You are on page 1of 8

‫جامعة املدية – كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري والعلوم التجارية‬

‫السنة الثالثة تسويق‬


‫حماضرات يف مقياس سلوك املستهلك‬
‫د‪ .‬كمال مولوج‬
‫مقدمة‬
‫مما الشك فيه أن دراسة املستهلك وسلوكه تعترب من املهام الصعبة واملعقدة واليت تواجه إدارة املؤسسات بشكل‬
‫عام وإدارة التسويق بشكل خاص‪ ،‬ألن املستهلك ووفقا للمفهوم احلديث للتسويق يشكل احملور األساسي‬
‫لألنشطة التسويقية املختلفة‪ ،‬حيث أن هذه األنشطة ال ميكن أن يكتب هلا النجاح وحتقق أهدافها ما مل تكن‬
‫مستندة يف تصميمها وإعدادها على فلسفة فهم املستهلك وسلوكه عن طريق معرفة حاجاته ورغباته وحماولة‬
‫توفريها يف الوقت‪ ،‬املكان واجلودة املناسبة‪ ،‬وعليه فإن سلوك املستهلك هو سلوك إنساين يتأثر مبحددات داخلية‬
‫(نفسية) وخارجية (بيئية) ‪ ،‬مما جيعل التنبؤ بسلوك املستهلك وكيفية اختاذ قرار شرائه ملختلف السلع واخلدمات من‬
‫املسائل البالغة التعقيد بسبب التداخل والتشابك بني هذه احملددات‪.‬‬
‫إن دراسة وتفسري السلوك االستهلكي للفرد مل يعد خيارا للمؤسسات ميكن العودة إليه يف أوقات معينة‪ ،‬وإمنا‬
‫أصبح ضرورة حتمية أفرزهتا معطيات البيئة اخلارجية ولعل أمهها ارتفاع حدة املنافسة وتعددها للبقاء يف السوق‪،‬‬
‫ألن الفهم املعمق والكامل ألبعاد سلوك املستهلك ومسبباته واليت تعمل على صناعة سلوكه بشكل معني‪ ،‬يساعد‬
‫كثريا مدراء التسويق يف تصميم وإعداد وتنفيذ اسرتاتيجياهتم التسويقية‪ ،‬وهذا من خلل توفري املعلومات املتعلقة‬
‫ابملواقف واألمناط السلوكية واالستهلكية املختلفة‪ ،‬حيث تواجه إدارة التسويق جمموعة من التساؤالت األساسية‬
‫وأمهها‪ :‬ما هي احلاجات اليت يشبعها منتج معني؟ ما هي الدوافع احلقيقية لتصرف معني؟ ما هي النماذج التعليمية‬
‫اليت يتعلم من خلهلا األفراد؟ ما هي درجة أتثري اجلماعات املرجعية‪ ،‬األسرة‪ ،‬الطبقات االجتماعية‪ ،‬والثقافة على‬
‫السلوك االستهلكي لألفراد؟ وهو ما سنتناوله يف هذه املطبوعة ابالعتماد على النظرايت االجتماعية والسلوكية‬
‫املفسرة لسلوك املستهلك‪ ،‬وهذا من خلل التطرق إىل أهم املبادئ األساسية لسلوك املستهلك واحملددات الداخلية‬
‫هلذا السلوك وكذا املؤثرات اخلارجية لسلوك املستهلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫احملاضرة األوىل‬
‫مدخل إىل سلوك املستهلك‬
‫متهيد‬
‫يعترب حقل سلوك املستهلك علميا ونظراي القلب احملرك ألية اسرتاتيجيات تسويقية سلعية أو خدمية انجحة‬
‫ويف بيئات جزئية أو كلية متغرية كانت أو مستقرة‪ ،‬وهذا انطلقا من املفهوم احلديث للتسويق الذي يعترب‬
‫املستهلك عجلة سري أي مؤسسة وسبب وجودها‪ ،‬كما يعتربه البعض أنه أصل من أصول امليزانية‪ ،‬لذلك وجب‬
‫على كل مؤسسة تصبو للنجاح يف حقل األعمال وسط منافسة شديدة االهتمام هبذا املستهلك من خلل إدراك‬
‫حاجاته ورغباته املختلفة واملتغرية‪ ،‬وابلتايل معرفة حمددات سلوكه االستهلكي‪ ،‬بغرض إشباع هذه احلاجات‬
‫والرغبات بطريقة تولد الرضا واملسبب للوالء‪.‬‬

‫‪ .1‬اإلطار املفاهيمي لسوك املستهلك‪:‬‬


‫للداللة على كل أشكال وأمناط احلركة‬ ‫(‪)Behavior‬‬ ‫أوال‪ -‬املفهوم العام للسلوك‪ :‬تستخدم كلمة السلوك‬
‫اإلنسانية‪ ،‬فاألفعال والتصرفات والتغريات وحماوالت التأثري وغريها من األنشطة اليت ميارسها اإلنسان خلل حياته‬
‫كلها تدخل مجيعا يف نطاق ما نشري إليه بكلمة السلوك‪.‬‬
‫والسلوك اإلنساين يتمثل يف جمموعة متعاقبة من األفعال (‪ )Actions‬وردود األفعال (‪ )Reaction‬اليت تصدر‬
‫عن اإلنسان يف حماوالته املستمرة لتحقيق أهدافه وإشباع رغباته املتطورة واملتغرية‪ ،‬كما أنه األفعال أو االستجاابت‬
‫اليت يعرب هبا اإلنسان عن قبوله أو رفضه حملاوالت التأثري املوجه إليه من عناصر البيئة احمليطة به سواء كانت عناصر‬
‫بشرية أو مادية‪.‬‬
‫ويثري مفهوم السلوك جدال وخلفا عميقا بني الباحثني والكتاب‪ ،‬وتتمثل نقاط االختلف واجلدل حول ما‬
‫إذا كان السلوك هو نشاطا خارجيا لإلنسان أم انه يشمل أيضا األنشطة اجلسمية واألنشطة العقلية والذهنية‬
‫لإلنسان‪ ،‬كما أن اخللف يرتكز حول نطاق السلوك‪ ،‬ومع ذلك فأن هذا اخللف ليس خلفا حمضا له أبعاده‬
‫العلمية املتعددة واملتشعبة‪ ،‬حيث أن القائلني أبن السلوك هو نشاط خارجي حمض وأنه استجابة ملؤثرات خارجية‬
‫خالصة يهدفون يف النهاية إىل القول إبمكانية تعديل هذا السلوك من خلل التأثري يف البيئة اخلارجية‪ ،‬بينما يسعى‬
‫القائلون ابلطبيعة املختلفة للسلوك إىل التأكيد على حمدودية هذا التعديل الرتباطه مبؤثرات داخلية ال سيطرة للفرد‬
‫عليها‪.‬‬
‫اثنيا‪ -‬مفهوم سلوك املستهلك (‪ :)Concept of consumer behavior‬مما الشك فيه أبن سلوك املستهلك‬
‫هو أحد أنواع السلوك اإلنساين‪ ،‬وهبدف حتديد اإلطار املفاهيمي نستعرض بعض التعاريف وأمهها‪:‬‬
‫* يعرف سوملون وآخرون (‪ )Solomon et al‬سلوك املستهلك أبنه "األفعال والتصرفات اليت يقوم هبا األفراد أو‬
‫اجلماعات عند اختيار وشراء مث استعمال وتقييم السلع واخلدمات وذلك مبا يتلءم مع احتياجاهتم ورغباهتم"‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫* كما عرف أجنل (‪ )James F. Engel‬سلوك املستهلك على أنه "التصرفات اليت يقوم هبا األفراد وبصورة مباشرة‬
‫من أجل احلصول واستعمال اخلدمات االقتصادية مبا يف ذلك القرارات اليت حتدد هذه التصرفات"‪ ،‬وعليه فإن‬
‫عملية التعرف على سلوك املستهلك تتم من خلل األفعال والتصرفات واحلركات وردود األفعال املباشرة‪ ،‬غري أن‬
‫هناك جانب مهم ال نستطيع التعرف عليه ابمللحظة املباشرة وهي اإلجراءات اليت تدور داخل ذهن الفرد‬
‫(الصندوق األسود) واليت تسبق عملية اختاذ قرار الشراء‪.‬‬
‫فإن سلوك املستهلك ميثل "التصرفات اليت يتبعها األفراد بصورة‬ ‫(‪)John A Howard‬‬ ‫أما ابلنسبة لـ هوارد‬ ‫*‬

‫مباشرة هبدف احلصول على السلع واخلدمات االقتصادية ابإلضافة لذلك القرارات اليت تسبق هذه التصرفات‬
‫والطريقة اليت يتصرف هبا الناس يف عملية التبادل"‪.‬‬
‫* وتعرفه مولينا (‪ )David J. Molina‬أبنه "التصرفات واألفعال اليت يسلكها األفراد يف ختطيط وشراء املنتج ومن مث‬
‫استهلكه"‪ ،‬وعليه فإن هذا التعريف يؤكد على عملية التخطيط اليت تسبق عملية الشراء‪ ،‬ويستند هذا التخطيط‬
‫إىل جانبني أساسني مها اخلربات السابقة للفرد واليت تتعلق ابملنتج نفسه واملنتجات املنافسة والبديلة ورد فعل‬
‫املستهلك بعد االستهلك ومدى استعداد املستهلك للستمرار يف شراء املنتج أو عدم االستمرار‪ ،‬واجلانب اآلخر‬
‫هو سعي املستهلك إىل مجع املعلومات من أجل التوصل إىل قرار شراء مناسب حيقق من خلله مستوى اإلشباع‬
‫و الرضا اللزم حلاجاته ورغباته‪.‬‬
‫ومن التعاريف السابقة ميكن القول أبن سلوك املستهلك هو "جمموعة من التصرفات واألفعال اليت يقوم هبا‬
‫الفرد بغرض شراء أو استخدام املنتج الذي يعتقد أنه ستشبع رغباته يف إطار القدرة الشرائية املتاحة له"‪ ،‬وعليه فإن‬
‫دراسة سلوك املستهلك ترتبط ابلكيفية اليت يقوم هبا فرد ما ابختاذ قراراته املتعلقة بتوزيع وإنفاق املوارد املتاحة لديه‬
‫(املال‪ ،‬الوقت‪ ،‬اجلهد) على املنتجات املرغوبة واملقبولة لديه‪.‬‬
‫هناك من الباحثني من يتبىن اعتبار سلوك املستهلك كنظام تتفاعل فيه جمموعة من األنظمة الفرعية تتمثل‬
‫بشكل أساسي يف‪ :‬الدوافع‪ ،‬اإلدراك‪ ،‬الشخصية‪ ،‬التعلم واالجتاهات إضافة إىل تفاعلها مع البيئة احمليطة ابلشكل‬
‫الذي يقود إىل تكوين الصورة‪ ،‬املوقف‪ ،‬القرار‪...‬إخل‪ ،‬ويبني الشكل رقم (‪ )01‬مدخلت وخمرجات سلوك‬
‫املستهلك كنظام‪ ،‬ومن خلل هذا الشكل جند أن لسلوك املستهلك كنظام خصائص تتمثل يف‪:‬‬
‫‪ -‬يتألف سلوك املستهلك من جمموعة من األنظمة الفرعية اليت تتفاعل فيما بينها‪.‬‬
‫‪ -‬تتفاعل هذه املفردات املكونة للنظام (اإلدراك‪ ،‬الدوافع‪ ،‬الشخصية‪ ،‬التعلم واالجتاهات) مع البيئة اخلارجية‬
‫احمليطة ابلفرد وتنعكس آاثر هذا التفاعل على تكوين السلوك‪.‬‬
‫‪ -‬يسعى األفراد من خلل سلوكهم إىل حتقيق أهداف حمددة‪.‬‬
‫‪ -‬ختتلف هذه األنظمة عن بعضها البعض ابختلف األفراد واألهداف اليت يسعون إىل حتقيقها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المخرجات‬ ‫األنظمة الفرعية‬ ‫المدخالت‪ ،‬عوامل البيئة الخارجية للنظام‬

‫‪ -‬الصورة‬ ‫‪ -‬اإلدراك‬ ‫‪ -‬عوامل اقتصادية‬


‫‪ -‬االعتقاد‬ ‫‪ -‬الدوافع‬ ‫‪ -‬عوامل سياسية‬
‫السلوك‬ ‫‪ -‬الموقف‬ ‫‪ -‬الشخصية‬ ‫‪ -‬عوامل اجتماعية‬
‫‪ -‬القرار‬ ‫‪ -‬التعلم‬ ‫‪ -‬عوامل دينية‬
‫‪ -‬االتجاهات‬
‫‪ -‬عوامل تقنية‬

‫رد الفعل‬
‫ما بعد السلوك‬

‫شكل رقم (‪ )1‬سلوك املستهلك كنظام‬

‫عمليا تشمل دراسة السلوك االستهلكي للسلع واخلدمات اليت يتم شراؤها‪ ،‬ابإلضافة إىل اإلجابة عن أسئلة‬
‫مهمة منها على سبيل املثال كيف ستتم عملية الشراء ومىت؟ وملاذا مت اختاذ القرار الشرائي هبذا الشكل؟ ومن‬
‫يستهلك املنتج (العائلة‪ ،‬األطفال‪ ،‬الزوج)؟ وأين يستهلك املنتج وما هي عادات استهلكه (يومية‪ ،‬أسبوعية‪،‬‬
‫شهرية‪ ،‬يف مناسبات خاصة)؟ وذلك لإلملام جبميع جوانب السلوك الشرائي واالستهلكي للمستهلك‪.‬‬
‫اثلثا‪ -‬أمهية دراسة سلوك املستهلك‪ :‬عمليا اهلدف من دراسة سلوك املستهلك هو التعرف على كيفية حدوث‬
‫السلوك الفعلي ابإلضافة إىل حت ليل العوامل اليت أثرت على السلوك قبل حدوثه وبعد حدوثه فعل‪ ،‬وكذلك من‬
‫املهم التعرف على مضمون املؤثرات الداخلية واخلارجية اليت تدفع املستهلك النهائي (الفرد) أو املستهلك الصناعي‬
‫للتصرف هبذه الطريقة أو تلك‪ ،‬وتشمل أمهية دراسة سلوك املستهلك كافة أطراف العملية التبادلية بدءا من‬
‫املستهلك الفرد إىل األسرة (كوحدة استهلك) إىل املؤسسات الصناعية والتجارية‪ ،‬فبدراسة املستهلك ميكن أن‬
‫حتقق له مستوايت أفضل من اإلشباع وتوفر أمامه جمموعة من البدائل السلعية وتركه خيتار ما يناسبه‪ ،‬كما توفر له‬
‫املعلومات اليت تساعده يف عملية املفاضلة بني البدائل ‪.‬‬
‫أما يف املؤسسات الصناعية والتجارية‪ ،‬فتربز األمهية الكبرية لتبين إدارات تلك املنظمات لنتائج دراسات سلوك‬
‫املستهلك عند خت طيط ما جيب إنتاجه كما ونوعا ومبا يرضي حاجات ورغبات املستهلكني احلاليني ووفق‬

‫‪4‬‬
‫إمكانياهتم وأذواقهم‪ ،‬يضاف إىل ذلك أن تبين مفهوم الدراسات السلوكية واالستهلكية يساعدها يف حتديد عناصر‬
‫املزيج التسويقي األكثر ملئمة‪.‬‬

‫‪ .2‬أسباب تزايد االهتمام بدراسة سلوك املستهلك‪:‬‬


‫عموما ميكننا إمجال األسباب اليت سامهت يف تطور دراسة سلوك املستهلك يف النقاط التالية‪:‬‬
‫أوال‪ -‬قصر دورة حياة للمنتجات‪ :‬دورة حياة املنتج هي املراحل اليت متر هبا املنتجات منذ ظهورها وإىل غاية‬
‫تعويضها مبنتج آخر‪ ،‬وهي تستمد مبدأها من دورة حياة اإلنسان‪ ،‬حبيث متر أبربع مراحل رئيسية هي التقدمي‪،‬‬
‫النمو‪ ،‬النضج‪ ،‬وأخريا التدهور الذي يؤدي إىل املوت‪ ،‬وهذه الدورة قد تستمر عدة سنني (أشهر أو أايم) حسب‬
‫الطلب على املنتج وحسب املدة اليت يستغرقها تطوير أو ابتكار منتج يعوض هذا املنتج‪ ،‬ويكون أحسن منه وأكثر‬
‫تطويرا‪ ،‬وامللحظ أن ه ذه الدورة أخذت متيل حنو القصر نظرا للسرعة الكبرية اليت تظهر هبا املنتجات اجلديدة يف‬
‫األسواق‪ ،‬وكذا اجتاه أغلب املنتجني إىل التحسني والتعديل يف منتجاهتم بدل اللجوء إىل ابتكارات أساسية ألهنا قد‬
‫تكون مكلفة‪.‬‬
‫إن التقدم التكنولوجي املتسارع يوما بعد يوم ابإلضافة إىل األسباب السالفة الذكر‪ ،‬يعد من األسباب اليت‬
‫تؤدي إىل قصر دورة حياة املنتج‪ ،‬وابلتايل تزايد حاجة املؤسسات إىل القيام بدراسة املستهلك‪ ،‬وهذا ما أدى إىل‬
‫وجود اهتمام أكرب هبذا النوع من الدراسات اليت تعترب احلل املناسب هلذه املشكلة‪.‬‬
‫اثنيا‪ -‬العوامل البيئية‪ :‬حيتل موضوع التلوث البيئي يف الوقت الراهن اهتمام املسؤولني واملستهلكني على حد‬
‫سواء‪ ،‬حيث يزداد القلق العام من اآلاثر الضارة اليت تتسبب فيها املنتجات الكيماوية‪ ،‬ألهنا تلحق أضرارا خطرية‬
‫ابلصحة العامة‪ ،‬ومن أمثلة هذه املنتجات املنظفات الصناعية‪ ،‬األمسدة‪ ،‬األدوية‪ ،‬املنتجات املعبأة حتت الغاز‬
‫املضغوط‪ ،‬العبوات املصنوعة من البلستيك (ألهنا تنتج غازات سامة عند التخلص منها)‪ ،‬ابإلضافة إىل مشكلة‬
‫إعادة تصنيع بعض املخلفات مثل الورق والزجاج والبلستيك ملا هلا من أضرار بيئية قد تؤثر على صحة‬
‫املستهلكني‪ ،‬وقد كشفت حبوث املستهلك اليت أجريت يف هذا الشأن أن عدد كبري من املستهلكني يفضلون‬
‫املنتجات اليت ال تضر ابلبيئة‪ ،‬بل تساعد يف احلفاظ عليها وتقل أخطارها على البيئة عند التخلص منها‪ ،‬ففي‬
‫الدول املتقدمة ظهرت مجعيات تسعى للدفاع عن البيئة واحلفاظ عليها‪ ،‬فاملؤسسة اليت تستخدم مواد ملوثة أو ترتك‬
‫فضلت تلوث البيئة أيخذ عنها املستهلك صورة سيئة‪ ،‬ويف بعض احلاالت مثل هذه اجلمعيات تطلب من‬
‫املستهلكني مقاطعة املنتج واملؤسسة‪ ،‬وجنحت هذه الضغوط يف دفع املنتجني إىل تصنيع عدد من املنتجات اليت‬
‫تعترب صديقة للبيئة مثل األكياس البلستيكية القابلة للتحلل حتت أشعة الشمس دون تسريب أي غازات مضرة‪.‬‬
‫اثلثا‪ -‬النمو يف جمال تسويق اخلدمات‪ :‬استمر مفهوم التسويق يف جماالت األنشطة اخلدمية كخدمات‬
‫االتصاالت‪ ،‬البنوك‪ ،‬التأمني‪ ،‬اخلدمات السياحية والفندقية حىت وقت قريب ال خيرج عن كونه مرادفا ملفهوم البيع‪،‬‬
‫فكل اجلهود اليت كانت هتدف إ ىل جذب الزبون إىل موقع تقدمي اخلدمة ودفعه القتنائها واستخدامها كانت‬
‫منحصرة يف ممارسات تسويقية تقليدية‪ ،‬إال أن زايدة املنافسة حد من فاعلية هذه املمارسات‪ ،‬وابلتايل أصبح حتقيق‬

‫‪5‬‬
‫البقاء واالستمرار والربح أمر صعب‪ ،‬وعليه أصبح لزاما على املؤسسات اخلدمية أن ترفع من مستوى جودة‬
‫خدماهتا وأن تصمم وأن تبتكر‪ ،‬واتضح هلا أيضا أهنا ستحتاج إىل اسرتاتيجيات وخطط جلذب انتباه الزابئن وتوليد‬
‫الرغبة لديهم ملكوانت املزيج الذي تعرضه ومن مث استمالة سلوكه اجتاه خدماهتا‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬منو التسويق الدويل‪ :‬ال خيتلف التسويق الدويل يف أسسه ومفاهيمه عن التسويق احمللي‪ ،‬إمنا قد يظهر‬
‫االختلف يف إسرتاتيجية التسويق وفق ظروف ومتغريات ختتلف متام االختلف عن الظروف احمللية‪ ،‬ونظرا لألمهية‬
‫الكبرية اليت يتمتع هبا التسويق الدويل لتحقيق النمو والتطور بعد زوال الكثري من احلواجز الدولية وتزايد التقدم‬
‫التقين‪ ،‬كل هذ ه التطورات وغريها جعلت األسواق الدولية يسريها املال ومل يعد البعد اجلغرايف عقبة يف الوصول إىل‬
‫تلك األسواق وال يف غزوها‪ ،‬ولعل معظم املؤسسات الكبرية تدرك حاجتها املاسة إىل توسيع أنشطتها التسويقية‬
‫حىت تستطيع أن تزيد من مبيعاهتا الكلية‪ ،‬لكن املشكلة اليت تطرح نفسها هي عدم آتلف حاجات ورغبات‬
‫املستهلكني احملليني مع رغبات وحاجات وعادات املستهلكني يف األسواق األجنبية‪ ،‬وهو ما جعل من دراسة‬
‫سلوك املستهلك يف األسواق اخلارجية أمرا ضروراي لدخوهلا‪.‬‬
‫خامسا‪ -‬التقدم املستمر يف الطرق اإلحصائية والربجميات‪ :‬نظرا للثورة املعلوماتية اهلائلة اليت يعرفها العامل يف‬
‫اآلونة األخرية أصبحت الدراسات وكذا ختزين املعلومات أكثر سهولة ويسرا خصوصا مع ظهور احلاسوب‪ ،‬هذا ما‬
‫ساعد على تطور األساليب اإلحصائية من جهة وسهولة واتساع استخدامها من جهة أخرى‪ ،‬هذا التطور‬
‫املعلومايت ساهم مسامهة فاعلة ومباشرة يف تطور دراسة سلوك املستهلك وذلك من خلل القدرة على ختزين أكرب‬
‫كم من املعلومات املتعلقة ابملستهلكني وسلوكاهتم ورغباته وخصائصهم‪ ،‬وابلتايل دراسة سلوكهم بشكل أفضل‬
‫وفهم تصرفاهتم بطريقة أحسن‪ ،‬مبعىن أن تطور املعلوماتية والطرق اإلحصائية من األسباب الرئيسية يف ازدايد‬
‫االهتمام بدراسة سلوك املستهلك‪.‬‬

‫‪ .3‬أبعاد سلوك املستهلك وجماالت دراسته‪:‬‬


‫ثلث أبعاد هامة‬ ‫(‪)Peter & Olson‬‬ ‫أوال‪ -‬أبعاد سلوك املستهلك‪ :‬حدد كل من الباحثني بيرت وأولسون‬
‫وأساسية لسلوك املستهلك وهي‪:‬‬
‫* دينامكية سلوك املستهلك‪ ،‬فهو يتصف ابلديناميكية أي احلركة‪ ،‬ويقصد بذلك أن املستهلك وجمموعات‬
‫املستهلكني واجملتمع ككل يف تغيري مستمر على مدار الوقت‪ ،‬وهذا املفهوم له انعكاسات هامة يف دراسة سلوك‬
‫املستهلك وتطوير اإلسرتاتيجية التسويقية‪ ،‬ومن أهم هذه االنعكاسات‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن التعميم يف دراسة سلوك املستهلك عادة ما يكون حمدود يف فرتات معينة أو لبعض السلع وجملموعات معينة‬
‫من األفراد‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن الطبيعة الديناميكية لسلوك املستهلك تؤكد عدم إمكانية تطبيق نفس اإلسرتاتيجية التسويقية يف كل‬
‫األوقات أو لكل املنتجات واألسواق‪ ،‬فهناك الكثري من املؤسسات فشلت يف التعرف على احتياجات السوق‪ ،‬وقد‬
‫تنجح اإلسرتاتيجية من جانب و تفشل من جانب آخر‪ ،‬فقد جنحت صناعة السيارات األمريكية يف بيع سيارات‬

‫‪6‬‬
‫ذات سعر منخفض نسبيا حىت ظهرت يف األسواق الياابنية سيارات ذات جودة فائقة‪ ،‬لذلك حاولت املؤسسات‬
‫األمريكية جاهدة لتحسني جودة السيارات اليت تقدمها للسوق‪.‬‬
‫* التفاعل يف سلوك املستهلك‪ ،‬حيث تضمن سلوك املستهلك التفاعل املستمر بني النواحي اإلدراكية والشعورية‬
‫والسلوكية للمستهلك واألحداث البيئية اخلارجية‪ ،‬ومن أجل فهم املستهلك وحماولة تطوير اإلسرتاتيجية التسويقية‬
‫جيب على املسوق أن يتعرف على ثلث عناصر أساسية هي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬يف ماذا يفكر املستهلك (عنصر اإلدراك والتفكري)؟‪.‬‬
‫ب‪ -‬مباذا يشعر املستهلك (عنصر التأثري والشعور)؟‪.‬‬
‫ج‪ -‬ماذا يفعل املستهلك (عنصر السلوك)؟‪.‬‬
‫* التبادل يف سلوك املستهلك‪ ،‬إن عملية التبادل بني خمتلف األفراد يف شىت جماالت احلياة‪ ،‬جتعل تعريف سلوك‬
‫املستهلك متناسب مع التعريفات احلالية للتسويق‪ ،‬واحلقيقة أن دور التسويق هو توليد عملية التبادل مع‬
‫املستهلكني من خلل تكوين وتطبيق اإلسرتاتيجيات التسويقية‪.‬‬
‫اثنيا‪ -‬جماالت الدراسة العملية لسلوك املستهلك‪ :‬تتجه الدراسة العملية للسلوك اإلنساين بوجه عام وسلوك‬
‫املستهلك بوجه خاص إىل جماالت ثلثة هي‪:‬‬
‫* البحث يف حمددات السلوك وعوامل نشأته واألسباب اليت جتعل األفعال أمور ملحوظة ومشاهدة‪ ،‬والتساؤل‬
‫األساسي هنا يدور حول عملية إاثرة السلوك‪ ،‬فالعلم يريد استكشاف املثريات اليت حترك املستهلك لكي يتصرف‬
‫أو يفعل أو يستجيب بطريقة معينة‪.‬‬
‫* أما اجملال الثاين للبحث السلوكي فيتجه فيه الباحث للتعرف على كيفية تكوين السلوك وتبلوره قبل أن يتبدى يف‬
‫الصورة الظاهرة‪ ،‬وعملية التكوين هذه (‪ )Formation‬متثل اجلانب األصعب يف الدراسة السلوكية حيث تتم عادة‬
‫يف الذهن‪ ،‬وتتمثل يف عدد من العمليات الذهنية املستمرة اليت يستحيل مشاهدهتا أو ملحظتها‪ ،‬وتكمن خطورة‬
‫هذه املرحلة من الدراسات السلوكية يف أهنا توفر األساس املوضوعي للتنبؤ بسلوك املستهلك احملتمل دون انتظار‬
‫لتحققه فعليا‪ ،‬ويسمح التنبؤ ابلسلوك أبن يتخذ من اإلجراءات واألساليب ما يوفر القدرة على السيطرة عليه‬
‫والتحكم يف مساره اعتمادا على الفهم املسبق ألسبابه ودوافعه‪.‬‬
‫* خيتص اجملال الثالث للدراسة السلوكية يف البحث يف أشكال وأمناط ووسائل التعبري عن السلوك‪ ،‬أي عملية حتليل‬
‫األمناط السلوكية املشاهدة وتصنيف السلوك واستنتاج العلقات املنطقية بني األمناط املختلفة من انحية والعلقات‬
‫بني تلك األمناط ومسبباهتا وابلظروف احمليطة هبا من انحية أخرى‪.‬‬
‫وتفيد هذه الدراسات يف متابعة آاثر حماوالت السيطرة على سلوك املستهلك وتبني مدى فعالية اإلجراءات‬
‫واألساليب املتبعة يف إحداث التغريات املستهدفة يف السلوك‪ ،‬وبعد حتديدان ألهم جماالت الدراسة العملية لسلوك‬
‫املستهلك ميكننا أن نتساءل عن املضامني اإلسرتاتيجية اليت تزودها هذه دراسات ملدراء التسويق يف املؤسسات‬
‫املعاصرة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ .4‬املضامني اإلسرتاتيجية لدراسات سلوك املستهلك‪:‬‬
‫تزود دراسات املستهلك القائمني على التسويق يف املؤسسات احلديثة جبملة من املضامني اإلسرتاتيجية اليت جيب‬
‫أن يتم البناء عليها للستفادة منها عند إعداد اإلسرتاتيجيات التسويقية العامة ملؤسساهتم‪ ،‬وعموما ميكن إجياز‬
‫هذه املضامني على النحو التايل‪:‬‬
‫* حتديد وتعريف السوق الكلية للفئة السلعية أو اخلدمية يف بلد ما‪ ،‬فيمكن مثل تعريف السوق الكلية للسيارات‬
‫السياحية يف اجلزائر أبهنا "كل األشخاص الراغبني والقادرين على شراء سيارة سياحية جديدة أو مستعملة يف‬
‫الوقت احلايل"‪.‬‬
‫* حتديد أجزاء السوق الكلية وذلك من خلل جتزئة السوق ابستخدام أسلوب أو أساليب التجزئة املألوفة‪ ،‬وذلك‬
‫من أجل حتديد خصائص ومواصفات املستهلكني يف كل سوق فرعية ومعايري التقسيم الفعالة للسوق‪.‬‬
‫* من خلل دراسة سلوك املستهلك أيضا ميكن التعرف على أذواق املستهلكني يف كل سوق فرعية ومن مثة حتديد‬
‫امليزة أو املزااي التنافسية الواجب توفريها يف العلمة مقارنة مع العلمات املنافسة‪.‬‬
‫* وعلى أساس ما مت حتديده بواسطة دراسات سلوك املستهلك يف النقاط الثلث املشار إليها أعله تقوم‬
‫املؤسسات بتحديد جمال عملها‪ ،‬والذي قد يكون موجها حسب األذواق‪ ،‬أو الطبقات االجتماعية للمستهلكني‬
‫يف كل أو بعض األسواق الفرعية اليت مت جتزئتها واختيار ما ميكن خدمته بفعالية‪.‬‬
‫* التقييم املوقفي أو املراجعة الشاملة جململ اخلصائص الدميغرافية والنفسية للمستهلكني املستهدفني ونتائج أنشطة‬
‫وموارد املؤسسة‪ ،‬وذلك بتقدير نقاط القوة والضعف يف جممل أعمال املؤسسة‪ ،‬ومن مثة حتديد الفرص املتاحة‬
‫والتهديدات أو التحدايت اإلسرتاتيجية يف التعامل مع خمتلف عوامل البيئة التسويقية احمليطة‪.‬‬
‫* وضع األهداف املمكنة التنفيذ وعلى ضوء اإلمكانيات املتاحة واألولوايت املقررة‪ ،‬وحسب رغبات وأذواق‬
‫القطاع أو القطاعات املستهدفة‪.‬‬
‫* كما تساعد دراسات سلوك املستهلك أيضا يف بناء برانمج إحليل لعلمة املنتج من خلل حتديد امليزة أو‬
‫امليزات التنافسية الواجب إجيادها وإيصاهلا للمستهلكني يف األوقات وابألساليب واألماكن املناسبة هلم‪.‬‬
‫* العمل على إعداد إسرتاتيجيات عناصر املزيج التسويقي للمنتج هبدف تصميم إسرتاتيجية تسويقية متكاملة‬
‫تتفق وتتكامل مع اإلسرتاتيجية العامة للمؤسسة‪ ،‬والبدء بعمليات التنفيذ االسرتاتيجي‪.‬‬
‫* أخريا تساعد هذه الدراسات املؤسسة يف قياس األداء التسويقي لإلسرتاتيجية التسويقية ومدى أتثري ذلك على‬
‫األداء العام لإلسرتاتيجية الكلية‪.‬‬

‫‪8‬‬

You might also like