You are on page 1of 78

‫تربوة الضمري‬

‫يف ضوء السنة املطهرة‬

‫إعداد‬
‫د‪ .‬أسامء جابر العبد‬
‫املدرس بقسم احلديث وعلومه بكلوة الدراسات اإلسالموة‬
‫والعربوة للبنات باملنصورة‪،‬جامعة األزهر‬

‫‪1‬‬
‫اله ْفسَ َعوِ الْ ًَوَى‪ .‬فَإِىَّ اْلجَهَّةَ يِيَ الْ َم ْأوَى ﴾‬
‫﴿ وَأَمَّا َم ْو خَافَ َمقَامَ رَبِّ ٌِ وََنًَى َّ‬
‫صدق اهلل العظيم‬

‫[النازعات‪]41-44 :‬‬

‫‪2‬‬
‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬
‫المقدمة‬
‫الحمد ﵀ جاعل النكر كالظممات‪ ،‬كخالق المكت كالحياة‪ ،‬المطمع عمى الضمائر كالنيات‪ ،‬كما يجكؿ فييا‬
‫مف خطرات‪ ،‬كعالـ السرائر كالخفيات ‪،‬طير القمكب باإليماف كردعيا عف المنكرات‪،‬كحثيا عمى االنطبلؽ‬
‫في فعل الخيرات‪،‬كاجتناب الفكاحش كمحرمات الشيكات‪،‬كصمى هللا عمى سيدنا دمحم أفضل البريات‪،‬كعمى‬
‫آلو كصحبو كأزكاجو الطاىرات‪،‬كعمييـ مف هللا جميعا أزكى الصمكات‪.‬‬
‫كبعد‪..‬‬
‫فبل سبيل إلى بقاء األمة كنيضتيا‪ ،‬كبعثيا مف رفاتيا إال بإحياء الضمير الفردؼ؛ الذؼ يترتب عميو إحياء‬
‫الضمير الجمعي‪ ،‬إذ الفرد جزء ال ينفصل مف ىذا المجتمع العريق‪،‬كقد حرص النبي ملسو هيلع هللا ىلص عمى تربية ضمير‬
‫األمة ‪،‬كنفض ما تراكـ عميو مف راف الكثنية الذؼ سيطر عميو حقبا مف الزمف حتى كاد اإلنساف يفقد‬
‫آدميتو كيتحكؿ إلى بييمة عجماء قاسية القمب ال تبالي بألـ جريح أك أنيف طريح‪،‬كذلؾ بمكت ضميرىا‬
‫‪،‬طاؿ عمييـ األمد فقست قمكبيـ‪،‬كثرت الجرائـ مف سفؾ دـ بغير حق‪،‬كسرقة باإلكراه‪ ،‬ككأد البنات‪،‬كالزنا‬
‫بامرأة الجار‪،‬كقطع األكاصر‪،‬كشرب الخمر‪،‬كاستحبلؿ المحرمات‪،‬كاستحساف القبيح‪....‬‬
‫فجاء اإلسبلـ فأزاؿ بنكره عف كجو البشرية ىذا الغماـ‪،‬كطير قمبيا مف اآلثاـ‪،‬كأحيا ضميرىا بعد طكؿ‬
‫مناـ؛ باإليماف كالقرآف كرسكؿ األناـ‪.‬‬
‫وكاف مف أىـ أسباب اختياري ليذا الموضوع‬
‫رغبتي في خدمة السنة المطيرة باستخراج بعض كنكزىا الثمينة ‪ ،‬كدراستيا دراسة مكضكعية إلظيار‬
‫عظمة النبي ‪‬كمعرفة عظمة ىذا الديف كمعالجتو ألىـ القضايا في حياة الناس إلى قياـ الساعة ‪.‬‬
‫(ٖ) قمة الكتابة في ىذا المكضكع " تربية الضمير في ضكء السنة المطيرة " فمـ أر فيو كتاباً مستقبل‬
‫الميـ إال ما كاف مف بعض المقاالت كالمحاضرات ‪ ،‬فأحببت أف أقكـ بعمل بحث يجمع شتات ىذا‬
‫المكضكع في كتاب مستقل لتعـ الفائدة كيرجع إليو مف أراد دكف مشقة كعناء ‪.‬‬
‫(ٗ) ما ليذا المكضكع مف أىمية بالغة ‪ :‬فبل نجاة لئلنساف بغير ضمير حي يقع يردعو عف ارتكاب‬
‫المعاصي كاستحبلؿ الحرمات كارتكاب المحرمات‪ ،‬بل كيحثو عمى فعل الخيرات التي تكصمو إلى رضا هللا‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫كدخكؿ الجنات ‪،‬كما أحكج األمة إلى الضمير الصادؽ الذؼ يخمصيا بينما تكتكؼ بَمييب ّ‬
‫الصراعات‬
‫ك َّ‬
‫الن َك َبات ‪،‬كمف ىنا كجب تعريف الناس بالضمير ككيفية تقكيتو ‪،‬ك العكامل التي تؤدؼ إلى ضعفو كمكتو؛‬
‫حتى يتسنى ليـ تقكيـ ضميرىـ إذا اعكج‪ ،‬كتقكيتو إذا فتر‪،‬فالضمير الحي سر الحياة‪ ،‬كسبب النجاة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المنيج العاـ لمبحث‪:‬‬
‫ٔ‪-‬اتبعت الباحثة المنيج االستقرائي التاـ ألميات كتب السنة مستفيدة مف المنيج النقدؼ في‬
‫الدراسة‪ ،‬كتتمثل طبيعة عمل الباحثة في ترتيب دراسة الحديث مف حيث (تخريج الحديث‪ ،‬دراسة عمة‬
‫الحديث‪ ،‬ترجمة الركاة‪ ،‬خدمة الحديث كضبطو) بما يتفق مع طبيعة الدراسة الحالية‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬اتبعت الباحثة المنيج االستنباطي حيث قامت بتحميل األحاديث كاستنباط ما يتعمق بيا مف‬
‫أحكاـ‪.‬‬
‫طريقتي في البحث‬
‫لمبحث العممي المكضكعي مميزات خاصة ‪ ،‬كمنيجية معينة يخضع ليا ‪ ،‬كقد لخصت طريقتي التي‬
‫سرت عمييا في ىذا البحث كما يمي ‪:‬‬
‫ٔ ػ قمت باستقراء األحاديث النبكية التي ليا صمة بمكضكع الدراسة ‪،‬ثـ قمت بتقسيميا كتصنيفيا بما‬
‫يتناسب مع أبكاب الدراسة ‪.‬‬
‫ٕػ رجعت إلى كتب الشركح حتى يتبيف معنى الحديث الذؼ ذكرتو ‪ ،‬كيتسنى فيمو ‪ ،‬كاف كاف فيو معنى‬
‫غريباً بينتو ‪ ،‬كأكضحتو ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬حاكلت استخراج األسرار كالحكـ كالتكجييات كالقيـ مف األحاديث النبكية ‪ ،‬كربطيا بكاقع األمة‬
‫المعاصر ؛ حتى ال تككف الدراسة مجرد تنظيرات خيالية ال معنى ليا‪،‬بعيدة عف أرض ككاقع األمة‬
‫كىمكميا ‪.‬‬
‫ٗػ كما حرصت عمى االستدالؿ باألحاديث النبكية في كل قضايا البحث كجزئياتو ما استطعت إلى ذلؾ‬
‫سبيبل‬
‫٘ػ قمت بتخريج األحاديث مف كتب السنة ذاكرًة اسـ الكتاب كالباب كرقـ الجزء كالصفحة‪ ،‬كرقـ الحديث ‪،‬‬
‫كاذا كاف في المسانيد كالمعاجـ اكتفيت بذكر الجزء كالصفحة كرقـ الحديث ‪.‬‬
‫‪ٙ‬ػ إذا كاف الحديث في الصحيحيف فيك صحيح بإجماع أىل العمـ ‪ ،‬كاذا لـ يرد فييما ككرد في غيرىما‬
‫ذكرت أقكاؿ المحدثيف التي تبيف درجة الحديث ‪ ،‬كاذا لـ يكف ىناؾ حكـ مف أحدىـ تتبعت رجاؿ السند‬
‫ذاكرة ما كرد فييـ مف أقكاؿ ‪.‬‬
‫‪ٚ‬ػ اقتصرت في البحث عمى األحاديث الصحيحة أك الحسنة التي نص الحفاظ عمى صحتيا أك حسنيا‪،‬‬
‫كلـ أعتمد عمى األحاديث المكضكعة ‪ ،‬كأحيانا أستشيد بالحديث الضعيف إذا لزـ األمر كلـ يكف في‬
‫الباب غيره مبينة ضعفو كسبب الضعف ‪.‬‬
‫‪ٛ‬ػ قمت ببياف المعاني المغكية لبعض الكممات التي رأيت مف الميـ أف أبيف األصل المغكؼ ليا لما يترتب‬
‫عمى ذلؾ مف زيادة بياف أك إزالة لبس ‪.‬‬
‫‪ٜ‬ػ ترجمت لمعظـ مف كرد ذكرىـ مف الصحابة كالتابعيف كأىل العمـ ترجمة مكجزة كأحمت القارغ إلى‬
‫مكضع ترجمتو مف كتب التراجـ ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ٓٔػ أسندت كل قكؿ لقائمو ككل نص لمصدره؛ذاكرة في الحاشية اسـ الكتاب كمؤلفو كرقـ الجزء كالصفحة‬
‫‪.‬‬
‫ٔٔػ إذا كجدت قكالً لمصحابة كالتابعيف كمف بعدىـ مف أىل العمـ يتكافق مع المكضكع ذكرتو باعتبارىـ‬
‫أعمـ الناس بالنصكص كما جاء فييا ‪ ،‬كأكثرىـ تطبيقاً ليا ‪ ،‬كأسندت كل قكؿ لقائمو ‪ ،‬ككل نص لمصدره‬
‫ذاكرة في الحاشية اسـ الكتاب كمؤلفو كرقـ الجزء كالصفحة ‪.‬‬
‫ٕٔػ تناكلت األلفاظ الغريبة بالشرح معتمدة عمى كتب المغة كغريب الحديث ككتب الشركح كما قمت‬
‫بتكضيح ما يحتاج إلى بياف بسبب خفاء المعنى أك اختصار في الركاية ‪.‬‬
‫ٖٔػ قمت بتكثيق النقكؿ كذلؾ عمى النحك التالي ‪:‬‬
‫أ ػ أذكر اسـ الكتاب أكالً ‪،‬ثـ اسـ المؤلف كلقبو المشيكر بو ‪ ،‬ثـ رقـ الجزء كالصفحة ثـ اسـ المحقق إف‬
‫كجد‪ ،‬كأخي اًر الطبعة كدار النشر‪.‬‬
‫ب ػ إذا سبق ذكر الكتاب عند العزك إليو ثانياً أكتفي بذكر اسـ الكتاب كرقـ الجزء كالصفحة ‪.‬‬
‫جػ ػ إذا غيرت في النص أك اختصرتو أك حذفت منو أقكؿ " بتصرؼ " ‪.‬‬
‫د ػ إذا رجعت إلى أكثر مف مصدر ‪ ،‬أشير إلى ذلؾ بقكؿ " يراجع " ‪.‬‬
‫ىػ ػ عند تكرار النقل مف مصدر كاحد كلـ يفصل بيف النقميف بمصدر آخر أقكؿ‪":‬المرجع السابق" ‪.‬‬
‫كختمت البحث بفيرس لممكضكعات كالمراجع ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫خطة البحث‬
‫كأما عف خطة البحث فيي كالتالي ‪:‬‬
‫قسمت ىذا البحث إلى مقدمة‪،‬كتمييد‪،‬كأربعة فصكؿ‪،‬كخاتمة‪.‬‬
‫المقدمة تشتمل عمى ‪:‬‬
‫‪ -‬االستفتاح ‪.‬‬
‫‪ -‬سبب اختياري لمموضوع وأىميتو ‪.‬‬
‫‪ -‬طريقتي في ىذا البحث ‪.‬‬
‫التمييد‪ :‬كفيو تحميل لمفردات العنكاف كتعريف ما كرد بو ‪.‬‬
‫الفصل األوؿ‪ :‬الضمير كأىميتو مف منظكر السنة المطيرة ‪،‬وينقسـ إلى ثالثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األوؿ‪ :‬مصدر الضمير كبياف أنكاعو‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬كظيفة الضمير كأىميتو في السنة النبكية‬

‫الفصل الثاني‪:‬تربية الضمير في السنة المطيرة ‪،‬وفيو ثالثة مباحث‪:‬‬


‫المبحث األوؿ‪:‬الكسائل التربكية في السنة النبكية لتقكية الضمير‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬تربية الضمير عند الطفل‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬دكر األنبياء كالمصمحيف في إصبلح الضمير‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪:‬يقظة الضمير كأثرىا عمى الفرد كالمجتمع مف خبلؿ السنة النبكية‪،‬وفيو ثالثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األوؿ‪:‬يقظة الضمير عند الصحابة‪،‬كعند التابعيف‬
‫المبحث الثاني‪ :‬فكائد تربية الضمير في السنة المطيرة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اآلثار المترتبة عمى يقظة الضمير مف منظكر السنة‬

‫الفصل الرابع‪ :‬غياب الضمير كأثره عمى الفرد كالمجتمع مف خبلؿ السنة النبكية‪،‬وفيو ثالثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األوؿ‪:‬خطكرة غياب الضمير مف خبلؿ السنة النبكية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬العكامل التي تؤدؼ إلى فتكر الضمير في ضكء السنة المطيرة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬النتائج السمككية المترتبة عمى فتكر الضمير في ضكء السنة المطيرة‪.‬س ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫التمييد‬
‫وفيو تحميل لمفردات العنواف وتعريف ما ورد بو‬
‫أوالً‪:‬تعريف التربية‬
‫في المغة ‪:‬تعددت دالالت كممة "تربية" في معاجـ المغة العربية ‪،‬وفي الجممة تشير إلى عدة‬
‫معاف‪:‬‬
‫ٍ‬
‫الن ِ‬
‫اس َف َال َيْرُبو‬ ‫آتْي ُتـ ِمف ِّرباً ِّلَيْرُب َو ِفي أَم َو ِ‬
‫اؿ َّ‬ ‫ْ‬ ‫‪َ -‬رَبا يربك بمعنى زاد كنما ‪ ،‬كمنو قكلو تعالى‪َ  :‬و َما َ ّ‬
‫آتي ُتـ ِمف َزَكا ٍة ُت ِريدو َف وجو َّ ِ‬
‫َّللا َفأ ُْوَل ِئ َؾ ُى ُـ اْل ُم ْض ِع ُفو َف‪ ‬سكرة[ الركـ‪.]ٖٜ :‬‬ ‫ِعند َّ ِ‬
‫ُ ََْ‬ ‫َّللا َو َما َ ْ ّ‬ ‫َ‬
‫‪ -‬ك تأتي بمعنى نشأ كترعرعٔ‪.‬‬
‫ٕ‬
‫‪ -‬كبمعنى حفع كرعى"‬
‫ٖ‬
‫أس ْستيـ‬
‫بيت القكـ أؼ ّ‬
‫‪ -‬كبمعنى أصمح كأسس‪ ،‬كمنو ر ُ‬
‫كعميو فالتربية تعني ‪ :‬الرعاية كالتنشئة كاإلصبلح كالتأسيس‪.‬‬
‫التربية في االصطالح‪:‬‬
‫ِّ‬
‫المعرؼ كرؤيتو؛‬ ‫اختمفت تعريفات التربية في االصطبلح كذلؾ بحسب‬
‫‪-‬فمنيـ مف عرفيا عمى أساس النمك الجسدؼ أك العقمي‪ ،‬أك النفسي‪،‬وعمى ىذا تعرؼ بأنيا‪ " :‬تنمية‬
‫ٗ‬
‫الكظائف الجسمية كالعقمية كالخمقية حتى تبمغ كماليا عف طريق التدريب كالتثقيف"‬
‫‪-‬كمنيـ مف عرفيا عمى أساس التطكر الفكرؼ بأنيا "المفاىيـ التي يرتبط بعضيا ببعض في إطار فكرؼ‬
‫كاحد يستند إلى المبادغ كالقيـ التي أتى بيا اإلسبلـ‪ ،‬كالتي ترسـ عدداً مف اإلجراءات كالطرائق العممية‬
‫٘‬
‫يؤدؼ تنفيذىا إلى أف يسمؾ الفرد سمككاً يتفق مع عقيدة اإلسبلـ"‬
‫تعريف التربية عند عمماء التربية‪:‬أما عمماء التربية فقد عرفكىا بأنيا‪ ":‬نمك الكائف البشرؼ مف خبلؿ‬
‫طا‬
‫الخبرة المكتسبة مف مكاقف الحياة المتنكعة‪ ,‬كيقصد بالنمك اكتساب خبرات جديدة متصمة كمرتبطة ارتبا ً‬

‫ٔ‪ -‬لساف العرب البف منظكر ٘‪.ٜٙ/‬‬


‫ٕ‪-‬‬
‫المرجع السابق٘‪.ٜٙ/‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫التربية اإلسبلمية المفيكمات كالتطبيقات‪،‬أ‪.‬د‪.‬سعيد إسماعيل‪،‬أ‪.‬د‪.‬دمحم بف محجب‪،‬أ‪.‬د‪.‬عبد الراضي إبراىيـ‪ ،‬ص‪ ، ٔٚ‬ط‬
‫الثالثة ‪ٕٔٗٛ،‬ىػ‪ٕٓٓٚ-‬ـ مكتبة الرشد‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬قامكس التربية‪ ،‬فاخر عاقل‪ ،‬ص‪)ٜٖٔٛ( ٕٚ‬دار القمـ ‪ ،‬بيركت‪.‬‬
‫٘‪-‬‬
‫التربية اإلسبلمية المفيكمات كالتطبيقات‪،‬عمي سعيد كدمحم الحامد كعبدالراضي دمحم‪ ،‬ص‪،ٙ‬سنة النشر‪ ٕٓٓٗ:‬ـ‪ ،‬مكتبة‬
‫الرشد‪ ،‬الرياض‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫خاصا بشخصية الفرد كتكجيو إلى المزيد مف النمك ؛ليتحقق بذلؾ أفضل تكافق بيف‬
‫طا ً‬‫معينا لتككف نم ً‬
‫ً‬
‫الفرد كبيئتو"ٔ‪.‬‬
‫تعريف التربية مف منظور إسالمي‪:‬‬
‫حيث أف ما يعنينا ىنا ىك المنظكر اإلسبلمي ؛ألنو ىك األىـ في مجاؿ البحث‪ ،‬كال يمكف أف تحقق‬
‫التربية غايتيا إال كفق قيـ اإلسبلـ كمفاىيمو ‪.‬‬
‫وعمى ىذا تعرؼ بأنيا‪":‬إحداث تغيير في سمكؾ الفرد في االتجاه المرغكب فيو مف كجية نظر اإلسبلـ"ٕ‪.‬‬
‫فالتربية اإليمانية "عممية متدرجة كمقصكدة‪ ،‬كغاية لكل فرد مف المجتمع لتكجيو اإلنساف نحك خالقو مف‬
‫خبلؿ مجمكعة مف المبادؼء‪ ،‬كالقيـ المستمدة مف الكتاب‪ ،‬كالسنة‪،‬كالتي تعمل عمى النمك السميـ المتكازف‬
‫ٖ‬
‫بالركح ‪،‬كالعقل‪ ،‬كالنفس‪ ،‬كالجسـ‪ ،‬كتحدث التكيف االجتماعي"‬
‫ثانياً‪:‬تعريف الضمير‬
‫في المغة‪( :‬ضمر) الضاد كالميـ كالراء أصبلف صحيحاف‪ :‬أحدىما يدؿ عمى ِدَّق ٍة في الشيء‪ ،‬كاآلخر يدؿ‬
‫عمى غ ٍ‬
‫يبة كتَستُّر‪.‬‬ ‫َ‬
‫ضمكرا‪،‬كذلؾ مف خفة المحـ‪،‬كقد يككف مف اليزاؿ‪.‬كيقاؿ لممكضع الذؼ‬
‫ً‬ ‫كغيره‬
‫ض َم َر الفرس ُ‬‫فاألوؿ قوليـ‪َ :‬‬
‫طمر‪:‬الذؼ في كسطو بعض‬ ‫الخيل‪:‬المضمار‪،‬كرجل ضمر‪:‬خفيف الجسـ‪،‬كالمؤلؤ المض ِ‬
‫ِ‬ ‫تضمر فيو‬
‫َّ‬
‫ْ‬ ‫َ ٌْ‬ ‫ْ َ‬
‫االنضماـ كاالنضمار‪.‬‬
‫الضمار‪ ،‬كىك الماؿ الغائب الذؼ ال ُيرجى‪ .‬ككل شيء غاب عنؾ فبل تككف منو عمى ثقة فيك‬ ‫ِ‬
‫واآلخر‪ّ :‬‬
‫مار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ض ٌ‬
‫رت في ضميرؼ شيئا؛ ألنو يغيبو في قمبو كصدرهٗ‪.‬‬
‫أض َم ُ‬
‫كمف ىذا الباب‪ْ :‬‬
‫كضمير اإلنساف‪ :‬سره الذؼ يضمره كيخفيو٘‪.‬‬
‫والضمير‪ :‬ما ينطكؼ عميو القمب كيدؽ الكقكؼ عميو‪ ،‬كقد تسمى القكة التي تحفع بيا ذلؾ ضمي ًار‪.ٙ‬‬

‫ٔ‪-‬‬
‫مقدمة في فمسفة التربية‪ ،‬دمحم النجيحي‪ ،‬ص‪، ٔٔٚ‬سنة‪ٜٔٙٚ‬ـ‪،‬مكتبة األنجمك المصرية‪،‬القاىرة‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫أصكؿ التربية اإلسبلمية ألميف أبكالكؼ ‪ ،‬ص‪، ٔٛ‬سنة‪ٜٜٜٔ‬ـ ‪،‬دار ابف الجكزؼ‪،‬الدماـ ‪.‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫األسمكب التربكؼ لمدعكة إلى هللا في الكقت الحاضر‪،‬خالد عبد الكريـ فياض‪ ،‬صٖٕ‪،‬ط األكلى‪ٕٔٗٔ،‬ىػ_ٔ‪ٜٜٔ‬ـ ‪ ،‬دار‬
‫المجتمع لمنشر كالتكزيع‪.‬‬
‫ٗ‪-‬‬
‫معجـ مقاييس المغة ألبي الحسف أحمد بف فارس بف زكريا ٖ‪ ،ٖٚٔ/‬تحقيق‪ :‬عبد السبلـ دمحم ىاركف‪ ،‬سنة النشر‬
‫‪ٖٜٜٔ‬ىػ ػ ‪ٜٜٔٚ‬ـ‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫٘‪-‬‬
‫شمس العمكـ كدكاء كبلـ العرب مف الكمكـ لنشكاف سعيد الحميرؼ اليمني ‪ ،ٖٜٜ٘/ٙ‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬حسيف عبد هللا‪ .‬العمرؼ‪،‬‬
‫مطير بف عمي اإلرياني ػ د‪ .‬يكسف دمحم عبد هللا‪ ،‬ط األكلى ٕٓٗٔىػ ػ ‪ٜٜٜٔ‬ـ‪ ،‬دار الفكر المعاصر ػ‬
‫‪-ٙ‬‬
‫التكقيف عمى ميمات التعاريف لدمحم عبد الرءكؼ المناكؼ ٔ‪ ،ٗٚ٘/‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬دمحم رضكاف الداية‪ ،‬طٔ‪ٔٗٔٓ ،‬ىػ ‪ ،‬دار‬
‫الفكر المعاصر‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيركت‪ ،‬دمشق‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أضمر الشر‪ :‬أخفاه‪ ،‬أضمر في نفسو أم اًر‪ :‬عزـ عميو بقمبؤ‪.‬‬
‫تعريف الضمير في االصطالح‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الضمير‪":‬استعداد نفسي إلدراؾ الخبيث كالطيب مف األعماؿ كاألقكاؿ كاألفكار‪ ،‬كالتفرقة بينيما‪،‬‬
‫كاستحساف الحسف‪،‬كاستقباح القبيح منيما‪،‬كيككف أساسا بقبكؿ أك رفض ما يعممو الفرد‪،‬أك ينكؼ القياـ بو‪.‬‬
‫كالضمير ِ‬
‫الميني‪:‬ما يبديو اإلنساف مف استقامة كعناية كحرص كدقة في قيامو بكاجبات مينتو‪.‬‬
‫ّ‬
‫كالضمير اإلنساني أك العالمي‪ :‬كجكد مشاعر في نفكس البشرية جمعاء تيتدؼ إلى مبادغ األخبلؽ بعفكية‬
‫كتمقائية‪ ،‬كتقف إلى جانب المظمكميف أك المستضعفيفٕ‪.‬‬
‫كعمى ىذا التعريف يككف الضمير قكة ركحية تتحكـ في مكاقف اإلنساف كفكره ليميز الصكاب مف الخطأ‪،‬‬
‫كيميز بيف الخير كالشر كالحق كالباطل‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬الضمير عبارة عف كعي اإلنساف لشخصية كحقيقة الباطنية‪ ،‬كىك عامل لمعرفة المسائل كالجكانب‬
‫المتعمقة بحياتو‪ ،‬كىك أيضاً عبارة عف قكة النفس المدركة‪ ،‬كأنو يدرؾ كل ما ىك كجداني ككاقعي كحقيقيٖ‪.‬‬
‫مدبر‪.‬‬
‫كعمى ىذا فالضمير نكع مف اإلدراؾ الداخمي الذؼ يعرؼ أف ليذا العالـ خالق ّ‬
‫*العالقة بيف المعنى المغوي واالصطالحي‪:‬‬
‫العبلقة بيف المعنييف ظاىرة كاضحة‪ ،‬كىي أف الضمير داخمي باطني‪ُ ،‬ي ِ‬
‫درؾ األمكر المعنكية‪ ،‬كىك في‬
‫نفس الكقت خفي مستتر‪ ،‬فيك يغيب في القمب كالصدر كال ُي ْد َرؾ بالنظر؛ فيك مستكر عف الحكاس‪.‬‬
‫تعريفات ذات صمة‪:‬‬
‫كتأنيب الضمير ػ عذاب الضمير ػ كخز الضمير‪ :‬ما يحسو الفرد مف عذاب أك ندـ أك اتياـ لذاتو بارتكاب‬
‫غمطة أك خطأ نتيجة سمكؾ قاـ بو‪.‬‬
‫حي الضمير‪ :‬صادؽ أميف‪ ،‬صاحب ضمير يقع‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫فاقد الضمير‪ :‬معدكـ الضمير‪ :‬يتصرؼ دكف كازع مف ضميره‪.‬‬
‫مرتاح الضمير‪ :‬ىادغ الباؿٗ‪.‬‬
‫كممة "الضمير" عند العرب‪:‬‬
‫لـ يستعمل العرب ىذه الكممة بمفيكميا الحديث؛ بل أشاركا إلى مفيكـ الضمير بأسماء مختمفة لعل أقربيا‬
‫إلى المفيكـ الحديث ىك معنى المركءة؛ إذ معناىا "أف ال تفعل في السر أم اًر‪ ،‬كأنت تستحي أف تفعمو‬

‫ٔ‪-‬‬
‫معجـ المغة العربية المعاصرة ألحمد مختار عبد الحميد عمر ٕ‪ ،ٖٔٙٛ/‬طٔ‪ٕٜٔٗ ،‬ىػ ػ ‪ٕٓٓٛ‬ـ‪ ،‬عالـ الكتب‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫المرجع السابق ٕ‪.ٖٜٔٙ/‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫تربية الطفل دينياً كأخبلقياً‪،‬عمي القائمي‪ ،‬ص ‪،ٔٗٛ‬مطبعة كرببلء‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬معجـ المغة العربية المعاصرة ٕ‪.ٖٜٔٙ/‬‬

‫‪9‬‬
‫جيرا"ٔ‪.‬‬
‫كاستعممكا أيضاً لفع القمب أك الباطف أك السريرة‪،‬أك الكجداف بدؿ الضمير‪.‬‬
‫ٕ‬
‫الكجداف ‪":‬ىك مصدر مف الكجد كىك الشعكر كالعاطفة ‪ ،‬كما تطمق عمى الضمير‪.‬‬
‫ككذلؾ كرد عنيـ استعماؿ كممة "زاجر" بمعنى الضمير كقكؿ أكثـ بف صيفي‪" :‬مف لـ يكف لو مف نفسو‬
‫ٖ‬
‫زاجر لـ يكف لو غيره كاعع‪ ،‬كتمكف منو عدكه عمى أسكأ عممو"‬
‫كالزاجر‪ :‬عبارة عف الكاعظة مف هللا تعالى في قمب المؤمف‪ ،‬كىك نكر يقذؼ في القمب داعيا لمعبد إلى‬
‫عبادة الحق سبحانوٗ‪.‬‬
‫الضمير عند الغرب‪:‬‬
‫يقكؿ ال الند ‪" : A.Lalande‬الضمير األخبلقي خاصة تمكف الفكر البشرؼ مف إطبلؽ أحكاـ معيارية‬
‫عفكية كمباشرة عمى القيمة األخبلقية لبعض األعماؿ الفردية المحددة"٘‪.‬‬
‫كيقكؿ جاف جاؾ ركسك ‪" : J.J.Rousseau‬الضمير صكت الركح‪ ،‬كالشيكة صكت الجسد"‪.ٙ‬‬
‫كيقكؿ أيضا‪" :‬يكجد إذاً في سر النفكس مبدأ يكلد مع اإلنساف‪،‬عمى ضكئو يحكـ الفرد كلك صدـ ذلؾ ميكلو‬
‫الشخصية عمى تصرفاتو كتصرفات غيره‪ ،‬فينعتيا بالصالحة أك بالفاسدة‪ ،‬كىذا المبدأ ىك الذؼ أسميو أنا‬
‫الضمير"‪،ٚ‬كقاؿ‪" :‬مف ينفي كجكد الضمير كأساس لؤلخبلؽ‪،‬كىك ما أجمعت عميو كاعترفت بو اإلنسانية‪،‬ال‬
‫يقدـ أؼ برىاف عمى ما يدعي "‪.ٛ‬‬
‫مما سبق أخُمص إلى أف المراد ب ػ " تربية الضمير"‪ :‬حفظو كتعيده بالرعاية‪ ،‬كاصبلحو كتأسيسو‪،‬ك تنمية‬
‫الخمقية حتى تبمغ كماليا عف طريق التدريب كالتثقيف"‬
‫كظائفو ُ‬

‫ٔ‪-‬‬
‫لساف العرب البف منظكر ٔ‪ ،ٔ٘ٗ/‬طٔ‪ ،‬دار صادر ػ بيركت‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫القامكس المحيط‪ ،‬الفيركز آبادؼ‪ ،‬صٖٔٗ ‪،‬ط األكلى‪ٔٗٓٙ،‬ىػ‪ٜٔٛٙ،‬ـ ‪،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫ٖ ‪-‬‬
‫جميرة األمثاؿ‪،‬أبك ىبلؿ العسكرؼٔ‪،ٜٗ٘/‬تحقيق ‪ :‬دمحم أبك الفضل إبراىيـ ك عبد المجيد قطامش‪ ،‬ط الثانية ‪،‬‬
‫‪ٜٔٛٛ‬دار الفكر ‪ -‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬مكسكعة كشاؼ اصطبلحات الفنكف كالعمكـ لدمحم بف عمي التيانكؼ ٔ‪ ،ٜٖٓ/‬تقديـ كاشراؼ كمراجعة‪ :‬د‪.‬رفيق العجـ‪،‬‬ ‫ٗ‬

‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬عمي دحركج‪ ،‬نقل النص الفارسي إلى العربية‪ :‬د‪ .‬عبد هللا الخالدؼ‪ ،‬الترجمة األجنبية‪ :‬د‪.‬جكرج زيناني‪.‬‬
‫طٔ‪ٜٜٔٙ ،‬ـ‪ ،‬مكتبة لبناف ناشركف ػ بيركت‪.‬‬
‫٘ ‪-‬مكسكعة ال الندالفمسفية‪،‬أندريو الالندٔ‪،ٕٖٔ/‬تعريب‪:‬د‪.‬خميل أحمد خميل‪،‬ط الثانية‪،‬منشكرات عكيدات‪،‬بيركت‪-‬باريس‪.‬‬
‫‪- ٙ‬‬
‫ديف الفطرة‪،‬جاف جاؾ ركسك‪،‬ص ‪،ٜٙ‬نقمو مف الفرنسية إلى العربية‪:‬عبد هللا العركؼ‪،‬ط األكلى‪ٕٕٓٔ،‬ـ‪،‬المركز الثقافي‬
‫العربي‪،‬الدار البيضاء‪،‬المغرب‪.‬‬
‫‪-ٚ‬‬
‫ديف الفطرة‪،‬جاف جاؾ ركسك ‪،‬صٕ‪.ٚ‬‬
‫‪-ٛ‬‬
‫المرجع السابق‪،‬ص ‪.ٚٛ‬‬

‫‪14‬‬
‫ثالثاً‪ :‬تعريف السنة‪:‬‬
‫السَّنة في المغة ‪:‬‬
‫تعريف كممة ُّ‬
‫كس َّف هللا ُسنَّة‬ ‫جاء في لساف العرب‪ ":‬سَّن ُة هللا أَحكامو كأَمره كنييو ىذه عف المحياني‪َّ ،‬‬
‫كسنيا هللا لمناس َبيَّنيا‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ص َب سنة هللا‬ ‫َّ‬
‫قبل ﴾ [األحزاب‪َ ]ٕٙ:‬ن َ‬ ‫أَؼ َبيَّف طريقاً قكيماً؛قاؿ هللا تعالى‪ُ ﴿ :‬سن َة هللا في الذيف َخَم ْوا مف ُ‬
‫اء ُى ُـ اْل ُي َدى‬ ‫اس أ ْ ِ ِ‬ ‫السَّنة‪":‬السيرة حسنة كانت أَك قبيحة"ٔ‪،‬كفي التنزيل العزيز‪َ ﴿ :‬وما مَن َع َّ‬
‫َف ُي ْؤمُنوا إ ْذ َج َ‬ ‫الن َ‬ ‫َ َ‬ ‫ك ُّ‬
‫ِ‬ ‫ويس َت ْغ ِفروا رَّبيـ ِإَّال أ ِ‬
‫اب ُقُب ًال ﴾ [الكيف‪، ]٘٘:‬كفي الحديث الذؼ‬ ‫يف أ َْو َيأْتَي ُي ُـ اْل َع َذ ُ‬‫َف َتأْتَي ُي ْـ ُسَّن ُة ْاأل ََّولِ َ‬
‫ْ‬ ‫ََ ْ ُ َ ُْ‬
‫ِ‬
‫ركاه مسمـ مف حديث جرير‪‬أف رسكؿ هللا‪ ‬قاؿ‪" :‬م ْف َس َّف في ِْ‬
‫َجُر َم ْف‬ ‫اإل ْس َالـِ ُسَّن ًة َح َسَن ًة َفَم ُو أ ْ‬
‫َجُرَىا َوأ ْ‬ ‫َ‬
‫اإلس َالـِ سَّن ًة سِيئ ًة كاف عَميوِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َّ َ َ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ورِى ْـ َش ْي ٌء‪َ ،‬و َم ْف َس َّف في ِْ ْ‬ ‫ُج ِ‬‫ص م ْف أ ُ‬ ‫َف َيْنُق َ‬ ‫َع ِم َل ِب َيا َب ْع َد ُه ِم ْف َغْي ِر أ ْ‬
‫ص ِم ْف أ َْو َز ِارِى ْـ َشي ٌء " ٕ يريد مف عمميا ُليْقتََدػ بو‬ ‫ِِ‬
‫ْ‬ ‫َف َيْنُق َ‬ ‫ِو ْزُرَىا َو ِو ْزُر َم ْف َع ِم َل ِب َيا ِم ْف َب ْعده ِم ْف َغْي ِر أ ْ‬
‫السَّنة كما‬ ‫فييا‪ ،‬ككل مف ابتدأَ أَم اًر عمل بو قكـ بعده قيل ىك الذؼ َسَّنو‪،.‬كقد تكرر في الحديث ذكر ُّ‬
‫النبي ‪‬‬ ‫َم َر بو‬ ‫ِ‬ ‫السيرة ‪،‬كاذا أُ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫طمَقت في الشرع فإنما يراد بيا ما أ َ‬ ‫تصرؼ منيا‪ ،‬كاألَصل فيو الطريقة ك ّ َ‬
‫السنَّ ُة‬
‫الكتاب ك ُّ‬
‫ُ‬ ‫الكتاب العزيز‪،‬كليذا يقاؿ في أَدلة الشرع‬ ‫ُ‬ ‫كن َدب إليو قكالً كفعبلً مما لـ َي ْنطق بو‬ ‫كنيى عنو َ‬ ‫َ‬
‫أَؼ القرآف كالحديث‪.‬‬
‫السَّنة معناه مف أَىل الطريقة‬
‫كتأتي أيضاً بمعنى‪ :‬الطريقة المحمكدة المستقيمة ‪،‬كلذلؾ قيل‪ :‬فبلف مف أَىل ُّ‬
‫الس َن ِف كىك الطريق"ٖ‪.‬‬
‫المستقيمة المحمكدة ‪،‬كىي مأْخكذة مف َّ‬
‫السػػنة فػػي االصػػطالح‪ :‬عنػػد المحػػدثيف ‪ :‬مػا أُِثػػر عػػف النبػػي ‪ ‬مػػف قػػكؿ أك فعػػل أك تقريػػر أك صػػفة‬
‫ِخْم ِقيَّة أك ُخُم ِقيَّة أك سيرة ‪ ،‬سكاء كاف قبل البعثة أك بعدىا ‪ ،‬فيي مرادفة لمحديث عند عممػاء األصػكؿٗ‪ .‬إ ًذا‬
‫كل ما ُينقل عف النبي ملسو هيلع هللا ىلص يسمى سنة عند أىل الحديث‪.‬‬
‫أما في عرؼ أىل الفقو‪:‬ما ثبت عنو ملسو هيلع هللا ىلص مما يدؿ عمى حكـ شرعي كجكبا أك حرمة أك إباحة أك غير‬
‫٘‬
‫أك مػػا ثبػػت عنػػو ملسو هيلع هللا ىلص كلػػـ يكػػف مػػف بػػاب الفػػرض أك الكاجػػب‪ ،‬فإنمػػا يطمقكنيػػا عمػػى مػػا لػػيس بكاجػػب‪،‬‬ ‫ذلػػؾ"‬

‫ٔ‪-‬‬
‫لساف العرب [ٖٔ‪.]ٕٕٓ/‬‬
‫ٕ ‪-‬‬
‫مسمـ‪،‬كالمفع لو‪،‬كتاب العمـ‪،‬باب مف سف سنة حسنة أك سيئة كمف دعا إلى ىدػ أكضبللة[ٗ‪/ٕٓ٘ٛ/‬ح‪،]ٔٓٔٚ‬‬
‫كالترمذؼ‪،‬كتاب العمـ‪،‬باب ما جاء فيمف دعا إلى ىدػ فاتبع أك إلى ضبللة[٘‪/ٖٗ/‬ح٘‪ ]ٕٙٚ‬تحقيق‪:‬أحمد دمحم شاكر‬
‫كآخركف‪،‬دار إحياء التراث العربي‪،‬بيركت‪،‬كابف ماجو‪ ،‬أبكاب السنة‪،‬باب مف سف سنة حسنة أك سيئة‬
‫[ٔ‪/ٚٗ/‬حٖٕٓ]تحقيق ‪:‬دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار الفكر ‪،‬بيركت ‪.‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫لساف العرب [ٖٔ‪. ]ٕٕٓ/‬‬
‫ٗ ‪-‬‬
‫تكجيو النظر إلى أصكؿ األثر‪ ،‬طاىر الجزائرؼ الدمشقي‪ ،‬جٔ‪،‬ص ٓٗ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عبد الفتاح أبك غدة‪ ،‬ط األكلى ‪،‬‬
‫‪ٔٗٔٙ‬ىػ ‪ٜٜٔ٘ -‬ـ‪ ،‬مكتبة المطبكعات اإلسبلمية ‪ ،‬حمب‪.‬‬
‫٘ ‪-‬‬
‫السنة كمكانتيا في التشريع اإلسبلمي لمدكتكر مصطفى السباعي ص ‪ ، 67‬ط األكلى ‪،‬سنة ٕٓٓٓـ‪،‬دار الكراؽ‪،‬‬
‫المكتب اإلسبلمي‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫كتطمق عمى "ما يقابل البدعة كقكليـ ‪ :‬فبلف مف أىل السنة" ٔ‪،‬كالسنة عند أبي حنيفة مخصكصة بالمرفكع‬
‫كالمكقكؼ فقط‪ ،‬أما ما عداىما مف المقطكع فبل‪ ،‬قاؿ أبػك حنيفػة‪ ":‬إذا لػـ أجػد فػي كتػاب هللا كال سػنة رسػكلو‬
‫أخذت بقكؿ أصحابو مف شئت‪ ،‬كأدع قكؿ مف شئت ثـ ال أخرج عف قكليـ إلى قكؿ غيرىـ"ٕ‪.‬‬
‫ولعل سنده فيما ذىب إليو‪:‬ما ركاه أبك داكد قاؿ‪ :‬حدثنا أحمد بف حنبل‪ ،‬ثنا الكليد بف مسمـ‪ ،‬ثنا ثكر بف‬
‫يزيد قاؿ‪ :‬حدثني خالد بف معداف قاؿ‪ :‬حدثني عبد الرحمف بف عمرك السممي كحجر ابف حجر قاال‪:‬أتينا‬
‫اع ِة‪َ ،‬وِا ْف َعْبًدا َحَب ِشِّيا‪َ ،‬فِإَّن ُو َم ْف‬ ‫الط َ‬‫السم ِع و َّ‬
‫َّللا َو َّ ْ َ‬
‫يكـ ِب َت ْقوى َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اض بف َس ِارَية ‪‬فقاؿ‪:‬قاؿ‪ ":‬أُوص ُ ْ َ‬
‫ٖ‬ ‫ِ‬
‫الع ْرَب َ‬
‫الر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش ِمْن ُكـ بع ِدي َفسيرى ْ ِ‬ ‫َي ِع ْ‬
‫يف‪َ ،‬ت َم َّس ُكوا ِب َيا‬ ‫اشد َ‬ ‫يف َّ‬‫اخت َال ًفا َكث ًيرا‪َ ،‬ف َعَمْي ُك ْـ ِب ُسَّنتي َو ُسَّنة اْل ُخَم َفاء اْل َم ْيدِّي َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ْ َْ‬
‫ِ‬ ‫النو ِ ِ‬
‫ٌ‪،‬وُك َّل ِب ْد َع ٍة َض َال َل ٌة‬
‫ور؛ َفِإ َّف ُك َّل ُم ْح َد َث ٍة ِب ْد َعة َ‬
‫ُم ِ‬ ‫َو َع ُّضوا َعَمْي َيا ِب َّ َ‬
‫"ٗ‬
‫اك ْـ َو ُم ْح َد َثات ْاأل ُ‬
‫‪،‬واَِّي ُ‬
‫اجذ َ‬
‫السنة في اصطالح األصولييف‪:‬عرؼ األصكليكف السنة بأنيا‪ :‬أقكاؿ النبي ملسو هيلع هللا ىلص غير القرآف‪ ،‬كأفعالو‬
‫كتقريراتو التي يمكف أف تككف دليبلً لحكـ شرعي٘‪.‬‬

‫ٔ‪-‬‬
‫إرشاد الفحكؿ لتحقيق الحق مف عمـ األصكؿ‪ ،‬دمحم بف عمي بف دمحم الشككانئ‪،ٗٗ/‬ط األكلى ‪ٜٔٗٔ‬ىػ‪ٜٜٜٔ-‬ـ ‪،‬دار‬
‫الكتاب العربي‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫تيذيب الكماؿ ‪ ،ٖٗٗ/ٕٜ‬يكسف بف الزكي عبدالرحمف أبك الحجاج المزؼ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د‪ .‬بشار عكاد معركؼ ‪،‬ط األكلى‬
‫‪، ٜٔٛٓ - ٔٗٓٓ ،‬مؤسسة الرسالة – بيركت‪.‬‬
‫ٖ ‪ِ -‬‬
‫الع ْرَباض بف َس ِارَية كيكنى‪:‬أبا ُن َج ْيح ؛تكفي بالشاـ سنة خمس كسبعيف في أكؿ خبلفة عبد الممؾ بف‬
‫مركاف[اإلصابة‪،ٕٗٔ/ٚ‬الطبقات الكبرػ‪.]ٕٗٔ/ٚ‬‬
‫ٗ ‪-‬‬
‫أبك داكد‪،‬كالمفع لو‪،‬كتاب السنة‪،‬باب في لزكـ السنة[ٕ‪/ٙٔٓ/‬ح‪]ٗٙٓٚ‬اإلماـ أحمد‪ :‬ركػ عنو البخارؼ كمسمـ كأبك‬
‫داكد‪،‬كقاؿ القطاف‪" :‬ما قدـ عمي مثل أحمد"‪ ,‬كقاؿ فيو مرة‪" :‬حبر مف أحبار ىذه األمة"‪ ,‬كقاؿ أحمد بف سناف‪" :‬ما‬
‫رأيت يزيد بف ىاركف ألحد أشد تعظيما منو ألحمد بف حنبل"‪ ,‬كقاؿ عبد الرزاؽ‪" :‬ما رأيت أفقو منو كال أكرع"‪ ,‬كقاؿ أبك‬
‫عاصـ‪" :‬ما جاءنا مف ثمة أحد غيره يحسف الفقو"‪ ,‬كقاؿ يحيى بف آدـ‪" :‬أحمد إمامنا"[تيذيبٔ‪]ٖٚ/‬الكليد بف مسمـ‬
‫القرشي‪ :‬قاؿ العجمي كيعقكب بف شيبة الكليد بف مسمـ ثقة كقاؿ دمحم بف إبراىيـ قمت ألبي حاتـ‪ :‬ما تقكؿ في الكليد بف‬
‫مسمـ قاؿ صالح الحديث [‪،‬تيذيب التيذيبٔٔ‪]ٔ٘ٗ/‬ثكر‪ :‬قاؿ ابف المديني عف يحيى بف سعيد‪ :‬ما رأيت شاميا أكثق‬
‫مف ثكر بف يزيد‪،‬كقاؿ ابف عدؼ بعد أف ركػ لو أحاديث‪ :‬كقد ركػ عنو الثكرؼ كيحيى القطاف كغيرىما مف الثقات‬
‫ككثقكه ‪،‬كال أرػ بحديثو بأسا إذا ركػ عنو ثقة أك صدكؽ‪ ،‬كىك مستقيـ الحديث صالح في الشامييف‬
‫[تيذيبٕ‪،]ٖ٘/‬خالد‪ :‬قاؿ العجمي‪ :‬شامي تابعي ثقة‪ ،‬كقاؿ يعقكب بف شيبة كدمحم بف سعد كابف خراش كالنسائي‪ :‬ثقة‬
‫[تيذيبٖ‪،]ٜٔٔ/‬عبد الرحمف‪ :‬صدكؽ[تيذيب التيذيب ‪،]ٕٔ٘/ٙ‬فالحديث حسف بيذا اإلسناد‪ ،‬كأخرجو الترمذؼ‪،‬كتاب‬
‫العمـ‪،‬باب ما جاء في األخذ بالسنة كاجتناب البدع [٘‪ /ٗٗ/‬ح‪،]ٕٙٚٙ‬كقاؿ‪ :‬ىذا حديث صحيح‪،‬كابف ماجو‪،‬المقدمة‬
‫‪،‬باب مف حدث عف رسكؿ هللا حديثاً كىك يرػ أنو كذب[ٔ‪/ٔ٘/‬حٕٗ]‪ ،‬كأحمد[ٗ‪ /ٕٔٙ/‬ح ٗ‪]ٔٚٔٛ‬مؤسسة‬
‫قرطبة‪،‬مصر‪.‬‬
‫٘ ‪-‬‬
‫األحكاـ في أصكؿ األحكاـ لآلمدؼٔ‪،ٕٕٚ/‬عمق عميو‪:‬الشيخ عبد الرزاؽ عفيفي‪،‬ط األكلى‪ٕٔٗٗ،‬ىػ ‪ٕٖٓٓ-‬ـ‪،‬دار‬
‫الصميعي لمنشر كالتكزيع‪،‬الرياض‪،‬المممكة العربية السعكدية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫كأف ما صدر عنو مف األقكاؿ كاألفعاؿ كالتقريرات التي تعد مف خصائصو ملسو هيلع هللا ىلص ليست داخمة في تعريف‬
‫عيا يتعبد الناس بو‪ .‬فأىل األصكؿ‬
‫حكما شر ً‬
‫ً‬ ‫السنة عند األصكلييف‪ ،‬ككذلؾ صفاتو ملسو هيلع هللا ىلص؛ ألنيا ال تفيد‬
‫يقصركف السنة عمى ما يتعمق باألحكاـ‪،‬‬
‫"كمرد ىذا االختبلؼ في االصطبلح‪ :‬كما ذكره الشيخ دمحم أبك زىك‪:‬‬
‫إلى اختبلفيـ في األغراض التي ُي ْعنى بيا كل فئة مف أىل العمـ‪ ،‬فعمماء الحديث إنما بحثكا عف رسكؿ هللا‬
‫كخمػق‬‫‪ ، ‬اإلماـ اليادؼ الػذؼ أخبػر عػف هللا تعػالى أنػو أسػكة لنػا كقػدكة فنقمػكا كػل مػا يتصػل بػو مػف سػيرة ُ‬
‫كشمائل كأخبار كأقكاؿ كأفعاؿ سكاء أ ْث َبػت ذلػؾ حكمػاً شػرعياً أـ ال؛ كعممػاء األصػكؿ إنمػا بحثػكا عػف رسػكؿ‬
‫هللا ‪ ‬المشرع الذؼ يصنع القكاعد لممجتيديف مػف بعػده كيبػيف لمنػاس دسػتكر الحيػاة ‪ ،‬فعنػكا بأقكالػو كأفعالػو‬
‫كتقريراتو التي تثبت األحكاـ كتقررىػا؛ كعممػاء الفقػو إنمػا بحثػكا عػف رسػكؿ هللا‪ ‬الػذؼ ال تخػرج أفعالػو عػف‬
‫الداللة عمى حكـ شرعي ‪،‬كىـ يبحثكف عف حكـ الشرع عمى أفعاؿ العباد كجكباً أك حرمة أك إباحة أك غير‬
‫ذلؾ"ٔ‪.‬‬

‫ٔ ‪-‬‬
‫الحديث كالمحدثكف ‪ ،‬دمحم دمحم أبك زىك‪ ،‬ص‪،ٜ‬ط ٗٓٗٔ‪ٕ،‬ق‪ٜٔٛٗ-‬ـ ‪،‬الرئاسة العامة إلدارة البحكث العممية كاإلفتاء‬
‫كالدعكة كاإلرشاد‪ ،‬السعكدية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األوؿ‬
‫الضمير وأىميتو مف منظور السنة المطيرة‬
‫المبحث األوؿ‬
‫مصدر الضمير وبياف أنواعو‬
‫مصدر الضمير وكيفية تكوينو‪:‬‬
‫يمكف القكؿ بكجكد رأييف في ىذا األمر‪ ،‬كىذاف الرأياف مكمبلف لبعضيما البعض كليسا متناقضيف‪:‬‬
‫الرأي األوؿ‪ :‬يرجع مصدره إلى الفطرة؛ فيك مفركش في أعماؽ النفس اإلنسانية‪ ،‬كىك جزء أصيل مف‬
‫الفطرة البشرية كنفس اإلنساف المكامة التي تؤنبو عمى أؼ معصية أك انحراؼ يقع فيو؛فيك غريزة في‬
‫اإلنساف مف حيف مكلده‪.‬‬
‫اب‬
‫اىا ‪َ .‬وَق ْد َخ َ‬ ‫اىا ‪َ .‬ق ْد أَ ْفَم َح َم ْف َزَّك َ‬
‫ورَىا َوَت ْق َو َ‬
‫ُف ُج َ‬ ‫اىا‪َ .‬فأَْل َي َم َيا‬
‫س َو َما َس َّو َ‬
‫يدؿ عمى ذلؾ قكلو تعالى‪َ ﴿ :‬وَن ْف ٍ‬
‫الن ْج َدْي ِف﴾ [البمد‪،]ٔٓ :‬كقكلو تعالى‪ِ﴿ :‬إَّنا َى َدْيَن ُ‬
‫اه‬ ‫َّ‬ ‫اه‬
‫اىا ﴾ [الشمس‪،]ٔٓ-ٚ :‬كقكلو تعالى‪َ ﴿ :‬و َى َدْيَن ُ‬ ‫َم ْف َد َّس َ‬
‫ور ﴾ [اإلنساف‪.]ٖ :‬‬ ‫الس ِبيل ِإ َّما َش ِ‬
‫اكًار َواِ َّما َك ُف ًا‬ ‫َّ َ‬
‫فاإلنساف مخمكؽ مزدكج الطبيعة‪،‬مزدكج االستعداد‪،‬مزدكج االتجاه‪ ،‬كنعني بكممة مزدكج عمى كجو التحديد‬
‫أنو بطبيعة تككينو (مف طيف األرض كمف نفخة هللا فيو مف ركحو) مزكد باستعدادات متساكية لمخير‬
‫كالشر‪ ،‬كاليدػ كالضبلؿ‪ ،‬فيك قادر عمى التمييز بيف ما ىك خير كما ىك شر‪ ،‬كما أنو قادر عمى تكجيو‬
‫س‬
‫نفسو إلى الخير كالى الشر سكاء‪ ،‬كأف ىذه القدرة كامنة في كيانو يعبر عنيا القرآف باإللياـ تارة ﴿ َوَن ْف ٍ‬
‫اىا﴾ كيعبر عنيا باليداية تارة؛قاؿ تعالى‪:‬‬
‫ورَىا َوَت ْق َو َ‬
‫اىا ‪َ .‬فأَْل َي َم َيا ُف ُج َ‬
‫َو َما َس َّو َ‬
‫الن ْج َدْي ِف ﴾‪،‬فيي كامنة في صميمو في صكرة استعداد‪،‬كالرساالت كالتكجييات كالعكامل‬ ‫اه َّ‬ ‫﴿ َو َى َدْيَن ُ‬
‫الخارجية إنما تكقع ىذه االستعدادات كتشحذىا كتكجييا ىنا أك ىناؾ‪،‬كلكنيا ال تخمقيا خمقاً ألنيا مخمكقة‬
‫فطرة‪ ،‬ككائنة طبعاً‪ ،‬ككامنة إلياماً‬
‫َّللا َحَّب َب ِإَلْي ُك ُـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللا َلو ي ِطيع ُكـ ِفي َك ِث ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف ِف ُ‬
‫ير م َف األ َْم ِر َل َعن ُّت ْـ َوَلك َّف َّ َ‬ ‫وؿ َّ ْ ُ ُ ْ‬ ‫يك ْـ َر ُس َ‬ ‫اعَم ُموا أ َّ‬ ‫قاؿ تعالى‪َ ﴿ :‬و ْ‬
‫اشُدو َف﴾[ الحجرات‪.]ٚ:‬‬ ‫اف أ ُْوَل ِئ َؾ ُى ُـ َّ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫ؽ َواْلع ْصَي َ‬
‫ِ‬
‫اف َو َزَّيَن ُو في ُقُمو ِب ُك ْـ َوَكَّرَه ِإَلْي ُك ُـ اْل ُك ْفَر َواْل ُف ُسو َ‬
‫يم َ‬ ‫ِ‬
‫اإل َ‬
‫الرأي الثاني‪:‬‬
‫االكتساب والتعمـ‪:‬‬
‫فالطفل حيف مكلده ال يممؾ أؼ معايير أك مكازيف يميز بيا بيف الخير كالشر‪ ،‬فيستكؼ لديو قبيح الصفات‬
‫كحسنيا‪ ،‬ال يميز بيف الصدؽ كالكذب‪ ،‬كالسرقة كاألمانة‪ ،‬فإدراكو المحدكد يعجز عف استيعاب ىذه‬
‫المفاىيـ ‪،‬ثـ يبدأ تككيف الضمير لديو عف طريق ما يتمقاه مف تكجيو كتكعية كارشاد كنصح مف الكسط‬
‫المحيط بو كالكالديف كالمعمميف‪ ،‬كاإلعبلـ كالكتاب ‪،‬كغير ذلؾ مف الكسائل الخارجية التي يكتسبيا كيطبقيا‬
‫‪ ،‬ثـ تصبح بمركر الكقت جزءاً ال يتج أز مف كيانو الداخمي كضميره الباطف‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫فالتنشئة االجتماعية ىي األساس في بناء ضمير حي يقع ‪،‬أك ضمير غافل ٍ‬
‫اله حسب ما تقدمو مف قيـ‬
‫كمثل كعادات كتقاليد ‪،‬كحسب ما تغرسو في نفس الشخص مف ُنظـ كأعراؼ‪ ،‬كاف كاف بعد مكلده يميل‬ ‫ُ‬
‫إلى قبكؿ الحق ك اجتناب الشر إال أنو يتأثر ال محالة بذكيو كمربيو؛ ركػ الشيخاف مف حديث أبي ىريرة‬
‫اه ُي َي ِّوَد ِان ِو‪ ،‬أ َْو‬ ‫ِ‬
‫ود ِإَّال ُيوَلُد َعَمى اْلف ْطَرِة ‪َ ،‬فأََب َو ُ‬‫َّللاُ َعَم ْي ِو َك َسَّم َـ " َما ِم ْف َم ْوُل ٍ‬
‫صَّمى َّ‬ ‫َِّ‬
‫اؿ النب ُّي َ‬
‫ِ‬
‫اف ُي َحّد ُث ‪َ:‬ق َ‬
‫أنو َك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫وؿ أَُبو‬‫اء‪ُ ،‬ث َّـ َيُق ُ‬ ‫ييا م ْف َج ْد َع َ‬ ‫اء َى ْل ُتح ُّسو َف ف َ‬ ‫يم ًة َج ْم َع َ‬
‫يم ُة َبي َ‬ ‫ُيَن ّصَرانو‪ ،‬أ َْو ُي َم ّج َسانو‪َ ،‬ك َما ُتْن َت ُج اْلَبي َ‬
‫ٔ‬
‫اس َعَمْي َيا) ْاآلَي َة"‬ ‫طَر َّ‬ ‫َّللا عْنو‪ِ ( :‬ف ْطرَة َّ ِ‬
‫َّللا َّال ِتي َف َ‬ ‫ِ‬
‫الن َ‬ ‫َ‬ ‫ُىَرْيَرَة َرض َي َّ ُ َ ُ‬
‫قاؿ المناكؼ رحمو هللا‪ ":‬فطرة هللا التي فطر الناس عمييا أؼ الخمقة التي خمق الناس عمييا مف االستعداد‬
‫لقبكؿ الديف كالنيي لتتجمى بالحق كقبكؿ االستعداد كالتأبي عف الباطل كالتمييز بيف الخطأ كالصكاب (حتى‬
‫يعرب عنو لسانو) فحينئذ إف ترؾ بحالو كخمى كطبعو كلـ يتعرض لو مف الخارج مف يصده عف النظر‬
‫الصحيح مف فساد التربية‪،‬كتقميد األبكيف كاإللف بالمحسكسات‪،‬كاالنيماؾ في الشيكات‪،‬كنحك ذلؾ لينظر‬
‫فيما نصب مف الداللة الجمية عمى التكحيد‪،‬كصدؽ الرسكؿ ملسو هيلع هللا ىلص كغير ذلؾ نظ اًر صحيحاً يكصمو إلى الحق‬
‫كالى الرشد عرؼ الصكاب‪ ،‬كلزـ ما طبع عميو في األصل‪ ،‬كلـ يختر إال الممة الحنيفية‪ ،‬كاف لـ ينكر‬
‫بحالو بأف كاف أبكاه نحك ييكدييف أك نصرانييف (فأبكاه) ىما المذاف (ييكدانو) أؼ يصيرانو ييكدياً بأف‬
‫يدخبله في ديف الييكدية المحرؼ المبدؿ بتفكيتيما لو (أك ينصرانو) أؼ يصيرانو نصرانياً (أك يمجسانو)‬
‫ٕ‬
‫أؼ يدخبلنو المجكسية كذلؾ بأف يصداه عما كلد عميو‪،‬كيزينا لو الممة المبدلة كالنحل الزائفة"‬
‫كال يستطيع أحد أف ييمل دكر األنبياء كالرسل‪ ،‬كالدعاة المصمحيف في تنمية الضمير كتقكيمو‪.‬‬
‫كرحمة مف هللا باإلنساف لـ يدعو الستعداد فطرتو اإلليامي‪ ،‬كال لمقكة الكاعية المالكة لمتصرؼ‪ ،‬فأعانو‬
‫بالرساالت التي تضع لو المكازيف الثابتة الدقيقة‪ ،‬كتكشف لو عف مكحيات اإليماف‪ ،‬كدالئل اليدػ في‬
‫نفسو‪ ،‬كفي اآلفاؽ مف حكلو‪ ،‬كتجمك عنو غكاشي اليكػ فيبصر الحق في صكرتو الصحيحة‪ ..‬كبذلؾ‬
‫يتضح لو في الطريق كضكحاً كاشفاً ال غبش فيو كال شبية‪ ،‬فتتصرؼ قكتو الكاعية حينئذ عف بصيرة‬
‫كادراؾ لحقيقة االتجاه الذؼ تختاره كتسير فيو‬
‫أنواع الضمير‪:‬‬
‫ٔػ" الضمير الممتيب‪:‬‬
‫كبير‪ ،‬كربما أنب نفسو عمى‬
‫كصاحب ىذا النكع مف الضمير يضخـ األخطاء؛فيجعل الخطأ الصغير ًا‬

‫ٔ‪-‬‬
‫البخارؼ‪،‬كالمفع لو‪،‬كتاب الجنائز‪،‬باب إذا أسمـ الصبي فمات ىل يصمى عميو كىل يعرض عمى الصبي اإلسبلـ‬
‫[ٔ‪/ٗ٘ٙ/‬حٖ‪،]ٕٜٔ‬كمسمـ‪،‬كتاب القدر‪،‬باب معنى كل مكلكد يكلد عمى الفطرة كحكـ مكت أطفاؿ الكفار كأطفاؿ‬
‫المسمميف[‪/ٕ٘/ٛ‬ح‪ ،]ٜٕٙٙ‬كأبك داكد‪،‬كتاب السنة‪،‬باب فى ذرارػ المشركيف[ٗ‪/ٖٙٙ/‬ح‪.]ٗٚٔٙ‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫فيض القدير٘‪.ٖٗ/‬‬

‫‪15‬‬
‫دائما ‪،‬كما أنو‬
‫خطأ أك انحراؼ سمككي لـ يصدر عنو أصبلً ‪،‬كلكنو تكىمو بمخيمتو‪ ،‬فيحس بأنو مذنب ً‬
‫يككف حساساً لمشاعر اآلخريف‪ ،‬كأخشى ما يخشاه أف يخدش مشاعر غيره سكاء بحركة أـ بمكقف أك حتى‬
‫بكممة"ٔ‪.‬كال شؾ أف ىذا النكع مف الضمير غير محمكد‪،‬فالشعكر بالذنب كتأنيب الضمير المبالغ فيو‬
‫كالحرص الشديد في التعامل مع المكاقف تنـ عف مرض نفسي كاضطراب سمككي في شخصية مف يحمل‬
‫ىذا الضمير‪.‬‬
‫ٕػ "الضمير الفاتر‪:‬‬
‫كصاحب ىذا الضمير تككف لديو قدرة ضعيفة كاىنة عمى نقد أفكاره كعكاطفو كما يفكه بو مف كبلـ كما‬
‫يأتي مف تصرفات كما تختمط لديو القيـ‪ ،‬فبعض الخير يختمط لديو بالشر‪،‬كبعض المفيد يختمط لديو بغير‬
‫الضار كما يخمط بيف المناسب كغير المناسب"ٕ‪.‬‬
‫كقد يككف السبب فيما يعتريو مف فتكر كثرة مشاغمو كتكاردىا عمى ذىنو كجيازه النفسي بصفة عامة‪ ،‬فبل‬
‫كقت لديو كال طاقة كي يحاسب نفسو‪.‬‬
‫كقد يككف السبب في فتكره سيطرة الشيكات كالمادة عمى فكره كارادتو‪،‬فتككف ىذه األمكر بمثابة غشاكة عمى‬
‫ضميره‪.‬‬
‫ٖػ الضمير العادؿ أو المنصف‪:‬‬
‫"كصاحب ىذا النكع مف الضمير كسط بيف اإلفراط كالتفريط؛يزف األمكر بميزانيا الصحيح‪،‬كيكلي اىتمامو‬
‫بجميع المسائل كالمكاقف كاألحداث التي تمر بو‪ ،‬فيك يتمتع باليقظة الضميرية المستمرة فبل يسمح لضميره‬
‫بأف يتقاعس أك يتكاسل أك يتباطأ بسبب الغفمة أك اإلرىاؽ في العمل ‪،‬أك نتيجة اإلغراءات الجنسية‪ ،‬أك‬
‫الكقكع تحت تأثير المجامبلت‪ ،‬أك غير ذلؾ مف عبلقات‪ ،‬فيك شخص ال يخضع لتأثير اآلخريف‬
‫بالعكاطف كالكبلـ المعسكؿ الذؼ يكجيو إليو المغرضكف لحممو عمى االنح ارؼ عف الجادة‪ ،‬فيك في حالة‬
‫يقظة مستمرة ال تعرؼ إلى االلتكاء سبيبل"ٖ‪ .‬كال شؾ أف ىذا النكع ىك المطمكب أف يصل إليو اإلنساف‪،‬‬
‫فيك كسط بيف النكعيف اآلخريف المذيف ىما ناتجاف عف انحراؼ في الشخصية ‪،‬كالغمك مرفكض‪،‬قاؿ‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ُمكر َفِإَّن َيا ‪ ...‬طري ٌق ِإَلى ني ػ ػ ػج َّ‬
‫الص َكاب قكيـ‬ ‫َعَم ْيؾ بأكساط ْاأل ُ‬
‫ٗ‬
‫ُمكر ذميـ‬ ‫ِ‬ ‫كَال تَ ِ‬
‫ييا مفرطاً أَك مفرطاً ‪ ...‬كبل طرفي قصد ْاأل ُ‬ ‫ؾفَ‬ ‫َ ُ‬

‫ٔ‪-‬‬
‫الضمير كأثره في اإلنساف‪،‬يكسف أسعد ‪،‬ص٘‪ ٚ‬بتصرؼ‪،‬دار غريب لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ٛٚ-ٛٙ‬بتصرؼ‪.‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫الضمير كأثره في اإلنساف‪ ،‬ص٘‪ ٜٚ-ٜ‬بتصرؼ‪.‬‬
‫ٗ ‪-‬‬
‫خزانة األدب كلب لباب لساف العرب لعبد القادر بف عمر البغدادؼ ٕ‪ ،ٕٖٔ/‬كقاؿ المؤلف‪:‬ال أعمـ قائل ىذيف‬
‫البيتيف‪.‬تحقيق كشرح‪ :‬عبد السبلـ دمحم ىاركف ‪،‬ط الرابعة‪ ٔٗٔٛ ،‬ىػ ‪ ٜٜٔٚ -‬ـ مكتبة الخانجي‪ ،‬القاىرة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫كخير األمكر الكسط‬
‫كيتمثل الضمير العادؿ في صاحب النفس المطمئنة‪ ،‬حيث يقكـ بكاجبو في تكجيييا‪،‬كارضائيا بأداء‬
‫ما عمييا مف كاجبات‪ ،‬فيرتاح كييدأ‪، .‬كالنفس المطمئنة‪" :‬ىي الساكنة الثابتة مع الحق"ٔ‪.‬‬
‫المطمئنة فبل ترتاب‪ ،‬كالمطمئنة فبل تنحرؼ‪ ،‬كالمطمئنة فبل تتمجمج في الطريق‬
‫كقاؿ أبك السعكد‪":‬حكاية ألحكاؿ مف اطمأف بذكر هللا عز ك جل كطاعتو إثر حكاية أحكاؿ مف اطمأف‬
‫بالدنيا ‪ ،‬كصفت باالطمئناف ألنيا تترقى في معارج األسباب كالمسببات إلى المبدأ المؤثر بالذات فتستقر‬
‫دكف معرفتو ‪ ،‬كتستغنى بو في كجكدىا كسائر شؤكنيا عف غيره بالكمية‪،‬كقيل‪:‬ىي النفس المطمئنة إلى‬
‫الحق الكاصمة إلى ثمج اليقيف بحيث ال يخالجيا شؾ ما‪ ،‬كقيل‪ :‬ىي اآلمنة التي ال يستفزىا خكؼ كال‬
‫ٕ‬
‫حزف"‬
‫كقد عممنا النبي ملسو هيلع هللا ىلص أف نسأؿ هللا عز كجل نفساً مطمئنة راضية بقضاء ربيا‪ ،‬فقد ركػ الطبراني قاؿ‪:‬حدثنا‬
‫الحسف بف جرير الصكرؼ‪ ،‬ثنا عبد الرحمف بف عبد الغفار البيركتي ‪،‬حدثتني ركاحة بنت عبد الرحمف ابف‬
‫عمر األكزاعي‪ ،‬حدثني أبي قاؿ‪ :‬سمعت سميماف بف حبيب المحاربي يقكؿ‪ :‬حدثني أبك أمامة ‪ :‬أف النبي‬
‫وتْر َضى ِبَق َض ِائ َؾ‪،‬‬ ‫مف بمَِق ِائ َؾ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫صمى هللا عميو ك سمـ قاؿ لرجل‪ِ َّ " :‬‬
‫الم ُي َّـ ِإّني أَ ْسأَُل َؾ َن ْف ًسا ِب َؾ ُم ْط َمئَّن ًة‪ُ ،‬تو ُ‬
‫ط ِائ َؾ"ٖ‪ ،‬كال يتأتى ىذا االطمئناف طبعاً إال إذا أدت النفس ما عمييا تجاه خالقيا‪ ،‬كىك المعركؼ‬ ‫َوَت ْقَن ُع ِب َع َ‬
‫يـ ْب ُف أَِبى‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫براحة الضمير كارضائو‪ ،.‬كيؤكد ىذا المعنى ما ركاه اإلماـ أحمد ‪-‬رحمو هللا‪ -‬قاؿ‪َ :‬حدثََنا إ ْب َراى ُ‬
‫َّللاِ ملسو هيلع هللا ىلص‬ ‫ِ‬
‫اؿ أَُبك َذ ٍّر‪ :‬إ َّف َرُس َ‬
‫كؿ َّ‬ ‫اؿ‪َ :‬ق َ‬ ‫اف‪َ ،‬ق َ‬
‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َخ َب َرِنى َبح ُير ْب ُف َس ْعد‪َ ،‬ع ْف َخالد بف َم ْع َد َ‬ ‫َّاس‪َ ،‬حَّدثََنا َب ِقَّي ُة‪ ،‬أ ْ‬‫اْل َعب ِ‬
‫يما‪َ ،‬ولِ َساَن ُو َص ِاد ًقا‪َ ،‬وَن ْف َس ُو ُم ْط َم ِئَّنةً‪َ ،‬و َخمِ َيق َت ُو‬ ‫ِ‬ ‫إل ِ‬
‫يماف‪َ ،‬و َج َع َل َقْمَب ُو َسم ً‬
‫ِِ‬
‫ص َقْمَب ُو ل َ‬ ‫اؿ‪َ " :‬ق ْد أَ ْفَم َح َم ْف أ ْ‬
‫َخَم َ‬ ‫َق َ‬
‫وعى اْلَقْم ُب‪َ ،‬وَق ْد أَ ْفَم َح‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ٗ‬ ‫مس َت ِقيمةً‪ ،‬وجعل أُ ُذَنو مس َت ِمعةً‪ ،‬وعيَنو َن ِ‬
‫َما األُ ُذ ُف َفَقم ٌع ‪َ ،‬واْل َعْي ُف ُمقَّرٍة ل َما ُي َ‬‫اظَرًة‪َ ،‬فأ َّ‬ ‫ُ ْ َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ َ َْ ُ‬
‫مف جعل َقْمبو و ِ‬
‫اعًيا"٘‪.‬‬ ‫َْ َََ َُ َ‬

‫ٔ‪-‬‬
‫تفسير ابف كثير ‪.ٗٓٓ/ٛ‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫إرشاد العقل السميـ إلى مزايا القرآف الكريـ‪،‬لدمحم العمادؼ أبك السعكد‪،ٔ٘ٛ/ٜ‬دار إحياء التراث العربي‪،‬بيركت‪.‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫الطبراني في المعجـ الكبير [‪/ٜٜ/ٛ‬ح‪، ]ٚ٘ٓٙ‬تحقيق ‪:‬حمدؼ بف عبدالمجيد السمفي‪ ،‬ط الثانية ‪ٜٖٔٛ - ٔٗٓٗ ،‬‬
‫‪،‬مكتبة العمكـ كالحكـ – المكصل‪،‬رجاؿ اإلسناد‪ :‬الحسف‪ :‬قاؿ الذىبي‪ :‬اإلماـ المحدث‪ .‬كترجمو ابف عساكر بركاية جمع‬
‫تعديبل‪(.‬اإلكماؿٗ‪، )ٕٚٚ/‬تاريخ دمشق (ٖٔ‪ ،)ٕٗ /‬عبد الرحمف‪:‬لـ أقف عمى ترجمتو فيما‬
‫ً‬ ‫جرحا كال‬
‫عنو‪ ،‬كلـ يذكر فيو ً‬
‫تيسر لي مف مصادر‪،‬ركاحة‪:‬ذكرىا ابف عساكر كلـ يذكر فييا جرحا أكتعديبل[تاريخ دمشق‪،]ٔ٘ٚ/ٜٙ‬أبكىا‪:‬إماـ أىل الشاـ‬
‫في الحديث كالفقو[تاريخ دمشقٖ٘‪،]ٔٗٚ/‬سميماف‪:‬ثقة [تقريب‪ ،]ٕ٘ٓ/‬أتكقف في الحكـ عمى الحديث لكجكد مف لـ أقف لو‬
‫عمى ترجمة كمف لـ يذكر فيو جرح أك تعديل‪.‬‬
‫ٗ‪-‬‬
‫الرجل َيْق َم ُعو َق ْمعاً كأَ ْق َم َعو ْ‬
‫فانَق َم َع َق َي َره[لساف العرب ‪.]ٕٜٙ/ٛ‬‬ ‫َ‬ ‫الَق ْم ُع مصدر َق َم َع‬
‫٘‪-‬‬
‫أحمد[ ٘‪/ٔٗٚ/‬ح‪،]ٕٖٔٗٛ‬إبراىيـ‪:‬ثقة[تقريب‪،]ٜٓ/‬بقية‪:‬صدكؽ كثير التدليس عف الضعفاء [تقريب‪ ]ٕٔٙ/‬قاؿ أبك زرعة‬
‫كغيره‪ :‬بقية عجب إذا ركػ عف الثقات فيك ثقة[تيذيب التيذيبٔ ‪،]ٗٚ٘/‬بحير‪:‬ثقة ثبت[تقريب‪ ،]ٕٔٓ/‬خالد‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫حيث بيف ملسو هيلع هللا ىلص فػي ىػذا الحػديث أف المػرء يسػتطيع أف يصػل إلػى الػنفس المطمئنػة حػيف يرتػاح ضػميره كذلػؾ‬
‫اىيـ بػف بشػار الصػكفي ‪" :‬خرجػت أنػا‬ ‫حيف يخمػص قمبػو لئليماف‪،‬كيسػعى حثيثًػا فػي مرضػاة الرحمف‪،‬قػاؿ ِإبػر ِ‬
‫َْ‬
‫َّللاِ السػخاكؼ نريػد اإلسػكندرية ‪ ،‬فمررنػا بنيػر يقػاؿ لػو‬
‫كسف الغاسكلي ‪َ ،‬كأَُبك َع ْبد َّ‬ ‫ِ‬
‫كاِ ْب َراىيـ بف أدىـ ‪َ ،‬كأَُبك ُي ُ‬
‫ِ‬
‫كسف كسيرات يابسات فألقاىف بيف أيػدينا ‪ ،‬فأكمنػا كحمػدنا‬ ‫‪ :‬نير األردف ‪ ،‬فقعدنا نستريح ‪ ،‬ككاف مع أَبي ُي ُ‬
‫ػاؿ بكفيػػو ِفػػي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّللا‪ ،‬فقمػػت أسػػعى أتنػػاكؿ مػػاء إل ْب َراىيـ‪،‬فبػػادر إ ْبػ َػراىيـ فػػدخل النيػػر حتػػى بمػػغ المػػاء ركبتيػػو ‪َ،‬فَقػ َ‬ ‫َّ‬
‫اؿ‪ :‬يا أبا‬ ‫اؿ ‪:‬الحمد ﵀ ‪،‬ثُ َّـ إنو خرج مف النير‪ ،‬فمد رجميو ‪َ،‬ق َ‬ ‫َّللا ‪ ،‬كشرب ‪َ،‬فَق َ‬ ‫اؿ ‪ :‬بسـ َّ‬ ‫الماء فمؤلىما‪ ،‬ثُ َّـ َق َ‬
‫يو مف النعيـ كالسركر لجالدكنا بالسيكؼ أياـ الحيػاة َعَمػى مػا‬ ‫يكسف لك عمـ الممكؾ كأبناء الممكؾ ما نحف ِف ِ‬
‫ُ ُ‬
‫نحػػف ِفيػ ِػو مػػف لذيػػذ العػػيش كقمػػة التعػػب ‪ ،‬فقمػػت لػػو ‪ :‬يػػا أبػػا ِإ ْسػ َػحاؽ ‪ ،‬طمػػب القػػكـ ال ارحػػة كالنعػػيـ فأخطػػأكا‬
‫ٔ‬
‫اؿ ‪ :‬مف أيف لؾ َى َذا الكبلـ ؟"‬ ‫الطريق المستقيـ ‪ ،‬فتبسـ ثُ َّـ َق َ‬
‫فالنفس ال تطمئف كتيدأ إال في جنب هللا جل كعبل ‪"،‬كعف طريق اإليماف با﵀ تعالى تتحقق الطمأنينة في‬
‫النفكس‪ ،‬فبل اطمئناف بعيد عف اإليماف ‪.....‬كاإليماف با﵀ شرط لميداية التي تفتح لمنفس البشرية آفاًقا‬
‫ٕ‬
‫كاسعة لمخير‪ ،‬كالسعادة كالسعي في مصالح الناس كحاجاتيـ "‬
‫ُّكب ْب ِف‬‫الس َبل ِـ‪َ ،‬ع ْف أَي َ‬ ‫الزَب ْي ِر أَِبي َع ْبِد َّ‬‫ركػ أحمد قاؿ‪َ :‬حَّدثََنا َي ِز ُيد ْب ُف َى ُارك َف‪َ ،‬حَّدثََنا َح َّم ُاد ْب ُف سَمم َة‪َ ،‬ع ِف ُّ‬
‫َ َ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َع ْبِد َّ ِ ِ ِ ٍ‬
‫َف َال أ ََد َع‬‫َّللا َعَمْيو َو َسم َـ ‪َ ،‬وأََنا أ ُِر ُيد أ ْ‬
‫َّللا َصمى َّ ُ‬ ‫وؿ َّ‬‫اؿ‪" :‬أ ََتْي ُت َر ُس َ‬ ‫ص َة ْب ِف َم ْع َبد َق َ‬ ‫َّللا ا ْبف م ْك َرز‪َ ،‬ع ْف َكاب َ‬
‫اس‪َ ،‬فَقاُلوا‪ِ :‬إَلْي َؾ َيا َوا ِب َص ُة َع ْف‬ ‫طى َّ‬ ‫اإل ْثـِ ِإَّال سأَْل ُت ُو َعْن ُو‪ ،‬واِ َذا ِعْن َده َجم ٌع‪َ ،‬ف َذ َىْب ُت أ ََت َخ َّ‬ ‫َشْيًئا ِم ْف اْل ِبِّر َو ِْ‬
‫الن َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ َّ ِ َّ‬
‫َّللا َعَمْيو َو َسَّم َـ‪ِ :‬إَلْي َؾ َيا َوا ِب َص ُة‪َ ،‬فُقْم ُت‪:‬أََنا َوا ِب َص ُة َد ُعوِني أ َْدُنو مْن ُو‪َ ،‬فِإَّن ُو م ْف أ َ‬
‫َح ِّب‬ ‫َّللا َصمى َّ ُ‬
‫َرس ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اؿ لي‪ْ :‬اد ُف َيا َوا ِب َص ُة‪ْ ،‬اد ُف َيا َوا ِب َص ُة‪َ ،‬ف َدَن ْو ُت مْن ُو َح َّتى َم َّس ْت ُرْكَبتي ُرْكَب َت ُو‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َف أ َْدُن َو مْن ُو‪َ ،‬فَق َ‬ ‫س ِإَل َّي أ ْ‬ ‫النا ِ‬ ‫َّ‬
‫اؿ‪ِ :‬جْئ َت‬ ‫َّللا‪َ ،‬فأ ْ ِ ِ‬ ‫ُخ ِبرؾ ما ِجْئت َتسأَُلِني عْنو أَو َتسأَُلِني‪َ ،‬فُقْمت‪ :‬يا رسوؿ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َخبْرني‪َ ،‬ق َ‬ ‫ُ َ َُ َ‬ ‫َ ُ ْ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫اؿ‪َ :‬يا َواب َص ُة‪ ،‬أ ْ ُ َ َ‬ ‫َفَق َ‬
‫وؿ‪َ :‬يا َوا ِب َص ُة‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫َصاب َع ُو الث َال َث َف َج َع َل َيْن ُك ُت ب َيا في َص ْدرِي َوَيُق ُ‬
‫اإل ْثـِ‪ُ ،‬قْم ُت‪َ :‬ن َعـ ‪َ ،‬ف َجم َع أ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َت ْسأَُلِني َع ْف اْل ِبِّر َو ِْ‬
‫اؾ ِفي اْلَقْم ِب َوَتَرَّد َد ِفي‬ ‫اإل ْث ُـ َما َح َ‬ ‫س‪َ ،‬و ِْ‬ ‫َف ِإَلْي ِو اْلَقْم ُب َوا ْطمأََّن ْت ِإَلْي ِو َّ‬
‫الن ْف ُ‬ ‫ا ْس َت ْف ِت َن ْف َس َؾ‪ ،‬اْل ِبُّر َما ا ْط َمأ َّ‬
‫َ‬
‫ٖ‬
‫اف‪َ :‬وأَ ْف َت ْو َؾ"‬ ‫اؿ ُس ْفَي ُ‬‫اس‪َ ،‬ق َ‬ ‫اؾ َّ‬
‫الن ُ‬ ‫الص ْد ِر ‪َ ،‬واِ ْف أَ ْف َت َ‬
‫َّ‬

‫ثقة‪،‬يرسل[تقريب‪]ٜٔٓ/‬كقد أرسل عف أبي ذر[تيذيب التيذيبٖ‪]ٔٔٛ/‬؛فالحديث مرسل‪،‬كأخرجو البييقي في شعب اإليماف‪،‬‬


‫األكؿ مف شعب اإليماف ك ىك باب في اإليماف با﵀ عز ك جل ‪ ،‬فصل في اإلشارة إلى أطراؼ األدلة في معرفة هللا عز ك‬
‫جل في حدث العالـ [ٔ‪/ٖٕٔ/‬ح‪ ]ٔٓٛ‬تحقيق ‪ :‬دمحم السعيد بسيكني زغمكؿ‪ ،‬ط األكلى ‪،ٔٗٔٓ ،‬دار الكتب العممية–‬
‫بيركت‪.‬‬
‫ٔ ‪-‬تاريخ دمشق البف عساكر ‪ ،ٖٕٓ/ٙ‬دراسة كتحقيق عمي شيرؼ‪ ،‬دار الفكر لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪،‬بيركت‪.‬‬
‫ٕ ‪-‬‬
‫أصكؿ التربية اإلسبلمية‪ ،‬د‪.‬دمحم شحات‪،‬د‪.‬مصطفى متكلي‪،‬د‪.‬نكر الديف عبد الجكاد‪،‬د‪.‬محركس إبراىيـ ‪،‬د‪.‬فتحية‬
‫دمحم‪،‬صٕٕٗ ‪،‬ط الثالثة‪ٕٔٗ٘،‬ىػ_ٕٗٓٓـ ‪ ،‬دار الخريجي لمنشر كالتكزيع‪.‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫أحمد[ٗ‪/ٕٕٛ/‬حٖٓٓ‪]ٔٛ‬يزيد‪:‬ثقة متقف [تقريب‪،]ٙٓٙ/‬حماد بف سممة‪ :‬ثقة[تيذيبٖ‪،]ٔٙ-ٔٔ/‬أيكب‪:‬ذكره ابف حباف في‬
‫الثقات[ الثقات ألبي حاتـ التميمي البستيٗ‪، ٕٙ/‬تحقيق ‪ :‬السيد شرؼ الديف أحمد‪ ،‬ط األكلى ‪،ٜٔٚ٘ – ٖٜٔ٘ ،‬دار‬

‫‪18‬‬
‫قاؿ الحافع النككؼ ‪ -‬رحمو هللا ‪ -‬في كتابو رياض الصالحيف في باب الكرع كترؾ الشبيات عف النكاس‬
‫بف سمعاف رضي هللا عنو أف النبي ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪( :‬البر حسف الخمق‪ ،‬كاإلثـ ما حاؾ في نفسؾ) ككرىت أف‬
‫يطمع عميو الناس ؛فحسف الخمق في عبادة هللا‪ ،‬أف يتمقى اإلنساف أكامر هللا بصدر منشرح‪ ،‬كنفس‬
‫مطمئنة‪ ،‬كيفعل ذلؾ بانقياد تاـ‪ ،‬بدكف تردد كبدكف شؾ كبدكف تسخط‪ ،‬يؤدؼ الصبلة مع الجماعة منقاداً‬
‫لذلؾ‪ ،‬يتكضأ في أياـ البرد منقاداً لذلؾ‪ ،‬يتصدؽ بالزكاة مف مالو منقاداً لذلؾ‪ ،‬يصكـ رمضاف منقاداً لذلؾ‪،‬‬
‫يحج منقاداً لذلؾ ‪.‬‬
‫كأما في معاممة الناس بأف يقكـ ببر الكالديف كصمة األرحاـ كحسف الجكار كالنصح بالمعاممة كغير ىذا‬
‫كىك منشرح الصدر كاسع الباؿ ال يضيق بذلؾ ذرعاً‪ ،‬كال يتضجر منو‪ ،‬فإذا عممت مف نفسؾ أنؾ في ىذه‬
‫الحاؿ‪ ،‬فإنؾ مف أىل البر ‪.‬‬
‫أما اإلثـ فيك أف اإلنساف يتردد في الشيء كيشؾ فيو كال ترتاح لو نفسو‪،‬كىذا فيمف نفسو مطمئنة راضية‬
‫بشرع هللا‪،‬كأما أىل الفسكؽ كالفجكر فإنيـ ال يترددكف في اآلثاـ‪ ،‬تجد اإلنساف منيـ يفعل المعصية منشرحاً‬
‫بيا صدره كالعياذ با﵀ كال يبالي بذلؾ ‪،‬لكف صاحب الخير الذؼ كفق لمبر ىك الذؼ يتردد الشيء في نفسو‬
‫‪،‬كال تطمئف إليو‪ ،‬كيحيؾ في صدره‪ ،‬فيعمـ بذلؾ أنو إثـ ‪،‬كمكقف اإلنساف مف ىذا أف يدعو كأف يتركو إلى‬
‫شيء تطمئف إليو نفسو‪ ،‬كال يككف في صدره حرج منو‪،‬كىذا ىك الكرع‪ ،‬كليذا قاؿ النبي عميو الصبلة‬
‫مفت بأف ىذا جائز كلكف نفسؾ لـ تطمئف كلـ تنشرح‬‫كالسبلـ‪" :‬كاف أفتاؾ الناس كأفتكؾ" حتى لك أفتاؾ ٍ‬
‫إليو فدعو‪ ،‬فإف ىذا مف الخير كالبر إال إذا عممت أف في نفسؾ مرضاً مف الكسكاس كالشؾ كالتردد فيما‬
‫أحل هللا‪ ،‬فبل تمتفت ليذا‪ ،‬كالنبي عميو الصبلة كالسبلـ إنما يخاطب الناس أك يتكمـ عمى الكجو الذؼ ليس‬
‫فيو أمراض أؼ ليس في قمب صاحبو مرض‪ ،‬فإف البر ىك ما أطمأنت إليو نفس صاحب ىذا القمب‬
‫الصحيح‪،‬كاإلثـ ما حاؾ في صدره ككره أف يطمع عميو الناس"ٔ‪.‬‬

‫الفكر]‪،‬الزبير بف جكاتشير أبك عبد السبلـ‪ :‬ذكره ابف معيف كلـ يذكر فيو جرحاً‪ ،‬كذكره ابف حباف في الثقات [تعجيل المنفعة‬
‫بزكائد رجاؿ األئمة األربعة البف حجر العسقبلنئ‪،٘ٗٗ/‬تحقيق ‪ :‬د‪ .‬إكراـ هللا إمداد الحق‪،‬ط ‪ :‬األكلى ػ ‪ٜٜٔٙ‬ـ‪،‬دار‬
‫البشائر ػ بيركت] كابصة‪ :‬لقبو أبك سالـ‪،‬كيقاؿ‪:‬أبك الشعثاء‪،‬كيقاؿ‪:‬أبك سعيد‪ ،‬كفد عمى النبي صمى هللا عميو ك سمـ سنة تسع‬
‫‪،‬كركػ عف النبي صمى هللا عميو ك سمـ‪ ،‬كعف ابف مسعكد‪ ،‬كأـ قيس بنت محصف‪ ،‬كغيرىـ‪[ .‬اإلصابة‪ ]ٜ٘ٓ/ ٙ‬فالحديث‬
‫حسف بيذا اإلسناد‪،.‬كأخرجو الدارمي في سننو‪،‬كتاب البيكع‪،‬باب دع ما يريبؾ إلى ما ال يريبؾ [ٕ‪/ٖٕٓ/‬حٖٖٕ٘]‪.‬‬
‫ٔ‪-‬‬
‫شرح رياض الصالحيف‪،‬دمحم بف صالح العثيميفٖ‪،ٜٜٗ/‬سنة ٕ٘ٗٔىػ‪،‬مدار الكطف لمنشر‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫وظيفة الضمير وأىميتو مف منظور السنة المطيرة‬
‫وظيفة الضمير وأىميتو ‪:‬‬
‫أىـ دكر يقكـ بو الضمير ىك الرقابة‪ ،‬فالضمير بمثابة جياز الرقابة الشخصية الداخمية عمى الفرد‬
‫كتصرفاتو‪.‬‬
‫كما يقكـ الضمير بتصحيح ما اعكج مف سمكؾ الفرد‪.‬‬
‫دكر تأنيبيا تكبيخيِّا يتمثل ذلؾ في النفس المكامة‪ ،‬التي تؤنب صاحبيا عمى ما بدر منو مف انحراؼ‬
‫كيمعب ًا‬
‫أك اعكجاج في السمكؾ‪،‬كقد أقسـ هللا عز كجل بيا‪.‬‬
‫دكر تشجيعيِّا حيث َي ِعُد صاحبو بالنجاح كالفبلح إف كاظب عمى أداء كاجبو‪ ،‬كيؤنبو‬
‫أيضا ًا‬
‫كيمعب الضمير ً‬
‫أبمغ تأنيب حيف يقصر في أداء ىذا الكاجب‪ ،‬فيعيش صاحبو حالة مف القمق كاالضطراب مما يدفعو إلى‬
‫تصحيح مساره‪.‬‬
‫كالضمير يتيح لئلنساف فرصة التماس الصراط المستقيـ‪ ،‬كيثير مشاعر الرغبة لكل ما ىك إيجابي‪،‬‬
‫كمشاعر البغض لكل ما ىك سمبي‪ ،‬كيسكؽ النفس نحك الكماؿ‪ ،‬كيقكدىا إلى طريق السعادة كالراحة‬
‫كالطمأنينة‪ ،‬كبدكنو يسقط اإلنساف في مياكؼ االنحراؼ كالرذيمة‪.‬‬
‫كالضمير ميزاف دقيق حساس ‪،‬ال ُيتأخر عنو كال ُيتقدـ؛ فيك رقيب عمى عمل اإلنساف في كل صغيرة‬
‫ككبيرة‪ ،‬كييب اإلنساف القدرة عمى الصمكد في مكاجية األحداث كالفتف‪ ،‬فبل يستسمـ اإلنساف أماميا كال‬
‫تزلزلو الخطكب؛ بل يككف قاد اًر عمى مكاجية ىذه االنحرافات ميما عظمت‪ ،‬فبل يتركو ينيار أك يسقط‬
‫صريعاً في بحر األىكاء‪.‬‬
‫إف أنكاع الفضائل مف اإليثار كالتضحية كالبذؿ كالفداء‪ ،‬تنبثق كميا مف الضمير اإلنساني اليقع كالتي تعيد‬
‫اإلنساف تربيتو عمى مكارـ األخبلؽ كجميل العادات‪.‬‬
‫كفي ظل تربية الضمير يصل اإلنساف إلى مرحمة الكماؿ‪ ،‬فحيف يبدأ اإلنساف بالعمل ألجل إصبلح قمبو‬
‫كتيذيب نفسو كتنمية ضميره يككف قد بدأ بإصبلح جزء جكىرؼ مف أسرتو كمجتمعو ككطنو‪ ،‬فيك جزء ال‬
‫يتج أز مف أمة كاممة كمجتمع بأسره‪.‬‬
‫إف منابع الخير كالشر كدكافعيما مكجكدة في كل نفس‪ ،‬كليذا كاف مف الصفات األساسية لمنفس أنيا تمكـ‬
‫صاحبيا كتؤنبو عمى ما يبدر منو مف شر ؛ ىذا إف كاف الضمير فييا لـ يمت بعد أك يفتر‪ ،‬كما أف مف‬
‫صفات النفس أيضاً االطمئناف حيف تفعل الخير ‪ ،‬كحيف تنزع النفس إلى فعل الشركر بغرض التمذذ‬
‫كالتمتع بزخارؼ الدنيا الزائمة كتدفع صاحبيا إلى االنغماس فييا مزينة لو أكىاـ السعادة‪ ،‬كمسكلة لو‬
‫االقحاـ في المعاصي فيذه النفس ىي األمارة بالسكء‪ ،‬كعمى النقيض مف ذلؾ النفس المطمئنة الراغبة فيما‬
‫عند هللا التي تدفع صاحبيا إلى السير الدائب كالرقي إلى معارج القبكؿ راغبة في مرضاة هللا‪ ،‬فيذه النفس‬
‫يقترف بيا كاعع يعع بالخير في داخل كياف اإلنساف يعرؼ بالضمير‪ ،.‬فقد ركػ أحمد قاؿ‪َ :‬حَّدثََنا اْل َح َس ُف‬

‫‪24‬‬
‫الر ْح َم ِف ْب َف ُج َب ْي ٍر َحَّدثَ ُو‬ ‫صالِ ٍح‪ ،‬أ َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َف َع ْب َد َّ‬ ‫‪،‬ع ْف ُم َعاكَي َة ْبف َ‬ ‫ْب ُف َس َّك ٍار أَُبك اْل َع َبلء َ‬
‫‪،‬حَّدثََنا َل ْي ٌث َي ْعني ْاب َف َس ْعد َ‬
‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫كؿ َّ ِ‬ ‫اف ْاأل َْنص ِارِؼ‪ ،‬ع ْف رس ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا َم َث ًال‬
‫اؿ‪َ ":‬ضَر َب َّ ُ‬ ‫َّللاُ َعَم ْيو َك َسم َـ َق َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫َ ّ َ َُ‬
‫الن َّك ِ‬
‫اس ْب ِف َس ْم َع َ‬ ‫‪،‬ع ْف َّ‬‫َع ْف أَِبيو َ‬
‫‪،‬و َعَمى ْاألَْب َو ِ‬ ‫اط سور ِ ِ‬ ‫طا مس َت ِقيما‪ ،‬وعَمى جْنب َتي ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ور ُمْر َخا ٌة‪َ ،‬و َعَمى‬ ‫اب ُس ُت ٌ‬ ‫اب ُم َف َّت َح ٌة َ‬ ‫اف في ِي َما أَْب َو ٌ‬ ‫الصَر ُ َ‬ ‫صَار ً ُ ْ ً َ َ َ َ ْ ّ‬
‫ؼ ال ِصر ِ‬ ‫ط ج ِميعا وَال َت َت َفَّرجوا ‪،‬وَداع ي ْدعو ِم ْف جو ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب ِ ِ‬
‫اط‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫ُ َ ٍ َ ُ‬ ‫الصَار َ َ ً َ‬ ‫اس ْاد ُخُموا ّ‬ ‫وؿ‪ :‬أَُّي َيا َّ‬
‫الن ُ‬ ‫اع َيُق ُ‬‫الصَراط َد ٍ‬ ‫َب ِ ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ط ِْ‬
‫اإل ْس َال ُـ‪،‬‬ ‫اؿ‪َ :‬وْي َح َؾ! َال َت ْف َت ْح ُو‪َ ،‬فِإَّن َؾ ِإ ْف َت ْف َت ْح ُو َتم ْج ُو‪َ ،‬و ّ‬
‫الصَار ُ‬ ‫ِ‬
‫َفإ َذا أََرَاد َي ْف َت ُح َشْيًئا م ْف تْم َؾ ْاألَْب َواب َق َ‬
‫س ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّللا َتعاَلى ‪ ،‬و ْاألَبواب اْلم َف َّتح ُة مح ِارـ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬
‫الصَراط ك َت ُ‬ ‫َّللا َت َعاَلى‪َ ،‬وَذل َؾ الدَّاعي َعَمى َ ْأر ِ ّ‬ ‫َ َْ ُ ُ َ َ َ ُ‬ ‫ود َّ َ‬ ‫اف ُحُد ُ‬ ‫ور ِ‬
‫الس َ‬‫َو ُّ‬
‫َّللا ِفي َقْم ِب ُك ِّل ُم ْسمِ ٍـ"ٔ‪ ،.‬قاؿ أبك جعفر ‪ ":‬فتأممنا ىذا‬ ‫ظ َّ ِ‬ ‫اط و ِ‬
‫اع ُ‬ ‫َّاعي َفوؽ ِ ِ‬ ‫َّللا ع َّز وج َّل ‪،‬والد ِ‬ ‫ِ‬
‫الصَر َ‬ ‫ْ َ ّ‬ ‫َّ َ َ َ َ‬
‫الحديث فكجدنا كل ما فيو مكشكؼ المعنى ‪،‬غير ما فيو مف كاعع هللا في قمب كل مسمـ‪،‬فإنا احتجنا إلى‬
‫الكقكؼ عمى حقيقتو ‪ :‬ما ىك ؟ فنظرنا في ذلؾ فكجدنا الكاعع مف اآلدمييف ىك الذؼ ينيى الناس عف‬
‫الكقكع فيما حرـ هللا عمييـ ‪ ،‬فعقمنا بذلؾ أف مثمو في قمب المسمـ ىي حجج هللا عز كجل التي تنياه عف‬
‫الدخكؿ فيما منعو هللا عز كجل كحظره عميو ‪،‬كانيا ىي كاعع هللا في قمبو مف البصائر التي جعميا فيو ‪،‬‬
‫كالعمكـ التي أكدعو إياىا ‪ ،‬فيككف نيييا إياه عف ذلؾ ‪،‬كزجرىا إياه عنو ‪ ،‬كنيي غيرىا مف الناس الذيف في‬
‫قمكبيـ مثميا إياه عف ذلؾ ‪ ،‬كهللا نسألو التكفيق"ٕ‪.‬إف الضمير الحي يدرؾ بو اإلنساف ما ينفعو‪ ،‬كيضره‪،‬‬
‫كيميز بو بيف الغث كالثميف‪ ،‬كيمنع صاحبو عف التكرط في الميالؾ؛ كيمنعو في الكقكع فيما الخير فيو‪،‬‬
‫قيا‪،‬قاؿ تعالى‪ِ ﴿ :‬إ َّف‬ ‫ككماال‪ ،‬كر ّ‬
‫ً‬ ‫كبو يتميز اإلنساف عف سائر الحيكاف‪ ،‬ككمما قكؼ ضمير المرء ازداد رفعة‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اف ْب ِف‬
‫اف َل ُو َقْم ٌب﴾ [ؽ‪، ]ٖٚ:‬ركػ الشيخاف مف حديث ركػ مسمـ مف حديث النُّ ْعم ِ‬
‫َ‬ ‫في َذل َؾ َلذ ْكَرى ل َم ْف َك َ‬
‫ص َب َع ْي ِو ِإَلى أُ ُذ َن ْي ِو ‪":‬أَالَ َواِ َّف ِفى‬ ‫الن ْعم ُ ِ ِ‬
‫اف بإ ْ‬ ‫َ‬
‫َى َكػ ُّ‬
‫كؿ َكأ ْ‬
‫ير َقاؿ‪ :‬س ِمعتو يُقكؿ‪ :‬س ِمعت رسكؿ َّ ِ‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ -‬يُق ُ‬ ‫َبش ٍ َ َ ْ ُ ُ َ ُ َ ْ ُ َ ُ َ‬
‫ِ‬
‫‪،‬وِا َذا َف َس َد ْت َف َس َد اْل َج َسُد ُكُّم ُو؛ أَالَ َو ِىى اْلَقْم ُب "ٖ كقد يمكت‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اْل َج َسد ُم ْض َغ ًة ِإ َذا َصَم َح ْت َصَم َح اْل َج َسُد ُكم ُو َ‬
‫الضمير لعدـ استعمالو‪ ،‬أك التباعو اليكػ‪ ،‬فيككف صاحبو مسمكب الفضائل‪ ،‬مكفكر الرذائل‪ ،‬فمعدكـ‬
‫الضمير ال تجد لو فضيمة‪ ،‬كىك قمما يخمك مف رذيمة‪.‬‬

‫ٔ‪-‬‬
‫أحمد‪،‬كالمفع لو[ٗ‪،ٕٔٛ/‬حٔ‪]ٔٚٙٚ‬الحسف بف سكار‪:‬صدكؽ[تقريب‪،]ٔٙٔ/‬ليث بف سعد‪:‬ثقة ثبت فقيو إماـ‬
‫مشيكر[تقريب‪،]ٗٙٗ/‬معاكية بف صالح بف حدرد‪:‬صدكؽ[تيذيب التيذيبٓٔ‪،]ٕٔٓ/‬عبد الرحمف بف جبير بف نفير‪:‬‬
‫ثقة[تقريب‪،]ٖٖٛ/‬أبكه‪:‬ثقة جميل مخضرـ [تقريب‪،]ٖٔٛ/‬النكاس‪:‬لو كألبيو صحبة[اإلصابة في تمييز الصحابة البف‬
‫حجر‪،ٗٚٛ/ٙ‬تحقيق ‪:‬عمي دمحم البجاكؼ ‪ ،‬ط األكلى ‪، ٕٔٗٔ ،‬دار الجيل – بيركت]فالحديث حسف بيذا اإلسناد‪ ،‬كأخرجو‬
‫الترمذؼ‪،‬أبكاب األمثاؿ عف رسكؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪،‬باب باب ما جاء في مثل هللا لعباده[ ٗ‪/ٗٗٔ/‬ح ‪،]ٕٜٛ٘‬كقاؿ‪ :‬حديث غريب‪،‬‬
‫كالنسائي في سننو الكبرػ‪،‬كتاب التفسير‪،‬سكرة يكنس[‪/ٖٙٔ/ٙ‬ح ٖٖٕٔٔ]‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫مشكل اآلثار لمطحاكؼ ‪،‬باب بياف مشكل ما ركؼ عف رسكؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص في كاعع هللا عز كجل الذؼ في قمب المؤمف‬
‫ٖ‪،ٖ٘/‬ط األكلى‪ٖٖٖٔ،‬ىػ ‪،‬مطبعة مجمس دائرة المعارؼ النظامية باليند‪ ،‬حيدر آباد‪.‬‬
‫ٖ ‪-‬‬
‫مسمـ‪،‬كالمفع لو‪،‬كتاب المساقاة‪،‬باب أخذ الحبلؿ كترؾ الشبيات[٘‪/٘ٓ/‬ح ‪ ،]ٗٔٚٛ‬كالبخارؼ‪،‬كتاب اإليماف‪،‬باب فضل‬
‫مف استب أر لدينو[ٔ‪/ٕٛ/‬حٕ٘]‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫تربية الضمير في ضوء السنة المطيرة‬
‫المبحث األوؿ‬
‫الوسائل التربوية في السنة النبوية لتقوية الضمير‪.‬‬
‫الوسائل التربوية لتقوية الضمير في السنة (أسباب تقوية الضمير)‪:‬‬
‫‪1‬ػ الخمكة‪:‬‬
‫س‬ ‫اـ َرّبِ ِو َوَن َيى َّ‬
‫الن ْف َ‬ ‫اؼ َمَق َ‬‫َما َم ْف َخ َ‬ ‫إذا أردت معرفة قكة ضميرؾ فراقب نفسؾ في الخمكات‪.‬قاؿ تعالى‪َ ﴿:‬وأ َّ‬
‫َع ِف اْل َي َوى‪َ .‬فِإ َّف اْل َجَّن َة ِىي اْل َمأ َْوى ﴾‪[.‬النازعات‪.]ٗٔ-ٗٓ :‬‬
‫َ‬
‫َّللا ِفي ِظِّم ِو‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫م‬‫ُّ‬
‫َ ْ َ ُ ُ ْ َّ ُ‬‫ظ‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ة‬‫ٌ‬ ‫ع‬‫ب‬ ‫س‬ ‫"‬‫ملسو هيلع هللا ىلص‪:‬‬ ‫هللا‬ ‫رسوؿ‬ ‫قاؿ‬ ‫قاؿ‪:‬‬ ‫عنو‬ ‫هللا‬ ‫رضي‬ ‫ة‬‫ىرير‬ ‫أبي‬ ‫حديث‬ ‫وروى الشيخاف مف‬
‫اه"ٔ قاؿ النككؼ‪":‬فيو فضيمة البكاء مف خشية‬ ‫َّللا َخالًِيا َف َف َ‬
‫اض ْت َعْيَن ُ‬ ‫‪.......‬وَر ُج ٌل َذ َكَر َّ َ‬
‫َ‬ ‫َي ْوَـ َال ِظ َّل ِإَّال ِظُّم ُو‬
‫هللا‪ ،‬كفضل طاعة السر لكماؿ اإلخبلص فييا"ٕ‪"،‬كقاؿ الباجي‪":‬خص النبي ملسو هيلع هللا ىلص الخالي بذلؾ فإنو أبعد مف‬
‫الرثياء كالسمعة‪،‬كطمب الذكر‪،‬فما كاف في حاؿ الخمكة مف ذكر هللا كاستشعار خشيتو حتى تفيض‬
‫ٖ‬
‫عيناه؛فإنو خالص ﵀ تعالى ال يشكبو غيره"‬
‫ِ‬ ‫اى ٍر اْلَف ِقيو‪،‬أَخبرنا أَبك َ ِ‬ ‫طِ‬
‫َح َمُد ا ْب ُف َسَم َم َة‪َ ،‬حَّدثََنا‬ ‫طاى ٍر اْل ُم َح َّم َد َآباذ ُّؼ‪،‬أ ْ‬
‫َخ َب َرَنا أ ْ‬ ‫ُ ْ ََ َ ُ‬ ‫كركػ البييقي قاؿ‪ :‬أ ْ‬
‫َخ َب َرَنا أَُبك َ‬
‫َغ ِّر‪َ ،‬ع ْف َك ْى ِب‬ ‫ِ‬ ‫َّاف اْل َع ْبِد ُّؼ‪َ ،‬حَّدثََنا َع ْبُد َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اف‪َ ،‬ع ِف ْاأل َ‬ ‫الر ْح َم ِف ْب ُف َم ْيد ٍّؼ‪َ ،‬حَّدثََنا ُسْف َي ُ‬ ‫َع ْبُد هللا ا ْب ُف َىاش ِـ ْب ِف َحي َ‬
‫ييا‬ ‫ات‪،‬ساع ٍة يَن ِ ِ‬
‫اجي ف َ‬ ‫اع ٍ َ َ ُ‬ ‫َف َال ُي ْش َغ َل َع ْف أَْرَب ِع َس َ‬
‫ق عَمى اْلع ِ‬
‫اق ِل أ ْ‬ ‫َ‬ ‫آؿ َد ُاوَد‪َ :‬ح ّّ َ‬ ‫"في ِح ْكم ِة ِ‬ ‫ب ِف منِب ٍو‪َ ،‬قاؿ‪ِ :‬‬
‫ْ ُ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يف ُي ْخ ِبُروَن ُو ِب ُعُيو ِب ِو َوُي َصِّد ُقوَن ُو َع ْف‬ ‫ِِ ِ‬
‫ييا ِإَلى ِإ ْخ َوانو َّالذ َ‬
‫ِ ِ‬
‫اع ٍة َي ْقضي ف َ‬ ‫ييا َن ْف َس ُو‪َ ،‬و َس َ‬
‫ِ‬
‫اس ُب ف َ‬ ‫اع ٍة ُي َح َ‬
‫‪،‬و َس َ‬‫َرَّب ُو َ‬
‫اع َة َع ْو ٌف َعَمى َى ِذ ِه‬ ‫يما َي ِح ُّل َوَي ْج ُم ُل‪َ ،‬فِإ َّف َى ِذ ِه َّ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الس َ‬ ‫ييا َبْي َف َن ْفسو َوَبْي َف َلذات َيا ف َ‬ ‫اع ٍة ُي َخّمي ف َ‬ ‫َن ْفسو‪َ ،‬و َس َ‬
‫اه"ٗ ‪.‬‬ ‫الساع ِ‬
‫ات‪َ ،‬واِ ْجماـ لِْمُقُم ِ‬
‫وب‪َ ،‬وَف ْض ٌل َيْمَق ُ‬ ‫ٌَ‬ ‫َّ َ‬

‫المساجد[ٔ‪/‬‬ ‫كفضل‬ ‫الصبلة‬ ‫ينتظر‬ ‫المسجد‬ ‫في‬ ‫جمس‬ ‫مف‬ ‫كاإلمامة‪،‬باب‬ ‫الجماعة‬ ‫‪-‬البخارؼ‪،‬كتاب‬ ‫ٔ‬

‫ٖٕٗ‪/‬ح‪،]ٕٜٙ‬كمسمـ‪،‬كتاب الزكاة‪،‬باب فضل إخفاء الصدقة[ٖ‪/ٜٖ/‬ح‪،]ٕٕٗٚ‬كمالؾ في المكطأ‪ ،‬كتاب الجامع‪،‬باب‬


‫ما جاء في المتحابيف في هللا[٘‪/ٖٜٔٛ/‬حٖ٘ٓ٘]تحقيق‪ :‬دمحم مصطفى األعظمي‪ ،‬ط األكلى ٕ٘ٗٔىػ ‪ٕٓٓٗ -‬ـ‪،‬‬
‫مؤسسة زايد بف سمطاف آؿ نيياف‪.‬‬
‫ٕ ‪-‬شرح النككؼ ‪.ٕٖٔ/ٚ‬‬
‫‪-‬المنتقى شرح المكطأ ألبي الكليد سميماف الباجي‪،ٕٖٚ/ٚ‬ط األكلى‪ٖٖٕٔ،‬ىػ‪،‬مطبعة السعادة بجكار محافظة مصر‪-‬‬ ‫ٖ‬

‫القاىرة‪.‬‬
‫ٗ‪-‬‬
‫البييقي في شعب اإليماف‪ ،‬الثالث ك الثبلثكف مف شعب اإليماف ك ىك باب في تعديد نعـ هللا عز ك جل ك ما يجب مف‬
‫شكرىا‪ ،‬فصل في فضل العقل الذؼ ىك مف النعـ العظاـ التي كرـ بيا عباده [‪/ٖٖٚ/ٙ‬حٕٖ٘ٗ]‪.‬أبك طاىر دمحم بف‬
‫دمحم بف محمش‪:‬قاؿ الذىبي‪:‬الفقيو العبلمة القدكة شيخ خراساف‪،‬كقاؿ السبكي‪:‬إماـ المحدثيف كالفقياء في نيسابكر‬
‫بزمانو[سير أعبلـ النببلء‪ ،ٕٚٙ/ٔٚ‬طبقات السبكيٗ‪،]ٜٔٛ/‬الدمحمآباذؼ‪،‬دمحم بف الحسف‪:‬قاؿ الذىبي‪:‬كاف مف أعياف‬

‫‪22‬‬
‫فمف تعكد عمى االتصاؿ المستمر بالناس كثي اًر ما يفقد جانباً مف قكة الضمير ؛فيك يندمج في الكاقع‬
‫الخارجي فتجده ال يحس بذاتو ‪،‬كليس لديو كقت لمتفكير في حالو كمحاسبة نفسو فيفقر ضميره ‪ ،‬كعما‬
‫تحدثو الخمطة مف أثر سمبي عمى ضمير المرء يقكؿ ابف القيـ‪" :‬فأما ما تؤثره كثرة الخمطة فامتبلء القمب‬
‫يسكد ‪،‬كيكجب لو تشتتاً كتفرقاً كىماً كغماً كضعفاً كحمبلً لما يعجز عف‬
‫ّ‬ ‫مف دخاف أنفاس بني آدـ حتى‬
‫حممو مف مؤنة قرناء السكء‪ ،‬كاضاعة مصالحو كاالشتغاؿ عنيا بيـ كبأمكرىـ‪ ،‬كتقسيـ فكره في أكدية‬
‫اؿ رجل ألبي الحسف ْبف بشار‪ :‬كيف الطريق ِإَلى‬ ‫ٔ‬
‫مطالبيـ كارادتيـ‪ ،‬فماذا يبقى منو ﵀ كالدار اآلخرة" ‪َ.‬ق َ‬
‫َّللا س اًر تطيعو س اًر حتى يدخل ِإَلى قمبؾ طرائف البر"ٕ‪.‬‬
‫َّللا تعالى؟ فقاؿ لو‪ :‬كما عصيت َّ‬
‫َّ‬
‫فبلبد لمعبد مف أكقات يخمك فييا مع نفسو يذكر ربو كيناجيو‪ ،‬كيعاتب نفسو كيحاسبيا‪ ،‬كيتدبر كيعتبر‬
‫كيتفكر‪ ،‬كاال كقع في شراؾ الغفمة كقسكة الضمير الناتجة عف الخمطة‪.‬‬
‫يقكؿ ابف القيـ‪" :‬مف فَق َد أنسو بيف الناس ككجده في الكحدة فيك صادؽ ضعيف‪ ،‬كمف كجده بيف الناس‬
‫كفقده في الخمكة فيك معمكؿ‪ ،‬كمف فقده بيف الناس كفي الخمكة فيك ميت مطركد‪ ،‬كمف كجده في الخمكة‬
‫كفي الناس فيك المحب الصادؽ القكؼ في حالو‪ ،‬كمف كاف فتحو في الخمكة لـ يكف مزيده إال منيا‪ ،‬كمف‬
‫كاف فتحو بيف الناس كنصحيـ كارشادىـ كاف مزيده معيـ‪ ،‬كمف كاف فتحو في كقكفو مع مراد هللا حيث‬
‫أقامو في أؼ شيء استعممو كاف مزيده في خمكتو كمع الناس‪ ،‬فأشرؼ األحكاؿ أال تختار لنفسؾ حالة‬
‫سكػ ما يختاره لؾ‪ ،‬كيقيمؾ فيو‪ ،‬فكف مع مراده منؾ ‪،‬كال تكف مع مرادؾ منو"ٖ ‪.‬كقد كصف هللا عباده‬
‫اس َت ْغ َفُروا لِ ُذُنوبِ ِي ْـ َو َم ْف َي ْغ ِفُر‬ ‫يف ِإ َذا َفعُموا َف ِ‬ ‫ِ‬
‫ظَم ُموا أَْن ُف َس ُي ْـ َذ َكُروا َّ َ‬
‫َّللا َف ْ‬ ‫اح َش ًة أ َْو َ‬ ‫َ‬ ‫المتقيف فقاؿ‪َ ﴿ :‬و َّالذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫َّللا َوَل ْـ ُيصُّروا َعَمى َما َف َعُموا َو ُى ْـ َي ْعَم ُمو َف ﴾[آؿ عمراف‪.]ٖٔ٘ :‬كقاؿ تعالى‪ِ ﴿ :‬إ َّف َّالذ َ‬
‫يف َّاتَق ْوا‬ ‫الذُن َ َِّ‬
‫وب إال َّ ُ‬
‫اف َت َذ َّكُروا َفِإ َذا ُى ْـ ُمْب ِصُرو َف ﴾ [األعراؼ‪.]ٕٓٔ:‬قاؿ القرطبي‪":‬قاؿ مقاتل‪ :‬إف‬ ‫طِ‬ ‫ف ِم َف َّ‬
‫الشْي َ‬ ‫ط ِائ ٌ‬
‫ِإ َذا َم َّس ُي ْـ َ‬
‫المتقي إذا أصابو نزغ مف الشيطاف تذكر كعرؼ أنو معصية‪ ،‬فأبصر فنزع عف مخالفة هللا"ٗ‪ .‬إف مس‬

‫الثقات[سير أعبلـ النببلء‪،]ٕٛٚ/ٕٜ‬أحمد بف سممة النيسابكرؼ‪ :‬قاؿ الذىبي‪:‬الحافع الحجة العدؿ المأمكف[سير أعبلـ‬
‫النببلءٕ٘‪،]ٖٚٛ/‬عبد هللا‪:‬ثقة[تقريب‪،]ٖٕٚ/‬عبد الرحمف‪:‬ثقة ثبت حافع عالـ بالرجاؿ كالحديث[تقريب‪،]ٖ٘ٔ/‬سفياف‬
‫الثكرؼ‪:‬ثقة حافع إماـ[تقريب‪،]ٕٗٗ/‬األغر بف الصباح التميمي‪:‬ثقة [تقريب‪ ،]ٔٔٗ/‬كىب‪:‬ثقة[تقريب‪،]٘ٛ٘/‬فالخبر‬
‫صحيح بيذا اإلسناد‪.‬‬
‫ٔ‪-‬‬
‫مدارج السالكيف بيف منازؿ إياؾ نعبد كاياؾ نستعيف ‪،‬ابف القيـ ٔ‪ ، ٗ٘ٗ/‬تحقيق ‪ :‬دمحم حامد الفقي ‪،‬ط الثانية ‪ٖٜٖٔ ،‬‬
‫‪، ٜٖٔٚ -‬الناشر ‪ :‬دار الكتاب العربي – بيركت‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫تاريخ بغداد‪،‬عمي ْبف ُم َح َّمد ْبف بشار الزاىد أَُبك الحسف[ٖٔ‪/ٖ٘ٗ/‬ت ٘ٔٗ‪،]ٙ‬كأبك الحسف ىذا‪ :‬كاف يركػ مسائل صالح‬
‫بف أحمد‪ ،‬ككاف لو كرامات ظاىره كانتشار ذكر في الناس ‪،‬كتكفى في سنة ثبلث عشرة كثبلثمائة‪[.‬تاريخ بغداد‬
‫ٖٔ‪.]ٖ٘ٗ/‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫الفكائد البف القيـ ٔ‪، ٖٗ -‬دار الكتب العممية‪،‬بيركت‪.‬‬
‫ٗ‪-‬‬
‫معالـ التنزيل‪،‬أبك دمحم الحسيف بف مسعكد البغكؼ ‪ ،‬حققو كخرج أحاديثو ‪:‬دمحم عبد هللا النمر كعثماف جمعة ضميرية‬
‫كسميماف مسمـ الحرش ‪،‬ط الرابعة ‪ ٔٗٔٚ ،‬ىػ ‪ ٜٜٔٚ -‬ـ‪،‬دار طيبة لمنشر كالتكزيع‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫َّللا كمراقبتو كخشية غضبو كعقابو ‪.‬تمؾ الكشيجة التي‬ ‫الشيطاف يعمي كيطمس كيغمق البصيرة‪ .‬كلكف تقكػ ّ‬
‫باّلل كتكقظيا مف الغفمة عف ىداه ‪..‬تذكر المتقيف‪.‬فإذا تذكركا تفتحت بصائرىـ كتكشفت‬ ‫تصل القمكب ّ‬
‫ِ‬
‫َّللا إبصار ‪،‬كمس الشيطاف‬ ‫الغشاكة عف عيكنيـ ‪َ«:‬فِإذا ُى ْـ ُم ْبص ُرك َف» ‪ ..‬مس الشيطاف عمى‪،‬كتذكر ّ‬
‫َّللا نكر‪ ..‬ك مس الشيطاف تجمكه التقكػ‪،‬فما لمشيطاف عمى المتقيف مف سمطاف‬ ‫ظممة ‪،‬كاالتجاه إلى ّ‬
‫فالضمير الحي اليقع ىك الذؼ عصـ يكسف ‪ ‬مف الكقكع في المعصية﴿ َقاؿ معا َذ َّ ِ‬
‫َّللا ِإَّن ُو َرِّبي أ ْ‬
‫َح َس َف‬ ‫َ ََ‬
‫الظالِ ُمو َف﴾[يكسف‪ .]ٕٖ :‬إف يكسف عميو السبلـ ما كاف سكػ بشر‪ ،‬نعـ إنو بشر‬ ‫م ْثواي ِإَّن ُو َال يْفمِ ُح َّ‬
‫ُ‬ ‫ََ َ‬
‫مختار‪ ،‬كمف ثـ لـ يتجاكز ىمو الميل النفسي في لحظة مف المحظات‪ ،‬فمما أف رأػ برىاف ربو الذؼ نبض‬
‫في ضميره كقمبو ‪ ،‬بعد لحظة الضعف الطارئة ‪ ،‬عاد إلى االعتصاـ كالتأبي‬
‫ٕػ تعويد النفس عمى التخمق باألخالؽ الحسنة كتدريبيا بالتمرس بالعادات الحميدة ؛ ركػ الطبراني قاؿ‪:‬‬
‫المؤدب ‪ ،‬ثنا دمحم بف الحسف بف أبي زيد‬ ‫ِ‬ ‫يعي‪ ،‬ثنا إسحاؽ بف عمر‬ ‫حدثنا إبراىيـ بف أحمد بف عمر الك ِك ِ‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬
‫صَّمى َّ‬ ‫اء ْب ِف َح ْي َكَة‪َ ،‬ع ْف أَِبي َّ‬ ‫اْليمد ِان ُّي‪ ،‬عف عبِد اْلممِ ِؾ ب ِف عمي ٍر‪ ،‬عف رج ِ‬
‫َّللاُ‬ ‫اؿ‪:‬قاؿ رسكؿ هللا َ‬ ‫الد ْرَداء‪َ،‬ق َ‬ ‫َ ْ َْ َ ْ ُ َْ َ ْ َ َ‬ ‫َ َْ‬
‫ِ ٔ‬
‫ط ُو‪َ ،‬وم ْف َي َت َوَّقى َّ‬
‫الشَّر ُيوِقو" ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الت َحُّمـِ‪َ ،‬و َم ْف َي َت َحَّرى اْل َخْيَر ُي ْع َ‬ ‫َعَم ْي ِو َكسمَّـ‪ِ ":‬إَّن َما اْل ِعْم ُـ ِب َّ‬
‫الت َعُّمـِ‪َ ،‬واْل ِحْم ُـ ِب َّ‬
‫َ َ‬
‫قاؿ المناكؼ‪:‬قاؿ الراغب‪":‬الحمـ إمساؾ النفس عف ىيجاف الغضب‪،‬كالتحكـ إمساكيا عف قضاء الكطر إذا‬
‫ىاج الغضب"ٕ‪.‬‬
‫فمف عكد نفسو عادات حسنة كاف ضميره أكثر حساسية؛فيعمل عمى تنبييو حيف تنحرؼ بو السبل عف‬
‫مساره الصحيح‪ ،‬كيحس بتأنيب ضميره حيف يخالف ما اعتاد عميو فيبدأ بإصبلح نفسو‪ ،‬كسرعاف ما يرجع‬
‫عف خطئو‪.‬‬
‫كينمك الضمير أيضاً مف خبلؿ التربية الدائمة كالتكجيو المتكاصل مف قبل المربييف‪،‬كمف خبلؿ مبلحظة‬
‫القدكة الحسنة في احتراـ القكاعد السمككية لممجتمع‪.‬كتعيد الضمير بمحاسف األفعاؿ كصدؽ المقاؿ يجعل‬
‫صاحبو مرتاحاً مطمئناً‪ ،‬كال يقع فريسة المعصية أك يصاب بأمراض الغفمة؛ إذ يككف لدػ ضميره إحساس‬
‫مرىف يقيو شر الكقكع في األخطاء كالذنكب‪.‬كما يسمك ضمير المرء حيف تخالف النفس ىكاىا كتصارع‬
‫اء ُك ْـ َب َص ِائُر ِم ْف َرّبِ ُك ْـ َف َم ْف أَْب َصَر َفمَِن ْف ِس ِو َو َم ْف َع ِمي َف َعَمْي َيا‬
‫مغريات الحياة كشيكاتيا‪،‬قاؿ تعالى‪َ ﴿:‬ق ْد َج َ‬
‫َ‬
‫يظ﴾ [األنعاـ‪.]ٔٓٗ :‬كحيف يعمك ضمير اإلنساف كيزداد نكره يككف مف ثمار ذلؾ‬ ‫َو َما أََنا َعَمْي ُك ْـ ِب َح ِف ٍ‬

‫ٔ‪ -‬الطبراني في مسند الشامييف[ٖ‪/ٕٜٓ/‬حٖٕٓٔ]تحقيق‪:‬حمدؼ بف عبد المجيد السمفي‪،‬ط األكلى‪،ٜٔٛٗ –ٔٗٓ٘،‬مؤسسة‬


‫الرسالة‪،‬بيركت‪،.‬إب ارىيـ الككيعي‪:‬كثقو الدارقطني[تاريخ بغداد لمخطيب البغدادؼ‪،٘/ٙ‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيركت]‪،‬‬
‫كابف‬ ‫حباف‪،‬كالدارقطني‪،‬كالعقيمي‬ ‫حاتـ‪،‬كابف‬ ‫معيف‪،‬كأبك‬ ‫ابف‬ ‫إسحاؽ‪:‬صدكؽ[تقريب‪،]ٔٓٔ/‬دمحم‪:‬ضعيف‪،‬ضعفو‬
‫حجركغيرىـ[تيذيب ‪،ٕٔٔ/ٜ‬تقريب‪،]ٗٚٗ/‬عبدالممؾ‪:‬ثقة‪،‬ربمادلس[تقريب‪ ،]ٖٙٗ/‬رجاء‪ :‬ثقة [تقريب‪ ،]ٕٓٛ/‬فالحديث‬
‫ضعيف بيذا اإلسناد‪،‬كأخرجو أبك نعيـ في حمية األكلياء‪ ،‬في الطبقة األكلى مف التابعيف‪،‬الفقيو رجاء بف حيكة[٘‪]ٔٚٗ/‬‬
‫‪،‬طبعة ‪ٜٔٗٓ‬ىػ دار الكتب العممية‪ -‬بيركت‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫فيض القديرٕ‪،ٕٕٚ/‬ط األكلى ٘ٔٗٔ ق ‪ ٜٜٔٗ -‬ـ ‪،‬دار الكتب العممية بيركت – لبناف‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الصدؽ في الحديث ‪،‬كاألمانة في المعامبلت‪،‬كاإلخبلص في التكبة ‪ ،‬كالعفة في العبلقات‪،.‬أما حيف تتبع‬
‫تبعا لذلؾ‪ ،‬كيخبك نكره‬ ‫النفس ىكاىا كتنجرؼ كراء أىكائيا كشيكاتيا ككساكسيا؛فإف الضمير يتضاءؿ ً‬
‫باطبل كالباطل حّقا‪ ،‬كالخير شرا‪ ،‬ال يزجره زاجر‪ ،‬كال يؤثر‬ ‫ً‬ ‫عبدا لمنفس‪،‬يرػ الحق‬ ‫كتضعف قكتو فيصير ً‬
‫س َع ِف‬ ‫ِ‬
‫اـ َرِّبو َوَن َيى ا َّلن ْف َ‬
‫اؼ َمَق َ‬ ‫َما َم ْف َخ َ‬ ‫فيو كاعع‪ ،‬فبل عدك لمنفس أعدػ مف النفس؛قاؿ تعالى‪َ ﴿:‬وأ َّ‬
‫اْل َي َوى‪َ .‬فِإ َّف اْل َجَّن َة ِىي اْل َمأ َْوى ﴾ [النازعات‪.]ٗٔ-ٖٚ /‬فتربية الضمير ال تتأتى إال بمخالفة ىكػ النفس‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كاتباع منيج النبي ‪، ‬ركػ الخطيب البغدادؼ قاؿ‪ :‬أخبرنا أبك سعد الماليني قراءة‪ ،‬حدثنا أَُبك اْل َح َسف َعم ُّي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َع َي ُف ‪ ،‬حدثنا ُن َع ْي ُـ ْب ُف‬ ‫َخ َب َرَنا حدثنا الحسف بف شقيق ‪ ،‬حدثنا ُم َح َّمُد ْب ُف اْل ُح َس ْي ِف األ ْ‬ ‫يسى اْل َمالِين ُّي ‪ ،‬أ ْ‬ ‫ْب ُف ع َ‬
‫يف ‪َ ،‬ع ْف ُعْق َب َة‬ ‫اف‪َ ،‬ع ْف م َح َّمِد ْب ِف ِس ِ‬
‫ير َ‬ ‫َّاب ْب ُف َع ْبِد اْلم ِج ِيد الثََّق ِف ُّي ‪َ ،‬ع ْف ِى َشا ِـ ْب ِف َح َّس ٍ‬
‫ح َّم ٍاد ‪ ،‬حدثنا َع ْبُد اْلكى ِ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َحُد ُك ْـ‬‫اؿ ‪ :‬ال ُي ْؤ ِم ُف أ َ‬ ‫َّللاُ َعَم ْيو َك َسم َـ ‪َ ،‬ق َ‬
‫صمى َّ‬ ‫ِ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّللا ْبف َع ْمرك ْبف اْل َعاص‪َ ،‬عف النب ِّي َ‬
‫س ‪َ ،‬ع ْف َع ْبد َّ ِ‬ ‫ْب ِف أَ ْك ٍ‬
‫اه َتَب ًعا لِ َما ِجْئ ُت ِب ِو"ٔ‪.‬‬
‫َح َّتى َي ُكو َف َى َو ُ‬
‫قاؿ ابف حجر‪:‬قاؿ البيضاكؼ‪ ":‬قاؿ البيضاكؼ‪ :‬المراد الحب العقمي الذؼ ىك إيثار ما يقتضي العقل السميـ‬
‫رجحانو ‪،‬كاف كاف عمى خبلؼ ىكػ النفس كالمريض يعاؼ الدكاء بطبعو فينفر عنو كيميل إليو بمقتضى‬
‫عقمو فييكػ تناكلو‪ ،‬فإذا تأمل المرء أف الشارع ال يأمر كال ينيى اال بما فيو صبلح عاجل أك خبلص آجل‬
‫كالعقل يقتضي رجحاف جانب ذلؾ تمرف عمى االئتمار بأمره‪،‬بحيث يصير ىكاه تبعاً لو‪ ،‬كيمتذ بذلؾ التذاذاً‬
‫ٕ‬
‫عقمياً ؛إذ االلتذاذ العقمي إدراؾ ما ىك كماؿ كخير مف حيث ىك كذلؾ"‬
‫فبلبد مف مخالفة النفس‪،‬كحمميا عمى أف يككف ىكاىا متفًقا مع الشرع‪،‬فبل ينمك الضمير إال بالتسميـ المطمق‬
‫لمشرع كتعكيد النفس عمى اتباع الحق‪.‬‬
‫يقوؿ الغزالي رحمو هللا‪":‬اعمـ أف أعدػ عدكؾ نفسؾ التي بيف جنبيؾ‪ ،‬كقد خمقت أمارة بالسكء مبالغة في‬
‫الشر ف اررة مف الخير‪،‬كأمرت بتزكيتيا كتقكيميا كقكدىا بسبلسل القير إلى عبادة ربيا كخالقيا‪ ،‬كمنعيا مف‬
‫شيكاتيا كفطاميا عف لذاتيا‪ ،‬فإف أىممتيا جمحت كشردت كلـ تظفر بيا"ٖ‪.‬‬

‫ٔ‪-‬‬
‫حصل‬
‫الخطيب البغدادؼ‪،‬تاريخ بغداد[ٗ‪/ٖٙٛ/‬ت ‪،]ٕٕٖٛ‬أبك سعد‪،‬أحمد بف دمحم الماليني‪:‬ككاف ذا صدؽ ككرع كاتقاف‪ّ ،‬‬
‫المسانيد الكبار[سير أعبلـ النببلءٖٖ‪،]ٕٜٕ/‬عمي‪:‬ذكره الخطيب في تاريخ بغداد‪،‬كقاؿ‪:‬ككاف ثقة[تاريخ بغدادٗ ‪،]ٜٕ/‬الحسف‬
‫بف شقيق‪:‬ذكره ابف حباف في الثقات[الثقات البف حباف‪]ٔٙٛ/ٙ‬دمحم‪:‬قاؿ الذىبي‪:‬الحافع الثبت‪،‬كثقو ابف حباف[سيرأعبلـ‬
‫النببلءٖٕ‪،]ٔٔٙ/‬نعيـ‪:‬كثقو أحمد كابف معيف كالعجمي‪،‬كقاؿ ابف أبي حاتـ‪:‬محمو الصدؽ[تيذيب التيذيب ٓٔ‪]ٗٙٓ/‬عبد‬
‫الكىاب‪:‬ثقة‪،‬تغير قبل مكتو بثبلث سنيف[تقريب‪،]ٖٙٛ/‬ىشاـ‪:‬ثقة‪،‬مف أثبت الناس في ابف سيريف [تقريب‪ ،]ٕ٘ٚ/‬دمحم بف‬
‫سيريف‪:‬ثقة ثبت عابد كبير القدر[تقريب‪ ،]ٖٗٛ/‬عقبة‪:‬صدكؽ[تقريب‪ ،]ٖٜٗ/‬فالحديث حسف بيذا اإلسناد‪ ،‬كأخرجو البغكؼ‬
‫في شرح السنة‪،‬كتاب اإليماف‪ ،‬باب رد البدع كاألىكاء[ٔ‪ ]ٕٖٔ/‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤكط‪-‬دمحم زىير الشاكيش ‪،‬ط الثانية‪،‬‬
‫ٖٓٗٔىػ ‪ٜٖٔٛ -‬ـ‪،‬المكتب اإلسبلمي ‪ -‬دمشق‪ ،‬بيركت‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫فتح البارؼٔ‪.ٙٔ-ٙٓ/‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫إحياء عمكـ الديفٗ‪،ٗٔٙ/‬دار المعرفة‪،‬بيركت‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ٖػ التدبر في آيات هللا‪:‬‬
‫وب أَ ْق َفاُل َيا ﴾[دمحم‪.]ٕٗ/‬‬
‫آف أ َْـ َعَمى ُقُم ٍ‬ ‫قاؿ تعالى‪ ﴿ :‬أَ َف َال َي َت َدَّبُرو َف اْلُقْر َ‬
‫ض َرِك ُّؼ اْل َي َرِك ُّؼ‪ ،‬حدثنا أ ْ‬
‫َح َمُد ْب ُف َن ْج َد َة‪،‬‬ ‫كر َّ‬
‫الن ْ‬ ‫ص ِر ْب ُف َقتَ َاد َة‪ ،‬حدثنا أَُبك م ْنص ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫َخ َب َرَنا أَُبك َن ْ‬‫ركػ البييقي ‪:‬أ ْ‬
‫اب‪ ،‬ع ِف َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حدثنا س ِع ُيد ا ْب ُف م ْنص ٍ‬
‫الن ِ‬
‫اس‬ ‫ق َّ‬ ‫اؿ‪ِ " :‬إ َّف أ َ‬
‫َح َّ‬ ‫الصْمت ْب ِف َب ْي َر َاـ‪َ ،‬ع ِف اْل َح َس ِف‪َ ،‬ق َ‬ ‫كر‪ ،‬حدثنا أَُبك ش َي ٍ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫{كتاب أَْنزْلَناه ِإَليؾ مبارؾ لِيَّدَّبروا آي ِاتوِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِب َي َذا اْلُقْر ِ‬
‫هللا َع َّز َو َج َّل في ك َتابو‪َ ُ َ ٌ َ َ ُ َ ْ ُ َ ٌ َ :‬‬ ‫اؿ ُ‬ ‫آف َم ْف ُرئ َي في َع َممو " َق َ‬
‫هللا َما َكاَن ِت‬ ‫اح ِب ِو‪ :‬أُ َق ِارُئؾ‪ ،‬و ِ‬
‫اب} " واَِّنما َت َدُّبر آي ِات ِو ا ِّتباع ُو ِبعممِ ِو‪ ،‬يُقوؿ أَحُد ُىـ لِص ِ‬ ‫َولَِي َت َذ َّكَر أُوُلو ْاألَ ْلَب ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ ََ َ ُ َ ْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫َم َثاَل ُي ْـ" ٔ فالقرآف الكريـ ليس‬ ‫الن ِ‬ ‫هللا ِفي َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اس أ ْ‬ ‫اء َت ْف َع ُل َى َذا‪َ ،‬وهللا َما ُى ْـ باْلُقَّراء َوَال اْل َوَر َعة َال َكثَر ُ‬ ‫اْلُقَّر ُ‬
‫اؿ‬
‫تدبر لمقرآف ال يز ُ‬ ‫الم ِّ‬
‫قكؼ اإليماف كتجمبو تََدبُّر القرآف الكريـ‪ ،‬فإف ُ‬
‫لمرياء‪ ،‬كانما لمتدبر "كمف األمكر التي تُ ِ‬
‫ّ‬
‫صّدؽ بعضو‬ ‫ِ‬
‫يستفيد مف عمكمو كمعارفو ما يزداد بو إيماناً‪ ،‬ككذلؾ إذا نظر إلى انتظامو‪ ،‬كاحكامو‪ ،‬كأنو ُي َ‬
‫بعضاً‪ ،‬كيكافق بعضو بعضاً ليس فيو تناقض كال اختبلؼ‪ .‬فإذا قرأه العبد بالتدبر‪ ،‬كالتفيـ لمعانيو‪ ،‬كما‬
‫أريد بو كتدبر الكتاب الذؼ يحفظو العبد كيشرحو‪ ،‬ليتفيـ مراد صاحبو منو‪ .‬فيذا مف أعظـ ُمَق ِّكيات‬
‫المتمكة‪ ،‬يثمر صحة‬
‫َّ‬ ‫اإليماف‪ .‬كحسف التأمل لما يرػ العبد‪ ،‬كيسمع مف اآليات المشيكدة‪ ،‬كاآليات‬
‫البصيرة"ٕ‪.‬‬
‫يف لَِئ َّال َي ُكو َف‬ ‫ِ‬
‫فكظيفة األنبياء األكلى ىي تنمية الضمير الديني لمبشر؛ قاؿ تعالى‪ُ ﴿ :‬ر ُس ًال ُمَب ِّش ِر َ‬
‫يف َو ُمْنذ ِر َ‬
‫ِ‬ ‫اس عَمى َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫يما ﴾ [النساء‪.]ٔٙ٘:‬‬ ‫َّللا َع ِزي ًاز َحك ً‬ ‫الر ُس ِل َوَك َ‬
‫اف َّ ُ‬ ‫َّللا ُح َّج ٌة َب ْع َد ُّ‬ ‫ل َّمن ِ َ‬
‫فيـ ي َذ ِّكركف الناس بالحياة اآلخرة كيعممكف عمى إثارة دفائف العقل كتجمية الضمير‪ ،‬فكظيفتو تزكية ضمير‬
‫ِ‬ ‫اإلنساف كتربيتو الخمقية؛قاؿ تعالى‪ِ ﴿:‬إَّن َما ُتْن ِذُر َم ِف َّاتَب َع ال ِّذ ْكَر َو َخ ِش َي َّ‬
‫الر ْح َم َف ِباْل َغْي ِب َفَب ِّشْرُه ِب َم ْغفَرٍة َوأ ْ‬
‫َج ٍر‬
‫يـ﴾ [يس‪.]ٔٔ:‬‬ ‫َك ِر ٍ‬
‫فتدبر القرآف يزيل الغشاكة ‪،‬كيفتح النكافذ‪ ،‬كيسكب النكر ‪،‬كيحرؾ المشاعر ‪،‬كيستجيش القمكب ‪،‬كيخمص‬
‫الضمير ‪ ،‬كينشئ حياة الركح تنبض بيا ‪،‬كتشرؽ كتستنير‬

‫‪-‬البييقي في شعب اإليماف‪،‬كالمفع لو[ٗ‪/ٕٜٓ/‬ح‪]ٕٗٓٛ‬حققو كراجع نصكصو كخرج أحاديثو‪:‬د‪.‬عبد العمي عبد الحميد‬ ‫ٔ‬

‫حامد‪،‬أشرؼ عمى تحقيقو كتخريج أحاديثو‪:‬مختار أحمد الندكؼ‪،‬صاحب الدار السمفية ببكمباؼ‪،‬اليند‪،‬ط األكلى‪ ٕٖٔٗ،‬ىػ ‪-‬‬
‫ٖٕٓٓ ـ‪ ،‬مكتبة الرشد لمنشر كالتكزيع بالرياض بالتعاكف مع الدار السمفية ببكمباؼ باليند‪،‬رجاؿ السند‪ :‬أبك نصر عمر بف‬
‫حديث ركاه مف طريقو [سنف البييقئ‪ ،]ٕٙ/‬أبك منصكر العباس بف‬ ‫ٍ‬ ‫إسناد‬ ‫عبد العزيز بف قتادة‪:‬قد صحح لو البييقي‬
‫َ‬
‫الفضل‪:‬قاؿ الذىبي‪:‬الثقة المسند‪،‬كقاؿ‪:‬كثقو الخطيب البغدادؼ[سير أعبلـ النببلء ٖٔ ‪ ،]ٖٛٛ/‬أحمد بف نجدة اليركؼ‪:‬قاؿ‬
‫الذىبي‪:‬كاف في الثقات[سير أعبلـ النببلء‪،]ٖٛ/ٕٙ‬سعيد بف منصكر‪:‬ثقة مصنف[تقريب ‪ ،]ٕٗ/‬أبك شياب‪ ،‬عبد ربو بف‬
‫نافع‪:‬كثقو ابف معيف‪،‬كالبزار‪،‬كالعجمي‪،‬كابف سعد[تيذيب التيذيب ‪ ،]ٕٜٔ/ٙ‬الصمت‪ :‬كثقو ابف معيف‪ ،‬كذكره ابف حباف في‬
‫الثقات‪،‬كقاؿ أبك حاتـ‪ :‬صدكؽ[تيذيب التيذيب ٗ‪،]ٖٖٗ/‬فالخبر صحيح بيذا اإلسناد‪،.‬كأخرجو عبد الرزاؽ في مصنفو‬
‫[ٖ‪ /ٖٖٙ/‬حٗ‪ ]ٜ٘ٛ‬بمعناه‪،‬تحقيق ‪ :‬حبيب الرحمف األعظمي‪،‬ط الثانية ‪،ٖٔٗٓ ،‬المكتب اإلسبلمي‪،‬بيركت‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫السَّنة‪ ،‬د‪ .‬سعيد بف عمي بف كىف القحطاني‪،‬ص ‪،ٙ‬‬
‫شرح أسماء هللا الحسنى في ضكء الكتاب ك ُّ‬
‫نشر‪ :‬مطبعة سفير‪ ،‬الرياض‪،‬كتكزيع‪ :‬مؤسسة الجريسي لمتكزيع كاإلعبلف‪ ،‬الرياض‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫كال يقتصر التدبر عمى القرآف كحسب‪،‬بل قد كره العمماء أف يطمب عمـ الحديث ببل تدبر ‪ ،‬قاؿ ابف عبد‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ُّ ٍ ِ ِ‬ ‫طُمبو َكِثير ِم ْف أ ْ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص ِرَنا اْل َي ْكَـ ُدك َف تََفقو فيو َكَال تََدب ٍُّر ل َم َعانيو َف َم ْك ُركهٌ‬ ‫َىل َع ْ‬ ‫طَم ُب اْل َحديث َعَمى َما َي ْ ُ ُ ٌ‬ ‫َما َ‬‫البر‪" :‬أ َّ‬
‫اع اْلحِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِع ْند جماع ِة أَى ِل اْل ِعْم ِـ"ٔ ‪،‬قاؿ ابف الصبلح‪َ ":‬ال ي ْنب ِغي لِ َ ِ‬
‫يث‪،‬‬ ‫َف َيْقتَص َر َعَمى َس َم ِ َ‬ ‫طال ِب اْل َحديث أ ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ ََ َ ْ‬
‫ص َل ِفي ِع َد ِاد‬ ‫ظَف َر ِب َ ِ ٍ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫طائل‪َ ،‬كب َغ ْير أَ ْف َي ْح ُ‬ ‫َكَك ْتِبو ُدك َف َم ْع ِرَفتو‪َ ،‬كَف ْيمو‪َ ،‬ف َي ُكك ُف َق ْد أ َْت َع َب َنْف َس ُو م ْف َغ ْي ِر أ ْ‬
‫َف َي ْ‬
‫ٕ‬ ‫كصيف‪ ،‬اْلمتَحمِّيف ِبما ىـ ِمنو ع ِ‬
‫اطُمك َف‪".‬‬ ‫يث‪ ،‬بل َلـ ي ِزد عَمى أَف صار ِمف اْلمتَ َشِب ِييف اْلم ْنُق ِ‬ ‫أَى ِل اْلحِد ِ‬
‫َ ُ َ َ َ ُْ ْ ُ َ‬ ‫ْ َ َ َ ُ ّ َ َ‬ ‫َْ ْ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫فالتدبر في آيات هللا كما يدؿ عميو مف عظيـ صنعو مف أنفع العظات لمقمب ‪،‬كصحكة الضمير‪،‬ركػ أبك‬
‫َسَر ُع‬ ‫َّللاِ ب ِف ميمك ٍف َقاؿ‪َ :‬قاؿ اْلح ِار ُث بف أ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫َسد‪":‬أ ْ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َح َمُد ْب ُف َع ْبد َّ ْ َ ْ ُ‬ ‫اؿ‪:‬أ َْن َبأ ََنا أ ْ‬
‫َخ َب َرَنا ُم َح َّمٌد‪ ،‬في كتَابو َق َ‬ ‫نعيـ قاؿ‪:‬أ ْ‬
‫وـ اْلَقْم ِب‬ ‫اء ِإم َات ًة لِ َّ ِ‬ ‫التع ِظيـِ َلو‪،‬وأَسر ُع ْاأل ْ ِ‬ ‫ط َال ِع َّ ِ‬ ‫ار َل ُو ِذ ْكُر ا ِّ‬ ‫ظ ًة لِْمَقْم ِب َو ِان ِك َس ًا‬
‫اء ِع َ‬ ‫َشي ِ‬
‫مش َي َوات ُل ُز ُ‬ ‫َشَي َ‬ ‫ُ َ َْ‬ ‫َّللا ِب َّ ْ‬ ‫ْاأل ْ َ‬
‫اشَرِة َل َيا و ِاال ْع ِتَب ُار ِب َيا‬ ‫وب ِعْن َد اْل ُم َع َايَن ِة َواْل ُمَب َ‬ ‫الدْنَيا ِم َف اْلُقُم ِ‬
‫اؿ ِب ُّ‬ ‫اء صْرًفا ِإ َازَل ُة ِاال ْش ِت َغ ِ‬
‫َشَي َ‬
‫اف‪ ،‬وأَ ْك َثر اْأل ْ ِ‬
‫َح َز ِ َ ُ‬ ‫ْاأل ْ‬
‫الدَال ِئ ِل ِفي‬ ‫ّلِل ِمف اْلَقْم ِب َتدُّبر ْاآلي ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ظر ِإَلى ما َغاب ِمف ْاآل ِخرِة ‪،‬وأَسر ُع ْاأل ْ ِ‬ ‫‪َ ،‬و َّ‬
‫ات َو َّ‬ ‫َُ َ‬ ‫َشَياء َىَي َجاًنا ل َّمت ْعظيـِ َّ َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫الن َُ‬
‫ض‪ ،‬وما ِب َّث بيَنيما ِمف َخْم ِق ِو دَال ِئل َن ِ‬ ‫السم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ير اْلمحكـِ و َّ ِ‬
‫اطَق ٌة‬ ‫َ ُ‬ ‫َْ ُ َ ْ‬ ‫ََ‬
‫اء َو ْاألَْر ِ‬
‫الصْن َعة اْل ُم ْح َك َمة اْل ُم ْتَقَنة م َف َّ َ‬ ‫الت ْد ِب ِ ُ ْ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ِِ ٖ‬ ‫َف َّال ِذي َدَّبرىا ع ِظيـ َق ْدره‪َ ،‬ن ِ‬ ‫ِ‬
‫طانو"‬ ‫اف َذ ٌة َم ِش َيئ ُت ُو َع ِز ٌيز ِفي ُسْم َ‬ ‫َ َ َ ٌ ُُ‬ ‫اض َح ٌة أ َّ‬ ‫اىُد و ِ‬
‫َو َش َو َ‬
‫ٗػ قوة المراقبة ﵀ والخوؼ منو سبحانو‪:‬‬
‫َّللا َي ْعَم ُـ َما ِفي أَْن ُف ِس ُك ْـ‬
‫َف َّ َ‬‫اعَم ُموا أ َّ‬
‫كاليقيف بأف هللا شاىد كمطمع عمى قمكب عباده كأعماليـ؛قاؿ تعالى‪َ ﴿ :‬و ْ‬
‫ور ﴾ [غافر‪ .]ٜٔ:‬قاؿ أبك‬ ‫َعُي ِف َو َما ُت ْخ ِفي ُّ‬ ‫ِ‬
‫الصُد ُ‬ ‫وه ﴾ [البقرة‪،]ٕٖ٘:‬كقاؿ تعالى‪َ ﴿ :‬ي ْعَم ُـ َخائَن َة ْاأل ْ‬ ‫اح َذُر ُ‬ ‫َف ْ‬
‫دمحم مكي األندلسي‪":‬أؼ‪ :‬يعمـ هللا جل ذكره خائنة أعيف عباده كما أخفتو صدكرىـ‪ ،‬ال يخفى عميو شيء‬
‫مف أمكرىـ حتى يتحدث بو في نفسو كيضمره في قمبو‪.‬‬
‫كمعنى " خائنة األعيف " ىك أف هللا تعالى يعمـ ما أراد بنظره إذا نظر كما ينكؼ بذلؾ في قمبو"ٗ‪،.‬كقاؿ أبك‬
‫السعكد‪ ":‬كما تخفي الصدكر مف الضمائر كاألسرار"٘ ‪،‬فإف المؤمف الحق صاحب الضمير الحي ىك الذؼ‬

‫ٔ‪-‬‬
‫جامع بياف العمـ كفضمو‪،‬ألبي عمر يكسف بف عبد البر باب ذكر مف ذـ اإلكثار مف الحديث دكف التفيـ لو كالتفقو فيو‬
‫[ٕ‪/ٕٔٓٓ /‬ح ٘ٗ‪ ]ٜٔ‬تحقيق‪ :‬أبي األشباؿ الزىيرؼ‪،‬ط األكلى‪ ٔٗٔٗ ،‬ىػ ‪ ٜٜٔٗ -‬ـ‪ ،‬دار ابف الجكزؼ‪ ،‬المممكة العربية‬
‫السعكدية‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫مقدمة ابف الصبلح‪،‬معرفة أنكاع عمكـ الحديث‪،‬ص ٕٓ٘‪،‬محقق‪ :‬نكر الديف عتر ‪ٔٗٓٙ،‬ىػ ‪ٜٔٛٙ -‬ـ‪،‬دار الفكر‪-‬‬
‫سكريا‪ ،‬دار الفكر المعاصر – بيركت‪.‬‬

‫ٖ‪-‬‬
‫أبك نعيـ في حمية األكلياء كطبقات األصفياء[ٓٔ‪ ]ٛٙ/‬دار الكتب العممية‪ -‬بيركت (طبعة ‪ٜٔٗٓ‬ىػ بدكف تحقيق)‪.‬‬
‫ٗ‪-‬‬
‫اليداية إلى بمكغ النياية في عمـ معاني القرآف كتفسيره‪ ،‬كأحكامو‪ ،‬كجمل مف فنكف عمكمو ألبي دمحم مكي بف أبي طالب‬
‫القيسي األندلسي‪، ٙٗٔٙ/ٔٓ ،‬المحقق‪ :‬مجمكعة رسائل جامعية بكمية الدراسات العميا كالبحث العممي ‪ -‬جامعة‬
‫الشارقة‪،‬بإشراؼ أ‪ .‬د‪ :‬الشاىد البكشيخي‪،‬ط األكلى‪ ٕٜٔٗ ،‬ىػ ‪ ٕٓٓٛ -‬ـ‪،‬الناشر‪:‬مجمكعة بحكث الكتاب كالسنة ‪-‬‬
‫كمية الشريعة كالدراسات اإلسبلمية ‪ -‬جامعة الشارقة‪.‬‬
‫٘‪-‬‬
‫إرشاد العقل السميـ إلى مزايا القرآف الكريـ ‪.ٕٕٚ/ٚ‬‬

‫‪27‬‬
‫يعظـ حرمات هللا كيستشعر ىيبتو كيخضع لجبللو‪ ،‬أما الغافمكف كالعصاة الميتة ضمائرىـ فيتياكنكف‬
‫بالذنكب كيجاىركف بالمعاصي‪.‬كمف عبلمات المراقبة تعظيـ ما عظمو هللا ؛قاؿ تعالى‪َ ﴿:‬ذلِ َؾ َو َم ْف ُي َع ِّ‬
‫ظ ْـ‬
‫وب ﴾ [الحج‪.]ٖٕ:‬كعندما سأؿ جبريل النبي ‪ ‬عف اإلحساف قاؿ‪" :‬‬ ‫َشع ِائر َّ ِ‬
‫َّللا َفِإَّن َيا ِم ْف َت ْق َوى اْلُقُم ِ‬ ‫َ َ‬
‫اه َفِإَّن ُو َيَر َ‬
‫اؾ"ٔ‪.‬‬ ‫اه‪َ ،‬فِإ ْف َل ْـ َت ُك ْف َتَر ُ‬
‫َّللا َكأََّن َؾ َتَر ُ‬
‫َف َت ْعُب َد َّ َ‬
‫اف أ ْ‬ ‫ِْ‬
‫اإل ْح َس ُ‬
‫قاؿ سيل بف عبد هللا التسترؼ ٕ‪.‬رحمو هللا ‪":‬كنت كأنا ابف ثبلث سنيف أقكـ بالميل فأنظر إلى صبلة خالي‬
‫دمحم ابف َس َّك ٍار‪ ،‬فقاؿ لي يكماً‪ :‬أال تذكر هللا الذؼ خمقؾ؟‪ :‬فقمت‪ :‬كيف أذكره؟ قاؿ‪ :‬بقمبؾ عند تقمبؾ في‬
‫ثيابؾ ثبلث مرات مف غير أف تحرؾ بو لسانؾ‪ :‬هللا معي‪ ..‬هللا ناظرؼ‪ ..‬هللا شاىد عمى‪ ،..‬فقمت ذلؾ‬
‫ليالي‪ ،‬ثـ أعممتو فقاؿ‪ :‬قل ذلؾ كل ليمة إحدػ عشر مرة‪ ،‬فقمتو‪ ،‬فكقع في قمبي حبلكتو‪ ،‬فمما كاف بعد‬
‫كدـ عميو إلى أف تدخل القبر‪ ،‬فإنو ينفعؾ في الدنيا كاآلخرة‪ ،‬فمـ أزؿ‬
‫سنة‪ ،‬قاؿ لي خالي‪ :‬احفع ما عممتؾ ُ‬
‫عمى ذلؾ سنيف‪ ،‬فكجدت لذلؾ حبلكة في سرؼ‪ ،‬ثـ قاؿ لي خالي يكما‪ :‬يا سيل؛ مف كاف هللا معو كناظ ار‬
‫إليو كشاىده أيعصيو؟ إياؾ كالمعصية"ٖ‪.‬‬
‫ركػ ابف أبي الدنيا قاؿ‪ :‬حدثني دمحم بف عبد المجيد التميمي‪ ،‬ثنا سفياف بف عيينة‪،‬عف كىيب بف الكرد‬
‫قاؿ‪:‬‬
‫"بينما أنا في السكؽ إذ أخذ أحد بقفاؼ ‪،‬فقاؿ‪ ":‬يا كىيب ‪،‬خف هللا عمى قدر قدرتو عميؾ ‪ ،‬كاستَ ِح مف هللا‬
‫في قربو منؾ‪ ،‬فالتفت فمـ أر أحدا "ٗ كقاؿ بعض الصالحيف‪" :‬اتق هللا أف يككف أىكف الناظريف إليؾ"٘‪.‬‬
‫فميس أنفع لمضمائر كبعثيا مف رفاتيا سكػ القكانيف الربانية‪ ،‬كالخكؼ مف الرقيب سبحانو‪ ،‬فإف القكانيف‬
‫الكضعية ميما بمغت صرامتيا كشدتيا ال ييابيا اإلنساف إال تحت سمع السمطة كبصرىا‪ ،‬لكنو حيف تكاتيو‬
‫فرصة لمخركج عمييا ىتؾ حرمتيا دكف أدنى مباالة‪ ،‬كما أُتي الناس مف فساد القمكب كالضمائر ‪ ،‬كانتشار‬
‫الجرائـ كاالستخفاؼ بالقيـ إال حيف غفمكا عف الخكؼ مف هللا‪ ،‬كترؾ استحضار عظمتو في القمب ‪،‬فخشية‬

‫ٔ ‪-‬‬
‫البخارؼ‪،‬كا لمفع لو‪،‬كتاب اإليماف‪،‬باب سؤاؿ جبريل النبي صمى هللا عميو ك سمـ عف اإليماف كاإلسبلـ كاإلحساف كعمـ‬
‫الساعة [ٔ‪/ٕٚ/‬حٓ٘]مف حديث أبي ىريرة‪،.‬كأحمد[ٔ‪/ٖٜٔ/‬ح‪]ٕٜٕٙ‬مف حديث ابف عباس رضي هللا عنيما‪.‬‬
‫ٕ ‪-‬‬
‫التسترّؼ‪:‬بالتاء المنقكطة مف فكؽ بنقطتيف كسككف السيف الميممة كفتح التاء المعجمة أيضا بنقطتيف مف فكؽ كالراء‬
‫الميممة‪ ،‬ىذه النسبة الى تستر بمدة مف ككر األىكاز مف ببلد خكزستاف [األنساب لمسمعاني ٖ‪،٘ٔ/‬المحقق‪ :‬عبد‬
‫الرحمف بف يحيى المعممي اليماني كغيره‪،‬ط األكلى‪ ٖٕٔٛ ،‬ىػ ‪ ٜٕٔٙ -‬ـ‪،‬مجمس دائرة المعارؼ العثمانية‪ ،‬حيدر‬
‫آباد]‪.‬‬

‫ٖ‪-‬‬
‫كفيات األعياف البف خمكاف ٕ‪،ٕٜٗ/‬تحقيق ‪ :‬إحساف عباس‪،‬سنة ٓٓ‪ٜٔ‬ـ‪ ،‬دار صادر – بيركت‪.‬‬
‫ٗ‪-‬‬
‫اليكاتف البف أبي الدنيا‪،‬عبد هللا بف دمحم بف عبيد ‪،‬صٖٓ‪ ،‬تحقيق‪:‬مصطفى عبد القادر عطا ‪ ،‬ط األكلى ‪ٖٔٗٔ ،‬ىػ‬
‫‪،‬مؤسسة الكتب الثقافية‪،‬بيركت‪،.‬دمحم‪:‬ضعيف[تاريخ بغدادٕ‪،]ٖٜٕ/‬سفياف‪ :‬ثقة حافع فقيو إماـ حجة إال أنو تغير حفظو بآخره‬
‫ككاف ربما دلس لكف عف الثقات[تقريب‪،]ٕٗ٘/‬كىيب‪:‬ثقة[تقريب‪ ]٘ٛٙ/‬فالخبر ضعيف بيذا اإلسناد‪.‬‬
‫٘‪-‬‬
‫جامع العمكـ كالحكـ‪،‬ص‪.ٖٙ‬‬

‫‪28‬‬
‫يـ ْب ُف ُم َح َّمِد ْب ِف َي ْح َيى‪َ ،‬حَّدثََنا‬ ‫هللا جل شانو تسمك بالنفس إلى كل خير‪.‬ركػ البييقي حَّدثَنا أَبك ِإسح ِ ِ‬
‫اؽ إ ْب َراى ُ‬
‫َ َ ُ ْ َ َ‬
‫يب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َّاب‪ ،‬حَّدثََنا َع ْبُد هللا ْب ُف َشِب ٍ‬ ‫كر ُّؼ‪ ،‬حَّدثََنا َع ْبُد هللاِ ْب ُف َع ْبِد اْلكى ِ‬
‫َحمُد ْب ُف َخالٍِد‪َ ،‬حَّدثََنا م َح َّمُد ا ْب ُف َع ْب َد َة النَّ ْيس ُاب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أَْ‬
‫اجٌر َم ْف‬ ‫ُم َؾ‪ ،‬أَما َل َؾ َز ِ‬
‫َ‬ ‫َي َث ِكَم ْت َؾ أ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫حَّدثََنا اْلع ْتِب ُّي َقاؿ‪َ " :‬ل ِقي َر ُج ٌل أ ْ ِ‬
‫َعَاربَّي ًة َفأََرَاد َىا َعَمى َن ْفس َيا َفأََب ْت َوَقاَل ْت‪ :‬أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ٔ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اؿ‪ُ :‬قْم ُت‪َ :‬وهللا إنو َال َيَارَنا ِإَّال اْل َك َواك ُب‪َ ،‬قاَل ْت‪َ :‬ىا ِبأَِبي أَْن َت‪َ ،‬وأَْي َف ُم َك ْوكُب َيا "‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َما َل َؾ َنا ٍه م ْف د ٍ‬
‫يف؟ َق َ‬ ‫َكَرٍـ؟ أ َ‬
‫فالقكانيف تعالج ظاىر اإلنساف‪،‬أما سمطة الديف فكحدىا تحيي في اإلنساف معنى المراقبة الحقيقية‬
‫حسابا دقيًقا في‬ ‫ً‬ ‫"الضمير"‪ ،‬فيك صكت مقدس كمحترـ عند مف استقر في كجدانو‪ ،‬فيك يعمـ أف ىناؾ‬
‫اؿ َحَّب ٍة ِم ْف‬ ‫ط لِيوـِ اْل ِقيام ِة َف َال ُت ْظَمـ َن ْفس َشيًئا وِا ْف َك ِ‬ ‫ِ‬
‫اف م ْثَق َ‬
‫َ‬ ‫ُ ٌ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫انتظاره؛قاؿ تعالى‪َ ﴿:‬وَن َض ُع اْل َم َو ِاز َ‬
‫يف اْلق ْس َ َ ْ‬
‫يف ﴾ [األنبياء‪.]ٗٚ :‬‬ ‫اس ِب َ‬ ‫َخرَد ٍؿ أ ََتيَنا ِبيا وَك َفى ِبَنا ح ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ْ‬
‫فالضمير ىك صماـ األماف الذؼ يقي اإلنساف مف الكقكع في اآلثاـ كالمعاصي كاألخطاء كاالنحرافات‪.‬‬
‫كالحياء مف هللا جل كعبل مف أعظـ كسائل إصبلح السرائر؛ ألف الحياء مف هللا يدفع إلى ترؾ كل قبيح‪.‬‬
‫كما أنفع أف يستحضر العبد معاني صفات هللا كمنيا "السمع ػ البصر ػ العمـ" فإذا عمـ أف هللا يسمعو كيراه‬
‫كيعمـ بما في قمبو قكؼ عنده كازع الحياة‪،‬فاستحى أف يراه هللا عمى معصية‪،‬أك يسمع عنو ما يكره‪ ،‬فيضبط‬
‫أحكالو كأقكالو كحركاتو كسكناتو‪ ،‬كيزنيا بميزاف الشرع ‪،‬كال يتركيا تحت حكـ ىكاه‪.‬‬
‫كالخكؼ مف هللا عز كجل مف أقكػ أسباب تنقية الضمير؛إذ أف فمسفة الثكاب كالعقاب في اإلسبلـ تعمل‬
‫عمى دفع المسمـ عمى الخكؼ مف ربو ‪،‬كايقاظ ضميره فيبتعد عف الفكاحش كالخبائث حيف يعمـ أف كل‬
‫شر فشر‬
‫شيء محسكب عميو كمسجل في صحائف أعمالو‪،‬كسكؼ يمقى جزاء فعمو إف خي اًر فخير ‪،‬كاف ِّا‬
‫‪،‬فيقكػ لديو الشعكر بالمسئكلية كالخكؼ مف الحساب كالعقاب‪.‬‬
‫إف المؤمف إذا أصاب الذنب أصابو اليـ كالنكد‪ ،‬كأف جببلً قد كضع عمى ظيره‪ ،‬فبل يزاؿ يعاني كيتألـ‬
‫مف جراء ىذا الذنب حتى يغفره هللا لو‪ ،‬أما المنافق فيصيب الذنب العظيـ فبل يراه إال كالذبابة تحط عمى‬
‫أنفو مف ىكاف معصية هللا عميو‪.‬‬
‫خكؼ صاحبو مف الذنب ‪،‬كمف عبلمات مكتو تساىمو في الذنب؛ فإذا كاف‬ ‫ُ‬ ‫فمف دالئل حياة الضمير‬
‫دؿ ذلؾ عمى صبلح قمبو كحياة ضميره‪ ،‬كأما إذا كاف‬
‫اإلنساف عند إصابتو ألؼ ذنب يتألـ كيتأكه كيتندـ ّ‬
‫عمى خبلؼ ذلؾ كالعياذ با﵀ فإنو ال يحس بأثر ذلؾ الذنب‪ ،‬كيراه يسي اًر ىيناً‪.‬‬

‫ٔ‪-‬‬
‫البييقي في شعب اإليماف‪،‬الحادؼ عشر مف شعب اإليماف كىك الخكؼ مف هللا تعالى[ٕ‪/ٕٙ٘/‬حٖ٘‪،]ٛ‬أبك إسحاؽ‪ :‬قاؿ‬
‫الذىبي‪:‬اإلماـ المحدث القدكة شيخ بمده كمحدثو‪،‬كقاؿ الخطيب البغدادؼ‪ :‬كاف ثقة‪ ،‬ثبتاً‪ ،‬مكث اًر[سيرأعبلـ النببلء ٖٔ‪-ٜٕٔ /‬‬
‫ٖ‪،]ٜٔ‬أحمد بف خالد‪،‬دمحم بف عبدة‪:‬لـ أقف عمى ترجمتيما فيما تيسر لي مف مصادر‪،‬عبد هللا بف عبد الكىاب‬
‫الحجبي‪:‬ثقة[تقريب‪،]ٖٕٔ/‬عبد هللا بف شبيب‪:‬أبك المظفر عبد هللا بف شبيب الضبي‪،‬مقرغ أصبياف كخطيبيا ككاعظيا‬
‫ّ‬
‫كشيخيا كزاىدىا[العبر في خبر مف غبر لمذىبيٕ‪،ٕٜٛ/‬حققو أبك ىاجر دمحم السعيد بف بسيكني زغمكؿ‪،‬دار الكتب العممية‬
‫‪،‬بيركت ‪،‬لبناف]‪،‬العتبي‪:‬لـ أميزه‪ ،‬أتكقف في الحكـ عمى الحديث لكجكد مف لـ أقف لو عمى ترجمة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َعَم ُم ُو ِإ َّال‬ ‫ِ‬ ‫كقد ركػ اإلماـ أحمد قاؿ‪َ :‬حَّدثََنا أ ََن ُس ْب ُف ِع َي ٍ‬
‫َع ْف َس ْيل ْب ِف َس ْعد َق َ‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫اض ‪َ ،‬حَّدثَني أَُبك َح ِازٍـ‪َ ،‬ال أ ْ‬
‫اء َذا ِب ُع ٍ‬ ‫وب َكَق ْو ٍـ َن َزُلوا ِفي َب ْط ِف‬ ‫ات ُّ‬
‫الذُن ِ‬ ‫اكـ ومحَّقر ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫َقاؿ رسكؿ َّ ِ‬
‫اء‬
‫ود َو َج َ‬ ‫َو ٍاد َف َج َ‬ ‫َّللاُ َعَم ْيو َك َسم َـ‪ِ ":‬إَّي ُ ْ َ ُ َ َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وب َم َتى ُي ْؤ َخ ْذ ِب َيا َصاحُب َيا ُت ْيم ْك ُو" ‪.‬‬
‫ٔ‬
‫الذُن ِ‬ ‫ِ‬
‫ود؛ َح َّتى أَْن َض ُجوا ُخب َزَتيـ‪ ،‬واِ َّف م َحَّقرات ُّ‬ ‫َذا ِب ُع ٍ‬
‫ْ ُْ َ ُ َ‬
‫َعُيِن ُك ْـ ِم ْف َّ‬
‫الش َع ِر‬ ‫كركػ البخارؼ مف حديث أنس رضي هللا عنو قاؿ‪ِ":‬إَّن ُكـ َل َتعمُمو َف أَعم ًاال ِىي أ ََد ُّ ِ‬
‫ؽ في أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َْ‬
‫ات‪َ ،‬قاؿ أَبو عبد َّ ِ‬
‫َّللا‪َ:‬ي ْعِني ِب َذلِ َؾ‬ ‫َّللا عَمي ِو وسَّمـ ِمف اْلمو ِبَق ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫َ ُ َْ‬ ‫إ ْف ُكنا َلَن ُعُّد َىا َعَمى َع ْيد النب ِّي َصمى َّ ُ َ ْ َ َ َ ْ ُ‬
‫ِ ِ ٕ‬
‫اْل ُم ْيم َكات"‬
‫عف أنس رضي هللا عنو (قاؿ)‪ :‬مخاطباً لممتساىميف في األعماؿ (إنكـ لتعممكف أعماالً) تستيكنكنيا لعدـ‬
‫(أدؽ في أعينكـ مف الشعر) استخفافاً بيا (كنا نعدىا) لكماؿ‬ ‫ِ‬
‫المعص ّي بيا (ىي) لذلؾ ّ‬ ‫نظركـ إلى عظـ ْ‬
‫الخشية الناشئة عف كماؿ المعرفة الحاصمة بحمكؿ نظر النبي (عمى عيد) زمف (رسكؿ هللا ػ ملسو هيلع هللا ىلص ػ مف‬
‫ّ‬
‫ٖ‬
‫المكبقات)‬
‫اؽ‪َ ،‬ع ْف‬ ‫ِ‬
‫ط ِر ْب ِف َخم َيف َة‪َ ،‬ع ْف أَِبي ِإ ْس َح َ‬ ‫ص ٍر‪َ ،‬ع ْف َع ْبِد هللاِ ْب ِف اْل ُم َب َارِؾ‪َ ،‬ع ْف ِف ْ‬ ‫ِ‬
‫ركػ النسائي َع ْف ُس َكْيد ْب ِف َن ْ‬
‫َف َتَق َع َعَمْي ِو‪َ ،‬واِ َّف‬ ‫وب ُو‪َ ،‬كأََّن ُو َت ْح َت َص ْخَرٍة‪َ ،‬ي َخ ُ‬
‫اؼ أ ْ‬ ‫ِ‬
‫اؿ‪ِ" :‬إ َّف اْل ُم ْؤ ِم َف لَيَرى ُذُن َ‬
‫ِ ِ‬
‫ص‪َ ،‬ع ْف َع ْبد هللا‪َ ،‬ق َ‬ ‫َحك ِ‬
‫أَبي ْاأل ْ َ‬
‫ِ‬
‫ِِ ٗ‬ ‫ِ ِ‬
‫اب َمَّر َعَمى أَْنفو"‬ ‫اْل َكافَر لَيَرى َذْنَب ُو‪َ ،‬كأََّن ُو ُذَب ٌ‬
‫قاؿ بعض الصالحيف‪" :‬ابف آدـ إف كنت حيث ركبت المعصية لـ تصف لؾ مف عيني ناظرة إليؾ‪ ،‬فمما‬
‫خمكت با﵀ كحده صنعت ﵀ معصيتو كلـ تستح منو حياءؾ مف بعض خمقو‪ ،‬ما أنت إال أحد رجميف‪ :‬إف‬
‫كنت ظننت أنو ال يراؾ فقد كفرت‪ ،‬كاف كنت عممت أنو يراؾ فمـ يمنعؾ منو ما منعؾ مف أضعف خمقو‬
‫لقد اجترأت"٘‪.‬‬

‫ٔ ‪-‬‬
‫أحمد[٘‪/ٖٖٔ/‬حٓ‪،]ٕٕٛٙ‬أنس بف عياض‪:‬ثقة[تقريب‪،]ٔٔ٘/‬أبك حازـ‪ ،‬سممة بف دينار‪ :‬ثقة [تقريب‪ ،]ٕٗٚ/‬فالحديث‬
‫صحيح بيذا اإلسناد‪،‬كأخرجو الطبراني في المعجـ الكبير [‪/ٔٙ٘/ٙ‬حٕ‪،.]٘ٛٛ‬سيل بف سعد‪ :‬بف مالؾ ابف خالد بف‬
‫ثعمبة بف حارثة بف عمرك بف الخزرج بف ساعدة األنصارؼ الساعدؼ ‪،‬مف مشاىير الصحابة‪ ،‬يقاؿ‪ :‬كاف اسمو حزنا‪،‬‬
‫فغيره النبي ‪‬؛ حكاه ابف حباف‪ ،‬كركػ عف النبي ‪ ،‬كعف أبي كعاصـ بف عدؼ‪ ،‬كعمرك ابف عبسة ‪ ،‬ركػ عنو ابنو‬
‫العباس ‪،‬كأبك حازـ ‪،‬كالزىرؼ كآخركف ‪،‬قاؿ الزىرؼ‪ :‬مات النبي ‪ ‬كىك ابف خمس عشرة سنة ‪،‬كىك آخر مف مات‬
‫بالمدينة مف الصحابة‪ ،‬مات سنة إحدػ كتسعيف[اإلصابةٖ‪]ٕٓٓ/‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫البخارؼ كالمفع لو‪،‬كتاب الرقاؽ ‪،‬باب ما يتقى مف محقرات الذنكب [٘‪/ٕٖٛٔ/‬ح‪ ،]ٕٙٔٚ‬كأحمد [ٖ‪/ٔ٘ٚ/‬حٕ٘‪.]ٕٔٙ‬‬
‫دليل الفالحيف لطرؽ رياض الصالحيف ٔ‪.ٕٜٓ/‬‬ ‫ٖ‪-‬‬

‫ٗ ‪-‬‬
‫النسائي في سننو الكبرػ‪،‬كتاب المكاعع[ٓٔ‪/ٖٗٓ/‬ح ‪،]ٔٔٛٗٙ‬سكيد‪:‬ثقة[تقريب‪،]ٕٙٓ/‬عبد هللا ‪ :‬ثقة ثبت فقيو عالـ‬
‫جكاد مجاىد جمعت فيو خصاؿ الخير [تقريب‪ ،]ٖٕٓ/‬فطر‪ :‬صدكؽ [تقريب‪،]ٗٗٛ/‬أبك إسحاؽ‪ ،‬عمرك بف عبد هللا‬
‫السبيعي‪ :‬ثقة مكثر عابد مف الثالثة اختمط بآخره[تقريب‪،]ٕٖٗ/‬أبك األحكص الجشمي‪،‬عكؼ بف مالؾ‪:‬‬
‫ثقة[تقريب‪،]ٖٖٗ/‬عبد هللا‪ ،‬ىك ابف مسعكد‪.‬فالحديث صحيح بيذا اإلسناد‪.‬‬
‫٘‪-‬‬
‫جامع العمكـ كالحكـ ٔ‪.ٕٔٙ/‬‬

‫‪34‬‬
‫قاؿ رجل لدمحم بف النضر الحارثي‪ :‬أيف أعبد هللا؟ قاؿ‪" :‬أصمح سريرتؾ كاعبده حيث شئت"ٔ‪.‬‬
‫كسى رضي هللا عنو‪َ ،‬ع ِف الَّنِب ِى صمى‬ ‫ِ‬
‫٘‪ -‬الرفقة‪:‬فالمرء عمى ديف خميمو‪،‬ركػ الشيخاف مف حديث أَبى ُم َ‬
‫ّ‬
‫ير؛ َفح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصالِ ِح َواْل َجمِ ِ‬ ‫اؿ ‪ِ" :‬إَّنما م َث ُل اْل َجمِ ِ‬
‫ام ُل‬ ‫الس ْوِء َك َحام ِل اْلم ْسؾ َوَناف ِخ اْلك ِ َ‬ ‫يس َّ‬ ‫يس َّ‬ ‫َ َ‬ ‫هللا عميو كسمـ َق َ‬
‫اف ُخ اْل ِك ِ‬
‫طِيب ًة‪،‬وَن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ؽ‬‫َف ُي ْح ِر َ‬ ‫ير ِإ َّما أ ْ‬ ‫يحا َّ َ َ‬ ‫َف َت ِج َد مْن ُو ِر ً‬ ‫اع ِمْن ُو‪َ ،‬واِ َّما أ ْ‬
‫َف َتْب َت َ‬
‫َف ُي ْحذَي َؾ‪َ ،‬واِ َّما أ ْ‬‫اْل ِم ْس ِؾ ِإ َّما أ ْ‬
‫َّللاِ ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ -‬قاؿ‪َ " :‬ك ِ‬ ‫يحا َخ ِبي َث ًة "ٕ‪،.‬كمف حديث أَِبى َس ِع ٍيد اْل ُخ ْد ِرِّػ أ َّ‬ ‫ِ‬
‫اف‬‫يم ْف َك َ‬ ‫اف ف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َف َنِب َّى َّ‬ ‫َف َت ِج َد ِر ً‬‫ثَي َاب َؾ‪َ ،‬واِ َّما أ ْ‬
‫ِ‬ ‫َى ِل األَْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اؿ‪ِ :‬إَّن ُو َق َت َل‬‫اه ‪َ ،‬فَق َ‬
‫ض َفُد َّؿ َعَمى َراى ٍب ‪َ ،‬فأ ََت ُ‬ ‫َعَمـِ أ ْ‬ ‫َؿ َع ْف أ ْ‬ ‫يف َن ْف ًسا‪َ ،‬ف َسأ َ‬‫َقْبَم ُك ْـ َر ُج ٌل َق َت َل ت ْس َع ًة َوِت ْسع َ‬
‫َى ِل األَْر ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫َعَم ِـ أ ْ‬
‫َؿ َع ْف أ ْ‬ ‫اؿ‪ :‬الَ‪َ ،‬فَقَتَم ُو َف َك َّم َل بو م َائ ًة‪ُ ،‬ث َّـ َسأ َ‬ ‫يف َن ْف ًسا َف َي ْل َل ُو م َف َت ْوَب ٍة؟ َفَق َ‬‫ت ْس َع ًة َوِت ْسع َ‬
‫ِ‬ ‫اؿ‪ِ :‬إَّن ُو َق َت َل ِم َائ َة َن ْف ٍ‬ ‫ِ‬
‫وؿ َبْيَن ُو َوَبْي َف‬ ‫اؿ‪َ :‬ن َع ْـ‪َ ،‬و َم ْف َي ُح ُ‬ ‫س َف َي ْل َل ُو م ْف َت ْوَب ٍة؟ َفَق َ‬ ‫َفُد َّؿ َعَمى َر ُج ٍل َعال ٍـ‪َ ،‬فَق َ‬
‫َّللا َم َع ُي ْـ‪َ ،‬والَ َتْرِج ْع ِإَلى أَْر ِض َؾ َفِإَّن َيا‬ ‫َّللا َف ِ‬
‫اعُبد َّ َ‬ ‫اسا َي ْعُبُدو َف َّ َ ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫ض َك َذا َوَك َذا َفإ َّف ب َيا أَُن ً‬‫طمِ ْق ِإَلى أَْر ِ‬ ‫الت ْوَب ِة‪ ،‬اْن َ‬
‫َّ‬
‫ض َس ْوٍء‪...‬الحديث"ٖ‪ .‬فدلو عمى البيئة الصالحة التي تعينو عمى الخيرٗ‪.‬‬
‫أَْر ُ‬

‫ٔ‪-‬‬
‫حمية األكلياء ‪.ٖٗ٘/ٛ‬‬
‫ٕ ‪-‬‬
‫البخارؼ‪،‬كتاب الذبائح كالصيد‪،‬باب المسؾ[٘‪/ٕٔٓٗ/‬ح ٕٗٔ٘]‪،‬مسمـ‪ ،‬كالمفع ليما‪،‬كتاب البر كالصمة كاآلداب‪ ،‬باب‬
‫استحباب مجالسة الصالحيف كمجانبة قرناء السكء[‪/ٖٚ/ٛ‬ح ٓ‪.]ٙٛٙ‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫مسمـ‪،‬كالمفع لو‪،‬كتاب التكبة‪،‬باب قبكؿ تكبة القاتل كاف كثر قتمو [‪/ٖٔٓ/ٛ‬حٍٗ‪ ،]ٚٔٛ‬كالبخارؼ‪ ،‬كتاب األنبياء‪ ،‬باب (‬
‫أـ حسبت أف أصحاب الكيف كالرقيـ ) الكيف‪/ٕٔٛٓ/ٖ[ ٜ‬حٖ‪.]ٖٕٛ‬‬
‫ٗ ‪-‬‬
‫فتكػ لد‪.‬عبد هللا الفقيو‪ ،‬فتاكػ الشبكة اإلسبلمية‪،‬رقـ الفتكػ ٖ‪ ٕٔٓٙ‬تدافع عكامل الخير كالشر في النفس البشرية‪...‬‬
‫األسباب كالعبلج‪ ،‬تاريخ الفتكػ ‪ ٕٗ :‬جمادػ الثانية ٕٕٗٔىػ ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫تربية الضمير عند الطفل‬
‫أوالً‪:‬تربية الضمير منذ الطفولة‪:‬‬
‫كل موُلوٍد يوَلُد عَمى ِ‬
‫الف ْطَرِة"ٔ قاؿ األلكسي‪ ":‬المراد بفطرىـ‬ ‫َ‬ ‫يكلد اإلنساف كلديو فطرة نقية صافية‪ ،‬قاؿ ‪ُ ْ َ ُّ " :‬‬
‫عمى ديف اإلسبلـ خمقيـ قابميف لو غير نابيف عنو‪ ،‬كال منكريف لو‪ ،‬لككنو مجاكباً لمعقل مساكقاً لمنظر‬
‫الصحيح؛ حتى لك تُ ِرككا لما اختاركا عميو ديناً آخر"ٕ ‪،‬فمو رؤية كبصيرة كقكة إدراكية مكدعة فيو تدفعو إلى‬
‫الحق ‪ ،‬قاؿ تعالى‪:‬‬
‫الن ْج َدْي ِف ﴾[ البمد‪.]ٔٓ/‬‬
‫اه َّ‬
‫﴿ َو َى َدْيَن ُ‬
‫بل إنو يدرؾ بفطرتو أف ليذا العالـ رباً خالقاً‪،‬كضمير الطفل يككف أكثر مركنة مف ضمير الكبير فيك‬
‫يتأثر بسمكؾ مف حكلو مف كالديو كمربيو‪،‬فالمربي تقع عميو ميمة المحافظة عمى سبلمة ضمير الطفل كما‬
‫أنو مسئكؿ عنو إذا انحرؼ؛ ركػ الشيخاف مف حديث أبي ىريرة رضي هللا عنو قاؿ‪:‬قاؿ ‪َ " :‬فأََب َو ُ‬
‫اه‬
‫ُي َي ِّوَد ِان ِو أ َْو ُيَن ِّصَرِان ِو أ َْو ُي َم ِّج َس ِان ِو "ٖ ‪،‬فالطفل مرتبط بكالديو كمربيو‪ ،‬فضميره قابل لمبناء ‪،‬كما أنو قابل‬
‫لمتمكث كاليدـ‪ ،‬كما أكثر مف ماتت ضمائرىـ بعد أف كانت حية ببعدىـ عف منيج هللا كانحرافيـ عف طريق‬
‫الخير كالصبلح‪ ،‬كبالعكس أيضاً مف كانت ضمائرىـ في سبات كغفمة ثـ استيقظت حيف المس اإليماف‬
‫شغاؼ قمكبيـ كتأثرت بنصائح الدعاة كالمخمصيف‪.‬‬
‫فتربية الضمير ال تتطمب سناً أك كقتاً؛ بل ىي ممكنة في كل األعمار ‪،‬فيقظة الضمير أك غفمتو ما ىي‬
‫إيجابا‪.‬‬
‫ً‬ ‫إال نتاج ألحداث مختمفة كعكامل تؤثر عمى الضمير سمباً أك‬
‫ثانياً‪:‬المبادئ واألصوؿ التي يجب مراعاتيا في سبيل تربية الضمير عند الطفل‪.‬‬
‫ٔػ التعميـ و االستفادة مف القصص‪:‬‬
‫ىنالؾ الكثير مف القصص المفيدة ذات المغزػ العميق‪ ،‬كسردىا لؤلطفاؿ يفيد في تكجيييـ نحك الخير‬
‫كالفضائل‪ ،‬كبإمكاننا تربية ضمير الطفل بالصكرة المطمكبة عف طريق ذكر القصص المعبرة كتنمية‬
‫ضميره عمى المبادغ الفكرية‪ ،‬كيجب اختيار البطل المثالي في القصة التي يجسد لمطفل بكضكح مفاىيـ‬
‫الخير كالشر كالجماؿ كالقبح ليميز مف خبللو بيف طريق النجاة كطريق اليبلؾ‪.‬‬
‫أحيانا أداة جيدة لدفع الطفل إلى إصدار األحكاـ كبياف‬
‫ً‬ ‫ٕػ االستفادة مف المعب‪ :‬حيث تمثل األلعاب‬
‫تؤمف إيقاظ ضمير الطفل‬
‫كجية نظره في كل ما ىك صالح أك طالح‪ ،‬كليذا يجب اختيار األلعاب التي ّ‬
‫كتكجييو إلى أقكـ السبل‪ ،‬كاستثمار كل لعبة إلثارة مشاعره النفسية ‪،‬كتعميمو كل ما ىك جميل ككل ما ىك‬

‫ٔ‪-‬‬
‫حديث صحيح‪،‬متفق عميو‪،‬سبق تخريجو‪،‬ص ٖٔ‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫ركح المعانئٕ‪ٗٓ/‬دار إحياء التراث العربي – بيركت‪.‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫حديث متفق عميو‪ ،‬سبق تخريجو‪،‬صٖٔ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫قبيح ‪،‬كلفت نظره إلى كل عمل فاضل كالى كل صفة رذيمة‪ ،‬كما ىك المكقف الذؼ يجب عميو اتخاذه في‬
‫مختمف األحكاؿ كالظركؼ‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬تعويد الطفل عمى المراقبة‪:‬‬
‫تعكيد الطفل مف صغره عمى مراقبة الضمير كيقظتو أسمكب فعاؿ في ترسيخ العقيدة في نفكس الصغار‪،‬‬
‫كقد استعممو رسكؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ ،‬فنراه ينتيز فرصة رككب عبد هللا بف عباس خمفو ليغرس في قمبو مراقبة هللا‪،‬‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫اؿ‪َ :‬حَّدثََنا َل ْي ُث ْب ُف َس ْعد َق َ‬
‫ِ‬
‫الكلِيد َق َ‬ ‫َخ َب َرَنا أَُبك َ‬
‫اؿ‪ :‬أ ْ‬ ‫َّللاِ ْب ُف َع ْبِد َّ‬
‫الر ْح َم ِف َق َ‬ ‫ركػ الترمذؼ قاؿ‪َ :‬حَّدثََنا َع ْبُد َّ‬
‫َّللاِ‬ ‫َّاس‪َ ،‬قاؿ‪ُ :‬ك ْن ُت َخْمف رس ِ‬ ‫ش َّ ِ‬ ‫اج‪ ،‬المع َنى ك ِ‬ ‫ِ‬
‫كؿ َّ‬ ‫َ َُ‬ ‫الص ْن َعان ِّي‪َ ،‬ع ْف ْاب ِف َعب ٍ َ‬ ‫احٌد‪َ ،‬ع ْف َح َن ٍ‬
‫الح َّج ِ َ ْ َ‬ ‫َحَّدثَني َق ْي ُس ْب ُف َ‬
‫َّللا َت ِج ْد ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُعّمِ ُم َؾ َكمِ َم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬
‫اح َفظ َّ َ‬
‫َّللا َي ْح َف ْظ َؾ‪ْ ،‬‬
‫اح َفظ َّ َ‬ ‫ات‪ْ ،‬‬ ‫اؿ‪َ":‬يا ُغ َال ُـ ِإّني أ َ‬ ‫َّللاُ َعَم ْيو َك َسم َـ َي ْك ًما‪َ ،‬فَق َ‬ ‫َ‬
‫وؾ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس َتع ْف ِب َّ‬ ‫اى َؾ‪ِ،‬إ َذا سأَْل َت َف ِ‬
‫َف َيْن َف ُع َ‬‫اج َت َم َع ْت َعَمى أ ْ‬
‫ُم َة َل ْو ْ‬
‫َف األ َّ‬‫اعَم ْـ أ َّ‬
‫اّلِل‪َ ،‬و ْ‬ ‫اس َت َعْن َت َف ْ‬
‫َّللا‪َ ،‬واِ َذا ْ‬
‫اسأَؿ َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُت َج َ‬
‫وؾ ِإَّال ِب َشي ٍء‬ ‫وؾ ِب َش ْي ٍء َل ْـ َي ُضُّر َ‬
‫َف َي ُضُّر َ‬ ‫اج َت َم ُعوا َعَمى أ ْ‬ ‫َّللا َل َؾ‪َ ،‬وَل ْو ْ‬ ‫ِب َشي ٍء َلـ َيْن َف ُع َ َِّ ِ‬
‫وؾ إال ب َش ْي ٍء َق ْد َك َتَب ُو َّ ُ‬ ‫ْ ْ‬
‫ْ‬
‫َّللا َعَمْي َؾ‪ُ ،‬رِف َع ِت األَ ْق َال ُـ َو َج َّف ْت ُّ‬
‫ٔ‬
‫ف"‬‫الص ُح ُ‬ ‫َق ْد َك َتَب ُو َّ ُ‬
‫ىذا الحديث أصل عظيـ في مراقبة هللا‪ ،‬ومراعاة حقوقو‪ ،‬والتفويض ألمره‪ ،‬والتوكل عميو‪ ،‬وشيود‬
‫تفرده‪ ،‬وعجز الخالئق َّ‬
‫كميـ وافتقارىـ إليو"ٕ‪.‬‬ ‫توحيده و ُّ‬
‫"كخبلصة القكؿ أف مسئكلية التربية اإليمانية لدػ المربيف كاآلباء كاألميات مسئكلية ىامة كخطيرة‪،‬لككنيا‬
‫منبع الفضائل كمبعث الكماالت‪،‬بل ىي الركيزة األساسية لدخكؿ الكلد في حظيرة اإليماف‪،‬كبدكف ىذه‬
‫التربية ال ينيض الكلد بمسئكلية‪ ،‬كال يتصف بأمانة‪ ،‬كال يعرؼ غاية‪،‬كال يتحقق بمعنى اإلنسانية‬
‫الفاضمة‪،‬كال يعمل لمثل أعمى كال ىدؼ نبيل‪،‬بل يعيش عيشة البيائـ ليس لو ىـ سكػ أف يسد‬
‫جكعتو‪،‬كيشبع غريزتو‪،‬كينطمق كراء الشيكات كالممذات‪،‬كيصاحب األشقياء كالمجرميف‪ ،‬فعمى األب أك‬
‫المربي أف ال يترؾ فرصة سانحة تمر إال كقد زكد الكالديف بالبراىيف التي تثبت اإليماف كبالصفات التي‬
‫ٖ‬
‫تقكؼ جانب العقيدة"‬
‫ٗػ طرح القدوة‪:‬فبل شؾ أف القدكة الصالحة خير معيف عمى تربية الضمير‪ ،‬كىذه حكمة مف إرساؿ‬
‫الرسل ليقتدػ بيـ في تحقيق ىذا الغرض‪.‬‬

‫يح‪،‬عبد هللا ابف‬ ‫يث حس ٌف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٔ‪-‬‬


‫صح ٌ‬‫الترمذؼ ‪،‬أبكاب صفة القيامة كالكرع‪ ،‬باب ‪/ٕٗٛ/ٗ[،ٜ٘‬ح‪ ، ]ٕ٘ٔٙ‬كقاؿ‪َ :‬ى َذا َحد ٌ َ َ َ‬
‫عبد الرحمف بف بيراـ السمرقندؼ‪:‬ثقة فاضل متقف[تقريب‪،]ٖٔٔ/‬أبك الكليد ىشاـ بف عبد الممؾ الطيالسي‪:‬ثقة ثبت‬
‫[تقريب‪،]ٖ٘ٚ/‬ليث‪:‬ثقة‪،‬ثبت‪،‬فقيو‪،‬إماـ‪،‬مشيكر[تقريب‪،]ٗٙٗ/‬قيس‪:‬صدكؽ[تقريب‪،]ٗ٘ٙ/‬حنش‪:‬ثقة[تقريب ‪]ٖٔٛ/‬‬
‫فالحديث حسف بيذا اإلسناد‪،‬كأخرجو أحمد [ٔ‪/ٕٜٖ/‬ح‪، ]ٕٜٙٙ‬ك أبك يعمى[ٗ‪/ٖٗٓ/‬ح‪.]ٕ٘٘ٙ‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫تطريز رياض الصالحيف لفيصل بف عبد العزيز بف فيصل ابف حمد المبارؾ الحريممي النجدؼ‪،‬صٔ‪،ٙ‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد‬
‫العزيز بف عبد هللا بف إبراىيـ الزير آؿ حمد‪،‬ط األكلى‪ ٕٖٔٗ ،‬ىػ ‪ ٕٕٓٓ -‬ـ ‪،‬دار العاصمة لمنشر كالتكزيع‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫تربية األكالد في اإلسبلـ ٔ‪.ٔٚٚ/‬‬

‫‪33‬‬
‫٘ػ التربية األخالقية بالحب‪ ،‬واالستفادة مف أسموب الوعظ والتشجيع‪:‬‬
‫فاألطفاؿ بحاجة إلى النصح مرات عديدة إلى أف تتككف لدييـ الممكة الكافية ‪،‬فتصبح السجايا الحميدة‬
‫عادة مغركسة فييـ‪،‬كىك ما يؤدؼ بنتيجة إلى أف تطبع ضمائرىـ بنفس تمؾ الصفة‪.‬‬
‫التربية الخمقية ىي مجمكعة المبادؼء الخمقية ‪،‬كالفضائل السمككية كالكجدانية التي يجب أف يتمقنيا الطفل‬
‫كيكسبيا‪،‬كيعتاد عمييا منذ تمييزه كتعقمو إلى أف يصبح مكمفاً‪،‬إلى أف يتدرج شاباً‪ ،‬إلى أف يخكض خضـ‬
‫ٔ‬
‫الحياة"‬
‫يقكؿ الغزالي_ رحمو هللا_ عف كيفية غرس المبادغ كتنميتيا عند الطفل‪ ":‬حتى إف الصبي المخمى كطبعو‬
‫إذ أردنا أف نحبب إليو غائباً أك حاض اًر حياً أك ميتاً لـ يكف لنا سبيل إال باإلطناب في كصفو بالشجاعة‬
‫كالكرـ كالعمـ كسائر الخصاؿ الحميدة‪ ،‬فميما اعتقد ذلؾ لـ يتمالؾ في نفسو كلـ يقدر أف ال يحبو"ٕ ‪.‬‬
‫فبل نبخل عمييـ بالمدح كالدعاء عند القياـ بعمل صالح ليككف ذلؾ تشجيعا ليـ عمى اإلكثار منو‪،‬‬
‫كنعالجيـ بالنصح كالمكعظة عند بركز أؼ خطأ في سمككيـ‪ ،‬ليردعيـ عف تك ارره‪ ،‬كليذا التصرؼ أثره‬
‫البالغ في نفسية الطفل ألف مف طبيعة األطفاؿ التأثر بالكعع كاإلرشاد كالتكجيو‪ ،‬فنحف عندما نشجع طفبل‬
‫عمى العمل الصحيح الذؼ يقكـ بو‪ ،‬إنما نفيمو في الحقيقة بأف ضميره لـ يحد عف جادة الصكاب‪ ،‬كمف‬
‫الطبيعي أف ىذا التشجيع يحثو عمى مكاصمة القياـ بمثل ذلؾ العمل‪،.‬قاؿ أبك العبلء المعرؼ‪:‬‬
‫كاف َع ّكَدهُ ُأبكه‬ ‫ِ ِ‬
‫الفتياف‪ ،‬م ّف عمى ما َ‬ ‫ناشىء‬
‫ُ‬ ‫كينشأُ‬
‫َ‬
‫ٖ‬
‫أقرُبكه‬ ‫ِ‬
‫كلكف ُي َعّم ُم ُو التَّدّي َف َ‬
‫داف الفتى بح ًجى‪ْ ،‬‬
‫كما َ‬

‫ٔ ‪ -‬المرجع السابق ٔ‪.ٔٚٚ/‬‬


‫ٕ‪-‬‬
‫إحياء عمكـ الديف ٗ‪.ٖٓٓ/‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫المزكميات ألبي العبلء المعرؼٗ‪،ٖٗٔ/‬تحقيق‪:‬أميف عبد العزيز الخانجي‪،‬مكتبة الخانجي القاىرة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫دور األ نبياء والمصمحيف في إصالح الضمير‬
‫دور األنبياء في تنمية الضمير‪:‬‬
‫إف كظيفة األنبياء األكلى ىي تنمية الضمير الديني عند البشر‪ ،‬كسيمتيـ في ذلؾ التبشير كاإلنذار قاؿ‬
‫َّللا ع ِز ًا ِ‬ ‫اس عَمى َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪ ﴿ :‬رس ًال مب ِّش ِريف ومْن ِذ ِر ِ‬
‫يما ﴾‬
‫يز َحك ً‬ ‫الر ُس ِل َوَك َ‬
‫اف َّ ُ َ‬ ‫َّللا ُح َّج ٌة َب ْع َد ُّ‬ ‫يف لَئ َّال َي ُكو َف ل َّمن ِ َ‬
‫ُ ُ َُ َ َ ُ َ‬
‫[النساء‪ ،]ٔٙ٘:‬فاألنبياء جاءكا لي َذ ّكركا الناس بالحياة اآلخرة كيزيحكا عنيـ ما يحجب قمكبيـ كعقكليـ مف‬
‫غفمة كنسياف‪ ،‬كيعممكف عمى تزكية اإلنساف كتربيتو الخمقية ‪،‬كىذه العكامل كميا تعمل عمى تنمية الضمير‬
‫الديني كاألخبلقي لدػ اإلنساف أفراداً كجماعات‪.‬‬
‫فقد بعثيـ هللا إلى أناس ماتت ضمائرىـ كقست قمكبيـ فأحيا هللا بيـ القمكب كالبصائر‪،‬قاؿ تعالى‪﴿ :‬‬
‫ض بعد موِتيا َق ْد بَّيَّنا َل ُكـ اآلي ِ‬
‫ات َل َعَّم ُك ْـ َت ْع ِقُمو َف ﴾ [الحديد‪،]ٔٚ:‬قاؿ ابف كثير‪:‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َّللا ُي ْحِيي ْ‬
‫األر َ َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫َف َّ َ‬
‫اعَم ُموا أ َّ‬
‫ْ‬
‫ضمتيا‪ِّ ،‬‬
‫كيفرج الكركب بعد‬ ‫الح َيارػ بعد َ‬ ‫كييدؼ َ‬ ‫فيو إشارة إلى أنو‪ ،‬تعالى‪ ،‬يميف القمكب بعد قسكتيا‪َ ،‬‬
‫شدتيا‪ ،‬فكما يحيي األرض الميتة المجدبة اليامدة بالغيث اليتَّاف‪،‬كذلؾ ييدؼ القمكب القاسية ببراىيف القرآف‬
‫كالدالئل‪ ،‬كيكلج إلييا النكر بعد ما كانت مقفمة ال يصل إلييا الكاصل‪،‬فسبحاف اليادؼ لمف يشاء بعد‬
‫اإلضبلؿ‪،‬كالمضل لمف أراد بعد الكماؿ‪ ،‬الذؼ ىك لما يشاء فعاؿ‪ ،‬كىك الحكـ العدؿ في جميع‬
‫ٔ‬
‫الفعاؿ‪،‬المطيف الخبير الكبير المتعاؿ"‬
‫َف َى ِذ ِه ْاآلَي َة َّال ِتي ِفي اْلُقْر ِ‬
‫آف‬ ‫َّللاُ َع ْن ُي َما‪":‬أ َّ‬
‫ضي َّ‬ ‫اص ر ِ‬ ‫بف اْل َع ِ‬ ‫َّللاِ ْب ِف َع ْم ِرك ِ‬ ‫ركػ البخارؼ مف حديث َع ْبِد َّ‬
‫َ َ‬
‫الن ِبي ِإَّنا أَرسْمَناؾ َش ِ‬ ‫ير ) َقاؿ‪ِ :‬في َّ ِ‬ ‫اىًدا َو ُمَب ِّشًار َوَن ِذ ًا‬‫الن ِبي ِإَّنا أَرسْمَناؾ َش ِ‬
‫اىًدا‬ ‫َْ َ‬ ‫الت ْوَراة َيا أَُّي َيا َّ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫(يا أَُّي َيا َّ ُّ‬ ‫َ‬
‫ظ َوَال َغمِ ٍ‬ ‫س ِب َف ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يظ‪َ ،‬وَال َس َّخ ٍ‬
‫اب‬ ‫يف‪ ،‬أَْن َت َعْبدي َوَر ُسوِلي‪َ ،‬س َّمْي ُت َؾ اْل ُم َت َوّك َل ‪َ،‬لْي َ‬ ‫ُمِّي َ‬
‫َو ُمَب ّشًار َوحْرًاز ل ْْل ّ‬
‫َّللا َح َّتى ُي ِق ِ ِ ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫السِيَئ ِة ِ‬
‫اء‬
‫يـ بو اْلمم َة اْل َع ْو َج َ‬ ‫َ‬ ‫‪،‬وَل ْف َي ْقب َض ُو َّ ُ‬ ‫‪،‬وَلك ْف َي ْع ُفو َوَي ْص َف ُح َ‬ ‫السِّيَئ َة ِب َّ ّ َ‬ ‫‪،‬وَال َي ْد َف ُع َّ‬ ‫َس َو ِ‬
‫اؽ َ‬ ‫ِب ْاأل ْ‬
‫وبا ُغْم ًفا"ٕ قاؿ العيني رحمو هللا ‪( ":‬كال‬ ‫‪،‬وُقُم ً‬
‫َعُيًنا ُع ْمًيا‪َ ،‬وآ َذاًنا ُص ِّما َ‬ ‫َّللا؛ َفَي ْف َت َح ِب َيا أ ْ‬ ‫ِ َِّ‬ ‫ِبأ ْ‬
‫َف َيُقوُلوا َال إَل َو إال َّ ُ‬
‫سخاب في األسكاؽ) ‪ ،‬فالسخب مذمكـ في نفسو كال سيما إذا كاف في األسكاؽ‪ ،‬كىي مجمع الناس مف كل‬
‫جنس‪ ،‬كال يسخب فييا إال كل فاجر شرير‪ ،‬كلك لـ يكف السخب مذمكما مكركىا لما قاؿ هللا في التكراة في‬
‫حق سيد الخمق‪( :‬كال سخاب في األسكاؽ) كال كاف بسخاب في غير األسكاؽ‪،‬كفيو ذـ األسكاؽ كأىميا الذيف‬
‫يككنكف بيذه الصفة المذمكمة مف الصخب كالمغط‪ .‬كالزيادة في المدحة كالذـ لما يتبايعكنو‪ ،‬كاأليماف‬

‫ٔ ‪-‬‬
‫تفسير القرآف العظيـ البف كثير[‪]ٕٔ/ٛ‬تحقيق‪ :‬سامي بف دمحم سبلمة‪،‬ط الثانية ٕٓٗٔىػ ‪ ٜٜٜٔ-‬ـ‪،‬دار طيبة لمنشر‬
‫كالتكزيع‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫البخارؼ‪،‬كتاب التفسير‪،‬سكرة الفتح[ٗ‪/ٖٔٛٔ/‬ح‪،]ٗ٘٘ٛ‬كأحمد[ٕ‪/ٔٚٗ/‬ح ٕٕ‪.]ٙٙ‬‬

‫‪35‬‬
‫الحانثة‪،‬قكلو‪( :‬كال يدفع بالسيئة السيئة) أؼ‪ :‬ال يسيء إلى مف أساء إليو‪ ،‬عمى سبيل المجازاة المباحة ما‬
‫ٔ‬
‫لـ تنتيؾ حرمة هللا تعالى‪ ،‬لكف يأخذ بالفضل"‬
‫كقد ّبيف النبي ملسو هيلع هللا ىلص أف مقاييس الناس عند هللا جل كعبل صفاء القمكب كاخبلصيا‪ ،‬كمقاييس الناس عند‬
‫أراذؿ الناس كسفيائيـ الكجاىة كالسمطاف كالماؿ‪.‬‬
‫اؿ‪َ :‬ما َتُقوُلو َف ِفي‬ ‫ِ َّ‬ ‫وؿ َّ ِ َّ‬ ‫ركػ البخارؼ مف حديث سي ٍل َقاؿ‪ ":‬مَّر َر ُجل َعَمى َرس ِ‬
‫َّللا َعَمْيو َو َسم َـ‪َ ،‬فَق َ‬
‫َّللا َصمى َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫اؿ‪ُ :‬ث َّـ َس َك َت‪َ ،‬ف َمَّر َر ُج ٌل‬ ‫‪،‬واِ ْف َش َف َع أ ْ َّ‬ ‫ِي ِإ ْف َخ َ‬
‫َف ُي ْس َم َع‪َ ،‬ق َ‬
‫اؿ أ ْ‬
‫َف ُي َشف َع‪َ ،‬واِ ْف َق َ‬ ‫َف ُيْن َك َح َ‬
‫ط َب أ ْ‬ ‫َى َذا؟ َقاُلوا‪َ :‬حرّّ‬
‫َف َال‬ ‫َف َال ُيْن َك َح‪َ ،‬وِا ْف َش َف َع أ ْ‬
‫ط َب أ ْ‬ ‫ِي ِإ ْف َخ َ‬‫اؿ‪َ :‬ما َتُقوُلو َف ِفي َى َذا؟ َقاُلوا‪َ :‬حرّّ‬ ‫يف‪َ ،‬فَق َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫م ْف ُفَقَراء اْل ُم ْسمم َ‬
‫ِ‬
‫ض ِم ْث َل‬ ‫َّللا َعَمْي ِو َو َسَّمـ‪َ :‬ى َذا َخْيٌر ِم ْف ِم ْل ِء ْاألَْر ِ‬ ‫َف َال ُيسم َع‪َ ،‬فَقاؿ رسوؿ َّ ِ َّ‬
‫َّللا َصمى َّ ُ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫اؿ أ ْ‬ ‫َّ‬
‫ُي َشف َع‪َ ،‬واِ ْف َق َ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫ٕ‬
‫َى َذا"‬
‫قاؿ ليـ النبي ملسو هيلع هللا ىلص ذلؾ مصححاً ليـ ليصححكا لؤلمة أف مقاييس الناس كمكازينيـ كمعاييرىـ عند رب‬
‫الناس غير مقاييس الناس عند الناس‪.‬‬
‫كقد أمر هللا نبيو ملسو هيلع هللا ىلص أف يدعك الناس لتمحيص قمكبيـ‪ ،‬حتى مع األسرػ الذيف في أيدييـ فقاؿ‪ِ ﴿ :‬إ ْف َي ْعَمـِ‬
‫ُخ َذ ِمْن ُك ْـ﴾ [األنفاؿ‪.]ٚٓ:‬‬
‫َّللا ِفي ُقُمو ِب ُكـ َخي ار ي ْؤِت ُكـ َخي ار ِم َّما أ ِ‬
‫ْ ًْ ُ ْ ًْ‬ ‫َّ ُ‬
‫فميست المقاييس باألعماؿ كال بالمظاىر‪.‬‬

‫ٔ ‪-‬‬
‫عمدة القارؼ ٔٔ‪.ٕٖٗ/‬‬
‫‪-‬البخارؼ‪،‬كتاب النكاح‪،‬باب األكفاء في الديف[٘‪/ٜٔ٘ٛ/‬حٖٓ‪،]ٗٛ‬كالطبراني في المعجـ الكبير[‪/ٜٔٙ /ٙ‬حٖ‪.]ٜ٘ٛ‬‬ ‫ٕ‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫يقظة الضمير وأثرىا عمى الفرد والمجتمع‬
‫المبحث األوؿ‬
‫يقظة الضمير عند الصحابة‪ ،‬وعند التابعيف‬
‫يقظة الضمير عند الصحابة ‪: ‬‬
‫تميزت الحضارة اإلسبلمية عبر تاريخيا العريق بحياة الضمير كنكر البصيرة‪ ،‬كال زالت يقظة ضمير‬
‫أفرادىا تعد مضرب المثل في السمك كالرقي‪.‬‬
‫كال عجب فقد رباىـ النبي ‪ ‬عمى اإليماف الذؼ يغرس الكازع الديني كالبصيرة الحية النقية في نفكسيـ‬
‫فيكفيـ عف المعاصي كالشيكات كيبعدىـ عف المآثـ كالمحرمات‪ ،‬كيحيى في ضمائرىـ الندـ كالمكـ الذؼ‬
‫يؤنب النفس كيحاسبيا قبل أف يحاسبيا خالقيا العظيـ‪.‬‬
‫قاؿ تعالى‪ُّ ﴿ :‬مح َّمٌد َّرسوؿ َّ ِ ِ‬
‫َّدا َيْب َت ُغو َف‬ ‫يف َم َع ُو أ َِشدَّاء َعَمى اْل ُك َّف ِار ُر َح َماء َبْيَن ُي ْـ َتَر ُ‬
‫اى ْـ ُرَّك ًعا ُسجً‬ ‫َّللا َو َّالذ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫نج ِ‬
‫اإل ِ‬ ‫ود َذلِؾ م َثُميـ ِفي َّ ِ‬
‫اة َوم َثُم ُي ْـ ِفي ِْ‬ ‫الس ُج ِ‬ ‫اى ْـ ِفي ُو ُجو ِى ِيـ ِّم ْف أَ َث ِر ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َف ْض ًال ِمف َّ ِ‬
‫يل‬ ‫الت ْوَر َ‬ ‫َ َ ُْ‬ ‫َّللا َو ِر ْض َواًنا س َ‬
‫يم ُ‬ ‫َّ‬
‫ظ ِب ِيـ اْل ُك َّفار وعد َّ ِ‬
‫َّللا َّالذ َ‬
‫يف‬ ‫َ َ ََ ُ‬ ‫اع لَيغي َ ُ‬
‫الزَّر َ ِ ِ‬‫اس َت َوى َعَمى ُسوِق ِو ُي ْع ِج ُب ُّ‬ ‫ظ َف ْ‬ ‫اس َت ْغَم َ‬
‫آزَرُه َف ْ‬
‫َه َف َ‬
‫َخَر َج َش ْطأ ُ‬
‫َك َزْر ٍع أ ْ‬
‫يما﴾ [الفتح‪ ،]ٕٜ:‬أشداء عمى الكفار كفييـ آباؤىـ كاخكتيـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آمُنوا وع ِمُموا َّ ِ ِ ِ‬
‫َجًار َعظ ً‬ ‫الصال َحات مْن ُيـ َّم ْغفَرًة َوأ ْ‬ ‫َ ََ‬
‫كذكك قرابتيـ كصحابتيـ ‪ ،‬كلكنيـ قطعكا ىذه الكشائج جميعا‪ .‬رحماء بينيـ كىـ فقط إخكة ديف‪ .‬فيي الشدة‬
‫ّّلل كالرحمة ّّلل‪ .‬كىي الحمية لمعقيدة ‪ ،‬كالسماحة لمعقيدة‪ .‬فميس ليـ في أنفسيـ شي ء ‪ ،‬كال ألنفسيـ فييـ‬
‫شيء‪ .‬كىـ يقيمكف عكاطفيـ كمشاعرىـ ‪ ،‬كما يقيمكف سمككيـ كركابطيـ عمى أساس عقيدتيـ كحدىا‪.‬‬
‫يشتدكف عمى أعدائيـ فييا ‪ ،‬كيمينكف إلخكتيـ فييا‪ .‬قد تجردكا مف األنانية كمف اليكػ ‪ ،‬كمف االنفعاؿ‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫لغير ّ‬
‫ِإف ُمحمداً ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص –رسكؿ هللا حقا كصدقا ببل شؾ كال ريب‪،‬كاف أصحابو يتصفكف بالصفات الحسنة‪ ،‬فيـ‬
‫أشداء غبلظ القمكب عمى أعداء هللا‪ ،‬كىـ رحماء متكادكف بينيـ ‪ ،‬مخمصيف ﵀‪ ،‬ضمائرىـ يقظة‪،‬‬
‫كبصائرىـ كاعية‪،‬كأخبلقيـ راقية‪.‬‬
‫كقد بمغ مف كرعيـ كتأنيب ضميرىـ بعد المعصية أف ال ييدأ ليـ باؿ كال يرتاح ليـ قمب حتى يبادركف‬
‫بأنفسيـ إلى النبي ‪ ‬يطمبكف منو أف يطيرىـ بإقامة حد هللا فييـ حتى لك كاف ىذا الحد فيو خركج ركحيـ‬
‫عمى أف ترجع إلى ربيا طاىرة نقية‪ ،‬مف ذلؾ ما ركاه مسمـ مف حديث سميماف بف بريدة ‪،‬عف أَِب ِ‬
‫يو‬ ‫َُ ْ َ َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫الن ِب ِى ملسو هيلع هللا ىلص َفَقاؿ‪ :‬يا رسوؿ َّ ِ‬ ‫اع ُز ْب ُف مالِ ٍؾ ِإَلى َّ‬ ‫َقاؿ‪":‬جاء م ِ‬
‫َّللا َوُت ْب‬ ‫‪":‬وْي َح َؾ ْارِج ْع َف ْ‬
‫اس َت ْغف ِر َّ َ‬ ‫اؿ َ‬ ‫َّللا َ ِ‬
‫ط ِّيْرنى‪َ ،‬فَق َ‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ط ِيرِنى‪َ ،‬فَقاؿ رسوؿ َّ ِ‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ ":‬وْي َح َؾ ْارِج ْع‬ ‫يد ‪ُ ،‬ث َّـ جاء َفَقاؿ‪ :‬يا رسوؿ َّ ِ‬ ‫اؿ‪َ :‬فَر َج َع َغْيَر َب ِع ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َُ ُ‬ ‫َّللا َ ّ ْ‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫إَلْيو "‪َ .‬ق َ‬
‫الن ِب ُّى ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪-‬‬ ‫يد ‪ُ ،‬ث َّـ جاء َفَقاؿ‪ :‬يا رسوؿ َّ ِ‬
‫َّللا َ ِ‬ ‫اؿ‪َ :‬فَر َج َع َغْيَر َب ِع ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اؿ َّ‬ ‫ط ِّيْرنى‪َ ،‬فَق َ‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّللا َوُت ْب إَلْيو "‪َ ،‬ق َ‬‫اس َت ْغف ِر َّ َ‬
‫َف ْ‬
‫اؿ‪ِ :‬م َف ِّ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِبع ُة َقاؿ َلو رسوؿ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وؿ‬
‫َؿ َر ُس ُ‬ ‫الزَنى‪َ .‬ف َسأ َ‬ ‫ط ِّيُر َؾ "‪َ .‬فَق َ‬
‫يـ أُ َ‬‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪" :-‬ف َ‬ ‫َ َُُ ُ‬ ‫‪،‬ح َّتى ِإ َذا َكاَنت َّا َ‬ ‫م ْث َل َذل َؾ َ‬

‫‪37‬‬
‫اس َتْن َك َي ُو‪َ ،‬فَم ْـ َي ِج ْد‬ ‫اـ َر ُج ٌل َف ْ‬ ‫َش ِر َب َخ ْمًار "‪َ ،‬فَق َ‬ ‫اؿ‪ ":‬أ َ‬ ‫س ب َم ْجُنو ٍف‪َ ،‬فَق َ‬
‫ُخ ِبَر أََّن ُو َلْي َ ِ‬‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ " -‬أَ ِب ِو ُجُنو ٌف "‪َ .‬فأ ْ‬
‫َّ ِ‬
‫الناس ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمْنو ِريح َخم ٍر‪َ ،‬قاؿ‪َ :‬فَقاؿ رسوؿ َّ ِ‬
‫يو‬ ‫اف َّ ُ‬ ‫َمَر ِبو َفُرِج َـ ‪َ ،‬ف َك َ‬ ‫اؿ‪َ :‬ن َع ْـ‪َ ،.‬فأ َ‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ": -‬أ ََزَنْي َت؟ "‪َ .‬فَق َ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ْ‬
‫اع ٍز أََّن ُو‬ ‫ط ْت ِب ِو َخ ِط َيئ ُتو ‪،‬وَق ِائل يُقوؿ‪ :‬ما َتوب ٌة أَ ْف َضل ِمف َتوب ِة م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َْ َ‬ ‫ُ َ ٌ َ ُ َ َْ‬ ‫َحا َ‬
‫وؿ‪َ :‬لَق ْد َىَم َؾ ‪َ،‬لَق ْد أ َ‬ ‫فْرَق َتْي ِف ؛ َقائ ٌل َيُق ُ‬
‫اؿ ‪َ :‬فَم ِب ُثوا ِب َذلِ َؾ َي ْو َمْي ِف أ َْو َثالَ َثةً‪،‬‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫َجاء ِإَلى َّ ِ‬
‫اؿ‪ :‬ا ْقُتْمنى باْلح َج َارة ‪َ ،‬ق َ‬ ‫النب ِّى ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ -‬ف َو َض َع َي َد ُه فى َيده ُث َّـ َق َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُث َّـ جاء رسوؿ َّ ِ‬
‫اؿ‪َ :‬فَقاُلوا‪:‬‬ ‫اس َت ْغفُروا ل َماع ِز ْب ِف َمال ٍؾ "‪َ ،‬ق َ‬ ‫اؿ ‪ْ ":‬‬ ‫س َفَق َ‬ ‫وس َف َسم َـ ُث َّـ َجَم َ‬ ‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ -‬و ُى ْـ ُجُم ٌ‬ ‫َ َ َُ ُ‬
‫ُم ٍة َل َو ِس َع ْت ُي ْـ‬
‫اب َت ْوَب ًة َل ْو ُق ِس َم ْت َبْي َف أ َّ‬ ‫اع ِز ب ِف مالِ ٍؾ‪َ - .‬قاؿ ‪َ -‬فَقاؿ رسوؿ َّ ِ‬ ‫َّللا لِم ِ‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ " -‬لَق ْد َت َ‬ ‫ََُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َغ َفَر َّ ُ َ‬
‫اؿ‪َ ":‬وْي َح ِؾ‪ْ ،‬ارِج ِعى‬ ‫َّللا‪ِ َ ،‬‬ ‫ام ٍد ِمف األ َْزِد َفَقاَل ْت‪ :‬يا رسوؿ َّ ِ‬ ‫"‪َ ،‬قاؿ‪ُ :‬ث َّـ جاء ْتو ام أَر ٌة ِم ْف َغ ِ‬
‫ط ِّيْرنى‪َ ،‬فَق َ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اؿ ‪َ ":‬و َما َذاؾ"‪،‬‬ ‫َف ُتَرّد َدنى َك َما َرَّد ْد َت َماع َز ْب َف َمال ٍؾ‪َ ،‬ق َ‬ ‫اؾ ُت ِر ُيد أ ْ‬ ‫َّللا َوُتوبِى ِإَلْيو "‪َ ،‬فَقاَل ْت‪ :‬أََر َ‬ ‫اس َت ْغفرِى َّ َ‬ ‫َف ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َقاَل ْت‪ِ :‬إَّن َيا ُحْبَمى ِم َف ِّ‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫اؿ َل َيا‪َ ":‬ح َّتى َت َضعى َما فى َب ْطنؾ "‪َ ،‬ق َ‬ ‫اؿ ‪ ":‬آْنت ؟"‪َ ،‬قاَل ْت‪َ :‬ن َع ْـ‪َ ،‬فَق َ‬ ‫الزَنا‪َ ،‬فَق َ‬
‫اؿ‪ِ":‬إ ًذا الَ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َف َكَفَم َيا َر ُج ٌل ِم َف األَ ْن َص ِار َح َّتى َو َض َع ْت ‪َ ،‬قاؿ‪َ :‬فأ ََتى َّ ِ‬
‫اؿ‪َ :‬ق ْد َو َض َعت اْل َغامدَّيةُ‪َ ،‬فَق َ‬ ‫النب َّى ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ -‬فَق َ‬ ‫َ‬
‫ير َليس َلو مف ير ِضعو "‪َ .‬فَقاـ رجل ِمف األَ ْنص ِار َفَقاؿ‪ِ :‬إَلى ر َضاعو يا َن ِبى َّ ِ‬
‫َّللا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ َّ َ ُ ُ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌَُ َ‬ ‫َنْر ُج َم َيا َوَن َد َع َوَل َد َىا َصغ ًا ْ َ ُ َ ْ ُ ْ ُ ُ‬
‫اؿ‪َ :‬فَر َج َم َيا‪ .ٔ".‬فمـ تطب نفسييما بعد ارتكابيما المعصية إال بعد أف طيرىما النبي ملسو هيلع هللا ىلص بإقامة الحد‪،‬‬
‫َق َ‬
‫كفاضت ركحيما إلى بارئيما طاىرة نقية‪.‬‬
‫قاؿ النككؼ‪ ":‬فإف قيل‪ :‬فما باؿ ماعز كالغامدية لـ يقنعا بالتكبة‪ ،‬كىي محصمة لغرضيما‪ ،‬كىك سقكط‬
‫اإلثـ‪ ،‬بل أص ار عمى االقرار ‪،‬كاختا ار الرجـ؟‪ ،‬فالجكاب‪ :‬أف تحصيل البراءة بالحدكد كسقكط اإلثـ متيقف‬
‫عمى كل حاؿ‪ ،‬ال سيما كاقامة الحد بأمر النبي صمى هللا عميو ك سمـ ‪،‬كأما التكبة فيخاؼ أف ال تككف‬
‫نصكحا ‪،‬كأف يخل بشيء مف شركطيا فتبقى المعصية كاثميا دائما عميو‪ ،‬فأرادا حصكؿ البراءة بطريق‬ ‫ً‬
‫ٕ‬
‫متيقف دكف ما يتطرؽ إليو احتماؿ‪ ،‬كهللا أعمـ"‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يع َة‪َ ،‬ع ْف‬ ‫قاؿ‪:‬حَّدثََنا أبك َحبيب َي ْح َيى بف نافع المصرؼ‪َ ،‬حَّدثََنا ْاب ُف أَبي َم ْرَي َـ‪ ،‬أ َْن َبأ ََنا ْاب ُف َلي َ‬ ‫َ‬ ‫كركػ الطب ارني‬
‫َف َع ْم َرك ْب َف َس ُم َرَة ْب ِف َحِبي ِب ْب ِف َع ْبِد‬ ‫الرحم ِف ب ِف ثَعَمب َة ْاألَنص ِارِؼ‪،‬عف أَِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يو‪،‬أ َّ‬ ‫ْ َ ّ َْ‬ ‫َي ِز َيد ْب ِف أَِبي َحِبيب‪َ ،‬ع ْف َع ْبد َّ ْ َ ْ ْ َ‬
‫َّللا‪ِ ،‬إِّني َسَرْق ُت َج َم ًال لَِبِني ُف َال ٍف‬ ‫َّللا عَمي ِو كسمَّـ َفَقاؿ‪ ":‬يا رسوؿ َّ ِ‬ ‫َّللاِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫س ج ِ‬ ‫َشم ٍ‬
‫صمى َّ ُ َ ْ َ َ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫اء إَلى َرُسكؿ َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫َّللا‬ ‫َّ‬ ‫َّللا َعَمْي ِو َوسَّمـ َفَقاُلوا‪ِ :‬إَّنا ا ْف َتَق ْدَنا َجم ًال َلَنا‪َ ،‬فأَمَر ِب ِو َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ط ِّيْرِني‪َ ،‬فأَْرسل ِإَلْي ِيـ َّ ِ‬
‫النب ُّي َصمى َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫النب ُّي َصمى َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َف َ‬
‫ّلِل َّال ِذي َ‬
‫ط َّيَرِني‬ ‫ظر ِإَلي ِو ِحيف وَقع ْت يده وىو يُقوؿ‪ :‬اْلحمد َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫َ َ َ َُ ُ َ َُ َ ُ َ ْ ُ‬ ‫اؿ َث ْعَمَبةُ‪ :‬أََنا أَْن ُُ ْ‬
‫َعَمْيو َو َسم َـ َفُقط َع ْت َيُد ُه‪َ ،‬ق َ‬
‫َف ُت ْد ِخِمي َج َس ِدي َّ‬
‫الن َار "ٖ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ِمْن ِؾ‪ ،‬أََرْدت أ ْ‬

‫ٔ ‪-‬‬
‫مسمـ‪،‬كالمفع لو‪،‬كتاب الحدكد‪ ،‬باب مف اعترؼ عمى نفسو بالزنا [٘‪/ٜٔٔ/‬ح‪،]ٕٗ٘ٚ‬كالنسائي في سننو الكبرػ‪ ،‬كتاب‬
‫الرجـ‪،‬كيف االعتراؼ بالزنا [ٗ‪/ٕٚٙ/‬حٖ‪.]ٚٔٙ‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫شرح النككؼٔٔ‪.ٜٜٔ/‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫الطبراني في المعجـ الكبير [ٕ‪/ٛٙ/‬ح‪]ٖٔٛٙ‬أبك حبيب‪:‬مجيكؿ الحاؿ ‪،‬لو ترجمة في تاريخ اإلسبلـ لمذىبي‬
‫ٕٕ‪،]ٖٕ٘/‬كلكنو شيخ الطبراني فيحمل حالو عمى التكثيق‪،‬ابف أبي مريـ‪ ،‬سعيد بف الحكـ‪ :‬ثقة ثبت فقيو [تقريب‪،]ٕٖٗ/‬عبد‬
‫هللا بف لييعة‪ :‬صدكؽ ‪ ،‬خمط بعد احتراؽ كتبو[تقريب‪،]ٖٜٔ/‬يزيد‪:‬ثقة‪،‬فقيو[تقريب‪،]ٙٓٓ/‬عبد الرحمف بف ثعمبة‪ :‬كثقو أبك‬

‫‪38‬‬
‫فكاف إذا سقط أحدىـ سقطة أك جمحت نفسو حيناً تحكؿ اإليماف بداخمو إلى ضمير حي كنفس لكامة‬
‫‪،‬ككخ اًز كتأنيباً عنيفاً الذعاً ال يينأ صاحبو براحة كال تكتحل عينو بنكـ حتى يقر بذنبو أماـ القانكف اإلليي‪،‬‬
‫كيتحمل العقكبة التي يقررىا عميو ميما كانت شدتيا كقسكتيا‪ ،‬فتخمد نفسو في راحة كدعة‪ ،‬كاطمئناف‬
‫كسككف بعد أف يفر مف سخط هللا إلى رضاه‪ ،‬كمف ناره إلى جنتو‪ ،‬كمف بغضو إلى رأفتو كعفكه كرحمتو‪.‬‬
‫يقظة الضمير عند أبي بكر ‪:‬‬
‫اج ِو‪،‬‬ ‫اف أَُبو َب ْك ٍر َيأ ُْكل ِم ْف َخَر ِ‬
‫ُ‬ ‫اج‪َ ،‬وَك َ‬
‫َّللا عنيا َقاَلت‪َ ":‬ك ِ‬
‫اف ألَِبي َب ْك ٍر ُغ َال ٌـ ُي ْخ ِر ُج َل ُو اْل َخَر َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫عف َعائ َش َة َرض َي َّ ُ َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اؿ‪ُ :‬كْن ُت‬ ‫‪:‬و َما ُى َو؟ َق َ‬ ‫اؿ أَُبو َب ْك ٍر َ‬ ‫اؿ َل ُو اْل ُغ َال ُـ ‪:‬أ ََت ْدرِي َما َى َذا؟ َفَق َ‬ ‫اء َي ْو ًما ب َش ْي ٍء َفأ ََك َل مْن ُو أَُبو َب ْك ٍر ‪َ ،‬فَق َ‬ ‫َف َج َ‬
‫ط ِاني ِب َذلِ َؾ‪َ ،‬ف َي َذا َّال ِذي‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َت َك َّيْن ُت ِِإل ْنس ٍ ِ‬
‫َع َ‬‫ُح ِس ُف اْلك َياَن َة ‪ِ،‬إَّال أَّني َخ َد ْع ُت ُو ‪َ ،‬فَمقَيني َفأ ْ‬ ‫اف في اْل َجاىمَّية َو َما أ ْ‬ ‫َ‬
‫ِِ ٔ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء ُك َّل َشي ٍء في َب ْطنو" ‪.‬‬ ‫أ ََكْم َت مْن ُو ‪َ ،‬فأ َْد َخ َل أَُبو َب ْك ٍر َي َد ُه َفَق َ‬
‫ْ‬
‫اؿ ‪َ" :‬ل ِقَيِنى أَُبو َب ْك ٍر‬ ‫كؿ َّ ِ‬‫اب رس ِ‬ ‫ظَم َة األُسِّيِد ِػ َقاؿ ‪ -‬كَك َ ِ َّ ِ‬ ‫كركػ مسمـ مف حديث َح ْن َ‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ -‬ق َ‬ ‫اف م ْف ُكت َ ُ‬ ‫َ ّ َ َ‬
‫اؿ‪ُ :‬قْم ُت‪َ:‬ن ُكو ُف ِعْن َد‬ ‫ظَمةُ‪َ ،‬قاؿ‪ :‬سبحاف َّ ِ‬ ‫ف أَْن َت َيا َحْن َ‬
‫وؿ؟ َق َ‬ ‫َّللا َما َتُق ُ‬ ‫َ ُْ َ َ‬ ‫ق َحْن َ‬ ‫اؿ‪ُ :‬قْم ُت‪َ:‬نا َف َ‬ ‫ظَم ُة ؟ َق َ‬ ‫اؿ‪َ :‬كْي َ‬ ‫َفَق َ‬
‫الن ِار واْلجَّن ِة ح َّتى َكأََّنا ْأرى عي ٍف‪َ ،‬فِإ َذا َخرجَنا ِمف ِعْن ِد رسو ِؿ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ َّ ِ‬ ‫َرس ِ‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ -‬عا َف ْسَنا‬ ‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ُ -‬ي َذ ّكُرَنا ِب َّ َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫طَم ْق ُت أََنا َوأَُبو َب ْك ٍر‬ ‫َّللا ِإَّنا َلَنْمَقى ِم ْث َل َى َذا‪َ ،‬فاْن َ‬ ‫ِ‬ ‫اؿ أَُبو َب ْك ٍر‪َ :‬ف َو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اج َواأل َْوالََد َو َّ‬
‫الضْي َعات َفَنسيَنا َكث ًيرا‪َ ،‬ق َ‬ ‫األ َْزَو َ‬
‫اؾ ؟"‪،‬‬ ‫َّللا‪َ ،‬فَقاؿ رسوؿ َّ ِ‬ ‫ظَم ُة يا رسوؿ َّ ِ‬ ‫وؿ َّ ِ‬ ‫َح َّتى َد َخْمَنا َعَمى َرس ِ‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ ": -‬و َما َذ َ‬ ‫ََُ ُ‬ ‫ق َحْن َ َ َ ُ َ‬ ‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ُ -‬قْم ُت‪َ :‬نا َف َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الن ِار َواْل َجَّنة َح َّتى َكأََّنا َ ْأر َى َعْي ٍف ‪َ ،‬فِإ َذا َخَر ْجَنا م ْف عْند َؾ َعا َف ْسَنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا‪َ ،‬ن ُكو ُف عْن َد َؾ ُت َذ ّكُرَنا ِب َّ‬ ‫ُقْمت‪ :‬يا رسوؿ َّ ِ‬
‫ُ َ َُ َ‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ ": -‬و َّال ِذى َن ْف ِسى ِبَي ِد ِه‪ِ ،‬إ ْف َل ْو َتُدومو َف‬ ‫ات َن ِسيَنا َك ِثيرا‪َ ،‬فَقاؿ رسوؿ َّ ِ‬
‫َ َُ ُ‬ ‫ً‬
‫الضيع ِ‬
‫اج َواأل َْوالََد َو َّ ْ َ‬ ‫األ َْزَو َ‬
‫ُ‬
‫اع ًة‬
‫ظَم ُة َس َ‬ ‫َعَمى َما َت ُكوُنو َف ِعْن ِدى َوِفى ال ِّذ ْك ِر َل َصا َف َح ْت ُك ُـ اْل َمالَ ِئ َك ُة َعَمى ُفُرِش ُك ْـ َوِفى طُُرِق ُك ْـ ‪َ ،‬وَل ِك ْف َيا َحْن َ‬
‫ات‪.ٕ"-‬قاؿ النككؼ‪( ":‬نافق حنظمة) معناه أنو خاؼ أنو منافق ؛حيث كاف يحصل لو‬ ‫اع ًة ‪َ -‬ثالَ َث َمَّر ٍ‬ ‫َو َس َ‬
‫الخكؼ في مجمس النبي ملسو هيلع هللا ىلص كيظير عميو ذلؾ مع المراقبة كالفكر كاإلقباؿ عمى اآلخرة‪ ،‬فإذا خرج اشتغل‬
‫بالزكجة كاألكالد كمعاش الدنيا ‪،‬كأصل النفاؽ‪ :‬إظيار ما يكتـ خبلفو مف الشر ‪،‬فخاؼ أف يككف ذلؾ نفاقاً‪،‬‬

‫زرعة‪ ،‬كالنسائي‪،.‬كقاؿ ابف سعد‪ :‬ثقة‪[ .‬ميزاف االعتداؿ ٕ‪ ]٘٘ٗ/‬أبكه‪،‬أبك عمرة ثعمبة األنصارؼ‪:‬صحابي‪،‬شيد بد ار كاستشيد‬
‫بجسر أبي عبيد[اإلصابة‪،]ٕٜٓ/ٚ‬لو ترجمة بمعجـ الصحابة لمبغكؼ ٔ‪ ،]ٕٗٛ/‬عمرك بف سمرة بف حبيب بف عبد شمس‬
‫القرشي العبشمي ‪ .‬كىك أخك عبد الرحمف بف سمرة كىك األقطع[أسد الغابةٗ‪/ٕٕٗ/‬ت ٘٘‪ ،ٖٜ‬محقق‪ :‬عمي دمحم معكض ‪-‬‬
‫عادؿ أحمد عبد المكجكد‪،‬ط األكلى‪ٔٗٔ٘ ،‬ىػ ‪ ٜٜٔٗ -‬ـ‪،‬دار الكتب العممية]‪.‬فالحديث حسف بيذا اإلسناد‪ ،‬كأخرجو أبك‬
‫نعيـ في معرفة الصحابة‪ ،‬باب التاء [ٗ‪/ٕٛٗ/‬ح‪.]ٕٜٔٛ‬‬
‫ٔ ‪-‬‬
‫البخارؼ‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب أياـ الجاىمية [ٖ‪/ٖٜٔ٘/‬ح‪،]ٖٕٜٙ‬كالبييقي في سننو الكبرػ‪،‬كتاب‬
‫الغصب‪،‬باب ال يممؾ أحد بالجناية شيئا جنى عميو إال أف يشاء ىك ك ٍ‬
‫المالؾ[‪/ٜٚ/ٙ‬ح‪،]ٖٔٔٓٚ‬كالمفع ليما‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫مسمـ‪،‬كالمفع لو‪ ،‬كتاب التكبة‪ ،‬باب فضل دكاـ الذكر [‪/ٜٗ/ٛ‬حٕٗٔ‪ .]ٚ‬كالترمذؼ‪ ،‬صفة القيامة كالرقائق كالكرع‪ ،‬باب‬
‫[ٗ‪/ٙٙٙ/‬حٕٗٔ٘]‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫فأعمميـ النبي ملسو هيلع هللا ىلص أنو ليس بنفاؽ ‪،‬كأنيـ ال يكمفكف الدكاـ عمى ذلؾ ساعة كساعة"ٔ‪.‬‬
‫كقاؿ ابف عبلف‪(:‬نافق حنظمة) أؼ‪ :‬خاؼ عمى نفسو النفاؽ لما كاف يحصل لو مف الخكؼ في مجمس‬
‫النبي كيظير عميو فتح كماؿ المراقبة كالفكر كاإلقباؿ عمى اآلخرة‪ ،‬فإذا خرج كاشتغل بما سيأتي ذىب عنو‬
‫ذلؾ‪( ،‬قاؿ) عمى كجو التعجب مما قمت‪( :‬سبحاف هللا) أؼ‪ :‬تنزيياً (ما تقكؿ) أؼ‪ :‬تأممو كانظر فيو‬
‫(قمت‪:‬نككف عند رسكؿ هللا ػ ملسو هيلع هللا ىلص ػ يذكرنا بالجنة كالنار كأنا) نراىما (رأػ عيف) (عافسنا) مارسنا (األزكاج‬
‫كاألكالد كالضيعات) جمع ضيعة بالضاد المعجمة‪ :‬كىك معاش الرجل مف ماؿ أك حرفة أك صناعة (فنسينا‬
‫كثي اًر) أؼ‪ :‬إذا خرجنا كاشتغمنا بيذه األمكر ذىب منا ذلؾ الحاؿ الذؼ كاف كنحف عند النبي كسماع‬
‫مكعظتو كمشاىدتو (قاؿ أبك بكر رضي هللا عنو‪ :‬فكهللا إنا لنمقي مثل ىذا) ‪،‬قاؿ القرطبي‪":‬في ىذا رد عمى‬
‫مف زعـ دكاـ مثل ذلؾ الحاؿ كال يعرجكف بسببيا عمى أىل كال ماؿ‪ .‬ككجو ّ‬
‫الرد أف أبا بكر أفضل الناس‬
‫بعد رسكؿ هللا ػ ملسو هيلع هللا ىلص ػ إلى يكـ القيامة‪ ،‬كمع ذلؾ فمـ يدع خركجو عف جبمة البشر‪ ،‬كال ما ىك مف خاصة‬
‫الممؾ مف تعاطى دكاـ الذكر كعدـ الفترة‪ .‬قاؿ‪ :‬كعمى الجممة فسنة هللا في ىذا العالـ اإلنساف جعل‬
‫كسر ذلؾ أف ىذا العالـ متكسط بيف عالمي المبلئكة‬
‫تمكينيـ في قمكبيـ كمشاىدتيـ في مكابدتيـ‪ّ .‬‬
‫كالشياطيف‪ ،‬فمكف المبلئكة في الخير بحيث يفعمكف ما يؤمركف ك«يسبحكف الميل كالنيار ال يفتركف»‪،‬‬

‫كمكف الشياطيف في الشر كاإلغكاء بحيث ال يفعمكف ما يؤمركف‪ ،‬كجعل ىذا العالـ اإلنساني ّ‬
‫متمكناً فيمكنو‬
‫كيمكنو كيغنيو كيبقيو كيشيده كيفقده‪ ،‬كاليو أشار صاحب الشفاعة بقكلو‪« :‬كلكف يا حنظمة ساعة‬
‫كساعة‪(،‬فانطمقت أنا كأبك بكر) سائريف (حتى دخمنا عمى رسكؿ هللا ؛ فقمت‪ :‬نافق حنظمة يا رسكؿ هللا‪،‬‬
‫فقاؿ ‪ :‬كما ذاؾ؟) أؼ‪ :‬الذؼ نافق بو‪( .‬قمت‪ :‬يا رسكؿ هللا إنا نككف عندؾ تذكرنا بالنار كالجنة فكأنا رأؼ‬
‫عيف) أؼ فيحصل لنا مف ذلؾ كماؿ الخكؼ كالمراقبة كالتفكر في المآؿ كاإلقباؿ عمى اآلخرة (فإذا خرجنا‬
‫مف عندؾ عافسنا األزكاج كاألكالد كالضيعات فنسينا كثي اًر) أؼ فيذىب عنا غالب تمؾ األحكاؿ السنية‪،‬‬
‫فخشي حنظمة أف يككف اختبلؼ ىذا الحاؿ مف النفاؽ؛ فأعممو النبي أنو ليس مكمفاً بالدكاـ عمى الحاؿ‬
‫الذؼ يككف عميو عنده‪ ،‬كأف ذلؾ االختبلؼ ليس نفاقاً (فقاؿ رسكؿ هللا ‪ :‬كالذؼ نفسي بيده لك تدكمكف عمى‬
‫ما تككنكف عميو عندؼ) مف المراقبة كالتفكير في المآؿ كاإلقباؿ عمى هللا تعالى (كفي الذكر)‪(،‬لصافحتكـ‬
‫المبلئك ة عمى فرشكـ كفي طرقكـ) (كلكف يا حنظمة ساعة) أؼ ألداء العبكدية (كساعة) لمقياـ بما يحتاجو‬
‫اإلنساف قالو (ثبلث مرات) ككرره لمتأكيد كدفع ما كقع في نفسو أف ذلؾ مف النفاؽ‪ ،‬فالذؼ يجده أصحاب‬
‫سر النبي كسمطانو كاف يصرفيـ عف األشياء كيأخذىـ عنيا كيجذبيـ منيا‬ ‫النبي عنده جذب الحق كقكة ّ‬
‫ّ‬
‫مف غير أف يككف ذلؾ حالة ليـ‪ ،‬فإذا خرجكا مف عنده رجعكا إلى أحكاليـ مف النظر إلى األكالد كالشغل‬
‫باألمكاؿ‪ ،‬فأخبرىـ أف الذؼ يجدكنو عنده لك كاف حاليـ كمقاميـ لصافحتيـ المبلئكة‪ ،‬كلـ تصافحيـ كىـ‬
‫عنده ألنيا لـ تكف حاليـ‪ ،‬كلكنيا كانت حالة سمطاف الحق‪ ،‬كلك كاف الذؼ يجدكنو حاليـ لكانت ثابتة ليـ‪،‬‬

‫ٔ‪-‬‬
‫شرح النككؼ‪.ٙٙ/ٔٚ‬‬

‫‪44‬‬
‫عز كجل كالكريـ ال يعكد في ىبتو كال يسمب‬
‫ألنيا لك كانت حاليـ لكانت مكىبة ليـ مف هللا تعالى ّ‬
‫ٔ‬
‫كرامتو‪".‬‬
‫كمف يقظة الضمير عند الصحابة ما حدث مع ابف عمر رضي هللا عنيما مع الراعي صاحب الضمير‬
‫َّاس الثََّق ِف ُّي‪ ،‬ثنا‬
‫ع‪ ،‬أنا أَُبك اْل َعب ِ‬ ‫َح َم َد اْل َح ِاف ُ‬‫ص ِر ْب ُف َقتَ َاد َة‪ ،‬ثنا أَُبك أ ْ‬ ‫َخ َب َرَنا أَُبك َن ْ‬‫الحي؛ فقد ركػ البييقي قاؿ‪ :‬أ ْ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫س‪َ ،‬ع ْف َع ْبِد اْل َع ِز ِ‬ ‫اؿ‪ :‬ثنا اْل ُخ َن ْي ِس ُّي َي ْعِني م َح َّم َد ْب َف َي ِز َيد ْب ِف ُخ َن ْي ٍ‬
‫اؿ‪:‬‬‫يز ْب ِف أَبي َرَّكاد‪َ ،‬ع ْف َنافع َق َ‬ ‫ُ‬ ‫ُقتَ ْي َب ُة‪َ ،‬ق َ‬
‫احي اْلم ِديَن ِة ومعو أَصحاب َلو‪ ،‬وو َضعوا س ْفرًة َلو‪َ ،‬فمَّر ِب ِيـ ر ِ‬ ‫ض َنو ِ‬ ‫ِ‬
‫اعي َغَنـٍ‪،‬‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ََُ ْ َ ُ ُ ََ ُ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫"خَر َج ْاب ُف ُع َمَر في َب ْع ِ َ‬ ‫َ‬
‫اؿ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َص ْب ِم ْف َى ِذ ِه ُّ ِ‬ ‫اعي‪ ،‬ىُم َّـ "‪َ ،‬فأ ِ‬ ‫َقاؿ‪َ :‬فسَّمـ‪َ ،‬فَقاؿ ابف عمر‪ " :‬ىُم َّـ يا ر ِ‬
‫اؿ َل ُو‪ :‬إّني َصائ ٌـ‪َ ،‬فَق َ‬ ‫الس ْفَرة‪َ ،‬فَق َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ ُ ُ ََ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم ُو َوأَْن َت في َىذه اْلجَباؿ َتْر َعى َى َذا اْل َغَن َـ؟ " َفَق َ‬
‫اؿ‬ ‫وـ في م ْثل َى َذا اْلَي ْوـِ اْل َح ِّار َشدي ٍد ُس ُم ُ‬ ‫ْاب ُف ُع َمَر‪ " :‬أ ََت ُص ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يعَنا َشا ًة‬ ‫َف َت ِب َ‬ ‫اؿ َل ُو ْاب ُف ُع َمَر َو ُى َو ُي ِر ُيد َي ْخ َت ِبُر َوَر َع ُو‪َ " :‬ف َي ْل َل َؾ أ ْ‬ ‫َي َوهللا أَُبادُر أََّيامي اْل َخالَيةَ‪َ ،‬فَق َ‬ ‫َل ُو‪ :‬أ ْ‬
‫اؿ‪ِ :‬إَّن َيا َلْي َس ْت لِي ِب َغَن ٍـ‪ِ ،‬إَّن َيا َغَن ُـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْف َغَن ِمؾ ى ِذ ِه َفُنع ِطيؾ َثمَنيا وُنع ِط ِ‬
‫يؾ م ْف َل ْحم َيا َف ُت ْفطَر َعَمْيو؟ " َفَق َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫اعي َعْن ُو‬ ‫الر ِ‬ ‫اع ًال ِإ َذا َف ْق َد َىا‪َ ،‬فُقْم َت‪ :‬أَ ْكَم َيا ال ِّذْئ ُب " َف َوَّلى َّ‬ ‫سِي ِدي‪َ ،‬فَقاؿ َلو ابف عمر‪َ " :‬فما عسى سِيدؾ َف ِ‬
‫َ َ َ َ ُّ َ‬ ‫َ ُ ْ ُ ُ ََ‬ ‫َّ‬
‫وؿ‪:‬‬ ‫اء وىو يُقوؿ‪ :‬أَيف هللا‪َ ،‬قاؿ‪َ :‬فجعل ابف عمر يرِّدد َقوؿ َّا ِ‬ ‫وىو ر ِافع أُصبعو ِإَلى َّ ِ‬
‫الرعي َو ُى َو َيُق ُ‬ ‫الس َم َ ُ َ َ ُ ْ َ ُ َ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ ُ َ ُ ْ َ‬ ‫َ َُ َ ٌ ْ ُ َ ُ‬
‫اعي‪،‬‬ ‫اعي فأَعتق الر ِ‬ ‫الر ِ‬
‫اش َتَرى ِمْن ُو اْل َغَن َـ َو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اؿ‪َ :‬فَم َّما َقد َـ اْل َمديَن َة َب َع َث ِإَلى َم ْوَال ُه َف ْ‬ ‫َقاؿ َّ ِ‬
‫َ ْ َ َ َّ َ‬ ‫هللا؟ َق َ‬‫الراعي‪َ :‬فأَْي َف ُ‬ ‫َ‬
‫ٕ‬
‫َو َو َى َب َل ُو اْل َغَن َـ" ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َح َمُد ْب ُف َعم ٍّى اْل َخ َّزُاز َ‬
‫‪،‬حَّدثََنا‬ ‫‪،‬حَّدثََنا أ ْ‬‫اف ‪،‬أ َْن َبأ ََنا أَ ْح َمُد ْب ُف ُع َب ْيد َ‬ ‫َخ َب َرَنا أَُبك اْل َح َس ِف ْب ُف َع ْب َد َ‬
‫ركػ البييقي قاؿ‪:‬أ ْ‬
‫طالِ ٍب‬ ‫اؿ‪َ " :‬خَر َج َعمِ ُّي ْب ُف أَِبي َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪،‬ع ِف الش ْعب ِّى َق َ‬ ‫اؿ‪َ ،‬حَّدثََنا َع ْم ُرك ْب ُف َش ْم ٍر ‪َ ،‬ع ْف َجاِب ٍر َ‬ ‫أَس ْيُد ا ْب ُف َزْيد اْل َج َّم ُ‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫السو ِؽ‪َ ،‬فِإ َذا ىو ِبَنصرِاني ي ِبيع ِدرعا‪َ ،‬قاؿ‪َ :‬فعرؼ عمِي ر ِضي هللا عْنو ِّ‬ ‫هللا َعْن ُو ِإَلى ُّ‬ ‫ِ‬
‫الدْر َع َفَق َ‬ ‫َ ََ َ َ ّّ َ َ ُ َ ُ‬ ‫ُ َ ْ َ ٍّ َ ُ ْ ً‬ ‫َرض َي ُ‬

‫دليل الفالحيف لطرؽ رياض الصالحيف ‪،‬دمحم عمي بف عبلف البكرؼ ٕ‪. ٜٓ-ٛٚ/‬‬ ‫ٔ_‬

‫نصر‪:‬حسف لو البييقي‬ ‫ّ‬ ‫ٕ ‪ -‬البييقي في شعب اإليماف‪ ،‬األمانات كما يجب مف أدائيا ألىميا [‪/ٕٕٖ/ٚ‬ح‪]ٜٗٓٛ‬الرجاؿ‪،‬أبك‬
‫حديثاً ركاه عنو في السنف الكبرػ[ٔ‪،]ٕٙ/‬كلـ أقف لو عمى ترجمة‪،‬أبك أحمد الحافع‪:‬فيو تصحيف‪ ،‬كصكابو‪:‬أبك بكر أحمد‬
‫الب ْي َيِقي‪،‬جمعو‪ :‬أبك عبد هللا حامد ابف أحمد آؿ‬ ‫الح ِاف ِع‬
‫اإلما ِـ َ‬
‫الجادة[شُيك ِخ َ‬
‫ُ‬ ‫بف عمي الحافع‪،‬كىذا السند متكرر كثي ار عمى‬
‫َ ّ‬
‫اؿ اْلسَن ِف اْل ُكبرػ لئلما ِـ الح ِاف ِع البييِقي ‪،‬كما ُذ ِكر ِفييـ ِم ْف جرٍح أَكتَع ِد ٍ‬
‫يل‪،‬‬ ‫بكر‪،‬صٕ‪،ٛ‬ىذا الكتاب ىك ضمف مكسكع ُة ِرج ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫طَبَق ُة األ ُْكَلى(الكتاب ضمف خدمة التراجـ بالمكتبة الشاممة)‪.‬أبك بكر أحمد بف عمي الحافع‪ ،‬ابف منجكيو‪:‬قاؿ الذىبي‪:‬‬ ‫اْل َ‬
‫الحافع‪ ،‬اإلماـ‪ ،‬المجكد‪،‬كقاؿ أبك إسماعيل األنصارؼ‪:‬حدثنا أبك بكر أحمد بف عمي األصبياني‪:‬أحفع مف رأيت مف‬
‫البشر[سير أعبلـ النببلءٖٖ‪،]ٖٖٗ/‬أبك العباس‪،‬دمحم بف إسحاؽ الثقفي السراج‪:‬قاؿ الذىبي‪ :‬اإلماـ‪ ،‬الحافع‪ ،‬الثقة‪ ،‬شيخ‬
‫اإلسبلـ‪ ،‬محدث خراساف [سير أعبلـ النببلء‪،]ٖٗٗ/ٕٚ‬قتيبة‪ :‬ثقة ثبت [تقريب‪ ،]ٗ٘ٗ/‬دمحم بف يزيد بف خنيس‪ :‬قاؿ أبك حاتـ‬
‫صالحا‪ ،‬كتبنا عنو بمكة‪،‬كذكره ابف حباف في الثقات كقاؿ‪ :‬كاف مف خيار الناس‪،‬ربما أخطأ‪ ،‬يجب أف يعتبر‬
‫ً‬ ‫شيخا‬
‫كاف ً‬
‫بحديثو[تيذيب التيذيب‪،]ٕٖ٘/ٜ‬عبد العزيز‪:‬صدكؽ عابد‪،‬ربما كىـ[تقريب‪،]ٖ٘ٚ/‬نافع‪ :‬مكلى ابف عمر ثقة ثبت فقيو‬
‫مشيكر[تقريب‪،]٘٘ٚ/‬فالحديث حسف بيذا اإلسناد‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫هللا َعْن ُو‬
‫اف َعم ّّي َرض َي ُ‬ ‫يف ُشَرْي ٌح‪َ ،‬ك َ‬ ‫اف َقاض َي اْل ُم ْسمم َ‬ ‫اؿ‪َ :‬وَك َ‬ ‫يف‪َ ،‬ق َ‬ ‫َىذه دْرِعي‪َ ،‬بْيني َوَبْيَن َؾ َقاضي اْل ُم ْسمم َ‬
‫هللا َعْن ُو ِفي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف َقاـ ِم ْف م ْجمِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫س َعمِّيا َرض َي ُ‬ ‫َجَم َ‬‫س اْلَق َضاء‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫اؿ‪َ :‬فَم َّما َأرَى ُشَرْي ٌح أَم َير اْل ُم ْؤمن َ َ‬ ‫اه‪َ ،‬ق َ‬ ‫اس َت ْق َض ُ‬ ‫ْ‬
‫اف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ُشَرْي ٌح ُقدَّام ُو ِإَلى َجْن ِب َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َما َيا ُشَرْي ُح َل ْو َك َ‬ ‫هللا َعْن ُو‪ :‬أ َ‬
‫اؿ َل ُو َعم ّّي َرض َي ُ‬ ‫الن ْصَران ِّي‪َ ،‬فَق َ‬ ‫َ‬ ‫َم ْجمسو ‪َ ,‬و َجَم َ‬
‫وؿ‪َ " :‬ال‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هللا َعَمْيو َو َسم َـ َيُق ُ‬ ‫وؿ هللا َصمى ُ‬ ‫س اْل َخ ْصـِ‪َ ،‬وَلكّني َسم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫َخ ْصمي ُم ْسم ًما َلَق َع ْد ُت َم َع ُو َم ْجم َ‬
‫ق‬ ‫‪,‬وَال ُت َصُّموا َعَمْي ِي ْـ‪َ ،‬وأَْل ِجُئو ُى ْـ ِإَلى َم َضاِي ِ‬ ‫وى ْـ ِب َّ‬ ‫ِ‬
‫اى ْـ َ‬ ‫ودوا َمْر َض ُ‬ ‫الس َالـِ‪َ ،‬وَال َت ُع ُ‬ ‫وى ْـ‪َ ،‬وَال َتْب َد ُؤ ُ‬ ‫ُت َصاف ُح ُ‬
‫ض بيِني وبيَنو يا ُشريح‪َ ،‬فَقاؿ ُشريح‪ :‬ما َتُقوؿ يا أ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫َم َير‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َْ ٌ َ‬ ‫َ َْ ُ َ َ ْ ُ‬ ‫هللا "‪ ،‬ا ْق ِ َ ْ‬ ‫وى ْـ َك َما َصغَرُى ُـ ُ‬ ‫الطُر ِؽ‪َ ،‬و َص ّغُر ُ‬
‫وؿ‬
‫اؿ ُشَرْي ٌح‪َ :‬ما َتُق ُ‬ ‫اؿ‪َ :‬فَق َ‬‫اف‪َ ،‬ق َ‬ ‫هللا َعْن ُو‪َ :‬ى ِذ ِه ِدْرِعي َذ َىَب ْت ِمِّني ُمْن ُذ َزَم ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫اؿ َعم ّّي َرض َي ُ‬ ‫اؿ‪َ :‬فَق َ‬ ‫يف‪َ ،‬ق َ‬
‫ِ‬
‫اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫َف‬ ‫اؿ ُشَرْي ٌح‪َ :‬ما أََرى أ ْ‬ ‫يف‪ِ ِ ِ ِّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫النصرِاني‪ :‬ما أ ُ ِ ِ‬
‫ُك ّذ ُب أَم َير اْل ُم ْؤ ِمن َ‬ ‫اؿ‪َ :‬فَق َ َّ‬ ‫ِ‬
‫اؿ‪َ :‬فَق َ‬‫الدْر ُع ى َي دْرعي َق َ‬ ‫اؿ ْ َ ُّ َ‬ ‫َيا َن ْصَران ُّي؟ َق َ‬
‫َما أََنا‪،‬‬ ‫الن ْصَرِان ُّي‪ :‬أ َّ‬
‫اؿ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫اؿ‪َ :‬فَق َ‬ ‫ؽ ُشَرْي ٌح‪َ ،‬ق َ‬ ‫هللا َعْن ُو‪َ :‬ص َد َ‬ ‫اؿ َعم ّّي َرض َي ُ‬ ‫ُت ْخَر َج م ْف َيده‪َ ،‬ف َي ْل م ْف َبّيَنةٍ؟ َفَق َ‬
‫‪،‬ىي و ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َم ُير اْلم ْؤ ِمِن َ ِ‬ ‫اء‪ ،‬أ ِ‬ ‫َف ى ِذ ِه أَح َكاـ ْاألَ ْن ِبي ِ‬
‫هللا َيا‬ ‫يء ِإَلى َقاضيو‪َ ،‬وَقاضيو َي ْقضي َعَمْيو َ َ‬ ‫يف َيج ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َش َيُد أ َّ َ‬ ‫أْ‬
‫َف َال ِإَل َو‬ ‫َش َيُد أ ْ‬‫َخ ْذ ُت َيا‪َ ،‬فِإِّني أ ْ‬
‫ش َوَق ْد َازَل ْت َع ْف َج َممِ َؾ ْاأل َْوَر ِؽ‪َ ،‬فأ َ‬ ‫يف ِدْر ُع َؾ‪َّ ،‬اتَب ْع ُت َؾ ِم َف اْل َجْي ِ‬ ‫ِ‬
‫أَم َير اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬
‫َسَم ْم َت َف ِيي َل َؾ‪َ ،‬و َح َمَم ُو َعَمى‬
‫َ‬ ‫َما ِإ َذا أ ْ‬‫هللا َعْن ُو‪ :‬أ َّ‬ ‫اؿ َعم ّّي َرض َي ُ‬ ‫اؿ‪َ :‬فَق َ‬ ‫وؿ هللا‪َ ،‬ق َ‬ ‫َف ُم َح َّمًدا َر ُس ُ‬ ‫هللا‪َ ،‬وأ َّ‬
‫إال ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س َع ِت ٍ‬
‫يف"ٔ‪.‬‬ ‫الش ْع ِب ُّي‪َ :‬لَق ْد َأرَْي ُت ُو ُيَقات ُل اْل ُم ْش ِرك َ‬‫اؿ َّ‬ ‫اؿ‪َ :‬فَق َ‬
‫يق " َق َ‬ ‫َفَر ٍ‬
‫اب ‪،‬‬ ‫س ب ِف مالِ ٍؾ َقاؿ‪ :‬س ِم ْع ُت ُعمر ْب َف اْل َخ َّ‬
‫ط ِ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬
‫طْم َح َة‪َ ،‬ع ْف أ ََن ْ َ‬ ‫َّللاِ ْب ِف أَِبي َ‬ ‫كركػ مالؾ َع ْف ِإ ْس َح َق ْب ِف َع ْبِد َّ‬
‫ؼ اْل َح ِائ ِط‪ُ :-‬ع َمُر‬ ‫طا َفس ِمع ُتو وىو يُقوؿ ‪ -‬وبيِني وبيَنو ِج َدار وىو ِفي جو ِ‬
‫َْ‬ ‫َو َخَر ْج ُت َم َع ُو َح َّتى َد َخ َل َحائ ً َ ْ ُ َ ُ َ َ ُ َ َ ْ َ َ ْ ُ ٌ َ ُ َ‬
‫ِ‬
‫َّللا أ َْو َلُي َع ِّذَبَّن َؾ"ٕ‪.‬‬ ‫َمير اْلم ْؤ ِمِنيف‪ ،‬بخ بخ !و َّ ِ ِ‬
‫َّللا َل َت َّتقَي َّف َّ َ‬ ‫َ ٍَ ٍَ َ‬
‫َّ ِ ِ‬
‫ْب ُف اْل َخطاب أ ُ ُ‬
‫لقد ربى اإلسبلـ الصحابة ‪ ، ‬كالتابعيف كمف تبعيـ مف بعدىـ عمى حيف فشل الفبلسفة كدعاة اإلصبلح‬
‫في إنشاء ما أسمكه بالمدينة الفاضمة‪ ،‬نعـ نجحكا في تربية األجساد كلـ ينجحكا في تربية الضمائر كتقكيـ‬
‫المعكج مف السمكؾ‪ ،‬أشبعكا االحتياجات المادية‪ ،‬كبقيت الركح عطشى تتجرع م اررة الفراغ كالجكع الركحي‬
‫التي أقضت مضاجع كاضعي القكانيف البشرية‪ ،‬فعمت نسب االنتحار حيف زاد الماؿ ‪،‬كلـ يكف السبب سكػ‬

‫ٔ ‪-‬‬
‫البييقي في سننو الكبرػ‪ ،‬كتاب آداب القاضي‪،‬باب إنصاؼ الخصميف في المدخل عميو كاالستماع منيما كاإلنصات‬
‫لكل كاحد منيما حتى تنفذ حجتو [ٓٔ‪ /ٖٔٙ/‬ح‪،]ٕٜٜٓٙ‬أبكالحسف‪،‬عمي بف أحمد بف عبداف‪:‬قاؿ الذىبي‪:‬الشيخ المحدث‬
‫الصدكؽ ثقة مشيكر عالي اإلسناد[سير أعبلـ النببلءٖٖ‪،]ٖٜٕ/‬أحمد بف عبيد الصفار‪ :‬كاف ثقة ثبتا‪،‬صنف‬
‫(المسند)كجكده[سير أعبلـ النببلء‪،]ٖٗٙ/ٕٜ‬أحمد‪:‬قاؿ الذىبي‪ :‬الشيخ‪ ،‬اإلماـ‪ ،‬المقرغ‪ ،‬المحدث‪،‬كثقو‪ :‬الدارقطني‪ ،‬كغيره‬
‫[سير أعبلـ النببلءٕ٘‪،]ٕٗٙ/‬أسيد‪ :‬ضعيف‪ ،‬أفرط ابف معيف فكذبو ‪،‬كما لو في البخارؼ سكػ حديث كاحد مقركف بغيره‬
‫[تقريب‪،]ٕٔٔ/‬الشعبي‪:‬عامر بف شراحيل‪ :‬ثقة مشيكر فقيو فاضل [تقريب‪.]ٕٛٚ/‬فالحديث ضعيف بيذا اإلسناد‪.‬‬
‫ٕ ‪-‬‬
‫مكطأ مالؾ‪ ،‬الجامع‪،‬باب ما جاء في التقى [ٔ‪/ٖٔٗٗ/‬ح ‪ ،]ٖٖٙٛ‬تحقيق ‪ :‬دمحم مصطفى األعظمي‪ ،‬ط األكلى‬
‫ٕ٘ٗٔىػ ‪ٕٓٓٗ -‬ـ‪،‬مؤسسة زايد بف سمطاف آؿ نيياف‪،‬إسحاؽ‪:‬ثقة حجة[تقريب‪،]ٔٓٔ/‬فالخبر صحيح بيذا اإلسناد‪ ،‬كأخرجو‬
‫أحمد في الزىد ‪،‬ص٘‪،ٜ‬حٓٓ‪ ،ٙ‬كضع حكاشيو‪ :‬دمحم عبد السبلـ شاىيف‪،‬ط األكلى‪ ٕٔٗٓ ،‬ىػ ‪ ٜٜٜٔ -‬ـ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العممية‪ ،‬بيركت – لبناف‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫أف الضمائر لـ تسترح كلـ تذؽ طعـ االطمئناف ‪،‬فكجدت ىكة سحيقة عميقة بيف الجسد كالركح لـ يستطع‬
‫أحد مف البشر سدىا سكػ المبعكث رحمة لمعالميف ‪ ‬فارتاحت النفس كاطمأنت‪.‬‬
‫أنشأ مجتمعاً نظيفاً طاى اًر‪ ،‬كأرسى قكاعد السبلمة كالطمأنينة في جكانبو كآفاقو‪ ،‬كبث السبلـ كالعدؿ كاألماف‬
‫بيف ربكعو كأرجائو‪ ،‬ربى قادة كانكا شكاىد خمدىا التاريخ‪.‬‬
‫يقظة الضمير عند التابعيف‪:‬‬
‫كلـ يقتصر صحكة الضمير كيقظتو عمى الصحابة رضي هللا عنيـ‪ ،‬بل تجاكزىا إلى التابعيف كمف تبعيـ‬
‫بإحساف إلى يكـ الديف‪ ،‬كأكتفي ىنا بذكر بعض أقكاؿ التابعيف رضي هللا عنيـ في ذلؾ‪:‬‬
‫َم ُو‬ ‫الض َم ِائ ِر ُت ْغ َفُر اْل َكَب ِائُر‪َ ،‬واِ َذا َع َزَـ اْل َعْبُد َعَمى َتْرِؾ ْاآل َثاـِ أ َّ‬
‫يح َّ‬ ‫ركػ أبك نعيـ مف قكؿ أبي حازـ‪ِ ":‬عْن َد َت ْص ِح ِ‬
‫ف َع ِف اْل َعْي ِب‪َ ،‬وَال َي ْصُم ُح ِعْن َد‬ ‫ظ ْي ِر اْل َغْي ِب‪َ ،‬وَال َي َع ُّ‬ ‫هللا ِب َ‬ ‫ِ‬
‫اؼ َ‬ ‫وح‪ ،‬كقاؿ أيضاً‪َ:‬يا ُبَن َّي َال َت ْق َتد ِب َم ْف َال َي َخ ُ‬ ‫اْل ُف ُت ُ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫الشي ِب ‪ ،‬كقاؿ ‪ِ :‬إَّنو َليس ِمف يوـ ت ْطُمع ِف ِ‬
‫اه ‪ُ ،‬ث َّـ‬‫آد َـ فيو عْم ُم ُو َو َى َو ُ‬ ‫س ِإَّال َو ُى َو َي ْغُدو َعَمى ْاب ِف َ‬ ‫يو َّ‬
‫الش ْم ُ‬ ‫ُ ْ َ ْ َْ ٍ َ ُ‬ ‫َّ ْ‬
‫اه ِعْم َم ُو َفَي ْوَـ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اف ِفي ص ْد ِرِه َت َغاُلب َّ ِ ِ‬ ‫َي َت َغاَلَب ِ‬
‫اه‪َ ،‬فَي ْوَـ َغْنـِ َغْنمو‪َ ،‬وَي ْوَـ َي ْغم ُب َى َو ُ‬ ‫يف‪َ ،‬فَي ْوَـ َي ْغم ُب عْم ُم ُو َى َو ُ‬‫الزائد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫احَب ِت َيا َّال ِتي‬‫الزِائ َدي ِف لِص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫اه َك َما َي ْف َت ُح ِإ ْح َدى َّ ْ َ‬ ‫اؿ‪َ :‬فِإَّن َؾ َل َت ِجُد م ْف عَباد هللا َم ْف َي ْف َت ُح عْم ُم ُو َى َو ُ‬ ‫ُجْرـِ ُجْرمو‪َ ،‬ق َ‬
‫َت ْغ َض ُب ِلَّم ِتي ُت ِح ُّب"ٔ‪.‬‬
‫كمكاقف الصحابة كالتابعيف التي تدؿ عمى يقظة ضميرىـ كخكفيـ مف مراقبة الجميل سبحانو أكثر مف أف‬
‫تحصى أك يحكييا ىذا البحث‪،‬كقد اكتفيت فقط بذكر إشارات خفيفة تكصل المعنى الذؼ قصدتو‪.‬‬

‫ٔ ‪-‬حمية األكلياءٖ‪ ،ٖٕٔ-ٖٕٓ/‬دار الفكر لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪ ،‬بيركت‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫فوائد تربية الضمير في السنة المطيرة‪.‬‬
‫تربية الضمير عمى اإليماف تقكـ الفرد مف داخمو كتمنحو االستقرار النفسي‪،‬كاالنضباط‬
‫السمككي‪،‬كبالتالي يحفع مف الزالت كاألىكاء ‪،‬مما يرتقي بسمككياتو كبذلؾ يستحق ما خصو هللا عز كجل‬
‫بو مف تكريـ‪.‬‬
‫كال شؾ أنو بصبلح الفرد كانضباط سمككو تصمح األمة بأسرىا‪.‬‬
‫فإذا كاف ضمير اإلنساف عمى درجة مف الكعي كالتربية فستككف لو القدرة عمى مكاجية‬
‫االنحرافات‪ ،‬فالضمير ىك الذؼ يأخذ بأيدينا عند اشتداد األزمات كال يتركنا ننيار أك نسقط دينياً‬
‫كأخبلقياً‪،‬ك حينما يقكػ الضمير في كجكد اإلنساف يبعث فيو حالة الشكؽ ‪ ،‬تجعمو يسكف كييدأ كيستقر‪.‬‬
‫إف األخبلؽ الحميدة مف بذؿ كعطاء كتضحية كفداء تنبع كميا مف التربية الصحيحة لمضمير‬
‫اإلنساني‪،‬كبيا يرقى اإلنساف إلى معارج الكماؿ‪.‬‬
‫كسياسيا كعمميِّا‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫اقتصاديا‬
‫ِّ‬ ‫كتتعدد فكائد تنشئة الضمير كضبطو بضكابط الشرع‬
‫فمف الناحية االقتصادية‪:‬‬
‫حرصت الشريعة اإلسبلمية عمى االىتماـ باألمكر المالية كالبناء االقتصادؼ لمفرد كالجماعة‪،‬فحيف أقرت‬
‫الممكية الخاصة لمفرد جعمتو يضبط نفسو بالسؤاؿ عف مالو مف أيف اكتسبو كفيـ أنفقو‪ ،‬فقكت ضميره‬
‫بالتكرع عف أكل أمكاؿ الناس بالباطل‪،‬بل كحفع أمكاؿ الناس كالمحافظة عمى الماؿ العاـ‪ ،‬بل كالمسارعة‬
‫لتطيير مالو بالزكاة كالصدقة‪،‬كاإلنفاؽ في أكجو البر‪.‬‬
‫وسياسياً‪:‬‬
‫فقد ساد المسممكف كحكمكا العالـ بأسره كما ذاؾ إال بإعماؿ ضميرىـ ‪،‬كاحياء بصائرىـ‪.‬‬
‫ونفسيا‪:‬‬
‫"إف اختيار اإلنساف لضميره أك نفسو ليس باألمر الصعب؛ ألف هللا عز كجل قد جعل في نفس اإلنساف‬
‫ميبلً إلى الشعكر بالسعادة حيف يتبع صكت ضميره‪ ،‬كليذا السبب فإف تقيد اإلنساف بأكامر اإلسبلـ كالعيش‬
‫يف حِني ًفا ِف ْطرت َّ ِ‬
‫َّللا َّال ِتي َف َ‬
‫طَر َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اس‬
‫الن َ‬ ‫ََ‬ ‫بمقتضاىا يتكافق مع الطبيعة البشرية‪ ،‬قاؿ تعالى‪َ ﴿ :‬فأَق ْـ َو ْج َي َؾ ل ّمد ِ َ‬
‫يف اْلَقّيِ ُـ َوَل ِك َّف أَ ْك َثَر َّ‬ ‫َّللا َذلِؾ ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس َال َي ْعَم ُمو َف ﴾ [الركـ‪ ]ٖٓ :‬يزكد هللا عز كجل‬ ‫الن ِ‬ ‫الد ُ‬ ‫يل لِ َخْم ِق َّ َ‬
‫َعَمْي َيا َال َتْبد َ‬
‫ضمائر البشر جميعيـ بأفكار مف الطبيعة نفسيا‪ ،‬فما مف ضمير إال كييدؼ إلرضاء هللا عز كجل‪ ،‬كاف‬
‫اإلنساف ليظمـ نفسو حيف يقكـ بما يخالف ضميره؛ ألف ىذه المخالفة تخمف خكفاً في قمبو فبل يمكف لقمب‬
‫اإلنساف أف يشعر بالطمأنينة إال بذكر هللا عز كجل كالسعي ؿ‬
‫وعممياً‪:‬‬
‫بالضمير تحيا اليمـ كتنيض األمـ ‪ ،‬كقد رباىا النبي ملسو هيلع هللا ىلص عمى فتح آفاؽ الفكر‪،‬كطمب العمكـ كالمعارؼ‬
‫َّللا ِم ْف ِعَب ِاد ِه اْل ُعَمم ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا َع ِز ٌيز َغ ُف ٌ‬
‫ور ‪‬‬ ‫اء إ َّف َّ َ‬
‫َ ُ‬ ‫التي تقكدىا إلى الحق كالحقيقة ‪،‬قاؿ تعالى‪  :‬إَّن َما َي ْخ َشى َّ َ‬
‫‪44‬‬
‫كؿ‪َ " :‬م ْف‬ ‫ِ َّ‬ ‫[ فاطر ٖ٘‪ ،]ٕٛ/‬كركػ البخارؼ مف حديث م َع ِاكَي َة قاؿ‪ ":‬س ِم ْع ُت َّ‬
‫النِب َّي َّ‬
‫صمى هللاُ َعَم ْيو َك َسم َـ َيُق ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َّللا ِب ِو َخي ار ي َفِّقيو ِفي ِّ‬
‫الد ِ‬ ‫ِ‬
‫ُي ِرد َّ ُ‬
‫ٔ‬
‫يف"‬ ‫ًْ ُ ْ ُ‬
‫َّللا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َع ْف َمالِؾ أََّن ُو َبَم َغ ُو أ َّ‬
‫اء َو َزاح ْم ُي ْـ بُرْكَب َتْي َؾ َفإ َّف َّ َ‬
‫اؿ‪َ ":‬يا ُبَن َّي َجال ْس اْل ُعَم َم َ‬ ‫صى ْاب َن ُو َفَق َ‬ ‫يـ أ َْك َ‬
‫اف اْل َحك َ‬
‫َف ُلْق َم َ‬
‫ٕ‬
‫ض اْل َمْي َت َة ِب َوا ِب ِل َّ‬
‫الس َماء "‬ ‫َّللا ْاألَْر َ‬ ‫ِ‬ ‫يحِيي اْلُقُموب ِبُن ِ ِ ِ‬
‫ور اْلح ْك َمة َك َما ُي ْحيي َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫كمف ذلؾ يعمـ إف التربية اإليمانية تييئ ضمير الفرد ليمحق بركب اإلنسانية المتحضرة‪.‬‬

‫‪-‬البخارؼ‪،‬كتاب العمـ‪ ،‬باب مف يرد هللا بو خي ار يفقيو في الديف[ٔ‪/ٖٜ/‬ح ٔ‪،]ٚ‬كمسمـ‪،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب النيى عف‬ ‫ٔ‬

‫المسألة [ٖ‪/ٜٗ/‬ح ‪.]ٕٖٗٙ‬‬


‫ٕ ‪ -‬مكطأ مالؾ‪،‬كتاب الجامع‪،‬باب ما جاء في طمب العمـ[٘‪/ٔٗٚ٘/‬ح ‪]ٖٙٙٚ‬ىذا الحديث مف ببلغات مالؾ‪،‬كىك‬
‫صحيح‪،‬قاؿ المكنكؼ‪ :‬ابف عبد البر ذكر أف جميع ببلغاتو كمراسميو كمنقطعاتو َّ‬
‫كميا مكصكل ٌة بطرؽ صحاح إال أربعة‪ ،‬فقد‬ ‫َ‬
‫كص َّح أف‬ ‫ؽ‬
‫صل ابف الصبلح األربعة بتأليف مستقل كىك عندؼ كعميو خطو‪،‬فظير بيذا أنو ال فر بيف "المكطأ كالبخارؼ"‪َ ،‬‬ ‫َك َ‬
‫صَّنف في الصحيح‪ ،‬كما ذكره ابف العربي ُ‬
‫كغيره"‪ [.‬التعميق الممجد عمى مكطأ دمحم (شرح لمكطأ مالؾ بركاية‬ ‫مالكاً َّأكؿ مف َ‬
‫دمحم بف الحسف)دمحم عبد الحي بف دمحم المكنكؼ اليندؼ‪ ،ٔٛ/ٔ ،‬تعميق كتحقيق‪ :‬تقي الديف الندكؼ أستاذ الحديث الشريف‬
‫بجامعة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬ط الرابعة‪ ٕٔٗٙ،‬ىػ ‪ ٕٓٓ٘ -‬ـ‪ ،‬دار القمـ‪ ،‬دمشق]‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫اآلثار المترتبة عمى يقظة الضمير‬
‫ثمرات الضمير اليقظ‪:‬‬
‫حيف تصحك الضمائر كيذىب ما عراىا مف غفمة‪ ،‬تككف ليقظتيا ثما اًر كفكائد تترتب عمى ذلؾ‪ ،‬كمف‬
‫ىذه الثمار‪:‬‬
‫ٔػ عدـ الخوؼ إال مف هللا جل وعال‪:‬‬
‫فصاحب الضمير الحي الذؼ ينبض قمبو باإليماف با﵀ يكرث صاحبو العزة كالكرامة فبل يحني الرأس لغير‬
‫هللا‪ ،‬ىذا اإليماف يمؤل قمبو كعينو بكبرياء هللا كعظمتو‪ ،‬فتيكف عنده الدنيا كزخارفيا‪ ،‬فإذا نظر إلى كبرائيا‬
‫كعظمائيا فكأنو ينظر إلى صكر كدمى ال تممؾ لو نفعا أك ض ار مف دكف هللا‪،.‬ركػ عبد بف حميد قاؿ‪:‬‬
‫أخبرنا عبيد هللا بف مكسى‪ ،‬أنا إسرائيل‪ ،‬عف أبي إسحاؽ‪ ،‬عف أبي بردة بف أبي مكسى‪ ،‬عف أبيو قاؿ‬
‫النج ِ‬ ‫طالِ ٍب ِإَلى أَْر ِ‬ ‫َف َنْن َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫اش ِي‪َ ،‬فَبَم َغ‬
‫َ ّ‬
‫ض َّ‬ ‫ق َم َع َج ْع َف ِر ْب ِف أَِبي َ‬ ‫طم َ‬ ‫هللا َعَمْيو َو َسَّم َـ أ ْ‬
‫وؿ هللا َصمى ُ‬ ‫َمَرَنا َر ُس ُ‬
‫‪":‬أ َ‬
‫اش ِي َى ِدَّيةً‪،‬قاؿ‪َ :‬فَق ِد ْمَنا َوَق ِد َما َعَمى‬ ‫يد‪،‬جمعوا لِ َّمنج ِ‬ ‫ِ‬
‫اص َو ُع َم َارَة ْب َف اْل َولِ َ َ ُ‬ ‫َذلِ َؾ ُقَرْي ًشا َفَب َعثُوا َع ْمَرو ْب َف اْل َع ِ‬
‫َ ّ‬
‫قوما منا َرِغُبوا َع ْف ِد ِينَنا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اؿ َل ُو َع ْمُرو ْب ُف اْل َعاص‪:‬إف ً‬
‫ِ‬
‫الن َجاش ِّي ‪ ،‬فأتوه بيديتو َفَقبَم َيا َو َس َجُدوا لو ُث َّـ َق َ‬
‫َّ ِ‬
‫س ِفي‬ ‫ِ‬ ‫اش ُّي‪ِ :‬في أَر ِضي؟ َقاُلوا‪َ :‬نعـ‪ ،‬قاؿ َفاْن َتييَنا ِإَلى َّ ِ‬
‫الن َجاش ِّي َو ُى َو َجال ٌ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫النج ِ‬
‫اؿ َل ُي ُـ َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو ُى ْـ في أَْرض َؾ‪َ ،‬فَق َ‬
‫وس ِس َما َ‬
‫طْي ِفٔ َوَق ْد‬ ‫يسو َف َو ُّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫م ْجمِ ِس ِو َو َع ْمُرو ْب ُف اْل َع ِ‬
‫اف ُجُم ٌ‬ ‫الرْىَب ُ‬ ‫اص َع ْف َيمينو‪َ ،‬و ُع َم َارُة َع ْف َي َس ِاره‪َ ،‬واْلق ّس ُ‬ ‫َ‬
‫اؿ َل ُو َع ْمٌرو بف العاص و َو ُع َم َارُة بف الوليد‪ِ :‬إَّن ُي ْـ َال َي ْس ُجُدو َف َل َؾ‪،‬قاؿ‪:‬فمما انتيينا إليو دنونا ‪،‬قاؿ مف‬ ‫َق َ‬
‫ّلِل َع َّز َو َج َّل‪ ،‬قاؿ‪ :‬فمما انتيينا‬ ‫عنده مف القسيسيف والرىباف‪ :‬اسجدوا لِْمممِ ِؾ‪َ ،‬فَقاؿ جع َفر‪َ :‬ال َنسجد ِإَّال َِّ ِ‬
‫ْ ُُ‬ ‫َ َْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُُ‬
‫إلى النجاشي قاؿ‪ :‬ما منعؾ أف تسجد؟ قاؿ‪َ :‬ال َنسجد إَِّال َِّ ِ‬
‫ّلِل َع َّز َو َج َّل" ‪.‬‬
‫ٕ‬
‫ْ ُُ‬
‫بعث سعد إلى رستـ رسكًال ىك ربعي بف عامر‪ ،‬فدخل عميو كقد زينكا مجمسو بالنمارؽ المذىبة كالزرابي‬
‫الحرير‪ ،‬كأظير اليكاقيت كالآللئ الثمينة‪ ،‬كالزينة العظيمة‪ ،‬كعميو تاجو‪.ٖ".........‬‬
‫ككاف إبراىيـ بف شيباف يقكؿ‪" :‬الخكؼ إذا سكف القمب أحرؽ مكاضع الشيكات فيو‪ ،‬كطرد عنو رغبة الدنيا‪،‬‬

‫الناس‪ِ :‬‬
‫الجان ِ‬ ‫النح ِل ك ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اؿ ِسما ٌ ِ‬
‫الرج ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫القكـ حكَلو ِسما َ‬
‫ط ْي ِف أَؼ َّ‬ ‫ٔ‪-‬‬
‫مشى‬
‫اؿ‪َ :‬‬
‫باف‪ُ ،‬يَق ُ‬ ‫ماطاف م َف ْ‬‫الس‬
‫ط‪ ،‬ك ّ‬ ‫صف م َف ِّ َ‬
‫ككل ّ‬
‫صفيف‪ُّ ،‬‬ ‫قاـ ُ‬ ‫َ‬
‫ماطيف‪[ .‬لساف العرب‪.]ٖٕ٘/ٚ‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس‬
‫َب ْي َف ّ‬
‫ٕ‪-‬‬
‫عبد بف حميد ‪،‬كالمفع لو [ٔ‪/ٜٖٔ/‬حٓ٘٘]‪،‬عبيد هللا‪:‬ثقة[تقريب‪،]ٖٚ٘/‬إسرائيل بف يكنس‪ :‬ثقة [تقريب‪ ،]ٔٓٗ/‬كقاؿ أبك‬
‫حاتـ‪" :‬ثقة صدكؽ مف أتقف أصحاب أبي إسحاؽ" ‪ ،‬كقاؿ عيسى بف يكنس‪" :‬كاف أصحابنا سفياف كشريؾ كعد قكما‬
‫إذا اختمفكا في حديث أبي إسحاؽ يجيئكف إلى أبي فيقكؿ اذىبكا إلى ابني إسرائيل فيك أركػ عنو مني كأتقف ليا مني‬
‫ىك كاف قائد جده" [تيذيب التيذيبٔ‪،]ٕٕٙ/‬أبك إسحاؽ السبيعي‪،‬عمرك بف عبد هللا‪:‬ثقة مكثر‪،‬اختمط بآخره‬
‫[تقريب‪،]ٕٖٗ/‬أبك بردة‪:‬ثقة[تقريب‪،]ٕٙٔ/‬فالحديث صحيح بيذا اإلسناد‪،‬كأخرجو ابف أبي شيبة في مصنفو‪ ،‬كتاب‬
‫المغازؼ‪ ،‬باب ما جاء في الحبشة كأمر النجاشي كقصة إسبلمو [‪/ٖ٘ٓ/ٚ‬حٓٗ‪.]ٖٙٙ‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫البداية كالنياية البف كثير ‪ٕٙٔ/ٜ‬ط ىجر‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫كأسكت المساف عف ذكر الدنيا"ٔ‪.‬‬
‫إف الضمير الحر اليقع يجعل االنساف ال يتبع في دينو غير َم ْف أمر هللا باتباعو‪ ،‬فيعع بالحسنى كيأمر‬
‫بالمعركؼ كينيى عف المنكر حتى إذا لـ يؤت نصحو ثمرتو ‪،‬ك عاند المأمكر كعارض أب أر ذمتو إلى هللا‬
‫فتب أر مف صنيعو كابتعد عنو ؛حتى لك كاف مف المقربيف في محيط أسرتو كمما ابتعدكا عف منياج الديف‪،‬‬
‫كال يداىف‪،‬كىذا ما جعل الصحابة رضي هللا عنيـ يقاتمكف في سبيل هللا آباءىـ كأبناءىـ‪ ،‬كقد كردت سكرة‬
‫كاممة في القرآف الكريـ تذـ أبا ليب كزكجتو‪ ،‬بالرغـ مف صمتو بالرسكؿ ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫اىيـ ِألَِب ِ‬
‫يو‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫است ْغ َف ُار إْبَر َ‬
‫اف‬
‫قد تب أر إبراىيـ عميو السبلـ مف كالده حيف كره اتباع منيج هللا ‪،‬قاؿ تعالى‪َ ﴿:‬و َما َك َ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫اىيـ َأل ََّو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫﴾ [التكبة ‪.]ٔٔٗ:‬‬
‫يـ‬
‫اه َحم ٌ‬ ‫ِإَّال َع ْف َم ْو ِع َد ٍة َو َع َد َىا ِإَّي ُ‬
‫اه َفَم َّما َتَبَّي َف َل ُو أََّن ُو َعُد ّّو َّّلِل َتَبَّأَر مْن ُو ِإ َّف ِإْبَر َ ٌ‬
‫قاؿ ابف القيـ‪":‬مف عبلمات يقظة الضمير كمف عبلمات تعظيـ النيي أف يغضب ﵀ عز ك جل إذا‬
‫انتيكت محارمو‪ ،‬كأف يجد في قمبو حزنا ككسرة إذا عصى هللا تعالى في أرضو كلـ يضمع باقامة حدكده‬
‫ٕ‬
‫كأكامره كلـ يستطع ىك أف يغير ذلؾ"‬
‫ٕػ عدـ االغترار بالدنيا وزينتيا والثبات أماـ الشيوات‪:‬‬
‫فصاحب الضمير الحي ال ينساؽ كراء ميكلو الشخصية بل يرجح كفة الشرع عمى كفة الغرائز كالشيكات‪،‬‬
‫فبل ينصاع كراء األىكاء كال ينحني أماـ أؼ انحرافات كال شؾ أف اإليماف ىك الحارس األميف الذؼ يحفع‬
‫اإلنساف أماـ تمؾ المطامع الجارفة‪ ،‬ركػ الطبرؼ قاؿ‪" :‬لما ىبط المسممكف المدائف‪ ،‬كجمعكا األقباض‪،‬‬
‫أقبل رجل بحق معو‪ ،‬فدفعو إلى صاحب األقباض‪ ،‬فقاؿ كالذيف معو‪ :‬ما رأينا مثل ىذا قط‪ ،‬ال يعدلو ما‬
‫عندنا كال يقاربو‪ ،‬فقالكا‪ :‬ىل أخذت منو شيئا؟ فقاؿ‪ :‬أما كهللا لكال هللا ما أتيتكـ بو‪ ،‬فعرفكا أف لمرجل شأنا‪،‬‬
‫فقالكا‪ :‬مف أنت؟ فقاؿ‪ :‬ال كهللا ال أخبركـ لتحمدكني‪ ،‬كال غيركـ ليقرظكني كلكني أحمد هللا كأرضى‬
‫بصكابي‪ ،‬فأتبعكه رجبل حتى انتيى إلى أصحابو‪ ،‬فسأؿ عنو فإذا عامر بف عبد قيس"ٖ‪.‬‬
‫كلـ يكف ىذا إال نتاج تربية النبي ‪ ‬ليذه الجماعة المسممة حتى أتت بالعجب العجاب‪.‬‬
‫َّللا َعَمْي ِو َو َسَّم َـ َر ُج ًال ِم ْف‬ ‫َّ‬
‫النب ُّي َصمى َّ ُ‬
‫اس َت ْعمل َّ ِ‬
‫اؿ‪َ َ ْ ":‬‬
‫ركػ ذلؾ البخارؼ مف حديث أبي حميٍد َّ ِ ِ‬
‫الساعد ُّؼ َق َ‬ ‫ُ َْ‬
‫َّللا‬ ‫َّ‬ ‫ُى ِدي لِي‪َ ،‬فَقاـ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫النب ُّي َصمى َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫اؿ‪َ :‬ى َذا َل ُك ْـ َو َى َذا أ ْ َ‬
‫اؿ َل ُو‪ْ :‬اب ُف ْاأل َُتبَّية َعَمى َص َد َقةٍ‪َ ،‬فَم َّما َقد َـ َق َ‬ ‫َس ٍد ُيَق ُ‬ ‫َبني أ ْ‬
‫َّللا وأَ ْثَنى عَمي ِو ُث َّـ َقاؿ‪ ":‬ما باؿ اْلع ِ‬
‫ام ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َْ‬ ‫اف أَْي ًضا‪َ :‬ف َصع َد اْلمْنَبَر َف َحم َد َّ َ َ‬ ‫اؿ ُس ْفَي ُ‬ ‫َعَمْيو َو َسم َـ َعَمى اْلمْنَب ِر‪َ ،‬ق َ‬
‫ظُر أَُي ْي َدى َل ُو أ َْـ َال‪َ ،‬و َّال ِذي َن ْف ِسي‬ ‫ُم ِو َفَيْن ُ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬
‫س في َبْيت أَبيو َوأ ّ‬
‫َنبع ُثو َفيأ ِْتي يُقوؿ‪ :‬ى َذا َلؾ وى َذا لِي ‪َ ،‬في َّال جَم ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َْ ُ َ َ ُ َ َ َ َ‬
‫اف َب ِع ًا‬ ‫ِِ‬ ‫ِبي ِد ِه َال يأ ِْتي ِب َشي ٍء ِإَّال جاء ِب ِو يوـ اْل ِقي ِ ِ‬
‫اء ‪،‬أ َْو َبَقَرًة َل َيا ُخ َوٌار‬ ‫ير َل ُو ُر َغ ٌ‬ ‫امة َي ْحمُم ُو َعَمى َرَقَبتو؛ ِإ ْف َك َ‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طْي ِو‪ ،‬أََال َى ْل َبَّم ْغ ُت – َث َال ًثا‪. "-‬‬
‫ٗ‬
‫‪،‬أ َْو َشا ًة َتْي َعُر‪ُ ،‬ث َّـ َرَف َع َي َدْي ِو َح َّتى َأرَْيَنا ُع ْفَرَت ْي ِإْب َ‬

‫ٔ‪-‬‬
‫شعب اإليماف [ٔ‪/ٖ٘ٔ/‬ح‪.]ٛٛٙ‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫الكابل الصيب‪،‬ص ٕٗ‪.‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫تاريخ الطبرؼ (ٗ‪.)ٔٙ/‬‬
‫ٗ ‪-‬‬
‫البخارؼ‪ ،‬كالمفع لو‪،‬كتاب األحكاـ‪ ،‬باب ىدايا العماؿ[‪/ٕٕٙٗ /ٙ‬ح ٖ٘‪،]ٙٚ‬كأبك داكد‪،‬كتاب الخراج‪،‬باب فى ىدايا‬

‫‪47‬‬
‫كركػ البخارؼ كمسمـ مف حديث أبي ىريرة قاؿ‪ :‬قاـ فينا رسكؿ هللا ‪ ‬يكما فذكر الغمكؿ فعظمو كعظـ‬
‫أمره‪ ،‬ثـ قاؿ‪ " :‬الَ أُْل ِفي َّف أَحد ُكـ ي ِجىء يوـ اْل ِقيام ِة عَمى رَقب ِت ِو ب ِعير َلو ر َغاء‪ ،‬يُقوؿ‪ :‬يا رسوؿ َّ ِ‬
‫َّللا‪،‬‬ ‫َ ََ ْ َ ُ َْ َ َ َ َ َ َ َ ٌ ُ ُ ٌ َ ُ َ َ ُ َ‬
‫س َل ُو‬ ‫ِِ‬ ‫َغ ْثِنى‪َ ،‬فأَ ُقوؿ‪ :‬الَ أَممِؾ َلؾ َشيئا‪َ ،‬قد أَبَم ْغتؾ‪ ،‬الَ أُْل ِفي َّف أَحدكـ ي ِجىء يوـ اْل ِقي ِ‬ ‫أِ‬
‫امة َعَمى َرَقَبتو َفَر ٌ‬ ‫َ ََ ُ ْ َ ُ َْ َ َ َ‬ ‫ْ ُ َ ًْ ْ ْ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َغ ْثِنى‪َ ،‬فأَ ُقوؿ‪ :‬الَ أ ِ‬ ‫حمحم ٌة‪َ ،‬فيُقوؿ‪ :‬يا رسوؿ َّ ِ‬
‫َّللا أ ِ‬
‫ىء َي ْوَـ‬
‫َح َد ُك ْـ َيج ُ‬ ‫َمم ُؾ َل َؾ َشْيًئا ‪َ ،‬ق ْد أَْبَم ْغ ُت َؾ‪،‬الَ أُْلفَي َّف أ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ َُ َ‬ ‫َََْ‬
‫َممِ ُؾ َل َؾ َشْيًئا ‪َ ،‬ق ْد أَْبَم ْغ ُت َؾ‪،‬الَ‬ ‫اْل ِقيام ِة عَمى رَقب ِت ِو َشا ٌة َليا ُث َغاء‪ ،‬يُقوؿ‪ :‬يا رسوؿ َّ ِ ِ ِ‬
‫وؿ‪ :‬الَ أ ْ‬ ‫َّللا أَغ ْثنى‪َ ،‬فأَ ُق ُ‬ ‫ٌ َ ُ َ َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫وؿ‪ :‬الَ‬ ‫أُْل ِفي َّف أَحد ُكـ ي ِجىء يوـ اْل ِقيام ِة عَمى رَقب ِت ِو َن ْفس َليا ِصياح ‪َ ،‬فيُقوؿ‪ :‬يا رسوؿ َّ ِ ِ ِ‬
‫َّللا أَغ ْثنى‪َ ،‬فأَ ُق ُ‬ ‫َ ٌ َ ُ َ َُ َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ ََ ْ َ ُ َْ َ َ َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امة َعَمى َرَقَب ِتو ِرَق ٌ‬
‫ِ ٔ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ ِ‬
‫وؿ‬ ‫ِ‬ ‫َمم ُؾ َل َؾ َشْيًئا‪َ ،‬ق ْد أَْبَم ْغ ُت َؾ‪ ،‬الَ أُْلفَي َّف أ َ‬
‫وؿ‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫ق َفَيُق ُ‬ ‫اع َت ْخف ُ‬ ‫ىء َي ْوَـ اْلقَي َ‬ ‫َح َد ُك ْـ َيج ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ ٕ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا أَغ ْثنى‪َ ،‬فأَ ُقوؿ‪ :‬الَ أ ِ‬ ‫ِ‬
‫امة َعَمى َرَقَبتو َصام ٌت‬ ‫ىء َي ْوَـ اْلقَي َ‬ ‫َح َد ُك ْـ َيج ُ‬ ‫َمم ُؾ َل َؾ َشْيًئا ‪َ ،‬ق ْد أَْبَم ْغ ُت َؾ‪،‬الَ أُْلفَي َّف أ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫َممِ ُؾ َل َؾ َشْيًئا َق ْد أَْبَم ْغ ُت َؾ"ٖ‪.‬‬ ‫‪َ ،‬فيُقوؿ‪ :‬يا رسوؿ َّ ِ ِ ِ‬
‫وؿ‪ :‬الَ أ ْ‬‫َّللا أَغ ْثنى‪َ ،‬فأَ ُق ُ‬ ‫َ ُ َ َُ َ‬
‫س َما َك َسَب ْت‬ ‫ام ِة ُث َّـ ُت َوَّفى ُك ُّل َن ْف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َف َي ُغ َّل َو َم ْف َي ْغُم ْل َيأْت ب َما َغ َّل َي ْوَـ اْلقَي َ‬ ‫اف لَِن ِب ٍّي أ ْ‬‫قاؿ تعالى‪َ ﴿ :‬و َما َك َ‬
‫َو ُى ْـ َال ُي ْظَم ُمو َف ﴾ [آؿ عمراف‪.]ٔٙٔ:‬‬
‫كقد حممت الغنائـ إلى عمر ‪ ‬بعد القادسية كفييا تاج كسرػ كايكانو ال يقكماف بثمف‪ ،‬فنظر ‪ ‬إلى ما‬
‫أبداه الجند في غبطة كقاؿ‪" :‬إف قكما أدكا ىذا ألميرىـ ألمناء"ٗ‪.‬‬
‫فاإليماف الخالص حيف يبلمس ضمي اًر حياً يعمل في تربية النفكس كيرفع اىتماماتيا كيكسع آفاقيا‪ ،‬فبل‬
‫تستبدؿ الذؼ ىك أدنى بالذؼ ىك خير‪ ،‬بل تترفع عف الشيكات حتى تناؿ عظيـ الدرجات‪.‬‬
‫ٖػ الثبات عمى المبدأ‪:‬‬
‫"صاحب الضمير العادؿ ال تؤثر فيو المكاقف التي يتعرض فييا لخطر التيديد باإليذاء المادؼ‪ ،‬أك‬
‫باإليذاء الجسدؼ‪ ،‬أك باإليذاء المعنكؼ‪ ،‬فيك ال يعرؼ إلى الحقيقة كال يفكه إال بيا‪ ،‬كال يتمسؾ إال بما‬
‫يرضي ضميره العادؿ‪ ،‬ككذا فإنو يتصف بأنو ال يميف تحت تأثير الكبلـ المعسكؿ‪ ،‬أك الكعكد البراقة أك‬
‫بإثارة عكاطفو‪ ،‬أك بذكر مآثره أك مآثر أسرتو"٘‪.‬‬

‫العماؿ [ٖ‪/ٜ٘/‬ح ‪،]ٕٜٗٛ‬كأحمد[٘‪/ٕٖٗ/‬ح ‪.]ٕٖٙٗٙ‬‬


‫حرَكتُيا[لساف العرب‪،]ٖٕٔ/ٛ‬كقيل‪:‬ىك ما يغل مف‬ ‫كب ِة في الر‬
‫قاع‪،‬كخُفكُقيا َ‬
‫ُ‬ ‫الحقكؽ اْل َم ْكتُ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٔ ‪ -‬أَراد ِّ‬
‫بالرقا ِع َما َعَم ْيو م َف ُ‬
‫الثياب [كشف المشكل مف حديث الصحيحيف ألبي الفرج عبد الرحمف ابف الجكزؼ‪،‬صٗ‪،ٜٚ‬تحقيق ‪ :‬عمي حسيف البكاب‬
‫‪ٔٗٔٛ‬ىػ ‪ٜٜٔٚ -‬ـ ‪،‬دار الكطف – الرياض]‪.‬‬
‫الذىب َكاْلِف َّ‬
‫ض ُة[لساف العربٕ‪.]٘٘/‬‬ ‫ِ‬
‫الصام ُت‪َّ :‬‬ ‫ٕ‪-‬‬

‫ٖ ‪ -‬مسمـ‪ ،‬كالمفع لو‪،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب غمع تحريـ الغمكؿ [‪/ٔٓ/ٙ‬ح ‪،]ٖٜٗٛ‬كالبخارؼ‪،‬كتاب الجياد كالسير‪،‬باب‬
‫الغمكؿ[ٖ‪/ٔٔٔٛ/‬ح ‪،]ٕٜٓٛ‬كأبك يعمى[ٓٔ‪/ٜٗٙ/‬ح ٖ‪.]ٙٓٛ‬‬
‫ٗ‪-‬‬
‫البداية كالنياية البف كثير ‪،‬ذكر فتح المدائف‪ ٔٚ/ٔٓ،‬تحقيق‪ :‬عبد هللا بف عبد المحسف التركي‪ ،‬ط األكلى‪ٕٔٗٗ ،‬ىػ ‪/‬‬
‫ٖٕٓٓـ‪ ،‬دار ىجر لمطباعة كالنشر كالتكزيع كاإلعبلف‪.‬‬
‫٘‪-‬‬
‫الضمير كأثره في اإلنساف‪ ،‬ص‪.ٜٜ‬‬

‫‪48‬‬
‫ٗ‪ -‬االتزاف والنظر لمحياة بالنظرة المعتدلة‪:‬‬
‫ُم ًة‬ ‫مف سمات الديف اإلسبلمي فيك ديف الكسطية ‪،‬قاؿ تعالى﴿ َوَك َذلِ َؾ َج َعْمَن ُ‬
‫اك ْـ أ َّ‬ ‫إ َّف التكازف كاالعتداؿ‬
‫يدا‪ ﴾ ...‬اآلية ‪[ ،‬البقرة ‪.]ٖٔٗ:‬‬‫وؿ َعَمْي ُك ْـ َش ِي ً‬ ‫الن ِ‬
‫اس َوَي ُكو َف َّ‬ ‫َعَمى َّ‬ ‫وس ً ِ‬
‫الر ُس ُ‬ ‫اء‬
‫طا ل َت ُكوُنوا ُش َي َد َ‬ ‫ََ‬
‫‪،‬سكؼ النفس بشكل خاص عمبلً بقكلو‬ ‫ّ‬ ‫كاالعتداؿ عمى حياة المسمـ حي الضمير‬ ‫كينعكس ىذا التكسط‬
‫تعالى‪:‬‬
‫َّللا ِإَلْي َؾ َوَال َتْب ِغ‬ ‫َح ِس ْف َك َما أ ْ‬
‫َح َس َف َّ ُ‬ ‫س َن ِص َيب َؾ ِم َف ُّ‬
‫الدْنَيا َوأ ْ‬ ‫ِ‬
‫َّار ْاآلخَرَة َوَال َتْن َ‬ ‫َّللا الد َ‬
‫اؾ َّ ُ‬
‫آت َ‬
‫يما َ‬ ‫ِ‬
‫﴿ َو ْاب َت ِغ ف َ‬
‫ِ‬ ‫اْل َفس َاد ِفي ْاألَْر ِ ِ‬
‫يف﴾ [القصص‪.]ٕٛ:‬‬ ‫َّللا َال ُي ِح ُّب اْل ُم ْف ِسد َ‬
‫ض إ َّف َّ َ‬ ‫َ‬
‫فالنظرة المعتدلة تقي اإلنساف مف مغبة العجمة ‪،‬ك تكطنو عمى حسف التأمل لؤلمكر كىك ما يكفر الحكـ‬
‫َّ‬
‫س‬‫الصحيح‪ ،‬فأساس الضبلؿ اتباع الظف كاليكػ ؛قاؿ تعالى‪ِ ﴿ :‬إ ْف َي َّت ِب ُعو َف ِإَّال الظ َّف َو َما َت ْي َوى ْاألَ ْن ُف ُ‬
‫اء ُى ْـ ِم ْف َرّبِ ِي ُـ اْل ُي َدى﴾ [النجـ ‪.]ٕٖ:‬‬
‫َوَلَق ْد َج َ‬
‫٘‪ -‬عمو اليمة‪:‬‬
‫المؤمف المطمئف الضمير ال يرضى بالدكنية‪ ،‬بل ىك في سعي دائـ نحك الكماؿ البشرؼ ما أمكنو‪،‬فا﵀‬
‫جل كعبل لـ يخمقنا عبثًا‪ ،‬كلـ يتركنا سدػ‪،‬بل لغاية سامية كىدؼ نبيل‪،‬محاسبكف عمى ما نمضي مف‬
‫أعمارنا‪..‬عمى الكقت‪..‬عمى الصحة‪..‬عمى األعماؿ‪،‬كالماؿ‪ ،‬كليذا فالمسمـ في ارتقاء دائـ ‪ ،‬يربي نفسو‪،‬‬
‫كييذب ضميره‪ ،‬كيراقب قمبو كجكارحو حتى يصل بيا إلى بر األماف‪،‬قاؿ اإلماـ الغزالي‪" :‬ككما أف البدف‬
‫في االبتداء ال يخمق كامبل كانما يكمل كيقكػ بالنشكء كالتربية بالغذاء‪ ،‬فكذلؾ النفس تخمق ناقصة قابمة‬
‫ٔ‬
‫لمكماؿ ‪،‬كانما تكمل بالتربية كتيذيب األخبلؽ كالتغذية بالعمـ"‪.‬‬
‫‪-ٙ‬السالمة مف كثير مف األمراض النفسية ‪:‬‬
‫صاحب النفس المطمئنة الكاثقة ال يتطرؽ إليو شيئ مف األمراض النفسية كال االجتماعية‪ ،‬إذ أغمب‬
‫األمراض النفسية ناشئة عف الجيل بمعاني الكجكد منشئا كمصي ار كمآال‪ ،‬كىذا الجيل يكلد ثقكبا كفجكات‬
‫في النفس البشرية تجعميا تعيش حالة مف القمق كاالضطراب كالخكؼ كالتكتر قد يؤدؼ بيا إلى االنتحار‬
‫أك الجنكف‪،‬ك األمراض االجتماعية أيضا تنتج مف ضعف اإليماف كعدـ االعتماد عمى هللا كالثقة بما عنده‪،‬‬
‫كالرضا بقضائو ك قسمتو‪ ،‬فيؤدؼ باإلنساف إلى الحقد كالحسد أك التباغض كالتنافر‪،‬بينما معرفة هللا جل‬
‫عبله تحقق االستقرار ك السكينة ‪ ،‬كاألمف كالطمأنينة ‪.‬‬
‫كمف ىنا يعمـ أف صاحب الضمير الحي الذؼ رباه القرآف كنبي اإلسبلـ يبمغ بإيمانو كحياة فؤاده منزلة في‬
‫الدنيا كاآلخرة ال يبمغيا سكاه‪ ،‬فاإلسبلـ قد ربى الضمير تربية خاصة تمكنو مف معرفة األمراض التي‬
‫تصيب النفكس كتعطب األركاح ‪ ،‬كتميت القمكب ‪ ،‬كلـ يكتف بيذا بل رسـ لو طريقاً كاضحا نحك العبلج‬
‫الرباني لجميع تمؾ األمراض ‪ ،‬كىذه األدكية مناسبة لكل العمل المرضية التي قد تصيب مختمف أنكاع‬

‫ٔ اإلماـ الغزالي – إحياء عمكـ الديف ص ٕ‬

‫‪49‬‬
‫النفكس البشرية ‪.‬‬
‫الضمير والنفس‪:‬‬
‫خمق هللا النفس كأكدعيا قكتيف‪ ،‬قكة الفجكر كىي القكة السمبية التي تدفعو إلى الشر كالتمرد كاالنحراؼ عف‬
‫الصكاب‪ ،‬كقكة معاكسة تمنعو مف ارتكاب اآلثاـ فيي قكة إيجابية تحميو مف الشر كتدفعو إلى الخير‪.‬‬
‫فالنكع األكؿ ىي النفس األمارة بالسكء فيي مصدر الضبلؿ كالفسق في اإلنساف‪ ،‬كقد حكى القرآف عف‬
‫ىذه النفس ككيف أنيا تسكؿ لئلنساف الشر كتحممو عميو ؛ مف ذلؾ قكؿ السامرؼ لما سألو سيدنا مكسى‬
‫صُروا ِب ِو‬ ‫ِ‬
‫اؿ َب ُصْر ُت ب َما َل ْـ َيْب ُ‬ ‫‪ ‬عما حمميـ عمى صنع تمثاؿ مف ذىب يعبده الناس قاؿ تعالى‪َ ﴿ :‬ق َ‬
‫وؿ َفَنَب ْذ ُت َيا َوَك َذلِ َؾ َس َّوَل ْت لِي َن ْف ِسي ﴾ [طو‪ ،]ٜٙ:‬كقكؿ يعقكب ‪ ‬ألبنائو‬ ‫الرس ِ‬ ‫ِ‬
‫َفَقَب ْض ُت َقْب َض ًة م ْف أَ َث ِر َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫َمًار‬‫اؿ َب ْل َس َّوَل ْت َل ُك ْـ أَْن ُف ُس ُك ْـ أ ْ‬
‫اءوا َعَمى َقميصو ب َد ٍـ َكذ ٍب َق َ‬ ‫لما تخمصكا مف أخييـ يكسف ‪َ ﴿ ‬و َج ُ‬
‫اف َعَمى َما َت ِص ُفو َف ﴾ [يكسف‪ ،]ٔٛ:‬كيخبر القرآف الكريـ عف ما حدث بيف‬ ‫َّللا اْل ُم ْس َت َع ُ‬
‫يل َو َّ ُ‬
‫ِ‬
‫َف َصْبٌر َجم ٌ‬
‫َخ ِ‬
‫يو َفَقَتَم ُو َفأَصبح ِم َف اْل َخ ِ‬ ‫ط َّوع ْت َل ُو َن ْفس ُو َق ْتل أ ِ‬
‫يف ﴾ [المائدة‪.]ٖٓ:‬‬ ‫اس ِر َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قابيل كىابيل قاؿ تعالى‪َ ﴿ :‬ف َ َ‬
‫إف النفس األمارة بالسكء ىي التي تسكؿ لئلنساف ارتكاب الجرائـ كتدفعو إلى اقتراؼ المحرمات‪.‬‬
‫معنى النفس ‪:‬‬
‫قاؿ ابف منظكر‪ :‬قاؿ ابف خالكيو ‪ :‬النفس ‪ :‬الركح ‪ ،‬كالنفس ما يككف بو التمييز ‪،‬قاؿ ابف برػ‪:‬أما النفس‬
‫س ِح َ‬
‫يف َم ْوِت َيا)‬ ‫َّ‬
‫الركح ‪ ،‬كالنفس ما يككف بو التمييز ‪ ،‬فشاىدىما قكلو سبحانو ‪ُ َّ ﴿ :‬‬
‫َّللا َي َت َوفى ْاألَن ُف َ‬
‫[الزمر‪ ،]ٕٗ:‬فالنفس األكلى ‪ :‬ىي التي تزكؿ بزكاؿ الحياة ‪ ،‬كالنفس الثانية ‪ :‬التي تزكؿ بزكاؿ العقل ‪،‬‬
‫كالعرب قد تجعل النفس التي يككف بيا التمييز نفسيف ‪ ،‬كذلؾ أف النفس قد تأمره بالشيء كتنيى عنو كذلؾ‬
‫عند اإلقداـ عمى أمر مكركه فجعمكا التي تأمره نفساً ‪ ،‬كجعمكا التي تنياه كأنيا نفس أخرػ‪ ،‬كالنفس يعبر‬
‫س َيا َح ْسَرَتى عَمى َما‬
‫وؿ َن ْف ٌ‬
‫بيا عف اإلنساف جميعو كقكليـ ‪ :‬عندؼ ثبلثة أنفس ‪ ،‬ككقكلو تعالى‪ ﴿:‬أَف َتُق َ‬
‫ٔ‬ ‫نب َّ ِ‬
‫َّللا﴾ [الزمر‪ ،]٘ٙ:‬كالنفس ‪ :‬الدـ ‪ .‬يقاؿ ‪ :‬سالت نفسو"‬ ‫طت ِفي َج ِ‬
‫َفَّر ُ‬
‫قاؿ القرطبي‪ ":‬قاؿ ابف عباس‪ " :‬في ابف آدـ نفس كركح بينيما مثل شعاع الشمس‪ ،‬فالنفس التي بيا‬
‫ٕ‬
‫العقل كالتمييز‪ ،‬كالركح التي بيا النفس كالتحريؾ‪ ،‬فإذا ناـ العبد قبض هللا نفسو كلـ يقبض ركحو‪.‬‬
‫اؿ تَ َعاَلى ‪:‬‬ ‫قاؿ ابف تيمية رحمو هللا‪ " :‬كيراد ِبنْف ِ َّ ِ‬
‫اؿ َأرَْيت َزْيًدا َنْف َس ُو َك َع ْي َن ُو َكَق ْد َق َ‬
‫س الش ْيء َذاتُ ُو َك َع ْيُن ُو َك َما ُيَق ُ‬ ‫َ َُ ُ َ‬
‫َعَمـ ما ِفي َن ْف ِس َؾ ِإَّن َؾ أَْن َت َع َّالـ اْل ُغُي ِ‬
‫وب﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫تعَم ُـ َما في َن ْفسي َوَال أ ْ ُ َ‬
‫﴿ْ‬
‫وتأتي النفس بمعنى الضمير ‪:‬‬
‫فتعرؼ بأنيا " ما يدؿ عمى ذات اإلنساف بكل دكافعو كفيمو كعكاطفو" ‪،‬كمف األمثمة عمى استخداـ القرآف‬
‫َعَمـ ِبما ِفي ُن ُف ِ‬
‫وس ُك ْـ ِإ ْف‬ ‫الكريـ كممة النفس لئلشارة إلى ضمير اإلنساف كطكيتو؛ قاؿ تعالى‪َ﴿ :‬رُّب ُك ْـ أ ْ ُ َ‬

‫ٔ‪-‬‬
‫لساف العرب‪.ٕٖٖ/ٙ‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫الجامع ألحكاـ القرآف٘ٔ‪.ٕٙٔ /‬‬

‫‪54‬‬
‫َت ُكوُنوا صالِ ِحيف َفِإَّن ُو َك ِ‬
‫ور﴾ [ اإلسراء ‪.ٔ " ]ٕ٘ :‬‬ ‫اف ل ْْل ََّوا ِب َ‬
‫يف َغ ُف ًا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫" اف النفس لـ يعرؼ كنيا بالضبط ‪ ،‬بل لـ يعرؼ مكقعيا مف اإلنساف ‪ ،‬ككل ما يعرؼ عنيا ىك ما‬

‫يبلحع عف المرء مف سكنات‪ ،‬كحركات‪ ،‬كنشاط حيكؼ سكاء كاف ذلؾ ً‬


‫خاصا باحتكاكو بغيره مف الكائنات‬
‫أـ خاصا بو كحده‪ ،‬فالنفس السميمة يرػ صاحبيا كقد سار في الحياة في طريق سكؼ طبيعي ليس بو‬
‫معكجا مف شأنو أف يظيره في مظير غير‬
‫ِّ‬ ‫سير ِّ‬
‫شاذا‬ ‫شذكذ ‪ ،‬كالنفس السقيمة يرػ صاحبيا قد سار ًا‬
‫ٕ‬
‫مألكؼ"‬
‫تأنيب الضمير والنفس الموامة‪:‬‬
‫كعمى النقيض مف ذلؾ النفس المكامة التي تحاسب اإلنساف أكال بأكؿ‪ ،‬فبل تدعو يتمادػ في لجج‬
‫المعاصي؛ بل تردعو كتزجره‪.‬‬
‫"فالنفس المكامة ىي الرقيب الخاص داخل كل إنساف كىك التي تحاسب اإلنساف في داخمو حسابا عسي ار‬
‫عما بدر منو مف ممارسات كسمككيات يأباىا الضمير العاـ أك الخاص"ٖ‪.‬‬
‫كقد مف هللا عز كجل عمى المكفقيف مف عباده بيذه النفس المكامة ؛فيي فقط ال تمكـ صاحبيا عمى الشر‬
‫حيف يمتبس بو؛ بل تمكمو أيضا عمى الخير حيث لـ يزدد منو‪.‬‬
‫فصاحب ىذه النفس يقع الضمير‪ ،‬مرىف الحس‪ ،‬ىك مف نفسو في راحة حيث نأػ بيا عف مكاطف‬
‫اليمكة‪ ،‬كالناس منو في عافية حيث يسممكف مف بكائقو‪.‬كقد أقسـ هللا عز كجل بيا قاؿ تعالى‪َ ﴿ :‬ال أُ ْق ِس ُـ‬
‫ام ِة ﴾ [القيامة‪ ،]ٕ-ٔ:‬قاؿ ابف كثير‪" :‬عف الحسف البصرؼ؛ قاؿ‪ :‬إف‬ ‫ِ ِ َّ ِ َّ‬
‫‪.‬وَال أُ ْقس ُـ بالن ْفس الم َّو َ‬
‫ِبيوـِ اْل ِقي ِ‬
‫امة َ‬
‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫المؤمف كهللا ما نراه إال يمكـ نفسو ما أردت بكممتي‪ ،‬ما أردت بأكمتي‪ ،‬ما أردت بحديث نفسي‪ ،‬كاف الفاجر‬
‫يمضي ُقُدماً ما يعاتب نفسو"ٗ‪.‬‬
‫كقاؿ القرطبي‪" :‬معنى النفس المكامة‪ :‬أؼ بنفس المؤمف الذؼ ال تراه إال يمكـ نفسو يقكؿ‪ :‬ما أردت بكذا فبل‬
‫تراه إال كىك يعاتب نفسو‪ ،‬كقاؿ الفراء‪ :‬ليس مف نفس محسنة أك مسيئة إال كىي تمكـ نفسيا؛ فالمحسف يمكـ‬
‫نفسو أف لك كاف ازداد إحسانا‪ ،‬كالمسيء يمكـ نفسو أف ال يككف ارعكػ عف إساءتو"٘‪.‬‬
‫كقاؿ الراغب في تعريف النفس المكامة‪":‬ىي التي اكتسبت الفضيمة فتمكـ صاحبيا إذا ارتكب مكركىا؛ كىي‬
‫النفس المطمئنة ؛ كقيل‪ :‬بل ىي النفس التي إطمئنت في ذاتيا كترشحت لتأديب غيرىا فيي فكؽ النفس‬
‫‪ٙ‬‬
‫المطمئنة "‬

‫ٔ ‪-‬منيج التربية اإلسبلمية في تربية النفس‪ ،‬د ‪.‬صالح إيشاف عبد الرحمف ‪،‬ص ٕٓٗ‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫مذكرة في عمـ النفس‪ ،‬عارؼ جمعة ‪ ،‬صٖٔ‪ٖٕ:‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫ثقكب في الضمير ألحمد عكاشة‪ ،‬ص‪.ٛ‬‬
‫ٗ‪-‬‬
‫تفسير ابف كثير ‪.ٕٚ٘/ٛ‬‬
‫٘‪-‬‬
‫الجامع ألحكاـ القرآف لمقرطبي‪.ٜٖ-ٜٕ/ٜٔ‬‬
‫‪-ٙ‬‬
‫المفردات في غريب القرآف‪،‬الراغب األصفياني‪ ،‬صٕٔٗ‪،ٕٕٗ-‬تحقيق دمحم الكيبلني ‪،‬دار المعرفة‪ ،‬بيركت‪ ،‬لبناف‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫كقاؿ الغزالي كاصفا ما ينبغي أف تككف عميو النفس بعد أدائيا لمعمل‪" :‬محاسبتيا أؼ لكميا عمى طاعة‬
‫قصرت فييا مف حق هللا عز كجل‪ ،‬فمـ تكقعيا عمى الكجو الذؼ ينبغي‪ ،‬كحق هللا تعالى في الطاعة ستة‬
‫أمكر كىي‪ :‬اإلخبلص في العمل‪ ،‬كالنصيحة ﵀ فيو‪ ،‬كمتابعة الرسكؿ ‪ ‬فيو‪ ،‬كحصكؿ المراقبة فيو‪،‬‬
‫كشيكد منة هللا عميو‪ ،‬كشيكد تقصيره فيو بعد ذلؾ كمو‪ ،‬فيحاسب نفسو كيمكميا‪ ،‬ىل كفى ىذه المقامات‬
‫حقيا؟ كىل أتى بيا في ىذه الطاعة؟ ككذلؾ محاسبة نفسو‪ ،‬كلكميا عمى كل عمل كاف تركو خي ار مف‬
‫فع مو‪ ،‬ككذلؾ عميو أف يحاسب نفسو كيمكميا عمى أمر مباح أك معتاد لما فعمو‪ .‬كىل أراد بو هللا كالدار‬
‫اآلخرة؟ فيككف رابحاً‪ ،‬أك أراد بو الدنيا كعاجميا فيخسر ذلؾ الربح كيفكتو الظفر بو"ٔ‪.‬‬
‫َّللاِ ْب ُف اْل َكلِ ِيد‬
‫‪،‬حَّدثََنا َع ْبُد َّ‬‫ُّكب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخ َب َرَنا َسع ُيد ْب ُف أَبي أَي َ‬
‫ركػ أحمد قاؿ‪:‬حَّدثَنا يعمر بف ِب ْش ٍر‪ ،‬أَخبرنا عبد َّ ِ‬
‫َّللا‪ ،‬أ ْ‬ ‫ْ ََ َ َ ُْ‬ ‫َ َ َ ْ َُ ْ ُ‬
‫اإليم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫‪،‬عف أَِبي سَميم َّ ِ‬
‫اف‬ ‫"م َث ُل اْل ُم ْؤمف‪َ ،‬و َم َث ُل ْ َ‬ ‫اف الم ْيث ِّي‪،‬حدثنا أبك سعيد الخدرؼ ‪ ‬عف النبي ‪ ‬أنو قاؿ‪َ :‬‬ ‫ُ َْ َ‬ ‫َْ‬
‫ٖ‬
‫اف" ‪.‬‬ ‫اإليم ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٕ‬ ‫كم َث ِل اْل َفر ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫وؿ‪ُ ،‬ث َّـ َيْرج ُع إَلى آخَّيتو‪َ ،‬واِ َّف اْل ُم ْؤم َف َي ْس ُيو ُث َّـ َيْرج ُع إَلى ْ َ‬ ‫س في آخَّيتو َي ُج ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ِ ِ‬
‫اف‪،‬‬ ‫اف ْب ُف ُع َي ْي َن َة‪َ ،‬ع ْف َج ْعَف ِر ْب ِف ُب ْرَق َ‬ ‫يل‪ ،‬ثََنا ُسْف َي ُ‬ ‫اؽ ْب ُف إ ْس َماع َ‬ ‫ركػ ابف أبي الدنيا قاؿ‪َ :‬حَّدثََنا ِإ ْس َح ُ‬
‫َّللا ع ْنو‪ " :‬ح ِ‬ ‫ط ِ ِ‬ ‫اج‪َ ،‬قاؿ‪َ :‬قاؿ عمر بف اْلخ َّ‬ ‫ِ‬
‫اسُبوا‪،‬‬ ‫َف ُت َح َ‬ ‫اسُبوا أَْن ُف َس ُك ْـ َقْب َل أ ْ‬ ‫َ‬ ‫اب َرض َي َّ ُ َ ُ‬ ‫َع ْف ثَاِبت ا ْب ِف اْل َح َّج ِ َ َ ُ َ ُ ْ ُ َ‬
‫اسُبوا َأْن ُف َس ُك ُـ اْلَي ْوَـ‪َ ،‬وَت َزَّيُنوا‬ ‫َف ُتح ِ‬
‫اب َغًدا أ ْ َ‬ ‫َى َو ُف َعَمْي ُكـ ِفي اْل ِحس ِ‬ ‫وزُنوا؛ َفِإَّن ُو أ ْ‬ ‫َف ُت َ‬ ‫َو ِزُنوا أَْن ُف َس ُك ْـ َقْب َل أ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫افَيةٌ} [الحاقة‪.ٗ" ]ٔٛ :‬‬ ‫ضو َف َال َت ْخ َفى ِمْن ُكـ َخ ِ‬
‫ْ‬ ‫{ي ْو َم ِئ ٍذ ُت ْعَر ُ‬
‫ض ْاأل َْكَب ِر َ‬ ‫لِْم َعْر ِ‬
‫اف‪َ ،‬س ِم ْع ُت َمالِ َؾ ْب َف‬ ‫ٍ‬
‫الصَّف ُار أ ْ‬
‫َح َمُد ْب ُف ُح َم ْيد‪ ،‬ثََنا َج ْعَف ُر ْب ُف ُسَم ْي َم َ‬ ‫ص َّ‬ ‫ركػ ابف أبي الدنيا قاؿ‪َ :‬حَّدثََنا أَُبك َحْف ٍ‬
‫احب َة َك َذا؟ أََلس ِت ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِف ِ‬ ‫َّللا عبدا َق ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احَب َة َك َذا؟ ُث َّـ َذ َّم َيا ُث َّـ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫يسة‪ :‬أََل ْست َص َ‬ ‫اؿ لَن ْفسو َّ َ‬ ‫كؿ‪"َ :‬رح َـ َّ ُ َ ْ ً َ‬ ‫د َين ٍار‪َ ،‬يُق ُ‬
‫اف َل َيا َق ِائًدا"٘‪.‬‬ ‫طميا‪ُ ،‬ث َّـ أَْل َزميا ِك َتاب َّ ِ‬
‫َّللا؛ َف َك َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َخ َ َ َ‬

‫ٔ‪-‬‬
‫إحياء عمكـ الديف (ٗ‪.)ٖٜٗ/‬‬
‫ٕ ‪-‬‬
‫آخيتو‪:‬األخية العركة التي تشد بيا الدابة‪،‬كتككف في كتد أك سكة مثبتة في األرض[غريب الحديث البف‬
‫الجكزؼٔ‪،ٔٗ/‬تحقيق‪:‬د‪.‬عبد المعطي قمعجي‪،‬ط األكلى‪ٜٔٛ٘،‬ـ‪،‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيركت]‪.‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫أحمد [ٖ‪/ٖٛ/‬حٖٖ٘ٔٔ]يعمر‪:‬مف كبار أصحاب عبد هللا بف المبارؾ‪،‬كثقو عمي بف المديني[تاريخ بغداد ٗٔ‪،]ٖ٘ٚ/‬عبد‬
‫بف المبارؾ ‪ :‬ثقة ثبت فقيو عالـ جكاد مجاىد جمعت فيو خصاؿ الخير [تقريب‪ ،]ٖٕٓ/‬سعيد‪:‬ثقة‬ ‫هللا‬
‫ثبت[تقريب‪،]ٕٖٖ/‬عبد هللا بف الكليد التجيبي‪:‬ذكره ابف حباف في الثقات [تيذيب‪،]ٜٙ/ٙ‬أبك سميماف‪ ،‬مالؾ بف‬
‫الحكيرث‪:‬صحابي سكف البصرة [اإلصابة في تمييز الصحابة٘‪،]ٜٚٔ/‬أبك سعيد‪ ،‬سعد بف مالؾ ابف سناف األنصارؼ‬
‫الخزرجي أبك سعيد الخدرؼ مشيكر بكنيتو ‪،‬استصغر بأحد‪ ،‬كاستشيد أبكه بيا‪ ،‬كغ از ىك ما بعدىا ‪،‬ركػ عف النبي‬
‫صمى هللا عميو ك سمـ الكثير ‪،‬مات سنة أربع كسبعيف[اإلصابة ٖ‪]ٜٚ/‬فالحديث حسف بيذا اإلسناد‪ ،‬كأخرجو أبك يعمي‬
‫[ٕ‪/ٖ٘ٚ/‬ح‪ ،]ٔٔٓٙ‬كابف حباف ‪ ،‬كتاب الرقائق‪ ،‬باب التكبة‪ ،‬ذكر اإلخبار عما يجب عمى المرء مف لزكـ التكبة‪،‬‬
‫كاإلنابة عند السيك كالخطأ [ٕ‪/ٖٔٛ/‬حٔ‪]ٙٙ‬كالمفع ليـ‪.‬‬
‫ٗ ‪-‬‬
‫ابف أبي الدنيا في محاسبة النفس[صٕٕ‪/‬حٕ]تحقيق‪ :‬المسعتصـ با﵀ أبي ىريرة مصطفى بف عمي بف عكض ‪،‬ط‬
‫األكلى‪ ٔٗٓٙ ،‬ىػ ‪ ٜٔٛٙ -‬ـ ‪،‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيركت‪.‬‬
‫٘‪-‬‬
‫ابف أبي الدنيا في محاسبة النفس‪،‬ص‪/ٕٙ‬ح‪.ٛ‬‬

‫‪52‬‬
‫ِ‬
‫اؿ الَ‬ ‫كليذا كاف النبي ‪ ‬يدعك هللا أف يصمح لو نفسو كأف يزكييا ؛ركػ مسمـ مف حديث َزْيد ْب ِف أ َْرَق َـ َق َ‬
‫َعوُذ ِب َؾ ِم َف اْل َع ْج ِز ‪َ ،‬واْل َك َس ِل‪َ ،‬واْل ُجْب ِف‪،‬‬ ‫َّللاِ ملسو هيلع هللا ىلص يُقكؿ َكاف يُقكؿ‪ِ َّ ":‬‬ ‫َّ‬
‫الم ُي َّـ ِإّنى أ ُ‬ ‫َ ُ َ َ ُ‬ ‫كؿ َّ‬‫اف َرُس ُ‬ ‫كؿ َل ُك ْـ ِإال َك َما َك َ‬
‫أَُق ُ‬
‫آت َن ْف ِسى َت ْقواى ِ‬ ‫المي َّـ ِ‬
‫اىا‪ ،‬أَْن َت َوِلُّي َيا َو َم ْوالَ َىا‬
‫ا‪،‬و َزّك َيا أَْن َت َخْيُر َم ْف َزَّك َ‬‫َ َ َ‬ ‫اب اْلَقْب ِر‪ُ َّ ،‬‬‫‪،‬و َع َذ ِ‬ ‫َواْلُب ْخ ِل‪َ ،‬واْل َيَرـِ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫‪،‬و ِم ْف َد ْع َوٍة الَ ُي ْس َت َج ُ‬
‫اب‬ ‫س الَ َت ْشَب ُع َ‬ ‫‪،‬و ِم ْف َن ْف ٍ‬
‫‪،‬و ِم ْف َقْم ٍب الَ َي ْخ َش ُع َ‬ ‫َعوُذ ِب َؾ م ْف عْم ٍـ الَ َيْن َف ُع َ‬ ‫‪،‬الم ُي َّـ ِإّنى أ ُ‬
‫َل َيا "ٔ‪.‬‬
‫كن َس‪َ ،‬ع ْف أَِبي َب ْك ِر ْب ِف أَِبي َم ْرَي َـ‪َ ،‬ع ْف‬ ‫ِ‬ ‫اف ْب ُف َك ِك ٍ‬
‫يسى ْب ُف ُي ُ‬ ‫اؿ‪َ :‬حَّدثََنا ع َ‬
‫يع َق َ‬ ‫قاؿ‪:‬حَّدثََنا ُسْف َي ُ‬
‫َ‬ ‫ركػ الترمذؼ‬
‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬
‫اف َن ْف َس ُو‬
‫س َم ْف َد َ‬‫"الكِّي ُ‬
‫اؿ‪َ :‬‬ ‫َّللاُ َعَم ْيو َك َسم َـ‪َ ،‬ق َ‬
‫ٍ ِ َِّ‬
‫ض ْم َرَة ا ْبف َحبيب‪َ ،‬ع ْف َشَّداد ْبف أ َْكس‪َ ،‬عف النب ِّي َ‬ ‫َ‬
‫ِ ٕ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا " ‪ .‬قاؿ المباركفكرؼ‪ ":‬قكلو‬ ‫اىا َوَت َمَّنى َعَمى َّ‬ ‫الع ِ‬
‫اج ُز َم ْف أَ ْتَب َع َن ْف َس ُو َى َو َ‬ ‫الم ْوت‪َ ،‬و َ‬ ‫َو َعم َل ل َما َب ْع َد َ‬
‫ِّ‬
‫(الكيس) أؼ العاقل المتبصر في األمكر الناظر في العكاقب(مف داف نفسو) أؼ حاسبيا كأذليا كاستعبدىا‬
‫كقيرىا حتى صارت مطيعة منقادة (كعمل لما بعد المكت ) قبل نزكلو ليصير عمى نكر مف ربو فالمكت‬
‫عاقبة أمر الدنيا‪،‬فالكيس مف أبصر العاقبة (كالعاجز) المقصر في األمكر(مف أتبع نفسو ىكاىا) مف‬
‫اإلتباع أؼ‪:‬جعميا تابعة ليكاىا‪،‬فمـ يكفيا عف الشيكات‪،‬كلـ يمنعيا عف مقارنة المحرمات(كتمنى عمى هللا )‬
‫فيك مع تفريطو في طاعة ربو كاتباع شيكاتو ال يعتذر‪ ،‬بل يتمنى عمى هللا األماني أف يعفك عنو‪،‬قاؿ‬
‫الطيبي رحمو هللا‪ :‬كالعاجز الذؼ غمبت عميو نفسو‪ ،‬كعمل ما أمرتو بو نفسو فصار عاج اًز لنفسو‪،‬فاتبع‬
‫نفسو ىكاىا ‪،‬كأعطاىا ما اشتيتو‪ ،‬قكبل الكيس بالعاجز‪ ،‬كالمقابل الحقيقي لمكيس‪ :‬السفيو الرأؼ‪،‬كلمعاجز‪:‬‬
‫الكيس ىك القادر كالعاجز ىك السفيو‪ ،‬كتمنى عمى هللا أف يذنب كيتمنى الجنة مف غير‬
‫القادر؛ ليؤذف بأف ّ‬
‫االستغفار كالتكبة"ٖ‪.‬‬

‫ٔ ‪-‬‬
‫مسمـ‪،‬كتاب الذكر كالدعاء كالتكبة كاالستغفار‪،‬باب التعكذ مف شر ما عمل كمف شر ما لـ يعمل[‪/ٛٔ/ٛ‬ح‬
‫ٔ‪،]ٚٓٛ‬كالنسائي في الكبرػ‪،‬كتاب االستعاذة‪ ،‬االستعاذة مف دعكات ال يستجاب ليا [ٗ‪/ٖٗٗ/‬ح ٗ‪ ،]ٚٛٙ‬كأحمد‬
‫[ٗ‪/ٖٚٔ/‬ح ‪.]ٜٖٕٔٚ‬‬
‫ٕ ‪-‬‬
‫الترمذؼ‪،‬كالمفع لو‪،‬كتاب صفة القيامة كالرقائق كالكرع‪،‬باب(ٕٗ) [ٗ‪/ٖٙٛ/‬ح‪،]ٕٜٗ٘‬كقاؿ‪:‬ىذا حديث حسف‪،‬أ‪.‬ىػ ؛‬
‫سفياف‪:‬سفياف بف ككيع بف الجراح أبك دمحم الرؤاسي الككفي كاف صدكقا إال أنو ابتمي بكراقو فأدخل عميو ما ليس مف‬
‫حديثو‪ُ ،‬فنصح فمـ َيقبل فسقط حديثو[تقريب‪،]ٕٗ٘/‬عيسى بف يكنس بف أبي إسحاؽ‪:‬ثقة مأمكف[تقريب‪،]ٗٗٔ/‬أبك‬
‫بكر‪:‬ضعيف ككاف قد سرؽ بيتو فاختمط[تقريب‪،]ٕٖٙ/‬ضمرة‪:‬ثقة [تقريب‪،]ٕٛٓ/‬شداد ابف أكس بف ثابت الخزرجي بف‬
‫أخي حساف بف ثابت أبك يعمى كيقاؿ أبك عبدالرحمف ‪ ،‬ركػ عف النبي ‪ ،‬سكف حمص كقاؿ ابف سعد‪:‬مات سنة‬
‫ثماف كخمسيف كىك ابف خمس كسبعيف ككانت لو عبادة كاجتياد في العمل [اإلصابةٖ‪ ]ٖٕٓ/‬فالحديث ضعيف بيذا‬
‫كاالستعداد‬ ‫المكت‬ ‫ذكر‬ ‫الزىد‪،‬باب‬ ‫ماجو‪،‬كتاب‬ ‫ابف‬ ‫اإلسناد‪،‬كأخرجو‬
‫[ٕ‪/ٕٖٔٗ/‬حٓ‪،]ٕٗٙ‬كأحمد[ٗ‪/ٕٔٗ/‬حٗ‪،]ٔٚٔٙ‬كالحاكـ في المستدرؾ‪،‬كتاب اإليماف [ٔ‪ /ٕٔ٘/‬حٔ‪ ]ٜٔ‬كقاؿ‪ :‬ىذا‬
‫حديث صحيح عمى شرط البخارؼ ك لـ يخرجاه‪،‬كقاؿ الذىبي في التمخيص‪:‬ال كهللا يعني ليس عمى شرط البخارؼ كما‬
‫قاؿ الحاكـ‪ ،‬أبك بكر‪ :‬كاه‪.‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫تحفة األحكذؼ‪.ٖٕٔ/ٚ‬‬

‫‪53‬‬
‫ِ‬ ‫َف أَبا ُعب ْي َد َة َّ ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫َخبرِني ِ‬
‫كؿ‪:‬‬
‫اؿ‪َ :‬سم ْع ُت اْل َح َس َف‪َ ،‬يُق ُ‬ ‫الناج َّي‪َ ،‬حَّدثَ ُي ْـ َق َ‬ ‫صال ُح ْب ُف َمالؾ‪ ،‬أ َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ركػ ابف أبي الدنيا قاؿ‪:‬أ ْ َ َ‬
‫اسَب ُة ِم ْف ِى َّم ِت ِو"ٔ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اع ٌ ِ‬
‫ظ م ْف َن ْفسو ‪َ ،‬وَكاَنت اْل ُم َح َ‬
‫"ِإ َّف اْلعبد َال ي َزاؿ ِب َخي ٍر ما َكاف َلو و ِ‬
‫َْ َ َ ُ ْ َ َ ُ َ‬
‫ِ‬
‫اؿ‪"َ :‬ال َي ُكو ُف‬
‫اف‪َ،‬ق َ‬‫‪،‬ع ْف َم ْي ُمك ِف ْب ِف م ْي َر َ‬ ‫‪،‬ع ْف َج ْعَف ِر ْب ِف ُب ْرَق َ‬
‫اف َ‬ ‫َّاف َ‬
‫اف ْب ُف َحي َ‬
‫كن َس‪،‬ثََنا ُسَم ْي َم ُ‬ ‫كقاؿ‪:‬حَّدثََنا ُس َرْي ُج ْب ُف ُي ُ‬
‫َ‬
‫ِِ ٕ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش ِريؾ ل َش ِريكو " ‪.‬‬ ‫اسَب ًة م َف َّ‬‫َشَّد ُم َح َ‬ ‫الر ُج ُل َتقِّيا َح َّتى َي ُكو َف لَن ْفسو أ َ‬
‫َّ‬
‫فيذه النفس المكامة المتيقظة الخائفة التي تحاسب نفسيا‪ ،‬كتتمفت حكليا‪ ،‬كتتبيف حقيقة ىكاىا‪ ،‬كتحظر‬
‫خداع ذاتيا‪ ،‬ىذه النفس ىي الكريمة عمى هللا حتى ليذكرىا مع القيامة‬
‫ركػ ابف أبي شيبة عف مالؾ بف دينار قاؿ‪" :‬أبكاني الحجاج في مسجدكـ ىذا كىك يخطب‪ ،‬فسمعتو‬
‫يقكؿ‪ :‬امرؤ زكد نفسو‪ ،‬امرؤ كعع نفسو‪ ،‬امرؤ لـ يأتمف نفسو عمى نفسو‪ ،‬امرؤ أخذ مف نفسو لنفسو‪،‬‬
‫ٖ‪.‬‬
‫امرؤ كاف لساف قمبو زاجر مف هللا تعالى‪ ،‬فأبكاني"‬
‫قاؿ الغزالي‪" :‬إف الزمت نفسؾ بالتكبيخ كالمعاتبة كالعذؿ كالمبلمة كانت نفسو ىي النفس المكامة التي أقسـ‬
‫هللا بيا‪ ،‬كرجكت أف تصير النفس المطمئنة المدعكة إلى أف تدخل في زمرة عباد هللا راضية مرضية‪ ،‬فبل‬
‫تغفمف ساعة عف تذكيرىا كمعاتبتيا‪ ،‬كال تشتغمف بكعع غيرؾ ما تشتغل أكال بكعع نفسؾ"ٗ‪.‬‬
‫يقكؿ ابف القيـ‪ ":‬إف هللا سبحانو كتعالى خمق ىذا اآلدمي كاختاره مف بيف سائر البرية‪ ،‬كجعل قمبو محل‬
‫كنكزه مف اإليماف كالتكحيد كاإلخبلص كالمحبة كالحياء كالتعظيـ كالمراقبة ‪،‬كجعل ثكابو إذا قدـ عميو أكمل‬
‫الثكاب كأفضمو ‪،‬كىك النظر إلى كجيو ‪،‬كالفكز برضكانو ‪،‬كمجاكرتو في جنتو ‪،‬ككاف مع ذلؾ قد ابتبله‬
‫بالشيكة كالغضب كالغفمة ‪،‬كابتبله بعدكه إبميس ال يفتر عنو؛ فيك يدخل عميو مف األبكاب التي ىي مف‬
‫نفسو كطبعو ‪،‬فتميل نفسو معو ألنو يدخل عمييا بما تحب ‪،‬فينفق ىك كنفسو كىكاه عمى العبد ‪ :‬ثبلثة‬
‫مسمطكف آمركف ‪،‬فيبعثكف الجكارح في قضاء كطرىـ‪ ،‬كالجكارح آلة منقادة ‪،‬فبل يمكنيا إال االنبعاث ‪،‬فيذا‬
‫شأف ىذه الثبلثة كشأف الجكارح ‪،‬فبل تزاؿ الجكارح في طاعتيـ كيف أمركا كأيف يممكا‪،‬ىذا مقتضى حاؿ‬
‫العبد فاقتضت رحمة ربو العزيز الرحيـ بو أف أعانو بجند آخر‪ ،‬كأمده بمدد آخر يقاكـ بو ىذا الجند الذؼ‬
‫يريد ىبلكو ‪،‬فأرسل إليو رسكلو ‪،‬كأنزؿ عميو كتابو ‪،‬كأيده بممؾ كريـ يقابل عدكه الشيطاف‪ ،‬فإذا أمره‬
‫الشيطاف بأمر أمره الممؾ بأمر ربو ‪،‬كبيف لو ما في طاعة العدك مف اليبلؾ‪ ،‬فيذا يمـ بو مرة‪ ،‬كىذا مرة‬

‫ابف‬ ‫ٔ ‪ -‬ابف أبي الدنيا في محاسبة النفس‪،‬صٕ٘‪،‬ح‪.ٙ‬الرجاؿ‪،‬صالح بف مالؾ المزني‪:‬لـ أقف عمى ترجمتو‪ ،‬إال أنو شيخ‬
‫صالحا َك ُىَك مف‬ ‫ِ‬
‫اف أَُبك ُعَب ْي َدة رجبل َ‬
‫ضعفو َي ْحَيى ْبف معيف َكَك َ‬ ‫أبي الدنيا فيحمل عمى التكثيق‪،‬أبك عبيدة‪،‬بكر بف األسكد‪َ :‬‬
‫ص َار اْل َغالِب َعَمى َح ِديثو المعضبلت‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اْلج ْنس الذؼ ذكرت م َّمف غمب َعَم ْيو التقشف َحتى غفل َعف تعاىد اْل َحديث َف َ‬
‫البستئ‪ ،ٜٔٙ/‬تحقيق‪ :‬محمكد إبراىيـ زايد‪،‬ط األكلى‪،‬‬
‫[المجركحيف مف المحدثيف كالضعفاء كالمترككيف البف حباف ُ‬
‫‪ٖٜٔٙ‬ىػ ‪،‬دار الكعي – حمب] فالخبر ضعيف بيذا اإلسناد‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫المرجع السابق‪،‬ح‪.ٚ‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫ابف أبي شيبة في مصنفو [‪/ٕٗٔ/ٚ‬حٗ‪.]ٖٜ٘ٙ‬‬
‫ٗ‪-‬‬
‫إحياء عمكـ الديفٗ‪.ٗٔٙ/‬‬

‫‪54‬‬
‫‪،‬كالمنصكر مف نصره هللا عز ك جل‪ ،‬كالمحفكظ مف حفظو هللا تعالى‪ ،‬كجعل لو مقابل نفسو األمارة نفساً‬
‫مطمئنة ‪،‬إذا أمرتو النفس األمارة بالسكء نيتو عنو النفس المطمئنة ‪،‬كاذا نيتو األمارة عف الخير أمرتو بو‬
‫النفس المطمئنة‪ ،‬فيك يطيع ىذه مرة كىذه مرة ‪،‬كىك الغالب منيما ‪،‬كربما انقيرت إحداىما بالكمية قي اًر ال‬
‫تقكـ معو أبداً‪ ،‬كجعل لو مقابل اليكػ الحامل لو عمى طاعة الشيطاف كالنفس األمارة نك اًر كبصيرة كعقبلً‬
‫يرده عف الذىاب مع اليكػ الحامل لو‪ ،‬فكمما أراد أف يذىب مع اليكػ ناداه العقل كالبصيرة كالنكر ‪ :‬الحذر‬
‫الحذر‪ ،‬فإف الميالؾ كالمتالف بيف يديؾ ‪،‬كأنت صيد الحرامية كقطاع الطريق ؛إف سرت خمف ىذا الدليل‬
‫ٔ‬
‫فيك يطيع الناصح مرة فيبف لو رشده كنصحو كيمشي خمف دليل اليكػ مرة "‬
‫َم َارة‪َ ،‬قاُلكا‪:‬‬ ‫امة‪َ ،‬كأ َّ‬ ‫س‪ :‬م ْ ِ َّ‬ ‫َف ِال ْب ِف َآدـ ثَ َبلثَة أ َْنُف ٍ‬ ‫الن ِ‬
‫اس أ َّ‬ ‫ير ِم َف َّ‬ ‫قاؿ األذرعي‪":‬كَق ْد كَق َع ِفي َك َبل ِـ َكِث ٍ‬
‫ط َمئنة‪َ ،‬كَل َّك َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ط َمئَّن ُة) ‪،‬‬ ‫النْف ُس اْل ُم ْ‬‫(يا أَيَّتُيا َّ‬
‫اؿ تعالى‪َ َ :‬‬ ‫َكاِ َّف م ْن ُي ْـ َم ْف تَ ْغم ُب َعَم ْيو َىذه‪َ ،‬ك ِم ْن ُي ْـ َم ْف تَ ْغم ُب َعَم ْيو َىذه‪َ ،‬ك َما َق َ‬
‫َم َارة‬‫ات‪َ ،‬ف ِي َي أ َّ‬ ‫صَف ٌ‬ ‫احدة‪َ ،‬ليا ِ‬ ‫ِ‬ ‫)‪،‬كالتَّ ْح ِق ُ َّ‬ ‫النْف َس َأل ََّم َارةٌ ِب ُّ ِ‬‫الم َّكام ِة) ‪ِ(،‬إ َّف َّ‬
‫س َّ‬ ‫(كَال أُْق ِسـ ِب َّ‬
‫النْف ِ‬
‫يق‪ :‬أَن َيا َنْف ٌس َك َ َ‬ ‫السكء َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كـ َب ْي َف اْل ِف ْع ِل َكالتَّ ْرِؾ‪َ ،‬فِإ َذا‬ ‫ِ‬
‫صاح َب َيا‪َ ،‬كَتمُ ُ‬ ‫كـ َ‬
‫َّ‬
‫امة‪ ،‬تَْف َع ُل الذ ْن َب ثُ َّـ َتُم ُ‬‫ص َار ْت َل َّك َ‬ ‫اف َ‬ ‫يم ُ‬ ‫ِ‬
‫ض َيا ْاإل َ‬ ‫كء‪َ ،‬فِإ َذا َع َار َ‬ ‫ِب ُّ‬
‫الس ِ‬
‫اء ْتو َسِّيَئ ُتو َف ُي َو‬ ‫ِ َّ‬ ‫صَّمى َّ‬ ‫اإليماف صارت م ْ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫"م ْف َسَّرْتو َح َسَن ُتو َو َس َ‬ ‫َّللاُ َعَم ْيو َك َسم َـ‪َ :‬‬ ‫اؿ َ‬ ‫ط َمئنَّة‪َ .‬كلِ َي َذا َق َ‬ ‫َقكؼ ْ َ ُ َ َ ْ ُ‬
‫يف َي ْزِني َو ُى َو ُم ْؤ ِم ٌف"‪ ،‬اْل َحِد َ‬ ‫الزاني ِح َ‬
‫م ْؤ ِم ٌف"ٕ‪ .‬كقكلو‪"َ :‬ال ي ْزِني َّ ِ‬
‫ٖ‬
‫يث‪".‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ممكا منزًىا عف النقائص‪ ،‬كانما خمق كعنده استعداد لمبر كاإلثـ‪،‬‬
‫قاؿ سيد سابق‪ ":‬فاإلنساف لـ يخمق ً‬
‫كالصكاب كالخطأ‪ ،‬كالخير كالشر‪ ،‬كالطاعة كالمعصية‪ ،‬كالتقكػ كالفجكر‪.‬‬
‫اىا﴾ [الشمس‪،] ٛ-ٚ:‬كاإلنساف بمقتضى خبلفتو‬ ‫ورَىا َوَت ْق َو َ‬
‫اىا ‪َ .‬فأَْل َي َم َيا ُف ُج َ‬
‫س َو َما َس َّو َ‬
‫قاؿ تعالى‪َ ﴿:‬وَن ْف ٍ‬
‫عف هللا فى األرض مكمف بأف ينمى فى نفسو معانى الِب ّر‪ ،‬كالصكاب‪ ،‬كالخير‪ ،‬كالطاعة‪ ،‬كالتقكػ؛ كأف‬
‫يقاكـ نكازع اإلثـ‪ ،‬كالخطأ‪ ،‬كالشر‪ ،‬كالفجكر‪ ،‬حتى يبمغ الكماؿ الركحى الذػ أراده هللا لو‪،.‬كفى ىذه المعركة‬
‫يتدخل الشيطاف‪ ،‬ليصرؼ اإلنساف عف تنمية قكاه العميا مف جانب‪ ،‬كليضعف مف ركح المقاكمة بطريق‬
‫اجبا عمى اإلنساف أف يحذر مكايد الشيطاف‪،‬‬
‫الخداع كاإلغراء كالتزييف مف جانب آخر‪،.‬كمف ثـ كاف ك ً‬

‫ٔ‪-‬‬
‫الكابل الصيب مف الكمـ الطيب ‪،‬ابف القيـ ‪،‬صٕٗ‪،‬تحقيق ‪ :‬دمحم عبد الرحمف عكض‪ ،‬ط األكلى ‪، ٜٔٛ٘ – ٔٗٓ٘ ،‬‬
‫دار الكتاب العربي – بيركت‪.‬‬
‫الم ِغ َيرِة‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫اؿ‪َ :‬حَّدثََنا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٕ‪-‬‬
‫ض ُر ْب ُف إ ْس َماعي َل أَُبك ُ‬
‫الن ْ‬ ‫الترمذؼ‪،‬أبكاب الفتف‪ ،‬باب ما جاء في لزكـ الجماعة‪َ ،‬حَّدثََنا أ ْ‬
‫َح َم ُد ْب ُف َمني ٍع َق َ‬
‫ِ‬ ‫عف مح َّم ِد ب ِف سكَق َة‪ ،‬عف عب ِد َّ ِ‬
‫طَبَنا ُع َم ُر[ٗ‪/ٗٙ٘/‬ح ٍ٘‪ ،]ٕٔٙ‬قاؿ أبك عيسى‬ ‫اؿ‪َ :‬خ َ‬ ‫َّللا ْب ِف د َين ٍار‪َ ،‬ع ْف ْاب ِف ُع َم َر َق َ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َْ َُ ْ ُ‬
‫ىذا حديث حسف صحيح غريب مف ىذا الكجو‪ ،‬كقد ركاه ابف المبارؾ عف دمحم بف سكقة‪ ،‬كقد ركؼ ىذا الحديث مف‬
‫غير كجو عف عمر عف النبي صمى هللا عميو ك سمـ‪،.‬رجاؿ اإلسناد‪ :‬أحمد‪:‬ثقة حافع[تقريب‪،]ٛ٘/‬النضر‪ :‬قاؿ ابف‬
‫معيف‪:‬كاف صدكقا‪،‬كقاؿ الدارقطني‪:‬صالح[تيذيب التيذيبٓٔ‪،]ٖٗ٘/‬دمحم‪:‬ثقة مرضي[تقريب‪،]ٕٗٛ/‬عبد هللا بف دينار‬
‫العدكؼ‪:‬ثقة[تقريب‪،]ٖٕٓ/‬فالحديث حسف بيذا اإلسناد‪ .‬كأخرجو أحمد[ٔ‪/ٔٛ/‬ح ٗٔٔ]‪.‬‬
‫ٖ ‪-‬‬
‫شرح العقيدة الطحاكية‪ ،‬دمحم بف عبلء الديف األذرعي ‪،‬ص‪ ،ٖٜٛ‬تحقيق‪ :‬أحمد شاكر ‪،‬ط األكلى ‪ ٔٗٔٛ -‬ىػ ‪ ،‬ك ازرة‬
‫الشؤكف اإلسبلمية‪ ،‬كاألكقاؼ كالدعكة كاإلرشاد‪،‬الرياض‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫كيعرؼ أساليبو التى يتخذىا‪ ،‬ليصرؼ اإلنساف عف كظيفتو األكلى فى ىذه الحياة‪،.‬فإذا زّلت بو قدـ‪ ،‬أك‬
‫فجكر ‪ ..‬فأمامو السبيل‬
‫ًا‬ ‫شرا‪ ،‬أك اقترؼ معصية‪ ،‬أك ارتكب‬
‫تكرط فى اإلثـ‪ ،‬أك جانبو صكاب‪ ،‬أك مارس ِّ‬
‫الذػ رسمو ل و أبكه آدـ مف التكبة‪ ،‬كاستئناؼ حياة أزكى كأطير ‪ ..‬كبيذا يخمص اإلنساف مف سمطاف‬
‫الشيطاف كسيطرتو عميو‪.‬‬
‫إف سعادة اإلنساف ال تتـ إال بكبح جماح النفس‪ ،‬كالتغمب عمى ىكاىا باتباع كحى هللا‪ ،‬كمحاربة نزغات‬
‫الشيطاف‪.‬‬
‫ضُرو ِف﴾ [المؤمنكف‪.]ٜٚ:‬‬ ‫لشي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َف َي ْح ُ‬ ‫َعوُذ ِب َؾ َر ِّب أ ْ‬
‫‪.‬وأ ُ‬
‫يف َ‬ ‫اط ِ‬ ‫َعوُذ ِب َؾ م ْف َى َم َزات ا َّ َ‬ ‫قاؿ تعالى‪َ ﴿:‬وُق ْل َر ِّب أ ُ‬
‫س‬ ‫اس اْل َخَّن ِ َّ ِ‬
‫اس ‪.‬الذي ُي َو ْس ِو ُ‬ ‫‪.‬مف َشِّر اْل َو ْس َو ِ‬ ‫اس ِ‬ ‫اس ‪ِ.‬إَل ِو َّ‬
‫الن ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫اس ‪.‬ممِ ِؾ َّ‬ ‫َعوُذ ِبَر ِّب َّ‬
‫الن ِ‬ ‫كقاؿ تعالى‪ُ ﴿:‬ق ْل أ ُ‬
‫َ‬
‫اس﴾ [الناس‪.ٔ"]ٙ-ٔ:‬قاؿ الغزالي‪":‬عرؼ أرباب البصائر مف جممة‬ ‫الن ِ‬ ‫‪.‬م َف اْل ِجَّن ِة َو َّ‬
‫اس ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫ور َّ‬‫ِفي ُصُد ِ‬
‫العباد أف هللا تعالى ليـ بالمرصاد‪ ،‬كأنيـ سيناقشكف في الحساب‪ ،‬كيطالبكف بمثاقيل الذر مف الخطرات‬
‫كالمحظات ‪،‬كتحققكا أنو ال ينجييـ مف ىذه األخطار إال لزكـ المحاسبة كصدؽ المراقبة‪ ،‬كمطالبة النفس‬
‫في األنفاس كالحركات‪ ،‬كمحاسبتيا في الخطرات كالمحظات‪ ،‬فمف حاسب نفسو قبل أف يحاسب خف في‬
‫القيامة حسابو‪ ،‬كحضر عند السؤاؿ جكابو ‪،‬كحسف منقمبو كمآبو ‪،‬كمف لـ يحاسب نفسو دامت حسراتو‬
‫‪،‬كطالت في عرصات القيامة كقفاتو‪ ،‬كقادتو إلى الخزؼ كالمقت سيئاتو‪ ،‬فمما انكشف ليـ ذلؾ عممكا أنو ال‬
‫اف‪ ،‬أ ََنا أَُبك اْل ُح َس ْي ِف ِإ ْس َح ُ‬
‫َخ َب َرَنا أَُبك اْل ُح َس ْي ِف ْب ُف ِب ْش َر َ‬
‫ٕ‬
‫اؽ ْب ُف‬ ‫ينجييـ منو إال طاعة هللا" ‪،‬كركػ البييقي قاؿ‪:‬أ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اف‪َ ،‬ع ْف أَِبي َى َّماـٍ‪ ،‬أََّن ُو‬ ‫َح َم َد ا ْب ِف ُم َح َّمد ْب ِف َح ْن َب ٍل‪ ،‬نا أَِبي‪ ،‬نا ُم َؤ َّم ٌل‪ ،‬نا ُسْف َي ُ‬
‫َح َم َد اْل َكاد ُّؼ‪ ،‬نا َع ْبُد هللا ْب ُف أ ْ‬
‫أْ‬
‫س ِمع اْلحسف يُقكؿ‪ " :‬ر ِحـ هللا عبدا وَقف ِعْند ى ِم ِو‪َ ،‬فِإ َّف أَحدا َال يعمل ح َّتى ي ِي َّـ‪َ ،‬فِإف َكاف َِّ ِ‬
‫ّلِل َع َّز َو َج َّل‬ ‫ْ َ‬ ‫ََُْ َ َ‬ ‫ًَ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ُ َ َ ُ ًَْ َ َ َ َ ّ‬
‫ِ‬ ‫م َضى‪ ،‬وِا ْف َك ِ‬
‫َم َس َؾ "ٖ‪،‬‬‫اف ل َغْي ِر هللا أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عبدا كقف عند ىمو؛ فما كاف ﵀ أمضاه‪،‬‬ ‫قاؿ المناكؼ‪ ":‬القمب متجاذب بيف الشيطاف كالممؾ‪ ،‬فرحـ هللا ً‬
‫صبلحا‬
‫ً‬ ‫كما كاف مف عدكه جاىده‪ ،‬كالقمب بأصل الفطرة صالح لقبكؿ آثار المبلئكة كآثار الشياطيف‬
‫متساكيا‪ ،‬لكف يترجح أحدىما باتباع اليكػ‪ ،‬كاإلكباب عمى الشيكات ‪،‬كاإلعراض عنيا‪ ،‬كمخالفتيا‪ ،‬كاعمـ‬
‫ً‬
‫قطعا أنو داعي إلى الشر؛فبل يخفى ككنو كسكسة‪ ،‬كالى ما يعمـ أنو داعي‬
‫أف الخكاطر تنقسـ إلى ما يعمـ ً‬
‫إلياما كالى ما يتردد فيو فبل يدرؼ أنو مف لمة الممؾ‪ ،‬أك لمة الشيطاف‪ ،‬فإف مف‬
‫إلى الخير؛ فبل يشؾ ككنو ً‬

‫ٔ‪-‬‬
‫العقائد اإلسبلمية لسيد سابق ‪،‬ص ٗ٘ٔ‪ ،‬دار الكتاب العربي – بيركت‪.‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫إحياء عمكـ الديفٗ‪.ٖٜٗ/‬‬
‫ٖ ‪-‬‬
‫البييقي في شعب اإليماف‪،‬فصل في محقرات الذنكب[‪/ٗٔٔ/ٜ‬حٗ‪،]ٜٙٛ‬أبك الحسيف‪،‬دمحم بف عمي‪:‬قاؿ الخطيب‪ :‬كتبنا‬
‫عنو‪،‬ككاف صدكقاً ثقة ثبتاً[تاريخ بغدادٖٔ‪،]٘ٛٓ/‬عبد هللا‪:‬ثقة[تقريب‪،]ٕٜ٘/‬أحمد‪:‬ثقة حافع فقيو حجة‬
‫[تقريب‪،]ٛٗ/‬مؤمل‪:‬صدكؽ سيء الحفع[تقريب‪،]٘٘٘/‬سفياف الثكرؼ‪ :‬ثقة حافع فقيو عابد إماـ حجة [تقريب‬
‫اليَنائي البصرؼ ثقة[تقريب‪،]ٕ٘ٚ/‬الحسف البصرؼ‪ :‬ثقة فقيو فاضل مشيكر ككاف‬
‫‪،]ٕٗٗ/‬أبك ىماـ‪ :‬مستكر بف عباد ُ‬
‫يرسل كثي ار كيدلس[تقريب‪.]ٔٙٓ/‬فالخبر حسف بيذا اإلسناد‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫مكايد الشيطاف أف يعرض الشر في معرض الخير‪ ،‬كالتمييز بينيما غامض‪ ،‬فحق العبد أف يقف عند كل‬
‫ىـ يخطر لو‪ ،‬ليعمـ أنو لمة الممؾ‪ ،‬أك لمة الشيطاف‪ ،‬كأف يمعف النظر فيو بنكر البصيرة‪ ،‬ال بيكػ الطبع‪،‬‬
‫ف ِّم َف َّ‬ ‫ط ِائ ٌ‬ ‫ِ‬
‫اف‬‫طِ‬ ‫الشْي َ‬ ‫يف َّاتَقوْا ِإ َذا َم َّس ُي ْـ َ‬ ‫كال يطمع عميو إال بنكر اليقيف كغ ازرة العمـ؛قاؿ تعالى‪ِ﴿:‬إ َّف َّالذ َ‬
‫َت َذ َّكُروْا َفِإ َذا ُىـ ُّمْب ِصُرو َف﴾ [األعراؼ‪.ٔ"]ٕٓٔ:‬‬
‫الي ْم َد ِان ِي‪َ ،‬ع ْف‬ ‫السائب‪َ ،‬ع ْف ُم َّرَة َ‬
‫اء ْب ِف َّ ِ ِ‬ ‫طِ‬ ‫ص‪َ ،‬ع ْف َع َ‬ ‫َحك ِ‬ ‫قاؿ‪:‬حَّدثََنا َىنَّ ٌاد َق َ‬
‫اؿ‪َ :‬حَّدثََنا أَُبك األ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫كركػ الترمذؼ‬
‫ّ‬
‫آد َـ َولِْم َمَم ِؾ َل َّم ًة‬
‫اف َل َّم ًة ِب ْاب ِف َ‬‫طِ‬‫مشْي َ‬‫َّللاُ َعَم ْي ِو كسَّمـ‪ِ" :‬إ َّف لِ َّ‬
‫صمَّى َّ‬ ‫كد‪َ ،‬قاؿ‪َ :‬قاؿ رسكؿ َّ ِ‬ ‫َّللاِ ا ْب ِف مسع ٍ‬
‫َع ْبِد َّ‬
‫ََ َ‬ ‫َّللا َ‬ ‫َ َ َُ ُ‬ ‫َْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق‪َ ،‬ف َم ْف‬ ‫يق ِب َ‬
‫الح ِّ‬ ‫الخْي ِر َوَت ْصد ٌ‬ ‫يع ٌاد ِب َ‬ ‫المَمؾ َفِإ َ‬ ‫َما َل َّم ُة َ‬‫ق‪َ ،‬وأ َّ‬ ‫يب ِب َ‬
‫الح ِّ‬ ‫الشِّر َوَت ْكذ ٌ‬‫يع ٌاد ِب َّ‬
‫اف َفِإ َ‬‫طِ‬ ‫َما َل َّم ُة َّ‬
‫الشْي َ‬ ‫َفأ َّ‬
‫الرِجيـِ»‪ُ ،‬ث َّـ َقَأَر‬ ‫اف َّ‬ ‫طِ‬ ‫اّلِل ِم َف َّ‬
‫الشْي َ‬ ‫ُخرى َفْمي َتع َّوْذ ِب َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجد َذلِؾ َفْميعَمـ أََّنو ِمف َّ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َّللا َو َم ْف َو َج َد األ ْ َ‬
‫َّللا َفْمَي ْح َمد َّ َ‬ ‫َ ََ َ َ ْ ْ ُ َ‬
‫ٕ‬
‫اء} [البقرة‪"]ٕٙٛ :‬‬ ‫طاف ي ِعُد ُكـ ال َف ْقر ويأْمرُكـ ِبال َفح َش ِ‬ ‫َّ‬
‫ْ‬ ‫{الشْي َ ُ َ ُ َ َ َ ُ ُ ْ‬
‫قاؿ ابف القيـ‪":‬محاسبة النفس بعد العمل ثبلثة أنكاع ‪:‬‬
‫أحدىا ‪ :‬محاسبتيا عمى طاعة قصرت فييا مف حق هللا تعالى فمـ تكقعيا عمى الكجو الذؼ ينبغي ؛ كحق‬
‫هللا تعالى في الطاعة ستة أمكر كىي ‪ :‬اإلخبلص في العمل‪،‬كالنصيحة ﵀ فيو ‪ ،‬كمتابعة الرسكؿ فيو‪،‬‬
‫كشيكد مشيد اإلحساف فيو‪ ،‬كشيكد منة هللا عميو ‪،‬كشيكد تقصيره فيو بعد ذلؾ كمو‪.‬فيحاسب نفسو ‪ :‬ىل‬
‫كفى ىذه المقامات حقيا‪ ،‬كىل أتى بيا في ىذه الطاعة ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أف يحاسب نفسو عمى كل عمل كاف تركو خي اًر لو مف فعمو‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أف يحاسب نفسو عمى أمر مباح أك معتاد ‪ :‬لـ فعمو كىل أراد بو هللا كالدار اآلخرة فيككف رابحاً ‪،‬‬
‫أك أراد بو الدنيا كعاجميا فيخسر ذلؾ الربح كيفكتو الظفر بو "ٖ‪،.‬‬
‫ركػ ابف أبي الدنيا قاؿ‪:‬حدثنا دمحم بف يزيد العجمي ‪ ،‬ثنا أبك عامر العقدؼ ‪ ،‬ثنا قرة بف خالد‪،‬عف الحسف‪(،‬‬
‫أردت بأكمتي؟‪،‬‬ ‫أردت بكممتي؟‪ ،‬ماذا ُ‬ ‫كال أقسـ بالنفس المكامة) قاؿ‪ ":‬ال يمقى المؤمف إال يعاتب نفسو ماذا ُ‬
‫َّللاِ‬
‫يل ْب ُف َزَك ِريَّا‪ ،‬ثََنا َع ْبُد َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بشربتي؟‪،‬و َ ِ‬
‫نفس ُو " ‪.‬كقاؿ‪َ :‬حَّدثََنا إ ْس َماع ُ‬
‫ٗ‬
‫العاج ُز يمضي ُقُد ًما ‪،‬ال يعات ُب َ‬ ‫أردت َ‬
‫ماذا ُ‬

‫ٔ‪-‬‬
‫فيض القديرٕ‪.ٖٙٗ/‬‬
‫يب َك ُىَك َح ِد ُ‬
‫يث أَِبي‬ ‫الترمذؼ‪،‬أبكاب تفسير القرآف‪،‬باب كمف سكرة البقرة[٘‪/ٕٜٔ/‬ح‪،]ٕٜٛٛ‬كقاؿ‪َ :‬ى َذا َح ِد ٌ‬
‫ٕ ‪-‬‬
‫يث َح َس ٌف َغ ِر ٌ‬
‫َحك ِ‬ ‫َحك ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ص َال نع ِرُفو مرُف ِ َّ ِ‬
‫َح َك ِ َ ْ ُ َ ْ ً‬
‫ص‪،‬سبلـ ابف‬ ‫اإلسناد‪:‬ىَّن ٌاد‪:‬ثقة[تقريب‪،]٘ٚٗ/‬أَُبك األ ْ َ‬
‫َ‬ ‫ص‪،‬رجاؿ‬ ‫كعا إال م ْف َحديث أَبي األ ْ َ‬ ‫األ ْ‬
‫سميـ‪ :‬ثقة متقف صاحب حديث[تقريب‪،]ٕٙٔ/‬عطاء‪ :‬صدكؽ‪،‬اختمط[تقريب‪ُ ٖٜٔ/‬‬
‫]‪،‬مَّرَة بف ش ارحيل‪ :‬ثقة [تقريب‪،]ٕ٘٘/‬‬
‫فالحديث حسف بيذا اإلسناد‪،‬كأخرجو النسائي في السنف الكبرػ‪،‬كتاب التفسير‪،‬سكرة البقرة[‪/ٖٓ٘/ٙ‬حٔ٘ٓٔٔ]‪،‬كأبك‬
‫يعمى[‪/ٗٔٚ/ٛ‬ح‪.]ٜٜٜٗ‬‬
‫ٖ ‪-‬‬
‫إغاثة الميفاف مف مصايد الشيطاف البف القيـ ٔ‪،ٕٛ/‬تحقيق‪:‬دمحم حامد الفقي‪،‬ط الثانية‪ ٖٜٔ٘،‬ىػ – ٘‪،ٜٔٚ‬دار‬
‫المعرفة_بيركت‪.‬‬
‫ٗ ‪-‬‬
‫محاسبة النفس البف أبي الدنيا‪،‬ص ٖٔ‪(،ٖٕ-‬تحقيق كتعميق‪:‬مجدؼ السيد إبراىيـ‪،‬مكتبة القرآف لمطبع كالنشر كالتكزيع‪،‬‬
‫القاىرة)؛ ترجمة رجاؿ اإلسناد‪:‬دمحم بف يزيد العجمي‪ :‬قاؿ البخارؼ‪ :‬رأيتيـ مجتمعيف عمى ضعفو‪ ،‬كقاؿ النسائي‪ :‬ضعيف‪،‬‬
‫كقاؿ الحسيف بف إدريس ‪:‬سمعت عثماف بف أبي شيبة يقكؿ‪ :‬سألت عثماف كجدؼ عف أبي ىشاـ الرفاعي فقاؿ‪ :‬ال تخبر‬

‫‪57‬‬
‫اس ُب‬ ‫بف اْلمبارِؾ‪ ،‬عف معم ٍر‪ ،‬عف يحيى ب ِف اْلم ْختَ ِار‪ ،‬ع ِف اْلحس ِف‪َ ،‬قاؿ‪ " :‬اْلم ْؤ ِم ُف َق َّواـ عَمى َن ْف ِس ِو يح ِ‬
‫َُ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َْ َ َ ْ َ َْ ْ ُ‬ ‫ْ ُ َُ َ‬
‫ق‬‫الدْنَيا‪َ ،‬وِاَّن َما َش َّ‬‫اسُبوا أَْن ُف َس ُي ْـ ِفي ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّلِل ع َّز وج َّل‪ ،‬وِاَّنما َخ َّ ِ‬ ‫ِِ‬
‫امة َعَمى َق ْو ٍـ َح َ‬ ‫اب َي ْوَـ اْلقَي َ‬ ‫ف اْلح َس ُ‬ ‫َن ْف َس ُو َّ َ َ َ َ َ‬
‫الشي ُء َوُي ْع ِجُب ُو‪،‬‬
‫ْ‬
‫َه َّ‬ ‫اسَبةٍ‪ِ ،‬إ َّف اْل ُم ْؤ ِم َف َي ْف َجأ ُ‬
‫ِ‬
‫َخ ُذوا َى َذا ْاأل َْمَر م ْف َغْي ِر ُم َح َ‬ ‫ام ِة َعَمى َق ْو ٍـ أ َ‬ ‫ِ‬
‫اب َي ْوَـ اْلقَي َ‬
‫ِ‬
‫اْلح َس ُ‬
‫يل َبْيِني َوَبْيَن َؾ‪َ ،‬وُي ْفَر ُ‬ ‫َّللا‪ ،‬ما ِصَم ٌة ِإَلي َؾ َىيي َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َش َت ِييؾ واَِّنؾ َل ِمف ح ِ‬ ‫َفيُقوؿ و َّ ِ ِ‬
‫ط‬ ‫ات‪ ،‬ح َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫اجتي‪َ ،‬وَلك ْف َو َّ َ‬ ‫َّللا أَّني َأل ْ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ُع َذُر ِب َي َذا‪،‬‬ ‫الشيء َفيرِجع ِإَلى َن ْف ِس ِو َفيُقوؿ‪ :‬ىييات ‪،‬ما أَرْدت ِإَلى ى َذا ‪،‬وما لِي ولِي َذا ‪،‬و َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّللا َما أ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ ُ َْ َ َ َ َ ُ‬ ‫مْن ُو َّ ْ ُ َ ْ ُ‬
‫اؿ َبْيَن ُي ْـ َوَبْي َف َىَم َك ِت ِي ْـ‪ ،‬أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫و َّ ِ‬
‫َف‬ ‫آف‪َ ،‬و َح َ‬ ‫يف َق ْوٌـ أ َْوَق َف ُي ُـ اْلُقْر ُ‬‫َّللا‪ِ ،‬إ َّف اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫اء َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫َع ُ ِ‬
‫ود إَلى َى َذا أََبًدا إ ْف َش َ‬ ‫َّللا َال أ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َّللا‪َ ،‬ي ْعَم ُـ أََّن ُو َم ْأ ُخوٌذ َعَمْيو ِفي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫اْل ُم ْؤ ِم َف أ َِس ٌير ِفي ُّ‬
‫ْم ُف َشْيًئا َح َّتى َيْمَقى َّ َ‬ ‫الدْنَيا َي ْس َعى في ف َكاؾ َرَقَبتو‪َ ،‬ال َيأ َ‬
‫ِِ ٔ‬
‫َس ْم ِع ِو‪َ ،‬وِفي َب َص ِرِه‪َ ،‬وِفي لِ َس ِان ِو‪َ ،‬وِفي َج َو ِار ِح ِو‪َ ،‬م ْأ ُخوٌذ َعَمْي ِو ِفي َذلِ َؾ ُكّمو "‬
‫فتأ نيب الضمير كاتياـ النفس كلكميا كاجب عمى كل إنساف يريد النجاة لنفسو في اآلخرة‪ ،‬كيحتاط لذلؾ‪،‬‬
‫فمف ترؾ لنفسو الحبل عمى الغارب ساقتو في كل مرتع لمشيكات‪،‬كصعب عميو فطاميا بعد ذلؾ‪،‬كمف‬
‫حاسب نفسو كراقب ضميره‪ ،‬كابتعد عف الغفمة كاإلىماؿ قرت عينو في الدنيا‪ ،‬كخف عميو الحساب في‬
‫نحاسب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اآلخرة‪،‬أال فمنحاسب أنفسنا قبل أف َ‬

‫ىؤالء أنو يسرؽ حديث غيره فيركيو ‪،‬قمت‪ :‬أعمى كجو التدليس أك عمى كجو الكذب؟ فقاؿ‪ :‬كيف يككف تدليسا كىك يقكؿ‬
‫ِِ‬ ‫يزيد أَبك ِى َشاـ ِ ِ‬
‫يف‬ ‫ِؼ‪َ :‬أرَْي ْ‬
‫تيـ ُم ْجمع َ‬ ‫الب َخارّ‬
‫اؿ ُ‬‫الرَفاعي ‪َ،‬ق َ‬
‫ّ‬ ‫حدثنا [تيذيب التيذيب‪[،]ٕ٘ٙ/ٜ‬لساف الميزاف ‪ُ ،]ٖٜٚ/ٚ‬م َح َّمد بف ِ ُ‬
‫عمى ضعفو[المغني في الضعفاء لمذىبي[ٕ‪/ٙٗٗ/‬ت‪]ٜٙٓٛ‬أبك عامر‪:‬كثقو النسائي كابف حباف كالعجمي[تذكرة‬
‫الحفاظٔ‪،ٖٗٚ/‬دار إحياء التراث العربي]‪،‬قرة‪ :‬قاؿ يحيى القطاف كاف مف أثبت شيكخنا[تذكرة الحفاظٔ‪،]ٜٔٛ/‬الحسف‪ :‬قاؿ‬
‫كسيما ‪ -‬إلى أف قاؿ‪ :‬كما أرسمو فميس‬
‫ً‬ ‫جميبل‬
‫ً‬ ‫فصيحا‬
‫ً‬ ‫ناسكا كثير العمـ‬
‫عابدا ً‬
‫ابف سعد‪ :‬كاف عالما رفيعا ثقة حجة مأمكنا ً‬
‫ىك بحجة‪ ،‬قمت‪ :‬كىك مدلس فبل يحتج بقكلو عف مف لـ يدركو‪ ،‬كقد يدلس عمف لقيو كيسقط مف بينو كبينو[تذكرة‬
‫الحفاظٔ‪.]ٚٔ/‬فالخبر ضعيف بيذا اإلسناد لضعف دمحم بف يزيد العجمي‪.‬‬
‫ٔ‪-‬‬
‫محاسبة النفس البف أبي الدنيا ‪،‬ص‪،.ٖٜ-ٖٛ‬ترجمة رجاؿ اإلسناد‪:‬إسماعيل‪ :‬لـ أقف عمى ترجمتو فيما تيسر لي مف‬
‫مصادر‪ ،‬عبد هللا بف المبارؾ المركزؼ‪ :‬قاؿ شعيب‪ :‬ما لقي ابف المبارؾ رجبل إال كابف المبارؾ أفضل منو‪ ،‬كقاؿ أحمد‪ :‬لـ‬
‫يكف في زمانو أطمب لمعمـ منو جمع أم ار عظيما ما كاف أحد أقل سقطا منو كاف رجبل صاحب حديث حافع ككاف يحدث‬
‫مف كتاب كقاؿ شعبة ما قدـ عمينا مثمو‪ ،‬كقاؿ ابف عيينة‪ :‬نظرت في أمر الصحابة فما رأيت ليـ فضبل عمى ابف المبارؾ‬
‫إال بصحبتيـ النبي ملسو هيلع هللا ىلص كغزكىـ معو[تيذيب٘‪، ]ٖٕٛ/‬معمر بف راشد األزدؼ ‪ :‬قاؿ ابف معيف‪ :‬ثقة‪،‬كقاؿ عمرك بف عمي‪:‬كاف‬
‫مف أصدؽ الناس‪ ،‬كقاؿ العجمي‪ :‬بصرؼ سكف اليمف ثقة رجل صالح‪،‬كقاؿ النسائي‪ :‬ثقة مأمكف [تيذيبٓٔ‪ ،]ٕٗ٘/‬يحيى‬
‫بف المختار الصنعاني‪:‬ركػ عف الحسف البصرؼ‪ .‬كعنو معمر بف راشد‪ ،‬ركػ لو َّ‬
‫الن َسائي‪ ،‬كقد كقع لنا حديثو بعمك‪[.‬تيذيب‬
‫الكماؿٖٔ‪،]ٖ٘ٔ/‬ذكره الذىبي كلـ يذكر فيو جرحا أك تعديبل [الكاشفٕ‪/ٖٚٙ/‬تٕٗٗ‪،]ٙ‬كقاؿ ابف حجر‪:‬‬
‫جميبل‬
‫ً‬ ‫فصيحا‬
‫ً‬ ‫ناسكا كثير العمـ‬
‫عابدا ً‬
‫مستكر[تقريب‪،] ،]ٖ٘ٙ/‬الحسف‪ :‬قاؿ ابف سعد‪ :‬كاف عالما رفيعا ثقة حجة مأمكنا ً‬
‫كسيما ‪ -‬إلى أف قاؿ‪ :‬كما أرسمو فميس ىك بحجة‪ ،‬قمت‪ :‬كىك مدلس فبل يحتج بقكلو عف مف لـ يدركو‪ ،‬كقد يدلس عمف لقيو‬
‫ً‬
‫كيسقط مف بينو كبينو[تذكرة الحفاظٔ‪.]ٚٔ/‬فالخبر ضعيف بيذا اإلسناد ؛فيو يحيى الصنعاني مجيكؿ الحاؿ‪،‬كفيو مف لـ‬
‫أقف عمى ترجمتو‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫غياب الضمير وأثره عمى الفرد والمجتمع مف خالؿ السنة النبوية‬
‫المبحث األوؿ‬
‫خطورة غياب الضمير مف خالؿ السنة النبوية‪.‬‬
‫يكلد اإلنساف عمى الفطرة التي خمقو هللا عز كجل عمييا بضمير طاىر كقمب نقي‪ ،‬ىداه هللا ىداية فطرية‬
‫إلى طريق الخير‪ ،‬كلكف الضمير ال يبقى عمى نفس ىذا الحاؿ‪ ،‬بل يتغير كيتأثر بما حكلو مف مؤثرات‬
‫البيئة التي تحكيو‪ ،‬فقد يتمكث كيقف عاج از عف تأدية كاجبو ككظيفتو كىذا يسمى سبات الضمير‪ ،‬فييكؼ‬
‫اإلنساف في مستنقع الضبلؿ‪ ،‬كينسى حكمة كجكده‪ ،‬كىدؼ خمقو‪ ،‬فيضطرب سمككو‪،‬كييمل كاجباتو‪ ،‬كيفقد‬
‫الضمير حساسيتو تجاه كقائع الحياة‪.‬‬
‫إف صاحب الضمير الميت ال يميز بيف الحق كالباطل‪ ،‬كال ينتفع بمكعظة كال يستقبل نصيحة كالضمير‬
‫اؿ‪:‬‬‫ير َق َ‬ ‫اف ْب ِف َب ِش ٍ‬ ‫الن ْعم ِ‬
‫الفاسد ال يككف إال في قمب فاسد‪،.‬ركػ الشيخاف مف حديث ركػ مسمـ مف حديث ُّ‬
‫َ‬
‫ص َب َع ْي ِو ِإَلى أُ ُذ َن ْي ِو ‪":‬أَالَ َواِ َّف ِفى اْل َج َس ِد‬ ‫الن ْعم ُ ِ ِ‬
‫اف بإ ْ‬ ‫َ‬
‫َى َكػ ُّ‬ ‫كؿ َكأ ْ‬
‫س ِمعتو يُقكؿ‪ :‬س ِمعت رسكؿ َّ ِ‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ -‬يُق ُ‬ ‫َ ُُْ َ ُ َ ْ ُ َ ُ َ‬
‫‪،‬واِ َذا َف َس َد ْت َف َس َد اْل َج َسُد ُكُّم ُو؛ أَالَ َو ِىى اْلَقْم ُب " فبل صبلح لمجسد‬
‫ٔ‬ ‫ُّ‬
‫ُم ْض َغ ًة ِإ َذا َصَم َح ْت َصَم َح اْل َج َسُد ُكم ُو َ‬
‫َ‬
‫ظُر ِإَلى‬ ‫َّللا الَ َيْن ُ‬ ‫ِ‬ ‫دكف صبلح القمب‪.‬كركػ مسمـ مف حديث أبي ىريرة قاؿ ‪َ:‬قاؿ رسكؿ َّ ِ‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬إ َّف َّ َ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫َُ ْ َ َ‬
‫الم ْيت الذؼ‬ ‫"فالضمير َ‬
‫ُ‬ ‫َش َار ِبأَ َصا ِب ِع ِو ِإَلى َص ْد ِرِه"ٕ‪.‬‬ ‫ظُر ِإَلى ُقُمو ِب ُك ْـ‪َ ،‬وأ َ‬ ‫َج َس ِاد ُك ْـ َوالَ ِإَلى ُص َو ِرُك ْـ َوَل ِك ْف َيْن ُ‬
‫أْ‬
‫الشر‪ ،‬كال تراهُ إال‬ ‫شاط ُر إال في ِّ‬ ‫الساَقة‪ ،‬ال ي ِ‬ ‫قدمة كال في َّ‬ ‫تجده في ِ‬ ‫شره خيره أك ال خير فيو‪ ،‬ال ِ‬
‫ُ‬ ‫الم ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يغمب ُّ َ‬ ‫ُ‬
‫تجده إال ِ‬ ‫فنسيو‪ ،‬ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كاذًبا‬ ‫ض َيد ْيو‪ ،‬نس َي هللا َ‬ ‫كينيى عف المعركؼ‪ ،‬كيقِب ُ‬ ‫بالمنكر‪َ ،‬‬ ‫يأمر ُ‬ ‫في دكائر الُقبح ُ‬
‫الجركح‪ ،‬يعكُذ ُمجتمعو مف أمثالِو حيف‬ ‫يقع إال عمى ُ‬
‫ُّ‬
‫اء ب َنميـٍ‪ ،‬ىك كالذباب ال ُ‬
‫مش ِ‬
‫ً‬
‫از َّ‬ ‫لم ًا‬‫از َّ‬
‫ىم ًا‬
‫غاشا أنانيِّا َّ‬ ‫ِّ‬
‫مسي كحيف ُيصِبح‪ ،‬ككأنو إنما ُخمِق ُليثِّقل ميزَانو باآلثاـ فيمَقى ربَّو يكـ القيامة كما في كج ِيو ُمزَع ُة لحـٍ"ٖ‪.‬‬ ‫ي ِ‬
‫ُ‬

‫ٔ‪-‬‬
‫حديث صحيح‪،‬متفق عميو‪،‬سبق تخريجو‪،‬ص ٕٔ‪.‬‬
‫ٕ ‪-‬‬
‫مسمـ‪،‬كالمفع لو‪،‬كتاب البر كالصمة كاآلداب‪،‬باب تحريـ ظمـ المسمـ كخذلو كاحتقاره كدمو كعرضو كمالو[‪/ٔٔ/ٛ‬ح‬
‫‪،.] ٙٚٓٚ‬كابف حباف بترتيب ابف بمباف‪،‬كتاب البر كاإلحساف‪ ،‬باب اإلخبلص كأعماؿ السر‪ ،‬ذكر اإلخبار بأف عمى‬
‫المرء تعيد قمبو كعممو‪ ،‬دكف تعيده نفسو كمالو[ٕ‪/ٜٔٔ/‬ح ٗ‪.]ٖٜ‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫مف خطبة المسجد الحراـ‪ :‬الضمير الحي ‪ ..‬معناه كأىميتو عمى المكقع اإللكتركني‪:‬‬
‫‪https://groups.google.com/forum/#!msg/friday-ar/j4BmXna2Gf0/bVnDJwU4G4kJ‬‬

‫‪59‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫العوامل التي تؤدي إلى فتور الضمير في ضوء السنة المطيرة‬
‫ٔػ البعد عف هللا‪:‬‬
‫فالذنكب تفسد القمب كتقسيو ‪،‬كاذا استرسل فييا اإلنساف رانت عمى القمب فطبع عميو كأعمت بصيرتو‪.‬‬
‫اف َعَمى ُقُموبِ ِي ْـ َما َكاُنوا َي ْك ِسُبو َف ﴾ [المطففيف‪.]ٔٗ:‬‬ ‫قاؿ تعالى‪َ ﴿ :‬ك َّال َب ْل َر َ‬
‫كليس الذنب كحده مف أسباب مكت الضمير كاطفاء نكر البصيرة؛ كانما مجرد اإلعراض عف ذكر هللا‪ ،‬قاؿ‬
‫اؿ َر ِّب لِ َـ َح َشْرَتِني‬ ‫يش ًة َضْنكا وَنح ُشره يوـ اْل ِقي ِ‬ ‫ض َع ْف ِذ ْكرِي َفِإ َّف َل ُو َم ِع َ‬
‫َع َمى‪َ .‬ق َ‬
‫امة أ ْ‬ ‫ً َ ْ ُُ َْ َ َ َ‬ ‫َعَر َ‬ ‫تعالى‪َ ﴿ :‬و َم ْف أ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آي ُاتَنا َفَن ِس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ؼ َوَل ْـ‬ ‫يت َيا َوَك َذل َؾ اْلَي ْوَـ ُتْن َسى‪َ .‬وَك َذل َؾ َن ْجزِي َم ْف أ ْ‬
‫َسَر َ‬ ‫اؿ َك َذل َؾ أ ََت ْت َؾ َ‬
‫َع َمى َوَق ْد ُكْن ُت َبص ًيرا‪َ .‬ق َ‬‫أْ‬
‫اب ْاآل ِخَرِة أ َ‬ ‫ي ْؤ ِمف ِب ِ ِ‬
‫ض َع ْف‬ ‫َع َر َ‬ ‫َشُّد َوأَْبَقى ﴾ [طو‪.]ٕٔٚ-ٕٔٗ:‬قاؿ ابف كثير‪َ ":‬‬
‫(ك َم ْف أ ْ‬ ‫آيات َرّبِو َوَل َع َذ ُ‬ ‫ُ ْ َ‬
‫ِذ ْك ِرؼ) أؼ خالف أمرؼ‪ ،‬كما أنزلتو عمى رسكلي أعرض عنو‪ ،‬كتناساه‪ ،‬كأخذ مف غيره ىداه فإف لو معيشة‬
‫ضنكا؛ أؼ ضنؾ في الدنيا فبل طمأنينة لو ‪،‬كال انشراح لصدره بل صدره ضيق حرج لضبللو كاف تنعـ‬
‫ظاىره‪ ،‬كلبس ما شاء كأكل ما شاء‪ ،‬كسكف حيث شاء فإف قمبو ما لـ يخمص إلى اليقيف‪ ،‬كاليدػ فيك في‬
‫كسى‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫قمق‪ ،‬كحيرة ‪،‬كشؾ فبل يزاؿ في ريبة يتردد فيذا مف ضنؾ المعيشة"ٔ ‪،‬ركػ الشيخاف مف حديث أَِ‬
‫ب‬
‫ُ َ‬
‫اؿ النَِّب ُّي ‪َ ": ‬م َث ُل َّال ِذي َي ْذ ُكُر َرَّب ُو َو َّال ِذي َال َي ْذ ُكُر َرَّب ُو َم َث ُل اْل َح ِّي َواْل َمِّي ِت"ٕ‪َّ " .‬‬
‫شبو‬ ‫اؿ‪َ :‬ق َ‬
‫َّللاُ َع ْن ُو َق َ‬
‫ضي َّ‬‫رِ‬
‫َ َ‬
‫الذاكر بالحي الذؼ ظاىره متزيف بنكر الحياة كاشراقيا فيو ‪ ،‬كبالتصرؼ التاـ فيما يريده كباطنو بنكر العمـ‬
‫كالفيـ كاإلدراؾ كذلؾ الذاكر مزيف ظاىره بنكر العمـ كالطاعة ‪ ،‬كباطنو بنكر العمـ كالمعرفة فقمبو مستقر‬
‫كس ُّرهُ في مخدع الكصل‪ ،‬كغير الذاكر عاطل ظاىره كباطل باطنو‪ .‬كقيل ‪ :‬مكقع‬ ‫في حظيرة القدس ‪ِ ،‬‬
‫التشبيو بالحي كالميت لما في الحي مف النفع لمف يكاليو كالضرر لمف يعاديو كليس ذلؾ في الميت ‪ ،‬كفي‬
‫ىذا التمثيل منقبة لمذاكر جميمة ‪،‬كفضيمة لو نبيمة ‪،‬كانو بما يقع منو مف ذكر هللا عزكجل في حياة ذاتية‬
‫كركحية لما يغشاه مف األنكار كيصل إليو مف األجكر‪ ،‬كما أف التارؾ لمذكر كاف كاف في حياة ذاتية فميس‬
‫ليا اعتبار‪ ،‬بل ىك شبيو باألمكات الذيف ال يفيض عمييـ بشي مما يفيض عمى اإلحياء المشغكليف بطاعة‬
‫ور َي ْم ِشي ِب ِو‬
‫اه َو َج َعْمَنا َل ُو ُن ًا‬
‫َحَيْيَن ُ‬
‫اف َمْي ًتا َفأ ْ‬
‫هللا عز كجل‪ ،‬كمثل ما في ىذا الحديث قكلو تعالى ‪ ﴿:‬أ ََو َم ْف َك َ‬
‫يف َما َكاُنوا َي ْع َمُمو َف﴾ [األنعاـ ‪:‬‬ ‫ات َليس ِب َخ ِارج ِمْنيا َك ََٰذلِؾ ُزي ِ ِ‬‫الظُمم ِ‬
‫اس َكم ْف م َثُم ُو ِفي ُّ‬ ‫ِفي َّ‬
‫الن ِ‬
‫ِف لْم َكاف ِر َ‬
‫َ َّ‬ ‫ٍ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ٖ‬
‫ٖٕٔ] كالمعنى‪ :‬تشبيو الكافر بالميت‪ ،‬كتشبيو اليداية إلى اإلسبلـ بالحياة"‬

‫ٔ‪-‬‬
‫تفسير القرآف العظيـ٘‪.ٖٕٕ/‬‬
‫ٕ ‪-‬‬
‫البخارؼ‪،‬كالمفع لو‪،‬كتاب الدعكات‪ ،‬باب فضل ذكر هللا عز ك جل [٘‪/ٕٖٖ٘ /‬ح ٗٗٓ‪،]ٙ‬ك مسمـ ‪ ،‬كتاب صبلة‬
‫المسافريف كقصرىا باب استحباب صبلة النافمة في بيتو[ٕ‪/ٔٛٛ/‬ح ‪.]ٜٔٛ٘‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫إرشاد السارؼ لشرح صحيح البخارؼ لمقسطبلني ‪ ،ٕٖٔ/ٜ‬المطبعة الكبرػ األميرية‪،‬مصر‪،‬ط السابعة‪ ٖٕٖٔ،‬ىػ‪ ،‬يراجع‬
‫أيضاً‪:‬مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح‪،‬أبك الحسف عبيد هللا المباركفكرؼ ‪ ،ٖٛٔ/ٚ‬ط الثالثة ‪ ٔٗٓٗ -‬ىػ‪،‬‬
‫ٗ‪ ٜٔٛ‬ـ‪،‬إدارة البحكث العممية كالدعكة كاإلفتاء ‪ -‬الجامعة السمفية ‪ -‬بنارس اليند‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫اىـ وجعْمَنا ُقُموبيـ َق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اسَي ًة ﴾‬ ‫َُْ‬ ‫‪-‬كالتفريط في الفرائض‪ ،‬قاؿ تعالى‪َ ﴿ :‬ف ِب َما َن ْقض ِي ْـ مي َثا َق ُي ْـ َل َعَّن ُ ْ َ َ َ‬
‫ٔ‬
‫[المائدة‪.]ٖٔ:‬قاؿ ابف كثير‪ ":‬فبل يتعظكف بمكعظة لغمظيا كقساكتيا"‬
‫ؼ‬ ‫وب ُي ْـ ﴾ [الصف‪،]٘:‬كقاؿ تعالى‪ُ ﴿:‬ث َّػـ اْن َص َػرُفوا َص َػر َ‬ ‫َّللا ُقُم َ‬
‫غ َّ ُ‬
‫َز َ‬‫‪-‬كاتباع اليكػ قاؿ تعالى‪َ ﴿ :‬فَم َّما َاز ُغوا أ َا‬
‫ِ‬ ‫َّللا ُقُموبيـ ﴾ [التكبة‪،.]ٕٔٚ:‬كقاؿ تعالى ‪ ﴿:‬ومف ك ِ ِ ِ‬
‫يال‬‫َض ُّل َس ِب ً‬
‫َع َمى َوأ َ‬ ‫َع َمى َف ُي َو في ْاآل ِخَرِة أ ْ‬
‫اف في َىذه أ ْ‬
‫ََْ َ َ‬ ‫َّ ُ َ ُ ْ‬
‫َع َمػػى " أؼ فػػي الػػدنيا عػػف إبصػػار الحػق " َف ُيػ َػك ِفػػي ْاآل ِخػ َػرِة‬ ‫ِِ‬ ‫﴾[اإلسػراء‪.]ٕٚ:‬قػػاؿ القرطبػػي‪َ " :‬كػ ِ‬
‫ػاف فػػي َىػػذه أ ْ‬ ‫َ‬
‫َع َمػػى "‪ ، .‬كقيػػل‪ :‬مػػف كػػاف فػػي ىػػذه الػػدنيا التػػي أميػػل فييػػا كفسػػح لػػو ككعػػده بقبػػكؿ التكبػػة أعمػػى فيػػك فػػي‬ ‫أْ‬
‫ٕ‬
‫اآلخرة أعمى كأضل سبيبل‪،‬كقيل‪ :‬كمف كاف في ىذه الدنيا أعمى عف حجج هللا بعثو هللا يكـ القيامػة أعمػى‬
‫امػ ِػة َعَمػػى ُو ُجػػو ِى ِي ْـ ُع ْمًيػػا َوُب ْك ًمػػا َو ُصػ ِّػما ﴾ [اإلسػراء‪.]ٜٚ:‬قػػاؿ ابػػف‬ ‫ِ‬
‫كمػػا قػػاؿ تعػػالى‪َ ﴿ :‬وَن ْح ُشػُػرُى ْـ َيػ ْػوَـ اْلقَي َ‬
‫يت َيا َوَك َذلِ َؾ اْلَي ْوَـ ُتْن َسى ﴾ أؼ لمػا أعرضػت عػف آيػات هللا‪ ،‬كعاممتيػا معاممػة مػف‬ ‫آي ُاتَنا َفَن ِس َ‬
‫كثيػر‪ ﴿ :‬أ ََت ْت َؾ َ‬
‫لـ يذكرىا‪ ،‬بعد ببلغيا إليؾ تناسيتيا كأعرضت عنيا كأغفمتيا‪ ،‬كذلؾ نعاممؾ اليكـ معاممة مف ينساؾٖ‪،.‬قاؿ‬
‫اف َعَمى ُقُموبِ ِي ْـ َمػا َكػاُنوا َي ْك ِس ُػبو َف ﴾ [المطففػيف‪ .]ٔٗ:‬أؼ غطػى عمػى قمػكبيـ مػا كػانكا‬ ‫تعػالى‪َ ﴿ :‬ك َّال َب ْل َر َ‬
‫يكسبكنو مف اإلثـ كالمعصػية‪ ،‬كالقمػب الػذؼ يمػرد عمػى المعصػية يػنطمس كيظمػـ كيػريف عميػو غطػاء كثيػف‬
‫يحجب النكر عنو كيحجبو عف النكر‪ ،‬كيفقده الحساسية شيئا فشيئا حتى يتبمػد كيمػكت‪،.‬ركػ الترمػذؼ قػاؿ‪:‬‬
‫صػالح‪ ،‬عػف أَِبػي ُى َرْي َػرَة ‪‬‬ ‫ِ‬ ‫حدثنا ُقتَيب ُة ‪،‬حػدثنا َّ‬
‫ػث‪ ،‬عػف ابػف َع ْجػبلف ‪،‬عػف الَق ْعَقػاع بػف َحكػيـ‪ ،‬عػف أبػي َ‬ ‫الم ْي ُ‬ ‫َْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َخ َ ِ‬ ‫العْب َد ِإ َذا أ ْ‬
‫اس َػت ْغ َفَر و‬
‫اء‪،‬فإذا ىػو َن َػز َع َو ْ‬ ‫طأَ َخط َيئ ًة ُنك َت ْت في َقْمبو ُن ْك َتػ ٌة َس ْػوَد ُ‬ ‫‪،‬عف رسكؿ هللا ‪ ‬قػاؿ‪" :‬إف َ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اف َعَمػى ُقُمػوبِ ِي ْـ َمػا‬ ‫هللا‪َ ﴿:‬ك َّال َب ْػل َر َ‬
‫اف الذي َذ َكَر ُ‬ ‫ييا َح َّتى َت ْعُم َو َقْمَب ُو وىو َّ ُ‬ ‫اب ُسق َل َقْمُب ُو‪،‬واِ ْف َع َاد ِز َيد ف َ‬
‫َت َ‬
‫َكاُنوا َي ْك ِسُبو َف ﴾ٗ‪ .‬قاؿ المباركفكرؼ‪( ":‬نكتت)مف النكت كىػك فػي األصػل أف تضػرب فػي األرض بقضػيب‬
‫فيػػؤثر فييػػا نكتػػة سػػكداء‪ ،‬أؼ جعمػػت فػػي قمبػػو نكتػػة سػػكداء‪ ،‬أؼ أثػػر قميػػل كالنقطػػة‪ ،‬شػػبو الكسػػخ فػػي الم ػرآة‬
‫كالس ػػيف كنحكىما‪،‬كق ػػاؿ الق ػػارػء‪ :‬أؼ كقطػ ػرة م ػػداد تقط ػػر ف ػػي القرط ػػاس‪ ،‬كيختم ػػف عم ػػى حس ػػب المعص ػػية‬
‫كقػػدرىا‪ ،‬كالحمػػل عمػػى الحقيقػػة أكلػػى م ػف جعمػػو مػػف بػػاب التمثيػػل كالتشػػبيو؛ (فػػإذا ىػػك) أؼ العبػػد (نػػزع) أؼ‬
‫نفسػػو عػػف ارتكػػاب المعاصي‪(،‬كاسػػتغفر) أؼ سػػأؿ هللا المغف ػرة (كتػػاب) أؼ مػػف الػػذنب (سػػقل قمبػػو) بالسػػيف‬
‫الميممة عمى البناء لممفعكؿ‪ ،‬كفي ركاية أحمد صقل بالصاد‪ ،‬كالمعنى نظػف كصػفى مػرآة قمبػو؛ ألف التكبػة‬
‫تمثيميا ‪(،‬كاف عاد) أؼ العبد فػي الػذنب كالخطيئػة (زيػد‬
‫ِّ‬ ‫حقيقيا أك‬
‫ِّ‬ ‫بمنزلة المصقمة تمحك كسخ القمب كسكاده‬

‫ٔ‪-‬‬
‫تفسير القرآف العظيـٖ‪.ٙٙ/‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫الجامع ألحكاـ القرآف لمقرطبي ٓ‪.ٕٜٛ/‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫تفسير القرآف العظيـ ألبي الفداء إسماعيل بف كثير ٘‪.ٖٕٗ/‬‬
‫ٗ ‪-‬‬
‫الترمذؼ‪،‬كتاب تفسير القرآف‪،‬باب مف سكرة "كيل لممطففيف"[٘‪/ٖٗٗ/‬حٖٖٖٗ]‪،‬قتيبة بف سعيد‪:‬ثقة ثبت[تقريب‬
‫‪،]ٗ٘ٗ/‬الميث‪:‬ثقة ثبت فقيو إماـ[تقريب‪،]ٗٙٗ/‬دمحم بف عجبلف‪:‬صدكؽ‪،‬إال أنو اختمطت عميو أحاديث أبي‬
‫ىريرة[تقريب‪]ٜٗٙ/‬قاؿ ابف حباف‪:‬فبل يجب االحتجاج إال بما ركاه عنو الثقات[تيذيب التيذيب‪،]ٖٕٗ/ٜ‬القعقاع‪:‬ثقة‬
‫[تقريب‪،]ٗ٘ٙ/‬أبك صالح السماف‪:‬ثقة ثبت [تقريب‪ ]ٕٖٓ/‬فالحديث حسف بيذا اإلسناد‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫فييا) أؼ فػي النكتػة السػكداء (حتػى تعمػك) أؼ لمنكػت قمبػو أؼ تطفػئ نػكر قمبػو فتعمػي بصػيرتو‪ ،‬كىػك األثػر‬
‫المستعمي الراف الذؼ ذكر هللا أؼ في كتابو‪( ،‬بل راف عمى قمكبيـ ما كانكا يكسػبكف) قػاؿ الحػافع ابػف كثيػر‬
‫‪":‬كانمػا حجػب قمػػكبيـ عػف اإليمػػاف بػو مػػا عمييػا مػػف الػراف الػذؼ قػػد لػبس قمػػكبيـ مػف كثػرة الػذنكب كالخطايػػا‬
‫‪،‬كالػريف يعتػػرؼ قمػػكب الكػػافريف‪ ،‬كالغػػيـ لؤلبػرار‪ ،‬كالغػػيف لممقػربيف" انتيػػى‪ .‬قمػػت‪ :‬أصػػل الػراف كالػريف الغشػػاكة‬
‫ذكرىا صػمى هللا‬ ‫كىك كالصدأ عمى الشيء الصقيل‪ ،‬قاؿ ابف الممؾ‪ :‬ىذه اآلية مذككرة في حق الكفار‪ ،‬لكف َ‬
‫تخكيفا لممؤمنيف كي يحترزكا عف كثرة الذنب كيبل تسكد قمكبيـ كما اسكدت قمكب الكفار‪ ،‬كلذا‬ ‫ً‬ ‫عميو ك سمـ‬
‫َّللاِ ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ -‬يُق ػػكؿ‪:‬‬
‫ػكؿ َّ‬ ‫ِ‬
‫ػاؿ‪َ :‬سػػم ْع ُت َرُسػ َ‬ ‫قيػػل‪ :‬المعاصػػي بريػػد الكفػػر" ‪ ،‬كركػ مسػػمـ ‪ ‬مػػف حػػديث ُح َذ ْيَف ػ ُة َقػ َ‬
‫ٔ‬

‫ُش ِػربيا ُن ِك ِ ِ‬ ‫ػوب َكاْل َح ِص ِ‬ ‫ض اْل ِف َػت ُف َعَمػى اْلُقُم ِ‬


‫َى َقْم ٍػب‬ ‫اء ‪َ ،‬وأ ُّ‬ ‫ػت فيػو ُن ْك َتػ ٌة َس ْػوَد ُ‬ ‫َ‬ ‫َى َقْم ٍػب أ ْ َ َ‬ ‫ػودا؛ َفػأ ُّ‬ ‫ػودا ُع ً‬ ‫ػير ُع ً‬ ‫ُ"ت ْعَر ُ‬
‫ام ِػت‬ ‫ِ‬ ‫ض ِم ْث ِػل َّ‬ ‫ػير َعَمػى َقْمَب ْػي ِف َعَمػى أَْب َػي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الصػ َفا َفػالَ َت ُض ُّػرُه ف ْتَنػ ٌة َمػا َد َ‬ ‫‪،‬ح َّتى َتص َ‬ ‫ػاء َ‬‫أَْن َكَرَىا ُنك َت فيو ُن ْك َت ٌة َبْي َض ُ‬
‫ُش ِػر َب ِم ْػف‬ ‫ؼ َم ْعُروًفا َوالَ ُيْن ِكُر ُمْن َكًار ِإالَّ َما أ ْ‬ ‫وز ُم َج ِّخًيا الَ َي ْع ِر ُ‬
‫ٕ‬
‫َس َوُد ُمْرَبادِّا َكاْل ُك ِ‬ ‫اآلخُر أ ْ‬ ‫ض‪َ ،‬و َ‬ ‫ات َواألَْر ُ‬ ‫الس َم َو ُ‬
‫َّ‬
‫اه "ٖ‪.‬‬ ‫َى َو ُ‬
‫الن ِائ ِـ‬
‫ص ُير ِب َج ْن ِب َّ‬ ‫كب أَؼ ج ِانبيا َكما يْمصق اْلح ِ‬
‫ْ َ َ َ ُ َ ُ َ‬
‫ض اْلُقُم ِ‬ ‫ض‪ :‬أََّنيا ُتْمص ُق ِب َع ْر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫قاؿ النككؼ‪َ ":‬ك َم ْع َنى تُ ْع َر ُ‬
‫َؼ َك َما‬ ‫صِ‬ ‫يو ِشَّدة اْلِتصاقيا ِب ِو‪ ،‬كمعنى عكدا عكدا أَؼ تُعاد كتُ َك َّرر َشيًئا بعد َشي ٍء‪ ،‬كَقكُلو َكاْلح ِ‬ ‫كيؤِثّر ِف ِ‬
‫ير أ ْ‬ ‫َ َ َْ َْ ً َْ ً ْ َ ُ َ ُ ْ َ َْ ْ َ ْ ُ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫ِ‬
‫ض ِّـ اْل َع ْي ِف َكَذل َؾ أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َف‬ ‫اؿ اْلَقاضي‪َ :‬ك َعَمى َى َذا َيتَ َرَّج ُح ِرَك َاي ُة َ‬ ‫ُخ َرػ‪َ ،‬ق َ‬ ‫كدا َك َشظَّي ًة َب ْع َد أ ْ‬ ‫كدا ُع ً‬ ‫ُي ْن َس ُج اْل َحص ُير ُع ً‬
‫اح َد ًة َب ْع َد‬‫كب ك ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّو َع ْر َ ِ ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض اْلفتَف َعَمى اْلُقُم َ‬ ‫آخ َر َكَن َس َج ُو‪َ ،‬ف َشب َ‬ ‫َخ َذ َ‬ ‫كدا أ َ‬‫ص َن َع ُع ً‬ ‫َناس َج اْل َحصير ع ْن َد اْل َع َرب ُكم َما َ‬
‫ُش ِرَب َيا‬ ‫َؼ َقْم ٍب أ ْ‬ ‫َّللاُ َعَم ْي ِو َك َسَّم َـ (َفأ ُّ‬
‫صمَّى َّ‬ ‫ٍِ‬
‫صانع َيا َكاحًدا َب ْع َد َكاحد‪َ ،‬ق ْكُل ُو َ‬
‫ِ‬ ‫ير عَمى ِ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اف اْل َحص ِ َ‬ ‫ض َب ِ‬ ‫ض ُق ْ‬ ‫ُخ َرػ ِب َع ْر ِ‬ ‫أْ‬
‫ُش ِربيا) دخَمت ِف ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫اما‪،‬‬ ‫يو ُد ُخكًال تَ ِّ‬ ‫اء) َم ْع َنى (أ ْ َ َ َ َ ْ‬ ‫ضُ‬ ‫َؼ َقْم ٍب أ َْن َك َرَىا ُنك َت فيو ُن ْكتَةٌ َب ْي َ‬ ‫اء‪َ ،‬كأ ُّ‬ ‫ُنك َت فيو ُن ْكتَةٌ َس ْكَد ُ‬
‫‪،‬ك ِم ْن ُو‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اب‪َ ،‬ك ِم ْن ُو َق ْكُل ُو تَ َعاَلى‪َ ":‬كأ ْ‬ ‫الشر ِ‬‫َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫َؼ ُح َّب اْلع ْجل َ‬ ‫ُش ِرُبكا في قمكبيـ العجل" أ ْ‬ ‫َكأُْل ِزَم َيا َك َحم ْت م ْن ُو َم َح َّل َ‬
‫ط ًة ‪،‬قاؿ‬ ‫ط ُنْق َ‬ ‫‪،‬ك َم ْع َنى ُن ِك َت ُن ْكتَ ًة‪ُ :‬ن ِق َ‬ ‫اؾ َل َيا َ‬
‫ِ‬
‫ط ًة َال ْانف َك َ‬ ‫ط ْت ُو اْل ُح ْم َرةُ ُم َخاَل َ‬
‫َؼ َخاَل َ‬ ‫ِ ٍ‬
‫َق ْكُل ُي ْـ ثَ ْك ٌب ُم ْش َر ٌب ب ُح ْم َرة أ ْ‬
‫صمَّى‬ ‫‪،‬كَق ْكُل ُو َ‬ ‫َعَم ُـ َ‬ ‫ؼ َل ْكِن ِو َف ُي َك َن ْك ٌت‪َ ،‬ك َم ْع َنى (أ َْن َك َرَىا) َرَّد َىا َك َّ‬
‫َّللاُ أ ْ‬
‫ط ٍة ِفي َشي ٍء ِب ِخ َبل ِ‬ ‫ابف ُد َرْيٍد َك َغ ْي ُرهُ‪ُ :‬ك ُّل ُنْق َ‬
‫ْ‬
‫ام ِت َّ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِم ْث ِل َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫ات‬ ‫الس َم َاك ُ‬ ‫ض ُّرهُ ف ْت َن ٌة َما َد َ‬ ‫الصَفا َف َبل تَ ُ‬ ‫(حتَّى تَص َير َعَمى َقْم َب ْي ِف َعَمى أ َْب َي َ‬ ‫َّللاُ َعَم ْيو َك َسم َـ َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ؼ َم ْع ُركًفا َكَال ُي ْن ِك ُر ُم ْن َك ًار ِإ َّال َما أ ْ‬ ‫ِ‬
‫اؿ‬ ‫ُش ِر َب م ْف َى َكاهُ) َق َ‬ ‫كز ُم َج ّخًيا َال َي ْع ِر ُ‬ ‫َسكُد م ْرَب ِّادا َكاْل ُك ِ‬
‫ض َك ْاآل َخ ُر أ ْ َ ُ‬ ‫َك ْاأل َْر ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫اض ِو َل ِكف ِ‬ ‫الصَفا بيانا ِلبي ِ‬ ‫اض َرِح َم ُو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اف‬‫اإليم ِ‬
‫ُخ َرػ لشَّدتو َعَمى َعْقد ْ َ‬ ‫صَف ًة أ ْ‬ ‫ْ‬ ‫يي ُو ِب َّ َ َ ً َ َ‬ ‫ِ‬
‫َّللاُ‪َ :‬ل ْي َس تَ ْشب ُ‬ ‫اْلَقاضي ع َي ٌ‬
‫الصَفا َك ُى َك اْل َح َج ُر ْاأل َْمَم ُس َّالِذؼ َال َي ْعَم ُق ِب ِو‬ ‫يو َك َّ‬ ‫َف اْل ِفتف َلـ تْمصق ِب ِو كَلـ تؤِثّر ِف ِ‬
‫َ ْ َُ ْ‬
‫ِ‬
‫َك َس َبل َمتو م َف اْل َخَمل َكأ َّ َ َ ْ َ َ ْ‬
‫ِِ ِ‬
‫ييا لِ َما تََقَّد َـ ِم ْف َس َك ِاد ِه َب ْل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اج‪َ :‬ل ْي َس َق ْكُل ُو َكاْل ُككز ُم َج ّخًيا تَ ْشب ً‬ ‫اؿ القاضي عياض‪ :‬قاؿ لى ابف َس َّر ٍ‬ ‫َش ْي ٌء ‪َ ،‬ق َ‬
‫كز اْل ُم َج ِّخي‬ ‫آخ ُر ِم ْف أ َْكص ِاف ِو ِبأََّن ُو ُقمِ َب كُن ِّك َس َحتَّى َال َي ْعَم َق ِب ِو َخ ْيٌر كَال ِح ْكم ٌة‪ ،‬كمَّثَم ُو ِباْل ُك ِ‬ ‫ف َ‬ ‫صٌ‬ ‫ُى َك َك ْ‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ٔ ‪ -‬تحفة األحكذؼ ‪.ٜٔٚ/ٜ‬‬


‫القمب الذؼ ال َي ِعي خي اًر بالككز المائل الذؼ ال يثبت فيو شيء؛ ألَف‬ ‫ٕ ‪ -‬المج ِّخي ِ‬
‫المائل عف االستقامة كاالعتداؿ‪ ،‬فشبو‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫الككز إذا ماؿ انصب ما فيو[لساف العرب ٗٔ‪.]ٖٖٔ/‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫مسمـ‪،‬كالمفع لو‪ ،‬كتاب اإليماف‪ ،‬باب بياف أف اإلسبلـ بدأ غريبا [ٔ‪/ٛٙ/‬ح‪ ،]ٖٛٙ‬كأحمد[٘‪/ٖٛٙ/‬ح ‪.]ٕٖٖٕٛ‬‬

‫‪62‬‬
‫َّو اْلَقْم َب َّالِذؼ َال َي ِعي َخ ْي ًار ِباْل ُك ِ‬ ‫اضي َرِح َم ُو َّ‬ ‫(ال يع ِرؼ معركًفا كَال ي ْن ِكر م ْن َكرا) َقاؿ اْلَق ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫كز‬ ‫َّللاُ‪َ :‬شب َ‬ ‫َ‬ ‫َكَبي ََّن ُو بَق ْكلِو َ َ ْ ُ َ ْ ُ َ ُ ُ ُ ً‬
‫الرُج َل ِإ َذا تَِب َع َى َكاهُ َك ْارتَ َك َب‬ ‫ير‪ :‬معنى اْلحِد ِ‬ ‫يو‪ ،‬كَقاؿ ص ِ‬ ‫ؼ َّالِذؼ َال ي ْثبت اْلم ِ ِ‬ ‫اْلم ْنح ِر ِ‬
‫َف َّ‬‫يث أ َّ‬ ‫َ‬ ‫اح ُب التَّ ْح ِر ِ َ ْ َ‬ ‫اء ف َ َ َ‬ ‫َُُ َ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظْمم ٌة‪ ،‬كاِ َذا صار َك َذل َؾ ا ْفتُت َف كَزاؿ َع ْن ُو ُنكر ِْ‬
‫اإل ْس َبلـِ‪َ ،‬كاْلَقْم ُب‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اْل َم َعاص َي َد َخ َل َقْم َب ُو ِب ُك ِّل َم ْعص َية َيتَ َعا َ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫اىا ُ َ َ َ َ‬ ‫ط َ‬
‫ٔ‬ ‫كز َفِإ َذا انك َّب انص َّب ما ِف ِ‬
‫يو َكَل ْـ َي ْد ُخْم ُو َشي ٌء َب ْع َد َذلِ َؾ "‬ ‫ِم ْث ُل اْل ُك ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ ْ َ َ‬
‫ٕػ الرغبة في التكيف لممجتمع‪" :‬فالكثير مف األشخاص الذيف ينحدركف بضمائرىـ إلى أسفل سافميف‪ ،‬إنما‬
‫يككف السبب في انحدارىـ كىبكطيـ عف المستكػ الضميرؼ الذؼ كانكا يتمتعكف بو ىك رغبتيـ في التكيف‬
‫لمكاقع االجتماعي السيئ الذؼ انحدر إليو المجتمع الذؼ يحيكف في نطاقو كيتعاممكف مع أفراده‪ ،‬خذ مثاال‬
‫لذلؾ الشخص الذؼ كاف ينيج تبعاً لضميره الحي في الذكد عف المظمكـ كمناصرتو‪ ،‬كالذؼ كاف يتبع مبدأ‬
‫التضحية مف أجل المعكزيف‪ ،‬إنو بعد أف الحع أنو مكضع تيكـ مف جانب مف يحيطكف بو في مجتمع ال‬
‫يؤمف إال بالمصمحة الشخصية كيتنكر لمتضحية‪ ،‬كبعد أف الحع أف األشخاص الذيف دافع عنيـ عندما‬
‫شعر بأنيـ كانكا مظمكميف في بعض المكاقف كالقضايا كاألشخاص الذيف كانكا محتاجيف إلى مساعدة‬
‫فسخي عمييـ بمالو قد صاركا يبدكف لو العداء‪ ،‬فما كاف منو إال أف فقد مبدأ كاف يمتزـ بو كيعتز بو‪ ،‬كلـ‬
‫يعد ضميره يعذبو إال إذا لـ يساعد مف يحتاج إلى مساعدتو‪ ،‬أك نصرتو ضد مف يظممكنو"ٕ‪.‬‬
‫تعقيب‪:‬‬
‫ىذه القضية تحتاج إلى عبلج ؛ كىك أف ال ينتظر المسمـ جزاء مف الناس كانما يحتسب عممو كمو ﵀ مما‬
‫يساعده عمى الثبات عمى مبدئو كاالستمرار في العطاء‪".‬فالكثير مف المصابيف بفتكر الضمير يعزكف‬
‫فتكرىـ ىذا إلى أنو عندما كانكا متمسكيف بما كانت تأمرىـ بو ضمائرىـ الشخصية التي كانت مفعمة‬
‫بالقكة كالحيكية؛ فإنيـ لـ يحظكا بالنجاح في حياتيـ؛ بل كانكا مكضكعاً لميزء كالسخرية مف جانب‬
‫أصدقائيـ كمعارفيـ‪ ،‬كلكنيـ بعد أف استسممكا لما ىك شائع حكليـ‪ ،‬كبعد أف عمدكا إلى التكيف لمكاقع‬
‫االجتماعي المحيط بيـ‪ ،‬فإنيـ صاركا ناجحيف في عبلقاتيـ االجتماعية كمف ثـ فإنيـ تنازلكا عف الحمية‬
‫التي كانكا يتذرعكف بيا في حياتيـ كخمدكا إلى الضمير الكاىف‪ ،‬كلـ يعكدكا يتشبثكف بو مف أحكاـ قاسية‬
‫يصدركنيا بإزاء المكاقف كالنزعات كالخركج عمى القيـ كاألخبلؽ"ٖ‪.‬‬
‫ٖػ مغريات الحضارة‪" :‬فالحضارة مفعمة بالمغريات الكثيرة التي قد تعمل عمى ميل كثير مف أصحاب‬
‫الضمائر الحساسة كالحية إلى التنازؿ عف الكثير مف مبادئيـ السامية‪ ،‬كالجرؼ كراء بيرج الحضارة‬
‫كمغرياتيا فيي تعمل عمى لي رقاب كثير مف الشرفاء كحمميـ عمى التنازؿ عف المبادغ التي كانكا‬
‫ّ‬
‫يتمسككف بيا"ٗ‪.‬‬

‫ٔ‪-‬‬
‫شرح النككؼ ٕ‪.ٖٔٚ-ٔٚٔ/‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫الضمير كأثره في اإلنساف‪ ،‬يكسف أسعد‪ ،‬صٔ٘‪ ،‬دار غريب‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫الضمير كأثره في اإلنساف‪،‬ص‪ ٜٓ-ٜٛ‬بتصرؼ‪.‬‬
‫ٗ‪-‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬صٕ٘‪ ،‬باختصار‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫كما أف المكانة الكظيفية أك االنتقاؿ مف كسط إلى كسط يؤثر في الضمير إما بصكرة إيجابية أك سمبية‪.‬‬
‫فالتأثير اإليجابي إذا انتقل مف بيئة أقل إلى بيئة أفضل دينياً مثل مف ينتقل مف الجاىمية إلى اإلسبلـ فبل‬
‫شؾ ضميره سيتأثر إيجابياً بل يختمف كمياً حيث تختمف المبادغ كالقيـ التي كاف يقرىا إلى مبادغ كقيـ‬
‫مختمفة فيختمف تبعاً لذلؾ ضميره‪،.‬أما التأثير السمبي فعندما ينتقل إلى كظيفة مرمكقة قد يككف ضميره‬
‫فاعبلً كيقظاً ثـ يخفت تدريجياً بسبب المكانة كالشيرة فتجده يفعل ما كاف ينكره آنفاً؛ بل يحاكؿ التبرير لما‬
‫يفعمو مف أخطاء كىك آمف بعيد عف المسائمة القانكنية كالرقابة الخارجية‪ ،‬فقد يقع في أخطاء ما كاف‬
‫يتصكر يكماً أف يقع فييا‪.‬‬
‫فبل شؾ أف الحياة كما فييا امتحاف كاختبار متكاصل لمضمير‪ ،‬فالعكامل التي تضغط عميو كثيرة كقد تنجح‬
‫في أف تجرفو عف مساره أحياناً كأف تزعزعو كتزلزلو أحياناً‪،.‬غير أف المؤمف إذا سيا رجع‪،.‬عف أبي سعيد‬
‫وؿ‪ُ ،‬ث َّـ َيْرِج ُع‬ ‫اف كم َث ِل اْل َفر ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫اإل ِ‬‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫س في آخَّيتو َي ُج ُ‬ ‫َ‬ ‫يم َ َ‬ ‫الخدرؼ ‪ ‬عف النبي ‪ ‬أنو قاؿ‪َ :‬‬
‫"م َث ُل اْل ُم ْؤمف‪َ ،‬و َم َث ُل ْ َ‬
‫اف"ٔ‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اإليم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫إَلى آخَّيتو‪َ ،‬واِ َّف اْل ُم ْؤم َف َي ْس ُيو ُث َّـ َيْرج ُع إَلى ْ َ‬
‫قاؿ المبل عمي القارؼ‪" :‬المعنى أف المؤمف مربكط باإليماف ال انفصاـ لو عنو‪ ،‬كأنو إف اتفق أف يحكـ‬
‫حكؿ المعاصي كيتباعد عف قضية اإليماف مف مبلزمة الطاعة فإنو يعكد باآلخرة إليو بالندـ كالتكبة‬
‫كيتدارؾ ما فاتو مف العبادة‪ ،‬كىك المراد بقكلو‪" :‬واف المؤمف يسيو" أؼ عف اإليقاف بالغفمة عف مراتب‬
‫اإلحساف‪ ،‬ثـ يرجع إلى اإليماف أؼ بعكف الرحمف"ٕ‪.‬‬
‫فالمؤمف حي الضمير‪ ،‬يقع البصيرة‪ ،‬يمكف أف تغشاه الغفمة كتغريو الحضارة‪ ،‬كتذبذبو تغير المناصب إلى‬
‫أنو سرعاف ما يعكد كينفض ما تراكـ عمى ضميره مف غبار كغشاكة‪.‬‬
‫أما الفاجر كالمنافق فإنو يمضي قدماً ال يأبو أف يفتر ضميره أك يمكت ؛الميـ ىك تحصيمو مصمحة مادية‬
‫دنيكية حتى لك كاف الثمف عنده مكت الضمير‪.‬‬
‫ٗػ التفكؾ األسري‪ :‬حيث لـ يتكفر ألبنائيا التربية األخبلقية كالدينية السكية التي تجعميـ يميزكف بيف‬
‫الخير كالشر‪ ،‬كالحق كالباطل‪ ،‬كالضار كالنافع‪ ،‬فبل تربييـ عمى القيـ الركحية أك تغرس في نفكسيـ‬
‫المبادغ السامية فبل ينمك ضميرىـ بالقدر الكافي لمحكـ عمى المكاقف المختمفة‪ ،‬فتختمط لدييـ الحقائق‬
‫كالمفاىيـ‪.‬‬
‫كالتربية الخاطئة التي يستعمميا الكالداف كالمربكف مف قسكة زائدة أك إىانة لؤلطفاؿ بالضرب كالتكبيخ ألتفو‬
‫األسباب كباستمرار قد يعرض ىؤالء األطفاؿ النحرافات نفسية كسمككية مختمفة‪ ،‬فبل تستطيع ضمائرىـ أف‬
‫تؤدؼ دكرىا كما يجب‪.‬‬

‫ٔ‪-‬‬
‫حديث حسف‪ ،‬سبق تخريجو‪،‬ص‪.٘ٛ‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لممبل عمي القارؼ ‪،ٕٖٚٚ/ٚ‬ط األكلى‪ٕٕٔٗ ،‬ىػ ‪ٕٕٓٓ -‬ـ‪،‬دار الفكر‪ ،‬بيركت –‬
‫لبناف‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫٘ػ الخمط بيف المفاىيـ‪ :‬فمف خبلؿ ما يعرض مف كسائل اإلعبلـ مف أفبلـ كمسمسبلت مف تشجيع عمى‬
‫اإلباحية‪ ،‬كقمب المعركؼ منك ار كالمنكر معركفا‪ ،‬كبث ركح اإلجراـ‪ ،‬كتشجيع المجرميف كابرازىـ في صكرة‬
‫األبطاؿ الفاتحيف‪ ،‬مما خمط عند الشباب بيف المفاىيـ فبل فكاصل كاضحة بيف الخير كالشر أك بيف المفيد‬
‫كالضار‪.‬‬
‫‪ٙ‬ػ تكرار األخطاء والتعود عمييا‪ :‬مما يصيب الضمير اإلنساني بالخمل فينحرؼ عف مساره الصحيح‪ ،‬فبل‬
‫قاؿ‪:‬حَّدثََنا ُم َح َّمُد ْب ُف‬
‫َ‬ ‫يسمع نداء أك دعاء فالتعكد عمى رؤية المنكر تجعمو أم ار عاديا‪،.‬ركػ أبك يعمى‬
‫كسى ْب ُف أَِبي‬ ‫َخ َب َرني ُع َم ُر ْب ُف َى ُارك َف‪َ ،‬ك ُم َ‬
‫اف‪َ ،‬حَّدثََنا مكسى ْب ُف ُع َب ْي َدةَ َقاؿ‪ :‬أ ْ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫الزْب ِرَق ِ‬
‫اْلَف َرِج‪َ ،‬حَّدثََنا م َح َّمُد ْب ُف ِّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫اس ِإ َذا َ‬ ‫ف ِب ُك ْـ أَُّي َيا َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ط َغى ن َس ُاؤُك ْـ‪،‬‬ ‫الن ُ‬ ‫صمى هللاُ َعَم ْيو َك َسم َـ‪"َ :‬كْي َ‬ ‫َّللا َ‬
‫كؿ َّ‬ ‫اؿ َرُس ُ‬
‫اؿ‪َ :‬ق َ‬ ‫يسى‪َ ،‬ع ْف أَبي ُى َرْي َرَة َق َ‬ ‫ع َ‬
‫ف ِب ُك ْـ ِإ َذا َتَرْك ُت ُـ ْاأل َْمَر‬ ‫َشُّد ِمْن ُو َ‬
‫‪،‬كْي َ‬ ‫اؿ‪َ« :‬ن َع ْـ‪َ ،‬وأ َ‬ ‫ِ‬ ‫ق ِف ْتَياُن ُكـ؟»‪َ ،‬قاُلوا‪َ :‬يا َرسوؿ َّ ِ ِ‬
‫َّللا‪ ،‬إ َّف َى َذا َل َكائ ٌف؟ َق َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َوَف َس َ‬
‫ف ِب ُك ْـ‬ ‫َّللا إِ َّف ى َذا َل َك ِائ ٌف؟ َقاؿ‪َ« :‬نعـ‪ ،‬وأ َ ِ‬ ‫النيي ع ِف اْلمْن َك ِر؟»‪َ ،‬قاُلوا‪ :‬يا رسوؿ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َشُّد مْن ُو‪َ ،‬كْي َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِباْل َم ْعُروؼ‪َ ،‬و َّ ْ َ َ‬
‫ِإ َذا َأرَْي ُت ُـ اْل ُمْن َكَر َم ْعُروًفا‪َ ،‬واْل َم ْعُر َ‬
‫وؼ ُمْن َكًرا؟ "ٔ‪.‬‬
‫فعندما تتمكف العادات السيئة كتستكلي عمى الشخص يعجز الضمير عف التأثير في مقكمات ىذه‬
‫الشخصية‪ ،‬كبالتالي يصاب بشمل كعجز ال يستطيع أف ينكر ىذه العادات بعد أف صارت جزءاً منو‪.‬‬
‫كمشاىدة األكضاع الخاطئة كالمكاقف المتكررة‪ ،‬كمعاشرة األشخاص معدكمي الضمير الذؼ ال يتأثركف أك‬
‫ييتمكف ليذه األخطاء؛ بل يفعمكنيا كيشاىدكف حدكثيا دكف أدنى مباالة تجعل اإلنساف مخدر الضمير؛‬
‫فبلبد مف مراقبة الضمير دكرياً ‪،‬كمراجعتو بصفة دائمة حتى يبقى حياً ‪،‬كنفض غبار الغفمة عنو أكالً بأكؿ‬
‫حتى ال يصيبو الفتكر كالكىف كاالضطراب‪ ،‬ككي يبقى نكره مضيئاً ال تطفئو عكاصف الكقائع كرياح الفتف‪.‬‬

‫ٔ‪-‬‬
‫أبك يعمى[ٔٔ‪/ٖٓٗ/‬حٕٓٗ‪]ٙ‬تحقيق‪:‬حسيف سميـ أسد ‪،‬ط األكلى‪،ٜٔٛٗ – ٔٗٓٗ ،‬دار المأمكف لمتراث – دمشق‪،.‬دمحم‬
‫بف الفرج بف عبد الكارث‪:‬صدكؽ[تقريب‪،]ٕ٘ٓ/‬دمحم بف الزبرقاف‪:‬صدكؽ‪،‬ربما كىـ [تقريب‪ ،]ٗٚٛ/‬مكسى بف عبيدة‪:‬قاؿ‬
‫ابف حجر‪:‬ضعيف [تقريب‪،]ٕ٘٘/‬كقاؿ أبك زرعة‪ :‬ليس بقكؼ األحاديث‪ ،‬كقاؿ أبك حاتـ‪ :‬منكر الحديث‪،‬كضعفو‬
‫الترمذؼ كالنسائي كابف حباف كغيرىـ[تيذيب التيذيبٓٔ‪،]ٖٜ٘/‬مكسى بف أبي عيسى‪:‬ثقة[تقريب‪]ٖ٘٘/‬فالحديث‬
‫ضعيف بيذا اإلسناد‪،‬كأخرجو الطبراني في معجمو األكسط [‪/ٕٜٔ/ٜ‬حٕٖ٘‪ .]ٜ‬تحقيق ‪ :‬طارؽ بف عكض هللا بف دمحم‬
‫‪,‬عبد المحسف ابف إبراىيـ الحسيني‪ٔٗٔ٘،‬ىػ ‪،‬دار الحرميف ‪ -‬القاىرة ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫النتائج السموكية المترتبة عمى فتور الضمير في ضوء السنة المطيرة‬
‫حػػيف يضػػعف ضػػمير اإلنسػػاف‪ ،‬كيخبػػك اإليمػػاف فػػي قمبػػو ال يبػػالي أؼ طريػػق سػػمؾ‪،‬كال فػػي أؼ أكديػػة الػػدنيا‬
‫ضػ ُعف الػكازع اإليمػاني عنػده ربمػا ارتكػب مػف المحرمػات مػا يعرضػو لغضػب هللا عػز كجػل‪ ،‬فػبل‬
‫ىمؾ‪،‬فمف َ‬
‫يينأ لو عيش‪ ،‬كأذكر ىنا بعض ما يترتب عمى ضعف الضمير كفتػكره حتػى يعرفيػا المػرء فيتسػنى لػو تػرؾ‬
‫السبب المؤدؼ ليا‪ ،‬كمحاكلة إصبلح قمبو كتقكية ضميره‪.‬‬
‫كمف ىذه النتائج التي تترتب عمى فتكر الضمير‪:‬‬
‫ٔػ عدـ التورع عف الشبيات في المعامالت‪:‬‬
‫ير َقػاؿ‪ :‬س ِػمعتو يُقػكؿ‪ :‬س ِػمعت رسػكؿ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ػاف‬ ‫َى َػكػ ُّ‬
‫الن ْع َم ُ‬ ‫ػكؿ َكأ ْ‬
‫َّللا ‪-‬ملسو هيلع هللا ىلص‪َ -‬يُق ُ‬ ‫اف ْب ِف َبش ٍ َ َ ْ ُ ُ َ ُ َ ْ ُ َ ُ َ‬ ‫الن ْعم ِ‬
‫َ‬
‫ركػ مسمـ مف حديث ُّ‬
‫الن ِ‬ ‫يػر ِم َػف َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬وَبْيَن ُي َمػا ُم ْش َػت ِب َي ٌ‬
‫اـ َب ِّػي ٌف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫ػاس‪،‬‬ ‫ات الَ َي ْعَم ُم ُي َّػف َكث ٌ‬ ‫ص َب َع ْيو إَلى أُ ُذ َن ْيػو ‪ ":‬إ َّف اْل َحػالَ َؿ َب ّػي ٌف َواِ َّف اْل َح َػر َ‬
‫بإ ْ‬
‫ػالر ِ‬ ‫ػع ِفػى اْل َح َا‬ ‫ات اس َتب أَر ِل ِد ِين ِو و ِعر ِض ِو ‪،‬ومف وَقع ِفى ُّ ِ‬ ‫الشبي ِ‬
‫اعى َيْر َعػى َح ْػو َؿ‬ ‫‪،‬ك َّ‬
‫ػرـِ َ‬ ‫الش ُػب َيات َوَق َ‬ ‫ََْ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َف َم ِف َّاتَقى ُّ ُ َ‬
‫َّللا َم َح ِارُم ُو ‪،‬أَالَ َواِ َّف ِفى اْل َج َس ِد ُم ْضػ َغ ًة‬ ‫يو ‪،‬أَالَ واِ َّف لِ ُك ِل ممِ ٍؾ ِحمى ‪،‬أَالَ واِ َّف ِحمى َّ ِ‬ ‫وشؾ أَف يرتع ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫اْلح َمى ُي ُ ْ َ ْ َ َ‬
‫‪،‬واِ َذا َف َس َد ْت َف َس َد اْل َج َسُد ُكُّم ُو؛ أَالَ َو ِىى اْلَقْم ُب "ٔ‪ .‬قاؿ النككؼ‪":‬قكلو صمى هللا‬ ‫ُّ‬
‫ِإ َذا َصَم َح ْت َصَم َح اْل َج َسُد ُكم ُو َ‬
‫َ‬
‫عميػػو ك سػػمـ الحػػبلؿ بػػيف كالح ػراـ بػػيف فمعنػػاه أف األشػػياء ثبلثػػة أقسػػاـ حػػبلؿ بػ ّػيف كاضػػح ‪،‬ال يخفػػى حمػػو‬
‫كػػالخبز كالفكاكػػو كالزيػػت كالعسػػل كالسػػمف كلػػبف مػػأككؿ المحػػـ كبيضػػو كغيػػر ذلػػؾ مػػف المطعكمػػات ‪،‬ككػػذلؾ‬
‫الكبلـ كالنظر كالمشي‪ ،‬كغير ذلؾ مف التصرفات فييا حبلؿ بيف كاضح ال شؾ في حمو‪ ،‬كأما الحراـ البػيف‬
‫فكالخمر كالخنزير كالميتة كالبكؿ كالدـ المسفكح‪ ،‬ككذلؾ الزنى كالكذب كالغيبة كالنميمة كالنظر إلى األجنبية‬
‫كأشباه ذلؾ‪ ،‬كأما المشتبيات فمعناه أنيا ليست بكاضحة ِ‬
‫الح ّل كال الحرمة ‪،‬فميذا ال يعرفيػا كثيػر مػف النػاس‬
‫كال يعممػػكف حكميػػا ‪،‬كأمػػا العممػػاء فيعرفػػكف حكميػػا بػػنص أك قيػػاس أك استصػػحاب أك غيػػر ذلػػؾ فػػإذا تػػردد‬
‫الشيء بيف الحل كالحرمة كلـ يكف فيو نص كال إجماع اجتيد فيو المجتيد فألحقو بأحدىما بالدليل الشػرعي‬
‫ػبلال‪ ،‬كقػػد يكػػكف دليمػػو غيػػر خػػاؿ عػػف االحتمػػاؿ البػػيف‪ ،‬فيكػػكف الػػكرع تركػػو ‪،‬كيكػػكف‬
‫‪،‬فػػإذا ألحقػػو بػػو صػػار حػ ً‬
‫داخبل في قكلو صمى هللا عميو ك سمـ "فمف اتقى الشبيات فقد استب أر لدينو كعرضو"‪ ،‬كما لـ يظير لممجتيد‬
‫ً‬
‫فيػػو شػػيء كىػػك مشػػتبو فيػػل يؤخػػذ بحمػػو أـ بحرمتػػو أـ يتكقػػف؟ فيػػو ثبلثػػة مػػذاىب حكاىػػا القاضػػي عيػػاض‬
‫كغي ػره ‪،‬كالظػػاىر أنيػػا مخرجػػة عمػػى الخػػبلؼ المػػذككر فػػي األشػػياء قبػػل كركد الشػػرع‪ ،‬كفيػػو أربعػػة مػػذاىب‬
‫األصح أنو ال يحكػـ بحػل كال حرمػو كال إباحػة كال غيرىػا؛ ألف التكميػف عنػد أىػل الحػق ال يثبػت إال بالشػرع‬
‫‪،‬كالثاني أف حكميا التحريـ ‪،‬كالثالث اإلباحػة ‪،‬كال اربػع التكقػف كهللا أعمػـ ‪،‬قكلػو صػمى هللا عميػو ك سػمـ ( فقػد‬
‫استب أر لدينو كعرضو ) أؼ حصل لو البراءة لدينو مػف الػذـ الشػرعي‪ ،‬كصػاف عرضػو عػف كػبلـ النػاس فيػو‪،‬‬
‫قكلػػو صػػمى هللا عميػػو ك سػػمـ ( إف لكػػل ممػػؾ حمػػى ‪،‬كاف حمػػى هللا محارمػػو ) معنػػاه أف الممػػكؾ مػػف العػػرب‬

‫ٔ‪-‬‬
‫حديث صحيح‪،‬متفق عميو‪ ،‬سبق تخريجو صٕٔ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫كغيرىـ يككف لكل ممؾ منيـ حمى يحميػو عػف النػاس ‪،‬كيمػنعيـ دخكلػو ‪،‬فمػف دخمػو أكقػع بػو العقكبػة ‪،‬كمػف‬
‫أيضػ ػا حم ػػى ‪،‬كى ػػي محارم ػػو‪ ،‬أؼ‬‫احت ػػاط لنفس ػػو ال يق ػػارب ذل ػػؾ الحم ػػى خكًفػ ػا م ػػف الكق ػػكع في ػػو ‪،‬ك﵀ تع ػػالى ً‬
‫المعاصػػي التػػي حرميػػا هللا كالقتػػل كالزنػػا كالس ػرقة كالقػػذؼ كالخمػػر كالكػػذب كالغيبػػة كالنميمػػة ‪،‬كأكػػل المػػاؿ‬
‫ػيئا مػػف المعاصػػي اسػػتحق العقكبػػة‬
‫بالباطػػل ‪،‬كأشػػباه ذلػػؾ‪ ،‬فكػػل ىػػذا حمػػى هللا تعػػالى ؛مػػف دخمػػو بارتكابػػو شػ ً‬
‫‪،‬كمف قاربو يكشؾ أف يقع فيو‪ ،‬فمف احتاط لنفسو لـ يقاربو كال يتعمق بشػئ يقربػو مػف المعصػية ‪،‬فػبل يػدخل‬
‫في شئ مف الشبيات‪ ،‬قكلو صمى هللا عميػو ك سػمـ ( أال كاف فػي الجسػد مضػغة؛ إذا صػمحت صػمح الجسػد‬
‫كمو ‪،‬كاذا فسدت فسد الجسد كمو‪ ،‬أال كىػي القمػب ) المضػغة القطعػة مػف المحػـ ‪،‬سػميت بػذلؾ ألنيػا تمضػغ‬
‫فػػي الفػػـ لصػػغرىا‪ ،‬كالمػراد تصػػغير القمػػب بالنسػػبة إلػػى بػػاقي الجسػػد‪ ،‬مػػع أف صػػبلح الجسػػد كفسػػاده تابعػػاف‬
‫ٔ‬
‫لمقمب ‪،‬كفي ىذا الحديث التأكيد عمى السعي في صبلح القمب كحمايتو مف الفساد"‬
‫ٕػ الظمـ واالعتداء عمى حقوؽ اآلخريف‪:‬‬
‫فبل يتكانى معدكـ الضمير عف ظمـ الناس‪ ،‬كأخذ حق الغير بالغش كالخداع‪ ،‬أك بالقكة كالذراع‪ ،‬ظانا أف‬
‫شعبا كامبلً فبل ُيبالِي في أؼ كاٍد ىَمؾ‪،‬‬
‫ؾ ً‬ ‫مكف لمظالِ ِـ أف ُيد َّ‬
‫الضمير ُي ُ‬
‫ُ‬ ‫يمكت‬
‫ُ‬ ‫ذلؾ حذقا منو كذكاء‪".‬كعندما‬
‫ِ‬ ‫كي ِّ‬ ‫ِ‬
‫يمكت‬
‫ُ‬ ‫نادػ‪ ،‬عندما‬ ‫نادكف‪ ،‬كلكف ال َ‬
‫حياة لمف ُي َ‬ ‫فيستصرخكف كيستغيثُكف ُ‬
‫كي ُ‬ ‫شرد‪،‬‬ ‫كيفجر‪ ،‬كيأس ُر ُ‬ ‫فيقتُل ُ‬
‫يد ُـ‬ ‫ِ‬ ‫الشحُّ‪ِ ،‬‬
‫كيخبك العدؿ‪ ،‬كيكثُر ُّ‬
‫كي َ‬
‫العقكبات‪ُ ،‬‬
‫اآلفات ك ُ‬
‫ُ‬ ‫ط ُر‬
‫الناصح‪ ،‬كتُستم َ‬ ‫كيق ُّل‬ ‫ُ‬ ‫الظمـ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الضمير يعُمك‬ ‫ُ‬
‫البنياف لِب َن ًة لِب َن ًة‪ ،‬ك َ‬
‫ٕ‬
‫الت ساعة ترميـٍ" ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ٖػ انتشار القطيعة وضعف االنتماء‪:‬‬
‫فيضعف لديو االنتماء كمناصرة قضايا دينو ككطنو‪ ،‬بل انتمائو ألسرتو فذبكؿ الضمائر سبب لتقطيع‬
‫األكاصر‪ ،‬كيمحق بيذا الجفاء كسكء الظف باإلخكاف‪ ،‬فيذا الشخص يتعامل بمنطمق المصمحة فبل يصاحب‬
‫كال يؤاخي إال ألجل حاجة في نفسو‪ ،‬كال يخفى ما في ىذا مف النفاؽ كالتمكف في المعاممة‪ ،‬كالشقاؽ‬
‫كالتقاطع حيف االستغناء‪ .‬إف االنتماء مثمو مثل باقي المكتسبات المجتمعية‪ ،‬ينتقل إلى األطفاؿ بالتعمـ‬
‫كالنقل عف طريق الكالديف كالمحيطيف‪ ،‬كتربيتيـ كغرس الكازع الكطني كالديني في نفكسيـ فإذا كاف حاؿ‬
‫الكالديف كره األكطاف كالتخمي عنيا كالتنصل مف المسئكلية تجاىيا كاف انتماء األبناء أقل‪ ،‬ك كمما قكؼ‬
‫شعكرىـ باالنتماء؛ كترجمت ىذه المشاعر إلى مكاقف كأفعاؿ‪ ،‬انتقمت ىذه المفاىيـ إلى عقكؿ األبناء‬
‫ككجدانيـ دكف حاجةإلى الكبلـ‪.‬‬
‫ٗ‪-‬اتباع اليوى‪:‬‬
‫ال شؾ أنو بضعف الكازع الديني المترتب عمى فتكر الضمير ينتج منو اتباع المرء ليكاه‪ ،‬كايثاره رضا‬
‫َضَّم ُو‬ ‫نفسو كشيكاتو عمى مرضاة هللا‪،‬فيطمس هللا عمى بصيرتو‪،‬قاؿ تعالى‪ ﴿ :‬أَ َفَأرَْي َت َم ِف َّات َخ َذ ِإَل َي ُو َى َو ُ‬
‫اه َوأ َ‬

‫ٔ‪-‬‬
‫شرح النككؼ ٔٔ‪.ٕٜ-ٕٚ/‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫مف خطبة المسجد الحراـ‪ :‬الضمير الحي ‪ ..‬معناه كأىميتو‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫بص ِرِه ِغ َشاوًة َفمف يي ِد ِ‬
‫يو ِمف بع ِد َّ ِ‬
‫َّللا أَ َف َال َت َذ َّكُرو َف﴾‬ ‫َّللا َعَمى ِعْمـٍ َو َخ َت َـ َعَمى َس ْم ِع ِو َوَقْم ِب ِو َو َج َع َل َعَمى‬
‫َْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ََ‬ ‫َّ ُ‬
‫وب ُي ْـ ﴾ [الصف‪ ]٘:‬كىذا عنصر معناه كاسع‪ ،‬فعند‬ ‫ُقُم َ‬ ‫َّللا‬
‫غ َّ ُ‬‫َز َ‬
‫[الجاثية‪ ،]ٕٖ:‬وقاؿ تعالى‪َ ﴿ :‬فَم َّما َاز ُغوا أ َا‬
‫فتكر الضمير ال يخضع لصكت الحق‪ ،‬كال ينقاد لداع الشرع؛ بل يتبع ىكاه‪ ،‬سكاء جاىر بالعصياف أـ‬
‫أخفاه‪ ،‬ككل ما ذكر مف نقاط فرعية ىي تابعة ليذا األصل "اتباع اليكػ" فمتى اتخذ اإلنساف إليو ىكاه فبل‬
‫يستبعد عميو فعل أؼ معصية مخالفة لمحق كالشرع‪ ،‬فبل يتكرع عف شبية كال يراعي ذمة‪.‬‬
‫٘‪-‬االنحرافات النفسية‪:‬‬
‫"فبعض األمراض النفسية كالسرقة المرضية أك المخاكؼ المرضية تككف مصحكبة بخفكت قكة الضمير‬
‫كفتكره كعدـ الشعكر بالحمية كالغيرة عمى األساليب السمككية السكية"ٔ‪.‬‬
‫فبفتكر الضمير يقل ارتباط اإلنساف بالمثل العميا‪ ،‬كينحرؼ عف جادة الصكاب‪ ..‬ينحرؼ نفسياً كسمككياً فبل‬
‫يعكد ييتـ كثي اًر لما يحدث حكلو فبل ييتز لممشاىد المؤلمة‪ ،‬كال يتأثر بآالـ اآلخريف كعذاباتيـ‪ ،‬حيث‬
‫انحرؼ ضميره كأصابتو اآلفات كأصيب بالصمـ فبل يسمع نداء‪ ،‬كال دعاء‪.‬‬
‫كأستطيع القكؿ أف االنحرافات النفسية كفتكر الضمير بينيما عبلقة مطردة ؛حيث أف االنحراؼ النفسي‬
‫يؤثر عمى الضمير بالسمب‪ ،‬كي ِ‬
‫فقد اإلنساف السيطرة عمى مشاعره النبيمة كعمى تفكيره السميـ ‪،‬كما أف فتكر‬ ‫ُ‬
‫الضمير يؤثر عمى السمكؾ النفسي فيؤدؼ إلى انحراؼ اإلنساف عف طبيعتو الفطرية ‪،‬كييكؼ بو إلى أسفل‬
‫سافميف ‪،‬كيجعل نفسو حيكانية بييمية ال تعي ما يتكجب عمييا فعمو فيتخبط في مياكؼ الرذيمة‪.‬‬
‫نسأؿ هللا جل كعز أف يقينا شركر أنفسنا إنو عمى ذلؾ قدير‪.‬‬

‫ٔ‪-‬‬
‫الضمير كأثره في اإلنساف‪ ،‬ص‪.ٜٛ‬‬

‫‪68‬‬
‫الخاتمة‬
‫الحمد ﵀ رب العالميف‪ ،‬كالصبلة كالسبلـ عمى أشرؼ المرسميف ‪،‬فيذا جيد المقل كبضاعتو المزجاة‪،‬‬
‫قصدت بو كجو اإللو‪،‬كال شيء سكػ نيل رضاه‪،‬فالميـ تقبمو مني عمبل متكاضعا خالصا لكجيؾ‪،‬كاغفر لي‬
‫تقصيرؼ كنقصي‪ ،‬كزلمي كضعفي‪.‬كال تكمني لنفسي فأضل ضبلال ً‬
‫بعيدا‪،‬كبعد‪...‬‬
‫فقد كانت رحمة شاقة في أغكار النفس البشرية ‪،‬كالبحث عف كيفية إيقاظ ضميرىا‪ ،‬كاحياء قمبيا ‪،‬كربطو‬
‫بيذا الديف الحنيف ‪،‬فبل حياة لمضمائر إال با﵀‪ ،‬كال نجاة لمنفكس إال بيداه‪.‬‬
‫كالسنة النبكية حافمة بالنصكص كالدالئل التي تربي الضمائر‪،‬إذ أىـ كظيفة لؤلنبياء ىي بعث األمـ مف‬
‫رقدتيا‪ ،‬كنيضتيا مف كبكتيا ‪،‬كال يتأتى ذلؾ إال بمخاطبتيا لضمير األفراد كالجماعات كتربيتو عمى‬
‫الطاعات كالقربات‪ ،‬كقد تكصمت مف خبلؿ ىذا البحث"تربية الضمير في ضكء السنة المطيرة" إلى ما‬
‫يأتي‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬في مصدر الضمير كتككينو يمكف القكؿ بكجكد رأييف في ىذا األمر‪ ،‬كىذاف الرأياف مكمبلف‬
‫لبعضيما البعض كليسا متناقضيف‪:‬‬
‫الرأؼ األكؿ‪ :‬يرجع مصدره إلى الفطرة ‪،‬كالرأؼ الثاني‪ :‬إلى االكتساب كالتعمـ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬ال يستطيع أحد أف يغفل دكر األنبياء كالمرسميف‪ ،‬كالدعاة المصمحيف في تنمية الضمير كتقكيمو‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬أىـ دكر يقكـ بو الضمير ىك الرقابة‪ ،‬فالضمير بمثابة جياز الرقابة الشخصية الداخمية عمى الفرد‬
‫كتصرفاتو‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬كما يقكـ الضمير بتصحيح ما اعكج مف سمكؾ الفرد‪،.‬كيمعب دك اًر تأنيبياً تكبيخياً يتمثل ذلؾ في النفس‬
‫المكامة‪ ،‬التي تؤنب صاحبيا عمى ما بدر منو مف انحراؼ أك اعكجاج في السمكؾ‬
‫٘‪ -‬إف أنكاع الفضائل مف اإليثار كالتضحية كالبذؿ كالفداء‪ ،‬تنبثق كميا مف الضمير اإلنساني اليقع كالتي‬
‫تعيد اإلنساف تربيتو عمى مكارـ األخبلؽ كجميل العادات‬
‫‪ -ٙ‬ىناؾ عبلقة تبادلية بيف الصحة الجسمية كالصحة النفسية؛ فكبلىما يتأثر باآلخر كيؤثر فيو؛‬
‫فالضمير يقكـ بالرعاية كالعناية بالصحة النفسية كينتقي الكسائل التي إذا ما تذرع بيا المرء فإنو يحقق‬
‫لنفسو النمك الصحي النفسي بجميع زكاياه‪.‬‬
‫‪ -ٚ‬مف أسباب تقكية الضمير‪ :‬الخمكة‪ ،‬تعكيد النفس عمى التخمق باألخبلؽ الحسنة‪ ،‬التدبر في آيات هللا‪،‬‬
‫قكة المراقبة ﵀ كالخكؼ منو سبحانو ‪ ،‬الرفقة الصالحة‪،‬‬
‫‪ -ٛ‬سمكؾ الصحابة كالتابعيف يعد مضرب المثل في صحكة الضمير كيقظتو‬
‫‪ -ٜ‬تأنيب الضمير كاتياـ النفس كلكميا كاجب عمى كل إنساف يريد النجاة لنفسو في اآلخرة‪ ،‬كيحتاط‬
‫لذلؾ‪ ،‬فمف ترؾ لنفسو الحبل عمى الغارب ساقتو في كل مرتع لمشيكات‪،‬كصعب عميو فطاميا بعد‬
‫ذلؾ‪،‬كمف حاسب نفسو كراقب ضميره‪ ،‬كابتعد عف الغفمة كاإلىماؿ قرت عينو في الدنيا‪ ،‬كخف عميو‬
‫الحساب في اآلخرة‬

‫‪69‬‬
‫ٓٔ‪ -‬محاسبة النفس بعد العمل ثبلثة أنكاع ‪:‬‬
‫أحدىا ‪ :‬محاسبتيا عمى طاعة قصرت فييا مف حق هللا تعالى فمـ تكقعيا عمى الكجو الذؼ ينبغي‬
‫الثاني ‪ :‬أف يحاسب نفسو عمى كل عمل كاف تركو خي اًر لو مف فعمو‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أف يحاسب نفسو عمى أمر مباح أك معتاد ‪ :‬لـ فعمو كىل أراد بو هللا كالدار اآلخرة‪.‬‬
‫كختاما أحمد هللا عمى ما أكالني بو مف النعـ‪ ،‬كأفاضو عمي مف الكرـ‪،‬كأستغفره مف شركر نفسي كسيئات‬
‫عممي‪،‬كأسألو أف يغفر لي خطئي كزلمي؛ فيك الرحيـ الغفكر‪،‬كىك عمى كل شيئ قدير‪.‬‬

‫الباحثة‪،،‬‬

‫‪74‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫أوالً‪ :‬القرآف الكريـ‬
‫ثانياً‪ :‬كتب التفسير‪:‬‬
‫‪-‬تفسير القرآف العظيـ‪،‬ألبي الفداء إسماعيل بف كثير‪،‬تحقيق‪:‬سامي بف دمحم سبلمة‪،‬ط الثانية ٕٓٗٔىػ‪-‬‬
‫‪ ٜٜٜٔ‬ـ‪،‬دار طيبة لمنشر كالتكزيع‪.‬‬
‫‪-‬ركح المعاني‪،‬ألبي الفضل محمكد األلكسي‪،‬دار إحياء التراث العربي – بيركت‪.‬‬
‫‪-‬معالـ التنزيل‪،‬أبك دمحم الحسيف بف مسعكد البغكؼ ‪ ،‬حققو كخرج أحاديثو ‪:‬دمحم عبد هللا النمر كعثماف جمعة‬
‫ضميرية كسميماف مسمـ الحرش ‪،‬الطبعة ‪ :‬الرابعة ‪ ٔٗٔٚ ،‬ىػ ‪ ٜٜٔٚ -‬ـ‪،‬دار طيبة لمنشر كالتكزيع‪.‬‬
‫‪-‬المفردات في غريب القرآف ‪ ،‬الراغب األصفياني‪ ،‬تحقيق دمحم الكيبلني ‪،‬دار المعرفة‪ ،‬بيركت لبناف ‪.‬‬
‫‪-‬اليداية إلى بمكغ النياية في عمـ معاني القرآف كتفسيره‪ ،‬كأحكامو‪ ،‬كجمل مف فنكف عمكمو‪،‬ألبي دمحم مكي‬
‫بف أبي طالب القيسي األندلسي‪،‬المحقق‪:‬مجمكعة رسائل جامعية بكمية الدراسات العميا كالبحث‬
‫العممي‪،‬جامعة الشارقة‪ ،‬بإشراؼ أ‪ .‬د‪ :‬الشاىد البكشيخي‪ ،‬ط األكلى‪ ٕٜٔٗ ،‬ىػ ‪ ٕٓٓٛ -‬ـ‪،‬الناشر‪:‬‬
‫مجمكعة بحكث الكتاب كالسنة‪ ،‬كمية الشريعة كالدراسات اإلسبلمية‪ ،‬جامعة الشارقة‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬كتب السنة‪:‬‬
‫‪-‬إرشاد السارؼ لشرح صحيح البخارؼ لمقسطبلني ‪ ،‬ط السابعة‪ ٖٕٖٔ،‬ىػ‪ ،‬المطبعة الكبرػ‬
‫األميرية‪،‬مصر‪.‬‬
‫‪-‬الحديث كالمحدثكف ‪ ،‬دمحم دمحم أبك زىك‪،‬ط الثانية‪ٔٗٓٗ ،‬ىػ‪ٜٔٛٗ ،‬ـ ‪،‬الرئاسة العامة إلدارة البحكث‬
‫العممية كاإلفتاء كالدعكة كاإلرشاد‪ ،‬السعكدية‪.‬‬
‫‪ -‬تطريز رياض الصالحيف لفيصل بف عبد العزيز بف فيصل ابف حمد المبارؾ الحريممي النجدؼ ‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز بف عبد هللا ابف إبراىيـ الزير آؿ حمد‪ ،‬ط األكلى‪ ٕٖٔٗ ،‬ىػ ‪ ٕٕٓٓ -‬ـ ‪،‬دار العاصمة‬
‫لمنشر كالتكزيع‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪-‬تكجيو النظر إلى أصكؿ األثر‪ ،‬طاىر الجزائرؼ الدمشقي‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عبد الفتاح أبك غدة‪ ،‬الطبعة األكلى‬
‫‪ٔٗٔٙ ،‬ىػ ‪ٜٜٔ٘ -‬ـ‪ ،‬مكتبة المطبكعات اإلسبلمية ‪ ،‬حمب‪.‬‬
‫‪ -‬التعميق الممجد عمى مكطأ دمحم (شرح لمكطأ مالؾ بركاية دمحم بف الحسف)‬
‫دمحم عبد الحي بف دمحم عبد الحميـ األنصارؼ المكنكؼ اليندؼ‪ ،‬أبك الحسنات (المتكفى‪ٖٔٓٗ :‬ىػ) ‪،‬تعميق‬
‫كتحقيق‪ :‬تقي الديف الندكؼ أستاذ الحديث الشريف بجامعة اإلمارات العربية المتحدة‪،‬ط الرابعة‪ ٕٔٗٙ ،‬ىػ‬
‫‪ ٕٓٓ٘ -‬ـ‪ ،‬دار القمـ‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪-‬جامع بياف العمـ كفضمو‪،‬ألبي عمر يكسف بف عبد البر‪،‬تحقيق‪ :‬أبي األشباؿ الزىيرؼ‪،‬الطبعة‪ :‬األكلى‪،‬‬
‫ٗٔٗٔ ىػ ‪ ٜٜٔٗ -‬ـ‪ ،‬دار ابف الجكزؼ‪ ،‬المممكة العربية السعكدية‪.‬‬
‫‪-‬دليل الفالحيف لطرؽ رياض الصالحيف ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪-‬الزىد ألحمد بف حنبل‪ ،‬كضع حكاشيو‪ :‬دمحم عبد السبلـ شاىيف‪،‬ط األكلى‪ ٕٔٗٓ ،‬ىػ ‪ ٜٜٜٔ -‬ـ‪،‬دار‬
‫الكتب العممية‪ ،‬بيركت – لبناف‪.‬‬
‫‪-‬سنف ابف ماجو‪،‬أبك عبد هللا دمحم بف يزيد القزكيني‪،‬تحقيق ‪:‬دمحم فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار الفكر ‪،‬بيركت ‪.‬‬
‫‪-‬سنف أبي داكد ألبي داكد سميماف بف األشعث السجستاني‪،‬تحقيق‪:‬دمحم محيي الديف عبد الحميد‪،‬المكتبة‬
‫العصرية‪،‬صيدا‪ ،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬سنف الترمذؼ‪،‬دمحم بف عيسى بف َس ْكرة ‪ ،‬تحقيق‪:‬أحمد دمحم شاكر كآخركف‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ ٖٜٔ٘ ،‬ىػ ‪-‬‬
‫٘‪ ٜٔٚ‬ـ الناشر‪ :‬شركة مكتبة كمطبعة مصطفى البابي الحمبي – مصر‪.‬‬
‫‪-‬سنف الدارمي ‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسيف سميـ أسد الداراني ‪،‬الطبعة‪ :‬األكلى‪ ٕٔٗٔ ،‬ىػ ‪ ٕٓٓٓ -‬ـ‪،‬دار المغني‬
‫لمنشر كالتكزيع‪ ،‬المممكة العربية السعكدية‪.‬‬
‫‪-‬السنف الكبرػ ألبي عبد الرحمف أحمد بف شعيب النسائي‪،‬حققو كخرج أحاديثو‪ :‬حسف عبدالمنعـ‬
‫شمبي‪،‬أشرؼ عميو‪:‬شعيب األرناؤكط‪ ،‬ط األكلى‪ٕٔٗٔ،‬ىػ‪ٕٓٓٔ ،‬ـ‪،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬السنة كمكانتيا في التشريع اإلسبلمي لمدكتكر مصطفى السباعي ‪ ،‬الطبعة األكلى ‪،‬سنة ٕٓٓٓـ‪،‬دار‬
‫الكراؽ‪ ،‬المكتب اإلسبلمي‪.‬‬
‫‪-‬شرح السنة‪ ،‬البغكؼ كتاب اإليماف‪،‬باب رد البدع كاألىكاء[ٔ‪ ]ٕٖٔ/‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤكط‪-‬دمحم زىير‬
‫الشاكيش ‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ٖٔٗٓ ،‬ىػ ‪ٜٖٔٛ -‬ـ‪،‬المكتب اإلسبلمي ‪ -‬دمشق‪ ،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬شعب اإليماف البييقي ‪ ،‬حققو كراجع نصكصو كخرج أحاديثو‪ :‬الدكتكر عبد العمي عبد الحميد‬
‫حامد‪،‬أشرؼ عمى تحقيقو كتخريج أحاديثو‪ :‬مختار أحمد الندكؼ‪ ،‬صاحب الدار السمفية ببكمباؼ ‪-‬‬
‫اليند‪،‬ط‪ :‬األكلى‪ ٕٖٔٗ ،‬ىػ ‪ ٕٖٓٓ -‬ـ‪ ،‬مكتبة الرشد لمنشر كالتكزيع بالرياض بالتعاكف مع الدار السمفية‬
‫ببكمباؼ باليند‪.‬‬
‫‪-‬شعب اإليماف لمبييقي ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬دمحم السعيد بسيكني زغمكؿ‪ ،‬الطبعة األكلى ‪،ٔٗٔٓ ،‬دار الكتب‬
‫العممية– بيركت‪.‬‬
‫‪-‬صحيح البخارؼ المسمى ‪" :‬الجامع المسند الصحيح المختصر مف أمكر رسكؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كسننو كأيامو"‪،‬دمحم‬
‫بف إسماعيل أبك عبدهللا البخارؼ الجعفي تحقيق ‪ :‬د‪ .‬مصطفى ديب البغا أستاذ الحديث كعمكمو في كمية‬
‫الشريعة ‪ -‬جامعة دمشق‪ ،‬ط الثالثة ‪،ٜٔٛٚ - ٔٗٓٚ ،‬دار ابف كثير ‪ ،‬اليمامة – بيركت‪.‬‬
‫‪-‬صحيح مسمـ المسمى" المسند الصحيح المختصر بنقل العدؿ عف العدؿ إلى رسكؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص" لئلماـ مسمـ‬
‫بف الحجاج أبك الحسف القشيرؼ النيسابكرؼ (المتكفى‪ٕٙٔ :‬ىػ)‪،‬تحقيق‪:‬دمحم فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث العربي – بيركت‪.‬‬
‫‪-‬غريب الحديث البف الجكزؼ‪،‬تحقيق‪:‬د‪.‬عبد المعطي قمعجي‪،‬ط األكلى‪ٜٔٛ٘،‬ـ‪،‬دار الكتب العممية‪،‬‬
‫بيركت‪.‬‬
‫‪-‬فيض القدير‪،‬لممناكؼ‪،‬الطبعة األكلى ٘ٔٗٔ ق ‪ ٜٜٔٗ -‬ـ ‪،‬دار الكتب العممية بيركت – لبناف‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪-‬كشف المشكل مف حديث الصحيحيف ألبي الفرج عبد الرحمف ابف الجكزؼ‪،‬تحقيق ‪:‬عمي حسيف‬
‫البكاب‪ٔٗٔٛ‬ىػ ‪ٜٜٔٚ -‬ـ‪ ،‬دار الكطف – الرياض‪.‬‬
‫‪-‬محاسبة النفس ابف أبي الدنيا في ‪،‬تحقيق‪ :‬المسعتصـ با﵀ أبي ىريرة مصطفى بف عمي بف عكض‬
‫‪،‬الطبعة‪ :‬األكلى‪ ٔٗٓٙ ،‬ىػ ‪ ٜٔٛٙ -‬ـ ‪،‬دار الكتب العممية‪ ،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬محاسبة النفس البف أبي الدنيا‪،‬تحقيق كتعميق‪:‬مجدؼ السيد إبراىيـ‪،‬مكتبة القرآف لمطبع كالنشر كالتكزيع‪،‬‬
‫القاىرة‪.‬‬
‫‪-‬مدارج السالكيف بيف منازؿ إياؾ نعبد كاياؾ نستعيف‪،‬ابف القيـ‪،‬تحقيق ‪:‬دمحم حامد الفقي‪،‬الطبعة الثانية ‪،‬‬
‫ٖ‪ ، ٜٖٔٚ - ٖٜٔ‬دار الكتاب العربي – بيركت‪.‬‬
‫‪-‬مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح‪،‬أبك الحسف عبيد هللا المباركفكرؼ‪ ،‬ط الثالثة ‪ ٔٗٓٗ -‬ىػ‪ٜٔٛٗ ،‬‬
‫ـ‪،‬إدارة البحكث العممية كالدعكة كاإلفتاء ‪ -‬الجامعة السمفية ‪ -‬بنارس اليند‪.‬‬
‫‪-‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لممبل عمي القارؼ‪ ،‬ط األكلى‪ٕٕٔٗ ،‬ىػ ‪ٕٕٓٓ -‬ـ‪،‬دار الفكر‪،‬‬
‫بيركت – لبناف‪.‬‬
‫‪-‬مسند أحمد لئلماـ أحمد بف حنبل أبك عبدهللا الشيباني ‪،‬مؤسسة قرطبة – القاىرة‪.‬‬
‫‪-‬مسند أبي يعمى‪،‬تحقيق‪:‬حسيف سميـ أسد ‪،‬الطبعة‪ :‬األكلى‪،ٜٔٛٗ – ٔٗٓٗ ،‬دار المأمكف لمتراث –‬
‫دمشق‪.‬‬
‫‪-‬مسند الشامييف لمطبراني تحقيق ‪ :‬حمدؼ بف عبد المجيد السمفي‪ ،‬الطبعة األكلى ‪،ٜٔٛٗ – ٔٗٓ٘ ،‬‬
‫مؤسسة الرسالة – بيركت‪.‬‬
‫‪-‬مشكل اآلثار لمطحاكؼ ‪،‬باب بياف مشكل ما ركؼ عف رسكؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص في كاعع هللا عز كجل الذؼ في‬
‫قمب المؤمف ‪،‬الطبعة األكلى‪ٖٖٖٔ ،‬ىػ ‪،‬مطبعة مجمس دائرة المعارؼ النظامية باليند‪،‬حيدر آباد‪.‬‬
‫‪-‬مصنف عبد الرزاؽ تحقيق ‪ :‬حبيب الرحمف األعظمي ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،ٖٔٗٓ ،‬المكتب اإلسبلمي –‬
‫بيركت‪.‬‬
‫‪-‬مقدمة ابف الصبلح‪،‬معرفة أنكاع عمكـ الحديث‪ ،‬محقق‪ :‬نكر الديف عتر ‪ٔٗٓٙ،‬ىػ ‪ٜٔٛٙ -‬ـ‪،‬دار‬
‫الفكر‪ -‬سكريا‪ ،‬دار الفكر المعاصر – بيركت‪.‬‬
‫‪-‬مكطأ مالؾ‪،‬تحقيق ‪ :‬دمحم مصطفى األعظمي‪ ،‬طٔ‪ٕٔٗ٘ ،‬ىػ ‪ٕٓٓٗ -‬ـ‪،‬مؤسسة زايد بف سمطاف آؿ‬
‫نيياف‪.‬‬
‫‪-‬المسند الصحيح المختصر بنقل العدؿ عف العدؿ إلى رسكؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬مسمـ بف الحجاج أبك الحسف‬
‫القشيرؼ النيسابكرؼ‪ ،‬تحقيق‪ :‬دمحم فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي – بيركت‪.‬‬
‫‪-‬المعجـ األكسط لمطبراني [‪/ٕٜٔ/ٜ‬حٕٖ٘‪.] ٜ‬تحقيق ‪ :‬طارؽ بف عكض هللا بف دمحم ‪,‬عبد المحسف بف‬
‫إبراىيـ الحسيني‪ٔٗٔ٘،‬ىػ ‪،‬دار الحرميف ‪ -‬القاىرة ‪.‬‬
‫‪-‬المعجـ الكبير ‪،‬سميماف بف أحمد بف أيكب أبك القاسـ الطبراني ‪،‬تحقيق ‪:‬حمدؼ بف عبدالمجيد السمفي‪ ،‬ط‬

‫‪73‬‬
‫الثانية ‪، ٜٖٔٛ - ٔٗٓٗ ،‬مكتبة العمكـ كالحكـ – المكصل‪.‬‬
‫‪-‬المنتقى شرح المكطأ ألبي الكليد سميماف الباجي‪،‬ط األكلى‪ٖٖٕٔ،‬ىػ‪،‬مطبعة السعادة بجكار محافظة‬
‫مصر‪-‬القاىرة‪.‬‬
‫‪-‬المكطأ لئلماـ مالؾ‪،‬تحقيق‪:‬دمحم مصطفى األعظمي‪ ،‬ط األكلى ٕ٘ٗٔىػ ‪ٕٓٓٗ -‬ـ‪ ،‬مؤسسة زايد بف‬
‫سمطاف آؿ نيياف‪.‬‬
‫كتب التراجـ‪:‬‬
‫‪-‬اإلصابة في تمييز الصحابة البف حجر‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عمي دمحم البجاكؼ ‪ ،‬ط األكلى ‪، ٕٔٗٔ ،‬دار الجيل‬
‫– بيركت‪.‬‬
‫‪-‬األنساب لمسمعاني ‪ ،‬عبد الكريـ بف دمحم بف منصكر التميمي السمعاني المركزؼ‪ ،‬أبك سعد (المتكفى‪:‬‬
‫ٕ‪٘ٙ‬ىػ) ‪ ،‬المحقق‪ :‬عبد الرحمف بف يحيى المعممي اليماني كغيره‪،‬ط األكلى‪ ٖٕٔٛ ،‬ىػ ‪ٜٕٔٙ -‬‬
‫ـ‪،‬مجمس دائرة المعارؼ العثمانية‪ ،‬حيدر آباد‪.‬‬
‫‪-‬تاريخ بغداد لمخطيب البغدادؼ‪،‬دار الكتب العممية‪-‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬تذكرة الحفاظ الذىبي ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬تعجيل المنفعة بزكائد رجاؿ األئمة األربعة البف حجر العسقبلني‪،‬تحقيق ‪ :‬د‪ .‬إكراـ هللا إمداد الحق‪،‬ط ‪:‬‬
‫األكلى ػ ‪ٜٜٔٙ‬ـ‪،‬دار البشائر ػ بيركت‪.‬‬
‫‪-‬تقريب التيذيب البف حجر ‪ ،‬تحقيق ‪:‬دمحم عكامة‪،‬الطبعة األكلى‪ٔٗٓٙ،‬ىػ– ‪ٜٔٛٙ‬ـ‪،‬دار الرشيد‪،‬سكريا‪.‬‬
‫‪ -‬تيذيب الكماؿ‪ ،‬يكسف بف الزكي عبدالرحمف أبك الحجاج المزؼ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د‪ .‬بشار عكاد معركؼ ‪،‬ط‬
‫األكلى ‪ٜٔٛٓ – ٔٗٓٓ ،‬ـ ‪،‬مؤسسة الرسالة – بيركت‪.‬‬
‫‪-‬الثقات ألبي حاتـ التميمي البستي‪،‬تحقيق ‪ :‬السيد شرؼ الديف أحمد‪ ،‬الطبعة األكلى ‪– ٖٜٔ٘ ،‬‬
‫٘‪ٜٔٚ‬ـ‪،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪-‬حمية األكلياء كطبقات األصفياء ألبي نعيـ‪،‬طبعة ‪ٜٔٗٓ‬ىػ ‪،‬دار الكتب العممية‪ -‬بيركت (بدكف تحقيق)‪.‬‬
‫‪ -‬العبر في خبر مف غبر لمذىبي‪ ،‬حققو كضبطو عمى مخطكطتيف‪،‬‬
‫أبك ىاجر دمحم السعيد بف بسيكني زغمكؿ‪،‬دار الكتب العممية ‪،‬بيركت ‪،‬لبناف‪.‬‬
‫البستي‪،‬تحقيق‪:‬محمكد إبراىيـ زايد‪،‬ط‬
‫‪ -‬المجركحيف مف المحدثيف كالضعفاء كالمترككيف البف حباف ُ‬
‫األكلى‪ٖٜٔ ،‬ىػ ‪،‬دار الكعي‪ ،‬حمب‪.‬‬
‫‪-‬المعجـ الصغير لركاة اإلماـ ابف جرير الطبرؼ ‪ ،‬ألكرـ بف دمحم زيادة الفالكجي األثرؼ‪،‬دار ابف عفاف‪،‬‬
‫القاىرة‪.‬‬
‫‪-‬كفيات األعياف البف خمكاف ‪،‬تحقيق ‪ :‬إحساف عباس‪،‬سنة ٓٓ‪ٜٔ‬ـ‪ ،‬دار صادر – بيركت‪.‬‬
‫كتب المغة‪:‬‬
‫‪-‬التكقيف عمى ميمات التعاريف لدمحم عبد الرءكؼ المناكؼ‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬دمحم رضكاف الداية‪ ،‬طٔ‪ٔٗٔٓ ،‬ىػ‬

‫‪74‬‬
‫‪ ،‬دار الفكر المعاصر‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيركت‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪-‬جميرة األمثاؿ‪،‬أبك ىبلؿ العسكرؼ‪،‬تحقيق ‪ :‬دمحم أبك الفضل إبراىيـ ك عبد المجيد قطامش‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪ٜٔٛٛ ،‬دار الفكر ‪ -‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪-‬خزانة األدب كلب لباب لساف العرب لعبد القادر بف عمر البغدادؼ‪ ،‬تحقيق كشرح‪ :‬عبد السبلـ دمحم‬
‫ىاركف ‪،‬ط الرابعة‪ ٔٗٔٛ ،‬ىػ ‪ ٜٜٔٚ -‬ـ مكتبة الخانجي‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫‪-‬شمس العمكـ كدكاء كبلـ العرب مف الكمكـ لنشكاف سعيد الحميرؼ اليمني‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬حسيف عبد هللا‬
‫العمرؼ‪ ،‬مطير بف عمي اإلرياني ػ د‪ .‬يكسف دمحم عبد هللا‪ ،‬ط األكلى ٕٓٗٔىػ ػ ‪ٜٜٜٔ‬ـ‪ ،‬دار الفكر‬
‫المعاصر ػ بيركت‪ ،‬لبناف‪.‬‬
‫‪-‬القامكس المحيط‪ ،‬الفيركز آبادؼ‪ ،‬ط‪ٔ،ٔٗٓٙ‬ىػ‪ٜٔٛٙ/‬ـ ‪،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪-‬لساف العرب البف منظكر ‪،‬دار صادر‪،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬معجـ المغة العربية المعاصرة ألحمد مختار عبد الحميد عمر ‪ ،‬طٔ‪ٕٜٔٗ ،‬ىػ ػ ‪ٕٓٓٛ‬ـ‪ ،‬عالـ الكتب‪.‬‬
‫‪-‬معجـ مقاييس المغة ألبي الحسف أحمد بف فارس بف زكريا ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السبلـ دمحم ىاركف‪ ،‬سنة النشر‬
‫‪ٖٜٜٔ‬ىػ ػ ‪ٜٜٔٚ‬ـ‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪-‬مكسكعة كشاؼ اصطبلحات الفنكف كالعمكـ لدمحم بف عمي التيانكؼ ‪ ،‬تقديـ كاشراؼ كمراجعة‪ :‬د‪.‬رفيق‬
‫العجـ‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عمي دحركج‪ ،‬نقل النص الفارسي إلى العربية‪ :‬د‪ .‬عبد هللا الخالدؼ‪ ،‬الترجمة األجنبية‪:‬‬
‫د‪.‬جكرج زيناني‪ .‬طٔ‪ٜٜٔٙ ،‬ـ‪ ،‬مكتبة لبناف ناشركف ػ بيركت‪.‬‬
‫كتب عامة‪:‬‬
‫‪-‬إحياء عمكـ الديف‪ ،‬ألبي حامد الغزالي‪،‬دار المعرفة‪،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬إرشاد العقل السميـ إلى مزايا القرآف الكريـ‪،‬لدمحم بف دمحم العمادؼ أبك السعكد‪ ،‬دار إحياء التراث العربي –‬
‫بيركت‪.‬‬
‫‪-‬إرشاد الفحكؿ لتحقيق الحق مف عمـ األصكؿ‪،‬دمحم بف عمي بف دمحم الشككاني‪،‬ط األكلى ‪ٜٔٗٔ‬‬
‫‪ٜٜٜٔ‬ـ‪،‬دار الكتاب العربي‪- .‬أصكؿ التربية اإلسبلمية ألميف أبكالكؼ ‪ٜٜٜٔ،‬ـ ‪،‬دار ابف الجكزؼ‪،‬الدماـ‬
‫‪.‬‬
‫‪-‬إغاثة الميفاف مف مصايد الشيطاف البف القيـ‪،‬تحقيق‪:‬دمحم حامد الفقي‪،‬الطبعة الثانية‪ ٖٜٔ٘،‬ىػ –‬
‫٘‪،ٜٔٚ‬دار المعرفة‪،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬أصكؿ التربية اإلسبلمية‪ ،‬د‪.‬دمحم شحات‪،‬د‪.‬مصطفى متكلي‪،‬د‪.‬نكر الديف عبد الجكاد‪،‬د‪.‬محركس إبراىيـ‬
‫‪،‬د‪.‬فتحية دمحم‪( ،‬الطبعة الثالثة‪ٕٔٗ٘،‬ىػ_ٕٗٓٓـ ‪،‬دار الخريجي لمنشر كالتكزيع‪.‬‬
‫‪-‬أىمية الضمير في القرآف‪ ،‬ىاركف يحيى‪،.‬ترجمة مراجعة ‪:‬مصطفى الستيتي‪،‬أحمد بنا‪ ،‬مؤسسة الرسالة‬
‫لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪.‬‬
‫‪-‬األحكاـ في أصكؿ األحكاـ لآلمدؼ ‪ ،‬عمق عميو‪:‬الشيخ عبد الرزاؽ عفيفي‪،‬ط األكلى‪ٕٔٗٗ،‬ىػ ‪-‬‬

‫‪75‬‬
‫ٖٕٓٓـ‪،‬دار الصميعي لمنشر كالتكزيع‪،‬الرياض‪،‬المممكة العربية السعكدية‪.‬‬
‫فياض‪،‬ط‬ ‫الكريـ‬ ‫عبد‬ ‫الحاضر‪،‬خالد‬ ‫الكقت‬ ‫في‬ ‫هللا‬ ‫إلى‬ ‫لمدعكة‬ ‫التربكؼ‬ ‫‪-‬األسمكب‬
‫األكلى‪ٕٔٗٔ،‬ىػ_ٔ‪ٜٜٔ‬ـ ‪،‬دار المجتمع لمنشر كالتكزيع‪.‬‬
‫‪-‬تربية الطفل دينياً كأخبلقياً‪،‬عمي القائمي‪،‬مطبعة كرببلء‪.‬‬
‫‪-‬البداية كالنياية البف كثير ‪،‬ط ىجر‪.‬‬
‫دمحم‪،‬سنة‬ ‫كعبدالراضي‬ ‫الحامد‬ ‫كدمحم‬ ‫سعيد‬ ‫كالتطبيقات‪،‬عمي‬ ‫المفيكمات‬ ‫اإلسبلمية‬ ‫‪-‬التربية‬
‫النشر‪ٕٓٓٗ:‬ـ‪،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪-‬التربية اإلسبلمية المفيكمات كالتطبيقات‪ ،‬أ‪.‬د‪.‬سعيد إسماعيل ‪،‬أ‪.‬د‪.‬دمحم بف محجب‪،‬أ‪.‬د‪.‬عبد الراضي‬
‫إبراىيـ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ٕٔٗٛ ،‬ىػ‪ٕٓٓٚ-‬ـ ‪،‬مكتبة الرشد‪.‬‬
‫‪-‬ثقكب في الضمير ألحمد عكاشة‪.‬‬
‫‪-‬ديف الفطرة‪،‬جاف جاؾ ركسك‪،‬نقمو مف الفرنسية إلى العربية‪:‬عبد هللا العركؼ‪،‬ط األكلى‪ٕٕٓٔ،‬ـ‪،‬المركز‬
‫الثقافي العربي‪،‬الدار البيضاء‪،‬المغرب‪.‬‬
‫السنَّة‪ ،‬د‪ .‬سعيد بف عمي بف كىف القحطاني‪،‬نشر‪:‬مطبعة‬
‫‪-‬شرح أسماء هللا الحسنى في ضكء الكتاب ك ُّ‬
‫سفير‪ ،‬الرياض‪،‬كتكزيع‪ :‬مؤسسة الجريسي لمتكزيع كاإلعبلف‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪-‬شرح العقيدة الطحاكية‪ ،‬دمحم بف عبلء الديف األذرعي ‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد شاكر ‪،‬الطبعة‪ :‬األكلى ‪ٔٗٔٛ -‬‬
‫ىػ ‪،‬ك ازرة الشؤكف اإلسبلمية‪ ،‬كاألكقاؼ كالدعكة كاإلرشاد‪،‬الرياض‪.‬‬
‫‪-‬الضمير كأثره في اإلنساف‪،‬يكسف أسعد ‪،‬دار غريب لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫‪-‬العقائد اإلسبلمية لسيد سابق ‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬فتاكػ الشبكة اإلسبلمية فتكػ لد‪.‬عبد هللا الفقيو‪، ،‬رقـ الفتكػ ٖ‪ ٕٔٓٙ‬تدافع عكامل الخير كالشر في‬
‫النفس البشرية‪ ...‬األسباب كالعبلج‪ ،‬تاريخ الفتكػ ‪ ٕٗ :‬جمادؼ الثانية ٕٕٗٔىػ ‪.‬‬
‫‪-‬الفكائد البف القيـ ‪،‬دار الكتب العممية‪،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬قامكس التربية‪ ،‬فاخر عاقل‪)ٜٖٔٛ( ،‬دار القمـ ‪ ،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬المزكميات ألبي العبلء المعرؼ‪،‬تحقيق‪:‬أميف عبد العزيز الخانجي‪،‬مكتبة الخانجي القاىرة‪.‬‬
‫‪-‬مدارج السالكيف بيف منازؿ إياؾ نعبد كاياؾ نستعيف‪،‬ابف القيـ‪،‬تحقيق ‪ :‬دمحم حامد الفقي ‪،‬ط الثانية‪،‬‬
‫ٖ‪ٖٜٔ‬ى ػ ‪ ، ٜٖٔٚ -‬الناشر ‪ :‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬مذكرة في عمـ النفس اإلسبلمي التربكؼ ‪،‬عارؼ جمعة ‪.‬‬
‫‪-‬مقدمة في فمسفة التربية‪ ،‬دمحم النجيحي‪،‬سنة‪ٜٔٙٚ‬ـ‪،‬مكتبة األنجمك المصرية‪،‬القاىرة‪.‬‬
‫‪-‬مف خطبة المسجد الحراـ‪ :‬الضمير الحي ‪ ..‬معناه كأىميتو عمى المكقع اإللكتركني‪:‬‬
‫‪https://groups.google.com/forum/#!msg/friday-‬‬
‫‪ar/j4BmXna2Gf0/bVnDJwU4G4kJ‬‬

‫‪76‬‬
‫‪-‬مقاؿ بعنكاف"منيج التربية اإلسبلمية في تربية النفس"‪ ،‬د ‪.‬صالح إيشاف عبد الرحمف ‪( ،‬مجمة الجامعة‬
‫اإلسبلمية‪،‬العدد ٖٗٔ‪ٕٔٗٚ-‬ىػ)‪.‬‬
‫‪-‬مكسكعة ال الند الفمسفية‪،‬أندريو الالند‪ ،‬تعريب‪:‬د‪.‬خميل أحمد خميل‪،‬الطبعة الثانية‪،‬منشكرات‬
‫عكيدات‪،‬بيركت‪-‬باريس‪.‬‬
‫‪-‬المكافقات في أصكؿ الشريعة الشاطبي‪،‬إبراىيـ بف مكسى المخمي‪،‬تحقيق ‪ :‬عبد هللا دراز‪ ،‬دار المعرفة‬
‫‪،‬بيركت‪.‬‬
‫‪-‬اليكاتف البف أبي الدنيا‪ ،‬عبد هللا بف دمحم بف عبيد بف سفياف أبك بكر ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬مصطفى عبد القادر‬
‫عطا ‪ ،‬الطبعة األكلى ‪ٖٔٗٔ ،‬ىػ ‪ ،‬مؤسسة الكتب الثقافية – بيركت‪.‬‬
‫‪ -‬الكابل الصيب مف الكمـ الطيب ‪،‬ابف القيـ ‪،‬تحقيق ‪ :‬دمحم عبد الرحمف عكض‪ ،‬ط األكلى ‪– ٔٗٓ٘ ،‬‬
‫٘‪ ، ٜٔٛ‬دار الكتاب العربي – بيركت‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫فيرس الموضوعات‬
‫المقدمة ‪ٖ............................................................................................‬‬
‫سبب اختيارؼ لممكضكع كأىميتو ‪ٖ....................................................................‬‬
‫طريقتي في ىذا البحث ‪ٗ............................................................................‬‬
‫خطة البحث‪ٙ........................................................................................‬‬
‫التمييد‪ :‬كفيو تحميل لمفردات العنكاف كتعريف ما كرد بو ‪ٚ.............................................‬‬
‫الفصل األوؿ‪ :‬الضمير كأىميتو مف منظكر السنة المطيرة ‪،‬وفيو ثالثة مباحث‪ٔٗ.....................::‬‬
‫المبحث األكؿ‪ :‬مصدر الضمير كبياف أنكاعو‪ٔٗ.......................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬كظيفة الضمير كأىميتو مف خبلؿ السنة النبكية‪ٕٓ......................................‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬تربية الضمير في السنة المطيرة‪،‬كفيو ثبلثة مباحث‪ٕٕ..................................:‬‬
‫المبحث األكؿ‪ :‬الكسائل التربكية في السنة النبكية لتقكية الضمير‪ٕٕ....................................‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬تربية الضمير عند الطفل‪ٖٕ...........................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬دكر األنبياء كالمصمحيف في إصبلح الضمير‪ٖ٘........................................‬‬
‫الفصػػػل الثالث‪:‬يقظػػػة الضػػػمير وأثرىػػػا عمػػػى الفػػػرد والمجتمػػػع مػػػف خػػػالؿ السػػػنة النبويػػػة‪،‬كفي ػػو ثبلث ػػة‬
‫مباحث‪ٖٚ..........................................................................................:‬‬
‫المبح ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػث األكؿ‪:‬يقظ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة الض ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػمير عن ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػد الص ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػحابة‪،‬كعند‬
‫التابعيف‪ٖٚ................................................‬‬
‫المبح ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػث الث ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػاني‪ :‬فكائ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػد تربي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة الض ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػمير ف ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػي الس ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػنة‬
‫المطيرة‪ٗٗ.................................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اآلثار المترتبة عمى يقظة الضمير مف منظكر السنة ‪ٗٙ...............................‬‬
‫الفصػػػل الرابػػػع‪ :‬غيػػػاب الضػػػمير وأثػػػره عمػػػى الفػػػرد والمجتمػػػع مػػػف خػػػالؿ السػػػنة النبويػػػة ‪،‬كفي ػػو ثبلث ػػة‬
‫مباحث‪ٜ٘..........................................................................................:‬‬
‫المبحث األكؿ‪:‬خطكرة غياب الضمير مف منظكر السنة ‪ٜ٘............................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬العكامل التي تؤدؼ إلى فتكر الضمير في ضكء السنة المطيرة‪ٙٓ.......................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬النتائج السمككية المترتبة عمى فتكر الضمير في ضكء السنة المطيرة‪ٙٙ.................‬‬
‫الخاتمة‪ٜٙ...........................................................................................‬‬
‫المصادر والمراجع‪ٚٔ................................................................................‬‬
‫فيرس الموضوعات‪ٚٛ...............................................................................‬‬

‫‪78‬‬

You might also like