You are on page 1of 57

‫ﻣوﻗﻊ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ‬ www.elkanounia.

com ‫ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟﻌروض زوروا‬

fb.com/Elkanounia.Ma twitter.com/ElkanouniaMa
‫تشكل استجابة الموارد الجبائية لتمويل الشأن المحلي ضرورة في التدبير المحوكم إلى جانب الموارد‬
‫المرصودة من طرف الدولة ‪ ،‬من خالل الميزانية العامة ‪ ،‬كما أكدت على ذلك المادة ‪ 141‬من الدستور‬
‫‪ ،‬والمفروض أن تكون مستجيبة بدورها لنفس المقاربة ‪.‬‬
‫وال يخلو تطبيق " النوع" في هذه الحالة من مركب أفقي و عمودي ‪ ،‬على المستوى األفقي من خالل ما‬
‫اقتضته المادة ‪ 30‬من قانون التنظيم المحلي رقم ‪ 45.08‬والتي يتصدرها تمييز الضرائب والرسوم‬
‫المأذون للجماعة المحلية في تطبيقها كي تحقق مساواة النوع ‪ ،‬وتنزيل الميزانية العامة ‪ ،‬المفروض أن‬
‫تكون من األصل ‪ ،‬مستجيبة للمقاربة الم ذكورة للوصول إلى األهداف التنموية المرجوة لتكريس‬
‫استقالليتها اتجاه األهداف المسطرة ‪ ،‬وربط اإلدارة المحلية بالنتائج ‪.‬‬

‫وتتمحور اإلشكالية الرئيسية في مدخل أو مداخل مقاربة النوع في واقع النظام الجبائي المحلي ومدى‬
‫مواكبته للنتائج لتكريس استقاللية الجماعة الترابية في تدبير مواردها وتأهيلها لمساواة المرأة والرجل ‪.‬‬

‫وال تخلو هذه المقاربة من تحليل بنيات النظام الجبائي المحلي لتكييفها مع متطلبات النوع ‪ ،‬وذلك بإبراز‬
‫المبادئ وتكييف اإلجراءات المنظمة لجبايات الجماعة بهدف " المساواة " بين الجنسين ‪ ،‬وتجاوز‬
‫"الفجوة العقارية" وباقي الفجوات من أجل توزيع عادل للتحمالت " الجبائية" ‪ ،‬واألخذ بعين االعتبار‬
‫لفارق االعتماد الم رصود من اإلرث والنشاط االستثماري للفاعل األنثوي في الحركة االستثمارية ‪ ،‬بما‬
‫يجعل تعديل الضرائب الوطنية والمحلية لمساواة النوع ‪ ،‬واألخذ بعين االعتبار مهمة الفاعل ‪ ،‬وليس‬
‫النشاط فقط ‪ ،‬كي يكون الواجب قانونيا ‪ ،‬ألن العالقة بين اإلدارة الجبائية المحلية والملزمين بالفرض‬
‫الجبائي ‪ ،‬هي حجر األساس في بناء مداخيل لتمييز " إيجابي" لصالح المرأة الملزمة وتحقيق مساواة‬
‫النوع في الجبايات والوصول إلى العدالة الجبائية ‪.‬‬
‫فعلى مستوى قواعد التأسيس ‪ ،‬عمل المشرع على وضع رسوم سهلة في قواعد تأسيسها ‪ ،‬حيث تم‬
‫التمييز بي ن الرسوم المحلية ذات األساس النوعي ‪ ،‬والرسوم المحلية ذات األساس القيمي ‪.‬‬
‫واعتماد النسبة المئوية على أساس التمييز اإليجابي لصالح المرأة من القيم التي تساعد في البقاء على‬
‫نفس اإلطار والبنية الجبائية وتحقيق العدالة ‪ ،‬انطالقا من المؤشرات الكلية للنشاط االقتصادي وتفكيك‬
‫كل مؤشراته اإلحصائية كي تتجاوز مقاربة النوع الفجوة بين الجنسين ‪.‬‬
‫وهذه المقاربة " الرقمية" أو "الحسابية" للنوع قد تأتي تصاعديا أو بشكل تنازلي ‪ ،‬حسب المعطيات‬
‫اإلحصائية لكل جماعة ترابية ـ خصوصا على صعيد الجهات ـ أو على صعيد القاعدة الوطنية للجبايات‬
‫المحلية ‪ ،‬تبعا للمؤشرات السوسيو اقتصادية ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫وهذه األسعار "النوعية" أو "القيمية" يمكن أن تكون نسبية مقرونة بأساس " النوع " (جندر) منذ البداية‬
‫أو تكون تصاعدية بشكل مختلف بين الجنسين لتشجيع جنس محدد في تجاوز الفجوة ‪ ،‬وتسمح للنظام‬
‫االقتصادي أن يكون " تعادليا" على صعيد مداخله من كال الجنسين ‪.‬‬

‫ويكون في هذه الحا لة توسيع هامش المجالس المحلية في مجال تحديد أسعار الرسوم المحلية هو عينة‬
‫توزيع لهامش التمييز اإليجابي ألحد الجنسين لتحقيق " العدالة" ‪ ،‬على أن يبقى للمشرع تحديد األسعار‬
‫الدنيا والقصوى ألغلب الرسو م المحلية ‪ ،‬ويكون لآلمر بالصرف تحديد نسبها الخاضعة لمقاربة النوع ‪.‬‬

‫وعلى مستوى قواعد التحصيل ‪ ،‬يكون وضع اآلليات جزء من تعميم نظام اإلقرار بالنسبة ألغلب‬
‫الرسوم المحلية ‪ ،‬باستثناء بعض الرسوم المحلية التي احتفظت بنظام اإلحصاء ‪ ،‬وأخرى تستخلص فورا‬
‫مقابل خدمة محددة ‪ ،‬ووضع النظام الجبائي في كل تفاصيله تحت نظام اإلحصاء قادر على تجاوز أي‬
‫فجوة بين الجنسين ‪ ،‬فتتدخل اإلجراءات الوقتية أو المحدودة بزمن لتحقيق العدالة بين الجنسين ‪.‬‬
‫وهذه اإلجراءات المرتبطة بنظام اإلحصاء تستهدف تعميم نظام اإلقرار بطريقة عادلة‪ ،‬متجاوزة الرؤى‬
‫األيديولوجية ‪ ،‬ألن العدالة مطمح الجميع ‪ ،‬لكن هدر الوقت الذي يسببه اإلحصاء ‪ ،‬كما يدفع به البعض‬
‫ليس حقيقيا ‪ ،‬ألن "حوسبة" أو"رقمنة" النظام الجبائي يكرس " العدالة" وتدبير الزمن لتأسيس عالقة‬
‫جبائية جديدة تعتمد على المساهمة الفعالة للملزمين ‪ ،‬على أساس الواجب " العادل" بين المواطنين ‪.‬‬

‫كما يعزز هذا التحول بناء المحاسبة العمومية للجماعات المحلية وهيآتها لسنة ‪ 2010‬على مقاربة النوع‬
‫والحد من ت داخل االختصاص على مستوى األجهزة المكلفة بتحصيل الرسوم المحلية بين القابض‬
‫الجماعي وشسيع المداخيل ‪ ،‬والوصول إلى مواكبة المداخيل لمقاربة النوع ‪ ،‬من األصل‪ ،‬مع تعميم هذه‬
‫المواكبة والمقاربة ‪ ،‬وهو ما يحفز اختصاصات القابض الجماعي في التحصيل ‪.‬‬

‫وتكون الرسوم والحقوق والمساهمات أدوات للحق والمشارك ة على أساس " المبادرة" المحوكمة بالعدالة‬
‫بين الجنسين في إطار القانون ‪.‬‬

‫وعمد القانون الجبائي المحلي ‪ 47.06‬إلى تحديد مجموعة من الحقوق وااللتزامات ‪ ،‬وتعطي المساواة‬
‫في الحقوق بين الجنسين التزامات أصيلة وإضافية لبناءها على العدل ‪ ،‬وإثمار العالقة بين الملزم‬
‫واإلدارة الجبائية ‪ ،‬فأي إحساس بعدم المساواة يؤدي إلى ضمان الحق بالتستر عليه ‪ ،‬أو على بعض‬
‫بياناته لتمكين صاحب الحق مما يراه له ‪.‬‬

‫وال يمكن بناء " تناغم" و "توازن" بين طرفي العالقة الجبائية المحلية ‪ ،‬دون مساواة النوع في خانة‬
‫الملزم و " عدالة اإلجراءات المطابقة لمقاربة النوع" في خانة اإلدارة الجبائية ‪.‬‬
‫وتساهم هذه المقاربة ‪ ،‬وال شك في تجاوز معيقات النظام الجبائي المحلي ‪.‬‬

‫وتكون الخالصة المركزية متأتية من تفصيل في المحاسبة ‪ ،‬كي تستجيب لعدالة النوع ‪ ،‬وهو ما ينعكس‬
‫على التقليص من عدد الرسوم ‪.‬‬
‫وكلما زادت المحاسبة تدقيقا تقلص عدد الرسوم‪ ،‬فالمسألة ال تتعلق بمسطرة اإلعفاءات لتجاوز عدم‬
‫العدالة ‪ ،‬بل بوفاء الرسم لعدالة الشروط ‪ ،‬وعلى الخصوص في قدرة الملزم على اإليفاء بالتزامه ‪ ،‬وفي‬
‫كل ما يتعلق بعدالة اإلجراء ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫ويبقى النظام الجبائي المحلي قاصرا لغياب "جبائية محلية تدخلية" ‪ ،‬وعدم وجود "الجبائية البيئية"‬
‫و "جبائية النوع" إلى جانب فقدان "جبائية عقارية" بالوسط القروي ال تهضم حق المرأة ‪ ،‬وتكون "‬
‫جبائية النوع" مسألة حاسمة في تحقيق عدالة التنمية لبناء عوامل استدامتها بنيويا ‪.‬‬

‫و تعتبر الجبايات المحلية المطابقة للنوع أساس االستقالل المالي للجماعة الترابية في نظام ال مركزي‬
‫عادل بين وحدات التنظيم الترابي ‪ ،‬و بين الجنسين وعلى صعيد رهانات التنمية الموجهة بالنتائج ‪ ،‬وهي‬
‫تقترن باالستقالل اإلداري في تدبير الشأن المحلي ‪ ،‬وممارسة االختصاصات ذات الطبيعة التنموية ‪ ،‬وال‬
‫يمكن وجود أساس مالي يواكب االستقالل اإلداري دون جبايات محلية لها بعدها االجتماعي الشامل ‪.‬‬
‫غير أن تخويل االستقالل الجبائي للجماعة الترابية ضمن االستقالل المالي لن يكون دون أسس ومبادئ‬
‫لها مشروعيتها القانونية والعملية ‪ ،‬من خالل إخضا ع الميزانية العامة وميزانية الوزارة الوصية (وزارة‬
‫الداخلية) لمقاربة النوع لتشمل تدبير الشؤون الترابية المحلية ‪ ،‬وفي مقدمتها الجبايات المحلية ‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس ‪ ،‬يتعين الوصول إلى جبايات مطابقة لمعيار النوع في إطار عمل جماعي مستجيب‬
‫لنفس المعيار ‪ ،‬كي نصل بشكل عام إلى "ميزانية ترابية مطابقة للنوع " لتحقيق مادي للتنمية بشكل‬
‫خاص ‪.‬‬
‫من جهة ‪ ،‬ألن الجبايات المحلية بنية النظام الالمركزي الخاضع لمشاركة المواطن ‪ ،‬والمواطنة في‬
‫تمويل التنمية المباشرة في حيها وشارعها وفي محيطها وسكنها ‪ ،‬وألنها من جهة أخرى ‪ ،‬تشكل جزء‬
‫من االستقالل المالي في تنفيذ هذه المشاريع ‪ ،‬وخضوعها لمقاربة النوع في تقاطع مع البرامج‬
‫والمشاريع أو المصالح ذات الطابع المركزي‪ 155‬بما يفرض أن تكون الجهتان ـ الجبايات المحلية وباقي‬
‫الميزانيات ـ خاضعتين لنفس المعيار ‪.‬‬

‫وتقع الجبايات المحلية المطابقة للنوع في تقاطع موضوعي ومنهجي بين التدخل التنموي ‪ ،‬إلحدى أهم‬
‫الهيآت الالمركزية ( الجماعة الترابية ) في إطار دعم استقاللها المالي ‪ ،‬وبين الشروط المادية‬
‫والموضوعية المتعلقة بممارسة التدبير الموازناتي الموجه بالنتائج لتحقيق باقي شروط التنمية البشرية‬
‫الشاملة والمستدامة ‪.‬‬
‫ويخدم التدخل التنموي للجماعة الترابية ‪ ،‬المختلف في عناصره ومجاالته وتدبيره ‪ ،‬من الضريبة‬
‫المحلية وإلى باقي بنيات التمويل األخرى ‪ ،‬رفع مستوى الحفاظ على توازنات الدخل في العائلة ـ‬
‫والشرا كة العائلية ـ بين الجنسين ‪ ،‬واستقطاب االستثمارات التنموية لدعم المقاولة النسائية ‪ ،‬فالمسألة ال‬
‫تتعلق بمساواة "ترابية" بين المرأة والرجل ‪ 156‬بل ب "مساواة الجنسين" اتجاه مرجعهما ـ أو ـ إقليمهما‬
‫الترابي‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار ‪ ،‬ال يمكن الوصول إ لى ضمانة قانونية ومالية وواقعية لمساواة النوع االجتماعي دون‬
‫جبايات محلية حساسة ومستجيبة لهذه المقاربة على الصعيد المجالي والترابي ‪.‬‬

‫مواضيع‪155‬‬ ‫ـ محمد أديبا ‪ ،‬إشكالية االستقالل المالي للجماعات المحلية بالمغرب ‪ :‬نحو مقاربة أكثر واقعية ‪ ،‬منشورات مجلة اإلدارة المحلية ‪ ،‬سلسلة‬
‫الساعة‪ ، 2001 ،‬ص ‪103 :‬‬
‫‪156 - Denuelt (y) , les pouvoirs d’intervention des municipalités dans le domaine économique , bulletin municipal ,‬‬

‫‪volume 22 ,n 3, Quebec , décembre , 2002 , p : 141‬‬

‫‪54‬‬
‫فهذه الجبايات تضمن استقالل التدخل التنوي ‪ ،‬في بعده الهيكلي لتحفيز العمل المدني والتطوعي على‬
‫تثمينه وتوسيعه بالتناسق مع التطور المجتمعي نفسه‪ ، 157‬وإذا كانت المتطلبات والقواعد القانونية‬
‫والسوسيو اقتصادية للجبايات المحلية الموجهة بالنتائج تتعلق بالدور التنموي للجماعة الترابية ‪ ،‬فإن‬
‫الممارسة العملية وآليات التدخل االقتصادي يجب أن تقر بالشمولية ومبدأ عدم التجزيء إلخضاع كل‬
‫الميزانيات العامة ـ أو القطاعية ـ لمقاربة النوع لتجسيد الدور التنموي الترابي وآليات تحقيق التنمية‬
‫المستدامة (المبحث األول) والبد للوصول إلى هذه األهداف المندمجة المتعلقة بالتنمية المحلية من توفير‬
‫قواعد إجرائية متقدمة ‪ ،‬للوصول إلى رؤية واقعية لنظام جبائي في الجماعات المحلية يطابق المعيار‬
‫الدولي لمقاربة النوع ( المبحث الثاني)‬

‫‪157‬‬‫‪- brunel (J-P) , l’avenir de l’autonomie financière des collectivités locales , conseil économique et social de la‬‬
‫‪France : sur le site web :http://www .la documentation française .fr/rapport-public/014000650/index.shtml‬‬

‫‪55‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬مهام ومسؤوليات اإلدارة الترابية إلدماج حكامة النوع في الجبايات المحلية‬
‫الشك أن الجبايات المحلية مرادف مالي الستقالل الجماعات الترابية ولمبدأ التدبير الحر ‪ ،‬لكن لها‬
‫ارتباط عضوي بالقرار الجبائي الوطني والمالي ‪ ،‬وبرمجة الموارد التي يجب أن تكون مطابقة لمقاربة‬
‫النوع لتحقيق تنمية موجهة بالنتائج ‪.‬‬
‫وإذا كان االستقالل المالي للجماعة الترابية الذي ال يعني سوى استقالل جبائي محلي فإن القدرة القانونية‬
‫والمادية لهذه الوحدة الالمركزية تأتي من واقع العالقة بين التمويل الذاتي والتمويل من المركز وبين‬
‫االستقالل المالي للجماعة الترابية وتحقيق التنمية الترابية ‪.‬‬
‫ومعروف أن هيمنة التمويل القادم من المركز يضعف والشك قدرة الجبايات المحلية ‪ ،‬ويرسخ تبعية‬
‫الجماعة الترابية للتمويل المركزي ‪ ،‬لكن خضوع التمويل القادم من المركز لمقاربة النوع بنفس خضوع‬
‫الموارد المحلية لذات المعيار يشكل توحيدا ل إلطار المالي المناسب والمالئم إلخضاعه لمساواة الجنسين‪،‬‬
‫ألن األهداف تختزلها التنمية الترابية ‪ ،158‬وتوحد إدارة الميزانيات على أساس النتائج الجماعة الترابية‬
‫والوطنية ‪ ،‬و ترفع من قدراتها في التدبير ‪ ،‬كما ت جعل مسألة التمويل إحدى قواعد االستقالل المالي بل‬
‫تؤطر الحل ‪ 159‬من خالل مقاربتين ‪ :‬مقاربة النوع االجتماعي ‪ ،‬والمقاربة الموجهة بالنتائج ‪ ،‬وتداخلهما‬
‫في آليات التدبير الحديث يعزز عدالة التدبير المركزي في عالقته بوحدات التدبير الالمركزي ‪ ،‬وتنفيذ‬
‫المبادرة الذاتية باستقاللية وعدالة ونتيجة محققة إلى جانب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بنفس الكفاءة‬
‫والشفافية والنتيجة المندمجة مع احترام المعيار المحلي للتنمية ‪.‬‬
‫وفي ظل هذا االرتباط بين االستقالل المالي والتدخل المركزي في تدبير الشأن الترابي يكون خضوع‬
‫الميزانية العامة لمقاربة النوع ( المطلب األول) والعمل على آليات متطابقة مع هذه الحساسية على‬
‫صعيد اإلدارة القطاعية والترابية خصوصا وزارة الداخلية لممارستها الوصاية على الجماعة الترابية (‬
‫المطلب الثاني) تكون النتيجة جبايات محلية خاضعة لنفس المعيار (المطلب الثالث) ‪.‬‬

‫ـ محمد بنمير ‪ ،‬الجماعات المحلية والممارسة المالية بالمغرب ‪ ،‬مطبعة الوراقة الوطنية ‪ ،‬مراكش ‪ ، 1994‬ص ‪29‬‬
‫‪158‬‬
‫‪159‬‬‫‪- frizon ( R) marand (A .C) renard (S) et scarbonchi (F) , la perception de l’autonomie financière des collectivités‬‬
‫‪locales en Europe : Quels enseignements pour la France , étude collective des élèves administrateurs territoriaux de‬‬
‫‪L’INET ,SNFPT, 2001 , p : 14‬‬

‫‪56‬‬
‫المطلب األول ‪:‬مهمة ومسؤولية الموازنة العامة في مطابقة الجبايات المحلية لمقاربة النوع‬

‫البد في البداية من مصادرة مفادها ‪ :‬ال ميزانية قطاعية مستجيبة لمقارنة النوع في هذه المرحلة دون‬
‫ميزانية عامة مستجيبة لنفس المعيار ‪ ،‬وال تزال الجبايات المحلية ضمن القطاعات المندمجة رغم أنها‬
‫عنوان االستقالل المالي للجماعة الترابية ‪ ،‬وتعد عصب الموارد الذاتية لتنزيل النظام الالمركزي ‪،‬‬
‫والتخصيص القان وني لموارد ذاتية ذات طابع محلي ـ أو جهوي ـ وهو تنازل من الدولة للجماعة الترابية‬
‫عن مجموعة الرسوم والجبايات بهدف مواجهة نفقاتها ‪ ،‬وهو ما اصطلح عليه البعض ب"الالمركزية‬
‫الجبائية" ‪ ،‬المواكبة لالمركزية اإلدارية الالزمة‪. 160‬‬

‫وألن الوضع ال يزال في بدايته فإن إخضاع الميزانية العامة لمقاربة النوع يدفع إلى تنزيل عام لهذه‬
‫المقاربة في باقي القطاعات ‪ ،‬بما يجعلها معيارا قانونيا عاما لردم الفجوة بين الجنسين ‪ ،‬وقد سجلت‬
‫اتساعا بينا وواضحا ‪.‬‬
‫ولهذه العلة حاولت البرامج الدولية التركيز على إخضاع الموازنة العامة لمعيار النوع بغية الوقوف على‬
‫مدى وكف اءة وفعالية اإلنفاق ‪ ،‬وإخضاع الضرائب ذات الصلة لنفس المعيار ‪ ،‬وضمنها األداء الضريبي‬
‫المحلي إلنجاز العدالة ‪ ،‬وتمكين الجماعة الترابية من االستقالل كي يكون الجنسان داخلها على قدم‬
‫المساواة حقا وواجبا ‪ ،‬إعماال لتحصيل مبدأ عدم التجزيء في الحياة اليومية للمواطنات والمواطنين ‪،‬‬
‫ويكون إخضاع كل مجاالت اإلنفاق العام لمعيار النوع مؤسسا لجبايات مستجيبة لنفس المعيار ‪،‬‬
‫وضمنها الجبايات المحلية ( الفقرة األولى) ولن تكون هذ ه الجبايات " شفافة" دون ميزانية عامة متساوية‬
‫بين الرجل والمرأة ( الفقرة الثانية) بما يتطلب تدبيرها على اآللية المرتكزة على النتائج وأن تكون "‬
‫مبدأ" للقرب ‪ ،‬و ميكانيزما لإلصالح المالي (الفقرة الثالثة) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬إخضاع كل مجاالت اإلنفاق العام لمعيار النوع يؤسس لجبايات محلية مستجيبة لنفس‬
‫المعيار‬

‫يمكن القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) إن خضع اإلنفاق العام إلى مقارنة النوع ‪،‬‬
‫ويترتب عن هذا الميكانيزم إقرار الواجبات على ضوء النتائج ‪ ،‬وضمنها الواجب المالي المحلي ‪ ،‬فتكون‬

‫في‪160‬‬ ‫ـ محمد حاجي ‪ ،‬التمويل المحلي وإشكالية العجز في الميزانية البلدية ‪ ،‬دراسة مقدمة في الملتقى الدولي حول "تسيير وتمويل الجماعات الترابية‬
‫ضوء التحوالت االقتصادية" ‪ ،‬جامعة الحاج لخضر ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬دجنبر ‪ ، 2004‬ص ‪14‬‬

‫‪57‬‬
‫الجبايات المحلية ضمن اإلستراتيجية العامة الخاضعة لهذه المقاربة ‪ ،‬وأساسا لالستقالل المالي للجماعة‬
‫الترابية قصد تدبير فعال للتنمية المتساوية بين الجنسين ‪.‬‬
‫فمن جهة ‪ ،‬نحن أمام ثالثة عوامل ‪:‬‬

‫أ ـ مأسسة تطبيق الموازنة المستجيبة للنوع ‪ ،‬بما يضمن استدامتها ‪ ،‬ويؤهل لمأسسة الجبايات المحلية‬
‫في السياق الوطني ‪.‬‬
‫ب ـ وضع اإلطار المرجعي لمنظومة الجهات الشريكة للميزانية العامة ‪ ،‬وضمنها الجبايات المحلية ‪،‬‬
‫واستجابة الميزانية العامة لمعيار النوع هو خضوع آلي للجبايات المحلية ‪ ،‬رغم مستوى االستقاللية‬
‫المفترض أن يكون في هذا القطاع الرتباطه بالجماعة الترابي ة ‪ ،‬ذات االستقالل المالي ‪ ،‬كلما تقدمت‬
‫الالمركزية في المغرب ‪.‬‬
‫ج ـ أجرأة النوع في الميزانية العامة على ضوء الممارسات الدولية يستهدف التنمية المستدامة وهي نفس‬
‫الغاية من جبايات محلية خاضعة لمعيار النوع لدعم استقالل الجماعة الترابية في مشروعها التنموي‬
‫المستدام ‪ ،‬وعلى هذا األساس فإن المقاربة الموجهة بالنتائج تجمع ‪ ،‬على صعيد األهداف وليس اآلليات‬
‫فقط ‪ ،‬الجبايات المحلية والميزانية العامة المستجيبتين معا ل ( حكامة) النوع دون أن ننسى عاملين‬
‫آخرين ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ أن مقاربة النوع ضمن آليات اإلصالح المالي الذي يجمع إصالح الميزانية العامة والجبايات المحلية‬
‫بالتبعية ‪.‬‬

‫‪2‬ـ أن الجبايات المحلية تدخل ضمن اإلصالح الضريبي في المملكة ‪ ،‬وتشكل مقاربة النوع آلية مركزية‬
‫في اإل صالح المالي واإلصالح الضريبي على حد سواء ‪ ،‬بغية الوصول إلى كفاءة األداء ‪.‬‬

‫ولن يتأتى هذا الطموح دون مؤشرات تبدأ بكل برامج ومشاريع كل وزارة على حدة ‪ ،‬وفي حالة‬
‫الجبايات المحلية يتعلق الوضع بوزارة الداخلية ‪.‬‬
‫وضمن هذا السياق البد من إعادة الن ظر في أسلوب عرض بيانات وموازنات النوع االجتماعي بحيث‬
‫يتم فصل الجبايات الموجهة لإلناث عن التعويضات الموجهة لهن في إطار الجماعة الترابية والوزارة‬
‫المختصة ـ وهي إلى اآلن جهة وصية ـ ودمج هذا الترتيب في مقاربة وزارة المالية التي تتبعها إليها‬
‫الضرائب المباشرة وغ ير المباشرة ‪ ،‬وهي الراسمة والمحددة والمنتجة للميزانية العامة ‪.‬‬

‫وتعد الجبايات المحلية تقاطعا حساسا بين وزارتين ‪ ،‬وإدارة مستقلة تتمثل في الجماعة الترابية ‪ ،‬ولن‬
‫يستقيم العمل بالنوع دون الفصل في اإلنفاق ( بكل مستوياته ) والضرائب ( بمختلف أنواعها) لصالح‬
‫اإلناث ‪ ،‬الرتباطين ‪:‬‬

‫األول‪ ،‬متعلق بتحقيق األهداف واألولويات الوطنية ‪ ،‬والثاني‪ ،‬على مستوى التنمية الترابية ‪،‬والمفترض‬
‫أن تكون مستدامة ‪ ،‬والستكمال مخرجات الكفاءة البد من ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ خارطة الحسابات ‪ ،‬وتكون الجبايات المحلية ضمن التصنيف التمويلي المتصل بالضرائب في إعداد‬
‫الميزانية ‪ ،‬وضمن التصنيف التنظيمي لوزارة الداخلية ‪ ،‬وبفضل مقاربة النوع تدخل ضمن تصنيف‬

‫‪58‬‬
‫البرامج التي تقودها الجماعة الترابية ‪ ،‬وال يمكن الخروج من هذا التقاطع سوى بإخضاع خارطة‬
‫الحسابات نفسها لمساواة الجنسين ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ وضع سياسات مطابقة للنوع كي يكون إعداد الميزانية واإلقرار والتنفيذ والمتابعة والتقييم مستجيبا‬
‫للمقاربة الموجهة بالنتائج ‪ ،‬ألن الجبايات المحلية أداة مالية البد من إخضاعها إلعادة الهيكلة كي تكون‬
‫ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية ‪ ،‬وحسب مصطلحات اتفاقية " سيداو" فإن الجبايات المحلية المطابقة‬
‫للنوع ترفض استبعاد المرأة أو تمييزها السلبي ألن عدم األداء يعد وجها لعدم االعتراف ‪ ،‬وهو‬
‫مرفوض بنص االتفاقية المذكورة ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ التمكين الذي ال يمس المساواة في الواجب المالي المحلي ‪ ،‬وباقي الواجبات العادلة بين الجنسين ‪،‬‬
‫فاإلنفاق ال خاضع لمقاربة النوع يؤسس للتمكين ‪ ،‬فيما الواجب المحلي أول بنية للشراكة والمساواة بما‬
‫يحترم خصوصية كل طرف من العملية االجتماعية ‪ ،‬وال يمكن ألي ميزانية عامة سوى بناءها على‬
‫مقاربة النوع ‪ ،‬لخفض وفيات األطفال ‪ ،‬وتحسين الصحة النفسانية ومكافحة بعض األمراض الجنسية ‪،‬‬
‫وكفالة االستدامة البيئية ‪ ،‬وبناء شراكة عالمية من أجل التنمية ‪ ،‬وتشكل هذه المعايير منطلقا لجبايات‬
‫محلية ـ عمومية ـ مؤسسة على العدالة ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ مؤشر األداء‪ ،‬و ضمنه األداء المالي المحلي ‪ ،‬ويكشف فجوة العمل بين الجنسين واإلجراءات‬
‫التصحيحية المناسبة ‪ ،‬وتدخل هذه اإل جراءات ضمن إعداد باقي مراحل الميزانية العامة المستجيبة للنوع‬
‫والمحتوية بالضرورة لجبايات محلية مطابفة لذات المعيار ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ مؤشر النتيجة ‪ ،‬وهو يقارب قانونيا الضرائب الخاضعة للنوع في البرامج والمشاريع واألنشطة‬
‫االستثمارية ‪ ،‬وكلها متصلة بالتراب (الجماعة الترابية) وساكنه أو قاطنه ( الرجل ‪ /‬المرأة) والعامل في‬
‫المشروع (رجل وامرأة) وفي ظل هذا المثلث المتفاعل تكون الميزانية العامة الخاضعة للنوع مدخل‬
‫الجبايات المحلية الخاضعة لنفس المقاربة ‪.‬‬

‫وحسب دراسة معهد (هوبيرتين أوكلير ) ل ‪ 30‬جماعة في فرنسا فإن دمج اإلجراءات المحلية لتحقيق‬
‫مساواة النوع في الميزانية العامة هو القادر على الوصول إلى األهداف المرجوة ‪ ،‬في مقاربة موجهة‬
‫بالنتائج ‪ ،‬ألن هذه المرحلة المالية تشكل تحديا للجماعات الترابية لكنها أداة للشفافية ‪.161‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الجبايات المحلية لن تكون "شفافة" دون ميزانية عامة متساوية بين الرجل والمرأة‬

‫في خالصة مباشرة ‪ ،‬ال يمكن ضمان معيار الشفافية في الجبايات المحلية دون ميزانية عامة مطابقة‬
‫للنوع ‪ ،‬وهذه اآللية تهتم ب إعادة بناء المداخيل واإلنفاق على أساس المساواة بين الجنسين ‪ ،‬وال يمكن بأي‬
‫حال ت صور جبايات محلية بدون معيار الشفافية ‪ ،‬ولن يكون هذا المعيار دون مقاربة النوع ‪ ،‬وفي هذه‬
‫الخالصة يكون العمل على ‪:‬‬

‫‪161‬‬
‫‪- introduction de djeneba kaita , presidente du centre hubertine auclert, la budgétisation sensible au genre ,‬‬
‫‪Guide pratique‬‬
‫‪www.cntre.hubertine-audert.fr/sites/default/files/fivhiers/guide-bsg-web.pdf‬‬

‫‪59‬‬
‫لتحقيق شفافية جبائية محلية ضمن ميزانية عامة‬ ‫‪162‬‬
‫أ ـ تشريح ترابي لالمساواة بين الرجال والنساء‬
‫مستجيبة للنوع ‪.‬‬
‫ب ـ الدخول المتساوي إلى الخدمات " البلدية" على ضوء الميزانية المحلية ـ القادمة باألساس من‬
‫الجبايات المحلية ـ والميزانية العامة الحساستين للنوع ‪.‬‬
‫ج ـ تعريف الكوابح والمحفزات في الجبايات المحلية المطابقة للنوع ‪ ،‬ولن تكون دون ميزانية عامة‬
‫مستجيبة لنفس المعيار ‪ ،‬وهي ليست ‪ ،‬بأي حال ‪ ،‬ميزانية منفصلة للنساء أو تحسب الديون على أساس‬
‫النوع وال تقبل التحكيم والنفقات الثانوية ‪.‬‬
‫وا لجبايات المحلية المستجيبة للنوع " مندمجة" وتعمل على التمييز اإليجابي أو التمييز السلبي بإعدام‬
‫رسوم وضرائب محددة ‪ ،‬بما يخدم أوراش التنمية المستدامة أو النتائج المرجوة ‪ ،‬وال تدور خارج هذا‬
‫العامل أو المؤشر ‪.‬‬
‫وتضمن الجبايات المحلية الحساسة للنوع ضمن ميزانية عامة مستجيبة لنفس المعيار ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ تحليل موازناتي على ضوء النوع االجتماعي لتحديد مستوى وقع الميزانية على الرجل والمرأة ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ إعادة صياغة الميزانيات والموارد من أجل المساواة بين الجنسين ‪ ،‬وصياغة الضريبة المحلية‬
‫جوهر هذه العملية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ العمل على االندماج الممنهج ل مقاربة النوع في كل مسار الميزانيات المحلية والمركزية ‪.‬‬

‫وحسب هذه الدراسة الفرنسية ‪ ،‬فإن ال شفافية ممكنة في الجبايات المحلية دون مطابقة الميزانية العامة‬
‫لمقاربة النوع ‪.‬‬
‫ويضيف المركز (هوبيرتين أوكلير ) أن كل الميزانيات بما فيها ميزانية الدعم الخارجي يجب أن تخضع‬
‫لمقاربة النوع ‪ ،‬ويجب على كل الموارد أن تكون حساسة لنفس المعيار ‪ ،‬وفي مقدمتها اإليرادات أو‬
‫الجبايات المحلية ‪ ،‬ألنها أول آلية في وقعها على المرأة أو الرجل ‪ ،‬وبدأ المغرب منذ ‪ 2005‬في هذه‬
‫المقاربة بالموازاة مع إصالح الميزانية المرتكز على النتائج المنطلق في ‪ ، 2002‬وتميزت المرحلة‬
‫الثانية بتدقيق نظام المعلومات وتطوير نظام تدبير المعارف ووضع استراتيجية لالتصال ومأسسة‬
‫التقرير حول النوع االجتماعي المرافق لقانون الميزانية ابتداء من ‪. 1632005‬‬

‫ومن أهم المالحظات حول هذه المقاربة ‪ ،‬حسب التقارير الرسمية لوزارة المالية منذ ‪: 2005‬‬

‫‪ 1‬ـ إنها مندمجة وتمس ميزانيات اإلنفاق القطاعية وال تشمل الموارد التي تضم الجبايات المحلية‬

‫‪ 2‬ـ تدريجية ‪ ،‬بما يؤكد محدودية نتائجها القطاعية ‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫‪- le rapport , planifier , conduire , et évaluer une politique local , d’égalité femmes – hommes , centre hubertine‬‬
‫‪auchert , décembre 2014 , p : 9‬‬
‫ـ تقرير النوع االجتماعي لسنة ‪ ، 2009‬الصادر عن وزارة المالية ‪ ،‬عن موقع‪163:‬‬

‫‪www.finances.go.ma/depf/sitepages/adeg-avtion/genre/rapports/2009/genre-09-arabe.pdf‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ 3‬ـ شا ملة وتدمج قطاعات جديدة حسب اإلمكانيات المتاحة ‪ ،‬ودائما ضمن تصنيف المستفيدين من‬
‫النفقات الع مومية في إطار التدبير المرتكز على النتائج‪ ،‬تحقيقا لإلنصاف والمساواة ‪ ،‬وقد تستفيد‬
‫(جندرة) الجبايات المحلية من هذه التجربة الخاصة من التحليل الوطني للمردودية لالنتقال بها من‬
‫ميزانية التسيير واالستثمار إلى الضرائب ومنها الضرائب المحلية ‪ ،‬وأيضا من خالل قياس آثار‬
‫الضرائب المحلية والضرائب العامة على الساكنة لوجود قياس آلثار السياسات العمومية على الساكنة‬
‫المستهدفة ‪ ،‬في إطار التدبير المرتكزة على النتائج وثقافة النجاعة ‪.‬‬

‫و يتوخى بلوغ األهداف المشتركة الوصول بالسياسات األفقية إلى باقي السياسات‪ ،‬خصوصا في مجال‬
‫الموارد لتخفيف العبء على المرأة ‪ ،‬وباقي الفئات المتضررة من أي سياسية قطاعية أو عامة ‪ ،‬وعلى‬
‫هذا األساس يمكن إجمال مداخل مقاربة االجتماعي من خالل الميكانيزمات المرجوة والمتمثلة في ‪:‬‬

‫أ ـ شمول مقاربة النوع لميزانيات الموارد ‪ ،‬وخصوصا الضريبة ‪ ،‬وضمنها بالتبعية الضرائب المحلية ‪.‬‬
‫ب ـ تحديد األهداف المشتركة في إطار السياسات العمودية ‪ ،‬بعد شمولها السياسات األفقية المرتكزة‬
‫على األقطاب ‪:‬‬

‫ـ القطب المؤسساتي ‪ :‬العدل ‪ ،‬التنمية االجتماعية ‪ ،‬تحديث القطاعات العمومية ‪ ،‬االقتصاد والمالية ‪،‬‬
‫التجارة الخارجية ‪ ،‬والشؤون الخارجية والتعا ون ‪ ،‬وفي هذا السياق يكون إدماج مقاربة النوع في‬
‫الجبايات المحلية له تماس على صعيد تحديث القطاعات العمومية والوظيفة العمومية والقطاع الوصي‬
‫(وزارة الداخلية) وأيضا ( وزارة االقتصاد والمالية) التي تتبع لها الضرائب ‪ ،‬وتؤطر هذه العملية‬
‫لشروط مساعدة في انتقال الضريبة المحلية إلى مقاربة النوع ‪.‬‬
‫ـ قطب البنيات التحتية ‪ ،‬وتستفيد الجماعات الترابية من الماء والطاقة والتجهيز والنقل والسكن ‪،‬‬
‫وكلها مؤشرات لدمج النوع في التدبير المرتكز على النتائج ‪ ،‬ويخدم األهداف تحسين الضرائب المحلية‪،‬‬
‫ويفترض التطور (جندرتها) ‪.‬‬
‫ـ قطب تمكين ودعم القدرات ‪ :‬الصحة‪ ،‬التعليم المدرسي ‪ ،‬محاربة األمية والتربية غير النظامية ‪،‬‬
‫الشباب ‪ ،‬التشغيل والتكوين ‪ ،‬وهي حوافز لتطوير شروط الملزم المحلي ‪.‬‬
‫ـ قطب تعزيز الفرص ‪ :‬الفالحة ‪ ،‬الصيد البحري ‪ ،‬االقتصاد االجتماعي ‪ ،‬التجارة والصناعة‬
‫والتق نيات الجديدة لإلعالم واالتصال ؛ وتأكيد وزارة المالية بأن االقتصاد االجتماعي خضع بشكل كامل‬
‫لهذه المقاربة يكشف أن ا النتقال إلى تطبيق " النوع " في الموارد مؤهل هيكلي لمقاربة النوع فيما يدعى‬
‫األقطاب ‪ ،‬لضمها ‪ 26‬قطاعا ‪ ،‬وهي تمس حياة الملزم المحلي في ‪ 25‬قطاعا بشكل مباشر أو غير‬
‫مباشر وفي ‪ 100‬حقل من أجل ا لتمكين ودعم القدرات وتعزيز الفرص مع تحديد األثر والنجاعة في‬
‫قطب المؤسسات ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الجبايات المحلية المطابقة للنوع مبدأ وميكانيزم إلصالح موارد الميزانية المرتكز‬
‫تدبيرها على النتائج‬

‫‪61‬‬
‫ترتكز مبادرة الميزانية حسب النوع االجتماعي على إصالح موارد هذه الميزانية حسب نفس المقاربة ‪،‬‬
‫وال يزال هذا المعطى بعيد عن التحقق ‪ ،‬لكن الوصول إلى أدوات تحليلية في اإلنفاق المطابق للنوع‬
‫يساهم في ا عتماد هذه المالئمة ‪ ،‬خصوصا في قياس الفوارق الالزم استدراكها من خالل الركنين‬
‫المعلنين في ‪ ، 2002‬وهو ما يوضحه التقرير الرسمي ل ‪ ، 2009‬من خالل ما يسميه اإلطار التنظيمي‬
‫لتسهيل قراءة الميزانية ‪ ،‬ويشمل بالنتيجة قراءة الموارد ‪ ،‬بما فيها الجبايات المحلية ـ في وجود إمكانيات‬
‫الالتمركز مع فرص حقيقية للشراكة ‪ ،‬وتفترض الوصول إلى الموارد قبل اإلنفاق ـ ثم ما يسميه التقرير‬
‫‪ :‬التدبير الجيد المتمركز على النتائج ‪ ،‬وألنه مسألة ديمقراطية بحتة ‪ ،‬فإن دمقرطة الموارد واإلنفاق‬
‫جدلية قائمة على مؤشرات األهداف ومؤشرات الوسائل ‪ ،‬ومؤشرات المردودية ومؤشرات األثر ‪،‬‬
‫وتدخل الجبايات المحلية في المقتضيات الجديدة ل"جندرة" الميزانية وجميع المؤشرات ذات الصلة ‪.‬‬

‫ويوضح تقرير وزارة المالية ل ‪ 1642014‬دخول الجبايات المحلية في مرحلة ثالثة بعد نجاح التحليل‬
‫األفقي للميزانية والتحاليل القطاعية ‪ ،‬والوصول أخيرا إلى ربط الموارد بالخيارات اإلستراتيجية لمقاربة‬
‫النوع االجتماعي ‪ ،‬وإلى اآلن يعمل المغرب على مجال الولوج المنصف للجنسين للحقوق المدنية‬
‫والسياسية ‪ ،‬وركز ت الشبكة الوزارية في إطار تفعيل الخطة الحكومية للمساواة ( إكرام) على الوظيفة‬
‫العمومية ووضعت بشراكة مع األمم المتحدة دليال منهجيا في عملية االختيار والتوظيف والتعيينات‬
‫واالنتقال والترقيات وتقييم األداء ‪ ،‬لكنها لم تصمد في تدقيق مؤشرات الولوج إلى الجابي المحلي ‪،‬‬
‫والوظيفة العمومية في الجماعة الترابية ‪ ،‬وركزت على التوازنات بما أدمج الجبايات المحلية ضمن‬
‫القطاع الوصي ( وزارة الداخلية) ‪ ،‬وال يخرج عنه البتة ‪.‬‬

‫واستجابة لتوصيات المناظرة الدولية حول ميزانية النوع االجتماعي بمراكش في نونبر ‪ ، 2012‬أحدثت‬
‫وزارة االقتصاد والمالية ‪ ،‬في فبراير ‪ 2013‬مركز االمتياز الخاص بميزانية النوع االجتماعي ‪ ،‬لكنه‬
‫بقي بعيدا عن تحديث المفاهيم وتعميقها وشمولها لقطاع الضرائب ‪.‬‬

‫ولم تضم المراجعة اإلستراتيجية التي أتمت مرحلتها الثالثة في ‪ 2012‬الواجب الضريبي العام أو المحلي‬
‫‪ ،‬لكنه أقر بمبدأ الشمولي ة ‪ ،‬ويبقى التوقع لصيقا بالمستقبل من أجل إخضاع الجبايات المحلية في مرحلة‬
‫رابعة لمقاربة النوع ‪.‬‬
‫وبخصوص الولوج المنصف للجنسين إلى الحقوق االجتماعية فقد ركزت الدولة على ما دعته ‪ ،‬تزويد‬
‫القطاعات االجتماعية بالقدرة المؤسساتية الدائمة التي تجعل من المساواة بين الجنسين مبدأ للحكامة‬
‫الناجعة في إنجاز الميزانية وتقديمها وتتبعها وتقييم نتائجها ‪ ،‬وفي هذا الصدد ال يقترح في باب الحقوق‬
‫االقتصادية أداء الواجب المالي المحلي والمركزي على صعيد الضريبة المحلية والضريبة العامة ‪ ،‬بل‬
‫يكرس منطق المساعدة في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي انطلقت في نفس السنة التي اعتمدت‬
‫فيها وزارة المالية مقاربة النوع (‪. )2005‬‬

‫ولم يخدم هذا التزامن في ولوج المرأة للمقاولة الفردية ‪ ،‬ألن الذكاء الضريبي منعدم ‪ ،‬فانتهت المرأة إلى‬
‫البحث عن العمل ‪ ،‬وتبقى مساهمتها في سوق الشغل ضعيفة ‪ ،‬حيث لم يتجاوز معدل نشاطها ‪ 24,7‬في‬
‫المائة عام ‪. 2012‬‬

‫‪164‬‬ ‫‪-www.finances.gov.ma/docs/2014/DEPF/rapport-genre2013-synthese-arabe.pdf‬‬

‫‪62‬‬
‫والبد من تسوية النوع في الضرائب ـ عامة ومحلية ـ لولوج النساء إلى القروض والعقار والملكية ‪،‬‬
‫وتأتي الجبايات المحلية متقدمة عن غيرها في هذه المعادلة ‪ ،‬خصوصا على صعيد العقار والملكية ‪،‬‬
‫واالستفادة بشكل متساو من اإلعف اءات الضريبة المحلية والعمل على تجاوز الفجوة التي يحدثها اإلرث‬
‫والتأخر التاريخي لنشاط المرأة ومبادرتها‪ ، 165‬ليكون موضوع العدالة في الواجبات المالية المحلية‬
‫والعامة ميكانيزما رئيسيا إلصالح الميزانية ‪.‬‬

‫ويكاد المجتمع الوطني ‪ ،‬من خالل ميزانية ‪ ، 2016‬والمجتمع الدولي أن يكرسا أهداف التنمية لما بعد‬
‫‪ 2015‬على أسس جديدة تراعي مبادئ اإلنصاف ومبادئ النمو الشامل ‪ ،‬ولن يتحقق هذا المفهوم دون‬
‫إدماج النوع االجتماعي ‪ ،‬كما جاء في الخطاب الملكي إلى المشاركين في المنتدى العالمي الثاني لحقوق‬
‫اإلنسان المنعقد شهر نونبر ‪ 2014‬بمراكش ‪ ،‬وقال في عبارة موحية ( إن المغرب يعتبر هذه المسألة‬
‫من المحاور الرئيسية لسياساته العمومية ‪ ،‬السيما من خالل اعتماد ميزانيات تأخذ بعين االعتبار البعد‬
‫الخاص بالنوع ‪ ،‬وهي نفس المقاربة التي أقرتها األمم المتحدة كآلية رائدة ‪ ،‬كما أننا نعرف أن أمامنا‬
‫الكثير مما ينبغي القيام به) ‪ ، 166‬والوصول إلى جندرة (الجبايات المحلية) مسألة وقت لوجود إقرار‬
‫رسمي باعتماد هذه اآللية الشاملة ولتوجيهها نحو تمتع المغربي بمختلف أجيال حقوق اإلنسان بدون‬
‫تمييز في إطار ديمقراطية تشاركية محترمة للكرامة اإلنسانية ‪.‬‬
‫وإدماج البعد الخاص بالنوع في الجبايات المحلية يدخل في ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ دعم تنسيق القوانين الوطنية ‪ ،‬ومنها الظهير الشريف ‪ 1.50.591‬الصادر في ‪ 19‬من ذي القعدة‬
‫‪ 3 ( 1423‬نونبر ‪ )2007‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 47.06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ‪ ،‬مع التزامات‬
‫المغرب الدولية في م جال حقوق النساء ‪ ،‬كما تؤكدها الشراكة مع األمم المتحدة وترمي هذه الشراكة إلى‬
‫إعداد دليل في إطار إدماج مقاربة حقوق اإلنسان في السياسات العمومية ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ دعم " القدرات التنظيمية والتقنية" في إطار وضع قانون الجبايات المحلية ضمن المكون الرابع‬
‫المتعلق بمسلسل تنسيق الترسانة القانونية الوطنية والوثيقة المشتركة بين المغرب واالتحاد األوروبي ‪.‬‬
‫وال بد من انفتاح الوزارة الوصية ( وزارة الداخلية ) على الشراكتين األممية واألوروبية العتماد‬
‫المكون الرابع ‪ ،‬وتوصيات األمم المتحدة ذات الصلة ‪ ،‬فور إخضاع كامل الميزانيات ـ على صعيد‬
‫ا لموارد واإلنفاق ـ لمقاربة النوع المرتكز على منطق القرب كما تجسدها الجبايات المحلية ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أن الجبايات المحلية المطابقة للنوع آلية إلصالح الميزانية المستجيبة لنفس المقاربة في إطار مقاربة‬
‫تنافسية تساعد على تحسين التأثيرات اإليجابية لهذه الحقوق على الساكنة المستهدفة ‪ ،‬وتحصيل المبدأ‬
‫الذي يدمج الجبايات المحلية في قطاعها داخل الميزانية العامة ويفرض على الجبايات المحلية أن‬
‫تستجيب للنوع ضمن االستجابة الموازناتية لذات المقاربة وقد اعتبرت األمم المتحدة هذه الخالصة "‬
‫مبدأ" ويمكن القول أن خضوع الجبايات المحلية لهذا المبدأ قرار قانوني وقرار اقتصادي ناجع وشامل ‪.‬‬

‫ـ قام فريق عمل من المعهد المغربي لإلداريين برئاسة وزارة الشؤون العامة والحكامة بدراسة حول تمثيلية النساء داخل هياكل حكامة المقاوالت الكبرى‬
‫العمومية والخاصة ‪ ،‬وتشير خالصات هذه الدراسة المقدمة في أبريل ‪ 2013‬إلى أن أقل من نصف هذه المقاوالت تضم امرأة واحدة على األقل في هياكل‬
‫‪ 165‬الحكامة ( تقرير وزارة المالية ل ‪ )2013‬بما يعني أقل من ‪ 50‬في المائة من المقاوالت تضم تمثيال ضعيفا في حدود تمثيل ‪ 1‬في المائة ‪.‬‬
‫‪166 - www.chamberderepresentants.ma/sites/defaut/files/genre-ar.pdf‬‬

‫‪63‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬آليات اإلدارة القطاعية والترابية ( وزارة الداخلية)‬
‫االستقالل المالي للجماعة الترابية يكاد يالزم مجال " الجبايات المحلية"‪ ،‬وإخضاع هذا االستقالل‬
‫للمساواة بين الرجل والمرأة يدعم العالقة" الصحية" بين اإلدارة المركزية الوصية لوزارة الداخلية ‪،‬‬
‫وبين اإلدارة المحلية (الجماعة الترابية) ‪ ،‬فقيمة المساواة تفرض على كل األطراف المتدخلة تبني مقاربة‬
‫موجهة بالنتائج ‪.‬‬

‫وتالزم مقاربة النوع والمقاربة الموجهة بالنتائج يخدمان التنمية الترابية على ضوء مؤشرات التنمية‬
‫البشرية المستدامة انطالقا من "الموارد" وإلى "األهداف" ‪.‬‬
‫وكما هو معروف ‪ ،‬فإن وزار الداخلية المغربية تدير مبادرة وطنية للتنمية البشرية ال تخضع لمقاربة‬
‫النوع ‪ ،‬وال تمثل صراحة المقاربة الملتزمة بالنتائج كما تطلبها من الجماعات الترابية ‪.‬‬
‫ومن المهم ضمن اآلليات الفاعلة في التنمية استجابة ميزانية وزارة الداخلية لمقاربة النوع ‪ ،‬وبها يمكن‬
‫الوصول إلى إخضاع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى نفس المعيار ‪ ،‬في اتصال مع الجماعة‬
‫الترابية الخاضعة مواردها لمساواة الجنسين ‪ ،‬وتتلقى تمويال من المركز خاضع بدوره لنفس القيمة ‪.‬‬
‫ومن الضروري أن نعترف ‪ ،‬من البدء ‪ ،‬أن المالئمة جزء رئيسي في التنمية الترابية " المناسبة"‬
‫والتمويل المتناسب من الموارد المحلية والتمويل المركزي ‪ ،‬في ظل الصالحيات القانونية والواقعية‬
‫للجماعة الترابية في عالقتها بوزارة الداخلية ‪.‬‬
‫ويعد االستقالل الموازناتي إشكاال فعليا بقياس مدى قدرة الجماعة الترابية على جبايات محلية تضمن‬
‫التمويل الذاتي الضامن الستقالل محلي ؛ وخضوع كل الميزانيات لمقاربة النوع يربط الجبايات المحلية‬
‫بنفس المعيار ‪ ،‬وبه يمكن إخضاع كل الموارد ومضامين الميزانية المحلية ‪ ،‬من الجبايات المحلية ومن‬
‫تمويل مركزي قادم من وزارة الداخلية ‪ ،‬لمساواة الجنسين ‪.‬‬
‫وال يمنعه في كل األحوال ضعف الجبايات المحلية من الخضوع لمقاربة النوع ( الفقرة األولى) ألنها‬
‫بنية محورية في االختصاصات الترابية ( الفقرة الثانية) التي يجب تحديثها من أجل الوصول إلى حكامة‬
‫ترابية مندمجة ومنسجمة وقادرة على إعادة تدوير وإدارة الموارد الذاتية ‪ ،‬بما فيها الضرائب المحولة‬
‫والتي أصبحت بدورها رسوما ترابية ‪ ،‬ومطابقتها للنوع حل إجرائي لبناء التنمية المحلية ( الفقرة الثالثة)‬

‫‪64‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬ضعف الجبايات المحلية ال يمنعها من الخضوع لمقاربة النوع‬
‫تعتبر الجبايات المحلية هي الموارد الذاتية للجماعة الترابية ‪ ،‬وأهم عناصر النظام الالمركزي ‪ ،‬ألنها‬
‫الضامنة لمبدأ االستقالل المالي للمكون الترابي ‪ ،‬ومع ذلك تعاني ضعفا بنيويا لرغبة المركز في عدم‬
‫الوصول باآلليات الحديثة للتدبير وأشكال اإلدارة واالستقالل اإلداري إلى مستويات متقدمة ‪.‬‬
‫واالستقالل المالي للهيئات الالمركزي ة مرتبط باألساس القانوني لهذه الموارد ‪ ،‬ومدى مساهمتها في‬
‫تمويل الميزانية المحلية ‪.‬‬

‫وأوردت الترسانة القانونية مستوى متقدما مما يسمى ب (الالمركزية الجبائية) وفصلت في بعض‬
‫مضامينها‪ 167‬مما يؤكد أن النصوص القانونية المسطرة ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ غير محترفة وال متكاملة وال تشمل في تفاصيلها كل ما يتعلق بهذه الالمركزية الجبائية‬

‫‪ 2‬ـ مؤشرات التمويل الذاتي للتنمية الترابية ‪ 168‬غير محددة أو مبوبة لتحقيق فائض مالي موجه‬
‫للمشاريع المقررة على صعيد البنية التحتية أو مشاريع التنمية المستدامة ‪.‬‬

‫ورغم كثرة وتعدد الجبايات المحلية فإنها لم تحقق سوى نسبة ‪ 21‬في المائة من مجموع مداخيل التسيير‬
‫كمعدل سنوي منذ ‪ 2006‬بالنسبة للجماعات الترابية‪ 169‬مقابل نسبة تعدت ‪ 40‬في المائة خالل سنة‬
‫‪170‬‬
‫‪2005‬‬

‫وفي ظل هذا التراجع الواضح ‪ ،‬يظهر للعيان أنه كلما تقدمت المملكة نحو الجهوية الموسعة ‪ ،‬تزداد‬
‫القناعة بأن تطوير وتحديث الجبايات المحلية ضرورة ‪ ،‬وإن لم يتحقق على أرض الواقع ‪ ،‬لكنه يشكل‬
‫العنصر البارز في النسق المالي ‪ ،‬رغم تجاوز التمويل المركزي ل ‪ 50‬في المائة عبر الحصة من‬
‫الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات الموجهة للجهات ‪ ،‬والحصة من الضريبة على القيمة‬
‫المضافة الموجهة للجماعات المحلية‪.‬‬
‫وال يمكن القول بتقدم النسق المالي الجهوي وباقي الجماعات الترابية دون اعتماد مقاربة النوع باقي‬
‫المقاربات في التدبير المؤسسي الفاعل لتعزيز واقع االستقالل المالي من خالل تعبئة التمويل الذاتي‪،‬‬
‫وتحسين قدرته في إدارة التنمية الجهوية والترابية ‪.‬‬
‫ويمكن الوصول إلى مالحظات منها ‪:‬‬

‫و ‪167‬‬‫ـ الفصل ‪ 17‬من ظهير التنظيم المالي لسنة ‪ 1976‬الذي يطابق المادة ‪ 180‬من مدونة الجماعات الترابية الفرنسية الصادرة بقانون سنة ‪، 1995‬‬
‫إلى اآلن ليس في المغرب مدونة متكاملة للجماعات الترابية ‪ ،‬رغم اعتماد الجهوية ‪ ،‬وعدم ورود الجبايات "الجهوية" في تقديم مشاريع الالمركزية‬
‫بالمملكة ‪.‬‬

‫‪168‬‬‫‪- capacité d’autofinancement de développent territorial‬‬


‫‪169‬‬‫‪- Guide des ratios de référence au titre de la gestion, 2006 , note de service du TGR n° 19 du 19 octobre 2006‬‬
‫‪(bibliothèque du parlement) p : 9‬‬
‫ـ الجماعات الترابية في أرقام (‪ ، )2004‬منشورات المديرية العامة للجماعات الترابية ‪ ،‬وزارة الداخلية الرباط ‪ ، 2007‬ص‪170 99:‬‬

‫‪65‬‬
‫أ ـ أن القوانين التنظيمية متأخرة على صعيد الزمن السياسي واإلداري ‪ ،‬وعلى مستوى األهداف ‪ ،‬إن‬
‫لجأنا إلى المقاربة الموجهة بالنتائج ‪ ،‬فهي أيضا متأخرة على صعيد الزمن االجتماعي لعدم اعتماد‬
‫مقاربة ( النوع) ‪.‬‬

‫والبد من استثمار المقاربات الحديثة لتدبير جبائي محلي متقدم وعميق يضمن مساواة الجنسين ‪.‬‬
‫ب ـ أن مقاربة النوع في الجماعات الترابية تجد أساسا لها في مساواة الجنسين داخل الوظيفة العمومية ‪،‬‬
‫لتوجه أغلب ميزانيات الجماعات المحلية إلى تمويل التسيير ‪ ،‬مقابل تمويل للمركز يصل في بعض‬
‫الجماعات إلى ‪ 90‬في المائة ‪ ،‬بما يفيد سيطرة اإلدارة المركزية على الطواقم اإلدارية المنتدبة والوصية‬
‫على عمل الجهات والعماالت ‪.‬‬

‫و نجد أن الموارد الذاتية للجهات تحقق أعلى النسب لتمويلها ما يزيد عن ‪ 40‬في المائة من مجموع‬
‫مداخيل التسيير ‪ ،‬تليها الجماعات الحضرية ب ‪ 27‬في المائة ‪ ،‬فيما ال تتعدى النسبة ‪ 20‬في المائة في‬
‫الجماعات القروية ‪.‬‬
‫وهذه اإلحصائيات التي نشرتها الخزينة العامة للمملكة‪ 171‬تدفع إلى تبني ثالثة مؤشرات ‪:‬‬
‫أ ـ كلما زاد ضعف نسب الجبايات المحلية تدنت درجة االستقالل المالي المرتبط بالقدرة على التمويل‬
‫الذاتي ‪ ،‬وكلما خضعت الجبايات المحلية لمساواة الجنسين ارتفع منسوب التمويل الذاتي على األقل بنسبة‬
‫‪ 8‬في المائة عن المعدل السنوي لدرجة االستقالل المالي في العشر سنوات األخيرة والبالغ ( ‪ 67‬في‬
‫المائة ) ‪ ،‬ألن قسمة مبلغ الجبايات المحلية على مبلغ النفقات الجارية ( نفقات التسيير ‪ ،‬باستثناء الفائض‬
‫المحول لمشاريع البنية التحتية أو التجهيز) يكون احتساب المشاركة في الضريبة المحلية وعدم التملص‬
‫ـ الضريبي ـ ضمن النسب المتأخرة عن األداء ‪.‬‬
‫ويحقق تطبيق جبايات النوع ‪ ،‬بشكل تلقائي‪ ،‬االنتقال إلى ضريبة محلية متوازنة تضمن تمييز االستثمار‬
‫التنموي المستهدف لخفض البطالة و الحفاظ على البيئة و التراث و المشاركة المتساوية للجنسين‬
‫وغيرها من مشاريع التنمية البشرية ‪.‬‬
‫ب ـ الجبايات المحلية المطابقة للنوع تقوم بتحسين الموارد بشكل مباشر فتتراجع القروض لكونها األداة‬
‫الملحة‪ 172‬لقيام الجماعة الترابية بمهامها وممارستها الختصاصاتها الكاملة ‪ ،‬وأي تفصيل (جندري)‬
‫للضريبة المحلية يقدم الشفافية معيارا الئحيا يمنع التملص ويقر األداء ‪.‬‬
‫ج ـ أن أي فجوة في النظام الجبائي المحلي تعزيز لتبعية الجماعة الترابية للمركز ‪ ،‬وأي عالقات صحية‬
‫بين الوزارة الوصية ـ والمركز عموما ـ والجماعة المحلية تنبني على جبايات عادلة ومتساوية بين‬
‫الجنسين ‪.‬‬
‫وعوض أن يوجد التمويل المركزي التعادل أو الموزانة النسبية أو التناسبية‪ 173‬تكون الضرائب التناسبية‬
‫بين الرجل والمرأة داعما على تناسب آخر بين تدبير الشؤون الترابية ومتطلبات التنمية ‪.‬‬

‫‪171‬‬ ‫‪- TGR bulletin mensuel de statiques des finances locales , décembre , 2014‬‬
‫‪172‬‬ ‫‪- Gilbert (g) Genguant (A), évaluation de la performance péréquaterice des concours financiers de l’état aux‬‬
‫‪communes , Revenue économie et statistique n ° 373 , 2004 , p : 81‬‬
‫‪173 - péréquation‬‬

‫‪66‬‬
‫وما يطرحه أكاديميون حول تجويد (التناسب) بين الدولة ومالية الجماعات ال يخرج عن مقاربة النوع‬
‫على صعيد الموارد والنفقات‪ ،‬بأسلوب يخدم الجودة الضريبة المحلية ‪ ،‬ومعامل الجودة بشكل عام في‬
‫المالية العامة ‪ ،‬والجبايات المحلية حسب عبد اللطيف بروحو تتضمن باألساس الجبايات الترابية التي‬
‫أوجدتها الدولة ‪ ،‬وتنازلت بموجبها عن مواد كان يفترض أن تتم لفائدة الميزانية العامة ‪ ،‬قصد تمكين‬
‫الجماعات الترابية من تدبير شؤونها‪ ، 174‬وال يمكن في هذه الحالة سوى تطبيق الدولة لمقاربة النوع‬
‫على باقي الجبايات ‪ ،‬وباقي المالية العامة المتدخلة ‪ ،‬والمشكلة ال ستمرار اختصاصات الجماعة الترابية ‪،‬‬
‫والتهييء لمالية جماعية متكاملة وتعادلية ‪.‬‬
‫ويمكن في هذه المرحلة ‪ ،‬أن نعمد إلى خالصة مفادها أن الجبايات "التعادلية " ‪ ،‬وفي حالتنا الضريبية‬
‫المحلية " المتعادلة" بين الرجل والمرأة ـ ضمن عموم " التعادلية" للجنسين ـ هي القادرة على تحقيق‬
‫التوازن المالي في إطار إرادوي ـ تطو عي ينتقل إلى مأسسة الخيار لتخفيفه الفارق بين الرجل والمرأة‬
‫في األداء الضريبي ‪ ،‬وأيضا في برمجة المشاريع الموجهة بالنتائج ‪.‬‬
‫وال يمكن في النظر الغربي تجاوز التباين بين إمكانيات التمويل وتدخالت الجماعة الترابية في التنمية‬
‫الشاملة إال بتحويل اإلمكانيات والموارد إلى شفافية مطلقة والئحية من خالل جبايات محلية مطابقة للنوع‬
‫‪ ،‬وتحويل األهداف التنموية إلى المقاربة الموجهة عبر النتائج ‪ ،‬ألن الهدف يقوم على قواعد قيمية‬
‫أساسها مساواة الجنسين لمساواة كاملة بين الجهات ‪ ،‬وباقي الجماعات الترابية والمركز وهيئات‬
‫الالمركز والجبايات المحلية العامة ‪.‬‬
‫ولما سبق ‪ ،‬يمكن القول أن الموازنة التعادلية ( أو التنافسية) لن تتحقق في تطبيقها العلمي والقيمي إال‬
‫من خالل مقاربة النوع ‪.‬‬

‫وتوضح التجربة الفرنسية المعتمدة على " الموزانة التعادلية" والتي يقرها المغرب في إدارته الترابية أن‬
‫تصحيح االختالالت والفوارق يب دأ بين الملزمة والملزم ‪ ،‬بتطبيق مقاربة النوع على الجبايات المحلية‬
‫وتنتهي بتجاوز باقي الفوارق أو الالتوازن ليس المالي فقط ‪ ،‬بل كل مظاهر الالتوازن‪ 175‬على مستوى‬
‫الجماعة الترابية ثم الجماعة الوطنية ‪.‬‬
‫وهذا الجيل الجديد في اإلصالحات يقترح مقاربة النوع ‪ ،‬لبناء توازن في األداء واإلنفاق في كل‬
‫المستويات‪ ،‬ألن التعويضات التوازنية تحاول أن تتج اوز خلال في الجبايات المحلية ‪ ،‬ومن المعلوم أن‬
‫هذه الفجوات تتواصل عبر صرف مداخيل الميزانية العامة للدولة ‪.‬‬
‫وترى فرنسا أن من المهم التحقق من الضرر الواقع على الجماعة الترابية قبل إقرار (المقاصة) ‪.‬‬

‫والمغرب مضطر حاليا إلنشاء صندوق المقاصة بين الجهات والجماعات الترابية‪176‬بعد أن تخلص من‬
‫صندوق المقاصة لدعم المواد االستهالكية األساسية ‪.‬‬

‫ـ عبد اللطيف بروحو ‪ ،‬مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪287 :‬‬
‫‪174‬‬
‫‪175‬‬ ‫‪- Reforme des dotations de l’état aux collectivités locales , pub.DGGL-France , fiche n ° 1 , 2003 p : 2‬‬
‫‪176 - circulaire sur les composations a verser en 2008 note de le ministère de l’intérieur français , n ° INT /08/696 du‬‬

‫‪25 mars 2008‬‬

‫‪67‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬استقالل الجبايات المحلية المطابقة للنوع بنية مركزية لالختصاصات الترابية‬
‫سيدخل المغرب بجبايات محلية مطابقة للنوع مرحلة متقدمة في تطور االستقالل المالي للجماعة الترابية‬
‫‪ ،‬من واقع استقاللها الفعلي والواسع على أساس التكلفة المحاسبية لكل مجال ولكل ملزم وملزمة ‪،‬‬
‫باإلضافة إلى باقي المعطيات المتعلقة بعدد السكان والمساحة وغيرها ‪.‬‬
‫ويضم بروفيسور (سوكيل) معيار (الجندر) في القياس العلمي لتقدير الموارد الجبائية وتكاليف‬
‫التدبير‪. 177‬‬

‫وفي تغيير صيغة التمويل المركزي ينتقل من النفقات ذات الطابع االستهالكي إلى التدخل التنموي‪،‬‬
‫والتمويل الجماعي إلى التنمية البشرية والتنموية ‪ ،‬باإلضافة إلى تحسين البنية التحتية لالستثمار ‪.‬‬
‫ولن يكون هذا التدقيق الجوهري لالختصاصات دون واردات مستجيبة للنوع ‪ ،‬ولقيمة المساواة بين‬
‫الجنسين ‪ ،‬بهدف استقالل مالي للجماعة يوسع قدرتها على إنعاش تنميتها االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية ‪ ،‬وخلق فرص الشغل والتعمير‪. 178‬‬
‫ويمكن للجماعة الترابية عبر الموارد الجبائية المطابقة للنوع خلق فرص الشغل ‪ ،‬ومرة أخرى من خالل‬
‫مساواة الرجل والمرأة يكون التنافس بين االستقالل المالي للجماعة المحلية واألهداف التنموية قد عزز‬
‫من المهام التنموية للجماعة الترابية التي تتغلب بها على إكراهاتها المالية ‪ ،‬فهي تستثمر في عنصرها‬
‫البشري لتحقيق تنمية بشرية ونمو االستثمار الخاضع للجندر والخالق لفرص الشغل المطابق للنوع ‪.‬‬

‫ويكاد يجمع المتخصصون على حداثة التجربة الحالية في المغرب ‪ ،‬والتي ال تزال في بدايتها ‪ ،‬وال‬
‫تسمح بإجراء تقييم لقدرة المنظومة الجبائية والمالية لتحقيق االستقالل المالي ‪ ،‬أو دعم التدبير الذاتي‬
‫للتنمية المجالية ‪ ،‬وتبقى التجربة مقتصرة على إصالحات ‪ 2002‬المتعلق بالميثاق الجماعي السابق‬
‫والقانون المنظم للعماالت واألقاليم"‪ ، 179‬وقد كان هذا التطور يفرض نوعا من الموازنة والمقايسة تؤدي‬
‫إلى تطور مالي وموازناتي متناسب يمكن الجماعات الترابية من مواجهة التكاليف التي ترتفع باستمرار‬
‫عبر تمويل ذاتي يغطي تكاليف ممارسة المهام وتنفيذ المشاريع التنموية الترابية وهي الخالصة التي‬
‫اعتمدها الدكتور عبد اللطيف بروحو أخذا بتوصية أممية صادرة في تقييم تجربة موريتانيا‪. 180‬‬
‫والمفيد في هذا الباب التذكير بمالحظتين جوهريتين ‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن المداخيل الذاتية للجماعات الترابية ‪ ،‬أي ما يفوق ‪ 7,2‬مليار درهم سنة ‪ 2005‬يعود في أغلبها إلى‬
‫جبايات محلية ‪ ،‬وعوض أن تذهب للتسيير وتدير الوزارة الوص ية المشاريع التنموية ‪ ،‬يجب أن تذهب‬
‫المداخيل الذاتية أو ميزانية الجباي ات للمشاريع وتساعد وزارة الداخلية في التسيير ‪ ،‬وهو دورها‬
‫القانوني‪.‬‬

‫‪177‬‬ ‫‪- soguel (n) comprendre le fonds de péréquation intercommunal audois , IDHEAP , Lausanne ,‬‬
‫‪hHp://www.idheap.ch, juillet 2007 , p : 57‬‬
‫ـ محمد عامر ‪ ،‬إشكالية التخطيط االستراتيجي والتنمية الترابية ‪ ،‬أشغال الندوات المنظمة خالل سنة ‪ 2005‬ل "تدبير الشأن المحلي"‪،‬منشورات وزارة ‪178‬‬

‫الداخلية ‪ ،‬المديرية العامة للجماعات المحلية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 2006 ،‬ص ‪104 :‬‬
‫ـ الدكتور عبد اللطيف بروحو ‪ ،‬مالية الجماعات الترابية ‪ ،...‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪291179 :‬‬
‫ـ التقرير الوطني حول التنمية البشرية المستدامة والفقر‪ ،‬عن منشورات صندوق األمم المتحدة للتنمية ‪ ، 2005 ،‬ص ‪180 108 :‬‬

‫‪68‬‬
‫وبهذه الخطوة يتخفف الواجب التدخل الرقابي المبالغ فيه ‪ ،‬وتتجه البرمجة المالية بما يطابق مقاربة النوع‬
‫في استخالص الواجب المالي المحلي ‪ ،‬و توجيهه نحو اإلنفاق التنموي ‪ ،‬ويكون دعم وزارة الداخلية‬
‫إداري وعلى صعيد التسيير ‪.‬‬

‫‪2‬ـ أن اإلصالح الشمولي للمالية يفترض مقاربة النوع في االستخالص الجبائي المحلي الرتباطه بالتدبير‬
‫التنموي في إطار إدراج أدوات معادلة الجنسين والتضامن المالي بين الجماعات الترابية‪ 181‬ولن يكون‬
‫هذا التضامن قائما دون تضامن بين الرجل والمرأة كي تستقيم اآلليات مع األهداف ‪ ،‬إن على مستوى‬
‫االستخالص ـ من الملزم والملزمة نحو الجماعة ـ أو التحويل ( من المركز إلى الجماعة الترابية)‪.‬‬
‫العتماده على عنصر المالئمة لنص القانون بأن االعتمادات المالية يجب أن تكون "مناسبة" للجماعة‬
‫الترابية ‪.182‬‬

‫وإذا لم يتحقق اختصار تدخل الوزارة الوصية في المساعدة اإلدارية ‪ ،‬وتوجيه التحويل المالي المركزي‬
‫إلى التسيير ‪ ،‬واالنتصار لتحويل الجبايات المحلية إلى ( المش اريع التنموية) على أساس مقاربتي النوع‬
‫في االستخالص واإلنفاق الجماعي ‪ ،‬والمقاربة الموجهة بالنتائج ‪ ،‬فإن الجبايات المحلية والتنظيم‬
‫الجماعي الحالي لم يكونا في مستوى التحديات والرهانات‪ ،‬فإذا كان النص القانوني يتحدث عن " نقل‬
‫االختصاصات" فإن تحويل االعتماد من ال وزارة الوصية إلى الجماعة الترابية يكون مشروعا جاهزا‬
‫للتنفيذ مع التحويالت المالية المالئمة بواسطة الرخص الخاصة بناء على الفصل ‪ 15‬من ظهير التنظيم‬
‫المالي المحلي لسنة ‪ ، 1831976‬فيما يكون تحويل الموارد في النظام الفرنسي عبر ( المساهمة الخاصة‬
‫ضمن منحة إجمالية)‪ 184‬مما يعطي للجماعة الترابية الحق في تحديد مشروعها التنموي ويسهل مطابقته‬
‫للنوع ‪ ،‬وعلى أساس جبائي محلي مستقل وخاضع بدوره لمساواة الجنسين ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬تحديث الجبايات المحلية نحو مطابقتها للنوع " حل إجرائي للحكامة الترابية"‬
‫يحفز تطوير مالية الجماعات الترابية ‪ ،‬كهدف مركزي للمواطن وللدولة ‪ ،‬التحديث على مستوى دعم‬
‫الجبايات الترابية بعقلنتها ومطابقتها لمعيار النوع ‪ ،‬وهو ما يجب أن يخضع له نظام التمويل المركزي‬
‫للوصول إلى حكامة ترابية مندمجة ومنسجمة وقادرة على إعادة تدوير إدارة الموارد الذاتية ( وتشمل‬
‫الضرائب المحولة التي أصبحت بدورها رسوما ترابية محددة في الرسم المهني (الباتانتا) والرسم على‬
‫المباني ثم الرسم على الخدمات الجماعية ـ ضريبة النظافة سابقا ـ ) للجماعة المحلية بما يناسب األهداف‬
‫التنموية المرجوة ‪ ،‬بعيدا عن ربط التمويل المركزي بالتدخالت على وجوهها الثالثة ‪ :‬التوجيهي ‪،‬‬
‫التقريري والتنفيذي في سياسات الجماعة ‪ ، 185‬ومن خالل وحدة المعايير ‪ ،‬إن على صعيد التمويل‬

‫‪181‬‬ ‫ـ محمد عامر ‪ ،‬إشكالية التخطيط االستراتيجي والتنمية الترابية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪116 :‬‬
‫المنظم‪182‬‬ ‫المادة ‪ 43‬من الميثاق الجماعي السابق لسنة ‪ ،2002‬والمادة ‪ 37‬من القانون المنظم للعماالت واألقاليم لسنة ‪ ، 2002‬والمادة ‪ 8‬من القانون‬
‫للجهات لسنة ‪1997‬‬
‫ـ عبد اللطيف بروحو ‪ ،‬مالية الجماعات الترابية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪183 294 :‬‬
‫‪184 - Article 26 de la loi n° 2004 – 809 du 13 aout 2004 relative aux libertés et responsabilités locales , jorf n° 190 du‬‬

‫‪17 aout 2004‬‬


‫‪185- Vaillancourt (f) et bird (R ) , décentralisation financière et pays en développement : concepts , mesure et‬‬

‫‪évaluation , conférence a Montréal PARADI et ICTS ,septembre , 1996 , p : 12‬‬

‫‪69‬‬
‫المركزي والمحلي ‪ ،‬كي يعمل المتدخالن على مالية مطابقة للنوع عبر مقاربة موجهة بالنتائج ‪ ،‬وال‬
‫يمكن فصل التحديثين المتوقعين في أي حل إجرائي لحكامة ترابية متقدمة ‪.‬‬
‫يقول فريزون ‪ " :‬األمر ال يتعلق باستقالل جبائي صرف‪ 186‬بقدر ما يجب أن تكون المالية المحلية‬
‫مستوفية للشروط والمعايير الجديدة للتدبير ‪ ،‬وتدعم مقار بة النوع التضامن المالي على أن تخضع‬
‫مصادره لقيمة المساواة بين الجنسين" ‪.‬‬

‫والمقاربة الفرنسية ترمي إلى إخضاع ‪ 40‬جباية محلية ورسم ال مركزي لمقاربة النوع لتحسين قدرتها‬
‫على التمويل الذاتي الموجه للتنمية البشرية ‪ ،‬لكنها ‪ ،‬لم تأخذ بعين االعتبار ما قلناه حول توجيه منحة‬
‫المركز لميزانية التسيير ‪ ،‬ونقل مالية الجبايات المحلية للتنمية الترابية ‪.‬‬
‫والواقع في رأيي ‪ ،‬أن االرتباط القائم بين الموظف في المركز وفي الهيئات الالمركزية على أساس‬
‫إداري ووحدة معايير الوظيفة العمومية يؤهالن الشروط لقرار تحويل منحة وزارة الداخلية في النظام‬
‫الفرنكوفوني ـ في فرنسا األم ‪ ،‬وفي المغرب ـ إلى ميزانية التسيير ‪ ،‬وتحرير التنمية من هذه التبعيات‬
‫المصط نعة ‪ ،‬والمعرقلة لتطور االستقالل المالي لإلدارة الترابية ‪.‬‬

‫وأ عتقد أن الجبايات المحلية المطابقة للنوع ‪ ،‬في تقاطعها مع باقي الميزانيات المستجيبة لنفس المعيار‪،‬‬
‫هي الحل اإلجرائي لحكامة ترابية لها القدرة على بناء إدارة جماعية وترابية قادرة تقوم بتثمين استقاللها‬
‫المالي تنمويا ‪.‬‬

‫وإذا كانت مقاربة النوع بنية داعمة لعمل ترابي مشترك ومتساو بين الجنسين فإن العمل الجماعي لن‬
‫يكون دون الجمع المتساوي بين الرجل والمرأ ة في األداء وفي اإلنفاق ‪ ،‬وفي عالقتهما بالتراب المحلي‬
‫ثم الوطني ‪ ،‬ومن خالل هذه األبعاد التي تبدو فيها دورة الواجب المالي المحلي والتنموي واحدة ‪ ،‬يتشكل‬
‫جوهر المقاربة المندمجة التي يعمل عليها الجميع بين القطاعات وبين الفاعلين ( الرجل والمرأة) ‪ ،‬ألن‬
‫العامل اال عتباري والشخصي في خلق التنمية المحلية ركن رئيس في أي إستراتيجية ميدانية ‪.‬‬

‫‪186‬‬ ‫‪- Frizon (R ) Marand (A.C) renard (s) et scarbonchi , la perception de l’autonomie financière des collectivités‬‬
‫‪locales en Europe : Quels enseignement pour la France , étude collective des élèves administrateurs territoriaux de‬‬
‫‪l’inet , SNFPT, 2001 , p : 18‬‬

‫‪70‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬العمل الجماعي المستجيب للنوع ضمانة مؤسسية لجبايات خاضعة لنفس‬
‫المعيار‬
‫الشك أن العمل الجماعي المستجيب لمقاربة النوع ضمانة إستراتيجية ومندمجة لجبايات محلية خاضعة‬
‫لنفس المعيار ‪ ،‬من حيث العالقة العضوية والمنهجية بين الجانبين الرتباط موارد التنمية المحلية بتدبير‬
‫الشؤون الترابية ‪ ،‬والجبايات المحلية على العموم ليست أداة االستقالل المالي للجماعة الترابية فقط في‬
‫ارتباط بشروطها المادية والموضوع ية والوظيفية ‪ ،‬بل هي اختصاص تدبيري وتنفيذي يؤسس لتنمية‬
‫مقرونة بالنتائج ‪ ،‬مساواة للجنسين ‪.‬‬
‫وال تنفصل نتائج التدخل التنموي للجماعات الترابية المؤمن بعدالة الرجل والمرأة عن جبايات محترمة‬
‫للنوع ‪ ،‬لتأسيس " عدالة الموارد " في مقابل" عدالة النتائج" ‪ ،‬التي يفرضها العمل الجماعي الهادف إلى‬
‫إيجاد البنيات األساسية واستقطاب االستثمارات بهدف رفع عيش السكان‪ 187‬المرتكز على مساواة‬
‫الملزم والملزمة ‪ ،‬المواطن والمواطنة ‪ ،‬والذكر واألنثى بصفة عامة ‪.‬‬
‫وتكاد األمم المتحدة أن تضع عيش السكان والسكن داخل الجماعة المحلية مؤشرا واحدا لمقاربة النوع‬
‫يضم ‪ :‬تمكين المرأة من سالمتها وأمنها وسكنها ضمن مداخل الحكامة الترابية‪ 188‬ألن المسألة تتعلق‬
‫بحكامة محلية جيدة تؤمن بمساواة النوع واالندماج االجتماعي في ظل جماعات محلية و"تنموية" ال تهتم‬
‫فقط بإدارة ا لتراب والملكية والهيمنة بل بمختلف أعمار ونوع اإلنسان المنتمي إليها ‪ ،‬كما تقول "أنا‬
‫تيبايجوكا" المديرة التنفيذية لبرنامج اإلسكان في األمم المتحدة ‪.‬‬
‫والتمدين المنطلق من الجماعة الترابية والمتصل بالتغيرات والتحديات المجتمعية هو الوجه الجديد‬
‫لمساواة النوع ‪ ،‬والبد في هذا السياق من معالجة مشكل العقار والملكية بين الجنسين وتوجيه اإلعفاءات‬
‫والجبايات المحلية بما يناسب ردم الفجوة بينهما ‪ ،‬وبناء هرمية ضريبية انطالقا من الملكية بين الجنسين‬
‫في تراب الجماعة المحلية ‪ ،‬وهو العامل المناسب لعمل جماعي مؤمن بالتنمية ‪ ،‬وخاضع بكل أجهزته‬
‫وآلياته ووظائفه لمقاربة النوع من أجل وصول المقاربة إلى كل قطاعات الجماعة الترابية ‪ ،‬وفي‬
‫مقدمتها ‪ :‬الجبايات المحلية ‪.‬‬

‫‪187‬‬ ‫‪- Denault (P), les pouvoirs d’interventions des municipalité dans le domaine économique , bulletin municipal ,‬‬
‫‪vol 22 , n°3 , Québec , décembre 2002 , p :141‬‬
‫‪188 - Gender mainstreaming in local authorities , best practices , UN.Habitat , 2008‬‬

‫‪71‬‬
‫واإليمان بالتوجه من الجبايات المحلية ‪ ،‬انطالقا من الملكية نحو العمل الجماعي إلخضاعه لمقاربة‬
‫النوع أو النزول بهذه المقاربة من الميزاني ة العامة والوزارة الوصية إلى الجماعة المحلية ‪ ،‬وبالتالي أحد‬
‫قطاعاتها ‪ :‬الجبايات المحلية ‪ ،‬يؤكد على خالف منهجي بين األنجلوفونيين والفرنكوفونيين ‪ ،‬ويؤسس‬
‫لعمل أفقي وآخر عمودي يساهم في نفس النتيجة ‪.‬‬
‫والعمل الجماعي المستجيب للنوع ضمانة مؤسسية لجبايات محلية خاضعة لنفس المعيار ‪ ،‬فيما تكون‬
‫الجبايات المحلية بنية إستراتيجية مندمجة لمساواة الواجب المالي المحلي بين الجنسين وتمويل النتيجة‬
‫التنموية المتعادلة بين الرجل والمرأة ‪.‬‬
‫والواقع أن الجماعة الترابية ليست مجموعة فقط لتم كين المرأة محليا ‪ ،‬بل هي إدارة تضمن المدخل إلى‬
‫العدالة ‪ ،‬وفي مقدمتها العدالة الجبائية المحلية وتوجيه ماليتها للتعليم وباقي الحقوق األساسية ‪ ،‬كما في‬
‫الدول النامية ‪ ،‬أو إدارة ميكانيزمات التقدم في كل القطاعات خصوصا التخطيط والنقل في المدن‬
‫والسكن والخدمات العامة‪ ( 189‬التجربة األوروبية) ‪.‬‬
‫والبد للعمل الجماعي المغربي من التحرك على هذين الصعيدين لمعالجة فجوات الوضع القائم ‪ ،‬وأيضا‬
‫عدم السقوط في تخطيط يناهض مقاربة النوع ‪ ،‬ألن أي خطة تقليدية للتنمية ‪ ،‬فهي في األصل مبنية‬
‫على التمييز ‪ ،‬وال يمكن قبوله حاليا من الناحية القانونية (قرار المجلس األوروبي رقم ‪ 1922‬ل ‪20‬‬
‫دجنبر ‪ ، ) 2006‬وعلى صعيد مخططات التعمير في الجبايات الترابية ‪ ،‬انطالقا من مذكرة األمم المتحدة‬
‫لعام ‪ 2000‬ومخططها المعروف المعايير منذ ‪ 1902002‬والمتمثل في المؤشر المناطقي لقيادة "التدفق‬
‫الرئيسي للنوع " أو حساب" مؤشر قيادة تدفق النوع في منطقة أو جماعة ترابية محددة " ‪.‬‬
‫ويمكن الجزم أن المخطط العمراني ـ أو الحضري ـ والتنموي للجماعة الترابية وتلبية الحاجيات‬
‫ومصالح المواطنين على الصعيد المجالي أو الترابي يكون من خالل االستقالل المالي الذي تضمنه هذه‬
‫الجبايات ‪.‬‬
‫والتدخل التنموي يتطور بالتناسق مع التطور المجتمعي‪ 191‬وفي مقدمته االندماج االجتماعي المؤسس‬
‫على مساواة النوع ‪.‬‬

‫وإن كانت األسس المفاهيمية ال تخلق إشكاال ‪ ،‬ألن العمل الجماعي المطابق للنوع يشمل الجبايات‬
‫المحلية المستجيبة لنفس المعيار ‪ ،‬فإن مساعدة الجبايات المحلية في االستقالل المالي للجماعة بهدف‬
‫تحقيق أهدافها التنموية ‪ ،‬من العدالة الجبائية المحلية إلى "العدالة العمرانية في تصميم المدن" ‪ ،‬هو الذي‬
‫يطرح حدودا قانونية ومادية لهامش المبادرة الجبائية في األداء التنموي المتاح للهيئات الالمركزية في‬
‫المغرب ‪.‬‬

‫ويحقق هذا األداء العد الة الترابية ( الفقرة األولى) ألن الجبايات المحلية المطابقة للنوع تحددها‬
‫الجماعات المنتخبة على قاعدة المناصفة ( الفقرة الثانية) ‪ ،‬وتشكل هذه الجبايات المستجيبة لمساواة‬
‫الجنسين بعدا ترابيا للتنمية (الفقرة الثالثة ) ‪.‬‬

‫‪189‬‬ ‫‪- ibid , p : 18‬‬


‫‪190‬‬ ‫‪- Gender mainstreaming pilot district .(G.m.p.d) in 2002‬‬
‫‪191 - Brunel (J-P) , l’avenir de l’autonomie financière des collectivités locales , édition conseil économique et social de‬‬

‫‪la France , op .cit , p : 27‬‬

‫‪72‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الدور التنموي للجبايات المحلية المطابقة للنوع في تحقيق عدالة ترابية‬
‫قد يكون الدور التنموي القادم من مفهوم العدالة الترابية أو "عدالة التراب بين الجنسين" منطلقا من‬
‫العدالة الجبائية إلى العدالة العمرانية في تصميم المدن ‪ ،‬وهذا العامل حاسم ونهائي وقادر على برمجة‬
‫الميزانية وفق الحاجيات المتساوية بين الرجل والمرأة ‪.‬‬
‫وال يمكن الحديث عن استقالل مالي دون جبايات محلية مطابقة للنوع تتجاوز عالقة التمويل الذاتي‬
‫بالتمويل المركزي إلى عالقته مع مساواة الجنسين في برمجة المشاريع التنموية الترابية عبر إخضاع‬
‫الميزانية الترابية لمعيار النوع االجتماعي ‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة ‪ ،‬يمكن أن يكون اال ستقالل المالي أكثر شموال ‪ ،‬من خالل ترسيخ مبدأ التدبير الحر‬
‫للشؤون المالية والتنموية للجماعة الترابية ‪ ،‬بعيدا عن فرض مشاريع تنموية ال عالقة لها بما يتم تقريره‬
‫محليا ‪ ،‬كما في البرامج المنصوص عليها في المادتين ‪ 4‬و ‪ 24‬من ظهير التنظيم المالي لسنة ‪. 1976‬‬

‫وإذا كان التمويل المركزي للمالية الترابية في فرنسا لتقليل الفوارق بين القدرات المالية ألصناف وأنواع‬
‫الجماعات الترابية وضمان الحد األدنى من الخدمات "‪ 192‬فإن إخضاع هذا التمويل لمقاربة النوع يقلل‬
‫من الفوارق ا الجتماعية ويساهم في تجاوز الفوارق كإحدى أهدافه ‪.‬‬
‫وتنظيم العالقة بين الجبايات المحلية ومدى التدبير المستقل للشؤون الترابية في الحدود الذي تغطي فيه‬
‫هذه الجبايات ما ال يقل عن ‪ 33‬في المائة من النفقات الترابية ‪ ،‬قادر على تحقيق تنمية محلية ‪ ،‬وهذا‬
‫الشرط ‪ ،‬كما يقول "هويفيل" ‪ ،‬هو المعدل الواجب لإلجابة عن سؤال التنمية‪ ، 193‬وستكون الجبايات‬
‫المحلية ‪ ،‬في هذه الحالة اضطرارا وليست اختيارا ‪ ،‬مطابقة لمعيار النوع االجتماعي ‪.‬‬

‫وانتقال المغرب إلى هذا المعدل العالمي ـ واألوروبي تدقيقا ـ يؤسس لخطوة أعتقدها جوهرية وتتمثل‬
‫في‪ :‬توجيه مساعدة المركز لميزانية التسيير والتوجه بالميزانية المستخلصة من الجبايات المحلية إلى‬

‫‪192‬‬‫ـ عبد اللطيف بروحو (مرجع سابق) ‪ ،‬ص ‪320 :‬‬


‫‪193‬‬
‫‪- Hoeffel (D) , autonomie financière : débat en cours , revue de l’association des maires de France , n 177 , juin‬‬
‫‪2004 , p : 1‬‬

‫‪73‬‬
‫االستثمار ‪ ،‬لربط األهداف بالموارد ‪ ،‬دعما لهامش أكبر في التدبير الحر ‪ ،‬وتحقيق التنمية الترابية‬
‫بمشاريعها الذاتية وقرارها المستقل ‪.‬‬
‫فالمهمة الرئيسية للتنمية الترابية معتمدة على ركنين ‪ :‬ربط مضامين التنمية المحلية بالموارد الذاتية‬
‫(الجبايات الترابية) وتشجيع التدخل االقتصادي من خالل التدخل الجبائي العادل ‪.‬‬
‫ويمكن دمج التقديرين تحت عنوان (( العدالة الترابية)) ويعتمد الوصول إليها على مقاربة النوع ‪ ،‬بما‬
‫يضمن في مرحلة الحقة تحقيق تنمية إنسانية وبشرية شاملة ومستدامة‪. 194‬‬

‫وإذا كانت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بناصية الوزارة الوصية على التراب الوطني للجماعة‬
‫الترابية ( وزارة الداخلية ) فإن تعريض كل مشاريع وخطط هذه الوزارة لمقاربة النوع يوسع المدلول‬
‫العملي والمادي لعدالة التنمية الترابية بين الجنسين إلى جانب العمل الجماعي على المستوى المجالي بما‬
‫يخول القانون ممارسته ‪ ،‬في إطار " التغيير مع النمو" وهذا التغيير تعتبره األمم المتحدة ذا أبعاد‬
‫اجتماعية واقتصادية وثقافية ‪.‬‬
‫وه ذا التغيير يقوم بشكل حضاري على طريقة التفكير والعمل والحياة واإلعداد والتنفيذ الترابي ‪ ،‬كما‬
‫يؤكد عليه الخبراء‪ ، 195‬وال يمكن التفكير والعمل في إطار ترابي مستقل سوى بإخضاع الجبايات‬
‫المحلية إلى مقاربة النوع ضمن المستويات وباقي العملية اإلدارية ‪. 196‬‬
‫ورفع معدالت األداء الجبائي يساوي تنمويا وترابيا رفع األداء االستثماري في وجهه االجتماعي‬
‫المحافظ على مساواة النوع ‪ ،‬فليست النظرية متعلقة ب ( الربح) بل ب ( التنمية) وتوزيع الفائض على‬
‫الجنسين بطريقة عادلة ‪ ،‬تماما كما يأتي توزيع الفقر والحاجة التي ال يغطيها سوى التضامن العابر‬
‫للجنسين وللحدود الترابية وباقي الحدود المصطنعة أو الحقيقية ‪.‬‬

‫واعتماد المستويات المجالية في الجبايات واالستثمارات له مضمون تنموي يدفع لفهم آليات تنفيذ عناصر‬
‫هذه التنمية المندمجة ‪ ،‬ولذلك يمكن الوصول إلى مالحظتين ‪:‬‬
‫أ ـ ال تنمية مندمجة دون جبايات محلية مطابقة للنوع مع إنفاق مستجيب لذات المعيار ‪.‬‬

‫ب ـ إن ممارسة الجماعة الترابية لكامل اختصاصاتها القانونية هي القادرة على مواكبة الصيرورة‬
‫المتكاملة لوظائف و وسائل التنمية ‪ ،‬خصوصا على صعيد التنمية الترابية العادلة بين الجنسين ‪،‬‬
‫وبالمستوى الترابي والجهوي المعتمد على سياسة القرب ‪.‬‬
‫وال يمكن االنطالق إلى جبايات محلية مطابقة للنوع دون سياسة ترابية عادلة بين الجنسين ‪ ،‬وعلى هذا‬
‫األساس فإن العمل الجماعي أداة وهدف وإستراتيجية الستقطاب الموارد المالية والبشرية ‪ ،‬وتوجيهها‬
‫لتوسيع قاعدة اقتصاديات المجتمع المحلي والوطني ‪.‬‬

‫‪194‬‬‫ـ محمد بوبوش ‪ ،‬الحكامة والتنمية ‪ ،‬العالقة واإلشكالية ‪ ،‬المجلة الدولية ‪ ،‬العدد ‪ ، 2007 ، 3‬ص ‪9 :‬‬
‫‪23195‬‬ ‫ـ كمال التابعي ‪ ،‬تغريب العالم الثالث ‪ ،‬دراسة نقدية في علم اجتماع التنمية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار المعارف ‪ ، 1993 ،‬ص ‪:‬‬
‫‪ 193‬ـ محمد رحماني (والسبتي) ‪ ،‬واقع الجماعات المحلية في ظل اإلصالحات المالية وآفاق التنمية المحلية ‪ ،‬مداخلة في الملتقى الدولي حول تسيير‬
‫وتمويل الجماعات المحلية في ضوء التحوالت االقتصادية ‪ ،‬جامعة لخضر ‪ ،‬باتنة الجزائر ‪ ،‬دجنبر ‪ ، 2004‬ص ‪12ً :‬‬

‫‪74‬‬
‫وعدالة النوع االجتماعي على المستوى الترابي ‪ ،‬موردا وهدفا تنمويا ‪ ،‬هي قيمة مضافة في التدبير‬
‫وعملية تقنية للوصول إلى األهداف المرجوة من خالل ‪ 10‬نقط مختصرة ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ التنسيق المنظور ‪ ،‬كما تعمل عليه مقاربة النوع بين اإليرادات (الجبايات المحلية) واالستثمارات‬
‫(اإلنفاق) ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مأسسة العمل الجماعي من خالل مقاربة النوع ‪ ،‬وعبر قرارات المجلس البلدي ـ كما في مساطر‬
‫"بارانغاي الفليبينية" التي تضعها األمم المتحدة ‪ ،‬نموذجا تحت وثيقة ‪ 045‬ـ ‪ 2003‬من خالل ‪ 27‬إجراء‬
‫ي تقدمها التدخل في تحديد (الضريبة المحلية) ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ االنسجام "العملي" بين الجنسين في أداء الواجب المالي المحلي لخلق سياسات وبرامج متساوية‬
‫يقررها الرجل والمرأة ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ عزل العنف ضد المرأة واألطفال ‪ ،‬وضد أفكارهما لتحسين الحياة الجماعية ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ النهوض بالمقاربة الممنهجة للنوع في الجبايات المحلية ‪ ،‬وفي االستثمارات الترابية الخاصة‬
‫بالساكنة‪.‬‬

‫‪6‬ـ الجرأة في برامج حماية المرأة والطفل ‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ الحضور المفتوح لقرار تعديل الميزانية وواجبات الضريبة المحلية ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ العمل على توسيع اإلدارة الترابية في مراقبة وصرف كل وارداتها على مشاريعها الحيوية‬
‫والتنموية‪.‬‬

‫‪9‬ـ العمل على مبادرات التمكين للمرأة من خالل برامج جماعية ‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ رفع منسوب "الثقافة القانونية" في مقابل "الثقافة االجتماعية" والوصول إلى معيار واحد متفق‬
‫عليه في الضرائب المحلية التي يجب على المرأة دفعها ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الجبايات الترابية المطابقة للنوع تحددها الجماعة المحلية المنتخبة على قاعدة‬
‫المناصفة‬

‫تبدأ الجبايات المطابقة للنوع من رسوم يصدق عليها ويحددها مجلس منتخب مناصفة بين الرجال‬
‫والنساء ‪ ،‬بما يؤكد على ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ خدمة الضريبة المحلية لمجتمع المناصفة في الجماعة الترابية‬

‫‪2‬ـ ضمان المساواة في الواجبات‬

‫‪3‬ـ ضمان المستوى العادل للمشاركة‬

‫‪4‬ـ إقصاء كل (السيتريوتيب) أو األفكار النمطية الشائعة حول النوع لتحقيق قيمة المساواة بين الجنسين‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫وهذا العمل جماعي من مجلس منتخب يحدد مساهمة كل نوع اجتماعي في التنمية الجماعية ‪ ،‬من داخل‬
‫ما دعته األمم المتحدة منذ ‪ 1997‬مؤشر تدفق " النوع" كمؤشر في القوانين والسياسات والمؤسسات ‪.‬‬

‫ومؤسسة ( الجماعة الترابية) لن تكون قادرة على استيعاب هذا المؤشر دون إخضاع ميزانية الجبايات‬
‫المحلية لمعيار النوع ‪ ،‬وإعادة توجيهها ‪ ،‬بشكل إرادي وحسب الحاجة المحلية وفق المادة ‪ 13‬وما بعدها‬
‫في دراسة األمم المتحدة لإلسكان وتخص ‪:‬‬

‫‪1‬ـ التربية لضمان هذا الحق لجميع األطفال ‪ ،‬والتدريب المستمر لهم في حالة تكوينهم المهني وتجاوز‬
‫المفاهيم المكررة والسلبية ألي نوع اجتماعي ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ العمل على أعمال خاصة لضمان خيارات غير تقليدية لألطفال‬

‫‪3‬ـ العمل المدني والتربية على المواطنة ‪ ،‬وتنسحب التوصيات على الصحة في المادة ‪ 14‬وعلى باقي‬
‫القطاعات بتمويل ذاتي أي من أموال الجبايات المحلية ‪.‬‬
‫وفي خالصة مباشرة ‪ ،‬يكون حضور مقاربة النوع في الجماعة الترابية أو االلتزام بالنوع في العمل‬
‫الجماعي شامال (للجبايات المحلية) بل يعزز مبدأ المناصفة من خالل الواجب المالي المحلي لوجوده‬
‫وتأطيره لعملية اإلنفاق ‪.‬‬
‫وال يمكن القول بوجود مبدأ وقاعدة المناصفة دون شمولها للموارد المحلية ‪ ،‬أي الجبايات الترابية‬
‫واإلنفاق وتربط بينهما المقاربة الموجهة بالنتائج ‪.‬‬
‫والبد في هذا السياق من إبداء مالحظات منها ‪:‬‬

‫ـ أن الجبايات المحلية قادمة من وحدتين ‪ " :‬وحدة التراب" و" جماعية المصلحة" ‪ ،‬كما تقول ورقة‬
‫رسمية لدولة نيوزيلندا حول تحديد مفهوم السلطة الترابية‪ ، 197‬فالمسألة تتعلق بوحدة المصلحة التي‬
‫يقررها الجنسان ‪ ،‬ألنها في حكم المتميزة والمندمجة في عملهما مناصفة ‪ ،‬من داخل رئاسة المجلس‬
‫البلدي ‪.‬‬
‫وال يمكن تصور سلطة للمجلس البلدي المنتخب على قاعدة المناصفة دون إدارته وتشريعه للضريبة‬
‫المحلية على ضوء النوع االجتماعي ‪ ،‬إلنتاج موارد عادلة ـ وليس بالضرورة متكافئة ـ الستثمارات‬
‫متوازنة ـ وليس بالضرورة متساوية ـ في إطار التنمية المندمجة ‪ ،‬ولكن بقبول كامل للتمثيل النسوي‬
‫المساوي للرجل والعابر للنماذج المألوفة والتمييزية ضد الرجل والمرأة ‪.‬‬
‫ـ الجبايات المحلية خاضعة لمعيارين ‪ :‬المساواة والعدالة ‪ ،‬وليس لمعياري الرجل والمرأة ‪،‬‬
‫و"المركز والالمركز" ‪ ،‬ويمكن الوصول إلى ثالثة نماذج لحكومات محلية في بلد واحد ‪ ،‬كما في حالة‬
‫نيوزيلندة‪ ، 198‬وبالتالي نماذج متعددة لجبايات محلية تطابق المعايير والحقوق األساسية المتمثلة في‬
‫النوع االجتماعي ‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫)‪- territorial authority , stats .govt.nz/methods/classification-and stards pdf.(10/dec/2015‬‬
‫‪198‬‬
‫‪- Ugur sadioglu,kadir dede- theoretical foudations and discussions on the reformation process in local‬‬
‫‪Goverments public , policy and administration (A PPA) , 2016 , p : 208‬‬

‫‪76‬‬
‫وباحترام هذه الجبايات للمعايير والتقنيات الجديدة في التدبير يمكن الحصول على نماذج مبدعة وقانونية‬
‫تخدم المستوى الوطني والفعل الجهوي ومستوى التضامن بين الجهات من خالل ميزانيات مستجيبة‬
‫للنوع ‪ ،‬ولباقي قيم العصر بشكل تقني ‪ ،‬وفاعل تشارك فيه المرأة والرجل ‪ ،‬فليس الرجل والمرأة‬
‫معيارين بل العدالة بين الجنسين هي المعيار ‪.‬‬

‫وفي ‪ 2002‬وجدنا هذا البلد يعلن ( الحد األدنى من المستويات) من خالل ‪:‬‬

‫ـ المصالح الحيوية لألمة‬

‫ـ تحديد مادة (السلطة الترابية) لكل المتدخلين‬


‫ـ صيانة ودعم الخدمات‬
‫ـ زيادة الكفاءة وآلياتها ‪.‬‬

‫والجبايات المحلية بنية مالية مستقلة للجماعة الترابية يساعدها المجلس الجماعي على المزيد من‬
‫االستقاللية عنه ‪ ،‬وعن المركز‪ ،‬للوصول إلى "تدقيقات موضوعية وال تتصل باألغلبية الحاكمة بل‬
‫بالمناصفة للخروج من هذه السلبية" ‪.‬‬

‫من جهة ثانية ‪ ،‬البد للمجلس الجماعي الخاضع للمناصفة ـ أي للنوع ـ من إجماع حول المشاريع‬
‫المتميزة بالمداخل الخدماتية المتساوية للجنسين ‪ ،‬ومنها الجبايات ‪ ،‬فيما تكون التعديالت ملك لإلجماع أو‬
‫للعمل التقني الذي ال يثير أي بعد سياسي ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الجبايات المحلية بعد ترابي للتنمية‬


‫تقف الضمانات القانونية للجبايات المحلية بوجهها التق ني لتجسد البعد الترابي للتنمية بفعل اتصالها‬
‫بالملزم الذي يدفع واجبه المالي ‪ ،‬ويحصل على المشروع التنموي المرغوب ‪ ،‬وربط موارد الجبايات‬
‫المحلية باالستثمارات الجماعية هو الشكل الصريح لمبدأ التدبير الحر عبر اتخاذ القرار وتنفيذه ‪ ،‬إن‬
‫على مستوى الواجب المالي المحلي أو التدبير التنموي لمشاريع الجماعة المحلية ‪.‬‬

‫وهذا المبدأ العام أساسي ‪ ، 199‬وإن لم يركز على التدبير المالي وعلى حرية برمجة مشاريع التنمية‬
‫الترابية ‪ ،‬وهما إجراءان حاسمان لتغيير المنظومة التدبيرية نحو تحمل المجلس الجماعي لكل المسؤولية‬
‫واالستقالل ‪ ،‬الكافي المالي واإلداري اتجاه الملزم والملزمة ‪ ،‬فاإلجراءات يجب أن تكون نتيجة الحرية‬
‫المنطقية والمتناسبة في برمجة الموارد ‪ ،‬وبنفس القدر الذي تقع فيه برمجة الميزانية والمشاريع التنموية‬
‫‪ ،‬فالميثاق األوروبي لالستقالل الترابي يجعل من مبدأ حرية التدبير الترابي والقدرة على ممارسة‬
‫ا الختصاصات الترابية بشكل مستقل أم القواعد في النظام المركزي ‪ ،‬فقد نص الميثاق على تمكين‬
‫الجماعات الترابية من الحرية الكاملة في ممارسة االختصاصات ‪ ،‬وأولها إدارة وتقنين تجميع جباياتها‬
‫المحلية بما يناسب مساواة الجنسين ‪ ،‬وثانيهما عدم التدخل في هذه الجبايات إال بقانون وبشكل‬

‫‪199‬‬ ‫‪- loic (P) , l’autonomie financière des collectivités territoriales , cahiers de conseil constitutionnel , n12, 2001,p :3‬‬

‫‪77‬‬
‫استثنائي‪ ، 200‬ولن يكون في هذه الحالة إال في صالح المرأة ‪ ،‬وال يسمح المجلس الجماعي في كل‬
‫األحوال ‪ ،‬بأي تدخل مركزي يزعزع هذه القناعة في تفاصيل وإجراءات التدبير المالي الجبائي على‬
‫الصعيد المحلي ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مداخل قانونية متقدمة ألجرأة نظام جبائي محلي مطابق لمعيار النوع‬
‫االجتماعي‬
‫في تحول الجبايات المحلية من مجرد رسوم ضريبية لوسيط اسمه ( الجماعة الترابية) إلى أداة للتنمية‬
‫الترابية المطابقة للنوع ‪ ،‬يسود تساءل حول المداخل وتوفير قواعد قانونية وإجرائية للوصول إلى رؤية‬
‫واقعية لنظام جبائي متطابق مع المعيار الدولي لمقاربة النوع ‪ ،‬على اعتبار أن تحقيق أقصى درجة‬
‫‪201‬‬
‫التوازن والمالئمة في اإلجراءات المتخذة داخل الجماعة الترابية معيار مطلوب من الناحية الشكلية‬
‫وتؤكده من الناحية الموضوعية أيضا لوجود إستراتيجية لكل مضامين التنمية‪ ، 202‬إن على صعيد‬
‫الحكامة أو العدالة الجبائية المحلية‪.‬‬

‫ويروم هذا المسلسل ال نوعي تحويل البنيات الديمغرافية واالجتماعية ‪ ،‬داخل الجماعة ‪ ،‬إلى مقاربة‬
‫النوع في إطار الجبايات المحلية ‪.‬‬
‫و لن يستقيم معامل "الديموغرافيا" دون اتصاله بمساواة النوع داخل مجال ترابي محدد ومتجانس يكون‬
‫محركا لالقتصاد المحلي بمدلوله التنموي المندمج على مستوى كل تطبيقاته الترابية ‪ ،‬ألن مثل هذه‬
‫التنمية تركز على اإلنصاف بين مختلف المكونات والنمو الذاتي المنسجم بما يفيد انسجام المخططات‬
‫التنموية واإلمكانيات الذاتية" ‪ 203‬أي الجبايات المحلية ‪ ،‬فإنصاف النوع في الجبايات المحلية يؤسس‬
‫لنصف المهمة على صعي د المجال والمسؤولية الترابية والصالحيات القانونية إلطالق مخطط تنموي من‬

‫‪200‬‬ ‫‪- Article 4 de la carte européenne de l’autonomie locale adoptée a Strasbourg par le décret n 2007 – 679 du 3 mai‬‬
‫‪2007 JORF n 105 du 5 mai 2007.‬‬
‫‪201 - Kargne (H) utic , décentralisation administrative et bonne gouvernance projet d’appui des volontaires des‬‬

‫‪nations unis à la décentralisation , mali , 2004 , p : 71‬‬


‫‪202 - Niang (D) , gouvernance locale , maitrise d’ouvrage communale et stratégies de développement local au Sénégal‬‬

‫‪, thèse de doctorat en géographie et aménagement , uni , toulouse le merail , février , 2007 , p : 24‬‬
‫ـ عبد اللطيف بروحو ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪203 334 :‬‬

‫‪78‬‬
‫حيث هو مبادرة‪ 204‬تموله الجبايات المحلية ألنها بنية التمويل الذاتي للجماعة الترابية في مالئمة مع‬
‫باقي الموارد قصد تحقيق التنمية المجالية والترابية المالئمة ‪.‬‬
‫والبد في هذا السياق لشروط الم الئمة أن تكتمل انطالقا من إدماج كل االتفاقيات الدولية في المنظومة‬
‫القانونية العامة كي تساعد على تحول عا م وشامل يخدم المواطن ‪ /‬المواطنة ( المطلب األول) وتكون‬
‫الجبايات المحلية ‪ ،‬لهذا التأهيل أداة منسجمة مع باقي األدوات والميكانيزمات الرافعة للتنمية الترابية من‬
‫خالل إقرار كل إجراءات المجال الترابي لجبايات محلية مطابقة للنوع( المطلب الثاني) ‪ ،‬وإعادة‬
‫صياغة قانون الجبايات المحلية لالستجابة لمثل هذا المعيار ( المطلب الثالث) ‪ ،‬فتكتمل المنظومة ‪ ،‬عبر‬
‫سائر اإلجراءات العامة والمداخل القانونية ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬إدماج كل االتفاقيات الدولية في المنظومة العامة واإلجرائية لجبايات محلية مطابقة‬
‫للنوع‬

‫تعد أجرأة االتفاقيات الدولية حول النوع االجتماعي في المنظومة القانونية المحلية وفي تقاطعها مع‬
‫حقوق اإلنس ان والمرأة والبيئة والتنمية والسكن وباقي الحقوق االقتصادية واالجتماعية بأجيالها المختلفة ـ‬
‫نقلة عملية من أجل الوصول إلى تقديرات قطاعية تشمل اإلنفاق وإخضاع الموارد لقواعد التخطيط‬
‫االستراتيجي التنموي ‪ ،‬بغية وضع وتنفيذ المخططات على أساس " مصادر المركزية مستقلة" تحتكم‬
‫لمنظومة الحقوق في تساو كامل على مستوى االلتزام و( اإلنفاق) في جماعة ترابية محددة ‪.‬‬
‫وترجع مقاربة النوع في الجبايات المحلية إلى رؤية قطاعية لتنزيل مبادئ في شكل إعالنات دولية تسمو‬
‫على القوانين المحلية ‪ ،‬وتوجب مساواة الرجل والمرأة وباقي الوسائل القانونية لتنزيلها على المستوى‬
‫المحلي والقطاعي ‪ ،‬من خالل إخضاع كل الميزانيات لهذه المعايير ‪ ،‬فمنذ خطة العمل في بكين ‪1995‬‬
‫والقاهرة ‪ 1994‬أصبحت الدول أمام التزامات مفصلة لمبادئ قائمة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬
‫(‪ )1948‬من بنده األول ‪ ،‬وتبعا لنصوص بدأت مع الحق المتساوي في الشغل (اتفاقية ‪ 1951‬عززتها‬
‫اتفاقية ‪ ، ) 1957‬وتهدف حاليا إلى الحق المتساوي بين الرجل والمرأة في التنمية المستدامة ‪.‬‬

‫ومن العصي فهم كيف يمكن الدخول " العادل" إلى الشغل ‪ ،‬منذ إقراره في منتصف القرن الماضي ‪،‬‬
‫دون إلزام عادل بين الجنسين في الرسم المهني لعدم إخضاع الجبايات المحلية التي تصدره لمقاربة‬
‫النوع إلى اآلن ‪.‬‬

‫‪204‬‬ ‫‪- Kargne (H) , TIC , décentralisation administrative , op. cit , p : 67-76‬‬

‫‪79‬‬
‫والطبيعي في هذه الحالة وغيرها إخضاع كل قطاعات وميزانيات اإلنتاج واإلنفاق ‪ ،‬والضرائب‬
‫والموارد ‪ ،‬لمعيار النوع ‪ ،‬وبدون هذه النظرة الشمولية ستكون مساواة الرجل والمرأة معطوبة ال تتميز‬
‫بالعدل ‪ ،‬ووقو ع التمييز بين اإلنفاق والموارد في تطبيق النوع فجوة البد من معالجتها لمكافحة كل‬
‫أشكال التمييز تطبيقا التفاقية (سيداو) ‪ ،1979‬المعتمدة من الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪.‬‬

‫والتحاق المغرب ب ‪ 95‬في المائة من دول العالم التي تقبل االتفاقية بدون تحفظات شرعنة لتحويل‬
‫المملكة إلى معيار النوع االجتماعي ‪ ،‬موردا وإنفاقا ‪ ،‬وبهذه الخطوة ‪ ،‬تكون الجبايات المحلية ضمن‬
‫القطاعات المندمجة في الدينامية التي يعززها بروتوكول ‪ 2000‬الملحق ب (سيداو) وبروتوكول ‪1988‬‬
‫المعروف أفريقيا ب ( بروتوكول مابتو) ‪.‬‬
‫وال يمكن في أي رؤية عملية إخضاع الحقوق فقط ‪ ،‬دون الواجبات لمساواة النوع االجتماعي قصد‬
‫رفض التمييز بين الرجل والمرأة ‪ ،‬وألن الواجب حق للجماعة أو الدولة ‪ ،‬ال يمكن التمييز في قبول‬
‫الحق أو أداءه ‪ ،‬وهذا الفهم اإلنجليزي ل "ما هو صحيح" هو" حق " في كلمة (رايت) هو الذي يجعل‬
‫من معيار النوع في الضريبة المحلية ضمن المساواة في الحق االقتصادي واالجتماعي والمدني‬
‫والسياسي ‪ ،‬والحقوق تشمل في هذه الحالة ما ستأخذه وتعطيه اتجاه كل األطراف ‪ ،‬بل تدخل في إطار‬
‫(الكرامة) فضمان هذا الشرط اتجاه المؤسسة يخدم أداءات الواجب المالي وغير المالي المحلي والوطني‬
‫‪ ،‬ألن إقصاء األبار تهايد (الشكل الجماعي للتمييز) وكل أشكال العنصرية والتمييز العرقي واالستعمار‬
‫الجديد واالعتداء والهيمنة الخارجية أو التدخل في الشؤون الداخلية للدولة واجب الرجل والمرأة ‪ ،‬حسب‬
‫نص االتفاقية ‪ ،‬وبالتالي يكون الواجب المالي في هذه الدائرة خاضع للمساواة قطعا ‪ ،‬وتكون الضريبة‬
‫المحلية الخاضعة لمعيار النوع االجتماعي هو واجب المرأة والرجل لحماية الشكل الجماعي والدوالتي ‪.‬‬
‫إذن فمعيار الشمولية والواجب كما تحددهما اتفاقية (سيداو) يفرضان مساواة النوع في كل مناحي الحياة‬
‫المحلية والوطنية في إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية كما جاء في ديباجة االتفاقية‪ 205‬والدفاع‬
‫عنهما يفترض تقاسم أعباء المقاومة والحرب بالتساوي بين الجنسين ‪ ،‬ويحول الميزانية المحلية من‬
‫الحق في التنمية إلى الحق في الدفاع عن النفس‪ ،‬كما تنتقل ‪ ،‬في لحظة السالم ‪ ،‬الضريبة المحلية من‬
‫خانة الدفاع إلى خانة التنمية المستدامة في جدول تقول عنه االتفاقية بالحرف (التزام أقصى من الرجل‬
‫والمرأة وعلى قدم المساواة في كل الميادين )‪.‬‬

‫وما تسميه االتفاقية (االلتزام األقصى ) له أساسه القانوني الصرف في أداء الواجب المالي المحلي‬
‫(الفقرة األولى) ‪ ،‬ان طالقا من تمييز جبايات الجهة عن جبايات البلديات وغيرها من المعايير العشرة‬
‫لميثاق الحكم المحلي ‪ ،‬وهي مداخل النوع االجتماعي في الواجب المحلي (الفقرة الثانية) للوصول إلى‬
‫أمن جبائي (الفقرة الثالثة) يكون خطوة قانونية لتبني المعيار األفريقي للحكم المحلي (الفقرة الرابعة) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬القانون الدولي يؤسس ألداء الواجب المالي المحلي المطابق لمعيار النوع‬

‫‪ 205‬ـ الموقع الرسمي لألمم المتحدة ‪:‬‬


‫‪www.un.org/womenwach/daw/cedaw25years/pdf‬‬

‫‪80‬‬
‫يؤكد دستور ‪ 2011‬على سمو االتفاقيات الدولية وهي من القانون الدولي ‪ ،‬وتأسيسا على ذلك فااللتزام‬
‫األقصى الذي يؤكد على معيار الشمول وقد اعتمدته اتفاقية (سيداو) يؤسس للواجب المالي المحلي وباقي‬
‫الواجبات المفصلة ‪ ،‬ويفرض على الدولة خضوع ها في كل الجماعات لمعيار النوع بهدف منع التمييز‬
‫(البند الثاني) دعما لمبدأ المساواة على مستوى الدستور وأي قانون أو اقتراح تشريعي ‪.‬‬
‫وتكون الفقرة األولى من المادة الثانية تأسيسا ل معيار النوع في كل قطاع أو ميزانية أو فعل للدولة‬
‫ومجموعاتها الالمركزية ‪ ،‬من حيث اإلجراءات (الفقرة الثانية من نفس المادة) والحماية (الفقرة الثالثة‬
‫من المادة الثانية) ‪.‬‬
‫وعليه فإن مقاربة النوع ‪ ،‬طبقا لسمو ما وقع عليه المغرب على باقي ترسانته القانونية ‪ ،‬تخضع قطاعيا‬
‫لحصانة وطنية ودولية من ‪ 10‬نقط ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ اعتماد المادة الرابعة في اتفاقية (سيداو) على اإلجراءات المؤقتة ‪ ،‬والخاصة بمساواة النوع ‪ ،‬بما‬
‫يوضح خضوع الجبايات المحلية لنسب مؤقتة و فترات ألداء الواجب المالي المحلي على قدم المساواة ‪،‬‬
‫وتعديلها بما يناسب تحقيق هذا الهدف ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ التمييز لصالح األمومة ‪ ،‬على صعيد المشاريع و األداء و النشاط االستثماري أو العمالي من خالل‬
‫اإلعفاءات وما شابه ‪ ،‬وال يعد هذا التقدير " فعال تمييزيا" حسب الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪. 3‬‬

‫‪ 3‬ـ ألن الضريبة المحلية تعد نموذجا للسلوك السوسيوثقافي اتجاه المرأة والرجل فإن تقاليد اإلرث ‪،‬‬
‫وباقي التطبيقات ‪ ،‬ال تعد معيارا إال بتحقيق المساواة والعدل ‪ ،‬وحسب المادة الخامسة يكون (تعديل)‬
‫الضريبة المحلية بخصوص المرأة عن الضريبة المحلية الموجهة للرجل أمرا جائزا ‪.‬‬

‫وفي الفقرة الثانية من نفس المادة يجوز أي إجراء تفضيلي أو أي إعفاء لصالح التربية العائلية ‪ ،‬وخدمة‬
‫الجيل الجديد ‪ ،‬العتراف االتفاقية الدولية بالمسؤولية المشتركة للرجل والمرأة ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ منع دور العمالة الجنسية أو (الدعارة) وتعويض ضحاياها من المالية المحلية أو من تدخل وطني‪،‬‬
‫وال تتعلق المسألة حاليا ‪ ،‬بإعفاء ضريبي لهذه الدور ألنه ا (عمل نسائي) كما كان عليه األمر في السابق‬
‫‪ ،‬فأنهى العمل الدولي اعتبار (العمل الجنسي) نسائيا محكوما بإعفاء جبائي من مصالح الجبايات المحلية‬
‫‪ ،‬بل يعتبره من ضروب (الرق) المحرم قانونا ‪ ،‬ويجب محاربته ‪.‬‬
‫وخضوع الجبايات المحلية لرفض (الرق الجنسي) أو استخالص ضرائب عن مجال (الدعارة) تأسيس‬
‫قانوني لمرحلة جديدة من معيار النوع يخدم العدالة القانونية والعدالة الجبائية لرفضه اعتماد (الرق)‬
‫عمال أو مهنة يستوجب رسما ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ المادة السابعة ‪ ،‬وما بعدها من االتفاقية ‪ ،‬تشترط مبدأ المناصفة في التدبير السياسي المنتخب‬
‫للجماعة المحلي ة والوطنية بما يضمن أن يكون اإلجراء التشريعي رافضا لكل أنواع الهيمنة من طرف‬
‫المرأة أو الرجل ‪ ،‬وبالتالي كل أنواع التمييز على أساس النوع بما يكرس مقاربة النوع في الحقوق‬
‫والواجبات ‪ ،‬ويمنع في الجبايات المحلية ـ كما الوطنية ـ أن تكون أداة تمييز (مالي) لصالح هذا النوع أو‬
‫اآلخر ‪ ،‬فتخضع كل السياسات العمومية لمساواة الجنسين ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ 9‬ـ عدالة المجال لن تكون دون جبايات محلية خاضعة للنوع ‪ ،‬ألن الجماعات الترابية الحضرية‬
‫والقروية مؤسسات للتمثيل الشعبي وللتوزيع العادل للمعرفة والتكوين والتعليم التقني بين الجنسين ‪،‬‬
‫وفي كل البر امج ‪ ،‬بعيدا عن األنماط الموجودة ‪ ،‬وهذا المعيار ركزت عليه الدول األفريقية من أجل‬
‫مساواة الواجب المالي المحلي ‪ ،‬والحق في التنمية ‪ ،‬وهما المحركان لكل عمل قانوني وميداني للجماعة‬
‫المحلية والوطنية ‪ ،‬وخضوع الجبايات المحلية لمعيار النوع إلى جانب مساواة الجنسين في المخطط‬
‫التنموي المحلي ـ والوطني ‪ ،‬هو الطريق السالك لمنحى التقدم والرقي في الشروط الحالية ‪ ،‬طبقا لروح‬
‫المادة ‪ 10‬من اتفاقية (سيداو) وما بعدها ‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ حسب المادة ‪ 11‬من اتفاقية (سيداو) ‪ ،‬يكون من واجب الدولة إقصاء كل مداخل التمييز بين الرجل‬
‫والمرأة ‪ ،‬والجبايات ال محلية إحدى هذه المنافذ ألنها توحد بين الملزمين ‪ ،‬رغم الفجوة في النشاط‬
‫والتوزيع العقاري بين الجنسين ‪ ،‬وإخضاع هذه الجبايات لمعيار النوع يشكل ضمانة " قانونية‬
‫وإجرائية" للوصول إلى مساواة األداء المحلي ‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ الولوج العادل للتأمين االجتماعي بين الرجل والمرأة لن يكون دون جبايات محلية ـ ووطنية ـ عادلة‬
‫في الرسم المهني ‪ ،‬والدخل المتصل بالشغل ‪ ،‬والضريبة على الشركات في حالة االستثمار ‪ ،‬ولذلك فإن‬
‫الحق في التقدم لن يكون دون تأمين من المرض ‪ ،‬والحماية منه ‪ ،‬وحق الصحة واألمن من أجل حماية‬
‫مهمة اإلنتاج ‪ ،‬كما تقول الفقرة السابعة من المادة ‪ ، 11‬ببالغة ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ المساواة بين الواجب العائلي والمسؤولية المهنية ‪ ،‬وهي قائمة على مساواة النوع االجتماعي إلكمال‬
‫دورة العمل واإلنتاج ‪ ،‬والواجب العائلي والواجب المحلي ـ المالي وغير المالي ـ يؤسسان لركن قانوني‬
‫واحد ‪ ،‬فالمساواة في الواجب االجتماعي يفرض خضوع الواجبات المحلية للنوع ‪ ،‬ألن اتفاقية (سيداو)‬
‫تحمي توفير الخدمات االجتماعية بما أنها ضرورة وتحمي استمرارها واتصالها بالعنصر البشري في‬
‫إطار التنمية المستدامة ‪ ،‬وكلها متصلة بأداء الواجب المحلي ‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ ربح شروط الحياة المالئمة كما تقول النقطة ‪ 8‬من الفقرة الثانية من المادة ‪ 14‬من اتفاقية (سيداو)‪،‬‬
‫وذكرت السكن والتطهير والكهرباء والماء والنقل واالتصاالت ‪ ،‬وكلها مجاالت مدفوعة األجر‪ ،‬والخدمة‬
‫تستوجب أداء الواجب المالي المحلي أداء عادال بين الجنسين ‪ ،‬وال يمكن بناء هذه المساواة في شروط‬
‫الحياة على أس اس النوع وعدالة المجال دون جبايات محلية خاضعة للنوع ‪ ،‬وهذا التفصيل ضروري‬
‫للقول أن الركن القانوني لجبايات محلية خاضعة للنوع شيء يؤطر العمل الدولي والوطني على حد‬
‫سواء ‪ ،‬ألجل الوصول إلى هذه الغاية من أجل تخطيط تنموي ناجع ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تمييز جبايات الجهة عن جبايات البلديات مدخل للنوع االجتماعي في الواجب المحلي‬
‫اعتمادا على المرجعية األممية عرف العالم الميثاق األوروبي حول االستقالل المحلي ‪ ،‬وهي وثيقة ليس‬
‫لها مثيل في هذا الميدان‪ 206‬ويمكن إجمال موضوع الجبايات المحلية في النقط التالية ‪:‬‬

‫‪206‬‬
‫‪- la démocratie locale nord-sud : la char européenne de l’autonomie locale en action, étude et travaux n 54 ,‬‬
‫‪malte 14-16 mars 1996 , p : 14 , éditions du conseil de l’Europe, janvier 1998.‬‬

‫‪82‬‬
‫أ ـ الحريات الجماعية‪ 207‬التي اعتبرها (أدولف غرايسيي) منذ ‪ 1947‬أساس ميثاق أوروبا والعالم‬
‫في المؤتمر الدولي المنعقد في ريودي جينيرو ‪ 1985‬حول السلطات المحلية الذي اعتمد (اإلعالن‬
‫العالمي للحكم المحلي ) في قمة طورونطو ‪ ، 1993‬وت كييف البنيات الديمغرافية للوسائل اإلدارية‬
‫والعدالة باتجاه الشخص الفاعل من خالل جبايات محلية متساوية بين الجنسين ‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 7‬في‬
‫المحاسبة ‪ ،‬و معرفة القدرات الخالصة بمنطق قضائي كما في المادة ‪ ، 11‬ويؤسس هذا المبدأ لجبايات‬
‫محلية مستقلة مرتبطة بالقدرات واألهد اف ‪ ،‬محترمة بطبيعتها للنوع االجتماعي ضمن مساواة بين‬
‫اإلرادة والتطبيق والنوع اإلداري في حال وجود أصناف من الجماعات المحلية ‪ ،‬وفي حالة المغرب ‪:‬‬
‫هناك نوعان من الجماعات الترابية ‪ ،‬الجهة والجماعات ـ الحضرية والقروية ـ ‪ ،‬والبد من نوعين من‬
‫الجبايات المحلية ‪.‬‬
‫ب ـ تمييز الجبايات المحلية "الجهوية" عن البلدية أو "الجماعية" ـ حضرية أو قروية ـ وهذا المعطى‬
‫أساسي في التحول المغربي نحو إدارة الحكم المحلي ‪ ،‬من خالل آلياته العشرة الموجودة في ميثاق‬
‫(طورونطو)‪ ،‬ألن تدبير الشأن العام يفترض ربط الجبايات المحلية باإلدارة المنتخبة بشكل حر ‪ ،‬شامل‬
‫ومباشر ‪ ،‬سري ‪ ،‬متساو بين الجنسين ‪ ،‬إلدارة تحدد الرسوم حسب منطوق الفقرة ‪ 14‬من المادة ‪، 9‬‬
‫والفقرة الثالثة التي يتقرر بموجبها توجيه جزء من الموارد المالية المحلية الستقالل اإلدارة الجبائية كي‬
‫تمارس سلطتها في تحديد الرسم في إطار القانون ‪.‬‬

‫وحسب المادة ‪ 3‬الفقرة الثانية من الميثاق ‪ ،‬فإن المساواة المباشرة في المشاركة الجبائية توجب خضوع‬
‫الرجل والمرأة للرسم المطابق للنوع االجتماعي ‪ ،‬لتعريف الحكم المحلي للقدرة الفعلية للجماعة المحلية‬
‫على تقنين وتدبير " الواجب المالي المحلي" باعتباره "شأنا عموميا" كما تورد المادة ‪ 3‬من الميثاق ‪.‬‬

‫ج ـ اعتماد الجبايات المحلية "موارد بشرية" بمنطوق المادة ‪ 6‬والفقرة ‪ 2‬من الميثاق ‪ ،‬ولذلك فاالستقالل‬
‫القضائي في مراقبة هذه الموارد ‪ ،‬هو الجزء الرئيس في تدبير النوع ‪.‬‬

‫وإخضاع الجبايات المحلية للمجلس الجهوي للحسابات ‪ ،‬طبقا لمنطوق المادة ‪ 9‬من الميثاق ‪ ،‬يضمن‬
‫مراقبة و توجيه الرسم الجبائي المحلي لمساواة ليست رقمية بين الجنسين ‪ ،‬بل مساواة منطلقة من التدبير‬
‫الشامل‪ ،‬بتقديم الرجل عن المرأة في هذا البند المالي أو تقديم المرأة على الرجل في بند عن آخر ‪ ،‬حسب‬
‫ما تمليه المساواة الجبائية الكلية ‪.‬‬
‫وخضوع الجبايات المحلية للسلطة القضائية المالية دعم لمساواة النوع االجتماعي في الرسوم بما يضمن‬
‫العدالة الجبائية الشاملة والمندمجة على الصعيد اإلحصائي ‪ ،‬وليس مساواة المتعين بعدم التنصيص على‬
‫اختالف الفاعل والملزم كان رجال أو امرأة ‪ ،‬وهذه القضية تقضي مرتبطة بالعدالة الحسابية وليست‬
‫متعلقة بالعدالة (االسمية) ‪.‬‬
‫د ـ اعتماد الجبايات على خبراء مستقلين لعمل جبائي يطابق النوع االجتماعي ضمن معايير الحكم‬
‫المحلي ‪ ،‬كما صادق عليها القرار ‪ 3‬ل ‪. 1994‬‬

‫‪207‬‬ ‫‪- M .Adolf Grassier, Gemein de freiheit als rettung europas , 1947 (reedition 1993) CCRE , p : 2‬‬

‫‪83‬‬
‫وطبقا لميثاق األمم المتحدة الموضوع من دولة سويسرا في ‪ 10‬شتنبر ‪ ، 2002‬طبقا إلعالن فرانسيسكو‬
‫ل ‪ 26‬يونيو ‪ 1945‬وقرار الجمعية العامة ل ‪ 5‬أكتوبر ‪ 2001‬تكون مساواة النوع في اإلدارة المحلية‬
‫حقا وشرطا ال يكتمل دون إدارة الواجب المالي المحلي ‪.‬‬
‫وإدارة الحكم المحلي لن يكتمل تنظيما دون تنظيم الجبايات عن طريق " العنصر"‪ 208‬ومساواة العناصر‬
‫اإلحصائية من خالل ( الصوت الواحد للرجل والمرأة) لغرض استجابة اإلدارة والتدبير للنوع‬
‫االجتماعي ‪ ،‬وهو ما يكفل ( األمن الجبائي) ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الوصول إلى المعيار الدولي ل ( األمن الجبائي) ‪ ،‬ال يكون دون جبايات محلية خاضعة‬
‫للنوع االجتماعي ‪.‬‬
‫ال تنمية بدون أمن ‪ ،‬وال أمن دون عدالة ومساواة بين الرجل والمرأة ‪ ،‬واألمن الجبائي عصب التنمية ‪،‬‬
‫وأي تنمية جهوية لن تكون دون أمن جبائي محلي ‪.‬‬

‫وحسب بيانات الدورة السبعين لألمم المتحدة المنعقدة بين ‪25‬إلى‪ 27‬شتنبر ‪ ، 2015‬في نيويورك فإن‬
‫أهداف األلفية من أجل التنمية تكرس الحكم الديمقراطي المحلي جزء من اتفاقية لشبونة ‪ ،‬والوثيقة‬
‫السويسرية ل ‪ 1999‬مما يمهد لما دعته األمم المتحدة "الدولة العابرة للوطنية" ‪.‬‬

‫وتضم الوثائق الثالثة الصادرة عن المنتظم األممي العناوين التالية (الدولة العابرة القومية) و(ذوبان‬
‫الدول) ووثيقة (إعادة تنظيم الدعم ) ‪.‬‬

‫وجاءت الخالصات في موضوع االستقالل المالي للحكم المحلي الذي تمثله الجبايات المحلية ‪ ،‬والتي‬
‫تشرعها إدارات منتخبة على الشكل التالي ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ دور السلطات المحلية ‪ ،‬و بشراكة كاملة مع المركز ‪ ،‬في تشريع الجبايات لغرض التنمية المستدامة‬
‫‪ ،‬وفي الملحق الثالث ل ‪ 4‬يونيو ‪ 2002‬فإن الميثاق الدولي للحكم المحلي كما اقترحه المشرعان‬
‫األوروبيان (جي ‪.‬إنجيل) و(أي ‪ .‬ليوبد)‪ 209‬يؤسس الستقالل جبائي محلي يمكن من ( اإلدارة الذاتية‬
‫لكل إقليم من أهداف التنمية ) ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ طبقا للفقرة ‪ 16‬من المادة ‪ 12‬من إعالن إسطنبول المعتمد من المناظرة األممية للسكن ل ‪، 1996‬‬
‫فإن الالمركزية في خدمة السلطات المحلية الديمقراطية ‪ ،‬وأن تشريعها لجبايات محلية معيارية مطابقة‬
‫لمقاربة النوع قادرة على حل مشكل الفجوة العقارية بين الرجل والمرأة ‪ ،‬انطالقا من مشاركتها المتعادلة‬
‫على أساس المناصفة لتمكينها من السلطة ‪ ،‬وباقتسامها تنجح الالمركزية واالستقالل الجبائي كجزء ال‬
‫يتجزأ من " األمن الجبائي" الصادر عن السلطة المحلية المستقلة ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ أن الجبايات المحلية المطابقة للنوع تؤسس ل ‪ 12‬ضرورة عوض ‪ 10‬كما ساد في األوراق السابقة‬
‫لكونغرس السلطات المحلية والجهوية في أوروبا ضمن ‪ 109‬توصية و‪ 146‬قرار ‪.‬‬

‫‪208‬‬ ‫‪- Elément‬‬


‫‪209‬‬ ‫‪- La commission permanente du congrès le 6 juin 2002 projet présenté par MM .G .Angel et A : lioyd .‬‬

‫‪84‬‬
‫وبموجبها يمكن بناء حكم محلي يشرع للجبايات المحلية اإلدارة المستقلة تحت رقابة القضاء لتطبيق كل‬
‫الرسوم بما يتالءم والفوارق االجتماعية لعدالة تطابق النوع ‪.‬‬
‫ويسود المعيار األفريقي في الحالة المغربية ‪ ،‬بعد التحاق المملكة أخيرا بمواثيق االتحاد اإلفريقي ‪ ،‬ويعد‬
‫اعتمادها للتوصيات العشرة الخاصة با لحكم المحلي خطوة " قانونية" لجبايات محلية مطابقة للنوع ‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬الجبايات المحلية المطابقة للنوع في المغرب خطوة قانونية لتبني المعيار األفريقي‬
‫للحكم المحلي‬
‫تجمع مواثيق االتحاد األفريقي المختلفة على الحكامة المحلية وتقدم االنتخابات البلدية أداة لحكم وحكامة‬
‫الجماعة المحلية بناء على اإلعالن القاري ل ‪" 210 1990‬حول التحوالت الرئيسية في العالم وقدرة‬
‫الدول األفريقية على التنمية االجتماعية واإلقالع االقتصادي" (برنامج ‪ 1995‬المصادق عليه في‬
‫اجتماع القاهرة )‪. 211‬‬
‫وأهل هذا الوضع محاولة (التطبيق الحرفي) للدساتير المتقدمة في القارة ألن (التغيرات الحادثة في‬
‫الواقع مناهضة للدساتير أو معرقلة لها ) بما يؤكد قانونيا أن الدول تمارس تضييقا غير دستوري على‬
‫جماعاتها المحلية ‪ ،‬وال تسمح ب التشريع الجبائي المخول لها ‪ ،‬حيث توقفت اإلدارة المركزية عن القيام‬
‫بانتخاب مجالس جماعات دون تسليمها (االستقالل الجبائي) الكامل بما يؤطر األهداف التنموية ‪.‬‬

‫‪210‬‬ ‫‪- http://www.chr.up.ac.za/hr-docs/african/docs/ahsg/33docconsulté30/6/2017‬‬


‫‪211‬‬ ‫‪- http://www.chr.up.ac.za/hr-docs/african/docs/ahsg/33doc(cosulté30)6/2017‬‬

‫‪85‬‬
‫وحماية الجماعة المحلية الستقاللها الجبائي من أجل التنمية ‪ ،‬قرار دستوري ومعياري في كل دولة‬
‫أفريقية ‪ ،‬و يخرق الحكم المركزي هذه الحماية المنصوص عليها في الدساتير األفريقية والقانون الدولي‬
‫على حد سواء ‪.‬‬

‫وفي إعالن "لومي" لعام ‪ 2000‬رفض االتحاد األفريقي أي تعديل أو تغيير غير دستوري في السلطة‬
‫المركزية أو المحلية العتماد مرجع ( االنتخاب) مرجعا وحيدا للشرعية ‪.212‬‬
‫والتمسك األفريقي بالشرعية الوحيدة (االنتخابات الديمقراطية) يعطي الشرعية للسلطات المحلية المنتخبة‬
‫منذ ‪ 2002‬على الصعيد المحلي والقاري ‪.‬‬

‫وال يمكن قبول تشريع ضريبة محلية دون صدورها عن مجلس منتخب محلي وإدارة جبائية يعينها ذات‬
‫المجلس طبقا لمعايير الحكامة الرشيدة ومبدأ ( االنتخاب) منذ ‪. 2002‬‬

‫ويقر االتحاد األفريقي االنتخابات ليس من أجل " الحكم" بل من أجل " الحكامة" ‪ ،‬وحسب الميثاق‬
‫المعتمد من ‪ 35‬دولة ‪ ،‬فإن الميكانيزم األفريقي للتنمية على أساس األزواج ‪ ،213‬هو الخيار القائم ‪،‬‬
‫فالمسألة ال تتعلق برجل وامرأة بل بزوج ضمن أهداف "زوجية" تبنى على مبدأ الثنائية في المبادرة‬
‫والفعل والهدف ‪.‬‬

‫والقول بمطابقة " الزوجية" لمعيار (النوع) شيء معروف ‪ ،‬ويمثل فلسفة واصطالحا إفريقيا يكشف أن‬
‫خدمة (الزوج) ذكرا وأنثى لفظ يطابق فلسفة المغاربة ‪ ،‬ويمثل هذا الميكانيزم قراءة البد أن تلتفت إلى‬
‫أن (االنتخاب) هو الوسيلة الشر عية الوحيدة للحكم المحلي ‪ ،‬لكنه في موضوع (الجبايات المحلية)‬
‫يشترط إجراءات لدمقرطة المجال الترابي لتأهيل هذه الجبايات أن تكون " زوجية" متعادلة بين الرجل‬
‫والمرأة أو مطابقة للنوع االجتماعي بالمفهوم الغربي ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬إجراءات في المجال الترابي لجبايات محلية مطابقة لمعيار النوع االجتماعي‬
‫بعد دمج المعيار الدولي للنوع االجتماعي في الترسانة القانونية المغربية العامة تبدأ اإلجراءات المجالية‬
‫إلخضاع الجبايات المحلية لمساواة الرجل والمرأة ‪ ،‬لما تتمتع به الجماعة الترابية من حرية في تدبير‬
‫شؤونها الترابية بكل استقاللية ‪ ،‬وألنها مؤسسة متجددة‪ 214‬فإن إخضاعها لكل معايير الحكامة ومقاربات‬
‫التدبير الحديث من دون تحفظ واجب مواطناتي ( من المواطنة ‪ ،‬أي البعد البشري) ووطني (البعد‬
‫الترابي) وشيء مطلوب على الصعيد التقني (أي البعد التقني) ‪.‬‬
‫وتنص القوانين التنظيمية للجماعات الترابية (أي البعد اإلداري) على أن الجماعة الترابية يتولى تدبيرها‬
‫مجلس منتخب‪ 215‬خاضع ب حكم الدستور لقاعدة المناصفة التي تشمل باقي اإلدارة الترابية ‪ ،‬وإخضاع‬

‫‪212‬‬ ‫‪- http://www.africa-union.org/official-documents/assemblée20%//assoo.pdf‬‬


‫‪213‬‬ ‫‪- MAEP,mechanisme‬‬
‫‪214 - « pour une institution communale renouvelée « rapport de la commission loi communale , union des villes et‬‬

‫‪commune de wallonie , bruxelles , mai 2001 ,p : 5‬‬


‫ـ المادة ‪ 4‬من القانون التنظيمي للجهات ‪ ،‬والمادة ‪ 3‬من القانون التنظيمي للعماالت واألقاليم ‪ ،‬والمادة ‪ 3‬من القانون التنظيمي للجهات ‪215 .‬‬

‫‪86‬‬
‫اإلدارة الترابية لهذه القاعدة التي يعتبرها الدستور مبدأ يشمل التمثيل السياسي لألحزاب وأيضا اإلدارة‬
‫من واقع اعتماد الدولة على مبدئها الدستوري ‪.‬‬
‫ويشكل إخضاع المجال الترابي لمجلس منتخب على قاعدة المناصفة في التمثيل السياسي وتعد اإلدارة‬
‫الترابية ال مطابقة لمناصفة النوع طفرة حاسمة ونهائية ‪ ،‬ألن المجال الدوالتي مطابق في هذه الحالة‬
‫للمجال الترابي ‪ ،‬وبعبارة أصح ‪ ،‬فإن تفويض االختصاص بموجب القانون للوحدات الترابية الالمركزية‬
‫تفويض شامل على أساس النوع االجتماعي ‪.‬‬

‫وانطالقا من هذا الشمول ‪ ،‬في بعده البشري والترابي واإلداري الخاضع لمبدأ المناصفة في المفوض‬
‫والمفوض له ‪ ،‬تكون الجبايات المحلية قطعا مجب رة على خضوع إجراءاتها ورسومها ‪ ،‬وبالتالي قانونها‬
‫لمقاربة ال نوع وخضوع طاقمها اإلداري لنفس المعيار ‪.‬‬

‫وفي هذا المشهد ‪ ،‬فإن المقتضى ال يرتبط فقط باالختصاص العام للمجالس التداولية ‪ 216‬بل بكل آلية‬
‫على حدة في المجال العام ‪ ،‬فالدولة المغربية قائمة على مبدأها الدستوري للمناصفة وباقي مجاالتها على‬
‫قاعدة المناصفة لتنزيل المبدأ المذكور ‪.‬‬
‫والبد في هذه الحالة من القيام ‪ ،‬وجوبا ‪ ،‬بأجرأة المجال الترابي في الجبايات المحلية المطابقة للنوع ‪،‬‬
‫والوصول إلى جبايات عادلة بين الجنسين ‪ ،‬بقرار المجلس الجماعي ‪ ،‬إنفاذا للقانون ‪ ،‬فال يمكن برمجة‬
‫التجهيز دون برمجة موارده في إطار تفويض االختصاص فالمسألة ال تتعلق ب ( تحويل) بل ب‬
‫(تفويض) في الجبايات المحلية بإقرار الظهير الشريف ل ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬على إصدار رسوم وجبايات‬
‫خاصة‪.217‬‬
‫ويكون إصدار المجلس الجماعي لجبايات مطابقة للنوع حالة إرادية ‪ ،‬وقرار لإلدارة المنتخبة على قاعدة‬
‫المناصفة ‪ ،‬وهذا المدخل قانوني وإجرائي لمطابقة باقي الجبايات لذات المعيار (الفقرة األولى) من خالل‬
‫إدارة جبائية محلية خاضعة بدورها لقاعدة المناصفة ( الفقرة الثانية ) كي تكون أداة التدخل التنموي‬
‫للجماعة الترابية هي الجبايات التشاركية المساهمة في العدالة المجالية (الفقرة الثالثة) واالستثمار‬
‫المجالي المتقدم من خالل تدخل اقتصادي غير مباشر يعتمد الجبايات المحلية المطابقة للنوع (الفقرة‬
‫الرابعة) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الجبايات "اإلرادية" المخولة قانونا للمجلس الجماعي المنتخب على قاعدة المناصفة‬
‫مدخل للواجب المالي المحلي المطابق للنوع ‪.‬‬
‫إن أساس المقاربة المالية للتنمية الترابية هو خضوع الجبايات المحلية بشكل إرادي لمعيار النوع‬
‫االجتماعي ‪ ،‬ل سماح القانون بإصدار مجالس الجماعات لجبايات خاصة بمنطوق ظهير ‪ 30‬نونبر ‪2007‬‬
‫‪ ،‬ويمكن عبرها تقرير حالة "العدالة الجبائية" بين الجنسين ‪ ،‬مما يخول الجماعات الترابية القدرة المادية‬
‫والتدبيرية لتحقيق ومالئمة التنمية ألعلى درجات الفعالية‪ ، 218‬والمالئمة ‪ ،‬الستمرار هيمنة وزارة‬
‫‪216.‬‬ ‫ـ المادة ‪ 80‬من القانون التنظيمي للجهات ‪ ،‬والمادة ‪ 78‬من القانون التنظيمي للعماالت واألقاليم ثم المادة ‪ 77‬من القانون التنظيمي للجماعات‬
‫‪214‬ـ الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.195‬بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬الصادر بتنفيذ القانون رقم ‪ 47.06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 5583‬بتاريخ ‪ 3‬دجنبر ‪ ، 2007‬ص‪3734 :‬‬
‫‪218 - lebel (P) , Gestion des ressources budgétaires publiques édition CERAF , new jersey , novembre , 2001 , p : 27‬‬

‫‪87‬‬
‫الوصاية واالختصاص ( وزارة الداخلية) على عمل المجالس الجماعية المنتخبة ‪ ،‬فيما ينطلق‬
‫(سدجاري) من الجماعة الترابية " المتجددة"‪ 219‬الستيعاب هذا التفويض القانوني والدستوري المخول‬
‫للجماعة الترابية ‪.‬‬

‫وبين القراءة المحافظة والمتقدمة عنها ‪ ،‬ال يختلف الخبراء على وجود مدخل يمكن تبنيه للوصول سريعا‬
‫إلى تبني جبايات محلية خاضعة للنوع االجتماعي تخدم التدخالت االقتصادية المباشرة وغير المباشرة‬
‫للجماعة الترابية ‪.‬‬

‫وتؤسس هذه الجبايات العادلة المنطلقة من مبدئي ‪ :‬المناصفة بين الجنسين ‪ ،‬ومبدأ االستقالل المالي‬
‫للجماعة الترابية لسلوك تنموي متقدم ألن إقرار العدالة واالستقالل يخدم جوهر األساس الدستوري‬
‫والقانوني للتنمية الترابية ‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق فإن الجبايات المحلية الخاضعة لإلرادة المنتخبة لجماعة ترابية محددة والمطابقة للنوع‬
‫تعد ضمن التحديث المالي الذي يسود حيثيات التدبير المالي الترابي ‪ ،‬في ظل التوجه األخير العتماد‬
‫معايير الميزانية االقتصادية ‪ ،‬وهو ما يؤكد عليه الخبير ال دولي "لوبيل" بعيدا عما يسميه المقاربة المالية‬
‫والمحاسبية الشكلية‪. 220‬‬
‫ولن يتم االنتقال من المقاربة الشكلية إلى المقاربة الجوهرية في مالية الجماعة الترابية واعتماد هذه‬
‫المالية لمعايير "الميزانية االقتصادية" دون جبايات محلية حديثة مطابقة للنوع ‪.‬‬

‫ويمكن القول أن هذا النوع من الجبايات " اإلرادية" التي يقررها المجلس الجماعي من تلقاء نفسه يدخل‬
‫ضمن القواعد التدبيرية المتعلقة بتأطير وتنظيم النشاط المالي الترابي الخاضع بدوره لتخطيط متوازن‬
‫ومتساو بين الرجل والمرأة ‪ ،‬واستيعاب قواعد التخطيط والتدبير والبرمجة كفيل بوضع تصورات علمية‬
‫وتدبيرية واضحة على صعيد تسخير الجبايات المحلية لألهداف المسطرة ‪.‬‬
‫وإذا كان مبدأ ( النوع االجتماعي) للجبايات المحلية داعما للتخصيص القانوني لكل الموارد المخولة‬
‫للجماعات الترابية ‪ ،‬فإن تحقيق التنمية الترابية على أساس إحداث هذه الوحدات لنفس الغاية هو جوهر‬
‫األساس الدستوري والقانوني لكل هذه العملية المتكاملة ‪ ،‬ألن الجماعات الترابية مجاالت سوسيوجغرافية‬
‫‪ ،‬ومن عنصري اإلنسان والتراب يمكن التوجه إلى بنية ذات انسجام موضوعي بعالقات متساوية بين‬
‫الرجل والمرأة ‪ ،‬وإطار تنموي خاضع لمقاربة النتيجة في إطار ما يسميه بروفوست ( الجماعة الترابية‬
‫المتعلمة)‪. 221‬‬

‫‪219‬‬ ‫‪- sedjari (A) , le renouveau municipale au Maroc et la philosophie de retour à l’unité de la ville , 2004, p : 15, et Cf.‬‬
‫‪SEDJARI A. « La fin du pouvoir de l’Etat : vérité ou illusion ? » in La revanche des territoires, direction . SEDJARI A.,‬‬
‫‪édition L’Harmattan,1997 , p. 15 .‬‬
‫‪220 - lebel (P) , gestion des ressources , op .cit , p : 21‬‬
‫‪221 - prevost (P) , la collectivité apprenante , projet de recherche du CEFRIO, juin 2002 , p : 15‬‬

‫‪88‬‬
‫يقول ناخ مبارك " إن المسألة ال تتعلق بممارسة اختصاصات قانونية بل بنهج " الواقعية" الذي يجب أن‬
‫يكون السمة في عالقة الجماعة المحلية بباقي الفاعلين‪ 222‬والمنعكسة على ( هذه الجبايات التي يشرعها‬
‫ويقررها اإلطار الجماعي ) ‪.‬‬

‫والبد في هذه الحالة من ( جبايات تناسبية) ال تخضع لحرية المجلس الجماعي بل لتوافق المركز‬
‫والالمركز وإال جاءت الالمركزية ضد التنمية المحلية ‪ ، 223‬وقد خضعت بالضرورة لمقاربة النوع‬
‫االجتماعي من أجل فعالية أكبر في التدخل التنموي للجماعة الترابية ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬إدارة جبائية محلية خاضعة لقاعدة المناصفة أداة التدخل التنموي للجماعة الترابية‬
‫من اآلليات القانونية والعملية إلقرار سلوك مالي حديث تقديم الجبايات المحلية أداة للتدخل التنموي ‪،‬‬
‫وإخضاع هذه الجبايات وإدارتها للنوع االجتماعي ‪ ،‬عامل مساعد على التدبير المحلي ‪ ،‬وتحسين‬
‫االستقالل المالي للجماعة الترابية بنسبة مالئمة ومتناسبة ‪ ،‬فالجماعة المحلية أداة مجالية بحد ذاتها‪،‬‬
‫ومطابقتها للنوع االجتماعي في اإلدارة يؤهل لحرية التقرير وتنفيذ البرامج والمشاريع التي تخدم التنمية‬
‫المتساوية في األهداف بين الرجل والمرأة ‪.‬‬
‫ويرتكز جوهر التدبير المالي للشؤون الترابية على تحقيق التنمية البشرية المطابقة للنوع االجتماعي في‬
‫توازن موضوعي بين الرجل والمرأة على صعيد " تكاليف" هذه التنمية ‪ ،‬وفي مقدمتها الجبايات المحلية‬
‫وتحسين مستوى المعيشة وخلق الوظائف وتشجيع ودعم المشاريع واالستثمارات‪ 224‬وكلها أهداف يجب‬
‫أن تخضع لمساواة النوع ‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس فإن التدخل االقتصادي للجبايات المحلية يهدف إلى تعزيز القدرات االقتصادية‬
‫لمنطقة ترابية من أجل تحسين مستقبلها االقتصادي ومستوى المعيشة ككل‪ ، 225‬وهو ما يجعل " تنمية‬
‫الجبايات المحلية " عامال مساعدا على جبايات محلية خاضعة لمعايير الجبايات " التنموية" لتقديمها‬
‫الجانب التنموي على الجانب الجبائي ‪ ،‬بما يساهم في تحديد اإلطار العام للتنمية الترابية ‪.‬‬

‫وتعد الجبايات المحلية المطابقة للنوع ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ أداة لميزانية الجماعة المحلية ‪ ،‬وتحول مالية الجماعة إلى " ميزانية اقتصادية " شرط ضروري‬
‫للتدبير الحديث ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ أداة للتدخل االقتصادي‬

‫‪222‬‬ ‫‪- nach mback , dix ans de décentralisation en Afrique de l’ouest : enjeux et perspectives , conférence organisée‬‬
‫‪par la chaire UNESCO des droits de la personne et la démocratie , université d’Abomey calavi , république du bénin ,‬‬
‫‪centre culturel français de coton ou n 16 octobre 2002 , p : 16‬‬
‫‪223 - observatoire permanent de la coopération française : la décentralisation contre le développement local ? avis‬‬

‫‪de l’ocf , rapport 1996 , p : 4‬‬


‫ـ إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة ‪ ،‬وثيقة للسياسات العامة لبرنامج األمم المتحدة اإلنمائي ‪ ،‬يناير ‪ ، 1997‬ص ‪224 13 :‬‬

‫‪222‬ـ دليل وضع وتنفيذ استراتيجيات تنمية االقتصاد المحلي وخطط العمل ‪ ،‬منشورات بيرتلزمان ستيفتانج جويترسلوو البنك الدولي ‪ ،‬واشنطن ‪،2004 ،‬‬
‫ص‪9 :‬‬

‫‪89‬‬
‫في إطار عملية تنموية اقتصادية على‬ ‫‪226‬‬
‫‪ 3‬ـ أداة لبناء القوة اإلنتاجية وتوازنها بين الرجل والمرأة‬
‫المستوى المحلي ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ أداة استثمارية‪ 227‬للتنمية االقتصادية ورفع مستوى التدخل الفردي والجماعي ‪ ،‬انطالقا من اعتمادها‬
‫ضمن القطاع العام ‪ ،‬ويدقق الخبير " فرانسوا مارتي" هذا المعطى من زاوية أن هذه الجبايات المحلية‬
‫المطابقة للنوع تخدم " سياسة تنموية" تستقطب االستثمارات وترفع المستوى االقتصادي للوحدة الترابية‬
‫أو الجهوية عبر اإلعفاءات الضريبية أو التسبيقات المالية والعقارية‪. 228‬‬
‫ولمعالجة الفجوة العقارية الناتجة عن التقاليد والثقافة السائدة بين الرجل والمرأة ‪ ،‬فإن اقتراح سياسات‬
‫جديدة هي التي تجعل الالمركزية في تقدم كبير عبر إجراءات البد أن تبدأ من المجال الترابي‪ ،‬وأوله‬
‫الملكية والعقار ‪ ،‬وهذه اإلصالحات تستهدف تحريك النسق االقتصادي‪ 229‬وليس الدفاع عن وجهة نظر‬
‫ضد تقليد أو أيديولوجيا حداثية ‪ ،‬ألن ربط الجبايات المحلية بالمستوى المجالي هو بنفس معدل ارتباط‬
‫التنمية االقتصادية بباقي اإلجراءات القانونية والتنظيمية الواقعية ‪ ،‬من خالل تشجيع االستثمار الترابي‬
‫وتحسين أداءه في المجال التنموي ‪.‬‬
‫وتقاطع المجالين الترابي والتنموي ‪ ،‬وتطابقهما في المقاربة الحديثة يحول الجبايات المحلية المطابقة‬
‫للنوع إلى أدا ة شاملة لبناء القوة والقدرة االقتصادية ‪ ،‬وزيادة االستثمار من خالل اإلجراءات الجبائية‬
‫التي تفترض إجراءات مجالية للتحديد األمثل للحاجيات التنموية المتساوية بين الرجل والمرأة ‪ ،‬تتقدمها‬
‫اإلعانات المباشرة‪ 230‬أو اإلعفاءات أو اإلجراءات المناسبة‪ 231‬لصالح أحد طرفي النوع االجتماعي بما‬
‫يخدم معالجة الفجوات والوصول إلى قيم تشاركية كاملة ‪.‬‬
‫فمن المهم أن تكون الجبايات المحلية تشاركية خاضعة لمساواة النوع ‪ ،‬بما يجعل المجال الترابي متعادال‬
‫بين الرجل والمرأة وبنسب متغيرة ومرنة تخدم التدخل لعدالة مجالية وتنموية ال يتطرق إليها الشك ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الجبايات " التشاركية" على الصعيد المحلي " عدالة مجالية"‬
‫ال يمكن أن تنتج المقاربة التشاركية سوى " جبايات تشاركية " على الصعيد المحلي تحقق عبرها ومن‬
‫خاللها " العدالة المجالية" ‪ ،‬وتثق المقاربة الحديثة في االستثمار الترابي بتحسين الشروط المجالية‬
‫لالستثمار‪ ،‬وتكاد الجبايات المحلية الخاضعة لتشارك النوع االجتماعي ومساواته أن تؤسس لنظام بنيوي‬
‫وظيفي فاعل بدأت عالقاته منذ ‪ 1955‬بعد اجتهادات فقهية آمنت بالشراكة المختلطة بين القطاع العام‬

‫‪ 223‬ـ الدليل اإلرشادي لعملية التنمية االقتصادية على المستوى المحلي ‪ ،‬منشورات البنك الدولي ‪ ،‬وحدة التنمية االقتصادية والترابية ‪ ،‬واشنطن ‪ ،‬أكتوبر‬
‫‪ ، 2001‬ص ‪2:‬‬
‫ـ علي خليفة الكواري ‪ ،‬دور المشروعات العامة في التنمية االقتصادية ‪ ،‬منشورات عالم المعرفة ‪ ،‬عدد ‪ ، 42‬يونيو ‪ ، 1981‬ص ‪227 10 :‬‬
‫‪228 - marty (F) collectivités territoriales et entreprises : nouvelles compétences ou nouvelles politiques , colloque sur‬‬

‫‪« la décentralisation en mouvement « édition assemblée nationales , paris , janvier 2006 , p : 1‬‬
‫‪229 - Bignon (P) , les interventions économiques du conseil régional de Bretagne , acte de colloque sur « action‬‬

‫‪local » , paris , 2000 , p : 7‬‬


‫‪230 - « Aides directes des collectivités territoriales en faveur de projets développement, commission européenne , n‬‬

‫‪1092 , Bruxelles , 22 mars 2004‬‬


‫‪231 - Bignon (P) les interventions économiques du conseil régional de Bretagne, op.cit , p : 7‬‬

‫‪90‬‬
‫والخاص وبقيم النوع االجتماعي لمساواة الرجل والمرأة لتعزيز التدخل لصالح المتضرر من الجنسين‬
‫قصد تحقيق التنمية المستدامة‪ 232‬فليست األشكال الترابية ( الجهوية والمحلية ) هدفا بحد ذاته ‪ ،‬فالجهة‬
‫أو الجماعة الترابية ـ بمختلف صيغها ـ ليست مجرد إطار قانوني أو عنصرا من عناصر التقسيم‬
‫اإلداري أو الترابي ‪ ،‬وإنما تشكل أساسا جغرافيا لتحقيق التنمية المستدامة ‪.‬‬
‫فالبعد التنموي الترابي يعوض البعد الترابي المستخلص من إدارة ترابية نظر لها وزير الداخلية األسبق‬
‫إدريس البصري ‪ ،‬والقت قصورا ألنها لم تدمج التنمية البشر ية في منظومة وزارة الداخلية إال أخيرا ‪.‬‬

‫ومن الطبيعي أن تؤسس الجبايات التشاركية المحترمة لعدالة ومساواة النوع االجتماعي بين الرجل‬
‫والمرأة على ركيزتين ‪ :‬العدالة الجبائية والعدالة المجالية ‪ ،‬ولن تنجح إحداهما دون األخرى ‪ ،‬فالمسألة‬
‫ال تتعلق باالقتراح فقط‪ 233‬بل بالتدخل على مستوى بعض الجبايات إللغاء رسوم أو تخفيضها ‪ ،‬كما‬
‫في النظام الفرنسي ‪ ،‬خاصة الرسم المهني والرسم العقاري ‪ ،‬ويؤطر هذه اإلعفاءات مبدأ العدالة الجبائية‬
‫لتمكين الرجل والمرأة من العدالة المجالية ‪.‬‬
‫ويخدم التدخل لتعديل الرسم العقاري لصالح المرأة ‪ ،‬كما في التجربة الفرنسية ‪ ،‬مسلكا مهما‪ ،‬لتقديم‬
‫الجبايات المحلية المطابقة للنوع في المغرب على أنها فرصة اجتماعية للعدالتين الجبائية والمجالية ‪،‬‬
‫فيما تعود اإلعفاءات الدائمة أو المؤقتة في بلدنا إلى مقتضيات كل رسم على حدة ‪ ،‬وتصدر بقانون ‪ ،‬أما‬
‫اإلعفاءات الكلية أو الفردية الموجهة لفرد ‪ ،‬فتصدر عن وزير الداخلية والمالية ‪ ،‬وفي حاالت محدودة‬
‫عن اآلمر بالصرف حسب مقتضيات المادة ‪ 162‬من قانون الجبايات المحلية الصادر بالظهير الشريف‬
‫رقم ‪ 1.07.195‬بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪. 2007‬‬

‫وأي جبايات محلية ناتجة عن مبدأ التدخل االقتصادي المباشر لل جماعة الترابية الواضعة أمامها عدم‬
‫المس بالمنافسة الحرة ومقتضيات القانون التجاري فقط كما في الحالة الفرنسية ‪ ،‬هي " جبايات متقدمة"‬
‫‪ ،‬وفي خضوعها لمقاربة النوع تجمع البعد االجتماعي إلى البعد االقتصادي ‪ ،‬ويشكل اإلطار الترابي‬
‫بعدهما مفهوما مستوعبا لمساواة مجالية بين الرجل والمرأة كمستثمرين وملزمين في كل مظاهر الحياة ‪.‬‬

‫إنها " التشاركية" في أسمى صورة لخدمة العدالة المجالية للجنسين ‪ ،‬وهي ليست تقنية وحسب ‪ ،‬بل بعدا‬
‫شموليا للتنمية المستدامة المستجيبة لعدالة النوع وعدالة المجال بين الجنسين ‪ ،‬كي تكون هذه العدالة‬
‫المجالية أو الترابية معيارا حقيقيا وملموسا يخدم التنمية المستدامة ‪.‬‬
‫ويبدأ هذا الهامش من شركات التنمية الترابية كما جاء في مشروع تعديل الميثاق الجماعي ‪ ،‬وإحداث‬
‫الجماعة الترابية لألسواق والمعارض التجارية ‪ ،‬حسب المادة ‪ 83‬من القانون التنظيمي المتعلق‬
‫بالجماعات ‪ ،‬وتندرج ضمنها باقي األنشطة ‪ ،‬من أجل جبايات عادلة بين الجنسين على صعيد المجال ‪،‬‬
‫في التزام كامل بالنوع االجتماعي ‪ ،‬كي يتجاوز المجتمع فجوة النشاط بين الرجل والمرأة ‪ ،‬وفي النتيجة‬
‫بناء جبايات مستجيبة للنوع ‪.‬‬

‫‪229‬ـ حسين الطاهري ‪ ،‬الجهة ورهانات التنمية االجتماعية ‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬سلسلة " مواضيع الساعة" ‪ ،‬عدد ‪1998 ، 16‬‬
‫‪ ،‬ص ‪ 81 :‬ـ ‪88‬‬
‫ـ القانون رقم ‪ ، 47.06‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.195‬الصادر في ‪ 19‬من ذي القعدة ‪ 30( 1428‬نوفمبر ‪ ، )2007‬الجريدة الرسمية‪233‬‬

‫عدد ‪ ، 5583‬بتاريخ ‪ ، 3.12.2007‬المتعلق بجبايات الجماعات الترابية ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫الفقرة الرابعة ‪ :‬الجبايات المحلية المطابقة للنوع تدخل اقتصادي غير مباشر الستثمار مجالي متقدم‬
‫تشكل الجبايات المحلية المطابقة للنوع إحدى بنيات العمود الفقري لالقتصاد الترابي ألنها تدخل‬
‫اقتصادي غير مباشر قصد االستثمار العادل للمجال ‪ ،‬ألنه إعداد للتراب " الترابي " وإعداد للتراب‬
‫"المجالي" وآخر للتراب " التنموي" ‪.‬‬
‫وهذا الثالوث يسمح بتوفير المبادرة في الهيئة الالمركزية لتأهيل البنيات التحتية ‪ ،‬وإيجاد المرافق‬
‫المهيكلة لالستثمار وباقي البنية القائمة على التنمية الترابية ‪.‬‬

‫وفي كل األحوال ‪ ،‬فإن الهامش المخول للجماعة المحلية ضعيف ويتعلق بإلغاء رسم صادر بشكل غير‬
‫صحيح ‪ ،‬أو التخ فيض من مبلغه إذا كانت التقديرات خاطئة أو مبالغ فيها وفق مساطر قانونية معينة‬
‫ومحددة ‪ ،‬وال تمس هذه المسطرة سوى الرسوم الصادرة عن الجماعات أو القائمة على تصفيتها من‬
‫نفس الجهة ‪ ،‬وهذا يعني أن اإلجراءات المتعلقة بالرسم المهني والرسم على المباني والرسم على‬
‫الخدما ت االجتماعية من اختصاص وزير المالية ‪ ،‬أو من يفوضه من أجل ذلك ‪.‬‬
‫ووجود قرار أغلب الرسوم الجبائية خارج الجماعة الترابية يؤسس للقول أن الجبايات المحلية المطابقة‬
‫النوع ال تخضع للسياسة الترابية الالمركزية في المملكة بل توجب إخضاع كل فروع الميزانية العامة‬
‫والموازنة لمساواة الجنسين ‪.‬‬
‫وال يمكن مواصلة االختصاصات األساسية للجبايات المحلية خارج مجال الوحدات الالمركزية أو تبعا‬
‫للمساطر التشريعية الالزمة ‪ ،‬فالجبايات إلى حدود اللحظة ال تخدم عدالة المجال أو النوع ‪ ،‬بما يؤسس‬
‫آلليات جامدة في د عم المبادرة ‪ ،‬بل تشكل الجماعة الترابية تدخال اقتصاديا غير مباشر إلى جانب‬
‫اإلدارة المركزية ‪ ،‬وتدفع الجماعة ثم نا إلعفاءات أو نفقات جبائية مقررة مركزيا عبر قانون المالية ‪،‬‬
‫وإن تم تعويض بعض البلديات في إطار منحة المقاصة‪ ، 234‬ألنها ال تشمل كل اآلثار واالنعكاسات‬
‫والفجوات التي يحدثها عدم تبني مقاربة النوع االجتماعي ‪.‬‬
‫وال يمكن في هذه األوضاع التفكير في جبايات محلية مطابقة للنوع دون تعديل جذري للقانون المنظم‬
‫لهذه الجبايات الصادر عام ‪ 2007‬كي تمارس البلديات المغربية اختصاصاتها في اإلعفاء ‪ ،‬وإقرارها‬
‫للرسوم مدة وموضوعا وحجما ‪ ،‬فاألمر يتعلق بالوصول إلى مساواة جبائية ومساواة مجالية ‪ ،‬من خالل‬
‫الملكية ‪ ،‬والعقار تحديدا ‪ ،‬والذي يعرف فجوة اإلرث وباقي العوامل غير المنسجمة بين الجنسين ‪،‬‬
‫فالتسهيالت الجبائية المحلية وتوجيه الرسم المهني على مستوى التهيئة العمرانية واستقرار المقاولة‬
‫النسائية إلى جانب المقاولة المسيطرة ‪ ،‬كلها إجراءات ال يمكن الذهاب إليها وتحقيقها ‪ ،‬دون تعديل يوسع‬
‫اختصاص الهيئات الالمركزية وتعديل استراتيجي آخر متمثل في قانون الجبايات المحلية المعمول به‬
‫حاليا ‪.‬‬

‫‪234‬‬ ‫‪- Dotation de compensation : circulaire du ministre de l’intérieur n 808-69-c du 25 mars 2008.‬‬

‫‪92‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬اإلجراءات اإلستراتيجية إلعادة صياغة قانون الجبايات المحلية المستجيبة‬
‫لمقاربة النوع‬
‫إن "المواطنة الجبائية" التي يصبح فيها الملزم أداة للتنمية وهدفا لها ‪ ،‬توجب مساواة الجنسين ‪ ،‬عبر‬
‫أدائهما لديونهما الجبائية بطواعية واختيار‪ ، 235‬لتتحول مفاهيم الخاضع والمكلف والمدين والممول‬
‫والملزم الجبائي إلى االلتزام الجب ائي المطابق للنوع االجتماعي ‪ ،‬وال يمكن تجاوز هذا النقص في‬
‫المنظومة الحالية إال بإصالح القانون الجبائي والمالي والمحاسبي للجماعات المحلية وإصالح الخلل في‬

‫ـ أحمد قليش وعبد الغني حدوش ‪ ،‬المنظومة الجبائية المحلية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ، 2013 ،‬ص‪8235 :‬‬

‫‪93‬‬
‫بنية الجبايات المحلية بين قانون اإلصالح الجبائي ‪ 236 89.30‬وقانون ‪ ، 06.47‬وما سجله مستوى‬
‫التحصيل‪ 237‬من غياب المداخل والوسائل القانونية قصد التطبيع مع " الملتزم‪/‬الملتزمة" بمساواتهما في‬
‫األداء ‪ ،‬انطالقا من التمييز بين أنواع الرسوم والحقوق والواجبات بهدف خلق تعامل إيجابي وعادل‬
‫يسقط التعقيد الذي تعرفه المساطر المحلية والمساطر العامة للضرائب ومدونة تحصيل الديون العمومية‪.‬‬

‫وبإخراج القانون الجبائي‪ 06.47‬جرى إدماج كل الرسوم التي تقوم مديرية الضرائب بتدبيرها في نص‬
‫واحد ‪ ،‬وأيضا الرسوم التي تعود للمصالح الجبائية المحلية مع اإلبقاء على ‪ 13‬رسما خاضعة لقانون‬
‫‪ 89.30‬وفي المحصلة يصعب الحديث عن نظام جبائي ومدونة واحدة تخضع ألجرأة النوع االجتماعي‬
‫‪ ،‬واإلنشاء اإلرادي ل اللتزام الجبائي ضرورة مغربية ‪ ،‬من خالل انتخاب المجلس الجماعي المقرر في‬
‫الجبايات ‪ ،‬وإخضاع اإلدارة الجابية الملتزمة لقاعدة المناصفة لهذا المجلس ‪ ،‬وأيضا عبر المساطر‬
‫والقوانين العاملة على مقاربة النوع إلكمال كل دوائر المساواة بين الجنسين ‪.‬‬

‫والبد من إصالح عميق في بنية المنظومة القانونية للجبايات المحلية كي تستجيب لحساسية النوع (الفقرة‬
‫األولى) وتبدأ من تعديل قانون ‪ 47‬لسنة ‪ 2006‬إلرساء حكامة جبائية محلية من شراكة الجنسين (لفقرة‬
‫الثانية) وأجرأة النوع فيما سلمه قانون ‪ 47‬لسنة ‪ 2006‬للجماعات المحلية من رسوم لمطابقة الواجب‬
‫المحلي للتدبير الحديث (الفقرة الثالثة) ليكون تعديل هذا القانون الموضوع قبل دستور ‪ 2011‬حاجة‬
‫قانونية للمغرب ( الفقرة الرابعة) ‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مداخل إلصالح بنية المنظومة القانونية للجبايات المحلية‬
‫يمكن إجمال المداخل البنيوية إلصالح قانون الجبايات المحلية على مستويات مختلفة ‪ ،‬فعلى صعيد‬
‫اإلحصاء الجبائي المحلي ‪ ،‬تنشأ مقاربة النوع على ‪:‬‬
‫أوال ‪ ،‬اإلحصاء الجبائي الفاحص والدقيق‪ 238‬لموارد الجنسين كي يستقيم إنشاء التزام عادل وحساس‬
‫للنوع ‪ ،‬من تمييز بين اإلحصاء الذي تنجزه لجنة اإلحصاء المدبرة باإلنابة من إدارة الضرائب‬
‫‪239‬‬
‫واإلحصاء الذي تتكلف به مصلحة الوعاء التابعة لإلدارة الجبائية الجماعية‬
‫ومن العملي ‪:‬‬

‫‪1‬ـ إخضاع لجنة اإلحصاء المحدثة في كل جماعة ترابية لقاعدة المناصفة ‪ ،‬وهم المعينون لمدة ‪ 6‬سنوات‬
‫بقرار عاملي لعامل العمالة أو اإلقليم ‪ ،‬ويعهد إليها جرد العقارات واألنشطة المهنية على أن يكون‬
‫تدبيرها مباشرا من المصالح الجبائية للجماعة وليس باإلنابة من طرف مصالح إدارة الضرائب ‪.‬‬

‫‪2‬ـ إعادة ممثل السكان إلى تشكيلة اللجنة المكلفة باإلحصاء التي أسقطها قانون ‪ ، 06.47‬وتعزيز هذا‬
‫اإلجراء للتمثيلية االجتماعية يساعد على الرفع من معدل المشاركة المتوازنة بين الجنسين ‪.‬‬

‫‪233‬ـ ظهير شريف رقم ‪ 187.89.1‬الصادر في ‪ 21‬من ربيع الثاني ‪ 21( 1410‬نونبر ‪ )1989‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 89.30‬يحدد بموجبه نظام الرسوم‬
‫المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها ‪.‬‬
‫ـ التعديل الذي عوض وكالة ‪ ،‬المداخيل بموجب مرسوم رقم ‪ 02/09/441‬في ‪ 17‬من محرم ‪ 3 ( 1431‬يناير ‪ )2010‬أوضح نظام المحاسبة العمومية‪237‬‬

‫للجماعات المحلية ومجموعاتها ‪ ،‬الجريدة الرسمية الصادر في ‪ 23‬صفر ‪ 8 ( 1431‬فبراير ‪. )2010‬‬

‫‪238.06.47‬‬ ‫ـ المادة ‪ 32‬من قانون‬


‫‪239‬‬ ‫ـ المادة ‪ 49‬من نفس القانون‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫‪2‬ـ توحيد اإلحصاءين وإخضاع معطياته لمعطيات النوع االجتماعي ‪.‬‬

‫‪3‬ـ في حال اعتماد اإلحصاءين يتوجب خ ضوع الممثلين في التشكيلة لقاعدة المناصفة ‪ ،‬بحيث إن كان‬
‫ممثل لمصالح الجبائية للجماعة رجال كانت الممثلة عن إدارة الضرائب سيدة أو العكس ‪ ،‬وأن يكون‬
‫توحيد قاعدة اإلحصاء على أساس معيار النوع ‪ ،‬خصوصا في العقار لردم الفجوة القائمة بين الجنسين ‪،‬‬
‫حفظا لتوازن المركز القانوني للطرفين وإدماجهما في عملية التأسيس الجبائي ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ نقل رئاسة لجنة اإلحصاء إلى رئيس المصالح الجبائية على أن يكون مختصا ومفتشا وأن يوسع‬
‫طاقمه بما يناسب العمل الضريبي المحلي المستجيب للنوع ‪ ،‬مع االستفادة من اعتبار مرسوم‬
‫‪ 441/09/2‬شسيع المداخيل محاسبا عموميا ( المادة ‪. )54‬‬

‫‪ 5‬ـ خضوع مسطرة اإلحصاء لمقاربة النوع في مراحلها ‪ ،‬ولدى جميع المتدخلين ‪ ،‬خصوصا إحصاء‬
‫العقارات في كل حي بشكل منظم ‪ ،‬وأن يكون الخاضعو ن والخاضعات لمختلف الضرائب رهن‬
‫اطالعهم على البيانات وتصحيحها ‪ ،‬وأن يكون توق يع رئيس المصالح الجبائية المحلية على المحاضر‬
‫واجبا ‪ ،‬مع إباحة الطعن فيها ‪ ،‬لتمكين المرأة من معالجة الهشاشة المفروضة عليها ‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ ضرورة إقرار المشرع للجهة المنوط بها تحرير المحضر ‪ ،‬وأن تكون هذه الصالحية للمصلحة‬
‫الجبائية الجماعية حصرا ‪ ،‬لتجاوز ما أحدثته المادتين ‪18‬و‪ 32‬من قانون ‪ 06.47‬حيث منح الفصل ‪18‬‬
‫لمفتشي الض رائب طيلة السنة وفي كل األوقات الحق في زيارة المحالت التجارية ذات النشاط المهني أو‬
‫الصناعي ‪ ،‬فيما كرس الفصل ‪ 32‬اعتماد ممثل الجبايات الجماعية على أنه ممثل جماعي وليس رئيس‬
‫الجبايات الجماعية المختص ‪ ،‬ووجب في هذه الحالة عدم شرعنة عمل اإلدارة الضريبية إال من خالل‬
‫حضور ممثل الجبايات الجماعية ‪ ،‬وإخضاع مفتش الضرائب ‪ ،‬لخبرته التقنية ‪ ،‬تحت القرار الجماعي‬
‫المستجيب لقاعدة المناصفة إلعمال معيار النوع من أجل حكامة جبائية محلية متقدمة ‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ خضوع الدعم البشري واللوجستيكي للوحدات الترابية إلى قاعدة المناصفة حسب الدورية الوزارية‬
‫عدد ‪ 24036‬لسنة ‪ 1997‬للمساهمة في ضمان استجابة الجنسين ألداء الواجب في القباضات ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ أن تخضع الرخص المسحوبة من الجماعة الترابية لمقاربة النوع إلحصاءها وتدقيقها ودعم الفئات‬
‫الهشة كي ال تكون الضريبة " عمياء" ‪ ،‬ويشكل الذكاء الضريبي المصلحة االقتصادية واالجتماعية‬
‫للجماعة المحلية ‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ مراجعة اإلحصاء من قبل لجنة إدارية مختلطة متساوية األعضاء على أساس النوع ‪.‬‬

‫وأن تستعين بما تراه من الخبراء المستقلين أو المراكز المتخصصة للتمكن من كل اإلجراءات‬
‫والمقتضيات ذات الصلة ‪ ،‬وحثت الدورية الوزارية ‪ 408‬رؤساء المجالس الجماعية على تعيين‬
‫أعوان‪ 241‬جماعيين تسند إليهم مهام القيام باإلحصاء حتى يمارسوا مهامهم في ظروف قانونية على أن‬

‫‪240‬‬ ‫ـ دورية وزارية ‪،‬عدد ‪ ، 36‬مصلحة المالية الترابية ‪ ،‬الرباط ‪ 31 ،‬مارس ‪ 1997‬حول إعداد ميزانيات الجماعات الترابية برسم السنة المالية ‪98.97‬‬
‫ـ الدورية الوزارية عدد ‪ ، 408‬الصادرة بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪ 1992‬حول تطبيق نظام اإلصالح الجبائي ‪ ،‬ص ‪241 8 :‬‬

‫‪95‬‬
‫إخضاع هؤالء األعوان وباقي مقتضيات هذه الدورية لقاعدة المناصفة وإلى مسطرة اليمين‪ 242‬شرطان‬
‫لخضوع الجبايات المحلية لحساسية مساواة الجنسين في باقي العمل الجماعي ‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ شمولية اإلحصاء ودقته ومعرفة مؤشر الملكية بكل أشكالها ‪ ،‬فانخراط مؤسسة المحافظة العقارية‬
‫والمصلحة الطبوغرافية في إحصاء األراضي الخاضعة للرسم على األراضي غير الحضرية غير‬
‫المبنية وإحصاء االحتالالت المؤقتة لألمالك الجماعية العامة يشكالن أرضية التأسيس الجبائي الشفاف‬
‫والفاعل على األرض لمساواة في الملكية بين الجنسين ‪ ،‬و تجديد التكاليف (الجبائية) على ضوءها ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ ،‬يبدو واضحا أن تقنية اإلقرار أو التصريح تحل محل اإلحصاء ‪ ،‬وتطابق المادة ‪ 14‬من ميثاق‬
‫حقوق اإلنسان القاضي بأن يعبر كل مواطن أو ملزم على الرغبة في المساهمة اإلنفاق العمومي‪. 243‬‬
‫وتشكل الجبايات المستجيبة للنوع االجتماعي والقاض ية بالمساواة بين الرجل والمرأة عامال مركزيا قي‬
‫اإلقرار الجبائي المحلي ‪.‬‬

‫ولمطابقة الرسوم المحلية كما حصرتها المادة ‪ 49‬من قانون ‪ 06.47‬لهذا المعيار الحقوقي والقانوني‪،‬‬
‫الجامع بين مساواة الجنسين و شراكتهما ‪ ،‬فإن تحرير اإلرادة على أساس العدالة الجبائية يدفع إلى‬
‫االلتزام بل تجعل الملزم محوريا فيه ‪.‬‬

‫وتلتقي تقنية اإلقرار ومقاربة النوع في كونهما مندمجتين ضمن وسائل " القيادة المحلية" و"القيادية" هي‬
‫عندما تتفاعل كل الطاقات المحلية من أجل مردودية جبائية ‪ ،244‬وعدم الوصول إلى مشاركة فعالة يحد‬
‫من فرض التنمية المحددة من طرف الهيآت المحلية ‪.245‬‬

‫وعادل المشرع بين اإلحصاء واإلقرار بما يجعل األداتين قانونيتين ‪ ،‬لكنهما على األرض غير‬
‫بسيطتين‪ ،‬وبتبني مقاربة النوع تسهل البيانات المقررة إلنشاء الرسم أو تصفيته ‪.‬‬
‫واإلقرار يضمن من حيث الشكل ‪:‬‬

‫‪1‬ـ مساواة الملزم والملزمة أمام اإلدارة ‪ ،‬انطالقا من إرادتهما الحرة ‪ ،‬وإن لم تتحقق بنيويا هذه القيمة‬

‫‪ 2‬ـ المساواة أمام الجزاءات الغرامات في حال عدم التزام الملزم باألداء باإلقرارات كما بينها قانون‬
‫‪06.47‬‬

‫‪ 3‬ـ المساواة بين الجنسين في بيان عناصر تصفية الرسم ومبلغه ‪.‬‬

‫ويمكن لمسطرة اإلقرار أن تثبت وتبرر اإلعفاء الموجه لقطاع أو لفاعل محدد ‪ ،‬والمرأة في مجاالت‬
‫يجب أن تمتاز عن غيرها باإلعفاء الجزئي ‪ ،‬كما في حالة شغل الملك العام في اإلقرارات الربع سنوية‬
‫أو ف ي وقف النشاط أو تغييره أو نقله كما اإلقرارات السنوية ‪.‬‬

‫‪239‬ـ الفصل األول من الظهير الشريف المؤرخ في جمادى الثانية ‪( 1322‬فاتح ماي ‪ )1914‬المغير بالفصل األول من الظهير الشريف المؤرخ في ‪25‬‬
‫يونيو ‪1957‬‬
‫ـ أحمد قليش وعبد الغني حدوش ‪ ،‬بنية المنظومة الجبائية المحلية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪243 32 :‬‬
‫ـ (مرجع سابق ) ‪ ،‬ص ‪244 32 :‬‬
‫ـ عبد الحق المرحاني ‪ ،‬حدود التمويل الجبائي للتنمية الترابية والتنمية ‪ ،‬عدد مزدوج ‪2‬ـ‪ ، 3‬يناير ـ يونيو ‪ ، 1993‬ص ‪245 81 :‬‬

‫‪96‬‬
‫واستجابة الملزمة بشكل يجعلها خاضعة للرسم بحكم القانون يوجب إلزام اإلدارة الجماعية على تشجيع‬
‫المساواة في النشاط ‪ ،‬وأن يكون األمر مهيئا للتد خل جبائيا كي ال تنقطع مبادرة المرأة وتبقى ذات صلة‬
‫مع إدارتها الجبائية ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ فرض الرسم وإشعار الملزم بذلك ال يقوم على حالة االنقطاع أو التنازل مما ال تقبله اإلدارة ‪،‬‬
‫وتكون الجبايات المحلية بتقدير( النوع) فاعلة لمعالجة فجوة النشاط بين الجنسين ‪.‬‬
‫ومبدئيا ‪ ،‬يجب على اإلدارة الجبائية أن يعني ها انتقال الملكية ‪ ،‬وال يجب أن تهتم فقط باالستغالل ‪ ،‬بل‬
‫باإلطار واألبعاد ‪ ،‬وهو خلل في المقاربة الحالية ‪.‬‬
‫واألخذ بكل المقاربة التي تجمع "القيادية" ومساواة النوع واإلقرار الجبائي واالرتباط بالنتائج يكشف أن‬
‫الجبايات المحلية تتحول بهذه اآلليات إلى "ميزانية" ‪.‬‬

‫وأول ميزانية عرفها المغرب سنة ‪ 2461910‬كانت ميزانية جهوية ‪ ،‬وكانت بمبادرة السلطات‬
‫االستعمارية في الشاوية والمغرب الشرقي (‪ )1911‬مكناس (دجنبر ‪ )1913‬والرباط وفاس ومراكش‬
‫(‪ ) 1913‬وبعدها منطقة تادلة ‪ ،‬والجهوية المتقدمة تعمم ما قرره المركز على الجهات وليس إنشاء‬
‫الجه ات لقرارها المالي ‪ ،‬وضمنه الجبائي ‪.‬‬

‫وفي ظل عدم وجود برلمانات جهوية ‪ ،‬فإن تجريد البرلمان من السلطة المالية لفائدة المبادرة‬
‫الحكومية‪ 247‬يعادلها تجريد الجماعات المحلية من السلطة الجبائية لفائدة اإلدارة المركزية وإدارة‬
‫الضرائب تحديدا ‪.‬‬

‫وبإسقاط البرلمان الجهوي من اقتراح اللجنة الملكية للجهوية التي رأسها المستشار الملكي عمر عزيمان‬
‫‪ ،‬ابتعدت المالية الترابية عن تحقيق شروط الميزانية ‪ ،‬فيما تعمل مقاربة النوع على إقرار هذا التحول‬
‫للوصول إلى النجاعة الجبائية المطلوبة ‪.‬‬

‫من حيث المضمون ‪ ،‬فإن اإلقرار يحيل على مؤشر االنتقال العرفي للملكية ‪ ،‬وصدر ظهير ‪ 22‬نونبر‬
‫‪ 2482011‬لتكون كل العقود الناقلة للملكية تبعا لمدونة الحقوق المدنية ‪.‬‬

‫ومساواة النوع ‪ ،‬ضمن الحقوق المدنية ‪ ،‬توجب أن تكون الملكية المؤشر الرئيسي للواجب الجبائي‬
‫والبد في هذا الصدد من ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ نقل الصورة اإلقرارية على الرسوم المدبرة باإلنابة من طرف مصالح مديرية الضرائب إلى مصلحة‬
‫الجبايات المحلية ‪ ،‬وأن تكون خاضعة للنوع ‪ ،‬العتماد اإلقرار الجبائي في المغرب قاعدة تكمل‬
‫اإلحصاء ‪ ،‬وليس قاعدة بحد ذاتها ‪ ،‬ويكون من الطبيعي في حالة الملزمة أن تكون على نفقة الجماعة‬
‫المحلية‪ 249‬في حاالت يراها المجلس الجماعي وإدارته القانونية ‪.‬‬

‫ـ عسو منصور ‪ ،‬قانون الميزانية العامة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار النشر المغربية ‪ ، 2005،‬ص ‪12 :‬‬
‫‪246‬‬

‫ـ عسو منصور ‪ ،‬السلطة المالية للبرلمان ‪ ،‬مجلة القانون واالقتصاد ‪ ،‬عدد ‪ ، 2003 ، 20‬ص‪72 :‬‬
‫‪247‬‬

‫‪245‬ـ منعت وزارة الداخلية كل مصالح تصحيح اإلمضاءات من المصادقة على العقود النقلة للملكية بجميع أنواعها (ظهير شريف رقم ‪ 1.11.178‬الصادر‬
‫في ‪ 25‬ذي الحجة ‪ 22( 1432‬نونبر ‪ )2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 08.39‬المتعلق بمدونة الحقوق المدنية ‪.‬‬
‫ـ عكس ما عليه الحال ‪ ،‬كما في المادة ‪ 142‬من قانون ‪249 06.47‬‬

‫‪97‬‬
‫‪ 2‬ـ التدخل في المواد الجبائية الموجهة للسكن من أجل األرملة وباقي الوضعيات الهشة ‪.‬‬

‫‪3‬ـ إخضاع الصور اإلقرارية المدبرة محليا من طرف ش ساعة المداخيل ‪ ،‬خصوصا في أمر الحيازة عن‬
‫طريق اإلرث وتعديل المادة ‪ 47‬و ‪ 48‬من قانون ‪ 06.47‬وإخضاعها لمقاربة النوع لتمييز إيجابي‬
‫لصالح النساء في أوضاع هشة ‪ ،‬على أن تعود األراضي لهن في حالة حمايتهن ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تعديل قانون ‪ 06.47‬لسنة ‪ 2006‬إلرساء حكامة جبائية محلية من شراكة الجنسين‬

‫إن إعداد الملزم "اإليجابي" أو الملزمة "اإليجابية" هدف بحد ذاته ‪ ،‬من خالل الحماية التي يكفلها القانون‬
‫ألن االنتقال من "المساواة أمام الجباية" إلى "المساواة الجبائية" يكرس (شخصنة الجباية)‪ 250‬التي تعمل‬
‫على النوع للوصول إلى التزام جبائي يدعم مساواة المركز القانوني للرجل والمرأة ‪ ،‬وأيضا (التوازن)‬
‫في المنظومة الجبائية ‪.‬‬

‫واللجوء إلى اإلقرار‪ ،‬وباقي اآلليات الحديثة ‪ ،‬تأسيس لمنظومة جبائية تشاركية وأكثر نجاعة وثقة ألن‬
‫المواطن الجبائي الفاعل والملتزم يدفع واجبه الجبائي بشكل تطوعي وتلقائي ‪ ،‬والتوجه نحو توحيد أنماط‬
‫تأسيس الرسم الجبائي ا إلقراري خارج المزاوجة بين الطابعين اإلحصائي واإلقراري ‪ ،‬وتوحيد النظام‬
‫الجبائي ‪ ،‬كفيالن بإنتاج مساواة وتوازن على كل المستويات وفي التدخالت ‪.‬‬
‫ومعالجة قصور النص القانوني الستيعاب النوع االجتماعي وتنزيل المناصفة كمبدإ دستوري نحو فلسفة‬
‫جبائية جديدة ‪ ،‬يعد اليوم قرارا استراتيجيا للدولة في إطار التدبير الحر للجماعة الترابية والجهوية‬
‫المتقدمة وغيرها من األبعاد التي خلقت فجوات على صعيد التطبيق ‪ ،‬فالدستور يؤمن بالمقاربة المجالية‬
‫المحلية ‪ ،‬فيما قانون ‪ 06.47‬محكوم بالمقاربة القطاعية ‪ ،‬وب غياب الخصوصية الجهوية والمحلية يصبح‬
‫القانون مرتبطا بمدونة تحصيل الديون العمومية والمدونة العامة للضرائب وليس بقوانين الجماعات‬
‫الترابية‪.251‬‬

‫وال يمتلك القانون رؤية اتجاه اإلدارة التي تنفذه ‪ ،‬فالمقاربة الشمولية في صياغة قانون ‪ 06.47‬وإعداده‬
‫طغت على مادته واختصاصه ‪ ،‬والبناء عليه من أجل تجاوز مسار ومظاهر وإفرازات تحكم الدولة في‬
‫الجبايات المحلية واجب وضرورة ‪ ،‬رغم أن نظام الالمركزية موروث مغربي تراكم من تقاليد القبائل ‪،‬‬
‫‪252‬‬
‫فالجماعة في البادية المغربية هي اإلطار واألداة لتدبير مختلف شؤون الحياة اليومية للمواطنين‬
‫وحاليا البد من فعالية قانونية وتقنية ضمن استراتيجية اإلصالح الجبائي المحلي‪. 253‬‬

‫وتشريع االفتحاص له بعد ديني بما يجعله أصيال ‪ 254‬إلى جانب الجماعة في اتصالها بالسلطة المركزية‬
‫منذ زمن األمناء‪ 255‬وإلى زمن الجباة المحليين ‪ ،‬وبهما أدار المركز سلطته المالية مستعينا بتقنيات جديدة‬

‫‪250‬‬‫ـ أحمد قليش وعبد الغني حدوش ‪ ،‬بنية المنظومة الجبائية المحلية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪48:‬‬
‫‪251‬‬‫ـ هشام مليح ‪ ،‬الدولة والجبايات المحلية ‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 2014‬ص ‪9 :‬‬
‫ـ محمد السنوسي معنى ‪ ،‬مالية الجماعات المحلية بالمغرب ‪ ،‬التنظيم المالي المحلي ‪ ،‬دار النشر المغربية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 1993‬ص ‪252 8 :‬‬
‫ـ ناصر مراد ‪ ،‬فعالية النظام الضريبي بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬مطبعة دار هومة ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2003 ،‬ص ‪253 76 :‬‬
‫ـ إدريس خدري ‪ ،‬اإلسالم وافتحاص المال العام ‪ ،‬مطبعة دار النشر المغربية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 1983 ،‬ص ‪254 26 :‬‬

‫ـ نعيمة هراج التوزاني ‪ ،‬األمناء في المغرب في ظل حكم السلطان موالي الحسن (‪1873‬ـ‪ ، )1894‬مطبعة فضالة ‪ ، 1985 ،‬ص‪102255 :‬‬

‫‪98‬‬
‫للتضريب وإعادة هيكلة بعض الرسوم في اتجاه تطويرها‪ ، 256‬وال يمكن االكتفاء بالتعديالت التقنية بل‬
‫يستوجب تعديل (المقاربة) ‪.257‬‬
‫ومقاربة النوع شرط لمساواة جبائية تضمن الخروج من التمويل بالعجز الذي يعد ثابتا من ثوابت‬
‫السياسة في المغرب إلى التمويل بالشراكة والتشارك كرغبة في إنعاش روح المواطنة الجبائية أو ما‬
‫يسميه "أردن" في بحثه تحت عنوان سوسيولوجيا الضريبة ب ( الظهير الجماعي)‪. 258‬‬
‫والوصول إلى نظام جبائي حقيقي سيعكسه قانون بنفس المستوى للوصول إلى ضبط العالقة بين‬
‫الموظف والمنتخب والمواطن الجبائي واإلدارة (الجابية) لتجاوز محدودية الحماية القانونية التي تكون‬
‫الملزمة أولى ضحاياها ‪.‬‬
‫ومن الطبيعي تعديل القانون الجاري به العمل لتوسيع الحماية القانونية للمرأة أو أي نوع اجتماعي‬
‫يتعرض للهشاشة ‪ ،‬أو يحس بظاهرة تفاوت الضغط الجبائي المحلي ضمن السياسة المالية ‪.259‬‬
‫وإقرار السعر التصاعدي في بعض الضرائب يكشف أن (رقمنة الضريبة المحلية) ارتفعت إلى حدود‬
‫تجعل (العدالة بواسطة الضريبة)‪ 260‬أداة من أدوات السياسة الجبائية المحلية ‪ ،261‬وال يمكن إقرار هذه‬
‫المساواة دون إقرار مقاربة النوع ‪ ،‬فهذه األداة المقررة حاليا تجد في النوع مصدرا لشرعيتها وواقعيتها‪،‬‬
‫هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة ثانية ‪ ،‬ال يمكن تجاوز حاالت التباين المجالي واالجتماعي دون اعتماد تقنيات‬
‫التدبير الحديث ‪،‬الراعية للمقدرة التكليفية للفرد ‪ ، 262‬رجال وامرأة ‪ ،‬من خالل اعتماد مبدئي المالئمة‬
‫والتبسيط وفي إطار إصالح الوعاء الجبائي المحلي ‪ ،‬والوطني ‪ ،‬لتقويم فعال للسياسة الضريبية ورفع‬
‫الهيمنة على السياسة الجبائية‪ ،‬وقد أصبحت الحكومة المشرع الجبائي األصلي ‪ ،‬فيما أصبح البرلمان‬
‫مشرعا استثنائيا بالرغم من كونه المؤسسة األكثر تعبيرا عن التراضي الجبائي‪ ، 263‬وهو التقدير الذي‬
‫يوجب تعديل قانون الجبايات المحلية ‪ ،‬بما يطابق مقاربة النوع كي ال تدفع المرأة الثمن مرتين ألنها‬
‫تدفع ما يدفعه الملزم وتدفع الفارق بينها وبين الرجل الملزم ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬أجرأة النوع فيما سلمه قانون ‪ 47‬لسنة ‪2006‬‬

‫يمكن الجزم بأن أجرأة النوع فيما سلمه قانون ‪ 47‬لسنة ‪ 2006‬للجماعات المحلية من رسوم تدبرها ذاتيا‬
‫خطوة أولى يجب إقرارها عمليا ‪ ،‬في انتظار خطوات أخرى ‪ ،‬من خالل الرسوم اإلحصائية ‪ ،‬ومنها‬
‫الرسم على األراضي الحضرية غير المبنية ‪،‬وخفض الرسم للنساء حالة واقعية لفجوة اإلرث والضعف‬
‫الذي خلقه التراجع التاريخي لنشاط المرأة ‪ ،‬بل إن وكالة اإلسكان والتجهيز العسكري معفية من هذه‬

‫‪256‬‬ ‫‪- El kbir fikri , le régime financier de la commune urbaine , les éditions maghrébines , 1980 , p :22‬‬
‫ـ عسو منصور ‪ ،‬قانون الميزانية العامة ‪( ،‬مرجع سابق) ‪ ،‬ص ‪257 59 :‬‬
‫‪258 - G.Ardant , théorie sociologique de l’impôt , s.EV.P .N , paris , 1995 , p : 59‬‬
‫ـ أناس بن صالح الزمراني ‪ ،‬المالية العامة والسياسة المالية ‪ ،‬مطبعة الوراقة الوطنية ‪ ،‬مراكش ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 2002 ،‬ص ‪259 16 :‬‬
‫‪260 - l’égalité par l’impôt‬‬

‫‪ 258‬ـ إبراهيم سهير ‪ ،‬المميزات التقنية األساسية للجبايات المحلية المنظمة بالقانون رقم ‪ 89.30‬وآفاق إصالح الجبايات المحلية للمقاوالت ‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ ،‬العدد ‪ ، 53‬نونبر ـ دجنبر ‪ ، 2003‬ص ‪74 :‬‬
‫‪ 259‬ـ عبد األمير شمس الدين ‪ ،‬الضرائب أسسها العلم ية ‪ ،‬وتطبيقاتها العملية (دراسة مقارنة) ‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ‪ ،‬بيروت‬
‫‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ، 1987 ،‬ص ‪147 :‬‬

‫‪263‬‬ ‫ـ هشام مليح ‪ ،‬الدولة والجبايات المحلية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪153 :‬‬

‫‪99‬‬
‫الضريبة ‪ ،‬ويمكن إقرا ر نفس اإلجراء في حق المتضررات حسب الحاالت بما فيها تفاصيل الحاالت‬
‫األربعة التي أوردها القانون تفصيال ‪.‬‬
‫وينسحب اإلجراء على صالحية رخص البناء التي يجب تمديدها للمرأة لنفس العلل السابقة ‪ ،‬مع إلزام‬
‫اإلدارة الجابية بقبول اإلقرار ‪ ،‬ووقف الرسم على التجزئة في حاالت السكن الواحد لعائلة تقودها المرأة‬
‫‪ ،‬وفي الحاالت المؤقتة الحتالل الملك الجماعي لصالح امرأة تربي أيتاما ‪ ،‬أو حاملة لبطاقة (راميد)‬
‫للدعم الصحي ‪ ،‬بما يخول عدم رفع رسم تصديق اإلمضاء واإلشهاد بالتطابق أو رسوم الحالة المدنية أو‬
‫الرسم المفروض على البيع لمن رأسمالها ال يتجاوز ‪ 1500‬درهم ‪.‬‬

‫وألن دستورية المادة ‪ 176‬من قانون ‪ 06.47‬تطرح سؤال الخلط بين اإلتاوات والجبايات بما يطرح‬
‫مشكلة في تحديد الطبيعتين ‪ ،‬وتكون الجبايات المحلية غامضة ويجب تحديدها بشكل صارم مستجيب‬
‫للنوع وباقي التقنيات الحديثة ‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬تعديل قانون الجبايات المحلية الموضوع قبل دستور ‪ 2011‬بما يطابق مبدأ مناصفة‬
‫"النوع"‬

‫إطالق نظام جبائي محلي من مدونة أو قانون جبائي متطابق مع دستور ‪ 2011‬المؤمن بالمناصفة حاجة‬
‫قانونية لوحدة التراب والقانون ‪ ،‬وعلى قاعدة الوحدة التي تفرضها كل ميزانية مالية ‪.‬‬

‫والوصول إلى تعديل القانون ‪ 47‬لسنة ‪ 2006‬أو تغييره بداية لمطابقة النوع في الواجب المحلي ألن‬
‫الدستور متقدم ‪ ،‬ويشرع هذه العملية الرتكازه على مبدأ المناصفة والمقاربة التشاركية التي تضع مساواة‬
‫الرجل والمرأة في صلب التنمية البشرية ‪ ،‬بل إن استدامة هذه التنمية هدف استراتيجي للدولة ‪ ،‬وهو‬
‫التطور الذي يجب مواكبته واقتراح مطابقة الجبايات المحلية للنوع شيء محوري لدخول مرحلة "الذكاء‬
‫الضريبي" و"العدالة الجبائية" من أوسع أبوابها ‪.‬‬

‫خاتمة ‪:‬‬

‫‪100‬‬
‫يظهر أن البحث في التساؤالت واإلشكاالت التي تطرحها مقاربة النوع في الجبايات المحلية توجب على‬
‫الفور متطلبات المالئمة للدخول في الجيل الثالث من اإلصالحات المرتكزة على " األهداف" بما تفضي‬
‫إليه من خالصات واستنتاجات‪ ،‬بل حتى تساؤالت قصد توسيع الرؤية والتصور المطابقين ‪ ،‬ليس لتدبير‬
‫ما بعد حداثي بل للوصول إلى "تقنيات جديدة" توصلنا إلى بعض الغايات ‪ ،‬أساسها ‪ ،‬العدالة الجبائية‬
‫المحلية" ‪ ،‬حيث كان من الصعب جدا اإلحاطة باإلشكالية المطروحة ‪ ،‬واإلجابة عن جميع اإلشكاليات‬
‫والتساؤالت الفرعية ‪ ،‬نظرا لتشعب " مسألة النوع" ومالئمة " مقاربة األهداف" نظرا لتعدد الميادين‬
‫والمجاالت العلمية التي تتقاسمها وتتفاعل في إطارها ‪.‬‬
‫وكان من العصي االحتواء الكامل للموضوع ‪ ،‬من خالل تصميم دقيق ومتوازن ومنضبط للقواعد‬
‫العلمية المتعارف عليها في البحوث العلمية واألكاديمية ‪ ،‬ألن المقاربة الجديدة تفترض " إعادة " النظر‬
‫في هذه القواعد عينها ‪ ،‬ومن ثم ال يمكن اإلدعاء ‪ ،‬بأي حال من األحوال ‪ ،‬باإلحاطة والوصول إلى كل‬
‫العناصر المطلوبة ‪.‬‬
‫لقد كانت مقاربة النوع مثار جد ل عميق في منشئها ‪ ،‬وإعادة مالئمتها في الجبايات المحلية لتجويد‬
‫التدبير الترابي المحلي تقدير واسع لهذه اآللية العتمادها على " األهداف" ‪ ،‬لكن في المقابل ‪ ،‬وفي حدود‬
‫المعلوم ‪ ،‬لم نعثر على معالجة إل شكالية النوع في الوحدات المحلية المنتخبة بالمغرب في شموليتها أو‬
‫بشكل معمق ‪ ،‬وبكل تفاصيلها ـ رغم أهمية وضرورة ذلك ـ لت سهيل رصد الظاهرة في الجبايات المحلية‬
‫‪ ،‬وقد انصبت األبحاث أخيرا على الحكامة ‪ ،‬ومكون أو مكونين من النظام الرقابي في التدبير الترابي‪،‬‬
‫دون إيالء االهتمام ب الجوانب األخرى ‪ ،‬ودون الدخول في إشكالية اإلطار العالئقي الرابط بين مختلف‬
‫التمظهرات "الرقابية" و" الحوكمة" على الجبايات كي تسند " مقاربة النوع" ‪ ،‬تكون المسألة في صلب‬
‫العالقة الجدلية القائمة بين المبادئ الديمقراطية المحلية بمختلف تجلياتها ‪ ،‬والممارسات العملية بمعناها‬
‫التقني المتمثل في الجبايات المحلية ‪ ،‬وبمعناها الشامل لجميع األوضاع السائدة في الجماعة المحلية‬
‫والجماعة الترابية ـ بوجه أعم ‪ ،‬وفي مقدمتها ـ الجهة ـ ‪.‬‬

‫إنه اإلقناع المنهجي الذي ترسخ لدينا في مرحلة اإلطالع ‪ ،‬أن نظام التدبير المحلي ال يعرف التوقف ‪،‬‬
‫ويمكن أن يستوعب باقي ميكانيزمات التدبير الحديث و"ما بعد حداثي" ‪ ،‬من خالل التحليل والتفسير‬
‫والنقد والمراجعة ‪ ،‬فقد رأيت أن النظام المحلي وليد تطور وصيرورة تاريخية ال تقبل أي قطيعة بين‬
‫(األجيال القديمة ) و( األجيال الجديدة) لإلصالحات ‪.‬‬
‫ومجرد ربط اإلجراءات المتخذة والتي تتحول إلى " تقنيات" يستوجبها النظام القائم ضمن تطوره‬
‫وتحوله ‪ ،‬ت زيد صعوبة اإلحاطة بالموضوع ‪ ،‬ألن المغرب يعيش تدبيره من دون " قطائع" ‪ ،‬بل وليد‬
‫مسار ‪ ،‬بما يفرض إدماج وتضمين الموضوع حموالت المراحل المتعاقبة ‪ ،‬واآلنية ‪ ،‬االجتماعية‬
‫والسياسية واالقتصادية والقانونية الستيعاب مقاربة النوع في الجبايات المحلية ‪.‬‬

‫وهذا المستجد المطابق في خط النهاية للمناصفة ‪ ،‬كما أتى بها دستور ‪ ، 2011‬يؤسس لتدقيق قد نصف‬
‫فيه " مقاربة النوع في الجبايات المحلية" بأنها تحصيل حاصل في المستقبل على المدى المتوسط ‪،‬‬
‫وسيبقى الفاصل الزمني مدعاة لطرح ذات اإلشكاالت التي عرفتها كل مالئمة لتقاسم الجماعة المحلية‬
‫بين هياكل وجهات وأجهزة مركزية ومحلية ‪ ،‬ولوجود " جبايات محلية" تخضع لمعايير الوصاية‬
‫والتفتيش والرقابة من وزارة الداخلية ‪ ،‬والوزارة المكلفة بالمالية ومؤسساتها ‪ ،‬دون أن ننسى ما يرغب‬

‫‪101‬‬
‫فيه المجتمع السياسي والمدني من " مساواة" بين الجنسين للوصول إلى ممارسة النشاط المحلي بعدل‬
‫وإنصاف ‪.‬‬
‫وتعد الجبايات المحلية الخاضعة لمقاربة النوع مسألة حتمية لتقدم النموذج المغربي كي يكون على‬
‫مستوى دستوره ‪ ،‬في تحويل نظرته للمناصفة من "قاعدة" إلى "مبدأ" يشكل عنصر الرقابة األول‬
‫لوضع " عدالة الواجبات المالية المحلية" في صلب عدالة الواجب على أساس المواطنة‪ ،‬تعزيزا لمفهوم‬
‫االستقاللية في نفس كل مواطن ‪ ،‬وأيضا المبادرة والموازنة والمالئمة في كل ميكانيزمات المالية‬
‫المحلية‪ ،‬واجبا وأداء ‪.‬‬
‫ولعل مالئمة الجبايات المحلية لمقاربة النوع ‪ ،‬ضمن المواءمة المستمرة لميكانيزمات التدبير الترابي ‪،‬‬
‫هي من أجل استمرارية الالمركزية الترابية والعدالة الجبائية ‪ ،‬والتنزيل الالمحدود لمبادئ الحكامة التي‬
‫جاء بها الدستور ‪.‬‬
‫وقد نصل إلى إبداء خالصة جدلية أساسها ‪ :‬ال مناصفة دون عدالة جبائية محلية أساسها النوع للوصول‬
‫إلى عدالة جبائية وطنية ‪.‬‬
‫وفي مصادرة أخرى ‪ :‬ال تنمية مستدامة دون مقاربة ترتكز على األهداف ‪ ،‬وفي بنيتها األولى ‪ ،‬التنمية‬
‫المحلية من عدالة الواجب المالي المحلي على أساس المساواة بين الجنسين ‪ ،‬لتجاوز الفجوة العقارية بين‬
‫ا لرجل والمرأة من اإلرث وإلى النشاط الذي يعطي للرجل تقدما ‪ ،‬والبد من تعديل في الضريبة المحلية‬
‫وتمييزها " اإليجابي" لصالح المرأة لتوسيع اآلليات وتنشيطها دون المساس ب ( الثوابت) ألن الحسم‬
‫والمفصل يعود للممارسة العملية ‪.‬‬
‫لقد تم التوصل عموما إلى بعض النتائج ‪ :‬من ها أن المقاربة المرتكزة على األهداف لم تعد غريبة على‬
‫حقلنا اإلداري ‪ ،‬والنوع ميكانيزم " تقني" داخلها ‪ ،‬وانسجاما مع المبادئ العامة للديمقراطية المحلية ال‬
‫يمكن إنصاف الشخصية المعنوية (الشركة) دون إنصاف معنوي للشخصية متعادلة بين المرأة والرجل ‪،‬‬
‫كما يعادل القانون الشركة والشخص الذاتي ‪.‬‬

‫ومن االستنتاجات الموضوعية ‪ ،‬يمكن القول أن العالقة غير المتوازنة بين الجماعة المحلية واإلدارة‬
‫المركزية تنبئ أن استعادة ( التكافؤ) عب ر مقاربة النوع يحرر مبدأ " العدالة" في باقي جوانبه ‪ ،‬فمن‬
‫المهم أن تعيش الجماعة المحلية استقاللها لتمكن المرأة من " استقاللها" أيضا ‪ ،‬في حدود األهلية ‪،‬‬
‫والواجب المالي المحلي ترتيب لرفض الهيمنة بين الرجل والمرأة والمركز والجماعة الترابية ‪ ،‬لتطبيق‬
‫الديمقراطية المحلية ‪ ،‬ولتحقيق التنمية المستدامة ‪ ،‬وفي درجة أخيرة ‪ ،‬ال يمكن للقضاء اإلداري أن يكون‬
‫" فاعال" ومتطابقا مع قيمه القانونية والدستورية دون "مساواة النوع" ‪ ،‬وال إصالح إداري أو جبائي‬
‫دون " مناصفة النوع" ‪.‬‬
‫وهذه المقاربة الجديدة ليست مبدأ عاما ‪ ،‬بل تقنية خاصة لتحولها إلى جزء من متطلبات اإلدارة " عبر‬
‫األهداف" والحكامة " التفصيلية أو التحليلية" في أي قطاع ‪.‬‬
‫ولعله ‪ ،‬من هنا ‪ ،‬يمكن القول بتجديد " التقنيات والمقاربات" وتحديثها بنفس القدر الذي نطرح معه‬
‫تجديد النخب المحلية كي يترجم المجتمع المغربي حركيته التي ال يمكن أن تنزاح عن ضرورة "عدالته"‬

‫‪102‬‬
‫ألن بلورة مشروع مجتمعي حداثي لن يتأتى دون مساواة النوع ‪ ،‬وتتأسس هذه المساواة على الواجب‬
‫المالي المحلي ‪ ،‬وجوبا وأداء ‪.‬‬
‫وهذا الوجوب المؤسس على الضريبة المحلية يفقد قيمته إن لم يتوخ المساواة أو يكون قادرا على تفعيل‬
‫(اإليجابيات) في مقا بل السلبيات والتأخر اإلداري المعروف ‪.‬‬
‫ومما ال جدال فيه ‪ ،‬فإن القاضي المالي لن يؤدي دوره كامال دون معرفته وممارسته لمساواة النوع‬
‫إلنجاح غاياته في بنيات اجتماعية تؤمن بالعدالة في كل جوانبها ‪ ،‬وستكون هذه المقاربة تعزيزا لدور‬
‫القضاء المالي ‪ ،‬المتراجع عن أداءه ‪ ،‬فيما يشكل القاضي اإلداري بوابة تقدير لتعزيز " االمتياز‬
‫اإليجابي" لص الح المرأة ‪ ،‬ولفترة مؤقتة ‪ ،‬كي يكون للقضاء القدرة على المساواة بين المواطن والمواطنة‬
‫(أو المواطن مذكرا ومؤنثا) في إطار من المنازعة والمقاضاة ‪ ،‬دفاعا عن الحقوق وجبرا لألضرار ‪.‬‬

‫وفضال على ما يطرحه إشكال القاضي المالي والقاضي اإلداري في موضوع الجبايات المحلية ‪ ،‬فإن‬
‫القضاء لن يجد دوره وقيمته ومداه " الحقيقي" دون الوصول إلى " مساواة النوع" والتي هي الجزء‬
‫البنيوي الفاعل في المساواة العامة ‪ ،‬وأيضا على مستوى العدالة التي يمثلها القضاء المستقل والنزيه ذي‬
‫السلطة التقديرية المعتبرة والمتصلة بالمبادئ والقيم ‪.‬‬
‫والبد في هذا البحث من اإلشارة إلى صعوبة تحقيق مساواة النوع في الجبايات المحلية في ظل الظروف‬
‫والممارسات المالية ‪ ،‬وبالخصوص في ظل تردد اإلدارة السياسية الحقيقية لتنزيل وأجرأة المناصفة في‬
‫كل القطاعات ‪ ،‬ومنها الجبايات المحلية ‪ ،‬وباقي وجوه التنمية المحلية والحكامة المالية المحلية بما يطرح‬
‫سؤال الجدوى من وجود الجماعات الترابية في المغرب ‪ ،‬ومصداقية أداءها وترجمة وظائفها على‬
‫أرض الواقع ‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما تقدم ‪ ،‬فإن امتداد اإلصالحات وتطورها على النطاق المحلي ‪ ،‬لن يكون دون استيعاب‬
‫اإلدارة المركزية ـ خاصة وزارة الداخلية ـ ضرورة ال تمييز اإليجابي للمرأة مرحليا ‪ ،‬انطالقا من عمق‬
‫الثقافة المحلية ‪ ،‬فالمرأة الحسانية متقدمة في استغاللها وإرادتها ‪ ،‬وفرضت قبل غيرها في الفقه المالكي ـ‬
‫الشنقيطي ـ السعاية على المتزوج ‪ ،‬وأقرها المشرع في تعديل مدونة األسرة ‪ ،‬ومساواة فروض الخيمة‬
‫دون النظر إلى مالكها ‪ ،‬رجال أو امرأة ‪ ،‬وغيرها من اإلجراءات التي تختلف مع الفقه المرابطي ـ‬
‫األمازيغي ـ الذي لم يسمح لبعض ا لنساء في مراحل متعددة ‪ ،‬بتملك العقار أو اإلرث كي ال تضيع‬
‫الفالحة (العائلية) بين عائلتين أو أكثر‪.‬‬
‫وكل جهة لها تقاليدها في " السعاية والجباية" وهي قواعد يمكن البناء عليها أو تصحيحها لمساواة النوع‬
‫وتأسيس عدالة جبائية محلية ‪ ،‬منسجمة مع الوجدان العام وطرق العصر ‪ ،‬ألن الموائمة والمالئمة‬
‫عنصران إلدماج النوع في الضريبة المحلية واستكمال عناصر ومكونات التدبير المحلي الفعال ‪ ،‬في‬
‫إطار تصحيحين ‪ :‬تصحيح عالقة الدولة بالمجتمع وتصحيح عالقة الرجل والمرأة بالتنظيم المحلي‬
‫إلرساء تنمية مستدامة على أساس األهداف‪ ،‬من أجل نظام إداري محلي قوامه الالمركزية والالتمركز‪.‬‬
‫وال يمكن ‪ ،‬في هذا الخضم ‪ ،‬سوى االتفاق حول خالصة جوهرية ‪ ،‬أن " مساواة النوع" جزء ال يتجزأ‬
‫من اإلصالحات التي تتطلبها ثورة إصالحية حقيقية ‪ ،‬على صعيد التدبير الترابي المحلي ‪ ،‬وتكريس‬
‫ثقافة الواجب المالي في الجماعة المحلية على أساس " المناصفة" ‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫صحيح أن المقتضيات والقواعد القانونية تشكل أساس جوهريا للتنمية المستدامة في عالقتها بالديمقراطية‬
‫المحلية ‪ ،‬وأولها الواجب المالي المحلي ‪ ،‬لكن التطبيق السليم لهذه القواعد لن يكون دون تدخل لمعالجة‬
‫االختالالت البنيوية بإجراءات مؤقتة تستهدف ج عل التيار اإليجابي جزء من سالمة األداء المنتج‬
‫للمساواة دون إجراءات استثنائية ‪.‬‬
‫ويقتضي تجويد التدبير العمومي يالجماعات الترابية مساواة النوع لتكريس المواطنة ‪ ،‬وضمان حسن‬
‫و عدالة تدخالت الجماعة الترابية من جهة أخرى ‪ ،‬لذلك فمالئمة اإلجراءات لمقاربة النوع تتحدد‬
‫بالحاجة وتكريس أدوات "بنيوية " للحكامة لترسيخ التنمية " المستدامة" ‪.‬‬
‫وال يمكن بأي حال ‪ ،‬عدم إثارة المسألة األخالقية ‪ ،‬التي تعد مساواة النوع جزء أساسيا ال ريب فيها ‪،‬‬
‫تنزيال وقيمة وسموا في الممارسة ‪ ،‬ألن تجلية الغموض عن الصيغ العامة في النصوص القانونية ‪،‬‬
‫واألخذ باالختصاص والدقة واألجرأة والشمول في التنمية البشرية والمستدامة تبدأ من الموارد المالية‬
‫والبشرية ‪ ،‬والمرأة ‪ ،‬بواجبها المالي المحلي ومشاركتها المتساوية في الفعالية مع الرجل ‪ ،‬تؤسس‬
‫ل"مساواة الموارد" وهي األساس والنتيجة لتطبيق مقاربة النوع في الجبايات المحلية‪ ،‬وبالتبعية باقي‬
‫الجبايات ‪ ،‬كي تساهم هذه المقاربة في إرساء " جماعة ترابية مواطنة " تعمل على القيم والتطور‬
‫والجهوية المتقدمة ‪ ،‬وتكون الجبايات المحلية المطابق ة للنوع في صلب العدالة الجبائية ‪ ،‬والتدبير القيمي‬
‫والعقالني للمالية العامة ‪ ،‬على مستوى قواعد الوعاء والتحصيل والجزاءات ‪ ،‬ووجب ‪ ،‬في هذه الحال ‪،‬‬
‫أن تعمل " اإلدارة الجبائية" تحديدا على ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ تركيز جهود اإلصالح على تمييز الرسوم ال مستحقة لفائدة الجماعات المحلية الخاضعة لمقاربة النوع‬
‫بنسب مختلفة قابلة للتعديل وتحمل الطابع المؤقت ‪ ،‬وتحت رقابة إدارية لتعزيز دينامية الفاعل ‪ /‬أو‬
‫الفاعلة على صعيد الممارسة وحسب الخبرة المالية للجماعة المحلية المعينة ‪.‬‬
‫ولدى الخبراء الماليي ن بيانات مبرمجة معلوماتيا تساعد في أداء الضريبة المحلية بمرونة بين العاطل‬
‫والعامل ودخل األسرة والمرأة والرجل والفجوة العقارية وكل هذه الشروط ‪:‬‬

‫‪ 2‬ـ إعادة تقعيد اإلطار التنظيمي لألجهزة الجماعية على أساس " المناصفة" بين الجنسين دون غموض‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ تنزيل المقتضيات التنظيمية للجبايات المحلية وباقي الجبايات في نص قانوني شامل لتسهيل تطبيقاتها‬
‫المبنية على النوع ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ وضع برنامج الستكمال تكوين المدققين الجبائيين في استخدامهم للتقنيات الجديدة للجباية المحلية‬
‫المطابقة للنوع لتجاوز الفجوة بين الجنسين في األداء ‪ ،‬وأيضا تحديد المشاريع المساعدة على التنمية‬
‫المستدامة ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ضرورة بلورة قواعد تشريعية جديدة لإلدارة المحلية للوصول إلى جبايات " عادلة" بين الجنسين ‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ التخفيف من الوصاية المالية ‪ ،‬واعتماد المرونة في العمليات المالية المحلية خاصة في األنظمة‬
‫والمساطر واإلجراءات للوصول إلى مساواة النوع ‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫‪ 7‬ـ تبني ميثاق وطني للضريبة المحلية على أساس االضطالع باإللزامات المتفق عليها ‪ ،‬وخاصة‬
‫بمجاالت التطبيق‪ ،‬حسب الجهات والمناطق في الجماعات ‪ ،‬وقواعد اإلحصاء كي يتسنى للجابي المحلي‬
‫تطبيق العدالة بما يناسب " المعايير المعتمدة" حسب النسب والبرامج واألهداف المتوخاة ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ إجراء تقييم دوري لتشريعات الجبايات المحلية بغية تنقيحها ومالئمتها باستمرار مع متطلبات الواقع‬
‫واألهداف ‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ وجوب تعزيز السلطة التقديرية للقاضي اإلداري بما يناسب المساواة ‪ ،‬مع إعطاء صالحيات واسعة‬
‫للقضاء اإلداري في مجال الرقابة وتحقيق مطلب العدالة في المرفق العام ‪ ،‬وهو ما يساعد الجماعة‬
‫الترابية على مساواة النوع والجبايات المحلية على تمييز اإلجراءات بين المرأة والرجل لتحقيق العدالة ‪.‬‬
‫وعلى مستوى التأثير غير المباشر بخصوص مقاربة النوع ‪ ،‬ال بد من الخطوات التالية ‪:‬‬

‫‪ 10‬ـ الدعم القانوني للمرأة ومساواة النوع على صعيد المسؤولية ‪ ،‬وربط المسؤولية بالمحاسبة ‪.‬‬

‫‪ 11‬ـ اعتماد المناصفة الختيار وانتخاب مجالس الجماعات الترابية واعتماد المقاييس وكفاءة الجباة على‬
‫صعيد مؤسسة الجبايات ‪.‬‬

‫‪ 12‬ـ إعادة النظر في محتوى ونظام ميزانيات الجماعات الترابية ‪ ،‬بما يتالئم ومساواة النوع ‪ ،‬باعتماد‬
‫تصنيف اقتصادي ووظيفي للموارد انسجاما مع نفس المقاربة المعتمدة في الميزانية العامة للدولة ‪.‬‬

‫‪ 13‬ـ السماح للسلطات المحلية المنتخبة بأن تحدد تنظيمها اإلداري والداخلي بما يناسب الحاجيات‬
‫المحلية ‪ ،‬ومن ثم إطالق إدارة مح لية جابية تستعين بقيم المساواة والمناصفة وبالتالي الفعالية والنجاعة ‪.‬‬

‫‪ 14‬ـ تبسيط اإلجراءات والمساطر من أجل المرونة واحتكامها لقيم " النوع" لتخفيف العدالة المحلية في‬
‫الجبايات ‪.‬‬

‫‪ 15‬ـ العمل الرقابي الصارم على األنظمة الجبائية االستثنائية لربطها بتنمية الموارد وعدالتها ‪.‬‬

‫ويمكن عبر هذه اإلجراءات الوصول إلى تدبير شفاف ومسئول و"عادل" يتوخى المرونة والفعالية‬
‫والنجاعة‪ ،‬لمالئمة الجماعة الترابية ألهداف التنمية المستدامة وتحقيق رهانات هذه المالئمة يجسد‬
‫دعامات أخرى منها ‪:‬‬

‫‪ 16‬ـ أنه يجب على النشاط المحترم للنوع وال ذي يكلف ضريبة محلية أن يحقق منافع تفوق التكلفة‬
‫المترتبة عن تأديته ‪ ،‬فمشاريع التنمية المستدامة أساس أي عدالة بين الجنسين ‪ ،‬واختيارها يجب أن‬
‫يكون موافقا إلنتاج جبايات تنطلق إلى المساواة من الفاعل ‪ /‬الفاعلة وتنتهي بمنافع " متساوية" نحوهما ‪.‬‬

‫‪ 17‬ـ تعزيز التشريع " الجهوي" وتأسيس برلمانات جهوية ـ كما أتت به اللجنة االستشارية الملكية حول‬
‫الجهوية برئاسة عزيمان ـ لتمرير جبايات " مؤقتة" وسريعة وتعديلها في الوقت المناسب ‪.‬‬

‫‪ 18‬ـ اعتماد الرقابة التحفيزية على الجبايات لمطابقتها للنوع ‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫‪ 19‬ـ يجب أن يقوم النظام الرقابي الدا خلي للجبايات في كل جماعة محلية على سرعة تسجيل‬
‫االنحرافات في مستوى األداء المرغوب ‪ ،‬وتعديله بما يناسب قدرة الجماعة على إدارة جميع‬
‫االنعكاسات كي تتضاءل سلبيات التمييز اإليجابي في حال وجودها ‪.‬‬

‫‪ 20‬ـ يجب على النظام الجبائي المحلي أن يتكيف مع الظروف المتغيرة ‪ ،‬كي تكون المسطرة االستثنائية‬
‫لمساواة الجنسين في خدمة العدالة وليس بناء فجوة أخرى ‪.‬‬

‫‪ 21‬ـ يجب خلق المزيد من اآلليات (اإلحصائية) أو اإلحصاء الذكي للوصول إلى عدالة النوع في كل‬
‫مجال وقطاع يوجب أداء رسم جبائي محدد ‪.‬‬

‫‪ 22‬ـ بلورة الرؤية اإلستراتيجية للمالئمة الجبائية بين الجنسين كي يتكامال في مختلف المسارات‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية المحلية والوطنية ‪.‬‬
‫‪ 23‬ـ بناء مالئمة محلية دقيقة لمساواة النوع إحصائيا واستراتيجيا ‪ ،‬لتحديد الضرائب المحلية على ضوء‬
‫المعطيات الميدانية المتوفرة والمحينة ‪ ،‬وحسب النسب ‪ ،‬وما إ ن تتحقق هذه النسبة مثال حتى تزول ‪،‬‬
‫فالكل يجب أن يكون في خانات تضمن الحقوق ‪ ،‬وتنفي االمتيازات كما تقول القاعدة اإلجرائية في‬
‫الغرب‪.‬‬
‫والمغرب ليس بدعا من الدول ‪ ،‬فهو يريد تحديث " بنياته اإلدارية" وأهدافه وخضوع الجبايات المحلية‬
‫للمملكة لمقاربة النوع مجرد إجراءات ومقاربة تدبيرية لن تكون ناجحة دون ‪:‬‬

‫‪ 24‬ـ نظام تربوي داعم للمساواة بين الجنسين‬

‫‪ 25‬ـ إدراج األخالق والتخليق في اإلدارة العامة ‪ ،‬الجابية تحديدا ‪ ،‬على المستوى المركزي والمحلي ‪.‬‬

‫‪ 26‬ـ إدماج برامج وقيم محاربة االرتشاء واالختالس وخيانة األمانة كي ال تكون اإلجراءات االستثنائية‬
‫لصالح المرأة ‪ ،‬بهدف مساواة النوع ‪ ،‬هدرا للمالية العامة ‪.‬‬
‫وزبدة القول بالنسبة لهذه التوصيات ‪ ،‬تؤكد على أن مالئمة الجبايات المحلية لمساواة النوع تقتضي‬
‫بوضع إستراتيجية متكاملة في كل جوانبها التشريعية والتنظيمية ‪ ،‬تعزيزا لمبدأ‪ :‬الجبايات المحلية‬
‫المطابقة للنوع والمالئمة للعقلية المغربية من خالل التقنيات واألهداف ‪.‬‬
‫وعلى سبيل الختم ‪ ،‬فإن موائمة ومالئمة الجبايات المحلية في المغرب لمساواة النوع والمقاربة المؤسسة‬
‫على األهداف تساير الحكامة ال ترابية ومستلزمات التنمية المستدامة إذ ال يمكن إنهاء هذا البحث دون‬
‫طرح بعض األسئلة العالقة ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬
‫ـ لماذا نسمح بأن يعجز المغرب على حل إلشكالية الموارد ونطلب مطابقة هذه الموارد الجبائية للنوع ؟‬

‫ـ في إطار التطور ‪ ،‬أليس من الطبيعي أن تكون الجبايات المحلية المطابقة للنوع البنية األولى إلصالح‬
‫يبدأ من تحت إلى فوق ‪ ،‬وقد يؤطر مسار الجهود اإلصالحية لوصولها سريعا لألهداف المرجوة ‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫ـ هل سيكون هناك انتقال حقيقي لربط الجبايات المحلية بهاجس التنمية وليس هاجس الحضور الترابي‬
‫للدولة ‪ ،‬فيكون التدبير اإلداري غير معاكس إلرادة الجنسين ‪ ،‬النسجامه مع مبدأ المواطنة التشاركية‬
‫والفاعلة مدنيا ‪ ،‬للوصول إلى األهداف المتوخاة ‪.‬‬

‫ـ هل ينعكس أي تأخر أو فشل للجهوية الموسعة على الجبايات المحلية المتطابقة للنوع ؟‬
‫والواقع يفرض اإلجابة ب " نعم" ألن اإلدارة المحلية والوطنية إن لم تتصل ب " المناصفة" كما في‬
‫كامل مرجعيتها النظرية والمعيارية والقانونية لدستور ‪ 2011‬فلن تتمكن ‪ ،‬بأي حال ‪ ،‬من كسب رهان‬
‫التنمية المستدامة ‪.‬‬
‫ومن باب أولى ‪ ،‬فإن هدف البحث واالجتهاد هو الوصول إلى بسط السؤال المعقد ومحاولة تسليط‬
‫اإلضاءة على أهم جوانبه ‪ ،‬قصد المساهمة في بناء تصور ينهل من الدقة والعلمية ‪ ،‬كما يوجبهما‬
‫التمرين األكاديمي الذي يعتمد على توجيه دولتنا إلى المستقبل ‪ ،‬ونحن ‪ ،‬بإذن هللا ‪ ،‬متفاعلون مع كل‬
‫الرهانات للوصول إلى مشاركة عادلة ال تميز بين المغربي والمغربية في إنتاج مغرب عادل قوي‬
‫ومزدهر ‪.‬‬

‫‪107‬‬

You might also like