Professional Documents
Culture Documents
1
احملاضرة األوىل
مدخل إىل سلوك املستهلك
متهيد
يعترب حقل سلوك املستهلك علميا ونظراي القلب احملرك ألية اسرتاتيجيات تسويقية سلعية أو خدمية انجحة
ويف بيئات جزئية أو كلية متغرية كانت أو مستقرة ،وهذا انطلقا من املفهوم احلديث للتسويق الذي يعترب
املستهلك عجلة سري أي مؤسسة وسبب وجودها ،كما يعتربه البعض أنه أصل من أصول امليزانية ،لذلك وجب
على كل مؤسسة تصبو للنجاح يف حقل األعمال وسط منافسة شديدة االهتمام هبذا املستهلك من خلل إدراك
حاجاته ورغباته املختلفة واملتغرية ،وابلتايل معرفة حمددات سلوكه االستهلكي ،بغرض إشباع هذه احلاجات
والرغبات بطريقة تولد الرضا واملسبب للوالء.
2
* كما عرف أجنل ( )James F. Engelسلوك املستهلك على أنه "التصرفات اليت يقوم هبا األفراد وبصورة مباشرة
من أجل احلصول واستعمال اخلدمات االقتصادية مبا يف ذلك القرارات اليت حتدد هذه التصرفات" ،وعليه فإن
عملية التعرف على سلوك املستهلك تتم من خلل األفعال والتصرفات واحلركات وردود األفعال املباشرة ،غري أن
هناك جانب مهم ال نستطيع التعرف عليه ابمللحظة املباشرة وهي اإلجراءات اليت تدور داخل ذهن الفرد
(الصندوق األسود) واليت تسبق عملية اختاذ قرار الشراء.
فإن سلوك املستهلك ميثل "التصرفات اليت يتبعها األفراد بصورة ()John A Howard أما ابلنسبة لـ هوارد *
مباشرة هبدف احلصول على السلع واخلدمات االقتصادية ابإلضافة لذلك القرارات اليت تسبق هذه التصرفات
والطريقة اليت يتصرف هبا الناس يف عملية التبادل".
* وتعرفه مولينا ( )David J. Molinaأبنه "التصرفات واألفعال اليت يسلكها األفراد يف ختطيط وشراء املنتج ومن مث
استهلكه" ،وعليه فإن هذا التعريف يؤكد على عملية التخطيط اليت تسبق عملية الشراء ،ويستند هذا التخطيط
إىل جانبني أساسني مها اخلربات السابقة للفرد واليت تتعلق ابملنتج نفسه واملنتجات املنافسة والبديلة ورد فعل
املستهلك بعد االستهلك ومدى استعداد املستهلك للستمرار يف شراء املنتج أو عدم االستمرار ،واجلانب اآلخر
هو سعي املستهلك إىل مجع املعلومات من أجل التوصل إىل قرار شراء مناسب حيقق من خلله مستوى اإلشباع
و الرضا اللزم حلاجاته ورغباته.
ومن التعاريف السابقة ميكن القول أبن سلوك املستهلك هو "جمموعة من التصرفات واألفعال اليت يقوم هبا
الفرد بغرض شراء أو استخدام املنتج الذي يعتقد أنه ستشبع رغباته يف إطار القدرة الشرائية املتاحة له" ،وعليه فإن
دراسة سلوك املستهلك ترتبط ابلكيفية اليت يقوم هبا فرد ما ابختاذ قراراته املتعلقة بتوزيع وإنفاق املوارد املتاحة لديه
(املال ،الوقت ،اجلهد) على املنتجات املرغوبة واملقبولة لديه.
هناك من الباحثني من يتبىن اعتبار سلوك املستهلك كنظام تتفاعل فيه جمموعة من األنظمة الفرعية تتمثل
بشكل أساسي يف :الدوافع ،اإلدراك ،الشخصية ،التعلم واالجتاهات إضافة إىل تفاعلها مع البيئة احمليطة ابلشكل
الذي يقود إىل تكوين الصورة ،املوقف ،القرار...إخل ،ويبني الشكل رقم ( )01مدخلت وخمرجات سلوك
املستهلك كنظام ،ومن خلل هذا الشكل جند أن لسلوك املستهلك كنظام خصائص تتمثل يف:
-يتألف سلوك املستهلك من جمموعة من األنظمة الفرعية اليت تتفاعل فيما بينها.
-تتفاعل هذه املفردات املكونة للنظام (اإلدراك ،الدوافع ،الشخصية ،التعلم واالجتاهات) مع البيئة اخلارجية
احمليطة ابلفرد وتنعكس آاثر هذا التفاعل على تكوين السلوك.
-يسعى األفراد من خلل سلوكهم إىل حتقيق أهداف حمددة.
-ختتلف هذه األنظمة عن بعضها البعض ابختلف األفراد واألهداف اليت يسعون إىل حتقيقها.
3
المخرجات األنظمة الفرعية المدخالت ،عوامل البيئة الخارجية للنظام
رد الفعل
ما بعد السلوك
عمليا تشمل دراسة السلوك االستهلكي للسلع واخلدمات اليت يتم شراؤها ،ابإلضافة إىل اإلجابة عن أسئلة
مهمة منها على سبيل املثال كيف ستتم عملية الشراء ومىت؟ وملاذا مت اختاذ القرار الشرائي هبذا الشكل؟ ومن
يستهلك املنتج (العائلة ،األطفال ،الزوج)؟ وأين يستهلك املنتج وما هي عادات استهلكه (يومية ،أسبوعية،
شهرية ،يف مناسبات خاصة)؟ وذلك لإلملام جبميع جوانب السلوك الشرائي واالستهلكي للمستهلك.
اثلثا -أمهية دراسة سلوك املستهلك :عمليا اهلدف من دراسة سلوك املستهلك هو التعرف على كيفية حدوث
السلوك الفعلي ابإلضافة إىل حت ليل العوامل اليت أثرت على السلوك قبل حدوثه وبعد حدوثه فعل ،وكذلك من
املهم التعرف على مضمون املؤثرات الداخلية واخلارجية اليت تدفع املستهلك النهائي (الفرد) أو املستهلك الصناعي
للتصرف هبذه الطريقة أو تلك ،وتشمل أمهية دراسة سلوك املستهلك كافة أطراف العملية التبادلية بدءا من
املستهلك الفرد إىل األسرة (كوحدة استهلك) إىل املؤسسات الصناعية والتجارية ،فبدراسة املستهلك ميكن أن
حتقق له مستوايت أفضل من اإلشباع وتوفر أمامه جمموعة من البدائل السلعية وتركه خيتار ما يناسبه ،كما توفر له
املعلومات اليت تساعده يف عملية املفاضلة بني البدائل .
أما يف املؤسسات الصناعية والتجارية ،فتربز األمهية الكبرية لتبين إدارات تلك املنظمات لنتائج دراسات سلوك
املستهلك عند خت طيط ما جيب إنتاجه كما ونوعا ومبا يرضي حاجات ورغبات املستهلكني احلاليني ووفق
4
إمكانياهتم وأذواقهم ،يضاف إىل ذلك أن تبين مفهوم الدراسات السلوكية واالستهلكية يساعدها يف حتديد عناصر
املزيج التسويقي األكثر ملئمة.
5
البقاء واالستمرار والربح أمر صعب ،وعليه أصبح لزاما على املؤسسات اخلدمية أن ترفع من مستوى جودة
خدماهتا وأن تصمم وأن تبتكر ،واتضح هلا أيضا أهنا ستحتاج إىل اسرتاتيجيات وخطط جلذب انتباه الزابئن وتوليد
الرغبة لديهم ملكوانت املزيج الذي تعرضه ومن مث استمالة سلوكه اجتاه خدماهتا.
رابعا -منو التسويق الدويل :ال خيتلف التسويق الدويل يف أسسه ومفاهيمه عن التسويق احمللي ،إمنا قد يظهر
االختلف يف إسرتاتيجية التسويق وفق ظروف ومتغريات ختتلف متام االختلف عن الظروف احمللية ،ونظرا لألمهية
الكبرية اليت يتمتع هبا التسويق الدويل لتحقيق النمو والتطور بعد زوال الكثري من احلواجز الدولية وتزايد التقدم
التقين ،كل هذ ه التطورات وغريها جعلت األسواق الدولية يسريها املال ومل يعد البعد اجلغرايف عقبة يف الوصول إىل
تلك األسواق وال يف غزوها ،ولعل معظم املؤسسات الكبرية تدرك حاجتها املاسة إىل توسيع أنشطتها التسويقية
حىت تستطيع أن تزيد من مبيعاهتا الكلية ،لكن املشكلة اليت تطرح نفسها هي عدم آتلف حاجات ورغبات
املستهلكني احملليني مع رغبات وحاجات وعادات املستهلكني يف األسواق األجنبية ،وهو ما جعل من دراسة
سلوك املستهلك يف األسواق اخلارجية أمرا ضروراي لدخوهلا.
خامسا -التقدم املستمر يف الطرق اإلحصائية والربجميات :نظرا للثورة املعلوماتية اهلائلة اليت يعرفها العامل يف
اآلونة األخرية أصبحت الدراسات وكذا ختزين املعلومات أكثر سهولة ويسرا خصوصا مع ظهور احلاسوب ،هذا ما
ساعد على تطور األساليب اإلحصائية من جهة وسهولة واتساع استخدامها من جهة أخرى ،هذا التطور
املعلومايت ساهم مسامهة فاعلة ومباشرة يف تطور دراسة سلوك املستهلك وذلك من خلل القدرة على ختزين أكرب
كم من املعلومات املتعلقة ابملستهلكني وسلوكاهتم ورغباته وخصائصهم ،وابلتايل دراسة سلوكهم بشكل أفضل
وفهم تصرفاهتم بطريقة أحسن ،مبعىن أن تطور املعلوماتية والطرق اإلحصائية من األسباب الرئيسية يف ازدايد
االهتمام بدراسة سلوك املستهلك.
6
ذات سعر منخفض نسبيا حىت ظهرت يف األسواق الياابنية سيارات ذات جودة فائقة ،لذلك حاولت املؤسسات
األمريكية جاهدة لتحسني جودة السيارات اليت تقدمها للسوق.
* التفاعل يف سلوك املستهلك ،حيث تضمن سلوك املستهلك التفاعل املستمر بني النواحي اإلدراكية والشعورية
والسلوكية للمستهلك واألحداث البيئية اخلارجية ،ومن أجل فهم املستهلك وحماولة تطوير اإلسرتاتيجية التسويقية
جيب على املسوق أن يتعرف على ثلث عناصر أساسية هي :
أ -يف ماذا يفكر املستهلك (عنصر اإلدراك والتفكري)؟.
ب -مباذا يشعر املستهلك (عنصر التأثري والشعور)؟.
ج -ماذا يفعل املستهلك (عنصر السلوك)؟.
* التبادل يف سلوك املستهلك ،إن عملية التبادل بني خمتلف األفراد يف شىت جماالت احلياة ،جتعل تعريف سلوك
املستهلك متناسب مع التعريفات احلالية للتسويق ،واحلقيقة أن دور التسويق هو توليد عملية التبادل مع
املستهلكني من خلل تكوين وتطبيق اإلسرتاتيجيات التسويقية.
اثنيا -جماالت الدراسة العملية لسلوك املستهلك :تتجه الدراسة العملية للسلوك اإلنساين بوجه عام وسلوك
املستهلك بوجه خاص إىل جماالت ثلثة هي:
* البحث يف حمددات السلوك وعوامل نشأته واألسباب اليت جتعل األفعال أمور ملحوظة ومشاهدة ،والتساؤل
األساسي هنا يدور حول عملية إاثرة السلوك ،فالعلم يريد استكشاف املثريات اليت حترك املستهلك لكي يتصرف
أو يفعل أو يستجيب بطريقة معينة.
* أما اجملال الثاين للبحث السلوكي فيتجه فيه الباحث للتعرف على كيفية تكوين السلوك وتبلوره قبل أن يتبدى يف
الصورة الظاهرة ،وعملية التكوين هذه ( )Formationمتثل اجلانب األصعب يف الدراسة السلوكية حيث تتم عادة
يف الذهن ،وتتمثل يف عدد من العمليات الذهنية املستمرة اليت يستحيل مشاهدهتا أو ملحظتها ،وتكمن خطورة
هذه املرحلة من الدراسات السلوكية يف أهنا توفر األساس املوضوعي للتنبؤ بسلوك املستهلك احملتمل دون انتظار
لتحققه فعليا ،ويسمح التنبؤ ابلسلوك أبن يتخذ من اإلجراءات واألساليب ما يوفر القدرة على السيطرة عليه
والتحكم يف مساره اعتمادا على الفهم املسبق ألسبابه ودوافعه.
* خيتص اجملال الثالث للدراسة السلوكية يف البحث يف أشكال وأمناط ووسائل التعبري عن السلوك ،أي عملية حتليل
األمناط السلوكية املشاهدة وتصنيف السلوك واستنتاج العلقات املنطقية بني األمناط املختلفة من انحية والعلقات
بني تلك األمناط ومسبباهتا وابلظروف احمليطة هبا من انحية أخرى.
وتفيد هذه الدراسات يف متابعة آاثر حماوالت السيطرة على سلوك املستهلك وتبني مدى فعالية اإلجراءات
واألساليب املتبعة يف إحداث التغريات املستهدفة يف السلوك ،وبعد حتديدان ألهم جماالت الدراسة العملية لسلوك
املستهلك ميكننا أن نتساءل عن املضامني اإلسرتاتيجية اليت تزودها هذه دراسات ملدراء التسويق يف املؤسسات
املعاصرة.
7
.4املضامني اإلسرتاتيجية لدراسات سلوك املستهلك:
تزود دراسات املستهلك القائمني على التسويق يف املؤسسات احلديثة جبملة من املضامني اإلسرتاتيجية اليت جيب
أن يتم البناء عليها للستفادة منها عند إعداد اإلسرتاتيجيات التسويقية العامة ملؤسساهتم ،وعموما ميكن إجياز
هذه املضامني على النحو التايل:
* حتديد وتعريف السوق الكلية للفئة السلعية أو اخلدمية يف بلد ما ،فيمكن مثل تعريف السوق الكلية للسيارات
السياحية يف اجلزائر أبهنا "كل األشخاص الراغبني والقادرين على شراء سيارة سياحية جديدة أو مستعملة يف
الوقت احلايل".
* حتديد أجزاء السوق الكلية وذلك من خلل جتزئة السوق ابستخدام أسلوب أو أساليب التجزئة املألوفة ،وذلك
من أجل حتديد خصائص ومواصفات املستهلكني يف كل سوق فرعية ومعايري التقسيم الفعالة للسوق.
* من خلل دراسة سلوك املستهلك أيضا ميكن التعرف على أذواق املستهلكني يف كل سوق فرعية ومن مثة حتديد
امليزة أو املزااي التنافسية الواجب توفريها يف العلمة مقارنة مع العلمات املنافسة.
* وعلى أساس ما مت حتديده بواسطة دراسات سلوك املستهلك يف النقاط الثلث املشار إليها أعله تقوم
املؤسسات بتحديد جمال عملها ،والذي قد يكون موجها حسب األذواق ،أو الطبقات االجتماعية للمستهلكني
يف كل أو بعض األسواق الفرعية اليت مت جتزئتها واختيار ما ميكن خدمته بفعالية.
* التقييم املوقفي أو املراجعة الشاملة جململ اخلصائص الدميغرافية والنفسية للمستهلكني املستهدفني ونتائج أنشطة
وموارد املؤسسة ،وذلك بتقدير نقاط القوة والضعف يف جممل أعمال املؤسسة ،ومن مثة حتديد الفرص املتاحة
والتهديدات أو التحدايت اإلسرتاتيجية يف التعامل مع خمتلف عوامل البيئة التسويقية احمليطة.
* وضع األهداف املمكنة التنفيذ وعلى ضوء اإلمكانيات املتاحة واألولوايت املقررة ،وحسب رغبات وأذواق
القطاع أو القطاعات املستهدفة.
* كما تساعد دراسات سلوك املستهلك أيضا يف بناء برانمج إحليل لعلمة املنتج من خلل حتديد امليزة أو
امليزات التنافسية الواجب إجيادها وإيصاهلا للمستهلكني يف األوقات وابألساليب واألماكن املناسبة هلم.
* العمل على إعداد إسرتاتيجيات عناصر املزيج التسويقي للمنتج هبدف تصميم إسرتاتيجية تسويقية متكاملة
تتفق وتتكامل مع اإلسرتاتيجية العامة للمؤسسة ،والبدء بعمليات التنفيذ االسرتاتيجي.
* أخريا تساعد هذه الدراسات املؤسسة يف قياس األداء التسويقي لإلسرتاتيجية التسويقية ومدى أتثري ذلك على
األداء العام لإلسرتاتيجية الكلية.
8