Professional Documents
Culture Documents
القواعد العامة و الإجراءات لتطبيق الجبايات المحلية
القواعد العامة و الإجراءات لتطبيق الجبايات المحلية
fb.com/Elkanounia.Ma twitter.com/ElkanouniaMa
تشكل استجابة الموارد الجبائية لتمويل الشأن المحلي ضرورة في التدبير المحوكم إلى جانب الموارد
المرصودة من طرف الدولة ،من خالل الميزانية العامة ،كما أكدت على ذلك المادة 141من الدستور
،والمفروض أن تكون مستجيبة بدورها لنفس المقاربة .
وال يخلو تطبيق " النوع" في هذه الحالة من مركب أفقي و عمودي ،على المستوى األفقي من خالل ما
اقتضته المادة 30من قانون التنظيم المحلي رقم 45.08والتي يتصدرها تمييز الضرائب والرسوم
المأذون للجماعة المحلية في تطبيقها كي تحقق مساواة النوع ،وتنزيل الميزانية العامة ،المفروض أن
تكون من األصل ،مستجيبة للمقاربة الم ذكورة للوصول إلى األهداف التنموية المرجوة لتكريس
استقالليتها اتجاه األهداف المسطرة ،وربط اإلدارة المحلية بالنتائج .
وتتمحور اإلشكالية الرئيسية في مدخل أو مداخل مقاربة النوع في واقع النظام الجبائي المحلي ومدى
مواكبته للنتائج لتكريس استقاللية الجماعة الترابية في تدبير مواردها وتأهيلها لمساواة المرأة والرجل .
وال تخلو هذه المقاربة من تحليل بنيات النظام الجبائي المحلي لتكييفها مع متطلبات النوع ،وذلك بإبراز
المبادئ وتكييف اإلجراءات المنظمة لجبايات الجماعة بهدف " المساواة " بين الجنسين ،وتجاوز
"الفجوة العقارية" وباقي الفجوات من أجل توزيع عادل للتحمالت " الجبائية" ،واألخذ بعين االعتبار
لفارق االعتماد الم رصود من اإلرث والنشاط االستثماري للفاعل األنثوي في الحركة االستثمارية ،بما
يجعل تعديل الضرائب الوطنية والمحلية لمساواة النوع ،واألخذ بعين االعتبار مهمة الفاعل ،وليس
النشاط فقط ،كي يكون الواجب قانونيا ،ألن العالقة بين اإلدارة الجبائية المحلية والملزمين بالفرض
الجبائي ،هي حجر األساس في بناء مداخيل لتمييز " إيجابي" لصالح المرأة الملزمة وتحقيق مساواة
النوع في الجبايات والوصول إلى العدالة الجبائية .
فعلى مستوى قواعد التأسيس ،عمل المشرع على وضع رسوم سهلة في قواعد تأسيسها ،حيث تم
التمييز بي ن الرسوم المحلية ذات األساس النوعي ،والرسوم المحلية ذات األساس القيمي .
واعتماد النسبة المئوية على أساس التمييز اإليجابي لصالح المرأة من القيم التي تساعد في البقاء على
نفس اإلطار والبنية الجبائية وتحقيق العدالة ،انطالقا من المؤشرات الكلية للنشاط االقتصادي وتفكيك
كل مؤشراته اإلحصائية كي تتجاوز مقاربة النوع الفجوة بين الجنسين .
وهذه المقاربة " الرقمية" أو "الحسابية" للنوع قد تأتي تصاعديا أو بشكل تنازلي ،حسب المعطيات
اإلحصائية لكل جماعة ترابية ـ خصوصا على صعيد الجهات ـ أو على صعيد القاعدة الوطنية للجبايات
المحلية ،تبعا للمؤشرات السوسيو اقتصادية .
52
وهذه األسعار "النوعية" أو "القيمية" يمكن أن تكون نسبية مقرونة بأساس " النوع " (جندر) منذ البداية
أو تكون تصاعدية بشكل مختلف بين الجنسين لتشجيع جنس محدد في تجاوز الفجوة ،وتسمح للنظام
االقتصادي أن يكون " تعادليا" على صعيد مداخله من كال الجنسين .
ويكون في هذه الحا لة توسيع هامش المجالس المحلية في مجال تحديد أسعار الرسوم المحلية هو عينة
توزيع لهامش التمييز اإليجابي ألحد الجنسين لتحقيق " العدالة" ،على أن يبقى للمشرع تحديد األسعار
الدنيا والقصوى ألغلب الرسو م المحلية ،ويكون لآلمر بالصرف تحديد نسبها الخاضعة لمقاربة النوع .
وعلى مستوى قواعد التحصيل ،يكون وضع اآلليات جزء من تعميم نظام اإلقرار بالنسبة ألغلب
الرسوم المحلية ،باستثناء بعض الرسوم المحلية التي احتفظت بنظام اإلحصاء ،وأخرى تستخلص فورا
مقابل خدمة محددة ،ووضع النظام الجبائي في كل تفاصيله تحت نظام اإلحصاء قادر على تجاوز أي
فجوة بين الجنسين ،فتتدخل اإلجراءات الوقتية أو المحدودة بزمن لتحقيق العدالة بين الجنسين .
وهذه اإلجراءات المرتبطة بنظام اإلحصاء تستهدف تعميم نظام اإلقرار بطريقة عادلة ،متجاوزة الرؤى
األيديولوجية ،ألن العدالة مطمح الجميع ،لكن هدر الوقت الذي يسببه اإلحصاء ،كما يدفع به البعض
ليس حقيقيا ،ألن "حوسبة" أو"رقمنة" النظام الجبائي يكرس " العدالة" وتدبير الزمن لتأسيس عالقة
جبائية جديدة تعتمد على المساهمة الفعالة للملزمين ،على أساس الواجب " العادل" بين المواطنين .
كما يعزز هذا التحول بناء المحاسبة العمومية للجماعات المحلية وهيآتها لسنة 2010على مقاربة النوع
والحد من ت داخل االختصاص على مستوى األجهزة المكلفة بتحصيل الرسوم المحلية بين القابض
الجماعي وشسيع المداخيل ،والوصول إلى مواكبة المداخيل لمقاربة النوع ،من األصل ،مع تعميم هذه
المواكبة والمقاربة ،وهو ما يحفز اختصاصات القابض الجماعي في التحصيل .
وتكون الرسوم والحقوق والمساهمات أدوات للحق والمشارك ة على أساس " المبادرة" المحوكمة بالعدالة
بين الجنسين في إطار القانون .
وعمد القانون الجبائي المحلي 47.06إلى تحديد مجموعة من الحقوق وااللتزامات ،وتعطي المساواة
في الحقوق بين الجنسين التزامات أصيلة وإضافية لبناءها على العدل ،وإثمار العالقة بين الملزم
واإلدارة الجبائية ،فأي إحساس بعدم المساواة يؤدي إلى ضمان الحق بالتستر عليه ،أو على بعض
بياناته لتمكين صاحب الحق مما يراه له .
وال يمكن بناء " تناغم" و "توازن" بين طرفي العالقة الجبائية المحلية ،دون مساواة النوع في خانة
الملزم و " عدالة اإلجراءات المطابقة لمقاربة النوع" في خانة اإلدارة الجبائية .
وتساهم هذه المقاربة ،وال شك في تجاوز معيقات النظام الجبائي المحلي .
وتكون الخالصة المركزية متأتية من تفصيل في المحاسبة ،كي تستجيب لعدالة النوع ،وهو ما ينعكس
على التقليص من عدد الرسوم .
وكلما زادت المحاسبة تدقيقا تقلص عدد الرسوم ،فالمسألة ال تتعلق بمسطرة اإلعفاءات لتجاوز عدم
العدالة ،بل بوفاء الرسم لعدالة الشروط ،وعلى الخصوص في قدرة الملزم على اإليفاء بالتزامه ،وفي
كل ما يتعلق بعدالة اإلجراء .
53
ويبقى النظام الجبائي المحلي قاصرا لغياب "جبائية محلية تدخلية" ،وعدم وجود "الجبائية البيئية"
و "جبائية النوع" إلى جانب فقدان "جبائية عقارية" بالوسط القروي ال تهضم حق المرأة ،وتكون "
جبائية النوع" مسألة حاسمة في تحقيق عدالة التنمية لبناء عوامل استدامتها بنيويا .
و تعتبر الجبايات المحلية المطابقة للنوع أساس االستقالل المالي للجماعة الترابية في نظام ال مركزي
عادل بين وحدات التنظيم الترابي ،و بين الجنسين وعلى صعيد رهانات التنمية الموجهة بالنتائج ،وهي
تقترن باالستقالل اإلداري في تدبير الشأن المحلي ،وممارسة االختصاصات ذات الطبيعة التنموية ،وال
يمكن وجود أساس مالي يواكب االستقالل اإلداري دون جبايات محلية لها بعدها االجتماعي الشامل .
غير أن تخويل االستقالل الجبائي للجماعة الترابية ضمن االستقالل المالي لن يكون دون أسس ومبادئ
لها مشروعيتها القانونية والعملية ،من خالل إخضا ع الميزانية العامة وميزانية الوزارة الوصية (وزارة
الداخلية) لمقاربة النوع لتشمل تدبير الشؤون الترابية المحلية ،وفي مقدمتها الجبايات المحلية .
وعلى هذا األساس ،يتعين الوصول إلى جبايات مطابقة لمعيار النوع في إطار عمل جماعي مستجيب
لنفس المعيار ،كي نصل بشكل عام إلى "ميزانية ترابية مطابقة للنوع " لتحقيق مادي للتنمية بشكل
خاص .
من جهة ،ألن الجبايات المحلية بنية النظام الالمركزي الخاضع لمشاركة المواطن ،والمواطنة في
تمويل التنمية المباشرة في حيها وشارعها وفي محيطها وسكنها ،وألنها من جهة أخرى ،تشكل جزء
من االستقالل المالي في تنفيذ هذه المشاريع ،وخضوعها لمقاربة النوع في تقاطع مع البرامج
والمشاريع أو المصالح ذات الطابع المركزي 155بما يفرض أن تكون الجهتان ـ الجبايات المحلية وباقي
الميزانيات ـ خاضعتين لنفس المعيار .
وتقع الجبايات المحلية المطابقة للنوع في تقاطع موضوعي ومنهجي بين التدخل التنموي ،إلحدى أهم
الهيآت الالمركزية ( الجماعة الترابية ) في إطار دعم استقاللها المالي ،وبين الشروط المادية
والموضوعية المتعلقة بممارسة التدبير الموازناتي الموجه بالنتائج لتحقيق باقي شروط التنمية البشرية
الشاملة والمستدامة .
ويخدم التدخل التنموي للجماعة الترابية ،المختلف في عناصره ومجاالته وتدبيره ،من الضريبة
المحلية وإلى باقي بنيات التمويل األخرى ،رفع مستوى الحفاظ على توازنات الدخل في العائلة ـ
والشرا كة العائلية ـ بين الجنسين ،واستقطاب االستثمارات التنموية لدعم المقاولة النسائية ،فالمسألة ال
تتعلق بمساواة "ترابية" بين المرأة والرجل 156بل ب "مساواة الجنسين" اتجاه مرجعهما ـ أو ـ إقليمهما
الترابي.
وفي هذا اإلطار ،ال يمكن الوصول إ لى ضمانة قانونية ومالية وواقعية لمساواة النوع االجتماعي دون
جبايات محلية حساسة ومستجيبة لهذه المقاربة على الصعيد المجالي والترابي .
مواضيع155 ـ محمد أديبا ،إشكالية االستقالل المالي للجماعات المحلية بالمغرب :نحو مقاربة أكثر واقعية ،منشورات مجلة اإلدارة المحلية ،سلسلة
الساعة ، 2001 ،ص 103 :
156 - Denuelt (y) , les pouvoirs d’intervention des municipalités dans le domaine économique , bulletin municipal ,
54
فهذه الجبايات تضمن استقالل التدخل التنوي ،في بعده الهيكلي لتحفيز العمل المدني والتطوعي على
تثمينه وتوسيعه بالتناسق مع التطور المجتمعي نفسه ، 157وإذا كانت المتطلبات والقواعد القانونية
والسوسيو اقتصادية للجبايات المحلية الموجهة بالنتائج تتعلق بالدور التنموي للجماعة الترابية ،فإن
الممارسة العملية وآليات التدخل االقتصادي يجب أن تقر بالشمولية ومبدأ عدم التجزيء إلخضاع كل
الميزانيات العامة ـ أو القطاعية ـ لمقاربة النوع لتجسيد الدور التنموي الترابي وآليات تحقيق التنمية
المستدامة (المبحث األول) والبد للوصول إلى هذه األهداف المندمجة المتعلقة بالتنمية المحلية من توفير
قواعد إجرائية متقدمة ،للوصول إلى رؤية واقعية لنظام جبائي في الجماعات المحلية يطابق المعيار
الدولي لمقاربة النوع ( المبحث الثاني)
157- brunel (J-P) , l’avenir de l’autonomie financière des collectivités locales , conseil économique et social de la
France : sur le site web :http://www .la documentation française .fr/rapport-public/014000650/index.shtml
55
المبحث األول :مهام ومسؤوليات اإلدارة الترابية إلدماج حكامة النوع في الجبايات المحلية
الشك أن الجبايات المحلية مرادف مالي الستقالل الجماعات الترابية ولمبدأ التدبير الحر ،لكن لها
ارتباط عضوي بالقرار الجبائي الوطني والمالي ،وبرمجة الموارد التي يجب أن تكون مطابقة لمقاربة
النوع لتحقيق تنمية موجهة بالنتائج .
وإذا كان االستقالل المالي للجماعة الترابية الذي ال يعني سوى استقالل جبائي محلي فإن القدرة القانونية
والمادية لهذه الوحدة الالمركزية تأتي من واقع العالقة بين التمويل الذاتي والتمويل من المركز وبين
االستقالل المالي للجماعة الترابية وتحقيق التنمية الترابية .
ومعروف أن هيمنة التمويل القادم من المركز يضعف والشك قدرة الجبايات المحلية ،ويرسخ تبعية
الجماعة الترابية للتمويل المركزي ،لكن خضوع التمويل القادم من المركز لمقاربة النوع بنفس خضوع
الموارد المحلية لذات المعيار يشكل توحيدا ل إلطار المالي المناسب والمالئم إلخضاعه لمساواة الجنسين،
ألن األهداف تختزلها التنمية الترابية ،158وتوحد إدارة الميزانيات على أساس النتائج الجماعة الترابية
والوطنية ،و ترفع من قدراتها في التدبير ،كما ت جعل مسألة التمويل إحدى قواعد االستقالل المالي بل
تؤطر الحل 159من خالل مقاربتين :مقاربة النوع االجتماعي ،والمقاربة الموجهة بالنتائج ،وتداخلهما
في آليات التدبير الحديث يعزز عدالة التدبير المركزي في عالقته بوحدات التدبير الالمركزي ،وتنفيذ
المبادرة الذاتية باستقاللية وعدالة ونتيجة محققة إلى جانب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بنفس الكفاءة
والشفافية والنتيجة المندمجة مع احترام المعيار المحلي للتنمية .
وفي ظل هذا االرتباط بين االستقالل المالي والتدخل المركزي في تدبير الشأن الترابي يكون خضوع
الميزانية العامة لمقاربة النوع ( المطلب األول) والعمل على آليات متطابقة مع هذه الحساسية على
صعيد اإلدارة القطاعية والترابية خصوصا وزارة الداخلية لممارستها الوصاية على الجماعة الترابية (
المطلب الثاني) تكون النتيجة جبايات محلية خاضعة لنفس المعيار (المطلب الثالث) .
ـ محمد بنمير ،الجماعات المحلية والممارسة المالية بالمغرب ،مطبعة الوراقة الوطنية ،مراكش ، 1994ص 29
158
159- frizon ( R) marand (A .C) renard (S) et scarbonchi (F) , la perception de l’autonomie financière des collectivités
locales en Europe : Quels enseignements pour la France , étude collective des élèves administrateurs territoriaux de
L’INET ,SNFPT, 2001 , p : 14
56
المطلب األول :مهمة ومسؤولية الموازنة العامة في مطابقة الجبايات المحلية لمقاربة النوع
البد في البداية من مصادرة مفادها :ال ميزانية قطاعية مستجيبة لمقارنة النوع في هذه المرحلة دون
ميزانية عامة مستجيبة لنفس المعيار ،وال تزال الجبايات المحلية ضمن القطاعات المندمجة رغم أنها
عنوان االستقالل المالي للجماعة الترابية ،وتعد عصب الموارد الذاتية لتنزيل النظام الالمركزي ،
والتخصيص القان وني لموارد ذاتية ذات طابع محلي ـ أو جهوي ـ وهو تنازل من الدولة للجماعة الترابية
عن مجموعة الرسوم والجبايات بهدف مواجهة نفقاتها ،وهو ما اصطلح عليه البعض ب"الالمركزية
الجبائية" ،المواكبة لالمركزية اإلدارية الالزمة. 160
وألن الوضع ال يزال في بدايته فإن إخضاع الميزانية العامة لمقاربة النوع يدفع إلى تنزيل عام لهذه
المقاربة في باقي القطاعات ،بما يجعلها معيارا قانونيا عاما لردم الفجوة بين الجنسين ،وقد سجلت
اتساعا بينا وواضحا .
ولهذه العلة حاولت البرامج الدولية التركيز على إخضاع الموازنة العامة لمعيار النوع بغية الوقوف على
مدى وكف اءة وفعالية اإلنفاق ،وإخضاع الضرائب ذات الصلة لنفس المعيار ،وضمنها األداء الضريبي
المحلي إلنجاز العدالة ،وتمكين الجماعة الترابية من االستقالل كي يكون الجنسان داخلها على قدم
المساواة حقا وواجبا ،إعماال لتحصيل مبدأ عدم التجزيء في الحياة اليومية للمواطنات والمواطنين ،
ويكون إخضاع كل مجاالت اإلنفاق العام لمعيار النوع مؤسسا لجبايات مستجيبة لنفس المعيار ،
وضمنها الجبايات المحلية ( الفقرة األولى) ولن تكون هذ ه الجبايات " شفافة" دون ميزانية عامة متساوية
بين الرجل والمرأة ( الفقرة الثانية) بما يتطلب تدبيرها على اآللية المرتكزة على النتائج وأن تكون "
مبدأ" للقرب ،و ميكانيزما لإلصالح المالي (الفقرة الثالثة) .
الفقرة األولى :إخضاع كل مجاالت اإلنفاق العام لمعيار النوع يؤسس لجبايات محلية مستجيبة لنفس
المعيار
يمكن القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) إن خضع اإلنفاق العام إلى مقارنة النوع ،
ويترتب عن هذا الميكانيزم إقرار الواجبات على ضوء النتائج ،وضمنها الواجب المالي المحلي ،فتكون
في160 ـ محمد حاجي ،التمويل المحلي وإشكالية العجز في الميزانية البلدية ،دراسة مقدمة في الملتقى الدولي حول "تسيير وتمويل الجماعات الترابية
ضوء التحوالت االقتصادية" ،جامعة الحاج لخضر ،الجزائر ،دجنبر ، 2004ص 14
57
الجبايات المحلية ضمن اإلستراتيجية العامة الخاضعة لهذه المقاربة ،وأساسا لالستقالل المالي للجماعة
الترابية قصد تدبير فعال للتنمية المتساوية بين الجنسين .
فمن جهة ،نحن أمام ثالثة عوامل :
أ ـ مأسسة تطبيق الموازنة المستجيبة للنوع ،بما يضمن استدامتها ،ويؤهل لمأسسة الجبايات المحلية
في السياق الوطني .
ب ـ وضع اإلطار المرجعي لمنظومة الجهات الشريكة للميزانية العامة ،وضمنها الجبايات المحلية ،
واستجابة الميزانية العامة لمعيار النوع هو خضوع آلي للجبايات المحلية ،رغم مستوى االستقاللية
المفترض أن يكون في هذا القطاع الرتباطه بالجماعة الترابي ة ،ذات االستقالل المالي ،كلما تقدمت
الالمركزية في المغرب .
ج ـ أجرأة النوع في الميزانية العامة على ضوء الممارسات الدولية يستهدف التنمية المستدامة وهي نفس
الغاية من جبايات محلية خاضعة لمعيار النوع لدعم استقالل الجماعة الترابية في مشروعها التنموي
المستدام ،وعلى هذا األساس فإن المقاربة الموجهة بالنتائج تجمع ،على صعيد األهداف وليس اآلليات
فقط ،الجبايات المحلية والميزانية العامة المستجيبتين معا ل ( حكامة) النوع دون أن ننسى عاملين
آخرين :
1ـ أن مقاربة النوع ضمن آليات اإلصالح المالي الذي يجمع إصالح الميزانية العامة والجبايات المحلية
بالتبعية .
2ـ أن الجبايات المحلية تدخل ضمن اإلصالح الضريبي في المملكة ،وتشكل مقاربة النوع آلية مركزية
في اإل صالح المالي واإلصالح الضريبي على حد سواء ،بغية الوصول إلى كفاءة األداء .
ولن يتأتى هذا الطموح دون مؤشرات تبدأ بكل برامج ومشاريع كل وزارة على حدة ،وفي حالة
الجبايات المحلية يتعلق الوضع بوزارة الداخلية .
وضمن هذا السياق البد من إعادة الن ظر في أسلوب عرض بيانات وموازنات النوع االجتماعي بحيث
يتم فصل الجبايات الموجهة لإلناث عن التعويضات الموجهة لهن في إطار الجماعة الترابية والوزارة
المختصة ـ وهي إلى اآلن جهة وصية ـ ودمج هذا الترتيب في مقاربة وزارة المالية التي تتبعها إليها
الضرائب المباشرة وغ ير المباشرة ،وهي الراسمة والمحددة والمنتجة للميزانية العامة .
وتعد الجبايات المحلية تقاطعا حساسا بين وزارتين ،وإدارة مستقلة تتمثل في الجماعة الترابية ،ولن
يستقيم العمل بالنوع دون الفصل في اإلنفاق ( بكل مستوياته ) والضرائب ( بمختلف أنواعها) لصالح
اإلناث ،الرتباطين :
األول ،متعلق بتحقيق األهداف واألولويات الوطنية ،والثاني ،على مستوى التنمية الترابية ،والمفترض
أن تكون مستدامة ،والستكمال مخرجات الكفاءة البد من :
1ـ خارطة الحسابات ،وتكون الجبايات المحلية ضمن التصنيف التمويلي المتصل بالضرائب في إعداد
الميزانية ،وضمن التصنيف التنظيمي لوزارة الداخلية ،وبفضل مقاربة النوع تدخل ضمن تصنيف
58
البرامج التي تقودها الجماعة الترابية ،وال يمكن الخروج من هذا التقاطع سوى بإخضاع خارطة
الحسابات نفسها لمساواة الجنسين .
2ـ وضع سياسات مطابقة للنوع كي يكون إعداد الميزانية واإلقرار والتنفيذ والمتابعة والتقييم مستجيبا
للمقاربة الموجهة بالنتائج ،ألن الجبايات المحلية أداة مالية البد من إخضاعها إلعادة الهيكلة كي تكون
ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية ،وحسب مصطلحات اتفاقية " سيداو" فإن الجبايات المحلية المطابقة
للنوع ترفض استبعاد المرأة أو تمييزها السلبي ألن عدم األداء يعد وجها لعدم االعتراف ،وهو
مرفوض بنص االتفاقية المذكورة .
3ـ التمكين الذي ال يمس المساواة في الواجب المالي المحلي ،وباقي الواجبات العادلة بين الجنسين ،
فاإلنفاق ال خاضع لمقاربة النوع يؤسس للتمكين ،فيما الواجب المحلي أول بنية للشراكة والمساواة بما
يحترم خصوصية كل طرف من العملية االجتماعية ،وال يمكن ألي ميزانية عامة سوى بناءها على
مقاربة النوع ،لخفض وفيات األطفال ،وتحسين الصحة النفسانية ومكافحة بعض األمراض الجنسية ،
وكفالة االستدامة البيئية ،وبناء شراكة عالمية من أجل التنمية ،وتشكل هذه المعايير منطلقا لجبايات
محلية ـ عمومية ـ مؤسسة على العدالة .
4ـ مؤشر األداء ،و ضمنه األداء المالي المحلي ،ويكشف فجوة العمل بين الجنسين واإلجراءات
التصحيحية المناسبة ،وتدخل هذه اإل جراءات ضمن إعداد باقي مراحل الميزانية العامة المستجيبة للنوع
والمحتوية بالضرورة لجبايات محلية مطابفة لذات المعيار .
5ـ مؤشر النتيجة ،وهو يقارب قانونيا الضرائب الخاضعة للنوع في البرامج والمشاريع واألنشطة
االستثمارية ،وكلها متصلة بالتراب (الجماعة الترابية) وساكنه أو قاطنه ( الرجل /المرأة) والعامل في
المشروع (رجل وامرأة) وفي ظل هذا المثلث المتفاعل تكون الميزانية العامة الخاضعة للنوع مدخل
الجبايات المحلية الخاضعة لنفس المقاربة .
وحسب دراسة معهد (هوبيرتين أوكلير ) ل 30جماعة في فرنسا فإن دمج اإلجراءات المحلية لتحقيق
مساواة النوع في الميزانية العامة هو القادر على الوصول إلى األهداف المرجوة ،في مقاربة موجهة
بالنتائج ،ألن هذه المرحلة المالية تشكل تحديا للجماعات الترابية لكنها أداة للشفافية .161
الفقرة الثانية :الجبايات المحلية لن تكون "شفافة" دون ميزانية عامة متساوية بين الرجل والمرأة
في خالصة مباشرة ،ال يمكن ضمان معيار الشفافية في الجبايات المحلية دون ميزانية عامة مطابقة
للنوع ،وهذه اآللية تهتم ب إعادة بناء المداخيل واإلنفاق على أساس المساواة بين الجنسين ،وال يمكن بأي
حال ت صور جبايات محلية بدون معيار الشفافية ،ولن يكون هذا المعيار دون مقاربة النوع ،وفي هذه
الخالصة يكون العمل على :
161
- introduction de djeneba kaita , presidente du centre hubertine auclert, la budgétisation sensible au genre ,
Guide pratique
www.cntre.hubertine-audert.fr/sites/default/files/fivhiers/guide-bsg-web.pdf
59
لتحقيق شفافية جبائية محلية ضمن ميزانية عامة 162
أ ـ تشريح ترابي لالمساواة بين الرجال والنساء
مستجيبة للنوع .
ب ـ الدخول المتساوي إلى الخدمات " البلدية" على ضوء الميزانية المحلية ـ القادمة باألساس من
الجبايات المحلية ـ والميزانية العامة الحساستين للنوع .
ج ـ تعريف الكوابح والمحفزات في الجبايات المحلية المطابقة للنوع ،ولن تكون دون ميزانية عامة
مستجيبة لنفس المعيار ،وهي ليست ،بأي حال ،ميزانية منفصلة للنساء أو تحسب الديون على أساس
النوع وال تقبل التحكيم والنفقات الثانوية .
وا لجبايات المحلية المستجيبة للنوع " مندمجة" وتعمل على التمييز اإليجابي أو التمييز السلبي بإعدام
رسوم وضرائب محددة ،بما يخدم أوراش التنمية المستدامة أو النتائج المرجوة ،وال تدور خارج هذا
العامل أو المؤشر .
وتضمن الجبايات المحلية الحساسة للنوع ضمن ميزانية عامة مستجيبة لنفس المعيار :
1ـ تحليل موازناتي على ضوء النوع االجتماعي لتحديد مستوى وقع الميزانية على الرجل والمرأة .
2ـ إعادة صياغة الميزانيات والموارد من أجل المساواة بين الجنسين ،وصياغة الضريبة المحلية
جوهر هذه العملية .
3ـ العمل على االندماج الممنهج ل مقاربة النوع في كل مسار الميزانيات المحلية والمركزية .
وحسب هذه الدراسة الفرنسية ،فإن ال شفافية ممكنة في الجبايات المحلية دون مطابقة الميزانية العامة
لمقاربة النوع .
ويضيف المركز (هوبيرتين أوكلير ) أن كل الميزانيات بما فيها ميزانية الدعم الخارجي يجب أن تخضع
لمقاربة النوع ،ويجب على كل الموارد أن تكون حساسة لنفس المعيار ،وفي مقدمتها اإليرادات أو
الجبايات المحلية ،ألنها أول آلية في وقعها على المرأة أو الرجل ،وبدأ المغرب منذ 2005في هذه
المقاربة بالموازاة مع إصالح الميزانية المرتكز على النتائج المنطلق في ، 2002وتميزت المرحلة
الثانية بتدقيق نظام المعلومات وتطوير نظام تدبير المعارف ووضع استراتيجية لالتصال ومأسسة
التقرير حول النوع االجتماعي المرافق لقانون الميزانية ابتداء من . 1632005
ومن أهم المالحظات حول هذه المقاربة ،حسب التقارير الرسمية لوزارة المالية منذ : 2005
1ـ إنها مندمجة وتمس ميزانيات اإلنفاق القطاعية وال تشمل الموارد التي تضم الجبايات المحلية
162
- le rapport , planifier , conduire , et évaluer une politique local , d’égalité femmes – hommes , centre hubertine
auchert , décembre 2014 , p : 9
ـ تقرير النوع االجتماعي لسنة ، 2009الصادر عن وزارة المالية ،عن موقع163:
www.finances.go.ma/depf/sitepages/adeg-avtion/genre/rapports/2009/genre-09-arabe.pdf
60
3ـ شا ملة وتدمج قطاعات جديدة حسب اإلمكانيات المتاحة ،ودائما ضمن تصنيف المستفيدين من
النفقات الع مومية في إطار التدبير المرتكز على النتائج ،تحقيقا لإلنصاف والمساواة ،وقد تستفيد
(جندرة) الجبايات المحلية من هذه التجربة الخاصة من التحليل الوطني للمردودية لالنتقال بها من
ميزانية التسيير واالستثمار إلى الضرائب ومنها الضرائب المحلية ،وأيضا من خالل قياس آثار
الضرائب المحلية والضرائب العامة على الساكنة لوجود قياس آلثار السياسات العمومية على الساكنة
المستهدفة ،في إطار التدبير المرتكزة على النتائج وثقافة النجاعة .
و يتوخى بلوغ األهداف المشتركة الوصول بالسياسات األفقية إلى باقي السياسات ،خصوصا في مجال
الموارد لتخفيف العبء على المرأة ،وباقي الفئات المتضررة من أي سياسية قطاعية أو عامة ،وعلى
هذا األساس يمكن إجمال مداخل مقاربة االجتماعي من خالل الميكانيزمات المرجوة والمتمثلة في :
أ ـ شمول مقاربة النوع لميزانيات الموارد ،وخصوصا الضريبة ،وضمنها بالتبعية الضرائب المحلية .
ب ـ تحديد األهداف المشتركة في إطار السياسات العمودية ،بعد شمولها السياسات األفقية المرتكزة
على األقطاب :
ـ القطب المؤسساتي :العدل ،التنمية االجتماعية ،تحديث القطاعات العمومية ،االقتصاد والمالية ،
التجارة الخارجية ،والشؤون الخارجية والتعا ون ،وفي هذا السياق يكون إدماج مقاربة النوع في
الجبايات المحلية له تماس على صعيد تحديث القطاعات العمومية والوظيفة العمومية والقطاع الوصي
(وزارة الداخلية) وأيضا ( وزارة االقتصاد والمالية) التي تتبع لها الضرائب ،وتؤطر هذه العملية
لشروط مساعدة في انتقال الضريبة المحلية إلى مقاربة النوع .
ـ قطب البنيات التحتية ،وتستفيد الجماعات الترابية من الماء والطاقة والتجهيز والنقل والسكن ،
وكلها مؤشرات لدمج النوع في التدبير المرتكز على النتائج ،ويخدم األهداف تحسين الضرائب المحلية،
ويفترض التطور (جندرتها) .
ـ قطب تمكين ودعم القدرات :الصحة ،التعليم المدرسي ،محاربة األمية والتربية غير النظامية ،
الشباب ،التشغيل والتكوين ،وهي حوافز لتطوير شروط الملزم المحلي .
ـ قطب تعزيز الفرص :الفالحة ،الصيد البحري ،االقتصاد االجتماعي ،التجارة والصناعة
والتق نيات الجديدة لإلعالم واالتصال ؛ وتأكيد وزارة المالية بأن االقتصاد االجتماعي خضع بشكل كامل
لهذه المقاربة يكشف أن ا النتقال إلى تطبيق " النوع " في الموارد مؤهل هيكلي لمقاربة النوع فيما يدعى
األقطاب ،لضمها 26قطاعا ،وهي تمس حياة الملزم المحلي في 25قطاعا بشكل مباشر أو غير
مباشر وفي 100حقل من أجل ا لتمكين ودعم القدرات وتعزيز الفرص مع تحديد األثر والنجاعة في
قطب المؤسسات .
الفقرة الثالثة :الجبايات المحلية المطابقة للنوع مبدأ وميكانيزم إلصالح موارد الميزانية المرتكز
تدبيرها على النتائج
61
ترتكز مبادرة الميزانية حسب النوع االجتماعي على إصالح موارد هذه الميزانية حسب نفس المقاربة ،
وال يزال هذا المعطى بعيد عن التحقق ،لكن الوصول إلى أدوات تحليلية في اإلنفاق المطابق للنوع
يساهم في ا عتماد هذه المالئمة ،خصوصا في قياس الفوارق الالزم استدراكها من خالل الركنين
المعلنين في ، 2002وهو ما يوضحه التقرير الرسمي ل ، 2009من خالل ما يسميه اإلطار التنظيمي
لتسهيل قراءة الميزانية ،ويشمل بالنتيجة قراءة الموارد ،بما فيها الجبايات المحلية ـ في وجود إمكانيات
الالتمركز مع فرص حقيقية للشراكة ،وتفترض الوصول إلى الموارد قبل اإلنفاق ـ ثم ما يسميه التقرير
:التدبير الجيد المتمركز على النتائج ،وألنه مسألة ديمقراطية بحتة ،فإن دمقرطة الموارد واإلنفاق
جدلية قائمة على مؤشرات األهداف ومؤشرات الوسائل ،ومؤشرات المردودية ومؤشرات األثر ،
وتدخل الجبايات المحلية في المقتضيات الجديدة ل"جندرة" الميزانية وجميع المؤشرات ذات الصلة .
ويوضح تقرير وزارة المالية ل 1642014دخول الجبايات المحلية في مرحلة ثالثة بعد نجاح التحليل
األفقي للميزانية والتحاليل القطاعية ،والوصول أخيرا إلى ربط الموارد بالخيارات اإلستراتيجية لمقاربة
النوع االجتماعي ،وإلى اآلن يعمل المغرب على مجال الولوج المنصف للجنسين للحقوق المدنية
والسياسية ،وركز ت الشبكة الوزارية في إطار تفعيل الخطة الحكومية للمساواة ( إكرام) على الوظيفة
العمومية ووضعت بشراكة مع األمم المتحدة دليال منهجيا في عملية االختيار والتوظيف والتعيينات
واالنتقال والترقيات وتقييم األداء ،لكنها لم تصمد في تدقيق مؤشرات الولوج إلى الجابي المحلي ،
والوظيفة العمومية في الجماعة الترابية ،وركزت على التوازنات بما أدمج الجبايات المحلية ضمن
القطاع الوصي ( وزارة الداخلية) ،وال يخرج عنه البتة .
واستجابة لتوصيات المناظرة الدولية حول ميزانية النوع االجتماعي بمراكش في نونبر ، 2012أحدثت
وزارة االقتصاد والمالية ،في فبراير 2013مركز االمتياز الخاص بميزانية النوع االجتماعي ،لكنه
بقي بعيدا عن تحديث المفاهيم وتعميقها وشمولها لقطاع الضرائب .
ولم تضم المراجعة اإلستراتيجية التي أتمت مرحلتها الثالثة في 2012الواجب الضريبي العام أو المحلي
،لكنه أقر بمبدأ الشمولي ة ،ويبقى التوقع لصيقا بالمستقبل من أجل إخضاع الجبايات المحلية في مرحلة
رابعة لمقاربة النوع .
وبخصوص الولوج المنصف للجنسين إلى الحقوق االجتماعية فقد ركزت الدولة على ما دعته ،تزويد
القطاعات االجتماعية بالقدرة المؤسساتية الدائمة التي تجعل من المساواة بين الجنسين مبدأ للحكامة
الناجعة في إنجاز الميزانية وتقديمها وتتبعها وتقييم نتائجها ،وفي هذا الصدد ال يقترح في باب الحقوق
االقتصادية أداء الواجب المالي المحلي والمركزي على صعيد الضريبة المحلية والضريبة العامة ،بل
يكرس منطق المساعدة في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي انطلقت في نفس السنة التي اعتمدت
فيها وزارة المالية مقاربة النوع (. )2005
ولم يخدم هذا التزامن في ولوج المرأة للمقاولة الفردية ،ألن الذكاء الضريبي منعدم ،فانتهت المرأة إلى
البحث عن العمل ،وتبقى مساهمتها في سوق الشغل ضعيفة ،حيث لم يتجاوز معدل نشاطها 24,7في
المائة عام . 2012
164 -www.finances.gov.ma/docs/2014/DEPF/rapport-genre2013-synthese-arabe.pdf
62
والبد من تسوية النوع في الضرائب ـ عامة ومحلية ـ لولوج النساء إلى القروض والعقار والملكية ،
وتأتي الجبايات المحلية متقدمة عن غيرها في هذه المعادلة ،خصوصا على صعيد العقار والملكية ،
واالستفادة بشكل متساو من اإلعف اءات الضريبة المحلية والعمل على تجاوز الفجوة التي يحدثها اإلرث
والتأخر التاريخي لنشاط المرأة ومبادرتها ، 165ليكون موضوع العدالة في الواجبات المالية المحلية
والعامة ميكانيزما رئيسيا إلصالح الميزانية .
ويكاد المجتمع الوطني ،من خالل ميزانية ، 2016والمجتمع الدولي أن يكرسا أهداف التنمية لما بعد
2015على أسس جديدة تراعي مبادئ اإلنصاف ومبادئ النمو الشامل ،ولن يتحقق هذا المفهوم دون
إدماج النوع االجتماعي ،كما جاء في الخطاب الملكي إلى المشاركين في المنتدى العالمي الثاني لحقوق
اإلنسان المنعقد شهر نونبر 2014بمراكش ،وقال في عبارة موحية ( إن المغرب يعتبر هذه المسألة
من المحاور الرئيسية لسياساته العمومية ،السيما من خالل اعتماد ميزانيات تأخذ بعين االعتبار البعد
الخاص بالنوع ،وهي نفس المقاربة التي أقرتها األمم المتحدة كآلية رائدة ،كما أننا نعرف أن أمامنا
الكثير مما ينبغي القيام به) ، 166والوصول إلى جندرة (الجبايات المحلية) مسألة وقت لوجود إقرار
رسمي باعتماد هذه اآللية الشاملة ولتوجيهها نحو تمتع المغربي بمختلف أجيال حقوق اإلنسان بدون
تمييز في إطار ديمقراطية تشاركية محترمة للكرامة اإلنسانية .
وإدماج البعد الخاص بالنوع في الجبايات المحلية يدخل في :
1ـ دعم تنسيق القوانين الوطنية ،ومنها الظهير الشريف 1.50.591الصادر في 19من ذي القعدة
3 ( 1423نونبر )2007بتنفيذ القانون رقم 47.06المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ،مع التزامات
المغرب الدولية في م جال حقوق النساء ،كما تؤكدها الشراكة مع األمم المتحدة وترمي هذه الشراكة إلى
إعداد دليل في إطار إدماج مقاربة حقوق اإلنسان في السياسات العمومية .
2ـ دعم " القدرات التنظيمية والتقنية" في إطار وضع قانون الجبايات المحلية ضمن المكون الرابع
المتعلق بمسلسل تنسيق الترسانة القانونية الوطنية والوثيقة المشتركة بين المغرب واالتحاد األوروبي .
وال بد من انفتاح الوزارة الوصية ( وزارة الداخلية ) على الشراكتين األممية واألوروبية العتماد
المكون الرابع ،وتوصيات األمم المتحدة ذات الصلة ،فور إخضاع كامل الميزانيات ـ على صعيد
ا لموارد واإلنفاق ـ لمقاربة النوع المرتكز على منطق القرب كما تجسدها الجبايات المحلية .
3ـ أن الجبايات المحلية المطابقة للنوع آلية إلصالح الميزانية المستجيبة لنفس المقاربة في إطار مقاربة
تنافسية تساعد على تحسين التأثيرات اإليجابية لهذه الحقوق على الساكنة المستهدفة ،وتحصيل المبدأ
الذي يدمج الجبايات المحلية في قطاعها داخل الميزانية العامة ويفرض على الجبايات المحلية أن
تستجيب للنوع ضمن االستجابة الموازناتية لذات المقاربة وقد اعتبرت األمم المتحدة هذه الخالصة "
مبدأ" ويمكن القول أن خضوع الجبايات المحلية لهذا المبدأ قرار قانوني وقرار اقتصادي ناجع وشامل .
ـ قام فريق عمل من المعهد المغربي لإلداريين برئاسة وزارة الشؤون العامة والحكامة بدراسة حول تمثيلية النساء داخل هياكل حكامة المقاوالت الكبرى
العمومية والخاصة ،وتشير خالصات هذه الدراسة المقدمة في أبريل 2013إلى أن أقل من نصف هذه المقاوالت تضم امرأة واحدة على األقل في هياكل
165الحكامة ( تقرير وزارة المالية ل )2013بما يعني أقل من 50في المائة من المقاوالت تضم تمثيال ضعيفا في حدود تمثيل 1في المائة .
166 - www.chamberderepresentants.ma/sites/defaut/files/genre-ar.pdf
63
المطلب الثاني :آليات اإلدارة القطاعية والترابية ( وزارة الداخلية)
االستقالل المالي للجماعة الترابية يكاد يالزم مجال " الجبايات المحلية" ،وإخضاع هذا االستقالل
للمساواة بين الرجل والمرأة يدعم العالقة" الصحية" بين اإلدارة المركزية الوصية لوزارة الداخلية ،
وبين اإلدارة المحلية (الجماعة الترابية) ،فقيمة المساواة تفرض على كل األطراف المتدخلة تبني مقاربة
موجهة بالنتائج .
وتالزم مقاربة النوع والمقاربة الموجهة بالنتائج يخدمان التنمية الترابية على ضوء مؤشرات التنمية
البشرية المستدامة انطالقا من "الموارد" وإلى "األهداف" .
وكما هو معروف ،فإن وزار الداخلية المغربية تدير مبادرة وطنية للتنمية البشرية ال تخضع لمقاربة
النوع ،وال تمثل صراحة المقاربة الملتزمة بالنتائج كما تطلبها من الجماعات الترابية .
ومن المهم ضمن اآلليات الفاعلة في التنمية استجابة ميزانية وزارة الداخلية لمقاربة النوع ،وبها يمكن
الوصول إلى إخضاع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى نفس المعيار ،في اتصال مع الجماعة
الترابية الخاضعة مواردها لمساواة الجنسين ،وتتلقى تمويال من المركز خاضع بدوره لنفس القيمة .
ومن الضروري أن نعترف ،من البدء ،أن المالئمة جزء رئيسي في التنمية الترابية " المناسبة"
والتمويل المتناسب من الموارد المحلية والتمويل المركزي ،في ظل الصالحيات القانونية والواقعية
للجماعة الترابية في عالقتها بوزارة الداخلية .
ويعد االستقالل الموازناتي إشكاال فعليا بقياس مدى قدرة الجماعة الترابية على جبايات محلية تضمن
التمويل الذاتي الضامن الستقالل محلي ؛ وخضوع كل الميزانيات لمقاربة النوع يربط الجبايات المحلية
بنفس المعيار ،وبه يمكن إخضاع كل الموارد ومضامين الميزانية المحلية ،من الجبايات المحلية ومن
تمويل مركزي قادم من وزارة الداخلية ،لمساواة الجنسين .
وال يمنعه في كل األحوال ضعف الجبايات المحلية من الخضوع لمقاربة النوع ( الفقرة األولى) ألنها
بنية محورية في االختصاصات الترابية ( الفقرة الثانية) التي يجب تحديثها من أجل الوصول إلى حكامة
ترابية مندمجة ومنسجمة وقادرة على إعادة تدوير وإدارة الموارد الذاتية ،بما فيها الضرائب المحولة
والتي أصبحت بدورها رسوما ترابية ،ومطابقتها للنوع حل إجرائي لبناء التنمية المحلية ( الفقرة الثالثة)
64
الفقرة األولى :ضعف الجبايات المحلية ال يمنعها من الخضوع لمقاربة النوع
تعتبر الجبايات المحلية هي الموارد الذاتية للجماعة الترابية ،وأهم عناصر النظام الالمركزي ،ألنها
الضامنة لمبدأ االستقالل المالي للمكون الترابي ،ومع ذلك تعاني ضعفا بنيويا لرغبة المركز في عدم
الوصول باآلليات الحديثة للتدبير وأشكال اإلدارة واالستقالل اإلداري إلى مستويات متقدمة .
واالستقالل المالي للهيئات الالمركزي ة مرتبط باألساس القانوني لهذه الموارد ،ومدى مساهمتها في
تمويل الميزانية المحلية .
وأوردت الترسانة القانونية مستوى متقدما مما يسمى ب (الالمركزية الجبائية) وفصلت في بعض
مضامينها 167مما يؤكد أن النصوص القانونية المسطرة :
1ـ غير محترفة وال متكاملة وال تشمل في تفاصيلها كل ما يتعلق بهذه الالمركزية الجبائية
2ـ مؤشرات التمويل الذاتي للتنمية الترابية 168غير محددة أو مبوبة لتحقيق فائض مالي موجه
للمشاريع المقررة على صعيد البنية التحتية أو مشاريع التنمية المستدامة .
ورغم كثرة وتعدد الجبايات المحلية فإنها لم تحقق سوى نسبة 21في المائة من مجموع مداخيل التسيير
كمعدل سنوي منذ 2006بالنسبة للجماعات الترابية 169مقابل نسبة تعدت 40في المائة خالل سنة
170
2005
وفي ظل هذا التراجع الواضح ،يظهر للعيان أنه كلما تقدمت المملكة نحو الجهوية الموسعة ،تزداد
القناعة بأن تطوير وتحديث الجبايات المحلية ضرورة ،وإن لم يتحقق على أرض الواقع ،لكنه يشكل
العنصر البارز في النسق المالي ،رغم تجاوز التمويل المركزي ل 50في المائة عبر الحصة من
الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات الموجهة للجهات ،والحصة من الضريبة على القيمة
المضافة الموجهة للجماعات المحلية.
وال يمكن القول بتقدم النسق المالي الجهوي وباقي الجماعات الترابية دون اعتماد مقاربة النوع باقي
المقاربات في التدبير المؤسسي الفاعل لتعزيز واقع االستقالل المالي من خالل تعبئة التمويل الذاتي،
وتحسين قدرته في إدارة التنمية الجهوية والترابية .
ويمكن الوصول إلى مالحظات منها :
و 167ـ الفصل 17من ظهير التنظيم المالي لسنة 1976الذي يطابق المادة 180من مدونة الجماعات الترابية الفرنسية الصادرة بقانون سنة ، 1995
إلى اآلن ليس في المغرب مدونة متكاملة للجماعات الترابية ،رغم اعتماد الجهوية ،وعدم ورود الجبايات "الجهوية" في تقديم مشاريع الالمركزية
بالمملكة .
65
أ ـ أن القوانين التنظيمية متأخرة على صعيد الزمن السياسي واإلداري ،وعلى مستوى األهداف ،إن
لجأنا إلى المقاربة الموجهة بالنتائج ،فهي أيضا متأخرة على صعيد الزمن االجتماعي لعدم اعتماد
مقاربة ( النوع) .
والبد من استثمار المقاربات الحديثة لتدبير جبائي محلي متقدم وعميق يضمن مساواة الجنسين .
ب ـ أن مقاربة النوع في الجماعات الترابية تجد أساسا لها في مساواة الجنسين داخل الوظيفة العمومية ،
لتوجه أغلب ميزانيات الجماعات المحلية إلى تمويل التسيير ،مقابل تمويل للمركز يصل في بعض
الجماعات إلى 90في المائة ،بما يفيد سيطرة اإلدارة المركزية على الطواقم اإلدارية المنتدبة والوصية
على عمل الجهات والعماالت .
و نجد أن الموارد الذاتية للجهات تحقق أعلى النسب لتمويلها ما يزيد عن 40في المائة من مجموع
مداخيل التسيير ،تليها الجماعات الحضرية ب 27في المائة ،فيما ال تتعدى النسبة 20في المائة في
الجماعات القروية .
وهذه اإلحصائيات التي نشرتها الخزينة العامة للمملكة 171تدفع إلى تبني ثالثة مؤشرات :
أ ـ كلما زاد ضعف نسب الجبايات المحلية تدنت درجة االستقالل المالي المرتبط بالقدرة على التمويل
الذاتي ،وكلما خضعت الجبايات المحلية لمساواة الجنسين ارتفع منسوب التمويل الذاتي على األقل بنسبة
8في المائة عن المعدل السنوي لدرجة االستقالل المالي في العشر سنوات األخيرة والبالغ ( 67في
المائة ) ،ألن قسمة مبلغ الجبايات المحلية على مبلغ النفقات الجارية ( نفقات التسيير ،باستثناء الفائض
المحول لمشاريع البنية التحتية أو التجهيز) يكون احتساب المشاركة في الضريبة المحلية وعدم التملص
ـ الضريبي ـ ضمن النسب المتأخرة عن األداء .
ويحقق تطبيق جبايات النوع ،بشكل تلقائي ،االنتقال إلى ضريبة محلية متوازنة تضمن تمييز االستثمار
التنموي المستهدف لخفض البطالة و الحفاظ على البيئة و التراث و المشاركة المتساوية للجنسين
وغيرها من مشاريع التنمية البشرية .
ب ـ الجبايات المحلية المطابقة للنوع تقوم بتحسين الموارد بشكل مباشر فتتراجع القروض لكونها األداة
الملحة 172لقيام الجماعة الترابية بمهامها وممارستها الختصاصاتها الكاملة ،وأي تفصيل (جندري)
للضريبة المحلية يقدم الشفافية معيارا الئحيا يمنع التملص ويقر األداء .
ج ـ أن أي فجوة في النظام الجبائي المحلي تعزيز لتبعية الجماعة الترابية للمركز ،وأي عالقات صحية
بين الوزارة الوصية ـ والمركز عموما ـ والجماعة المحلية تنبني على جبايات عادلة ومتساوية بين
الجنسين .
وعوض أن يوجد التمويل المركزي التعادل أو الموزانة النسبية أو التناسبية 173تكون الضرائب التناسبية
بين الرجل والمرأة داعما على تناسب آخر بين تدبير الشؤون الترابية ومتطلبات التنمية .
171 - TGR bulletin mensuel de statiques des finances locales , décembre , 2014
172 - Gilbert (g) Genguant (A), évaluation de la performance péréquaterice des concours financiers de l’état aux
communes , Revenue économie et statistique n ° 373 , 2004 , p : 81
173 - péréquation
66
وما يطرحه أكاديميون حول تجويد (التناسب) بين الدولة ومالية الجماعات ال يخرج عن مقاربة النوع
على صعيد الموارد والنفقات ،بأسلوب يخدم الجودة الضريبة المحلية ،ومعامل الجودة بشكل عام في
المالية العامة ،والجبايات المحلية حسب عبد اللطيف بروحو تتضمن باألساس الجبايات الترابية التي
أوجدتها الدولة ،وتنازلت بموجبها عن مواد كان يفترض أن تتم لفائدة الميزانية العامة ،قصد تمكين
الجماعات الترابية من تدبير شؤونها ، 174وال يمكن في هذه الحالة سوى تطبيق الدولة لمقاربة النوع
على باقي الجبايات ،وباقي المالية العامة المتدخلة ،والمشكلة ال ستمرار اختصاصات الجماعة الترابية ،
والتهييء لمالية جماعية متكاملة وتعادلية .
ويمكن في هذه المرحلة ،أن نعمد إلى خالصة مفادها أن الجبايات "التعادلية " ،وفي حالتنا الضريبية
المحلية " المتعادلة" بين الرجل والمرأة ـ ضمن عموم " التعادلية" للجنسين ـ هي القادرة على تحقيق
التوازن المالي في إطار إرادوي ـ تطو عي ينتقل إلى مأسسة الخيار لتخفيفه الفارق بين الرجل والمرأة
في األداء الضريبي ،وأيضا في برمجة المشاريع الموجهة بالنتائج .
وال يمكن في النظر الغربي تجاوز التباين بين إمكانيات التمويل وتدخالت الجماعة الترابية في التنمية
الشاملة إال بتحويل اإلمكانيات والموارد إلى شفافية مطلقة والئحية من خالل جبايات محلية مطابقة للنوع
،وتحويل األهداف التنموية إلى المقاربة الموجهة عبر النتائج ،ألن الهدف يقوم على قواعد قيمية
أساسها مساواة الجنسين لمساواة كاملة بين الجهات ،وباقي الجماعات الترابية والمركز وهيئات
الالمركز والجبايات المحلية العامة .
ولما سبق ،يمكن القول أن الموازنة التعادلية ( أو التنافسية) لن تتحقق في تطبيقها العلمي والقيمي إال
من خالل مقاربة النوع .
وتوضح التجربة الفرنسية المعتمدة على " الموزانة التعادلية" والتي يقرها المغرب في إدارته الترابية أن
تصحيح االختالالت والفوارق يب دأ بين الملزمة والملزم ،بتطبيق مقاربة النوع على الجبايات المحلية
وتنتهي بتجاوز باقي الفوارق أو الالتوازن ليس المالي فقط ،بل كل مظاهر الالتوازن 175على مستوى
الجماعة الترابية ثم الجماعة الوطنية .
وهذا الجيل الجديد في اإلصالحات يقترح مقاربة النوع ،لبناء توازن في األداء واإلنفاق في كل
المستويات ،ألن التعويضات التوازنية تحاول أن تتج اوز خلال في الجبايات المحلية ،ومن المعلوم أن
هذه الفجوات تتواصل عبر صرف مداخيل الميزانية العامة للدولة .
وترى فرنسا أن من المهم التحقق من الضرر الواقع على الجماعة الترابية قبل إقرار (المقاصة) .
والمغرب مضطر حاليا إلنشاء صندوق المقاصة بين الجهات والجماعات الترابية176بعد أن تخلص من
صندوق المقاصة لدعم المواد االستهالكية األساسية .
ـ عبد اللطيف بروحو ،مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية ،مرجع سابق ،ص 287 :
174
175 - Reforme des dotations de l’état aux collectivités locales , pub.DGGL-France , fiche n ° 1 , 2003 p : 2
176 - circulaire sur les composations a verser en 2008 note de le ministère de l’intérieur français , n ° INT /08/696 du
67
الفقرة الثانية :استقالل الجبايات المحلية المطابقة للنوع بنية مركزية لالختصاصات الترابية
سيدخل المغرب بجبايات محلية مطابقة للنوع مرحلة متقدمة في تطور االستقالل المالي للجماعة الترابية
،من واقع استقاللها الفعلي والواسع على أساس التكلفة المحاسبية لكل مجال ولكل ملزم وملزمة ،
باإلضافة إلى باقي المعطيات المتعلقة بعدد السكان والمساحة وغيرها .
ويضم بروفيسور (سوكيل) معيار (الجندر) في القياس العلمي لتقدير الموارد الجبائية وتكاليف
التدبير. 177
وفي تغيير صيغة التمويل المركزي ينتقل من النفقات ذات الطابع االستهالكي إلى التدخل التنموي،
والتمويل الجماعي إلى التنمية البشرية والتنموية ،باإلضافة إلى تحسين البنية التحتية لالستثمار .
ولن يكون هذا التدقيق الجوهري لالختصاصات دون واردات مستجيبة للنوع ،ولقيمة المساواة بين
الجنسين ،بهدف استقالل مالي للجماعة يوسع قدرتها على إنعاش تنميتها االقتصادية واالجتماعية
والثقافية ،وخلق فرص الشغل والتعمير. 178
ويمكن للجماعة الترابية عبر الموارد الجبائية المطابقة للنوع خلق فرص الشغل ،ومرة أخرى من خالل
مساواة الرجل والمرأة يكون التنافس بين االستقالل المالي للجماعة المحلية واألهداف التنموية قد عزز
من المهام التنموية للجماعة الترابية التي تتغلب بها على إكراهاتها المالية ،فهي تستثمر في عنصرها
البشري لتحقيق تنمية بشرية ونمو االستثمار الخاضع للجندر والخالق لفرص الشغل المطابق للنوع .
ويكاد يجمع المتخصصون على حداثة التجربة الحالية في المغرب ،والتي ال تزال في بدايتها ،وال
تسمح بإجراء تقييم لقدرة المنظومة الجبائية والمالية لتحقيق االستقالل المالي ،أو دعم التدبير الذاتي
للتنمية المجالية ،وتبقى التجربة مقتصرة على إصالحات 2002المتعلق بالميثاق الجماعي السابق
والقانون المنظم للعماالت واألقاليم" ، 179وقد كان هذا التطور يفرض نوعا من الموازنة والمقايسة تؤدي
إلى تطور مالي وموازناتي متناسب يمكن الجماعات الترابية من مواجهة التكاليف التي ترتفع باستمرار
عبر تمويل ذاتي يغطي تكاليف ممارسة المهام وتنفيذ المشاريع التنموية الترابية وهي الخالصة التي
اعتمدها الدكتور عبد اللطيف بروحو أخذا بتوصية أممية صادرة في تقييم تجربة موريتانيا. 180
والمفيد في هذا الباب التذكير بمالحظتين جوهريتين :
1ـ أن المداخيل الذاتية للجماعات الترابية ،أي ما يفوق 7,2مليار درهم سنة 2005يعود في أغلبها إلى
جبايات محلية ،وعوض أن تذهب للتسيير وتدير الوزارة الوص ية المشاريع التنموية ،يجب أن تذهب
المداخيل الذاتية أو ميزانية الجباي ات للمشاريع وتساعد وزارة الداخلية في التسيير ،وهو دورها
القانوني.
177 - soguel (n) comprendre le fonds de péréquation intercommunal audois , IDHEAP , Lausanne ,
hHp://www.idheap.ch, juillet 2007 , p : 57
ـ محمد عامر ،إشكالية التخطيط االستراتيجي والتنمية الترابية ،أشغال الندوات المنظمة خالل سنة 2005ل "تدبير الشأن المحلي"،منشورات وزارة 178
الداخلية ،المديرية العامة للجماعات المحلية ،الطبعة األولى ، 2006 ،ص 104 :
ـ الدكتور عبد اللطيف بروحو ،مالية الجماعات الترابية ،...مرجع سابق ،ص 291179 :
ـ التقرير الوطني حول التنمية البشرية المستدامة والفقر ،عن منشورات صندوق األمم المتحدة للتنمية ، 2005 ،ص 180 108 :
68
وبهذه الخطوة يتخفف الواجب التدخل الرقابي المبالغ فيه ،وتتجه البرمجة المالية بما يطابق مقاربة النوع
في استخالص الواجب المالي المحلي ،و توجيهه نحو اإلنفاق التنموي ،ويكون دعم وزارة الداخلية
إداري وعلى صعيد التسيير .
2ـ أن اإلصالح الشمولي للمالية يفترض مقاربة النوع في االستخالص الجبائي المحلي الرتباطه بالتدبير
التنموي في إطار إدراج أدوات معادلة الجنسين والتضامن المالي بين الجماعات الترابية 181ولن يكون
هذا التضامن قائما دون تضامن بين الرجل والمرأة كي تستقيم اآلليات مع األهداف ،إن على مستوى
االستخالص ـ من الملزم والملزمة نحو الجماعة ـ أو التحويل ( من المركز إلى الجماعة الترابية).
العتماده على عنصر المالئمة لنص القانون بأن االعتمادات المالية يجب أن تكون "مناسبة" للجماعة
الترابية .182
وإذا لم يتحقق اختصار تدخل الوزارة الوصية في المساعدة اإلدارية ،وتوجيه التحويل المالي المركزي
إلى التسيير ،واالنتصار لتحويل الجبايات المحلية إلى ( المش اريع التنموية) على أساس مقاربتي النوع
في االستخالص واإلنفاق الجماعي ،والمقاربة الموجهة بالنتائج ،فإن الجبايات المحلية والتنظيم
الجماعي الحالي لم يكونا في مستوى التحديات والرهانات ،فإذا كان النص القانوني يتحدث عن " نقل
االختصاصات" فإن تحويل االعتماد من ال وزارة الوصية إلى الجماعة الترابية يكون مشروعا جاهزا
للتنفيذ مع التحويالت المالية المالئمة بواسطة الرخص الخاصة بناء على الفصل 15من ظهير التنظيم
المالي المحلي لسنة ، 1831976فيما يكون تحويل الموارد في النظام الفرنسي عبر ( المساهمة الخاصة
ضمن منحة إجمالية) 184مما يعطي للجماعة الترابية الحق في تحديد مشروعها التنموي ويسهل مطابقته
للنوع ،وعلى أساس جبائي محلي مستقل وخاضع بدوره لمساواة الجنسين .
الفقرة الثالثة :تحديث الجبايات المحلية نحو مطابقتها للنوع " حل إجرائي للحكامة الترابية"
يحفز تطوير مالية الجماعات الترابية ،كهدف مركزي للمواطن وللدولة ،التحديث على مستوى دعم
الجبايات الترابية بعقلنتها ومطابقتها لمعيار النوع ،وهو ما يجب أن يخضع له نظام التمويل المركزي
للوصول إلى حكامة ترابية مندمجة ومنسجمة وقادرة على إعادة تدوير إدارة الموارد الذاتية ( وتشمل
الضرائب المحولة التي أصبحت بدورها رسوما ترابية محددة في الرسم المهني (الباتانتا) والرسم على
المباني ثم الرسم على الخدمات الجماعية ـ ضريبة النظافة سابقا ـ ) للجماعة المحلية بما يناسب األهداف
التنموية المرجوة ،بعيدا عن ربط التمويل المركزي بالتدخالت على وجوهها الثالثة :التوجيهي ،
التقريري والتنفيذي في سياسات الجماعة ، 185ومن خالل وحدة المعايير ،إن على صعيد التمويل
181 ـ محمد عامر ،إشكالية التخطيط االستراتيجي والتنمية الترابية ،مرجع سابق ،ص 116 :
المنظم182 المادة 43من الميثاق الجماعي السابق لسنة ،2002والمادة 37من القانون المنظم للعماالت واألقاليم لسنة ، 2002والمادة 8من القانون
للجهات لسنة 1997
ـ عبد اللطيف بروحو ،مالية الجماعات الترابية ،مرجع سابق ،ص 183 294 :
184 - Article 26 de la loi n° 2004 – 809 du 13 aout 2004 relative aux libertés et responsabilités locales , jorf n° 190 du
69
المركزي والمحلي ،كي يعمل المتدخالن على مالية مطابقة للنوع عبر مقاربة موجهة بالنتائج ،وال
يمكن فصل التحديثين المتوقعين في أي حل إجرائي لحكامة ترابية متقدمة .
يقول فريزون " :األمر ال يتعلق باستقالل جبائي صرف 186بقدر ما يجب أن تكون المالية المحلية
مستوفية للشروط والمعايير الجديدة للتدبير ،وتدعم مقار بة النوع التضامن المالي على أن تخضع
مصادره لقيمة المساواة بين الجنسين" .
والمقاربة الفرنسية ترمي إلى إخضاع 40جباية محلية ورسم ال مركزي لمقاربة النوع لتحسين قدرتها
على التمويل الذاتي الموجه للتنمية البشرية ،لكنها ،لم تأخذ بعين االعتبار ما قلناه حول توجيه منحة
المركز لميزانية التسيير ،ونقل مالية الجبايات المحلية للتنمية الترابية .
والواقع في رأيي ،أن االرتباط القائم بين الموظف في المركز وفي الهيئات الالمركزية على أساس
إداري ووحدة معايير الوظيفة العمومية يؤهالن الشروط لقرار تحويل منحة وزارة الداخلية في النظام
الفرنكوفوني ـ في فرنسا األم ،وفي المغرب ـ إلى ميزانية التسيير ،وتحرير التنمية من هذه التبعيات
المصط نعة ،والمعرقلة لتطور االستقالل المالي لإلدارة الترابية .
وأ عتقد أن الجبايات المحلية المطابقة للنوع ،في تقاطعها مع باقي الميزانيات المستجيبة لنفس المعيار،
هي الحل اإلجرائي لحكامة ترابية لها القدرة على بناء إدارة جماعية وترابية قادرة تقوم بتثمين استقاللها
المالي تنمويا .
وإذا كانت مقاربة النوع بنية داعمة لعمل ترابي مشترك ومتساو بين الجنسين فإن العمل الجماعي لن
يكون دون الجمع المتساوي بين الرجل والمرأ ة في األداء وفي اإلنفاق ،وفي عالقتهما بالتراب المحلي
ثم الوطني ،ومن خالل هذه األبعاد التي تبدو فيها دورة الواجب المالي المحلي والتنموي واحدة ،يتشكل
جوهر المقاربة المندمجة التي يعمل عليها الجميع بين القطاعات وبين الفاعلين ( الرجل والمرأة) ،ألن
العامل اال عتباري والشخصي في خلق التنمية المحلية ركن رئيس في أي إستراتيجية ميدانية .
186 - Frizon (R ) Marand (A.C) renard (s) et scarbonchi , la perception de l’autonomie financière des collectivités
locales en Europe : Quels enseignement pour la France , étude collective des élèves administrateurs territoriaux de
l’inet , SNFPT, 2001 , p : 18
70
المطلب الثالث :العمل الجماعي المستجيب للنوع ضمانة مؤسسية لجبايات خاضعة لنفس
المعيار
الشك أن العمل الجماعي المستجيب لمقاربة النوع ضمانة إستراتيجية ومندمجة لجبايات محلية خاضعة
لنفس المعيار ،من حيث العالقة العضوية والمنهجية بين الجانبين الرتباط موارد التنمية المحلية بتدبير
الشؤون الترابية ،والجبايات المحلية على العموم ليست أداة االستقالل المالي للجماعة الترابية فقط في
ارتباط بشروطها المادية والموضوع ية والوظيفية ،بل هي اختصاص تدبيري وتنفيذي يؤسس لتنمية
مقرونة بالنتائج ،مساواة للجنسين .
وال تنفصل نتائج التدخل التنموي للجماعات الترابية المؤمن بعدالة الرجل والمرأة عن جبايات محترمة
للنوع ،لتأسيس " عدالة الموارد " في مقابل" عدالة النتائج" ،التي يفرضها العمل الجماعي الهادف إلى
إيجاد البنيات األساسية واستقطاب االستثمارات بهدف رفع عيش السكان 187المرتكز على مساواة
الملزم والملزمة ،المواطن والمواطنة ،والذكر واألنثى بصفة عامة .
وتكاد األمم المتحدة أن تضع عيش السكان والسكن داخل الجماعة المحلية مؤشرا واحدا لمقاربة النوع
يضم :تمكين المرأة من سالمتها وأمنها وسكنها ضمن مداخل الحكامة الترابية 188ألن المسألة تتعلق
بحكامة محلية جيدة تؤمن بمساواة النوع واالندماج االجتماعي في ظل جماعات محلية و"تنموية" ال تهتم
فقط بإدارة ا لتراب والملكية والهيمنة بل بمختلف أعمار ونوع اإلنسان المنتمي إليها ،كما تقول "أنا
تيبايجوكا" المديرة التنفيذية لبرنامج اإلسكان في األمم المتحدة .
والتمدين المنطلق من الجماعة الترابية والمتصل بالتغيرات والتحديات المجتمعية هو الوجه الجديد
لمساواة النوع ،والبد في هذا السياق من معالجة مشكل العقار والملكية بين الجنسين وتوجيه اإلعفاءات
والجبايات المحلية بما يناسب ردم الفجوة بينهما ،وبناء هرمية ضريبية انطالقا من الملكية بين الجنسين
في تراب الجماعة المحلية ،وهو العامل المناسب لعمل جماعي مؤمن بالتنمية ،وخاضع بكل أجهزته
وآلياته ووظائفه لمقاربة النوع من أجل وصول المقاربة إلى كل قطاعات الجماعة الترابية ،وفي
مقدمتها :الجبايات المحلية .
187 - Denault (P), les pouvoirs d’interventions des municipalité dans le domaine économique , bulletin municipal ,
vol 22 , n°3 , Québec , décembre 2002 , p :141
188 - Gender mainstreaming in local authorities , best practices , UN.Habitat , 2008
71
واإليمان بالتوجه من الجبايات المحلية ،انطالقا من الملكية نحو العمل الجماعي إلخضاعه لمقاربة
النوع أو النزول بهذه المقاربة من الميزاني ة العامة والوزارة الوصية إلى الجماعة المحلية ،وبالتالي أحد
قطاعاتها :الجبايات المحلية ،يؤكد على خالف منهجي بين األنجلوفونيين والفرنكوفونيين ،ويؤسس
لعمل أفقي وآخر عمودي يساهم في نفس النتيجة .
والعمل الجماعي المستجيب للنوع ضمانة مؤسسية لجبايات محلية خاضعة لنفس المعيار ،فيما تكون
الجبايات المحلية بنية إستراتيجية مندمجة لمساواة الواجب المالي المحلي بين الجنسين وتمويل النتيجة
التنموية المتعادلة بين الرجل والمرأة .
والواقع أن الجماعة الترابية ليست مجموعة فقط لتم كين المرأة محليا ،بل هي إدارة تضمن المدخل إلى
العدالة ،وفي مقدمتها العدالة الجبائية المحلية وتوجيه ماليتها للتعليم وباقي الحقوق األساسية ،كما في
الدول النامية ،أو إدارة ميكانيزمات التقدم في كل القطاعات خصوصا التخطيط والنقل في المدن
والسكن والخدمات العامة ( 189التجربة األوروبية) .
والبد للعمل الجماعي المغربي من التحرك على هذين الصعيدين لمعالجة فجوات الوضع القائم ،وأيضا
عدم السقوط في تخطيط يناهض مقاربة النوع ،ألن أي خطة تقليدية للتنمية ،فهي في األصل مبنية
على التمييز ،وال يمكن قبوله حاليا من الناحية القانونية (قرار المجلس األوروبي رقم 1922ل 20
دجنبر ، ) 2006وعلى صعيد مخططات التعمير في الجبايات الترابية ،انطالقا من مذكرة األمم المتحدة
لعام 2000ومخططها المعروف المعايير منذ 1902002والمتمثل في المؤشر المناطقي لقيادة "التدفق
الرئيسي للنوع " أو حساب" مؤشر قيادة تدفق النوع في منطقة أو جماعة ترابية محددة " .
ويمكن الجزم أن المخطط العمراني ـ أو الحضري ـ والتنموي للجماعة الترابية وتلبية الحاجيات
ومصالح المواطنين على الصعيد المجالي أو الترابي يكون من خالل االستقالل المالي الذي تضمنه هذه
الجبايات .
والتدخل التنموي يتطور بالتناسق مع التطور المجتمعي 191وفي مقدمته االندماج االجتماعي المؤسس
على مساواة النوع .
وإن كانت األسس المفاهيمية ال تخلق إشكاال ،ألن العمل الجماعي المطابق للنوع يشمل الجبايات
المحلية المستجيبة لنفس المعيار ،فإن مساعدة الجبايات المحلية في االستقالل المالي للجماعة بهدف
تحقيق أهدافها التنموية ،من العدالة الجبائية المحلية إلى "العدالة العمرانية في تصميم المدن" ،هو الذي
يطرح حدودا قانونية ومادية لهامش المبادرة الجبائية في األداء التنموي المتاح للهيئات الالمركزية في
المغرب .
ويحقق هذا األداء العد الة الترابية ( الفقرة األولى) ألن الجبايات المحلية المطابقة للنوع تحددها
الجماعات المنتخبة على قاعدة المناصفة ( الفقرة الثانية) ،وتشكل هذه الجبايات المستجيبة لمساواة
الجنسين بعدا ترابيا للتنمية (الفقرة الثالثة ) .
72
الفقرة األولى :الدور التنموي للجبايات المحلية المطابقة للنوع في تحقيق عدالة ترابية
قد يكون الدور التنموي القادم من مفهوم العدالة الترابية أو "عدالة التراب بين الجنسين" منطلقا من
العدالة الجبائية إلى العدالة العمرانية في تصميم المدن ،وهذا العامل حاسم ونهائي وقادر على برمجة
الميزانية وفق الحاجيات المتساوية بين الرجل والمرأة .
وال يمكن الحديث عن استقالل مالي دون جبايات محلية مطابقة للنوع تتجاوز عالقة التمويل الذاتي
بالتمويل المركزي إلى عالقته مع مساواة الجنسين في برمجة المشاريع التنموية الترابية عبر إخضاع
الميزانية الترابية لمعيار النوع االجتماعي .
وفي هذه الحالة ،يمكن أن يكون اال ستقالل المالي أكثر شموال ،من خالل ترسيخ مبدأ التدبير الحر
للشؤون المالية والتنموية للجماعة الترابية ،بعيدا عن فرض مشاريع تنموية ال عالقة لها بما يتم تقريره
محليا ،كما في البرامج المنصوص عليها في المادتين 4و 24من ظهير التنظيم المالي لسنة . 1976
وإذا كان التمويل المركزي للمالية الترابية في فرنسا لتقليل الفوارق بين القدرات المالية ألصناف وأنواع
الجماعات الترابية وضمان الحد األدنى من الخدمات " 192فإن إخضاع هذا التمويل لمقاربة النوع يقلل
من الفوارق ا الجتماعية ويساهم في تجاوز الفوارق كإحدى أهدافه .
وتنظيم العالقة بين الجبايات المحلية ومدى التدبير المستقل للشؤون الترابية في الحدود الذي تغطي فيه
هذه الجبايات ما ال يقل عن 33في المائة من النفقات الترابية ،قادر على تحقيق تنمية محلية ،وهذا
الشرط ،كما يقول "هويفيل" ،هو المعدل الواجب لإلجابة عن سؤال التنمية ، 193وستكون الجبايات
المحلية ،في هذه الحالة اضطرارا وليست اختيارا ،مطابقة لمعيار النوع االجتماعي .
وانتقال المغرب إلى هذا المعدل العالمي ـ واألوروبي تدقيقا ـ يؤسس لخطوة أعتقدها جوهرية وتتمثل
في :توجيه مساعدة المركز لميزانية التسيير والتوجه بالميزانية المستخلصة من الجبايات المحلية إلى
73
االستثمار ،لربط األهداف بالموارد ،دعما لهامش أكبر في التدبير الحر ،وتحقيق التنمية الترابية
بمشاريعها الذاتية وقرارها المستقل .
فالمهمة الرئيسية للتنمية الترابية معتمدة على ركنين :ربط مضامين التنمية المحلية بالموارد الذاتية
(الجبايات الترابية) وتشجيع التدخل االقتصادي من خالل التدخل الجبائي العادل .
ويمكن دمج التقديرين تحت عنوان (( العدالة الترابية)) ويعتمد الوصول إليها على مقاربة النوع ،بما
يضمن في مرحلة الحقة تحقيق تنمية إنسانية وبشرية شاملة ومستدامة. 194
وإذا كانت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بناصية الوزارة الوصية على التراب الوطني للجماعة
الترابية ( وزارة الداخلية ) فإن تعريض كل مشاريع وخطط هذه الوزارة لمقاربة النوع يوسع المدلول
العملي والمادي لعدالة التنمية الترابية بين الجنسين إلى جانب العمل الجماعي على المستوى المجالي بما
يخول القانون ممارسته ،في إطار " التغيير مع النمو" وهذا التغيير تعتبره األمم المتحدة ذا أبعاد
اجتماعية واقتصادية وثقافية .
وه ذا التغيير يقوم بشكل حضاري على طريقة التفكير والعمل والحياة واإلعداد والتنفيذ الترابي ،كما
يؤكد عليه الخبراء ، 195وال يمكن التفكير والعمل في إطار ترابي مستقل سوى بإخضاع الجبايات
المحلية إلى مقاربة النوع ضمن المستويات وباقي العملية اإلدارية . 196
ورفع معدالت األداء الجبائي يساوي تنمويا وترابيا رفع األداء االستثماري في وجهه االجتماعي
المحافظ على مساواة النوع ،فليست النظرية متعلقة ب ( الربح) بل ب ( التنمية) وتوزيع الفائض على
الجنسين بطريقة عادلة ،تماما كما يأتي توزيع الفقر والحاجة التي ال يغطيها سوى التضامن العابر
للجنسين وللحدود الترابية وباقي الحدود المصطنعة أو الحقيقية .
واعتماد المستويات المجالية في الجبايات واالستثمارات له مضمون تنموي يدفع لفهم آليات تنفيذ عناصر
هذه التنمية المندمجة ،ولذلك يمكن الوصول إلى مالحظتين :
أ ـ ال تنمية مندمجة دون جبايات محلية مطابقة للنوع مع إنفاق مستجيب لذات المعيار .
ب ـ إن ممارسة الجماعة الترابية لكامل اختصاصاتها القانونية هي القادرة على مواكبة الصيرورة
المتكاملة لوظائف و وسائل التنمية ،خصوصا على صعيد التنمية الترابية العادلة بين الجنسين ،
وبالمستوى الترابي والجهوي المعتمد على سياسة القرب .
وال يمكن االنطالق إلى جبايات محلية مطابقة للنوع دون سياسة ترابية عادلة بين الجنسين ،وعلى هذا
األساس فإن العمل الجماعي أداة وهدف وإستراتيجية الستقطاب الموارد المالية والبشرية ،وتوجيهها
لتوسيع قاعدة اقتصاديات المجتمع المحلي والوطني .
194ـ محمد بوبوش ،الحكامة والتنمية ،العالقة واإلشكالية ،المجلة الدولية ،العدد ، 2007 ، 3ص 9 :
23195 ـ كمال التابعي ،تغريب العالم الثالث ،دراسة نقدية في علم اجتماع التنمية ،القاهرة ،دار المعارف ، 1993 ،ص :
193ـ محمد رحماني (والسبتي) ،واقع الجماعات المحلية في ظل اإلصالحات المالية وآفاق التنمية المحلية ،مداخلة في الملتقى الدولي حول تسيير
وتمويل الجماعات المحلية في ضوء التحوالت االقتصادية ،جامعة لخضر ،باتنة الجزائر ،دجنبر ، 2004ص 12ً :
74
وعدالة النوع االجتماعي على المستوى الترابي ،موردا وهدفا تنمويا ،هي قيمة مضافة في التدبير
وعملية تقنية للوصول إلى األهداف المرجوة من خالل 10نقط مختصرة :
1ـ التنسيق المنظور ،كما تعمل عليه مقاربة النوع بين اإليرادات (الجبايات المحلية) واالستثمارات
(اإلنفاق) .
2ـ مأسسة العمل الجماعي من خالل مقاربة النوع ،وعبر قرارات المجلس البلدي ـ كما في مساطر
"بارانغاي الفليبينية" التي تضعها األمم المتحدة ،نموذجا تحت وثيقة 045ـ 2003من خالل 27إجراء
ي تقدمها التدخل في تحديد (الضريبة المحلية) .
3ـ االنسجام "العملي" بين الجنسين في أداء الواجب المالي المحلي لخلق سياسات وبرامج متساوية
يقررها الرجل والمرأة .
4ـ عزل العنف ضد المرأة واألطفال ،وضد أفكارهما لتحسين الحياة الجماعية .
5ـ النهوض بالمقاربة الممنهجة للنوع في الجبايات المحلية ،وفي االستثمارات الترابية الخاصة
بالساكنة.
7ـ الحضور المفتوح لقرار تعديل الميزانية وواجبات الضريبة المحلية .
8ـ العمل على توسيع اإلدارة الترابية في مراقبة وصرف كل وارداتها على مشاريعها الحيوية
والتنموية.
9ـ العمل على مبادرات التمكين للمرأة من خالل برامج جماعية .
10ـ رفع منسوب "الثقافة القانونية" في مقابل "الثقافة االجتماعية" والوصول إلى معيار واحد متفق
عليه في الضرائب المحلية التي يجب على المرأة دفعها .
الفقرة الثانية :الجبايات الترابية المطابقة للنوع تحددها الجماعة المحلية المنتخبة على قاعدة
المناصفة
تبدأ الجبايات المطابقة للنوع من رسوم يصدق عليها ويحددها مجلس منتخب مناصفة بين الرجال
والنساء ،بما يؤكد على :
4ـ إقصاء كل (السيتريوتيب) أو األفكار النمطية الشائعة حول النوع لتحقيق قيمة المساواة بين الجنسين.
75
وهذا العمل جماعي من مجلس منتخب يحدد مساهمة كل نوع اجتماعي في التنمية الجماعية ،من داخل
ما دعته األمم المتحدة منذ 1997مؤشر تدفق " النوع" كمؤشر في القوانين والسياسات والمؤسسات .
ومؤسسة ( الجماعة الترابية) لن تكون قادرة على استيعاب هذا المؤشر دون إخضاع ميزانية الجبايات
المحلية لمعيار النوع ،وإعادة توجيهها ،بشكل إرادي وحسب الحاجة المحلية وفق المادة 13وما بعدها
في دراسة األمم المتحدة لإلسكان وتخص :
1ـ التربية لضمان هذا الحق لجميع األطفال ،والتدريب المستمر لهم في حالة تكوينهم المهني وتجاوز
المفاهيم المكررة والسلبية ألي نوع اجتماعي .
2ـ العمل على أعمال خاصة لضمان خيارات غير تقليدية لألطفال
3ـ العمل المدني والتربية على المواطنة ،وتنسحب التوصيات على الصحة في المادة 14وعلى باقي
القطاعات بتمويل ذاتي أي من أموال الجبايات المحلية .
وفي خالصة مباشرة ،يكون حضور مقاربة النوع في الجماعة الترابية أو االلتزام بالنوع في العمل
الجماعي شامال (للجبايات المحلية) بل يعزز مبدأ المناصفة من خالل الواجب المالي المحلي لوجوده
وتأطيره لعملية اإلنفاق .
وال يمكن القول بوجود مبدأ وقاعدة المناصفة دون شمولها للموارد المحلية ،أي الجبايات الترابية
واإلنفاق وتربط بينهما المقاربة الموجهة بالنتائج .
والبد في هذا السياق من إبداء مالحظات منها :
ـ أن الجبايات المحلية قادمة من وحدتين " :وحدة التراب" و" جماعية المصلحة" ،كما تقول ورقة
رسمية لدولة نيوزيلندا حول تحديد مفهوم السلطة الترابية ، 197فالمسألة تتعلق بوحدة المصلحة التي
يقررها الجنسان ،ألنها في حكم المتميزة والمندمجة في عملهما مناصفة ،من داخل رئاسة المجلس
البلدي .
وال يمكن تصور سلطة للمجلس البلدي المنتخب على قاعدة المناصفة دون إدارته وتشريعه للضريبة
المحلية على ضوء النوع االجتماعي ،إلنتاج موارد عادلة ـ وليس بالضرورة متكافئة ـ الستثمارات
متوازنة ـ وليس بالضرورة متساوية ـ في إطار التنمية المندمجة ،ولكن بقبول كامل للتمثيل النسوي
المساوي للرجل والعابر للنماذج المألوفة والتمييزية ضد الرجل والمرأة .
ـ الجبايات المحلية خاضعة لمعيارين :المساواة والعدالة ،وليس لمعياري الرجل والمرأة ،
و"المركز والالمركز" ،ويمكن الوصول إلى ثالثة نماذج لحكومات محلية في بلد واحد ،كما في حالة
نيوزيلندة ، 198وبالتالي نماذج متعددة لجبايات محلية تطابق المعايير والحقوق األساسية المتمثلة في
النوع االجتماعي .
197
)- territorial authority , stats .govt.nz/methods/classification-and stards pdf.(10/dec/2015
198
- Ugur sadioglu,kadir dede- theoretical foudations and discussions on the reformation process in local
Goverments public , policy and administration (A PPA) , 2016 , p : 208
76
وباحترام هذه الجبايات للمعايير والتقنيات الجديدة في التدبير يمكن الحصول على نماذج مبدعة وقانونية
تخدم المستوى الوطني والفعل الجهوي ومستوى التضامن بين الجهات من خالل ميزانيات مستجيبة
للنوع ،ولباقي قيم العصر بشكل تقني ،وفاعل تشارك فيه المرأة والرجل ،فليس الرجل والمرأة
معيارين بل العدالة بين الجنسين هي المعيار .
وفي 2002وجدنا هذا البلد يعلن ( الحد األدنى من المستويات) من خالل :
والجبايات المحلية بنية مالية مستقلة للجماعة الترابية يساعدها المجلس الجماعي على المزيد من
االستقاللية عنه ،وعن المركز ،للوصول إلى "تدقيقات موضوعية وال تتصل باألغلبية الحاكمة بل
بالمناصفة للخروج من هذه السلبية" .
من جهة ثانية ،البد للمجلس الجماعي الخاضع للمناصفة ـ أي للنوع ـ من إجماع حول المشاريع
المتميزة بالمداخل الخدماتية المتساوية للجنسين ،ومنها الجبايات ،فيما تكون التعديالت ملك لإلجماع أو
للعمل التقني الذي ال يثير أي بعد سياسي .
وهذا المبدأ العام أساسي ، 199وإن لم يركز على التدبير المالي وعلى حرية برمجة مشاريع التنمية
الترابية ،وهما إجراءان حاسمان لتغيير المنظومة التدبيرية نحو تحمل المجلس الجماعي لكل المسؤولية
واالستقالل ،الكافي المالي واإلداري اتجاه الملزم والملزمة ،فاإلجراءات يجب أن تكون نتيجة الحرية
المنطقية والمتناسبة في برمجة الموارد ،وبنفس القدر الذي تقع فيه برمجة الميزانية والمشاريع التنموية
،فالميثاق األوروبي لالستقالل الترابي يجعل من مبدأ حرية التدبير الترابي والقدرة على ممارسة
ا الختصاصات الترابية بشكل مستقل أم القواعد في النظام المركزي ،فقد نص الميثاق على تمكين
الجماعات الترابية من الحرية الكاملة في ممارسة االختصاصات ،وأولها إدارة وتقنين تجميع جباياتها
المحلية بما يناسب مساواة الجنسين ،وثانيهما عدم التدخل في هذه الجبايات إال بقانون وبشكل
199 - loic (P) , l’autonomie financière des collectivités territoriales , cahiers de conseil constitutionnel , n12, 2001,p :3
77
استثنائي ، 200ولن يكون في هذه الحالة إال في صالح المرأة ،وال يسمح المجلس الجماعي في كل
األحوال ،بأي تدخل مركزي يزعزع هذه القناعة في تفاصيل وإجراءات التدبير المالي الجبائي على
الصعيد المحلي .
المبحث الثاني :مداخل قانونية متقدمة ألجرأة نظام جبائي محلي مطابق لمعيار النوع
االجتماعي
في تحول الجبايات المحلية من مجرد رسوم ضريبية لوسيط اسمه ( الجماعة الترابية) إلى أداة للتنمية
الترابية المطابقة للنوع ،يسود تساءل حول المداخل وتوفير قواعد قانونية وإجرائية للوصول إلى رؤية
واقعية لنظام جبائي متطابق مع المعيار الدولي لمقاربة النوع ،على اعتبار أن تحقيق أقصى درجة
201
التوازن والمالئمة في اإلجراءات المتخذة داخل الجماعة الترابية معيار مطلوب من الناحية الشكلية
وتؤكده من الناحية الموضوعية أيضا لوجود إستراتيجية لكل مضامين التنمية ، 202إن على صعيد
الحكامة أو العدالة الجبائية المحلية.
ويروم هذا المسلسل ال نوعي تحويل البنيات الديمغرافية واالجتماعية ،داخل الجماعة ،إلى مقاربة
النوع في إطار الجبايات المحلية .
و لن يستقيم معامل "الديموغرافيا" دون اتصاله بمساواة النوع داخل مجال ترابي محدد ومتجانس يكون
محركا لالقتصاد المحلي بمدلوله التنموي المندمج على مستوى كل تطبيقاته الترابية ،ألن مثل هذه
التنمية تركز على اإلنصاف بين مختلف المكونات والنمو الذاتي المنسجم بما يفيد انسجام المخططات
التنموية واإلمكانيات الذاتية" 203أي الجبايات المحلية ،فإنصاف النوع في الجبايات المحلية يؤسس
لنصف المهمة على صعي د المجال والمسؤولية الترابية والصالحيات القانونية إلطالق مخطط تنموي من
200 - Article 4 de la carte européenne de l’autonomie locale adoptée a Strasbourg par le décret n 2007 – 679 du 3 mai
2007 JORF n 105 du 5 mai 2007.
201 - Kargne (H) utic , décentralisation administrative et bonne gouvernance projet d’appui des volontaires des
, thèse de doctorat en géographie et aménagement , uni , toulouse le merail , février , 2007 , p : 24
ـ عبد اللطيف بروحو ،مرجع سابق ،ص 203 334 :
78
حيث هو مبادرة 204تموله الجبايات المحلية ألنها بنية التمويل الذاتي للجماعة الترابية في مالئمة مع
باقي الموارد قصد تحقيق التنمية المجالية والترابية المالئمة .
والبد في هذا السياق لشروط الم الئمة أن تكتمل انطالقا من إدماج كل االتفاقيات الدولية في المنظومة
القانونية العامة كي تساعد على تحول عا م وشامل يخدم المواطن /المواطنة ( المطلب األول) وتكون
الجبايات المحلية ،لهذا التأهيل أداة منسجمة مع باقي األدوات والميكانيزمات الرافعة للتنمية الترابية من
خالل إقرار كل إجراءات المجال الترابي لجبايات محلية مطابقة للنوع( المطلب الثاني) ،وإعادة
صياغة قانون الجبايات المحلية لالستجابة لمثل هذا المعيار ( المطلب الثالث) ،فتكتمل المنظومة ،عبر
سائر اإلجراءات العامة والمداخل القانونية .
المطلب األول :إدماج كل االتفاقيات الدولية في المنظومة العامة واإلجرائية لجبايات محلية مطابقة
للنوع
تعد أجرأة االتفاقيات الدولية حول النوع االجتماعي في المنظومة القانونية المحلية وفي تقاطعها مع
حقوق اإلنس ان والمرأة والبيئة والتنمية والسكن وباقي الحقوق االقتصادية واالجتماعية بأجيالها المختلفة ـ
نقلة عملية من أجل الوصول إلى تقديرات قطاعية تشمل اإلنفاق وإخضاع الموارد لقواعد التخطيط
االستراتيجي التنموي ،بغية وضع وتنفيذ المخططات على أساس " مصادر المركزية مستقلة" تحتكم
لمنظومة الحقوق في تساو كامل على مستوى االلتزام و( اإلنفاق) في جماعة ترابية محددة .
وترجع مقاربة النوع في الجبايات المحلية إلى رؤية قطاعية لتنزيل مبادئ في شكل إعالنات دولية تسمو
على القوانين المحلية ،وتوجب مساواة الرجل والمرأة وباقي الوسائل القانونية لتنزيلها على المستوى
المحلي والقطاعي ،من خالل إخضاع كل الميزانيات لهذه المعايير ،فمنذ خطة العمل في بكين 1995
والقاهرة 1994أصبحت الدول أمام التزامات مفصلة لمبادئ قائمة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان
( )1948من بنده األول ،وتبعا لنصوص بدأت مع الحق المتساوي في الشغل (اتفاقية 1951عززتها
اتفاقية ، ) 1957وتهدف حاليا إلى الحق المتساوي بين الرجل والمرأة في التنمية المستدامة .
ومن العصي فهم كيف يمكن الدخول " العادل" إلى الشغل ،منذ إقراره في منتصف القرن الماضي ،
دون إلزام عادل بين الجنسين في الرسم المهني لعدم إخضاع الجبايات المحلية التي تصدره لمقاربة
النوع إلى اآلن .
204 - Kargne (H) , TIC , décentralisation administrative , op. cit , p : 67-76
79
والطبيعي في هذه الحالة وغيرها إخضاع كل قطاعات وميزانيات اإلنتاج واإلنفاق ،والضرائب
والموارد ،لمعيار النوع ،وبدون هذه النظرة الشمولية ستكون مساواة الرجل والمرأة معطوبة ال تتميز
بالعدل ،ووقو ع التمييز بين اإلنفاق والموارد في تطبيق النوع فجوة البد من معالجتها لمكافحة كل
أشكال التمييز تطبيقا التفاقية (سيداو) ،1979المعتمدة من الجمعية العامة لألمم المتحدة .
والتحاق المغرب ب 95في المائة من دول العالم التي تقبل االتفاقية بدون تحفظات شرعنة لتحويل
المملكة إلى معيار النوع االجتماعي ،موردا وإنفاقا ،وبهذه الخطوة ،تكون الجبايات المحلية ضمن
القطاعات المندمجة في الدينامية التي يعززها بروتوكول 2000الملحق ب (سيداو) وبروتوكول 1988
المعروف أفريقيا ب ( بروتوكول مابتو) .
وال يمكن في أي رؤية عملية إخضاع الحقوق فقط ،دون الواجبات لمساواة النوع االجتماعي قصد
رفض التمييز بين الرجل والمرأة ،وألن الواجب حق للجماعة أو الدولة ،ال يمكن التمييز في قبول
الحق أو أداءه ،وهذا الفهم اإلنجليزي ل "ما هو صحيح" هو" حق " في كلمة (رايت) هو الذي يجعل
من معيار النوع في الضريبة المحلية ضمن المساواة في الحق االقتصادي واالجتماعي والمدني
والسياسي ،والحقوق تشمل في هذه الحالة ما ستأخذه وتعطيه اتجاه كل األطراف ،بل تدخل في إطار
(الكرامة) فضمان هذا الشرط اتجاه المؤسسة يخدم أداءات الواجب المالي وغير المالي المحلي والوطني
،ألن إقصاء األبار تهايد (الشكل الجماعي للتمييز) وكل أشكال العنصرية والتمييز العرقي واالستعمار
الجديد واالعتداء والهيمنة الخارجية أو التدخل في الشؤون الداخلية للدولة واجب الرجل والمرأة ،حسب
نص االتفاقية ،وبالتالي يكون الواجب المالي في هذه الدائرة خاضع للمساواة قطعا ،وتكون الضريبة
المحلية الخاضعة لمعيار النوع االجتماعي هو واجب المرأة والرجل لحماية الشكل الجماعي والدوالتي .
إذن فمعيار الشمولية والواجب كما تحددهما اتفاقية (سيداو) يفرضان مساواة النوع في كل مناحي الحياة
المحلية والوطنية في إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية كما جاء في ديباجة االتفاقية 205والدفاع
عنهما يفترض تقاسم أعباء المقاومة والحرب بالتساوي بين الجنسين ،ويحول الميزانية المحلية من
الحق في التنمية إلى الحق في الدفاع عن النفس ،كما تنتقل ،في لحظة السالم ،الضريبة المحلية من
خانة الدفاع إلى خانة التنمية المستدامة في جدول تقول عنه االتفاقية بالحرف (التزام أقصى من الرجل
والمرأة وعلى قدم المساواة في كل الميادين ).
وما تسميه االتفاقية (االلتزام األقصى ) له أساسه القانوني الصرف في أداء الواجب المالي المحلي
(الفقرة األولى) ،ان طالقا من تمييز جبايات الجهة عن جبايات البلديات وغيرها من المعايير العشرة
لميثاق الحكم المحلي ،وهي مداخل النوع االجتماعي في الواجب المحلي (الفقرة الثانية) للوصول إلى
أمن جبائي (الفقرة الثالثة) يكون خطوة قانونية لتبني المعيار األفريقي للحكم المحلي (الفقرة الرابعة) .
الفقرة األولى :القانون الدولي يؤسس ألداء الواجب المالي المحلي المطابق لمعيار النوع
80
يؤكد دستور 2011على سمو االتفاقيات الدولية وهي من القانون الدولي ،وتأسيسا على ذلك فااللتزام
األقصى الذي يؤكد على معيار الشمول وقد اعتمدته اتفاقية (سيداو) يؤسس للواجب المالي المحلي وباقي
الواجبات المفصلة ،ويفرض على الدولة خضوع ها في كل الجماعات لمعيار النوع بهدف منع التمييز
(البند الثاني) دعما لمبدأ المساواة على مستوى الدستور وأي قانون أو اقتراح تشريعي .
وتكون الفقرة األولى من المادة الثانية تأسيسا ل معيار النوع في كل قطاع أو ميزانية أو فعل للدولة
ومجموعاتها الالمركزية ،من حيث اإلجراءات (الفقرة الثانية من نفس المادة) والحماية (الفقرة الثالثة
من المادة الثانية) .
وعليه فإن مقاربة النوع ،طبقا لسمو ما وقع عليه المغرب على باقي ترسانته القانونية ،تخضع قطاعيا
لحصانة وطنية ودولية من 10نقط :
1ـ اعتماد المادة الرابعة في اتفاقية (سيداو) على اإلجراءات المؤقتة ،والخاصة بمساواة النوع ،بما
يوضح خضوع الجبايات المحلية لنسب مؤقتة و فترات ألداء الواجب المالي المحلي على قدم المساواة ،
وتعديلها بما يناسب تحقيق هذا الهدف .
2ـ التمييز لصالح األمومة ،على صعيد المشاريع و األداء و النشاط االستثماري أو العمالي من خالل
اإلعفاءات وما شابه ،وال يعد هذا التقدير " فعال تمييزيا" حسب الفقرة 2من المادة . 3
3ـ ألن الضريبة المحلية تعد نموذجا للسلوك السوسيوثقافي اتجاه المرأة والرجل فإن تقاليد اإلرث ،
وباقي التطبيقات ،ال تعد معيارا إال بتحقيق المساواة والعدل ،وحسب المادة الخامسة يكون (تعديل)
الضريبة المحلية بخصوص المرأة عن الضريبة المحلية الموجهة للرجل أمرا جائزا .
وفي الفقرة الثانية من نفس المادة يجوز أي إجراء تفضيلي أو أي إعفاء لصالح التربية العائلية ،وخدمة
الجيل الجديد ،العتراف االتفاقية الدولية بالمسؤولية المشتركة للرجل والمرأة .
4ـ منع دور العمالة الجنسية أو (الدعارة) وتعويض ضحاياها من المالية المحلية أو من تدخل وطني،
وال تتعلق المسألة حاليا ،بإعفاء ضريبي لهذه الدور ألنه ا (عمل نسائي) كما كان عليه األمر في السابق
،فأنهى العمل الدولي اعتبار (العمل الجنسي) نسائيا محكوما بإعفاء جبائي من مصالح الجبايات المحلية
،بل يعتبره من ضروب (الرق) المحرم قانونا ،ويجب محاربته .
وخضوع الجبايات المحلية لرفض (الرق الجنسي) أو استخالص ضرائب عن مجال (الدعارة) تأسيس
قانوني لمرحلة جديدة من معيار النوع يخدم العدالة القانونية والعدالة الجبائية لرفضه اعتماد (الرق)
عمال أو مهنة يستوجب رسما .
5ـ المادة السابعة ،وما بعدها من االتفاقية ،تشترط مبدأ المناصفة في التدبير السياسي المنتخب
للجماعة المحلي ة والوطنية بما يضمن أن يكون اإلجراء التشريعي رافضا لكل أنواع الهيمنة من طرف
المرأة أو الرجل ،وبالتالي كل أنواع التمييز على أساس النوع بما يكرس مقاربة النوع في الحقوق
والواجبات ،ويمنع في الجبايات المحلية ـ كما الوطنية ـ أن تكون أداة تمييز (مالي) لصالح هذا النوع أو
اآلخر ،فتخضع كل السياسات العمومية لمساواة الجنسين .
81
9ـ عدالة المجال لن تكون دون جبايات محلية خاضعة للنوع ،ألن الجماعات الترابية الحضرية
والقروية مؤسسات للتمثيل الشعبي وللتوزيع العادل للمعرفة والتكوين والتعليم التقني بين الجنسين ،
وفي كل البر امج ،بعيدا عن األنماط الموجودة ،وهذا المعيار ركزت عليه الدول األفريقية من أجل
مساواة الواجب المالي المحلي ،والحق في التنمية ،وهما المحركان لكل عمل قانوني وميداني للجماعة
المحلية والوطنية ،وخضوع الجبايات المحلية لمعيار النوع إلى جانب مساواة الجنسين في المخطط
التنموي المحلي ـ والوطني ،هو الطريق السالك لمنحى التقدم والرقي في الشروط الحالية ،طبقا لروح
المادة 10من اتفاقية (سيداو) وما بعدها .
6ـ حسب المادة 11من اتفاقية (سيداو) ،يكون من واجب الدولة إقصاء كل مداخل التمييز بين الرجل
والمرأة ،والجبايات ال محلية إحدى هذه المنافذ ألنها توحد بين الملزمين ،رغم الفجوة في النشاط
والتوزيع العقاري بين الجنسين ،وإخضاع هذه الجبايات لمعيار النوع يشكل ضمانة " قانونية
وإجرائية" للوصول إلى مساواة األداء المحلي .
7ـ الولوج العادل للتأمين االجتماعي بين الرجل والمرأة لن يكون دون جبايات محلية ـ ووطنية ـ عادلة
في الرسم المهني ،والدخل المتصل بالشغل ،والضريبة على الشركات في حالة االستثمار ،ولذلك فإن
الحق في التقدم لن يكون دون تأمين من المرض ،والحماية منه ،وحق الصحة واألمن من أجل حماية
مهمة اإلنتاج ،كما تقول الفقرة السابعة من المادة ، 11ببالغة .
8ـ المساواة بين الواجب العائلي والمسؤولية المهنية ،وهي قائمة على مساواة النوع االجتماعي إلكمال
دورة العمل واإلنتاج ،والواجب العائلي والواجب المحلي ـ المالي وغير المالي ـ يؤسسان لركن قانوني
واحد ،فالمساواة في الواجب االجتماعي يفرض خضوع الواجبات المحلية للنوع ،ألن اتفاقية (سيداو)
تحمي توفير الخدمات االجتماعية بما أنها ضرورة وتحمي استمرارها واتصالها بالعنصر البشري في
إطار التنمية المستدامة ،وكلها متصلة بأداء الواجب المحلي .
10ـ ربح شروط الحياة المالئمة كما تقول النقطة 8من الفقرة الثانية من المادة 14من اتفاقية (سيداو)،
وذكرت السكن والتطهير والكهرباء والماء والنقل واالتصاالت ،وكلها مجاالت مدفوعة األجر ،والخدمة
تستوجب أداء الواجب المالي المحلي أداء عادال بين الجنسين ،وال يمكن بناء هذه المساواة في شروط
الحياة على أس اس النوع وعدالة المجال دون جبايات محلية خاضعة للنوع ،وهذا التفصيل ضروري
للقول أن الركن القانوني لجبايات محلية خاضعة للنوع شيء يؤطر العمل الدولي والوطني على حد
سواء ،ألجل الوصول إلى هذه الغاية من أجل تخطيط تنموي ناجع .
الفقرة الثانية :تمييز جبايات الجهة عن جبايات البلديات مدخل للنوع االجتماعي في الواجب المحلي
اعتمادا على المرجعية األممية عرف العالم الميثاق األوروبي حول االستقالل المحلي ،وهي وثيقة ليس
لها مثيل في هذا الميدان 206ويمكن إجمال موضوع الجبايات المحلية في النقط التالية :
206
- la démocratie locale nord-sud : la char européenne de l’autonomie locale en action, étude et travaux n 54 ,
malte 14-16 mars 1996 , p : 14 , éditions du conseil de l’Europe, janvier 1998.
82
أ ـ الحريات الجماعية 207التي اعتبرها (أدولف غرايسيي) منذ 1947أساس ميثاق أوروبا والعالم
في المؤتمر الدولي المنعقد في ريودي جينيرو 1985حول السلطات المحلية الذي اعتمد (اإلعالن
العالمي للحكم المحلي ) في قمة طورونطو ، 1993وت كييف البنيات الديمغرافية للوسائل اإلدارية
والعدالة باتجاه الشخص الفاعل من خالل جبايات محلية متساوية بين الجنسين ،طبقا للمادة 7في
المحاسبة ،و معرفة القدرات الخالصة بمنطق قضائي كما في المادة ، 11ويؤسس هذا المبدأ لجبايات
محلية مستقلة مرتبطة بالقدرات واألهد اف ،محترمة بطبيعتها للنوع االجتماعي ضمن مساواة بين
اإلرادة والتطبيق والنوع اإلداري في حال وجود أصناف من الجماعات المحلية ،وفي حالة المغرب :
هناك نوعان من الجماعات الترابية ،الجهة والجماعات ـ الحضرية والقروية ـ ،والبد من نوعين من
الجبايات المحلية .
ب ـ تمييز الجبايات المحلية "الجهوية" عن البلدية أو "الجماعية" ـ حضرية أو قروية ـ وهذا المعطى
أساسي في التحول المغربي نحو إدارة الحكم المحلي ،من خالل آلياته العشرة الموجودة في ميثاق
(طورونطو) ،ألن تدبير الشأن العام يفترض ربط الجبايات المحلية باإلدارة المنتخبة بشكل حر ،شامل
ومباشر ،سري ،متساو بين الجنسين ،إلدارة تحدد الرسوم حسب منطوق الفقرة 14من المادة ، 9
والفقرة الثالثة التي يتقرر بموجبها توجيه جزء من الموارد المالية المحلية الستقالل اإلدارة الجبائية كي
تمارس سلطتها في تحديد الرسم في إطار القانون .
وحسب المادة 3الفقرة الثانية من الميثاق ،فإن المساواة المباشرة في المشاركة الجبائية توجب خضوع
الرجل والمرأة للرسم المطابق للنوع االجتماعي ،لتعريف الحكم المحلي للقدرة الفعلية للجماعة المحلية
على تقنين وتدبير " الواجب المالي المحلي" باعتباره "شأنا عموميا" كما تورد المادة 3من الميثاق .
ج ـ اعتماد الجبايات المحلية "موارد بشرية" بمنطوق المادة 6والفقرة 2من الميثاق ،ولذلك فاالستقالل
القضائي في مراقبة هذه الموارد ،هو الجزء الرئيس في تدبير النوع .
وإخضاع الجبايات المحلية للمجلس الجهوي للحسابات ،طبقا لمنطوق المادة 9من الميثاق ،يضمن
مراقبة و توجيه الرسم الجبائي المحلي لمساواة ليست رقمية بين الجنسين ،بل مساواة منطلقة من التدبير
الشامل ،بتقديم الرجل عن المرأة في هذا البند المالي أو تقديم المرأة على الرجل في بند عن آخر ،حسب
ما تمليه المساواة الجبائية الكلية .
وخضوع الجبايات المحلية للسلطة القضائية المالية دعم لمساواة النوع االجتماعي في الرسوم بما يضمن
العدالة الجبائية الشاملة والمندمجة على الصعيد اإلحصائي ،وليس مساواة المتعين بعدم التنصيص على
اختالف الفاعل والملزم كان رجال أو امرأة ،وهذه القضية تقضي مرتبطة بالعدالة الحسابية وليست
متعلقة بالعدالة (االسمية) .
د ـ اعتماد الجبايات على خبراء مستقلين لعمل جبائي يطابق النوع االجتماعي ضمن معايير الحكم
المحلي ،كما صادق عليها القرار 3ل . 1994
207 - M .Adolf Grassier, Gemein de freiheit als rettung europas , 1947 (reedition 1993) CCRE , p : 2
83
وطبقا لميثاق األمم المتحدة الموضوع من دولة سويسرا في 10شتنبر ، 2002طبقا إلعالن فرانسيسكو
ل 26يونيو 1945وقرار الجمعية العامة ل 5أكتوبر 2001تكون مساواة النوع في اإلدارة المحلية
حقا وشرطا ال يكتمل دون إدارة الواجب المالي المحلي .
وإدارة الحكم المحلي لن يكتمل تنظيما دون تنظيم الجبايات عن طريق " العنصر" 208ومساواة العناصر
اإلحصائية من خالل ( الصوت الواحد للرجل والمرأة) لغرض استجابة اإلدارة والتدبير للنوع
االجتماعي ،وهو ما يكفل ( األمن الجبائي) .
الفقرة الثالثة :الوصول إلى المعيار الدولي ل ( األمن الجبائي) ،ال يكون دون جبايات محلية خاضعة
للنوع االجتماعي .
ال تنمية بدون أمن ،وال أمن دون عدالة ومساواة بين الرجل والمرأة ،واألمن الجبائي عصب التنمية ،
وأي تنمية جهوية لن تكون دون أمن جبائي محلي .
وحسب بيانات الدورة السبعين لألمم المتحدة المنعقدة بين 25إلى 27شتنبر ، 2015في نيويورك فإن
أهداف األلفية من أجل التنمية تكرس الحكم الديمقراطي المحلي جزء من اتفاقية لشبونة ،والوثيقة
السويسرية ل 1999مما يمهد لما دعته األمم المتحدة "الدولة العابرة للوطنية" .
وتضم الوثائق الثالثة الصادرة عن المنتظم األممي العناوين التالية (الدولة العابرة القومية) و(ذوبان
الدول) ووثيقة (إعادة تنظيم الدعم ) .
وجاءت الخالصات في موضوع االستقالل المالي للحكم المحلي الذي تمثله الجبايات المحلية ،والتي
تشرعها إدارات منتخبة على الشكل التالي :
1ـ دور السلطات المحلية ،و بشراكة كاملة مع المركز ،في تشريع الجبايات لغرض التنمية المستدامة
،وفي الملحق الثالث ل 4يونيو 2002فإن الميثاق الدولي للحكم المحلي كما اقترحه المشرعان
األوروبيان (جي .إنجيل) و(أي .ليوبد) 209يؤسس الستقالل جبائي محلي يمكن من ( اإلدارة الذاتية
لكل إقليم من أهداف التنمية ) .
2ـ طبقا للفقرة 16من المادة 12من إعالن إسطنبول المعتمد من المناظرة األممية للسكن ل ، 1996
فإن الالمركزية في خدمة السلطات المحلية الديمقراطية ،وأن تشريعها لجبايات محلية معيارية مطابقة
لمقاربة النوع قادرة على حل مشكل الفجوة العقارية بين الرجل والمرأة ،انطالقا من مشاركتها المتعادلة
على أساس المناصفة لتمكينها من السلطة ،وباقتسامها تنجح الالمركزية واالستقالل الجبائي كجزء ال
يتجزأ من " األمن الجبائي" الصادر عن السلطة المحلية المستقلة .
3ـ أن الجبايات المحلية المطابقة للنوع تؤسس ل 12ضرورة عوض 10كما ساد في األوراق السابقة
لكونغرس السلطات المحلية والجهوية في أوروبا ضمن 109توصية و 146قرار .
84
وبموجبها يمكن بناء حكم محلي يشرع للجبايات المحلية اإلدارة المستقلة تحت رقابة القضاء لتطبيق كل
الرسوم بما يتالءم والفوارق االجتماعية لعدالة تطابق النوع .
ويسود المعيار األفريقي في الحالة المغربية ،بعد التحاق المملكة أخيرا بمواثيق االتحاد اإلفريقي ،ويعد
اعتمادها للتوصيات العشرة الخاصة با لحكم المحلي خطوة " قانونية" لجبايات محلية مطابقة للنوع .
الفقرة الرابعة :الجبايات المحلية المطابقة للنوع في المغرب خطوة قانونية لتبني المعيار األفريقي
للحكم المحلي
تجمع مواثيق االتحاد األفريقي المختلفة على الحكامة المحلية وتقدم االنتخابات البلدية أداة لحكم وحكامة
الجماعة المحلية بناء على اإلعالن القاري ل " 210 1990حول التحوالت الرئيسية في العالم وقدرة
الدول األفريقية على التنمية االجتماعية واإلقالع االقتصادي" (برنامج 1995المصادق عليه في
اجتماع القاهرة ). 211
وأهل هذا الوضع محاولة (التطبيق الحرفي) للدساتير المتقدمة في القارة ألن (التغيرات الحادثة في
الواقع مناهضة للدساتير أو معرقلة لها ) بما يؤكد قانونيا أن الدول تمارس تضييقا غير دستوري على
جماعاتها المحلية ،وال تسمح ب التشريع الجبائي المخول لها ،حيث توقفت اإلدارة المركزية عن القيام
بانتخاب مجالس جماعات دون تسليمها (االستقالل الجبائي) الكامل بما يؤطر األهداف التنموية .
85
وحماية الجماعة المحلية الستقاللها الجبائي من أجل التنمية ،قرار دستوري ومعياري في كل دولة
أفريقية ،و يخرق الحكم المركزي هذه الحماية المنصوص عليها في الدساتير األفريقية والقانون الدولي
على حد سواء .
وفي إعالن "لومي" لعام 2000رفض االتحاد األفريقي أي تعديل أو تغيير غير دستوري في السلطة
المركزية أو المحلية العتماد مرجع ( االنتخاب) مرجعا وحيدا للشرعية .212
والتمسك األفريقي بالشرعية الوحيدة (االنتخابات الديمقراطية) يعطي الشرعية للسلطات المحلية المنتخبة
منذ 2002على الصعيد المحلي والقاري .
وال يمكن قبول تشريع ضريبة محلية دون صدورها عن مجلس منتخب محلي وإدارة جبائية يعينها ذات
المجلس طبقا لمعايير الحكامة الرشيدة ومبدأ ( االنتخاب) منذ . 2002
ويقر االتحاد األفريقي االنتخابات ليس من أجل " الحكم" بل من أجل " الحكامة" ،وحسب الميثاق
المعتمد من 35دولة ،فإن الميكانيزم األفريقي للتنمية على أساس األزواج ،213هو الخيار القائم ،
فالمسألة ال تتعلق برجل وامرأة بل بزوج ضمن أهداف "زوجية" تبنى على مبدأ الثنائية في المبادرة
والفعل والهدف .
والقول بمطابقة " الزوجية" لمعيار (النوع) شيء معروف ،ويمثل فلسفة واصطالحا إفريقيا يكشف أن
خدمة (الزوج) ذكرا وأنثى لفظ يطابق فلسفة المغاربة ،ويمثل هذا الميكانيزم قراءة البد أن تلتفت إلى
أن (االنتخاب) هو الوسيلة الشر عية الوحيدة للحكم المحلي ،لكنه في موضوع (الجبايات المحلية)
يشترط إجراءات لدمقرطة المجال الترابي لتأهيل هذه الجبايات أن تكون " زوجية" متعادلة بين الرجل
والمرأة أو مطابقة للنوع االجتماعي بالمفهوم الغربي .
المطلب الثاني :إجراءات في المجال الترابي لجبايات محلية مطابقة لمعيار النوع االجتماعي
بعد دمج المعيار الدولي للنوع االجتماعي في الترسانة القانونية المغربية العامة تبدأ اإلجراءات المجالية
إلخضاع الجبايات المحلية لمساواة الرجل والمرأة ،لما تتمتع به الجماعة الترابية من حرية في تدبير
شؤونها الترابية بكل استقاللية ،وألنها مؤسسة متجددة 214فإن إخضاعها لكل معايير الحكامة ومقاربات
التدبير الحديث من دون تحفظ واجب مواطناتي ( من المواطنة ،أي البعد البشري) ووطني (البعد
الترابي) وشيء مطلوب على الصعيد التقني (أي البعد التقني) .
وتنص القوانين التنظيمية للجماعات الترابية (أي البعد اإلداري) على أن الجماعة الترابية يتولى تدبيرها
مجلس منتخب 215خاضع ب حكم الدستور لقاعدة المناصفة التي تشمل باقي اإلدارة الترابية ،وإخضاع
86
اإلدارة الترابية لهذه القاعدة التي يعتبرها الدستور مبدأ يشمل التمثيل السياسي لألحزاب وأيضا اإلدارة
من واقع اعتماد الدولة على مبدئها الدستوري .
ويشكل إخضاع المجال الترابي لمجلس منتخب على قاعدة المناصفة في التمثيل السياسي وتعد اإلدارة
الترابية ال مطابقة لمناصفة النوع طفرة حاسمة ونهائية ،ألن المجال الدوالتي مطابق في هذه الحالة
للمجال الترابي ،وبعبارة أصح ،فإن تفويض االختصاص بموجب القانون للوحدات الترابية الالمركزية
تفويض شامل على أساس النوع االجتماعي .
وانطالقا من هذا الشمول ،في بعده البشري والترابي واإلداري الخاضع لمبدأ المناصفة في المفوض
والمفوض له ،تكون الجبايات المحلية قطعا مجب رة على خضوع إجراءاتها ورسومها ،وبالتالي قانونها
لمقاربة ال نوع وخضوع طاقمها اإلداري لنفس المعيار .
وفي هذا المشهد ،فإن المقتضى ال يرتبط فقط باالختصاص العام للمجالس التداولية 216بل بكل آلية
على حدة في المجال العام ،فالدولة المغربية قائمة على مبدأها الدستوري للمناصفة وباقي مجاالتها على
قاعدة المناصفة لتنزيل المبدأ المذكور .
والبد في هذه الحالة من القيام ،وجوبا ،بأجرأة المجال الترابي في الجبايات المحلية المطابقة للنوع ،
والوصول إلى جبايات عادلة بين الجنسين ،بقرار المجلس الجماعي ،إنفاذا للقانون ،فال يمكن برمجة
التجهيز دون برمجة موارده في إطار تفويض االختصاص فالمسألة ال تتعلق ب ( تحويل) بل ب
(تفويض) في الجبايات المحلية بإقرار الظهير الشريف ل 30نونبر 2007على إصدار رسوم وجبايات
خاصة.217
ويكون إصدار المجلس الجماعي لجبايات مطابقة للنوع حالة إرادية ،وقرار لإلدارة المنتخبة على قاعدة
المناصفة ،وهذا المدخل قانوني وإجرائي لمطابقة باقي الجبايات لذات المعيار (الفقرة األولى) من خالل
إدارة جبائية محلية خاضعة بدورها لقاعدة المناصفة ( الفقرة الثانية ) كي تكون أداة التدخل التنموي
للجماعة الترابية هي الجبايات التشاركية المساهمة في العدالة المجالية (الفقرة الثالثة) واالستثمار
المجالي المتقدم من خالل تدخل اقتصادي غير مباشر يعتمد الجبايات المحلية المطابقة للنوع (الفقرة
الرابعة) .
الفقرة األولى :الجبايات "اإلرادية" المخولة قانونا للمجلس الجماعي المنتخب على قاعدة المناصفة
مدخل للواجب المالي المحلي المطابق للنوع .
إن أساس المقاربة المالية للتنمية الترابية هو خضوع الجبايات المحلية بشكل إرادي لمعيار النوع
االجتماعي ،ل سماح القانون بإصدار مجالس الجماعات لجبايات خاصة بمنطوق ظهير 30نونبر 2007
،ويمكن عبرها تقرير حالة "العدالة الجبائية" بين الجنسين ،مما يخول الجماعات الترابية القدرة المادية
والتدبيرية لتحقيق ومالئمة التنمية ألعلى درجات الفعالية ، 218والمالئمة ،الستمرار هيمنة وزارة
216. ـ المادة 80من القانون التنظيمي للجهات ،والمادة 78من القانون التنظيمي للعماالت واألقاليم ثم المادة 77من القانون التنظيمي للجماعات
214ـ الظهير الشريف رقم 1.07.195بتاريخ 30نونبر 2007الصادر بتنفيذ القانون رقم 47.06المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ،الجريدة الرسمية
عدد 5583بتاريخ 3دجنبر ، 2007ص3734 :
218 - lebel (P) , Gestion des ressources budgétaires publiques édition CERAF , new jersey , novembre , 2001 , p : 27
87
الوصاية واالختصاص ( وزارة الداخلية) على عمل المجالس الجماعية المنتخبة ،فيما ينطلق
(سدجاري) من الجماعة الترابية " المتجددة" 219الستيعاب هذا التفويض القانوني والدستوري المخول
للجماعة الترابية .
وبين القراءة المحافظة والمتقدمة عنها ،ال يختلف الخبراء على وجود مدخل يمكن تبنيه للوصول سريعا
إلى تبني جبايات محلية خاضعة للنوع االجتماعي تخدم التدخالت االقتصادية المباشرة وغير المباشرة
للجماعة الترابية .
وتؤسس هذه الجبايات العادلة المنطلقة من مبدئي :المناصفة بين الجنسين ،ومبدأ االستقالل المالي
للجماعة الترابية لسلوك تنموي متقدم ألن إقرار العدالة واالستقالل يخدم جوهر األساس الدستوري
والقانوني للتنمية الترابية .
ومن هذا المنطلق فإن الجبايات المحلية الخاضعة لإلرادة المنتخبة لجماعة ترابية محددة والمطابقة للنوع
تعد ضمن التحديث المالي الذي يسود حيثيات التدبير المالي الترابي ،في ظل التوجه األخير العتماد
معايير الميزانية االقتصادية ،وهو ما يؤكد عليه الخبير ال دولي "لوبيل" بعيدا عما يسميه المقاربة المالية
والمحاسبية الشكلية. 220
ولن يتم االنتقال من المقاربة الشكلية إلى المقاربة الجوهرية في مالية الجماعة الترابية واعتماد هذه
المالية لمعايير "الميزانية االقتصادية" دون جبايات محلية حديثة مطابقة للنوع .
ويمكن القول أن هذا النوع من الجبايات " اإلرادية" التي يقررها المجلس الجماعي من تلقاء نفسه يدخل
ضمن القواعد التدبيرية المتعلقة بتأطير وتنظيم النشاط المالي الترابي الخاضع بدوره لتخطيط متوازن
ومتساو بين الرجل والمرأة ،واستيعاب قواعد التخطيط والتدبير والبرمجة كفيل بوضع تصورات علمية
وتدبيرية واضحة على صعيد تسخير الجبايات المحلية لألهداف المسطرة .
وإذا كان مبدأ ( النوع االجتماعي) للجبايات المحلية داعما للتخصيص القانوني لكل الموارد المخولة
للجماعات الترابية ،فإن تحقيق التنمية الترابية على أساس إحداث هذه الوحدات لنفس الغاية هو جوهر
األساس الدستوري والقانوني لكل هذه العملية المتكاملة ،ألن الجماعات الترابية مجاالت سوسيوجغرافية
،ومن عنصري اإلنسان والتراب يمكن التوجه إلى بنية ذات انسجام موضوعي بعالقات متساوية بين
الرجل والمرأة ،وإطار تنموي خاضع لمقاربة النتيجة في إطار ما يسميه بروفوست ( الجماعة الترابية
المتعلمة). 221
219 - sedjari (A) , le renouveau municipale au Maroc et la philosophie de retour à l’unité de la ville , 2004, p : 15, et Cf.
SEDJARI A. « La fin du pouvoir de l’Etat : vérité ou illusion ? » in La revanche des territoires, direction . SEDJARI A.,
édition L’Harmattan,1997 , p. 15 .
220 - lebel (P) , gestion des ressources , op .cit , p : 21
221 - prevost (P) , la collectivité apprenante , projet de recherche du CEFRIO, juin 2002 , p : 15
88
يقول ناخ مبارك " إن المسألة ال تتعلق بممارسة اختصاصات قانونية بل بنهج " الواقعية" الذي يجب أن
يكون السمة في عالقة الجماعة المحلية بباقي الفاعلين 222والمنعكسة على ( هذه الجبايات التي يشرعها
ويقررها اإلطار الجماعي ) .
والبد في هذه الحالة من ( جبايات تناسبية) ال تخضع لحرية المجلس الجماعي بل لتوافق المركز
والالمركز وإال جاءت الالمركزية ضد التنمية المحلية ، 223وقد خضعت بالضرورة لمقاربة النوع
االجتماعي من أجل فعالية أكبر في التدخل التنموي للجماعة الترابية .
الفقرة الثانية :إدارة جبائية محلية خاضعة لقاعدة المناصفة أداة التدخل التنموي للجماعة الترابية
من اآلليات القانونية والعملية إلقرار سلوك مالي حديث تقديم الجبايات المحلية أداة للتدخل التنموي ،
وإخضاع هذه الجبايات وإدارتها للنوع االجتماعي ،عامل مساعد على التدبير المحلي ،وتحسين
االستقالل المالي للجماعة الترابية بنسبة مالئمة ومتناسبة ،فالجماعة المحلية أداة مجالية بحد ذاتها،
ومطابقتها للنوع االجتماعي في اإلدارة يؤهل لحرية التقرير وتنفيذ البرامج والمشاريع التي تخدم التنمية
المتساوية في األهداف بين الرجل والمرأة .
ويرتكز جوهر التدبير المالي للشؤون الترابية على تحقيق التنمية البشرية المطابقة للنوع االجتماعي في
توازن موضوعي بين الرجل والمرأة على صعيد " تكاليف" هذه التنمية ،وفي مقدمتها الجبايات المحلية
وتحسين مستوى المعيشة وخلق الوظائف وتشجيع ودعم المشاريع واالستثمارات 224وكلها أهداف يجب
أن تخضع لمساواة النوع .
وعلى هذا األساس فإن التدخل االقتصادي للجبايات المحلية يهدف إلى تعزيز القدرات االقتصادية
لمنطقة ترابية من أجل تحسين مستقبلها االقتصادي ومستوى المعيشة ككل ، 225وهو ما يجعل " تنمية
الجبايات المحلية " عامال مساعدا على جبايات محلية خاضعة لمعايير الجبايات " التنموية" لتقديمها
الجانب التنموي على الجانب الجبائي ،بما يساهم في تحديد اإلطار العام للتنمية الترابية .
1ـ أداة لميزانية الجماعة المحلية ،وتحول مالية الجماعة إلى " ميزانية اقتصادية " شرط ضروري
للتدبير الحديث .
222 - nach mback , dix ans de décentralisation en Afrique de l’ouest : enjeux et perspectives , conférence organisée
par la chaire UNESCO des droits de la personne et la démocratie , université d’Abomey calavi , république du bénin ,
centre culturel français de coton ou n 16 octobre 2002 , p : 16
223 - observatoire permanent de la coopération française : la décentralisation contre le développement local ? avis
222ـ دليل وضع وتنفيذ استراتيجيات تنمية االقتصاد المحلي وخطط العمل ،منشورات بيرتلزمان ستيفتانج جويترسلوو البنك الدولي ،واشنطن ،2004 ،
ص9 :
89
في إطار عملية تنموية اقتصادية على 226
3ـ أداة لبناء القوة اإلنتاجية وتوازنها بين الرجل والمرأة
المستوى المحلي .
4ـ أداة استثمارية 227للتنمية االقتصادية ورفع مستوى التدخل الفردي والجماعي ،انطالقا من اعتمادها
ضمن القطاع العام ،ويدقق الخبير " فرانسوا مارتي" هذا المعطى من زاوية أن هذه الجبايات المحلية
المطابقة للنوع تخدم " سياسة تنموية" تستقطب االستثمارات وترفع المستوى االقتصادي للوحدة الترابية
أو الجهوية عبر اإلعفاءات الضريبية أو التسبيقات المالية والعقارية. 228
ولمعالجة الفجوة العقارية الناتجة عن التقاليد والثقافة السائدة بين الرجل والمرأة ،فإن اقتراح سياسات
جديدة هي التي تجعل الالمركزية في تقدم كبير عبر إجراءات البد أن تبدأ من المجال الترابي ،وأوله
الملكية والعقار ،وهذه اإلصالحات تستهدف تحريك النسق االقتصادي 229وليس الدفاع عن وجهة نظر
ضد تقليد أو أيديولوجيا حداثية ،ألن ربط الجبايات المحلية بالمستوى المجالي هو بنفس معدل ارتباط
التنمية االقتصادية بباقي اإلجراءات القانونية والتنظيمية الواقعية ،من خالل تشجيع االستثمار الترابي
وتحسين أداءه في المجال التنموي .
وتقاطع المجالين الترابي والتنموي ،وتطابقهما في المقاربة الحديثة يحول الجبايات المحلية المطابقة
للنوع إلى أدا ة شاملة لبناء القوة والقدرة االقتصادية ،وزيادة االستثمار من خالل اإلجراءات الجبائية
التي تفترض إجراءات مجالية للتحديد األمثل للحاجيات التنموية المتساوية بين الرجل والمرأة ،تتقدمها
اإلعانات المباشرة 230أو اإلعفاءات أو اإلجراءات المناسبة 231لصالح أحد طرفي النوع االجتماعي بما
يخدم معالجة الفجوات والوصول إلى قيم تشاركية كاملة .
فمن المهم أن تكون الجبايات المحلية تشاركية خاضعة لمساواة النوع ،بما يجعل المجال الترابي متعادال
بين الرجل والمرأة وبنسب متغيرة ومرنة تخدم التدخل لعدالة مجالية وتنموية ال يتطرق إليها الشك .
الفقرة الثالثة :الجبايات " التشاركية" على الصعيد المحلي " عدالة مجالية"
ال يمكن أن تنتج المقاربة التشاركية سوى " جبايات تشاركية " على الصعيد المحلي تحقق عبرها ومن
خاللها " العدالة المجالية" ،وتثق المقاربة الحديثة في االستثمار الترابي بتحسين الشروط المجالية
لالستثمار ،وتكاد الجبايات المحلية الخاضعة لتشارك النوع االجتماعي ومساواته أن تؤسس لنظام بنيوي
وظيفي فاعل بدأت عالقاته منذ 1955بعد اجتهادات فقهية آمنت بالشراكة المختلطة بين القطاع العام
223ـ الدليل اإلرشادي لعملية التنمية االقتصادية على المستوى المحلي ،منشورات البنك الدولي ،وحدة التنمية االقتصادية والترابية ،واشنطن ،أكتوبر
، 2001ص 2:
ـ علي خليفة الكواري ،دور المشروعات العامة في التنمية االقتصادية ،منشورات عالم المعرفة ،عدد ، 42يونيو ، 1981ص 227 10 :
228 - marty (F) collectivités territoriales et entreprises : nouvelles compétences ou nouvelles politiques , colloque sur
« la décentralisation en mouvement « édition assemblée nationales , paris , janvier 2006 , p : 1
229 - Bignon (P) , les interventions économiques du conseil régional de Bretagne , acte de colloque sur « action
90
والخاص وبقيم النوع االجتماعي لمساواة الرجل والمرأة لتعزيز التدخل لصالح المتضرر من الجنسين
قصد تحقيق التنمية المستدامة 232فليست األشكال الترابية ( الجهوية والمحلية ) هدفا بحد ذاته ،فالجهة
أو الجماعة الترابية ـ بمختلف صيغها ـ ليست مجرد إطار قانوني أو عنصرا من عناصر التقسيم
اإلداري أو الترابي ،وإنما تشكل أساسا جغرافيا لتحقيق التنمية المستدامة .
فالبعد التنموي الترابي يعوض البعد الترابي المستخلص من إدارة ترابية نظر لها وزير الداخلية األسبق
إدريس البصري ،والقت قصورا ألنها لم تدمج التنمية البشر ية في منظومة وزارة الداخلية إال أخيرا .
ومن الطبيعي أن تؤسس الجبايات التشاركية المحترمة لعدالة ومساواة النوع االجتماعي بين الرجل
والمرأة على ركيزتين :العدالة الجبائية والعدالة المجالية ،ولن تنجح إحداهما دون األخرى ،فالمسألة
ال تتعلق باالقتراح فقط 233بل بالتدخل على مستوى بعض الجبايات إللغاء رسوم أو تخفيضها ،كما
في النظام الفرنسي ،خاصة الرسم المهني والرسم العقاري ،ويؤطر هذه اإلعفاءات مبدأ العدالة الجبائية
لتمكين الرجل والمرأة من العدالة المجالية .
ويخدم التدخل لتعديل الرسم العقاري لصالح المرأة ،كما في التجربة الفرنسية ،مسلكا مهما ،لتقديم
الجبايات المحلية المطابقة للنوع في المغرب على أنها فرصة اجتماعية للعدالتين الجبائية والمجالية ،
فيما تعود اإلعفاءات الدائمة أو المؤقتة في بلدنا إلى مقتضيات كل رسم على حدة ،وتصدر بقانون ،أما
اإلعفاءات الكلية أو الفردية الموجهة لفرد ،فتصدر عن وزير الداخلية والمالية ،وفي حاالت محدودة
عن اآلمر بالصرف حسب مقتضيات المادة 162من قانون الجبايات المحلية الصادر بالظهير الشريف
رقم 1.07.195بتاريخ 30نونبر . 2007
وأي جبايات محلية ناتجة عن مبدأ التدخل االقتصادي المباشر لل جماعة الترابية الواضعة أمامها عدم
المس بالمنافسة الحرة ومقتضيات القانون التجاري فقط كما في الحالة الفرنسية ،هي " جبايات متقدمة"
،وفي خضوعها لمقاربة النوع تجمع البعد االجتماعي إلى البعد االقتصادي ،ويشكل اإلطار الترابي
بعدهما مفهوما مستوعبا لمساواة مجالية بين الرجل والمرأة كمستثمرين وملزمين في كل مظاهر الحياة .
إنها " التشاركية" في أسمى صورة لخدمة العدالة المجالية للجنسين ،وهي ليست تقنية وحسب ،بل بعدا
شموليا للتنمية المستدامة المستجيبة لعدالة النوع وعدالة المجال بين الجنسين ،كي تكون هذه العدالة
المجالية أو الترابية معيارا حقيقيا وملموسا يخدم التنمية المستدامة .
ويبدأ هذا الهامش من شركات التنمية الترابية كما جاء في مشروع تعديل الميثاق الجماعي ،وإحداث
الجماعة الترابية لألسواق والمعارض التجارية ،حسب المادة 83من القانون التنظيمي المتعلق
بالجماعات ،وتندرج ضمنها باقي األنشطة ،من أجل جبايات عادلة بين الجنسين على صعيد المجال ،
في التزام كامل بالنوع االجتماعي ،كي يتجاوز المجتمع فجوة النشاط بين الرجل والمرأة ،وفي النتيجة
بناء جبايات مستجيبة للنوع .
229ـ حسين الطاهري ،الجهة ورهانات التنمية االجتماعية ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة " مواضيع الساعة" ،عدد 1998 ، 16
،ص 81 :ـ 88
ـ القانون رقم ، 47.06الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.195الصادر في 19من ذي القعدة 30( 1428نوفمبر ، )2007الجريدة الرسمية233
91
الفقرة الرابعة :الجبايات المحلية المطابقة للنوع تدخل اقتصادي غير مباشر الستثمار مجالي متقدم
تشكل الجبايات المحلية المطابقة للنوع إحدى بنيات العمود الفقري لالقتصاد الترابي ألنها تدخل
اقتصادي غير مباشر قصد االستثمار العادل للمجال ،ألنه إعداد للتراب " الترابي " وإعداد للتراب
"المجالي" وآخر للتراب " التنموي" .
وهذا الثالوث يسمح بتوفير المبادرة في الهيئة الالمركزية لتأهيل البنيات التحتية ،وإيجاد المرافق
المهيكلة لالستثمار وباقي البنية القائمة على التنمية الترابية .
وفي كل األحوال ،فإن الهامش المخول للجماعة المحلية ضعيف ويتعلق بإلغاء رسم صادر بشكل غير
صحيح ،أو التخ فيض من مبلغه إذا كانت التقديرات خاطئة أو مبالغ فيها وفق مساطر قانونية معينة
ومحددة ،وال تمس هذه المسطرة سوى الرسوم الصادرة عن الجماعات أو القائمة على تصفيتها من
نفس الجهة ،وهذا يعني أن اإلجراءات المتعلقة بالرسم المهني والرسم على المباني والرسم على
الخدما ت االجتماعية من اختصاص وزير المالية ،أو من يفوضه من أجل ذلك .
ووجود قرار أغلب الرسوم الجبائية خارج الجماعة الترابية يؤسس للقول أن الجبايات المحلية المطابقة
النوع ال تخضع للسياسة الترابية الالمركزية في المملكة بل توجب إخضاع كل فروع الميزانية العامة
والموازنة لمساواة الجنسين .
وال يمكن مواصلة االختصاصات األساسية للجبايات المحلية خارج مجال الوحدات الالمركزية أو تبعا
للمساطر التشريعية الالزمة ،فالجبايات إلى حدود اللحظة ال تخدم عدالة المجال أو النوع ،بما يؤسس
آلليات جامدة في د عم المبادرة ،بل تشكل الجماعة الترابية تدخال اقتصاديا غير مباشر إلى جانب
اإلدارة المركزية ،وتدفع الجماعة ثم نا إلعفاءات أو نفقات جبائية مقررة مركزيا عبر قانون المالية ،
وإن تم تعويض بعض البلديات في إطار منحة المقاصة ، 234ألنها ال تشمل كل اآلثار واالنعكاسات
والفجوات التي يحدثها عدم تبني مقاربة النوع االجتماعي .
وال يمكن في هذه األوضاع التفكير في جبايات محلية مطابقة للنوع دون تعديل جذري للقانون المنظم
لهذه الجبايات الصادر عام 2007كي تمارس البلديات المغربية اختصاصاتها في اإلعفاء ،وإقرارها
للرسوم مدة وموضوعا وحجما ،فاألمر يتعلق بالوصول إلى مساواة جبائية ومساواة مجالية ،من خالل
الملكية ،والعقار تحديدا ،والذي يعرف فجوة اإلرث وباقي العوامل غير المنسجمة بين الجنسين ،
فالتسهيالت الجبائية المحلية وتوجيه الرسم المهني على مستوى التهيئة العمرانية واستقرار المقاولة
النسائية إلى جانب المقاولة المسيطرة ،كلها إجراءات ال يمكن الذهاب إليها وتحقيقها ،دون تعديل يوسع
اختصاص الهيئات الالمركزية وتعديل استراتيجي آخر متمثل في قانون الجبايات المحلية المعمول به
حاليا .
234 - Dotation de compensation : circulaire du ministre de l’intérieur n 808-69-c du 25 mars 2008.
92
المطلب الثالث :اإلجراءات اإلستراتيجية إلعادة صياغة قانون الجبايات المحلية المستجيبة
لمقاربة النوع
إن "المواطنة الجبائية" التي يصبح فيها الملزم أداة للتنمية وهدفا لها ،توجب مساواة الجنسين ،عبر
أدائهما لديونهما الجبائية بطواعية واختيار ، 235لتتحول مفاهيم الخاضع والمكلف والمدين والممول
والملزم الجبائي إلى االلتزام الجب ائي المطابق للنوع االجتماعي ،وال يمكن تجاوز هذا النقص في
المنظومة الحالية إال بإصالح القانون الجبائي والمالي والمحاسبي للجماعات المحلية وإصالح الخلل في
ـ أحمد قليش وعبد الغني حدوش ،المنظومة الجبائية المحلية ،الطبعة األولى ،مطبعة النجاح الجديدة ، 2013 ،ص8235 :
93
بنية الجبايات المحلية بين قانون اإلصالح الجبائي 236 89.30وقانون ، 06.47وما سجله مستوى
التحصيل 237من غياب المداخل والوسائل القانونية قصد التطبيع مع " الملتزم/الملتزمة" بمساواتهما في
األداء ،انطالقا من التمييز بين أنواع الرسوم والحقوق والواجبات بهدف خلق تعامل إيجابي وعادل
يسقط التعقيد الذي تعرفه المساطر المحلية والمساطر العامة للضرائب ومدونة تحصيل الديون العمومية.
وبإخراج القانون الجبائي 06.47جرى إدماج كل الرسوم التي تقوم مديرية الضرائب بتدبيرها في نص
واحد ،وأيضا الرسوم التي تعود للمصالح الجبائية المحلية مع اإلبقاء على 13رسما خاضعة لقانون
89.30وفي المحصلة يصعب الحديث عن نظام جبائي ومدونة واحدة تخضع ألجرأة النوع االجتماعي
،واإلنشاء اإلرادي ل اللتزام الجبائي ضرورة مغربية ،من خالل انتخاب المجلس الجماعي المقرر في
الجبايات ،وإخضاع اإلدارة الجابية الملتزمة لقاعدة المناصفة لهذا المجلس ،وأيضا عبر المساطر
والقوانين العاملة على مقاربة النوع إلكمال كل دوائر المساواة بين الجنسين .
والبد من إصالح عميق في بنية المنظومة القانونية للجبايات المحلية كي تستجيب لحساسية النوع (الفقرة
األولى) وتبدأ من تعديل قانون 47لسنة 2006إلرساء حكامة جبائية محلية من شراكة الجنسين (لفقرة
الثانية) وأجرأة النوع فيما سلمه قانون 47لسنة 2006للجماعات المحلية من رسوم لمطابقة الواجب
المحلي للتدبير الحديث (الفقرة الثالثة) ليكون تعديل هذا القانون الموضوع قبل دستور 2011حاجة
قانونية للمغرب ( الفقرة الرابعة) .
الفقرة األولى :مداخل إلصالح بنية المنظومة القانونية للجبايات المحلية
يمكن إجمال المداخل البنيوية إلصالح قانون الجبايات المحلية على مستويات مختلفة ،فعلى صعيد
اإلحصاء الجبائي المحلي ،تنشأ مقاربة النوع على :
أوال ،اإلحصاء الجبائي الفاحص والدقيق 238لموارد الجنسين كي يستقيم إنشاء التزام عادل وحساس
للنوع ،من تمييز بين اإلحصاء الذي تنجزه لجنة اإلحصاء المدبرة باإلنابة من إدارة الضرائب
239
واإلحصاء الذي تتكلف به مصلحة الوعاء التابعة لإلدارة الجبائية الجماعية
ومن العملي :
1ـ إخضاع لجنة اإلحصاء المحدثة في كل جماعة ترابية لقاعدة المناصفة ،وهم المعينون لمدة 6سنوات
بقرار عاملي لعامل العمالة أو اإلقليم ،ويعهد إليها جرد العقارات واألنشطة المهنية على أن يكون
تدبيرها مباشرا من المصالح الجبائية للجماعة وليس باإلنابة من طرف مصالح إدارة الضرائب .
2ـ إعادة ممثل السكان إلى تشكيلة اللجنة المكلفة باإلحصاء التي أسقطها قانون ، 06.47وتعزيز هذا
اإلجراء للتمثيلية االجتماعية يساعد على الرفع من معدل المشاركة المتوازنة بين الجنسين .
233ـ ظهير شريف رقم 187.89.1الصادر في 21من ربيع الثاني 21( 1410نونبر )1989بتنفيذ القانون رقم 89.30يحدد بموجبه نظام الرسوم
المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها .
ـ التعديل الذي عوض وكالة ،المداخيل بموجب مرسوم رقم 02/09/441في 17من محرم 3 ( 1431يناير )2010أوضح نظام المحاسبة العمومية237
94
2ـ توحيد اإلحصاءين وإخضاع معطياته لمعطيات النوع االجتماعي .
3ـ في حال اعتماد اإلحصاءين يتوجب خ ضوع الممثلين في التشكيلة لقاعدة المناصفة ،بحيث إن كان
ممثل لمصالح الجبائية للجماعة رجال كانت الممثلة عن إدارة الضرائب سيدة أو العكس ،وأن يكون
توحيد قاعدة اإلحصاء على أساس معيار النوع ،خصوصا في العقار لردم الفجوة القائمة بين الجنسين ،
حفظا لتوازن المركز القانوني للطرفين وإدماجهما في عملية التأسيس الجبائي .
4ـ نقل رئاسة لجنة اإلحصاء إلى رئيس المصالح الجبائية على أن يكون مختصا ومفتشا وأن يوسع
طاقمه بما يناسب العمل الضريبي المحلي المستجيب للنوع ،مع االستفادة من اعتبار مرسوم
441/09/2شسيع المداخيل محاسبا عموميا ( المادة . )54
5ـ خضوع مسطرة اإلحصاء لمقاربة النوع في مراحلها ،ولدى جميع المتدخلين ،خصوصا إحصاء
العقارات في كل حي بشكل منظم ،وأن يكون الخاضعو ن والخاضعات لمختلف الضرائب رهن
اطالعهم على البيانات وتصحيحها ،وأن يكون توق يع رئيس المصالح الجبائية المحلية على المحاضر
واجبا ،مع إباحة الطعن فيها ،لتمكين المرأة من معالجة الهشاشة المفروضة عليها .
6ـ ضرورة إقرار المشرع للجهة المنوط بها تحرير المحضر ،وأن تكون هذه الصالحية للمصلحة
الجبائية الجماعية حصرا ،لتجاوز ما أحدثته المادتين 18و 32من قانون 06.47حيث منح الفصل 18
لمفتشي الض رائب طيلة السنة وفي كل األوقات الحق في زيارة المحالت التجارية ذات النشاط المهني أو
الصناعي ،فيما كرس الفصل 32اعتماد ممثل الجبايات الجماعية على أنه ممثل جماعي وليس رئيس
الجبايات الجماعية المختص ،ووجب في هذه الحالة عدم شرعنة عمل اإلدارة الضريبية إال من خالل
حضور ممثل الجبايات الجماعية ،وإخضاع مفتش الضرائب ،لخبرته التقنية ،تحت القرار الجماعي
المستجيب لقاعدة المناصفة إلعمال معيار النوع من أجل حكامة جبائية محلية متقدمة .
7ـ خضوع الدعم البشري واللوجستيكي للوحدات الترابية إلى قاعدة المناصفة حسب الدورية الوزارية
عدد 24036لسنة 1997للمساهمة في ضمان استجابة الجنسين ألداء الواجب في القباضات .
8ـ أن تخضع الرخص المسحوبة من الجماعة الترابية لمقاربة النوع إلحصاءها وتدقيقها ودعم الفئات
الهشة كي ال تكون الضريبة " عمياء" ،ويشكل الذكاء الضريبي المصلحة االقتصادية واالجتماعية
للجماعة المحلية .
9ـ مراجعة اإلحصاء من قبل لجنة إدارية مختلطة متساوية األعضاء على أساس النوع .
وأن تستعين بما تراه من الخبراء المستقلين أو المراكز المتخصصة للتمكن من كل اإلجراءات
والمقتضيات ذات الصلة ،وحثت الدورية الوزارية 408رؤساء المجالس الجماعية على تعيين
أعوان 241جماعيين تسند إليهم مهام القيام باإلحصاء حتى يمارسوا مهامهم في ظروف قانونية على أن
240 ـ دورية وزارية ،عدد ، 36مصلحة المالية الترابية ،الرباط 31 ،مارس 1997حول إعداد ميزانيات الجماعات الترابية برسم السنة المالية 98.97
ـ الدورية الوزارية عدد ، 408الصادرة بتاريخ 22نونبر 1992حول تطبيق نظام اإلصالح الجبائي ،ص 241 8 :
95
إخضاع هؤالء األعوان وباقي مقتضيات هذه الدورية لقاعدة المناصفة وإلى مسطرة اليمين 242شرطان
لخضوع الجبايات المحلية لحساسية مساواة الجنسين في باقي العمل الجماعي .
10ـ شمولية اإلحصاء ودقته ومعرفة مؤشر الملكية بكل أشكالها ،فانخراط مؤسسة المحافظة العقارية
والمصلحة الطبوغرافية في إحصاء األراضي الخاضعة للرسم على األراضي غير الحضرية غير
المبنية وإحصاء االحتالالت المؤقتة لألمالك الجماعية العامة يشكالن أرضية التأسيس الجبائي الشفاف
والفاعل على األرض لمساواة في الملكية بين الجنسين ،و تجديد التكاليف (الجبائية) على ضوءها .
ثانيا ،يبدو واضحا أن تقنية اإلقرار أو التصريح تحل محل اإلحصاء ،وتطابق المادة 14من ميثاق
حقوق اإلنسان القاضي بأن يعبر كل مواطن أو ملزم على الرغبة في المساهمة اإلنفاق العمومي. 243
وتشكل الجبايات المستجيبة للنوع االجتماعي والقاض ية بالمساواة بين الرجل والمرأة عامال مركزيا قي
اإلقرار الجبائي المحلي .
ولمطابقة الرسوم المحلية كما حصرتها المادة 49من قانون 06.47لهذا المعيار الحقوقي والقانوني،
الجامع بين مساواة الجنسين و شراكتهما ،فإن تحرير اإلرادة على أساس العدالة الجبائية يدفع إلى
االلتزام بل تجعل الملزم محوريا فيه .
وتلتقي تقنية اإلقرار ومقاربة النوع في كونهما مندمجتين ضمن وسائل " القيادة المحلية" و"القيادية" هي
عندما تتفاعل كل الطاقات المحلية من أجل مردودية جبائية ،244وعدم الوصول إلى مشاركة فعالة يحد
من فرض التنمية المحددة من طرف الهيآت المحلية .245
وعادل المشرع بين اإلحصاء واإلقرار بما يجعل األداتين قانونيتين ،لكنهما على األرض غير
بسيطتين ،وبتبني مقاربة النوع تسهل البيانات المقررة إلنشاء الرسم أو تصفيته .
واإلقرار يضمن من حيث الشكل :
1ـ مساواة الملزم والملزمة أمام اإلدارة ،انطالقا من إرادتهما الحرة ،وإن لم تتحقق بنيويا هذه القيمة
2ـ المساواة أمام الجزاءات الغرامات في حال عدم التزام الملزم باألداء باإلقرارات كما بينها قانون
06.47
3ـ المساواة بين الجنسين في بيان عناصر تصفية الرسم ومبلغه .
ويمكن لمسطرة اإلقرار أن تثبت وتبرر اإلعفاء الموجه لقطاع أو لفاعل محدد ،والمرأة في مجاالت
يجب أن تمتاز عن غيرها باإلعفاء الجزئي ،كما في حالة شغل الملك العام في اإلقرارات الربع سنوية
أو ف ي وقف النشاط أو تغييره أو نقله كما اإلقرارات السنوية .
239ـ الفصل األول من الظهير الشريف المؤرخ في جمادى الثانية ( 1322فاتح ماي )1914المغير بالفصل األول من الظهير الشريف المؤرخ في 25
يونيو 1957
ـ أحمد قليش وعبد الغني حدوش ،بنية المنظومة الجبائية المحلية ،مرجع سابق ،ص 243 32 :
ـ (مرجع سابق ) ،ص 244 32 :
ـ عبد الحق المرحاني ،حدود التمويل الجبائي للتنمية الترابية والتنمية ،عدد مزدوج 2ـ ، 3يناير ـ يونيو ، 1993ص 245 81 :
96
واستجابة الملزمة بشكل يجعلها خاضعة للرسم بحكم القانون يوجب إلزام اإلدارة الجماعية على تشجيع
المساواة في النشاط ،وأن يكون األمر مهيئا للتد خل جبائيا كي ال تنقطع مبادرة المرأة وتبقى ذات صلة
مع إدارتها الجبائية .
4ـ فرض الرسم وإشعار الملزم بذلك ال يقوم على حالة االنقطاع أو التنازل مما ال تقبله اإلدارة ،
وتكون الجبايات المحلية بتقدير( النوع) فاعلة لمعالجة فجوة النشاط بين الجنسين .
ومبدئيا ،يجب على اإلدارة الجبائية أن يعني ها انتقال الملكية ،وال يجب أن تهتم فقط باالستغالل ،بل
باإلطار واألبعاد ،وهو خلل في المقاربة الحالية .
واألخذ بكل المقاربة التي تجمع "القيادية" ومساواة النوع واإلقرار الجبائي واالرتباط بالنتائج يكشف أن
الجبايات المحلية تتحول بهذه اآلليات إلى "ميزانية" .
وأول ميزانية عرفها المغرب سنة 2461910كانت ميزانية جهوية ،وكانت بمبادرة السلطات
االستعمارية في الشاوية والمغرب الشرقي ( )1911مكناس (دجنبر )1913والرباط وفاس ومراكش
( ) 1913وبعدها منطقة تادلة ،والجهوية المتقدمة تعمم ما قرره المركز على الجهات وليس إنشاء
الجه ات لقرارها المالي ،وضمنه الجبائي .
وفي ظل عدم وجود برلمانات جهوية ،فإن تجريد البرلمان من السلطة المالية لفائدة المبادرة
الحكومية 247يعادلها تجريد الجماعات المحلية من السلطة الجبائية لفائدة اإلدارة المركزية وإدارة
الضرائب تحديدا .
وبإسقاط البرلمان الجهوي من اقتراح اللجنة الملكية للجهوية التي رأسها المستشار الملكي عمر عزيمان
،ابتعدت المالية الترابية عن تحقيق شروط الميزانية ،فيما تعمل مقاربة النوع على إقرار هذا التحول
للوصول إلى النجاعة الجبائية المطلوبة .
من حيث المضمون ،فإن اإلقرار يحيل على مؤشر االنتقال العرفي للملكية ،وصدر ظهير 22نونبر
2482011لتكون كل العقود الناقلة للملكية تبعا لمدونة الحقوق المدنية .
ومساواة النوع ،ضمن الحقوق المدنية ،توجب أن تكون الملكية المؤشر الرئيسي للواجب الجبائي
والبد في هذا الصدد من :
1ـ نقل الصورة اإلقرارية على الرسوم المدبرة باإلنابة من طرف مصالح مديرية الضرائب إلى مصلحة
الجبايات المحلية ،وأن تكون خاضعة للنوع ،العتماد اإلقرار الجبائي في المغرب قاعدة تكمل
اإلحصاء ،وليس قاعدة بحد ذاتها ،ويكون من الطبيعي في حالة الملزمة أن تكون على نفقة الجماعة
المحلية 249في حاالت يراها المجلس الجماعي وإدارته القانونية .
ـ عسو منصور ،قانون الميزانية العامة ،الطبعة األولى ،دار النشر المغربية ، 2005،ص 12 :
246
ـ عسو منصور ،السلطة المالية للبرلمان ،مجلة القانون واالقتصاد ،عدد ، 2003 ، 20ص72 :
247
245ـ منعت وزارة الداخلية كل مصالح تصحيح اإلمضاءات من المصادقة على العقود النقلة للملكية بجميع أنواعها (ظهير شريف رقم 1.11.178الصادر
في 25ذي الحجة 22( 1432نونبر )2011بتنفيذ القانون رقم 08.39المتعلق بمدونة الحقوق المدنية .
ـ عكس ما عليه الحال ،كما في المادة 142من قانون 249 06.47
97
2ـ التدخل في المواد الجبائية الموجهة للسكن من أجل األرملة وباقي الوضعيات الهشة .
3ـ إخضاع الصور اإلقرارية المدبرة محليا من طرف ش ساعة المداخيل ،خصوصا في أمر الحيازة عن
طريق اإلرث وتعديل المادة 47و 48من قانون 06.47وإخضاعها لمقاربة النوع لتمييز إيجابي
لصالح النساء في أوضاع هشة ،على أن تعود األراضي لهن في حالة حمايتهن .
الفقرة الثانية :تعديل قانون 06.47لسنة 2006إلرساء حكامة جبائية محلية من شراكة الجنسين
إن إعداد الملزم "اإليجابي" أو الملزمة "اإليجابية" هدف بحد ذاته ،من خالل الحماية التي يكفلها القانون
ألن االنتقال من "المساواة أمام الجباية" إلى "المساواة الجبائية" يكرس (شخصنة الجباية) 250التي تعمل
على النوع للوصول إلى التزام جبائي يدعم مساواة المركز القانوني للرجل والمرأة ،وأيضا (التوازن)
في المنظومة الجبائية .
واللجوء إلى اإلقرار ،وباقي اآلليات الحديثة ،تأسيس لمنظومة جبائية تشاركية وأكثر نجاعة وثقة ألن
المواطن الجبائي الفاعل والملتزم يدفع واجبه الجبائي بشكل تطوعي وتلقائي ،والتوجه نحو توحيد أنماط
تأسيس الرسم الجبائي ا إلقراري خارج المزاوجة بين الطابعين اإلحصائي واإلقراري ،وتوحيد النظام
الجبائي ،كفيالن بإنتاج مساواة وتوازن على كل المستويات وفي التدخالت .
ومعالجة قصور النص القانوني الستيعاب النوع االجتماعي وتنزيل المناصفة كمبدإ دستوري نحو فلسفة
جبائية جديدة ،يعد اليوم قرارا استراتيجيا للدولة في إطار التدبير الحر للجماعة الترابية والجهوية
المتقدمة وغيرها من األبعاد التي خلقت فجوات على صعيد التطبيق ،فالدستور يؤمن بالمقاربة المجالية
المحلية ،فيما قانون 06.47محكوم بالمقاربة القطاعية ،وب غياب الخصوصية الجهوية والمحلية يصبح
القانون مرتبطا بمدونة تحصيل الديون العمومية والمدونة العامة للضرائب وليس بقوانين الجماعات
الترابية.251
وال يمتلك القانون رؤية اتجاه اإلدارة التي تنفذه ،فالمقاربة الشمولية في صياغة قانون 06.47وإعداده
طغت على مادته واختصاصه ،والبناء عليه من أجل تجاوز مسار ومظاهر وإفرازات تحكم الدولة في
الجبايات المحلية واجب وضرورة ،رغم أن نظام الالمركزية موروث مغربي تراكم من تقاليد القبائل ،
252
فالجماعة في البادية المغربية هي اإلطار واألداة لتدبير مختلف شؤون الحياة اليومية للمواطنين
وحاليا البد من فعالية قانونية وتقنية ضمن استراتيجية اإلصالح الجبائي المحلي. 253
وتشريع االفتحاص له بعد ديني بما يجعله أصيال 254إلى جانب الجماعة في اتصالها بالسلطة المركزية
منذ زمن األمناء 255وإلى زمن الجباة المحليين ،وبهما أدار المركز سلطته المالية مستعينا بتقنيات جديدة
250ـ أحمد قليش وعبد الغني حدوش ،بنية المنظومة الجبائية المحلية ،مرجع سابق ،ص48:
251ـ هشام مليح ،الدولة والجبايات المحلية ،مطبعة األمنية ،الطبعة األولى ، 2014ص 9 :
ـ محمد السنوسي معنى ،مالية الجماعات المحلية بالمغرب ،التنظيم المالي المحلي ،دار النشر المغربية ،الطبعة األولى ، 1993ص 252 8 :
ـ ناصر مراد ،فعالية النظام الضريبي بين النظرية والتطبيق ،مطبعة دار هومة ،الجزائر ، 2003 ،ص 253 76 :
ـ إدريس خدري ،اإلسالم وافتحاص المال العام ،مطبعة دار النشر المغربية ،الطبعة األولى ، 1983 ،ص 254 26 :
ـ نعيمة هراج التوزاني ،األمناء في المغرب في ظل حكم السلطان موالي الحسن (1873ـ ، )1894مطبعة فضالة ، 1985 ،ص102255 :
98
للتضريب وإعادة هيكلة بعض الرسوم في اتجاه تطويرها ، 256وال يمكن االكتفاء بالتعديالت التقنية بل
يستوجب تعديل (المقاربة) .257
ومقاربة النوع شرط لمساواة جبائية تضمن الخروج من التمويل بالعجز الذي يعد ثابتا من ثوابت
السياسة في المغرب إلى التمويل بالشراكة والتشارك كرغبة في إنعاش روح المواطنة الجبائية أو ما
يسميه "أردن" في بحثه تحت عنوان سوسيولوجيا الضريبة ب ( الظهير الجماعي). 258
والوصول إلى نظام جبائي حقيقي سيعكسه قانون بنفس المستوى للوصول إلى ضبط العالقة بين
الموظف والمنتخب والمواطن الجبائي واإلدارة (الجابية) لتجاوز محدودية الحماية القانونية التي تكون
الملزمة أولى ضحاياها .
ومن الطبيعي تعديل القانون الجاري به العمل لتوسيع الحماية القانونية للمرأة أو أي نوع اجتماعي
يتعرض للهشاشة ،أو يحس بظاهرة تفاوت الضغط الجبائي المحلي ضمن السياسة المالية .259
وإقرار السعر التصاعدي في بعض الضرائب يكشف أن (رقمنة الضريبة المحلية) ارتفعت إلى حدود
تجعل (العدالة بواسطة الضريبة) 260أداة من أدوات السياسة الجبائية المحلية ،261وال يمكن إقرار هذه
المساواة دون إقرار مقاربة النوع ،فهذه األداة المقررة حاليا تجد في النوع مصدرا لشرعيتها وواقعيتها،
هذا من جهة ،ومن جهة ثانية ،ال يمكن تجاوز حاالت التباين المجالي واالجتماعي دون اعتماد تقنيات
التدبير الحديث ،الراعية للمقدرة التكليفية للفرد ، 262رجال وامرأة ،من خالل اعتماد مبدئي المالئمة
والتبسيط وفي إطار إصالح الوعاء الجبائي المحلي ،والوطني ،لتقويم فعال للسياسة الضريبية ورفع
الهيمنة على السياسة الجبائية ،وقد أصبحت الحكومة المشرع الجبائي األصلي ،فيما أصبح البرلمان
مشرعا استثنائيا بالرغم من كونه المؤسسة األكثر تعبيرا عن التراضي الجبائي ، 263وهو التقدير الذي
يوجب تعديل قانون الجبايات المحلية ،بما يطابق مقاربة النوع كي ال تدفع المرأة الثمن مرتين ألنها
تدفع ما يدفعه الملزم وتدفع الفارق بينها وبين الرجل الملزم .
يمكن الجزم بأن أجرأة النوع فيما سلمه قانون 47لسنة 2006للجماعات المحلية من رسوم تدبرها ذاتيا
خطوة أولى يجب إقرارها عمليا ،في انتظار خطوات أخرى ،من خالل الرسوم اإلحصائية ،ومنها
الرسم على األراضي الحضرية غير المبنية ،وخفض الرسم للنساء حالة واقعية لفجوة اإلرث والضعف
الذي خلقه التراجع التاريخي لنشاط المرأة ،بل إن وكالة اإلسكان والتجهيز العسكري معفية من هذه
256 - El kbir fikri , le régime financier de la commune urbaine , les éditions maghrébines , 1980 , p :22
ـ عسو منصور ،قانون الميزانية العامة ( ،مرجع سابق) ،ص 257 59 :
258 - G.Ardant , théorie sociologique de l’impôt , s.EV.P .N , paris , 1995 , p : 59
ـ أناس بن صالح الزمراني ،المالية العامة والسياسة المالية ،مطبعة الوراقة الوطنية ،مراكش ،الطبعة األولى ، 2002 ،ص 259 16 :
260 - l’égalité par l’impôt
258ـ إبراهيم سهير ،المميزات التقنية األساسية للجبايات المحلية المنظمة بالقانون رقم 89.30وآفاق إصالح الجبايات المحلية للمقاوالت ،المجلة
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ، 53نونبر ـ دجنبر ، 2003ص 74 :
259ـ عبد األمير شمس الدين ،الضرائب أسسها العلم ية ،وتطبيقاتها العملية (دراسة مقارنة) ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت
،الطبعة األولى ، 1987 ،ص 147 :
263 ـ هشام مليح ،الدولة والجبايات المحلية ،مرجع سابق ،ص 153 :
99
الضريبة ،ويمكن إقرا ر نفس اإلجراء في حق المتضررات حسب الحاالت بما فيها تفاصيل الحاالت
األربعة التي أوردها القانون تفصيال .
وينسحب اإلجراء على صالحية رخص البناء التي يجب تمديدها للمرأة لنفس العلل السابقة ،مع إلزام
اإلدارة الجابية بقبول اإلقرار ،ووقف الرسم على التجزئة في حاالت السكن الواحد لعائلة تقودها المرأة
،وفي الحاالت المؤقتة الحتالل الملك الجماعي لصالح امرأة تربي أيتاما ،أو حاملة لبطاقة (راميد)
للدعم الصحي ،بما يخول عدم رفع رسم تصديق اإلمضاء واإلشهاد بالتطابق أو رسوم الحالة المدنية أو
الرسم المفروض على البيع لمن رأسمالها ال يتجاوز 1500درهم .
وألن دستورية المادة 176من قانون 06.47تطرح سؤال الخلط بين اإلتاوات والجبايات بما يطرح
مشكلة في تحديد الطبيعتين ،وتكون الجبايات المحلية غامضة ويجب تحديدها بشكل صارم مستجيب
للنوع وباقي التقنيات الحديثة .
الفقرة الرابعة :تعديل قانون الجبايات المحلية الموضوع قبل دستور 2011بما يطابق مبدأ مناصفة
"النوع"
إطالق نظام جبائي محلي من مدونة أو قانون جبائي متطابق مع دستور 2011المؤمن بالمناصفة حاجة
قانونية لوحدة التراب والقانون ،وعلى قاعدة الوحدة التي تفرضها كل ميزانية مالية .
والوصول إلى تعديل القانون 47لسنة 2006أو تغييره بداية لمطابقة النوع في الواجب المحلي ألن
الدستور متقدم ،ويشرع هذه العملية الرتكازه على مبدأ المناصفة والمقاربة التشاركية التي تضع مساواة
الرجل والمرأة في صلب التنمية البشرية ،بل إن استدامة هذه التنمية هدف استراتيجي للدولة ،وهو
التطور الذي يجب مواكبته واقتراح مطابقة الجبايات المحلية للنوع شيء محوري لدخول مرحلة "الذكاء
الضريبي" و"العدالة الجبائية" من أوسع أبوابها .
خاتمة :
100
يظهر أن البحث في التساؤالت واإلشكاالت التي تطرحها مقاربة النوع في الجبايات المحلية توجب على
الفور متطلبات المالئمة للدخول في الجيل الثالث من اإلصالحات المرتكزة على " األهداف" بما تفضي
إليه من خالصات واستنتاجات ،بل حتى تساؤالت قصد توسيع الرؤية والتصور المطابقين ،ليس لتدبير
ما بعد حداثي بل للوصول إلى "تقنيات جديدة" توصلنا إلى بعض الغايات ،أساسها ،العدالة الجبائية
المحلية" ،حيث كان من الصعب جدا اإلحاطة باإلشكالية المطروحة ،واإلجابة عن جميع اإلشكاليات
والتساؤالت الفرعية ،نظرا لتشعب " مسألة النوع" ومالئمة " مقاربة األهداف" نظرا لتعدد الميادين
والمجاالت العلمية التي تتقاسمها وتتفاعل في إطارها .
وكان من العصي االحتواء الكامل للموضوع ،من خالل تصميم دقيق ومتوازن ومنضبط للقواعد
العلمية المتعارف عليها في البحوث العلمية واألكاديمية ،ألن المقاربة الجديدة تفترض " إعادة " النظر
في هذه القواعد عينها ،ومن ثم ال يمكن اإلدعاء ،بأي حال من األحوال ،باإلحاطة والوصول إلى كل
العناصر المطلوبة .
لقد كانت مقاربة النوع مثار جد ل عميق في منشئها ،وإعادة مالئمتها في الجبايات المحلية لتجويد
التدبير الترابي المحلي تقدير واسع لهذه اآللية العتمادها على " األهداف" ،لكن في المقابل ،وفي حدود
المعلوم ،لم نعثر على معالجة إل شكالية النوع في الوحدات المحلية المنتخبة بالمغرب في شموليتها أو
بشكل معمق ،وبكل تفاصيلها ـ رغم أهمية وضرورة ذلك ـ لت سهيل رصد الظاهرة في الجبايات المحلية
،وقد انصبت األبحاث أخيرا على الحكامة ،ومكون أو مكونين من النظام الرقابي في التدبير الترابي،
دون إيالء االهتمام ب الجوانب األخرى ،ودون الدخول في إشكالية اإلطار العالئقي الرابط بين مختلف
التمظهرات "الرقابية" و" الحوكمة" على الجبايات كي تسند " مقاربة النوع" ،تكون المسألة في صلب
العالقة الجدلية القائمة بين المبادئ الديمقراطية المحلية بمختلف تجلياتها ،والممارسات العملية بمعناها
التقني المتمثل في الجبايات المحلية ،وبمعناها الشامل لجميع األوضاع السائدة في الجماعة المحلية
والجماعة الترابية ـ بوجه أعم ،وفي مقدمتها ـ الجهة ـ .
إنه اإلقناع المنهجي الذي ترسخ لدينا في مرحلة اإلطالع ،أن نظام التدبير المحلي ال يعرف التوقف ،
ويمكن أن يستوعب باقي ميكانيزمات التدبير الحديث و"ما بعد حداثي" ،من خالل التحليل والتفسير
والنقد والمراجعة ،فقد رأيت أن النظام المحلي وليد تطور وصيرورة تاريخية ال تقبل أي قطيعة بين
(األجيال القديمة ) و( األجيال الجديدة) لإلصالحات .
ومجرد ربط اإلجراءات المتخذة والتي تتحول إلى " تقنيات" يستوجبها النظام القائم ضمن تطوره
وتحوله ،ت زيد صعوبة اإلحاطة بالموضوع ،ألن المغرب يعيش تدبيره من دون " قطائع" ،بل وليد
مسار ،بما يفرض إدماج وتضمين الموضوع حموالت المراحل المتعاقبة ،واآلنية ،االجتماعية
والسياسية واالقتصادية والقانونية الستيعاب مقاربة النوع في الجبايات المحلية .
وهذا المستجد المطابق في خط النهاية للمناصفة ،كما أتى بها دستور ، 2011يؤسس لتدقيق قد نصف
فيه " مقاربة النوع في الجبايات المحلية" بأنها تحصيل حاصل في المستقبل على المدى المتوسط ،
وسيبقى الفاصل الزمني مدعاة لطرح ذات اإلشكاالت التي عرفتها كل مالئمة لتقاسم الجماعة المحلية
بين هياكل وجهات وأجهزة مركزية ومحلية ،ولوجود " جبايات محلية" تخضع لمعايير الوصاية
والتفتيش والرقابة من وزارة الداخلية ،والوزارة المكلفة بالمالية ومؤسساتها ،دون أن ننسى ما يرغب
101
فيه المجتمع السياسي والمدني من " مساواة" بين الجنسين للوصول إلى ممارسة النشاط المحلي بعدل
وإنصاف .
وتعد الجبايات المحلية الخاضعة لمقاربة النوع مسألة حتمية لتقدم النموذج المغربي كي يكون على
مستوى دستوره ،في تحويل نظرته للمناصفة من "قاعدة" إلى "مبدأ" يشكل عنصر الرقابة األول
لوضع " عدالة الواجبات المالية المحلية" في صلب عدالة الواجب على أساس المواطنة ،تعزيزا لمفهوم
االستقاللية في نفس كل مواطن ،وأيضا المبادرة والموازنة والمالئمة في كل ميكانيزمات المالية
المحلية ،واجبا وأداء .
ولعل مالئمة الجبايات المحلية لمقاربة النوع ،ضمن المواءمة المستمرة لميكانيزمات التدبير الترابي ،
هي من أجل استمرارية الالمركزية الترابية والعدالة الجبائية ،والتنزيل الالمحدود لمبادئ الحكامة التي
جاء بها الدستور .
وقد نصل إلى إبداء خالصة جدلية أساسها :ال مناصفة دون عدالة جبائية محلية أساسها النوع للوصول
إلى عدالة جبائية وطنية .
وفي مصادرة أخرى :ال تنمية مستدامة دون مقاربة ترتكز على األهداف ،وفي بنيتها األولى ،التنمية
المحلية من عدالة الواجب المالي المحلي على أساس المساواة بين الجنسين ،لتجاوز الفجوة العقارية بين
ا لرجل والمرأة من اإلرث وإلى النشاط الذي يعطي للرجل تقدما ،والبد من تعديل في الضريبة المحلية
وتمييزها " اإليجابي" لصالح المرأة لتوسيع اآلليات وتنشيطها دون المساس ب ( الثوابت) ألن الحسم
والمفصل يعود للممارسة العملية .
لقد تم التوصل عموما إلى بعض النتائج :من ها أن المقاربة المرتكزة على األهداف لم تعد غريبة على
حقلنا اإلداري ،والنوع ميكانيزم " تقني" داخلها ،وانسجاما مع المبادئ العامة للديمقراطية المحلية ال
يمكن إنصاف الشخصية المعنوية (الشركة) دون إنصاف معنوي للشخصية متعادلة بين المرأة والرجل ،
كما يعادل القانون الشركة والشخص الذاتي .
ومن االستنتاجات الموضوعية ،يمكن القول أن العالقة غير المتوازنة بين الجماعة المحلية واإلدارة
المركزية تنبئ أن استعادة ( التكافؤ) عب ر مقاربة النوع يحرر مبدأ " العدالة" في باقي جوانبه ،فمن
المهم أن تعيش الجماعة المحلية استقاللها لتمكن المرأة من " استقاللها" أيضا ،في حدود األهلية ،
والواجب المالي المحلي ترتيب لرفض الهيمنة بين الرجل والمرأة والمركز والجماعة الترابية ،لتطبيق
الديمقراطية المحلية ،ولتحقيق التنمية المستدامة ،وفي درجة أخيرة ،ال يمكن للقضاء اإلداري أن يكون
" فاعال" ومتطابقا مع قيمه القانونية والدستورية دون "مساواة النوع" ،وال إصالح إداري أو جبائي
دون " مناصفة النوع" .
وهذه المقاربة الجديدة ليست مبدأ عاما ،بل تقنية خاصة لتحولها إلى جزء من متطلبات اإلدارة " عبر
األهداف" والحكامة " التفصيلية أو التحليلية" في أي قطاع .
ولعله ،من هنا ،يمكن القول بتجديد " التقنيات والمقاربات" وتحديثها بنفس القدر الذي نطرح معه
تجديد النخب المحلية كي يترجم المجتمع المغربي حركيته التي ال يمكن أن تنزاح عن ضرورة "عدالته"
102
ألن بلورة مشروع مجتمعي حداثي لن يتأتى دون مساواة النوع ،وتتأسس هذه المساواة على الواجب
المالي المحلي ،وجوبا وأداء .
وهذا الوجوب المؤسس على الضريبة المحلية يفقد قيمته إن لم يتوخ المساواة أو يكون قادرا على تفعيل
(اإليجابيات) في مقا بل السلبيات والتأخر اإلداري المعروف .
ومما ال جدال فيه ،فإن القاضي المالي لن يؤدي دوره كامال دون معرفته وممارسته لمساواة النوع
إلنجاح غاياته في بنيات اجتماعية تؤمن بالعدالة في كل جوانبها ،وستكون هذه المقاربة تعزيزا لدور
القضاء المالي ،المتراجع عن أداءه ،فيما يشكل القاضي اإلداري بوابة تقدير لتعزيز " االمتياز
اإليجابي" لص الح المرأة ،ولفترة مؤقتة ،كي يكون للقضاء القدرة على المساواة بين المواطن والمواطنة
(أو المواطن مذكرا ومؤنثا) في إطار من المنازعة والمقاضاة ،دفاعا عن الحقوق وجبرا لألضرار .
وفضال على ما يطرحه إشكال القاضي المالي والقاضي اإلداري في موضوع الجبايات المحلية ،فإن
القضاء لن يجد دوره وقيمته ومداه " الحقيقي" دون الوصول إلى " مساواة النوع" والتي هي الجزء
البنيوي الفاعل في المساواة العامة ،وأيضا على مستوى العدالة التي يمثلها القضاء المستقل والنزيه ذي
السلطة التقديرية المعتبرة والمتصلة بالمبادئ والقيم .
والبد في هذا البحث من اإلشارة إلى صعوبة تحقيق مساواة النوع في الجبايات المحلية في ظل الظروف
والممارسات المالية ،وبالخصوص في ظل تردد اإلدارة السياسية الحقيقية لتنزيل وأجرأة المناصفة في
كل القطاعات ،ومنها الجبايات المحلية ،وباقي وجوه التنمية المحلية والحكامة المالية المحلية بما يطرح
سؤال الجدوى من وجود الجماعات الترابية في المغرب ،ومصداقية أداءها وترجمة وظائفها على
أرض الواقع .
وتأسيسا على ما تقدم ،فإن امتداد اإلصالحات وتطورها على النطاق المحلي ،لن يكون دون استيعاب
اإلدارة المركزية ـ خاصة وزارة الداخلية ـ ضرورة ال تمييز اإليجابي للمرأة مرحليا ،انطالقا من عمق
الثقافة المحلية ،فالمرأة الحسانية متقدمة في استغاللها وإرادتها ،وفرضت قبل غيرها في الفقه المالكي ـ
الشنقيطي ـ السعاية على المتزوج ،وأقرها المشرع في تعديل مدونة األسرة ،ومساواة فروض الخيمة
دون النظر إلى مالكها ،رجال أو امرأة ،وغيرها من اإلجراءات التي تختلف مع الفقه المرابطي ـ
األمازيغي ـ الذي لم يسمح لبعض ا لنساء في مراحل متعددة ،بتملك العقار أو اإلرث كي ال تضيع
الفالحة (العائلية) بين عائلتين أو أكثر.
وكل جهة لها تقاليدها في " السعاية والجباية" وهي قواعد يمكن البناء عليها أو تصحيحها لمساواة النوع
وتأسيس عدالة جبائية محلية ،منسجمة مع الوجدان العام وطرق العصر ،ألن الموائمة والمالئمة
عنصران إلدماج النوع في الضريبة المحلية واستكمال عناصر ومكونات التدبير المحلي الفعال ،في
إطار تصحيحين :تصحيح عالقة الدولة بالمجتمع وتصحيح عالقة الرجل والمرأة بالتنظيم المحلي
إلرساء تنمية مستدامة على أساس األهداف ،من أجل نظام إداري محلي قوامه الالمركزية والالتمركز.
وال يمكن ،في هذا الخضم ،سوى االتفاق حول خالصة جوهرية ،أن " مساواة النوع" جزء ال يتجزأ
من اإلصالحات التي تتطلبها ثورة إصالحية حقيقية ،على صعيد التدبير الترابي المحلي ،وتكريس
ثقافة الواجب المالي في الجماعة المحلية على أساس " المناصفة" .
103
صحيح أن المقتضيات والقواعد القانونية تشكل أساس جوهريا للتنمية المستدامة في عالقتها بالديمقراطية
المحلية ،وأولها الواجب المالي المحلي ،لكن التطبيق السليم لهذه القواعد لن يكون دون تدخل لمعالجة
االختالالت البنيوية بإجراءات مؤقتة تستهدف ج عل التيار اإليجابي جزء من سالمة األداء المنتج
للمساواة دون إجراءات استثنائية .
ويقتضي تجويد التدبير العمومي يالجماعات الترابية مساواة النوع لتكريس المواطنة ،وضمان حسن
و عدالة تدخالت الجماعة الترابية من جهة أخرى ،لذلك فمالئمة اإلجراءات لمقاربة النوع تتحدد
بالحاجة وتكريس أدوات "بنيوية " للحكامة لترسيخ التنمية " المستدامة" .
وال يمكن بأي حال ،عدم إثارة المسألة األخالقية ،التي تعد مساواة النوع جزء أساسيا ال ريب فيها ،
تنزيال وقيمة وسموا في الممارسة ،ألن تجلية الغموض عن الصيغ العامة في النصوص القانونية ،
واألخذ باالختصاص والدقة واألجرأة والشمول في التنمية البشرية والمستدامة تبدأ من الموارد المالية
والبشرية ،والمرأة ،بواجبها المالي المحلي ومشاركتها المتساوية في الفعالية مع الرجل ،تؤسس
ل"مساواة الموارد" وهي األساس والنتيجة لتطبيق مقاربة النوع في الجبايات المحلية ،وبالتبعية باقي
الجبايات ،كي تساهم هذه المقاربة في إرساء " جماعة ترابية مواطنة " تعمل على القيم والتطور
والجهوية المتقدمة ،وتكون الجبايات المحلية المطابق ة للنوع في صلب العدالة الجبائية ،والتدبير القيمي
والعقالني للمالية العامة ،على مستوى قواعد الوعاء والتحصيل والجزاءات ،ووجب ،في هذه الحال ،
أن تعمل " اإلدارة الجبائية" تحديدا على :
1ـ تركيز جهود اإلصالح على تمييز الرسوم ال مستحقة لفائدة الجماعات المحلية الخاضعة لمقاربة النوع
بنسب مختلفة قابلة للتعديل وتحمل الطابع المؤقت ،وتحت رقابة إدارية لتعزيز دينامية الفاعل /أو
الفاعلة على صعيد الممارسة وحسب الخبرة المالية للجماعة المحلية المعينة .
ولدى الخبراء الماليي ن بيانات مبرمجة معلوماتيا تساعد في أداء الضريبة المحلية بمرونة بين العاطل
والعامل ودخل األسرة والمرأة والرجل والفجوة العقارية وكل هذه الشروط :
2ـ إعادة تقعيد اإلطار التنظيمي لألجهزة الجماعية على أساس " المناصفة" بين الجنسين دون غموض.
3ـ تنزيل المقتضيات التنظيمية للجبايات المحلية وباقي الجبايات في نص قانوني شامل لتسهيل تطبيقاتها
المبنية على النوع .
4ـ وضع برنامج الستكمال تكوين المدققين الجبائيين في استخدامهم للتقنيات الجديدة للجباية المحلية
المطابقة للنوع لتجاوز الفجوة بين الجنسين في األداء ،وأيضا تحديد المشاريع المساعدة على التنمية
المستدامة .
5ـ ضرورة بلورة قواعد تشريعية جديدة لإلدارة المحلية للوصول إلى جبايات " عادلة" بين الجنسين .
6ـ التخفيف من الوصاية المالية ،واعتماد المرونة في العمليات المالية المحلية خاصة في األنظمة
والمساطر واإلجراءات للوصول إلى مساواة النوع .
104
7ـ تبني ميثاق وطني للضريبة المحلية على أساس االضطالع باإللزامات المتفق عليها ،وخاصة
بمجاالت التطبيق ،حسب الجهات والمناطق في الجماعات ،وقواعد اإلحصاء كي يتسنى للجابي المحلي
تطبيق العدالة بما يناسب " المعايير المعتمدة" حسب النسب والبرامج واألهداف المتوخاة .
8ـ إجراء تقييم دوري لتشريعات الجبايات المحلية بغية تنقيحها ومالئمتها باستمرار مع متطلبات الواقع
واألهداف .
9ـ وجوب تعزيز السلطة التقديرية للقاضي اإلداري بما يناسب المساواة ،مع إعطاء صالحيات واسعة
للقضاء اإلداري في مجال الرقابة وتحقيق مطلب العدالة في المرفق العام ،وهو ما يساعد الجماعة
الترابية على مساواة النوع والجبايات المحلية على تمييز اإلجراءات بين المرأة والرجل لتحقيق العدالة .
وعلى مستوى التأثير غير المباشر بخصوص مقاربة النوع ،ال بد من الخطوات التالية :
10ـ الدعم القانوني للمرأة ومساواة النوع على صعيد المسؤولية ،وربط المسؤولية بالمحاسبة .
11ـ اعتماد المناصفة الختيار وانتخاب مجالس الجماعات الترابية واعتماد المقاييس وكفاءة الجباة على
صعيد مؤسسة الجبايات .
12ـ إعادة النظر في محتوى ونظام ميزانيات الجماعات الترابية ،بما يتالئم ومساواة النوع ،باعتماد
تصنيف اقتصادي ووظيفي للموارد انسجاما مع نفس المقاربة المعتمدة في الميزانية العامة للدولة .
13ـ السماح للسلطات المحلية المنتخبة بأن تحدد تنظيمها اإلداري والداخلي بما يناسب الحاجيات
المحلية ،ومن ثم إطالق إدارة مح لية جابية تستعين بقيم المساواة والمناصفة وبالتالي الفعالية والنجاعة .
14ـ تبسيط اإلجراءات والمساطر من أجل المرونة واحتكامها لقيم " النوع" لتخفيف العدالة المحلية في
الجبايات .
15ـ العمل الرقابي الصارم على األنظمة الجبائية االستثنائية لربطها بتنمية الموارد وعدالتها .
ويمكن عبر هذه اإلجراءات الوصول إلى تدبير شفاف ومسئول و"عادل" يتوخى المرونة والفعالية
والنجاعة ،لمالئمة الجماعة الترابية ألهداف التنمية المستدامة وتحقيق رهانات هذه المالئمة يجسد
دعامات أخرى منها :
16ـ أنه يجب على النشاط المحترم للنوع وال ذي يكلف ضريبة محلية أن يحقق منافع تفوق التكلفة
المترتبة عن تأديته ،فمشاريع التنمية المستدامة أساس أي عدالة بين الجنسين ،واختيارها يجب أن
يكون موافقا إلنتاج جبايات تنطلق إلى المساواة من الفاعل /الفاعلة وتنتهي بمنافع " متساوية" نحوهما .
17ـ تعزيز التشريع " الجهوي" وتأسيس برلمانات جهوية ـ كما أتت به اللجنة االستشارية الملكية حول
الجهوية برئاسة عزيمان ـ لتمرير جبايات " مؤقتة" وسريعة وتعديلها في الوقت المناسب .
105
19ـ يجب أن يقوم النظام الرقابي الدا خلي للجبايات في كل جماعة محلية على سرعة تسجيل
االنحرافات في مستوى األداء المرغوب ،وتعديله بما يناسب قدرة الجماعة على إدارة جميع
االنعكاسات كي تتضاءل سلبيات التمييز اإليجابي في حال وجودها .
20ـ يجب على النظام الجبائي المحلي أن يتكيف مع الظروف المتغيرة ،كي تكون المسطرة االستثنائية
لمساواة الجنسين في خدمة العدالة وليس بناء فجوة أخرى .
21ـ يجب خلق المزيد من اآلليات (اإلحصائية) أو اإلحصاء الذكي للوصول إلى عدالة النوع في كل
مجال وقطاع يوجب أداء رسم جبائي محدد .
22ـ بلورة الرؤية اإلستراتيجية للمالئمة الجبائية بين الجنسين كي يتكامال في مختلف المسارات
السياسية واالقتصادية واالجتماعية المحلية والوطنية .
23ـ بناء مالئمة محلية دقيقة لمساواة النوع إحصائيا واستراتيجيا ،لتحديد الضرائب المحلية على ضوء
المعطيات الميدانية المتوفرة والمحينة ،وحسب النسب ،وما إ ن تتحقق هذه النسبة مثال حتى تزول ،
فالكل يجب أن يكون في خانات تضمن الحقوق ،وتنفي االمتيازات كما تقول القاعدة اإلجرائية في
الغرب.
والمغرب ليس بدعا من الدول ،فهو يريد تحديث " بنياته اإلدارية" وأهدافه وخضوع الجبايات المحلية
للمملكة لمقاربة النوع مجرد إجراءات ومقاربة تدبيرية لن تكون ناجحة دون :
25ـ إدراج األخالق والتخليق في اإلدارة العامة ،الجابية تحديدا ،على المستوى المركزي والمحلي .
26ـ إدماج برامج وقيم محاربة االرتشاء واالختالس وخيانة األمانة كي ال تكون اإلجراءات االستثنائية
لصالح المرأة ،بهدف مساواة النوع ،هدرا للمالية العامة .
وزبدة القول بالنسبة لهذه التوصيات ،تؤكد على أن مالئمة الجبايات المحلية لمساواة النوع تقتضي
بوضع إستراتيجية متكاملة في كل جوانبها التشريعية والتنظيمية ،تعزيزا لمبدأ :الجبايات المحلية
المطابقة للنوع والمالئمة للعقلية المغربية من خالل التقنيات واألهداف .
وعلى سبيل الختم ،فإن موائمة ومالئمة الجبايات المحلية في المغرب لمساواة النوع والمقاربة المؤسسة
على األهداف تساير الحكامة ال ترابية ومستلزمات التنمية المستدامة إذ ال يمكن إنهاء هذا البحث دون
طرح بعض األسئلة العالقة ،ومنها :
ـ لماذا نسمح بأن يعجز المغرب على حل إلشكالية الموارد ونطلب مطابقة هذه الموارد الجبائية للنوع ؟
ـ في إطار التطور ،أليس من الطبيعي أن تكون الجبايات المحلية المطابقة للنوع البنية األولى إلصالح
يبدأ من تحت إلى فوق ،وقد يؤطر مسار الجهود اإلصالحية لوصولها سريعا لألهداف المرجوة .
106
ـ هل سيكون هناك انتقال حقيقي لربط الجبايات المحلية بهاجس التنمية وليس هاجس الحضور الترابي
للدولة ،فيكون التدبير اإلداري غير معاكس إلرادة الجنسين ،النسجامه مع مبدأ المواطنة التشاركية
والفاعلة مدنيا ،للوصول إلى األهداف المتوخاة .
ـ هل ينعكس أي تأخر أو فشل للجهوية الموسعة على الجبايات المحلية المتطابقة للنوع ؟
والواقع يفرض اإلجابة ب " نعم" ألن اإلدارة المحلية والوطنية إن لم تتصل ب " المناصفة" كما في
كامل مرجعيتها النظرية والمعيارية والقانونية لدستور 2011فلن تتمكن ،بأي حال ،من كسب رهان
التنمية المستدامة .
ومن باب أولى ،فإن هدف البحث واالجتهاد هو الوصول إلى بسط السؤال المعقد ومحاولة تسليط
اإلضاءة على أهم جوانبه ،قصد المساهمة في بناء تصور ينهل من الدقة والعلمية ،كما يوجبهما
التمرين األكاديمي الذي يعتمد على توجيه دولتنا إلى المستقبل ،ونحن ،بإذن هللا ،متفاعلون مع كل
الرهانات للوصول إلى مشاركة عادلة ال تميز بين المغربي والمغربية في إنتاج مغرب عادل قوي
ومزدهر .
107