Professional Documents
Culture Documents
مقدمــة .
المبحث األول :النظرية النقدية الكالسيكية ( تعريفها ،نشأتها و أسسها )
-المطلب األول :تعريف النظرية النقدية الكالسيكية و نشأتها .
-المطلب الثاني :الفروض األساسية للنظرية .
-تمهيد :
يعتبر الطلب على النقود متغير اقتصادي على درجة عالية من األهمية ،بحكم تأثره و تأثيره على
كامل المتغيرات االقتصادية االخرى ،و هو بمثل الرغبة في الحصول على السيولة ألسباب
معينة ،ويختلف االقتصاديون و بالتالي المدارس االقتصادية في تحديد هذه األسباب ،و كذالك
النتائج المترتبة على إتجاه رغبات االفراد و المؤسسات في طلبهم على النقود ،و بالتحديد اإلجابة
على السؤال المهم هل تؤثر النقود على المتغيرات االقتصادية او أنها متغير حيادي أو سلبي ؟ هذا
السؤال دفع باحثي االقتصاد الى تبني اتجاهين ،أن النقود تساهم في دفع عجلة النمو االقتصادي
كاتجاه اول و االتجاه الثاني ان النقود لن تسبب إال ضغوط تضخيمية ،و هو ما أدى الى تبنى
النظريات النقدية .
-إشكالية البحث :
النظريات النقدية هي فرع من فروع علم االقتصاد وتؤلف جزءا ً من التحليل االقتصادي الكلي ،وتبحث
في كشف وتفسير العالقة بين النقود والنشاط االقتصادي ،فهي تأخذ باالعتبار أثر التغير في العامل
النقدي بجانبيه ( عرض النقد والطلب عليه ) على المتغيرات االقتصادية كاإلنتاج الحقيقي ،الدخل ،
االستخدام ،االستهالك ،الفائدة ،النمو االقتصادي ،مستوى االسعار ،توزيع الدخل والثروة أيضا تعتبر
النظرية النقدية من اهم النظريات االقتصادية التي ركزت االهتمام على دراسة االثر الذي يحدثه التغير
في كمية النقود على المستوى العام لألسعار ,و قد تبنى هذا االتجاه االقتصاديون الكالسيك الذين ركزوا
على تفسير العوامل التي لها عالقة بتحديد قيمة النقود و اهملوا العوامل التي تتحكم في مستوى االنتاج و
التشغيل الكامل
و قد صاغ االقتصاديون الكالسيك افكارهم هذه على شكل نظرية اطلقوا عليها نظرية كمية النقود و التي
عرفت أيضا بإسم النظرية الكالسيكية ،و نحن من خالل هذه الدراسة الموجزة سنسلط الضوء على هذه
النظرية و نخوض في تحليلها من خالل اإلجابة على التساؤالت التالية :ما هي األسس و المبادئ
األساسية التي بنى عليها االقتصاديون الكالسيكيون نظرية كمية النقود ؟ و كيف ومتى ظهرت هذه
النظرية من األساس ؟ وهل يمكن اعتبار هذه النظرية كنظرية مثالية في التحليل اإلقتصادي؟
المبحث األول :النظرية النقدية الكالسيكية ( تعريفها ،نشأتها و أسسها ) .
يقصد بالنظرية النقدية الكالسيكية تلك النظرية التي نشأت و تطورت بفضل جهود االقتصاديين في
المدرسة الكالسيكية و التي تبلورت فيما بعد و أصبحت تعرف باسم نظرية كمية النقود ,بحيث يعتبر
جوهر النظرية االساسي هو تفسير التغير في كمية النقود و انعكاس ذلك على المستوى العام لألسعار
خاصة والمتغيرات االقتصادية األخرى عامة .
بدأت فكرة النظرية منذ القرن السادس عشرمن قبل " جان بودان " عندما حصل ما سمي بثورة االسعار
إثر تدفق المعادن النفيسة الى اوروبا بكميات كبيرة ,و ترافق معه ارتفاع شديد في االسعار ,إال انها لم
تنتشر و لم تطبق حتى جاء العالم االقتصادي " إرفنج فيشر" بصيغته الرياضية المشهورة عام 1917م
,و الذي اطلق عليها صيغة فيشر نسبة ا لى مكتشفها او معادلة التبادل او صيغة دوران المعامالت ,التي
تم تطويرها الحقا على يد مجموعة من االقتصاديين في جامعة كامبردج على رأسهم "الفريد مارشال "
,و اطلقوا على معادلتهم اسم ( معادلة كمبردج ) نسبة للجامعة ,و تسمى من قبل البعض بصيغة االرصدة
النقدية .1
تستند النظرية الكالسيكية او نظرية كمية النقود على مجموعة من الفروض االساسية :
-ارتباط التغير في مستوى األسعار بتغيير كمية النقود المعروضة بمعنى (أن أي تغير في كمية النقود
المعروضة تنعكس وبنفس المقدار على المستوى العام لألسعار فزيادة األول تؤدي إلى زيادة الثاني بنفس
القدر والعكس صحيح) أي إن هناك عالقة طردية تناسبية بين عرض النقود واألسعار.
-ثبات حجم المعامالت حيث ترى هذه النظرية أن النقود ال تؤدي سوى وظيفة واحدة وهي أنها وسيط
للتبادل وقد استندوا على قانون ساي ( كل عرض يخلق الطلب عليه ) ,بمعنى ان المنتجات ال تبادل اال
بالمنتجات و ان النقود وسيط للمبادلة و ال يمكنها ان تكون مخزنا للقيمة . 2
-ثبات سرعة تداول النقود ( و يقصد بها عدد المرات التي يتم فيها تبادل النقود لتسوية المعامالت و
التبادالت االقتصادية خالل فترة زمنية معينة ) .
1محمد ضيف هللا القطاربي ،دور السياسة النقدية في االستقرار و التنمية االقتصادية ،دار غيداء للنشر ،عمان – األردن ،2011 ،ص 38
2عادل عامر ،دور الدولة في تحقيق التوازن االقتصادي ،دار حروف منثورة ،مصر ،2016 ،ص 100
1
-لسرعة الدوران و كمية النقود عالقة ثابتة
اذن افتراضات النظرية تشير إلى أنه يتم تحديد قيمة المال بمقدار المال المتاح في االقتصاد .فعند
الزيادة في عرض النقود تنخفض قيمة المال مما يؤدي الى ارتفاع التضخم.
تعتبر هذه المعادلة حجر الزاوية في نظرية كمية النقود ,و قد صاغها " فيشر " في كتابه ( القوة
2
الشرائية للنقود , ) 1911و قد صاغها " فيشر " على الشكل التالي :
Mv = pt
حيث ان :
: mمتوسط كمية النقود في االقتصاد خالل فترة معينة
: vسرعة تداول النقود
: pالمستوى العام لالسعار
: tاجمالي المبادالت
و منها يمكن تحديد المستوى العام لالسعار كالتالي
P =M* V/T
و طبقا لالفتراضات السابقة التي ترى بثبات سرعة الدوران و حجم المبادالت ,فإن المعادلة تؤكد ان
تغير كمية النقود يؤدي الى تغير المستوى العام لألسعار بنفس النسبة و في نفس االتجاه ,و بالتالي
فالمعادلة تحدد جميع العوامل التي تتفاعل بطريقة مباشرة في تحديد مستوى األسعار و قد ظهرت معادلة
أخرى تسمى بمعادلة التبادل االقتصادي لفيشر أيضا ،حيث أدخل النقود المصرفية في التبادل ,فأصبحت
3
المعادلة :
MV + M¢V¢ = PT
:mالنقود القانونية
: vسرعة تداولها
: M¢النفود المصرفية
: V¢سرعة تداولها.
محمود عبد العزيز توني ،اقتصاديات النقود و البنوك ،مكتبة الشقري ،الرياض ، 2016 ،ص 161 3
المطلب الثاني :نظرية األرصدة النقدية ( مدرسة كامبردج ) .
حاول كل من نظريتي الكمية ،كامبردج والتبادل ,التعبير عن عالقة بين كمية السلع المنتجة ومستوى
السعر والمبالغ المالية ,وكيفية تحرك المال .في حين ان معادلة كامبردج تركز على الطلب على النقود
ضا في تفسير حركة النقود في النسخة الكالسيكية بدالً من العرض النقدي ,تختلف النظريات أي ً
المرتبطة بإرفينج فيشر ,يتحرك المال بمعدل ثابت وال يخدم إال كوسيط للتبادل بينما في نهج كامبريدج ,
يعمل المال كمخزن للقيمة وحركته تعتمد على الرغبة في االحتفاظ بالنقود .ارتبط هذا المفهوم
باالقتصاديين " ألفريد مارشال " ،و" آرثر بيجو " ,بحيث جادلو بأن جز ًءا معينًا من عرض النقود لن
يستخدم في المعامالت ,وبدالً من ذلك سيتم االحتفاظ بها لتوفير الراحة واألمان للحصول على النقد في
متناول اليد.
-ركزت نظرية المبادلة على جانب عرض النقود في حين أن نظرية كمبردج ركزت على جانب
الطلب .
-قررت نظرية المبادلة وجود عالقة طردية تناسبية بين كمية النقود المعروضة وبين المستوى العام
لألسعار .
-معادلة التبادل اهتمت فقط بجانب العرض النقدي على ان النقود هي وسيلة للتبادل فقط في حين ان
معادلة كمبردج اعطت للنقود دورا جديدا كونها مقياس للمدفوعات اآلجلة و مخزن للقيمة . 2
إال أن النظريتان اتفقتا على أن المستوى العام لألسعار هو متغير تابع لكمية النقود سواء بطريقة مباشرة
كما افترض فيشر أو بطريقة غير مباشرة كما في النظرية األخرى ,مما جعلهما عرضة لالنتقادات .
محمد شاهين ،اسعار صرف العمالت العالمية و أثرها على النمو االقتصادي ،دار حميثر للنشر و الترجمة ،القاهرة ، 2018 ،ص 201 2
المبحث الثالث :تقيييم النظرية النقدية الكالسيكية :
_ ان لنظرية كمية النقود أهمية و دور كبيرين في تفسير ظاهرة التضخم .
_ إن النظرية الكمية للنقود كانت متفقة تماما مع التحليل و الواقع االقتصادي السائد آنذاك .1
انها غير كافية تماما كنظرية نقدية ألنها ال تأخذ في االعتبار معدل الفائدة على اإلطالق. -
من الصعب قياس سرعة تداول النقود ,في الواقع ليس من الممكن قياسها بدقة. -
اعتبرت نظرية " فيشر " غير كاملة ألنها افترضت أن االفراد ينفقون كامل دخلهم و هذا ناتج من -
قناعة االقتصاديين الكالسيك بأن النقود هي وسيلة للتبادل فقط و ليس مخزن للقيمة ,لكن الصحيح
أن األفراد يحتفظون بجزء من دخلهم النقدي لمواجهة متطلبات المستقبل,و هذا فرض غير واقعي
فالنقود تطلب لكونها أصل سائل الى جانب أغراض المعامالت و ليس ألغراض المعامالت فقط
كما تزعم معادلة االرصدة النقدية
افتراضها دوما ثبات العوامل المحددة لقيمة النقد ( باستثناء مستوى األسعار) ،إال انه إذا رجعنا -
إلى التجارب الواقعية نجد عدم صحة ثبات هذه الفروض
و جملة االنتقادات السابقة التي وجهت لنظرية كمية النقود مهدت لظهور النظرية الكنزية و الكنزية
الجديدة ,على يد كينز و اتباعه .
1سامي خليل ،اقتصاديات النقود و البنوك ،مركز األصيل للنشر و التوزيع ،لبنان ،2001 ،ص 478
2سامي خليل ،نفس المرجع السابق ،ص 480- 479
خاتمة و خالصة البحث :
وخالصة القول ومن خالل ما تم التطرق اليه عبر مباحث هذه الدراسة الموجزة و التي تمحورت
حول النظرية النقدية الكالسيكية يمكننا استخالص ما يلي :
النظرية النقدية الكالسيكية أو نظرية كمية النقود هي نظرية اقتصادية نشأت و تطورت -
بفضل جهود االقتصاديين في المدرسة الكالسيكية و التي تبلورت فيما بعد و أصبحت تعرف
باسم نظرية كمية النقود ,بحيث يعتبر جوهر النظرية االساسي هو تفسير التغير في كمية
النقود و انعكاس ذلك على المستوى العام لألسعار خاصة والمتغيرات االقتصادية األخرى
عامة .
ظهرت النظرية النقدية الكالسيكية في القرن الثامن عشر 18م رغم أن فكرتها بدأت في -
القرن ال16من قبل جان بودان .
تعد نظرية كمية النقود من أولى النظريات التي حاولت تفسير تحديد المستوى العام لألسعار -
و ما يحدث فيها من تقلبات وهي تتمثل في مجموعة من الفروض المتعلقة بأهمية كمية النقود
بالنسبة إلى غيرها من العوامل في التأثير على قيمتها.
يرى أنصار النظرية الكالسيكية أن النقود ال تؤدي سوى وظيفة واحدة وهي أنها وسيط -
للتبادل وقد استندوا على قانون ساي (أن العرض يخلق الطلب المساوي له) بمعنى :أن
االقتصاد في حالة توازن دائم وأن أي اختالل فيه سرعان ما يزول بفضل آلية األسعار،
وبالتالي فإن للنقود دور حيادي يتمثل في كونها وسيلة لمبادلة السلع فقط .
لقد أسس التحليل الكالسيكي للنقود على فرضيات و أسس تبين فيما بعد أنها غير صحيحة -
كفاية أو غير صالحة لكل األوقات كحياد النقود والتشغيل الكامل و هذا أثناء األزمة العالمية
1929وعجز التحليل الكالسيكي عن تفسير األزمة آنذاك
وقد بنى الكالسيكيون نظريتهم النقدية الكالسيكية على أساس أن سرعة دوران النقود هي -
ثابتة على األقل في المدى القصير ألنها تحدد بعوامل بطيئة التغير ومستقلة عن كمية النقود
.
تؤكد النظرية الكالسيكية بأن مصدر التغير في االسعار ناتج عن مقدار التغير في كمية -
النقود فقط .
رغم األسس المتينة التي بنى عليها الكالسيك نظريتهم و صيغتهم في التحليل االقتصادي إال -
ان هذا لم يمنع خلو نظريتهم من عيوب إدت الى تعرض النظرية النتقادات شديدة من
أبرزها ان النظرية انها غير كافية تماما كنظرية نقدية ألنها ال تأخذ في االعتبار معدل الفائدة
على اإلطالق إضافة الى ذالك افتراضها دوما ثبات العوامل المحددة لقيمة النقد وهو ما
يتنافى مع الواقع لهذا وصف بعد المنتقدين هذه النظرية بالنظرية الخيالية .
-اإلستنتاج :
نستنتج في األخير أن نظرية كمية النقود هي تجسيد التحليل الكالسيكي للنقود و التي تم بنائها على
فرضيات و أسس تبين فيما بعد أنها غير صحيحة كفاية أو غير صالحة لكل األوقات كحياد النقود
والتشغيل الكامل و هذا أثناء األزمة العالمية 1929أين عجل التحليل الكالسيكي عن تفسير
األزمة آنذاك لكن رغم ذالك تحتل هذه النظرية مكانة هامة في االقتصاد.حيث انها تزودنا
بمعلومات حول أسباب التغيرات في أسعار السلع والخدمات في االقتصاد ،كما تشكل النظرية
الكمية العمود الفقري للتقنيات المصرفية الحديثة لعمليات السوق المفتوحة وسياسة سعر الفائدة
لهذا ال ي مكن إلغاء دور التحليل الكالسيكي في شق البداية إلى تفسير عدة ظواهر كالتضخم و
اعتمد كقاعدة للتحليل الحديث للنظرية النقدية عند فريدمان.
قــــائمة المراجع :
-1محمد ضيف هللا القطاربي ،دور السياسة النقدية في االستقرار و التنمية االقتصادية ،
دار غيداء للنشر ،عمان – األردن . 2011 ،
-2محمود عبد العزيز توني ،اقتصاديات النقود و البنوك ،مكتبة الشقري ،الرياض ،
. 2016
-3محمد شاهين ،اسعار صرف العمالت العالمية و أثرها على النمو االقتصادي ،دار
حميثر للنشر و الترجمة ،القاهرة .2018 ،
-4مجموعة من المؤلفين ،الموسوعة العربية العالمية ( النسخة اإللكترونية ) ،أعمال
الموسوعة للنشر و التوزيع ،المملكة السعودية . 2004 ،
-5سامي خليل ،اقتصاديات النقود و البنوك ،مركز األصيل للنشر و التوزيع ،لبنان ،
.2001
-6عادل عامر ،دور الدولة في تحقيق التوازن االقتصادي ،دار حروف منثورة ،مصر
.2016 ،