‫الغضب‬

‫المرض‬

‫ـ رجعت إلى المنزل‪ ،‬وأنا في حالة يرثى لها‪ ،‬إعياء وتعبا‪ ،‬وأوجاعا … الزمت الفراش أسبوعا كامال‬

‫الحيرة‬

‫ـ احترت في أمري‪ ،‬وبقيت شارد اللّ ّ‬


‫ب‪ ،‬أف ّكر في ح ّل‪ ،‬ولم أجد … فجأة لمعت في ذهني فكرة … إنّني وجدت الح ّل‬
‫الّذي أنشده‬

‫‪24‬‬

You might also like