You are on page 1of 365

‫جملة دورية‬

‫العدد السادس عشر‪2021 -‬‬


‫خمصصة للمازيغية ومكوانهتا اللغوية واحلضاايية و م عاّّ ة اللغاا ‪ ،‬وملام‬ ‫أسيناگ‪Asinag-‬جمةل علمية وثقافية مغربية‪ّ ،‬‬
‫ملفا علمية‪ ،‬ومقاال وحوايا وعروض اصّايا ‪ ،‬وابّاعا أةبية‪ ،‬واشايا بيبليوغرافية‬
‫أسيناگ‪ّ Asinag-‬‬
‫جمةل ُم ّ‬
‫حّكة ومفهرسة‪ ،‬تتوفر عىل جلنة علمية‪ ،‬ومف وحة للمجموعة العلمية الوطنية وادلولية‬

‫©املعهّ املليك للثقافة المازيغية‬


‫‪2028-5663 : ISSN‬‬
‫يمق االيّاع القانوين ‪2008 MO 0062‬‬
‫– الرابط‪2021‬‬
‫احملتوايت‬

‫تقدمي ‪7 ....................................................................................................‬‬

‫ملف العدد ‪ :‬الكتابة والتأليف ابللغة األمازيغية وحوهلا‬


‫حممد يعلى‬
‫أصول األمازيغ وانتشارهم يف الغرب اإلسالمي من خالل ثالثة‬
‫نصوص مغربية وسيطية‪15 ...........................................................‬‬

‫الوايف نوحي‬
‫‪29 ..........................‬‬ ‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬
‫ابحلاج انصر‬
‫القوانني والنظم العرفية املكتوبة لدى جمتمع وادي مزاب ‪63 .........................................‬‬

‫خدجية كمايسني‬
‫جتربة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس ‪75 .........................................................‬‬

‫أمحد املنادي‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية ‪105 .......................‬‬

‫مبارك ايت عدي واحلسن سالو‬


‫املخطوطات العربية املتعلقة ابألمازيغ يف دولة النيجر‪:‬‬
‫مناذج خمتارة من قسم املخطوطات العربية والعجمية ‪137 ...........................................‬‬

‫مجال أبرنوص‬
‫الشعر األمازيغي الريفي التقليدي بعيون مستمزغي فرنسا الكولونيالية؛‬
‫مالبسات التقييم والتأويل ‪153 .........................................................................‬‬
‫فؤاد أزروال‬
‫‪171 ..........‬‬ ‫الكتابة عن األمازيغية إبداعيا‪ ،‬الذات واهلوية يف رواية "نوميداي" لطارق بكاري‬
‫حممد أفقري‬
‫التأليف الشعري املغريب املكتوب ابألمازيغية‪ ،‬منجزه ومالحمه العامة ‪189 .........................‬‬

‫حممد لعضمات‬
‫ترمجات معاين القرآن إىل األمازيغية‪ :‬عرض وتقدمي ‪209 ............................................‬‬

‫حوار مع األستاذ حممد أكوانض‬


‫أجرته جلنة حترير أسيناگ ‪227 ............................................. ................................‬‬

‫متنوعات‬
‫منعم بوعمالت‬
‫املغرب خالل فرتة احلماية الفرنسية‪ :‬رمزية ومفهوم خطاب "السياسة الرببرية" ‪237 .............‬‬
‫تقدمي‬
‫يتناول ملف العدد السادس عشر من جملة أسيناگ موضوع "الكتابة والتأليف‬
‫ابللغة األمازيغية وحوهلا"‪ .‬وهلذا االختيار أمهيته ابلنظر إىل راهنيته يف السياق التارخيي‬
‫لسريورة جتسيد رمسية األمازيغية بتنمية وتطوير الكتابة والتأليف هبا‪ .‬ومن مث فإن التقائية‬
‫سهام نوعي يف تعميق‬
‫حمتوايت هذا امللف‪ ،‬بتنوع مرتكزاهتا املعرفية وأوجه مقارابهتا التحليلية‪ ،‬إ ٌ‬
‫حيف به من قضااي‬‫التفكري والبحث يف املوضوع‪ ،‬من جوانبه التارخيية والعلمية واألدبية‪ ،‬وما ّ‬
‫وإشكاالت آنية واستشرافية‪.‬‬
‫تطورها‪.‬‬
‫جيدر التذكري ابلعامل اجلغرايف احمل ّدد لوضعها و ّ‬
‫فمن زاوية التأريخ للغة األمازيغية‪ُ ،‬‬
‫حاسم يف ما تعاقب عليه عرب التاريخ من‬ ‫ٌ‬ ‫دور‬
‫ذلك أن املوقع االسرتاتيجي جملاهلا كان له ٌ‬
‫ثقافات‪ ،‬وما متّ نسجه من عالقات جتارية وسياسية ودينية وثقافية‪ ...‬مع خمتلف الشعوب‬
‫والدول اجملاورة‪ ،‬مشاالً وجنوابً وشرقاً‪ ،‬مما ساهم يف تنويع ُحلمته اإلثنية وطبع مساته االجتماعية‬
‫متفردة‪ ،‬جتلّت يف إنتاج املعرفة عرب التأليف والكتابة بلغات خمتلفة‪ .‬وقد كان هلذا‬ ‫ٍ‬
‫خبصوصيات ّ‬
‫تنوع وتعدد ثقايف كبري‪ ،‬عميق األثر على اللغات‬ ‫املعطى اجلغرايف‪ ،‬وما ترتّب عنه من ّ‬
‫املتساكنة داخل اجملتمع املغريب وما أُسند إليها من وظائف تواصلية‪ ،‬ودينية وسياسية‪ ...‬كما‬
‫أن ملختلف مؤسسات اجملتمع الدينية (املساجد‪ ،‬والزوااي‪ ،‬واملدارس العلمية العتيقة‪،)...‬‬
‫والسياسية والقانونية (القضاء‪ ،‬والفتيا‪ ،‬والعرف‪ )...‬الدور الكبري يف بناء أنساق الكتابة‬
‫وتنويع املنتوج املعريف وفقاً لسياقات التأليف وحلاجيات املتلقني‪.‬‬
‫ومن الواضح أن جممل هذه العناصر املتنوعة أنتجت تراكمات يف اإلنتاج وتنوعاً يف‬
‫التأليف‪ ،‬تشهد عليه إسهامات األمازيغ املكتوبة يف جماالت متعددة عرب التاريخ‪ .‬ففي الفرتة‬
‫القدمية‪ ،‬وابلرغم من ندرة املعطيات ذات الصلة ابلكتابة يف تلك املرحلة‪ ،‬فإننا ال نعدم‬
‫ِّ‬
‫متوسلة ابللغات املتداولة يف اجملال املتوسطي‬
‫إشارٍات يف املصادر إىل وجود آتليف األمازيغ ّ‬
‫وقتئذ‪ ،‬ويف مواضيع متعددة‪ ،‬كان أبرزها اخلطابة‪ ،‬والسياسة‪ ،‬والالّهوت‪ ،‬واآلداب‪...‬‬
‫أما يف الفرتة الوسيطية‪ ،‬فقد ساعد انتشار اإلسالم يف اجملال األمازيغي على منو ثقافة‬
‫الكتابة والتدوين‪ ،‬فاهتم األمازيغ ابلعربية وبعلومها‪ ،‬رغبة يف نشر تعاليم الدين اجلديد‪،‬‬
‫فنسخوا كتب السابقني‪ ،‬كما أبدعوا يف التأليف‪ ،‬ابلعربية وابألمازيغية‪ ،‬يف حقول معرفية‬
‫متنوعة (اللغة‪ ،‬والتفسري‪ ،‬واحلديث‪ ،‬والفقه‪ ،‬واألصول‪ ،‬والطب‪ ،‬والرايضيات‪ ،‬والفلك‪.)...‬‬
‫ب لصاحل بن طريف الربغواطي (القرن‬ ‫وتذكر بعض املصادر التارخيية كتاابً ابألمازيغية يُنس ُ‬
‫الثاين اهلجري‪ /‬الثامن امليالدي) وضعه لقومه؛ ومل تصلنا منه إال بعض املقاطع مرتمجةً إىل‬

‫‪7‬‬
‫رجح أن يكون هذا املصنّف من أقدم الكتب املؤلفة ابملغرب على‬ ‫العربية‪ .‬وهناك من يُ ّ‬
‫اإلطالق‪.‬‬
‫وشهدت الفرتة احلديثة‪ ،‬تواصل عملية التأليف؛ حيث ظهرت اهتمامات جديدة أبرزها‬
‫إعداد قواميس مزدوجة اللغة‪ ،‬لتسهيل عملية حترير الواثئق على من يتصدر هلا من القضاة‬
‫والعدول واملوثقني والفقهاء‪ ،‬وكذا التعريف ابألعالم البشرية واجلغرافية ووصف أعضاء‬
‫وتعزز هذا املسار بلون من ألوان التأليف عند‬ ‫اإلنسان وما حييط به من أدوات وغريها‪َّ ،...‬‬
‫األمازيغ اصطلح عليه البعض ابسم (لْمازغي)‪ ،‬كان من أهدافه تبسيط املعرفة الدينية وتقريبها‬
‫من أفهام العوام‪ .‬فكان التأليف ابللسان األمازيغي اترة‪ ،‬ومتزيغ بعض التآليف العربية اترة‬
‫أخرى‪ ،‬خاصة منها ذات الصلة بعلوم القرآن والفقه واحلديث والسرية والعقيدة والتصوف‬
‫واألذكار‪ ،...‬مع أتليف يف موضوعات أخرى مثل الطب والتداوي ابألعشاب‪ ،‬والفلك‬
‫والتوقيت والتنجيم‪ ،‬والفالحة واحلساب‪...‬‬
‫ويف احلقبة املعاصرة‪ ،‬عرفت عملية التأليف والكتابة طفرة نوعية‪ ،‬بفعل انفتاح النخب‬
‫األمازيغية على علوم ومعارف جديدة وخمتلفة (اآلداب والفنون‪ ،‬واللغات واللسانيات‪،‬‬
‫والتاريخ وعلوم اجملتمع‪ ،)...‬فانكبوا على التأليف فيها ابللغة العربية وابللغات األوروبية‪ ،‬مما‬
‫أغىن املشهد األديب والعلمي ابجملال األمازيغي‪.‬‬
‫ويف هذا اإلطار أييت ملف هذا العدد الذي يتضمن‪ ،‬ابإلضافة إىل حواريْن‪ ،‬أحدمها‬
‫ابلعربية واآلخر ابلفرنسية‪ ،‬اثنيت عشرة مقالة‪ ،‬عشرة منها ابللغة العربية واثنتان ابللغة الفرنسية‪،‬‬
‫تطرح مجلة من القضااي مرتبطة مبوضوع امللف‪ ،‬وفق مقارابت خمتلفة ومن زوااي نظر متعددة؛‬
‫ومتّ ترتيبها على حن ٍو كرونولوجي‪ ،‬حىت تقدم صورة تقريبية عن مسار الكتابة والتأليف عند‬
‫األمازيغ‪ ،‬فضالً عن مقالني يف ابب خمتلفات‪.‬‬
‫يعرض مقال حممد يعلى أصول األمازيغ وانتشارهم يف الغرب اإلسالمي من خالل‬
‫ثالثةنصوص خمطوطة مغربية وسيطية‪ ،‬وهي‪ :‬كتاب "األنساب" لصاحل بن عبد احلليم‬
‫األيالين‪ ،‬وكتاب "مفاخر الرببر" ملؤلف مغريب ما زال غري معروف‪ ،‬وكالمها من القرن‬
‫‪8‬هـ‪14/‬م‪ ،‬مث كتاب "شواهد اجللة" البن العريب (القرن ‪6‬هـ‪12/‬م)‪ .‬متوقفاً عند مضمون هذا‬
‫الكتاب اجملموع املخطوط من املادة االجتماعية‪ ،‬ابلرتكيز على ثالثة حماور رئيسية‪ ،‬يتعلق أوهلا‬
‫مبصادر مادته السكانية األمازيغية‪ ،‬ويتناول اثنيها جذور األمازيغ العرقية واجلغرافية‪ ،‬ويقربنا‬
‫اثلثها من حركة بعض قبائلهم وانتشارها‪.‬‬
‫وخصص الوايف نوحي مقاله ملقاربة الصورة اليت ترد هبا اللغة األمازيغية يف بعض‬
‫املصادر العربية املؤلَّفة خالل العصر الوسيط‪ .‬ذلك ألن موضوع األمازيغية شغل حيزاً‬

‫‪8‬‬
‫متفاواتً يف كثري من مصنَّفات الرتاث العريب‪ ،‬خاصة منها التارخيية‪ ،‬والبلدانية‪ ،‬واملناقبية‪،‬‬
‫أساسيتني‪،‬‬
‫ْ‬ ‫مسألتني‬
‫ْ‬ ‫والفقهية‪ ،‬وكتب الرتاجم والطبقات وغريها‪ .‬وقد رّكز الكاتب على‬
‫مها‪ :‬وضع اللغة األمازيغية يف ظل بعض األسر احلاكمة (خاصة إمارات بورغواطة وغمارة‪،‬‬
‫مث املرابطون‪ ،‬واملوحدون‪ ،‬فاملرينيون)؛ وكذا موقع هذه اللغة يف اهتمامات النخبة العاملة‪،‬‬
‫من خالل مخسة مناذج عابرة للعصر الوسيط‪.‬‬
‫أما مقال ابحلاج انصر فقد تناول ابلدراسة مسألة القوانني والنظم العرفية املكتوبة لدى‬
‫جمتمع وادي مزاب‪ ،‬معترباً ما كتبه أهل منطقة مزاب يف صحراء اجلزائر من قوانني عرفيّة‬
‫هم مصدر يؤّرخ للحياة‬ ‫مصدراً فائق األمهيّة‪ ،‬حيث إنه‪ ،‬من وجهة نظر اترخيية‪ ،‬يش ّكل‪ ،‬أ ّ‬
‫االجتماعيّة واالقتصاديّة والسياسيّة‪ .‬كما أن النصوص املتناولة تكشف عن املستوى الثقايف‬
‫لــ"النخبة" يف املنطقة طوال القرون من اخلامس عشر إىل التاسع عشر امليالديّني‪ .‬وإىل ذلك‬
‫دونوا كل‬ ‫فقد حاول الباحث اإلجابة على مجلة من األسئلة حول ما إذا كان املزابيّون قد ّ‬
‫أعرافهم؛ ومىت كانوا يكتبون؟ وملاذا؟ وماذا مل يكتبوا؟ وملاذا؟ وغريها من األسئلة الكبرية‪.‬‬
‫وتطرقت خدجية گمايسني يف مقاهلا لنشأة الكتابة يف الشأن الديين لدى األمازيغ‬ ‫ّ‬
‫ودواعيها؛ فعرضت ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‪ ،‬من خالل أشكال ثالثة‪،‬‬
‫هي‪ :‬التأليف ابللغة العربية‪ ،‬نظماً كاأنم نثراً؛ مث ترمجة كتب من العربية إىل األمازيغية؛‬
‫جسدت كل شكل من‬ ‫الصرف ابللغة األمازيغية‪ .‬وقد تناولت ابلتحليل مناذج َّ‬ ‫ِّ‬
‫والتأليف ّ‬
‫تلك األشكال‪.‬‬
‫وأفرد أمحد املنادي مسامهته ملوضوع اخلطاابت املعرفية يف حمكيات السفر‪ ،‬من خالل‬
‫نص رحلي من القرن التاسع عشر حملمد الغيغائي الوريكي الذي وصف فيه جتربته خالل‬
‫احلج‪ ،‬ونقل فيه مشاهداته وتقييمه ألوضاع البلدان اليت زارها‪ ،‬واالخرتاعات اليت‬ ‫رحلته إىل ّ‬
‫شاهدها‪ .‬وقد انكب املقال على تفكيك نظرة الغيغائي إىل ذاته وإىل اآلخر من خالل‬
‫نص الرحلة‪ ،‬مع إجالء اآلليات املنهجية اليت م ّكنته من تقدمي معارف متنوعة‪ ،‬حتمل‬
‫خطاابت تتقاطع فيها حقول كثرية‪ ،‬دينية واترخيية واجتماعية وإثنوغرافية‪.‬‬
‫ويف مقال مشرتك‪ ،‬واستناداً إىل معطيات ميدانية‪ ،‬تناول مبارك أيت عدي واحلسن‬
‫سالو‪ ،‬مناذج من املخطوطات العربية املتعلقة ابألمازيغ يف دولة النيجر‪ ،‬تعكس اتريخ‬
‫األمازيغ وحضارهتم هناك‪ ،‬خصوصاً من خالل تلك احملفوظة بقسم املخطوطات العربية‬
‫والعجمية مبعهد األحباث يف العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة عبدو موموين‪ ،‬مبدينة نيامي‪.‬‬
‫وحول الشعر األمازيغي الريفي التقليدي بعيون مستمزغي فرنسا الكولونيالية‪ ،‬عرض‬
‫مجال أبرنوص‪ ،‬يف مقاله‪ ،‬مجلة من املالبسات احمليطة ابلتقييم والتأويل اللذيْن حظيت هبما‬

‫‪9‬‬
‫نصوص هذا األدب‪ ،‬رغم قلتها‪ ،‬ضمن املدوانت الفرنسية‪ .‬ومن هذا املنطلق‪ ،‬كشف املقال‬
‫القيمة اليت أطلقها‬ ‫مجلة من املزالق اليت أحاطت بفعل التوثيق‪ ،‬وما ترتب عنها من أحكام ِّ‬
‫هؤالء الدارسون حول اجلوانب الفنية ألشعار الريفيني‪ .‬وقد حرص الباحث على استحضار‬
‫وجهت‪ ،‬حينذاك‪ ،‬نشاط‬ ‫اخللفيات املنهجية والشروط التارخيية [االستعمارية] اليت ّ‬
‫املؤسسات البحثية الفرنسية ابملغرب‪.‬‬
‫وق ّدم فؤاد أزروال يف مقاله مقاربةً إلشكال اهلويّة وما يرتبط هبا من حتدايت ورهاانت‪،‬‬
‫من خالل حتليله رواية "نوميداي" للكاتب طارق بكاري‪ ،‬اليت عاجلت مسألة اهلوية‬
‫إبداعي متميّز‪ ،‬أاتح هلا تل ّقياً إجيابياً‪ ،‬واعرتافاً نقدايً وأدبياً واسعاً يف حمافل‬
‫ّ‬ ‫األمازيغية بشكل‬
‫اإلبداع العريب‪ .‬ويف هذا السياق‪ ،‬تناول املقال ابلدراسة مجلة من القضااي واملوضوعات اليت‬
‫عربها بطل الرواية طفولته األمازيغية وما علِّق هبا من معطيات متصلة ابلتقاليد‬ ‫يستعيد ْ‬
‫دوامة األمل والقلق‬‫واألساطري والرموز التارخيية والثقافية األمازيغية‪ ،‬واليت ختلّص البطل من ّ‬
‫والتمزق الذي آل إليه بعد أن ضاعت أصوله وجذوره األوىل‪.‬‬
‫وحول ظاهرة التأليف الشعري املغريب املكتوب ابألمازيغية‪ ،‬وقف حممد أفقري على املنجز‬
‫الشعري الذي راكمه املبدعون املغاربة يف جمال اإلنتاج األديب املكتوب هبذه اللغة مبختلف‬
‫حمصلة الرتاكم‪ ،‬من هذه املؤلفات‪ ،‬مربزا معامل‬ ‫أوجهها وتنويعاهتا‪ .‬وتناول ابلقراءة والتقييم ّ‬
‫سريورة تطورها منذ بداية التجربة إىل اليوم‪.‬‬
‫وخصص حممد لعضمات مقاله لرتمجات معاين القرآن إىل األمازيغية‪ ،‬حيث قام بعرض‬
‫وتقدمي التجارب املعروفة يف هذا الباب‪ ،‬مؤكداً على أمهية النص الديين يف اتريخ الرتمجة‪ ،‬إ ْذ‬
‫الزمنينالقدمي واملعاصر‪ ،‬مث مشلت‬
‫كان وال يزال من أوائل النصوص اليت متت ترمجتها يف ْ‬
‫الرتمجة بعد ذلك كل جماالت املعرفة وحقوهلا‪ ،‬وأصبحت ممارسة ال حميد عنها فيعاملمتعدد‬
‫ومتشعِّب الثقافات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اللغات‬
‫احملرر ابلفرنسية من هذا امللف املوضوعايت فقد افتُتح مبقال فالرياي أرگيوالس‬ ‫أما الشق ّ‬
‫(‪ ،)Valeria Argiolas‬يف موضوع "سردينيا الليبية‪-‬الرببرية يف املصادر اليواننية–الالتينية‬
‫والعربية"‪ ،1‬وخصصته للحديث عن الصورة غري املعتادة اليت تقدمها املصادر اليواننية‬
‫والالتينية عن البحر األبيض املتوسط القدمي خبصوص استيطان جزيرة سردينيا‪ .‬ويبدو‪ ،‬من‬
‫خالل املقال‪ ،‬أن املعطيات اللغوية واألنثروبولوجية اليت توفرها اجلزيرة تعكس احلقائق اليت‬
‫أوردهتا املصادر الكالسيكية‪ .‬كما تؤكد املصادر العربية‪ ،‬ذات األصل البيزنطي يف أغلبها‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪La Sardaigne libyco-berbère dans les sources gréco-latines et arabes.‬‬

‫‪10‬‬
‫وجود لغة ليبية‪-‬بربرية (‪ )libyco-berbère‬يف جزيرة سردينيا‪ .‬كما انقش املقال العالقة بني‬
‫االسم العريب‪ :‬بربر (‪ )Barbar‬واالسم البيزنطي‪ )Barbarikinoi( :‬يف اجلزيرة‪.‬‬
‫ـمازغي"‪ ،2‬فقد‬ ‫وتطور أدبيات لْ ْ‬
‫أما مقال أبو القاسم اخلطري يف موضوع "اتمگروت ّ‬
‫ـمازغي" وعالقته ابلزوااي‪ ،‬من‬ ‫تناول فيه األدب الديين املكتوب بتشلحيت‪ ،‬واملسمى "لْ ْ‬
‫خالل منوذج احممد أو علي أوزال‪ ،‬املنحدر من األطلس الصغري األوسط‪ ،‬يف سياق نفيه‬
‫القسري إىل زاوية متگروت بداية القرن الثامن عشر‪ .‬وقد أتى املقال مبحاولة إعادة بناء‬
‫السياقات التارخيية واالجتماعية لظهور وتطور األدب املكتوب ابألمازيغية وعرض مساته‬
‫الرئيسية‪ ،‬وإبراز كيف استخدمت الزوااي هذا التقليد يف جهود التوعية والتعبئة‪ .‬وتشكل‬
‫جتربة زاوية متگروت يف عالقتها إبنتاج أوزال حجة رئيسية لفهم شروط االستمرارية التارخيية‬
‫للكتابة األمازيغية قبل عصر احلماية الفرنسية ابملغرب‪.‬‬
‫وفضال عن املقاالت‪ ،‬يتضمن امللف املوضوعايت‪ ،‬حواراً ابللغة العربية مع حممد‬
‫أكوانض‪ ،‬حتدث فيه عن اإلرهاصات األوىل للكتابة والتأليف عند األمازيغ؛ وكذا املعامل‬
‫الكربى لتجربته الشخصية يف الكتابة ابللغة األمازيغية يف املرحلة املعاصرة‪ ،‬ويف اجملال‬
‫األمازيغي السوسي حتديداً‪ .‬كما تناول يف حديثه احليثيات املعرفية لنشأة رابطة الكتاب‬
‫مؤسسيها‪ ،‬مث آفاقها املستقبلية يف ضوء املكتسبات املتحققة والرهاانت‬ ‫ترياّ‪ ،‬بوصفه من ّ‬
‫املطروحة‪.‬‬
‫وابمللف كذلك حوار ابللغة الفرنسية مع الباحث‪-‬الناشر رمضان عشاب‪ ،‬متحور حول‬
‫عدة قضااي ذات الصلة مبجال نشر األعمال والدراسات اليت تتناول جوانب أو أبعاد من‬
‫الثقافة األمازيغية‪ ،‬ومنها جتربته يف إحداث دار النشر‪-‬عشاب بتيزي وزو ابجلزائر‬
‫(‪ ،)Editions Achab‬سنة ‪ ،2009‬وكذا الدوافع اليت كانت خلف هذا املشروع‪ ،‬مث نوعية‬
‫الكتب اليت تنشرها الدار‪ .‬كما حتدث عن اخليارات اليت حتكم سياسة نشر الكتاب‬
‫األمازيغي وتوزيعه‪ .‬وخلص يف األخري إىل تقييم شامل حلصيلة نشر الكتاب األمازيغي‬
‫بشكل عام‪ ،‬والقيمة املضافة لدار النشر‪ -‬عشاب‪.‬‬
‫أما ابب "متنوعات"‪ ،‬فشمل مقالني‪ ،‬أحدمها ابللغة العربية‪ ،‬واآلخر ابللغة ابإلجنليزية‪.‬‬
‫يف املقال األول‪ ،‬استعرض منعم بوعمالت أهم مرتكزات "السياسة الرببرية" يف املغرب أثناء‬
‫احل ماية الفرنسية؛ تلك السياسة اليت متثلت وظيفتها األساسية يف االخرتاق الثقايف‪،‬‬
‫واالستقطاب العرقي‪ ،‬واصطناع التفرقة بني مكوانت اجملتمع املغريب‪ .‬كما أبرز املقال مكانة‬

‫‪2‬‬
‫‪Tamegrout et le développement de la tradition de lmazghi.‬‬

‫‪11‬‬
‫هذه السياسة يف الفكر الفرنسي‪ ،‬عرب مناقشة بعض الكتاابت االستعمارية املتصلة‬
‫يسوغ إعمال‬‫ابملوضوع‪ ،‬مع مقاربة اجلهاز املفاهيمي املهيكل "للسياسة الرببرية"‪ ،‬والذي ّ‬
‫هذه السياسة يف اجملتمع القبلي بشكل خاص‪.‬‬
‫الموراي يف األمازيغية‪:‬‬
‫مقاله "احلركة املختلسة ابعتبارها صائتا ْ‬ ‫وانقش كرمي بنسكاس يف‬
‫مقاربة يف إطار نظرية األمثلية"‪ 3‬غياب املقاطع املفتوحة اليت تقف على صائت خمتلس يف‬
‫متازيغت واتريفيت‪ ،‬واقرتح كتفسري لذلك وجود قيد مينع ربط هذا الصائت بوقع أو مورة‪،‬‬
‫مسجال أن هذا القيد يلعب دوراً كبرياً يف ْحنو الوجهني اللهجيني املعنيني ابلبحث‪ ،‬وهو ما‬‫ِّ‬
‫ّ‬
‫نتجت عنه ظواهر صواتية ومورفو‪-‬صوتية خمتلفة؛ ففضال على عدم اللجوء إىل إقحام‬
‫يؤدي أي دور يف وزن املقاطع‬ ‫الصائت املختلس يف ظاهرة الزايدة‪ ،‬فإن هذا الصائت ال ّ‬
‫املغلقة‪ ،‬كما أنه ال يس ّد مورة فارغة يف حالة التمديد التعويضي‪.‬‬
‫ويتضمن ابب العروض نصاً ابللغة الفرنسية حملمد أغايل زاكارا‪ ،‬حول كتاب‪L’histoire du :‬‬
‫‪ Niger‬لكارل براس )‪ (Karl Prasse‬وحممد غبدوان )‪.(Ghabdouane Mohamed‬‬
‫ومشل ابب ملخصات الرسائل واألطروحات‪ ،‬تعريفاً أبطروحة مبارك أابعزي‪ ،‬عنواهنا‪:‬‬
‫مظاهر الشعرية يف شعر علي صدقي أزايكو (التناص‪ ،‬االنزايح‪ ،‬االنسجام)‪ ،‬نوقشت‬
‫بتاريخ ‪ 10‬يوليوز ‪ ،2021‬بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة ابن زهر‪ ،‬أكادير‪.‬‬
‫ويف األخري‪ ،‬يسعد إدارة جملة أسيناگ وهيئة حتريرها أن تتقدم بوافر الشكر لكل من‬
‫ساهم يف إعداد هذا العدد‪ ،‬قراءةً وتقييماً ملواده‪ :‬احلسني اجملاهد‪ ،‬ومجال أبرنوص‪ ،‬وفؤاد‬
‫أمني‪ ،‬وإبراهيم حباز‪ ،‬وحيىي ولد الرباء‪،‬‬
‫أزروال‪ ،‬وحممد أديوان‪ ،‬وحممد أقضاض‪ ،‬وحمم ّدو ّ‬
‫وإبراهيم القادري بوتشيش‪ ،‬وعبد العزيز بودالل‪ ،‬وحممد بوكبوط‪ ،‬وفايزة البوكيلي‪ ،‬والبشري‬
‫التهايل‪ ،‬وحسن علوي حافظي‪ ،‬ومليكة الزاهدي‪ ،‬وحسن الطالب‪ ،‬وعبد هللا فداح‪ ،‬وخالد‬
‫عنسار‪ ،‬وانتصار الصفاقسي‪ ،‬وعبد العزيز الطاهري‪ ،‬وعلي بن الطالب‪ ،‬وكارليس مورسيا‪،‬‬
‫وأمحد مصلح‪ ،‬وحممد املغراوي‪ ،‬ومصطفى نشاط‪ ،‬ومبارك ونعيم‪.‬‬

‫أسيناگ ‪ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ -‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account.‬‬

‫‪12‬‬
‫ملف العدد‬
‫الك ابة والتأليف ابللغة المازيغية وحولها‬
28 - 15 ‫ ص‬،2021 ،‫عشر‬ ‫ العدد السادس‬،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‫جملة أسيناگ‬

‫أصول األمازيغ وانتشارهم يف الغرب اإلسالمي‬


‫من خالل ثالثة نصوص مغربية وسيطية‬
‫حممد يعلى‬
‫ احملمدية‬،‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬
La présente contribution porte sur trois manuscrits de l’époque médiévale, à
savoir « al-Ansab » de Saleh bin Abdu el-Halim al-Aylani, « Mafākhi al-
barbar » (auteur anonyme) et « Chawahid al-Jilla » d’Ibn al-Arabi. Traitant
principalement de l’histoire sociale de l’Occident musulman, ces manuscrits
s’intéressent à la problématique du peuplement du nord de l’Afrique par les
Amazighes (Brbères) et à la recherche sur leurs origines, leurs tribus et
leurs déplacements. Aussi cet article s’articule-t-il autour de trois axes
principaux : 1) Sources d’information relatives aux habitants et à la
structure humaine des Amazighes, 2) Origine ethnique et géographique des
Amazighes, 3) Mouvement et expansion de certaines de leurs tribus.

Mots clés : Amazighes – origines et propagation – manuscrits médiévaux –


Moyen Age

This paper accommodates the origin of Amazigh people and their movement
and spread through the Islamic West in three medieval Moroccan
manuscripts: "Al-Ansab" by Saleh bin Abdul Halim Al-Aylani, and
"Mafaakhir al barbar" by an unknown Moroccan author, both from the 8th
century of the Hegira / 14th century AD, and "Shawahid Al-Jilla" by Ibn al-
Arabi (6th century of the Hegira / 12th century AD). The study focuses on
three points. The first concerns the writers’ resources relating to Amazigh
demography. The second deals with the ethnic and geographical origin of
the Amazigh populations, while the third provides information on the
movement and expansion of certain tribes.

Key words : Amazigh – origins and propagation – medieval manuscripts –


Middle Ages

15
‫حممد يعلى‬

‫مقدمة‬
‫يضم اجملموع املخطوط‪ ،‬الذي آثران االشتغال عليه هنا‪ ،‬ورقمه‪ :‬ك ‪ 11275‬ثالثة نصوص‬
‫خمتلفة تتناول يف جمملها اتريخ عدة قضااي‪ ،‬يغلب عليها موضوع التاريخ االجتماعي للغرب‬
‫اإلسالمي‪ .‬فقد تناول إشكالية تعمري مشال إفريقيا بسكاهنا األمازيغ (الرببر) وحبث أصوهلم‬
‫كون العمود الفقري األكثر حضوراً‪ ،‬خصوصاً ابلنسبة‬ ‫وقبائلهم وتنقالهتم‪ .‬وهو موضوع َّ‬
‫للكتابني األولني من هذا اجملموع ومها‪ :‬كتاب "األنساب" لصاحل بن عبد احلليم األيالين‪،‬‬
‫وكتاب "مفاخر الرببر" ملؤلف مغريب ما زال غري معروف‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن هذا اجملموع يطرح يف مضمونه االجتماعي إشكالية معقدة جتعل‬
‫تناول حتقيق أصول السكان األمازيغ يف املشرق واملغرب‪ ،‬وتتبع منازهلم وانتشارهم بكيفية‬
‫دقيقة يف جمال الغرب اإلسالمي مشروعا مازال عزيز املنال‪ ،‬رغم ما أجنز عنه من مقارابت‬
‫جادة يف حقول التاريخ واألركيولوجيا واألنثروبولوجيا والسوسيولوجيا واللسانيات‪ ،‬وأخريا علم‬
‫الوراثة‪ . 2‬لذا سأقف هنا عند رصد ما اكتنـزه هذا الكتاب اجملموع من مادة اجتماعية من‬
‫خالل الرتكيز على ثالثة حماور رئيسية‪ ،‬يتعلق أوهلا مبصادر املعلومات املتعلقة ابلسكان والبنية‬
‫البشرية لألمازيغ‪ ،‬واثنيها جبذورهم العرقية واجلغرافية‪ ،‬واثلثها حبركة بعض قبائلهم وانتشارها‪.‬‬

‫‪ -1‬حمفوظ يف املكتبة الوطنية للملكة املغربية ابلرابط‪ ،‬حتت عنوان "كتاب األنساب أليب حيان"‪ .‬وهو يضم ثالثة كتب‪:‬‬
‫"األنساب" البن عبد احلليم (ق‪8.‬ه‪14/‬م)‪ ،‬و"مفاخر الرببر" ملؤلف جمهول (ق‪8.‬ه‪14/‬م)‪ ،‬و"شواهد اجللة" البن العريب‬
‫(ق‪6 .‬ه‪12/‬م)‪ .‬وقد أجنز كاتب هذا املقال دراسةً وحتقيقاً لكل هذا اجملموع املخطوط‪ .‬وش ّكل العمل أطروحة انل هبا‬
‫نسي (‪ )Complutense‬يف مدريد عام ‪ .1993‬وقد نشرها اجمللس األعلى لألحباث‬ ‫دكتوراه الدولة من جامعة ُكومبلوتِّ ِّ‬
‫العلمية (‪ )C.S.I.C.‬والوكالة اإلسبانية للتعاون الدويل (‪ ،)A.E.C.I.‬ضمن سلسلة "املصادر األندلسية" (‪Arabico-‬‬
‫‪ )Hispanas Fuentes‬عدد ‪ ،20‬يف مدريد سنة ‪ .1996‬كما اهتم قبلي هبذا اجملموع‪ ،‬وبكيفية قطاعية‪ ،‬مجاعة من خرية‬
‫األساتذة الباحثني والباحثات ‪-‬أوربيني‪ ،‬ومشارقة‪ ،‬ومغاربة‪ -‬استفدت من أعماهلم‪ ،‬ويف مقدمتهم األستاذ إفاريست ليفي‬
‫بروفنصال‪.‬‬
‫‪ -2‬أنظر على سبيل املثال‪:‬‬
‫‪Shatzmiller, Maya".Le mythe d’origine berbère: aspects historiographiques et sociaux", in :‬‬
‫‪Revue de l’Occident Musulman et de la Méditerranée, 35, 1983, pp. 145-156; Camps,‬‬
‫‪Gabriel, "L’ origine des Berbères", in : Encyclopédie berbère, Aix-En-Provence, 2, 1984, pp.‬‬
‫‪14-26; Helena de Felipe, "Leyendas árabes sobre el origin de los Beréberes", in : AL-Qantara‬‬
‫‪(Madrid),vol.11, fasc. 2, 1990,pp.379-395.‬‬
‫العرابوي‪ ،‬حممد املختار‪ ،‬الرببر عرب قدامى‪ ،‬منشورات اجمللس القومي للثقافة العربية‪ ،‬ط‪ ،1.‬روما‪.1993 ،‬‬

‫‪16‬‬
‫أصول األمازيغ وانتشارهم يف الغرب اإلسالمي من خالل ثالثة نصوص مغربية وسيطية‬

‫أوال ‪ -‬مصادر كتب اجملموع‬


‫استقى هذا اجملموع املخطوط املعلومات املتعلقة ابلسكان والبنية البشرية من مصادر‬
‫إسالمية متـنوعة‪ ،‬ميكن أن منيز فيها بني عدة مستوايت‪ .‬فقد وقف على مصادر مدونة‬
‫وأخرى شفوية‪ .‬واستعمل من املصادر املدونة النصوص املشرقية واألندلسية واملغاربية‪ ،‬وأخذ‬
‫فيها عن املفسرين واحملدثني والنسابة واجلغرافيني والرحالة‪ .‬وكان عادة ما يشري يف منهج‬
‫إحاالته إىل املؤلف وعنوان كتابه‪ ،‬لكنه يف بعض احلاالت ذكر فقط اسم املؤلف دون كتابه‬
‫أو العكس‪ ،‬ويف حاالت أخرى‪ ،‬كان يكتفي إبسناد روايته إىل لفظ "املؤرخني" مع عدم‬
‫حتديد أمسائهم‪.‬‬

‫مصادره املدونة‬ ‫‪.1‬‬

‫أورد يف عرض مصادره املشرقية أمساء بعض الفقهاء من التابعني مثل سعيد بن املسيب‪،3‬‬
‫وقتادة‪ ،4‬وعددا من املؤرخني الكبار‪ ،‬مثل البالذري‪ ،5‬والطربي‪ ،6‬واملسعودي‪ .7‬واحتوت‬
‫مصادره األندلسية على أعالم يف ميدان التفسري واألخبار‪ ،‬مثل مكي بن أيب طالب‪،8‬‬
‫والسهيلي‪ .9‬وعلى فقهاء نسابة كابن حزم‪ ،10‬وابن عبد الرب‪ .11‬وأيضا على جغرافيني من‬
‫أصحاب املسالك مثل البكري‪ ،12‬واإلدريسي‪.13‬‬

‫‪ -3‬سعيد بن املسيب املخزومي القرشي (ت‪ :)713 /64 .‬فقيه‪ ،‬حمدث‪ ،‬زاهد‪ ،‬وسيد التابعني‪ .‬الزركلي‪ :‬األعالم‪ ،‬ط‪،7 .‬‬
‫‪ 102 /3 ،1986‬؛ نقل املخطوط روايته من الطربي عن األصل البشري الثالثي الذي ظهر بعد الطوفان‪.‬‬
‫‪ -4‬قتادة بن دعامة السدوسي البصري‪ ،‬أبو اخلطاب (ت‪ :)736 /118 .‬حافظ‪ ،‬حمدث‪ ،‬لغوي‪ ،‬ونسابة‪ .‬الزركلي‪ ،‬نفس‬
‫املرجع‪189 /5 ،‬؛ روى عنه املخطوط نظرية توزيع ذرية أبناء نوح الثالثة على املعمور من األرض‪.‬‬
‫‪ -5‬أمحد بن حيىي البالذري‪ ،‬أبو العباس ( ت‪ : )892 /279 .‬مؤرخ‪ ،‬جغرايف‪ ،‬ونسابة‪ ،‬الزركلي‪ ،‬نفس املرجع‪267 / 1 ،‬؛‬
‫استعمل املخطوط كتابه "فتوح البدان" وروى رأيه يف موضوع األصل العرقي لألمازيغ‪.‬‬
‫‪ -6‬حممد بن جرير الطربي‪ ،‬أبو جعفر (ت‪ :)923 /310 .‬مفسر‪ ،‬ومؤرخ‪ ،‬الزركلي‪ ،‬نفس املرجع‪69 /6 ،‬؛ نقل املخطوط‬
‫من كتابه "اتريخ األمم وامللوك" روايته عن أصل األمايغ ونسب بعض قبائلهم‪.‬‬
‫‪ -7‬علي بن احلسني املسعودي‪ ،‬أبو احلسن (ت‪ :)957 /346 .‬مؤرخ ورحالة‪ ،‬الزركلي‪ ،‬نفس املرجع‪277 /4 ،‬؛ روى عنه‬
‫املخطوط خرب منط حياة البداوة لبعض القبائل األمازيغية‪.‬‬
‫‪ -8‬مكي بن أيب طالب القريواين األندلسي (ت‪ :)957 /437 .‬عامل ابلتفسري والعربية‪ ،‬الزركلي‪ ،‬نفس املرجع‪286 /7 ،‬؛‬
‫استقى منه املخطوط روايته عن أصل البشر‪.‬‬
‫‪ -9‬عبد الرمحان بن عبد هللا السهيلي‪ ،‬أبو القاسم (ت‪ :)1185 / 581 .‬مفسر‪ ،‬حمدث‪ ،‬نسابة‪ ،‬ومؤرخ‪ .‬الزركلي‪ ،‬نفس‬
‫املصدر‪313 /3 ،‬؛ نقل املخطوط من كتابه "التعريف واإلعالم فيما أهبم يف القرآن من األمساء واألعالم" معلومات ختص‬
‫أصل األمازيغ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫حممد يعلى‬

‫ومتتاز مصادره املغاربية عن سابقتيها‪ ،‬وخصوصا املنسوبة إىل املغرب األقصى‪ ،‬ابنقسامها‬
‫من انحية النوعية إىل صنفني ‪ :‬مصادر مدونة‪ ،‬كان جل أصحاهبا من النسابة‪ ،‬ال نعرف‬
‫عنهم شيئا‪ ،‬ومازالت مصنفات بعضهم مل تصل إلينا كاملة‪ ،‬وهم ‪ :‬هانئ بن يكون‬
‫الضريسي‪ ،14‬والوراق‪ ،15‬وابن محادوه الربنسي‪ ،16‬وابن محادوه الصنهاجي‪ ،17‬وابن القطان‪،18‬‬
‫وابن أيب اجملد املغيلي‪ ،19‬وحممد بن مسعود املراكشي‪ .20‬ومصادر شفوية رمبا كانت معاصرة‪.‬‬

‫‪ -10‬علي بن أمحد ابن حزم‪ ،‬أبو حممد (ت‪ :)1064 / 456 .‬عامل أندلسي يف الفقه الظاهري والفلسفة واألنساب والتاريخ‪.‬‬
‫الزركلي‪ ،‬نفس املرجع‪254 / 4 ،‬؛ نقل املخطوط من كتابه "مجهرة أنساب العرب"‪ ،‬دون أن يذكره‪ ،‬رأيه اخلاص عن أصل‬
‫األمازيغ‪ ،‬وبيواتت بعض قبائلهم يف األندلس‪.‬‬
‫‪ -11‬يوسف بن عبد هللا ابن عبد الرب النمري األندلسي‪ ،‬أبو عمر (ت‪ :)1071 /463 .‬حافظ املغرب وعامل ابلتفسري‪،‬‬
‫واحلديث‪ ،‬واألنساب‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬الزركلي‪ ،‬نفس املرجع‪240 /8 ،‬؛ أخذ املخطوط من كتاب له يف " األنساب " ما رواه عن‬
‫أصل األمازيغ ومنازل بعض قبائلهم‪.‬‬
‫‪ -12‬عبد هللا بن عبد العزيز البكري‪ ،‬أبو عبيد (‪ :)1094 /487‬جغرايف ولغوي أندلسي معروف‪ ،‬الزركلي‪ ،‬نفس املصدر‪،‬‬
‫‪9/4‬؛ روى املخطوط عن كتابه " املسالك واملمـالك " أخبار أصل األمازيغ وانتقاهلم إىل بالد املغرب‪.‬‬
‫‪ -13‬حممد بن حممد اإلدريسي‪ ،‬أبو عبد هللا‪ ،‬املشهور ابلشريف اإلدريسي (ت‪ :)1165 /560 .‬من كبار اجلغرافيني الرحالة‬
‫املغاربة‪ ،‬الزركلي‪ ،‬نفس املرجع‪9 / 4 ،‬؛ استعمل املخطوط "كتاب رجار" وهو املشهور ابسم "نزهة املشتاق"‪ ،‬ونقل عنه‬
‫أخبار نسب جالوت ومنازل زانتة واسم بعض قبائلها‪.‬‬
‫‪ -14‬هانئ ابن يكون الضريسي‪ :‬من كبار النسابة األمازيغ‪ ،‬الذي ال نعرف عنه شيئا‪ ،‬كان كتابه‪ ،‬املفقود حاليا‪ ،‬متداوال يف‬
‫ق‪ ،14/8.‬روى املخطوط عنه نسب املصامدة وأقسامهم وتوزيع بعضهم يف املغرب األقصى‪ .‬انظر الناصري‪ ،‬حممد‪ :‬بني‬
‫املغرب وخراسان‪ ،‬مرقون ابخلزانة احلسنية رقم ‪.386-385 / 5 ،11018‬‬
‫‪ -15‬عبد امللك بن موسى الوراق‪ ،‬أبو مروان‪ :‬مؤرخ من أهل القرن الرابع للهجرة‪ /‬العاشر للميالد؛ استعمل املخطوط كتابه‪:‬‬
‫املقباس يف أخبار املغرب واألندلس وفاس‪ ،‬وروى عنه أخبار دخول األمازيغ إىل األندلس‪.‬‬
‫‪ -16‬حممد بن محادوه الربنسي السبيت‪ ،‬أبو عبد هللا (ق‪ :)12 / 6 .‬فقيه ومؤرخ‪ ،‬استقى املخطوط من كتابه ‪-‬الذي مازال يف‬
‫حكم املفقود إىل اليوم‪" -‬املقتبس من أخبار املغرب واألندلس" املعلومات اخلاصة أبصل األمازيغ واستقرارهم يف األندلس‪.‬‬
‫‪ -17‬علي بن محادوه الصنهاجي‪ ،‬أبو احلسن‪ :‬فقيه‪ ،‬قاضي‪ ،‬ومؤرخ‪ ،‬معلوماتنا عنه قليلة أورد بعضها هذا املخطوط‪ ،‬الذي‬
‫نقل من كتابه‪ :‬النبذ احملتاجة يف أخبار ملوك صنهاجة‪ ،‬انتساب صنهاجة لألصل العريب‪.‬‬
‫‪ -18‬حسن بن علي ابن القطان الكتامي املراكشي‪ ،‬أبو حممد (ق‪ :)13 / 7 .‬كان من بني كتاب الدولة املوحدية ومؤرخيها‪،‬‬
‫حممود علي مكي‪ ،‬مقدمة حتقيق كتاب "نظم اجلمان" البن القطان‪ ،‬ط‪ ،2 .‬بريوت‪ ،1990 ،‬ص ‪ ،39 – 26‬استفاد‬
‫املخطوط من كتابه املذكور يف موضوع توزيع املصامدة ابملغرب األقصى‪.‬‬
‫‪ -19‬حممد بن أيب اجملد املغيلي (ق‪5 .‬ه‪11 /‬م)‪ :‬نسابة كبري‪ ،‬فقيه وعالّمة جنهل عنه وعن مصنفه كل شيء‪ ،‬اقتبس‬
‫املخطوط من كتابه "أنساب الرببر وملوكهم" عدداً كثرياً من الرواايت اخلاصة بتقسيم األمازيغ إىل جذعني كبريين‪ ،‬وأبصلهم‬
‫اجلغرايف‪ ،‬وسبب نزوحهم من املشرق إىل املغرب‪ ،‬وأنساب مجاعة من قبائل البرت والربانس‪.‬‬
‫‪ -20‬كتب الف قيه املؤرخ حممد بن مسعود املراكشي‪ ،‬امللقب ابلشريف‪ ،‬إىل ابن عبد احلليم ‪-‬مؤلف أحد كتب املخطوط‪-‬‬
‫رسالة حول أنساب األمازيغ وما صح فيما اختلف فيه‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫أصول األمازيغ وانتشارهم يف الغرب اإلسالمي من خالل ثالثة نصوص مغربية وسيطية‬

‫مصادره الشفوية‬ ‫‪.2‬‬

‫التقط معظمها‪ ،‬بواسطة الراوية املباشرة‪ ،‬عن عدد غري قليل من النسابة األمازيغ‬
‫املصامدة‪ ،‬الذين كانوا ‪-‬على األرجح‪ -‬أحياء يف القرن الثامن اهلجري‪ /‬الرابع عشر امليالدي‪،‬‬
‫ومسع منهم أخبار أصول األمازيغ وأنساهبم‪ ،‬وهم ‪ :‬أبو إسحاق بن عبد النور احلريري الذي‬
‫روى عن أيب سعيد الكرتاري‪ ،‬وأبو فارس عبد العزيز بن وين اخلري‪ ،‬والشيخ أبو بكر بن‬
‫موسى‪ ،‬وحيىي بن يالرزك‪ ،‬وعيسى بن عبد اخلالق‪ ،‬ودينار بن عبد الرمحان‪ .21‬وابستثناء‬
‫األخبار اليت قدمها اجملموع املخطوط عن حياة بعضهم‪ ،‬فإننا مل نقف على ترمجة أي واحد‬
‫منهم‪.‬‬

‫اثنيا – اجلذور العرقية واجلغرافية لألمازيغ‬


‫يعترب هذا املوضوع واحدا من املضامني األساسية احلاضرة يف اجملموع املخطوط‪ .‬وميثل فيه‬
‫نقطة ارتكاز هامة‪ ،‬سلطت األضواء على جوانب أخرى من اهلوية االجتماعية املغاربية‪،‬‬
‫اخلاصة ابلشخصية األمازيغية‪ .‬فقد تناول اجلذور الرئيسية والفرعية جملتمع األمازيغ يف املشرق‬
‫واملغرب من الناحيتني العرقية واجلغرافية‪.‬‬

‫األصل العرقي‬ ‫‪.1‬‬

‫مهد اجملموع امل خطوط هلذه اإلشكالية بتغطية اترخيية اجتماعية‪ ،‬تضمنت ظهور الكائن‬
‫البشري‪ ،‬انطالقا من وجود آدم وأسرته‪ ،‬وما تاله من أنبياء إىل حني وقوع طوفان نوح –‬
‫عليه السالم– الذي أفىن البشرية‪ .‬مث أشار إىل أن أبناء نوح الثالثة –سام‪ ،‬وحام‪ ،‬وايفث–‬
‫هم أصل اجملتمع البشري اجلديد‪ ،‬وأن اجلذر العام لألمازيغ املشارقة يرجع إىل حام بن نوح‪.22‬‬
‫غري أنه لفت نظر القارئ إىل وجود خالف حول حتديد مسألة هذا األصل العرقي لألمازيغ‬
‫يف إطار انتمائهم للمجتمع املشرقي‪ ،‬ونبه إىل تعدد جذورهم األوىل حسب آراء خمتلفة‪ ،‬كل‬
‫رأي منها نسبه إىل واحد من األشخاص اآلتية أمساؤهم دون اآلخر‪ .‬وهم‪ :‬جالوت‪ ،23‬وقبط‬
‫‪ -21‬مل نعثر يف املظان على ما ميدان برتاجم هؤالء الرجال الذين نقل عنهم املخطوط رواايهتم الشفوية اخلاصة أبنساب‬
‫وأخبار بعض قبائل املصامدة‪ .‬وال تتجاوز معرفتنا هبم ما نستنتجه من نص املخطوط‪ ،‬الذي نفهم منه أن اتصاله مبصادره‬
‫الشفوية مت‪ ،‬على األرجح‪ ،‬يف مدينيت نفيس ومراكش وحوزمها؛ انظر اجملموع املخطوط ك ‪ ،1275‬أوراق ‪.27 ،26 ،25‬‬
‫‪ -22‬املخطوط نفسه‪.18 ،‬‬
‫‪ -23‬نفسه‪.152 ،18 ،‬‬

‫‪19‬‬
‫حممد يعلى‬

‫بن حام بن نوح‪ ،24‬وكوش بن كنعان بن حام‪ ،25‬وكنعان من العماليق‪ ،26‬والعمالقة‪ ،27‬وإفريق‬
‫بن إبراهيم‪ ،28‬ونقشان بن إبراهيم‪ ،29‬وإفريقش بن قيس‪ ،30‬والنعمان بن سبإ احلمريي‬
‫اليمين‪.31‬‬
‫تكون من جمموعتـني كبريتني مها‬
‫األمازيغ يف الغرب اإلسالمي ّ‬ ‫أشار إىل أن جمتمع‬
‫"الربانس" و"البرت" يف رأي ‪ ،‬و"برنوس" و"قيس عيالن" يف رأي آخر ‪ .‬وقد تناسلت من‬
‫‪33‬‬ ‫‪32‬‬

‫وضح قضية‬‫كل صنف منهما شعوب‪ ،‬وقبائل‪ ،‬وبطون‪ ،‬وأفخاذ‪ ،‬وعمائر ال حتصى ‪ .‬كما ّ‬
‫‪34‬‬

‫دقيقة على جانب كبري من األمهية‪ ،‬كانت إىل وقت قريب حمط نقاش‪ ،‬تتعلق بلفظ التسمية‪،‬‬
‫حيث ذكر أن االسم الذي أطلقوه على أنفسهم هو‪" :‬بنو مازيغ"‪ .35‬وورد اسم "مازيغ" ‪-‬‬
‫جدهم األعلى‪ -‬يف مواضع متفرقة‪ .36‬أما لفظ "الرببر" فيعترب أنه اسم أطلقه عليهم "إفريقس‬
‫بن قيس"‪ ،‬الذي غزا بـهم إفريقية‪ ،37‬مث استعمله العرب لنفس الغرض‪ ،‬وله يف كل حالة معىن‬
‫خاصا‪.38‬‬
‫ميكن تصنيف مادة اجلذور الفرعية لألمازيغ يف الغرب اإلسالمي‪ ،‬الواردة يف اجملموع‬
‫املخطوط إىل صنفني‪ :‬أنساب خاصة ابألفراد وأخرى تتعلق ابجلماعات‪.‬‬
‫وبـاإلمكان أيضا حصر أنساب األفراد يف أربع فئات تناولت‪:‬‬

‫‪ -24‬املخطوط نفسه‪.152 ،110 ،20 ،‬‬


‫‪ -25‬نفسه‪.8 ،‬‬
‫‪ -26‬نفسه‪.111 ،23 ،19 ،13 ،‬‬
‫‪ -27‬نفسه‪.23 ،19 ،‬‬
‫‪ -28‬نفسه‪.19 ،‬‬
‫‪ -29‬نفسه‪.20 ،‬‬
‫‪ -30‬نفسه‪.20 ،‬‬
‫‪ -31‬نفسه‪.153 – 152 ،‬‬
‫‪ -32‬نفسه‪.94 ،‬‬
‫‪ -33‬نفسه‪.98 ،‬‬
‫‪ -34‬نفسه‪.100 – 99 ،94 ،‬‬
‫‪ -35‬نفسه‪.104 ،‬‬
‫‪ -36‬نفسه‪.99 ،94 ،24 ،‬‬
‫‪ -37‬نفسه‪.111 ،17 ،‬‬
‫‪ -38‬نفسه‪.104 ،35 ،‬‬

‫‪20‬‬
‫أصول األمازيغ وانتشارهم يف الغرب اإلسالمي من خالل ثالثة نصوص مغربية وسيطية‬

‫أنساب بعض قدماء ملوك األمازيغ يف املشرق‪ ،‬اقتصرت اإلشارة إليهم على ذكر أمساء‬ ‫‪.1‬‬
‫حمدودة العدد مثل جالوت‪ ،39‬والنمرود‪.40‬‬
‫األولني لبعض املشهور من القبائل األمازيغية‪ ،‬وعددها –عكس الفئة‬
‫ّ‬ ‫أنساب األجداد‬ ‫‪.2‬‬
‫السابقة– كثري‪ ،‬مثل مصمود‪ 41‬جد قبائل مصمودة‪ ،‬وصنهاج أو أزانك‪ 42‬جد صنهاجة‪،‬‬
‫وزانتة أو جاانات‪ 43‬جد زانتة‪ ،‬وكتام‪ 44‬جد كتامة‪.‬‬
‫أنساب األفراد وهم أكثر عددا‪ .‬فيهم األعالم املغاربيني املشهورين يف ميادين احلرب‬ ‫‪.3‬‬
‫واحلكم‪ ،‬والفقه‪ ،‬واألنساب وغريها‪ ،‬مثل كسيلة‪ ،45‬والكاهنة داهية‪ ،46‬وطارق بن‬
‫زايد‪ ،47‬وزيري بن عطية‪ ،48‬ومحاد بن بلقني بن زيري بن مناد‪ ،49‬وكهالن بن أيب لوا‬
‫املطماطي‪ ،‬وسابق بن سليمان املطماطي‪ .50‬وفيهم أنساب األمازيغ األندلسيني مثل‬
‫عبد هللا بن بلقني‪ ،51‬وإمساعيل بن ذي النون‪ ،52‬وحيىي بن حيىي الليثي‪ ،53‬ومنذر بن‬
‫سعيد البلوطي‪.54‬‬
‫أنساب رجعت ببعض األمازيغ إىل أصول عربية‪ ،‬مثل أمري املسلمني يوسف بن اتشفني‬ ‫‪.4‬‬
‫اللمتوين‪ ،55‬واخلليفة املوحدي عبد املومن‪ .56‬وأدرجت آخرين ضمن النسب الشريف‪،‬‬
‫‪ -39‬املخطوط نفسه‪.108 ،22 ،‬‬
‫‪ -40‬نفسه‪.18 ،‬‬
‫‪ -41‬نفسه‪.99 ،23 ،‬‬
‫‪ -42‬نفسه‪.96 ،86 ،‬‬
‫‪ -43‬نفسه‪.108 ،‬‬
‫‪ -44‬نفسه‪.86 ،‬‬
‫‪ -45‬نفسه‪.110 ،‬‬
‫‪ -46‬نفسه‪.94 ،‬‬
‫‪ -47‬نفسه‪.21 ،‬‬
‫‪ -48‬نفسه‪.83 ،‬‬
‫‪ -49‬نفسه‪.78 ،‬‬
‫‪ -50‬نفسه‪.21 ،‬‬
‫‪ -51‬نفسه‪.86 ،‬‬
‫‪ -52‬نفسه‪.15 ،‬‬
‫‪ -53‬نفسه‪.91 ،‬‬
‫‪ -54‬نفسه‪.92 ،‬‬
‫‪ -55‬نفسه‪.127،‬‬

‫‪21‬‬
‫حممد يعلى‬

‫مثل إسناد نسب املهدي بن تومرت إىل علي بن أيب طالب‪ 57‬أسوة ابلشريفني العلويني‬
‫إدريس األول مؤسس الدولة اإلدريسية وأخيه سليمان‪.58‬‬
‫وتتعلق أنساب اجلماعات أبصول القبائل واألفخاذ والبيواتت‪ ،‬سواء منها اليت كانت‬
‫مستقرة يف بالد املغرب أو تلك اليت هاجرت منها حنو األندلس كاملصامدة‪ ،59‬وزانتة‪،60‬‬
‫تنسب بعض‬ ‫وصنهاجة‪ .61‬وكما سبق يف نسب األفراد‪ ،‬وردت يف الكتاب املخطوط رواايت ِّ‬
‫اجلماعات األمازيغية اىل األصل العريب‪ ،‬مثل أوالد أيالن املصامدة‪ ،‬وبين خطاب‪ ،‬وجناتة‪،‬‬
‫وصنهاجة‪.62‬‬

‫األصـل اجلغرافـي واالنتقال اىل املـغرب‬ ‫‪.2‬‬

‫لفت املخطوط نظر القارئ‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬إىل تباين الرواايت حول حتديد املهد األول‬
‫لألمازيغ يف املشرق –تبعا الختالف اجلد األعلى الذي ينتمون إليه– مابني مثلث "اجلودي"‬
‫يف العراق‪" ،‬وفلسطني" ابلشام‪ ،‬و"اليمن" يف جنوب بالد العرب‪ .63‬كما يظهر االختالف‬
‫أيضا يف حتديد نوعية األسباب اليت كانت وراء هجرهتم من املشرق حنو املغرب‪ .‬فهو يروي‬
‫عن دوافع استبدال األمازيغ جملتمعهم املشرقي مبجتمعهم املغريب عدة نظرايت‪:‬‬
‫أوهلا تقول إن أبناء نوح الثالثة تفرقوا بعد "الطوفان"‪ ،‬فتوجه األمازيغ إىل املغرب‪.64‬‬
‫وتذهب اثنيها إىل أهنم رحلوا إىل املغرب عقب انتصار سام بن نوح وأوالده على أخيه حام‬
‫وأوالده‪ ،‬يف خضم النزاع املسلح بينهما على فلسطني‪ .65‬وترى اثلثها أهنم رحلوا بعد ما قـتل‬
‫داود ملكهم جالوت بفلسطني على قول‪ .66‬ويف قول آخر‪ ،‬إهنم تشتتوا يف البالد‪ ،‬فجمعهم‬ ‫ُ‬
‫‪ -56‬نفسه‪.123،‬‬
‫‪ -57‬نفسه‪.117 ،‬‬
‫‪ -58‬نفسه‪.113 ،‬‬
‫‪ -59‬نفسه‪.97 ،95 ،28 ،27 ،26 ،24 ،23 ،‬‬
‫‪ -60‬نفسه‪.107 ،85 ،84 ،82 ،22 ،21 ،20 ،‬‬
‫‪ -61‬نفسه‪.107 ،94 ،86 ،‬‬
‫‪ -62‬نفسه‪.100 ،97 ،94 ،24 ،22 ،‬‬
‫‪ -63‬نفسه‪.108 ،22 ،14 ،13 ،‬‬
‫‪ -64‬نفسه‪.111 ،110 ،‬‬
‫‪ -65‬نفسه‪.110 ،9 ،‬‬
‫‪ -66‬نفسه‪.111 ،20 ،16 ،15 ،‬‬

‫‪22‬‬
‫أصول األمازيغ وانتشارهم يف الغرب اإلسالمي من خالل ثالثة نصوص مغربية وسيطية‬

‫إفريقش من سواحل الشام ونقلهم اىل املغرب لغزوه‪ .67‬ومفاد رابعها أن أبناء نوح الثالثة‬
‫املذكورين قد استقروا ‪-‬بعد وفاة والدهم‪ -‬بناحية " اجلودي"‪ ،‬مث هاجر حام أبوالده إىل‬
‫الشام حيث حطوا الرحال بفلسطني‪ ،68‬وأن ملك مصر "الربدشري" أمر بتعمري "بالد الواح"‬
‫‪-‬الواحات الواقعة على امتداد الصحراء الغربية ملصر– ابملصريني‪ ،69‬فوفد األمازيغ بعد ذلك‬
‫على بالد النيل وبالد الواح‪ ،‬لكن ملكا مصراي آخر يدعى "أمشون" طردهم منها إىل‬
‫إفريقية‪.70‬‬
‫أشار اجملموع املخطوط إىل أن البالد اليت سكنها األمازيغ بشمال إفريقية متتد ما بني آخر‬
‫عمل مصر مما يلي اإلسكندرية والبحر احمليط (احمليط األطلنطي) والسودان‪ .71‬مث تناول‬
‫معضلة تعمري مشال إفريقية ابألمازيغ األوائل‪ ،‬بسرد رواايت خمتلفة أيضا‪ ،‬تقوم كلها على‬
‫أساس نظرية أصلهم املشرقي‪ ،‬وتذهب إىل أن استقرارهم يف وطنهم اجلديد قد حصل عقب‬
‫نزوح عدة موجات بشرية قدمية‪ ،‬انطلقت من املشرق حنو املغرب‪ ،‬ميكن إجيازها فيما يلي‪:‬‬
‫– هجرة املوجة البشرية األوىل ‪ :‬وقعت بعد الطوفان‪ ،‬حيث نزح حام وأوالده إىل‬
‫املغرب واستقروا أبصيال‪ ،‬وسكن أحد أبنائه بسبتة وآخر بسال‪.72‬‬
‫– هجرة املوجة الثانية ‪ :‬بعد ما قتل داود جالوت يف فلسطني‪ ،‬جلأت قبائل األمازيغ‬
‫إىل املغرب وعمرته‪ ،‬مثل أوْراب اليت سكنت مدينة "وْرب" بني طنجة وأصيال‪.73‬‬
‫– هجرة موجة الكنعانيني‪ :‬قادها كوش بن حام إىل املغرب األقصى‪.74‬‬
‫– هجرة موجة احلمرييني من اليمن ‪ :‬اختذت شكل جيش فاتح قاده "إفريقش" حنو‬
‫إفريقية‪ ،‬واملغرب األوسط‪ ،‬إىل طنجة‪.75‬‬

‫‪ -67‬نفسه ‪.111‬‬
‫‪ -68‬نفسه ‪.9 ،7‬‬
‫‪ -69‬نفسه ‪.17 ،16‬‬
‫‪ -70‬نفسه‪.‬‬
‫‪ -71‬نفسه‪.107 ،‬‬
‫‪ -72‬نفسه‪.22 ،18 ،9 ،8 ،‬‬
‫‪ -73‬نفسه‪.20 ،16 ،15 ،9 ،‬‬
‫‪ -74‬نفسه‪.8 ،2 ،‬‬
‫‪ -75‬نفسه‪.18 ،‬‬

‫‪23‬‬
‫حممد يعلى‬

‫تضمن اجملموع املخطوط كذلك بعض الرواايت اخلاصة هبجرة األمازيغ املسلمني من‬
‫املغرب حنو األندلس‪ ،‬نتيجة حلاجة هذه األخرية إىل قوهتم العسكرية من جهة‪ ،‬ولرغبتهم‬
‫االخنراط يف مسلسل اجلهاد "بدار احلرب" من جهة أخرى‪.‬‬
‫فقد انتقلت اجملموعة العسكرية األوىل إىل األندلس للمشاركة يف اجليش اإلسالمي‬
‫الفاتح‪ ،‬حتت قيادة طارق بن زايد‪ .‬ولبّت مجاعات اثنية أخرى دعوة اخلليفة احلكم األموي‪،‬‬
‫مث تلتها مجاعات اثلثة يف عهد احلاجب املنصور حممد ابن أيب عامر‪.76‬‬

‫اثلثا ‪ -‬انتشار األمازيـغ ابلغـرب اإلسـالمي‬


‫ش ْكل االستقرار‬ ‫‪.1‬‬

‫ميكن حصر شكل استقرار السكان األمازيغ يف نوعني‪ :‬منط احلياة ابلبادية‪ .‬وقد أشار إليه‬
‫اجملموع املخطوط‪ ،‬وحدد موطن استقرار بعض اجلماعات األمازيغية مثل زانتة‪ ،77‬وعيّـن‬
‫منازل غريها مع التعريف هبا‪ ،‬مثل املصامدة‪ ،‬ومغيلة‪ ،‬وصنهاجة‪ .78‬ومنط حياة آخر قام يف‬
‫وعرف هبا أيضا‪ ،‬مثل مدن طنجة‬ ‫احلاضرة‪ 79،‬ذكر عنه كتابنا أمساء عدد من احلواضر‪ّ ،‬‬
‫وأصيال ‪ .‬وكان أحياان يُظهر أمساء مؤسسي بعض املدن كقفصة‪ ،‬والقريوان‪ ،‬وفاس‪،‬‬
‫واتهرت‪ ،‬وجباية‪ ،‬واجلزائر‪ ،‬ومليانة‪ ،‬وقلعة بين محاد‪ .80‬ويبني أحياان أخرى اختالف سبب‬
‫تسمية اجلهات املأهولة ابلسكان‪ ،‬كإفريقية‪ ،‬وسبتة‪.81‬‬

‫توزيع السـكان‬ ‫‪.2‬‬

‫قدم اجملموع املخطوط وصفا عاما خلريطة توزيع السكان يف مشال إفريقيا‪ ،‬ورسم عليها‬
‫حدود جماالت عدة جتمعات سكانية من األمازيغ الوافدين من املشرق‪ .‬فذكر أن "بعضهم‬
‫نزل إبفريقية‪ ،‬وبعضهم جببل ْد ْر ْن‪ ،‬وبعضهم بدرعة‪ ،‬وبعضهم ابلسوس األقصى‪ .‬ونزل منهم‬
‫‪ -76‬املخطوط نفسه‪.83 ،82 ،77 ،71 ،‬‬
‫‪ -77‬نفسه‪.22 ،9 ،‬‬
‫‪ -78‬نفسه‪.107 ،17-16 ،‬‬
‫‪ -79‬نفسه‪.29 ،22 ،‬‬
‫‪ -80‬نفسه‪.110-109 ،86 ،83 ،18 ،‬‬
‫‪ -81‬نفسه‪.90 ،19 ،17 ،‬‬

‫‪24‬‬
‫أصول األمازيغ وانتشارهم يف الغرب اإلسالمي من خالل ثالثة نصوص مغربية وسيطية‬

‫سزطة‪ 82‬حتت اجلبل دون السوس إىل جانب البحر وهم احليحيون‪ ،‬ونزل ملطة عند جزول‬
‫كون جزولة (…)‪ ،‬ونزل أيالن أبغمات هيالنة‪ ،‬ونزل أجاان –أبو زانتة– بوادي شلف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫و‬
‫ونزل مصمود مبقربة طنجة‪ ،‬ونزل بنو ورجتني ومغراوة أبطراف إفريقية من جهة املغرب"‪.83‬‬
‫ونفه م من املعلومات اليت ساقها عن زانتة أن مركز استقرار هذه اجلماعة كان يف املغرب‬
‫األوسط‪ ،‬حيث انتشر هناك من قبائلها "بنو يفرن‪ ،‬ومطماطة‪ ،‬ومنيلة‪ ،‬وسدراتة‪ ،‬وبنو مغراوة‪،‬‬
‫وبنو راشد‪ ،‬وبنو مرين‪ ،‬وبنو نول"‪ .84‬وأن حدود منازهلا –أي زانتة– ابملغرب األوسط‬
‫كانت‪ ،‬حسب الرواية اليت استقاها من اجلغرايف اإلدريسي‪ ،‬ما بني اتهرت وتلمسان‪.85‬‬
‫وسيتسع جماهلا‪ ،‬كما سنرى‪ ،‬يف عصر ابن عبد احلليم (ق‪ )14/8 .‬مؤلف "كتاب األنساب"‪.‬‬
‫كما جند فيها أيضا‪ ،‬من قبائل زانتة وأفخاذها ابملغرب األقصى‪ ،‬عددا غري قليل‪ ،‬مثل مغيلة‪،‬‬
‫ومطغرة‪ ،‬وصدينة‪ ،‬وبين حسان‪ ،‬وفازاز‪ ،‬وبرغواطة بتامسنا‪.86‬‬
‫أما املصامدة فهم –حسب اجملموع املخطوط– من اجلماعات اليت دخلت املغرب‬
‫األقصى بعدد كثري‪ ،87‬وتوزعت يف "جبل ْد ْرن وحوله وببالد سوس وما يليه"‪ ،88‬وهي تتكون‬
‫من قبائل ال حتصى عددا‪" ،‬منها حاحة‪ ،‬رجراجة‪ ،‬وريكة‪ ،‬هزمرية‪ ،‬هسكورة‪ ،‬جذميوة‪،‬‬
‫كنفيسة‪ ،‬هزرجة‪ ،‬دكالة‪ ،‬هنتاتة‪ ،‬وبنو ماغوس"‪.89‬‬

‫حركـات السكــان‬ ‫‪.3‬‬

‫ضم اجملموع املخطوط مادة تناولت موضوع حركات السكان يف جمال الغرب اإلسالمي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫دون أن يـبني بكيفية دقيقة دوافعها‪ .‬وهي وإن وردت يف املخطوط قليلة‪ ،‬وهتم تنقل عدد‬
‫حمدود من اجلماعات األمازيغية‪ ،‬فإهنا ال ختلو من فائدة‪.‬‬

‫‪ -82‬كذا وردت يف املخطوط‪ ،‬ومل يُفهم القصد منها‪.‬‬


‫‪ -83‬نفسه‪.153 ،‬‬
‫‪ -84‬نفسه‪.96 ،22 ،‬‬
‫‪ -85‬نفسه‪.22 ،‬‬
‫‪ -86‬نفسه‪.98 ،95 ،94 ،‬‬
‫‪ -87‬نفسه‪.23 ،‬‬
‫‪ -88‬نفسه‪.99 ،‬‬
‫‪ -89‬نفسه‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫حممد يعلى‬

‫لقد أشار إىل تعدد جمال استقرار املصامدة يف املغرب األقصى واألندلس‪ ،‬مما ميكن اعتباره‬
‫قسم قبائلها إىل‬
‫أحد مظاهر حركات السكان‪ ،‬ومؤشرا أيضا على توزيعهم اجلغرايف اخلاص‪ .‬و ّ‬
‫ثالث جمموعات‪:‬‬
‫استقرت اجملموعة األوىل بشمال املغرب األقصى يف بالد غمارة‪ .‬ومشل جماهلا قصر‬
‫مصمودة‪ ،‬وسبتة‪ ،‬وتيطاويـن‪ ،‬وامتد إىل حدود طنجة‪ .‬وذكر أمساء قبائلها وأفخاذها‪ ،‬مثل بين‬
‫كرتات‪ ،‬وبين سكر‪ ،‬وبين مرزوق‪ ،‬وبين مسغرت‪ ،‬وبين معديد‪ ،‬وبين دغاغ‪ ،‬وكتامة‪.90‬‬
‫وعاشت اجملموعة الثانية يف حوز مراكش‪ .‬منها‪ :‬وريكة‪ ،‬وهزرجة‪ ،‬وهسكورة‪ ،‬وجالوة‪،‬‬
‫ودكـالة‪ ،‬ورجراجة‪ ،‬وحاحة‪.‬‬
‫وانتقلت اجملموعة الثالثة من جماهلا األصلي املغاريب إىل األندلس‪ ،‬ذكر منها بين سقبان‪،‬‬
‫وبين سامل‪.91‬‬
‫ويف ما خيص زنـاتة ‪-‬اليت أشران إىل حدود منازهلا آنفا‪ -‬فقد وسعت هذه اجلماعة جمال‬
‫استقرارها‪ ،‬انطالقا من املغرب األوسط يف اجتاه غريب‪ ،‬إىل مدينة فاس ابملغرب األقصى‪،‬‬
‫حسب رواية صاحل بن عبد احلليم األيالين‪ ،‬الذي قال عنهم‪" :‬وبنو زانتة‪ ،‬يسكنون فحوصا‬
‫ما بني اتهرت إىل فاس‪ ،‬وهم قوم رحالة‪ ،‬وأكثرهم فرسان يركبون اخليل‪ ،‬وهلم عادية ال‬
‫تؤمن"‪ .92‬ويدل هذا على عنصرين أساسيني مرتبطني بتحركات القبائل على العموم‪ ،‬ومبربر‬
‫تنقل زانتة وتوسيع جماهلا على اخلصوص‪ .‬ومها ينحصران هنا يف منط حياة البداوة والرتحل‬
‫كمحرك رئيسي لتلك القبائل الزانتية حنو املغرب األقصى‪ ،‬ويف آليات حتقيق انتقاهلا املتمثلة‬
‫يف قدرهتا القتالية العالية‪ ،‬اليت شكلت ‪-‬كما ذكران‪ -‬إحدى حمركات رحيل مجاعة زانتية‬
‫أخرى من بالد املغرب إىل األندلس‪ ،‬مثل بين برزال ‪-‬وهم فخد من زانتة من بين يفرن‪-‬‬
‫الذين كان جماهلم "ابلزاب األسفل من إفريقية"‪ ،‬وانتقل قسم منهم إىل األندلس بدعوة من‬
‫اخلليفة احلكم األموي (ق‪4.‬هـ‪10/‬م)‪ .93‬كما أورد الكتاب املخطوط رواية ابن حزم‬
‫(ق‪ ،)11/5.‬اليت تتعلق جبماعات وأسر أمازيغية استوطنت األندلس‪ ،‬بعد ما غادر أجدادها‬

‫‪ -90‬املخطوط نفسه‪.25 ،24 ،‬‬


‫‪ -91‬نفسه‪.28 ،‬‬
‫‪ -92‬نفسه‪.22 ،‬‬
‫‪ -93‬نفسه‪.82 ،‬‬

‫‪26‬‬
‫أصول األمازيغ وانتشارهم يف الغرب اإلسالمي من خالل ثالثة نصوص مغربية وسيطية‬

‫يف وقت سابق منازهلم األصلية ببالد املغرب‪ ،‬وهي تنتمي إىل زانتة وصنهاجة ومصمودة‬
‫وكتامة‪.94‬‬
‫وهناك مثاالن آخران حلركة السكان‪ ،‬أشار إليهما الكتاب‪:‬‬
‫وقف يف املثال األول عند وصف مجاعة مغيلة‪ ،‬اليت كان أكرب جمال استقرارها يقع يف‬
‫"جبال ونشريس من عمل اتهرت"‪ 95‬ابملغرب األوسط‪ .‬نزل قسم منها يف إفريقية‪ ،‬وقسم‬
‫آخر ابملغرب األقصى فيما يلي اتمسنا‪.96‬‬
‫وخص املثال الثاين حبركة مجاعة بين خطاب الذين تشتت فرق كثرية منهم يف املغرب‬
‫األقصى داخل جماالت قبائل أخرى‪ .‬فهو يذكر أن منازل بين خطاب هؤالء كانت "يف‬
‫صنهاجة‪،‬ويف هسكورة من ملزوزة‪ ،‬ويف ورغة من مكناسة ورغة‪ ،‬ويف غمارة من صنهاجة‬
‫الريف"‪.97‬‬

‫خـ ـ ـ ــاتـمـة‬
‫نستخلص مما سبق أن املادة االجتماعية األمازيغية اليت قدمها الكتاب املخطوط حول‬
‫أصول األمازيغ وانتشارهم يف جماله من وجهة النظر اإلسالمية‪ ،‬تتميز‪ ،‬من جهة‪ ،‬بقيمتها‬
‫التارخيية البالغة لتقدمها من الناحية الزمنية عن عمل ابن خلدون‪ ،‬وأيضاً ملا حلضورها‪ ،‬إىل‬
‫جانب غريها من املصادر‪ ،‬من أمهية يف إمكانية التعرف على جذور أحد املكوانت الرئيسية‬
‫هلويتنا املغاربية‪ ،‬والستكمال رسم معامل صورة اتريخ جمتمعنا يف هذه املنطقة احليوية الواسعة‬
‫من حوض البحر األبيض املتوسط‪ .‬وتتسم من جهة أخرى‪ ،‬من الناحية املنهجية‪ ،‬ابختالط‬
‫األسطورة ابحلقائق‪ ،‬وابختالف الرواايت واآلراء حول بعض حقائق اترخينا االجتماعي ما بني‬
‫الفقهاء واملؤرخني والنسابة‪ ،‬األمر الذي مازال حاضرا يف أعمال الباحثني املختصني واملهتمني‬
‫ابملوضوع االجتماعي املغاريب إىل وقتنا‪.‬‬

‫‪ -94‬املخطوط نفسه‪.108 – 107 ،‬‬


‫‪ -95‬نفسه‪.21 ،‬‬
‫‪ -96‬نفسه‪.85 ،‬‬
‫‪ -97‬نفسه‪.94 ،‬‬

‫‪27‬‬
‫حممد يعلى‬

‫الـمـصادر واملـراجـع األساسية‬


‫كتب اجملموع املخطوط ك ‪( 1275‬مرتبة كما يف األصل)‪:‬‬
‫ابن عبد احلليم‪ ،‬أبو علي صاحل بن أيب صاحل األيالين‪ :‬كتاب األنساب‪ ،‬خمطوطتان يف‬
‫املكتبة الوطنية ابلرابط‪ ،‬رقم‪ :‬ك ‪ ،1275‬ورقم‪ :‬د ‪.D 1/1020‬‬
‫مؤلف جمهول‪ :‬كتاب مفاخر الرببر‪ ،‬خمطوطتان يف املكتبة الوطنية ابلرابط‪ ،‬رقم‪ :‬ك‬
‫‪ ،1275‬ورقم‪ :‬د ‪D 2/1020‬‬
‫ابن العريب‪ ،‬أبو بكر حممد بن عبد هللا املعافري اإلشبيلي‪ :‬كتاب شواهد اجللة واألعيان‬
‫يف مشاهد اإلسالم والبلدان‪ ،‬خمطوطتان يف املكتبة الوطنية ابلرابط‪ ،‬رقم‪ :‬ك ‪ ،1275‬ورقم‪:‬‬
‫د ‪. D 3/1020‬‬
‫بروفنصال‪ ،‬إ‪ .‬ليفي‪ :‬نبذ اترخيية يف أخبار الرببر يف القرون الوسطى منتخبة من اجملموع‬
‫املسمى كتاب مفاخر الرببر‪ ،‬ملؤلف حمهول االسم ألفه سنة ‪712‬ه‪ ،‬مطبوعات معهد العلوم‬
‫العليا املغربية‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬املطبعة اجلديدة‪ ،‬الرابط‪.1934 /1352 ،‬‬
‫بروفنصال‪ ،‬إ‪ .‬ليفي‪" :‬نص جديد عن فتح العرب للمغرب"‪ ،‬صحيفة املعهد املصري‬
‫للدراسات اإلسالمية مبدريد‪ ،‬مج‪ ،2 .‬ع‪1 .‬ـ‪ ،1954/1373 ،2‬ص ص‪.224-193 :‬‬
‫الزركلي‪ ،‬خري الدين‪ :‬األعالم‪ ،‬قاموس تراجم ألشهر الرجال والنساء من العرب‬
‫واملستعربني واملستشرقني‪ 8 ،‬أجزاء‪ ،‬ط‪ ،7.‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪.1986 ،‬‬
‫العرابوي‪ ،‬حممد املختار‪ :‬الرببر عرب قدامى‪ ،‬منشورات اجمللس القومي للثقافة العربية‪،‬‬
‫ط‪ ،1 .‬روما‪.1993 ،‬‬
‫‪Bosch Vila, Jacinto : « Pour une étude historico-sociologique sur les Berbères d’Al-‬‬
‫‪Andalus », in: Mélanges d’Islamologie, dédié à la mémoire de Armand Abel,‬‬
‫‪Bruxelles 1976, vol. II, pp. 53-69.‬‬
‫‪Camps, Gabriel : « L’origine des Berbères », in : Encyclopédie Berbère, 2 (1984), pp.‬‬
‫‪14-26.‬‬
‫‪Helena de Felipe : «Leyendas árabes sobre el origen de los Beréberes», in: Al-‬‬
‫‪Qantara, Madrid, (1993), vol. II, fasc. 2, pp. 379-395.‬‬
‫‪Shtzmiller, Maya : « Une source méconnue de l’histoire des Berbères : Le Kitab Al-‬‬
‫‪Ansabe li abi Hayyan », in : Arabica, (1983), n° 30, fasc. 1, pp. 73-79.‬‬

‫‪28‬‬
62-29 ‫ ص‬،2021 ،‫عشر‬ ‫ العدد السادس‬،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‫جملة أسيناگ‬

‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫الوايف نوحي‬
‫املعهد امللكي للثقافة األمازيغية‬

Amazigh has received varying levels of interest in the Arab heritage works
written during the Middle Ages, especially works of historical, geographical,
hagiographical, jurisprudential, and biographical nature. This paper is meant
to shed light on the fashion in which the Amazigh language is portrayed and
addressed in some of these resources. We shall focus on two basic issues. The
first is the status of the Amazigh language during the reign of some ruling
families, such as the emirates of Barghawata and Ghomra, as well as the
States of Almoravids, Almohads, and the Marinids. The second is the attention
paid to this language by the learned elite, through five examples, namely Al-
Bakri, Al-Baydaq, Al-Idrisi, Ibn Khaldun, and Al-Ouazzan.

Key Words : Amazigh language – Middle Ages – emirates and ruling families
– learned elite

La langue amazighe était au centre d’intérêt accordé des sources arabes du


Moyen Âge, en particulier les ouvrages d’histoire, de géographie,
d’hagiographie, de jurisprudence et de biographie. Cet article vise à porter
un éclairage sur la manière dont la langue amazighe est représentée et
abordée dans certaines desdites sources. Il traite deux questions
fondamentales. La première concerne le statut de la langue amazighe au
temps des émirats de Bourghawata et de Ghomara mais aussi des dynasties
almoravide, almohade et mérinide. La seconde porte, à travers cinq exemples,
sur l'intérêt qu’accordent à cette langue savants comme Al-Bakri, Al-Baydaq,
Al-Idrisi, Ibn Khaldun et Al-Ouazzan.

Mots clés : Langue amazighe – Moyen Age – émirats et familles régnantes –


élite savante

29
‫الوايف نوحي‬

‫مقدمة‬
‫شغل موضوع األمازيغ حيزاً معترباً يف كث ٍري من مصنفات الرتاث العريب‪ ،‬خاصة منها‬
‫حضور يف‬
‫ٌ‬ ‫التارخيية واجلغرافية والفقهية واملناقبية‪ ،‬وغريها‪ .‬ذلك ألن األمازيغ كان هلم‬
‫األحداث الكربى‪ ،‬خاصة فيما له صلة ابلدايانت السماوية الثالث‪ ،‬ففي اليهودية جند قصة‬
‫جالوت بعد أن هزمه النيب داود عليه السالم وهجرته إىل املغرب‪ 1.‬مث يف النصرانية اليت كان‬
‫عدد منهم وصل إىل بالد‬ ‫أتباع النيب عيسى عليه السالم يتوزعون يف األقطار‪ ،‬فكان ٌ‬
‫األمازيغ‪ ،‬وتسموا حبواريّي املسيح‪ 2.‬أما يف اإلسالم‪ ،‬فأخبارهم مجّة مفصلة يف املصادر‪ ،‬إ ْذ‬
‫حضور يف كل‬
‫ٌ‬ ‫سامهوا بكثافة يف نشر اإلسالم يف املغرب‪ 3‬ويف األندلس‪ 4،‬كما كان هلم‬
‫مراحل اتريخ املغرب يف العصر الوسيط‪.‬‬
‫تقدم لنا املصادر العربية معطيات غنية عن األمازيغ‪ ،‬سواءٌ من الناحية األنثروبونيمية أو‬
‫الطوبونيمية‪ ،‬وغريها‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬يقدم لنا ابن حوقل (ت‪367 .‬ه‪977/‬م) يف كتابه‬
‫صورة األرض ‪ ،‬الئحة أبمساء القبائل األمازيغية اليت استطاع احلصول عليها‪ ،‬بلغ عددها ‪250‬‬
‫قبيلة‪ ،‬ال يزال بعضها قائم الذات إىل الوقت احلاضر‪ 5.‬أما املعطيات الطوبونيمية‪ ،‬فموضوع‬

‫‪ -1‬ابن عبد احلكم‪ ،‬أبو القاسم عبد الرمحان املصري (ت‪ .‬سنة ‪257‬هـ‪71-870/‬م)‪ :‬فتوح مصر وأخبارها‪ ،‬حتقيق شارل‬
‫توري (‪ .)1921‬أعادت نشره مكتبة مدبويل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1991 ،1‬ص‪.170‬‬
‫‪ -2‬أبو الفضل‪ ،‬عبد الكرمي بن سعيد (ق ‪10‬هـ‪16 /‬م)‪ :‬العيون الـمُرضية يف ذكر بعض مناقب الطائفة الرجراجية‪ ،‬دراسة‪:‬‬
‫عبد الكرمي كرمي (‪ ،)1987‬الرابط‪.‬‬
‫‪ -3‬اخنرطت القبائل األمازيغية يف نشر الدين اجلديد منذ تعرفهم عليه‪ .‬ففي زمن األدارسة‪ ،‬وغداة بيعة إدريس األول‪ ،‬عمد‬
‫إىل تشكيل جيش من وجوه قبائل زانتة وأوربة وصنهاجة وهوارة وغريهم‪ ،‬وخرج هبم غازايً إىل بالد اتمسنا‪ ،‬وغريها من‬
‫البالد‪ .‬للتفصيل يف املسألة‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫ابن أيب زرع الفاسي‪ ،‬على (ت‪726 .‬هـ‪1325 /‬م)‪ :‬األنيس املطرب بروض القرطاس يف أخبار ملوك املغرب واتريخ مدينة‬
‫فاس‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الوهاب بنمنصور (‪ ،)1999‬الرابط‪ ،‬املطبعة امللكية‪ ،‬ط‪ ،2‬ص ص‪.24-23 :‬‬
‫جهزه طارق بن زايد لفتح األندلس كان بني اثين عشر ألفاً وثالثة عشر‬ ‫‪ -‬تذكر بعض الرواايت التارخيية أن اجليش الذي ّ‬
‫‪4‬‬

‫ألف مقاتل‪ ،‬منهم بضع عشرات من العرب‪ ،‬محلة األلوية‪ ،‬أما بقية اجلند فكانوا من األمازيغ‪ .‬راجع على سبيل املثال‪:‬‬
‫الناصري السالوي‪ ،‬أبو العباس أمحد بن خالد (ت‪1897 .‬م)‪ :‬االستقصا ألخبار دول املغرب األقصى‪ ،‬أشرف على النشر‪:‬‬
‫حممد حجي وآخرون (‪ ،)2001‬منشورات وزارة الثقافة واالتصال‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -5‬أجنز املستشرق البولوين اتديوش ليفيتشكي (‪ )Tadeusz Lewicki‬عمالً متميزاً اشتغل فيه على القبائل األمازيغية‬
‫الواردة يف كتاب ابن حوقل‪ ،‬ونشر نتائج دراسته يف مقالني مهمني‪:‬‬
‫‪Lewicki, Tadeusz (1959), «A propos d'une liste de tribus berbères d'Ibn Hawkal », in :‬‬
‫‪Folia orientalia, Tome. I, Fasc. 1, pp. 128-135.‬‬
‫‪Lewicki, Tadeusz (1971), «Du nouveaux sur la liste des tribus berbères d’Ibn Hawkal»,‬‬
‫‪in : Folia orientalia, Tome. XIII, pp. 171-200.‬‬

‫‪30‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫غين جداً حتفل به املصادر العربية‪ ،‬ومنها العديد من أمساء املواضع اليت استقاها املؤلفون من‬
‫اجملال مساعاً من الناطقني هبا‪ ،‬فاحتفظت لنا بكثري منها سليمة كما كانت تنطق‪ ،‬وال يزال‬
‫أغلبها على صيغته إىل اليوم‪ .‬وقد حاول أصحاب املصادر جرد اجملال األمازيغي‪ ،‬فكانت‬
‫رغبتهم يف التعرف على أبعد مدى فيه قوية‪ .‬وسلك اجلغرافيون والرحالة منهم مسلكاً منهجياً‬
‫وجمالياً تتبعوا فيه املسالك والطرق‪ ،‬فتكون االنطالقة عادة من مكة إىل املدينة مث إىل مصر‬
‫فاملغرب‪.‬‬
‫وكلما كان الوصول إىل مدينة‪ ،‬إال ويتتبع اجلغرايف أو الرحالة الطرق الرئيسة وتلك اليت‬
‫تتفرع منها‪ ،‬فنجده حيدد احملاور الطرقية‪ ،‬مثالً من وجدة إىل فاس‪ ،‬أو من فاس إىل أغمات‪،‬‬
‫أو من سجلماسة إىل غانة ‪ ،...‬وهكذا جيرد لنا املواقع اليت على طول هذه احملاور‪ ،‬ويصف‬
‫لنا املعطيات بدقة أحياانً‪ ،‬مع الرتكيز على اإلنسان وعلى حتركاته‪ ،‬وتتبع أصول القبائل‬
‫وتفرعاهتا‪ ،‬وكذا احلديث عن احلياة االجتماعية وعن مكوانهتا‪ .‬من غري إغفال للجانب‬
‫االقتصادي املتصل مبعاش الناس‪ ،‬من مصادر املياه وأصناف املزروعات وأنواع الثمار‪،‬‬
‫واألسواق والبضائع والسكة‪...‬‬
‫تروم هذه الورقات الوقوف عند الصورة اليت تقدمها املصادر العربية‪ ،‬التارخيية واجلغرافية‬
‫منها بوجه خاص‪ ،‬واملؤلَّفة خالل العصر الوسيط‪ ،‬عن جانب أساسي من جوانب احلضارة‬
‫األمازيغية‪ ،‬وهو اللغة األمازيغية وأوضاعها اليت تقلبت فيها على مدى هذه الفرتة‪ .‬متوقفاً‬
‫أساسيتني‪ ،‬مها‪ :‬وضع اللغة األمازيغية يف ظل بعض األسر احلاكمة (خاصة‬ ‫ْ‬ ‫مسألتني‬
‫ْ‬ ‫عند‬
‫إمارات بورغواطة وغمارة‪ ،‬مث املرابطون واملوحدون فاملرينيون)؛ مث موقع هذه اللغة يف اهتمامات‬
‫النخبة العاملة‪ ،‬من خالل مناذج مخسة عابرة للعصر الوسيط‪.‬‬
‫وأشري يف هناية هذا التقدمي إىل مجلة من املالحظات‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬وردت اللغة األمازيغية يف املصادر اليت اشتغلت عليها أبمساء خمتلفة‪ ،‬منها‪ :‬العجمية‪،‬‬
‫واللسان العجمي‪ ،‬والرببرية‪ ،‬واللسان الرببري‪ ،‬ولغة الرببر‪ ،‬واللسان املغريب‪ ،‬واللسان الغريب‪،‬‬
‫واللغة املرابطية‪ ،‬واللسان املصمودي‪ ،‬ولغة املصامدة‪ ،‬واللسان الزانيت‪ ،...‬لكين أستعمل يف‬
‫هذا املقال‪" :‬اللغة األمازيغية"‪ ،‬مع االحتفاظ ابلتسميات الواردة يف ثنااي النصوص اليت‬
‫أعتمدها؛‬
‫‪ -‬النصوص اليت مت اختيارها منوذجية فقط‪ ،‬وترتاوح بني الوصف‪ ،‬وجرد أمساء املواقع‬
‫وتفسريها‪ ،‬وبني املعجم‪ ،‬وبعض الظواهر اللغوية‪ ،‬واملقارانت‪...‬؛‬

‫‪31‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫‪ -‬ينحدر أصحاب النصوص املوظفة يف املقال من مشارب خمتلفة‪ ،‬فمنهم املغريب‪،‬‬


‫واألندلسي‪ ،‬واملشرقي‪ .‬ومنهم من كتب عن معاينة ومعاصرة‪ ،‬ومنهم من كتب نقالً‪،‬‬
‫وابلواسطة‪ .‬كما أن منهم انطقون ابألمازيغية‪ ،‬ومنهم من ليسوا كذلك‪ .‬لذا‪ ،‬فطبيعي أن‬
‫ختتلف رؤاهم لبعض الظواهر وتفسرياهتم هلا‪.‬‬

‫‪ .1‬اللغة األمازيغية‬
‫عرف األمازيغية أبهنا تنتمي إىل األسرة احلامية‪-‬السامية‪ ،‬خاصة الفرع اللييب‪-‬األمازيغي‪،‬‬ ‫تُ َّ‬
‫الذي يتكون من اللغات اللّيبية واألمازيغية والغوانشية‪ .‬ويُتحدَّث ابألمازيغية يف جمموعة من‬
‫‪6‬‬

‫األقطار متتد من مصر شرقاً إىل ساحل احمليط األطلنيت غرابً‪ ،‬ومن الضفة اجلنوبية للبحر‬
‫‪7‬‬
‫األبيض املتوسط مشاالً إىل النيجر ومايل جنوابً‪.‬‬
‫تنقسم اللغة األمازيغية إىل ثالث أُسر كربى‪ ،‬تبعاً للمجموعات القبلية اليت تتحدث هبا‪،‬‬
‫وهي‪ ،‬اترخيياً‪ :‬الزانتية (نسبة إىل قبيلة زانتة)‪ ،‬وهي لسان جراوة ومغراوة وبين يفرن ومكناسة‬
‫وبين مرين وبين وطاس‪ .‬مث املصمودية (نسبة إىل قبيلة مصمودة) وتتحدث هبا غمارة وبرغواطة‬
‫ودكالة وحاحة وهسكورة وهرغة ورگراگة وجزولة وهزمرية‪ .‬وأخرياً الصنهاجية (نسبة إىل قبيلة‬
‫‪8‬‬
‫صنهاجة)‪ ،‬وتسود يف صنهاجة وملتونة ومسوفة وگدالة وملطة وترغة‪.‬‬
‫ونشأت على أساس هذا التقسيم الثالثي التنويعات الكربى لألمازيغية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تريفيت‪ ،‬أو اللسان الزانيت‪ :‬وتنقسم إىل قسمني‪ ،‬األول يتضمن الريف مبعناه‬
‫الضيق‪ ،‬والثاين يشمل القطاع الشرقي من الريف‪ .‬وحتيط ابجملال اجلغرايف لرتيفيت قبيلة غمارة‬
‫‪9‬‬
‫غرابً‪ ،‬واحلدود اجلزائرية شرقاً‪ ،‬وقبائل الربانس وهوارة جنوابً‪ ،‬والبحر املتوسط مشاالً‪.‬‬
‫ب‪ -‬تشلحيت‪ :‬تستعمل للتواصل اليومي يف رقعة جغرافية شاسعة‪ ،‬تسمى أحياانً‬
‫بسوس يف معناه الواسع‪ .‬ومتتد تقريباً بني الصويرة وتنانت يف األطلس الكبري مشاالً‪ ،‬وبني‬
‫‪10‬‬
‫الصويرة وواد نون غرابً‪ ،‬وطوال جمرى وادي درعة جنوابً‪ ،‬وبني ورززات وتنانت شرقاً‪.‬‬

‫‪ -6‬بوكوس‪ ،‬أمحد (‪" :)1989‬أمازيغية"‪ ،‬معلمة املغرب‪ ،‬الرابط‪ ،‬اجلمعية املغربية للتأليف والرتمجة والنشر‪ ،‬مطابع سال‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫ص ص‪ ،684-679:‬ص‪.679 .‬‬
‫‪ -7‬بوكوس‪" :‬أمازيغية" (م‪ .‬ن) ص‪.680 .‬‬
‫‪ -8‬التازي سعود‪ ،‬حممد (‪ :)2006‬اإلملام خبالصة اتريخ أرض املغارب قبل اإلسالم‪ ،‬الرابط مطبوعات أكادميية اململكة‬
‫املغربية‪ ،‬سلسلة‪ :‬اتريخ املغرب‪ ،‬الرابط‪ ،‬مطبعة املعارف اجلديدة‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -9‬بوكوس‪ ،‬أمحد (‪" :)1995‬تريفيت"‪ ،‬معلمة املغرب‪ ،‬ج‪ ،7‬ص ص‪.2352-2351 :‬‬

‫‪32‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫ج‪ -‬متازيغت‪ :‬تسود لدى اجملموعات البشرية القاطنة بني جبل صاغرو جنوابً وممر‬
‫اتزة مشاالً‪ ،‬وجمرى وادي گرو غرابً وجمرى ملوية الوسطى شرقاً‪ .‬ومن أبرز تلك اجملموعات‬
‫املتحدثة هبا‪ :‬أيت واراين‪ ،‬وأيت سغروشن‪ ،‬وأيت يوسي‪ ،‬وزمور‪ ،‬وگروان‪ ،‬وأيت مگيلد‪،‬‬
‫‪11‬‬
‫وزاين‪ ،‬وأيت ايفلمان‪ ،‬وأيت عطا‪.‬‬

‫‪ .2‬اللغات القدمية ببالد املغرب حىت بداايت العصر الوسيط‬


‫إن وصول العربية إىل بالد املغرب خالل النصف األول من القرن األول اهلجري‪/‬السابع‬
‫امليالدي‪ ،‬ووجود األمازيغية هبا قبل ذلك بقرون‪ ،‬ال يعين استئثارمها ابجملال دون غريمها‪،‬‬
‫فبعض اإلشارات املصدرية تفيدان بوجود "بقااي لغات قدمية" يف بعض مناطق بالد املغرب إىل‬
‫سرت حني‬ ‫غاية منتصف العصر الوسيط‪ .‬من ذلك ما ذكره أبو عبيد البكري عن أهل مدينة ْ‬
‫بري‪ ،‬وال‬
‫عجمي‪ ،‬وال بر ّ‬ ‫ّ‬ ‫بعريب‪ ،‬وال‬
‫الم يرتاطنون به‪ ،‬ليس ّ‬
‫وصف لساهنم بقوله‪" :‬وهلم ك ٌ‬
‫‪12‬‬
‫قبطي‪ ،‬وال يعرفه غريهم"‪.‬‬
‫ّ‬
‫وال يبعد أن يعين ذلك اللغة البونية اليت كانت سائدة ابجلهة الغربية (طرابلس ونواحيها)‬
‫واستمر وجودها ببالد املغرب حىت القرن الرابع امليالدي‪ ،‬أي بعد انقراض السلطة السياسية‬
‫لقرطاج وختريبها سنة ‪ 146‬ق‪.‬م‪ ،‬ممّا ال يُستبعد معه تواصل استعماهلا إىل قدوم العرب إىل‬
‫املنطقة‪ ،‬ابلرغم من صعوبة احلسم يف هذا األمر الذي سيبقى معلقاً إىل أن تظهر معطيات‬
‫فك مستغلقه‪.‬‬
‫جديدة اترخيية وأثرية تساعد على ّ‬
‫ويف نفس السياق‪ ،‬يتحدث الشريف اإلدريسي عن استمرار استعمال اللغة الالّتينية مبدينة‬
‫قفصة التونسية‪ ،‬إىل عصره على األقل‪ ،‬عندما قال عن سكاهنا‪" :‬وأهلها مترببرون‪ ،‬وأكثرهم‬
‫يتكلم ابللّسان اللّطيين اإلفريقي"‪ 13.‬وال شك هي التينية متطورة عن الالّتينية القدمية‪ ،‬وكان‬
‫هلا استمرار يف العصر الوسيط‪ .‬وال يبعد أن تكون مدن أخرى‪ ،‬مثل سبتة وطنجة‪ ،‬عرفت‬
‫استمرار بعض اللغات القدمية‪ ،‬خاصة الالّتينية بسبتة اليت كانت اتبعة للبيزنطيني‪ .‬فليس‬

‫‪ -10‬بوكوس‪ ،‬أمحد (‪" :)1995‬تشلحيت"‪ ،‬معلمة املغرب‪ ،‬ج‪ ،7‬ص ص‪.2381-2380 :‬‬
‫‪ -11‬بوكوس‪ ،‬أمحد (‪" :)1995‬متازيغت"‪ ،‬معلمة املغرب‪ ،‬ج‪ ،8‬ص ص‪.2537-2536 :‬‬
‫‪ -12‬البكري‪ ،‬أبو عبيد (ت‪487 .‬هـ‪1094/‬م)‪ :‬الـمُغرب يف ذكر بالد إفريقية واملغرب (وهو جزء من كتاب املسالك‬
‫واملمالك)‪ ،‬نشر‪ :‬البارون دو سالن (‪ ،)1911‬ابريس‪ ،‬ص‪.6 .‬‬
‫‪ -13‬اإلدريسي‪ ،‬أبو عبد هللا حممد‪ ،‬املعروف ابلشريف اإلدريسي (ت‪560 .‬هـ‪1165/‬م) ‪ :‬نزهة املشتاق يف اخرتاق اآلفاق‪،‬‬
‫‪2‬ج ‪ ،‬حتقيق‪ :‬جمموعة من الباحثني‪ ،‬حتت إشراف املعهد اجلامعي للدراسات الشرقية بنابويل‪،1984-1970 ،I.U.O.N ،‬‬
‫نشر مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬مصر (د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.278‬‬

‫‪33‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫طبيعياً أن تكون قفصة هي املدينة الوحيدة اليت يتخاطب سكاهنا هبذه اللغة من بني كل‬
‫مدن الشمال اإلفريقي‪ ،‬علماً أبن قفصة مدينة داخلية يف اجملال الواحي الصحراوي جنوب‬
‫إفريقية‪ .‬وقد يكون الختفاء الالّتينية بعد القرن ‪6‬ه‪12/‬م عالقة ابختفاء املسيحية بدورها يف‬
‫‪14‬‬
‫الفرتة ذاهتا‪.‬‬
‫واإلشاراتن حت ّفزان على البحث يف إمكانية استمرار ألس ٍن أخرى غري العربية واألمازيغية يف‬
‫االستعمال اليومي مبناطق خمتلفة من بالد املغرب خالل العصر الوسيط‪ .‬خاصة وقد ورد أن‬
‫املهدي بن تومرت اختذ له كتّاابً يعرفون بعض تلك اللغات‪ ،‬كان من بينهم ملول بن ابراهيم‬
‫‪15‬‬
‫الذي "كان فصيحاً بديهاً ابأللسن‪ ،‬يكتب ابلسراينية والرموزايت وغري ذلك"‪.‬‬

‫‪ .3‬اللغة األمازيغية ابملغرب يف العصر الوسيط‬


‫انتشار نسيب للّغة العربية‪ ،‬ساهم فيه العلماء‬
‫ٌ‬ ‫صاحب وصول اإلسالم إىل املغرب األقصى‬
‫وطلبة العلم الذين كانوا يرحلون إىل املشرق اإلسالمي وإىل حواضر األندلس لتلقي العلم‪،‬‬
‫كما ساهم فيه التجار والرحالة وغريهم‪ .‬أطلت العربية إذن على اجملتمع املغريب بوصفها لغة‬
‫الشعائر الدينية والعلوم اإلسالمية‪ ،‬ولغة اإلدارة أيضاً‪ ،‬واستطاعت أن حتتل مكانتها ابلتدريج‬
‫بسبب "صبغة القداسة اليت اكتسبتها لدى األمازيغ ابعتبارها لغة القرآن الكرمي؛ وصبغة‬
‫الوظيفة ابعتبارها لغة الثقافة والكتابة والتسيري اإلداري؛ وتزايد أعداد العرب الوافدين إىل‬
‫‪16‬‬
‫املغرب جنوداً ودعا ًة ومهاجرين"‪.‬‬

‫‪ -14‬أسكان‪ ،‬احلسني (‪" :)2006‬التحوالت اللغوية ابملغرب خالل العصر الوسيط"‪ ،‬ضمن‪ :‬مسامهات يف دراسة الثقافة‬
‫األمازيغية‪ ،‬تكرمياً لألستاذ العميد حممد شفيق‪ ،‬الرابط‪ ،‬مطبعة املعارف اجلديدة‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ص‪ ،113-97 :‬ص ‪.99‬‬
‫أشكر األستاذ عبد العزيز اخلياري‪ ،‬من املعهد الوطين لعلوم اآلاثر والرتاث ابلرابط‪ ،‬على مساعدته يف فهم مضمون‬
‫نص ْي للبكري واإلدريسي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -15‬البيذق‪ ،‬أبو بكر بن علي الصنهاجي (كان حيّاً سنة ‪555‬ه‪1160/‬م)‪ :‬أخبار املهدي بن تومرت وبداية دولة‬
‫املوحدين‪ ،‬حتقيق عبد الوهاب بن منصور (‪ ،)1971‬الرابط‪ ،‬دار املنصور للطباعة والوراقة‪ ،‬ص‪.42 .‬‬
‫ويشري مارمول كرخبال إىل أن اللغة اليت تتحدث هبا قبائل صنهاجة‪ ،‬ومصمودة‪ ،‬وزانتة‪ ،‬وغمارة‪ ،‬وهوارة يف عصره (القرن‬
‫‪ )16‬مكونة من العربية‪ ،‬والعربية‪ ،‬والالّتينية‪ ،‬واليواننية‪ ،‬واإلفريقية القدمية‪ .‬وابلرغم من أن عصر كرخبال يتجاوز الفرتة اليت‬
‫يهتم هبا املقال‪ ،‬إال أن الفكرة حتتاج لنقاش وحبث يف مدى صدقيتها‪.‬‬
‫كرخبال‪ ،‬مارمول (تويف حنو سنة ‪1008‬ه‪1600/‬م)‪ :‬إفريقيا‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد حجي وآخرون (‪ ،)1984‬الدار البيضاء‪ ،‬مكتبة‬
‫املعارف‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.115‬‬
‫‪ -16‬القبلي‪ ،‬حممد (إشراف وتقدمي)‪ :‬اتريخ املغرب‪ ،‬حتيني وتركيب‪ ،‬منشورات املعهد امللكي للبحث يف اتريخ املغرب‪،‬‬
‫الرابط‪ ،‬منشورات عكاظ‪ ،‬السحب الثاين‪ ،2012 ،‬ص‪.258 .‬‬

‫‪34‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫غري أن األمازيغية ظلت حتتفظ لنفسها مبكانة اجتماعية معتربة‪ ،‬فهي لغة التداول اليومي‪،‬‬
‫ولغة العديد من "مدبري الشأن العام" خالل الفرتة الوسيطية‪ .‬ومل حيدث أ ْن دخلت يف صراع‬
‫مع العربية‪ ،‬حسبما يرد يف املصادر على األقل‪ ،‬بل طُبعت العالقة بني اللغتني بطابع التساكن‬
‫الذي أفضى يف كثري من األحيان إىل التكامل‪ .‬األمر الذي تؤكده بعض النصوص اليت‬
‫تناولت تلك العالقة‪ ،‬ومن ذلك ما ورد عند الشريف اإلدريسي الذي ميّز بني اجملالني‬
‫احلضري والقروي‪ .‬ففي األول يكون انتشار العربية ظاهراً‪ ،‬ويتجاوز أتثريه إىل الضواحي‪ ،‬فعند‬
‫ومدار ملدن املغرب األقصى‪ ،‬ويسكن‬‫قطب ٌ‬ ‫حديثه عن فاس وانحيتها يقول‪" :‬ومدينة فاس ‪ٌ 17‬‬
‫حوهلا قبائل من الرببر ولكنهم يتكلمون ابلعربية"‪.‬‬
‫أما يف اجلبال والسهول‪ ،‬فالتأثري يكون معكوساً‪ ،‬فنجد العربية تتوارى أمام األمازيغية‬
‫"ذلك أن قبائل العرب نزلت على قبائل الرببر‪ ،‬فنقلوهم إىل لساهنم بطول اجملاورة هلم حىت‬
‫صاروا جنساً واحداً"‪ 18.‬فالذين نزلوا أتثروا بلسان أصحاب األرض بطول اجملاورة‪ ،‬وإ ْن بدا أن‬
‫النص حيتمل الوجهني‪ ،‬إال أن الضمري يعود دائماً على أقرب مذكور‪.‬‬
‫حتو ُل لسان بعض القبائل من العربية إىل األمازيغية بفعل ذات‬ ‫يعضد هذا الرتجيح ّ‬
‫العامل‪ .‬فعند تناوله نسب زانتة‪ ،‬القبيلة األمازيغية الكربى‪ ،‬أشار اإلدريسي إىل أصلها العريب‬
‫تغري لساهنا بقوله‪" :‬وزانتة يف أول نسبهم عرب صرح‪ ،‬وإمنا ترببروا ابجملاورة واحملالفة‬
‫وظروف ّ‬
‫‪19‬‬
‫للربابر من املصاميد"‪.‬‬
‫سيتم تناول صورة اللغة األمازيغية يف املصادر العربية من خالل تتبع وضعها يف ظل مخسة‬
‫كياانت سياسية هي‪ ،‬برتتيب زمين‪ :‬إمارات بورغواطة وغمارة‪ ،‬ودول املرابطني‪ ،‬واملوحدين‪،‬‬
‫واملرينيني‪ ،‬من جهة‪ .‬والوقوف كذلك عند الصورة اليت حتتلها األمازيغية يف كتاابت بعض من‬
‫ميثلون النخب العاملة من جهة اثنية‪ .‬وقد اخرتت منهم أاب عبيد البكري‪ ،‬وأاب بكر بن علي‬
‫الصنهاجي (املعروف ابلبيذق)‪ ،‬والشريف اإلدريسي‪ ،‬وعبد الرمحن بن خلدون‪ ،‬واحلسن‬
‫الوزان‪ .‬وهذه األعالم اخلمسة عابرة للعصر الوسيط‪ ،‬وتسمح كتاابهتم ابستخالص تصور عام‬
‫عن املوضوع يف تلك الفرتة‪.‬‬

‫‪ -17‬اإلدريسي‪ :‬نزهة املشتاق (م‪ .‬س)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ .246‬وع ّد من تلك القبائل‪ :‬بنو يوسف‪ ،‬وفندالوة‪ ،‬وهبلول‪ ،‬وزواوة‪،‬‬
‫وجماصة‪ ،‬وغياتة‪ ،‬وسالحلون‪.‬‬
‫‪ -18‬اإلدريسي‪ :‬نزهة املشتاق (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.223‬‬
‫‪ -19‬اإلدريسي‪ :‬نزهة املشتاق (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.257‬‬

‫‪35‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫أ‪ -‬وضع اللغة األمازيغية يف ظل إمارة بورغواطة‬


‫ال تسمح املعطيات الواردة خبصوص هذه اإلمارة (ق‪6-2 .‬هـ‪12-8/‬م) بتكوين صورة‬
‫متكاملة عن وضع اللغة األمازيغية هبا‪ ،‬إال أن ما وصلنا من شذرات ُجتمع على اختيار‬
‫زعيمها اللسان األمازيغي للتواصل مع األتباع وبث التعاليم فيهم‪ .‬وتشري النصوص احملدودة‬
‫املقوم اللغوي‪ ،‬حيث ذكر‬ ‫إىل أن صاحل بن طريف‪ ،‬الذي ّادعى النبوة يف قومه‪ ،‬ارتكز على ّ‬
‫عريب‬
‫نيب ِّحق‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫ورسول مبعوث إليهم بلغتهم (‪ )...‬وأن حممداً صلى هللا عليه‬
‫ٌ‬ ‫ألتباعه "أنه نيب‬
‫اللّسان‪ ،‬مبعوث إىل قومه وإىل العرب خاصة"‪ 20،‬حمتجاً بقوله تعاىل‪﴿ :‬وما أرس ْلنا من رس ٍ‬
‫ول‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫‪21‬‬
‫ان قـ ْوِّم ِّه لِّيُـبِّّني هلُْم﴾‪.‬‬
‫إِّالَّ بِّلِّس ِّ‬
‫لذلك وضع هلم كتاابً عارض به القرآن الكرمي‪ ،‬مؤلَّف من مثانني سورة ابللّسان‬
‫األمازيغي‪ 22،‬ولعله كان بلسان مصمودة‪ ،‬القبيلة األم لبورغواطة‪ ،‬ابلرغم من اخلالف احلاصل‬
‫بني املؤرخني الذين يرى بعضهم مصموديتها‪ 23،‬يف الوقت الذي يذهب فيه آخرون للقول‬
‫أبصلها الزانيت‪ 24.‬كان صاحل "مضطلعاً بلغة الرببر‪ ،‬يفهم غري لسان من ألسنتهم"‪ 25.‬وحظي‬
‫‪26‬‬
‫كتابه من لدن األتباع ابهتمام كبري "فهم يتدارسونه ويعظّمونه ويصلّون به"‪.‬‬

‫‪ -20‬ابن حوقل‪ ،‬أبو القاسم النصييب (ت‪367 .‬ه‪977/‬م)‪ :‬صورة األرض‪ ،‬نشر‪ :‬كرامرز وآخرون‪ ،‬ليدن‪،1939-1938 ،‬‬
‫ص‪.82‬‬
‫‪ -21‬سورة إبراهيم‪ ،‬اآلية‪.5 :‬‬
‫‪ -22‬البكري‪ :‬الـمُغرب (م‪ .‬س)‪ ،‬ص ‪ . 140‬وأورد البكري ترمجة عربية ألوائل سورة أيوب‪ ،‬وهي أول سورة من كتاب صاحل‪.‬‬
‫والعبارة عند ابن حوقل‪" :‬وعمل هلم كالماً رتّله بلغتهم‪ ."..‬صورة األرض (م‪ .‬س)‪ ،‬ص ‪ ،82‬ويسميه‪ :‬صاحل بن عبد هللا‪.‬‬
‫‪ -23‬ومنهم ابن خلدون الذي يؤكد أهنم من مصمودة‪ ،‬وأهنم اجليل األول منها‪.‬‬
‫‪ -24‬جمهول (كان حيّاً سنة ‪712‬هـ‪1312 /‬م)‪ :‬مفاخر الرببر‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد القادر بوابية (‪ ،)2005‬الرابط‪ ،‬دار أيب رقراق‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪ ،139 .‬فقد قرر املؤلف يف زانتيتهم بقوله‪" :‬وأما بورغواطة فإن الكالم يف أخبارهم يطول (‪)...‬‬
‫وهم يف األصل من زانتة"‪.‬‬
‫وهو ذات ما ذهب إليه صاحب االستبصار بقوله‪" :‬وأصلهم من زانتة"‪ ،‬مضيفاً أن زعيمهم‪ ،‬صاحل بن طريف "دخل إىل‬
‫بالد اتمسنا‪ ،‬فوجد فيها من زانتة قوماً جهاالً‪ ،‬وكان ذلك سنة ‪123‬هـ [‪741‬م] فأظهر اإلسالم والنسك حىت استفز‬
‫عقوهلم"‪.‬‬
‫‪ -‬جمهول (يُنسب إىل ابن عبد ربه احلفيد‪ /‬ت‪602 .‬هـ‪1206/‬م)‪ :‬كتاب االستبصار يف عجائب األمصار‪ ،‬نشر وتعليق‪:‬‬
‫سعد زغلول عبد احلميد (‪ ،)1986‬الدار البيضاء‪ ،‬دار النشر املغربية‪ ،‬بغداد‪ ،‬دار الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬ص ‪.198-197‬‬
‫‪ -25‬ابن حوقل‪ :‬صورة األرض (م‪ .‬س)‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ -26‬ابن حوقل‪ :‬صورة األرض (م‪ .‬ن)‪ ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪36‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫ويبدو أن القائمني على اإلمارة البورغواطية التزموا اللّسان األمازيغي حىت يف عالقاهتم مع‬
‫غري الناطقني به‪ ،‬ذلك أن احلكم املستنصر ابهلل‪ ،‬اخلليفة األموي يف األندلس‪ ،‬أحضر يف‬
‫جملسه املرتجم أاب موسى عيسى بن داوود املسطاسي ليشرح له مهمة أيب صاحل ّزمور بن‬
‫موسى البورغواطي الذي وفد عليه بقرطبة سنة ‪352‬ه‪963/‬م رسوالً من أيب منصور عيسى بن‬
‫‪27‬‬
‫أيب األنصار عبد هللا أمري بورغواطة وقتها‪.‬‬
‫ب‪ -‬وضع اللغة األمازيغية يف ظل إمارة غمارة‬
‫يكاد وضع اللغة األمازيغية يف ظل إمارة غمارة‪ ،‬إىل الشمال الغريب للمغرب‪ ،‬ال خيتلف‬
‫عن مثيله يف اإلمارة البورغواطية‪ ،‬من ظهور املتنبئ حاميم بن م َّن هللا (ق‪4-3 .‬ه‪10-9/‬م)‪،‬‬
‫ووضعِّه للمؤمنني به كتاابً ابللّسان األمازيغي احمللي‪ ،‬الذي مل ترد تفاصيل عنه‪ .‬وهو كتاب‬
‫مؤلَّف من هتاليل وابتهاالت‪ ،‬ومن تعاليم خمتلفة عن تعاليم اإلسالم‪ 28.‬فصارت داينة حاميم‪،‬‬
‫كما وصفها لوترنو (‪" )Le Tourneau‬توليفة امتزجت فيها التعاليم اإلسالمية احملرفة‬
‫‪29‬‬
‫ابملعتقدات الرببرية"‪.‬‬
‫كثري من نصوص كتاب حاميم‪،‬‬ ‫غريِّ أنه‪ ،‬وعلى العكس من بورغواطة‪ ،‬مل يصلنا شيءٌ ٌ‬
‫فعلى قصر تلك اليت وصلت منها‪ ،‬فإن يف صيغها اختالفاً بني الذين أوردوها‪ ،‬علماً أبن‬
‫سبق ذكرها هو كتاب الـمُغرب للبكري‪ .‬فهل تلك املقاطع الواردة‬ ‫املصدر الذي كان له ْ‬
‫مرتمجةً عند البكري كانت جاهزًة ومتاحةً له؟ وما مصدر هذه الرتمجة إ ْن ثبتت؟ أم أن‬
‫البكري استعان مبن ترمجها له؟ مث ما سبب اختالف صيغ الرتمجة الواردة عند كل من البكري‬
‫‪30‬‬
‫وابن خلدون وابن أيب زرع؟ وكلها أسئلة تنسحب على كتاب بورغواطة كذلك‪.‬‬

‫‪ -27‬البكري‪ :‬الـمُغرب (م‪ .‬س)‪ ،‬ص ‪135-134‬؛ ابن عذاري املراكشي (ت‪ .‬بعد ‪712‬هـ‪1312/‬م)‪ :‬البيان املغرب يف أخبار‬
‫األندلس واملغرب‪ 4 ،‬ج‪ ،‬حتقيق‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬وجورج كوالن وليفي بروفنسال (‪ ،)1983‬بريوت‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬ط‪ .3‬ج‪،1‬‬
‫ص ‪.223‬‬
‫‪ -28‬الفيگيگي‪ ،‬حسن‪" :‬حاميم"‪ ،‬معلمة املغرب‪ ،‬الرابط‪ ،‬اجلمعية املغربية للتأليف والرتمجة والنشر‪ ،‬مطابع سال‪،1998 ،‬‬
‫ج‪ ،10‬ص ‪3287-3286‬؛ وقارن مبا ورد عند البكري‪ :‬الـمُغرب (م‪.‬س)‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪29-Le Tourneau, Roger: “Ha-mim”, in: Encyclopédie de l’Islam, nouvelle édition, Leide,‬‬

‫‪Brill, Paris, Maisonneuve et Larose, 1990, Vol. III, p 137 .‬‬


‫‪ -30‬أاثر الباحث إبراهيم القادري بوتشيش أسئلةً مشروعةً خبصوص حاميم ومشروعه يف‪" :‬حركة املتنبئني والسحرة يف الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬إعادة تقومي حلركة حاميم خالل القرن ‪4‬ه"‪ ،‬ضمن‪ :‬اإلسالم السري يف املغرب العريب (‪ ،)1995‬القاهرة‪ ،‬سينا‬
‫للنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ص‪ ،44-12 :‬وهي أسئلة مهمة وجديرة ابلتأمل‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫مل تدم حنلة حاميم طويالً‪ ،‬فقد قتل صاحبها سنة ‪315‬ه‪927/‬م‪ ،‬يف معركة ضد مصمودة‬
‫بناحية الساحل بني طنجة وأصيال‪ 31.‬ومل تساعد كثرة أتباعه على استمرار مشروعه‪ ،‬ابلرغم‬
‫أقروا بنبوته‪ 32.‬لكن‪ ،‬مع هذا‪ ،‬يبقى ممكناً القول إن اعتماد‬
‫من إجابة بشر كثري له‪ ،‬كلهم ّ‬
‫وبث تعاليمه يف قومه بذلك اللّسان منوذج آخر‬ ‫حاميم اللّسان األمازيغي يف وضع كتابه‪ّ ،‬‬
‫يساعد على تكوين صورة تقريبية ملا كانت عليه اللغة األمازيغية ابملغرب يف العصر الوسيط‪.‬‬
‫شح املادة املصدرية خبصوص وضع اللغة األمازيغية خالل القرون اهلجرية األوىل‬ ‫ويبدو أن ّ‬
‫لن حيول دون القول حبضورها بشكل واسع إىل ح ّد بعيد بني عامة األهايل طوال هذه الفرتة‪،‬‬
‫‪33‬‬
‫وان استعمال هذه اللغة مشل كل األغراض الثقافية واحلياتية‪.‬‬
‫وظل الوضع اللغوي على حاله‪ ،‬إىل أن حصل حتول نسيب زمن املرابطني بصعود صنهاجة‬
‫اجلنوب‪ ،‬لتصبح لغتُهم لغة البالط والنخبة احلاكمة‪ ،‬فيما احتفظت كل من قبائل مصمودة‬
‫وزانتة أبلسنتها‪.‬‬
‫ج‪ -‬وضع اللغة األمازيغية زمن املرابطني‬
‫ال تسعف اإلشارات املعدودة الواردة يف املصادر الوسيطية يف تكوين صورة واضحة عن‬
‫الوضع اللغوي يف العصر املرابطي‪ .‬إال أن املشهد يبدو َّ‬
‫مشكالً ‪-‬سواءٌ يف مرحل ْيت الدعوة أو‬
‫الدولة‪ -‬من األمازيغية الصنهاجية اليت هي لغة التواصل اليومي بني أفراد اجملتمع وبني أويل‬
‫األمر والرعااي‪ ،‬ومن العربية اليت مل تعرف جت ّذراً كبرياً‪ ،‬فبقيت لغة النخبة من العلماء والفقهاء‬
‫وطلبة العلم‪.‬‬
‫ووعياً من األمري يوسف بن اتشفني أبمهية اللغة العربية يف وسط يفرض عليه التعامل مع‬
‫جهات العربيةُ لغتُها‪ ،‬سواء يف األندلس أو يف املشرق اإلسالمي‪ ،‬وهو الذي "ال يعرف‬ ‫ٍ‬
‫اللّسان العريب‪ ،‬لكنه كان ُجييد فهم املقاصد"‪ 34،‬فقد "كان له كاتب يعرف اللغتني العربية‬
‫واملرابطية"‪ 35،‬يقرأ له الرسائل الواردة عليه‪ ،‬ويكتب له الصادرة منه‪ ،‬خاصة تلك املتبادلة مع‬

‫‪ -31‬البكري‪ :‬الـمُغرب (م‪ .‬س)‪ ،‬ص‪101‬؛ الفيگيگي‪" :‬حاميم" (م‪ .‬س)‪ ،‬ص‪.3287‬‬
‫‪ -32‬البكري‪ :‬الـمُغرب (م‪ .‬ن)‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪ -33‬القبلي‪ ،‬حممد (‪" :)2016‬الوضع اللغوي بشمال إفريقيا يف العصر الوسيط"‪ ،‬حوار مع جملة أسيناگ‪ ،‬ع‪ ،11 .‬ص ص‬
‫‪ ،86-81‬ص ‪.84‬‬
‫‪ -34‬ابن خلكان‪ ،‬أبو العباس مشس الدين أمحد (ت‪681 .‬ه‪1282/‬م)‪ :‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬حتقيق‪ :‬إحسان‬
‫عباس (‪ ،)1977-1968‬بريوت‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ج‪.114 ،7‬‬
‫‪ -35‬ابن خلكان‪ :‬وفيات األعيان (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.114 .‬‬

‫‪38‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫ملوك األندلس ‪ .‬ويظهر يف واحدة من تلك الرسائل عدم معرفة يوسف ابلعربية‪ ،‬فحني شرح‬
‫له كاتبه نصها سأله يوسف رأيه فيها‪" ،‬فلما ألقى الكاتب هذا الكالم [يقصد رأيه يف‬
‫مضمون رسالة ملوك األندلس] إىل يوسف بن اتشفني بلُغته فهمه وعلم أنه صحيح‪ ،‬فقال‬
‫علي كتابك (‪ )...‬فلما فرغ من كتابه‪،‬‬
‫للكاتب أجب القوم واكتب مبا جيب يف ذلك‪ ،‬واقرأ ‪ّ 36‬‬
‫قرأه على يوسف بن اتشفني بلسانه فاستحسنه‪."...‬‬
‫كما يرجح أن تكون اللقاءات اليت مجعت بني يوسف بن اتشفني وأمري إشبيلية‪ ،‬املعتمد‬
‫بن عباد‪ ،‬متت بواسطة مرتجم‪ .‬وتضمنت رسالة الشقندي يف الدفاع عن األندلس‪ 37‬سؤال‬
‫ِّ‬
‫املعتمد يوسف ‪-‬يف أحد لقاءاهتما‪ -‬عن مدى فهمه شعر مادحيه من شعراء األندلس الذين‬
‫كانوا يلقون أشعارهم بني يديهما‪ ،‬فكان جواب يوسف ابلنفي‪ ،‬لكنه شرح للمعتمد أنه يعلم‬
‫‪38‬‬
‫ما يريدون‪.‬‬
‫سانني يف ديوانه لتويل مهمة الكتابة‬
‫وال شك أن اختاذ يوسف للكتّاب الذين يتقنون اللّ ْ‬
‫للملوك وقادة اجليش واألجناد وغريهم‪ ،‬واالستعانة ابملرتمجني لضمان حسن التواصل مع‬
‫اجللساء من امللوك وغريهم‪ ...‬يع ّد من املظاهر ِّّ‬
‫املقربة لفهم وضع األمازيغية يف ذلك العصر‪.‬‬
‫د‪ -‬وضع اللغة األمازيغية زمن املوحدين‬
‫اختلفت الصورة اليت تقدمها املصادر عن اللغة األمازيغية خالل العصر املوحدي اختالفاً‬
‫واضحاً عن تلك اليت قدمتها عنها يف ظل املرابطني‪ ،‬ذلك أن املوحدين متيزوا منذ بداية أمرهم‬

‫‪ -36‬ابن خلكان‪ :‬وفيات األعيان (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.115-114 .‬‬


‫‪ -37‬هي يف األصل مناظرةٌ جرت وقائعها يف جملس أيب حيىي بن أيب زكرايء أمري املوحدين على سبتة‪ ،‬بني أيب الوليد إمساعيل‬
‫بن حممد الشقندي (تويف سنة ‪629‬ه‪1232/‬م ) وأيب حيىي بن املعلم الطنجي‪ ،‬وكان موضوعها يف التفضيل بني املغرب‬
‫بني للشقندي على املرابطني وعلى يوسف بن اتشفني حتديداً‪ ،‬فإهنا تتضمن‬ ‫واألندلس‪ .‬والرسالة مع ما فيها من حتامل ّ ٍ‬
‫إشارات مهمة تفيد يف موضوع هذه الورقات‪.‬‬
‫راجع النص الكامل لرسالة الشقندي عند‪:‬‬
‫‪ -‬املقري التلمساين‪ ،‬أبو العباس أمحد (ت‪1041 .‬هـ‪1631/‬م)‪ :‬نفح الطيب يف ذكر غصن األندلس الرطيب‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫إحسان عباس (‪ ،)1997‬بريوت‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ص‪.222-186 :‬‬
‫وانظر تناوالً لبعض مضامني الرسالة عند‪:‬‬
‫‪ -‬حافظي علوي‪ ،‬حسن (‪ :)2007‬املرابطون‪ :‬الدولة‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬اجملتمع‪ ،‬الرابط‪ ،‬جذور للنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ص‪( 39-9 :‬ص‪.‬‬
‫‪ ،32‬ها‪.)5 .‬‬
‫‪ -38‬ونصه‪ ،‬كما ورد عند املقري‪ :‬نفح الطيب (م‪ .‬س)‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪..." :191‬فإن املعتمد قال له [البن اتشفني] أيعلم أمري‬
‫املسلمني ما قالوه؟ [يقصد شعراء األندلس] قال‪ :‬ال أعلم‪ ،‬ولكنهم يطلبون اخلبز"‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫عما كان عليه سلفهم‪ ،‬وكانوا أكثر جرأ ًة يف التعامل مع املسألة اللغوية‪ .‬فهذا‬
‫مبقاربة خمتلفة ّ‬
‫املتدين للعربية لدى املصامدة‪ ،‬والرامي‪ ،‬من جهة‬
‫ابن تومرت الواعي‪ ،‬من جهة‪ ،‬ابملستوى ّ‬
‫اثنية‪ ،‬لتوحيد الناس قصد إجناح مشروعه السياسي الذي ال جناح له بغريهم‪ ،‬سلك طرقاً‬
‫‪39‬‬
‫ضم ن هبا نشر أفكاره بينهم‪ ،‬ومن ذلك وضعه للتآليف املوجهة لألتباع ابللسان الغريب‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫فقد كان أفصح أهل زمانه يف ذلك اللّسان‪ 40.‬لذا‪ ،‬كان "أول ما دبّر به ْأمرهم أنه ألّف هلم‬
‫كتاابً مساه التوحيد ابللسان الرببري‪ ،‬وهو سبعة أحزاب‪ ،‬عدد أايم اجلمعة‪ ،‬وأمرهم بقراءة‬
‫حزب واحد منه كل يوم إثر صالة الصبح بعد الفراغ من حزب القرآن"‪ 41.‬وتذكر بعض‬
‫الرواايت أن املهدي ألزمهم حبفظه "وقال هلم‪ :‬من ال حيفظ هذا التوحيد فليس مبؤمن‪ ،‬وإمنا‬
‫كافر ال جتوز إمامته وال تؤكل ذبيحته‪ ،‬فصار هذا التوحيد عند قبائل املصامدة كالقرآن‬
‫هو ٌ‬
‫‪42‬‬
‫العزيز"‪.‬‬
‫ويضيف صاحب احللل املوشية أن ابن تومرت وضع ألصحابه كتابني آخرين‪ ،‬خمتلفني‬
‫عن السابق ذكره (أي كتاب التوحيد)‪ ،‬أحدمها "مساه ابلقواعد‪ ،‬وآخر مساه ابإلمامة‪ ،‬مها‬
‫ودوهنما ابلعريب‬
‫أبيدي الناس إىل هذا العهد [الربع األخري من القرن ‪8‬ه‪44‬ـ‪14/‬م] ّ‬ ‫موجودان‬
‫وابلرببري"‪ 43.‬غري أن ّأايً من الثالثة مل يصل إلينا ابلصيغة املصمودية‪.‬‬

‫‪ -39‬يسمى به لسان املصامدة خالل القرن ‪6‬ه‪12 /‬م‪.‬‬


‫‪ -40‬املراكشي‪ ،‬عبد الواحد (ت‪647 .‬هـ‪1249/‬م)‪ :‬الـمُعجب يف تلخيص أخبار املغرب‪ ،‬ضبط وتصحيح وتعليق‪ :‬حممد‬
‫سعيد العراين وحممد العريب العلمي (‪ ،)1978‬الدار البيضاء‪ ،‬دار الكتاب‪ ،‬ط‪ ،7‬ص ‪.274‬‬
‫وعند صاحب احللل املوشية‪ ،‬أنه "كان أفصح الناس يف اللّسان العريب واللّسان الرببري"‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬جمهول (يُنسب البن مساك العاملي‪ /‬كان حيّاً سنة ‪783‬هـ‪1381/‬م)‪ :‬احللل املوشية يف ذكـر األخبار املراكشـية‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫سهيل زكار‪ ،‬وعبد القادر زمامة (‪ ،)1979‬الدار البيضاء‪ ،‬دار الرشاد احلديثة‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.110‬‬
‫أما ابن خلكان فقد وصف املهدي أبنه "كان شجاعاً فصيحاً يف اللسان العريب واملغريب"‪ .‬انظر‪:‬‬
‫وفيات األعيان (م‪ .‬س)‪ ،‬ج‪ ،5‬ص ‪.46‬‬
‫‪" -41‬وهو حيتوي على معرفة هللا تعاىل‪ ،‬وسائر العقائد كالعلم حبقيقة القضاء والقدر‪ ،‬واإلميان مبا جيب هلل تعاىل‪ ،‬وما‬
‫يستحيل عليه‪ ،‬وما جيوز وما جيب على املسلم من األمر ابملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬وواخى بينهم فيه"‪ .‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬جمهول‪ :‬احللل املوشية (م‪ .‬س)‪ ،‬ص ‪ .110-109‬وورد هذا النص خمتصراً عند ابن القطان املراكشي (ت‪.‬‬
‫‪628‬ه‪1230/‬م)‪ :‬نظم اجلمان لرتتيب ما سلف من أخبار الزمان‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممود علي مكي (‪ ،)1990‬بريوت‪ ،‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.129‬كما أورده عبد الواحد املراكشي بصيغة‪" :‬وألّف هلم عقيدة بلساهنم"‪ :‬الـمُعجب (م‪.‬‬
‫س)‪ ،‬ص ‪.274‬‬
‫‪ -42‬ابن أيب زرع‪ :‬األنيس املطرب (م‪ .‬س)‪ ،‬ص ‪.227-226‬‬
‫‪ -43‬جمهول‪ :‬احللل املوشية (م‪ .‬س)‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ -44‬ورد تفصيل عنها يف القائمة اليت وضعها انسخ موطأ اإلمام املهدي (حماذي املوطأ) لتعليقات ابن تومرت‪ ،‬يف هنايته‪،‬‬

‫‪40‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫ومن حرص املهدي على تسهيل تواصله مع األتباع‪ ،‬وتسريع وترية أتثريه يف اجملتمع لتبليغ‬
‫آراءه للناس‪ ،‬كان يتوىل تدريس كتبه للقوم بنفسه وبلساهنم‪ ،‬وهو ما أشار إليه ابن خلدون يف‬
‫معرض حديثه عنه بقوله‪" :‬فنزل على قومه [إبيگليز من بالد هرغة]‪ ،‬وذلك سنة مخس عشرة‬
‫ومخسمائة‪ ،‬وبىن رابطة للعبادة‪ ،‬واجتمعت إليه الطلبة والقبائل فأعلمهم املرشدة والتوحيد‬
‫‪45‬‬
‫ابللسان الرببري"‪.‬‬
‫ومن عناية ابن تومرت ابللغة األمازيغية‪ ،‬أ ْن أحدث نداءً للصالة ابللّسان املصمودي‪،‬‬
‫(صاد مشمومة بزاي‪ :‬اتﮊالّيت)‪.‬‬
‫بعد األذان الشرعي ابلعربية‪ ،‬وهو عبارة‪ :‬تصاليت اإلسالم ٌ‬
‫جره عليه هذا وغريه من الـمـُحداثت من انتقاد مجلة من العلماء والفقهاء ابملغرب‬
‫رغم ما ّ‬
‫واألندلس الذين ب ّدعوه فيها‪ ،‬وأبرزهم إبراهيم الشاطيب‪ ،‬الذي نسب إليه بدعاً أحدثها‬
‫ابملغرب منها ‪" :‬وجوب التثويب بتصاليت اإلسالم‪ ،‬وبقيام تصاليت سوردين ابردي [كذا]‪،‬‬
‫وأصبح وهلل احلمد‪ 46،"...‬ومن العلماء من مل ير هبا أبساً‪ ،‬مثل أمحد بن حيىي الونشريسي‬
‫‪47‬‬
‫الذي عدَّها من "املستحسن من البدع"‪.‬‬

‫أعز ما يُطلب (‪ )...‬املرشدة (‪ )...‬وفيه ابللسان الغريب‪ :‬السبعة أحزاب‪ ،‬الدواتر [كذا]‪ ،‬وهو‬ ‫وعبارته‪..." :‬وهي ّ‬
‫الطهارة‪ ،‬عالمة املنافق أحمانت أكوصت اتزكوت ان تيتار نوفنادر ان اي العاملني[كذا]‪ ،‬وغري ذلك من التعاليق‬
‫املفيدة‪ ."...‬انظر‪:‬‬
‫عمار الطاليب‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬‬ ‫‪ -‬ابن تومرت‪ ،‬حممد (مهدي املوحدين)‪ :‬أعزّ ما يُطلب‪ ،‬تقدمي وحتقيق‪ّ :‬‬
‫‪ ،1985‬ص ‪( 14‬من مقدمة احملقق)‪.‬‬
‫‪ -45‬ابن خلدون‪ ،‬عبد الرمحن (ت‪808 .‬هـ‪1406/‬م)‪ :‬كتاب العرب وديوان املبتدأ واخلرب يف أايم العرب والعجم والرببر ومن‬
‫عاصرهم من ذوي السلطان األكرب‪ ،‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،2006 ،3‬ج‪ ،6‬ص ‪.268‬‬
‫وقد خلّص ابن النقاش منهجية ابن تومرت يف التعليم والتوجيه وصفاً بليغاً‪ ،‬فقد "كان من حزمه وحرصه على هداية اخللق‬
‫سهل على الناس طرق االستدالل‪ ،‬ووضع تصانيف للعقائد رفعاً لاللتباس عليهم‪ ،‬وبياانً‬ ‫واستمرار كلمة احلق‪ ،‬أن ّ‬
‫لإلشكال‪ .‬وكان أييت كل قوم بلغته م‪ ،‬وكل طائفة من ابهبا‪ ،‬حىت لقد رأيت له عقيدة ابللّسان الرببري وابملصمودي‪.‬‬
‫ومل يزل رضي هللا عنه على ذلك إىل أن اشتهرت الطريقة الدينية واتضحت امللّة احلنيفية‪ ."...‬انظر‪:‬‬
‫‪ -‬ا بن النقاش‪ ،‬أبو عبد هللا حممد بن أيب العباس أمحد بن إمساعيل بن علي األموي‪ :‬الدرة املفردة يف شرح العقيدة املرشدة‪،‬‬
‫خمطوط ابملكتبة الوطنية للمملكة املغربية‪ ،‬رقم ‪ 283‬ق‪ ،‬و‪ 2691‬ك‪ ،‬ص ‪ .305‬نقلته عن‪ :‬عبد اجمليد النجار (‪:)1983‬‬
‫املهدي بن تومرت‪ ،‬حياته وآراؤه‪ ،‬وثورته الفكرية واالجتماعية‪ ،‬وأثره ابملغرب‪ ،‬بريوت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫ص‪.455‬‬
‫‪ -46‬انظر‪ :‬الشاطيب‪ ،‬إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي الغرانطي (ت‪790 .‬هـ‪1388/‬م)‪ :‬االعتصام‪ ،‬مطبوعات احلليب‪،‬‬
‫مصر‪1332 ،‬ه‪1913 /‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.207‬‬
‫‪ -47‬الونشريسي‪ ،‬أبو العباس أمحد بن حيىي (ت‪914 .‬هـ‪1508/‬م)‪ :‬املعيار الـمُعرب واجلامع الـمُغرب عن فتاوي أهل إفريقية‬
‫واألندلس واملغرب‪ ،‬ختريج‪ :‬مجاعة من الفقهاء إبشراف حممد حجي (‪ ،)1981‬نشر وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‬
‫ابملغرب‪ ،‬بريوت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.465 ،461‬‬

‫‪41‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫مل يتوقف اهتمام املوحدين ابملسألة اللغوية بوفاة املهدي‪ ،‬بل ظل مهّاً صحب من ورثوا‬
‫عنه احلكم‪ ،‬لذات املقاصد اليت منها حتقيق تواصل جيد مع الرعية‪ ،‬سواءٌ يف ما له صلة‬
‫ابلشؤون الدينية أو الدنيوية‪ ،‬فقد كانت للخليفة عبد املؤمن بن علي عناية خاصة مبؤلفات‬
‫يتوىل تدريس مسائل منها بنفسه‪ ،‬فضالً عن أنه أمر من يفهمون اللّسان‬ ‫املهدي‪ ،‬وكان ّ‬
‫‪48‬‬
‫الغريب بقراءة توحيد املهدي بذلك اللّسان‪.‬‬
‫ووصف عبد الواحد املراكشي سفر اخللفاء املوحدين وحاشيتهم وصفاً دقيقاً‪ ،‬وممّا ذكر أنه‬
‫عندما ينطلق الركب يقف اخلليفة ويدعو‪ ،‬مث يقرأ الطلبة حزابً من القرآن‪ ،‬وشيئاً من احلديث‪،‬‬
‫‪49‬‬
‫"مث يقرأون تواليف ابن تومرت يف العقائد بلساهنم وابللسان العريب"‪.‬‬
‫ويبقى احلدث الذي ميّز سياسة املوحدين حيال املسألة اللغوية‪ ،‬ما أقدموا عليه غداة‬
‫دخوهلم مدينة فاس يف عهد اخلليفة عبد املؤمن‪ ،‬حيث عمدوا إىل عزل خطيب جامع‬
‫وخلقاً‪ ،‬وأفصحهم‬
‫القرويني‪ ،‬الفقيه مهدي بن عيسى‪ ،‬رغم أنه "كان من أحسن الناس خ ْلقاً ُ‬
‫لساانً وأكثرهم بياانً (‪ )...‬وقدموا مكانه الفقيه الصاحل املبارك علي بن عطية ألجل حفظه‬
‫للّسان الرببري ‪ ،‬ألهنم كانوا ال يقدمون للخطابة واإلمامة إال من حيفظ التوحيد ابللّسان‬
‫‪50‬‬
‫الرببري"‪.‬‬
‫وهذا النص صريح يف شرط اخلطابة جبامع القرويني‪ ،‬غري أننا ال نعلم إ ْن وقع تعميم ذلك‬
‫على كل منابر املغرب‪ ،‬أم أن األمر بقي مقتصراً على فاس ملكانتها العلمية والروحية‪ .‬رغم ما‬

‫الغريب ويتكلّمون به أن يقرأوا التوحيد [يقصد‬


‫‪-48‬فقد ورد يف رسالته إىل طلبة جباية‪..." :‬ويؤمر الذين يفهمون اللسان َّ‬
‫ويتعهدوه"‪.‬‬
‫ويفصوه‪ ،‬ويالزموا قراءته ّ‬
‫التوحيد التومريت] بذلك اللسان‪ ،‬من ّأوله إىل آخر القول يف املعجزات وحيفظوه ُّ‬
‫كتّاب الدولة املؤمنية‪ :‬جمموع رسائل موحدية من إنشاء كتّاب الدولة املؤمنية‪ ،‬اعتىن إبصدارها ليفي بروفنسال (‪،)1941‬‬
‫مطبوعات معهد العلوم العليا املغربية‪ ،‬الرابط‪ ،‬املطبعة االقتصادية‪ ،‬الرسالة الثالثة والعشرون‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ -49‬املراكشي‪ :‬الـمُعجب (م‪ .‬س)‪ ،‬ص ‪.485‬‬
‫‪ -50‬ابن أيب زرع الفاسي‪ :‬األنيس املطرب (م‪ .‬س)‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫ورد هذا النص‪ ،‬مع بعض االختالف‪ ،‬عند‪ :‬اجلزانئي‪ ،‬علي (ق‪9 .‬هـ‪15/‬م)‪ :‬جىن زهرة اآلس ىف بناء مدينه فاس‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫عبد الوهاب بنمنصور (‪ ،)1991‬الرابط‪ ،‬املطبعة امللكية‪ ،‬ط‪ ،2‬ص ‪.56‬‬
‫وملعرفة املزيد عن الوضع اللغوي يف العصر الوسيط عموماً‪ ،‬واملوحدي منه على اخلصوص‪ ،‬يُنظر‪:‬‬
‫‪- Meouak, Mohamed (2015), La langue berbère au Maghreb médiéval : Textes, contextes,‬‬
‫‪analyses, Brill.‬‬
‫‪- El Hour, Rachid (2015), « Reflexiones acerca de las dinastías bereberes y lengua bereber en‬‬
‫‪el Magreb medieval », in : MEAH (Miscelánea de Estudios Árabes y Hebraicos), Sección‬‬
‫‪Arabe-Islam, 64, pp. 43-55.‬‬

‫‪42‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫( ‪Alfred‬‬ ‫تسمح به خامتة النص ذاته من فهم التعميم ال التخصيص‪ .‬وإىل هذا مييل ألْفرد بِّ ْل‬
‫‪51‬‬
‫‪ ،)Bell‬مضيفاً أن خطبة العيد كانت تلقى بذات اللسان أيضاً‪.‬‬
‫وبشكل عام‪ ،‬ميكن القول إن التدابري اليت اختذها اخللفاء املوحدون خبصوص اللغة‬
‫األمازيغية مل تكن من منطلق قومي عرقي‪ ،‬بقدر ما كانت خلفيتها نفعية‪ ،‬وأسهمت يف‬
‫عالج معضلة التواصل اللغوي يف اجملتمع‪ .‬ونفس العناية أو ْلوها للّسان العريب‪ ،‬فكانوا ينتخبون‬
‫ملنابرهم أبلغ اخلطباء من كبار العلماء ابلعدوتني‪ .‬وعموماً‪ ،‬فالبالط املوحدي‪ ،‬ذي الطابع‬
‫األمازيغي األصيل‪ ،‬أتثر ابلثقافة العربية‪ ،‬وابلرغم من ذلك‪ ،‬كان احلكام ال جيدون حرجاً يف‬
‫‪52‬‬
‫استعمال األمازيغية يف نداءاهتم وبالغاهتم حىت مي ّكنوا مستمعيهم من استيعاب خطاابهتم‪.‬‬
‫وبصفة إمجالية‪ ،‬متتعت اللغة األمازيغية خالل العصر املوحدي "بوضع مؤسسايت" غري‬
‫مسبوق‪ ،‬وشكل استعماهلا جتديداً قوايً مقارنة ابلعصور السابقة‪ 53.‬ومل تظهر ذات العناية يف‬
‫العصور الالحقة‪ ،‬وحىت اللّسانيون واملهتمون ابللّغات ال يكادون جيدون كتاابت ابألمازيغية‬
‫‪54‬‬
‫بعد العصر املوحدي‪.‬‬
‫ه‪ -‬وضع اللغة األمازيغية يف ظل املرينيني‬
‫ال منلك كثرياً من املعلومات عن وضع اللغة األمازيغية‪ 55‬ابملغرب يف عصر بين مرين‪ ،‬فلم‬
‫تبين املرينيني‬
‫تكن عنايتهم هبا لتصل مستوى عناية املوحدين‪ ،‬حىت ختلّدها املصادر‪ .‬ولعل يف ّ‬
‫للنسب العريب بعض تفسري ذلك‪ ،‬فمعروف أهنم يرفعون نسبهم إىل ُمضر بن نزار بن معد بن‬
‫تغري لساهنم عن العربية إىل اللغة الرببرية ما ذكره‬
‫عرب صرحيون‪ ،‬والسبب يف ّ‬ ‫عدانن "فهم ٌ‬
‫‪56‬‬
‫علماء التاريخ وأهل املعرفة ابألنساب وأايم الناس"‪.‬‬

‫‪ -51‬ونصه‪" :‬وكانت خطبة اجلمعة يف مساجد املوحدين تُلقى ابللغة الرببرية‪ ،‬وكذلك خطبة العيد"‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪-‬ألْفرد بِّ ْل‪ :‬الفرق اإلسالمية يف الشمال اإلفريقي‪ ،‬من الفتح العريب حىت اليوم‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبد الرمحن بدوي (‪،)1987‬‬
‫بريوت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،3‬ص‪.265‬‬
‫‪ -52‬تويراس‪ ،‬رمحة (‪ :)2015‬تعريب الدولة واجملتمع ابملغرب األقصى خالل العصر املوحدي‪ ،‬مؤسسة اإلدريسي الفكرية‬
‫لألحباث والدراسات‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬ص ‪.224‬‬
‫‪53‬‬
‫‪-Ghouirgate,‬‬ ‫‪Mehdi, L'ordre almohade (1120-1269): une nouvelle lecture‬‬
‫‪anthropologique, Toulouse, Presses universitaires du Midi, 2014, p. 229.‬‬
‫‪54‬‬
‫‪- Galand, Lionel (1991) « Berbères », in : Encyclopédie de l’Islam, NE, T. I, pp. 1208-‬‬
‫‪1222, p. 1215.‬‬
‫‪ -55‬العجمية‪ ،‬أو لغة الرببر‪ ،‬أو لغة املرينيني‪ ،‬أو اللسان الزانيت كما يسميها مؤرخو ذلك العصر‪.‬‬
‫فصل املؤلف يف تلك األسباب يف اتيل الصفحات‬‫‪ -‬ابن أيب زرع‪ :‬األنيس املطرب (م‪ .‬س)‪ ،‬ص‪ .365‬وقد ّ‬
‫‪56‬‬

‫‪43‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫وإىل هذا يرمي شاعر أمراء بين مرين عبد العزيز امللزوزي بقوله‪:‬‬
‫فجاورت زانتة الربابرا‬
‫ْ‬
‫فصريوا كالمهم كما ترى‬
‫ّ‬
‫ما ب ّدل الدهر سوى أقواهلم‬
‫ومل يبدل مقتضى أحواهلم‬
‫فانظر كالم العرب قد تب ّدال‬
‫وحاهلم عن حاله حتوال‬
‫كذاك كانت قبلهم مرين‬
‫كالدر إذ تبني‬
‫كالمهم ّ‬
‫فاختذوا سواهم خليالً‬
‫‪57‬‬
‫فب ّدلوا كالمهم تبديالً‬
‫تبين املرينيني لألصل العريب‪ ،‬بل تبنوا النسب الشريف أيضاً‪ ،‬فقد‬
‫ومل يقتصر األمر على ّ‬
‫اضح أن رهاانهتم السياسية أملت عليهم‬
‫نسبهم البعض إىل اإلمام علي بن أيب طالب‪ .‬وو ٌ‬
‫‪58‬‬

‫القول هبذين األصلني ‪ ،‬فهم يف حاجة للنسب العريب وللشرف ليصنعوا مكانتهم‪ ،‬خاصة يف‬
‫بدو بعيدون عن احلضارة‪.‬‬
‫فاس‪ ،‬حيث يُنظر إليهم نظرة دونية‪ ،‬وأهنم ٌ‬
‫الشح امللحوظ يف األخبار عن وضع األمازيغية يف ظل حكم بين مرين‪،‬‬ ‫ابلرغم من هذا ّ‬
‫إال أن بعض املصادر األدبية حفظت لنا إشارات حمدودة‪ .‬ومن ذلك ما ورد من املزاوجة بني‬
‫األمازيغية والعربية يف بعض األشعار‪ ،‬وهي أن جيمع أحدهم بني ألفاظ عربية وأخرى أمازيغية‬
‫يف البيت الواحد‪ .‬ولعل أقدم ما وصلنا من هذا اللون الشعري يعود للنصف الثاين من القرن‬
‫‪7‬هـ‪13 /‬م (أوائل العصر املريين)‪ ،‬حيث ذكر ابن اخلطيب يف اإلحاطة أن الشاعر أاب فارس‬
‫عبد العزيز بن عبد الواحد امللزوزي‪ ،‬السابق ذكره‪ ،‬كان خياطب السالطني املرينيني بشعر‬
‫(ص ص‪.)368-365 :‬‬
‫‪ -57‬امللزوزي‪ ،‬أبو فارس عبد العزيز بن عبد الواحد (ت‪697 .‬هـ‪1297/‬م)‪ :‬نظم السلوك يف األنبياء واخللفاء وامللوك‪،‬‬
‫نشر‪ :‬عبد الوهاب بن منصور (‪ ،)1963‬املطبعة امللكية‪ ،‬الرابط‪ ،‬ص ‪ .68‬وهي أرجوزة تقع يف ‪ 1325‬بيتاً‪.‬‬
‫‪ -58‬ابن األمحر‪ ،‬أبو الوليد (ت‪810 .‬ه‪1407/‬م)‪ :‬روضة النسرين يف دولة بين مرين‪ ،‬نشر‪ :‬عبد الوهاب بن منصور‬
‫(‪ ،)1962‬املطبعة امللكية‪ ،‬الرابط‪ ،‬ص ‪.8‬‬

‫‪44‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫خيلط فيه بني العربية واألمازيغية‪ ،‬فقد "كان شاعراً ُمكثراً (‪ )...‬جسوراً على األمراء‪ ،‬علِّق‬
‫خبدمة امللوك من آل عبد احلق وأبنائهم‪ ،‬ووقّف أشعاره عليهم‪ ،‬وأكثر النظْم يف وقائعهم‬
‫‪59‬‬
‫عرب ابللسان الزانيت يف خماطباهتم"‪.‬‬
‫وحروهبم‪ ،‬وخلط ال ُـم ّ‬
‫كما برز يف العصر املريين ذاته‪ ،‬الشاعر عبد هللا الزرهوين‪ ،‬املعروف ابلكفيف (تويف أواسط‬
‫(ح ْركة)‬
‫القرن ‪8‬هـ‪14 /‬م)‪ ،‬الذي أنشأ قصيدة‪ /‬ملحمة من ‪ 497‬بيتاً يصف فيها محلة ْ‬
‫السلطان أيب احلسن املريين من املغرب األقصى إىل املغرب األدىن‪ ،‬سنة ‪748‬هـ‪1347 /‬م‪،‬‬
‫واليت كان يروم منها توحيد بالد املغرب‪ .‬فكان الزرهوين ميزج يف شعره بني العامية املغربية‬
‫والزجل األندلسي تتخللهما مفردات أمازيغية‪ ،‬وهذه مناذج منه‪:‬‬
‫وجلْبل الزان ولُوطا حرك‬
‫ْ‬
‫ما ْخالّ ال ْسبع وال ِغيالس‪[ 60‬النمر]‬
‫حىت ابخليل ردها شعرا‬
‫ومن الواد الكبري ْسقى إيسا ْن‪[ 61‬اخليل]‬
‫ما ْخالّ ال ذهب وال درا‬
‫إالّ محل يف ظْهور إيسردان‪[ 62‬البغال]‬
‫واهنزموا وحرفوا اخليمات لورا‬
‫حياموا ابلسيف عن تيسدانن‪[ 63‬النساء]‬

‫‪ -59‬لسان الدين ابن اخلطيب‪ ،‬حممد بن عبد هللا (ت‪776 .‬هـ‪1374/‬م)‪ ،‬اإلحاطة يف أخبار غرانطة‪ ،‬ج‪ ،4‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫عبد هللا عنان (‪ ،)1977‬القاهرة‪ ،‬الشرکة املصرية للطباعة والنشر‪ ،‬مکتبة اخلاجني‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫غري أين مل أقف يف أرجوزة نظم السلوك‪ ،‬املذكورة‪ ،‬على شيء من الشعر مزدوج اللغة‪ ،‬ولعله يف قصائد غريها مل تصلنا‪.‬‬
‫‪ -60‬الكفيف الزرهوين‪ :‬ملعبة الكفيف الزرهوين‪ ،‬تقدمي وتعليق وحتقيق‪ :‬حممد بن شريفة (‪ ،)1987‬الرابط‪ ،‬املطبعة امللكية‪،‬‬
‫ص ‪ ،73‬البيت‪ .114 :‬وما بني القوسني املعقوفني زايدة مين لشرح الکلمات األمازيغية‪.‬‬
‫‪ -61‬الزرهوين‪ :‬ملعبة (م‪ .‬ن)‪ ،‬ص ‪ ،73‬البيت‪.116 :‬‬
‫‪ -62‬الزرهوين‪ :‬ملعبة (م‪ .‬ن)‪ ،‬ص ‪ ،79‬البيت‪.142 :‬‬
‫‪ -63‬الزرهوين‪ :‬ملعبة (م‪ .‬ن)‪ ،‬ص ‪ ،92‬البيت‪.221 :‬‬

‫‪45‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫و‪ -‬صورة اللغة األمازيغية يف مؤلفات النخبة‬


‫يُقصد منها كيفية تصوير كتاابت علماء املغرب الوسيط اللغة األمازيغية‪ ،‬سواءٌ من حيث‬
‫تبني من خمتلف‬
‫أصوهلا وتفرعاهتا وتوزيعها‪ ،‬وكذا من انحية معاين كلماهتا ودالالهتا‪ ،...‬فقد ّ‬
‫النصوص أن احلديث عن األمازيغية كان مسألة طبيعية يف تلك الفرتة‪ ،‬وكانت تُتناول بني‬
‫الفينة واألخرى وكلما دعت إىل ذلك ضرورة‪ ،‬خاصة عندما تكون موضوع سؤال ألهل‬
‫الشأن الديين من العلماء والفقهاء‪ .‬ويكفي التمثيل هلذا ابلنازلة الواردة عند الونشريسي‪،‬‬
‫"عمن ال يعرف العربية‪ ،‬هل له أن يدعو‬ ‫ومضموهنا أن أحد الناس سأل بعض العلماء ّ‬
‫‪64‬‬
‫ابلرببرية يف صالته أم ال؟ فأجاب أبن قال‪ :‬نعم‪ ،‬هللا أعلم بكل لغة"‪.‬‬
‫متفرقةً يف مصادر خمتلفة‪ ،‬خاصة يف كتب الرتاجم واملناقب‬ ‫وجند أخباراً يف ذات املوضوع ّ‬
‫والتصوف‪ ،‬مثل كتاب التشوف للتاديل‪ ،‬واملستفاد للتميمي‪ ،‬وغريمها‪ .‬فهذا النوع من‬
‫الزهاد يوظفون اللغة األمازيغية يف‬
‫تبني كيف كان بعض العُبّاد و ّ‬ ‫املؤلفات يزخر ابألخبار اليت ّ‬
‫وعظ املريدين وإرشادهم‪ .‬والظاهر أن استعماهلم هلا يكون إما لقلّة بضاعتهم يف العربية أو‬
‫رغبة منهم يف التواصل مع املريدين بلساهنم‪ ،‬ومنهم من يزاوج بني اللغتني حسب ما يقتضيه‬
‫اجرام اهلزمريي‬
‫ت بن و ّ‬ ‫وانر ْ‬
‫املقام‪ .‬فهذا ابن الزايت التاديل حيدثنا عن املتصوف أبو وجلوط تُ ْ‬
‫(ت‪ .‬سنة ‪608‬ه‪1211/‬م) الذي كان واعظاً بليغاً يف قومه ابللسان املصمودي‪ .‬أما أاب‬
‫‪65‬‬

‫كل وعظه ودعائه‬ ‫ّ‬ ‫علم ابلعربية‪ ،‬إمنا كان‬


‫ٌ‬ ‫يعزى يِّلنّ ْور (ت‪572 .‬ه‪1176/‬م)‪ ،‬فلم يُعرف عنه‬
‫ابللّسان األمازيغي‪ ،‬وقد حكى عنه التميمي يف املستفاد أحواالً غريبةً يف هذا الباب‪ 66.‬أما‬

‫‪ -64‬الونشريسي‪ :‬املعيار الـمُعرب (م‪ .‬س) ج‪ ،1‬ص ‪.186‬‬


‫‪ -65‬ابن الزايت التاديل‪ ،‬أبو يعقوب يوسف بن حيىي (ت‪627 .‬ه‪1230/‬م)‪ :‬التشوف إىل رجال التصوف‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد‬
‫التوفيق (‪ ،)1984‬منشورات كلية اآلداب ابلرابط‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪( 401 :‬الرتمجة رقم‪:‬‬
‫‪.)223‬‬
‫‪ -66‬من ذلك ما حكاه عنه يوم شكى الناس إليه القحط واحتباس املطر‪ ،‬وسألوه الدعاء "ورفع يديه والناس خلفه‪ ،‬وكان‬
‫ففهمت من كالمه أنه قال‪ :‬اي سيدي‪"...‬؛ ومن ذلك أيضاً أنه إذا "أخذ يف الدعاء ابللسان الغريب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ال حيسن العربية‪،‬‬
‫بل العجمي‪ ،‬ال يبقى أحد يف املسجد إال خشع وبكى‪ ،‬وأخذته حالة شريفة وحضور قلب ورقّة ال يوجد مثلها عند‬
‫دعاء غريه‪ .‬وكنت أجد ذلك من نفسي مع أين ال أفهم ما يقول"‪ .‬انظر‪:‬‬
‫التميمي الفاسي‪ ،‬أبو عبد هللا حممد بن عبد الكرمي (ت‪603 .‬ه‪1206/‬م)‪ :‬املستفاد يف مناقب العبّاد مبدينة فاس وما يليها‬
‫من البالد‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد الشريف (‪ )2002‬منشورات كلية اآلداب بتطوان‪ ،‬الرابط‪ ،‬طوب بريس‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،2‬ص ‪.36 ،32‬‬

‫‪46‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫التاديل فذكر أن أليب يعزى ترمجاانً يشرح كالمه لزائريه ممن ال يفهمون اللسان‪ 67.‬وأورد العزيف‬
‫‪68‬‬
‫يف دعامة اليقني عدة حوادث يف جمالس أيب يعزى حضر فيها من يرتجم عنه‪.‬‬
‫سيكون تناول صورة اللغة األمازيغية يف كتاابت النخبة املغربية الوسيطية من خالل مخسة‬
‫أمثلة‪ ،‬يراعى يف إيرادها الرتتيب الزمين‪ ،‬للوقوف على تطور املواقف من املسألة‪ .‬املثال األول‬
‫يوضح كيفية تعامله مع األمساء األمازيغية لألماكن؛ والثاين‬ ‫نص من كتاب أيب عبيد البكري ّ‬
‫للبيذق الذي كان لألمازيغية حضور الفت يف أعماله؛ أما املثال الثالث فهو للشريف‬
‫س‬ ‫اإلدريسي الذي وضع املقابِّالت األمازيغية ألمساء النبات والعقاقري؛ والرابع مبثابة ٍ ِّ‬
‫مؤس ٍ‬
‫نص ّ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫بنصوص‬ ‫ابحلروف العربية؛ وانتهاءً‬ ‫البن خلدون يف موضوع رسم بعض األصوات األعجمية‬
‫‪69‬‬
‫عرف فيها اللغة األمازيغية والقبائل الناطقة هبا‪.‬‬
‫للحسن الوزان يُ ّ‬
‫‪ ‬أبو عبيد هللا البكري (تويف سنة ‪487‬هـ‪1094/‬م)‬
‫بكتابيه‪ :‬معجم ما استعجم من أمساء‬
‫ْ‬ ‫يعترب البكري جغرافياً وأديباً ونباتياً أندلسياً‪ ،‬اشتهر‬
‫البالد واملواضع؛ واملسالك واملمالك‪ .‬عُرفت أخباره ابلدقة والضبط‪ ،‬وله عناية كبرية أبمساء‬
‫األماكن‪ .‬اختار البكري لنفسه منهجاً يسلكه عند إيراده أمساء األماكن ذات األصل‬
‫األمازيغي‪ ،‬فنجده يورد العلم يف صيغته األصلية ويُردفه مبعناه العريب‪ ،‬توخياً منه سالمة النقل‪،‬‬
‫وإثبات املعىن الذي حيرص على إيصاله لقارئه‪.‬‬
‫وجدير ابإلشارة أن البكري مل يزر املغرب‪ ،‬إمنا مكنته طبيعة عمله ابألندلس من االطالع‬
‫على "معطيات رمسية" هتم البالد‪ ،‬فضالً عن اعتماده كتباً هامةً ضاعت ومل تصلنا‪ ،‬من أبرزها‬
‫الوراق (ت‪362 .‬ه‪973/‬م)‪ .‬فجاءت أخبار‬ ‫كتاب مسالك إفريقية وممالكها حملمد بن يوسف ّ‬

‫‪ -67‬التاديل‪ :‬التشوف (م‪ .‬س)‪ ،‬ص ‪.218‬‬


‫‪ -68‬العزيف‪ ،‬أبو العباس (ت‪633 .‬ه‪1236/‬م)‪ :‬دعامة اليقني يف زعامة املتقني (مناقب الشيخ أيب يعزى)‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد‬
‫التوفيق (‪ ،)1989‬الرابط‪ ،‬مكتبة خدمة الكتاب‪ ،‬ص ‪ 59‬على سبيل املثال‪.‬‬
‫‪ -69‬االقتصار على هذه األمثلة اخلمسة هو لضرورة منهجية تروم الرتكيز واالختصار‪ ،‬وال ينفي ذلك وجود مصادر أخرى‬
‫سامهت بطريقة مباشرة أو غري مبا شرة‪ ،‬يف تشكيل صورة اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى خالل العصر الوسيط‪ .‬من‬
‫ذلك ما جنده متفرقاً يف كتاب الـمُعجب لعبد الواحد املراكشي (ص ‪ ،)...482 ،262‬ونظم اجلمان البن القطان (ص‬
‫‪ 90‬مثالً)؛ وما كتبه العبدري احليحي يف رحلته عندما انتقد تفسريات البكري لبعض ألفاظ اللّغة األمازيغية‪ .‬انظر‪:‬‬
‫العبدري‪ ،‬أبو عبد هللا حممد بن حممد (ت‪ .‬بعد سنة ‪700‬ه‪1300/‬م)‪ :‬رحلة العبدري‪ ،‬حتقيق‪ :‬علي ابراهيم كردي‬
‫(‪ ،)2005‬دمشق‪ ،‬دار سعد الدين‪ ،‬ط‪ ،2‬ص ‪.339‬‬

‫‪47‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫البكري مفصلة ودقيقة ّأهلت كتابه ليحتل الصدارة‪ ،‬بل التفرد واحلصر أحياانً يف إيراد بعض‬
‫‪70‬‬
‫األخبار‪.‬‬
‫أورد البكري يف مسالكه طائف ًة من أمساء األماكن ابألمازيغية‪ ،‬تناوهلا ابلدراسة سامل شاكر‬
‫يف مقالني هامني‪ 71.‬وسأكتفي هنا بنص منوذجي يتحدث فيه البكري‪ ،‬وهو يصف احملور‬
‫الطرقي الرابط بني سجلماسة وغانة‪ ،‬عن مواضع جغرافية متعددة‪ ،‬مورداً األصل واملعىن‪،‬‬
‫تيسنت؟]‬ ‫تيسن [ن ْ‬ ‫قائالً‪" :‬فمن تيومتني إىل اتجماثت مرحلةِّ (‪ ،)...‬ومن هناك إىل أمان ّ‬
‫ؤدادن] مرحلة‪ ،‬وتفسريه‪ :‬بئر األايئل‬ ‫[تني ْ‬ ‫مرحلة‪ ،‬وتفسريه‪ :‬املاء املاحل‪ ،‬ومنه إىل تنودادن ْ‬
‫(‪ ،)...‬ومنه إىل تونني ان وجلّيد [تونني نوگلّيد] تفسريه‪ :‬آابر األمري مرحلة‪ ،‬ومنه إىل أمان‬
‫يِّسيدان‪ ،‬تفسريه‪ :‬ماء النعام‪ ،‬ومنه إىل اجر ان ووشان [إ ْگ ْر ْن وو ّشا ْن‪ ،‬أو‪ :‬إ ْگر ْن وو ّْش ْن]‪،‬‬
‫‪72‬‬
‫أي‪ :‬ف ّدان الذئب‪."...‬‬
‫‪ ‬أبو بكر بن علي الصنهاجي‪ ،‬املعروف ابلبيذق (كان حيّا سنة ‪555‬ه‪/‬‬
‫‪1160‬م)‬
‫يع ّد البيذق من تالمذة املهدي بن تومرت وأنصار دعوته‪ ،‬وكان ضمن من صحبوه يف‬
‫دوهنا يف‬
‫رحلة العودة من املشرق سنة ‪510‬ه‪1116 /‬م‪ .‬وهوشاهد عيان على األحداث اليت ّ‬
‫الكتابني املنسوبني إليه‪ ،‬ومها‪ :‬أخبار املهدي بن تومرت؛ واملقتبس من كتاب األنساب يف‬
‫معرفة األصحاب‪ 73.‬فقد حضر معظم غزوات املهدي ومعركة البحرية‪ ،‬وكان من مرافقي‬

‫‪ -70‬من ذلك مثالً ما أورده عن "بورغواطة"‪ ،‬حيث يعترب كتابه املصدر األساسي الذي استقى منه الدارسون معلوماهتم عن‬
‫هذه النِّّحلة‪.‬‬
‫‪- Chaker, Salem (1981) : «Données sur la langue berbère à travers les textes anciens : la‬‬
‫‪71‬‬

‫‪description de l’Afrique septentrionale d’Abou Obeïd El-Bekri», in : Revue de l'Occident‬‬


‫‪musulman et de la Méditerranée (ROMM), Vol. 31, N. 1, pp. 31-46.‬‬
‫‪-Chaker, Salem (1983) : «La langue berbère à travers l’onomastique médiévale : El-Bekri »,‬‬
‫‪in : Revue de l'Occident musulman et de la Méditerranée (ROMM), Vol. 35, N. 1, p. 127-‬‬
‫‪144.‬‬
‫‪ -72‬البكري‪ :‬الـمُغرب (م‪.‬ن)‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫كتابني له‪ ،‬ليس هذا‬
‫‪ -‬نشأ نقاش بني الباحثني يف اتريخ الدولة املوحدية عن حقيقة شخصية البيذق‪ ،‬وصحة نسبة ال ْ‬
‫‪73‬‬

‫حمل التفصيل فيه‪ .‬كما كان كتابه‪ :‬أخبار املهدي بن تومرت مصدراً لبعض املؤرخني الالحقني عليه‪ ،‬فقد اعتمده كل من‬
‫ابن القطان يف نظم اجلمان؛ وابن عذاري يف البيان املغرب‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫جيش خليفة املهدي‪ ،‬عبد املؤمن بن علي يف غزو املغربني األقصى واألوسط‪ .‬ولعله تويف‬
‫‪74‬‬
‫أواخر عهد عبد املؤمن‪.‬‬
‫الكتابني ابلبساطة يف التعبري‪ ،‬فلغته ال تكلّف فيها‪ ،‬بل هي أقرب‬
‫ْ‬ ‫متيزت لغة البيذق يف‬
‫للّغة الشفهية أحياانً‪ ،‬فنجده خيلط اللغة العربية ابلعامية وابألمازيغية يف مجلة واحدة‪ ،‬وهذا‬
‫رمبا بسبب ضعف مستواه يف العربية‪ .‬ويبدو أن مهّه مل يكن سوى تدوين اخلرب أبيسر كلفة‪.‬‬
‫كتابيه بني كلمات حمدودة‪ ،‬يف شكل مصطلحات‪،‬‬ ‫يرتاوح استعمال البيذق لألمازيغية يف ْ‬
‫ٍ‬
‫كم كبري من أمساء األماكن‬ ‫ِّ‬
‫وبني عبارات ومجل تتفاوت يف الطول والقصر؛ فضالً عن ّ‬
‫واألشخاص والقبائل‪ .‬ومن مناذج املصطلحات ذات الداللة اخلاصة‪:‬‬
‫گ‪ 75:‬ويعين املكان الواسع‪ ،‬ويف االصطالح املوحدي "رحبة القصر" املخصصة‬ ‫‪ -‬أَسارا ْ‬
‫لالستعراضات‪ .‬ويقصد به يف نص البيذق‪ :‬احلظرية املع ّدة لربط اخليول‪.‬‬
‫اس‪ 76:‬هو طعام وليمة أو مأدبة مجاعية معروف لدى املصامدة‪ ،‬يُصنع مبناسبة إنشاء‬ ‫أْس ْ‬
‫‪ْ -‬‬
‫التحالفات أو تقويتها خلوض احلرب ضد حلف أو قبيلة أخرى ‪.‬‬
‫‪77‬‬

‫گور‪ 78:‬من أنواع الذرة‪ ،‬ولعله "البكري" منها (من‪ :‬إِّْزو ْار‪ ،‬مبعىن تقدم)‪.‬‬
‫‪ْ -‬أمز ْ‬
‫‪ -‬أ ْگراو‪ 79:‬يعين اجملمع‪ ،‬ويف النص يدل على مكان يعظ فيه اخلليفة األتباع من املوحدين‪.‬‬
‫گمي‪ 80:‬لغةً‪ :‬ابب الدار‪ .‬لكنه يف االصطالح املوحدي‪ ،‬يعين احلد الذي يفصل‬‫‪ -‬إميي ن تْ ّ‬
‫‪81‬‬
‫اجملال املخصص للخليفة وأسرته داخل القصر (دار اخلليفة) عن بقية القصر‪.‬‬

‫‪ -74‬البيذق‪ ،‬أبو بكر بن علي الصنهاجي (كان حيّاً سنة ‪555‬ه‪1160/‬م)‪ :‬أخبار املهدي بن تومرت‪ ،‬حتقيق وتقدمي‬
‫وتعليق‪ :‬عبد احلميد حاجيات (‪ ،)1986‬اجلزائر‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬ط‪ ،2‬ص‪.11-10 .‬‬
‫‪ -75‬البيذق‪ :‬أخبار املهدي‪ ،‬طبعة الرابط (م‪ .‬س)‪ ،‬ص‪.33 .‬‬
‫‪ -76‬البيذق‪ :‬أخبار املهدي‪ ،‬طبعة الرابط (م‪ .‬س)‪ ،‬ص‪.81 ،56 ،33 .‬‬
‫‪ -77‬عن دالالت أمساس‪ ،‬ودوره االجتماعي عند املصامدة‪ ،‬يُنظر‪:‬‬
‫اس) لدى مصامدة العصر الوسيط"‪ ،‬ضمن‪ :‬الرتاث‬ ‫الوايف نوحي (‪":)2019‬التحالف عند القبائل األمازيغية‪ ،‬ورمزية (أ ْمس ْ‬
‫الالّمادي ابجلنوب املغريب‪ ،‬الرابط‪ ،‬دار أيب رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬ص ص‪.235-229 :‬‬
‫‪ -‬البيذق‪ :‬أخبار املهدي (م‪ .‬س)‪ ،‬ص‪ .48 .‬وذكر يف (ص‪" :)95 .‬أ ْ‬
‫َسنْگار" وهو الذرة‪.‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪ -79‬البيذق‪ :‬أخبار املهدي (م‪ .‬ن)‪ ،‬ص‪.57 .‬‬


‫‪ -80‬البيذق‪ :‬أخبار املهدي (م‪ .‬ن)‪ ،‬ص‪.79 .‬‬
‫‪- Ghouirgate, L'ordre almohade (op. cit), p. 502.‬‬
‫‪81‬‬

‫‪49‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫‪ -‬تيظاف‪/‬برج تيظاف‪ 82:‬تيظاف‪ ،‬معناها احلراسة أو االستخبار واالستطالع؛ وبرج‬


‫تيظاف‪ ،‬يعين برج احلراسة‪ ،‬أو "احملرس" يف االصطالح العسكري‪.‬‬
‫يشار إىل أن أغلب هذه املفردات وغريها ال تزال تتداول يف عصران‪ ،‬مما يدل على أن‬
‫اللسان املصمودي مل يتغري كثرياً منذ العصر املوحدي‪.‬‬
‫أما العبارات واجلمل فيوردها البيذق عندما تكون حواراً بني اثنني‪ ،‬أو خطاابً من ابن‬
‫تومرت لألتباع‪ ،...‬مع مالحظة أنه ينقل املعىن إىل العربية أحياانً‪ ،‬وأحياانً أخرى ال حيرص‬
‫على ذلك‪ .‬ومن مناذج تلك العبارات‪ ،‬حديثه عن سبب تسمية والد املهدي ب (توم ْرت)‪،‬‬
‫وسرت فقالت ابللسان الغريب‪:‬‬
‫أمه ّ‬ ‫بقوله‪" :‬وذلك أبنه ل ّـما ُولد [والد املهدي] فرحت به‬
‫‪83‬‬
‫ك آييوي‪ ،‬معناه‪ :‬اي فرحيت بك اي بين"‪.‬‬ ‫آيس ْ‬
‫رت آينو َّ‬
‫آتوم ْ‬
‫ومن ذلك أيضاً ما خاطب به ابن تومرت القائمني‪ ،‬من املرابطني‪ ،‬على استخالص‬
‫واجبات الطريق على وادي أم الربيع‪ ،‬عندما منعوه ومن معه من العبور قبل أداء املكس‪،‬‬
‫انك"‪ 84.‬ومعناها‪" :‬إمنا خيول سوس البيضاء ما‬ ‫آداو ْن ّْ‬ ‫قائال هلم‪" :‬آومور ْن ملُّولْ ِّ‬
‫وس ْ‬ ‫نني ا ْن ُس ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ً‬
‫سنعطيكم"‪ ،‬وهو هتديد مبطن ابحلرب عليهم إ ْن مل يسمحوا هلم ابجلواز‪ ،‬ومسحوا هلم دون‬
‫مقابل‪.‬‬
‫ومنها أيضاً ما أورده البيذق جواابً من املوحدين عن سؤال عبد املؤمن هلم عن مبدئهم‬
‫نت وردام نـْبظي"‪ 85.‬ومعىن‬
‫الس ْ‬
‫(شعارهم) وهم يتهيئون إلحدى املعارك‪ ،‬قائلني له‪" :‬أن ْغ ُزو ُّ‬
‫كالمهم‪" :‬الغزو سنة ال نرضى ُمفارقتها"‪.‬‬
‫ومن األمثلة يف هذا الباب كذلك‪ ،‬ما وقع لعبد املؤمن مع قبيلة هرغة اليت آخى املهدي‬
‫اس (املذكور أعاله)‪ ،‬رمبا‬ ‫أمس ْ‬
‫بينهما‪ ،‬فعندما تويف املهدي عمد أعيان هرغة إىل صنع طعام ْ‬
‫لتجديد العهد مع خليفته عبد املؤمن‪ ،‬وساهم فيه كل بنصيبه إال عبد املؤمن نفسه‪ ،‬ألنه مل‬
‫ك وانُدى‬ ‫"مازكغ وَّران ْغ تفيس ْم ن ْغ يُوش ْ‬
‫ُخيرب به‪ ،‬فما كان منه إال أن غضب وأنّبهم بقوله‪ْ :‬‬
‫كرانغِّيدو ْن يسنَّـ ْلكم ْن"‪ 86.‬ومعناه‪" :‬ملاذا فسختم ما يربطين بكم؟"‪ ،‬وهجرهم ثالثة أايم‪،‬‬

‫‪ -82‬البيذق‪ :‬أخبار املهدي (م‪ .‬ن)‪ ،‬ص‪.60 ،50 ،41 .‬‬


‫‪ -83‬البيذق (نفسه)‪ :‬املقتبس من كتاب األنساب يف معرفة األصحاب‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الوهاب بن منصور (‪ ،)1971‬الرابط‪،‬‬
‫دار املنصور للطباعة والوراقة‪ ،‬ص‪.27 .‬‬
‫‪ -84‬البيذق‪ :‬أخبار املهدي (م‪ .‬س)‪ ،‬ص‪.26 .‬‬
‫‪ -85‬البيذق‪ :‬أخبار املهدي (م‪ .‬ن)‪ ،‬ص‪.61 .‬‬
‫‪ -86‬البيذق‪ :‬املقتبس (م‪ .‬س)‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪50‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫وأمرهم إبعادة صنع الطعام مع إشراكه يف املسامهة فيه‪ ،‬ومل يسمح هلم ابلعودة ملثل ذلك‬
‫السلوك‪.‬‬
‫ومن ذلك أيضاً ما ساقه البيذق شهاد ًة من املهدي بن تومرت يف حق الشيخ أيب مروان‬
‫اص"‪ 87.‬ومعناه اجلزئي‬
‫آرص ْ‬
‫كيل ّ‬
‫دوت وْريو ْ‬
‫عبد امللك بن حيىي‪" :‬أبو مروان ديزْم يلوال ْن اتنـْب ْ‬
‫ابلتقريب‪" :‬أبو مروان مثل األسد املولود يف فصل الصيف‪ ،"...‬كناية عن شجاعته وإقدامه‪.‬‬
‫وخشية التباس املعىن بسبب الكتابة ابللغة األمازيغية‪ ،‬اجتهد انسخ كتاب أخبار املهدي‬
‫بن تومرت يف ضبط بعض احلروف األعجمية (الرببرية) أب ْن رسم كافاً فوق اجليم ليُعلم أهنا‬
‫‪88‬‬
‫(گاف)‪ ،‬خاصة عندما ترد يف أمساء األشخاص والقبائل واألماكن وغريها‪.‬‬
‫جدير ابإلشارة أن القراءة السليمة هلذه العبارات وحتديد معانيها يقتضي تعاوانً بني‬
‫الباحثني يف التاريخ واللغة واللسانيات‪ ،‬فضالً عن العودة إىل األصول املخطوطة هلذه الكتب‪.‬‬
‫ومن دون هذا‪ ،‬سيجد الباحث صعوبة يف فهم كثري من هذه النصوص‪ ،‬ابلرغم من أن عدداً‬
‫من عباراهتا مل يتغري رمسها‪ ،‬وحتمل ذات املعىن إىل اليوم‪.‬‬
‫‪ ‬الشريف اإلدريسي (تويف حنو سنة ‪560‬ه‪1165 /‬م)‬
‫املعروفني‪ :‬نزهة املشتاق يف اخرتاق‬
‫ْ‬ ‫كتابيه‬
‫اشتهر اإلدريسي بكونه جغرافياً‪ ،‬من خالل ْ‬
‫اآلفاق‪ ،‬الذي ألّفه بطلب من ملك صقليه رجار الثاين (‪ ،)Roger II‬وكتاب‪ :‬أُنْس املـُهج‬
‫وروض الفُرج‪ ،‬الذي وضعه لولد رجار وخليفته يف احلكم‪ ،‬غليامل األول (‪.)Guillaume I‬‬
‫وابلرغم من أن اإلدريسي مل يدرج على استعمال مقابالت أمازيغية ملفردات عربية يف‬
‫هذين الكتابني سوى يف مواضع حمدودة‪ 89.‬إال أنه توسع يف توظيفها بشكل الفت يف كتاب‬

‫‪ -87‬البيذق‪ :‬املقتبس (م‪ .‬ن)‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫‪-88‬البيذق (نفسه)‪ :‬أخبار املهدي بن تومرت‪ ،‬خمطوط مبكتبة دير اإلسكرايل‪ ،‬رقم ‪ .1919‬عين بنشره املستشرق ليفي‬
‫بروفنسال‪ ،‬مصحوابً برتمج ة إىل الفرنسية‪ ،‬مع تعاليق وفهارس‪ ،‬وصدر يف ابريس عن دار گوتنر (‪ )Geuthner‬سنة‬
‫‪.1928‬‬
‫‪ -89‬من ذلك حديثه عن نوع من احلنطة مبدينة سجلماسة‪ ،‬قال إهنا تسمى‪" :‬يردن تيزواو"‪ .‬وعندهم "احليوان املسمى‬
‫"أگجيم"‪ ،‬احليوان‬
‫ّ‬ ‫احلرذون‪ ،‬ويسمونه بلسان الرببر أقزمي"‪ .‬نزهة املشتاق (م‪ .‬س)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ .226 .‬ولعله يقصد‬
‫ابلضب أيضاً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الزاحف املعروف‬
‫وعند حديثه عن أهل السوس األقصى وصف شراابً هلم بقوله‪" :‬وشراهبم املسمى آنزيز [ويف نسخة أخرى‪ :‬آنزير] وهو حلو‬
‫السكْر"‪ .‬نزهة‬
‫يسكر سكراً عظيماً‪ ،‬ويفعل بشاربه ما ال تفعله اخلمر (‪ )...‬يرون شربه حالالً ما مل يتع ّد به إىل حد ّ‬
‫املشتاق (م‪ .‬س)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.228 .‬‬

‫‪51‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫اثلث‪ ،‬وضعه يف األدوية والعقاقري‪ ،‬وامسه‪ :‬اجلامع لصفات أشتات النبات وضروب أنواع‬
‫‪90‬‬
‫املفردات من األشجار والثمار واألصول واألزهار وأعضاء احليوان واملعادن واألطيار‪.‬‬
‫ويعترب ابن أيب أصيبعة (ت‪668 .‬هـ‪1269/‬م) أول من ذكره يف معجمه عن طبقات‬
‫األطباء‪ ،‬وأورده بعنوان‪ :‬كتاب األدوية املفردة‪ ،‬ووصف اإلدريسي أبنه "كان فاضال عاملاً‬
‫بقوى األدوية املفردة ومنافعها ومنابتها وأعياهنا"‪ 91.‬كما نقل ابن البيطار (ت ‪646‬هـ‪1248/‬م)‬
‫وضمن تلك النقول يف كتابه‪ :‬اجلامع ملفردات األدوية‬
‫ّ‬
‫‪92‬‬
‫عن كتاب اإلدريسي هذا مائيت مرة‪،‬‬
‫‪93‬‬
‫واألغذية‪.‬‬
‫ال يزال كتاب اإلدريسي خمطوطاً‪ ،‬وتُعرف له نسختان‪ 94،‬أشرف فؤاد سزگني على نشرمها‬
‫إىل بعضهما بطريقة الفاكسيميلي‪ 95.‬وقد ساد االعتقاد بفقدان الكتاب قروانً‪ ،‬إىل أن عثر‬
‫الطبيب األملاين ماكس مايرهوف (‪ ،)Max Mayerhof‬سنة ‪ 1928‬على نسخة مكتبة فاتح‬
‫ابستانبول‪ 96،‬وهي مبتورة وغري مؤرخة‪ ،‬ذكر انسخها أنه نقلها عن األصل الذي كتبه‬
‫اإلدريسي بيده‪.‬‬
‫ذكر اإلدريسي يف املقدمة مربرات أتليفه هذا الكتاب ومنهجه فيه‪ ،‬مشرياً إىل أنه يتضمن‬
‫وصفاً أللف ومائيت (‪ ) 1200‬دواء مرتبة على حروف املعجم‪ ،‬يورد أمساءها أبكثر من لغة‪،‬‬
‫ت عند ذلك هذا الكتاب‪ ،‬ورتّبت مجيع أمسائه على نص حروف اجبد هوز‬ ‫قائالً‪" :‬فألّْف ُ‬
‫(‪ )...‬ومسّيته بكتاب اجلامع لصفات أشتات النبات وضروب أنواع املفردات من األشجار‬

‫جل املصادر خمتصراً‪ ،‬بصيغة‪ :‬اجلامع لصفات أشتات النبات‪ ،‬وأحياان ابسم‪ :‬كتاب األدوية املفردة‪ ،‬أو‪ :‬اجلامع‬
‫‪ -‬يرد يف ّ‬
‫‪90‬‬

‫لألدوية املفردة‪ ،‬أو‪ :‬كتاب املفردات‪.‬‬


‫‪ -91‬ابن أيب أصيبعة‪ ،‬أبو العباس أمحد بن القاسم اخلزرجي الشامي (ت‪668 .‬هـ‪1269/‬م)‪ :‬عيون األنباء يف طبقات‬
‫األطباء‪ ،‬ضبط وتصحيح‪ :‬حممد ابسل عيون السود (‪ ،)1998‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.460‬‬
‫‪92-‬‬ ‫‪Leclerc, Lucien., Histoire de la médecine arabe, Paris, 1876 (réédité par Le Ministère des‬‬
‫‪Habous et des Affaires Islamiques), Rabat, 1980, T. II, p. 68-69.‬‬
‫‪ -93‬ابن البيطار‪ ،‬ضياء الدين أيب حممد عبد هللا بن أمحد األندلسي املالقي (ت‪646 .‬هـ‪1248/‬م)‪ :‬اجلامع ملفردات األدوية‬
‫واألغذية‪ .‬حقق الكتاب وطبع أكثر من مرة‪.‬‬
‫‪ -94‬واحدة مبكتبة سلطان فاتح ابستانبول‪ ،‬رقمها‪ ،3610 :‬واألخرى مبكتبة جملس الشورى اإليراين‪ ،‬رقمها‪.18120 :‬‬
‫وبدار الكتب القومية ابلقاهرة نسخة مصورة حتت رقم‪ /1542 :‬طب‪ ،‬وهي املعتمدة يف هذا املقال‪.‬‬
‫‪ -95‬اإلدريسي‪ ،‬أبو عبد هللا حممد بن حممد بن عبد هللا بن إدريس (ت‪ .‬حنو ‪560‬هـ‪1165/‬م)‪ :‬اجلامع لصفات أشتات‬
‫النبات وضروب أنواع املفردات‪ ،‬معهد اتريخ ال علوم العربية واإلسالمية‪ ،‬يف إطار جامعة فرانكفورت‪ ،‬أملانيا االحتادية‪،‬‬
‫‪.1995‬‬
‫‪ -96‬مؤنس‪ ،‬حسني (‪ :)1986‬اتريخ اجلغرافية واجلغرافيني يف األندلس‪ ،‬نشر‪ :‬املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مكتبة مدبويل‪ ،‬ط‪ ،2‬ص ‪.225‬‬

‫‪52‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫و ِّالثّمار واحلشائش واألزهار واحليواانت واملعادن‪ ،‬وتفسري معجم أمسائها ابلسراينية واليواننية‬
‫‪97‬‬
‫والفارسية واللطينية والرببرية"‪.‬‬
‫ويف اآليت مناذج من أمساء العقاقري اليت يورد اإلدريسي مقابالهتا بعدة لغات‪ ،‬منها الرببرية‪:‬‬
‫‪98‬‬
‫الرز‪ :‬هـو حب نبات (‪ )...‬يـس ّمى ابلعربية‪ :‬أرز‪ ،‬وابلرببرية‪ :‬أسنكار؛‬ ‫‪-‬‬
‫‪99‬‬
‫إجاص‪ :‬الشاهلوج‪ ،‬وهو عيون البقر(‪)...‬ابليواننية‪ :‬قوقيميال‪ ،‬وابلرببرية‪ :‬طبط ّفا؛‬ ‫‪-‬‬
‫أانغالس‪ :‬اسم سرايين(‪)...‬يـس ّـمى بـاليواننية‪ :‬فتجورنون‪ ،‬ويـس ّمى ابلعربية‪ :‬مخخم‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪100‬‬
‫ـسمى ابلرببـرية‪ :‬ايـزروالني؛‬
‫وي ّ‬
‫أثل‪ :‬هو نوع من الطرفا (‪ )...‬تـس ّمى مثرته ابلعربية‪ :‬العذبة‪ ،‬وابليـواننية‪ :‬أقاقياس‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪101‬‬
‫وابلرببرية‪ :‬اتكوت؛‬
‫‪102‬‬
‫أقحوان‪ :‬ابلعربية (‪ )...‬وابلرببرية‪ :‬ألوشن؛‬ ‫‪-‬‬
‫‪103‬‬
‫ـسمى ابلرببرية‪ :‬ثيوتن؛‬‫أفيثمون‪ :‬ي ّ‬ ‫‪-‬‬
‫‪104‬‬ ‫ِّ‬
‫أليىن‪ :‬ابليواننية‪ :‬وازمان‪ ،‬وبـاللطينـية وابهلندية‪ :‬أومهرا‪ ،‬وابلرببرية‪ :‬ماكشفال؛‬ ‫‪-‬‬
‫‪105‬‬
‫بردي‪ :‬ابلرومية (‪ )...‬ويسمى ابلرببرية‪ :‬تبوذا؛‬ ‫‪-‬‬
‫‪106‬‬
‫ابقال‪ :‬ابليوانين‪ :‬قابش فرايمن‪ ،‬ويسمى ابلرببرية‪ :‬أبيون؛‬ ‫‪-‬‬
‫‪107‬‬
‫بقم‪ :‬ابلعربية‪ ،‬وابلرببرية‪ :‬بنجمارن؛‬ ‫‪-‬‬
‫‪108‬‬
‫مجّار‪ :‬هو الدوم ابلعربية (‪ )...‬وابلرببرية‪ :‬أغازاز؛‬ ‫‪-‬‬
‫‪109‬‬
‫دردار‪ :‬ابلرببرية‪ :‬أسكس‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -97‬النص املخطوط‪ ،‬نسخة القاهرة‪ ،‬ص‪.5‬‬


‫‪ -98‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ .25‬و(أسنگار) اسم للذرة أيضاً‪.‬‬
‫‪ -99‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -100‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -101‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.45‬‬
‫‪ -102‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.50‬‬
‫‪ -103‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.55‬‬
‫‪ -104‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -105‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -106‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.126‬‬
‫‪ -107‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.169‬‬
‫‪ -108‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.228‬‬
‫‪ -109‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.254‬‬

‫‪53‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫‪110‬‬
‫‪ -‬كمأة ابلعربية (‪ )...‬وتسمى ابلفارسية‪ :‬هوده (‪ )...‬وابلرببرية‪ :‬يرتفاس‬
‫تبني متلّكه اللسان‬
‫تلك كانت أمثل ًة حمدود ًة منتقاة من عمل الشريف اإلدريسي‪ّ ،‬‬
‫األمازيغي‪ ،‬من جهة‪ ،‬فهو املنحدر من بيئة مغربية كان فيها استعمال هذا اللسان يف زمانه‬
‫(العصر املوحدي) مسألة طبيعية‪ ،‬بل انلت تشجيعاً من قِّبل بعض أويل األمر‪ .‬ومن جهة‬
‫تدل على وعيه أبمهية هذه اللغة واحلاجة إىل معرفتها‪ ،‬لذا‪ ،‬عمد إىل جعلها من‬ ‫أخرى ّ‬
‫اللغات املعدودة اليت وضع هبا مقابِّالت ألمساء مئات النبااتت والعقاقري الواردة يف كتابه‬
‫ماسة للغاية‪.‬‬
‫الذي تبدو احلاجة إىل حتقيقه وإخراجه ّ‬
‫‪ ‬عبد الرمحن بن خلدون (تويف سنة ‪808‬هـ‪1406 /‬م)‬
‫أسس ابن خلدون يف املقدمة لقاعدة توضح كيفية تعامله مع أصوات لغات غري العرب‪،‬‬
‫ومنها أصوات اللغة األمازيغية‪ ،‬وطريقة كتابتها ابحلروف العربية يف كتبه‪ ،‬قائالً‪" :‬وقد بقي‬
‫علينا أن نقدم مقدمة يف كيفية وضع احلروف اليت ليست من لغات العرب إذا عرضت يف‬
‫‪111‬‬
‫ألمة أخرى"‪.‬‬‫ألمة من احلروف ما ليس ّ‬ ‫كتابنا هذا [يقصد كتاب العرب] فقد يكون ّ‬
‫مقدماً لرؤيته هذه بفرش منطقي سليم‪ ،‬حني قال‪" :‬ولـمـّا كان كتابنا مشتمالً على أخبار‬
‫حروف ليست من لغة‬ ‫ٌ‬ ‫الرببر وبعض العجم‪ ،‬وكانت تعرض لنا يف أمسائهم أو بعض كلماهتم‬
‫عرفنا بعد ذلك مبنهجه يف املسألة‬‫كتابتنا وال اصطالح أوضاعنا اضطُِّرران إىل بيانه"‪ .‬مث ّ‬
‫‪112‬‬

‫بقوله ‪" :‬فاصطلحت يف كتايب هذا على أن أضع ذلك احلرف العجمي مبا يدل على احلرفني‬
‫‪113‬‬
‫خمرجي ذينك احلرفني فتحصل أتديته"‪.‬‬
‫ْ‬ ‫اللّذيْن يكتنفانه ليتوسط القارئ ابملنطق به بني‬
‫ومل يكتف ابن خلدون هبذا‪ ،‬بل ّبني مصدره يف هذا املنهج بقوله‪" :‬وإمنا اقتبست ذلك‬
‫املصحف حروف اإلمشام‪ ،‬كالصراط يف قراءة خلف‪ ،‬فإن النطق بصاده فيها‬ ‫ِّ‬ ‫من رسم أهل‬
‫ودل ذلك‬‫معجم متوسط بني الصاد والزاي‪ ،‬فوضعوا الصاد ورمسوا يف داخلها شكل الزاي‪ّ ،‬‬
‫كل حرف يتوسط بني حرفني من‬ ‫رمست أان ّ‬
‫عندهم على التوسط بني احلرفني‪ .‬فكذلك ُ‬
‫‪114‬‬

‫‪ -110‬اإلدريسي‪ :‬اجلامع (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ .106‬كذا ورد يف األصل‪ ،‬ولعله تصحيف لكلمة‪ :‬تريفاس‪.‬‬
‫أشكر السيد إبراهيم إيعزا على مساعدته يف استخراج هذه املصطلحات من النص املخطوط‪.‬‬
‫‪ -111‬ابن خلدون‪ ،‬عبد الرمحن (ت‪808 .‬هـ‪1406 /‬م)‪ :‬املقدمة‪ ،‬حتقيق‪ :‬علي عبد الواحد وايف (‪ ،)2006‬القاهرة‪ ،‬مكتبة‬
‫األسرة‪ ،‬ط‪ ،2‬ج‪ ،1‬ص‪.327‬‬
‫‪ -112‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.327‬‬
‫‪ -113‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.327‬‬
‫‪ -114‬يقصد الصاد املشمومة ابلزاي‪ ،‬أو الزاي املفخمة‪ ،‬ويرد رمسها يف املخطوطات أبشكال خمتلفة‪ :‬رسم الصاد ويف‬

‫‪54‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫حروفنا‪ ،‬كالكاف املتوسطة عند الرببر بني الكاف الصرحية عندان واجليم أو القاف‪ ،‬مثل اسم‬
‫(بلكني)‪ ،‬فأضعها كافاً وأنقطها بنقطة اجليم‪ ،‬واحدة يف أسفل‪ ،‬أو بنقطة القاف واحدة من‬
‫فيدل ذلك على أنه متوسط بني الكاف واجليم أو القاف‪ ،‬وهذا احلرف أكثر‬ ‫فوق أو اثنتني‪ّ ،‬‬
‫معمماً فعله ذاك على بقية املواطن "وما جاء من غريه فعلى هذا‬ ‫ّ‬
‫‪115‬‬
‫ما جييء يف لغة الرببر"‪.‬‬
‫القياس‪ :‬أضع احلرف املتوسط بني حرفني من لغتنا ابحلرفني معاً‪ ،‬ليعلم القارئ أنه متوسط‬
‫‪116‬‬
‫فينطق به كذلك‪ ،‬فنكون قد دللنا عليه"‪.‬‬
‫ومتحسباً ملا ميكن أن ينتج عن‬
‫ّ‬ ‫وقد كان ابن خلدون واعياً أبمهية هذا الذي صنع‪ ،‬بل‬
‫عدمه من األضرار اليت ستلحق اللغة‪ ،‬بقوله‪" :‬ولو وضعناه [يقصد احلرف األعجمي] برسم‬
‫وغريان‬
‫احلرف الواحد عن جانبيه لكنّا قد صرفناه من خمرجه إىل خمرج احلرف الذي من لغتنا‪ّ ،‬‬
‫‪117‬‬
‫لغة القوم"‪.‬‬
‫‪ ‬احلسن بن حممد الوزان (تويف بعد سنة ‪957‬هـ‪1550 /‬م)‬
‫إذا كان البن خلدون قاعدته املتميزة يف كتابة األصوات األعجمية عند نقلها إىل العربية‪،‬‬
‫إمعاانً منه يف الدقة واألمانة العلمية‪ ،‬فإن للوزان قيمة مضافة ال تقل أمهيةً‪ ،‬فهو ينطلق يف‬
‫تعريفه للّغة األمازيغية من تصنيف القبائل الناطقة هبا‪ ،‬ويدرجها ضمن من يسميهم (األفارقة‬
‫البيض)‪ ،‬ويقصد هبم سكان الشمال اإلفريقي‪ ،‬ابسطاً القول يف تركيبتهم‪ ،‬ومساكنهم‪ ،‬ولغتهم‬
‫بقوله‪" :‬ينقسم األفارقة البيض إىل مخسة شعوب‪ :‬صنهاجة‪ ،‬ومصمودة‪ ،‬وزانتة‪ ،‬وهوارة‪،‬‬
‫وغمارة (‪ .)...‬إن هذه الشعوب اخلمسة املنقسمة إىل مئات السالالت وآالف املساكن‪،‬‬
‫أي الكالم النبيل‪ ،‬بينما يسميها العرب‬ ‫تستعمل لغ ًة واحد ًة تطلق عليها اسم‪ :‬أ ْ‬
‫َوال أ ََمزيغ‪ْ ،‬‬
‫‪118‬‬
‫الرببرية‪ .‬وهي اللغة اإلفريقية األصيلة املمتازة واملختلفة عن غريها من اللغات"‪.‬‬

‫وسطها زاي صغري‪ ،‬كما ذكر‪ ،‬أو يف وسط الصاد نقطة‪ ،‬أو يف أسفله نقطة‪...‬؛ أما يف الكتاابت املعاصرة فيستعمل هذا‬
‫احلرف (ﮊ) للداللة على الصاد املشمومة ابلزاي‪.‬‬
‫‪ -115‬يقصد حرف الگاف (گ)‪ ،‬ويسمى ابجليم املصرية‪ ،‬أو اجليم غري املعطشة‪ ،‬أو الكاف األعجمية‪ ،‬أو الكاف‬
‫املثلثة‪ ...‬انظر‪ :‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.327‬‬
‫‪ -116‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.328‬‬
‫‪ -117‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.328‬‬
‫‪ -118‬الوزان‪ ،‬احلسن بن حممد‪ ،‬امللقب بليون اإلفريقي (ت‪ .‬بعد ‪957‬هـ‪1550/‬م)‪ :‬وصف إفريقيا‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد حجي‬
‫وحممد األخضر (‪ ،)1983‬بريوت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،2‬ج‪ ،1‬ص ص‪.39-36 .‬‬

‫‪55‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫مث انتقل ليصف تركيبة اللغة األمازيغية وما يكتنفها من ألفاظ ليست منها‪ ،‬مقدماً لذلك‬
‫تفسرياً يراه راجحاً‪ ،‬بقوله‪" :‬ول ّـما كانت مشتملة على عدد من املفردات العربية استدل‬
‫البعض بذلك على أن األفارقة ينتمون إىل السبئيني‪ ،‬وهم سكان اليمن كما أسلفنا‪ .‬لكن‬
‫أنصار الرأي املخالف يؤكدون أن هذه املفردات إمنا أدخلها العرب عندما جاؤوا إىل إفريقيا‬
‫وفتحوها‪ .‬وكانت هذه الشعوب يف حالة من البداوة واجلهالة حبيث مل ترتك أي كتاب يؤيد‬
‫إحدى النظريتني‪ .‬على أن هناك اختالفاً بني اللهجات‪ ،‬ال يف النطق فحسب‪ ،‬ولكن أيضاً‬
‫‪119‬‬
‫يف معىن كثري من األلفاظ"‪.‬‬
‫وواضح أن للوزان معرفةٌ بتفاصيل املشهد اللغوي املغريب الوسيط‪ ،‬حيث وصف حضور‬
‫مفسراً ذلك بعامل اجملاورة‪ ،‬ألن "األفارقة الذين هم‬
‫العربية يف ألْسن بعض القبائل األمازيغية‪ّ ،‬‬
‫أقرب إىل مساكن العرب وأوثق صل ًة هبم‪ ،‬هم أكثر األفارقة استعماالً للكلمات العربية يف‬
‫هلجتهم‪ .‬فغمارة‪ ،‬إال أقلّهم‪ ،‬يستعملون العربية‪ ،‬لكنها عربية رديئة‪ ،‬وكذلك الشأن يف عدد‬
‫كبري من قبائل هوارة‪ .‬والسبب يف ذلك أن هذه الشعوب على اتصال شفوي مستمر مع‬
‫‪120‬‬
‫العرب"‪.‬‬
‫ويف املقابل‪ ،‬يؤكد املؤلف أتثر العربية ابأللسن األمازيغية بفعل عامل التساكن واجملاورة‬
‫فسدت لغتهم‬ ‫األفارقة وظلوا على اتصال دائم هبم ُ‬ ‫مقرراً "ان العرب الذين عاشوا بني‬
‫أيضا‪ّ ،‬‬
‫وصارت خليطاً من اللهجات اإلفريقية"‪ .‬لكن هذا ال يلغي احتفاظ كل جنس هبويته‬
‫‪121‬‬

‫ابلرغم من هذا التداخل اللغوي واالمتزاج اللّسين‪ .‬حىت "إن كل عريب وبربري ظل حيتفظ‬
‫بكتابة عمود نسب آابئه‪ ،‬وهذا شيء من األمهية مبكان‪ ،‬مي ّكن كل عدل أو حمرر عقد رمسي‬
‫‪122‬‬
‫أن يذكر اسم املعين ابألمر وأصله‪ ،‬عربياً كان أو بربرايً"‪.‬‬

‫خامتة‬
‫تبني من هذه اجلولة يف ثنااي بعض املصادر العربية الوسيطية أن اللغة األمازيغية حظيت‬
‫ّ‬
‫بنصيب غري قليل من انشغاالت أويل األمر ومدبري الشأن العام خالل الفرتة الوسيطية‪ ،‬مع‬
‫تفاواتت بيّنة بني العصور واألسر اليت سادت فيها‪.‬‬

‫‪ -119‬الوزان‪ :‬وصف إفريقيا (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.39 .‬‬


‫‪ -120‬الوزان‪ :‬وصف إفريقيا (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.39 .‬‬
‫‪ -121‬الوزان‪ :‬وصف إفريقيا (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.39 .‬‬
‫‪ -122‬الوزان‪ :‬وصف إفريقيا (م‪ .‬ن)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.41 .‬‬

‫‪56‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫كما كان لألمازيغية أيضاً حضور عند مجلة من كتّاب ومؤلفي العصر الوسيط‪ ،‬وكانت‬
‫ط اهتمامهم بشكل من األشكال‪ .‬لذا‪ ،‬فإن نصوص البكري‪ ،‬والبيذق‪ ،‬واإلدريسي‪ ،‬وابن‬ ‫حم ّ‬
‫خلدون‪ ،‬والوزان‪ ،‬تكتسي أمهية كبرية يف التعرف على تصور املصادر العربية للّغة األمازيغية‬
‫وتعاملها معها‪.‬‬
‫فاألول تنبّه إىل ضرورة احلفاظ على أمساء األماكن يف لغتها األصلية (األمازيغية)‪ ،‬مع نقل‬
‫معانيها إىل اللغة العربية‪ ،‬وأبقى لنا بذلك كثرياً من مفردات اللغة األمازيغية اليت كانت سائدة‬
‫خالل العصر الوسيط‪ ،‬واليت ما يزال جلّها حيتفظ بنفس النطق وذات املعاين إىل الوقت‬
‫الراهن‪ .‬والثاين سلك منهجاً يف التأليف‪ ،‬خلط فيه بني العربية واألمازيغية‪ ،‬رمبا لقلة زاده من‬
‫العربية‪ ،‬وجهله بكثري من مفرداهتا وتراكيبها‪ ،‬لكنه حفظ لنا ترااثً لغوايً مهماً‪ .‬أما الثالث فقد‬
‫أورد لنا مقابالت أمازيغية عديدة ألمساء النبااتت والعقاقري‪ ،‬مثلما صنع ابللغات املعروفة يف‬
‫عصره‪.‬‬
‫وسطّر الرابع قاعدة دبّر هبا إشكاالً لغوايً قدمياً متجدداً‪ ،‬يتعلق بكيفية رسم األصوات‬
‫عرب عن كل أصواهتا ل َّـما‬
‫وكتابتها‪ .‬فحفظ للّغة األمازيغية‪ ،‬بفضل تلك القاعدة‪ ،‬حقها يف أن يُ ّ‬
‫عرفها واجتهد يف‬ ‫تدون ابحلرف العريب‪ .‬أما خامسهم فقد وضع اإلطار العام لألمازيغية‪ ،‬ف ّ‬
‫أتصيلها‪ ،‬ووضع خريطة انتشارها وتوزيعها‪ ،‬فشمل حديثه جماهلا‪ ،‬ومميزاهتا‪ ،‬وكذا الناطقني‬
‫هبا‪ ،...‬وبذلك تظل هذه النصوص مفيد ًة‪ ،‬ليس للباحثني يف التاريخ فحسب‪ ،‬بل‬
‫للمشتغلني ابللّغات وعلوم األلسن كذلك‪.123‬‬

‫املصادر واملراجع‬
‫اإلدريسي‪ ،‬أبو عبد هللا حممد بن حممد بن عبد هللا بن إدريس (ت‪ .‬حنو ‪560‬هـ‪/‬‬
‫‪1165‬م)‪ :‬اجلامع لصفات أشتات النبات وضروب أنواع املفردات‪2 ،‬ج (خمطوط منشور‬
‫بطريقة الفاكسيميلي)‪ ،‬إبشراف فؤاد سزگني (‪ ،)1995‬معهد اتريخ العلوم العربية واإلسالمية‪،‬‬
‫يف إطار جامعة فرانكفورت‪ ،‬أملانيا االحتادية‪.‬‬

‫‪ -123‬يُنظر يف هذا املوضوع‪ ،‬مقاال سامل شاكر املشار إليهما سابقاً (يف اهلامش رقم ‪.)71‬‬

‫‪57‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫اإلدريسي (نفسه)‪ :‬نزهة املشتاق يف اخرتاق اآلفاق‪2،‬ج‪ ،‬حتقيق‪ :‬جمموعة من الباحثني‪،‬‬


‫حتت إشراف املعهد اجلامعي للدراسات الشرقية بنابويل‪ ،1984-1970 ،I.U.O.N ،‬نشر‪:‬‬
‫مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬مصر (د‪.‬ت)‪.‬‬
‫ابن األمحر‪ ،‬أبو الوليد (ت‪810 .‬ه‪1407 /‬م)‪ :‬روضة النسرين يف دولة بين مرين‪ ،‬نشر‪:‬‬
‫عبد الوهاب بن منصور (‪ ،)1962‬املطبعة امللكية‪ ،‬الرابط‪.‬‬
‫أسكان‪ ،‬احلسني (‪" :)2006‬التحوالت اللغوية ابملغرب خالل العصر الوسيط"‪ ،‬ضمن‪:‬‬
‫مسامهات يف دراسة الثقافة األمازيغية‪ ،‬تكرمياً لألستاذ العميد حممد شفيق‪ ،‬منشورات املعهد‬
‫امللكي للثقافة األمازيغية‪ ،‬الرابط‪ ،‬مطبعة املعارف اجلديدة‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ص‪.113-97 :‬‬
‫ابن أيب أصيبعة‪ ،‬موفق الدين أبو العباس أمحد بن القاسم اخلزرجي الشامي (ت‪.‬‬
‫‪668‬هـ‪1269/‬م)‪ :‬عيون األنباء يف طبقات األطباء‪ ،‬ضبط وتصحيح‪ :‬حممد ابسل عيون السود‬
‫(‪ ،)1998‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫البكري‪ ،‬أبو عبيد (ت‪487 .‬هـ‪1094/‬م)‪ :‬الـمُغرب يف ذكر بالد إفريقية واملغرب (وهو‬
‫جزء من كتاب املسالك واملمالك)‪ ،‬نشر‪ :‬البارون دو سالن (‪ ،)1911‬ابريس‪.‬‬
‫بِّ ْل‪ ،‬ألْفرد‪ :‬الفرق اإلسالمية يف الشمال اإلفريقي‪ ،‬من الفتح العريب حىت اليوم‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبد‬
‫الرمحن بدوي (‪ ،)1987‬بريوت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪.3‬‬
‫بوكوس‪ ،‬أمحد (‪" :)1989‬أمازيغية"‪ ،‬معلمة املغرب‪ ،‬الرابط‪ ،‬اجلمعية املغربية للتأليف‬
‫والرتمجة والنشر‪ ،‬مطابع سال‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ص‪.684-679 :‬‬
‫بوكوس‪ ،‬أمحد (‪" :)1995‬تريفيت"‪ ،‬معلمة املغرب‪ ،‬الرابط‪ ،‬اجلمعية املغربية للتأليف‬
‫والرتمجة والنشر‪ ،‬مطابع سال‪ ،‬ج‪ ،7‬ص ص‪.2352-2351 :‬‬
‫بوكوس‪ ،‬أمحد (‪" :)1995‬تشلحيت"‪ ،‬معلمة املغرب‪ ،‬الرابط‪ ،‬اجلمعية املغربية للتأليف‬
‫والرتمجة والنشر‪ ،‬مطابع سال‪ ،‬ج‪ ،7‬ص ص‪.2381-2380 :‬‬
‫بوكوس‪ ،‬أمحد (‪" :)1995‬متازيغت"‪ ،‬معلمة املغرب‪ ،‬الرابط‪ ،‬اجلمعية املغربية للتأليف‬
‫والرتمجة والنشر‪ ،‬مطابع سال‪ ،‬ج‪ ،8‬ص ص‪.2537-2536 :‬‬
‫البيذق‪ ،‬أبو بكر بن علي الصنهاجي (كان حياً سنة ‪555‬ه‪1160/‬م)‪ :‬أخبار املهدي بن‬
‫تومرت‪ ،‬خمطوط مبكتبة دير االسكرايل‪ ،‬رقم ‪ .1919‬نشر‪ :‬املستشرق ليفي بروفنسال‬

‫‪58‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫(‪ ،)1928‬مصحوابً برتمجة إىل الفرنسية‪ ،‬مع تعاليق وفهارس‪ ،‬ابريس‪ ،‬دار گوتنر‬
‫(‪.)Geuthner‬‬
‫البيذق (نفسه)‪ :‬أخبار املهدي بن تومرت وبداية دولة املوحدين‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الوهاب بن‬
‫منصور (‪ ،)1971‬الرابط‪ ،‬دار املنصور للطباعة والوراقة‪.‬‬
‫البيذق (نفسه)‪ :‬أخبار املهدي بن تومرت‪ ،‬حتقيق وتقدمي وتعليق‪ :‬عبد احلميد حاجيات‬
‫(‪ ،)1986‬اجلزائر‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬ط‪.2‬‬
‫البيذق (نفسه)‪ :‬املقتبس من كتاب األنساب يف معرفة األصحاب‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الوهاب‬
‫بن منصور (‪ ،)1971‬الرابط‪ ،‬دار املنصور للطباعة والوراقة‪.‬‬
‫التازي سعود‪ ،‬حممد (‪ :)2006‬اإلملام خبالصة اتريخ أرض املغارب قبل اإلسالم‪،‬‬
‫الرابط مطبوعات أكادميية اململكة املغربية‪ ،‬سلسلة‪ :‬اتريخ املغرب‪ ،‬الرابط‪ ،‬مطبعة املعارف‬
‫اجلديدة‪.‬‬
‫التميمي الفاسي‪ ،‬أبو عبد هللا حممد بن عبد الكرمي (ت‪603 .‬ه‪1206 /‬م)‪ :‬املستفاد يف‬
‫مناقب العبّاد مبدينة فاس وما يليها من البالد‪2 ،‬ج‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد الشريف (‪،)2002‬‬
‫منشورات كلية اآلداب بتطوان‪ ،‬الرابط‪ ،‬طوب بريس‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪.2‬‬
‫ابن تومرت‪ ،‬حممد‪ ،‬مهدي املوحدين (ت‪524 .‬ه‪1130 /‬م)‪ :‬أعزّ ما يُطلب‪ ،‬تقدمي‬
‫عمار الطاليب (‪ ،)1985‬اجلزائر‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪.‬‬ ‫وحتقيق‪ّ :‬‬
‫تويراس‪ ،‬رمحة (‪ :)2015‬تعريب الدولة واجملتمع ابملغرب األقصى خالل العصر املوحدي‪ ،‬مؤسسة‬
‫اإلدريسي الفكرية لألحباث والدراسات‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫حافظي علوي‪ ،‬حسن (‪ :)2007‬املرابطون‪ :‬الدولة‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬اجملتمع‪ ،‬الرابط‪ ،‬جذور للنشر‪،‬‬
‫ط ‪.1‬‬
‫ابن حوقل‪ ،‬أبو القاسم النصييب (ت‪367 .‬ه‪977/‬م)‪ :‬صورة األرض‪ ،‬نشر‪ :‬كرامرز‬
‫وآخرون (‪ ،)1939-1938‬ليدن‪.‬‬
‫ابن اخلطيب‪ ،‬لسان الدين حممد بن عبد هللا (ت‪776 .‬هـ‪1374/‬م)‪ ،‬اإلحاطة يف أخبار‬
‫غرانطة‪ ،‬ج‪ ،4‬حتقيق‪ :‬حممد عبد هللا عنان (‪ ،)1977‬القاهرة‪ ،‬الشرکة املصرية للطباعة والنشر‪،‬‬
‫مکتبة اخلاجني‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫ابن خلدون‪ ،‬عبد الرمحن (ت‪808 .‬هـ‪1406/‬م)‪ :‬املقدمة‪ ،‬حتقيق‪ :‬علي عبد الواحد وايف‬
‫(‪ ،)2006‬القاهرة‪ ،‬مكتبة األسرة‪ ،‬ط‪ ،2‬ج‪.1‬‬
‫ابن خلكان‪ ،‬أبو العباس مشس الدين أمحد (ت‪681 .‬ه‪1282/‬م)‪ :‬وفيات األعيان وأنباء‬
‫أبناء الزمان‪ ،‬حتقيق‪ :‬إحسان عباس (‪ ،)1977-1968‬بريوت‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ج‪.7‬‬
‫ابن أيب زرع الفاسي‪ ،‬علي (ت‪726 .‬هـ‪1325 /‬م)‪ :‬األنيس املطرب بروض القرطاس يف‬
‫أخبار ملوك املغرب واتريخ مدينة فاس‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الوهاب بنمنصور (‪ ،)1999‬الرابط‪،‬‬
‫املطبعة امللكية‪ ،‬ط‪.2‬‬
‫ابن الزايت التاديل‪ ،‬أبو يعقوب يوسف بن حيىي (ت‪627 .‬ه‪1230 /‬م)‪ :‬التشوف إىل‬
‫رجال التصوف‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد التوفيق (‪ ،)1984‬منشورات كلية اآلداب ابلرابط‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫العبدري‪ ،‬أبو عبد هللا حممد بن حممد (ت‪ .‬بعد سنة ‪700‬ه‪1300/‬م)‪ :‬رحلة العبدري‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬علي إبراهيم كردي (‪ ،)2005‬دمشق‪ ،‬دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪.2‬‬
‫ابن عذاري املراكشي (ت‪ .‬بعد ‪712‬هـ‪1312/‬م)‪ :‬البيان املغرب يف أخبار األندلس‬
‫واملغرب‪ ،‬حتقيق‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬وجورج كوالن وليفي بروفنسال (‪ ،)1983‬بريوت‪ ،‬دار‬
‫الثقافة‪ ،‬ط‪ ،3‬ج‪.1‬‬
‫العزيف‪ ،‬أبو العباس (ت‪633 .‬ه‪1236/‬م)‪ :‬دعامة اليقني يف زعامة املتقني (مناقب الشيخ‬
‫أيب يعزى)‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد التوفيق (‪ ،)1989‬الرابط‪ ،‬مكتبة خدمة الكتاب‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫الفيگيگي‪ ،‬حسن (‪" :)1998‬حاميم"‪ ،‬معلمة املغرب‪ ،‬الرابط‪ ،‬اجلمعية املغربية للتأليف‬
‫والرتمجة والنشر‪ ،‬مطابع سال‪ ،‬ج‪ ،10‬ص ‪.3287-3286‬‬
‫القادري بوتشيش‪ ،‬إبراهيم (‪ :)1995‬اإلسالم السرّي يف املغرب العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سينا‬
‫للنشر‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫القبلي‪ ،‬حممد (‪" :)2016‬الوضع اللغوي بشمال إفريقيا يف العصر الوسيط"‪ ،‬حوار مع‬
‫جملة أسيناگ‪ ،‬ع‪ ،11 .‬ص ص ‪.86-81‬‬
‫القبلي‪ ،‬حممد (إشراف وتقدمي)‪ :‬اتريخ املغرب‪ ،‬حتيني وتركيب‪ ،‬منشورات املعهد امللكي‬
‫للبحث يف اتريخ املغرب (‪ ،)2012‬الرابط‪ ،‬منشورات عكاظ‪ ،‬السحب الثاين‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫اللغة األمازيغية ابملغرب األقصى من خالل مصادر العصر الوسيط‬

‫ابن القطان املراكشي (ت‪628 .‬ه‪1230/‬م)‪ :‬نظم اجلمان لرتتيب ما سلف من أخبار‬
‫الزمان‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممود علي مكي (‪ ،)1990‬بريوت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫الشاطيب‪ ،‬إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي الغرانطي (ت‪790 .‬هـ‪1388/‬م)‪:‬‬
‫االعتصام‪ ،‬مطبوعات احلليب‪ ،‬مصر‪1913 ،‬م‪.‬‬
‫كتّاب الدولة املؤمنية‪ :‬جمموع رسائل موحدية من إنشاء كتّاب الدولة املؤمنية‪ ،‬اعتىن‬
‫إبصدارها ليفي بروفنسال (‪ ،)1941‬مطبوعات معهد العلوم العليا املغربية‪ ،‬الرابط‪ ،‬املطبعة‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫الكفيف الزرهوين (تويف أواسط القرن ‪8‬هـ‪14 /‬م)‪ :‬ملعبة الكفيف الزرهوين‪ ،‬تقدمي وتعليق‬
‫وحتقيق‪ :‬حممد بن شريفة (‪ ،)1987‬الرابط‪ ،‬املطبعة امللكية‪.‬‬
‫مارمول كرخبال (تويف حنو سنة ‪1008‬ه‪1600 /‬م)‪ :‬إفريقيا‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد حجي وآخرون‬
‫(‪ ،)1984‬الدار البيضاء‪ ،‬مكتبة املعارف‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫املراكشي‪ ،‬عبد الواحد (ت‪647 .‬هـ‪1249/‬م)‪ :‬الـمُعجب يف تلخيص أخبار املغرب‪ ،‬ضبط‬
‫وتصحيح وتعليق‪ :‬حممد سعيد العراين وحممد العريب العلمي (‪ ،)1978‬الدار البيضاء‪ ،‬دار‬
‫الكتاب‪ ،‬ط‪.7‬‬
‫املقري التلمساين‪ ،‬أبو العباس أمحد (ت‪1041 .‬هـ‪1631/‬م)‪ :‬نفح الطيب يف ذكر غصن‬
‫األندلس الرطيب‪ ،‬حتقيق‪ :‬إحسان عباس (‪ ،)1997‬بريوت‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ج‪.3‬‬
‫جمهول (يُنسب البن عبد ربه احلفيد‪ ،‬ت‪602 .‬هـ‪1206/‬م)‪ :‬كتاب االستبصار يف‬
‫عجائب األمصار‪ ،‬نشر وتعليق سعد زغلول عبد احلميد (‪ ،)1986‬الدار البيضاء‪ ،‬دار النشر‬
‫املغربية‪ ،‬بغداد‪ ،‬دار الشؤون الثقافية العامة‪.‬‬
‫جمهول (كان حيّاً سنة ‪712‬هـ‪1312/‬م)‪ :‬مفاخر الرببر‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد القادر بوابية‬
‫(‪ ،)2005‬الرابط‪ ،‬دار أيب رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫جمهول (يُنسب البن مساك العاملي‪ ،‬كان حيّاً سنة ‪783‬هـ‪1381 /‬م)‪ :‬احللل املوشية يف ذكـر‬
‫األخبار املراكشـية‪ ،‬حتقيق‪ :‬سهيل زكار‪ ،‬وعبد القادر زمامة (‪ ،)1979‬الدار البيضاء‪ ،‬دار‬
‫الرشاد احلديثة‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫امللزوزي‪ ،‬أبو فارس عبد العزيز بن عبد الواحد (ت‪697 .‬هـ‪1297/‬م)‪ :‬نظم السلوك يف‬
‫األنبياء واخللفاء وامللوك‪ ،‬نشر عبد الوهاب بنمنصور (‪ ،)1963‬املطبعة امللكية‪ ،‬الرابط‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫الوايف نوحي‬

‫مؤنس‪ ،‬حسني (‪ :)1986‬اتريخ اجلغرافية واجلغرافيني يف األندلس‪ ،‬نشر املنظمة العربية‬


‫للرتبية والثقافة والعلوم‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة مدبويل‪ ،‬ط ‪.2‬‬
‫الناصري السالوي‪ ،‬أبو العباس أمحد بن خالد (ت‪1897 .‬م)‪ :‬االستقصا ألخبار دول‬
‫املغرب األقصى‪ ،‬أشرف على النشر‪ :‬حممد حجي‪ ،‬وإبراهيم بوطالب‪ ،‬وأمحد التوفيق‬
‫(‪ ،)2001‬منشورات وزارة الثقافة واالتصال‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫النجار‪ ،‬عبد اجمليد (‪ :)1983‬املهدي بن تومرت‪ ،‬حياته وآراؤه‪ ،‬وثورته الفكرية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وأثره ابملغرب‪ ،‬بريوت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫اس) لدى مصامدة‬ ‫نوحي‪ ،‬الوايف (‪" :)2019‬التحالف عند القبائل األمازيغية‪ ،‬ورمزية (أ ْمس ْ‬
‫العصر الوسيط"‪ ،‬ضمن‪ :‬الرتاث الالّمادي ابجلنوب املغريب‪ ،‬الرابط‪ ،‬دار أيب رقراق للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ص‪.235-229 :‬‬
‫الوزان‪ ،‬احلسن بن حممد‪ ،‬امللقب بليون اإلفريقي (ت‪ .‬بعد ‪957‬هـ‪1550/‬م)‪ :‬وصف‬
‫إفريقيا‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد حجي وحممد األخضر (‪ ،)1983‬بريوت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫ج‪. 1‬‬
‫الونشريسي‪ ،‬أبو العباس أمحد بن حيىي (ت‪914 .‬هـ‪1508 /‬م)‪ :‬املعيار الـمُعرب واجلامع‬
‫الـمُغرب عن فتاوي أهل إفريقية واألندلس واملغرب‪ ،‬ختريج‪ :‬مجاعة من الفقهاء إبشراف حممد‬
‫حجي (‪ ،)1981‬نشر وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ابملغرب‪ ،‬بريوت‪ ،‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ج‪ 1‬و‪.2‬‬
‫‪Chaker, Salem (1981), «Données sur la langue berbère à travers les textes‬‬
‫‪anciens : la description de l’Afrique septentrionale d’Abou Obeïd El-Bekri»,‬‬
‫‪in : Revue de l'Occident musulman et de la Méditerranée (ROMM), Vol.‬‬
‫‪31, N. 1, pp. 31-46.‬‬
‫‪Chaker, Salem (1983) : «La langue berbère à travers l’onomastique‬‬
‫‪médiévale : El-Bekri », in : Revue de l'Occident musulman et de la‬‬
‫‪Méditerranée (ROMM), Vol. 35, N. 1, p. 127- 144.‬‬
‫‪Galand, Lionel (1991) « Berbères », in : Encyclopédie de l’Islam, NE, T. I,‬‬
‫‪pp. 1208-1222.‬‬
‫‪Ghouirgate, Mehdi (2014), L'ordre almohade (1120-1269): une nouvelle‬‬
‫‪lecture anthropologique, Toulouse, Presses universitaires du Midi.‬‬
‫‪Leclerc, Lucien (1980), Histoire de la médecine arabe, Paris, 1876 (réédité par‬‬
‫‪Le Ministère des Habous et des Affaires Islamiques), Rabat, T. II.‬‬
‫‪Le Tourneau, Roger (1990), “Ha-mim”, in: Encyclopédie de l’Islam,‬‬
‫‪nouvelle édition, Leide, Brill, Paris, Maisonneuve et Larose, Vol. III, p 137.‬‬

‫‪62‬‬
74-63 ‫ ص‬،2021 ،‫عشر‬ ‫ العدد السادس‬،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‫جملة أسيناگ‬

‫القوانني والنظم العرفية املكتوبة لدى جمتمع وادي مزاب‬


‫ابحلاج انصر‬
)‫ جامعة غرداية (اجلزائر‬،‫ كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية‬،‫قسم التاريخ‬

‫يعترب ما كتبه أهل منطقة مزاب يف صحراء اجلزائر من قوانني عرفيّة مصدرا فائق‬
‫ ذلك أنّه يش ّكل من وجهة نظر اترخييّة أهمّ مصدر يؤرّخ بشكل وثيق للحياة‬،‫األمهيّة‬
‫ كما تكشف هذه النصوص عن املستوى الثقايف‬،‫االجتماعيّة واالقتصاديّة والسياسيّة‬
.‫لـ"النخبة" يف املنطقة طوال القرون من اخلامس عشر إىل التاسع عشر امليالديّني‬
‫لكن تبقى العديد من التساؤالت حباجة إىل توضيح حول حرص املزابيني على كتابة‬
‫أو‬- ‫ ووجود "سرية" (عادة) احلفاظ على الكثري من العادات‬،‫قانوهنم العريف من جهة‬
‫ هل‬:‫ بصيغة أخرى‬.‫ بعدم كتابتها ألغراض خمتلفة‬-‫السريات ابملصطلح املعروف حمليا‬
‫كتب املزابيّون كلّ أعرافهم؟ مىت كانوا يكتبون؟ وملاذا؟ ماذا مل يكتبوا؟ وملاذا؟ وغريها‬
.‫من األسئلة اليت سنحاول اإلجابة عنها يف هذا املقال‬
‫ التوثيق‬- ‫ مزاب – األعراف – اجملتمع – التدوين‬:‫الكلمات املفتاحية‬

The customary law texts written by the people of the Mzab region in the Algerian
desert may well be viewed of vital importance, as they, historically, constitute the
most important source chronicling closely the social, economic and political
lives. These texts also reveal the cultural level of the “elite” in the region
throughout the fifteenth and sixteenth centuries.
Many questions need, nonetheless, to be clarified concerning the Mozabites’
preservation of their culture and traditions. While they are keen to write their
customary law, the Mozabites do not exhibit the same readiness to preserve a
whole range of other traditions and customs in writing; they preserve them only
orally. This paper tries to address the preservation of the Mozabite patrimony
along a number of questions, such as: Did the Mozabites write all their customs?
When did they write their traditions? And why? What did they not write? And
why? And a number of other questions.
Key Words : Mzab – Conventions – Society – Recording – Documentation

63
‫ابحلاج انصر‬

‫مقدمة‬
‫ابلرغم مما ورثه أهل مزاب من الرتاث اإلابضي من خمطوطات يف غاية األمهية عن العقيدة‬
‫والفقه والتاريخ أساسا‪ ،‬حرصوا على توثيق قوانينهم اليت كانت ذات صبغة عرفية حمضة‪ ،‬واليت‬
‫كل بلدة أو قصر من قصور مزاب السبعة‪ ،‬وذلك‬ ‫لقيت القبول لدى كل عشائر وأعراش ّ‬
‫كل العشائر يف صياغة القوانني‪ ،‬ولكن أيضاً بفضل وزن هيئة العزابة‪،‬‬ ‫بفضل مشاركة ممثلي ّ‬
‫وهي اهليئة اليت تتوىل شؤون الدين والتعليم‪.‬‬
‫"بنو مزاب" أو "بنو مصعب" أو "بنو مصاب" حسب اختالف ورودها يف الكتاابت‬
‫عمروا‬
‫الصحة هو "بنو مزاب"‪ -‬هم السكان األوائل الذين ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربية ‪-‬ولو أ ّن األقرب إىل‬
‫منطقة وادي مزاب منذ ما قبل التاريخ‪ ،‬ومنهم أخذت املنطقة تسميتها‪ ،‬ينتمون إىل الفرع‬
‫الرببري الكبري "زانتة"‪ 1‬على خالف ما هو سائد وشائع لدى الكثريين وحىت لدى بعض‬
‫املزابيني أنفسهم‪ ،‬أن س ّكان هذه املنطقة ينتمون إىل إثنيّة واحدة وأهنم هاجروا من تيهرت أو‬
‫وارجالن بعد سقوط دولتهم‪.‬‬
‫ينحدر بنو مزاب يف الغالب من قبيلة زانتة األمازيغيّة‪ ،‬حيث حدثت ع ّدة هجرات من‬
‫مناطق خمتلفة من بالد املغرب إىل وادي مزاب الذي كان آهال ابلسكان‪ ،‬وحدث ذلك‬
‫فضلت القبائل األمازيغيّة اإلابضيّة االبتعاد عن‬
‫خصوصاً خالل العصر الوسيط‪ ،‬عندما ّ‬
‫مناطق الصراع يف الشمال‪ ،‬واالحتماء ابلصحراء‪ ،‬يف منطقة أصبحت متثّل إحدى املعاقل‬
‫األخرية لإلابضية يف املغرب األوسط (اجلزائر)‪.)Cherifi, 2003( .‬‬
‫‪ .1‬طبيعة القانون العريف املكتوب لدى املزابيني‬
‫تُعرف القوانني العرفيّة املكتوبة بوادي مزاب ابسم "االتفاقات"‪ ،‬ذلك أهنا عبارة عن‬
‫"العزابة" وهي اهليئة اليت تشرف على أمور الدين‬ ‫حماضر اجللسات اليت اتّفق فيها ممثلو هيئيت ّ‬
‫أساساً‪ ،‬و"العو ّام" وهم كبار العشائر‪ ،‬حيث يش ّكلون على مستوى وادي مزاب جملسا‬
‫كل مدينة من‬ ‫كنفدراليا‪ ،‬يعترب السلطة التشريعيّة والقضائيّة العليا يف املنطقة‪ .‬وعلى مستوى ّ‬
‫عزابة وعو ّام املدينة‪ ،‬ميثّلون اهليئة التشريعيّة‬
‫كل من ّ‬
‫لي ّ‬‫متكون من ممثّ ّ‬
‫مدن الوادي يوجد جملس ّ‬
‫والقضائيّة‪ ،‬وعلى العو ّام تقع مسؤوليّة تنفيذ األحكام‪.‬‬

‫عمرت فروع هذه القبيلة املناطق الشما لية للصحراء خصوصا‪ ،‬وكان بعضهم بدوا أو نصف بدو‪ ،‬بينما البعض اآلخر‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪1‬‬

‫حضرا‪ .‬وقد أسس هؤالء عددا من احلواضر يف مناطق جرداء مثل‪ :‬واد سوف‪ ،‬واد ريغ‪ ،‬ورقلة‪ ،‬وغريها‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫القوانني والنظم العرفية املكتوبة لدى جمتمع وادي مزاب‬

‫كل واحدة منها‪ ،‬لكن‬


‫مع وجود بعض االختالفات بني قوانني املدن تبعاً خلصوصيّات ّ‬
‫لكل مدينة مل تكن ختتلف جذرّاي عن تلك اليت‬
‫التشريعات اليت تصدر عن السلطة احمللّيّة ّ‬
‫تصدر عن اهليئة العليا للمنطقة‪.‬‬
‫وحسب ما كان يرد يف هناية أغلب نصوص االتفاقات فإ ّهنا كانت تُد ّون من طرف كاتب‬
‫خاصة تعرف ابسم "موانع األمة"‪ ،‬أو "موانع العامة"‪ ،‬كما كانت تعرف‬ ‫اجمللس يف سجالّت ّ‬
‫نص قانون مليكة مثال (آت مليشت) (امللحق‬ ‫أيضا ابسم "التفتار" أو الدفرت مثلما ورد يف ّ‬
‫العامة الوقوع فيها أو ارتكاهبا‪ ،‬وكذلك‬ ‫العامة فهي األمور اليت مينع على ّ‬ ‫‪ّ .)1‬أما موانع ّ‬
‫العقوابت اليت تسقط على الذي يتع ّدى تلك احلدود اليت رمسها املتّفقون‪.‬‬
‫العزابة والعو ّام ‪-‬وبدون اتّفاقهما ال ميكن أن يكون هنالك قانون‬ ‫بعد وقوع االتّفاق بني ّ‬
‫فسر فقرة تلو أخرى‬‫يتم اإلعالن على ما اتُّفق عليه يف املسجد‪ ،‬ويُقرأ على الناس ويُ َّ‬‫للعامة‪ّ -‬‬
‫ابملزابيّة أو األمازيغيّة احملليّة أساساً حىت يفهموا بنوده ويكونوا على بيِّّنة مبا احتوى عليه من‬
‫خمالفات وعقوابت وأحكام وغري ذلك‪ ،‬وكان هذا مبثابة اجلريدة الرمسيّة يف العصر احلايل‪،‬‬
‫كل ذريعة على اجلاهل ابلقانون‪.‬‬ ‫فبهذا اإلعالن تسقط ّ‬
‫يتم االحتفاظ بسجالّت االتّفاقات يف املسجد‪Masqueray, 1878, ( ،‬‬ ‫بعد ذلك ّ‬
‫‪ )p.VII‬ويف ذلك داللة على أ ّن املسجد هو املرجعيّة األوىل يف البلد‪ ،‬وتكون السجالّت‬
‫العزابة وحتت املسؤوليّة املباشرة لوكيل املسجد‪.‬‬
‫حتت إشراف ّ‬
‫لكن لألسف ال يعرف اليوم إن كانت قد بقيت لدى وكالء املساجد األوىل ‪-‬أو‬
‫األساسية‪ -‬يف مدن مزاب نسخ من تلك السجالّت ويبقى التساؤل مطروحاً حول مآهلا‬
‫خاصة مع وجود انقطاعات زمنيّة كبرية بني اتّفاق وآخر؟ إ ّن احتمال وجودها يف وادي مزاب‬ ‫ّ‬
‫وليس خارجه يبقى قائما رغم أتكيد العديد من املستجوبني يف املوضوع والعارفني ابلقضية‬
‫عدم توفّر واثئق أخرى لالتّفاقات غري تلك املعروفة اليوم‪.‬‬
‫‪ .2‬النظم والقوانني العرفيّة غري املكتوبة‬
‫خاصة حتفظ يف املسجد‪ ،‬على‬ ‫تدل كتابة نصوص االتّفاقات وتدوينها يف سجالّت ّ‬ ‫ّ‬
‫حرص كبري من طرف اهليئات املشرفة على اجملتمع بوادي مزاب على تدوين القوانني‬
‫كل وثيقة اسم كاتبها عند االجتماع‪ ،‬مث اسم الذي أعاد كتابتها‬
‫وحفظها‪ ،‬حيث جند يف هناية ّ‬
‫ونقلها من نسختها األوىل‪ ،‬وذلك هبدف احلفاظ على هذه النصوص القدمية من الضياع‪،‬‬
‫وكذا اسرتجاع أو تذ ّكر اتّفاق مندثر قد تكون أحد بنوده سارية املفعول آنذاك‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫ابحلاج انصر‬

‫كل شيء‪ ،‬وابلتحديد ما‬ ‫جانب هذه القوانني املكتوبة فإ ّن املزابيّني مل يكونوا يكتبون ّ‬ ‫وإىل‬
‫تعلّق بسريهم ‪ ،‬واملفهوم االصطالحي للسري هنا هو ما ذكره أحد شيوخ مزاب املعاصرين‬ ‫‪2‬‬

‫والعارفني هبا‪" :‬لغواي (‪ )...‬من سار يسري مبعىن سلك طريقا (‪ )...‬وميكن استخدامها مجع‬
‫مؤنث سامل (سريات) وهو اللفظ املتداول يف ربوعنا‪ )...( .‬ومبا أن الكلمة مبقتضى صيغتها‬
‫لتدل على‬ ‫تعين خطة السلوك أو طريقة التوجه اختريت على مستوى الفكر اإلابضي ّ‬
‫املرضي لتعرب عن وجهة نظرهم يف جتسيد مسار املذهب‪ ،‬وتبلورت الكلمة على‬ ‫ّ‬ ‫التصرف‬
‫مرور الزمان لتصبح ذات داللة على املنهجية املفضلة للمسلك االجتماعي واكتسبت الكلمة‬
‫شكال من الرتاضي على نوعية السلوك املعتمد عرفيّا يف تنظيم اجملتمع وتكريس املفاهيم‬
‫املختارة ألخالقية التصرف" (صدقي‪.)3 :2003 ،‬‬
‫من املعروف اليوم لدى املزابيّني أن ِّسري أو نُظم اهليئات مبختلف مستوايهتا مل تُكتب يف‬
‫أغلبها‪ ،‬وذلك لسببني أساسيّني‪ّ ،‬أوهلما أ ّن من يريد معرفة ِّسري األوائل يتو ّجب عليه أن‬
‫ينخرط يف اهليئة ويتعلم نظمها‪ ،‬ولو أنّه قد توجد كراريس فيها بعض املعلومات تكون عند‬
‫ِّ‬
‫كراس تنُـب ِّو ْ‬
‫ين‪،‬‬ ‫كراس خنيل األوقاف‪ّ ،‬‬‫ويتم توارثه جيال عن جيل مثل ّ‬ ‫األول عن اهليئة ّ‬‫املسؤول ّ‬
‫كراس ل ُوْمىن (األمناء) وغريه" (احلاج سعيد‪.)2020 ،‬‬ ‫ّ‬
‫السري أو النظم اليت مل يكتبها‬ ‫ِّ‬
‫وعليه فإ ّن املمارسة هي السبيل الوحيد للحفاظ على ّ‬
‫نص‬
‫املزابيّون‪ ،‬وابلتايل فإ ّن ترك ممارسة السري هو الذي يؤدي إىل نسياهنا‪ ،‬وعن هذا جاء يف ّ‬
‫كرر يُنسى‪ ،‬وما ال يُراجع يتالشى"‪.‬‬‫عزابة غرداية مايلي‪" :‬ما ال يُ ّ‬
‫سري حلقة ّ‬
‫لكن من جهة أخرى‪ ،‬فإ ّن عدم الكتابة يرتك اجملال مفتوحا الحتمال التعديل‪ ،‬وحول هذه‬
‫النقطة وقع الكثري من النقاش لدى مشائخ املزابيّني يف ما ميكن تعديله من نظم احللقة‪ ،‬وعنها‬
‫يقول الشيخ صدقي‪" :‬إال أ ّن عدم تدوينها بشكل التزامي شامل متّفق عليه بني القرى‬
‫املتجاورة يف ميزاب ووارجالن أحدث فيها نوعا من الضبابيّة يف حتديد ما يعترب من الثوابت‬
‫حملي ميكن تبديله أو التخلي عنه أو تطويره‬ ‫عريف ّ‬
‫األصيلة اليت ال حميد عنها‪ ،‬وما هو منها ّ‬
‫حسب الظروف‪ .‬وليتهم فعلوا على األقل يف األساسيّات لتفادي االنزالق يف املعايري املرجعيّة‬
‫ملا يعرض من مواقف" (صدقي‪.)4 :2003 ،‬‬
‫"سِّّرية" النظم‪ ،‬ألن‬‫أما التفسري الثاين لعدم كتابة املزابيني لنظم هيئاهتم فهو احملافظة على ِّ‬
‫كتابتها يعترب مبثابة كشف ألسرارها وتيسري معرفة نظم اجملتمع املزايب للغري‪ ،‬وهذا التخوف‬

‫‪ -2‬لتفاصيل أوفر عن مصطلح "السري" ميكن العودة إىل معجم مصطلحات اإلابضية (‪ ،2008‬ج‪.)520 :1‬‬

‫‪66‬‬
‫القوانني والنظم العرفية املكتوبة لدى جمتمع وادي مزاب‬

‫انشئ عن ترسبات التجارب التارخيية األليمة اليت توالت على اإلابضية يف املغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫لعل‬
‫واإلحراج الذي كانوا يلقونه ابستمرار بسبب انتمائهم املذهيب كما سيأيت بيانه الحقا‪ .‬و ّ‬
‫ما حدث بني عزابة غرداية واملستشرق الفرنسي إميل ماسكراي )‪ (Emile Masqueray‬خري‬
‫نسي وهو مبعوث من طرف إدارة االحتالل‪،‬‬ ‫مثال على حت ّفظ املزابيني‪ ،‬ولو أن هذا األخري فر ّ‬
‫كل من غرداية وبن يسقن منحه نسخاً منها‪.‬‬ ‫عزابة ّ‬
‫حيث رفض ّ‬
‫سجالت االتّفاقات اليت مت ّكن من احلصول عليها بعد‬‫كما حت ّدث ماسكراي عن نسخ ّ‬
‫جهد كبري‪ ،‬وذلك سنة ‪ ،1878‬أي قبل السيطرة الفرنسية املباشرة على املنطقةـ حني قدم إىل‬
‫املهمة األركيولوجية واألنثروجغرافية اليت كلّف هبا من طرف وزارة التعليم‬
‫وادي مزاب يف إطار ّ‬
‫العمومي (‪ )instruction publique‬بباريس‪ .‬ويف مق ّدمة حتقيقه للمخطوط اإلابضي "سري‬
‫سريّة‬
‫أبو زكرايء" قال عن سكان وادي مزاب وعن نظمه ما يلي‪" :‬املزابيّون هم الناس األكثر ّ‬
‫كل ماضيهم وحاضرهم حمتوى يف خمطوطاهتم القدمية ويف سجالت قوانينهم املوجودة‬ ‫يف العامل‪ّ ،‬‬
‫العزابة" (‪.)Masqueray, 1878‬‬ ‫بني أيدي رجال دينهم ّ‬
‫مثلما ذُكِّر أعاله فإنّه من العوامل اليت ش ّكلت لدى املزابيني على مّر الزمن شعور واجب‬
‫التح ّفظ اجتاه اآلخر غري اإلابضي‪ ،‬وهو وصمة "اخلارجيّة" اليت يصّر غريهم وصفهم هبا‬
‫بسبب انتمائهم إىل املذهب اإلابضي‪ ،‬سواء جهال منهم‪ ،‬أو وفاء خلالفات القرون اهلجرية‬
‫التهجم على املزابيّني يف حال‬
‫خفي‪ ،‬وغالبا ما يكون لتربير ّ‬ ‫األوىل‪ ،‬أو لتحقيق غرض آينّ ّ‬
‫اخلالفات معهم‪ ،‬وليست آخر األحداث األليمة اليت وقعت ض ّد املزابيّني فيما بني ‪2013‬‬
‫و‪ 2015‬ببعيدة!‬
‫ابلنسبة للفرتة احلديثة تكفي العودة إىل بعض ما كتبه الرحالة العياشي عند حلوله لدى‬
‫يتعرض له املزابيّون يف‬
‫إابضيّة وارجالن ألخذ فكرة عن نظرة الغري لإلابضيّني‪ّ ،‬أما ما كان ّ‬
‫املدن الكربى يف نفس الفرتة فالواثئق تشهد على العديد من صور االحتقار‪ ،‬وذلك ابلرغم‬
‫من املكانة االقتصادية الكبرية اليت كان املزابيّون يتمتّعون هبا‪ ،‬السيّما يف عاصمة اإلايلة‬
‫(الشويهد‪ .)2006 ،‬من أمثلة العلماء الذين صبوا نقمتهم على املزابيني بسبب مذهبهم‬
‫وقوة جتارهتم‪،‬‬
‫الشيخ بلقاسم احل ّداد الرمحوين بقسنطينة ‪ ،‬فبعد أن ذكر كثرة عدد بين مزاب ّ‬
‫‪3‬‬

‫يفصح عن كرهه هلم ‪-‬بسبب االختالف املذهيب‪ -‬ويصدر عليهم حكما جزافيّا‪ ،‬كان سائدا‬
‫ط من شأهنم بقوله‪:‬‬ ‫آنذاك مثلما متّ تبيينه سابقا‪ ،‬حيث حي ّ‬

‫‪ -3‬نشأ بقسنطين ة وترىب هبا على يد زوج أمه بعد وفاة أبيه الذي علمه احلـدادة‪ ،‬وكـان منكمشـا علـى نفسـه بعـد فقـد بصـره‪،‬‬
‫لذلك امتاز شعره بشدة االنتقاد‪ .‬قصيدته تعود إىل سنة ‪1217‬هـ‪1802 /‬م‪( .‬قشي‪.)1998 ،‬‬

‫‪67‬‬
‫ابحلاج انصر‬

‫األمات" (‪)Cour, 1919 : 229‬‬


‫عرات ّ‬
‫اخلومس ّ‬
‫ّ‬ ‫"بين مزاب قوات بسلعات‬
‫اخلومس يقصد هبا أتباع املذهب اخلامس عند ما يعرف أبهل السنة‪ ،‬رغم أنّه ّأول‬‫و ّ‬
‫السب كثرية‪ ،‬طاملا عاىن منها بنو مزاب‬
‫املذاهب ظهورا كما هو معروف اترخييّا‪ ،‬وأمثلة هذا ّ‬
‫وال يزالون!‬
‫وقد ذكر توماس شاو يف القرن الثامن عشر أ ّن بين مزاب "نظرا لكوهنم على املذهب‬
‫اإلابضي فإ ّهنم كانوا ُمينعون من دخول املساجد" (‪ !)Shaw, 1830,328‬ويف الواقع كان بنو‬
‫يتعرضون هلا‬
‫مزاب ُمينعون من ارتياد املساجد بشكل غري مباشر‪ ،‬وعانوا من املضايقات اليت ّ‬
‫بسبب بعض االختالفات الفقهيّة بني مذهبهم وغريه من املذاهب يف الصالة‪ ،‬وقد علّق على‬
‫ذلك سيمون بفايفر يف بداية القرن التاسع عشر بقوله‪" :‬والعرب واألتراك يستخ ّفون هبم وال‬
‫يعرتفون إبسالمهم" (بفايفر‪.)1974:130 ،‬‬
‫ومن أمثلة ما كان يلقاه املزابيّون من قهر أينما تن ّقلوا‪ ،‬أ ّن أحدهم قام قضاة البالد الوهرانية‬
‫بتحرمي زوجته عليه وحرمانه منها بسبب كونه على املذهب اإلابضي‪ ،‬وكان هؤالء القضاة قد‬
‫استفتوا يف أمره أمحد بن مبارك السجلماسي اللمطي (ت‪1156 .‬هـ‪1743 /‬م) (علوي‪،‬‬
‫‪.)2011‬‬
‫وعن قضيّة الصالة يف املساجد واملضايقات اليت كان املزابيون جيدوهنا فقد راسل علماؤهم‬
‫األول يف اإلايلة‪ ،‬وجاء فيها ما يلي‪" :‬من مجاعة بين مزاب احملبّني للرتك يف سائر‬ ‫ّ‬ ‫احلاكم‬
‫أخص منهم امللك اهلمام (‪ )...‬السلطان اإلمام علي داي‪ 4‬أعلى هللا مرتبه‬‫األحقاب (‪ّ )...‬‬
‫فوق السالطني (‪ )...‬انظر أيها األمري أنت وأهل خاصتك من كل كاتب ووزير وخازن‬
‫‪5‬‬
‫وخفري وكل عامل حنرير من قضاة احلق ووالة الصدق‪ ،‬أنظروا ابلبصري فيما جرى يف (‪)...‬‬
‫مزاب‪ ،‬من عظيم اإلفك والشتم والسباب‪ ،‬وانتصفوا للمظلوم من الظامل فإ ّن هللا جعلكم‬
‫خالئف يف األرض لتصلحوا ما فسد (‪ )...‬و ّأما ما قلتم على بين مزاب من ترك حضور‬
‫اجلُمع واجلماعات يف املساجد ومظا ّن االستجاابت (‪ )...‬غري أ ّهنم قالوا إذا دخلنا املسجد‬
‫فردوا عنهم املشتغلني يكونوا مع الناس يف‬
‫للصالة جعلوا يشتغلون بنا ويسمعوننا كالم اجلفاة‪ّ ،‬‬
‫بيوت هللا مع الداخلني (‪(.")...‬م‪ .‬م‪ .‬ش‪ .‬ع‪ .‬س‪ ،.‬اخلزانة العامة‪ ،‬رقم‪.)300 :‬‬

‫‪ -4‬هو الداي علي شاويش حكم اإلايلة يف ما بني (‪1130 - 1122‬هـ‪1717 -1710 /‬م)‪.‬‬
‫‪ -5‬الكلمة احملذوفة غري مفهومة‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫القوانني والنظم العرفية املكتوبة لدى جمتمع وادي مزاب‬

‫وهنالك جانب آخر من القضااي اليت مل تكن تكتب‪ ،‬وهي املتصلة ابلعشائر النزيلة‪،‬‬
‫نص يوثّق ألمساء العشائر اليت متّ إنزاهلا يف‬
‫حيث ال نعثر يف نصوص االتفاقات على أي ّ‬
‫نص واحد –يف حدود ما توصلنا إليه طيلة عدة سنوات من‬ ‫عرش أو آخر‪ ،‬وال يتوفّر سوى ّ‬
‫أي منها‪ ،‬والنص عبارة عن‬ ‫البحث‪ -‬تناول قضية إنزال عناصر جديدة‪ ،‬ولكنه مل يذكر اسم ّ‬
‫مؤرخ بسنة‬‫اتفاق جلماعة غرداية جاء فيه أنّه متّ إنزال عناصر جديدة يف ص ّفي املدينة وهو ّ‬
‫‪1211‬هـ (‪1796‬م)‪" :‬واتفقوا املذكورين [كذا] على من نزل عند أوالد عمي عيسى أو عند‬
‫أوالد بسليمان"(م‪.‬خ‪.‬ع‪ ،).‬حيث ال تظهر يف هذا النص أمساء العشائر أو العائالت اليت متّ‬
‫إنزاهلا ! وهو رّمبا أمر مقصود من املتّفقني لغرض ما‪ ،‬رّمبا لكي ال ُحيتفظ به مل ّدة طويلة‪،‬‬
‫ويتح ّقق إدماج العناصر النزيلة‪ ،‬ويُنسى مع مرور الزمن ّأهنا عناصر ليست أصيلة‪ ،‬وهكذا‬
‫يتح ّقق الغرض من إنزاهلا وإدماجها‪.‬‬
‫نسي وبعدها‬
‫‪ .3‬كتابة النظم العرفيّة خالل فرتة االحتالل الفر ّ‬
‫أهم ما طرأ من تغيري على وضع منطقة مزاب بعد االحتالل الفرنسي عام ‪ 1882‬هو‬ ‫لعل ّ‬‫ّ‬
‫يشرع ألهل املنطقة يف خمتلف شؤون احلياة‪ ،‬وكذلك‬ ‫ّ‬ ‫كان‬ ‫الذي‬ ‫اب"‬‫ز‬ ‫م‬ ‫ادي‬ ‫و‬ ‫"جملس‬ ‫زوال‬
‫األمر جمللس املدينة‪ ،‬حيث أصبح القايد الذي تعيّنه إدارة االحتالل هو "رئيس اجلماعة"‪،‬‬
‫كل مدينة‪ ،‬أو ما أصبح يعرف الحقا ابجمللس‬ ‫ضمان (رؤساء) العشائر يف ّ‬ ‫تتكون من ّ‬‫واليت ّ‬
‫العزابة من املشاركة املباشرة يف احلياة العا ّمة (انصر‪.)2015 ،‬‬
‫البلدي‪ ،‬وبذلك أُبعدت هيئة ّ‬
‫ّ‬
‫ّأما القضاء الذي كان مرتكزا يف شيخ احللقة‪ ،‬فقد أصبح خالل عهد االحتالل يف‬
‫سجالهتا‬
‫أسست خصيصا للمزابيّني نزوال عند طلبهم‪ ،‬واليت ال تزال ّ‬ ‫"احملاكم اإلابضيّة" اليت ّ‬
‫دفاتر ذات قيمة اترخييّة قيمة عن فرتة االحتالل الفرنسي (‪ .)Bendrissou,2016‬ومن‬
‫حينها فإ ّن نصوص األحكام اليت يفصل فيها قضاة مدن مزاب السبعة‪ ،‬وكذلك جملس‬
‫صة‪ ،‬وذلك‬ ‫تدون يف سجالّت خا ّ‬ ‫عمي سعيد قد أصبحت ّ‬ ‫االستئناف املعروف مبجلس ّ‬
‫سجالت املتخاصمني فقط‪ ،‬حيث مل تصلنا‬ ‫تدون يف ّ‬ ‫بعدما كانت خالل العهد احلديث ّ‬
‫اخلاصة" أو‬
‫ّ‬ ‫يدونون فيها نصوص األحكام‪" ،‬وقد كانت "الدفاتر‬ ‫خاصة ابلقضاة ّ‬‫دفاتر ّ‬
‫هامة ج ّدا إلثبات احلقوق املرتتّبة عن املعامالت املختلفة من البيوع‬ ‫"الزمامات" واثئق ّ‬
‫ط الكاتب "شيخ‬ ‫يتم تدوينه فيها وبشهادة الشهود وخ ّ‬ ‫والوقف والقراض واهلبات وغريها ممّا ّ‬
‫العزابة‪ ،‬فالتوثيق كان من بني اخلصائص‬ ‫العزابة" أو الكاتب الذي ُج ِّّوزت كتابته من طرف ّ‬ ‫ّ‬
‫اليت طبعت هبا احلياة االجتماعيّة آنذاك" (انصر‪.)2018:275 ،‬‬

‫‪69‬‬
‫ابحلاج انصر‬

‫ّأما بعد استقالل اجلزائر يف جويلية ‪ 1962‬وقيام الدولة الوطنيّة‪ ،‬فقد تواصل تراجع‬
‫صالحيّات اهليئات مبجتمع وادي مزاب‪ ،‬حيث اقتصرت أساساً على النواحي االجتماعية‬
‫مثل حتديد املهور واحلد من التجاوزات يف األفراح واملآمت (انظر امللحق)‪.‬‬

‫خامتة‬
‫خلاصة الكثرية اليت‬
‫ابلرغم مما عرف به أهل مزاب من توثيق لتارخيهم بدليل املكتبات ا ّ‬
‫تزخر هبا منطقتهم‪ ،‬ال تزال الكثري من النظم حبيسة الذاكرة الشفوية‪ .‬وأمام التطور الكبري‬
‫الذي تشهده احلياة االجتماعية يف املنطقة تزداد حاجة اهليئات القائمة اليوم إىل تدوين‬
‫السري اليت خيشى أبناء مزاب زواهلا‪ ،‬وعن هذا قال الشيخ صدقي يف هناية كتابه‪:‬‬‫ِّ‬
‫العديد من ّ‬
‫"(‪ )...‬ذلك أبنين اقتصرت على ما حضرته كشاهد عيان أو تلقيته عن الثقات من الوالد–‬
‫رمحه هللا‪ -‬أو عن غريه ممن يروي هذه السري على أهنا من الرتاث الذي ال حيق لنا التفريط فيه‬
‫وهللا أعلم" (صدقي‪.)2003:106 ،‬‬

‫‪70‬‬
‫القوانني والنظم العرفية املكتوبة لدى جمتمع وادي مزاب‬

‫املالحق‬

‫امللحق ‪ :1‬صورة لقانون مليكة (آت مليشت)‪.‬‬

‫املصدر‪:‬‬
‫‪Subdivision de Médéa- Cercle de Ghardaïa, Kanouns des villes du‬‬
‫‪M'Zab, 27 Avril 1883.‬‬

‫‪71‬‬
‫ابحلاج انصر‬

‫امللحق ‪ :2‬صورة لكتيب خاص آبخر التعديالت املتعلقة ابألعراس مبدينة غرداية‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫القوانني والنظم العرفية املكتوبة لدى جمتمع وادي مزاب‬

‫املصادر واملراجع‬
‫بفايفر سيمون (‪ ،)1974‬مذكرات أو حملة اترخييّة عن اجلزائر‪ ،‬تق‪ .‬وتع‪ .‬أبو العيد دودو‪،‬‬
‫الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬
‫احلاج سعيد حممد‪ ،‬رئيس مجعية أيب اسحاق اطفيش للرتاث‪ ،‬مراسلة شخصية بتاريخ‪:‬‬
‫‪.2020/2/8‬‬
‫الشويهد عبد هللا بن حممد (‪ ،)2006‬قانون أسواق مدينة اجلزائر‪ ،‬حتقيق‪ :‬انصر الدين‬
‫سعيدوين‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫علوي حسن حافظي‪ ،)2011( ،‬مقالة الصواب يف بيان حال بين مزاب‪ ،‬هيسبرييس‬
‫متودا‪ ،‬العدد ‪ ،XLVI‬ص ص ‪.33 -9‬‬
‫قشي فاطمة الزهراء (‪ ،)1998‬قسنطينة املدينة واجملتمع يف النصف األول من القرن الثالث‬
‫عشر للهجرة (من أواخر القرن ‪ 18‬إىل منتصف القرن ‪ 19‬م)‪ ،‬دكتوراه دولة‪ ،‬قسم التاريخ‪،‬‬
‫جامعة تونس‪.‬‬
‫جمموعة مؤلفني (‪ ،)2008‬معجم مصطلحات اإلابضية‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون الدينيّة‪-‬‬
‫سلطنة عمان‪.‬‬
‫‪300‬‬ ‫مكتبة الشيخ عمي سعيد بغرداية (م‪ .‬م‪ .‬ش‪ .‬ع‪ .‬س‪ ،).‬اخلزانة العامة‪ ،‬الوثيقة رقم‪:‬‬
‫(د‪.‬غ‪" :)94 .‬رسالة مجاعة بين مزاب إىل الداي علي (ق‪12‬هـ)"‪.‬‬
‫مكتبة حواش عبد الرمحان (م‪.‬ح‪.‬ع‪ ،).‬امللف رقم ‪ :1344‬اتفاق أهل غرداية‪ ،‬أواخر‬
‫مجادى سنة ‪1211‬هـ (‪.)1796‬‬
‫انصر ابحلاج‪ ،)2018( ،‬النظم والقوانني العرفية بوادي مزاب يف الفرتة احلديثة‪ ،‬فيما بني‬
‫القرنني التاسع والثالث عشر اهلجريني اخلامس عشر والتاسع عشر امليالديني‪ ،‬مجعية الرتاث‪،‬‬
‫القرارة‪-‬غرداية‪-‬اجلزائر‪.‬‬
‫انصر ابحلاج‪" ،)2015( ،‬التطورات التارخيية للعشرية يف جمتمع وادي مزاب"‪ ،‬جملة نقد‬
‫‪ ،Naqd‬عدد نوفمرب ‪.2015‬‬
‫‪Salah Bendrissou (2016), Création des tribunaux ibadites en Algérie pendant‬‬
‫‪, pp 345-346.‬العدد‪, 20‬جملة احلياة ‪l’époque coloniale,‬‬

‫‪73‬‬
‫ابحلاج انصر‬

Cherifi Brahim, Etude d’anthropologie historique et culturelle sur le Mzab,


Thèse pour le doctorat d’anthropologie, Université Paris-VIII Vincennes-
Saint-Denis, Novembre 2003.
Cour A. (1919), « Constantine en 1802 d’âpres une chanson du cheikh
Belqacem Er-Rahmouni El-Haddad », Revue Africaine, N°60.
Masqueray Emile (1878), Chroniques d'Abou Zakaria, Imprimerie de
l'association ouvrière v. Aillaud et c, Alger.
Shaw Tomas (1830), Voyage dans la régence d’Alger, Marlin Editeur, Paris.
Subdivision de Médéa- Cercle de Ghardaïa (1883), Kanouns des villes du
M'Zab.

74
‫عشر‪ ،2021 ،‬ص ‪103-75‬‬ ‫جملة أسيناگ‪ ،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‬العدد السادس‬

‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬


‫خدجية گمايسني‬
‫األكادميية اجلهوية للرتبية والتكوين‪-‬سوس ماسة‬

‫يتناول ٰهذا املقال ظاهرة التأليف الديين ابللغة األمازيغية يف سوس‪ٰ ،‬هذا النوع من‬
‫التأليف ترجع بدايته إىل القرن السادس اهلجري‪ ،‬وهي مؤلفات تتنوع اجملاالت الدينية‬
‫اليت تناولتها‪ ،‬مثل العقيدة‪ ،‬الفقه‪ ،‬التفسري‪ ،‬النصائح‪ ،‬السرية‪ ،‬والتصوف‪ ...‬وهناك‬
‫أسباب جتعل املؤلف األمازيغي خيوض ٰهذه التجربة‪ ،‬كأن يؤلف من تلقاء نفسه‪ ،‬أو‬
‫بطلب من املتلقي‪ ،‬أو لتكون ٰهذه الكتب مراجع يعتمد عليها يف توعية العوام‪ .‬أما‬
‫أشكال التأليف‪ ،‬فإما أن يقوم الفقيه األمازيغي برتمجة أو حماكاة كتاب آخر‪ ،‬أو شرح‬
‫كتاب أو منظومة‪ ،‬أو يؤلف ابتداء‪ .‬أما عن طريقة الكتابة‪ ،‬فيعتمد فيها اخلط العريب‪،‬‬
‫مع إدخال تعديالت عليه ليتناسب مع الشكل الصويت األمازيغي‪ .‬وتتميز ٰهذه‬
‫املؤلفات ببساطتها‪ ،‬واعتمادها على املنهج العلمي‪ ،‬وصياغتها على شكل منظومات‬
‫ليسهل حفظها وتداوهلا‪.‬‬
‫املفاهيم الدالة‪ :‬األمازيغية – سوس – املازغي – الدين‪.‬‬

‫‪Le présent article traite de l'écrit religieux en langue amazighe dans la région du‬‬
‫‪Souss. Cette pratique qui remonte au VIe siècle de l'hégire aborde différents‬‬
‫‪sujets relatifs à la religion : la doctrine, la jurisprudence, l'interprétation, les‬‬
‫‪conseils, la biographie et le mysticisme...‬‬
‫‪Diverses raisons amènent les auteurs à investir ce domaine. Ils peuvent composer‬‬
‫‪pour eux-mêmes, à la demande d’autrui ou pour que leurs ouvrages soient des‬‬
‫‪références fiables pour l'éducation du public.‬‬
‫‪Ces écrits prennent des formes différentes. Il peut s’agir d’une traduction du fiqh‬‬
‫‪en amazighe, ou d’une imitation d’un autre livre, soit d’une explication d’un texte‬‬
‫‪(livre ou poème), soit d’une vraie composition.‬‬
‫‪Pour l’écriture, la graphie arabe est adoptée, en lui apportant des‬‬
‫‪réaménagements afin de s'adapter à la phonétique amazighe.‬‬

‫‪75‬‬
‫خدجية گمايسني‬

Ces ouvrages se caractérisent par la simplicité, le recours à la méthode


scientifique et la composition sous forme de poèmes pour faciliter la
mémorisation et la diffusion.

Mots-clés : Langue amazighe – Souss – al mazghi – religion.

This paper deals with religious writing in the Amazigh language in the Souss
region. This type of writing, which dates back to the 6th century AH, addresses
different religious topics, such as doctrine, jurisprudence, interpretation, advice,
biography, and mysticism among others.
There are reasons for the Amazigh author to go through this experience of
writing in Amazigh, such as writing for himself, or for some other people, or to
make his books reliable references in public education.
As for the forms the writings can take, either the Amazigh (fqih) translates or
simulates another book, or explains a book or a poem, or writes from scratch.
As for the writing script, Arabic calligraphy is adopted ; modifications are,
sometimes, resorted to adapt to the Amazigh phonetic restrictions.
These books are characterized by their simplicity. They are written along a
scientific methodology, and usually take the form of poems to make it easy fro the
readers to memorize their contents.

Key-concepts: Amazigh – Souss – Mazghi – religion.

‫متهيد‬
،‫ بذلوا قصارى جهدهم ملعرفة تعاليم دينهم احلنيف‬،‫بعد دخول األمازيغ يف اإلسالم‬
‫ وبعد ذلك بقرون برزت منهم خنبة من العلماء تصدوا‬،‫فتمكنوا من إتقان اللغة العربية‬
‫ وكان‬،‫ ليسامهوا بدورهم يف نشر اإلسالم داخل وطنهم وخارجه‬،‫للتأليف يف هذا امليدان‬
‫ فكتاابهتم القيمة اليت تزخر هبا املكتبات خري‬،‫ألبناء منطقة سوس الدور الكبري يف ذلك‬
‫ يتمثل األول يف التأليف‬،‫ تلك الكتاابت اليت اختذت شكلني خمتلفني‬.‫شاهد على ذلك‬
‫ وفيهما معاً تظهر‬،‫ بينما يتمثل الشكل الثاين يف التأليف ابللغة األمازيغية‬،‫ابللغة العربية‬
‫ فاهتمام الباحثني والدارسني ظل منصباً ابلدرجة‬،‫ لكن مع األسف‬.‫براعتهم يف النظم والنثر‬
‫ بينما ظل الصنف الثاين املؤلف ابللغة‬،‫ أي ما كتبوه ابللغة العربية‬،‫األوىل على الشكل األول‬

76
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫األمازيغية غري معروف‪ ،‬وإن كان قليالً‪ ،‬مقارنة مع الصنف األول‪ ،‬ألن أغلبه ال يزال‬
‫خمطوطا‪ ،1‬وهو يف أمس احلاجة إىل من ينفض الغبار عنه‪ ،‬ابلتحقيق والدراسة والنشر‪ ،‬فهو ال‬
‫يقل أمهية عن ما ألف ابللغة العربية‪ ،‬ألن "البحث يف املخطوط األمازيغي سيكون مدخالً‬
‫إىل إعادة صياغة جزء من اتريخ الثقافة األمازيغية‪ ،‬واستكشافاً ملا تنطوي عليه هذه الثقافة‬
‫من قضااي ومسائل إبمكاهنا أن تساعدان على إدراك بعض املشكالت الثقافية واللغوية‬
‫خاصة"‪.2‬‬

‫دوافع التأليف الديين ابألمازيغية وأسبابه‬ ‫‪-1‬‬

‫عند تفحصنا للتآليف الدينية ابألمازيغية (لْـمازغي)‪ ،‬منيز بني تلك اليت ألفها املؤلف من‬
‫صاحت‪ 3‬ألمحد بن عبد الرمحن اجلشتيمي‪،4‬‬ ‫تلقاء نفسه‪ ،‬كما هو احلال ابلنسبة لكتاب نْ ْ‬
‫صاحت ألوزال وغريمها‪ ،‬وبني تلك اليت ُوضعت بطلب من املتلقي‪ ،‬من ذلك ما حدث مع‬ ‫ونْ ْ‬
‫ٍ‬
‫موعظة‬ ‫أوزال‪ ،‬فبعد أن ألف كتابه "احلوض يف الفقه املالكي"‪ ،‬طُلب منه أن يؤلف كتاب‬
‫‪:5‬‬
‫ويف هذا يقول‬
‫كِ ـ ـي ـ ـ َگـ ـ ـ ـ ــا ْن أيـ ـ ـ ــا ْد أنْ ـ ـ ـ ـ ْغ أ ْدرا ْن لْ ـ ـ ــم ـ ـ ِ‬
‫ـوحـ ـيـ ــبِّ ـ ـ ـيـ ْـن لْ ـ ـ َك ـ ــتَـ ــاب ـِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـِي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـحـ ــيُ ـ ــو ْد الَقْ ـلُ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـوِب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضا‪ ،‬ئـ ـ ـ ْـر ْژْمـ ـ ـ ـ ْـن ئ ـ ـ ْـم ـ ـ ـ ْزَگـ ـ ــا ْن‪ ،‬ئ ـ ـ ْ‬ ‫ـاو ِع ـيـ ـ ـ َ‬‫ْن لْـ ـ ـ ـ َـمـ ْ‬
‫ِ‬
‫ـج ـبِـ ـ ـ ــي‪.‬‬ ‫ـت‪ ،‬أ ْن ئِـ ـ ُف ــولْكيـ ْـن ئِ َگـا ْن لَ ْعـ ْ‬ ‫ض ـ ـ ْـم ْن تْـ َـمــا ِزيـ ـ ـ ْغـ ـ ْ‬ ‫س نَّـ ـ ــا ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غ َوالّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي يَـ ـ ـ ـ ــادي‬ ‫ِ‬
‫نَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ْن‪ :‬لْ ــفـ ـي ـ ـ ْق ـ ـ ـ ْه ُؤَكـ ـ ـ ـ ــا ْن أيْ ـ ـ ـ ـ ـالَّ ْن ْ‬
‫ـازا ئِـالَ ِهـ ــي‪.‬‬ ‫ـج َ‬ ‫أك ئ َ‬
‫ع‪ ،‬أ ْد ْ ِ‬ ‫ـام ْن ْش ـ ْـر ْ‬ ‫ت‪ْ ،‬د الَ ْحـ ـ ـ َك ـ ْ‬ ‫تْـ ـ ـسـْـ ـ ـ ْكـ ـ ـ ـ ْـر ْ‬

‫ط ابليد‪ ،‬سواء بيد مؤلفه أو انسخ يف عصره أو الحق على‬ ‫عرف الوايف نوحي الكتاب املخطوط بقوله‪« :‬املخطوط ما ُخ َّ‬ ‫‪1‬‬
‫ّ‬
‫عصره وبقي على حاله‪ ،‬ويقابله املطبوع‪ ،‬وهو ما طُبع على اآلالت‪ ،‬ووزع ونشر‪ ،‬ولفظة "املخطوط" حديثة‪ ،‬بعد ظهور‬
‫الطباعة؛ هلذا ال جند هلا ذكرا يف كالم املتقدمني»‪ .‬اُنظر مقاله‪":‬إنتاج الكتاب املخطوط ابملغرب"‪ ،‬جملة أسيناگ‪ ،‬ع‪،7‬‬
‫‪ ،2012‬ص ص‪ ،74-45 :‬ص‪.46 :‬‬
‫‪ 2‬املنادي‪ ،‬أمحد (‪.)89 :2015‬‬
‫‪ 3‬اجلشتيمي‪ ،‬أمحد بن عبد الرمحٰن‪ :‬نصيحة اجلشتيمي ‪ ،‬حتقيق عمر أفا‪ ،‬ترمجة‪ :‬أمحد أبو زيد الگنساين‪ ،‬مطبعة املعارف‬
‫اجلديدة‪ -‬الرابط‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1434‬ه‪2013/‬م‪.‬‬
‫‪ 4‬هو أمحد بن عبد الرمحن بن عبد هللا اجلشتيمي التملي (‪1327-1231‬ه)‪ .‬له عدة مؤلفات ابللغة العربية واألمازيغية‪.‬‬
‫ترجم له السوسي حممد املختار يف‪ :‬سوس العاملة‪ ،‬ص ‪205‬؛ ويف رجاالت العلم العريب يف سوس‪ ،‬ص‪.108-107‬‬
‫‪ 5‬گمايسني (‪.)490 :2015‬‬

‫‪77‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫ضـ ــا تْ ـ ــب ـ ـ ْدرم نْ ـ ـ ِّك ـ ـي ـ ــن ُؤر گِـ ـ ـيـ ـ ِ‬


‫ـگ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬ ‫أيـ ــايـ ـ ـ ْت ـ ــم ـ ــا‪ :‬لْ ـ ــمـ ـ ِ‬
‫ْ ْ‬ ‫ـاوعـ ـ ـ ـي ـ ـ َ ْ ْ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ـسـ ـ ْـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـدي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـني‪ ،‬ئـ ـ ـ ـالَ ْر َج ـ ــانُـ ــو ْغ ْربّـي‪ْ ،‬د ّشـ ـ ـ ـيـ ـ ْخ أيْـ ـ ْ‬
‫واالَكِ ـ ـ ـ ـ ْ ِ‬
‫َ‬
‫ودي‪.‬‬ ‫رج ـ ــانُـ ــو‪ُ ،‬ؤالَ ويِـ ـنُّـ ــو ْن‪ ،‬ئِـ ــبـ ـ ْلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْغ أو ْن لْ ـ ــم ـ ــاقْـ ـ ـ ــص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫نستنتج من خالل هذه األبيات أن أوزال كان ابرعاً يف ما قام به‪ ،‬ألنه استطاع أن جيعل‬
‫املتلقي يُقبل على عملية التعلم إبرادته‪ ،‬ألنه أعجب كثرياً أبسلوبه الرتبوي الذي سلكه يف‬
‫كتابه األول "احلوض يف الفقه املالكي"‪ ،‬فهو كتاب فقه ضم كل ما حيتاج إليه املكلف يف‬
‫جمال الفقه‪ ،‬لذلك التمس منه أن يؤلف له كتااب آخر‪ ،‬لكن هذه املرة هو الذي حيدد‬
‫موضوعه‪ ،‬فهو يريده كتاب موعظة تفتح اآلذان وحتيي القلوب بنفس األسلوب وابللغة اليت‬
‫يفهمها‪ .‬وهذا يدل على أن الكتاب األول ظهرت آاثره اإلجيابية على املتلقي‪ ،‬املتمثلة يف‬
‫اإلحساس بتطور معارفه وإدراكه‪ ،‬حيث تعرف خالله على العديد من األحكام الشرعية‪،‬‬
‫وهو ما جعله يطمح إىل املزيد من املعارف‪ ،‬كما ازدادت لديه الرغبة يف التعلم‪ ،‬فما كان على‬
‫أوزال إال أن يستجيب لطلبه‪.‬‬
‫مث إن هذه املؤلفات الدينية األمازيغية ألفت كذلك لتكون مبثابة مراجع يعتمد عليها‬
‫الوعاظ والفقهاء يف جمالسهم الوعظية ودروسهم اليت خياطبون هبا العوام‪ .‬وهي كتب موجهة‬
‫كذلك للعنصر النسوي يف اجملتمع األمازيغي الذي كانت فيه الفتاة ال تربح البيت بعد أن‬
‫حتفظ بعض قصار السور يف ال ُكتّاب‪ ،‬وتتعلم منه الكتابة والتهجي‪ ،‬لتستطيع بذلك قراءة‬
‫املدونة بلساهنا‪ ،‬فكانت هذه املؤلفات هي اليت تضمن هلا االستمرارية يف التعلم‪.‬‬
‫هذه الكتب ّ‬
‫يتبني مما سبق أن اهلدف األول من التأليف الديين األمازيغي تربوي ابلدرجة األوىل‪،‬‬
‫ويتمثل يف تعليم العوام‪ ،‬وإخراجهم من ظلمات اجلهل إىل النور؛ ألنه ال ميكن التسوية بني‬
‫العامل واجلاهل‪ ،‬مصداقاً لقوله تعاىل‪﴿ :‬قُ ْل ه ْل ي ْست ِّوي الَّ ِّذين يـ ْعل ُمون والَّ ِّذين ال يـ ْعل ُمون﴾‪6‬؛‬
‫وهلذا قال إبراهيم أﮊانﮒ‪ 7‬يف كتابه املازغي‪:8‬‬

‫‪ 6‬سورة الزمر‪ ،‬اآلية‪9 :‬‬


‫هو إبراهيم بن عبد هللا بن حممد بن علي أﮊانﮒ الصنهاجي املتوىف ‪1005‬هـ‪1596/‬م ترجم له‪ :‬احلضيكي يف طبقاته‬ ‫‪7‬‬

‫‪ ،131/1‬والسوسي حممد املختار يف رجاالت العلم العريب يف سوس‪ ،52 :‬ويف املعسول‪ ،97/16 :‬و‪ ،15/19‬ويف سوس‬
‫العاملة‪.180 :‬‬
‫‪ 8‬توجد نسخة منه ابملكتبة الوطنية ابلرابط‪ ،‬ضمن جمموع حيمل رقم ‪127‬ق‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫س ْن ْك َرا ْد َاي ْن ئِ ْج ْهل ِْين‬ ‫ِ‬


‫َم ِاِن ْخ ْس َوا َاي ْن ئ ّْ‬
‫ال ْد يِ ْ ِ‬
‫يض لْعيل ْْم أَيْ َگا ْد نُّ ْ‬
‫ور‬ ‫ْؤْر ْس َوا َاي َز ْ‬
‫ض ْار ْن ئِْل َع َار ِاِب أَتْ ْن ئِْف ْه ْم ئِغْ ْر‬
‫َاي ْن ُؤْر ئِْز َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يس ْن لْبَ َااي ْن‬ ‫ل َْما ْزغي أ ََال ْع َو ْام ئالَّ گ ْ‬
‫اف ْن ْهلَا ِدي‬ ‫يس ْن َّات ْو ِحي ْد ْد َّش َار ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫ئ َّال گ ْ‬
‫يستِيغْ َف ْار ْد َال ْد ِعييَّا‬ ‫ِ‬
‫ص َحا ْن ْد ل ْ‬ ‫ْد ل ِْعيل ْْم ئِ ْ‬
‫وقوله هذا ما هو إال دليل واضح على أن الفقهاء كانوا على دراية ابملستوى الفكري‬
‫واللغوي للفئة املستهدفة‪ ،‬وأدركوا كذلك أن خماطبتها بلغة ال تفهمها ال حتقق األهداف‬
‫املرجوة‪ ،‬لذلك كان لزاماً عليهم ابتكار طرق جديدة حتفزها وتستدرجها لتقبل عملية التعلم‬
‫بطواعية ومحاس‪ ،‬فما كان عليهم إال أن وفروا هلا "املازغي" أي مؤلفات بلغتها اليومية اليت‬
‫هي األمازيغية فوجدت فيها ضالتها‪ ،‬ألهنا‪ ،‬كما قال أزانگ‪ ،‬هي كذلك كالكتب الدينية‬
‫اليت ألفت ابللغة العربية تتضمن العقيدة واألحاديث النبوية الشريفة‪ ،‬والسرية النبوية‪ ،‬والعلم‬
‫الصحيح‪ ،‬ألن ما فيها من معلومات مصدرها الكتاب والسنة والكتب اليت هلا وزن عند‬
‫علماء الشريعة اإلسالمية‪.9‬ويضيف يف موضع آخر‪ ،‬مبيناً أن لغات أبناء آدم خمتلفة‬
‫ومتعددة‪ ،‬كما كان لكل رسول لغته اليت بلّغ هبا الرسالة‪ ،‬ولغة خامت األنبياء هي اللغة العربية‪،‬‬
‫ومن كان أمازيغياً فيمكنه فهم دينه اإلسالمي بلغته اليومية‪.10‬‬
‫ات أَ ْد أَنْ ْغ ئِ ْمالَ لْبَا ِري‬ ‫كِيگَا ْن ْد ئِ ْد لُّوغَ ْ‬
‫س ئِْتـ ْبـيَّا ْن‬ ‫س أَ ِر ْ‬ ‫َات ّْر ُس ْ ُّ‬
‫ول ْد لوغَا نْ ْ‬ ‫ْك َرا يْگ ْ‬
‫يمو ُؤالَنْبِييَّا‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫ل َْع ْارِِب لوغَا ْن َخات ُ‬
‫س ل َْما ْز ِغييِّي‬ ‫ت ْ‬ ‫َاي ْن ئِگَا ْن أ ََما ِزي ْغ ئِْف ْه ْم ْ‬
‫بعد ذلك حاول إبطال دعوى من يستنكر عليه أتليفه للكتب الدينية ابألمازيغية‪ ،‬وساق‬
‫أدلة قوية تتمثل أوالً‪ ،‬يف عدم وجود كتاب يرفض تبيني الدين بلغة أخرى غري اللغة العربية‪،‬‬

‫‪ 9‬أﮊانﮒ‪ :‬املازغي‪( ،‬م‪ .‬س)‪.‬‬


‫‪ 10‬أﮊانﮒ‪ :‬املازغي (م‪ .‬ن)‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫واثنياً‪ ،‬يف كون رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كان له مرتمجون يرتمجون دين اإلسالم ملن ال‬
‫يعرف اللغة العربية‪ ،‬ومل يكن عليه السالم يلزم أتباعه من غري العرب فهم دينهم ابللغة العربية‬
‫اليت قد ال يفقهون منها شيئا‪ .‬ويف هذا قال أﮊانﮒ مستنكراً‪:11‬‬
‫اب ئِنَّا ْن ُؤْر ئِْزِري ئِيَا ْن‬ ‫َم ِاِن ْغ ئِالَّ لْ ْكتَ ْ‬
‫س لْ َما ْز ِغيِّي‬ ‫ِ‬
‫ين ْن ْرِِّب ئالَقـ َْوا ْم ْ‬
‫ِ‬
‫أَميْْ ْل َاي ْن ّد ْ‬
‫اسولُو ُؤ هللْ تّ ْْر ْمجَا ْن‬ ‫طاف َر ُ‬‫س ُؤْر ئِ ْ‬ ‫ئ ْ‬
‫ِ‬

‫اس ئِالَ ْد ْميِّ ْ‬


‫ني‬ ‫ني أَغَ َار ْ‬ ‫ِويلِّي تّْبِّينِ ْ‬
‫س‬‫س َو َاوا ْل َد أَ ِ‬ ‫اس ْ‬ ‫َس أَغَ َار ْ‬
‫ني أ ْ‬ ‫واي ْن ْملِ ْ‬
‫ُك َ‬
‫وم ْن لْ ْع ْربيَّا‬ ‫َس نِّ ْ‬
‫ني ْ ْحمتُ ْ‬ ‫ال ُؤْر أ ْ‬ ‫س َاو ْ‬
‫ئَ‬
‫ِ‬
‫فهذه األسباب اليت صرح هبا املؤلفون ابللغة األمازيغية أنفسهم‪ ،‬كانت كافية لنعرف أن‬
‫هدفهم األ ساسي هو نشر الوعي الديين يف اجملتمع األمازيغي الذي كان يف أمس احلاجة إىل‬
‫من يبسط له تعاليم اإلسالم‪ ،‬ويصوغها بلغته اليومية‪ ،‬ألن "القيم والوظائف األساسية‬
‫والغاايت النهائية اليت كانت تكمن ابلدرجة األوىل وراء قيام أدبيات املازغي هي قيم ووظائف‬
‫التنشئة الدينية‪ ،‬قصد إدماج الفرد يف منظومة جمتمع ضبط شؤونه إىل حد بعيد هبدي الشريعة‬
‫اإلسالمية"‪ .12‬وهناك سبب آخر يتمثل يف الدور الكبري الذي يلعبه الفقهاء يف اجملتمعات‬
‫األمازيغية‪ ،‬فهم املرجع األساسي يف قضاايهم املختلفة‪ ،‬فباإلضافة إىل كوهنم يدرسون يف‬
‫املدارس العلمية العتيقة‪ ،‬وحي ِّّفظون القرآن يف الكتاتيب القرآنية‪ ،‬فإهنم كذلك يفصلون بني‬
‫الناس يف منازعاهتم‪ ،‬ويفتوهنم يف قضاايهم الطارئة ونوازهلم‪ ،‬ويوثقون عقود زواجهم‪،‬‬
‫ومعامالهتم املالية‪.‬‬
‫فهذه الثقة اليت حيظون هبا يف جمتمعاهتم هي اليت شجعتهم على تصنيف مؤلفاهتم ابللغة‬
‫األمازيغية‪ ،‬فأقبل عليها الناس خاصة وأهنم يعلمون أهنا ما ألفت إال لتحقيق مصلحتهم‪،‬‬
‫بتوعيتهم‪ ،‬وتربيتهم‪ ،‬والرفع من مستواهم الفكري واملعريف‪ ،‬وهو ما عرب عنه أحد الباحثينبقوله‪:‬‬
‫"إن النخبة العاملة يف الوسط املغريب اترخييا كانت من صميم املؤسسات الدينية‪ ،‬متمثلة يف‬

‫‪ 11‬أﮊانﮒ‪ :‬املازغي (م‪ .‬ن)‪.‬‬


‫‪ 12‬املدالوي املنبهي (‪.)27 :2012‬‬

‫‪80‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫مؤسسة الفقهاء واملساجد‪ ،‬واملدارس العتيقة‪ ،‬والزوااي‪ ،‬ومؤسسة القضاء التقليدية‪ ،‬فكان‬
‫ودون‪ ،‬ما‬
‫طبيعياً أن هتيمن نصوص هذه النخبة وكتاابهتا على املشهد املعريف وما أنتج فيه ّ‬
‫دامت هي صاحبة السلطة املعرفية يف اجملتمع التقليدي ذي الثقافة الشفوية"‪.13‬‬

‫بداية التأليف ابألمازيغية‬ ‫‪-2‬‬

‫إذا كانت تلك هي األسباب اليت جعلت الفقهاء يؤلفون كتاابت دينية ابللغة األمازيغية‪،‬‬
‫فالسؤال يُطرح حول بداية هذا النوع من التأليف‪ .‬ولإلجابة عنه‪ ،‬ميكن القول إنه يصعب‬
‫حتديد اتريخ بداية أتليف الكتب الدينية ابللغة األمازيغية‪ ،‬لكن‪ ،‬وحسب الرواايت اليت ال‬
‫تزال تتداول‪ ،‬فإن املهدي بن تومرت هو أول من ألف عقيدة أمازيغية‪ 14‬يف القرن السادس‬
‫اهلجري‪ /‬الثاين عشر امليالدي‪ ،‬إال أنه مؤلف ال يزال مفقوداً‪ ،‬ومل يتبق منه إال أبيات قليلة‬
‫متثل مطلع املنظومة‪ ،‬واليت مازالت تروى شفوايًيف نواحي سوس‪ ،‬وهي‪:15‬‬
‫س ُؤْر ئِِلّي بْ َال ْرِِّب‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أَيْگَان َّات ْوحي ْد دي ْغ نْ ْس ْن ئ ْ‬
‫ض ْار ئِ َما يْـ َرايِي‬
‫ول ئِ ْس َف ْاو‪ ،‬ئِ ْس ْف ْل ْد‪ ،‬ئ ْژ َ‬
‫س ْ‬ ‫ِ‬
‫َاي ْن أَيْگَا ئ ُ‬
‫سا ْن ئِگ ِ‬
‫َات‬ ‫اف‪ُ ،‬ؤالَ أَ ْم َّ‬ ‫وت‪ ،‬ئِغَ َاما‪ ،‬ئِطَّ ْ‬ ‫اح ُد ْ‬ ‫ئِگَا َو ْ‬
‫اس ْم َّق ْار ْد َاي ْن ْغ ُؤفْگ ِ‬ ‫ال ُؤر ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َاِن‬ ‫ت ئ ْرَو ْ‬ ‫س َاو ْ ْ‬ ‫أ َْر ئ َ‬
‫ول هللا‬ ‫اس ْر ُس ْ‬ ‫ف ْرِِّب أ َْرقَّ ْ‬
‫ص ْر ْ‬ ‫نْ ْس ْن ئِ ْس ْد ئِ ْ‬
‫مز َاال ْل َما ْد ئَِرا ْرِِّب ُؤَال َما يُوگِي‬ ‫ئ ْس َ‬
‫ِ‬
‫فيكون ابلتايل ابن تومرت أول من ألف هبذه اللغة‪ ،‬مث تلته بعد ذلك مؤلفات كثرية‪ .‬ويرى‬
‫أحد الباحثني أن الكتاب املنسوب لبورغواطة‪ ،‬الذي وضعه صاحل بن طريف لقومه ابللغة‬
‫األمازيغية خالل الربع األول من القرن الثاين اهلجري‪ /‬الثامن امليالدي هو أول ما متّ أتليفه‬
‫هبذه اللغة‪ ،16‬ابلرغم من أنه مل تصلنا سوى مقاطع مرتمجة منه بواسطة أيب عبيد البكري‪.17‬‬

‫‪ 13‬املنادي (‪.)93 :2015‬‬


‫‪ 14‬السوسي (‪.)176 :1960‬‬
‫‪ 15‬أفادين هبا مشكوراً األستاذ احلسني جهادي الباعمراين‪.‬‬
‫‪ 16‬نوحي (‪.)46 :2012‬‬

‫‪81‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫تنوع جمال التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬ ‫‪-3‬‬

‫اشتهر الفقهاء األمازيغ الذين ينتمون ملنطقة سوس‪ ،‬ابخلصوص منذ قرون‪ ،‬بكوهنم يؤلفون‬
‫ابللغتني العربية واألمازيغية‪ ،‬إال أن مؤلفاهتم ابألمازيغية كانت منصبة ابلدرجة األوىل على‬
‫العلوم الدينية وبنسب متفاوتة‪ .‬ويف املقابل يُطرح سؤال عن احتمال وجود خمطوطات‬
‫ابألمازيغية يف مناطق أخرى من البالد‪ .‬سؤال مل تكتمل عناصر اإلجابة عنه بعد‪ ،‬ويف انتظار‬
‫ذلك‪ ،‬سأقتصر على ما هو متوفر يف الساحة‪ .‬وهذا جرد ملا وقفت عليه من املؤلفات الدينية‬
‫ابللغة األمازيغية‪ ،‬املخطوط منها واملطبوع‪:‬‬
‫العقيدة‬
‫‪ .1‬لْم ْاز ِّغي‪ :‬إبراهيم بن عبد هللا أزانگ (ت‪1005 .‬ه‪1596/‬م)‪.‬‬
‫‪ .2‬شرح عقيدة سعيد بن عبد املنعم احلاحي‪ :‬يبورك بن عبد هللا السماليل‬
‫(ت‪1058.‬ه‪1648/‬م)‪.‬‬
‫أيت حساين‪ ،‬اهلنائي الطاطي (ت‪1295 .‬ه‪1878/‬م)‪.‬‬ ‫‪ .3‬أهوال يوم القيامة‪ :‬حممد ن ْ‬
‫ت‪ :‬عبد الكرمي بن أمحد لقطيب التغماوي احلاحي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يخ ْر ْ‬
‫يت ْد ل ْ‬ ‫‪ .4‬ال ْخب ْار ْن ُّدون ْ‬
‫الرگراگي (ت‪1299.‬ه‪1881/‬م)‪.‬‬
‫‪ .5‬البدع‪ :‬احلسن بن أمحد التملي اإلراژاين (ت‪1308 .‬ه‪1891/‬م)‪.‬‬
‫محن اجلشتيمي (ت‪1327 .‬ه‪1909/‬م)‪.‬‬‫‪ .6‬اإلميان واإلسالم واإلحسان‪ :‬أمحد بن عبد الر ٰ‬
‫محن اجلشتيمي (نفسه)‪.‬‬
‫ت‪ ،‬أمحد بن عبد الر ٰ‬ ‫ِّ‬ ‫‪ .7‬تْـ ْلطَّ ْ‬
‫صي ْف ْ‬
‫ت ْن ّ‬ ‫اع ْش ْ‬
‫‪ .8‬منظومة يف القضاء والقدر‪ :‬حممد بن عبد هللا املسفيوي (ت‪1329 .‬ه‪.)1911/‬‬
‫ِّ‬
‫ت‪ :‬احممد بن حممد البوشواري‪.‬‬ ‫صي ْف ْ‬ ‫ت ْن ّ‬ ‫‪ْ .9‬ع ْش ِّريْن ْ‬
‫ت‪ :‬ملؤلف جمهول‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫يخ ْر ْ‬ ‫‪ .10‬ال ْخب ْار ْن ل ْ‬
‫الفقه‬
‫احلوض يف الفقه املالكي‪ :‬احممد بن علي أوزال (ت‪1162 .‬ه‪1748/‬م)‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ترمجة املرشد املعني‪ :‬حممد بن عبد هللا بن داود التامساويت (ت‪ .‬بعد‬ ‫‪.2‬‬
‫‪1166‬ه‪1752/‬م)‪.‬‬

‫البكري (‪ 134 :1911‬وما بعدها)‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪82‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫ين‪ :‬حممد بن حييا گوجويي التيزغيت (ت‪1214 .‬ه‪1799/‬م)‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫‪ .3‬الحكام ن د ْ‬
‫ني‪ :‬حممد بن حييا گوجويي التيزغيت (نفسه)‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت ن اتيْـْتش ْ‬‫اح ْ‬
‫‪ .4‬نْص ْ‬
‫‪ .5‬منظومة يف الوضوء والغسل والتيمم‪ :‬حممد بن حممد األعرج (ت‪1295 .‬ه‪1878/‬م)‪.‬‬
‫‪ .6‬قواعد اإلسالم‪ :‬أمحد بن حممد ّگو ّدو ييشت (االوديشيت)‪( ،‬من أهل القرن ‪13‬ه)‪.‬‬
‫التاموديزيت (ت‪1316 .‬ه‪1898/‬م)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ض‪ :‬احلسن بن مبارك بن حممد‬ ‫اع ْن ْحل ْاو ْ‬
‫‪ .7‬لْم ْاجن ْ‬
‫‪ .8‬ترمجة الربع األول من كتاب األمري املصري يف الفقه املالكي‪ :‬علي بن أمحد الدرقاوي‬
‫اإللغي (ت‪1911/1328 .‬م)‪.‬‬
‫‪ .9‬ترمجة منت ابن عاشر‪ :‬احلسن بن إبراهيم أعروس (ت‪1375 .‬ه‪1955/‬م)‪.‬‬
‫س ئِّْرخا ْن‪ ،‬وهي ترمجة أخرى للمرشد املعني‪ :‬املدين بن حممد احليحي أمغار (ت‪.‬‬ ‫‪ .10‬أغار ْ‬
‫‪1381‬ه‪1961/‬م)‪.‬‬
‫‪ .11‬تيليال "ترمجة رسالة ابن أيب زيد القريواين"‪ :‬عبد احلميد الصويف التامگونسي (ت‪.‬‬
‫‪1424‬ه‪2004/‬م)‪.‬‬
‫ين ْن ِّدين‪ :‬ترمجة مؤلف فقهي للسيوطي‪ :‬عبد احلميد الصويف (نفسه)‪.‬‬ ‫‪ .12‬تِّيف ِّ‬
‫او ْ‬
‫‪ .13‬ترمجة أخرى لرسالة ابن أيب زيد القريواين‪ :‬عبد هللا بن علي الدرقاوي‪.‬‬
‫‪ .14‬ألفاظ الصالة يف كتاب الرسالة البن أيب زيد القريواين‪ :‬أبو العباس أمحد بن عبد‬
‫الرمحن اجلشتيمي التملي‪.‬‬
‫يسالم‪ :‬ملؤلف جمهول‪.‬‬ ‫‪ .15‬منَّاوت تِّريس ْال أ ْ ِِّّ ِّ‬
‫ف ئبي ْد ل ْ‬ ‫ْ ْ ْ ْ‬
‫‪ .16‬ترمجة خمتصر األخضري‪ ،‬ملؤلف جمهول‪.‬‬
‫‪ .17‬فضائل الصلوات اخلمس‪ :‬ملؤلف جمهول‪.‬‬

‫التفسري والقراءات القرآنية‬


‫‪ .1‬ترمجة معىن سورة الفاحتة‪ :‬حممد بن سعيد املرغييت (ت‪1089 .‬ه‪1678/‬م)‪.‬‬
‫‪ .2‬ضبط رسم القرآن‪ :‬سعيد أكرامو السماليل‪.‬‬
‫‪ .3‬تفسري آايت قرآنية يف الوعد والوعيد‪ :‬ملؤلف جمهول‪.‬‬
‫‪ .4‬ترمجة معاين القرآن ابللغة األمازيغية‪ :‬احلسني جهادي الباعمراين (معاصر)‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫احلديث‬
‫‪ .1‬مفتاح الكالم النبوي يف حل ألفاظ حديث النووي (منظومة) هبا ترمجة األربعني حديث النووية‪.‬‬
‫حممد بن حممد أمغار التغماوي األمسوري اجلديدي احلاحي (ت‪1318 .‬ه‪1900/‬م)‪.‬‬
‫‪ .2‬ترمجة األربعني النووية‪ :‬حممد املختار السوسي بن علي الدرقاوي (ت‪1383 .‬ه‪1963/‬م)‪.‬‬
‫‪ .3‬ترمجة وشرح رايض الصاحلني ابألمازيغية‪ :‬عبد هللا بن علي الدرقاوي (أخوه)‪.‬‬
‫‪ .4‬أحاديث نبوية يف مواضيع خمتلفة‪ :‬احلسن بن عبد هللا بن أبو بكر‪.‬‬
‫‪ .5‬اجملموعة املباركة‪ :‬حديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ .‬بلقاسم بن حممد التازموريت‪.‬‬
‫‪ .6‬ترمجة البخاري‪ :‬فتح الباري يف متزيغ جتريد البخاري‪ :‬احلسني جهادي الباعمراين (معاصر)‪.‬‬

‫الوعظيات والوصااي والنصائح‬


‫‪ .1‬حبر الدموع‪ :‬احممد بن علي أوزال (ت‪1162 .‬ه‪1748/‬م)‪.‬‬
‫‪ .2‬نصاحت‪ :‬احممد بن علي أوزال (نفسه)‪.‬‬
‫‪ .3‬منظومة وعظية‪ :‬حممد بن حيىي األزاريفي (ت‪1164 .‬ه‪1750/‬م)‪.‬‬
‫‪ .4‬شرح نصيحة أيب العباس التيمكدشيت‪ :‬العريب بن إبراهيم األدوزي (ت‪1286.‬ه‪1869/‬م)‪.‬‬
‫‪ .5‬منظومات وعظية‪ :‬حممد ن أيت حساين‪ ،‬اهلنائي الطاطي (‪1295‬ه‪1878/‬م)‪.‬‬
‫يرب ُؤال ْجلِّيد ْال (منظومة)‪ :‬أمحد بن عبد الرمحن اجلشتيمي‬ ‫ِِّّ ِّ‬
‫ت ْن اي ْن ْغ ُؤْر ئلّي لْك ْ ْ‬ ‫اح ْ‬
‫‪ .6‬نّْص ْ‬
‫(ت‪1327 .‬ه‪1909/‬م)‪.‬‬
‫‪ .7‬نصائح ومواعظ‪ :‬البشري بن أمحد بن مسعود‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ني‪ :‬ملؤلف جمهول‪.‬‬ ‫ات أ ِّويدا تْـغافالْن ْ‬
‫‪ .8‬نْكْر ْ‬
‫ات ْن بْـن ْاد ْم‪ :‬ملؤلف جمهول‪.‬‬ ‫‪ .9‬ال ْخب ْار ْن ْهلافاو ْ‬
‫التصوف‬
‫‪ .1‬قصيدة خمتصرة من اإلحياء للغزايل‪ :‬أبو بكر بن أمحد التاگمويت (ت‪1214 .‬ه‪1799/‬م)‪.‬‬
‫التاموديزيت (‪1316‬ه‪1898/‬م)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬شرح عقيدة السلوك‪ :‬احلسن بن مبارك‬

‫‪84‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫‪ .3‬ترمجة احلكم العطائية‪ :‬علي بن أمحد الدرقاوي اإللغي (ت‪1328 .‬ه‪1911/‬م)‪.‬‬


‫وت ئِّو ِّّايل ئِّرا ْن ات ْو ْسنا ْن ْرِّّيب‪ ،‬وهو ترمجة "عقد اجلمان ملريد العرفان"‪ :‬علي بن‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫يت ْن لْياقُ ْ‬
‫‪ .4‬تيفيل ْ‬
‫أمحد الدرقاوي اإللغي (نفسه)‪.‬‬
‫‪ .5‬منظومة يف التصوف‪ :‬حممد بن عبد هللا بن سامل املسفيوي (ت‪1329 .‬ه‪1911/‬م)‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وب‪ :‬أمحد بن مبارك التيجاين (ت‪1368 .‬ه‪1948/‬م)‪.‬‬ ‫‪ .6‬لْميزا ْن ْن ال ْم ْر أو لْبُو ْشرا لْ ِّْرب ْ‬
‫يح ْن ئ ْد بُو ْدنُ ْ‬
‫‪ .7‬قصيدة يف مدح الشيخ أمحد بن حممد بن انصر الدرعي وطريقته‪ :‬أبو سامل حممد بن عبد السالم‪.‬‬
‫‪ .8‬مؤلف يف التصوف‪ :‬أمحد بن حممد البعقيلي السوسي‪.‬‬
‫‪ .9‬التوسل إىل هللا‪ :‬البشري بن أمحد بن مسعود‪.‬‬
‫‪ .10‬التوسل (منظومة) حممد بن حسن اإلماوي‪.‬‬
‫ف نِّّْيب‪ :‬املدين احلاحي‪.‬‬
‫يت ْ‬‫ِّ‬
‫‪ .11‬لْفاضايْ ْل ْن تْـزالّ ْ‬
‫السرية النبوية‬
‫ترمجة الربدة‪ :‬عبد هللا بن حييا احلامدي (من أهل القرن ‪11‬ه)‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪ .2‬القصيدة البوشيكرية يف مدح الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ :‬حممد بن عبد هللا البعقيلي‬
‫األكماري (ت‪1282 .‬ه‪1865/‬م)‪.‬‬
‫ترمجة نور اليقني‪ :‬عبد هللا بن علي بن أمحد الدرقاوي اإللغي‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪ .4‬حديث املعراج وفريضة الصالة ابألمازيغية‪ :‬ملؤلف جمهول‪.‬‬
‫‪ .5‬اتوادا ْن ْخلِّ ْري‪ :‬وهي ترمجة قسم من كتاب حممد رسول هللا حملمد رضا املصري‪ :‬احلاج‬
‫حممد ابن عبد هللا بن حممد اإليراژاين البعقيلي‪.‬‬
‫هدية العاشق يف مولد سيد اخلالئق (منظومة) املدين بن حممد أمغار احلاحي‪.‬‬ ‫‪.6‬‬

‫اس ْن ْرِّّيب‪ :‬احلسني جهادي الباعمراين (معاصر)‪.‬‬


‫ت ْن ُؤْرقَّ ْ‬
‫اس ْ‬
‫اتغار ْ‬ ‫‪.7‬‬

‫‪85‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫توزيع التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس حسب العلوم‬ ‫‪-4‬‬

‫بناءً على اإلنتاج العلمي يف اجملاالت الشرعية السبعة املفصلة أعاله‪ ،‬وضعنا مبياانً يوضح حجم‬
‫التأليف يف كل علم‪ ،‬وق ّدرانه حبساب النسب املئوية‪:‬‬

‫انطالقاً من هذا املبيان‪ ،‬فالنسب املئوية هلذه املؤلفات هي كاآليت‪:‬‬


‫النسبة املئوية‬ ‫املوضوعات‬
‫‪%25‬‬ ‫الفقه‪:‬‬
‫‪%20‬‬ ‫الوعظ والوصااي والنصائح‪:‬‬
‫‪%15‬‬ ‫العقيدة‪:‬‬
‫‪%15‬‬ ‫التصوف‪:‬‬
‫‪%10‬‬ ‫السرية النبوية‪:‬‬
‫‪%9‬‬ ‫احلديث النبوي الشريف‪:‬‬
‫‪%6‬‬ ‫التفسري والقراءات القرآنية‪:‬‬

‫‪86‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫‪)%25‬‬ ‫أ‪ -‬جمال الفقه (أيت يف املرتبة األوىل ب‬


‫هي مؤلفات ُوضعت لتقريب فقه العبادات واملعامالت لعامة الناس‪ ،‬وما ٰهذه النسبة‬
‫املرتفعة إال بسبب إدراك الفقهاء أنه من الضروري على كل مسلم معرفة أحكام دينه؛ لذلك‬
‫بذلوا قصارى جهدهم لتبسيط الفقه املالكي‪ ،‬وإيصاله للعوام بلغتهم اليومية‪.‬‬
‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬جند أن الشيخ حممد بن علي أوزال‪18‬ملا ألف كتابه احلوض يف الفقه‬
‫املالكي وضمه كل ما حيتاج إليه املسلم من عقيدة وفقه‪ ،‬رأى أن قارئه لن حيتاج بعده‬
‫‪19‬‬ ‫لكتاب آخر يشفي غليله‪ ،‬فمن هنل منه لن يظمأ أبدا فقال‪:‬‬
‫وض و َّاان ْزكِ ِ‬
‫يسي‬ ‫ِْْسّي ْغ لْ ْكتَ ْ ِ‬
‫س ْحلُ ْ َ‬ ‫اب ئنُو ْ‬
‫ت َاي ْغ ئِ ِر ِيفي ئِْتّ ْهنَّا‬
‫ئِ ْس َوا ْن ُؤْر َّس ْار ْ‬
‫‪)%20‬‬ ‫ب‪ -‬الوعظيات والوصااي والنصائح (نسبة التأليف فيها‪:‬‬
‫هي من الكتب الرتبوية اإلصالحية‪ ،‬اليت يهدف أصحاهبا تقدمي النصح للناس‪ ،‬بتذكريهم‬
‫بضرورة التحلّي بفضائل األخالق‪ ،‬واالبتعاد عن األخالق الذميمة‪ ،‬وحتذيرهم من االنغماس‬
‫يف ملذات الدنيا ونسيان اآلخرة‪ ،‬وحتذيرهم كذلك من اتباع خطوات الشيطان‪ ،‬وغريها من‬
‫املواعظ والنصائح اليت يستخدم فيها أصحاهبا أسلوب الرتغيب والرتهيب‪.‬‬
‫فيه‪)%15 :‬‬ ‫ج‪ -‬علم العقيدة (نسبة التأليف‬
‫نظرا ألمهية هذا العلم فقد اعتىن به العلماء األمازيغ‪ ،‬فقاموا بتبسيط العقيدة األشعرية‬
‫وتعليمها للناس بلغتهم اليومية‪ ،‬ألنه علم يرسخ اإلميان ابهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم‬
‫اآلخر والقدر خريه وشره‪ ،‬وألنه مما يتعني على كل مسلم تعلمه‪ ،‬ليبين عقيدته على أسس‬
‫سليمة‪ ،‬فهو أساس العلوم الشرعية‪ ،‬وهو الطريق ملعرفة هللا عز وجل‪ ،‬وذلك مبعرفة أمسائه‬

‫‪ 18‬هو أبو عبد هللا حممد بن علي بن إبراهيم أكبيل اإلندوزايل السوسي (ت‪1162‬ه‪1749/‬م)‪ .‬ترجم له اخلليفيت‪ ،‬احممد بن‬
‫عبد هللا يف‪ :‬الدرة اجلليلة يف مناقب اخلليفة‪ ،‬دراسة وحتقيق‪ :‬أمحد عمالك‪ ،‬ص‪ ،242‬واحلضيكي‪ ،‬حممد بن أمحد‪:‬‬
‫طبقات احلضيكي‪ ،363/1 :‬والسوسي‪ ،‬حممد املختار يف‪ :‬سوس العاملة‪ ،‬ص‪ ،161‬و‪ ،191‬ويف املعسول‪ ،14/19 :‬ويف‬
‫رجاالت العلم العريب يف سوس‪ ،‬ص‪ .75‬وعند گمايسني خدجية‪ :‬العقيدة والتصوف يف فكر حممد بن علي اوزال مع‬
‫ترمجة وحتقيق خمطوط حبر الدموع‪ ،‬ص‪.23 :‬‬
‫‪ 19‬أوزال (‪.)28 :1977‬‬

‫‪87‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫وصفاته‪ ،‬ومبعرفته تعاىل تتحقق حمبته وخشيته‪ ،‬وتعظيمه والتوكل عليه‪ .‬واختذت كتاابهتم‬
‫األمازيغية يف هذا العلم منهجني خمتلفة‪ ،‬يتمثل املنهج األول يف التطرق جلميع القضااي العقدية‬
‫املختلفة‪ ،‬يف حني أن أصحاب املنهج الثاين يفردون ابابً واحداً من أبواب العقيدة ابلتأليف‪،‬‬
‫مثل ابب الصفات اليت جيب على كل مكلف معرفتها‪-‬أي الصفات الواجبة واجلائزة‬
‫واملستحيلة يف حق هللا عز وجل‪ ،‬ومن ذلك مؤلف حممد بن حممد البوشواري‪ 20‬يف منظومته"‬
‫ِّ‬
‫ت" ومطلعها‪:‬‬
‫صي ْف ْ‬ ‫ْع ْش ِّريْن ْ‬
‫ت ْن ّ‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم أ ْد َان ِوي‬
‫س ئِالَ ْز ْم‬
‫وب أ ْ‬
‫ني لْ ْكتُ ْ‬ ‫ت ئِنِ ْ‬ ‫ت ْن ِّ‬
‫صي ْف ْ‬ ‫ْع ْش ِري ْن ْ‬
‫ت‬
‫ت ْأر ْد ْرُوونْ ْ‬‫س ئِْف ْه ْم ْت ْ‬
‫س ْن ْخ ْرِِّب نْ ْ‬
‫أتْـ ْن ْ ِ‬
‫ت ئ ّْ‬
‫إن اهتمام الفقهاء األمازيغ بتعليم الناس العقيدة الصحيحة‪ ،‬جعلهم كذلك يعملون على‬
‫وقايتهم من اخلرافات والشعوذة والبدع والضالل‪ .‬فألفوا يف ذلك كتبا ليسهل على العوام‬
‫معرفة تلك البدع واالبتعاد عنها‪ ،‬خاصة وأن بعضها انتشر بينهم حىت ظنوه أصال من أصول‬
‫الدين‪ .‬ومن بني من ألفوا يف ٰهذا اجملال أبو علي سيدي احلسن بن أمحد التِّّيملي مولداً‬
‫ومنشأ اإلراژاين‪ ،21‬يف مؤلف ومسه ب كتاب البدع‪ .‬وقد بني سبب أتليفه هلذا الكتاب‪ ،‬وهو‬
‫ابتعاد الناس عن سنة النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬حا ّاثً إايهم على ضرورة الرجوع إىل الدين‬
‫الصحيح‪ ،‬ويف هذا يقول‪:‬‬
‫ين ئِ َّدا ئِْب ْدِل‬ ‫ادايِيع ْد ئِس ُ ِ‬
‫ضوفْ ْغ ّد ْ‬ ‫ْ‬ ‫لْبَ َ ْ‬
‫غ ئِ ُجوْز أَ ْن ّاتبْـ َعا بْالَ َو ِّال ْد يِي ِوي‬ ‫ُؤْر أَ ْن ْ‬
‫س ُؤ ُهويِي‬ ‫ف ْرِِّب لْغَايْـ ْر نْ ْ‬‫اسولُو ُؤ ََّللْ ْ‬
‫َر ُ‬
‫س ل َْما ْز ِغي َاي ْد نّْْف ْع ئِ َما ِزيغْ ِين‬
‫ْصا ْد ْ‬
‫ْن ق َ‬

‫‪ 20‬وذلك يف منظومته‪ :‬عشرينت ن صيفت‪ ،‬نسخة خبزانة خاصة مبدينة تيزنيت‪ ،‬ص‪.1 :‬‬
‫‪ 21‬هو احلسن التملي‪ ،‬نزيل إراﮊان (‪1308/1230‬ه)‪ ،‬عامل كبري‪ ،‬ترىب على يد أمحد التمكديشيت‪ ،‬وبعد تعلمه بىن له مدرسة‬
‫إبراﮊان فأنزله هناك‪ .‬ترجم له‪ :‬السوسيفي سوس العاملة‪ ،‬ص‪ ،204 :‬ويف رجاالت العلم العريب يف سوس‪ ،‬ص‪.110 :‬‬

‫‪88‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫‪)%10‬‬ ‫د‪ -‬السرية النبوية (بنسبة‬


‫تظهر أمهيتها يف كون الناس يف حاجة ملعرفة سرية النيب صلى هللا عليه وسلم لالقتداء هبا‪.‬‬
‫ه‪ -‬أحاديث النيب صلى هللا عليه وسلم (بنسبة ‪)%9‬‬
‫ألن الناس يف حاجة لفهم معاين األحاديث النبوية الشريفة من أجل العمل هبا‪ ،‬إ ْذ هي‬
‫املصدر الثاين للتشريع‪.‬‬

‫و‪-‬التفسري وعلوم القرآن (بنسبة ‪)%6‬‬


‫إن ترمجة معاين القرآن حمدودة جداً؛ لكون مؤلفات علماء سوس قليلة يف ٰهذا اجملال‪،‬‬
‫حىت ابللغة العربية‪ ،‬وميكن تفسري ذلك أبهنم يتحرزون من التصدي لعلوم القرآن‪ ،‬وحيتاطون‬
‫لذلك خشية الوقوع يف خمالفة شرعية وهم يفسرونه‪ ،‬مثل أتويله على حنو غري صحيح‪.‬‬
‫طريقة كتابة التآليف األمازيغية‬ ‫‪-5‬‬

‫هي مؤلفات كتبت ابحلرف العريب‪ ،‬أضيفت له حركات الضبط‪،‬وبعضالعالمات اخلاصة‬


‫ألجل كتابة األشكال الصوتية اخلاصة ابألمازيغية‪ .22‬فعلى سبيل املثال ميزوا بني احلروف‬
‫املرققة واملفخمة‪ .‬فالزاي املفخمة يكتبوهنا صادا أسفل منها ثالث نقط‪ ،‬واجليم املفخمة‬
‫بثالث نقط أسفل منها كذلك‪.‬‬
‫واستطاعت هذه املؤلفات تطوير اللغة األمازيغية إبدراج كلمات من اللغة العربية الفصيحة‬
‫فيها‪ ،‬بعد أن أدخلت عليها تعديالت طفيفة لتتناسب مع األشكال الصوتية يف اللغة‬
‫األمازيغية؛ بل استخدمت كذلك كلمات عربية كما هي‪ ،‬فأدخلت يف اللغة األمازيغية‪ .‬وهي‬
‫«ظاهرة لسان ية مرتبطة بتطور اللغة األمازيغية بسبب أتثرها ابلبنية الثقافية اليت جاء حيملها‬
‫اإلسالم‪ ،‬ويتجلى ذلك يف قاموس من الكلمات ذات األصل العريب والقرآين خاصة‪ ،‬واليت‬
‫حرف بعضها لتناسب املقتضيات الفونيمية الصوتية يف اللغة األمازيغية‪ ،‬أو الكلمات اليت‬
‫احتفظت بكل صيغها الصوتية واملفاهيمية يف الثقافة األمازيغية»‪.23‬‬

‫‪22‬‬
‫‪Stricker, (1960 : 10).‬‬
‫‪ 23‬عصيد (‪.)147 :1990‬‬

‫‪89‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫وهذا يعين أن هؤالء املؤلفني سامهوا يف تطوير اللغة األمازيغية‪ ،‬حيث ابتكروا جمموعة من‬
‫املصطلحات الديداكتيكية الالّزمة للقيام بتلك الوظيفة‪ ،‬مثل "تي ْغ ِّري" اليت هي القراءة؛ "تِّ َّريا"‬
‫يف" أي األجبدية؛ أ ْگمّا ْي" وهو التّهجي؛‬ ‫ِّ‬
‫وهي الكتابة؛ "أ َّرا" الوثيقة املكتوبة؛ "ي ْد ل ْ‬
‫َّاس" أي ضبط احلركات؛ "أ ّْس ْفتُـ ُو"‪ ،‬وهو اإلمالء؛ "أ ْح ُّسو"‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ني" وتعين احلركات؛ "أ ْحم ْ‬ ‫"تي ْدابك ْ‬
‫أي احلفظ؛ " ُّسوفْ ْغ" ويعين ختم القرآن‪.24‬أما احلروف اليت مل تضبط ابحلركات فيقولون عنها‪:‬‬
‫وري" مل يضبط الكلمة‪ ،‬ومن ذلك قول الفقيه للطالب الذي ال يتقن احلفظ‪:‬‬ ‫"ؤْر ئِّ ْم ِّحيستا ُك ِّ‬
‫ُ‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫ك»‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫« ُؤْر أ ْد تّْفا ْغ تـْگُوري ْغ ئمي نْ ْ‬
‫اع"‪،‬‬ ‫ب تْـنايْ ْن"؛ الرفع‪" :‬ئِّ ْد و ْارف ْ‬‫اب"‪ ،‬تنوينه‪" :‬نْ ْس ْ‬
‫ِّ‬
‫أما احلركات فهي‪ :‬النصب‪" :‬ئ ْد وانْص ْ‬
‫ض تْـنايْ ْن؛ السكون‪" :‬ئِّ ْد والْز ْام"‪،‬‬ ‫اض"‪ ،‬تنوينه‪ْ :‬خلْ ْف ْ‬ ‫اخف ْ‬
‫ِّ‬
‫"رفْ ْع تْـنايْ ْن"؛ الكسر‪" :‬ئ ْد و ْ‬ ‫تنوينه‪ّْ :‬‬
‫ط" وإذا كان "أگمّاي" يعين التهجي أثناء القراءة‪،‬‬ ‫"الش ّْ‬
‫ات"؛ َّأما الشدة فهي‪َّ :‬‬ ‫ت"‪" ،‬لّْْزم ْ‬ ‫"لْْزْم ْ‬
‫ففي املقابل جند أن القراءة بسرعة تسمى‪" :‬أ ْْجم ّْرْد"‪ ،‬وتكرار النص من أجل حفظه جيدا‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ت‬‫يس ْ‬ ‫املثل ِّالقائل‪" :‬ها ْن ئ ْغ ُؤْر تْ ّك ْ‬ ‫ين"‪ .‬وكان الفقهاء يرددون لطلبتهم‬ ‫يسمى‪" :‬تيغُود ِّيو ْ‬
‫ود ِّيوين ميَّا ْد ايت ها ْن تيگو ِّض ِّيوين"‪ ،‬و"أر تْ ِّّكيس ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ين"‪ ،‬معناه أن يكرر النص‬ ‫ت تيغُود ِّيو ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫تيغُ ْ ْ‬
‫ت"‪ ،‬وهي وسيلة تستخدم لتثبيت احلفظ‪.‬‬ ‫اج ْ‬
‫اج" أو "ات ْكَّر ْ‬ ‫الذي يريد حفظه ابستعمال‪" :‬أ ْكَّر ْ‬
‫اي"‪.‬‬ ‫أما عملية تصحيح ما كتب على اللوح أو الورقة فيسمى‪" :‬أ ّْزر ْ‬
‫وفضالً عن تطوير أولئك املؤلفني للغة األمازيغية مبنهجهم يف الكتابة‪ ،‬فقد سعوا أيضاً‬
‫لتقريب اللغة العربية لألمازيغ‪.‬‬

‫مميزات املؤلفات الدينية األمازيغية‬ ‫‪-6‬‬

‫متيزت املؤلفات الدينية ابللغة األمازيغية بعدة خصائص من بينها‪:‬‬


‫أ‪ -‬النظم‬
‫إن أغلب املؤلفات الدينية األمازيغية جاءت على شكل منظومات‪ ،‬وهي تضم معلومات‬
‫كثرية‪ ،‬رتبت ترتيباً حمكماً؛ ألن الناظم عندما يريد الكتابة تكون املعلومات اليت يريد إيصاهلا‬
‫للمتلقي ماثلة أمامه فيكتبها يف قالب موزون مقفى‪ ،‬وما اختيارهم هلذا األسلوب إال لكونه‬
‫ييسر احلصول على املعلومة‪ ،‬وجيعل املهمة التعليمية مشوقة‪ ،‬خاصة وأهنا تقرأ أبحلان سوسية‬
‫خاصة‪ ،‬ليسهل متثلها وحفظها واسرتجاعها عند احلاجة‪.‬‬

‫‪ 24‬املدالوي (‪.)29 :2012‬‬

‫‪90‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫ب‪ -‬البساطة‬
‫إن الناظم األمازيغي أييت ابملعلومات اليت يريد تعليمها للناس أبسلوب بسيط لتكون له‬
‫جاذبية أكثر‪.‬‬
‫ج‪ -‬املنهج‬
‫املالحظ أن األمازيغ يف مؤلفاهتم الدينية األمازيغية‪ ،‬ال يؤلفوهنا اعتباطا‪ ،‬بل سلكوا فيها‬
‫املناهج العلمية نفسها املتبعة يف املؤلفات العربية‪ ،‬ويتجلى ذلك يف اآليت‪:‬‬
‫‪ -‬االفتتاح ابملقدمة‪ ،‬وهي اليت تضع الكتاب ‪-‬املنظوم أو املنثور‪ -‬يف إطاره املعريف‪ ،‬فيبدأ‬
‫أوال ابلتعوذ مث البسملة واحلمدلة والتصلية‪ ،‬مث عنوانه والغرض من التأليف‪ ،‬والفئة املستهدفة‪،‬‬
‫مع ذكر امسه‪ ،‬أي املؤلف‪.‬‬
‫محن اجلشتيمي‬
‫وعلى سبيل املثال‪ ،‬ففي معرض ذكر الفئة املستهدفة‪ ،‬جند أمحد بن عبد الر ٰ‬
‫يقول أبن نصيحته موجهة للفئة اخلالية من الكرب واجلدال‪ ،‬ونص قوله‪:‬‬
‫ت ئِيَا ْن ْغ ُؤْر ئِِلّي‬
‫اح ْ‬
‫ص ْ‬ ‫ض ْم ْغ ْك َرا ْن نْ َ‬‫ِري ْغ أَ ْد نْ ْ‬
‫ال َع ْاونْـيِّي گيسْ أَلْبَا ِري‬‫يرب ُؤالَ ْجلِي َد ْ‬ ‫ِ‬
‫لْك ْ ْ‬
‫‪ -‬العرض‪ :‬وهو اجملال الذي يستعرض فيه املؤلف معلوماته يف املوضوع الذي من أجله‬
‫ألف كتابه‪.‬‬
‫‪ -‬اخلامتة‪ ،‬وهي مبثابة القفل الذي يقفل به كتابه‪ .‬وهي تكون خمتصرة يعرب فيها عن‬
‫إكماله للغرض من الكتاب‪ ،‬وإن كان عبارة عن منظومة يذكر عدد أبياهتا‪ ،‬واترخيها‪ ،‬كما‬
‫فعل أوزال يف ختام منظومته حبر الدموع‪ ،‬حني ذكر اتريخ الفراغ من أتليفه‪ ،‬وهو شهر ربيع‬
‫الثاين لعام ‪1126‬ه‪ ،‬وكان قد بدأ ه يف الشهر الذي قبله‪ ،‬وهو شهر صفر‪ ،‬ذلك يعين أنه‬
‫استغرق يف أتليفه ملنظومته شهرا كامال‪.25‬‬
‫ضي‬ ‫يع َاتِِن ْن ْستَّا ُؤ ْع ْش ِرين بْـ ْع ْد ْميَّا ْد ئِْف ِ‬ ‫َرابِ ْ‬
‫ْ‬
‫ت ئِْزَو ْارِِن‪.‬‬
‫صافَ ْار ِّل ْ‬ ‫ور ْن َ‬ ‫غ ئِ ْك ّْم ْل ئِْب ُدو ْ‬
‫غ َوايُّ ْ‬ ‫أَ ْ‬

‫‪ 25‬گمايسني (‪.)562 :2015‬‬

‫‪91‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫كما ذكر يف خامتة منظومة حبر الدموع عدد أبياهتا‪ ،‬بقوله‪.26:‬‬


‫ت أَگِّ ِ‬ ‫يت ُؤ ستَّا ُؤ ِ‬ ‫ِ‬
‫يسي‬ ‫مخسي ْن ْ‬ ‫اض ْن لْبِ ْ ْ‬ ‫وم ْ‬ ‫ت تُ َّ‬‫يس ْ‬ ‫ْسض ْ‬
‫غ لْ ْكتَ ِاِب‪.‬‬
‫ت ْ‬ ‫ني‪َ ،‬اي ْن ئِ ْش َّكا ْن ئِ َح ْ‬
‫اس ْبـ ْتـ ْن ْ‬ ‫ْك ّْملْنِ ْ‬
‫بعد ذلك جند أن املؤلف يلتمس الدعاء له ابملغفرة إن كان يف كتابه عيب‪ ،‬أو نقص وغريمها‬
‫ملن قرأه‪ ،‬ويدعو هللا أن يقبل منه ذلك العمل‪ ،‬مث يصلي على النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ومن‬
‫ذلك قول أمحد اجلشتيمي‪27:‬‬

‫ك‪ ،‬أَل َْو ِحي ْد ْرِِّب‬ ‫س ْْلِ ْري ْد ْجلُو ْد نْ ْ‬ ‫غ ْ‬ ‫ْخ ْت ْم أَ ْ‬


‫ال نْ ْغ ْغ ْم ْكنَّا گا ْن أَلْبَا ِري‬ ‫ْت الَ ْع َم ْ‬ ‫تْـ ْق ْبـل ْ‬
‫غ‪ ،‬أَ ْد ُؤْر نْـ ْزْر ْهلُوِل‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫غ‪ ،‬تْـ ْر ْمحْ ْ‬‫ت أَ ْ‬ ‫تْـغْ ْف ْر ْ‬
‫ِ‬
‫ني ُؤالَ ل َْولي َدايْ ْن ُؤالَ ُكولُّو الَ ْحبَ ْ‬
‫اب‬ ‫نْ ْكنِ ْ‬
‫وسل ْْم ْن ْك َرا گا ْن‬ ‫ُؤالَ الَ ْشيَا ْخ ُكولُّو‪ْ ،‬د ئِ ُم ْ‬
‫ت ُؤ َّساالَ ْم ْعالَ َر ُسول ُؤالَّ ْه َّانِِب نْ ْغ‬ ‫َصالَ ْ‬‫أْ‬
‫ْد ْك َرا تْئِ َوالَ ْن‪ ،‬ئِ ُحبُّوتْ ْن ئِتَابْـ َعاتْ ْن‬

‫أشكال التآليف الدينية ابللغة األمازيغية‬ ‫‪-7‬‬

‫اختذت التآليف الدينية ابللغة األمازيغية أشكاال متعددة منها‪:‬‬


‫أ‪ -‬التأليف ابتداء‪ :‬حيث إن هناك من ألّف يف الدين ابللغة األمازيغية ابتداءً‪ ،‬أي‬
‫دون أن يستند إىل أتليف آخر قبله فيقوم بشرحه أو ترمجته‪.‬‬
‫ب‪ -‬ترمجة أو حماكاة كتاب ألف ابللغة العربية‬
‫قام الفقهاء األمازيغ برتمجة بعض الكتب‪ ،‬بدافع نقل النصوص والعلوم واملعارف من اللغة‬
‫العربية إىل اللغة األمازيغية؛ سواء كانت ترمجة نظمية‪ ،‬أو نثرية‪ ،‬أو حماكاة مؤلف ابللغة‬

‫‪ 26‬گمايسني (‪.)563 :2015‬‬


‫‪ 27‬اجلشتيمي (‪.)74 :2013‬‬

‫‪92‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫العربية‪ .‬ومن هذا الصنف جند ما قام به احلامدي يف حماكاة قصيدة الربدة لإلمام البوصريي‪،‬‬
‫ويف ذلك قال‪:28‬‬
‫يدي ّْر ُسوِل‬ ‫ضايل ْن ِس ِ‬ ‫وصايْ ِري ْجلُ ْ‬
‫وه ْر ْن لْ ْف َ ْ ْ‬ ‫ئگرَا لْبُ َ‬
‫ني ُؤْر ْزِري ْغ َاي ْن ئگا ْن ُزونْ ْد نْـتَّاِِن‬ ‫تيگري ئُِفول ِ‬
‫ْك ْ‬
‫ِ‬ ‫ني س واو ْ ِ‬ ‫يغْت َدا ْ ِ‬
‫س تّْ ْش َّرافْ ِين‬‫ال ئ َما ِزيغْ ْن أَ ْد ئ ْ‬ ‫غ نْ ّك ْ ْ َ َ‬ ‫گر ْْ‬
‫يدي ّْر ُسوِل‪.‬‬ ‫اي ْن أَس ئِ ْس ْف ْل ْد ْن ئِزاي ْد گيسْ ْحلوب ْن ِس ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ ّ‬
‫وقال يف موضع آخر من املؤلَّف نفسه‪:29‬‬
‫س ئِ ْس ُم ِوِن‬ ‫ِ‬ ‫ال نْ ِ‬
‫س ْرجي ْغ ْرِِّب أَيِّي دي ْد ْ‬
‫غ أ ََو ْ ْ‬ ‫ادا ْ‬
‫َح َ‬
‫وس َعايِّي‪.‬‬
‫ض ْل ْن ْرِِّب يُ ْ‬
‫ور لْ َفا ْ‬
‫وج ْ‬ ‫أَ ِوي ْغ ْحلَا ّْق ئِنُـ ُو ْ‬
‫غ لُ ُ‬
‫والشيء نفسه جنده عند الشيخ احممد بن علي أوزال يف كتابه احلوض يف الفقه املالكي‪،‬‬
‫حيث عمل على حماكاة كتاب املختصر للشيخ خليل‪ ،‬وسار على هنجه يف تبويبه لكتابه‪ ،‬إال‬
‫أنه صاغه يف قالب نظمي‪ ،‬وقال‪:30‬‬
‫ف لْ َما ْش ُهوِري‬ ‫ني ْ‬ ‫ض ْع ْفنِ ْ‬ ‫أ َْك ُؤْر أَ ِو ْ‬
‫ين الَ قـ َْو ْال ْ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ين الَ قـ َْو ْال ِّل ْش ْه ْرنِ ْ‬
‫ني‬ ‫يل أَ ْد يِي ِو ْ‬
‫سيدي ْخل ْ‬
‫اغي‬ ‫غ لْ ْكتاب ْن لْمو ْختاصار نْـتَّا ْن أَ ْد َّاتبـع ِ‬
‫َْ‬ ‫ْ َ ْ ُ َ َْ‬
‫ج‪ -‬شرح كتاب أو منظومة‬
‫ومن األمازيغ من عمد إىل منظومة أمازيغية فشرحها نثرا ابللغة نفسها‪ ،‬من ذلك أن‬
‫ض"‪.‬‬
‫اع ْن ْحل ْاو ْ‬
‫احلسن التاموديزيت شرح كتاب احلوض يف الفقه املالكي ألوزال‪ ،‬ومساه "لْم ْاجن ْ‬
‫وكتاب أوزال هو كتاب منظوم‪ ،‬شرحه التاموديزيت منثورا ليسهل على العامة تفهمه ‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫‪ 28‬احلامدي (‪.)158 :2018‬‬


‫‪ 29‬احلامدي (‪.)154 :2018‬‬
‫‪ 30‬أوزال (‪.)28 :1977‬‬
‫‪ 31‬السوسي (‪.)14-19 :1960‬‬

‫‪93‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫خامتة‬
‫بعد هذه العجالة‪ ،‬تبني أن الفقهاء األمازيغ‪ ،‬ابلرغم من أهنم برعوا يف مؤلفاهتم اليت‬
‫وضعوها ابللغة العربية‪ ،‬إال أهنم مل ينسوا لغتهم األم‪ ،‬فألفوا هبا وترمجوا إليها العديد من‬
‫املؤلفات الدينية‪ ،‬وكذلك مؤلفات يف العلوم األخرى‪ ،‬مثل الطب والفلك‪ ،...‬إال أن اجلانب‬
‫الذي أولوه عنايتهم الفائقة هي العلوم الشرعية؛ ألن هدفهم األساسي هو تعليم أكرب قدر‬
‫ممكن من الناطقني ابألمازيغية أمور دينهم ابلشكل الصحيح‪ .‬وكان يستهدفون‪ ،‬بشكل أدق‪،‬‬
‫فئة العوام‪ ،‬الذين أمضوا سنوات معدودة من حياهتم يف ال ُكتّاب‪ ،‬تعلموا خالهلا كيفية الكتابة‬
‫والقراءة‪ ،‬فبسطوا هلم ٰهذه العلوم بلغتهم اليومية لقراءهتا وفهم مضامينها‪.‬‬
‫واملالحظ أن أغلب ٰهذه املؤلفات جاءت يف قالب نظمي ليسهل حفظها‪ .‬واستطاعت‬
‫ٰهذه الكتب أن حتقق جناحا ابهرا؛ بل ال زالت حتقق نتائج إجيابية‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن‬
‫نسخاً عديدة منها تتداول يف املواسم الدينية ويف الزوااي‪ ،...‬وهناك العديد من الرجال والنساء‬
‫حيفظوهنا‪ ،‬ويرددوهنا مجاعياً يف بعض املناسبات الدينية واالجتماعية‪ ،‬مما جعلها ترتسخ يف‬
‫أذهاهنم‪ .‬وعموماً‪ ،‬فإن ٰهذه املؤلفات الزالت تقوم بدورها الرتبوي والتعليمي إىل يومنا ٰهذا‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫املصادر واملراجع‬

‫‪ ‬القرآن الكرمي برواية ورش‪.‬‬


‫‪ ‬املصادر املخطوطة‪:‬‬
‫اإلراژاين‪ ،‬احلسن بن أمحد التاملي اجلزويل البكري‪ :‬كتاب البدع‪ ،‬خمطوط يف ملك األستاذ‬
‫أفا عمر‪ ،‬الرابط‪.‬‬
‫أوزال حممد بن علي‪ :‬نصاحت‪ ،‬نسخة املكتبة الوطنية ابلرابط‪ ،‬رقم‪683:‬د‪.‬‬
‫أژانگ‪ ،‬إبراهيم بن عبد هللا الصنهاجي‪ ،‬املازغي‪ ،‬نسخة املكتبة الوطنية‪ ،‬رقم‪127:‬ق‪.‬‬
‫البوشواري‪ ،‬احممد بن حممد‪ ،‬عشرينت ن صّيفت‪ ،‬نسخةخبزانة خاصة مبدينة تيزنيت‪.‬‬
‫‪ ‬املصادر واملراجع املطبوعة‪:‬‬
‫أوزال حممد بن علي (‪ ،)1977‬احلوض يف الفقه املالكي اجلزء األول‪ ،‬حققه وعلق عليه‪:‬‬
‫الرمحاين عبد هللا بن حممد اجلشتيمي‪ ،‬ط‪ ،1.‬مطابع دار الكتاب الدار البيضاء‪.‬‬
‫البكري‪ ،‬أبو عبيد (ت‪487 .‬هـ‪1094/‬م) (‪ ،)1911‬الـمُغرب يف ذكر بالد إفريقية واملغرب‪،‬‬
‫نشر‪ :‬البارون دو سالن‪ ،‬ابريس‪.‬‬
‫محن (‪ ،)2013‬نصيحة اجلشتيمي‪ ،‬حتقيق عمر أفا‪ ،‬ترمجة‪:‬‬‫اجلشتيمي‪ ،‬أمحد بن عبد الر ٰ‬
‫أمحد أبو زيد الگنساين‪ ،‬مطبعة املعارف اجلديدة‪ -‬الرابط‪ ،‬ط‪.1.‬‬
‫احلامدي‪ ،‬عبد هللا بن حيىي (‪ ،)2018‬تلقيح الصدور مبا يورث السرور‪ ،‬املشهور ب‬
‫"الرتمجة األمازيغية للربدة"‪ ،‬حتقيق وتقدمي أمحد املنادي‪ ،‬مطبوعات املعهد امللكي للثقافة‬
‫األمازيغية‪ ،‬الرابط‪ ،‬دار أيب رقراق للطباعة والنشر‪.‬‬
‫الحضيگي‪ ،‬حممد بن أمحد (‪ ،)2006‬طبقات الحضيگي جزءان‪ ،‬تقدمي وحتقيق‪ :‬أمحد‬
‫بومزگو‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪.‬‬
‫السوسي‪ ،‬حممد املختار (‪ ،)1960‬سوس العاملة‪ ،‬مطبعة فضالة احملمدية‪.‬‬
‫السوسي‪ ،‬حممد املختار (‪ ،)1960‬املعسول‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة اجلامعة‪.‬‬
‫السوسي‪ ،‬حممد املختار (‪ ،)1989‬رجاالت العلم العريب يف سوس من القرن اخلامس‬

‫‪95‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫اهلجري إىل منتصف القرن الرابع عشر‪ ،‬هيأه للطبع ونشره‪ :‬رضى هللا عبد الوايف املختار‬
‫السوسي‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة التغليف والطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬املنطقة الصناعية‪ ،‬طريق تطوان‪،‬‬
‫طنجة‪.‬‬
‫عصيد‪ ،‬أمحد (‪" ،)1990‬خطاب احلكم يف الشعر األمازيغي"‪ ،‬ضمن‪ :‬اتسكال ن‬
‫متازيغت‪ ،‬مدخل لألدب األمازيغي‪ ،‬منشورات اجلمعية املغربية للبحث والتبادل الثقايف‪،‬‬
‫مطبعة املعارف اجلديدة‪ ،‬الرابط‪.‬‬
‫گمايسني‪ ،‬خدجية (‪ :)2015‬العقيدة والتصوف يف فكر حممد بن علي أوزال‪ ،‬مع ترمجة‬
‫وحتقيق خمطوط حبر الدموع‪ ،‬مطبوعات املعهد امللكي للثقافة األمازيغية‪ ،‬مطبعة املعارف‬
‫اجلديدة‪ ،‬الرابط‪ .‬ط‪.1‬‬
‫املدالوي املنبهي‪ ،‬حممد (‪ ،)2012‬رفع احلجاب عن مغمور الثقافة واآلداب‪ :‬مع دراسة‬
‫لعروضي األمازيغية وامللحون‪ ،‬منشورات املعهد اجلامعي للبحث العلمي‪ ،‬الرابط‪ ،‬مطبعة كوثر‬
‫برانت‪.‬‬
‫املنادي‪ ،‬أمحد (‪" )2015‬املخطوط األمازيغي مبكتبة جامعة ليدن"‪ ،‬جملة أسيناگ‪ ،‬املعهد‬
‫امللكي للثقافة األمازيغية‪ ،‬ع ‪ ،10‬ص ص‪.100-89:‬‬
‫نوحي‪ ،‬الوايف (‪" ،)2012‬إنتاج الكتاب املخطوط ابملغرب"‪ ،‬جملة أسيناگ‪ ،‬املعهد امللكي‬
‫للثقافة األمازيغية‪ ،‬ع ‪ ،7‬ص ص‪.74-45 :‬‬
‫‪ ‬الرسائل اجلامعية‪:‬‬
‫اخلليفيت احممد بن عبد هللا (‪ ،)1998‬كتاب الدرة اجلليلة يف مناقب اخلليفة‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل دبلوم الدراسات العليا يف التاريخ‪ ،‬حتقيق أمحد عمالك‪ ،‬السنة اجلامعية‪ ،‬مرقونة يف‬
‫جزأين مبكتبة كلية اآلداب الرابط‪.‬‬
‫املراجع األجنبية‪:‬‬
‫‪Stricker, B. H (1960), L’Océan des Pleures (Poème Berbère de Muhammad Al‬‬
‫‪Awzali), Publications de la Fondation De Goeje, n 19, E-J Brill.‬‬

‫‪96‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫ملحق صور بعض املخطوطات املكتوبة ابللغة األمازيغية‬

‫‪97‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫‪98‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫‪99‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫‪100‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫‪101‬‬
‫خدجية گمايسني‬

‫‪102‬‬
‫ظاهرة التأليف الديين ابألمازيغية يف سوس‬

‫‪103‬‬
136-105 ‫ ص‬،2021،‫عشر‬ ‫ العدد السادس‬،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‫مجلة أسيناگ‬

‫ الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬:‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‬


‫أمحد املنادي‬
‫املعهد امللكي للثقافة األمازيغية‬

‫تناول هذا املقال منوذجا من مناذج الكتابة الرحلية (أدب الرحالت) املنتمي إىل البادية‬
،‫ يتعلق األمر ابلنص الذي دونه حممد الغيغائي‬.‫املغربية خالل القرن التاسع عشر‬
‫ هذا الرحالة األمازيغي الذي نقل مشاهداته‬.ّ‫رصد فيه جتربته خالل رحلته إىل احلج‬
،‫ ابإلضافة إىل ذلك‬.‫ واالخرتاعات اليت شاهدها‬،‫وتقييمه ألوضاع البلدان اليت زارها‬
‫ يف مقابل اآلخر الذي نقل‬،‫جنح الغيغائي يف تقدمي صورة عن ذاته وعن الذات املغربية‬
‫ يسعى املقال إىل‬،‫ على هذا األساس‬.‫عنه صورة ترتكز على ما هو مغاير وخمتلف‬
‫ وبيان خمتلف اآلليات املنهجية اليت م ّكنته‬،‫تفكيك نظرة الغيغائي إىل ذاته وإىل اآلخر‬
‫ حتمل خطاابت متقاطعة بني حقول كثرية دينية واترخيية‬،‫من تقدمي معارف متنوعة‬
...‫واجتماعية وإثنوغرافية‬
‫ التمثالت‬- ‫ املعرفة‬-‫ الغيغائي‬- ‫ الرحلة‬:‫الكلمات املفتاحية‬

This paper deals with a model of travel writing (travel literature) belonging to
the Moroccan countryside during the nineteenth century. It addresses the
work undertaken by Muhammad Al-Ghighaei, in which he recorded his
experience during his journey to the Hajj. This Amazigh traveler transmitted
what he saw and assessed the conditions of the countries he visited, and the
inventions he witnessed. In addition, Al-Ghighaei succeeded in providing an
image of himself and of the Moroccan self, vis-à-vis the other and his/her
difference. With the above as background, the paper intends to dismantle Al-
Ghighaei’s view of himself and the other, and to clarify the various
methodological mechanisms that enabled him to provide diverse knowledge,
that intersects many religious, historical, social and ethnographic fields.

Key words: Journey – travels – Al-Ghighaei – knowledge – representations

105
‫أمحد املنادي‬

‫مقدمة‬
‫يش ّكل أدب الرحلة موردا مهما من موارد املعرفة اإلنسانية‪ ،‬نظرا ملا يشتمل عليه هذا‬
‫األدب من متون وخطاابت مت ّد حقوال معرفية كثرية مبادهتا املتنوعة والغنية‪ ،‬من قبيل التاريخ‬
‫واألدب واإلثنولوجيا وغريها‪ .‬فإذا كان حقل األدب على سبيل املثال يتناول النصوص الرحلية‬
‫بوصفها جماال للكشف عن اخلطاب اجلمايل والفين يف الرحلة‪ ،‬فإن التاريخ‪ ،‬مبا هو تدوين‬
‫و"ختييل" للوقائع واألحداث والعمران‪ ،‬لن يعدم يف هذه النصوص ما يفيد الكتابة التارخيية يف‬
‫س ّد ثغراهتا أو ملء بياضاهتا‪ ،‬خاصة ملـّا يتجه القصد إىل التأريخ الشامل للمجتمع يف جوانبه‬
‫ومستوايته املتعددة‪ ،‬بعيدا عن الثنائية املهيمنة فيما مضى على هذه الكتابة‪ :‬اهلزمية‬
‫واالنتصار‪.‬‬
‫ولعل التشعبات املعرفية واملنهجية اليت سلكتها االجتهادات احلديثة يف حقل التاريخ‪،‬‬
‫بتنويع االنشغاالت لتشمل الذهنيات واالجتماعيات والدينيات‪ ،‬وما إىل ذلك من بنيات‬
‫اجمل تمعات وأبعادها‪ ،‬جيعلنا نفرتض أن احلدود بني النص الرحلي أو الكتابة الرحلية من جهة‪،‬‬
‫الوهم‪ .‬وليس بِّدعا أن يلجأ‬
‫ضرب من الزيف و ْ‬ ‫ْ‬ ‫وبني الكتابة التارخيية من جهة أخرى إمنا هي‬
‫ٍ‬
‫وجمتمعات ما‪ ،‬أو مرحلة‬ ‫املؤرخ إىل سجالت الرحلة لتقصي ما يعوزه من معطيات حول ٍ‬
‫دول‬
‫ت‬ ‫ِّ‬
‫مل تنل حظها من النقل والتدوين من قبل املؤرخني‪ ،‬كما تُنبؤان عن ذلك جتربة فريدة اعتُرب ْ‬
‫شاهدة على مركزية النص الرحلي يف التدوين التارخيي‪ ،‬والقصد هنا إىل جتربة "رحلة ابن‬
‫فضالن" ودورها يف التأريخ ملرحلة يف اتريخ روسيا‪ .‬فالرسالة اليت دوهنا الرحالة أمحد بن‬
‫فضالن (ت‪960 .‬م) "تصف بالد الروس والبلغار واألتراك يف القرن العاشر للميالد‪ ،‬وصفا ال‬
‫يكاد يقع إال يف هذا املصدر‪ ،‬والروس أنفسهم عادوا إليه وقرؤوه ودرسوه ونشروا منه‬
‫وترمجوه‪ ...‬وجعلوه يف مصادرهم الثمينة كمرجع أساسي ال غىن عنه‪ .‬وهم ما يزالون منذ‬
‫سنني عديدة يعودون إليه‪ . ..‬ففيه أمساء وأعالم‪ ،‬وفيه ألبسة وأطعمة‪ ،‬وعادات وتقاليد‪،‬‬
‫تتكشف رموزها وإشاراهتا عن أشياء جديدة كلما أنعم املستشرقون نظرهم يف قراءة النص‪،‬‬
‫وحل مشكالته"‪.1‬‬
‫ويف تقليب غوامضه ّ‬
‫يهمنا من هذا التمثيل إاثرة االنتباه إىل أمهية النصوص الرحلية وحاجة العلوم االجتماعية‬
‫واإلنسانية األخرى إليها‪ ،‬وخاصة التاريخ‪ ،‬حيث يلجأ إليها املؤرخ "إلجياد أجوبة عن بعض‬
‫اجلوانب يف ما هو اجتماعي‪ ،‬وثقايف‪ ،‬وذهين‪ ،‬وفكري‪ ،‬وديين‪ ،‬وصويف‪ ،‬فتتحول الرحلة بذلك‬

‫‪ 1‬رسالة ابن فضالن يف وصف بالد الرتك واخلزر والروس والصقالبة سنة ‪309‬هـ‪921 /‬م‪ ،‬ص ‪.8 -7‬‬

‫‪106‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫حيوهلا إىل نصوص مركزية حامسة‪ ...‬إذ توفّر مادة‬‫إىل نوع من املصادر األولية‪ ،‬جتعل املؤرخ ّ‬
‫عن أحوال السفر وظروفه والطرق ووسائل النقل‪ ،‬الربية منها والبحرية‪ ،‬والتنظيم واألمن‪،‬‬
‫والقبائل واملدن‪ ،‬واملوانئ‪ ،‬والعادات والتقاليد‪ ،‬واملساجد واألضرحة والزوااي‪ ،‬وتقدم معلومات‬
‫دميغرافية وطوبوغرافية مهمة"‪.2‬‬
‫وجتدر اإلشارة يف هذه التوطئة إىل أن الدوافع الكامنة وراء الرحالت خمتلفة‪ ،‬نتج عنها‬
‫تنوع وغىن يف تصانيف أدب الرحلة‪ ،‬ما ْبني رحالت جغرافية وأخرى علمية أو ح ّجية أو‬
‫سفارية أو غري ذلك‪ .‬ومما مييز بالد املغرب أن الرحالت احلجية أو احلجازية نشطت فيه‬
‫فقدمت خدمات‬
‫ْ‬ ‫بشكل الفت منذ قرون‪ ،‬حىت إن الدولة املغربية ْأولت هلا اهتماما خاصا‪،‬‬
‫متنوعة ملا يُعرف ب"رْكب احلاج املغريب"‪ ،3‬الذي أسسه أبو حممد صاحل املاجري‬
‫حتول يف ما بعد إىل "مؤسسة رمسية تضم‬ ‫(ت‪ 632 .‬هـ) أواسط العهد املوحدي‪ ،‬والذي‪ّ 4‬‬
‫العلماء ورجال الدولة واهلدااي واألموال والوقف" ‪ .‬وهكذا كان االهتمام منصبا على أتسيس‬
‫رابطات عديدة يف خمتلف املناطق‪ ،‬مبثابة مراكز استقبال‪ ،‬ينزل فيها احلجاج قبل رحلتهم وبعد‬
‫عودهتم‪ .‬وبذلك نشأت أنواع كثرية من الركب أمهها الركب الفاسي‪ ،‬والركب املراكشي‪،‬‬
‫والركب السجلماسي‪ ،‬والركب البحري‪ ،‬والركب الشنقيطي‪...‬‬
‫ولذلك فإن أشهر الرحالت احلجية يف التاريخ احلديث يعود بعضها إىل مغاربة أمازيغ‪ ،‬أو‬
‫على األقل نشأوا يف حضن الثقافة املغربية األمازيغية ورضعوا من لباهنا‪ ،‬نذكر منها‪" :‬رحلة‬
‫العبدري" (‪1289‬م) حملمد العبدري احلاحي؛ ورحلة "ماء املوائد" (‪1661-1663‬م) املشهورة‬
‫برحلة العياشي‪ ،‬أليب سامل العياشي‪ ،‬من أيت عياش إحدى القبائل األمازيغية املتامخة ألحواز‬
‫سجلماسة؛ ورحلة اليوسي (‪1691-1690‬م) للحسن بن مسعود اليوسي الصنهاجي؛‬
‫و"الرتمجانة الكربى يف أخبار املعمور ّبرا وحبرا" أليب القاسم الزايين (ت‪1833 .‬م)‪ ،‬من قبائل‬
‫زااين؛ و"الرحلة احلجازية" أليب عبد هللا حممد بن أمحد احلضيكي (ت‪1775 .‬م) من قبيلة‬
‫أمانوز السوسية؛ و"هداية امللك العالّم إىل بيت هللا احلرام‪1684( "...‬م) للهشتوكي أمحد بن‬
‫حممد بن يعزى اجلزويل التملّي؛ ورحلة حممد الغيغائي الوريكي اليت كانت إىل الداير املقدسة‬
‫مرتني‪ ،‬خالل سنيت ‪1847‬م و ‪1857‬م‪.‬‬

‫‪ 2‬مصطفى الغاشي‪ ،‬املؤرخ والرحلة أو كيف تتصدر الرحلة مدونة املؤرخ؟‪ ،‬أسطور‪ ،‬ص‪.238‬‬
‫‪ 3‬يُنظر يف هذا الصدد حممد املنوين‪ ،‬من حديث الركب املغريب‪.‬‬
‫‪ 4‬مصطفى الغاشي م س‪ ،‬ص ‪.241‬‬

‫‪107‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫وسنكتفي يف هذا املقال ابلوقوف عند جتربة الرحالة الغيغائي من خالل رصد خطابه‬
‫الرحلي وما ينطوي عليه من معارف متنوعة وغنية‪ ،‬ومتثالت تعكس وجهة نظر و ٍ‬
‫احد من‬
‫مثقفي البادية يف مغرب القرن التاسع عشر‪.‬‬

‫الغيغائي‪ :‬الزمن وسياقه‬


‫إن النص الرحلي‪ 5‬موضوع املقال‪ ،‬منوذج من النصوص اليت أنتجها مثقفو البادية املغربية‪،‬‬
‫يف سيا ق مغامراهتم الرحلية احملكومة بدوافع متباينة‪ ،‬خاصة يف جمال الرحلة احلجازية اليت يعد‬
‫الغيغائي واحدا من رموزها‪ .‬ال منلك معلومات كافية عن حياة الرحالة‪ ،‬إذ مل تسعفنا املصادر‬
‫التارخيية واألدبية يف معرفة تفاصيل عن سرية حممد الغيغائي‪ ،‬ماعدا إشارة طفيفة عند حممد‬
‫املختار السوسي يف كتابه املعسول‪ .6‬ولذلك يبقى نصه الرحلي املصدر الوحيد لبعض‬
‫املؤشرات الدالة على جوانب من حياته الفكرية واالجتماعية‪ .‬فالغيغائي هو "حممد بن عبد‬
‫هللا بن الطالب سيدي مبارك بن احلاج علي بن أمحد بن حممد الغيغائي األصل‪ ،‬الوريكي‬
‫الدار‪ ،‬العمري النسب‪ .‬واعلم أن بعض النسابني رفع نسب أوالد عمرو إىل موالان إدريس بن‬
‫عبد هللا الكامل‪ ،‬فقال‪ :‬عمرو بن أمحد بن إدريس املذكور"‪.7‬‬
‫الرحالة نفسه‪ ،‬انتماؤه إىل البادية‬
‫فمما يُستنتج من هذا التعريف املوجز الذي ق ّدم به ّ‬
‫ئسكْتان‬
‫املغربية فضاء وجماال‪ .‬فهو من بلدة غيغاية‪ ،‬املنطوقة أمازيغيا ب ئغيغاين‪ ،‬تقع ما بني ْ‬
‫ن كيك (سكتانة) وئوريكن (اوريكة) حبوز مراكش‪ ،‬حيث "تنتظم سكناهم حول هنر ئغيغاين‬
‫الذي ينبع من سفوح توبقال الشمالية"‪ .8‬أما عن أصول القبيلة‪ ،‬فغيغاية بطن من بطون‬

‫نص الرحلة يف أصله خمطوط حمفوظ ابملكتبة الوطنية للمملكة املغربية حتت رقم ‪ 98‬ج يف ‪ 446‬صفحة من احلجم‬ ‫ّ‬
‫‪5‬‬

‫املتوسط‪ .‬وتوجد نسخة أخرى للمخطوط يف اخلزانة احلسنية حتت رقم ‪ ،10948‬يف ‪ 454‬صفحة من احلجم املتوسط‪.‬‬
‫وقد مت حتقيقه مرتني‪ :‬التحقيق األول‪ ،‬أجنزه حسن أنش اد يف إطار أطروحة انل هبا شهادة الدكتوراه‪ ،‬بشعبة التاريخ‪ ،‬كلية‬
‫اآلداب والعلوم اإلنسانية ابلرابط‪ ،‬السنة اجلامعية ‪ ،2006-2005‬بعنوان "رحلة الغيغائي حملمد بن عبد هللا الغيغائي‪،‬‬
‫دراسة وحتقيق"‪ .‬وصدر هذا العمل حتت عنوان "رحلة الغيغائي من أهم الرحالت احلجازية املغربية خالل القرن ‪ ،19‬حملمد‬
‫بن عبد هللا الغيغائي‪ ،‬كان حيا عام (‪ ،)1865/1282‬دراسة وحتقيق‪ ،‬وذلك ضمن إصدارات دار أيب رقراق للطباعة‬
‫والنشر ابلرابط‪ ،‬سنة ‪.2000‬‬
‫أما التحقيق الثاين‪ ،‬فأجنزه سليمان القرشي‪ ،‬ونشره بعنوان "من املغرب إىل احلجاز عرب أورواب ‪ ،1857‬حممد الغيغائي العمري‬
‫الوريكي"‪ ،‬وطبع سنة ‪ 2018‬عن دار السويدي للنشر والتوزيع‪ ،‬أبو ظيب‪ ،‬اإلمارات‪.‬‬
‫‪ 6‬حممد املختار السوسي‪ ،‬املعسول‪ ،‬ج ‪ ،9‬ص ‪.153‬‬
‫‪ 7‬سليمان القرشي‪ ،‬من املغرب إىل احلجاز عرب أورواب ‪ ،1857‬حممد الغيغائي الوريكي‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ 8‬علي صدقي أزايكو‪ ،‬رحلة الوافد‪ ،‬ص ‪.74‬‬

‫‪108‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫هنتانة‪ ،‬أكرب قبائل مصمودة يف العصر الوسيط‪ .9‬حنن إذن أمام رحالة أمازيغي اللسان‬
‫تعززه مؤشرات يف النص الرحلي من قبيل إشارته‬ ‫والنشأة حبكْم االنتماء القبلي واجملايل‪ ،‬وهذا ّ‬
‫إىل نظْم قصيدتني طويلتني ابللسان األمازيغي‪ ،10‬وأتثره يف أسلوب الكتابة بلغته األم‪ .‬يقول‬
‫يف هذا الشأن‪" :‬وكنت يف سفري يف املرة األوىل نظمت على لساين الرببري قصيدتني؛ األوىل‬
‫تدل على ما يقع من السرور للوفود عند رؤية املدينة املنورة ووصفها (‪)...‬؛ مث األخرى مثلها‬
‫صنفتها حني اخلروج من املدينة وتوديع الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وضمنتها تنقيل النور يف‬
‫آابء املختار (ص) من آدم عليه السالم إىل أبويه (‪ ،)...‬فهي يف غاية احلسن والرتكيب‬
‫وأنواع احملاسن واأللفاظ يف امللحون‪ ،‬وهي طويلة حنو ثالمثائة بيت"‪ .11‬إنه مؤشر قوي على‬
‫أمازيغية لسان الرحالة‪ ،‬بل ودوره يف تعزيز اإلبداع األديب ابللغة األمازيغية يف عصره‪ .‬ولو قُ ّدر‬
‫للقصيدتني مقاومة عوامل الضياع واالنداثر‪ ،‬لكان ضمن حصيلة تراثنا الشعري اليوم منوذج‬
‫متميز من التأليف الرحلي‪ ،‬شعر الرحلة ابللغة األمازيغية‪.‬‬
‫كما يُستنتج من التعريف املوجز أن الغيغائي يسعى إىل أتصيل نسبه الشريف‪ ،‬وإثبات أنّه‬
‫من ساللة يرتفع أصلها إىل إدريس بن عبد هللا الكامل‪ .‬ولعل النزوع حنو هذا النوع من‬
‫التأصيل ينطوي على هاج س البحث عن شرعية دينية مستمدة من آل البيت‪ ،‬ومن مث ما‬
‫وجيلّهم‪ .12‬إنه سند‬
‫يرتتب عنها من مكانة وامتياز يف وسط اجتماعي وثقايف يوقّر الشرفاء ُ‬
‫مي ّكن أصحابه من سلطة متعددة األبعاد‪ ،‬يظهر سحرها يف طريقة تلقي الناس ما يصدر عن‬
‫الشريف من قول أو سلوك أو عمل‪.‬‬
‫أما قراءة نص الرحلة وما حييل عليه من معطيات‪ ،‬فتمنحنا إمكانية استنتاج ثالثة أبعاد‬
‫مهمة ترسم صورة عن شخصية الغيغائي؛ يتعلق البعد األول ابلتكوين املوسوعي للرحالة‪ ،‬كما‬
‫تدل عليه غىن املصادر اليت يستمد منها معرفته (املصادر التارخيية والفقهية واألدبية وكتب‬
‫الرتاجم والطبقات‪ ،)...‬مث االستطرادات واملعلومات الكثرية واملتنوعة اليت أوردها يف رحلته‪.‬‬
‫ومما يعزز هذا األمر استعمال املؤلف ملؤشرات لغوية وتعبريية تربهن على موسوعيته‪ ،‬نذكر‬
‫منها العبارات اآلتية‪ ..." :‬يف خرب يطول بنا جلبه"؛ "‪ ...‬ولوال الطول لذكران ما وقع يف‬

‫‪ 9‬البيذق‪ ،‬أخبار املهدي بن تومرت وبداية دولة املوحدين‪ ،‬ص ‪ ،37‬هامش ‪.63‬‬
‫‪ 10‬من املؤسف أن القصيدتني اللتني نظمهما الرحالة ابللغة األمازيغية ضاعتا ومل يصلنا منهما شيء على غرار كثري من‬
‫النصوص اليت مل جتد طريقها إىل التدوين والتوثيق‪ ،‬كما هو شأن بعض املتون الدينية اليت وصلتنا خمطوطة‪.‬‬
‫‪ 11‬نص الرحلة‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ 12‬للتوسع يف مكانة األشراف ابملغرب يراجع‪ :‬خالد بن أمحد الصقلي‪ ،‬جوانب من اتريخ األشراف ابملغرب وحتقيق‬
‫أنساهبم‪ ،‬جملة الذخائر‪ ،‬ص ‪.18 -3‬‬

‫‪109‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫ذلك"؛ "‪ ...‬ولوال اإلطالة لكثرت األمثلة"؛ "‪ ...‬ونقتصر من كالمه‪ ،‬ونرجع عن سريه‪ ،‬إذ‬
‫حيتاج إىل أتليف مستقل"؛ "وحاصل األمر واختصاره أن"؛ "ونرجع بعون هللا إىل ما حنن‬
‫بصدده من الطريق"‪ .‬أما البعد الثاين يف شخصية الرحالة فريتبط بنزوعه الصويف الذي يعكسه‬
‫الكم اهلائل من أعالم التصوف املذكورين يف النص‪ ،‬وحرص الغيغائي على زايرة أضرحة‬
‫بعضهم يف منطلق الرحلة وأثنائها‪ ،‬واإلشادة هبم واإلعجاب بكراماهتم‪ .‬وأما البعد الثالث‬
‫الرحالة‪ ،‬ويتجسد يف مؤشرات منها‪:‬‬‫فيتمثل يف احلس البيداغوجي والذوق الفين عند ّ‬
‫ينم عن وعي الغيغائي أبمهية‬
‫– اعتماد الرسومات التوضيحية يف نص الرحلة‪ ،‬مما ّ‬
‫اخلطاب األيقوين والوسائط اجلمالية يف تقريب الفكرة أو املضمون إىل املتلقي‪ .‬من‬
‫هيكلي اببور البحر (الباخرة)‪ ،‬واببور الرب‬
‫ْ‬ ‫ذلك تعزيزه للرحلة برسومات تصور‬
‫(القطار) يف سبع قطع متتابعة؛ وشكْل مصور ْتني ملواد التلغراف؛ وصفة الكعبة‬
‫املشرفة واملسجد النبوي والبقيع‪.‬‬
‫– تفضيله للمطبعة املصرية يف سياق مقارنتها مبطابع اهلند وتركيا‪ ،‬بناء على معيار فين‬
‫مجايل‪ ،‬خلصه يف صحة منشوراهتا وجودة مدادها‪ ،‬منوها ابملصححني العاملني هبا‪.‬‬
‫– عنايته جبمالية املظهر وأتثري ذلك يف حتديد طبيعة السلوك لدى الناس وتشييد‬
‫متثالهتم‪ ،‬كما يتضح يف نُصحه للحاج بضرورة لبس الثياب احلسنة الفاخرة خاصة‬
‫عند ركوب "البابور"‪ ،‬وعند الدخول إىل مدائن الروم‪" ،‬وإذا رأوه نظيفا نقيا بثيابه‬
‫احلسنة وهيئته اجلميلة هابوه وعظموه ورفعوا ق ْدره وقضوا حوائجه‪ ،‬وأشاروا إليه‬
‫ابإلجالل‪ ،‬وإذا رأوه رث الثياب موسخا سخروا به وحقروه وهنروه" (ص ‪.13)63‬‬
‫ينتمي الغيغائي‪ ،‬من حيث الزمن التارخيي‪ ،‬إىل القرن التاسع عشر‪ .‬ففي أواسطه كانت‬
‫رحلتاه إىل احلج‪ ،‬األوىل سنة ‪1263‬هـ‪1847 /‬م‪ ،‬والثانية سنة ‪1274‬هـ‪1858 /‬م‪ ،‬مما يعين أن‬
‫والدته كانت على األرجح أواخر القرن الثامن عشر‪ ،‬خاصة وأنه أدرك الذين حجوا أثناء‬
‫محلة انبوليون على مصر (‪ ،)1801-1798‬كما يشري إىل ذلك يف رحلته‪ .‬ومل يرتك الرحالة‬
‫من آاثر شاهدة عليه سوى هذا النص الرحلي الذي انل إعجاب معاصريه‪ ،‬حىت إن عبد هللا‬
‫اجلشتيمي(‪1310-1224‬هـ) نظم قصيدة يقرظ فيها رحلة الغيغائي‪ ،‬استهلها بقوله "‪...‬‬
‫وبعد‪ ،‬فقد وق ْفت على ما صاغه صوغ الترب األمحر‪ ،‬ونظمه انتظام الدر واجلوهر أخوان يف هللا‬
‫وحمبنا من أجله الفقيه ذو امللكة أبو عبد هللا سيدي حممد بن عبد هللا الغيغائي التنصغريت‪ ،‬يف‬

‫‪ 13‬اعتمدان يف اإلحاالت اخلاصة ابالستشهادات املأخوذة من نص الغيغائي على ِّذكر رقم الصفحة مباشرة بعد االستشهاد‪.‬‬
‫واملرجع املعتمد هو التحقيق الذي نشره سليمان القرشي‪ ،‬واملذكور يف هامش سابق‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫رحلته للمشرق ذهااب وإاياب‪ ،‬فوجدهتا عدمية النظري‪ ،‬بديعة النقول والتحرير‪ ،‬حمتوية على أغرب‬
‫ال غرائب ملا تضمنته من تواريخ وأخبار وعجائب‪ ،‬وقد سلك فيها سبيل السالمة واالحتياط‪،‬‬
‫خالية من التعقيد واالطناب واالرتباط‪ .14"...‬تعكس هذه الشهادة النقدية يف حق الرحالة‬
‫من أحد علماء عصره‪ ،‬القيمة االعتبارية للغيغائي وسط جمايليه من مثقفي القرن التاسع عشر‬
‫وعلمائه من جهة‪ ،‬وأمهية نصه الرحلي‪ ،‬خاصة على مستوى ما حيمله من خطاب يتسم‬
‫ابلغرابة والفرادة كما سنرى ذلك بعد حني‪.‬‬
‫وأما من حيث الزمن الثقايف‪ ،‬فقد متيز عصر ّ‬
‫الرحالة الغيغائي بسمتني تعكسان حالة‬
‫التوتر اليت طبعت نفسية املغاربة وهم يسعون إىل جتاوز أزمات املاضي واملضي حنو املستقبل‪،‬‬
‫والقصد هنا إىل ِّمس ْيت االستنهاض واالنتكاس‪.‬‬
‫اجلهود املبذولة من قبل السلطان عبد الرمحان بن هشام‬
‫ُ‬ ‫فحالة االستنهاض‪ ،‬الشاهد عليها‬
‫من أجل النهوض ابلثقافة والعلوم يف املغرب‪ ،‬منطلِّقا من إصالح التعليم بوصفه مدخال‬
‫للنهوض املنشود‪ ،‬فأصدر ظهريه‪ 15‬املعروف حول إصالح نظام الدراسة والتحصيل جبامعة‬
‫القرويني‪ ،‬مما "يدل على إدراك عميق سليم"‪ 16‬متيز به السلطان يف نظرته إىل أمهية العناية‬
‫ابحلياة الفكرية ودورها يف مشروع إصالح اجملتمع‪ .‬وهكذا‪ ،‬انربى‪ ،‬بعد تسوية املشاكل‬
‫الداخلية واستتباب االستقرار‪ ،‬لتقومي ما الحظه من خلل يف مناهج التدريس يف هذه‬
‫املؤسسة العلمية اليت حيج إليها طلبة العلم من كل األحناء‪ .‬وكان للظهري السلطاين الذي نشره‬
‫"أتثري ظاهر يف إحياء علوم التفسري واحلديث‪ ،‬وإذكاء الرغبة فيهما (‪ )...‬وأتثر الفقه أيضا‬
‫وسرت فيه نسمة احلياة فلم يبق قاصرا على نصوص‬ ‫ْ‬ ‫بروح املنشور فانتعش بعد االنتكاس‪،‬‬
‫الفقهاء اجملردة‪ ،‬وأقوال اخلالفيني غري املسندة‪ ،‬وذلك بفضل انتشار كتب السلف واالطالع‬
‫على آاثر األقدمني مع حسن النظر يف الكتاب والسنة"‪ .17‬مل يقتصر األمر على املعارف‬
‫الدينية والعلوم الشرعية وحدها‪ ،‬بل امتدت العناية حنو اإلبداع األديب شعرا ونثرا‪ ،‬فنشطت‬
‫احلركة األدبية‪ ،‬وازدهرت الكتابة‪ ،‬خاصة على مستوى قرض الشعر ونظْمه‪ ،‬كما تؤكد ذلك‬
‫املصادر املتعلقة بتاريخ الدولة العلوية خالل القرن التاسع عشر‪ ،‬ويف مقدمتها كتاب اجليش‬

‫‪ 14‬حممد املختار السوسي‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪ 15‬حرر الظهري يف ‪ 12‬حمرم ‪1261‬هـ‪ /‬املوافق ل ‪ 20‬يناير ‪1845‬م‪.‬‬
‫‪ 16‬حممد األخضر‪ ،‬احلياة األدبية يف املغرب على عهد الدولة العلوية (‪ ،)1894-1664 /1311-1075‬ص ‪.390‬‬
‫‪ 17‬عبد هللا كنون‪ ،‬النبوغ املغريب يف األدب العريب‪ ،‬ص ‪.278‬‬

‫‪111‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫ملكني من ملوك الدولة العلوية ومها موالي‬


‫العرمرم الذي يُع ّد "أول مصدر مكتوب لتاريخ ْ‬
‫‪18‬‬

‫عبد الرمحان وابنه سيدي حممد"‪.19‬‬


‫وأما حالة االنتكاس‪ ،‬فمردها إىل أمرين اثنني‪ :‬أوال؛ تبعات اهلزائم العسكرية وتداعياهتا‬
‫النفسية‪ ،‬خاصة بعد معركة إيسلي اليت اهنزمت فيها القوات املغربية أمام فرنسا سنة‬
‫‪1260‬هـ‪1844/‬م‪ ،‬واليت كان من أسباهبا مناصرة القبائل املغربية يف احلدود الشرقية لألمري عبد‬
‫القادر اجلزائري يف مقاومته لالحتالل الفرنسي‪ .‬إن تداعيات هذه اهلزمية على املستويني‬
‫العسكري واالقتصادي‪ ،‬مث توتُّر العالقة بني املغرب ودول اجلوار األورويب بسبب احتالل‬
‫اجلزائر‪ ،‬كل ذلك جعل املغرب يدخل مرحلة جديدة يف اترخيه السياسي يطبعها الضعف‬
‫الرحالة‪ ،‬حالةً‬
‫والوهن‪ .‬وهكذا خلقت هذه الشروط التارخيية والسياسية اليت طبعت زمن ّ‬
‫سيكولوجية لدى املغاربة بفعل إحساسهم ابهلزمية من جهة‪ ،‬واستشعارهم األخطار واملصائب‬
‫توجه حنو املهادنة واجلنوح إىل السلم‪ ،‬عربت‬‫اليت هتدد كياهنم من جهة أخرى‪ ،‬فنشأ بذلك ّ‬
‫عنه كتاابت النخبة حينها‪ ،‬من علماء ومفكرين وأهل الرأي يف بالد املغرب األقصى‪" ،‬جتلى‬
‫حتولت هذه‬ ‫ذلك يف اخلوف من الغرب يف ميدان النزال الربي والبحري وغريها" ‪ .‬وقد ّ‬
‫‪20‬‬

‫اآلاثر السلبية عند بعض النخب‪ ،‬إىل عائق نفسي يؤثر بشكل مباشر يف تشييد رؤية اآلخر‬
‫عرب عن هذه احلالة يف نصه الرحلي قائال‪:‬‬ ‫ومتثل صورته‪ ،‬كما هو شأن حممد الغيغائي حني ّ‬
‫"ومن ذا خياصم النصارى اليوم ويغالبهم‪ ،‬لِّعلُّو كلمتهم وقوة شوكتهم يف البحار واملراسي‪ ،‬ويف‬
‫الثغور واملراسي" (ص ‪.)74‬‬
‫اثنيا ؛ تبعات اهلزمية النفسية‪ ،‬بفعل أتثري التفوق الغريب حضاراي‪ .‬فقد متيزت أورواب مطلع القرن‬
‫التاسع عشر ابنتشار نتائج الثورة الصناعية‪ ،‬وتوسع شبكة السكك احلديدية‪ ،‬وما يتصل هبا‬
‫من انتعاش األنشطة التجارية والصناعية وحركة النقل‪ ،‬وغري ذلك من مظاهر التقدم‬
‫والعصرنة‪ .‬وال شك أن هذه التحوالت اليت عرفتها املدنية الغربية‪ ،‬وحالة التفوق اليت تولدت‬
‫عنها‪ ،‬كان هلا وقع كبري يف طبيعة العالقة اليت نسجتها الدول األوروبية مع بلدان العامل‬
‫اإلسالمي خالل القرن التاسع عشر ابلذات‪ ،‬حيث "أخذت املدنية الغربية أتيت مثراهتا‪،‬‬
‫فاستخدمت القوة البخارية‪ ،‬مث القوة الكهرابئية‪ ،‬وتوصلت هبما إىل خمرتعات كثرية وعظيمة‪،‬‬

‫‪ 18‬أبوعبد هللا حممد أكنسوس‪ ،‬اجليش العرمرم اخلماسي يف دولة أوالد موالان علي السجلماسي‪.‬‬
‫‪ 19‬ليفي بروفنصال‪ ،‬مؤرخو الشرفاء‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪ 20‬أمحد كايف‪ ،‬مشاريع اإلصالح السياسي ابملغرب يف القرنني التاسع عشر والعشرين‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪112‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫قلبت األوضاع‪ ،‬وقربت األبعاد‪ ،‬ورفعت مقام الغرب عاليا"‪ .21‬وهكذا جتاوزت أبعاد هذه‬
‫النهضة وأتثرياهتا حدود اجملال األورويب لتصل إىل بلدان اجلوار‪" ،‬وكان املغرب‪ ،‬حبكم قربه‬
‫الشديد من أورواب‪ ،‬من بني الدول املتوسطية اليت كان عليها أن تواجه تلك املؤثرات وتتفاعل‬
‫معها‪ ،‬مبا ميكن أن يضمن هلا البقاء واحلفاظ على هويتها الثقافية واحلضارية"‪.22‬‬

‫النص الرحلي وعلّته‪ :‬الكتابة حتت الطلب‬


‫من األدبيات املعهودة يف التأليف الرحلي أن يستهل الرحالة حديثه بدواعي الرحلة‬
‫وأسباهبا‪ ،‬خاصة لما يتعلق األمر بصنف الرحالت احلجازية‪ .‬ويستفاد من سياقات النص‬
‫الرحلي للغيغائي أن دوافع رحلته إىل املشرق مؤطرة ابحلافز الديين‪ ،‬متمثال يف اقتناعه بوجوب‬
‫أداء فريضة احلج‪ .‬وقد صادف هذا االقتناع رغبة صديقه حممد بن املعطي السكرايت الوريكي‬
‫مرافقته إايه بتوصية من القائد إبراهيم بن سعيد األجراوي ابشا قصبة مراكش وقتها‪ ،‬كما‬
‫أكد ذلك بقوله‪" :‬وق ّدم إيل ‪-‬يقصد حممدا بن املعطي‪ -‬كتااب من حضرة الباشا األحب‬
‫األغر القائد إبراهيم بن سعيد األجراوي خبط كاتبه الظريف‪ ...‬أيمره بصحبيت يف الطريق‪،‬‬
‫وخيتارين على كل قريب وصديق‪ ،‬وذلك حني استأذنه يف السفر وأذن له واستحسن فعله"‬
‫(ص ‪)43‬؛ وبذلك انطلقت رحلته الثانية إىل احلج سنة ‪1274‬هـ‪1858/‬م‪ ،‬واليت تولّد عنها‬
‫النص موضوع املقال بوصفه رحلة حجازية‪.‬‬
‫مل يكتف الغيغائي بذكر أسباب الرحلة وحوافزها فقط‪ ،‬بل أخربان عن الدوافع الكامنة وراء‬
‫توثيقه رحلته وكتابتها نصاً من خالل حماورة يقول فيها‪" :‬ولست ممن جيمع التأليف‪ ،‬وال ممن‬
‫يقدر على السبح يف حبر التصانيف‪ ،‬وإمنا محلين على تقييدها ومجعها وتسويدها بعض‬
‫األحبة األجلة‪ ...‬منهم الفقيه العامل املشهور‪ ...‬أبو عبد هللا السيد حممد بن إبراهيم النظيفي‪،‬‬
‫األبر السيد علي بن إبراهيم‪ ...‬وغريهم‪ ...‬إذ قال يل‬
‫وأخوه الفقيه األستاذ األطهر األريب ّ‬
‫كل ما‬
‫األولون السيد حممد بن إبراهيم النظيفي وأخوه املذكور ومن معهما‪ :‬مالك ما قيّدت ّ‬
‫أقص عليهم بلساين ما رأيت يف سفري وما وقع يف زماين‪،‬‬ ‫فجعلت ّ‬ ‫ُ‬ ‫رأيت وما إليه وصلت؟‬
‫حصلته وحبثت عنه‬ ‫فقالوا‪ :‬هالّ كتبت ذلك ومجعت فيه كل ما استفدت ممن لقيت‪ ،‬وما ّ‬
‫وشاهدته‪ ...‬يكون ذلك رحلة ومؤلفا ينفعك‪ ،‬تذكر به املواضع املذكورة‪ ،‬وينفع من أراده‬
‫بعدك‪ ،‬فقلت كما قيل‪" :‬لقد حكيت ولكن فاتك الشنب"‪ .‬فاتين هذا اآلن‪ ،‬وإن رجعت‬

‫‪ 21‬حممد املنوين‪ ،‬مظاهر يقظة املغرب احلديث‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.9‬‬


‫‪ 22‬حممد القبلي (إشراف)‪ ،‬اتريخ املغرب – حتيني وتركيب‪ ،‬ص ‪.458‬‬

‫‪113‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫بعون هللا نفعل ما قلتم‪ ،‬غري أين لست أهال لذلك‪ ...‬ولـ ّما أحلّ علي األحبة املذكورون ذلك‪،‬‬
‫عن يل أن‬ ‫علي ابلعود والرجوع لتلك املراسم‪ّ ...‬‬‫من هللا ّ‬
‫بقيت متشوقا ملا هناك‪ ،‬إىل أن ّ‬
‫أساعفهم وأساعدهم‪ ،‬لعل هللا يكمل رجائي ورجاءهم‪ .‬ولـ ّما رأيت يف كتاب علم النصرة يف‬
‫حتقيق إمام البصرة لإلمام القاضي قال يف آخره‪ :‬روي عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من‬
‫ترك ورقة من العلم ينتفع به الناس حالت بينه وبني النار‪ّ .‬‬
‫فلعل أن يكون يف هذه املقالة‬
‫معزو ألصحابه‪ ،‬إال ما كان من أخبار الطريق‪ ،‬واخلرب‬‫بعض ذلك‪ ،‬إذ كثري ما يف هذه الرحلة ّ‬
‫كله أاي كان حيتمل األمريْن‪ .‬نسأل هللا تعاىل اإلعانة والتوفيق"(ص ‪.)35-33‬‬
‫يضعنا الرحالة هنا أمام أم ٍر ذي ابل‪ ،‬يتعلق مبسألة دوافع التأليف املعهودة يف الكتاابت‬
‫العربية القدمية‪ ،‬حيث كان املؤلفون يبسطون يف تصدير مصنفاهتم دواعي الكتابة والتصنيف‪،‬‬
‫يف سياق األدبيات املالزمة للتدوين والتأليف‪ .‬وقد صار هذا تقليدا متبعا يف آتليف املغاربة‬
‫خاصة يف ابب الرحالت احلجية‪ ،‬فصار األمر عتبة نصية يستهل هبا الرحالة تقييده رحلته‪،‬‬
‫يبسط فيها حوافز اخلوض يف الكتابة عن التجربة الرحلية‪ .‬وعلى سبيل املقارنة ميكن اإلحالة‬
‫على الرحالة العبدري احلاحي (ت ‪700‬هـ‪1300/‬م) يف رحلته املشهورة‪ ،‬اليت تعد من النصوص‬
‫املؤسسة ألدب الرحلة املغريب‪ ،‬واليت استهلها حبيثيات التأليف مربزا غايته ومنهجه يف ذلك‪:‬‬
‫ورسم ما تيسر رمسُه‬‫"فإين قاصد بعد استخارة هللا سبحانه‪ ،‬إىل تقييد ما أمكن تقييده‪ْ ،‬‬
‫وتسويده‪ ،‬مما مسا إليه الناظر الـمـُطرق يف خرب الرحلة إىل بالد املشرق‪ ،‬من ِّذكر بعض‬
‫ُ‬
‫أوصاف البلدان‪ ،‬وأحوال من هبا من ال ُقطان‪ ،‬حسبما أدركه احلس والعيان‪ ،‬وقام عليه‬
‫ابملشاهدة شاهد الربهان‪ ...‬مسطرا ملا رأيته ابلعيان‪ ،‬ومقررا له أبوضح بيان‪ ،‬حىت يكون‬
‫املتشوف‪ ،‬ويقف منه على بُغيته السائل‬
‫السامع لذلك كاملبصر‪ ...‬فتُشفى به نفس املتطلع ّ‬
‫تعرف ‪ ....‬وأضيف إىل ذلك ما يضطر إليه التبيان‪ ...‬حىت يكون التأليف يف اببه ُمغنيا‪،‬‬ ‫الـ ُم ّ‬
‫وعن االفتقار إىل غريه ُمستغنيا" ‪ .‬من الواضح إذن أن العبدري كان حمكوما ابلرغبة يف إنتاج‬
‫‪23‬‬

‫مرجع جامع مانع يف اببه‪ ،‬يق ّدم جلمهور القراء معرفة يقينية قائمة على املشاهدة والربهان‪،‬‬
‫بوصفهما مؤشرين قويني على صدق اخلرب ويقينه‪ ،‬مما يفرتض معه أن الرحالة يف تقييده كان‬
‫يصدر عن خطة للتأليف مرسومة مسبقا‪ ،‬مع ما يعنيه ذلك من تفكري ْقبلي يف اسرتاتيجيات‬
‫الكتابة والتلقي وفقا للسياق السوسيو‪-‬ثقايف للرحالة‪ .‬وإذا كان العبدري يرمي من وراء‬
‫مشروعه يف الكتابة عن الرحلة إىل حماولة إشفاء غليل ّقرائه‪ ،‬واالستجابة النتظاراهتم خبصوص‬
‫مشاهداته ‪ ،‬مع ما يستتبعه ذاك من ضمان وضع اعتباري لعمله هذا يف حقل التأليف يف‬

‫‪ 23‬رحلة العبدري‪ ،‬ص ‪.28‬‬

‫‪114‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫وصف البلدان وأحوال ساكنيها‪ ،‬فإن الغيغائي الوريكي خالف ذلك‪ ،‬مل يكن ليكتب أو‬
‫حىت ليف ّكر يف الكتابة‪ ،‬لوال أ ْن طُلب منه ذلك‪ ،‬إذ ليس من عادته الكتابة والتأليف‪ ،‬وبفضل‬
‫هذا الطلب (الكتابة حتت الطلب) صار يف ُمكنة األجيال الالحقة بعد جيل الرحالة‬
‫االطالع على نص رحلي‪ ،‬حيمل "وجهة نظر" الغيغائي حول أحداث الرحلة ومشاهداته‬
‫نصه أعاله‪ ،‬يكشف الغيغائي عن حافزين مهمني كاان وراء‬ ‫خالهلا‪ .‬هكذا‪ ،‬وانطالقا من ّ‬
‫والدة نصه الفريد يف الرحلة‪:‬‬
‫ومتصوفة‬
‫ّ‬ ‫األول حافز غريي؛ يتمثل يف االستجابة لطلب األحبّة (وهم خنبة من فقهاء‬ ‫ّ‬
‫عصره‪ )24‬الذين أحلّوا عليه ابلكتابة حىت يفيد الناس وخيربهم مبشاهداته رمبا يكون ذلك‬
‫"دليال" ينفعهم ويستأنسون به‪ ،‬خاصة ملن أراد خوض جتربة الرحلة من أجل احلج‪.‬‬
‫الثاين حافز ذايت؛ يكمن يف طمع الغيغائي يف النجاة من النار‪ ،‬انطالقا من حرصه على‬
‫تقاسم املعرفة مع اآلخرين‪ ،‬والتحرز من دائرة املوصوفني بكتمان العلم‪ ،‬كما يستفاد من‬
‫أصل به هذا احلافز‪.‬‬
‫احلديث النبوي الذي ّ‬
‫إهنا عملية مزاوجة‪ ،‬يف مقاصد التأليف املباشرة‪ ،‬بني حتقيق مصلحة غريية وأخرى ذاتية‪ ،‬مل‬
‫جيرؤ معهما الغيغائي‪ ،‬عكس العبدري‪ ،‬على تبين اإلطالقية يف املعرفة (ن ْقل اخلرب)‪ ،‬بل بقي‬
‫حريصا على مراعاة النسبية مهما كان اخلرب‪" :‬واخلرب كله أاي كان حيتمل األمريْن"‪ .‬هكذا‬
‫يتعزز تواضع املؤلف ومراعاة قدره‪ ،‬الذي يُستفاد من مفتتح مقاصد التأليف‪ ،‬ابحتمالية‬
‫القصور يف نقل اخلرب‪ ،‬مما يرسم جانبا آخر من شخصية الغيغائي العلمية‪ ،‬املتسمة ابلسمتني‬
‫املتأصلتني يف أخالق فقهاء البادية املغربية‪ .‬وموازاة مع ذلك‪ ،‬فإن توطئة الرحالة‬
‫املذكورتني ّ‬
‫احملكومة مبا هو بيداغوجي(مساعدة القارئ على فهم سياق التأليف)‪ ،‬تفتح اجملال لتمثّل‬
‫طبيعة العالقة املميزة اليت جتمع الغيغائي مبثقفي عصره‪ ،‬مبا يسمح ابلقول إن الرحالة كان‬
‫ابلفعل منوذجا جمسدا للتواصل العلمي بني مثقفي البادية ومثقفي املدينة (خنبة مراكش)‪ ،‬كما‬
‫تؤكد ذلك حيثيات التأليف الظاهرة‪ ،‬حيث كان حممد األمني الصحراوي "ومعه خنبة من‬
‫مراكش قد أحلوا على املؤلف يف تدوين أخبار رحلته‪ ،‬فجاء هذا االقرتاح يسم الكتاب بطابع‬
‫مصدر إعالمي موجه من البادية إىل املدينة املغربية‪ ،‬وابخلصوص يف النقط احلساسة من‬

‫‪ 24‬هذه النخبة هلا ابع يف املعارف الفقهية واللغوية والتارخيية وغريها‪ .‬وقد ترجم هلا مؤرخو ومرتمجو العصر‪ ،‬منهم العباس بن‬
‫حل مراكش وأغمات من األعالم"‪ ،‬وحممد غريط يف كتابه "فواصل اجلمان يف‬ ‫إبراهيم السماليل يف كتابه "اإلعالم مبن ّ‬
‫أنباء وزراء وكتاب الزمان"‪...‬‬

‫‪115‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫مشاهدات الرحالة اليت أاثرت اهتمامه‪ ،‬ويتعلق األمر حبديث الغيغائي عما عرفه أواسط القرن‬
‫التاسع عشر من تفوق منجزات أوراب التقنية‪ ،‬مث انعكاس ذلك على واقع املسلمني"‪.25‬‬
‫إن الوجه الظاهر يف علة التأليف ال ميكن أبي حال أن يكون مستغنيا بنفسه عن علة‬
‫ضمنية‪ ،‬تعكسها طبيعة اخلطاب احملمول يف النص الرحلي وأبعاده املتنوعة‪ ،‬وحتملنا على‬
‫وسوده الغيغائي‪ ،‬هل هو جمرد أتليف عن الرحلة إىل احلج‪،‬‬
‫االستفهام حول ما قيّده ومجعه ّ‬
‫ْيبسط معلومات حول الرحلة ومسارها‪ ،‬وما يلزم احلاج معرفته ألداء مناسكه‪ ،‬أم أنه كتاب‬
‫ينم عن وعي اترخيي بدور املثقف ومسؤوليته يف الكتابة عن عصره؟‬ ‫يف املعرفة ينتج خطااب ّ‬
‫نفسر تقاطع خطاابت معرفية كثرية داخل النص الرحلي للغيغائي؟ أليس ذلك دليال‬ ‫مباذا ّ‬
‫عل ى أن القصد الضمين من التأليف هو اإلسهام يف إنتاج املعرفة اخلاصة ابلعصر‪ ،‬على غرار‬
‫ما يفعله املؤرخ والفقيه واألديب وغريهم من خنب األمة ومثقفيها؟‬

‫الغيغائي ُمنتجا للمعرفة‬


‫ميثل خطاب الرحلة عند الغيغائي وجها من أوجه التفاعل بني املثقف املغريب من البادية‬
‫األمازيغية وسياقه احلضاري بشكل عام‪ ،‬حيث متثّل الرحالةُ وقائع عصره وأعاد صياغتها على‬
‫شكل معارف‪ ،‬تربهن على اخنراط مثقف البادية يف انشغاالت جمتمعه وسجاالته الفكرية‬
‫والدينية‪ ،‬مبا يف ذلك قضااي العالقة مع اآلخر األجنيب‪/‬الغريب‪ .‬ولعل الفضل يعود للغيغائي يف‬
‫وصف‬‫كونه "املغريب األول فيما يعرف حلد اآلن‪ ،‬الذي نشر ابملغرب يف القرن التاسع عشر‪ْ ،‬‬
‫تقنيات حديثة‪ ،‬الباخرة والتلغراف والقطار واملطبعة وسواها‪ .‬مث كان الرحالة يف طليعة املؤلفني‬
‫عرفوا بواقع املسلمني إزاء تفوق أورواب يف القرن ذاته"‪26‬؛ ويف هذا السبق دليل على‬ ‫الذين ّ‬
‫الوعي املبكر أبمهية املقارنة وجدواها يف رصد مظاهر النهوض والضعف احلضاريني لدى‬
‫الغرب والعامل اإلسالمي‪.‬‬
‫لقد كان الغيغائي صورة لعصره على مستوى النهضة الدينية والفكرية واألدبية‪ ،‬إذ مل تكن‬
‫إاثرته مثال لقضااي فقهية يف نصه الرحلي‪ ،‬واليت سيأيت ذكر بعضها‪ ،‬سوى حماولة لتوثيق‬
‫النقاش السائد يف األوساط الدينية والثقافية لعصره‪ ،‬وال ميكن أبي حال أن تُفصل تلك‬
‫القضااي عن السياق العام لزمن الغيغائي‪ ،‬من حيث انعكاس الوضع السياسي والعسكري‬
‫الذي أشران إىل بعض مالحمه‪ ،‬على السجاالت العلمية واألدبية والفقهية‪.‬‬

‫‪ 25‬حممد املنوين‪ ،‬الفقيه املنوين أحباث خمتارة‪ ،‬ص ‪.270‬‬


‫‪ 26‬م ن‪ ،‬ص ‪.269‬‬

‫‪116‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫وسم خطاب الغيغائي بكونه منتجا للمعرفة اإلشارةُ إىل طبيعة النص الرحلي‪،‬‬ ‫إن املراد من ْ‬
‫وما حيمله من معارف متعددة متزج بني أنساق نصية متباينة من حيث الوضع األجناسي‪ ،‬من‬
‫قبيل الشعر واحلكاية والسرية الذاتية وغريها من التعبريات املدرجة اترخييا يف خانة األدب؛‬
‫وأخرى خمتلفة من حيث تصنيفاهتا وموضوعاهتا‪ ،‬من قبيل التاريخ واجلغرافيا واإلثنوغرافيا‬
‫والفقه واحلديث واألخالق‪ ،‬وغريها من النصوص اليت حتيل على حقول معرفية كثرية‪ .‬وإذا‬
‫كان هذا الزخم املعريف احملمول يف نص الغيغائي دليال على البعد املوسوعي يف شخصيته‪،‬‬
‫لكون الرحلة "حافلة ابملعلومات التارخيية والسياسية واالجتماعية والفقهية"‪ ،27‬فإن اللجوء إىل‬
‫الرحلة كشكل للكتابة والتأليف‪ ،‬أسعف املؤلف يف بسط ذخريته املعرفية اليت اكتسبها من‬
‫مجعت بني خربته املستمدة من مساره العلمي وجتربته يف احلياة‪ ،‬وبني مشاهداته‬ ‫ْ‬ ‫مصادر‬
‫خالل جتربته الرحلية حنو الداير املقدسة‪ ،‬خاصة وأن الكتابة الرحلية هي من جنس األشكال‬
‫األدبية املنفتحة‪ ،‬اليت تستوعب خمتلف أجناس الكتابة وأنواعها وتتفاعل معها‪ ،‬وتعيد إنتاجها‬
‫ضمن سياقات تعبريية جديدة‪ ،‬حتددها طبيعة النص الرحلي ووقائعه‪ .‬ولعل هذه الطبيعة هي‬
‫اليت تش ّكل مصدر ثراء الكتابة الرحلية وغناها وجتعلها محالة خطاابت ومعارف‪ ،‬تصنع فرادة‬
‫الرحلة بني أشكال القول األديب املعهودة‪.‬‬

‫آليات تشييد املعرفة الرحلية‬


‫وسل إليها الغيغائي يف‬ ‫القصد يف هذا القول إىل مجلة املصادر واملسالك املنهجية اليت ت ّ‬
‫أتليف نصه الرحلي من جهة املعارف احملمولة فيه‪ ،‬مسيناها آبليات تشييد املعرفة‪ ،‬اعتبارا ملا‬
‫ملسناه عند الرحالة من وعي عميق أبمهية البُعد املنهجي يف حتري األخبار‪ ،‬وإثبات ِّصدقها يف‬
‫ودور ذلك كله يف بناء اسرتاتيجية فعالة على مستوى التلقي‪ ،‬أي االرتقاء‬ ‫الكتابة الرحلية‪ْ ،‬‬
‫خبطاب الرحلة إىل درجة التأثري واإلقناع‪ .‬وقبل التطرق إىل مناذج من املعارف املنتجة يف رحلة‬
‫الغيغيائي‪ ،‬يلزمنا اإلشارة إىل اآلليات املنهجية اليت شيّد هبا‪ ،‬وعليها‪ ،‬الغيغائي حمتوى رحلته‪،‬‬
‫حصر هذه اآلليات يف‪:‬‬‫انطالقا مما استنتجناه من طبيعة اخلطاب يف نصه الرحلي‪ .‬وميكن ْ‬
‫أوال‪ :‬املشاهدة واملعاينة؛ وهي من القواعد األساسية يف أدب الرحلة‪ ،‬عليها يقوم نقل‬
‫الوقائع ووصف املوجودات‪ .‬وقد حرص الغيغائي على أن يؤسس خطابه الوصفي على آليات‬
‫املعاينة كما تدل على ذلك مؤشرات كثرية يف النص‪ ،‬نذكر منها العبارات الدالة اآلتية‪:‬‬
‫"‪...‬وهذا ابملشاهدة واالختبار‪ ،‬وليس ابملقاولة والتذكار" (ص ‪)47‬؛ "وهذا الوصف موجود‬

‫‪ 27‬عبد اهلادي التازي‪ ،‬رحلة الرحالت‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬ص ‪.509‬‬

‫‪117‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫فيهم ُمشاهد ال يُنكر وال ُجياحد" (ص ‪)50‬؛ "وهذا قد رأيته بعيين وشاهدته من احلجاج‬
‫بنفسي" (ص ‪)63‬؛ "ولقد عاينت ذلك" (ص ‪)69‬؛ "وهااتن احلالتان شهدانمها معا" (ص‬
‫وصف هذا اجلامع‪ ،‬وقد قلنا إنه فوق الوصف‪ ،‬وقال الناس‪:‬‬
‫‪)72‬؛ "وهذا ما ظهر يل من ْ‬
‫ليس اخلرب كالعيان" (ص ‪... )112‬‬
‫اثنيا‪ :‬املقايسة واملقارنة؛ وهي قاعدة جليلة خاصة يف علم التاريخ‪ .‬وليس غريبا أن يعرتف‬
‫ابن خلدون بضرورهتا يف ميدان فن التاريخ‪ ،‬يقول "فلذا حيتاج صاحب هذا الفن إىل العلم‬
‫بقواعد السياسة وطبائع املوجودات‪ ،‬واختالف األمم والبقاع واألعصار يف السري واألخالق‬
‫والعادات والنحل واملذاهب وسائر األحوال‪ ،‬واإلحاطة ابحلاضر من ذلك‪ ،‬ومماثلة ما بينه‬
‫وبني الغائب من الوفاق‪ ،‬أو ْبون ما بينهما من اخلالف"‪ .28‬لقد استوعب الغيغائي أمهية‬
‫املقايسة ودورها الفعال يف تشييد التمثالت أو هدمها‪ ،‬فلجأ إليها بوصفها تصورا قائما على‬
‫رصد االختالفات بني ثقافتني أو جمتمعني‪ ،‬ومن مت إعادة النظر يف بعض املواقف اليت متثّـلها‬ ‫ْ‬
‫البعض جتاه موطن الغيغائي وثقافته‪ ،‬ولذلك جنده يُعلي يف سياق املقايسة من قيمة بلده يف‬
‫مقابل إبراز مشكالت اآلخر ومواطن ضعفه‪ .‬وهنا تش ّكل مدينة مراكش وبالد املغرب بؤرة‬
‫الرؤية اليت ينظر هبا الرحالة إىل اآلخر‪ ،‬وجيري من خالهلا مقايساته ومقارانته‪ .‬وهذه مناذج‬
‫ألوجه املقايسة اليت أقامها الغيغائي يف نصه الرحلي‪:‬‬
‫أرخص يف أحواز مراكش‪ ،‬وأغلى يف غريها من البقاع‬ ‫األقوات واألطعمة‬
‫"فليس يف هذه البالد اليت ذكران من بغداد إىل الشام واصطنبول والروم‪ ،‬حىت تونس وفاس‬
‫وغريها أرخص من هذه احلضرة احلوزية املراكشية زرعا وحلما ومسنا وفاكهة وزيتا‪ ...‬ويف هذا‬
‫الزمان اللحم مبصر أبربعة قروش‪ ...‬والسمن خبمسة أواقي‪ ...‬وكذلك بفاس يبلغ اللحم‬
‫ألربعة أواقي‪ ...‬واللحم اليوم مبراكش بثمانية أوجه إىل ستة‪ ...‬فانظر هذا الرخص من‬
‫اخلصب الذي خص هللا به هذه املدينة املباركة " (ص ‪)49 ،48‬‬
‫أرخص يف مراكش وأغلى يف مصر‬ ‫البهائم وعلفها‬
‫املسن يف مصر مبائتني رايل إىل ثالمثائة رايل‪ ،‬والبغلة كذلك‪ ،‬واحلمار بستني‬
‫"جتد الفرس ّ‬
‫رايال‪ ،...‬وقد وقع الغالء يف البهائم مبراكش حىت بلغ احلمار اجليد الستني والسبعني إىل‬
‫التسعني ال غري‪ ،...‬وكذلك علف الدواب مبراكش ونواحيها أكثر وأرخص مرمى به يف‬
‫األرض واخلالء‪ ،‬ولقد جتد الزرع مبصر والصعيد تتعجب من أكداسها وتدخل البقعة اليت‬

‫‪ 28‬ابن خلدون‪ ،‬املقدمة‪ ،‬ص ‪.115‬‬

‫‪118‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫حتك به أذنك‪ .‬وتدخل الدشور واملدن والفنادق‪ ...‬فال‬ ‫أزيل منها الزرع‪ ،‬فما ترى فيها ما ّ‬
‫ترى تبنة وال حصيدة وال ربيعة ايبسة‪ ،‬وتبيت اإلبل مبنزل من املنازل وتصبح وال ترى فيه ما‬
‫تنقي به أسنانك‪ ...‬وبالدان املغربية لو أزيل الزرع من فدان لبقيت احلصيدة واخلصب أتكل‬
‫منه البهائم عاما كامال‪ ،‬وهذا يدل على أن هذه البالد أوسع وأخصب وأرخص وأجود‬
‫وأسخى وأنعم من تلك البالد" (ص ‪)50 ،49‬‬
‫االخنداع ابملظاهر‬ ‫الروم واملسلمون‬
‫"فإهنم –يقصد الروم‪ -‬يسخرون مبن رأوه مسكينا غري متجمل ابلثياب الرفيعة النقية‪ ،‬وحنن‬
‫معاشر اإلسالم إذا رأينا املسلم رث الثياب أو ليس له ثياب نظن به خريا أو نقول زاهدا أو‬
‫مسكينا‪ ،‬والكفار لعنهم هللا املسكني عندهم حمقور ومهجور" (ص ‪)63‬‬
‫تفو ُق السلطان املغريب على السلطان العثماين يف تدبري العالقة مع‬
‫ّ‬ ‫السياسة والرايسة‬
‫اآلخر‬
‫"ولكن هذا السلطان ‪-‬أي عبد احلميد‪ -‬دفع بعض ذل (املسكوف) – أي الروس– وجلب‬
‫لنفسه ومملكته ذليلني من هذين اجلنسني أذهلما هللا‪ ،‬حيث استعان هبما وأطلعهما على‬
‫عورته‪ ،‬أدام هللا لنا حياة سلطاننا اإلمام اهلمام موالان عبد الرمحان بن هشام‪ ،‬وواصل عزه‬
‫وخلد ملكه‪ ،‬ألنه رضي هللا عنه اشتغل ابملكائد العقلية واحليل الفكرية مع هؤالء األرجاس‬
‫الكالب الضارية األجناس‪ ،‬وحيله معهم صانه هللا فائقة‪ ،‬وخدائعه هلم رائعة" (ص ‪)81‬‬
‫عزة املغرب يف مقابل ذل املشارق وغريهم‬ ‫العالقة مع الروم‬
‫"وكذلك بلدان املغرب اجلواين فإنه منور من النور النبوي ومصون ابلسر اإلهلي‪ ،‬ال بقوة وال‬
‫بعدة‪ ،‬بل بربكة األولياء املوجودين به إىل غابر الدهر‪ ،‬وما سوى ذلك قد عمه ذل الروم‬
‫سيما املشارق كلها وبالد الرتك والعجم‪ ...‬فمن رأى املشارقة وغريهم وما هم فيه من الذل‬
‫للنصارى يتعجب وحيمد هللا تعاىل ويشكره على سكناه هبذا الغرب اجلواين‪ ،‬ويبالغ يف خدمته‬
‫ونصره هلذا السلطان الشريف احلسين" (ص ‪)108‬‬
‫الوحدة الدينية يف املغرب مقابل التفرقة املذهبية يف املشرق‬ ‫اجملال الديين‬
‫"وهذا الغرب اجلواين سلطانه علوي شريف‪ ،‬ودين واحد منيف‪ ،‬ومذهبه مذهب واحد‪...‬‬
‫وأما أهل املشرق فأمم كثرية‪ ،‬وطوائف متفرقة‪ ،‬وأداين خمتلفة واعتقادات فاسدة وأحكام‬
‫متباينة" (ص ‪)125 ،124‬‬

‫‪119‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫اثلثا‪ :‬الرواية؛ وترتكز آلية الرواية عند الغيغائي على خاصيتني‪ :‬أوالمها املقابلة املباشرة‪ ،‬حيث‬
‫حيرص الرحالة على استقصاء املعلومات واألخبار من األشخاص مباشرة‪ ،‬فينقل احلوارات اليت‬
‫جيريها معهم يف موضوعات شىت؛ واثنيتهما أن الرواية عنده ال تُبىن للمجهول إال ما ندر‪ ،‬بل‬
‫يُسند كل قول لقائله فيحرص على ذكره ابالسم أو الصفة أو ما يشري إىل صحة اخلرب املنقول‬
‫عنه‪ .‬ومم ا استعمله الغيغائي من العبارات الدالة على الرواية ابخلاصيتني املذكورتني‪،‬‬
‫امللفوظات اآلتية‪ ..." :‬فإان سألنا املتزوجني مبصر فقالوا‪( "...‬ص ‪)114‬؛ " وقال لنا الفقيه‬
‫ابن الطوير‪( "...‬ص ‪)114‬؛ "فسألنا عن هذه العادة فقالوا‪( "...‬ص ‪)127‬؛ "وقد ذكر لنا‬
‫الفقيه الطويب‪( "...‬ص ‪)126‬؛ "على ما حكاه لنا الفقيه سيدي حممد بن عبد هللا املغريب‬
‫ابإلسكندرية" (ص ‪)130‬؛ "وذكر لنا هذا أهل اإلسكندرية" (ص ‪)131‬؛ "إذ مسعناه ممن‬
‫حضره مثل الشيخ الفقيه أيب عبد هللا املراكشي‪ ...‬ومثل الشيخ حممد اإلسكندري كالمها‬
‫ثقة" (ص ‪.)133‬‬
‫رابعا‪ :‬التوثيق؛ فباإلضافة إىل إسناد اخلرب إىل صاحبه على مستوى الرواية‪ ،‬جند حرص‬
‫الغيغائي الشديد يف كتابته الرحلية على توثيق جممل املعطيات واإلفادات اليت يوردها يف نصه‪،‬‬
‫سواء تعلقت مبا شاهده أثناء الرحلة‪ ،‬أو ما ُحكي له من مرافقيه أو ممن التقى هبم أو زارهم‬
‫خالل سفره‪ ،‬أو ما استذكره واسرتجعه يف نطاق االستدالل على أمور حتتاج إىل دليل‪ ،‬أو‬
‫سياق املقايسة‪ ،‬أو ما أورده من استطرادات وشواهد شعرية أو نثرية أو غري ذلك‪ ،‬فينسب‬
‫ومرجحا‬
‫كل شيء إىل مصدره‪ .‬وقد سلك الرحالة منهجا خاصا يف نقل اخلرب وإثباته متحراي ّ‬
‫بشكل عقالين‪ ،‬كما يُستنتج من قوله "وهذا اخلرب نسرده وخنتصره حبول هللا‪ ،‬إذ فيه للناس‬
‫أقوال‪ ،‬ونذكر منه إن شاء هللا ما حتقق خربه وتكرر وشاع عند أهل العقل‪ ،‬واملعتنني ابملعرفة‬
‫واألحوال والنقل‪ ،‬مثل أهل مكة وغريهم من أهل البلد‪ ،‬إذ سألنا كل واحد حىت حترر عندان‬
‫وحتقق لدينا منه ما يكفينا من أمر ذلك‪( "...‬ص ‪)152‬؛ ومن قوله أيضا "‪ ...‬على ما‬
‫حكاه الناس من ذلك‪ ،‬وتكرر لدينا‪ ،‬ومسعناه من غري واحد ممن له عقل وخربة ومعرفة‪...‬‬
‫فأخذان من اخلرب ما اتفقوا فيه‪ ،‬وتركنا ما اختلفت به األقوال‪ ،‬وكثر فيه اللغط واألحوال"‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬االستقصاء والدقة يف الوصف؛ وهي آلية تنم عن دقة املالحظة عند الغيغائي‪،‬‬
‫وقدرته الفائقة على التقاط اجلزئيات والتفاصيل‪ ،‬وتقدميها إىل املتلقي أبسلوب جيعله ميسك‬
‫مبكوانت املوصوف وكأنه يراه رأي العني‪ .‬ت ّبني ذلك بوضوح يف الوصف اإلثنوغرايف الذي‬
‫خص به خمتلف الشعوب والثقافات واألمصار اليت مر منها أو صادفها يف رحلته‪ ،‬ويف‬
‫الوصف الذي خص به منجزات أورواب التقنية‪ ،‬بشكل يدل على معرفته الذكية والعميقة‬
‫وصفه الدقيق على الوسائل التقنية واملنجزات‬
‫بواقع أورواب املتقدمة‪ .‬يف هذا الصدد انصب ْ‬

‫‪120‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫اآلتية‪ :‬البابور (الباخرة) واببور الرب (القطار) والسلك (التلغراف) واملطبعة ومعامل الفحم‬
‫احلجري‪ .‬ففي وصفه للبابور مل يكتف بذكر ما التقطته عينه وهو يف الباخرة‪ ،‬إمنا عزز خطابه‬
‫الوصفي بذكر مجلة من املعطيات اليت تندرج يف ابب الثقافة اخلاصة ابلباخرة‪ .‬ولو أعدان‬
‫ترتيب مكوانت الوصف لوجدانها مشلت‪ :‬اتريخ ظهور البابور؛ قصة ابتداع البابور؛ صانع‬
‫البابور؛ الشركة صاحبة البابور؛ حقوق امللكية الصناعية؛ طريقة تشغيل البابور؛ املكوانت‬
‫والعناصر املوجودة فيه؛ العاملون فيه؛ مثنه؛ شروط ركوبه؛ أصناف اخلدمات فيه؛ الضيق‬
‫واحلرج الذي حيصل عند ركوبه؛ أجواء املرح فيه؛ احتكاره يف البداية من لدن امللوك وانتقاله‬
‫يف ما بعد إىل التجار ؛ عالقة املغاربة ابلبابور؛ مسارات البابور البحرية‪ ...‬وقد فعل الشيء‬
‫الرب‪ ،‬حيث ركز على تسمياته وطريقة اشتغاله‪ ،‬ونقل‬ ‫نفسه يف وصف القطار الذي مساه اببور ّ‬
‫تفاصيل وجزئيات عن سكة القطار من حيث وضعُها ومكوان ُهتا‪ ،‬وكأنه متخصص يف صناعة‬
‫هذا النوع من التقنيات‪.‬‬
‫نت اآلليات املذكورة الغيغائي من االمتالك اجليد ملوضوعه‪ ،‬وتقدميه من خالل‬‫لقد م ّك ْ‬
‫خطاب أديب رتّب فيه جمموع املعارف اليت حرص على إيصاهلا إىل املتلقي‪ ،‬مستثمرا ذخريته‬
‫املعرفية املكتسبة يف جماالت خمتلفة‪ ،‬مما جعل نصه الرحلي مصدرا من مصادر معرفة العصر‬
‫وأحواله‪ ،‬كما يتضح من العناوين اآلتية‪:‬‬

‫املعرفة التارخيية‬
‫يكتشف الناظر يف اخلطاب الرحلي للغيغائي أن املؤلف وهو يكتب رحلته كانت حتركه‬
‫اتب عن‬‫هواجس متعددة يف مقدمتها هاجس التأريخ مبعناه الشامل‪ ،‬فيتحول الرحالة من ك ٍ‬
‫الذات موثٍّق لتجربتها الرحلية‪ ،‬إىل مؤرخ حيرص على أن يكون صاحب شهادة اترخيية‪،‬‬
‫يستجمع فيها كل املعطيات اليت تفيد يف وضع اتريخ عام للمجتمعات واألنظمة اليت حظيت‬
‫ابهتمامه خالل السفر‪ .‬وقد أثرى هذا اهلاجس التارخيي املعارف اليت نقلها الغيغائي‪ ،‬وجعلها‬
‫جعلت من نصه مصدرا مهما يف التاريخ أبنواعه املتعددة‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫تالمس جوانب وأبعادا متنوعة‬
‫التاريخ السياسي‪ ،‬والتاريخ الديين‪ ،‬والتاريخ االجتماعي‪ ...‬إن انفتاح النص الرحلي واستيعابه‬
‫ألجناس القول وأشكاله املتباينة‪ ،‬فسح اجملال أمام الغيغائي لتقدمي معطيات اترخيية على‬
‫صبغت نصه بطابع الوثيقة التارخيية‪ ،‬حيث صار املتلقي أمام نص متعدد‬‫ْ‬ ‫شكل استطرادات‬
‫األصوات‪ ،‬يتجاور فيه صوت الرحالة األديب مع صوت الفقيه وصوت املؤرخ وصوت‬
‫اإلثنوغرايف‪...‬‬

‫‪121‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫ولعل أبرز مثال على شهادة الغيغائي التارخيية أنه كتب عن وقائع مبكة بوصفه شاهد‬
‫عيان على بعضها‪ ،‬وحمققا ومدققا يف ن ْقل ما رواه الناس له مما مل يكن عليه شاهدا‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫"ووجدان ابلينبوع خرب ما وقع جبدة يف آخر شوال عام ‪1274‬ه‪ ،‬وهذا الواقع الذي وقع جبدة‬
‫هال الناس هوال عظيما وخافوا منه ّبرا وحبرا‪ ،‬وذلك أن أهل جدة قتلوا النصارى املعاهدين‬
‫عندهم اجلالسني وكالء للخرب والتجارة‪ ،‬وسبب ذلك أن رجال من أهل اهلند أو اليمن من‬
‫عدن‪ ،‬وهو فم اهلند اليت ملكها يف هذا الوقت اجليل النكليزي منذ سنني‪ ،‬وكان يتجر مع‬
‫رجل من النصارى ويسافر معه‪ ،‬وهلذا الرومي سفينة‪ ،‬وللرجل املسلم غالم ملكه على العادة‪،‬‬
‫وجعل يسافر ويتجر يف البحر أعواما فأعتقه سيده وملك أمواال من البحر ألنه رئيس معلم‪،‬‬
‫ومات سيده وبقي يتجر مع الرومي املذكور‪ ،‬فلما كان يف هذا العام قام هذا اململوك املعتوق‬
‫فنبذ دين النصارى ونبذه إايه ونصر السلطان عبد اجمليد‪ ،29‬ونزع من سفينته عالم‪ 30‬الروم‬
‫وعلق هبا عالم السلطان املذكور‪ .‬فلما رجع من سفره إىل جدة نظر صاحبه إىل السفينة وإذا‬
‫فيها عالم اإلسالم‪ ...‬وعمد إىل السفينة وكسر عالم السلطان‪ ...‬ووصل هذا اخلرب‬
‫املسلمني‪ ...‬ودخلتهم الغرية اإلسالمية‪ ...‬فلما شاع عند الناس أن كبريهم هو الذي أمره‬
‫بفعله ذلك‪ ...‬راودوا الباشا أن يرتكهم يشفون غيظهم منهم‪ ...‬وأرسل إليهم هو عسكريني‬
‫فضرهبما الرومي القنصو‪ 31‬ابلرصاص من داخل داره‪ ،‬فحينئذ اجتمع املسلمون ودخلوا‬
‫عليه‪ ...‬وملا قتلوهم عمدوا إىل دايرهم وأمواهلم فنهبوها عن آخرها‪ ...‬وملا قدم الباشا الكبري‬
‫من مكة وجد هذا الواقع واألمر املفضح قبض من حضر القتل ومن ابشره‪( "...‬ص ‪،150‬‬
‫‪.)151‬‬
‫وبعد سرد الوقائع ابلتفصيل‪ ،‬واليت تصرفنا يف نقلها‪ ،‬ع ّقب على ذلك بقوله‪" :‬ووقوع هذا‬
‫يف آخر شوال املذكور‪ ،‬وبعضه يف أايم التشريق والناس مبىن‪ ،‬والبعض وقع يف آخر الشهر من‬
‫ذي احلجة‪ ،‬ونسرده إن شاء هللا متواليا ابختصار‪ ،‬إذ كان منه ما وقع قبل وصولنا كقتل‬
‫النصارى املذكورين‪ ،‬ومنه ما وقع وحنن مبكة مثل ضرب النصارى إايها ابملدافع‪( "...‬ص‬
‫سرد‬
‫‪ .)152‬وبعد أتكيد الرحالة على منهجه الدقيق يف نقل اخلرب وروايته‪ ،‬اسرتسل يف ْ‬
‫تدخل السلطان وإعطائه األمر إبلقاء القبض‬ ‫تفاصيل املعركة وما ترتب عنها‪ ،‬خاصة بعد ُّ‬
‫على من قتلوا الروم من املسلمني‪ ،‬إىل أن يقول‪" :‬وملا رجعنا من زايرة املدينة املنورة ورسول هللا‬
‫(ص) سيد ا لربرة‪ ،‬ووردان ينبوع البحر‪ ،‬التقينا من سجناء أهل جدة ستة وثالثني رجال‪ ،‬كل‬

‫‪ 29‬اخلليفة العثماين السلطان عبد اجمليد (‪1861-1823‬م)‪.‬‬


‫‪ 30‬يقصد راية الروم‪.‬‬
‫‪ 31‬القنصل اإلجنليزي جبدة‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫اثنني منهم يف كبل واحد‪ ،‬قدم هبم ابشا وارد من طرف السلطان محلهم إىل اصطنبول‪ ،‬وركبنا‬
‫معهم يف البابور الوارد من جدة محل احلاج ومحل معه هؤالء السجناء‪( "...‬ص ‪.)155‬‬
‫ومن مآيت غىن نص الغيغائي ابألخبار التارخيية‪ ،‬حرصه على التعريف ابلسالطني‬
‫هم ابحلديث عن بلدة‪ ،‬أو مجاعة بشرية‪ ،‬أو عمران‪ ،‬أو عادة اجتماعية‬ ‫واألنظمة كلما ّ‬
‫وثقافية معينة‪،‬كما يف سياق تفسريه ألصل اللباس األسود وانتشاره مبصر‪ ،‬وإحالته على اتريخ‬
‫ابن خلدون يف ترمجته لصالح الدين األيويب‪ ،‬قائال‪" :‬وصالح الدين بن أيوب املصري قدس‬
‫هللا روحه ونور ضرحيه‪ ،‬مكث يف اخلالفة حنو أربع وعشرين سنة كلها يف الفتوحات ابلشام‬
‫وأحوازها‪ ،‬وهو الذي أخرج اإلفرنسيس من دمياط بعدما أخذها وحصنها وكسر عساكره‪،‬‬
‫وقبض ملكهم وسجنه بدار الطواشي بدمياط حىت أخذ فيه أمواال وأسارى‪ .‬ومن أراد فضائل‬
‫هذا اخلليفة وسريته‪ ،‬فليطالع اتريخ ابن خلدون‪ ،‬فإنه استوىف أخباره" (ص‪ .)116‬وكذلك‬
‫الشأن يف حديثه عن بالد مصر بوصفها حمطة مهمة يف مسار الرحلة‪ ،‬جنده ينقاد حنو السرد‬
‫التارخيي‪ ،‬فيخصص صفحات ي ْذكر فيها ُحكم حممد علي ابشا وخلفائه‪ ،‬وما متيزوا به من‬
‫خصال سياسية واجتماعية وغريها‪.‬‬

‫املعرفة الدينية‬
‫يش ّكل هذا النوع من املعرفة مصدرا من مصادر غىن رحلة الغيغائي وعالمة مميزة هلا‪،‬‬
‫ابعتبار ما حتيل عليه من إفادات هلا قيمتها على مستوى فهم اإلطار الفكري والروحي احملدد‬
‫لعالقة الرحالة بعصره‪ .‬ولعل أصول اخللفية املعرفية للغيغائي‪ ،‬وطبيعة شخصيته امليالة إىل‬
‫اخلطاب الديين‪ ،‬ح ّفزا الرحالة حنو بناء جزء من خطاب رحلته على قضااي وإشارات من‬
‫صميم انشغاالته الدينية بشكل عام‪ .‬وانطالقا من رصدان لتجليات اخلطاب الديين ومكوانته‬
‫يف النص‪ ،‬ميكن إعادة تركيب احلضور القوي هلذا النسق املعريف وفق مكو ْنني نعتربمها دليال‬
‫على النزوع الديين للكتابة عند الغيغائي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬النزوع الفقهي من خالل احلضور الالفت لفقه النوازل يف الرحلة‪ ،‬بوصفه جماال من‬
‫جماالت نبوغ خنبة الفقهاء املغاربة‪ ،‬خاصة يف بالد سوس وأحوازها‪ .‬يتضح هذا اجلانب يف‬
‫وقائع وأحداث من قبيل ُحكم الشرع يف ركوب البابور‪ ،‬ابعتبار ما الحظه الرحالة من مظاهر‬
‫االزدحام والضيق أثناء الصعود إليه‪ ،‬وانتشار األوساخ والنجاسة فيه‪ ،‬وما يرتتب عن ذلك من‬
‫استحالة قيام الفرد بواجبه الديين‪ ،‬أو قضاء حاجته الطبيعية‪ .‬وقد استغرب الغيغائي عدم‬
‫تؤدى إال ابلطهارة‬
‫الركاب ألداء الصالة يف وقتها "ظنّا منهم أن الصالة ال ّ‬‫انضباط بعض ّ‬

‫‪123‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫الكاملة بدانً وبُقعةً‪ ،‬وال ينظرون إىل الضرورة وأهنا تبيح احملظورات‪ ،‬فيرتكون الصالة رأساً حىت‬
‫خيرجون" (ص ‪ .) 65‬يف سياق هذا الوضع املأزوم يف البابور‪ ،‬أورد الرحالة حكما فقهيا يف‬
‫النازلة يتعلق بتحرمي ركوب البابور على هذه الشاكلة‪" ،‬فقيل حيرم ركوبه على هذه الوجوه‬
‫كلها كما أفىت به شيخ وقته‪ ...‬أبو عبد هللا عليش شيخ املالكية استفتيناه يف ذلك فأفىت‬
‫بتحرمي ركوبه على هذه الكيفية" (ص ‪.)65‬‬
‫ومن القضااي الطارئة ضمن مستجدات العصر اليت وقف عندها الرحالة وتناوهلا خبلفية‬
‫الشاي ومدى مشروعيته من الناحية الدينية‪ .‬فقد اضطر الغيغائي إىل‬ ‫فقهية‪ ،‬قضية ُشرب ّ‬
‫استدعاء األدلة يف سبيل التأصيل الشرعي هلذه املادة اليت هي جزء من نظام األطعمة‬
‫املوصوفة يف نص الرحلة‪ ،‬مبا هي دليل على نعم هللا على الناس يف ظل سلطان اإلسالم‬
‫املعظم ابن هشام‪" ،‬ومن مجلة هذه النعم العظام‪ ...‬هذا األاتي (الوندريز) املشروب اللذيذ‬
‫العزيز‪ ،‬الذي سنح به الوقت‪ ،‬وعجز عن إحصاء وصفه القول والنعت‪ ،‬وهو شراب مباح‪،‬‬
‫من هللا به على عباده املومنني فاستغنوا به من فضله العميم عن‬
‫وال إمث فيه وال ُجناح‪ ،‬الذي ّ‬
‫لعم شراب األقداح جل البطاح" (ص ‪ ،)56‬مث أورد‬ ‫شراب اخلمر‪ ،‬ولوال جوده بوجوده ّ‬
‫قصيدة شعرية للفقيه احلاج محدون الفاسي (ت‪1817 .‬م) أنشدها للسلطان موالي سليمان‬
‫بعدما اراتب يف ُشرب الشاي‪ ،‬وع ّقب على القصيدة بقوله "إىل غري ذلك مما قيل فيه من‬
‫األشعار واألقوال يف إابحته وأصله" (ص ‪.)56‬‬
‫وحكم الشرع يف التدخني‪،‬‬ ‫ومما استأثر ابهتمام الرحالة حتليال وتعليال‪ ،‬مسألة الدخان ُ‬
‫تلكم املسألة اليت انلت جهدا معتربا من االنشغال الفقهي للغيغائي‪ ،‬حيث أفرد هلا فصال‬
‫خاصا‪" :‬يف ِّذكر الدخان وهي التباغا عندان‪ ."...‬فبعد أن ق ّدم ما يشبه وصفا أنثروبولوجيا‬‫ّ‬
‫للدخان‪ ،‬سرد مجلة من اآلراء واالجتهادات الفقهية حول التدخني‪ ،‬مع ْميله إىل الرأي الذي‬
‫حيرم الدخان‪ ،‬كما جتلى يف تعقيبه على احلجاج املغاربة الذين يُنكرون على املشارقة‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫وحتديدا املصريني‪ُ ،‬شرهبم للدخان‪" :‬وأما أصحابنا أهل املغرب من احلجاج فإهنم إذا رأوهم‬
‫وما هم عليه من شراب هذا الدخان ينكرون عليهم ويكرهوهنم غاية الكره‪ ...‬ويضحكون‬
‫ممن يشربه من فقهائهم‪ ...‬فإذا قلت هلم الدخان ليس حبرام‪ ،‬وإمنا هو مكروه أو مباح حبسب‬
‫اجتهاد الفقهاء يكفرونك أو يزندقونك‪ ،‬وذلك لقلته أو عدمه ببالدهم‪ ،‬سيما جبال دران‬
‫[يقصد‪ :‬درن]‪ ،‬وشاع عندان ابملغرب‪ ،‬عند العامة‪ ،‬ما صدر عن شيخنا اإلمام ابن انصر‬
‫رضي هللا عنه يف كراهيته ملن يستعمله‪ ،‬وذلك ملا أدى إليه اجتهاده‪ ،‬وبنوا عليه أقواال وصرحوا‬
‫بتحرميه بال دليل من كتاب وسنة صحيحة إال ما كان من النقول الضعيفة أو الباطلة من‬
‫األوراق احملرفة أو املصحفة"(ص ‪ .)119‬ولقد كان موقف املغاربة هذا مناسبة استصحب فيها‬

‫‪124‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫الغيغائي آراء الفقهاء بشكل مفصل‪ ،‬وأبسلوب يزاوج بني البُعد األنثروبولوجي والبُعد الفقهي‬
‫يف موضوع الدخان والتدخني‪ .‬ومما يلفت النظر يف هذا السياق الفقهي‪ ،‬النزعة النقدية اليت‬
‫متيّز هبا الغيغائي يف تقييم موقف املغاربة من التدخني‪ ،‬مزيال القناع عن وجه التناقض يف‬
‫ُحكمهم على األشياء دون االنتباه إىل أمهية تقدير األحكام الشرعية وفقا للقواعد الفقهية‬
‫املشهورة‪ .‬وهكذا برر الرحالة إسهابه يف هذا اخلطاب الفقهي برغبته املبطنة يف إعادة ترتيب‬
‫مراتب األحكام يف ذهنية املغاربة‪ ،‬واستشعارا منه خلطورة انقالب موازين احلكم يف‬
‫أكثرت الكالم يف الدخان لِّما رأيت من أصحابنا املغاربة ينكرون‬ ‫مستجدات العصر‪" :‬وإمنا ْ‬
‫عليهم غاية اإلنكار كما قلنا‪ ،‬ويرون شراب الدخان من أكرب الذنوب‪ ...‬ودليله أهنم يهيّنون‬
‫السرقة والنهب والغيبة والزان وخطف أموال الناس واملضاربة‪ ،‬وهذه األشياء كلها أعظم من‬
‫شرب الدخان‪ ،‬وهي عندهم أسهل وأهون منه‪ ،‬لِّما يعتادونه من هذه األمور ووجدوا عليها‬ ‫ْ‬
‫أهلهم كعوائدهم ومناكرهم هم يف األعياد واألعراس‪ .‬والدخان ال يعتادونه وال أيلفونه‪ ،‬ولذلك‬
‫عظّموا فعله‪ ،‬وك ّفروا أهله لعدم التمييز بني احلرام واملباح واملكروه" (ص ‪.)124‬‬
‫بسط احلكم الفقهي يف مستجد آخر يتعلق ابلقهوة‬ ‫وعلى النهج نفسه سار الرحالة يف ْ‬
‫تعالت الذين مييلون إىل كراهيتها‪ ،‬واستهجان‬ ‫بوصفها مالزمة لشرب الدخان‪ ،‬مستعرضا ّ‬
‫جمالسة متعاطيها‪ ،‬استنادا إىل مراجع فقهية مغربية‪ ،‬من قبيل السيد أمحد البدوي الفاسي‪،‬‬
‫وأمحد زروق‪ ،‬واإلمام اليوسي وغريهم‪ .‬ولعل التأويالت اليت يقرأ هبا الغيغائي سلوكات الناس‬
‫ومواقفهم وتوجهاهتم تعطي انطباعا أبننا إزاء خطاب يقوم على املعرفة األنثروبولوجية بواقع‬
‫الناس وحياهتم االجتماعية‪ ،‬كما سيأيت بيان ذلك يف فقرة الحقة‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬إسهام نص الرحلة يف رسم اْلريطة الدينية يف عصر الرحالة‪ ،‬مبا جيعل خطاب‬
‫الغيغائي مسامهة أو مصدرا جلزء من التاريخ الديين واملذهيب خالل القرن التاسع عشر‪ .‬فمنذ‬
‫انطالق الرحلة تتوارد املعطيات املتصلة ابألضرحة والزوااي‪ ،‬والطرق الصوفية‪ ،‬واملذاهب الدينية‬
‫والفقهية‪ ،‬سواء يف املغرب أم يف البقاع اليت عربها الرحالة متجها إىل احلج‪ .‬إننا بصدد رصيد‬
‫من املعلومات اليت تفيد يف متثّل جغرافيا دينية على قاعدة املتون الرحلية‪ .‬فقبل انطالق‬
‫مكر ٍس يف أدبيات الرحلة‪ ،‬والقصد هنا‬ ‫ٍ‬
‫املوكب الرحلي حنو وجهته املشرقية‪ ،‬يبدأ الوفد بتقليد ّ‬
‫تربكا وتعظيما هلم‪ .‬وكلما وقف الرحالة على موقع أو‬
‫إىل زايرة األضرحة ومقامات الصلحاء‪ّ ،‬‬
‫لبسط معارفه املوسوعية حول رجاالت الزوااي‪ ،‬وشيوخ التصوف‪،‬‬ ‫مقام إال واغتنم الفرصة ْ‬
‫وصفوة العلماء والفقهاء‪ .‬فالرحلة بدأت بزايرة السادات املدفونني أبغمات‪ ،‬وكانت مناسبة‬
‫وذكر ما يتصف به أولياؤها من فضائل الصفات وسعة‬ ‫للحديث عن رجاالت هذه احلضرة‪ِّ ،‬‬
‫العلم‪ ،‬وما يُنسب إليهم من كرامات‪ .‬ومن هؤالء السادات الشيخ العالمة الويل سيدي حممد‬

‫‪125‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫بن سعدون األندلسي‪ ،‬والويل السيد أبو مهدي‪ ،‬وأبو عبد هللا اهلزمريي‪ ،‬وأبو حممد سيدي‬
‫عبد اجلليل بن وحيالن‪ ،‬وسيدي يعقوب الدغوغي‪ ...‬وكل هذا تربكا هبم وانتفاعا أبسرارهم‬
‫وأنوارهم ومعارفهم‪ .‬وقد وقف الرحالة كثريا عند احلضرة املراكشية الزاخرة ابملرجعيات الدينية‬
‫والروحية‪ ،‬واصفا أهلها ابلقول‪" :‬أما ما كان من أمر الدين والعبادة فلهم حظ وافر من ذلك‪،‬‬
‫وهلم مساجد كثرية‪ ،‬وجوامع عامرة عظيمة ابلعبادة تدرس فيها العلوم‪ ،‬والصلوات واألذكار يف‬
‫كل األوقات‪ ،‬وسرد اآلاثر‪ ،‬وهلم طوائف وأوراد يلقوهنا ويذكرون هللا تعاىل هبا‪ ،‬فمنها الطائفة‬
‫الناصرية وهي الكثرية‪ ،‬ومنها التهامية‪ ،‬ومنها املختارية‪ ،‬والقادرية‪ ،‬والغازية‪ ،‬ومنها‬
‫التيجانية‪( "...‬ص ‪.)50‬‬
‫يف هذا السياق‪ ،‬يرصد الغيغائي مظاهر العبادة والتدين عند املراكشيني‪ ،‬مع تقدميه لعدد‬
‫معترب من فضالء مراكش وفقهائها القدماء واملعاصرين‪ ،‬وما يتميزون به ُخلقا و ِّعلما‬
‫(الصفحات‪ .)53-51 :‬وتش ّكل "الزايرة" يف مسار الرحلة عنصرا اثبتا حيثما مّر الركب أو‬
‫نزل‪" :‬ويف ليلة األربعاء بِّْتنا ببلد الشياضمة‪ ...‬مث مرران على ضريح الويل األكرب الشهري‬
‫سيدي سعيد‪ ...‬فزران وتربكنا منه‪ ،‬ونذكرهم وما بلغنا من خربهم‪( "...‬ص ‪" .)58‬وممن زران‬
‫هبا –يقصد اإلسكندرية‪ -‬من السادات األعالم بعد الشيخ عبد هللا األمغاري‪ ،‬اإلمام‬
‫وزْران إبزائه‬
‫البوصريي رمحه هللا‪ ...‬مث زران بعده الشيخ اإلمام العارف أاب العباس املرسي‪ُ ...‬‬
‫سيدي ايقوت العرشي رمحه هللا‪ ...،‬والفقيه الفاكهاين واإلمام الزاييت واإلمام الفاسي‪...‬‬
‫وكذلك زران قرب نيب هللا دانيال عليه السالم‪ ،‬وقربه مشهور هبا يف دهليز حتت جامع تنزل إليه‬
‫من حنو عشرين درجة‪ ،‬وهبذه املدينة من الفضالء والسادات غري هؤالء‪ ،‬وفيها بعض الفقهاء‬
‫مثل‪( "...‬ص ‪ .)79 ،78‬ويقدم الغيغائي خالل مروره ابإلسكندرية صورة عن الطوائف‬
‫الدينية ابملدينة‪ ،‬وأماكن العبادة فيها‪ ،‬متقمصا دور اإلثنوغرايف‪ ،‬إن جاز التعبري‪ ،‬يف حرصه‬
‫على نقل تفاصيل هذه التشكيالت الدينية‪ ،‬وما يتصل هبا من معطيات يف جمتمع تتعدد فيه‬
‫املمارسات الدينية‪.‬‬
‫عما ي ْشبه خريطة املذاهب الفقهية وأعالمها يف‬
‫يتعزز هذا اخلطاب الديين حبديث الرحالة ّ‬
‫بالد مصر‪ ،‬مشريا إىل ظاهرة تعدد املذاهب وما يرتتب عنها من انعكاسات يف عدة جماالت‪.‬‬
‫ففي القضاء‪ ،‬تصدر األحكام وفقا النتماء القاضي املذهيب؛ ويف األزهر جتد اإلمام الراتب‬
‫ابألزهر مالِّكيا‪ ،‬واإلمام يوم اجلمعة شافعيا؛ ويف جمال تلقي املعارف الدينية تكون جمالس‬
‫الرحالة إىل‬
‫الوضع الديين املتعدد ّ‬
‫ُ‬ ‫العلوم وفقا ألهل كل مذهب على حدة‪ .‬وقد دفع هذا‬
‫معتزا ابلوحدة الدينية‬
‫استحضار بالده املغرب واملقايسة بني البلدين يف اجملال الديين‪ّ ،‬‬
‫واملذهبية للمغرب‪ ،‬ونزوع أهله إىل االعتدال‪" :‬وهذا الغرب اجلواين سلطانه علوي شريف‪،‬‬

‫‪126‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫ودين واحد منيف‪ ،‬ومذهبه مذهب واحد ال مذاهب‪ ،‬وال معتزل‪ ،‬وال خوارج‪ ،‬وال مانع وال‬
‫روافض‪ ،‬وال جاحد وال معاند‪ ،‬إال ببعض املواضع من الثغور فيه معاهد‪ ...‬وأما أهل املشرق‬
‫فأمم كثرية‪ ،‬وطوائف متفرقة‪ ،‬وأداين خمتلفة‪ ،‬واعتقادات فاسدة‪ ،‬وأحكام متباينة‪( "...‬ص‬
‫‪.)125 ،124‬‬

‫املعرفة اإلثنوغرافية‬
‫ميثّل البعد اإلثنوغرايف يف رحلة الغيغائي ركيزة اخلطاب الوصفي فيها‪ .‬وإذا كان موضوع‬
‫اإلثنوغرافيا كما هو متعارف عليه أكادمييا هو "الـوصـف الـدقـيـق واملرتابط لثقافات اجملتمعات‬
‫اإلنسانية"‪ 32‬فإن بؤرة نص الغيغائي تكمن يف الوصف الثقايف ابعتباره جوهر اإلثنوغرافيا‪،‬‬
‫كما هو معهود يف جممل كتب الرحالت عرب التاريخ‪ .‬وإذا كانت القيمة املضافة للنص‬
‫الفعال لعملية التلفيظ ‪ verbalisation‬يف نقل مشاهدات‬ ‫الرحلي عموما تتأسس على الدور ّ‬
‫نص الغيغائي‬‫الرحالة ومالحظاته العينية‪ ،‬وحتويلها إىل خطاب قابل للتلقي والقراءة‪ ،‬فإن ّ‬
‫ووصفه الثقايف إىل ملفوظات‪ ،‬وأبسلوب جيعل قارىء النص‬ ‫حيول مشاهداته ْ‬ ‫استطاع أن ّ‬
‫وسم الغيغائي بصفة اإلثنوغرايف‬ ‫يتمثل ما هو مرئي وكأنه ُ ٍ‬
‫شاهد عيان‪ .‬ليس القصد هنا إىل ْ‬
‫اب الصطالح احلديث‪ ،‬ولكن التأكيد على أن كل اجلوانب اليت تناوهلا يف وصفه لألماكن‬
‫واجملتمعات اليت زارها حموريةٌ يف الوصف اإلثنوغرايف للشعوب والبلدان‪ .‬ونورد هنا للتمثيل‬
‫بعض اجملاالت واجلوانب اليت تناوهلا الوصف‪:‬‬
‫جمال املدينة‪/‬العمران‪ :‬حظيت املدينة يف خطاب الغيغائي ابهتمام كبري على مستوى‬
‫الوصف اإلثنوغرايف‪ ،‬سواء منه ما يتعلق ابلوصف اجلغرايف‪ ،‬أم ابلوصف الثقايف‪ .‬يف هذا‬
‫ست مدن مبثابة حمطات رئيسية يف رحلته بدءا مبراكش‪ ،‬فالصويرة‪،‬‬‫الباب‪ ،‬وقف الرحالة على ّ‬
‫مرورا مبالطة‪ ،‬مث اإلسكندرية والقاهرة‪ ،‬وانتهاء مبكة‪ .‬مل تكن مدينة مراكش نقطة انطالق‬
‫الرحلة فقط‪ ،‬بل إهنا اخللفية اليت يرى من خالهلا الغيغائي العامل كما أشران إىل ذلك سابقا‪،‬‬
‫ولذلك كان من الطبعي أن يق ّدمها وكأهنا مدينة استثنائية يف كل شيء‪" ،‬فهي من أعظم‬
‫مدائن اإلسالم وأفضلها علما وعمال وصالحا وخريات جسام‪ ،‬واسعة األقطار واألكناف‪،‬‬
‫كثرية الربكات من كل األنواع واألصناف‪ ،‬واسعة الرحاب‪ ،‬عامرة النواحي واألجناب‪ ،‬مربعة‬
‫األشكال‪ ،‬مزيلة األتراح واألنكال‪ ،‬كثرية املياه واألشجار‪ ،‬وأصناف الزروع واألزهار‪ ،‬وهبا من‬
‫كل الفواكه والثمار‪ ،‬ومن أطيب اللحوم وأصناف األطيار‪ ،‬ومما ال حيصى كثرة من األنعام‬

‫‪ 32‬أدب الرحالت‪ ،‬حسني حممد فهيم‪ ،‬سلسلة عامل املعرفة‪ ،1989 ،‬الكويت‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪127‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫وأجناس اخليل والدواب واإلبل زادها هللا خريا على خريها‪ ،‬ومن كل مكروه صاهنا وأهلها"‬
‫الرحالة واملكان‪ ،‬وجيعل‬
‫ينم عن وجود عالقة وجدانية خاصة بني ّ‬ ‫(ص ‪ .)47‬إنه وصف ّ‬
‫القارئ يتمثل املدينة ويتخيّلها وكأهنا قطعة من اجلنة يف األرض‪ .‬ولذلك حرص الغيغائي على‬
‫اإلملام مبختلف امليزات اليت متيزها عن غريها من مدن العامل‪ ،‬يف سعتها وسعة ُدورها وشوارعها‬
‫وأسواقها وأفنيتها وأجنيتها‪ .‬يف هذا املقام‪ْ ،‬يعقد الرحالة مقارانت بني ما يتمتع به ساكنة‬
‫املدينة احلمراء من راحة السكن واتساعه‪ ،‬وبني ما تعانيه ساكنة مدن كثرية يف املشارق وبالد‬
‫النصارى من معاانة بسبب ضيق السكن وغالئه‪ .‬وللتمثيل على هذه املفارقة‪ ،‬يذكر أن أهل‬
‫احلمراء اللمتونية يسكن الواحد منهم دارا واسعة "وبيوات كثرية وال فوقه وحتته من يزامحه‪ ،‬وإذا‬
‫تزوج ابن عزل نفسه عن أبيه حياء‪ ،‬أو وقع له غيار مع ولده أو صهره‪ ...‬فارقه من يومه أو‬
‫ساعته لوجود الدُّور وموضع السكىن شراء وكراء برخاء‪ ،‬وأين هذا من ذاك؟" (ص ‪ .)48‬بعد‬
‫املعرب للداير املراكشية ينتقل الرحالة إىل احلديث عن أقواهتا وأطعمتها وفاكهتها‬
‫هذا الوصف ّ‬
‫ومثارها وهبائمها وساكنتها أبسلوب ينطوي على معرفة دقيقة بتفاصيل حياة املراكشيني‬
‫وتشعباهتا‪.‬‬
‫ّ‬
‫أما مدينة الصويرة‪ ،‬فلم تنل من الوصف اإلثنوغرايف غري خطاب الكرامة الذي يستدعيه‬
‫ِّذكرها‪ ،‬حيث "شاع على ألسنة الناس أن ساكنها سعيد‪ ،‬ومن مات هبا فهو شهيد‪ ،‬ومن‬
‫طغى فيها فإنه ميوت ابحلديد" (ص ‪)59‬؛ زايدة على اإلشارات التارخيية إىل ابنيها وما يتميز‬
‫ني ومودة وبشاشة وسرور‪" ،‬وأكثرهم برابر‬ ‫به مناخها من طيب اهلواء‪ ،‬وساكنتُها من ل ٍ‬
‫السوس‪ ،‬ليس بوجوههم عسوف وال عبوس" (ص ‪ .)60‬وابالقتصاد نفسه يف الوصف تعامل‬
‫الغيغائي مع مدينة مالطة مشريا إىل موقعها اجلغرايف وسط البحر‪ ،‬وما هبا من خريات ونِّع ٍم‪،‬‬
‫ابإلضافة إىل فوائد تتعلق بلغة أهلها‪ ،‬ووقوعها حتت سيادة اإلجنليز‪ ،‬وموقعها االسرتاتيجي‬
‫جتاراي وعسكراي يف البحر املتوسط‪.‬‬
‫وخالفا هلاتني املدينتني‪ ،‬فإن اإلسكندرية والقاهرة كانتا بؤرة الوصف يف ما يتعلق ابحلديث‬
‫مسك اجلوانب املهمة يف حياة‬ ‫عن بالد مصر‪ ،‬ويف وصفهما جتلّت قدرة الغيغائي وذكاؤه يف ْ‬
‫اجملتمع امل صري‪ ،‬وتقدميها يف صورة حية ميتزج فيها الوصف اجلغرايف ابلوصف الثقايف‬
‫واالجتماعي‪ ،‬كما يبدو من العناصر املوصوفة اآلتية‪ :‬بنيان اإلسكندرية وعمارهتا؛ مرسى‬
‫اإلسكندرية؛ أولياؤها وصلحاؤها وفقهاؤها؛ تشكيالهتا االجتماعية (إثنوغرافيا األجناس)‬
‫وامللل املوجودة فيها؛ فئة النصارى املاسكة ابملواقع واملناصب املهمة يف اجملتمع املصري؛‬
‫الصنائع واحلرف وما يالزمها من طقوس؛ جينيالوجيا القاهرة (ابنيها وكيف بناها وسبب‬
‫جامع ابشا حممد بن علي وهو من عجائب الدنيا‪ ،‬وطريقة بنائه وهندسته ومقارنة‬ ‫تسميتها)؛ ِّ‬

‫‪128‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫ذلك بغريه من اجلوامع؛ جتهيزات اجلامع وثرايته وأفرشته وما حييط به؛ أزهار مصر وأشجارها؛‬
‫وفرجاهتم‪...‬‬
‫أحوال املصريني ومعاشهم وعالقاهتم االجتماعية ْ‬
‫أما مدينة مكة اليت تُع ّد حمطة الوصول يف الرحلة‪ ،‬فوصفها الرحالة وصفا ميتزج فيه البعدان‬
‫الروحي واملادي‪ ،‬بوصفها مكاان يستمد بركته من قدسيته ومركزيته يف املمارسة التعبدية عند‬
‫املسلمني‪ .‬وقد انصب الوصف يف مكة جبانب بركتها على اخلريات واملظاهر اليت جتعل منها‬
‫لدال‪" :‬ومكة هي جنة‬ ‫بقعة ال يضاهيها مكان يف الدنيا‪ ،‬كما هو خمتزل يف هذا امللفوظ ا ّ‬
‫الدنيا وحضرهتا‪ ،‬وهبا ما تشتهيه األنفس وتستحسنه العقول‪ ،‬وما تت ّنعم به األجسام‪ ،‬وزادت‬
‫ابلربكة على ذلك والكثرة من كل شيء ويزيد وال ينقص" (ص ‪.)166‬‬
‫جمال التقنيات‪ :‬ارتبط احلديث عن تقنيات العصر يف كتب الرحلة ابلدهشة اليت أاثرهتا نتائج‬
‫الثورة الصناعية وأتثريها يف نفوس املشارقة واملغاربة‪ ،‬يف سياق اكتشاف اآلخر األورويب‪ .‬ولعل‬
‫الغيغائي كان من أهم الرحالني الذين وقفوا على التفاصيل الدقيقة وهم يرصدون ِّ‬
‫ويصفون‬ ‫ّ‬
‫مظاهر التقدم عند الغربيني‪ ،‬واليت تُربهن عليها هذه التقنيات احلديثة املن ِّتقل بعضها إىل بلدان‬
‫املغرب واملشرق‪ .‬ومن أبرز ما حظي ابلوصف عند الغيغائي البابور (الباخرة) الذي وقف‪،‬‬
‫إضافة إ ىل ما أشران إليه يف فقرة سابقة‪ ،‬على أبعاد إثنوغرافية وأنثروبولوجية هلذه اآللة‬
‫العصرية‪ ،‬والقصد هنا إىل نظام الرتاتبية داخل الباخرة و ِّ‬
‫املعادل للرتاتبية االجتماعية‪ ،‬حيث‬
‫القمرة خاصة بفئة اجتماعية من الناس‪ ،‬مع ما تستلزمه من عناية وشروط رفاه مناسبة‪:‬‬
‫"والقمرة من البابور مبثابة القبة الزاهية من البيت احلبور‪ ،‬مزوقة مزينة أبنواع الزينة والفرش‬
‫احلسنة الفاخرة الرفيعة‪ ،‬مع ّدة لألكابر وأهل التجارة وأرابب الثروة والنظافة والنقاوة‪ ...‬وهلا‬
‫رجال واقفون للخدمة‪ ...‬نصارى حداق معلمون وأبيديهم بعض املسوح واملناديل‪ ،‬ميسحون‬
‫هبا كل ما رأوا ولو خنامة أو بصاقا‪( "...‬ص ‪.)60‬‬
‫مفصال يف آلة التلغراف مبا هي تقنية حديثة تعوض الطريقة التقليدية‬
‫كما توقف الغيغائي ّ‬
‫يف نقل اخلرب‪ ،‬إذ صار إبمكان مستعمليه االقتصاد يف زمن الرتاسل والتواصل‪ .‬ومل ي ُفته أن‬
‫يعرب عن إعجابه هبذا اإلجناز التقين وما أحدثه من أتثري يف حياة اجملتمع‪ ،‬حىت ع ّده من‬
‫ّ‬
‫معجزات العصر‪" ،‬وهذا السلك أيضا من العالمات الرابنية واالستنباطات العقلية‪ ،‬فسبحان‬
‫من يلقي يف القلوب ما شاء مىت شاء" (ص ‪.)85‬‬
‫وكذلك الشأن ابلنسبة لبابور الرب (القطار)‪ ،‬الذي انل إعجاب الرحالة خاصة يف طريقة‬
‫استعماله من طرف املصريني‪ .‬ولذلك أفرد هلذه اآللة فقرات وصف فيها ابلدقة كل ما يتعلق‬

‫‪129‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫ابلقطار‪ ،‬من حيث أصلُه وتسميته وطريقة اشتغاله‪ ،‬ومكوانته‪ ،‬وس ّكته اليت ميشي عليها‪،‬‬
‫ونظام استعماله من طرف املسافرين‪ ،‬وما يقتضيه ذلك من إجراءات وعادات‪.‬‬
‫ومن عالمات العصر املوصوفة آلة الطباعة‪ ،‬حيث كان مروره مبصر مناسبة للوقوف‪،‬‬
‫معاينةً‪ ،‬على الطباعة وما أحدثته يف الواقع الثقايف والعلمي للناس‪ .‬فلم ي ُفته أن يصف آلة‬
‫الطباعة‪ ،‬ودارها (مطبعة بوالق)‪ ،‬واألنظمة املوازية هلا من قبيل توزيع الكتب ونشرها‪ ،‬ونظام‬
‫التصحيح والتدقيق اللغوي هبا‪ ،‬واللجان العلمية املن ّقحة لكتبها‪ ،‬مث د ْور املطبعة يف نشر‬
‫الكتاب ِّ‬
‫وتناقل املعارف وتبادهلا بني الروم واإلفرنج واملسلمني‪.‬‬
‫جمال الطّباع واألخالق‪ :‬إن قارئ نص الغيغائي جيد نفسه أمام فقرات ُهتىيء له املؤلِّّف وكأنه‬
‫لم يبحث يف الطباع واملميزات األخالقية‬ ‫ِّ‬
‫على ق ْدر من الدراية بعلم الطباع‪ ،‬من حيث هو ع ٌ‬
‫للفرد وعالقة ذلك ابجملتمع والبيئة‪ .‬لقد م ّكنت طريقة الوصف اليت انتهجها الرحالة يف هذا‬
‫اجملال من توفري معطيات يف الطباع والسلوك تكتسي بُعدا أنثروبولوجيا (أنثروبولوجيا‬
‫األخالق) يساعد على فهم شخصية اجملتمعات املوصوفة وقراءة سلوكاهتا‪ .‬ويستوقفنا يف هذا‬
‫بسطه لطباع أهل احلضرة املراكشية‪ ،‬واستغراقه يف ِّذكر أخالقهم‬ ‫املضمار على سبيل التمثيل ْ‬
‫وسلوكهم حنو اآلخرين‪ ،‬مع إجراء مقارنة بينهم وبني أهل فاس‪ ،‬فاملراكشيون "أفضل الناس‬
‫عشرية‪ ،‬وألينهم عريكة‪ ،‬وأوسعهم صدورا‪ ،‬وأكرمهم وأكثرهم سرورا‪ ...‬ال متجربين وال‬
‫متكربين‪ ،‬يفرحون ابلقريب ويولفون الغريب‪ ...‬وذلك لقرب ألفتهم للناس‪ ،‬وميلهم إىل‬
‫القريب وإىل حبه وتوليته دون غريهم من الناس‪ ،‬فإن الغريب عندهم حمقور‪ ،‬وبعيد الوطن‬
‫مرتوك مقهور‪ .‬انظر إىل فاس وأمثاهلا فإن القريب عندهم مهمول‪ ،‬وقوله عندهم غري مقبول‪،‬‬
‫وإن ملئت يده متاعا‪ ،‬وحسن هلم أخالقا وطباعا‪ ،‬وهذا الطبع فيهم غريزي‪ ،‬وليس ببديهي"‬
‫(ص ‪.)50‬‬
‫بل إن الغيغائي يذهب بعيدا يف الوصف السلوكي والسيكولوجي للمجتمع‪ ،‬إن جاز‬
‫التعبري‪ ،‬مفسرا السلوك والطباع بعوامل خارجية‪ ،‬كما يتضح يف وصف طباع أهل الصويرة‬
‫وأتثري البيئة يف أخالقهم‪ ،‬فاملدينة "طيبة اهلواء مزيلة عن القلب اجلوى‪ ،‬معتدلة الطبيعة بني‬
‫احلرارة والربودة‪ ،‬أهلها أهل لني ومودة‪ ،‬وبشاشة وسرور وحمبة" (ص ‪ .)60‬ولعل الشيء نفسه‬
‫فعل الرحالة وهو يسرب أغوار اجملتمع املصري‪ ،‬يصف أخالق املصريني ويصنفهم وفقا‬
‫لطبائعهم وما يصدر عنهم من مواقف وتصرفات يف خمتلف األحوال‪ .‬وكان للنساء املصرايت‬
‫حظ وفري من وصف الرحالة الذي أبرز ميزاهتن عن غريهن يف فنون التواصل وقواعده‪ ،‬وما‬
‫تنطوي عليه طبائعهن يف جمال املعامالت االجتماعية‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫جمال الزواج‪ :‬يف ابب الزواج يقدم الغيغائي‪ ،‬خالل وصفه اجملتمع املصري‪ ،‬سرية إثنوغرافية‬
‫هلذا احلدث االجتماعي انقال تفاصيله الدقيقة‪ ،‬بدءا بتجهيز العروس وما يرافق ذلك من‬
‫رصد بعض السلوكات اليت مل‬ ‫طقوس وعادات‪ ،‬وانتهاء بقدوم العروسة إىل بيت الزوج‪ ،‬مع ْ‬
‫ُيرق بعضها مزاج الرحالة‪ ،‬خاصة يف سياق املقارنة بني مصر واملغرب يف بعض الظواهر‬
‫املصاحبة للزواج‪ ،‬كما تعكس ذلك املؤشرات التعبريية اآلتية‪" :‬وأما أهل املغرب فإهنم مينعون‬
‫بناهتم من التزويج حىت يتعنسن‪ ،‬سيما أهل الثروة منهم‪ ،‬أو من له أدىن جاه ومال يرتك بنته‬
‫أو أخته إىل أن متشط الشيب عن رأسها‪ ...‬وعندهم فعلة قبيحة شنيعة‪ ...‬وهذا أمر عجيب‬
‫وهو عندان هني مهمل" (ص ‪ .)126‬وقد كان وصف الزواج ِّ‬
‫وذكر مراسيمه مناسبة لتقدمي‬
‫بعض أشكال الفرجة عند املصريني وطرق االحتفاء لديهم‪ ،‬مع الوقوف على معطيات هلا‬
‫صلة أبصول هذه الفرجات ومصادرها‪.‬‬
‫جمال األطعمة واألشربة‪ :‬ش ّكلت عناصر التغذية ونظامها حمورا من حماور اهتمام الغيغائي يف‬
‫وصفه اإلثنوغرايف للمجتمعني املغريب واملصري‪ .‬فرحلته تضع أمام القارئ رصيدا من املعطيات‬
‫اإلثنوغرافية واألنثروبولوجية حول أصناف األطعمة واملواد الغذائية املتداولة يف القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬خاصة يف مدن مراكش وفاس والصويرة وبالد مصر‪ ،‬مع ما يتصل بنظام التغذية من‬
‫إحا الت على االنتماء االجتماعي وتراتبيته (نظام التغذية لدى طلبة األزهر‪ ،‬وارتباط أنواع‬
‫من األكل ابخلواص والكرباء يف اجملتمع املصري)‪ .‬وحيسن اإلشارة يف هذا السياق إىل‬
‫االهتمام الذي أواله الغيغائي ملاديت الدخان (اتابغا) والقهوة ابعتبارمها طارئتني على أغذية‬
‫اجملتمعات املوصوفة‪ ،‬وتنطواين على حتوالت اجتماعية وسلوكية يف زمن الرحالة‪ .‬ففي مصر‬
‫انتشر تعاطي الدخان حىت صار مالزما للرجل واملرأة معا ليال وهنارا‪" ،‬وترى الرجل جيري‬
‫وعمود الدخان طالع من فيه‪ ،‬أو هو انئم وقضيب الدخان ال ينزعه من فيه‪ ...‬والنساء‬
‫كذلك يشربنه‪ ،‬وبعضهن يف األزقة واألسواق والشواب فضال عن العجائز‪ ...‬وهو (أي‬
‫الدخان) من التنباك‪ ،‬يعين طابة‪ ،‬وهي تباغا بلغتنا‪ ...‬ومن مل يشرب هذا الدخان فليس‬
‫عندهم بشيء‪ ،‬ويتفاخرون بكثرة شربه سيما أكابرهم وأهل الثروة‪ ،‬وت ْلقى الرجل املسكني مل‬
‫يلبس إال ما يواري به عورته‪ ،‬وهو ال يفارق هذا الدخان فما استفاده ينفقه فيه" (ص ‪.)118‬‬
‫أما عن الدخان يف املغرب‪ ،‬فقد رصد الرحالة رحلة هذه البلوى وانتقاهلا إليه مستندا يف ذلك‬
‫إىل معطيات اترخيية‪ ،‬مع توصيفه ملا أضافه املغاربة للدخان من مشتقات‪ ،‬خاصة طابة‬
‫املسحوقة "اليت عمت هبا البلوى ابملغرب شيوخا وشباان‪ ،‬سيما املدينة البيضاء فاس ونواحيها‪،‬‬
‫وجبال الزبيب يشموهنا فقيها ونقيها حىت النسوان" (ص ‪ .)120‬وكذلك األمر ابلنسبة للقهوة‬
‫اليت هي "أخت الدخان يف املشارق ومرافقته يف األزقة والشوارع والنمارق‪ ،‬فبهما تلذذهم‪...‬‬

‫‪131‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫وهبما إكرامهم ملن أرادوا كرامته‪ ،‬فإ ْن انولك الرجل قضيب الدخان أو فنجاان من القهوة‪...‬‬
‫فقد أدى لك مجيع احلقوق‪ ...‬وهكذا يشرهبا األكابر واألمراء" (ص ‪ .)122‬وقد انتقلت‬
‫وعمت أقطاره "وكثرت اليوم مبراكش‪ ،‬وطاملا حصر‬ ‫القهوة على غرار الدخان إىل املغرب ّ‬
‫احلكام أمرها واجتهدوا يف دفعها‪ ،‬ومل تزدد إال كثرة‪ ،‬والناس فيها إال رغبة" (ص ‪.)124‬‬

‫الغيغائي ومتثالت اآلخر‬


‫لقد كان حممد الغيغائي واحدا ممن سامهوا يف إرساء نظرة املسلمني ومتثُّلهم لآلخر‬
‫األورويب‪ ،‬من خالل رحلته اليت تعكس وجهة نظر ال ختلو من محوالت دينية وسياسية‪،33‬‬
‫عرب عنها السفراء والرحالون‬‫ش ّكلت اإلطار املرجعي ملواقفه ومتثالته‪ ،‬على غرار املواقف اليت ّ‬
‫واألدابء املسلمون يف كتاابهتم‪ ،‬ابعتبارهم مصدرا لتشييد متثُّل املسلمني ونظرهتم إىل األوروبيني‬
‫املسيحيني‪ .‬ولعل من خصوصيات نظرة املغاربة إىل أورواب خالل القرن التاسع عشر وما قبله‪،‬‬
‫أهنا كانت حمكومة ابلسجال الديين من جهة‪ ،‬نظرا النتماء أصحاهبا يف معظمهم إىل النخبة‬
‫الدينية‪ ،‬ومن جهة أخرى متسمة بروح العداء‪ ،‬حيث "متيزت العالقات بني املغرب والدول‬
‫األوروبية اجملاورة ابلعداء املتواصل‪ ،‬بسبب النزاعات العسكرية أوال‪ ،‬مث حول مشاكل القرصنة‬
‫يف املتوسط‪ ،‬هذه املشاكل كانت تؤدي تلقائيا إىل اختاذ مواقف سياسية معادية"‪ .34‬ويتضح‬
‫من مواقف الغيغائي يف رحلته أنه بقي وفيا يف نظرته إىل اآلخر لطبيعة النظرة السائدة لدى‬
‫املسلمني جتاه أورواب يف املرحلة الكالسيكية‪ ،‬حيث "استندت فيها النظرة إىل املوقف‬
‫التقليدي اإلسالمي الذي يقسم العامل إىل داريْن‪ ،‬دار اإلسالم ودار احلرب‪ .‬والشك‪ ،‬فإن‬
‫النظرة اإلسالمية إىل أورواب‪ ،‬وخالل هذه املرحلة املديدة‪ ،‬قد أتثرت بشكل خاص ابلصراع‬
‫وضع الكثري من األحكام‬ ‫مع بيزنطة اليت هي أيضا ممثلة للمسيحية"‪ .35‬يف هذا السياق ميكن ْ‬
‫وفهمها‪ ،‬خاصة حني يتعلق األمر بشحنة الكراهية اليت‬ ‫والتمثالث الصادرة عن الغيغائي ْ‬
‫يكنّها الرحالة لآلخر (النصارى والروم)‪ ،‬كما هو ملحوظ يف ملفوظاته اآلتية‪:‬‬

‫‪ 33‬مما يعزز البعد السياسي يف خطاب الغيغا ئي مواقفه املبثوثة يف ثنااي النص الرحلي‪ ،‬من قبيل مناصرته للسلطان عبد‬
‫الرمحان بن هشام واحلكم العلوي الشريف ابملغرب بشكل عام؛ وإعجابه بسياسة حممد ابشا يف مواجهة الروم؛ وتفسريه‬
‫ألسباب هزمية املسلمني أمام النصارى‪...‬‬
‫‪ 34‬خالد زايدة‪ ،‬مالحظات حول تطور النظرة اإلسالمية إىل أورواب‪ ،‬الفكر العريب‪ ،‬عدد ‪ ،31‬سنة ‪ ،1983‬ص ‪.135‬‬
‫‪ 35‬م‪.‬ن‪ ،‬ص ‪.128‬‬

‫‪132‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫العدو املشؤوم" (ص ‪)62‬؛ "‪..‬والكفار‬ ‫"‪ ...‬وكذلك عند نزوله ودخوله لبعض مدائن الروم‪ّ ،‬‬
‫لعنهم هللا" (ص ‪)63‬؛ "‪ ...‬وتليها كنيسة النكليز أدام هللا ذهلم" (ص ‪)81‬؛ "‪ ...‬ولكن هذا‬
‫السلطان –أي عبد احلميد‪ -‬دفع بعض ذل املسكوف وجلب لنفسه ومملكته ذليلني من‬
‫هذين اجلنسني ‪-‬أي أجناس الروم يف اإلسكندرية‪ -‬أذهلما هللا‪ ،‬حيث استعان هبما وأطلعهما‬
‫على عورته‪ ،‬ادام هللا لنا حياة سلطاننا اإلمام اهلمام موالان عبد الرمحان بن هشام‪ ،‬ألنه رضي‬
‫هللا عنه اشتغل ابملكائد العقلية واحليل الفكرية مع هؤالء األرجاس الكالب الضارية‬
‫األجناس" (ص ‪)81‬؛ "‪ ...‬وكنا نسأله عن سرية اإلفرنسيس دمره هللا فيجيب عما رأى‬
‫ومسع من أحواله" (ص ‪)82‬؛ "ومن دانءة هذا القطر املصري ِخدمتهم النصارى‪ ،‬وإذا ركب‬
‫النصراين مشى الفالحون أمامه وخلفه" (ص ‪)83‬؛ "فإين رأيت يف اتريخ ابن خلدون‪ ...‬أن‬
‫سبب لباس السواد يف النصارى‪ ،‬لعن هللا مجيعهم‪( "...‬ص ‪)116‬؛ "والروم املقتولون من‬
‫األجناس الثالثة املسك والنكليز وفرانسيس لعنهم هللا" (ص ‪)151‬؛ "مث إن النصارى لعن هللا‬
‫ودمرهم‪( "...‬ص ‪.)152‬‬ ‫دينهم ّ‬
‫ال شك أن للسياقني التارخيي والسياسي أثرمها الفعال يف بناء تصورات الغيغائي ورؤاه يف‬
‫ما خيص عالقته ابآلخر‪ ،‬كما أن اإلطار املرجعي‪ ،‬متمثال يف اإلسالم أبفقه الثقايف املغريب‪،‬‬
‫يش ّكل مصدر إهلام للرحالة وهو يكتب عن اآلخر‪ ،‬وحياول أن ُمي ْوقع ذاته املغربية مقارنة مع‬
‫ذوات أخرى مغايرة‪ ،‬ويف ظل هذه املقارانت اليت جيريها الغيغائي جنده ينتصر دائما للذات‬
‫تفوق اآلخر وقوته املادية‪ .‬وميكننا عموما استخالص أن الغيغائي‬ ‫ابلرغم من إقراره أحياان ُّ‬
‫يشيّد متثالثه بناء على ثالثة عناصر‪:‬‬
‫أوال‪ ،‬التصورات الذهنية اليت استقاها الرحالة من التاريخ والواقع‪ ،‬خاصة ما يتصل ابلوقائع‬
‫العدو؛‬
‫اليت توحي هبزمية املسلمني أمام اآلخر ّ‬
‫اثنيا‪ ،‬املقارانت اليت جيريها الغيغائي بني مشاهداته أثناء الرحلة وبني املرجع املعيار املتمثل يف‬
‫املغرب ومراكش‪ ،‬حبيث يصري جمال االنتماء اجلغرايف والثقايف بؤرةً موِّّجهة لنظرة الرحالة‪ ،‬ومرآةً‬
‫يرى من خالهلا الغري؛‬
‫اثلثا‪ ،‬الغريية مبا هي انتصار للذات من خالل إبراز خصوصيات اآلخر املختلف‪ ،‬ابلرتكيز‬
‫على اجلوانب املبخسة فيه‪ ،‬واملظاهر املنقصة من صورته‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫خامتة‬
‫يف خامتة هذا املقال‪ ،‬خنلص إىل أن حممد الغيغائي الوريكي ميثل منوذجا من مناذج مثقفي‬
‫البادية املغربية يف القرن التاسع عشر‪ ،‬استطاع بفعل عوامل عدة‪ ،‬يرجع بعضها إىل طبيعة‬
‫نصا رحليا‬
‫تكوينه وبعضها اآلخر إىل السياق التارخيي والثقايف الذي عاش فيه‪ ،‬أ ْن يكتب ّ‬
‫يرصد فيه جتربته الذاتية خالل رحلته إىل احلجاز‪ .‬ويف الوقت الذي كان الغيغائي يكتب عن‬
‫ذاته‪ ،‬كان يف اآلن نفسه يسعى إىل كتابة اآلخر‪ ،‬فشيّد من خالل جتربته تلك صورة عن‬
‫الذات املغربية عموما‪ ،‬وعن ذات الرحالة خصوصا‪ ،‬مستفيدا مما تتيحه الكتابة الرحلية من‬
‫إمكاانت وصفية ترتكز على ما هو مغاير إثنوغرافيا وأنثروبولوجيا‪.‬‬
‫لقد مثّـلت الذات املغربية آبفاقها املتنوعة مركز التفكري والنظر عند الغيغائي‪ ،‬وهو بذلك‬
‫متثيل للنموذج املتمركز حول الذات يف مقابل الرؤية املتمركزة حول اآلخر‪ ،‬واليت سادت‬
‫كتاابت كثري من الرحالة املسلمني واألجانب‪ .‬إن نص الغيغائي جاء حافال خبطاابت متنوعة‬
‫تعكس موسوعيته على مستوى املعارف التارخيية والدينية واالجتماعية‪ ،‬واليت كشفت يف‬
‫ينم عن امتالكه أدوات منهجية‬ ‫حس منهجي ّ‬ ‫عما يتميز به الرحالة من ّ‬ ‫بسطها ّ‬ ‫طريقة ْ‬
‫وحتليلية‪ ،‬م ّكنته من تفكيك املعارف والظواهر اليت تناوهلا يف نصه‪ ،‬تفكيكا ال يقل قيمة ع ّمن‬
‫صدرون يف مقارابهتم عن املناهج احلديثة‪ .‬ولعل مأْتى متيز النص الرحلي للغيغائي‪ ،‬جبانب ما‬ ‫يْ‬
‫ينطوي عليه من متثّ ٍل للذات وللغري‪ ،‬ما يزخر به من خطاابت معرفية متعددة املشارب‬
‫واملصادر‪ ،‬وما حيمله من هواجس تعكس أفق خنبة من خنب املغرب املثقفة زمن الغيغائي‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫النص واملعرفة يف حمكيات السفر‪ :‬الغيغائي الوريكي ورحلته احلجازية‬

‫املراجع‬
‫ابن خلدون‪ ،)2004( .‬املقدمة‪ ،‬حتقيق عبد هللا حممد الدرويش‪ ،‬ط ‪ ،1‬دمشق‪ ،‬دار‬
‫يعرب‪.‬‬
‫ابن فضالن‪ ،)1960( .‬رسالة ابن فضالن يف وصف بالد الرتك واخلزر والروس والصقالبة‬
‫سنة ‪309‬هـ‪921 /‬م‪ ،‬حتقيق سامي الدهان‪ ،‬دمشق‪ ،‬املطبعة اهلامشية‪.‬‬
‫األخضر‪ ،‬حممد‪ ،)1977( .‬احلياة األدبية يف املغرب على عهد الدولة العلوية (‪-1075‬‬
‫‪ ،)1894-1664 /1311‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪ ،‬دار الرشاد احلديثة‪.‬‬
‫أكنسوس‪ ،‬أبو عبد هللا حممد‪ ،)1918( .‬اجليش العرمرم اخلماسي يف دولة أوالد موالان‬
‫علي السجلماسي‪ ،‬فاس‪.‬‬
‫بروفنصال‪ ،‬ليفي‪ ،)1977( .‬مؤرخو الشرفاء‪ ،‬تعريب عبد القادر اخلالدي‪ ،‬الرابط‪،‬‬
‫مطبوعات دار املغرب للتأليف والرتمجة والنشر‪.‬‬
‫البيذق‪ ،‬أبو بكر بن علي الصنهاجي‪ ،)1971( .‬أخبار املهدي بن تومرت وبداية دولة‬
‫املوحدين‪ ،‬الرابط‪ ،‬دار املنصور للطباعة والوراقة‪.‬‬
‫التازي‪ ،‬عبد اهلادي‪ ،)2005( .‬رحلة الرحالت‪ :‬مكة يف مائة رحلة مغربية ورحلة‪ ،‬اجلزء‬
‫الثاين‪ ،‬الرايض‪ ،‬مؤسسة الفرقان للرتاث اإلسالمي‪.‬‬
‫التاسافيت‪ ،‬عبد هللا بن إبراهيم‪ ،‬رحلة الوافد‪ ،‬حلظات من اتريخ أدرار ن درن (أطلس‬
‫مراكش) وسوس يف القرن ‪ 12‬اهلجري‪ 18 /‬امليالدي‪ ،‬حتقيق علي صدقي أزايكو‪ ،‬الرابط‪،‬‬
‫منشورات كلية اآلداب والعلوم االنسانية ابلقنيطرة‪ ،‬سلسلة نصوص وواثئق رقم ‪ ،1‬مطبعة‬
‫املعارف اجلديدة‪.‬‬
‫زايدة‪ ،‬خالد‪" ،)1983( .‬مالحظات حول تطور النظرة اإلسالمية إىل أورواب"‪ ،‬الفكر‬
‫العريب‪ ،‬عدد ‪ ،31‬ص ‪.136 -128‬‬
‫السوسي‪ ،‬حممد املختار‪ ،)1961( .‬املعسول‪ ،‬ج ‪ ،9‬الرابط‪ ،‬مطبعة الشمال األفريقي‪.‬‬
‫الصقلي‪ ،‬خالد بن أمحد‪" ،)2002( .‬جوانب من اتريخ األشراف ابملغرب وحتقيق‬
‫أنساهبم"‪ ،‬جملة الذخائر‪ ،‬العددان ‪ 11‬و‪ ،12‬السنة الثالثة‪ ،‬ص ‪.18 -3‬‬

‫‪135‬‬
‫أمحد املنادي‬

‫العبدري‪ ،)2005( .‬رحلة العبدري‪ ،‬حتقيق علي إبراهيم كردي‪ ،‬ط ‪ ،2‬دمشق‪ ،‬دار سعد‬
‫الدين للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫الغاشي‪ ،‬مصطفى‪" ،)2020( .‬املؤرخ والرحلة أو كيف تتصدر الرحلة مدونة املؤرخ؟" جملة‬
‫أسطور‪ ،‬عدد ‪ ،11‬ص ‪.251 -238‬‬
‫الغيغائي‪ ،‬حممد‪ ،)2018( .‬من املغرب إىل احلجاز عرب أورواب ‪ ،1857‬حتقيق سليمان‬
‫القرشي‪ ،‬أبوظيب‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬دار السويدي للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫القبلي‪ ،‬حممد‪( .‬إشراف وتقدمي)‪ ،)2011( ،‬اتريخ املغرب – حتيني وتركيب‪ ،‬الرابط‪،‬‬
‫منشورات املعهد امللكي للبحث يف اتريخ املغرب‪ ،‬مطبعة عكاظ اجلديدة‪.‬‬
‫كايف‪ ،‬أمحد‪ ،)2013( .‬مشاريع اإلصالح السياسي ابملغرب يف القرنني التاسع عشر‬
‫والعشرين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكلمة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫كنون‪ ،‬عبد هللا‪ ،)1961( .‬النبوغ املغريب يف األدب العريب‪ ،‬ج ‪ ،1‬ط ‪ ،2‬بريوت‪ ،‬دار‬
‫الكتاب اللبناين‪.‬‬
‫املنوين‪ ،‬حممد‪ ،)1953( .‬من حديث الركب املغريب‪ ،‬تطوان‪ ،‬مطبعة املخزن‪.‬‬
‫املنوين‪ ،‬حممد‪ ،)1985( .‬مظاهر يقظة املغرب احلديث‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪،2‬‬
‫منشورات اجلمعية املغربية للتأليف والرتمجة والنشر‪.‬‬
‫املنوين‪ ،‬حممد‪ ،)2000( .‬الفقيه املنوين أحباث خمتارة‪ ،‬الرابط‪ ،‬منشورات وزارة الشؤون‬
‫الثقافية‪.‬‬

‫‪136‬‬
151-137 ‫ ص‬،2021،‫ العدد السادس عشر‬،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‫مجلة أسيناگ‬

:‫املخطوطات العربية املتعلقة ابألمازيغ يف دولة النيجر‬


1 ‫مناذج خمتارة من قسم املخطوطات العربية والعجمية‬
‫ املعهد امللكي للثقافة األمازيغية‬،‫مبارك ايت عدي‬
‫ النيجر‬،‫ جامعة نيامي‬،‫احلسن سالو‬

Manuscripts are one of the most important cultural and scientific legacies of
the Republic of Niger. They are a major indicator of its history and of the
attachment of its tribes to knowledge. This study is meant to shed light on
some Amazigh manuscripts that are observed in the libraries of this country,
in particular in the document library of the Department of Arab and Ajami
Manuscripts at the Institute of Research in Human Sciences (IRSH) of
Niamey. We try to address some of the contributions that these manuscripts
have on the history and civilization of the Tuareg nomad people who live in
the great Sahara.

Mots clés : Niger – Agadez – manuscrits – Touaregs – amazighe

Les manuscrits sont des plus importants héritages culturels et scientifiques


de la république du Niger. Ils sont un indicateur majeur de son histoire et de
l’attachement de ses tribus au savoir. La présente étude se propose de faire
la lumière sur quelques manuscrits amazighes en graphie arabe, déposés
dans les bibliothèques, notamment dans le fonds documentaire du
département des Manuscrits Arabe et Ajami à l’Institut de Recherches en
Sciences Humaines (IRSH) de Niamey. Que peuvent-ils apporter à l’histoire
et à la civilisation des Touaregs, populations nomades du grand Sahara.

Mots clés : Niger – Agadez – Manuscrits – Touareg – Amazighe

‫ خالل مهمة علمية بقسم املخطوطات العربية والعجمية مبعهد األحباث يف العلوم‬،‫نضجت فكرة نشر هذا املقال‬ 1

‫ منهم‬،‫ مجعتين ببعض الباحثني هبذا القسم‬.2019 ‫ نونرب‬2‫ أكتوبر و‬26 ‫ وذلك ما بني‬،‫ جبامعة نيامي ابلنيجر‬،‫اإلنسانية‬
.‫ فقبل الفكرة مشكورا‬،‫ الذي اقرتحت عليه البحث يف موضوع املخطوطات املتعلقة ابألمازيغ هبذا القسم‬،‫سالو احلسن‬

137
‫مبارك ايت عدي ‪ -‬سالو احلسن‬

‫تعترب دول إفريقيا جنوب الصحراء من املناطق اإلفريقية اليت تزخر بعدد وافر من‬
‫املخطوطات املكتوبة ابحلرف العريب‪ .‬اشتهرت هبا مدن كثرية‪ ،‬مثل‪ :‬أغدس (‪)Agadez‬‬
‫ابلنيجر وشنقيط (‪ )Chinguet‬مبوريتانيا‪ ،‬وتنبكت (‪ )Tombouctou‬مبايل‪ ،‬وكتسينا‬
‫(‪ )Katsina‬بنيجرياي‪ .‬حضي هذا الرتاث ابهتمام عدة ابحثني‪ ،‬داخل القارة اإلفريقية‬
‫وخارجها؛ تشرتك دراساهتم يف الرتكيز على دور هذه املخطوطات يف نشر وترسيخ احلضارة‬
‫العربية يف بالد السودان؛ خصوصا اللغة العربية والدين اإلسالمي واملذهب املالكي وقراءة‬
‫القرآن الكرمي برواية ورش‪ .‬من مناذج هذه الدراسات‪ :‬تلك اليت ألفها حسن موالي حول‪:‬‬
‫"املخطوطات اإلسالمية مبعهد األحباث يف العلوم اإلنسانية جبامعة نيامي"‪ ،‬سنة ‪2004‬م‪،‬‬
‫وآدما أدايبو (‪ ،)Adama Adiabou‬يف موضوع‪" :‬املخطوطات العربية اإلسالمية النيجريية"‪،‬‬
‫‪2015‬م؛ مث سالو احلسن ()‪ Salou El-Hassan‬يف قضية "املخطوطات العربية يف النيجر‪،‬‬
‫كنوز يف طي النسيان"‪2019 ،‬م‪ .‬كما سبق لدجيبو هاماين‪ )Djibo Hamani) ،‬أن كتب‬
‫حول "املصادر العربية املتعلقة ابلطوارق يف إفريقيا جنوب الصحراء"‪ ،‬سنة ‪.1981‬‬
‫استغلت هذه املخطوطات ألجله‪ ،‬تعترب هذه األخرية أيضا‬ ‫إىل جانب البعد العريب الذي ْ‬
‫مادة خصبة لقضااي أخرى ال تقل أمهية‪ ،‬مثل البعد األمازيغي يف اتريخ وحضارة بالد‬
‫السودان‪ ،‬إ ذ تزخر مبعلومات مهمة حول القبائل األمازيغية القاطنة هبذا البلد‪ ،‬واملصطلح‬
‫عليها ابلطوارق‪ ،‬مبا يف ذلك أنساهبا ومؤثراهتا احلضارية وما أقامته من ممالك وإمرباطورايت‬
‫هبذه البلد‪.2‬‬
‫تروم هذه املسامهة‪ ،‬جرد مناذج من املخطوطات اليت تعكس اتريخ وحضارة األمازيغ يف‬
‫دولة النيجر‪ ،‬خصوصا من خالل تلك احملفوظة بقسم املخطوطات العربية والعجمية مبعهد‬
‫األحباث يف العلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة عبدو موموين‪ ،‬مبدينة نيامي؛ املسامهة اليت نتمىن أن‬
‫تكون إضافة جديدة إىل ما سبق أن أنتجه الباحثون النيجرييون يف هذا اجلانب‪ ،‬من خالل‬
‫حتقيقهم لبعض املخطوطات املتعلقة ابألمازيغ يف بالدهم‪.3‬‬

‫تشكل قبائل الطوارق نسبة مهمة ضمن ساكنة إفريقيا جنوب الصحراء‪ ،‬تنقسم من الناحية اجلغرافية إىل مخسة فيدراليات‬ ‫‪2‬‬

‫وهي‪ :‬كل أجيري (‪ )KelAjjir‬يف الشمال الشرقي وكل اهكار (‪ )KelAhaggar‬يف الشمال وكل آيري (‪ )Kel Aïr‬يف‬
‫اجلنوب الشرقيي‪ ،‬وكل تدمكا (‪ )KelTadmeka‬يف اجلنوب الغريب‪ ،‬وكل اتكريك رايت (‪ )Kel Tagaryga-Rayt‬يف‬
‫الوسط‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪Johannes, Nicolaisen, Structures politiques et sociales des Touaregs de l’Air et de l’Ahaggar,‬‬
‫‪Nouvelle éditions de l’Institut de recherches Humaines, Niger 1982, p 21-22.‬‬
‫‪ 3‬لقد سبق أن حقق ابحثون نيجريون بعضا من هذه املخطوطات‪ ،‬منها‪" :‬اتريخ أبلغ وغريها من املناطق"‪ ،‬للشيخ عيسى‬
‫بن منصور األغاليل‪ ،‬حققه وترمجه إىل اللغة الفرنسية‪ ،‬حسن موالي‪ ،‬و"أجوبة حمررة عن أسئلة مقررة يف جواب الشيخ‬

‫‪138‬‬
‫املخطوطات العربية املتعلقة ابألمازيغ يف دولة النيجر‪ :‬مناذج خمتارة من قسم املخطوطات العربية والعجمية‬

‫‪ .1‬املخطوطات املهتمة ابألمازيغ يف دولة النيجر‬


‫جتدر اإلشارة إىل أن ما نقصده ابملخطوطات املهتمة ابألمازيغ يف دولة النيجر‪ ،‬ال يعين‬
‫تلك املكتوبة حبرف تيفناغ (‪ ،)Tifinaghe‬املعروف لدي قبائل الطوارق منذ القدمي‪ ،4‬وال‬
‫ذات مضمون أمازيغي صرف‪ ،‬ابحلرف العريب‪ ،‬مثل املنظومات الفقهية املشهورة يف املغرب‪5‬؛‬
‫وإمنا املراد بذلك تلك املكتوبة ابللغة العربية أو بلغة حملية أخرى‪ ،‬مس مضموهنا كليا أو جزئيا‬
‫اتريخ وحضارة األمازيغ هبذه الدولة‪ ،‬هؤالء الذين احتفظوا هبذا البلد على لغتهم األصلية‪،‬‬
‫املعروفة حمليا ب "متاشيكت")‪ (Tamachekt‬أي متازيغت‪.6‬‬
‫تتوزع هذه املخطوطات هبذه الدولة على مدن عدة‪ ،‬تصدرها ممدن مشال ووسطى البالد‪،‬‬
‫اليت أسس هبا الطوارق ممالك وسلطنات مشهورة‪ ،‬مثل سلطنة آيري )‪ ،(L’Aïr‬ومملكة‬
‫"تكدا"(‪ .7)Tagada‬عُرف هذا اجملال مبدن علمية مشهورة‪ ،‬مثل‪ :‬أكدس وأبلغ )‪(Abalak‬‬
‫وزندر)‪ (Zinder‬وإنگال (‪8)In-Gal‬؛ حتتوي على خزاانت ومكتبات أسرية‪ ،‬تضم مئات‬
‫املخطوطات‪ ،‬من أشهرها‪ :‬خزانة أسرة احلاج يوسف عمر ِّسْند ْر يف منطقة تِّيالبِّ ِّريي‪ ،‬وصل‬
‫عدد املخطوطات هبا إىل حوايل ‪ 500‬خمطوطة‪ ،‬وخزانة مدينة أبلغ‪ ،‬جبوار املسجد العتيق حبي‬
‫"أمنُوك ْل" يف منطقةطاوى؛ يقدر خمزوهنا ب ‪ 400‬خمطوط‪ ،‬مث خزانة مدينة اتزيْت‪ :‬تتوفر على‬
‫أكثر من ‪ 80‬خمطوط‪ ،‬يف علوم خمتلفة‪ ،‬وخزانة إزواغان يف مدينة تليا (‪ ،(Tilia‬تتضمن ‪73‬‬
‫خمطوطا‪ .‬تنتسب هذه اخلزاانت لبيواتت علمية مشهورة‪ ،‬مثل‪ :‬أسرة سيدي املختار بن حممد‬
‫ادين‪ ،‬وأسرة محا االنصاري يف إنْ ْتم‪ ،‬بشنتربادين‪.9‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫سيس بشْن ْترب ْ‬
‫بن عمر القاطنة حاليا بت ْل ْم ْ‬
‫استأثرت هذه املخطوطات ابهتمام مستكشفني أوروبيني منذ النصف األول من القرن‬
‫العشرين‪ ،‬منهم القبطان إورفوي (‪ ،)Urvoy‬الذي مجع بعضها خبزانة أسرة السلطان عمر‪،‬‬

‫شيصمص"‪ ،‬للشيخ عثمان بن فودي‪ ،‬حققه أيوب الوايل‪ .‬أنظر سالو‪ ،‬احلسن‪" ،‬أحوال منطقة أزواغ‪ ،‬من مرحلة ما قبل‬
‫االستعمار إىل عام "‪ ،1960‬منشورات دار لوتس للنشز احلر‪ ،‬القاهرة‪ ،2019،‬ص‪.85‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Dominique, Casajus, Écritures ordinaires en pays touareg, Revue française d’anthropologie,‬‬
‫‪n 201, 2012, p1-2.‬‬
‫‪ 5‬إبراهيم بن عبد هللا أزانك‪" ،‬منظومة تزانكت للحسن التاموديزيت"‪ ،‬دراسة وحتقيق وتعريب حممد اهلاطي‪ ،‬الرابط‪.2015 ،‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Maman, Saley, les Touaregs du passé au futur, Revue internationale d'anthropologie et de‬‬
‫‪sciences humaines, n 41-42, 1996, p68.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪Djibo, Hamani, l’Islam au Soudan Central, Histoire de l’Islam au Niger, du VIIe au XIXe‬‬
‫‪Siècle, l’Harmattan, Paris 2007, p.75.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪Bunus, Suzanne, Recherches sur les centres urbains d’Agadez et d’In-Gal, Revue de Monde‬‬
‫‪Musulman et de la Méditerranée, n11, 1972, p52.‬‬
‫‪ 9‬سالو‪ ،‬احلسن أحوال منطقة أزواغ‪ ،‬من مرحلة ما قبل االستعمار إىل عام ‪ ،1960‬ص ‪.87‬‬

‫‪139‬‬
‫مبارك ايت عدي ‪ -‬سالو احلسن‬

‫آخر سالطني الطوارق مبدينة أغدس‪ ،‬نشر سنة ‪ 1935‬مخسة منها‪،‬‬


‫مساها)‪ ،10(Chroniquesd’Agades‬ومنهم برينوس سوزان (‪ ،)Bernus Suzanne‬الذي‬
‫قارن سنة ‪ 1972‬بني مضمون خمطوطات هذه املدينة ومضمون الرواايت الشفوية‪ ،‬فيما‬
‫يتعلق بتاريخ أتسيس مدن‪ :‬أكدس وأزواغ ودمرغو ومن سكنها قبل الطوارق‪ .11‬كما مجع‬
‫إدموند بورنس (‪ (Edmonde Bernus‬سنة ‪ 1977‬عدة خمطوطات مؤرخة لفروع الطوارق‬
‫مبدينة أبلغ‪ ،‬منها‪" :‬اتريخ كل أغالل" للمؤلف حممد آك شافع (‪ ،)Agshafiru‬و"اتريخ كل‬
‫أغالل" ملؤلف آخر‪ ،‬يدعى عبدو مامان )‪.12 (AbdouMaman‬‬
‫إذا تركنا جانبا اخللفيات اليت كانت حترك هؤالء املستكشفني‪ ،‬من خالل االهتمام املبكر‬
‫هبذه املخطوطات‪ ،‬فإهنم يشكلون أول من انتبه إىل أمهيتها وإىل دورها يف اتريخ األمازيغ‬
‫ببالد السودان‪ ،‬مقارنة مع الباحثني يف مشال إفريقيا واملشرق العريب والذين مل يهتموا هبا إال‬
‫بعد النصف الثاين من القرن العشرين‪.‬‬
‫يعد ما تبقى حاليا من هذا الرتاث املذكور مبدن الطوارق وغريها‪ ،‬نزرا قليال‪ ،‬مقارنة مع ما‬
‫تعرض منه للتلف والضياع‪ ،‬بسبب عوامل طبيعية وبشرية‪ ،‬يف مقدمتها‪ :‬رد فعل االحتالل‬
‫الفرنسي ضد علماء الطوارق‪ ،‬حني قاوموا احتالل بالدهم‪ ،‬فبعد أن سيطرت القوات‬
‫الفرنسية على مدهنم‪ ،‬تعرض تراثهم املكتوب للنهب والسلب واحلرق واإلتالف يف فرتات‬
‫اترخيية متالحقة‪ ،13‬ومن أشهر العسكريني الذين ينسب هلم إتالف هذه املخطوطات‪:‬‬
‫الكولونيل موغان (‪ ،)Mourin Colonel‬فبعد أن سيطر على مدينة أكدس سنة ‪1917‬م‪،‬‬
‫قام إبتالف وختريب كنوز من املخطوطة احملفوظة يف بيوت علماء هذه املدينة‪ ،‬حيث‬
‫أحرقت أو رميت يف الشوارع؛ وال تزال ذكرايت هذه احلادثة املؤملة ماثلة يف نفوس أهل‬
‫أغدس‪.14‬‬

‫‪10‬‬
‫‪Urvoy, Yves. Chroniques d’Agades, Journal des Africanistes; Année 1934, n 4-2.p146.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪Bunus, Suzanne, Recherches sur les centres urbains d’Agadez et d’In-Gal, Revue de‬‬
‫‪Monde Musulman et de la Méditerranée, n11, 1972, p53.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪Bernus, Edmond, Vallet d’Aawagh, Niger, Etudes Nigériennes, n 57, 1954, p36.‬‬
‫‪ 13‬نبيل‪ ،‬بناغا هليدو‪ :‬االستعمار واحلركات الصوفية يف بالد السودان الغريب‪ ،‬رسالة املاجستري‪ ،‬شعبة أصول الدين‪ -‬جامعة‬
‫الزيتونة ‪ ،2003‬ص‪.5‬‬
‫‪14‬‬
‫‪Finn, Fuglestad, Les révoltes des Touareg du Niger, (1916-1917), Cahiers d'études‬‬
‫‪africaines, vol 13, n 49, 1973, p108-109.‬‬

‫‪140‬‬
‫املخطوطات العربية املتعلقة ابألمازيغ يف دولة النيجر‪ :‬مناذج خمتارة من قسم املخطوطات العربية والعجمية‬

‫‪ .2‬املخطوطات املتعلقة ابألمازيغ بقسم املخطوطات العربية والعجمية‬


‫يعد هذا القسم من أكرب مراكز املخطوطات بدولة النيجر؛ حيتضن خمطوطات يف جماالت‬
‫األعراف والتاريخ والطب ومناقب رجال الدين والسياسة واآلداب واملعاهدات وواثئق بيع‬
‫وشراء العبيد وطبائع قبائل السودان‪ ...‬اخل‪ .‬تقدر حبوايل ‪ 4.000‬خمطوط؛ كتب أغلبها ابللغة‬
‫العربية‪ ،‬إىل جانب لغات حملية مثل‪ :‬اهلوسا والفالنية واألمازيغية؛ بعضها معلوم املؤلف‬
‫والبعض األخر جمهول صاحبه‪ .15‬استهل هذا القسم رصيده ابملخطوطات اليت كانت حمفوظة‬
‫وبو ه َّام(‪ ،)Hama Boubou‬رئيس اجمللس الوطين النيجري ما بني‬ ‫خبزانة األستاذ بُ ُ‬
‫عت أبشكال خمتلفة يف املساجد واملدارس وغريها بدولة النيجر‪ ،‬ويف‬ ‫‪1958-1974‬م‪ُ .‬مج ْ‬
‫الدول اجملاورة‪ ،‬مثل بوركينافاسو‪ ،‬وليبيا‪ ،‬ومايل ونيجرياي‪ .‬كما مت اغناء هذا القسم فيما بعد‬
‫مبخطوطات جديدة‪ ،‬جلبها املشرفون عليه لدى رجال الزوااي والقضاة والكتاب وأحفاد‬
‫األسر احلاكمة يف البالد‪ .‬مجعت عن طريق الشراء أو النسخ‪ ،‬بدعم من الدولة النيجريية‪،‬‬
‫ومن منظمات عاملية وإقليمية مهتمة ابحلماية القانونية للممتلكات الثقافية من التدمري‬
‫والنهب والتهريب‪ ،‬ابعتباره ترااث مشرتكا لإلنسانية؛ منها‪ :‬منظمة "اليونسكو" و"مجعية الدعوة‬
‫اإلسالمية العاملية"‪ ،‬مكتب النيجر‪ ،‬وبعض سفارات الدول األجنبية‪ .‬مولت محالت مجع‬
‫هذه املخطوطات أو تصويرها عند األسر العلمية؛ ورافقت هذه العملية إبجراءات احلماية‬
‫والتثمني‪ ،‬تتجلى يف صيانة القسم الذي حيتضنها وجتهيزه ببعض وسائل ترميم املخطوطات‬
‫وكذا أتهيل املوارد البشرية املشرفة عليه‪.16‬‬
‫تناولت املخطوطات احملفوظة هبذا القسم جوانب كثرية من حضارة الطوارق‪ ،‬منها‪ :‬ما‬
‫يتعلق ابلتاريخ مثل خمطوط "اتريخ الطوارق وسنغي" للعامل العتيق بن سعد الدين‪ ،‬من كل‬
‫السوق‪ ،‬وخمطوط "موصوفة السودان" ألمساء بنت عثمان بن حممد بن فودي‪ ،‬املتوفاة سنة‬
‫‪1280‬هـ‪1864/‬م‪ ،‬ومنها ما يهم الرتاجم‪ ،‬مثل‪ :‬خمطوط "اتريخ ك ْوس ْن وحرب كلوي مع‬
‫زورْك" من أتليف الشيخ خباري بن اتنودي بن األجل التنبكيت األغدسي‪ ،‬وما يتعلق‬ ‫ْأم ْ‬
‫ابملناقب وأصل الطوارق‪ ،‬مثل‪ :‬خمطوط "النقول النواطق يف شأن الرببر والطوارق"‪ ،‬من أتليف‬
‫حممد بلو بن عثمان بن حممد بن فودي‪ ،‬املتوىف سنة ‪1253‬هـ‪1837 /‬م‪ ،‬وخمطوط "اتريخ‬

‫‪15‬‬
‫‪Hassane, Moulaye, Les Manuscrits Ajami de Département des Manuscrits Arabes et Ajami‬‬
‫‪de l’IRCH, l’Université de Niamey, in Les Manuscrits Arabes et A’jAjami dans la Région‬‬
‫‪Soudano- Sahélienne, Institut des Etudes Africaines, Rabat, 2006, p86.‬‬
‫‪ 16‬حس‪ ،‬موالي‪ ،‬فهرس املخطوطات اإلسالمية املوجودة مبعهد األحباث يف العلوم اإلنسانية‪ ،‬النيجر‪ ،‬لندن مؤسسة الفرقان‬
‫للرتاث اإلسالمي‪ ،‬ج‪ ،1‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.23-22‬‬

‫‪141‬‬
‫مبارك ايت عدي ‪ -‬سالو احلسن‬

‫دمرغو" للشيخ حسني بن احلاج األغدسي‪ ،‬من دمرغوا‪ ،‬وخمطوط"نبذة من اتريخ إماجغ ْن‬
‫وك ْل السوق" من أتليف مهدي بن الصاحل الشريف‪.‬‬
‫تنضـ ــاف إىل املخطوطـ ــات السـ ــابقة الـ ــذكر‪ ،‬خمطوطـ ــات أخـ ــرى مهمـ ــة‪ ،‬جمهول ـ ــة املؤلـ ــف‪،‬‬
‫يكتسـ ــى مض ـ ــموهنا أمهيـ ــة كب ـ ــرية يف حضـ ــارة الط ـ ـوارق‪ ،‬منهـ ــا"اتريخ أزواد يف أخب ـ ــار الرباي ـ ــيش‬
‫وحـ ُـروهبم" وخمطــوط "معاهــدة بــني الت ـوارق وســنغي" وخمطــوط "اتريــخ ســالطني آهــري مــن أهــل‬ ‫ُ‬
‫أغيغي وتعزرت"‪17.‬‬

‫جلبت هذه املخطوطات من جهات خمتلفة داخل النيجر وخارجه‪ ،‬لكن تلك اليت مجعت‬
‫يف بالد اآليري وأزواغ عموما‪ ،‬هي اليت تشكل األغلبية‪ ،‬مثل مدينة أكدس املصنفة حاليا‪،‬‬
‫لسبب كثرة الرتاث املخطوط هبا‪ ،‬ترااث عامليا لليونسكو ومدينة تكدا ومدينة بلما‬
‫(‪ ،18)Bilma‬اليت استطاعت أن تكون لنفسها خصوصيات حملية‪ ،‬منها تطويع اخلط املغريب‬
‫املشهور ببالدالسودان وتعويضه خبطوط حملية‪ ،‬يصطلح عليها ابخلط السوداين والسوقي نسبة‬
‫إىل كل السوق مبايل احلالية‪.19.‬‬
‫ْ‬
‫‪ .3‬بعض من حضارة الطوارق من خالل خمطوطات هذا القسم‬
‫ليس من السهل إحصاء كل املعلومات اليت تقدمها هذه املخطوطات حول اتريخ‬
‫وحضارة الطوارق‪ ،‬فهي تزخر إبشارات مهمة حول موروثهم الثقايف يف شىت العلوم‪ ،‬مثل‬
‫التاريخ واآلداب واحلياة السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬غري أننا سنكتفي يف هذا احملور‬
‫ابلرتكيز على بعض املعلومات اليت توفرها حول القضااي اآلتية‪:‬‬
‫‪ ‬أصـ ـ ــل الطـ ـ ــوارق‪ :‬يشـ ـ ــكل هـ ـ ــذا اجلانـ ـ ــب املوضـ ـ ــوع الرئيسـ ـ ــي يف كثـ ـ ــري مـ ـ ــن هـ ـ ــذه‬
‫املخطوطــات‪ ،‬اخنرطــت يف اجلــدال القــائم حــول األصــول األوىل لألمــازيغ‪ ،‬مبــا فــيهم الط ـوارق‪،‬‬
‫وكيــف اســتقروا يف مشــال إفريقيــا وبــالد الســودان؛ حيــث يشــكل األصــل املشــرقي هلــؤالء القاســم‬
‫املشــرتك بــني أغلــب أصــحاهبا‪ ،‬خصوصــا األصــل الفلســطيين واليمــين‪ .‬تبنــاه صــاحب كتــاب"‬
‫ـودي‪ ،‬حيــث ذكــر‬ ‫البقــول النواطــق يف شــأن الرببــر والطـوارق"‪ ،‬حملمــد بِّــل بــن عثمــان بــن حممــد فُـ ِّ‬
‫ُ‬
‫أن األصــل األول لألمــازيغ هــو بــالد فلســطني‪" ،‬خرجـوا منهــا متــوجهني إىل املغــرب حــىت انتهـوا‬

‫‪ 17‬حول رقم تصنيف هذه املخطوطات داخل قسم املخطوطات العربية والعجمية‪ ،‬أنظر اجلدول أسفله‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪Aboubacar, Adamou, Agadez et sa région, études nigériennes, n 44, 1976, p1-50.‬‬
‫‪ 19‬قاسم‪ ،‬السمرائي‪ ،‬اتريخ اخلط العريب وتطوره‪ ،‬مركز مجعة املاجد‪ ،‬ديب‪ ،1999 ،‬ص‪.31‬‬

‫‪142‬‬
‫املخطوطات العربية املتعلقة ابألمازيغ يف دولة النيجر‪ :‬مناذج خمتارة من قسم املخطوطات العربية والعجمية‬

‫إىل لوبيا ومراقبة‪ .‬فتفرقوا هناك فتقدمت زانتة ومغيلة إىل املغرب وسكنوا اجلبال وتقدمت لواتـة‬
‫فســكنت أرض ط ـرابلس‪ ...‬وانتشــروا حــىت بلغ ـوا الســوس"‪ .20‬أيــد هــذا األصــل أيضــا صــاحب‬
‫خمطوط‪" :‬حبث عن قبيلة متْغُ ْـر ابلنيجـر"‪ ،‬حيـث أشـار إىل أن هـذه القبيلـة الطاريقيـة‪" :‬أول مـن‬
‫خــرج منهــا مــن الــيمن اإلمــام حيــىي"‪ .21‬هــذا ابإلضــافة إىل خمطوطــات أخــرى هلــا نفــس املوقــف‬
‫ـوق" حيــث اعتــرب األمــازيغ" مــن ذريــة بربــر بــن‬ ‫مثــل خمطــوط" نبــذة عــن اتريــخ إمـ ِّ‬
‫ـاج ْغ ْن وكـ ْـل السـ ْ‬
‫قيس بن غيالن"‪.22‬‬
‫‪ ‬نظ ــام تولي ــة احلك ــم‪ :‬حتت ــوي ه ــذه املخطوط ــات عل ــى معلوم ــات مهم ــة ح ــول ه ــذا‬
‫اجلانــب‪ ،‬جــاءت فيهــا إشــارات حــول أمســاء الســلطنات الــيت حكمــت مشــال النيجــر‪ ،‬وأمســاء‬
‫امللوك الذين تعاقبوا عليها‪ ،‬ومدة حكمهـم وغـزواهتم مبـا يف ذلـك نظـام تـوريثهم للحكـم‪ ،‬حيـث‬
‫ال يتــوىل الســلطنة لــديهم ســوى مــن كانــت أمــه متسلســلة النســب‪23‬؛ ومــن املخطوطــات الــيت‬
‫تناولــت هــذا اجلانــب‪ :‬خمطــوط "كلــوي ونبــذة عــن اتريــخ معركــة تعـواج وأصــل ســندل"‪ ،‬جمهــول‬
‫املؤلف‪ ،‬مث خمطـوط "سـالطني آهـري"‪ ،‬تتبـع هـذا األخـري أمسـاء ملـوك سـلطنة هـؤالء ومـدة حكـم‬
‫كل واحد منهم‪ ،‬وأمساء أمهاهتم والقبائل الـيت ينحـدر منهـا كـل ملـك‪ ،‬وذلـك يف الفـرتة املمتـدة‬
‫ما بني سنة ‪ 807‬هجرية إىل ‪ 1325‬هجرية‪.‬‬
‫‪ ‬االحتكام إىل األعراف‪ :‬ممـا ورد يف بعـض هـذه املخطوطـات أيضـا‪ :‬بعـض اإلشـارات‬
‫حــول االع ـراف املنظمــة للحيــاة االجتماعيــة عنــد الط ـوارق‪ ،‬خصوصــا تلــك املنظمــة لعالقــات‬
‫املســتقرين ابلرحــل وعــادات الــزواج والــوالدة والعقــوابت العرفيــة املفروضــة علــى املخــالفني هلــذه‬

‫ودي‪ " ،‬البقول النواطق يف شأن الرببر والطوارق" ورقة ‪ ،3-2‬رقمه يف قسم املخطوطات‬‫‪ 20‬حممد بِّل بن عثمان بن حممد فُ ِّ‬
‫ُ‬
‫العربية واألعجمية ‪.273‬‬
‫‪ 21‬مصطفى اب غا‪" ،‬حبث عن قبيلة متْغُْر يف بيلْما (النيجر)‪ "،‬ورقة ‪ .4- 1‬يوجد يف قسم املخطوطات حتت رقم ‪.34‬‬
‫‪ 22‬ال نريد أن ندخل يف اجلدال القائم حول هذه النظرية‪ ،‬وال حول األسباب اليت جعلت أصحاب هذه املخطوطات‬
‫يتبنوهنا‪ ،‬لكن يف احلقيقة هي نظرية سياسية واجتماعية‪ ،‬أكثر مما هي حقيقة اترخيية‪ .‬تشبث هبا الكثري من النسابة مبا‬
‫فيهم األمازيغ‪ ،‬نظرا للمكانة الروحية للمشرق يف قلوهبم‪ ،‬كمنبع للدين واحلضارة‪ ،‬وملا ترسخ لديهم من كون النسب‬
‫القريشي‪ ،‬شرط من شروط اخلالفة؛ هلذا يتبناه كل من له الرغبة يف الرائسة واحلكم‪ .‬تشبث به األمازيغ وحىت أهل‬
‫السودان‪ ،‬أنظر حممود كعت‪ ،‬اتريخ الفتاش‪ ،‬ص ‪ 54‬وعبد الرمحان السعدي‪ ،‬اتريخ السودان‪ ،‬ص‪ .2‬انظر أيضا‪:‬‬
‫‪Hélène Claudot-Hawad, Des États-Nations contre un peuple : le cas des Touaregs, Revue‬‬
‫‪des mondes musulmans et de la Méditerranée, Année 1987, n44, p50.‬‬
‫‪ 23‬يشكل خمطوط "سالطني أهيري من أهل اغيغي وهتزرت" من منوذج املخطوطات اليت تتبعت أمهات سالطني بالد اآليري‪،‬‬
‫حيث أكد أن ابن أخت السلطان هو الذي يرث احلكم‪ .‬أنظر الصفحات‪ .8 ،5 ،4 ،2:‬يوجد هذا املخطوط بقسم‬
‫املخطوطات العربية والعجمة حتت رقم‪.1751.‬‬

‫‪143‬‬
‫مبارك ايت عدي ‪ -‬سالو احلسن‬

‫االعراف‪ .‬يعترب صاحب خمطوط "اتريخ دمرغو"‪ ،‬الشيخ حسني بن الشيخ االقـدزي‪ ،‬أهـم مـن‬
‫فصل يف هذا اجلانب‪ ،‬فقد حتدث عـن العـرف املـنظم للعالقـات بـني الرحـل واملسـتقرين‪ ،‬حيـث‬
‫قــال ‪":‬عــادة بــني الت ـوارق واألعــاجم والربابــر‪ ...‬وأمــا حكــم إذا اختلــف أصــحاب البســتان يف‬
‫التخــوم يف أول التعمــري مـ ِّـن الســابق واملســبوق‪ ،‬فــإن يتســاواي يف التخــوم وإذا مل تكــن يف البلــد‬
‫طريــق الــدواب‪ ،‬وتري ـد ســد الغــنم إىل املراعــي يف وقــت االزدراع وحــاكم األرض يقــدم الــدواب‬
‫ويســري إىل أيــن شــاء‪ ،‬حــىت إذا انتهــى إىل املرعــى ويكــون أثــره هــو الطريــق ويـُـؤمر صــاحب الــزرع‬
‫بقطع زرعه وخيلي الطريق"‪ .24‬كما حتدث عن العرف املنظم لطقوس الـزواج والـوالدة واإلنفـاق‪،‬‬
‫حيــث قــال يف الكســوة‪" :‬وإذا اختلــف الــزوج والزوجــة يف الكســوة وال حكــم لــزوج يف الكســوة‬
‫إال الكســوة األوىل‪ ،‬ولــيس عليــه كســوهتا إال أن يعطيهــا "شــحمة؟" للفتــل لتكتســى بنفســها"‪25‬‬

‫كمـا قــال حــول اجلهــاز املتعلـق ابلــزواج‪" :‬وإذا أويت عروســة إىل بيــت عروسـها يقرهنــا آابؤهــا مــع‬
‫صــداقها وأيت ــون بــه إىل الــزوج"‪ .26‬أمــا حــول أول والدة‪ ،‬فقــد أشــار إىل أن امل ـرأة "إذا ول ــدت‬
‫بكرا أول والدهتما‪ ،‬يؤتى إليها تسع دجاجات وتيس من املعز وثالثة كؤوس فيهـا دخـن وملـح‬ ‫ً‬
‫امســه فــوتى مــع فلفــل وكزبــرة‪ ،‬ويف ســابع اليــوم مــن الــوالدة وال يــذبح شــاة العقيقــة حــىت يعطــون‬
‫عصبة الزوج اثنان زراع من ساواي"‪27‬‬

‫خامتة‬
‫لقد حاولنا من خالل ما سبق‪ ،‬سرد بعض مناذج من الرتاث املخطوط املتعلق ابألمازيغ‬
‫يف إفريقيا جنوب الصحراء؛ خصوصا ذلك احملفوظ يف قسم املخطوطات العربية والعجمية‬
‫مبدينة نيامي النيجريية‪ .‬وقفنا عند بعض املناطق اليت جلب منها‪ ،‬وبعض القضااي األمازيغية‬
‫اليت تعكسها‪ ،‬مبا يف ذلك مهارة علماء الطوارق يف بعض فنون املعرفة املتداولة آنذاك‪ ،‬واحلياة‬
‫السياسية واالجتماعية والثقافية عند هؤالء؛ وابلرغم من أننا مل نتصفح سوى نزر قليل من‬
‫هذه املخطوطات‪ ،‬نؤكد على أهنا جديرة ابالهتمام والتحقيق والنشر ابعتبارها مرجعا ال حميد‬
‫عنه لدراسة البعد األمازيغي يف حضارة بالد السودان‪.‬‬

‫‪ 24‬خمطوط "اتريخ دمرغو"‪ ،‬من أتليف الشيخ حسني بن الشيخ األقدري الورقة رقم ‪ .5‬يوجد يف قسم املخطوطات العربية‬
‫والعجمية حتت رقم ‪.44‬‬
‫‪ 25‬املصدر نفسه والورقة نفسها‪.‬‬
‫‪ 26‬املصدر نفسه‪ ،‬الورقة ‪.6‬‬
‫‪ 27‬املصدر نفسه‪ ،‬الورقة رقم‪.6‬‬

‫‪144‬‬
‫املخطوطات العربية املتعلقة ابألمازيغ يف دولة النيجر‪ :‬مناذج خمتارة من قسم املخطوطات العربية والعجمية‬

‫املالحق‬
‫ملحق‪1‬‬
‫جدول‪ :‬خمتارات من خمطوطات مركز املخطوطات العربية والعجمية املتعلقة ابالمازيغ‪.‬‬
‫رقمه‬ ‫نوع اخلط‬ ‫املؤلف‬ ‫عنوان املخطوط‬
‫"فتح القدوس يف جواب ابن املختار بن أمحد الكنيت الويف‪ ،‬ت عام‬
‫‪325‬‬ ‫مغريب‬
‫‪1236-1811‬م‬ ‫عبد هللا الكنسوس"‬
‫"اتريخ الطوارق والسنغي"‬
‫‪384‬‬ ‫مغريب‬ ‫العتيق بن سعد الدين السوقي‬
‫(نسخة خبط املؤلف)‬
‫‪550‬‬ ‫مغريب‬ ‫جمهول‬ ‫"أمساء أمراء الطوارق"‬
‫"كتاب يف اتريخ قبائل الرببـر‬
‫ْ ْ أمحد بن حممد بن أمحد بن حبت الغالوي‬
‫‪1024‬‬ ‫مغريب‬ ‫والعجم والعرب يف ص ْحراء‬
‫الشنقيطي‪ .‬ت ‪1883-1301‬‬
‫املغرب والتّكُْرور"‬
‫‪1215‬‬ ‫مغريب‬ ‫حممد بن عبد هللا‬ ‫"أصل سلطنة "د ْورا" بنيجرياي"‬
‫الشيخ املختار الكنيت‬
‫"أجوبةُ ّ‬
‫املختار بن أمحد بن أيب بكر الكنيت الوايف‬ ‫عن أسئلة أمري م ِّ‬
‫‪1324‬‬ ‫مغريب‬ ‫اسن أمحد‬
‫(الكبري)‪ ،‬ت ‪1811-1226‬م‬
‫ب"‬
‫ل ُّ‬
‫‪1325‬‬ ‫مغريب‬ ‫أمحد أكاد بن حممد بن حممد بن أمحد‬ ‫اتريخ السوقيني‬
‫"اتريخ أزواد يف أخبار الرباييش‬
‫‪1326‬‬ ‫مغريب‬ ‫جمهول‬
‫وحُروهبم"‬
‫ُ‬
‫ف احل ِّّق املعتمد فيما وقع‬‫"سْي ُ‬
‫عمر بن سعيد الفويت الطُّوري الكد ِّوي‬
‫بني عمر بن سعيد ال ُفويت وبني‬
‫‪1391‬‬ ‫مغريب‬ ‫التجاين‪ ،‬املعروف بتال‬
‫أمري ماسن أمحد بن أمحد بن‬
‫ت ‪1863-1280‬م‬ ‫ِّ‬
‫املخالفة و ِّ‬
‫احلروب"‬ ‫ب من‬ ‫لّ‬

‫‪145‬‬
‫مبارك ايت عدي ‪ -‬سالو احلسن‬

‫"ضياء احلكام فيما هلم وعليهم عبد هللا بن حممد بن فودي بن عثمان بن‬
‫‪1513‬‬ ‫مغريب مشكول‬
‫صاحل فودي‪ ،‬ت ‪1829-1245‬‬ ‫من األحكام"‬
‫‪1740‬‬ ‫مصوفة أمساء بنت عثمان بن حممد بن فودي‪ ،‬ت‬ ‫حول‬ ‫"قصيدة‬
‫مغريب مشكول‬
‫‪1280‬هـ‪1864/‬م‪.‬‬ ‫السودان"‬
‫"وثيقة معاهدة بني الطوارق‬
‫‪1746‬‬ ‫مغريب‬ ‫جمهول‬
‫اهلوسا"‬
‫و ْ‬
‫"ذكر الوقائع التارخيية يف منطقة‬
‫‪1751‬‬ ‫مغريب‬ ‫أبو بكر بن الطاهر بن اتشييت‬
‫آهري"‬
‫"اتريخ سالطني "غ ْوبر" ونبذة‬
‫‪1752‬‬ ‫مغريب‬ ‫جمهول‬
‫من اتريخ "آد ْر"‬
‫"ضبط معرفة قبائل "كلوي"‬
‫‪1754‬‬ ‫مغريب مشكول‬ ‫ونبذة من معركة "تعواج" وأصل جمهول‬
‫"سندل"‬
‫اتريخ سالطني آهري من أهل‬
‫‪1756‬‬ ‫مغريب‬ ‫جمهول‬
‫"أغيغي" و"تعزرت"‬
‫صحراوي‬ ‫"نبذة من اتريخ إماجغن وكل‬
‫‪1937‬‬ ‫ْ ْ مهدي بن الصاحل‪ ،‬الشريف‬
‫مشكول‬ ‫السوق"‬
‫ارق األنوار‬
‫الئل اخلريات وشو ُ‬
‫"د ُ‬
‫‪2034‬‬ ‫حممد بن سليمان بن داود بن بشر اجلزويل‬
‫مغريب‬ ‫يف ِّذكر الصالة على النيب‬
‫السماليل الشاذيل‪،‬ت ‪870‬هـ‪1426/‬م‪.‬‬
‫املختار"‬
‫"ترمجة العالمة أمحد اباب‬
‫‪2087‬‬ ‫مشرقي‬ ‫جمهول‬
‫التنبكيت"‬
‫"أصل سلطنة أهري وسلطنة‬
‫‪2301‬‬ ‫مغريب مشكول‬ ‫جمهول‬
‫بـ ْرنُو"‬
‫‪2041‬‬ ‫مغريب مشكول‬ ‫"ذكر بعض الوقائع يف منطقة جمهول‬

‫‪146‬‬
‫املخطوطات العربية املتعلقة ابألمازيغ يف دولة النيجر‪ :‬مناذج خمتارة من قسم املخطوطات العربية والعجمية‬

‫اغدس"‬
‫"خالفة أسرة "أغيعي‪،‬‬
‫‪7‬‬ ‫مغريب مشكول‬ ‫وتعزرت" من طوارق أهري جمهول‬
‫(النيجر)"‬
‫‪34‬‬ ‫"حبث عن قبيلة متغر يف بيلما‬
‫مغريب‬ ‫مصطفى اب غا‬
‫(النيجر)"‬
‫‪40‬‬ ‫مغريب مشكول‬ ‫جمهول‬ ‫"أول أتسيس سلطنة أهري"‬
‫‪44‬‬ ‫مغريب واضح‬ ‫حسن بن احلاج األغدسي‬ ‫"اتريخ دمرغو"‬
‫‪61‬‬ ‫مغريب‬ ‫ابراهيم حسن سعيد‬ ‫"سكان املغرب قبل اإلسالم"‬
‫‪62‬‬ ‫إمرباطورية عبد الرمحن بن عبد هللا بن عمران بن عامر‬ ‫اتريخ‬ ‫"موجز‬
‫مغريب مشكول‬
‫السعدي ت سنة ‪1066‬هـ‪1656/‬م‪.‬‬ ‫السنغي"‬
‫"كاوسن وحرب كلوي مع اتنودي بن البخاري بن األجل التنبكيت‬
‫‪64‬‬ ‫مغريب‬
‫األغدسي‬ ‫أمزورك"‬
‫"نبذة عن أمساء ملوك لبتاكو‬
‫‪79‬‬ ‫مغريب‬ ‫جمهول‬
‫وسند"‬
‫‪80‬‬ ‫مغريب‬ ‫"مراسالت بني طوارق وسنغي" ‪ :‬صديق بن حممد األمني‬
‫"نبذة اترخيية فيها خرب أول من‬
‫‪87‬‬ ‫مغريب‬ ‫جمهول‬
‫سكن أزواد"‬
‫"جمموعة من رؤاي الشيخ أمان‬
‫‪139‬‬ ‫مغريب‬ ‫بن إالجن (أحد أولياء أما بن أفاجن‬
‫أغدس)"‬
‫"النقول النواطق يف شأن الرببر حممد بلو بن عثمان بن حممد بن فودي‪،‬‬
‫‪273‬‬
‫املتوىف سنة ‪1253‬هـ‪1837 /‬م‬ ‫والطوارق"‬
‫(اعتمد يف إجنازه على املعاينة املباشرة وعلى فهرس املخطوطات االسالمية املوجودة مبعهد االحباث يف‬
‫العلوم االنسانية‪ ،‬النيجر)‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫مبارك ايت عدي ‪ -‬سالو احلسن‬

‫ملحق ‪ :2‬الورقة األوىل لبعض خمطوطات الطوارق‬


‫"اتريخ قبيلة دمرغو الطارقية"‬ ‫" نبذة عن اتريخ إماجغن"‬

‫"تنبيه االخوان على أحوال أرض السودان"‬ ‫"اتريخ سالطني أهري من أهل إغيغي وتعزرت"‬

‫‪148‬‬
‫املخطوطات العربية املتعلقة ابألمازيغ يف دولة النيجر‪ :‬مناذج خمتارة من قسم املخطوطات العربية والعجمية‬

‫"حول أصل الرببر والتوارق"‬ ‫"البقول النواطق يف شأن الرببر والتوارق"‬

‫" معاهدة بني التوارق وسنغي "‬ ‫"مصباح الظالم يف تواريخ أعيان القرن الرابع‬
‫عشر أبغدس"‬

‫‪149‬‬
‫مبارك ايت عدي ‪ -‬سالو احلسن‬

‫البيبليوغرافيا‬
‫أب غا‪ ،‬مصطفى‪ " ،‬قبيلة متْغُْر يف بي ْلما (النيجر) "‪ ،‬يوجد يف قسم املخطوطات العربية‬
‫والعجمية‪ ،‬حتت رقم ‪.34‬‬
‫األقدزي‪ ،‬حسني بن الشيخ‪" ،‬اتريخ دمرغو "‪ ،‬يوجد يف قسم املخطوطات العربية‬
‫والعجمية حتت رقم‪.44 :‬‬
‫أزانﮒ‪ ،‬إبراهيم بن عبد هللا‪ ،‬شرح منظومة تزانگت" للحسن التاموديزيت‪ ،‬دراسة وحتقيق‬
‫وتعريب حممد اهلاطي‪ ،‬منشورات املعهد امللكي للثقافة االمازيغية‪ ،‬الرابط‪.2015 ،‬‬
‫سالو‪ ،‬احلسن‪ ،‬املخطوطات العربية يف النيجر‪ ،‬كنوز األمة يف طي النسيان‪ ،‬مطبعة نور‬
‫للنشر أملانيا‪ ،‬طا‪.2019 ،1‬‬
‫سالو‪ ،‬احلسن‪ ،‬أحوال منطقة أزواغ‪ ،‬من مرحلة ما قبل االستعمار إىل عام ‪،1960‬‬
‫منشورات دار لوتس للنشر احلر‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪.2019 ،‬‬
‫القشاط‪ ،‬حممد سعيد‪ ،‬من قيادات اجلهاد اإلفريقي‪ ،‬حممد كاوسن‪ ،‬منشورات مركز مجال‬
‫بن حوبرب للدراسات‪ ،‬ديب‪ ،‬ط ‪.1999 ،1‬‬
‫موالي‪ ،‬حسن‪ ،‬فهرس املخطوطات االسالمية املوجودة مبعهد االحباث يف العلوم‬
‫االنسانية‪ ،‬النيجر‪ ،‬مطبوعات مؤسسة الفرقان للرتاث االسالمي‪ ،‬لندن‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪.2004 ،1‬‬

‫‪Ayman, Fadel, Le Département de Manuscrits Arabes et Ajamis (Mara) de‬‬


‫‪L’institut De Recherches en Sciences Humaines, Université Abdou Moumouni,‬‬
‫‪Niamey (Niger) Sudanic Africa, n 7, 1996, pp. 166-169.‬‬
‫‪Bunus, Suzanne, Recherches sur les centres urbains d’Agadez et d’In-Gal, Revue‬‬
‫‪de Monde Musulman et de la Méditerranée, n11, 1972, pp. 51-56.‬‬
‫‪Djibo, Hamani, L’Islam au Soudan Central, Histoire de l’Islam au Niger du VIIe‬‬
‫‪au XIXe siècle, l’Harmattan, Montréal, 2007.‬‬
‫‪Farmo,‬‬ ‫‪Moumouni, Boubou Hama, L’itinéraire‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪l’homme‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪du‬‬
‫‪militant, Éditions Hurtubise, Montréal, 1993.‬‬
‫‪Finn, Fuglestad, Les révoltes des Touareg du Niger, (1916-1917), Cahiers‬‬
‫‪des’études africaines, vol 13, n 49, 1973, pp. 80-120.‬‬

‫‪150‬‬
‫ مناذج خمتارة من قسم املخطوطات العربية والعجمية‬:‫املخطوطات العربية املتعلقة ابألمازيغ يف دولة النيجر‬

Claudot-Hawad Hélène, Des États-Nations contre un peuple: le cas des


Touaregs, Revue des mondes musulmans et de la Méditerranée, Année 1987, n
44, pp. 48-63.
Johannes Nicolaisen, Structures politiques et sociales des Touaregs de l’Air et de
l’Ahaggar, traduit de l’Anglais par Bernus, études Nigériennes, nouvelle-édition
de l’Institut de Recherches Humaines, Niger 1982.
Maman Saley, Les Touaregs du passé au futur, Revue internationale
d'anthropologie et de sciences humaines, n 41-42, 1996, pp. 65-81.
Urvoy, Yves. Chroniques d’Agades, Journal des Africanistes Année 1934, n 4-2,
pp. 145-177.
Moulaye, Hassane, Les Manuscrits Ajami de Département des Manuscrits Arabes
et Ajami de de l’Institut de Recherches en Sciences Humaines, l’Université de
Niamey, in Les Manuscrits Arabes et A’jAjami dans la Région Soudano-.
Sahélienne, Publications de l’Institut des Etudes Africaines, Rabat, 2006, pp. 85-
100.
Triaud, Louis, « Hommes de religion et confréries islamiques dans une société en
crise, L’Aïr aux XIX et XX siècle. Le cas de la Khalwatyya », in Cahiers des
études africaines, n. 91, 1983, pp. 239-280.
Seyni, Moumouni, Tradition manuscrite : les manuscrits africains en écriture
arabe et ajami, Comptes Rendus de l’Union Académique Internationale, Palais
des Académies, Bruxelles, 2006. Pp. 80-88.

151
169-153 ‫ ص‬،2021،‫ العدد السادس عشر‬،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‫مجلة أسيناگ‬

‫الشعر األمازيغي الريفي التقليدي بعيون مستمزغي فرنسا الكولونيالية؛‬


‫مالبسات التقييم والتأويل‬
‫مجال أبرنوص‬
‫ وجدة‬،‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬

The traditional Rif literary texts that hold in the French colonial period works are
not numerous. However, this rarity did not prevent Berberizers of the time from
analyzing these texts in order to identify their specificities, interpret their
contents and evaluate their aesthetics.
This study attempts to review the conditions under which these texts were
collected and transcribed while pinpointing the pitfalls that accompanied the
documentation of the texts and its impact on subsequent studies. It also intends to
question the conditions which have given rise to the value judgments made by
these researchers about the artistic value of the Rif poetry. Finally, it addresses
the unspoken in the interpretations relative to the confessions in these texts.
We will be tackling this task while observing the methodological foundations and
the historical (colonial) conditions which at the time oriented the work of French
scientific institutions in Morocco.
Key Words : Poetry – Amazigh – Rifan – Record – Colonial era – Context –
Evaluation

Les textes littéraires rifains traditionnels qui ont trouvé place dans les ouvrages
datant de la période coloniale sont peu nombreux. Or, leur rareté ne pouvait
empêcher les berbérisants de l’époque de les analyser en vue d’en relever les
caractéristiques, interpréter les contenus et évaluer l’esthétique.
La présente étude tente de circonscrire le contexte de leur collecte et de leur
transcription tout en mettant en lumière les pièges qui ont accompagné l’activité
de documentation et ses retombées sur les études ultérieures. Elle vise également
à questionner les conditions qui ont occasionné les jugements de valeur émis par
ces chercheurs sur la valeur artistique de la poésie rifaine. Elle aborde enfin le
non-dit des interprétations portant sur l’aveu dans ces textes.
Nous nous attelons à cette tâche sans oublier les fondements méthodologiques et
les conditions historiques (coloniales) qui ont orienté, à l’époque, le travail des
institutions scientifiques françaises au Maroc.
Mots-clés : Poésie – amazighe – rifain – notation – époque coloniale – contexte –
évaluation

153
‫مجال أبرنوص‬

‫مل يكتب ألدب الريفيني التقليدي أن يستفيد من فضيلة التدوين إال سنة ‪ ،1858‬متأخرا‬
‫بقرن ونصف عن بواكري التدوين الغريب اليت عرفها األدب األمازيغي‪ ،1‬كما مل يكتب له أن‬
‫حيظى بنفس العناية اليت حظيت هبا آداب جماالت أمازيغية أخرى‪ ،‬لذا مل تُـستنقذ منه غري‬
‫نتف قليلة موزعة بني الشعر واحلكاية‪ ،‬جاء جمملها‪ ،‬يف هيئة متون استقرائية ضمن مؤلفات‬
‫ودراسات تنشد وصف اللسان وتستغور اإلنسان واجملال‪ ،‬وترصد املزاج اجلماعي‪ ،‬مستنكفة‬
‫عن البحث يف أدبية النصوص يف ذاهتا‪ .‬أما عن حيثيات ضعف احلركة التدوينية اليت عرفها‬
‫الريف فهي مجاع وقائع وخصوصيات متتزج فيها التفاصيل التارخيية واجلغرافية‪ ،‬وتتضافر فيها‬
‫البواعث والنتائج‪ ،‬وإن بدت‪ ،‬يف تركيبها وتفاعلها‪ ،‬أشبه بروافد ومسيالت تصب مجيعها يف‬
‫عامل رئيس هو حجم الصعاب اليت كانت تنتصب أمام املستكشفني األوروبيني الراغبني يف‬
‫ولوج اجملال‪ ،‬واليت يوجزها قول موليرياس ‪" :)1931-1855( Mouliéras‬ال ميكن ألي أورويب‬
‫أن يتباهى بكونه عرب الريف‪ ،‬فهذه املنطقة جمهولة وغامضة‪ ،‬وقد ظلت حمتفظة بسرها‬
‫ومغطاة حبجاب منيع" (موليرياس‪.)46 :2007 ،‬‬
‫غري أن ندرة النصوص مل تكن لتمنع بعض الدارسني من مباشرة التأويل وعقد املقارانت‬
‫وصياغة األحكام الفنية‪ ،‬حىت أن غري العارف خيال أن املتون األدبية اليت اختذت عينات حبثية‬
‫قد حازت من الرحابة والتنوع ما مينحها صفة التمثيلية‪ ،‬واحلال أهنا نصوص ال متثل سوى‬
‫نفسها‪ ،‬أو شيئا يسريا من مسات أدب اجملال الذي مجعت منه‪ ،‬أو من مسات األدب الذي‬
‫متاثل آاثره فياجلنس واملوضوع واإليقاع وغريها من املتغريات الفاعلة يف تعيني اهلوية الفنية‪.‬‬

‫‪ 1‬يؤكد إميل الووست ‪ E.Laoust‬أن الفضل يف تدوين أول نص ريفي شفوي يعود للمستمزغ الفرنسي أدولف هانوتو‬
‫‪ AdolpheHanoteau‬املتخصص يف الشأن اللغوي والثقايف القبائلي‪ ،‬وذلك عام ‪،1858‬وحتديدا يف مؤلفه الذي تناول‬
‫فيه القواعد النحوية للهجة القبائلية (‪Essai degrammaire kabyle, Ed Bastide, Alger, 1858, pp.350-‬‬
‫‪ ،)352‬والنص من املأثور احلكائي لقبيلة قلعية‪ ،‬دونه الباحث ابعتماد احلرف الالتيين‪ ،‬إىل جانب نصوص مأخوذة من‬
‫هلجات أمازيغية أخرى‪ ،‬هبدف إظهار مقدار التماثل القائم بني الفروع اللهجية األمازيغية املختلفة‬
‫(‪.)Laoust,1926 :79‬‬
‫بعد انصرام نصف قرن على ذلك‪ ،‬سيتكفل ص‪ .‬بياراني بنشر نصوص حكائية منتمية إىل ثالث قبائل ريفية (مثسمان‪،‬‬
‫وأيثسعيذ‪ ،‬وقلعية)‪.)Biarnay, 1910 :427-437( ،‬‬
‫أما أوىل النصوص األمازيغية اليت مت نشرها أبورواب فقد كانت أبمسرتدام‪ ،‬سنة ‪ ،1715‬وقد نشرها األب نوسرت ‪Pater‬‬
‫‪ Noster‬إىل جانب نصوص أخرى بلغات خمتلفة قام بتنضيدها "جون شامربالين ‪ ،"JohnChamberlayne‬وذلك‬
‫لغاايت تبشريية‪ .‬وهي نصوص فاقدة للقيمة األدبية (اجلمالية)‪ ،‬إذ ال تعدو أن تكون عينة لسانية ‪Echantillon‬‬
‫‪ linguistique‬كاشفة لبعض مسات أمازيغية اجلنوب‪ .‬أما أوىل املدوانت األمازيغية الشفوية األدبية فقد كان فضل ختليدها‬
‫للمستمزغ "و‪.‬ب‪ .‬هودسون ‪ ،" W.B. Hodgson‬وهي تتضمن مخس أغان وسبع حكاايت قبائلية‪ ،‬وذلك سنة ‪1829‬‬
‫(‪.)Galand-Pernet, 1998 :1‬‬

‫‪154‬‬
‫الشعر األمازيغي الريفي التقليدي بعيون مستمزغي فرنسا الكولونيالية؛ مالبسات التقييم والتأويل‬

‫تنكب هذه اإلحاطة مبا قيل عن املدوانت الشعرية الريفية‪ ،‬وحتديدا مبا خطه‬
‫مستمزغو‪ 2‬فرنسا الكولونيالية خبصوص مسات هذا الشعر ومضامينه؛ سالكة طريق الرصد‬
‫النقدي للتأويالت واألحكام موضوع احلديث‪ ،‬كما تراهن علىاستدعاء الشروط واملالبسات‬
‫املوضوعية اليت أحاطت بعملية اجلمع والتدوين‪ ،‬واستحضار طبيعة اخللفيات املنهجية والغائية‬
‫اليت وجهت فعل الدراسة والتأويل‪.‬‬
‫مالبسات اجلمع والتدوين؛ مزالق وتداعيات‬ ‫‪.1‬‬

‫شكل وصف اللسان أعز مطالب الدراسات االستمزاغيةالكولونيالية اليت مهت جمال‬
‫الريف‪ ،‬إذ ابدر الرعيل األول من الدارسني إىل مجع املتون املعجمية واألدبية‪ ،‬بغرض اختاذها‬
‫مادة الستقراء اخلصائص اللسانية املميزة لتنويعات الريف األمازيغية‪ ،‬وهؤالء ابحثون‬
‫منخرطون يف مشاريع حبثية تؤطرها برامج عمل مؤسسية ال ختفى حمركاهتا االستعمارية‪ ،‬يعنينا‬
‫منهم‪ ،‬ختصيصا‪ ،‬تلك الفئة اليت ضمنت أحباثها متوان أدبية‪ ،‬سواء تلك اليت اكتفت بتدوين‬
‫النصوص وترمجتها‪ ،‬أم تلك اليت أفردت حماور لتأويل املضامني ورصد املقومات الفنية‬
‫واجلمالية اليت تنطوي عليها هذه النصوص‪.‬‬
‫يفضي النظر السوسيولوجي إىل مالحظة انتماء هؤالء إىل إحدى مجاعتني؛ عسكريون‬
‫من أطر احلماية الذين اهتموا بوصف اللهجات الريفية قصد تسهيل عملية تعلمها‪ ،‬ومن بني‬
‫هؤالء ص‪ .‬بيارانيوأ‪ .‬رينيزيو‪ ،‬ول‪ .‬جوستينار‪ ،‬وجامعيون ال خيفى حضور اهلاجس العلمي يف‬
‫أعماهلم البحثية‪ ،‬ويف طليعتهم ر‪ .‬ابصي وإ‪ .‬الووست (األزرق‪ .)82 :2010 ،‬أما عن‬
‫ا حليثيات اليت أحاطت جبمع املتون اللسانية واألدبية فيبدو أهنا كانت مشوبة حبس التحرج‪،‬‬
‫وموصومة بفقد العفوية‪ ،‬تعكس مناخ التوجس الذي يفرتض أن يسود يف ظل حماورة‬
‫استخبارية جتري بني عسكري (أو جامعي) أورويب ورجال من عوام األهايل‪ .‬كما يظهر أن‬
‫اجلمع كان يتم بعيدا عن الريف‪ ،‬وأن الفضل فيه يعود لريفيني مهاجرين عابرين أو مقيمني‬
‫مبجال االستعمار الفرنسي‪ ،‬وهكذا جلأ ص‪ .‬بياراني إىل ريفيني مقيمني بطنجة معرتفا بعدم‬
‫كفاية جمموعاته من النصوص‪ ،‬قائال هبذا الصدد‪" :‬كنت أمين نفسي‪ ،‬أن أخصص هذا‬
‫القسم [من املؤلف] لنوع من األنطولوجية اليت كان أيمل اشتماهلا على نصوص متثل كل‬

‫نستعمل اللفظ ترمجة للفظ الفرنسي ‪ ،Les berbérisants‬والذي يطلق على املتخصصني يف الدراسات األمازيغية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫بصرف النظر عن انتمائهم القطري وطبيعة ثقافتهم األوىل‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫مجال أبرنوص‬

‫قبائل الريف‪ .‬منتخبات من هذا القبيل يسهل مجعها بطنجة حيث نلتقي مبهاجرين من كل‬
‫مناطق الريف" (‪.)Biarnay, 1917: II-III‬‬
‫أما أ‪ .‬رينيزيو‪ A. Renisio‬فلم يتح له مجع املتون من جماهلا احلاضن إال بدايراليزانسنيني‪،‬‬
‫حيث أقام لفرتة طويلة مكنته من إذابة اجلليد الوجداين املنقود آنفا‪ ،‬وهو ما جعله يظفر‬
‫بنصوص شعرية أشد متثيال للمواضيع‪ ،‬بدليل ما جاء يف مدوانته من نصوص ذات إحياءات‬
‫إيروتيقية‪ .‬وهو يقول يف سياق توثيق مالبسات اجلمع‪:‬‬
‫«جزء كبري من كتابنا هذا يتعلق بدراسة هلجة اليزانسنيني‪ .‬لقد أاتح لنا طول مقامنا بني‬
‫ظهرانيهم دراسة لغتهمبتفصيل‪ ،‬كما مسح لنا أن أنخذ من أفواههم‪ ،‬أثناء طوافنا املتكرر‬
‫ابلقبيلة‪ ،‬جمموعة من النصوص‪ .‬أوردان يف هذا املؤلف أجود لقطاهتا‪.‬‬
‫ويف السياق نفسه‪ ،‬أتيحت لنا دراسة هلجات الريف (حبصر املعىن) بفضل جلوئنا إىل‬
‫خمربين (رواة) مومسيني انتقيناهم من بني أحذق الريفيني العابرين قبيلة بين يزانسن يف طريقهم‬
‫للعمل ابجلزائر‪.‬‬
‫ميمنا وجهنا‪ ،‬بعدها‪ ،‬صوب املغرب الغريب‪ ،‬وقمنا بتوسيع دائرة مالحظاتنا لتشمل هلجات‬
‫صنهاجة السراير‪ ،‬وقد اختذان خمربين من بني بعض أهايل هذه القبائل الذين كانوا سجناء سنة‬
‫‪ ،1925‬أو من الذين وفدوا إىل فاس ليستقروا هبا منذ بضع سنوات»‬
‫(‪.)Renisio, 1932: XII‬‬
‫يبدو لفظ السجناء صادما إىل حد بعيد‪ ،‬فعملية اجلمع متت هنا يف خضم اجلرب واإلكراه‪،‬‬
‫ويف ظل انتهاك فاضح لشرط التعاون اإلرادي للرواة‪ ،‬كما لو أن األمر يتعلق أبخذ عينات‬
‫من مواد ال بتدوين إفادات قولية‪ .‬يالحظ الدارس أيضا أن األمر يتعلقبإفادات رجالية‪ ،‬وما‬
‫نظنه كان سهال أمام الباحثني إجراء مقابالت مع نسوة ريفيات يف ظل احملاذير الصارمة‬
‫لالتصال بني اجلنسني داخل جمتمع تقليدي حمافظ‪ .‬أثر هذا اإلقصاء القسري يف مسألة‬
‫اهلوية اجلندرية للرواة البد أن يرخي بظالله على هوية النصوص اجملموعة‪ ،‬وخباصة يف حالة‬
‫األشعار النسائية كما هو حال شعر احلب واالستزواج‪ ،‬إذ ال يبدو من الصواب االطمئنان‬
‫لوساطة الرجال يف نقل ملفوظات نسائية الذوات واملتخيل واهلواجس واحملركات والغاايت‪.‬‬
‫عملية التدوين‪ ،‬أيضا‪ ،‬البد أن توضع موضع أتمل حبثي‪ ،‬فقد متت يف إطار درجة التزام‬
‫متفاوتة بقيود إحدى اإلمالئيات املدركة‪ ،‬وهكذا اعتمد أ‪ .‬رينيزيو‪ ،‬مثال‪ ،‬صيغة تدوينية‬
‫تتأرجح بني الكتابتني الفونيتيكية (اليت حتاكي املنطوق) والفونولوجية(اليت ال تويل ابال‬
‫زل تدوينه يف كثري من‬ ‫لالختالفات الصوتية إال ما امتلك منها صفة التمييزية)‪ ،‬كما َّ‬

‫‪156‬‬
‫الشعر األمازيغي الريفي التقليدي بعيون مستمزغي فرنسا الكولونيالية؛ مالبسات التقييم والتأويل‬

‫املطبقاتواملدغمات‪،‬ومل يلتزم أبيةأوفاق موحدة يف الوصل والفصل اإلمالئي‪ ،3‬وهو ما رفع من‬
‫حاالت االختالل القرائي اليت تسم مدوانته (أبرنوص‪ ،)25: 2016 ،‬بل إن الرسم الكتايب‬
‫كان مسؤوال عن نشوء استقراءات غري دقيقة خبصوص الشعر الريفي التقليدي‪ ،‬منثل هلا‪،‬‬
‫هنا‪ ،‬مبا عرضه الباحث عبد هللا بونفور‪ ،4‬والذي انتهى بعد إعماله لقواعد القياس العروضي‬
‫‪Règles de mesure métrique‬إىل القول خبضوع هذا النمط الشعري لتماثل عددي خاص‬
‫قوامه وجود أحد عشر مقطعا يف كل بيت (‪ .)Bounfour, 1999 : 146-147‬وهو قول‬
‫غري دقيق بدليل شذوذه عن قاعدة إمجاع الباحثني الذين قاربوا عروض النظم الريفي‪ ،‬والذين‬
‫وقفوا على بنائه اإلثين عشري (يتكون االيزيل الريفي من بيتني شعريني يضمان اثين عشر‬
‫مقطعا) (‪.)Elmedlaoui, 2006: 161-191‬‬
‫إىل جانب هذه االختالالت ذات الطبيعة الفونوغرافية يالحظ الدارس خفوت العناية‬
‫بسياقات النصوص اجملموعة‪ ،‬وعدم انشغال الباحثني بتوثيق مناسباهتا إال يف ما ندر‪ ،5‬إضافة‬

‫‪ 3‬وهكذا أمهل الباحث الصوامت النفثية ‪ Les spirants‬اليت متيز أمازيغيات الشمال مجيعها (‪ tazizwit‬عوض‬
‫‪ ،)ṯazizwiṯ‬لكنه ظل حريصا على إثبات احلركة املختلسة ‪ Le schwa‬يف كل مواقعها داخل املقاطع‪ ،‬مبا يف ذلك‬
‫موقعها يف مفتتح املقطع (‪.)ennes‬‬
‫أما خبصوص األخطاء املوصولة إلىمسألة تفكيك سلسلة القول‪ ،‬فقد جلأ الباحث يف حاالت عديدة إىل إدماج األدوات‬
‫األحادية القطعة (مورفيمات‪ :‬حدثية‪-‬زمنية‪ ،‬وظيفية‪ )...‬يف كلمات الفئات الكربى (أمساء‪ ،‬أفعال‪ )...‬اليت تتحكم فيها‪،‬‬
‫حبيث تشك ل جسما خطيا واحدا‪ ،‬متأثرا‪ ،‬على األرجح‪ ،‬إبمالئية اللغة العربية (اليت يتم فيها إدماج بعض األدوات املشار‬
‫إليها مع كلمات متعلقة هبا‪ ،‬ومن أمثلتها الضمائر املتصلة مثال‪ ،‬وبعض حروف اجلر)‪ .‬وهكذا كتب الباحث مثال‪:‬‬
‫‪ izenzišem‬عوض ‪izzenzišem‬‬
‫‪ dedduxan‬عوض‪ḏdduxxan‬‬
‫وهو م ا أدى إىل نشوء التباسات قرائية عديدة مردها إىل اختالف وضعية هذه األدوات يف اللغة األمازيغية عن نظرياهتا من‬
‫اللغات ذات القرابة من الناحية التنميطية (العربية الفصحى والعربية)‪" ،‬إذ أن جممل هذه األدوات غري اثبتة تركيبيا‪ ،‬مبعىن‬
‫أهنا تتنقل‪ ،‬يف بعض السياقات احملددة بدقة تركيبيا‪ ،‬وتصعد لكي تلتصق بعنصر قبل‪-‬فعلي يف متام مستهل‬
‫القضية"(اعمر وآخرون‪.)91 :2010 ،‬‬
‫‪ 4‬اشتغل الباحث استقراء حلكمه املشار إليه على إيزري دونه أ‪ .‬رينيزيو على هذا النحو‪:‬‬
‫‪a tarbat iṣobħen isiɣ eddnub ennes‬‬
‫‪amen tisi telɣemt erħil ellel ennes‬‬
‫وهو اإليزري الذي ميكن تدوينه (فونولوجيا)‪ ،‬درءا لكل التباس قرائي حمتمل‪ ،‬على هذا الشكل‪:‬‬
‫‪a tarbat iṣubħen, isiɣ ddnun nnes‬‬
‫‪amen tisi telɣemt rrħil n ellal nnes‬‬
‫‪ 5‬يقر بياراني ابلصعاب اليت تنتصب أمام الباحث حال جهله بسياق النصوص‪ ،‬قائال يف هذا الصدد‪:‬‬

‫‪157‬‬
‫مجال أبرنوص‬

‫إىل عدم تبيني الغموض احملدق بكثري من أمساء األعالم‪ ،‬وبعدد من املشريات التارخيية‬
‫واجلغرافية اليت حتبل هبا‪ ،‬واليت ُجتهل بواعث استدعائها من قبل الشعراء والشواعر‪ .‬مثة‪ ،‬ببعض‬
‫اإلجياز‪ ،‬نزعة لسانية ظاهرة يف توثيق اجملموعات الشعرية‪ ،‬ابملعىن الذي يتبدى منه أن هاجس‬
‫الباحثني كان توفري عينات من ملفوظات األهايل واختاذها متوان استقرائية لوصف أحناء‬
‫اللهجات وأنظمتها اللسانية املختلفة‪.‬‬
‫مطب التمثيلية وسعة التأويل‬
‫صامويلبياراني؛ ُّ‬ ‫‪.2‬‬

‫يدين مأثور الريف إىل ص‪ .‬بياراني بعملني مهمني؛ دراسته املوجزة حول أشعار الريف‬
‫الغنائية (‪ ،)1915‬ومصنفه التفصيلي حول هلجات الريف (‪ ،)1917‬وقد تضمن العمالن‬
‫نصوصا مذيلة برتمجاهتا‪ ،‬قام الرجل جبمعها يف فرتات خمتلفة من أفواه خمربين منتمني إىل قبائل‬
‫أيث ورايغلوإيبقوينوأيث توزينوإيقلعينومثسمانوإكبدانن‪ ،‬مصنفا إايها ابعتبار اللهجات الفرعية‬
‫للمخربين‪ ،‬ومقسما إايها إىل فئتني‪ :‬أ) األساطري واحلكاايت املندرجة حتت الفولكلور مع‬
‫وصف للعادات احمللية أو مواضعات األخالق النثرية‪ .‬ب) األشعار الغنائية الشعبية املنظومة‬
‫يف شكل أبيات واحللقات واألقوال املأثورة املسجوعة (‪.)Biarnay, 1917: II-III‬‬
‫اتبع الباحث يف مسلكه التدويين قواعد الكتابة الفونيتيكية‪ ،‬فجاءت الرسوم اخلطية قريبة‬
‫من منطوق الرواة‪ ،‬وهو ما أكسب نصوصه درجة انقرائية أيسر‪ ،‬وإن أدى ذلك‪ ،‬يف املقابل‪،‬‬
‫إىل بروز صعاب يف فهم املكتوب؛ ألن عيب هذا املسلك هو تسجيل كل أشكال التمايز‬
‫الصويت يف نطق األلفاظ ذات األصل الفونولوجي الواحد‪ ،‬إىل حد التشويش على مستوايت‬
‫القرابة القائمة بينها‪ ،‬مع ما ميكن أن يؤدي إليه ذلك من شيوع االعتقاد ابنعدام الصلة بني‬
‫هذه األلفاظ‪ ،‬ومن مث احتمال عدم فهم مدلوالهتا من قبل القارئ غري املستنأنس مبنطوق غري‬
‫قبيلته أو مجاعته‪.6‬‬

‫يف معظم احلاالت‪ ،‬يزي د اإلحياء الكثيف يف األشعار من صعوبة فهمها‪ ،‬والكثري من النصوص تظل مبثابة ألغاز ابلنسبة‬
‫لألجنيب عن املدشر الذي ال يعرف شيئا عن املناسبات اليت أوحت هبا‪ ،‬واألحداث اليت حفزت قرائح الشعراء‪ .‬أحد خمربينا‪،‬‬
‫الذي يتحدر من "إيبقوين"‪ ،‬والذي يقطن بطنجة‪ ،‬يزور مسقط رأسه على رأس كل سنة‪ .‬وقد أسر لنا أنه جيد نفسه غريبا‬
‫يف بلدته‪ ،‬وأنه يعجز عن فك شفرة التلميحات اليت تتضمنها اإليزران إال بعد إطالعه على شروحات قبلية‬
‫(بياراني‪.)2016:46/1915،‬‬
‫‪ 6‬إذا كان مفيدا ذكر حسنات هذه الصيغة التدوينية فهي ابلتأكيد توثيق التحقق الصويت للنص‪ ،‬ألهنا متكننا من كشف‬
‫السمات الصوتية‪ ،‬واحملافظة على خصوصيات التنويعات اللهجية اليت تعود إليها النصوص‪ ،‬ومن مث املساعدة على التوثيق‬
‫الدقيق للمجموعات األدبية‪ .‬أما عيوهبا فليست بعيدة عن هذه املزااي‪ ،‬بل منبثقة عنها‪ ،‬ومالزمة هلا‪ ،‬وأشدها أثرا تلك‬
‫الصعاب اليت تنتصب أمام الريفوفونيني (وغريهم من األمازيغوفونيني) غري الناطقني بلهجة النص‪ .‬وال سيما تلك الناشئة‬

‫‪158‬‬
‫الشعر األمازيغي الريفي التقليدي بعيون مستمزغي فرنسا الكولونيالية؛ مالبسات التقييم والتأويل‬

‫أما يف مضمار املعىن والتأويل فقد عمد الباحث إىل إجراء قراءة موضوعاتية يف عدد من‬
‫مدوانته الشعرية‪ ،‬مطلقا للسانه العنان ليصدر أحكاما عديدة خبصوص القيمة الفنية‬
‫للنصوص‪ ،‬غري مرتدد يف صياغة التعميمات االختزالية‪ ،‬حيث استهلها بقوله‪:‬‬
‫«استطعنا مجع ما يقارب ستني مقطعا شعراي تتضمن معطيات عديدة‪ ،‬نقلها إلينا رواة من‬
‫كال اجلنسني‪ ،‬يتحدرون من قبائل ريفية ثالث‪ :‬مثسمان‪ ،‬وأيثورايغن‪ ،‬وإيبقوين‪ .‬دون أن نعثر‬
‫يف أي واحد منها على ثراء اإلهلام وما ساوقه من املزااي األدبية اليت متيز قصائد سوس أو‬
‫أحيدوساألطلس ‪ .Ahidous‬ولذلك ال جند من حرج يف القول إن األشعار الريفية املغناة ال‬
‫متلك منفسحا إبداعيا كبريا» (بياراني‪.)33 :2016/1915،‬‬
‫مث ال يلبث أن يتابع‪ ،‬ختصيصا‪ ،‬يف الطريق نفسه قائال‪" :‬يبدو الشيوخ سائرين على أثر‬
‫شعراء الرتوابدور القدامى ‪ Troubadours‬والشعراء اجلوالني ‪ ،Trouvère‬وهم حمرتفون‬
‫مأجورون‪ .‬أما أشعارهم فال متلك‪ ،‬عموما‪ ،‬قيمة فنية كبرية‪ .‬إذ تفتقر يف الغالب إىل اإلهلام"‬
‫(نفسه‪.)44:‬‬
‫قبل أن يعمد إىل التخفيف من إطالقية حكمه يف موضع آخر‪ ،‬جمراي متييزا بني شعر‬
‫الرجال (إميذايزن) وشعر النساء‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
‫«أما املقاطع الغنائية اليت تغنيها الفتيات اليافعات فتكون أحياان من إبداعهن اخلاص‪،‬‬
‫وغالبا من إبداع نسوة أكرب سنا‪ .‬وهي تصل يف بعض األحيان إىل مستوى التحف الفنية‪.‬‬
‫املرأة الشاعرة ال تغرتف‪ ،‬كما يفعل الشيخ‪ ،‬إهلامها من خارج ذاهتا اخلاصة‪ .‬وهي ال تنظم‬
‫الشعر ارتزاقا‪.‬‬
‫هي ال تعرف جيدا قواعد العروض‪ ،‬ولكنها تعرب عن فكرها اخلاص‪ ،‬ومشاعرها الفردية‪.‬‬
‫آاثرها الفنية ليست منظومة ألجل اجلمهور الكبري‪ :‬إهنا تنظم وتغين لنفسها‪ ،‬وألجل جاراهتا‬
‫وصديقاهتا‪ .‬وال حيصل إال بعد حني إليزري القى جناحا داخل دائرة ضيقة أن يتم التقاطه من‬
‫قبل فتيات ايفعات‪ ،‬وأن يردد من قبلهن يف غضون االحتفاالت العامة‪ .‬ابختصار‪ ،‬ميكن أن‬
‫نستشعر صدقا أكرب‪ ،‬ومشاعر جياشة‪ ،‬وشعرية أقوى يف إبداعات النساء‪ ،‬مقارنة مع "إيزران"‬

‫عن االختالفات اللسانية القائمة بني الفروع اللهجية الريفية‪ ،‬وحتديدا ما كان منها ذا طابع صيايت‪-‬صريف وصيايت‪-‬تركييب‪،‬‬
‫ألنه كثري االطراد‪ ،‬ومن أمثلته املورفيمات الوظيفية ومورفيمات الظرف (الدالة على‪ :‬املكان‪ ،‬والزمان‪ ،‬والكم واملقادير‪)...‬‬
‫(أبرنوص‪ .) 2015:81 ،‬وعموما فإن الكتابة الفونيتيكية تزيد من توسيع دائرة االختالفات القائمة بني الفروع اللغوية‬
‫األمازيغية؛ ألهنا تربز التغيريات الصياتية اليت تنتج على مستوى السطح‪ ،‬وال تغوص إىل التمثيالت التحتية اليت تكشف‬
‫حدا أعلى من التقاطعات (نفسه)‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫مجال أبرنوص‬

‫وضوحا» (نفسه‪-44:‬‬ ‫الشيوخ‪ .‬إن إبداعاهتن تعكس‪ ،‬يف تقديران‪ ،‬الروح الريفية على حنو أشد‬
‫‪.)45‬‬

‫ال يبدو حديث الباحث عن شعر إميذايزن موضوعيا وال ذا حجية‪ .‬إذ يسهل على الناقد‬
‫األديب املتخصص يف اآلداب الشفهية أن يلحظ امتالك نصوص هؤالء ملستوايت معتربة من‬
‫األدبية (اخليال والتصوير واإلحياء واإليقاع وغريها من مظاهر االنزايح)‪ .‬أما ما يتبدى من‬
‫تسرع الباحث يف تبخيس قيمة نصوص الشيوخ فلعله راجع إىل تبخيسه احملايث غري املدرك‬
‫ملهام الوساطة واخلدمة (اإلبداع التكسيب) اليت كان يقوم هبا الشيوخ‪ ،‬إذ تبدو أشعارهم‬
‫تكرارية أبدعت سلفا حتت طلبات مستشرفة‪ ،‬قبل أن توضع حتت إشارة الزبناء‪-‬احلاضرين‪.‬‬
‫كالم الرجل عن شعر النساء‪ ،‬وإن بدا متوازان يف تقييم فنية النصوص‪ ،‬فإنه غري دقيق يف‬
‫قوله إهنن ال ميلكن معرفة جيدة بعروض النظم‪ ،‬ذلك أن أشعارهن ال تعكس شيئا من‬
‫الضعف املوصوم إال ما كان استثناء ال خيصهن دون غريهن‪ .‬وعموما فالراجح أن يكون مرد‬
‫احلكم إىل ما الحظه الباحث من الطابع العرضي (غري االحرتايف) لشاعرية النساء‪ ،‬واتصافها‬
‫بصمات الصدق والعفوية‪ ،‬خبالف حال شعر إميذايزن‪ ،‬ونعين احتمال أن ينظر إىل هذه‬
‫الصفات ابعتبارها مربرا يسوغ مترد النساء على قيود النظم أو عدم إيالئها ما تستحقه من‬
‫العناية‪.‬‬
‫أما خبصوص أتويل املدوانت الشعرية‪ ،‬فيبدو ص‪ .‬بياراني جريئا يف صوغ املعاين ال‬
‫يلجمه حتفظ‪ ،‬مأخوذا هباجس إعادة تركيب احليثيات الدرامية اليت أفرزت النصوص‪ ،‬مقحما‬
‫إايها يف خط التفسري‪ ،‬وهكذا يقول عن إحدى مدوانته الشعرية الغامضة اليت جتري بعض‬
‫أحداثها فيكنف طيور ثالثة (الباز والعوسق واحلجلة)‪:‬‬
‫«الباز والعوسق يرمزان‪ ،‬هنا‪ ،‬إىل الزوج والعشيق‪ ،‬أما احلجلة فهي املرأة املشتهاة‪ .‬يف اخلتام‬
‫ينتهي القرار هبذه األخرية إىل إابحة لعبة اإلغواء‪ ،‬معتذرة عن ذلك؛ أما زوجها‪ ،‬ورغم غلبة‬
‫الشك عليه‪ ،‬فإنه ال يبادر إىل إبقائها بعيدة عن مغرايت التسلية واملسامرة‪ .‬لذلك‪ ،‬ختربه‬
‫الزوجةأهنا ليست "جنمة"‪ ،‬وأهنا مهما بلغت من العفة والتمنع فهي لن تقاوم عرضا كهذا الذي‬
‫قدم هلا» (نفسه‪.)59 :‬‬
‫من املؤكد أن اخلروج ابلتأويل إىل هذه املساحة الرحبة أمر يستدعي وجود مؤشرات‬
‫وإضاءات‪ ،‬وهو ما يعدمه النص املطروق‪ ،‬مث إانلباحث ال يعرض يف طريقه أي قرينة لفظية‬
‫أو صورية (منطقية)‪ ،‬وال أي شاهد إثنوثقايف مساعد لتسويغ أتويالته إال ما بدا له إشارة‬
‫تزكي تفسريه القصصي (السردي) ملضمون النص‪ ،‬ومن ذلك حديثه املتعسف‪ ،‬يف هذا‬

‫‪160‬‬
‫الشعر األمازيغي الريفي التقليدي بعيون مستمزغي فرنسا الكولونيالية؛ مالبسات التقييم والتأويل‬

‫التأويل حتديدا‪ ،‬عن وجود جنمة يف بوح الشاعرة (الذات املتكلمة)؛ ألهنا تالئم قصة التأويل‪،‬‬
‫واحلال أن النص تضمن لفظ ‪ ،imežni‬املشتق من فعل ‪ ،ženn7‬والذي ليس له ابلنجمة‬
‫صلة‪.‬‬
‫وعموما‪ ،‬فمن خالل أتمل التأويالت اليت منحها ص‪ .‬بياراني جملموع النصوص اليت دوهنا‬
‫ودرسها ضمن مقاله املشار إليه‪ ،‬يتضح أن الباحث ال يعوزه اخليال األديب وال مهارة التحليل‬
‫اخلطي والداليل للنصوص‪ ،‬غري أن هذه املزية ال تعين أنه قد ظل يف منأى عن القراءات‬
‫املتعسفة لعدد من املقاطع الشعرية‪ .‬ذاك أن الباحث قام‪ ،‬بوعي أو بدونه‪ ،‬إبسقاط خصائص‬
‫الشعر الفرنسي (الشفوي واملكتوب على حد سواء) على النصوص الريفية الواقعة حتت‬
‫انظريه‪ .‬وهو ما يتجلى يف إصراره على اعتبار هذه النصوص كتال مرتاصة ذات وحدة‬
‫مضمونية منظومة عل ى حنو فردي من قبل مبدع معني الذات والصفات‪ .‬واحلقيقة أن هذه‬
‫النصوص مجاعية اإلنشاء تتداخل فيها نصوص ورواايت عديدة على حنو تشعيب‪ ،‬مما جيعل‬
‫من مهمة التحليل اخلطي عمال مشواب بقدر مناملنهاجوية‪ ،‬اليت يتم فيها فرض تصور خارجي‬
‫سابق على النص‪ ،‬وكذا حتميل هذا األخري ما ال حيتمله من البنيات والدالالت‪ .‬وهو النزوع‬
‫نفسه الذي يستشف من تصرف الباحث إزاء رمزية امللفوظات‪ ،‬إذ ليس يف املقال ما يدل‬
‫على حبث ص‪ .‬بياراني يف الدالالت اإلثنوسيميولوجية أللفاظ الطري والوحيش وغريها من‬
‫الذوات والكياانت املطردة يف مدوانته الشعرية‪ ،‬بل مثة شواهد كثرية على إسباغ الباحث‬
‫إحياءات من صميم ثقافته اخلاصة على كياانت وذوات ذات خصوصية رمزية‪.‬‬
‫هنري ابصي؛ احلكم والتأويل فرعان عن تصور املزاج اجلمعي‬ ‫‪.3‬‬

‫إذا كان من مكرمةحبثية هلنري ابسي ‪ ،)1892-1926( Henri Basset‬فهي ابلتأكيد‬


‫كتابه دراسات يف أدب األمازيغ (‪ .)1920‬عمل يتسم برحابة ابنورامية وبغىن مذهل يف إيراد‬
‫التفاصيل‪ ،‬ومصنف يعود إليه الفضل يف إنشاء عناصر عدة ملا ميكن تسميته "القانون األديب"‬
‫يف الدراسات األمازيغية (‪ .)Merolla,2006: 42‬وهو إىل جانب ذلك حبث متنوع املتون‬
‫من الزاوية األجناسية واجملالية‪ ،‬ذوطابع وصفي إثنوغرايف موجه ابألساس إىل مجهور املهتمني‬
‫ابلفلكلور عامة وإبفريقيا الشمالية خاصة‪ ،‬السيما وأنه نتاج سنوات من التحرايت امليدانية‬
‫واملأمورايت العلمية اليت أوالها املؤلف كل اهتماهه (اجملاهد‪ ،)996 :1991 ،‬وهلذا السبب‬

‫‪ 7‬متدَّد على األرض‪ ،‬جثم‪ ،‬انم (للحيوان)‪ ،‬أوى (‪.)Serhoual, 2001-2002: 241‬‬

‫‪161‬‬
‫مجال أبرنوص‬

‫يعترب املؤلف عالمة فارقة يف اتريخ البحوث الكولونيالية؛ ابلنظر إىل ندرة األعمال اليت انربت‬
‫قبله إىل مجع النصوص يف ذاهتا ولذاهتا حبثا‪ ،‬فقط‪ ،‬عن قيمتها األدبية (‪.)Boukous, 2005:7‬‬
‫غري أن هذا العمل‪ ،‬على ما حازه من التقريظ‪ ،‬يظل حمل انتقادات عديدة ابعثها أحكام‬
‫القيمة العديدة اليت مل يتوان الباحث يف إطالقها على طول مصنفه البحثي‪ ،‬ذلك أن جدوله‬
‫العام وتوصيفاته اخلاصة مرتبطة‪ ،‬على حنو عميق‪ ،‬ابملقاربة النظرانية ‪( Théorétique‬التطورية‬
‫واالنتشارية) واإليديولوجية (االستعمارية) ( ‪Bounfour, 1994 :63-70, cité par Merolla,‬‬
‫‪ ،)2006:42‬وهو ما يتبدى من خالل مجلة من التقييمات القدحية‪ ،‬فهو يقول «إن االختزال‬
‫الطبيعي للتيمات إىل أدىن تفاصيلها خاصية تسم كل اآلداب الشعبية ابلعامل‪ ،‬بيد أهنا أشد‬
‫جتليا لدى األمازيغ قياسا بغريهم؛ ألن هذا العرق ال حيوز خياال متقد احليوية"‬
‫(‪.)Basset, 1920: 127‬‬
‫ويستطرد مربرا ما يعتربه قصرا يف النفس احلكائي لدى األمازيغ‪:‬‬
‫« إهنا‪ ،‬بالشك‪ ،‬ضرورة انشئة عن طبيعة اجلمهور الذي تتوجه إليه هذه احلكاايت؛ مجهور‬
‫انفعايل يف الغالب‪ ،‬تواق إىل احلركة‪ ،‬يستضجر الوصف‪ ،‬حىت وإن كان متقنا‪ ،‬ألنه يقطع‬
‫خيط احلركة‪ .‬إهننفس اجلمهور‪ ،‬عندان‪ ،‬الذي يطالع رواية فرتاه يقفز إىل آخر صفحاهتا ليتعرف‬
‫النهاية [‪ ،]..‬والذي حيكم على الكتاب من خالل حبكته ال من خالل قوة الفكر الكامنة‬
‫فيه‪ ،‬وال دقة التفاصيل أو قيمة األسلوب الذي مييزه‪ .‬إنه اجلمهور الذي يتشكل من األطفال‬
‫والنساء ذوات املستوى الثقايف احملدود» (‪.)ibid.‬‬
‫«يف حضرة مجهور راوية احلكاايت األمازيغية جيب أن تكون احلركة متأرجحة‪ ،‬مع‬
‫وضعيات مشار إليها بكلمة‪ ،‬وحوار قصري وختطيطي‪ .‬أما تتابع األحداث فال حاجةإىل‬
‫اإلتيان به على حنو منطقي جدا‪ ،‬فأمهية األحداث كامنة يف عددها‪ .‬عدا ذلك فإن احلضور‬
‫يفهم ابلتلميح‪ ،‬وهو العارف‪ ،‬قبال‪ ،‬مضمون احلكاية أو شيئا مياثلها‪ .‬مث إن خياله‪ ،‬وبسبب‬
‫حمدوديته‪ ،‬يهرع إىل ملء الفراغات بيسر شديد‪ ،‬ويعاود إنشاء املقاطع املبتورة‪ ،‬وهو ال ينتبه‬
‫أبدا إىل ما يذهلنا من افتقار احلكاية لالتساق‪ .‬وطاملا أن احلركة ما تزال مستمرة فهو ال‬
‫يطلب شيئا أكثر‪ .‬إن ذهنه املستأنس يتابع احلكاية بغري جهد يذكر» (‪.)ibid.: 127-128‬‬
‫كل هذه القصائد [من املأثور الكتايب للقرن الثامن عشر (‪ ])18‬مل تنشر بعد‪ .‬لكننا‬
‫نستطيع أن نفرتض‪ ،‬رغم ذلك‪ ،‬أهنا ال حتبلبسعة كربى على مستوايت األصالة والفكر والتعبري‬
‫(‪.)ibid. :80‬‬

‫‪162‬‬
‫الشعر األمازيغي الريفي التقليدي بعيون مستمزغي فرنسا الكولونيالية؛ مالبسات التقييم والتأويل‬

‫يتعلق األمر‪ ،‬كما هو ابد‪ ،‬أبحكام قيمة هتم املضامني واجلماليات‪ ،‬وهي أحكام تفيض‬
‫بذاتية مع يبة ميكن التصدي هلا مبحاجة نقدية تتعرض هلذه األحكام واحدا تلو اآلخر‪ ،‬ذاتية‬
‫نبه إليها مستمزغون غربيون يف اجملال املطروق نفسه‪ ،‬يف طليعتهم ابوليت غاالنبريين ‪Paulette‬‬
‫‪Galand-Pernet‬ود‪ .‬مريوال ‪ ،Daniela Merolla‬اللتان أاثرات زالت الباحث وحتيزاته‬
‫التحكيمية يف غري م ا حمل‪ ،‬بل ووقفتا على عدد من اخللفيات اليت وجهت املشروع النقدي‬
‫الكولونيايل برمته‪ .‬وهكذا انتصبت ب‪ .‬غ‪ .‬بريين (‪ )1998‬معرتضة على رأي نقدي اعتنقه‬
‫هنري ابسي خبصوص عروض الشعر املنظوم أبمازيغية اتشلحيت‪ ،‬قائلة هبذا الصدد‪" :‬على‬
‫هذا النحو‪ ،‬ميكن أن نفسر اختالف التأويالت‪ ،‬وخباصة تلك اليت عرضها هنري ابسي‪،‬‬
‫بعدم كفاية التحليل‪ ،‬وأيضامبا يصيب الغريب عن ثقافة ما‪ ،‬عندما يقتبس من ثقافته اخلاصة‬
‫منوذجا مقرتحا‪ ،‬ويدفع به إىل االنسحاب على عروض نظميجهلهويتوخى حتليله (‪.)p.199‬‬
‫ومبوجب هذا البون اجلاري بني ثقافيت الدارس واملدروس‪ ،‬عمدت الباحثة نفسها (‪)1998‬‬
‫إىل توصيف بعض مالبسات استقبال النص األمازيغي يف الوسط الغريب قائلة‪":‬ترتبط‬
‫املشكلة‪ ،‬إذا‪ ،‬ابلنسبة الستقبال اآلاثر األمازيغية ابلوسط الغريب‪ ،‬بطبيعة التكوين األديب‬
‫للقارئ‪ ،‬ونوعية اإلصدار وشكل الرتمجة املقرتحة‪ ،‬وابلتصنيف احملتمل لألثر املعروض للقراءة‬
‫داخل أو خارج حقل أديب‪ .‬الواقع أن مفهوم األدب يتعلق لزوما بنظام ثقايف معني (‪.)p.35‬‬
‫يف ضفة هذا الرأي‪ ،‬أيضا‪ ،‬تقبع د‪ .‬مريوال‪ ،‬اليت مل ترتدد يف نقد النزوع اإلثنومركزي الذي‬
‫انطلق منه هـ‪ .‬ابسي يف كثري من قراءاته وأتويالته‪ ،‬بل ومل جتد حرجا يف اعتبار ذلك دليل‬
‫ازدراء ٍ‬
‫وتعال غري مقبولني‪ ،‬إذ تقول‪:‬‬
‫«طاملا أن اإلنتاجات "الشعبية" كانت تعترب مبثابة مرآة تعكس ثقافة منتجيها وفكرهم‪،‬‬
‫فمن السهل أن نفهم أن االنطالق من تبخيس اإلنتاجات األدبية الشفوية يقود إلىازدراء‬
‫منتجيها وثقافتهم»‪ .‬هذا امليل‪ ،‬الذي لوحظ قبال مع رينيه ابسي‪ ،‬غدا صرحيا جدايف مؤلف‬
‫هنري ابسي الذي يدعم هذا املنزع التقليداين ‪ Archaïsant‬ملا ميكن اعتباره رومانسية حمافظة‬
‫(‪.)Merolla, 2006 :44‬‬
‫لنرتك مسألة األحكام العامة جانبا‪ ،‬ولنرتبص حبديث هـ‪ .‬ابسي عن الشعر الريفي‬
‫التقليدي‪ ،‬ووجهة نظره خبصوص قيمة هذا الشعر اجلمالية وخمزونه التأويلي‪ .‬ولعل أول ما‬
‫يالحظه القارئ هو عدم ختصيص الباحث حملور خاص بشعر هذا اجملال األمازيغي أسوة‬
‫ابجملاالت األمازيغية األخرى (سوس‪ ،‬واألطلس‪ ،‬والقبائل‪ ،‬والطوارق)‪ ،‬واكتفاؤه بتوزيع حديثه‬
‫عنه عرب حماور خمتلفة من مؤلفه على حنو عرضاين‪ ،‬وحتديدا ضمن حماور ثالثة هي‪ :‬العروض‬

‫‪163‬‬
‫مجال أبرنوص‬

‫واملوسيقى‪ ،‬والسهرات الشعرية والرقص الغنائي‪ ،‬وإيزالن األطلس املتوسط‪ ،‬وهي احملاوراملوزعة‬
‫عرب فصلي‪ :‬خصائص الشعر األمازيغي‪ ،‬والشعر األمازيغي املغريب‪.‬‬
‫بيد أن عمال قرائيا آخر للباحث قد يفيدان يف هذا املضمار‪ ،‬يتعلق األمر مبقامل نشور‬
‫مبجلة التقاليد الشعبية ‪ ،)1918( ،Traditions populaires‬أجنزه سنتني قبل صدور مصنفه‬
‫اجلامع‪ ،‬جاء يف هيئة مواكبة بيبليوغرافية وتقدمي مفصل للعمل الذي أجنزه ص‪ .‬بياراني‬
‫(‪ ،)1917‬مرفق إبحاالت مطردة على مقال هذا األخري حول الشعر الريفي املغىن (‪،)1915‬‬
‫حىت إن هـ‪.‬ابسي قال عن مقاربته للنصوص الشعرية الريفية من زاوية النظر األدبية‪ ،‬إمنا هي‬
‫جمردتكثيف خلالصات ص‪.‬بياراني الواردة مبقاله املذكور (‪ .)Basset, 1918 :283‬ولإلفادة‬
‫فإن مضمون مقال هـ‪ .‬ابسي الذي نتحدث عنه هنا ال يعدم صالت مبضمون حديثه عن‬
‫الشعر الريفي ضمن مؤلفه اجلامعحول األدب األمازيغي‪ ،‬سواء على سبيل التكرار أم على‬
‫سبيل متاثل األفكار‪ ،‬لكنه ال يعدم‪ ،‬أيضا‪ ،‬أتويالت فريدة غري مدرجة هبذا املؤلف أو بغريه‪.‬‬
‫حري بنا أن نتابع احلديث عن الصالت البحثية اليت جرت بني الرجلني‪ ،‬وإن شئنا الدقة‬
‫قلنا احلديث عما يدين به هـ‪ .‬ابسي لزميله ص‪ .‬بياراني يف مضمار األدب الريفي التقليدي‪.‬‬
‫إن املنت املرجعي الذي استند إليه هـ‪ .‬ابسي يف قراءته ألدب الريفيني مل خيرج عن مدوانت‬
‫ص‪ .‬بياراني‪ ،‬كما أن شروحه التيماتية ظلت حبيسة األطر الداللية اليت رمسها هذا األخري‪،‬‬
‫بل إن أحكامه‪ ،‬أيضا‪ ،‬خبصوص املستوى الفين للنصوص ليست غري سري على أثر أحكام‬
‫ص‪ .‬بياراني اليت أثرانها آنفا‪.‬‬
‫ليس من الصعب مالحظة حديث هـ‪ .‬ابسي املطرد عن شراسة الريفيني وخشونة طبعهم‬
‫وشدة أبسهم‪ ،‬وقيامه املتكرر ابستدعاء صفات مزاجهم اجلمعي أثناء حديثه عن خمتلف‬
‫أشكال تعبريهم القويل وغري القويل‪ ،‬وهكذا فإن الرجل ال خيفي دهشته من تداول الريفيني‬
‫حكاية "ميّا ميمونة اثگناوث" (الصوفية)‪ ،‬حيث يقول‪" :‬يبدو من املدهش أن تتداول‬
‫أسطورة مماثلة من قبل ساكنة خشنة كما هو حال الريفيني‪ .‬يستشف من هذا أال وجود‬
‫ملنطقة‪ ،‬مهما بدت شديدة التخلف واخلشونة‪ ،‬مل تبلغها القداسة عن طريق بساطة الفضيلة‬
‫ونقاء القلب" (‪.)Basset, 1920: 275‬‬
‫كذلك يفعل موجها عنايته صوب الشعر‪ ،‬حيث يتوقف مستنطقا أشعار احلرب الغنائية‪:‬‬
‫[‪ ]..‬هي أشعار احلرب الغنائية‪ ،‬يتم إنشادهاسريا يف الطريقإىل العدو‪ .‬صيحات احلرب‬
‫املوزونة والتقليدية‪ ،‬شديدة القصر يف الغالب‪ ،‬تتشكل من صرخات متبوعة اببتهاالت موجهة‬

‫‪164‬‬
‫الشعر األمازيغي الريفي التقليدي بعيون مستمزغي فرنسا الكولونيالية؛ مالبسات التقييم والتأويل‬

‫للويل‪ ،‬ومن صيغ ال تنطوي على دالالت كربى‪ ،‬لكنها حتمل تناغمات حادة‪ ،‬هتدف إىل‬
‫ترويع اخلصم‪.‬‬
‫األمازيغ مجيعهم‪ ،‬على األرجح‪ ،‬ال يعرفون هذه األشعار؛ أماالريفيون‪ ،‬أشد األمازيغ ميال‬
‫للقتال‪ ،‬فإن هذه األشعار حتوز لديهم صفات مميزة جدا‪)ibid.: 324( .‬‬
‫بل إن هذا املنزع يكاد يصبح هوسا مالزما لكل حديث عن إبداعات الريفيني‪ ،‬وهكذا‬
‫يعمد الرجل كل مرة إىل التذكري بصفات الشراسة والضراوة اليت تسم الريفيني‪ ،‬يف نظره‪ .‬حىت‬
‫وهو ميتدح حيازهتم لقدر من رهافة اإلحساس األديب‪ ،‬فهو ال جيد غضاضة يف اإلحالة على‬
‫حدة املزاج الريفي وقساوة طباعه‪ .‬يقول يف مقاله املذكور (‪:)1918‬‬
‫«حتوز احلكاايت [اليت مجعها ص‪ .‬بياراني يف مؤلفه املذكور] (‪ )...‬ذلك املظهر الذي‬
‫افرتضنا مالزمته حلكاايت هذه القبائل‪ ،‬واليت تعترب من بني أشد القبائل خشونة واألقل حتضرا‬
‫من بني القبائل األمازيغية‪ .‬إنه اإلحساس نفسه الذي متنحه إايان النصوص الشعرية الكثرية اليت‬
‫تضمنها املؤلف (‪ ،)..‬واليت تظهر أن اإلحساس الشعري مالزمللسجية األمازيغية‪ ،‬وأن شعر‬
‫هذه القبائل األشد ضراوة‪ ،‬والذي تغنت به يف احلرب كما يف احلب‪ ،‬قد استطاع أن حيوز‬
‫مجاليات حقيقية جدا؛ بل وإن كثريا مما قيل يف احلب حازمستوايت تفصيل ورقة يف املشاعر مل‬
‫نكن نتوقع العثور عليها‪)p. 283( ».‬‬
‫تشي العبارة األخرية من شهادة هـ‪ .‬ابسي ببعض حيثيات تقييمه وأتويله للنصوص‬
‫الشعرية الريفية‪ ،‬إذ يتبدى‪ ،‬واضحا‪ ،‬صدى صوت ص‪ .‬بياراني‪ ،‬وتنكشف التمثالت القبلية‬
‫اجلاهزة اليت استبطنها الباحث‪ ،‬على األرجح‪ ،‬من خالل معايناته ذات احلافزيةاإلثنوغرافية‪،‬‬
‫ومن خالل مقروئه من الكتاابت االستكشافية اليت مهت الريف أواخر القرن التاسع عشر‬
‫(‪ )19‬وبداية القرن العشرين (‪ ،)20‬وحيث يتحول الرصد إىل حمفل انطباعات وأتويالت ذاتية‬
‫تنتصب فيها الذائقة الثقافية‪-‬الشخصية معيارا لتقييم اجلماليات‪ ،‬بل وحيث تتم "حماكمة"‬
‫شعرية شفاهية بقوانني الشعر الكتايب‪.‬‬
‫قد يعرض الباحث عن ذكر الطباع وذم السجااي‪ ،‬ملتفتا إىل مجاليات الفتة تسرتعي هواه‪،‬‬
‫وخباصة يف شعر النساء‪ ،‬كما يفعل يف هذين املوضعني‪:‬‬
‫كثريا ما حتوز هذه القطع القصرية [إيزران] صفات مجال كربىبسبب شحنتها الالذعة اليت‬
‫تن زل مثل ضرابت السوط على ظهر عدو‪ ،‬أو غرمي أو امرأة لعوب‪ ،‬أو حلظة التعبري عن رغبة‬

‫‪165‬‬
‫مجال أبرنوص‬

‫مطبوعة دوماببعض التوحش‪ ،‬منطوية على نربات شجية‪ ،‬وهي نربات كثرية احلضور‪ ،‬والسيما‬
‫يف الشعر الذي تنظمه النساء‪)Basset, 1918: 284( ".‬‬
‫(‪)...‬وهو ما يظهر واضحا [مناسبة النص لنوع االحتفال] من خالل قراءة هذه‬
‫القصيدة‪ ،‬اجلميلة جدا ابملناسبة‪ ،‬واليت تتغىن هبا ايفعات أيث مثسمان ابلريف؛ فهي تقوم‬
‫على قصدية‪ ،‬وتنطوي على فأل سيء أوسخرية يف غري موضعها‪ ،‬ألهناتعرب عن شكوى‬
‫امرأة شغفها ابن عمها حبا‪ ،‬لكنهاأجربت على الزواج بشيخ عجوز‪)ibid.:320( .‬‬
‫لكن ص‪ .‬بياراني‪ ،‬إذ يثين على بعض اجلماليات‪ ،‬فهو يظلمشدودا إىل البحث عن‬
‫ضراوة البوح‪ ،‬مرتبصا ببؤر التوتر اللفظي الذي يستثري أانهاإلثنولوجية املهووسة ابلغريب‬
‫واملدهش‪ .‬إهنعاجز عن التخلص من شرنقة معايريالتحكيم اجلمايل اليت نشأ عليها‪ ،‬قلماجيعل‬
‫الوصف يف منأى عن أتويل أو حتكيم انطباعيمحايثني‪ ،‬أبعد ما يكون عن قيود القراءة‬
‫املوضوعية اليت تنشد النفاذ إىل بواطن النصوص بغري عتاد منهجي معياري‪ .‬لقد الحظ‬
‫الباحث‪ ،‬يف موضع آخر من مؤلفه‪ ،‬وجود تفاوت جلي يف القيمة الفنية بني ما مجعه‬
‫أ‪.‬هانوتو ‪ )1897-1814( A. Hanoteau‬من املأثور الشعري القبائلي‪ ،‬وبني ما مجعه‬
‫س‪.‬بوليفا ‪ )1931-1865( S. Boulifa‬من اجلنس نفسه يف زمن الحق‪ ،‬وقد كان حقيقا به‪،‬‬
‫آنذاك‪ ،‬أن يسائل حيثيات عملية اجلمع إمجاال‪ ،‬لكن الرجل مل يفعل‪ ،‬بل افرتضحصول تطور‬
‫(مزعوم) يف اإلنتاج األديب القبائلي؛فعوض إرجاع "األبيات الرديئة" اليت مجعها أ‪.‬هانوتو إىل‬
‫عجز اجلنرال الفرنسي عن الوصول إىل الشعراء األكثر متثيلية‪ ،‬سلك هـ‪.‬ابسي مسلكا ينسجم‬
‫مع مضمون أحكامه العامة‪ ،‬معتربا إايهاتعبريات شاهدة على ما اعتربه ترااث شعراي أمازيغيا‬
‫(رديئا) ساد يف املاضي‪)Merolla, 2006 :51( .‬‬
‫ابجلملة‪ ،‬يبدو هـ‪ .‬ابسي منضبطا لتقاليد التلقي الفرنسي الكولونيايل آلداب‬
‫املستعمرات‪ ،‬أما عمله موضوع احلديث فليس جمرد خالصة عاكسة ملتحصل معارف العصر‪،‬‬
‫ولكنه أيضا مثال شاهد على تلكم الفئة من الدراسات الكولونيالية اليت قامت بصياغة‬
‫موضوعها‪ ،‬كما فعلت هنا مع األدب األمازيغي‪ ،‬مقللة من شأنه ومبخسة إايه‪ ،‬وذلك‬
‫بسبب اإلطار التأويلي والتحكيم اإليديولوجي الذي مس‪ ،‬بعمق‪ ،‬وصف املواد املدروسة‬
‫وأتويالهتا (‪ .)ibid.‬لقد ابح هـ‪ .‬ابسي حبجم الغموض احملدق إبيزران الريفيني‪ ،‬قائال إن‬
‫فهمها يستعصي على من ال ميلك مفتاحها (‪ ،)Basset, 1917: 284‬فهل أمكن الرجل‬
‫حيازة هذا املفتاح؟ ما من شك أن مفتاح الباحث قلما الءم نصوصه املوصدة‪ ،‬وأنه‪ ،‬بذلك‪،‬‬
‫كان واحدا من الذين يصدق عليهم قول جوليان كراك ‪:)2007-1910( Julien Gracq‬‬

‫‪166‬‬
‫الشعر األمازيغي الريفي التقليدي بعيون مستمزغي فرنسا الكولونيالية؛ مالبسات التقييم والتأويل‬

‫"ماذا تقوله للذين إذا ظنوا أهنم ميتلكون مفتاحا‪ ،‬فإهنم ال يراتحون إال بعد أن يشكلوا عملك‬
‫يف هيئة قفل"(‪.)Gracq, 1974: 161‬‬
‫خالصة‬
‫وقفنا من خالل السالف عرضه على قدر من املالبسات اليت أحاطت بعمليات مجع‬
‫وتدوين النصوص الشعرية الريفية التقليدية خالل الفرتة الكولونيالية‪ ،‬وكشفنا عن بعض املزالق‬
‫املتصلة بعملية التقييد ووصف املناسبات اليت أوحت ابإلبداع‪ ،‬مع ذكر أثر ذلك على‬
‫الدراسات الالحقة اليت اختذت هذه املدوانت متوان الستقراء السمات الفنية املختلفة‪.‬‬
‫وقفنا أيضا على بعض مالبسات التحكيم اجلمايل الذي أخضعت له النصوص الشعرية‪،‬‬
‫وكيف مت التصرف إزاءها كما لو كانت نصوصا ذات متثيلية مالئمة‪ ،‬واحلال أن األمر‬
‫يتعلقبنُـتف شعرية قليلة مجعت‪ ،‬يف الغالب األعم‪ ،‬من خارج سياقها وجماهلا احلاضنني‪ ،‬ومن‬
‫أفواه رجال (خمربين) قيض هلم أن يُوجدوا يف حميط الباحثني جامعي النصوص‪ ،‬يف ظل شروط‬
‫غري علمية‪ ،‬يف الغالب‪ ،‬حتيط هبا شبهة التعاون الالإرادي للرواة‪.‬‬
‫نبهنا‪ ،‬بعرض الشواهد‪ ،‬إىل زلل األحكام ورحابة التأويالت اليت صاغها ص‪ .‬بياراني وهـ‪.‬‬
‫ابسي‪ ،‬كما سجلنا مالحظات موازية موجزها استناد الباحثني إىل عدة منهجية من صميم‬
‫مكتسباهتما املعرفية املطبوعة خبصوصية األدب الغريب (الكتايب)‪ ،‬وجلوؤمها إىل اسقاطات غري‬
‫سليمة مل يتم فيها مراعاة الفروق الثقافية اجلارية يف هذا املضمار‪ .‬كما سلطنا الضوء على‬
‫التأرجح الالفت لـ هـ‪ .‬ابسي بني النص ومزاج منتجيه‪ ،‬ونزوعه إىل الرتبص ابأللفاظ والنربات‬
‫طمعا يف تزكية متثالته القبلية خبصوص الريفيني وطباعهم‪.‬‬
‫ميكن أن نقول‪ ،‬بكثري من اليقني‪ ،‬إن كتاابت هؤالء مثال انصع كاشفعن مسات‬
‫الكتاابت االستعمارية ذات املنزع االثنومركزي‪ ،‬غري أن ذلك ال يعين أبي حال أهنا كتاابت‬
‫غري ذات قيمة علمية‪ ،‬وأال حاجة إىل استدعائها عند مباشرة دراسات يف املوضوع‪ ،‬بل إن‬
‫ما يعنيه ذلك هو وجوب تعريضها ملشرح الدرس العلمي‪ ،‬ببيان سياقها وحتري خلفياهتا‬
‫التارخيية املختلفة‪ ،‬حىت يتاح إدراك وجهها الذايت غري الربيء‪ ،‬من الزاوية األكادميية‪ ،‬وفرزه‬
‫عن أوجه علمية عديدة ال ختفى أمهيتها على عموم املنشغلني ابلبحث يف املوضوع كما يف‬
‫اجملال‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫مجال أبرنوص‬

‫البيبليوغرافيا‬
‫أبرنوص‪ ،‬مجال‪ ،)2015( .‬الشعر األمازيغي التقليدي مبنطقة الريف؛ مجع وتدوين‬
‫وتعريب وتصنيف ودراسة‪ ،‬دكتوراه‪ ،‬جامعة حممد األول وجدة‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫أبرنوص‪ ،‬مجال (‪" ،)2016‬من هنات التوثيق االستمزاغي ملأثور الريف وصنهاجة‬
‫السراير"‪ ،‬جملة تيدغني‪ ،‬ع‪ ،5.‬س‪.4‬‬

‫األزرق‪ ،‬نورة‪" ،)2010( .‬بعض مظاهر االئتالف واالختالف يف هلجات الريف"‪ ،‬ضمن‪:‬‬
‫مسامهات يف دراسة منطقة الريف‪ ،‬منشورات املعهد امللكي للثقافة األمازيغية‪ ،‬الرابط‪.‬‬
‫اعمر‪ ،‬مفتاحة‪ ،‬بوحجر عائشة وآخرون‪ ،)2010( .‬خط وإمالئية األمازيغية‪ ،‬ترمجة فؤاد‬
‫ساعة‪ ،‬منشورات املعهد امللكي للثقافة األمازيغية‪ ،‬الرابط‪.‬‬
‫اجملاهد‪ ،‬احلسني‪ ،)1991( .‬ابسي هنري‪[ ،‬معلمة املغرب]‪ ،‬مج ‪ ،3‬منشورات اجلمعية‬
‫املغربية للتأليف والرتمجة والنشر‪ ،‬مطابع سال‪.‬‬
‫موليرياس‪ ،‬أوغست‪ ،)2007( .‬املغرب اجملهول‪ ،‬ترمجة عز الدين اخلطايب‪ ،‬منشورات‬
‫تيفراز‪ ،‬احلسيمة‪.‬‬
‫صامويل‪ ،‬بياراني (‪" ،)2016‬مالحظات حول الشعر الشعيب الريفي املغىن"‪ ،‬ترمجة‬
‫وتعليق‪ :‬مجال أبرنوص‪ ،‬ضمن جرس العشرية‪ ،‬مقاالت كولونيالية حول الريف اإلثنوثقايف‪،‬‬
‫مطبعة القبس‪ ،‬الناضور‪.‬‬
‫‪Basset, H. (1918), « Bibliographie ; S. BIARNAY, Étude sur les dialectes‬‬
‫‪berbères du Rif ; lexique, textes et notesde phonétique (Publications de la Faculté‬‬
‫‪des lettresd'Alger, t. LIV), I vol. in-8° XV-59o p. Paris, Leroux, 1917 ». In La‬‬
‫‪revue des Traditions Populaires, 33e Année, Tome XXXIII, N° 11-12, Nov.-‬‬
‫‪Déc.‬‬
‫‪Basset, H. (1920), Essai sur la littérature des Berbères, J. Carbonel, Alger.‬‬
‫‪Basset, H. (2005), Boukous, Ahmed (préf), Essai sur la littérature des Berbères‬‬
‫‪(Réédition), Paris, IbisPress, n°32.‬‬
‫‪Biarnay, S. (1910), « Étude sur les Bettioua du Viel-Arzeu », Revue africaine, t.‬‬
‫‪LIV, p. 427-437.‬‬

‫‪168‬‬
‫الشعر األمازيغي الريفي التقليدي بعيون مستمزغي فرنسا الكولونيالية؛ مالبسات التقييم والتأويل‬

Biarnay, S, (1915), « Notes sur les chants populaires du Rif », in : Les archives
berbères, Publication du Comité d’Etudes Berbères de Rabat, V.1- Fascicule 1,
P.26-43.
Biarnay, S. (1917), Étude sur les dialectes berbères du Rif (Ibeqqoyen, Ait
Ouriaghel, Ait Touzin, Temsaman, Ikebdanen, Ait Itteft), Paris, Leroux.
Bounfour, A. (1999), Introduction à la littérature berbère : la poésie, Louvain,
Peeters.
Bounfour, A. (1994), Le Noeud de la langue : langue, littératureet Société
berbères au Maghreb, Éditeur : Edisud/INALCO, Paris.
Elmedlaoui, M. « Questions préliminaires sur le mètre de la chanson rifaine »,
Etudes et documents berbères, N 24 (Décembre 2006), Paris.
Galand-Pernet, P. (1998), littératures berbères, des vois des lettres, Presse
universitaire de France, Paris.
Gracq, J. (1974), Lettrines 2, Edition Corti, Paris.
Hanoteau, A. (1958), Essai de grammaire kabyle, Ed Bastide, Alger.
Laoust, É. (1926), « Le dialecte berbère du Rif », Rif et Jbala. Éd. du Bulletin de
l'Enseignement public du Maroc.
Merolla, D. (2006), De l’art de la narration tamazight (berbère) 200 ans d’études :
état des lieux et perspectives, Edition PEETERS, Paris-ouvrain.
Renisio, A. (1932), Étude sur les dialectes berbères des Beni Iznassen, du Rif et
des Senhaja de Srair, Rabat, Publications de l’Institut des Hautes
ÉtudesMarocaines.
Serhoual, M. (2001-2002), Dictionnaire tarifit-français, Thèse de doctorat d’Etat
ès lettres, Université Abdelmalek Essaâdi, Tétouan.

169
188-171 ‫ ص‬،2021،‫عشر‬ ‫ العدد السادس‬،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‫مجلة أسيناگ‬

‫الكتابة عن األمازيغية إبداعيا‬


‫الذات واهلوية يف رواية "نوميداي" لطارق بكاري‬
‫فؤاد أزروال‬
‫املعهد امللكي للثقافة األمازيغية‬

This novel, which goes under the title Numidia, intends to contribute to the
debate that holds on the Amazigh question in Morocco as well as on the issues
inherent in the challenges facing Amazigh culture; it is also meant to answer
the major questions posed by Amazigh identity, of most concern here its
protection and recognition. This is undertaken along a narrative process which
associates the real and the imaginary, the fates of the characters and their
ambitions as well as the struggle for values and the challenges faced. The novel
is dominated by the voice of the hero who tries to restitute the "Amazigh"
childhood he lived in the village of "Ighrem". To achieve this, he makes avail of
his memory to present us with a world rich not only in traditions and myths but
also in historical and cultural Amazigh symbols. The resort to these memories
may well be viewed as a refuge for him to escape the coming fate of suffering,
anguish and heartbreak after losing his authenticity and original roots.
Key Words : culture – Amazigh – Moroccan novel – Memory – Patrimony

Le roman « Numidya » aspire contribuer au débat relatif à la question


amazighe au Maroc, aux problématiques inhérentes aux défis auxquels est
confrontée la culture amazighe et répondre aux grandes questions posées par
l’identité amazighe quant à sa protection et à sa reconnaissance. Et ce, dans le
cadre d’une construction narrative qui associe le réel et l’imaginaire, les
destins des personnages et leurs ambitions et la lutte des valeurs et des défis.
Un roman dominé par la voie du héros qui tente de restituer son enfance «
amazighe », qu’il a vécue dans la bourgade « d’Ighrem ». Il mobilise sa
mémoire pour nous présenter un monde riche en traditions et en mythes, en
symboles historiques et culturels amazighes. Un refuge pour lui pour échapper
au destin de la souffrance, de l’angoisse et du déchirement vers lequel il
s’achemine après avoir perdu son authenticité et ses racines premières.
Mots-clés : culture – amazighe – roman marocain- mémoire – patrimoine

171
‫فؤاد أزروال‬

‫إن سؤال "اهلوية"‪ ،‬مبا جره من جدل التفسريات وصراع حول الصياغات وحتديدها يف‬
‫املغرب إابن العقود األخرية‪ ،‬قاد املبدعني واألدابء حنو البحث عن القيم والتعبريات اليت ترسخ‬
‫شعور االنتماء إىل مجاعة منمازة‪ ،‬هلا موقعها اخلاص واملغاير يف عامل طاملا افرتضت أهنا تنتمي‬
‫إليه‪ ،‬لكن يف وضعية تبعية أو يف حالة "رجع صدى"‪ ،‬مما دفعهم إىل إعادة صياغة خطاب‬
‫أديب جديد مشيد على اقرتاح سبل مستحدثة يف االرتباط ابلتقاليد والتاريخ والرتاث والثقافة‪،‬‬
‫يف إطارها احمللي الوطين‪.‬‬
‫وكانت الرواية املغربية منأهم األجناس الرائدة اليت عادت إىل املتون والسجالت الفنية‬
‫واألدبية املغربية من أجل استثمارها يف بناء دالالت ومشاعر االنتماء‪ ،‬ووجدت يف الرتاث‬
‫األمازيغي ذاكرة ثرية وقوية يف التعبري عن الوعي احلديث ابلذات‪ ،‬ويف استعادة خصوصيات‬
‫التاريخ والثقافة واجملال واإلنسان‪ ،‬وراهنت عليها ابعتبارها إحدى مالمح رسم خطوطها يف‬
‫الفصل مع سواها‪ ،‬ويف ترصيص أس وجداين قوي يف التجربة التخييلية يعضد االقرتاحات‬
‫البنائية والشكلية يف حماوالهتا التجاوزية والتجريبية‪.‬‬
‫وقد حاولت هذه الرواية استعادة ما ختتزنه الذاكرة األمازيغية بصفتها حلظة وجودية للذات‬
‫الضائعة يف عاصفات اخلطاابت اهلوايتية القائمة على التهميش واإلقصاء وقهرايت اإلسكات‬
‫والتبعية‪ ،‬وابعتبارها اسرتاتيجية متاحة إلعادة صياغة الذات وهويتها يف مسار مضاد يسعى‬
‫لتقويض التمثيالت املؤسلبة اليت أنشأهتا الثقافة املهيمنة واخلطاابت الرمسية حول هذه الذات‪.‬‬
‫وهكذا جند الرواية املغربية تستعيد جمموعة من املفردات املضيئة يف الرتاث والثقافة األمازيغيني‪،‬‬
‫وبكثري من التحيز واالنتصار هلا يف سياقات من الرتميز اليت تعيد ترتيبها ضمن األنساق‬
‫التقييمية واألساليب التمثيلية‪ ،‬ويف سياقات من اإلحاالت على "الذات وما تواجهه من‬
‫ضروب التهميش واالنسحاق" (خضرواي‪ ،(237 :2017 ،‬وما حتاوله من إمساع صوهتا بعد‬
‫عقود طويلة من العنف الثقايف والسياسي‪ ،‬ألجل قهره وحصاره يف اهلامش الضيق من احلياة‪.‬‬
‫وإن هذه االستعادة ألجزاء من صوت الذات األمازيغية يف الرواية املغربية املعاصرة‪،1‬‬
‫جعلت السرد يشتبك بصوت السلطة السياسية والثقافية‪ ،‬ويطرح "منظورا إبداعيا خمالفا‬
‫وحواراي‪ ،‬يتفاعل فيه التخييلي ابلتارخيي‪ ،‬وتتواجه فيه أصوات املركز واهلامش‪ ،‬الذات‬
‫واجلماعة‪ ،‬القامع واملقموع" (بوعزة‪ ،(99 :2014 ،‬كما يف رواية "نوميداي" لطارق بكاري اليت‬
‫اختريت ضمن القائمة القصرية للجائزة العاملية للرواية العربية "البوكر" سنة ‪ ،2016‬وحازت‪،‬‬
‫يف السنة نفسها‪ ،‬على جائزة املغرب للكتاب‪ ،‬صنف السردايت واحملكيات‪.‬‬

‫‪ 1‬يقصد هنا الرواية املغربية املكتوبة ابللغة العربية حتديدا‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫الكتابة عن األمازيغية إبداعيا‪ ،‬الذات واهلوية يف رواية "نوميداي" لطارق بكاري‬

‫الذات املتعددة والصيب األمازيغي‬ ‫‪.1‬‬

‫إذا كانت الشخصية يف الرواية‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬هي العنصر احملوري الذي تتقاطع عنده كافة‬
‫العناصر الشكلية األخرى‪ ،‬ويكون أشبه ابلقلب النابض للسرد (موير‪ ،)237 :‬فإن شخصية‬
‫"البطل"‪ ،‬بشكل خاص‪ ،‬هي اليت هتيمن على جل األحداث‪ ،‬وهي اليت ال حتضر األمكنة‬
‫واألزمنة إال خلدمتها وإظهارها‪ ،‬وال تعمل الشخصيات األخرى اليت تتفاعل معها إال على‬
‫إبراز تكوينها النفسي واالجتماعي والفكري‪ .‬وتكون لصورهتا دائما وظيفة اإلابنة عن‬
‫السياقات االجتماعية والثقافية املعقدة واملتداخلة‪ ،‬والتعبري عن الرؤى اخلاصة للعامل والوجود‬
‫يف احلقبة اليت تنتمي إليها الرواية‪.‬‬
‫والبطل يف رواية "نوميداي" (بكاري‪ ،)2015 ،‬كما صاغه السارد‪ ،‬هو نتاج يتم عاشه طفال‬
‫وتب عاشه مراهقا يف املدينة‪ ،‬واغرتاب عاشه شااب بفرنسا‪ ،‬مما شكل لديه تصارعا‬ ‫يف القرية‪ّ ،‬‬
‫قواي يف هويته‪ ،‬تتقاتل فيها األحاسيس واملشاعر املتضاربة يف االنتماء دون حسم أو انتصار‬
‫جلانب على حساب آخر؛ فظل ضائعا وممزقا بني ما كانه طفال لقيطا ويتيما يف بيئة أمازيغية‬
‫بقريته األوىل "إغرم"‪ ،‬وبني ما صاره مراهقا يف مدينة فاس‪ ،‬وسط أسرة تبنته وغريت امسه‬
‫وقست عليه‪ ،‬وبني ما امتدت به هذه الصريورة وهو شاب ابلبالد وابملهجر‪ .‬فقد ظل دائما‬
‫هو "أوداد" الصغري الذي مل يغادره أبدا متصارعا مع "مراد" الذي حتول إليه بطريقة قسرية‬
‫تنطوي على الكثري من السلطة واالحتيال‪" :‬تبناين بشكل رمسي مستغال يف ذلك منصبه‬
‫وعالقاته يف وزارة الداخلية‪ ،‬وكذا سجلين يف "كناش احلالة املدنية" اخلاص به‪ ،‬وغري امسي‬
‫بطريقة ذكية من أوداد إىل مراد" (طارق‪ ،‬بكاري‪ .)140 :2015 ،‬وهذا ما خلف أثرا مدمرا‬
‫يف وجدانه وكينونته‪ ،‬مل يستطع التعايش معه أبدا‪.‬‬
‫فبسبب هذا التبين‪ ،‬وبسبب ما حلق امسه األمازيغي "أوداد"‪ ،‬الذي استبدل ابالسم العريب‬
‫"مراد"‪ ،‬تفجرت األزمة يف هوية الطفل‪ ،‬وظهرت ـ ألول مرة ـ بوادر التمزق النفسي يف ذاته‪،‬‬
‫ألن هذا التحول يف االسم ـ والذي رافقه حتول يف املكان والبيئة ـ هو‪ ،‬يف عمقه‪ ،‬حتول يف‬
‫اهلوية الفردية‪ ،‬السيما وأنه مل يتم بشكل تدرجيي‪ ،‬ومل يهتم ابحلفاظ على املركز األساس‬
‫للذات الذي يبقى ويستمر يف تشكيل اهلوية الفردية (وهلبورن‪ ،)96 :2010 ،‬فأحس الطفل‪،‬‬
‫مذاك‪ ،‬بتهديد قوي هلويته‪ ،‬هتديد أتى من استبدال االسم األول الذي أطلق عليه متزامنا مع‬
‫تغيري املكان الذي ولد ونشأ فيه‪ ،‬ولذلك ظل يوقع امسه اجلديد‪ ،‬أو يردده‪ ،‬مقروان دائما‬
‫ابالسم األمازيغي األول مرتمجا إىل العربية "مراد الوعل"‪ ،‬أي "مراد أوداد"‪ ،‬ابعتبار ذلك‬
‫وسيلة دفاع ضد التهديد الذي شعر به‪ ،‬وبصفته تشبثا أبصله األول الذي شكل وجوده‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫فؤاد أزروال‬

‫إال أن البطل عاش‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬عجزا كامال يف التحكم يف ذاته ويف توجيهها‪ ،‬ومل يستطع‬
‫تقديرها أو بناءها وهي تنمو وتتطور‪ ،‬مما أوقعه يف أزمات نفسية متواصلة قادته إىل حاالت‬
‫من اهللوسات املرضية‪ ،‬واليت كانت تغذيها ابلطاقة والقوة نساء متعددات اتصل هبن‪ ،‬إذ‬
‫كانت كل واحدة منهن تؤجج الصراع داخله بتعزيز جانب واحد من انتمائه دون بقية‬
‫اجلوانب‪ ،‬وكان ضحيتهن‪ .‬فمع الفرنسية "جوليا" والعربية اليسارية "نضال" يربز االنشداد إىل‬
‫اجلانب العريب‪ ،‬ويظهر يف احلوارات أو يف املنولوجات اخلاصة‪ ،‬ذلك أن األوىل تبحث فيه عن‬
‫مشرق "ألف ليلة وليلة" الساحر والعجائيب‪ ،‬بينما الثانية تبحث فيه عن الشاب الثائر واملتمرد‬
‫القادم من اهلامش‪ ،‬ألهنا تنتمي لتيار فكري أيديولوجي ذي نزوع قومي عريب‪ .‬أما مع‬
‫"خولة"‪ ،‬الفتاة العربية العادية‪ ،‬فقد كان يضيع متاما وسط عواصف من عقد الذنب‬
‫املتواصلة‪ ،‬بسبب العالقة امللتبسة والقوية اليت مجعت بينهما‪.‬‬
‫وبسبب هذا التمزق اهلواييت‪ ،‬وبسبب عدم القدرة على استيعاب ظروف الطفولة القاسية‬
‫واملعذبة‪ ،‬دخل البطل يف حالة إنكار غامضة يف ما يتعلق هبويته األمازيغية‪ ،‬فحاول أن خيفي‪،‬‬
‫أو يتناسى انتماءه إىل الفضاء الذي منا وترىب فيه صغريا‪ ،‬فلم يستطع ـ ابلتايل ـ أن حيقق‬
‫االتزان النفسي وأن يتوحد مع ذاته‪ ،‬وال الوصول إىل مرحلة التقبل‪ ،‬رغم عودته إىل منشأ‬
‫طفولته وفضاءاهتا‪.‬‬
‫وتظهر أعراض هذه احلالة اإلنكارية يف تذكره الدائم حملاولة انتحاره صغريا‪ ،‬ويف إعادة‬
‫اإلقدام عليها ابلطريقة نفسها إهناء لعذاابته يف النهاية‪ ،‬ويف ختيالته املستمرة حول احلياة اليت‬
‫كان سيعيشها لو أن أمه مل تتخل عنه‪ ،‬أو لو تقبله أهل "إغرم" كما وجدوه‪ .‬ويظهر أيضا‬
‫بقوة يف بناء وهم تعويضي لكل النساء السابقات‪ ،‬جتلى واضحا يف شخصية "نوميداي" امللكة‬
‫األمازيغية اخلرساء اليت صنع منها بديال لكل األخرايت لعلها تنقذه مما يقاسيه‪ ،‬وحترره مما‬
‫متثله كل األخرايت له‪ ،‬ومما ميثله هو ابلنسبة هلن‪.‬‬
‫وقد تشكل هذا اإلنكار لدى البطل منذ أن كان صغريا‪ ،‬متخذا صفة آلية دفاعية‪ ،‬وقد‬
‫كان زمنها ضعيفا ال يقدر مواجهة التهديدات اليت كان يستشعرها‪ .‬أما يف كربه‪ ،‬مل تعد ذات‬
‫فعالية كبرية‪ ،‬إذ ظلت الذكرايت ومشاعر الذنب هتامجه وتنهكه‪ .‬وكانت أتيت حاالت اهلذاين‬
‫اليت كان يدخل فيها لتخرج ما كان يكبته يف الشعوره الباطن‪ ،‬وما كان خيفيه فيه من أسرار‬
‫ال حيب البوح هبا‪ .‬ففي هذه احلاالت كانت تنهار لديه سلطة الرقيب وال يعود من اإلنكار‬
‫جدوى‪ ،‬فيظهر ما ترسب يف األان من مرحلة الطفولة‪ ،‬وتستعيد الذات احلديث ابألمازيغية‬
‫اليت استقرت يف مناطق غائرة من النفس ضمن نطاق النكوص واالنكسار‪:‬‬

‫‪174‬‬
‫الكتابة عن األمازيغية إبداعيا‪ ،‬الذات واهلوية يف رواية "نوميداي" لطارق بكاري‬

‫‪" -‬قال‪ :‬لقد عشقتك جنية الوادي "سيدة احلصان"‪ ،‬وأرادت أن متتلكك لألبد‪...‬‬
‫ابملناسبة أخربين‪ :‬هل تتقن احلديث ابللغة األمازيغية؟ ابغتين السؤال‪ ،‬فأجبت‬
‫مراوغا‪ :‬ال‪ ،‬فانطلقت أساريره بفرح فجائي‪ ،‬وصاح كأنه حقق نصرا أو فتحا مبينا‪:‬‬
‫هللا أكرب‪ ..‬هللا أكرب‪ ،‬لقد حدثتنا البارحة ابألمازيغية‪ ،‬كانت تتحدث من خاللك‬
‫وأمست نفسها "سيدة احلصان"‪ .‬قل يل أكنت تراها يف الوادي؟ (بكاري‪:2015 ،‬‬
‫‪.)360‬‬
‫‪" -‬قال يل بعد مقدمة مملة‪ :‬بعد إذنك أستاذ‪ ،‬أريد أن أسألك على أال حتسب سؤايل‬
‫ضراب من الفضول‪ ،‬هل أنت أمازيغي؟ اقصد هل تتحدث األمازيغية بطالقة؟‬
‫وأخذت نفسا عميقا من سيجاريت‪ ،‬خطر يل أن أكاشفه ابحلقيقة‪ ،‬لكن رغبة ما‬
‫مبهمة بداخلي أحلت علي أن أشحذ رواية الفقيه وجنية اجلبل‪ ،‬فأجبت‪ :‬إطالقا‪.‬‬
‫فبدت على مالحمه عالمات االستغراب‪ ،‬وقال وقد شرعت يف االنسحاب إيذاان من‬
‫أن نقاشنا انتهى‪ :‬البارحة‪ ...‬وقاطعته حبدة‪ ،‬لكي أختلص من وجع جديد ضقت به‬
‫ذرعا‪ :‬أعرف‪ ،‬أعرف‪( "...‬بكاري‪.)380 :2015 ،‬‬
‫‪" -‬بعد ان لبينا دعوة محيد وعائلته‪ ،‬هذه العائلة اليت جتشمت طيلة السهرة احلديث‬
‫ابلعربية ونسيتين‪ ،‬مل تكلف نفسها عناء االلتفات إىل وعل لقيط ينام يف الرفوف‬
‫املهملة لذاكرهتم‪ .‬كنت مأخوذا أبطفال محيد الثالثة‪ ،‬رمبا ألهنم كانوا جيرونين أكثر‬
‫من أي شيء إىل مستنقع طفوليت‪ ،‬كانوا يكركرون بشكل احتفايل‪ ،‬وتصلين‬
‫وشوشاهتم ابألمازيغية‪ ،‬فال أجد صعوبة يف فهمها‪ ،‬وعلى الرغم من انين كنت أفتعل‬
‫البسمة وأحاول ما استطعت أن أضمر احلزن الثاوي داخلي‪ ،‬إال أن جمرد التفاتة‬
‫إليهم كانت كفيلة إبرابك لغيت وإسقاط تلك البسمة‪ ...‬كانوا مالئكة إغرم"‪.‬‬
‫(بكاري‪... )158 :2015 ،‬‬
‫ويف خضم هذا الصراع الداخلي املؤمل كانت احلدود بني األان‪" /‬مراد" الشاب واألان‬
‫الطفل‪" /‬أوداد" ضيقة وغامضة‪ ،‬وكانت مشحونة ابضطراب شديديف احلواس واملشاعر‪،‬‬
‫وغامرة ابلقلق إزاء هوية مزقها واقع حياة عنيفة وغري مستقرة‪ ،‬تشكلت عرب مزيج من العوامل‬
‫والتأثريات اليت مل تنسجم ومل تتصاحل‪ ،‬فظلت األان "أوداد" تتوارى‪ ،‬أو ختفى ابعتبارها العنصر‬
‫األضعف يف شخصية البطل مبا تعاقب عليها من أحداث ومصائب‪ ،‬وكانت األكثر إاثرة‬
‫للقلق واالضطراب لديه ويف أعماق "مراد" الذي صار إليه‪ ،‬ابعتبارها اجلذر األول واألصيل‬
‫يف بناء هذه الشخصية‪ .‬وهكذا يكون الطفل "أوداد" األمازيغي جمرد وجه ممسوخ للشاب‬

‫‪175‬‬
‫فؤاد أزروال‬

‫والرجل مراد‪ " :‬وأخربك أن أوداد الوعل الذي ال انفك أحدثك عنه‪ ،‬ما هو إال الوجه املسخ‬
‫ملراد" (بكاري‪ ،)152 :2015 ،‬وأحياان يكون مشاهبه أو صديقه الويف‪" :‬كربان معا‪ ،‬وجلسنا‬
‫معا على طاولة املدرسة" (بكاري‪ ،)19 :2015 ،‬وأحياان أخرى يكون هو نفسه أطفال قريته‪:‬‬
‫"كم كنت أشبههم‪ ،‬وكم هم أان" (بكاري‪... )172 :2015 ،‬‬
‫من خالل مسار حياة البطل‪ ،‬تقارب هذه الرواية قضية عودة الذات الضائعة إىل أصوهلا‬
‫حبثا عن الصفاء والسكينة‪ ،‬وحبثا عن حلظات تكوهنا وتشكلها األوىل بكل سعاداهتا‬
‫ومواجعها اليت توارت بعيدا يف الذاكرة حد النسيان‪ .‬وتقارب قضية األان واآلخر يف الذات‬
‫الواحدة وقد تشظت بني كياانت متعددة تشكلت عرب اتريخ طويل من الشروخ والتشوهات‬
‫والقلق‪ ،‬وامتدت من رحلة الطفل األمازيغي اليتيم "أوداد"‪ ،‬إبحدى القرى اجلبلية النائية؛ إىل‬
‫رحلة التبين من لدن عائلة مبدينة فاس‪ ،‬غريت امسه إىل "مراد"‪ ،‬وقست عليه أكثر مما قست‬
‫عليه الظروف واألقدار من قبل؛ مث رحلة االغرتاب بفرنسا حيث سيفقد األمان‪ ،‬ويسقط‬
‫فريسة األمراض النفسية والبدنية معا‪.‬‬
‫والرواية‪ ،‬يف بنائها السردي‪ ،‬سفر قاس من احلاضر إىل املاضي ألجل استعادة اهلوية‬
‫الضائعة‪ ،‬وحماولة لبناء اتريخ حياة الطفل األمازيغي الذي مل تبق منه إال ذكرايت بعيدة‬
‫وغائمة‪ .‬يقول السارد يف بداية حكيه بعبارات مشحونة ابلرموز واالستعارات‪:‬‬
‫‪" -‬كنت أعلم أنين اقرتف بعوديت اجملنونة إىل هذه القرية خطأ فادحا‪ ،‬وأن العودة ال بد‬
‫أن حترك على بسخط كل ذكراييت الراسبة‪ .‬أعود إىل إغرم مضرجا أبوجاع جديدة‪،‬‬
‫أعود ألوقظ تعبا قد خلته إىل وقت قريب قد انطفأ هنائيا‪ ...‬يف إغرم‪ ،‬هذه القرية‬
‫الغريبة واجلميلة‪ ،‬سيشتعل فتيل الذاكرة ‪("...‬بكاري‪.)11 :2015 ،‬‬
‫‪ ..." -‬لكنهم كلهم ال يرون يف إغرم أبعد من أنوفهم‪ ،‬هذه القرية لن يفهم سحرها‬
‫ومجاهلا إال من اخرتقت قلبه حقن أفيوهنا‪ .‬جلسنا إىل طاولة‪ ،‬انديت حممد‪ ،‬فهرول‬
‫إيل‪ :‬صباح اخلري سي مراد‪ ،‬أأتمر بشيء؟ صباح اخلري‪ ،‬من فضلك أريد فطورا أمازيغيا‬
‫اصيال‪( ".‬بكاري‪.)15 :2015 ،‬‬
‫‪" -‬سأحكي لك فيما بعد عن غريب مر من هنا طفال‪ ،‬وجدوه متلفعا يف بياض بعد أن‬
‫ختلت عنه إحداهن‪ ،‬وأمسوه أوداد وهي كلمة أمازيغية تعين الوعل" (بكاري‪:2015 ،‬‬
‫‪... )19‬‬

‫‪176‬‬
‫الكتابة عن األمازيغية إبداعيا‪ ،‬الذات واهلوية يف رواية "نوميداي" لطارق بكاري‬

‫وتعتمد الرواية يف هذا السفر على آلية االسرتجاع اليت ‪-‬كما هو شأن مجيع‬
‫االسرتجاعات‪ -‬تقع خارج القصة األصلية للرواية‪ ،‬وأتيت لتمأل الفجوات اليت خيلفها السرد‬
‫(حبراوي‪ )121 :1999 ،‬واملتوارية يف أعماق الذاكرة‪ ،‬ولتخرج إىل النور ما استقر يف األعماق‬
‫املظلمة من النفس‪ ،‬وكل ما ترسب فيها مما تعلق ابألمازيغية بعد سنوات طويلة من البعد‬
‫واهلجران‪.‬‬

‫األْساء وإحياءاهتا اهلوايتية‬ ‫‪.2‬‬

‫يقول روالن ابرط‪" :‬تنبغي مساءلة اسم العلم دائما بعناية‪ ،‬ألنه‪ ،‬إذا جاز القول‪ ،‬أمري‬
‫الدوال‪ .‬فإحياءاته االجتماعية والرمزية غنية" (نقال عن حممد‪ ،‬العماري‪ .)99 :2001 ،‬ويف‬
‫الكتابة الروائية ال ختضع أمساء األعالم "لنفس القواعد واإلكراهات اليت ختضع هلا يف احلياة‬
‫االجتماعية الواقعية‪ .‬إذا كانت السمة التعريفية اجلوهرية يف اسم العلم هي ختصيص وتعيني‬
‫مرجع متفرد‪ ،‬فإن هذا املرجع يف العامل الروائي ال وجود له إال ابعتباره كائنا ختييليا‪ ،‬أو "كائنا‬
‫من ورق"‪ ،‬على حد تعبري ابرط‪ .‬وهو ما يرتتب عنه أن كاتب الرواية ميلك قدرا أكرب من‬
‫احلرية واملبادرة يف انتقاء أمساء شخصياته وصياغتها‪ ،‬من ذلك الذي تنتجه احلالة املدنية‪ ،‬فهو‬
‫يستطيع اللجوء إىل األمساء املتداولة يف الواقع‪ ،‬لكنه يستطيع كذلك توليد أمساءه اخلاصة‪،‬‬
‫جاعال من التسمية نسقا مسيائيا حافال ابإلحياءات والرموز" (العماري‪..)99 :‬‬
‫ويف رواية "نوميداي"‪ ،‬اختريت أمساء الشخصيات بدقة وعناية فائقتني لتؤدي وظائف رمزية‬
‫غنية‪ ،‬ولتشكل عالمات نصية حتمل دالالت تعكس هوايت حامليها وخصائصهم الذاتية‪،‬‬
‫فخضعت بذلك لقوانني وأساليب حمكمة يف الصياغة واالقرتاح‪ .‬ففي أكثر من مكان يركز‬
‫السارد‪ /‬البطل على عملية التسمية ابعتبارها مؤشرا قواي على حقيقة اهلوية لدى‬
‫الشخصيات‪ ،‬السيما شخصية البطل‪ ،‬ويعرب عن ذلك‪ ،‬مثال‪ ،‬يف قوله‪" :‬وامسوه أوداد وهي‬
‫كلمة أمازيغية تعين الوعل‪ .‬كربان معا‪ ،‬وجلسنا معا إىل طاولة واحدة يف املدرسة‪ ...‬إنه أوداد"‬
‫(بكاري‪ ،)19 :2015 ،‬و"كربت كوعل بني أجراف اجلبل احلادة‪ ،‬حرا طليقا‪ ،‬وهلذا السبب‬
‫أطلقت علي القرية اسم أوداد‪ ،‬واليت تعين الوعل ابلعربية" (بكاري‪ .)218 :2015 ،‬وحينما‬
‫يتم االلتفاف على هوية هذا البطل‪ /‬الطفل ألجل طمسها واستبداهلا أبخرى غريبة أتسيسا‬
‫على القوة واحليلة‪ ،‬يكون املدخل الرئيس لذلك أيضا هو االسم نفسه‪" :‬تبناين بشكل رمسي‬
‫مستغال يف ذلك منصبه وعالقاته يف وزارة الداخلية‪ ،‬وكذا سجلين يف "كناش احلالة املدنية"‬
‫اخلاص به‪ ،‬وغري امسي بطريقة ذكية من أوداد إىل مراد" (بكاري‪.)140 :2015 ،‬‬

‫‪177‬‬
‫فؤاد أزروال‬

‫إن أمساء أهم شخصيات هذه الرواية تلعب دورا كبريا يف حتديد انتمائها اهلواييت‬
‫لألمازيغية‪ ،‬ويف إبراز طبيعة هذه اهلوية وامتداداهتا اللغوية والتارخيية واالجتماعية‪ ،‬وقد ابتدع‬
‫خيال الكاتب هلذا الغرض العديد من األمساء‪ ،‬كاسم البطل "أوداد"؛ واستعار أخرى من‬
‫التاريخ والرتاث‪ ،‬كاسم احملبوبة املتخيلة للبطل "نوميداي"؛ ووظف غريها من األمساء املتداولة يف‬
‫الواقع واملرتبطة بنثرية سجالت احلالة املدنية (العماري‪ ،)102 :2001 ،‬كاسم "احمند" األب‬
‫األول ابلتبين للبطل‪.‬‬
‫ولعل يف اإلشارة داخل الرواية إىل أن االسم "أوداد" كلمة أمازيغية‪ ،‬ويف شرح معناها‬
‫ابلعربية "الوعل"‪ ،‬ويف التأكيد عليها بعبارة "إنه أوداد"‪ ،‬حماولة من السارد يف تركيز االنتباه‬
‫على هذا االسم ابعتباره عالمة مركزية واثبتة يف النص‪" :‬وامسوه أوداد وهي كلمة أمازيغية تعين‬
‫الوعل‪ .‬كربان معا‪ ،‬وجلسنا معا إىل طاولة واحدة يف املدرسة‪ ...‬إنه أوداد" (بكاري‪:2015 ،‬‬
‫‪ .)19‬ويزداد إحياء هذه االسم أكثر حينما تتشابك العالقة بني حامله وشخصية احملبوبة‬
‫الومهية واآلسرة اليت مسيت بـ"نوميداي"‪ ،‬واليت وصفت أبهنا امللكة األمازيغية اخلرساء‪ ،‬ويف‬
‫عالقته مع امسه اجلديد "مراد" الذي أطلق عليه قسرا وحتريفا‪ ،‬والذي يعين يف اللغة العربية‬
‫املرغوب واملأمول‪ ،‬ومع حبيبته األوىل املسماة "خولة"‪ ،‬اليت انتحرت بعد حب صادق‬
‫وعاصف‪ .‬وهنا‪ ،‬إذا كان اسم "نوميداي" يتناسق مع املرجعية الذاتية للبطل وميتد معها‪ ،‬فإن‬
‫اسم مراد يشكل رمزا أو إحياء إىل ما يراد أو يؤمل أن حتول إليه هذه املرجعية بعد طمس‬
‫أصلها وجوهرها احلقيقيني‪ .‬أما اسم "خولة" الذي معناه يف العربية الظبية الصغرية‪ ،‬فيلمح إىل‬
‫أن السارد‪ /‬البطل كان حياول جر صاحبته إىل مرجعيته األصلية‪ ،‬كما جرى مع كل النساء‬
‫األخرايت ملا تبعنه إىل قريته األمازيغية "إغرم"‪ ،‬فحىت جوليا الفرنسية ظلت بعد أن عرفت‬
‫امسه األصلي تناديه ابلوعل‪" :‬احبك اي وعلي"(بكاري‪ ،)150 :2015 ،‬وكان هو يراها أيضا‬
‫غزالة‪ ،‬فيصفها بذلك كل مرة‪" :‬كانت أروع من غزالة" (بكاري‪ ،)155 :2015 ،‬ـ و"تفر‬
‫كغزالة" (بكاري‪... )157 :2015 ،‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فربغم أن االسم الذي سيلتصق ابلبطل فيما بعد هو "مراد"‪ ،‬فقد‬
‫ظلت لفظة "أوداد" ملحقة به مرتمجة يف تسمية مركبة "مراد الوعل"‪ ،‬وظل هذا "الوعل‬
‫األمازيغي" ميتلئ ابلدالالت واملعاين داخل مسار السرد‪ ،‬وظل يشكل صورا متعددة من‬
‫سلوكاته وأحاسيسه من خالل التعابري االستعارية املتنوعة من قبيل‪ :‬ـ "قفزت من السرير خبفة‬
‫وعل" (بكاري‪ ،)113 :2015 ،‬ـ "ما أتعب نوم الوعول" (بكاري‪ ،)163 :2015 ،‬ـ "أحس‬
‫أن شيطاان أمحر الوجه ذا قرون وعلية يقبع داخلي ويبقر أحشائي كلما انفجر‬
‫ضاحكا"‪(،‬بكاري‪"،)118 :2015 ،‬وشيطان ذو القرون الوعلية داخلي أمحر" (بكاري‪،‬‬

‫‪178‬‬
‫الكتابة عن األمازيغية إبداعيا‪ ،‬الذات واهلوية يف رواية "نوميداي" لطارق بكاري‬

‫‪" ،)121 :2015‬ما أبشع ان يطعن الوعل يف حريته ‪ ...‬أن يسجن خلف قضبان قفص‬
‫حديدي يف حديقة احليوان" (بكاري‪" ،)142 :2015 ،‬كان حنني الوعل دائما للجبل ومحرته‬
‫العنيفة للوادي وصخوره الصماء الصلبة للحقول وخضرهتا تتناسل يف الروح وتبحث اجلسد‬
‫إحساسا فجا ابحلرية" (بكاري‪... )133 :2015 ،‬‬
‫وال شك أن التصاق صفة "الوعل" ابالسم البديل "مراد" هو من أجل متييزه عن كل من‬
‫حيمل مثل هذا االسم البديل‪ ،‬الذي هو اسم "مستورد ذو نكهة شرقية" (حبراوي‪:1990 ،‬‬
‫‪ ،)248‬ومن أجل التذكري ابالسم األول وبكل ما خيتزله من معان ودالالت‪ ،‬وابلسمات اليت‬
‫اكتسبها يف مراحله األوىل‪.‬‬
‫أما اسم "نوميداي" الذي اختاره البطل للحبيبة األخرية واملتومهة‪ ،‬فهو ذو كثافة اترخيية‬
‫وهوايتية حتددها العبارة اليت تلتصق هبا دوما"امللكة األمازيغية اخلرساء"‪ .‬وهي كما يقول‬
‫الكاتب نفسه‪" :‬نوميداي ال ينقص كمال حسنها سوى صوهتا الغائب‪ ،‬أن تكون خرساء‪،‬‬
‫فلألمر أكثر من رسالة جيدر أن تفهم على رأسها ما يتعلق ابلثقافة األمازيغية‪ ،‬جبماليات‬
‫الثقافة األمازيغية‪ ،‬اليت غالبا ما تكون صامتة أو تدفع إىل الصمت"(بكاري)‪ .‬ويؤكد السارد‬
‫هذا التفسري بلغة جمازية قائال‪" :‬وألنين ال أعرف امسها من جهة‪ ،‬وألن مالحمها تقول‪ ،‬مبا ال‬
‫يدع الشك‪ ،‬إ هنا أمازيغية‪ ،‬فقد فكرت أن أمسيها ابسم إحدى امللكات األمازيغية اليت‬
‫انقرضت منذ زمن غابر‪ ،‬أن أمسيها "نوميداي"‪ ،‬نعم نوميداي‪ .‬هذه امللكة اليت ال أدري أين‬
‫نسيت مملكتها‪ ...‬عودي‪ ،‬ففي القلب لك مملكة جديدة" (بكاري‪.)222 :2015 ،‬‬
‫ويتحدد قطاع كبري من الداللة اهلوايتية األمازيغية يف اسم "نوميداي" مبوقع شخصيتها‬
‫داخل نسيج عالقاهتا مع الشخصيات النسائية األخرى‪ ،‬فهي تبدو فرصة خالص من‬
‫التشتت والضياع اللذين متارسهما النساء األخرايت على البطل أوداد‪ ،‬السيما شخصييت‬
‫جوليا ونضال‪ .‬ويف ذلك يقول الكاتبأيضا‪" :‬أما عن نوميداي اخلرساء‪ ،‬امللكة األمازيغية اليت‬
‫تتخفى وراءها مملكة "نوميداي" التارخيية‪ ،‬فال يفوتين أن أذكر ابلسياقات السردية اليت‬
‫استدرجتنا إليها؛ هي حضرت عموما بعد أن بلغ ابلبطل االعتالل النفسي مبلغا كبريا‪ ،‬وبعد‬
‫تظهر بني الواقع واخليال حبيث ال يدري البطل إن كانت‬‫أن أصيبت دواخله هبشاشة مفرطة‪ُ ،‬‬
‫حتضر يف األخري ابعتبارها اجلمال الكامل‬
‫من حلم ودم أم جمرد هلوسة من هلوسات البطل‪ُ ،‬‬
‫واملنشود‪ ،‬خرسها الذي قد يبدو مظهرا من مظاهر النقص إن هو إال إحدى صفات الكمال‬
‫ابلنسبة لبطل أحوج ما يكون ملن يسيخ السمع لوجعه العتيد بدل أن يرهق مسعهه بثرثرة دون‬
‫جدوى" (بكاري)‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫فؤاد أزروال‬

‫وهلذا‪ ،‬ال ميكن أن يكون الكاتب قد اختار هذا االسم األمازيغي‪ ،‬أي نوميداي‪ ،‬بكل‬
‫خلفياته التارخيية واألسطورية عنواان لروايته اعتباطا أو صدفة‪ ،‬بل اختاره من حيث هو "الفتة‬
‫داللية ذات طاقة مكتنزة‪ ،‬ومدخل أويل البد منه لقراءة النص" (العالق‪،)173 :1997 ،‬‬
‫ولتوجيه آفاق االنتظارات إىل األفكار واملعاين اليت تود الرواية اإلفصاح عنها‪.‬‬

‫املكان والتشكل اهلوايت‬ ‫‪.3‬‬

‫أولت الرواية عنصر املكان أمهية كربى‪ ،‬وجعلت منه احملدد الرئيس هلوية البطل ولطبيعة‬
‫تفاعل الشخصيات معه‪ ،‬ومركز احلدث األساس وشكل امتداده يف األحداث األخرى اليت‬
‫جرت أبماكن أخرى‪ .‬بل وأبعد من ذلك‪ ،‬رمست من خالله صراعا بني هوية أصلية تشكلت‬
‫عرب االنتماء األويل إليه وبني هوايت أخرى تشكلت فيما بعد من خالل التحرك يف أمكنة‬
‫أخرى دون أن متحو األوىل‪ ،‬أو تكون بديال هلا‪" :‬غادر إغرم‪ ،‬لكنها ظلت مزروعة داخله‬
‫وظل مسكوان هبا" (بكاري‪" ،)132 :2015 ،‬حني قفلنا راجعني‪ ،‬مجعت جلوليا قصفة من‬
‫"أزير" هذه النبتة املنتشرة بكثرة على هذا التل أبرجيها الغريب واجلميل يف آن‪ ،‬سكنت‬
‫وجداين‪ ..‬وعلى الرغم من أنين تركت إغرم صغريا‪ ،‬إال أن هذا العبق ظل يصطحب داخلي‬
‫ويرقص جبنون ويفيض حنينا"(بكاري‪... )175 :2015 ،‬‬
‫فقرية "إغرم"‪ ،‬اليت تعين تسميتها ابألمازيغية القصر أو احلاضرة‪ ،‬هي املكان الوحيد الذي‬
‫احتضن كل األحداث‪ .‬ومل حتضر األماكن األخرى‪ ،‬كفاس والدار البيضاء وابريس‪ ،‬إال عرب‬
‫فعلتها حوافز قائمة بفضاءات "إغرم"‪ .‬لذلك‪ ،‬فهذه القرية ليست‬ ‫اسرتجاعات أو ذكرايت ّ‬
‫جمرد مكان جيسد مرحلة من مراحلحياة البطل‪ ،‬بل هو ابلنسبة إليه كل الوطن‪ ،‬واألم‬
‫املفقودة‪ ،‬واالنتماء احلقيقي الوحيد‪ .‬يقول الكاتب "لكن إغرم‪ ،‬هذه القرية اليت أدمنها البطل‪،‬‬
‫بقدر ما استنطقت وجعه استنطق مجاهلا واترخيها‪ ،‬وذاكرة أهلها وحكاايهتم العجائبية‪ ،‬وهنا‬
‫ط رواية نوميداي اللثام عن بعض األشياء النادرة والعميقة يف الثقافة األمازيغية واملوروث‬
‫متي ُ‬
‫الشعيب األمازيغي" (بكاري)‪ .‬وهذا ينم على أن الرواية حتاول أن تستعيد العديد من عناصر‬
‫الثقافة األمازيغية األصيلة املنسية واملبخسة عرب استنطاق ذاكرة املكان‪ ،‬وعرب جعل البطل‬
‫"مراد الوعل" منشغال دوما مبديح الفضاء األمازيغي واإلحلاح على وصفه وحتديد هويته‬
‫األمازيغية من خالل أشيائها وفنوهنا وانسها‪ :‬إغرم قرييت الفاضلة‪ ،‬مملكة اجلنة‪ ،‬إغرم‪ ،‬إغرم‬
‫هدوء مليكة يف عرشها األخضر‪ ،‬وحدها إغرم ال ختون ‪...‬‬

‫‪180‬‬
‫الكتابة عن األمازيغية إبداعيا‪ ،‬الذات واهلوية يف رواية "نوميداي" لطارق بكاري‬

‫ويتجاوز فضاء إغرم‪ ،‬يف هذه الرواية‪ ،‬كونه ذو داللة جغرافية إىل فضاء ذي دالالت‬
‫ثقافية ووجدانية‪ ،‬متألها أحداث الرواية برموز هوايتية من خالل عالقة البطل أبجزائه‬
‫وعناصره‪ ،‬ألهنا جعلت منه مكاان مفعما ابأللفة وفاعال يف احلماية‪ ،‬وأييت "مزجيا من املكان‬
‫احلاضر ومكان الذكرى‪ ،‬وال أييت إال عند إيصال طريف السلك السالب املكان احلاضر‬
‫والسلك املوجب املكان الذكرى‪ ،‬ويتم توليد مكان اثلث" (النابلسي‪ )15 :1994 ،‬ذي بعد‬
‫نفسي وطابع حنني رومانسي‪ .‬ولذلك عاد إليه البطل هراب من انتكاساته ومتزقاته يف األماكن‬
‫والفضاءات األخرى‪ ،‬اليت تتسم بكوهنا معادية ومهددة لتماسك ذاته‪" :‬هي املدينة اليت نفيت‬
‫اليها بعد إغرم" (بكاري‪" ،)129 :2015 ،‬من الصعب أن يعيش وعل يف املدينة من دون أن‬
‫يتحول إىل كلب ضال أو هر" (بكاري‪" ،)133 :2015 ،‬املدينة ترفض أمثايل وأمثال‬
‫مصطفى وابطال الرواايت اليت كان خيتارها يل" (بكاري‪ 144 :2015 ،‬ـ ‪" .)145‬قلت‬
‫ملصطفى ذات حديث شجي؛ متنيت لو أحرق تلك املدينة مبا فيها ومن فيها" (بكاري‪،‬‬
‫‪... )145 :2015‬‬
‫وألن الصراع يف دواخل البطل كان بني الطفل األمازيغي اليتيم وبني الشاب والرجل‬
‫اللذين حتول إليهما‪ ،‬فقد كان املكان يضغط بقوة على وعيه ليجري مقارانت بني فضاء‬
‫الطفولة بقرية "إغرم" وبني الفضاءات اليت عرب فيها فيما بعد‪ ،‬فينحاز بكثري من بالغة‬
‫التفضيل لألول ابعتباره مكاان جاذاب‪ ،‬وابعتبار الثانية أمكنة طاردة مليئة ابلنفور واألمل‬
‫واالمشئزاز‪:‬‬
‫‪" -‬حني قفلنا راجعني‪ ،‬مجعت جلوليا قصفة من "أزير" هذه النبتة املنتشرة بكثرة على‬
‫هذا التل أبرجيها الغريب واجلميل يف آن‪ ،‬سكنت وجداين‪ ..‬وعلى الرغم من أنين‬
‫تركت إغرم صغريا‪ ،‬إال أن هذا العبق ظل يصطحب داخلي ويرقص جبنون ويفيض‬
‫حنينا‪ .‬املدن‪ ،‬كل املدن املغربية تستنبت أزير وينجحون يف ذلك‪ ،‬لكنه يبقى نسخة‬
‫رديئة وأقل أرجيا‪ ،‬بل وسرعان ما يبهت لونه ويصبح ايبسا سريع االنكسار‪ ،‬أما أزير‬
‫إغرم فإن لونه األخضر القامت ال يغريه اختالف الفصول‪ ،‬كما أن رائحته هتاجم األنف‬
‫بشراسة وتبقى ومشا يف الذاكرة" (بكاري‪.)175 :2015 ،‬‬
‫‪ ..." -‬تلقفتين املدينة كهدية من السماء‪ ،‬فتحت أضلعي كأهنا تفك خيوط اهلدية‪ ،‬فما‬
‫وجدت غري قلب مدمى‪ ،‬مل ترأف به بل دقت فيه العديد من املسامري الغليظة وردت‬
‫األضلع إىل حيث كانت‪ ،‬كأمنا مل تفعل ابلقلب ما فعلت ‪ ...‬وأسلمتين لنزيف موجع‬
‫ال ينقطع" (بكاري‪.)139 :2015 ،‬‬

‫‪181‬‬
‫فؤاد أزروال‬

‫‪ ..." -‬أطلعين على وجه املدينة احلقيقي للمدينة‪ .‬كنت أملح الذين يعظون الناس‬
‫وينصحوهنم هنارا‪ ،‬وهم سكارى تتقاذفهم اجلدران ليال‪ ،‬فكيف ينهون عن شيء‬
‫وأيتون مبثله؟ أي خراء هذا الذي يقبع داخل مجامجهم‪ .‬أي روائح للزبل تتبخر من‬
‫أفواههم الواعظة‪ .‬يف ليل املدينة العاهرة‪ ،‬مسعت صراخ بعض النساء وهن يضربن أو‬
‫يغتصب‪ .‬رأيت اللوايت يتسللن ليال إىل منازل أخرى‪ ،‬وأتملت السكارى وهم يعربدون‬
‫ويضربون كل شيء جيدونه أمامهم السيما أكياس القمامة‪ .‬رأيتهم يتبولون على‬
‫األرصفة واجلدران أو يصطفون أمام أبواب املومسات ويدخلون تباعا‪ ،‬ليل املدينة‬
‫يعري اجلسد املسخ للقبيلة اليت تعيش داخل كل فرد‪ ،‬هذا اجلسد املسخ الذي مت‬
‫السعي على مر قرون إىل مواراته يف أثواب بيضاء ال تصلح له بل‪ ،‬وال تزيدهإال‬
‫بشاعة‪ .‬اغتالت املدينة أفراحي املؤقتة" (بكاري‪.)145 :2015 ،‬‬
‫وحىت ملا ركزت الرواية‪ ،‬يف بعض اجلوانب‪ ،‬على مرجعية القرية الواقعية‪ ،‬كانت تبين‬
‫دالالت هوايتية ابمتياز‪ ،‬ابعتبارها جزءا من الوجود أو الكينونة الذاتية واجلماعية ألشخاص‬
‫وأسر وقبائل تتحدد هويتها بفضائها‪ ،‬وتستمد خصائصها منها‪ ،‬وتضيع خارجها‪:‬‬
‫‪" -‬والليل‪ ...‬هذا املتغطرس اجلبار‪ ،‬كيف جيثم على صدر إغرم ودون أن تلعنه أو تنتفض‬
‫يف الوقت الذي يقاومه آيت مرغاد هناك يف أعايل اجلبال‪ ،‬يزعجون هدوءه بتلك‬
‫النريان اليت يوقدوهنا حول خيمهم‪ ..‬بقع انرية فوق اجلبل هي كل أثرهم يف هذه‬
‫احلياة‪ ،‬اليت تعاملهم حبياد اتم"‪( ،‬بكاري‪،)223 :2015 ،‬‬
‫‪" -‬إغرم مل تتغري كما مخنت‪ ،‬وصباحاهتا الصيفية متشاهبة إىل درجة ينتفي معها مفهوم‬
‫الزمن‪ .‬اجلبل ال يزال شاخما كعهدي به وقطعان البقر ال زالت تسعى بني احلقول‪ ،‬أما‬
‫املعاول‪ ،‬معاول الفالحني الكادحني‪ ،‬فإهنا تعلو لتطاول اجلبل وهتوي ابخلصب‬
‫واحلياة‪ ،‬حىت الوجوه الصلبة اليت تتعانق فيها السمرة ابحلمرة مل تتغري‪ ،‬ال زالت تتصب‬
‫عرقا وتتطلع بني فينة وأخرى إىل األعايل‪ ،‬كأهنا تنتظر حبيبا قد يعود‪ .‬أهل إغرم‬
‫متشاهبون إىل حد مزعج" (طارق‪ ،‬بكاري‪... )49 :2015 ،‬‬
‫وألن املكان ليس جمرد فضاء فارغ‪ ،‬و"لكنه مليء ابلكائنات وابألشياء‪ ،‬واألشياء جزء من‬
‫املكان‪ ،‬وتضفي عليه أبعاد خاصة من الدالالت" (سيزا‪ ،)48 :2002 ،‬فإن البطل ظل‬
‫يستنطق مجال العديد من أهل القرية والكثري من عناصرها وهو يؤكد على صفتها األمازيغية‬
‫اليت متيزها‪ ،‬ويرسم من خالهلا مظهرا خلفيا هبيا ابلصور اجملازية والتشبيهات املعربة‪:‬‬

‫‪182‬‬
‫الكتابة عن األمازيغية إبداعيا‪ ،‬الذات واهلوية يف رواية "نوميداي" لطارق بكاري‬

‫أ ـ "فطور أمازيغي أصيل"‪" ،‬روائح الرغيف األمازيغي"‪" ،‬املوسيقى األمازيغية"‪" ،‬صوت‬


‫أمازيغي فيه الكثري من اجلراح"‪" ،‬مالحمها تقول‪ ،‬مبا اليدع الشك‪ ،‬أهنا أمازيغية"ـ "خلخال‬
‫أمازيغي أصيل"ـ "رسومات وخطوط أمازيغية" ‪...‬‬
‫ب ـ "تفتقت هنودهن كتفاح إغرم"‪" ،‬وهناك يف األعايل زوج نسور حيوم حول قمة اجلبل‪،‬‬
‫يرسم لوحة أخرى من لوحات إغرم البهية"‪" ،‬نضال شهية وطازجة كتفاح إغرم"‪" ،‬كنت‬
‫أراقب جسدي وهو يتفتق ـ كزهور إرغم حني يزف الربيع‪ ،‬برباءة"‪" ،‬كاملة كخوخ إغرم‪،‬‬
‫شاخمة كجبل عياش" ‪...‬‬
‫ويتعدى التعبري عن املكان يف هذه الرواية التحديدات اجلغرافية واألبعاد اهلندسية‪ ،‬إىل‬
‫التعبري عنه ابالستبطان من خالل املشاعر واألحاسيس‪ .‬فهكذا حيس البطل أن قرية "إغرم"‬
‫تعيش معه وخترتقه‪ ،‬يشعر هبا يف ثباهتا وسكوهنا‪ ،‬ويستشعر حتوالهتا وتغرياهتا‪ ،‬وجيعل منها‬
‫إطارا يفرغ فيه كل شحناته االنفعالية وتوتراته‪ ،‬وكل مشاعر اإلحباط والكره اليت استجمعها‬
‫من صروف حياته‪ .‬لكنه‪ ،‬أيضا جعل منها خمزان وحافزا ملا تبقى لديه من املسرات واألحالم‬
‫القليلة‪.‬‬
‫فحىت "نوميداي"‪ ،‬امللكة األمازيغية اليت حتمل يف رمزيتها‪ ،‬كما قال الكاتب‪ ،‬رسالة‬
‫مشحونة بكل ما يتعلق ابلثقافة األمازيغية ومجالياهتا اليت دفعت إىل مناطق الصمت والطمس‬
‫"ليست أكثر من الوجه اآلخر للقرية" (بكاري)‪ ،‬وليست إال انتصارا لالنتماء هلذا املكان‬
‫بكل محوالته ودالالته‪ ،‬إذ تكتب‪" :‬أان من هنا‪ ،‬من ضحااي هذا املكان ‪ ...‬وال أظن أن يل‬
‫حياة خارجه" (بكاري‪.)245 :2015 ،‬‬

‫"متاوايت" عالمة على االنتماء‬ ‫‪.4‬‬

‫مثلت األغنية األمازيغية التقليدية أهم عنصر حافظ على الثقافة واهلوية األمازيغيتني‪،‬‬
‫وكان هلا الفضل األكرب يف استمرارمها وبقائهما خالل عقود طويلة‪ .‬بل‪ ،‬إن بعض ألوان هذه‬
‫األغنية يعد عالمة ابرزة ومائزة‪ ،‬إذ مبجرد مساعها يتبني انتماؤها وفضاؤها اجلغرايف والثقايف‪.‬‬
‫ولعل من بني أمهها فن "متاوايت" الشهري‪ ،‬والذي يصنف ضمن أغاين اجلبال‪ ،‬وينتشر مبنطقة‬
‫األطلس املتوسط‪.‬‬
‫ويورد الباحث سعيد املولودي جمموعة من التوصيفات اليت عرف هبا أهم الباحثني يف‬
‫األدب والفن األمازيغيني فن "متاوايت" كالتايل‪" :‬فقد حددها عمر أمرير ابلقول‪ :‬بيت شعري‬

‫‪183‬‬
‫فؤاد أزروال‬

‫واحد يغنيه من وهبه هللا صوات مؤثرا‪ ،‬وقد يغىن هذا النوع لتسلية النفس يف الوحدة والعمل‪،‬‬
‫أما حممد شفيق فيعرفها كما يلي‪ :‬أما اثماوايت فمدلوهلا اللغوي هو الرفيقة أو املرافقة اليت‬
‫ترافق املسافر يف سفره عرب اجلبال والوهاد وكل إنسان منفرد عن القوم‪ ،‬فيطلق العنان حلنجرته‬
‫ويصدح متغنيا بفقرة من نظمه أو من نظم غريه مادا لكل نغمة أكثر ما ميكن املد (‪.)...‬‬
‫وحيدها احلسني اجملاهد ابلقول‪ :‬عبارة عن موال طويل النفس على غرار تزرارت‪ .‬وهي الشكل‬
‫الغنائي الذي يظهر فيه حسن الصوت والتحكم يف اللحن واألداء وبراعة املغين يف تلوين‬
‫النغم وامليلودراما" (املولودي‪ ،)70 :2018 ،‬ويضيف الباحث‪" :‬فعال هي أبرز األشكال‬
‫الشعرية األمازيغية املغناة ابألطلس املتوسط‪ ،‬ضمن شروط صارمة منها أن يكون الصوت‬
‫فيها منفردا وأن يكون هذا الصوت صافيا وقواي‪ ،‬وأن يتوفر على طول نفس امتدادي‬
‫واستثنائي" (املولودي‪ .)70 :2018 ،‬وهذا االستثناء يف عنصر األداء الذي شددت ـ وتشدد ـ‬
‫عليه كل التقييدات والتعاريف هو الذي جيعل من هذا الفن عالمة ابرزة واستثنائية يف الثقافة‬
‫األمازيغية‪ ،‬وهذا الصفاء واالمتداد‪ ،‬مبا حيمالنه من قوة وتشويق مثريين‪ ،‬مها ما جعاله يوظف‬
‫يف العديد من الكتاابت اإلبداعية واإلنتاجات الفنية الوطنية والدولية‪ ،‬منها اعتماد الفيلم‬
‫األمريكي "‪ 8‬مم‪ "2‬على أانشيدها وأنغامها يف موسيقاه التصويرية يف أغلب املشاهد‪ ،‬ألجل‬
‫إضفاء أبعاد مجالية متفردة تثري أعمق األحاسيس وأصدقها‪.‬‬
‫ويف رواية "نوميداي"‪ ،‬يفتنت البطل بفن "اتماويت"‪ ،‬فيقول‪" :‬انطلق صوت املغنية‬
‫األمازيغية بدواي جاحما وحامسا كضربة قاضية‪ ،‬تقول املغنية يف ما يعرف بـ "اتماوايت" وهو‬
‫موال نسائي شجي عادة ما تستهل به األغاين األمازيغية‪ :‬اي صديقيت فلتبك ‪ /‬واي أنت اي‬
‫حبييب سآتيك يوما ‪ /‬ولو أنك عين بعيد ‪ /‬ستناديك يوما قدمي ‪ /‬فعلت ما بوسعي ومل‬
‫أقنعك ابلبكاء ‪ /‬فلتبك ‪ ...‬فلتبك ‪ /‬فقد حان ما توقعته ‪ /‬كأين اطلعت على الغيب ‪/‬‬
‫وأظهر حبييب الغدر ‪ /‬من بعد ما عشقته‪.‬‬
‫هذا ما كانت تقوله كلمات املوال‪ ،‬لكنها رفقة ذلك الصوت القوي الصلب ورفقة‬
‫جراحات الكمنجات تصري حىت حبلى أبلف معىن ومعىن‪ ،‬بل وتتشظى هذه الكلمات‬
‫وتفصح أكثر مما يفصح ظاهرها‪ ،‬وتسقط من يسمعها يف شرك اهلواجس‪ .‬أما إذا كان قلبه‬
‫رخوا بفعل كدمات احلياة‪ ،‬فيمكن أن يبكي أو خير مغشيا علية ‪" ...‬اتماوايت" وهج يشع‬
‫ويعرش يف أعماق األمازيغ‪ ،‬واتج ملن يغنيه‪ ،‬ووجع لذيذ من يسمعه‪ ،‬وانفذة تتصاعد كأهنا‬
‫أعمدة دخان حالكة فوق مداخن محام عتيق" (بكاري‪75 :2015 ،‬و‪.)76‬‬

‫فيلم ‪ 8‬مم‪ ،‬من إخراج جويل شوماخر‪ ،‬وسيناريو أندري كيفني ووكر‪ ،‬أنتج سنة ‪.1999‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪184‬‬
‫الكتابة عن األمازيغية إبداعيا‪ ،‬الذات واهلوية يف رواية "نوميداي" لطارق بكاري‬

‫ولعل "متاوايت" ـ كما عربت عن ذلك الرواية ـ ليست جمرد فن موسيقي وغنائي عاد‪ ،‬وإمنا‬
‫هي وسيلة ذات طاقة هائلة على إاثرة الذكرايت واستغوار أعماق الباطن اإلنساين املظلمة‬
‫واملتوارية‪ ،‬وهي كذلك عالمة ميكن االستدالل هبا على االنتماء حني أضيف إىل حمموهلا‬
‫الداليل القائم بعد سيميائي‪ ،‬وملا انفك من املعىن الذايت حنو معاين أخرى ألداء وظائف‬
‫أخرى (عياشي‪ ،)40 :2018 ،‬من خالل التعريف والتوطني والرفع من قيمتها مع ربطها‬
‫أبصحاهبا األمازيغ‪.‬‬
‫وإن هذا األثر املدمر الذي مارسه مساع "متاوايت" على نفسية البطل‪ ،‬ترجع جذوره إىل‬
‫حنني دفني إىل الوطن وسط شعور كثيف من القلق والالانتماء‪ ،‬وتستخدمه عذاابته "لرتسيخ‬
‫الذات‪ ،‬ومقاومة ما تشعر به من اقتالع على صعيد الواقع" (خضراوي‪.)190 :2017 ،‬‬
‫ولذلك‪ ،‬ال عجب أن يعرب سارد آخر يف رواية أخرى انلت الكثري من اإلعجاب والنجاح‪،‬‬
‫وهي رواية "املغاربة"‪ ،‬عن هذا الفن ابلطريقة نفسها‪ ،‬إذ يقول‪ ..." :‬بفرح يشبه فرحي تدفق‬
‫صوت آت من بعيد‪ ،‬من اجلبال العالية‪ ،‬احندر مع األودية السحيقة‪ ،‬وتتبع جماري املياه‬
‫العنيفة‪ ،‬وختطى الفجاج ووصل‪ ...‬بدأ خافتا يف البداية مث تعاظم حىت شلين متاما فبقيت‬
‫مبهورا‪ .‬أوقد انرا يف اهلشيم وها هو حيركها لتستعر وتلتهم كل ما حييط هبا‪.‬‬
‫مسعت وأان أالحق احلروف‪ ،‬حرفا حرفا‪ ،‬والكلمات‪ ،‬كلمة كلمة‪" ،‬اتماويت" حزينا‪،‬‬
‫ذلك اإلنشاد األمازيغي الذي يتنازل فيه اجلبل الغامض املهيب عن كربايئه ويسكن كلمات‬
‫حزينة تفتت احلصى واملرارات والغصص وتذروها يف الريح‪ ،‬صوت القمم العالية اليت تشرئب‬
‫فيه النفس لتصل لآلخر البعيد هناك يف الضفة األخرى من الوادي‪ ،‬أو يف الدوار القريب‪ ،‬أو‬
‫يف املراعي وراء قطعان احلقول اخلضراء‪ ،‬أو ليصل إىل اجلراح العميقة اليت مللم سطحها الزمن‬
‫ونثر فوقها نسياان كاذاب‪ .‬بقيت مسمرا وآنية املاء يف يدي معلقة وحائرة بني جسمي‬
‫والسطل‪ .‬حركة واحدة وسأفسد هذا اجملرى السري الذي يوصل يل الصوت نقيا صقيال كأنه‬
‫نداء حياة أخرى ممكنة" (جويطي‪.)189 :2016 ،‬‬
‫وأتيت قوة االفتتان بفن "متاوايت"‪ ،‬عادة‪ ،‬من قدرهتا على التعبري عما يدور يف خلد‬
‫اإلنسان جتاه احلياة والوجود من مشاعر احلنني الدفينة ممزوجة بلذة احلواس واخليال‪ ،‬أثناء‬
‫الوحدة يف السفر أو التواجد خبالء اجلبال‪ .‬وهو الوضع نفسه الذي جيد فيه "أوداد" ذاته‬
‫حينما يكون وحيدا ينهشه املرض واحلنني املدمر إىل الطفولة الضائعة‪.‬‬
‫وليس تعلق البطل بـ "متاوايت"‪ ،‬أو ابألغنية األمازيغية عموما‪ ،‬بسبب ما تثريه يف نفسه‬
‫من مشاعر وأحاسيس‪ ،‬وما تستدعيه يف ذاكرته من عادات وتقاليد آانء احلصاد والعرس‬

‫‪185‬‬
‫فؤاد أزروال‬

‫واملواسم فحسب‪ ،‬بل وأيضا بسبب إدراكه العميق أبهنا العنصر الذي ظل وحده يقاوم ألجل‬
‫إظهار الثقافة األمازيغية وهويتها على مر عقود طويلة‪ ،‬إذ يقول عن املوسيقى األمازيغية بـ‬
‫"إغرم"‪ .." :‬مل يغري الزمن من مالحمها‪ ،‬ال زالت تندفع جترح يف طريقها كل شيء" (بكاري‪،‬‬
‫‪.)324 :2015‬‬

‫خــالصـ ــة‬
‫حتتفي رواية "نوميداي" ابألمازيغية من خالل االنتصار لفضاءاهتا وتراثها ورموزها التارخيية‬
‫والثقافية‪ ،‬ومن خالل التغين بفنوهنا وتقاليدها وقيمها االجتماعية واحلضارية‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل بناء سردي يقوم على رحلة البطل من حاضره املتشظي واملؤمل إىل ماضيه حني كان‬
‫طفال‪ ،‬ومن أمكنة اغرتابه إىل موطن نشأته وجذوره األوىل‪ ،‬لعله يقبض على املركز األساس‬
‫واألول لذاته ليعيد بناء هويته اليت تعرضت للتشويه والتمزيق‪ .‬فلم تكن الرواية بذلك جمرد‬
‫قصة خيالية وأحداث ختييلية‪ ،‬بل كانت خطااب شامال يطرح العديد من القضااي‬
‫واإلشكاالت املرتبطة ابملسألة األمازيغية‪ ،‬كعالقة األان واآلخر يف مسار التصارع والتعايش‬
‫معا‪ ،‬واألنساق االجتماعية بني االستقرار والتحول‪ ،‬والرتاث يف غناه ويف هتميشه‪ ،‬وتشكيل‬
‫اهلوية واحلفاظ عليها يف إطار التعدد ‪...‬‬
‫جاءت الرواية ثرية ابإلحاالت إىل كم زاخر من مفردات الرتاث والثقافة األمازيغيني‪،‬‬
‫مرات ابلتصريح واإلابنة‪ ،‬ومرات عديدة ابلتلميح واجملاز‪ ،‬فأشارت إىل الكثري من األساطري‬
‫واخلرافات والفنون الشعبية األمازيغية األصيلة‪ ،‬وإىل الكثري من أمناط العيش املستقرة للقبائل‬
‫واألسر يف البادية األمازيغية‪ ،‬واحملطات التارخيية بشخصياهتا وأحداثها وآاثرها‪ ...‬مما جيعل‬
‫منها "كتابة" توازي الكتاابت العملية والفكرية حول املسالة األمازيغية‪ ،‬ومتتاز عنها إبمكانية‬
‫استثمارها بوصفها وثيقةميكن مقاربتها ودراستها من خالل زوااي ومناهج خمتلفة‪ ،‬ويف حقول‬
‫معرفية متعددة‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫الكتابة عن األمازيغية إبداعيا‪ ،‬الذات واهلوية يف رواية "نوميداي" لطارق بكاري‬

‫املصادر واملراجع‬

‫أ ـ املصادر‬
‫طارق‪ ،‬بكاري (‪ ،)2015‬نوميداي‪ ،‬دار األدب للنشر والتوزيع‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة ‪.1‬‬
‫عبد الكرمي‪ ،‬جويطي (‪ ،)2016‬املغاربة‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة ‪.1‬‬
‫ب ـ املراجع‬
‫إدريس‪ ،‬اخلضراوي (‪ ،)2017‬سردايت األمة‪ ،‬ختييل التاريخ وثقافة الذاكرة يف الرواية‬
‫املغربية املعاصرة‪ ،‬منشورات إفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة ‪.1‬‬
‫أودين‪ ،‬موير‪ ،‬بناء الرواية‪ ،‬ترمجة إبراهيم الصرييف‪ ،‬دار اجلليل للنشر‪ ،‬دون اتريخ وطبعة‪.‬‬
‫جريار‪ ،‬جينيت (‪ ،)1997‬خطاب احلكاية‪ ،‬ترمجة حممد معتصم وآخرون‪ ،‬منشورات‬
‫اجمللس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة ‪.2‬‬
‫هارملبس‪ ،‬وهلبورن (‪ ،)2010‬سوشيوجليا الثقافة واهلوية‪ ،‬ترمجة حامت محيد حمسن‪،‬‬
‫منشورات دار ديوان للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪ ،‬الطبعة ‪.1‬‬
‫حسن‪ ،‬حبراوي (‪ ،)1990‬بنية الشكل الروائي‪ ،‬الفضاء‪ ،‬الزمن‪ ،‬الشخصية‪ ،‬منشورات‬
‫املركز الثقايف العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة ‪.1‬‬
‫طارق‪ ،‬بكاري‪" ،‬األدب غري معين بشكل كبري ابألمل وإمنا لقول احلقيقة"‪ ،‬حوار‪ ،‬املوقع‬
‫اإللكرتوين‪.www.alwatan.com :‬‬

‫سعيد‪ ،‬املولودي (‪ ،)2018‬مداخل إىل األدب األمازيغي ابألطلس املتوسط‪ ،‬منشورات‬


‫مجعية أجدير إيزوران للثقافة األمازيعية ـ خنيفرة‪ ،‬مطابع الرابط نت‪ ،‬الرابط‪ ،‬الطبعة ‪.1‬‬
‫سيزا قاسم (‪ ،)2002‬القارئ والنص (العالمة والداللة)‪ ،‬اجمللس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫الطبعة ‪.1‬‬
‫حممد‪ ،‬العماري‪" ،‬بالغة اسم العلم‪ ،‬يف "نساء آل الرندي""‪ ،‬عالمات‪ ،‬املغرب‪ ،‬العدد‬
‫‪.2001 ،15‬‬

‫‪187‬‬
‫فؤاد أزروال‬

‫حممد‪ ،‬بوعزة (‪ ،)2014‬سردايت ثقافية‪ ،‬من سياسة اهلوية إىل سياسات االختالف‪،‬‬
‫منشورات االختالف‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬منشورات ضفاف ‪ /‬دار األمان‪ ،‬الرابط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة ‪.1‬‬
‫منذر‪ ،‬عياشي‪" ،‬ابختني ومشكلة اللغة بني الرواية والواقع" عالمات‪ ،‬املغرب‪ ،‬العدد ‪،49‬‬
‫‪.2018‬‬
‫علي‪ ،‬جعفر العالق (‪ ،)1997‬الشعر والتلقي‪ ،‬دراسات نقدية‪ ،‬دار الشروق لنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة ‪.1‬‬
‫شاكر‪ ،‬النابلسي (‪ ،)1994‬مجاليات املكان يف الرواية العربية‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات‬
‫والنشر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة ‪.1‬‬

‫‪188‬‬
207-189 ‫ ص‬،2021،‫عشر‬ ‫ العدد السادس‬،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‫مجلة أسيناگ‬

‫ منجزه ومالحمه العامة‬،‫التأليف الشعري املغرِب املكتوب ابألمازيغية‬


‫حممد أفقري‬
‫ أگادير‬،‫ جامعة ابن زهر‬،‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬

The literary authorship in the different variations of the Amazigh language in


Morocco represents a new experience that chronicles the beginning of the
transition of the Amazigh literary discourse from the form of oral literature,
based on special creative conditions related to a specific time and place, to a
level of individual creativity that celebrates the experience of the self and adopts
the structural written act, printing and publishing as a means of communication.
This contribution attempts to highlight the Moroccan poetic authorship written in
Amazigh, and seeks to build an accurate knowledge of the poetic achievement
accumulated by the Moroccan creators in the field of the written literary
production in this language in its various aspects and diversities, and to
accomplish a reading of the accumulation in these works, and to follow the
process of its development from the beginning of this whole experience until
today.

Key Words : Creation – Poetry – Amazigh – Process– Evolution – Overview

‫ميثل التأليف األديب مبختلف تنويعات اللغة األمازيغية ابملغرب جتربة جديدة تؤرخ‬
‫ القائم على العفوية‬،‫لبداية انتقال اخلطاب األديب األمازيغي من نسق األدب الشفوي‬
،‫ واإلنتاج اجلماعي واألداء الغنائي أو اإلنشادي والقيم املتوارثة‬،‫والتلقائية واالرجتال‬
‫ إىل مستوى اإلبداع‬،‫وعلى شروط إبداعية خاصة مرتبطة بزمان ومكان حمددين‬
‫ ويتأسس‬،‫ وأبحاسيسها ووعيها مبختلف القضااي‬،‫الفردي الذي حيتفي بتجربة الذات‬
‫ ويعتمد الفعل الكتايب اإلنشائي والطباعة والنشر‬،‫على قصدية واعية وختطيط مسبق‬
‫ من اجلمهور املتعلم والقارئ‬،‫ملتلق مفرتض‬ ٍ ‫وسيلة للتواصل األديب اإلبداعي املوجه‬
.‫واملتذوق لألدب‬
‫ من‬،‫وحتاول هذه املسامهة الوقوف عند التأليف الشعري املغريب املكتوب ابألمازيغية‬
‫خالل تتبع املنجز الشعري الذي راكمه املبدعون املغاربة يف جمال اإلنتاج األديب‬

189
‫حممد أفقري‬

‫املكتوب هبذه اللغة مبختلف أوجهها وتنويعاهتا‪ ،‬وإجناز قراءة يف الرتاكم احلاصل يف‬
‫هذه املؤلفات‪ ،‬ورصد سريورة تطورها منذ بداية هذه التجربة إىل اليوم‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬ابداع ‪ -‬شعر ‪ -‬أمازيغية ‪ -‬سريورة – تطور‪ -‬حصيلة‪.‬‬

‫معطيات أولية حول اتريخ األدب والكتابة عند األمازيغ‬


‫ينبغي التنبيه يف البداية إىل أن الكتابة ليست شيئا جديدا عند األمازيغ‪ ،‬فهي ضاربة‬
‫جبذورها يف التاريخ‪ ،‬ألهنا ترتبط ابإلنسان األمازيغي‪ ،‬الذي يعود اتريخ وجوده إىل أكثر من‬
‫ثالثني قران (شفيق‪ ،)1989 ،‬وقد كتب األدابء األمازيغ بعدة لغات منذ قرون خلت يف‬
‫خمتلف العلوم واملعارف‪ ،‬فهناك العديد من الكتاابت واملؤلفات اليت ألفوها يف العصور‬
‫القدمية‪ ،‬وسامهوا هبا يف إثراء اآلداب والثقافات القدمية‪ ،‬كالالتينية واليواننية والرومانية (املرجع‬
‫نفسه‪ .73 :‬حنداين‪.)43 :1991 ،‬‬
‫لكن ابلرغم من هذا املعطى‪ ،‬فإننا ال نستطيع احلديث عن أدب مكتوب ابللغة األمازيغية‬
‫يف العصور القدمية‪ ،‬إذ مل يصل إلينا أي نص أو أثر أديب مكتوب هبذه اللغة‪ ،‬ابلرغم من أن‬
‫املختصني يف التاريخ القدمي يعتربوهنا من أقدم اللغات املكتوبة‪ ،‬مستندين على اآلاثر املادية‬
‫املتمثلة يف النقوش الصخرية واللوحات ونقائش الشواهد املنتشرة بكثافة يف جمال مشال إفريقيا‬
‫والصحراء الكربى (أعشي‪.)83 :2002 ،‬‬
‫ويف العصور املوالية تشري عدة مصادر إىل أن أقدم ما كتب ابألمازيغية نثرا هو كتاب "رد‬
‫أابطيل نفاث بن نصر" (الدرجيين‪ ،‬بدون اتريخ‪ 1)314 :‬يف النصف األول من القرن الثالث‬
‫للهجرة ‪ /‬التاسع للميالد (اليفرين‪)1900 ،‬ألحد مشايخ قبيلة نفوسة يدعى مهدي النفوسي‬
‫الويغوي‪ ،2‬لكن الكتاب ما يزال مفقودا (محام‪.)7 :2004 ،‬‬

‫امسه فرج بن نصر النفوسي‪ ،‬من علماء الدولة الرستمية‪ ،‬فيها أخذ العلم عن اإلمام أفلح بن عبد الوهاب‪ ،‬لكنه اختلف‬ ‫‪1‬‬

‫معه وعارضه وانشق عنه‪ ،‬لكن حركته مل تعمر طويالً‪ .‬اشتهر ب ــ"نفَّاث"‪ ،‬وهو لقب أطلقه عليه املعارضون ألهنم يرونه‬
‫ينفث يف األمساع بدعته املضللة‪ .‬يقول الدرجيين يف "طبقات املشايخ ابملغرب"‪" :‬استحوذ نفاث على أهل اجلبل‬
‫[نفوسة]‪ ،‬واستفزازه إايهم أبن يدعوهم إىل ما أحدث من التبديل‪ ،‬واعتقد من تضليل"‪ .‬أبو العباس أمحد بن سعيد‬
‫الدرجيين‪" ،‬طبقات املشائخ ابملغرب"‪ ،‬حتقيق إبراهيم طالي‪ ،‬مطبعة البعث‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪.314‬‬
‫أنظر ترمجة للمهدي النفوسي يف "كتاب طبقات املشائخ ابملغرب" أليب العباس أمحد بن سعيد الدرجيين‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪( 314-313‬صيغة ‪ ،PDF‬الرابط‪)https://books-library.online/free-443382097-download:‬‬

‫‪190‬‬
‫التأليف الشعري املغريب املكتوب ابألمازيغية‪ ،‬منجزه ومالحمه العامة‬

‫ويف الشعر والنظم رمبا تكون مؤلفات أبو سهل النفوسي (ق ‪3‬هـ‪9 ،‬م) امللقب ابلفارسي‬
‫هي األقدم‪ ،‬حيث يشري الشماخي يف "كتاب السري" إىل قول شائع بني الناس مفاده‪ :‬من‬
‫أراد شعرا ابلرببرية فعليه بشعر أيب سهل امللقب ابلفارسي‪ ،‬وأن هذا األخري "دون هلم [ألهل‬
‫الدعوة] اثين عشر كتااب وعظا وتذكريا وختويفا نظما بلغة الرببر [‪ ]...‬احرتق الباقي حني‬
‫أخذت قلعة بين درجني ومل يبق إال ما حفظ فجمع ما حتصل يف الصدور فكان أربعة‬
‫وعشرين اباب" (الشماخي‪.)245-244 :1987 ،‬‬
‫وهناك مؤلف خمطوط آخر يعود إىل القرن الثالث اهلجري (التاسع امليالدي) وهو "كتاب‬
‫مدونة إابضية يف شرح الفقه اإلسالمي‪ ،‬وهو قيد الدراسة منذ سنوات من قِّبل‬
‫الرببرية"‪ ،‬وهو ّ‬
‫احملقق اإليطايل املتخصص يف األمازيغية‪ ،‬بريموندو برونياتيلـي ‪ Vermondo Brugnatelli‬من‬
‫جامعة ميالنو‪ -‬بيكوكا (‪ ،Universitàd iMilano-Bicocca‬ونشر خبصوصه عدة أحباث‬
‫ودراسات‪.3‬‬
‫هــذه املعطيــات تؤكــد أن التــأليف والكتابــة ابللغــة األمازيغيــة أقــدم مم ـا كــان يتــداول‪ ،‬وهــي‬
‫كفيلــة بتعــديل اآلراء الــيت تعتــرب أن كــل النصــوص أو املؤلفــات األمازيغيــة املتداولــة قبــل الق ـرن‬
‫العاشر اهلجري‪ /‬السادس عشر امليالدي مفتقدة‪.‬‬
‫ومما متيزت به تلك املؤلفات الشعرية والنظمية أهنا مكتوبة ابحلرف العريب‪ ،‬وأن أغلبها‬
‫مرتبط ابملذهب اإلابضي‪ ،‬خصوصا جببال نفوسة بليبيا‪ ،‬أما يف سوس فإن أحد الباحثني‬
‫يرجح أن ترجع اإلرهاصات األوىل مليالد هذا النمط إىل مطلع العصر املوحدي (‪1121‬م‪-‬‬
‫‪1269‬م)‪ ،‬لكنه مل ينتعش إال يف فرتة السعديني(‪1659-1554‬م)‪ ،‬وأن أول منظومة هي‬
‫"العقيدة املباركة" للشيخ سعيد بن عبد املنعم احلاحي املتوىف سنة ‪953‬هـ‪1546 /‬م بعد‬
‫منظومة ابن تومرت املفقودة (اهلاطي‪.)36 :2015 ،‬‬
‫ومن النماذج اليت تذكرها املصادر منظومة حتكي قصة "فتح افريقية"‪ .‬يقول حممد املختار‬
‫السوسي متحداث عن كتاب مبتور عثر عليه يف قرية من قرى إليغ‪" :‬وفيه أيضا قصة فتح‬
‫افريقية بنظم شلحي‪ ،‬وهي ملحمة أشادت بشهامة عبد هللا بن جعفر‪ ،‬وهو بطل القصة يف‬
‫ست صفحات‪ ،‬وهذه امللحمة منتشرة‪ ،‬فقد مسعتها يف األسواق كثريا ما يتلوها أصحاب‬
‫احللق" (السوسي‪ ،‬بدون اتريخ‪ ،)120 :‬ومنظومة أخرى حتكي قصة خراب مدينة اتمدولت‬
‫التارخيية‪ ،‬وجزء منها ما يزال يتداول نظما إىل اآلن‪.‬‬

‫‪https://unimib.academia.edu/VermondoBrugnatelli‬‬ ‫‪ 3‬ميكن االطالع على بعض أحباثه من خالل الرابط‪:‬‬

‫‪191‬‬
‫حممد أفقري‬

‫‪4‬‬
‫ومن أهم مناذج هذا النوع‪ ،‬املتداولة واملؤثرة يف حياة الناس إىل اآلن‪ ،‬منظومة "احلوض"‬
‫حملمد ؤعلي ؤبراهيم أوزال‪ /‬حممد بن علي أكبيل اهلوزايل (ت ـ ‪1126‬هـ) املعروف يف أوساط‬
‫العامة ب ـ "أوزال"‪ ،‬وهي منظومة دينية مطولة يف أكثر من تسع مائة بيت‪ ،‬سار فيها على هنج‬
‫خمتصر الشيخ خليل‪ ،5‬وقد متكن من تطويع اللغة األمازيغية للتعبري عن املعاين الدينية املختلفة‬
‫من عقيدة وفقه وعبادات ومعامالت‪ ،‬فضال عن ترمجة اآلايت القرآنية واألحاديث النبوية‬
‫وشرح معانيها‪.‬‬
‫وينطبـق األمــر أيضـا علــى منظومـة "حبــر الـدموع"‪ 6‬للمؤلــف نفسـه‪ ،‬وهــي يف أكثـر مــن ســت‬
‫مائـة بيـت‪ ،‬ذات أبعــاد وعظيـة وتوجيهيــة ترمـي إىل الرتبيـة والتزكيــة مـن خــالل الرتغيـب يف اجلنــة‬
‫والرتهيب من العذاب‪ ،‬واحلث على األخالق الكرمية وعلى فعل اخلري‪.‬‬
‫العامل عند األمازيغ ابملغرب‪ ،‬ابحلرف العريب على‬ ‫وهلذا ميكن القول إن اإلنتاج الكتايب ِّ‬
‫األقل‪ ،‬ظل يسري جنبا إىل جنب مع اإلبداع الشفوي الشعيب‪ ،‬وإن بوترية غري منتظمة حبسب‬
‫املناطق والفرتات؛ إال أنه رغم أمهية هذا التقليد الكتايب املتوارث فهو "مل يسمح بوالدة ممارسة‬
‫ثقافية متجذرة يف اجملتمع تسمح برتسيخ الكتابة هبذه اللغة [األمازيغية] ويتم بواسطتها إنتاج‬
‫ونقل معارف عامة بني األجيال داخل مؤسسات‪ ،‬مما جعل هذه املمارسة حتصر أساسا بني‬
‫أوساط بعض املتعلمني يف األوساط الدينية" (بويعقويب‪.)146 :2019 ،‬‬

‫‪ 4‬كتاب "احلوض يف الفقه املالكي ابللسان األمازيغي للشيخ سيدي احممد ؤعلي أوزال"‪ ،‬حققه وعلق عليه الرمحاين عبد هللا‬
‫اجلشتيمي (‪ ،)1984-1934‬وصدر عن دار الكتاب ابلدار البيضاء سنة ‪ 1977‬ضمن منشورات اجلمعية املغربية‬
‫للبحث والتبادل الثقايف يف ‪ 255‬صفحة‪.‬‬
‫‪ 5‬يعترب خمتصر الشيخ خليل من أهم املختصرات الفقهية يف الفقه املالكي‪ ،‬بل رمبا كان أشهرها على اإلطالق يف القرون‬
‫املتأخرة‪ ،‬ويشهد لذلك عناية العلماء به وعكوف طالب العلم على حفظه ودراسته‪.‬‬
‫‪ 6‬خمطوط حبر الدموع مت حتقيقه مرتني‪ :‬حققه عمر أفا سنة ‪ 2009‬وصدر بعنوان "حبر الدموع ابللغتني األمازيغية والعربية"‪،‬‬
‫أتليف حممد بن علي اهلوزايل‪ ،‬ترمجة إبراهيم شرف الدين‪ ،‬وصدر عن مطبعة النجاح اجلديدة ابلدار البيضاء‪ .‬وحققته‬
‫أيضا الباحثة خدجية گ مايسني يف إطار حبثها لنيل دبلوم الدراسات العليا بشعبة الدراسات اإلسالمية ابلرابط إبشراف‬
‫حممد األمني اإلمساعيلي وحممد أديوان سنة ‪ ،1999‬وصدر يف كتاب مستقل سنة ‪ 2015‬ضمن منشورات املعهد امللكي‬
‫للثقافة األمازي غية بعنوان "العقيدة والتصوف يف فكر حممد بن علي أوزال‪ ،‬مع ترمجة وحتقيق خمطوط حبر الدموع"‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫التأليف الشعري املغريب املكتوب ابألمازيغية‪ ،‬منجزه ومالحمه العامة‬

‫وتشكل تلك الكتاابت املوروثة بواكر التأليف األديب النظمي ابللغة األمازيغية‪ ،‬ويعد‬
‫الفقهاء أهم روادها‪ .‬وهذا يؤشر على أن الشعر مبعناه الدقيق مل يبدأ بعد‪ ،7‬فهو يف شقه‬
‫املكتوب مرتبط مبجاالت الدين والعلوم الدينية‪ ،‬وأنه جمرد أداة لتبسيط هذه العلوم وحفظها‬
‫وتبليغها للناس وترغيبهم فيها‪ ،‬ويف شقه الشفوي مل يكن له موضوعه املستقل كذلك‪ ،‬فهو‬
‫مرتبط يف نشأته بظواهر وطقوس جمتمعية تتداخل فيها مكوانت عديدة من مقول شعري‬
‫وموسيقى ورقص وفرجة‪.‬‬

‫املدوانت الشعرية‬
‫يعترب التدوين الكتايب لنصوص األدب الشفوي مبثابة متهيد وقنطرة عبور حنو األدب‬
‫األمازيغي احلديث‪ /‬املكتوب‪ ،‬وميكن القول إن تدوين الشعر األمازيغي حتكمت فيه دوافع‬
‫وأهداف خمتلفة‪ ،‬تراوحت بني أهداف دينية توجيهية عند الفقهاء واملتصوفة‪ ،8‬وغاايت‬
‫إثنوغرافية تسجيلية عند بعض املستمزغني من أمثال أرسني رو‪ ،‬وأسرة گاالن‪ ،‬وجيستينار‪،‬‬
‫وابسي‪ ،9‬وما ميكن تسميته بدوافع استشهادية نفعية عند بعض اجلامعيني يف حبوثهم الذين‬
‫يدونون الشعر من أجل االستشهاد به لوضع قواعد لغوية ولسانية‪.10‬‬

‫‪ 7‬يستثىن الشاعر سيدي محو الطالب الذي أجنبته ظروف خاصة جنهل الكثري من تفاصيلها‪ ،‬ولوال كتاب األستاذ عمر أمرير‬
‫"الشعر األمازيغي املنسوب إىل سيدي محو الطالب"‪ ،‬لبقيت شخصية هذا الشاعر أقرب إىل األسطورة منها للحقيقة‪،‬‬
‫فشعره يتجاوز مرحلته التارخيية خبرقه للنموذج السائد‪ ،‬ألنه ابلرغم من وظيفته التعليمية والتوجيهية فهو حيتفي ابملقومات‬
‫الفنية واجلمالية للفن الشعري‪.‬‬
‫‪ 8‬خلف الفقهاء واملتصوفة رصيدا مهما من املدوانت واملنظومات املخطوطة‪ ،‬حنن يف حاجة اآلن‪ ،‬أكثر من أي وقت‬
‫ويقوم إبحصائه وفهرسته وحتقيقه ونشره‪.‬‬
‫ينقب عن كنوزه‪ُ ،‬‬ ‫مضى‪ ،‬ملن ُ‬
‫‪ 9‬من أعمال هؤالء‪:‬‬
‫‪- Roux, A. (1990), Poésie populaire berbère (Maroc du Sud-Ouest/ Igedmiwen),‬‬
‫‪transcrits, traduits et annotés par Abdallah Bounfour, Paris, Editions du CNRS.‬‬
‫‪- Galand-Pernet, P. (1972), Recueil de poèmes chleuhs, Paris, Klincsiek.‬‬
‫‪- Laoust, E. (1949), Contes berbères du Maroc, Paris, Larose.‬‬
‫‪- Basset, H. (1920), Essai sur la littérature des Berbères, Alger, Carbonnel.‬‬
‫‪- Justinard, Liopold. « Poèmes chleuhs recueillis dans le Sous », Revue du Monde‬‬
‫‪Musulman, Paris, 1925, p 63-107.‬‬
‫وميكن االطالع على بيبليوغرافيا عناوين ما مت تدوينه من نصوص شفوية شعرية ونثرية من لدن املستمزغني ضمن العمل اليت‬
‫أعده لعمارة بوگشيش‪:‬‬

‫‪193‬‬
‫حممد أفقري‬

‫وعلى الرغم من اختالف هذه الفئات الثالث البارزة اليت سامهت يف تدوين الشعر‬
‫األمازيغي‪ ،‬وتباين منطلقاهتا ومساعيها‪ ،‬فإن القاسم املشرتك الذي جيمع بينها هو أهنا ال‬
‫تعترب التدوين هدفا يف حد ذاته ضمن مشاريعها‪ ،‬وهذا ال يعين أهنا غري ذات قيمة‪ ،‬فهي من‬
‫املصادر األساس للشعر األمازيغي‪ ،‬إال أن ما يهمنا الرتكيز عليه هنا هو أن الشعر ال ُجيمع‬
‫ويُدون لذاته؛ بل ابعتبار ذلك جمرد وسيلة لتحقيق أهداف أخرى‪ ،‬أو بعبارة أخرى إن‬
‫التدوين هنا ما يزال يتحرك يف حدود الالوعي‪ ،11‬وأنه مل يستطع مالمسة الوعي أبمهية‬
‫التدوين وفلسفته إال يف حدود هناية السنوات الستني من القرن املاضي‪ ،‬عندما صدر كتاب‬
‫"أماانر" سنة ‪ 1968‬الذي دون فيه أمحد أمزال حوايل سبعني مقطوعة من منتخبات الشعراء‬
‫األمازيغ الرواد ابجلنوب‪ ،‬خاصة الشعراء الروايس‪.‬‬
‫ِّ‬
‫"مؤسسا ابلنظر إىل دوره الرايدي يف فك‬
‫ويعترب كتاب "أماانر"‪ ،‬يف هذا اإلطار‪ ،‬عمال ّ‬
‫العقد‪ ،‬وحترير بعض اإلرادات‪ ،‬واقتحام حقل الكتابة‪ /‬التدوين خارج الدائرة الفقهية‬
‫التقليدية" (اوسوس‪ ،)41 :2010 ،‬على الرغم مما ميكن مالحظته من أن صاحب هذه‬
‫املبادرة املبكرة ال ميتلك العدة املنهجية الضرورية للتعامل مع الرتاث الشعري الشفوي‪ ،‬بل‬
‫يبدو أنه ال ينطلق أصال من أية خلفية نظرية مؤطرة الشتغاله‪ ،‬فعمله صادر عن "تعاطف‬
‫خجول مع إنتاج فين مل يكن جيد بعد مشروعية التواجد احلر واملعلن على الساحة الثقافية‬
‫الرمسية" (عصيد‪.)53 :2015 ،‬‬
‫وميثل تدوين الشعر األمازيغي وطبعه بداية انتقال جوهري يف مساره‪ ،‬ومقدمة لتكسري‬
‫الكثري من ثوابت النسق اليت قام عليها وأتسيس نسق آخر‪ ،‬ومن ذلك انتقاله على مستوى‬
‫التلقي أو االستهالك من ثقافة األذن والسماع إىل ثقافة العني والبصر والقراءة‪ .‬ومن شأن‬
‫هذا التدوين أيضا أن جيعل الكتابة ابألمازيغية مسألة مألوفة ثقافيا‪ ،‬وأن يساهم يف تنمية‬
‫مهارات قراءة األدب وتذوقه لدى اجلمهور األمازيغي املتعلم‪.‬‬

‫‪Bougchiche, L. (1997), Langues et Littératures berbères des origines à nos jours, Bibliographie‬‬
‫‪internationale, Paris, Awal-Ibis Press.‬‬
‫‪ 10‬جند العديد من األحباث اجلامعية اليت تتصل موضوعات حبثها بقضااي لغوية ولسانية‪ ،‬يذيلها أصحاهبا ابملتون األدبية‬
‫الشفوية اليت يستشهدون هبا للدفاع عن أطروحاهتم‪ ،‬ألهنم بذلوا جهدا يف مجعها وتدوينها‪ ،‬ورمبا لكي يوفروا للقارئ‬
‫النصوص اليت بنوا عليها اجتهاداهتم لكي يستطيع حماورهتم ومناقشتهم‪.‬‬
‫‪ 11‬أشري‪ ،‬من ابب تفادي اللبس‪ ،‬أنين أقصد بلفظ الالوعي غياب خلفية ُمدركة حترك فعل التدوين‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫التأليف الشعري املغريب املكتوب ابألمازيغية‪ ،‬منجزه ومالحمه العامة‬

‫وميكن التعرف عل ى حصيلة اجملهود املبذول من أجل مجع الشعر األمازيغي وتدوينه‬
‫ونشره‪ ،‬والرتاكم املنجز بدءا من كتاب "أماانر" إىل اآلن من خالل اجلرد اآليت‪:‬‬
‫معلومات عنها‬ ‫عناوين املصنفات‬ ‫السنة‬
‫‪ -‬صدر عن املطبعة املركزية ابلرابط‪.‬‬
‫‪ -‬يضم اثنتني وسبعني مقطوعة شعرية‬
‫لرواد الشعراء الروايس ابجلنوب املغريب‬ ‫أماانر‪ ،‬ألمحد أمزال‪.‬‬ ‫‪1968‬‬
‫أمثال احلاج بلعيد وبوبكر أنشاد وحممد‬
‫ألبنسري‪.‬‬
‫‪ -‬صدر عن مطابع دار الكتاب ابلدار‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫الشعر املغريب األمازيغي (هلجة سوس)‪ - ،‬يضم قصائد للحاج بلعيد وبوبكر‬ ‫‪1975‬‬
‫أزعري وبريك بن عدي املتوگي وعمر‬ ‫لعمر أمرير‪.‬‬
‫بوومارك ورقية‬ ‫ْ‬ ‫واهروش وحلسن‬
‫الدمسرية‪.‬‬
‫‪ -‬صدر عن مطبعة التيسري ابلدار‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫الشعر األمازيغي املنسوب إىل سيدي‬
‫‪ -‬مجع مادته يف إطار حبث لنيل دبلوم‬ ‫‪1986‬‬
‫محو الطالب‪ ،‬لعمر أمرير‪.‬‬
‫الدراسات العليا إبشراف األستاذ عباس‬
‫اجلراري سنة ‪.1985‬‬

‫الرايس احلاج حممد الدمسريي‪ ،‬ج ‪ - :1‬صدرت طبعته األوىل عن مطبعة‬


‫شهادات وقصائد خمتارة من أغانيه‪ ،‬املعارف اجلديدة ابلرابط‪ ،‬ط‪،1997 :2‬‬ ‫‪1993‬‬
‫ط‪ ،2003 :3‬ط‪.2007 :4‬‬ ‫حملمد حممد مستاوي‪.‬‬

‫‪ -‬صدرت طبعته األوىل عن مطبعة‬


‫الرايس احلاج بلعيد‪ :‬حياته وقصائد النجاح اجلديدة ابلدار البيضاء‪ ،‬ط ‪:2‬‬
‫خمتارة من شعره‪ ،‬إعداد حممد مستاوي‪ .‬مطبعة إدگل ابلرابط ‪ .2006‬سلسلة‬ ‫‪1996‬‬
‫أعالم األدب املغريب األمازيغي‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫حممد أفقري‬

‫الرايس سعيد أشتوك‪ :‬شاعر احلب‬


‫صدر عن مطبعة النجاح اجلديدة‬ ‫والغزل‪ ،‬منتخبات من أشهر قصائده‪،‬‬
‫ابلدار البيضاء‪.‬‬ ‫مجع وإعداد‪ :‬أمحد عصيد وحممد‬ ‫‪1998‬‬
‫مستاوي‪.‬‬
‫احلاج حممد الدمسريي‪ :‬قصائد خمتارة‪،‬‬
‫منشورات الشؤون الثقافية ابلرابط‪،‬‬
‫ج ‪ ،2‬إعداد أمحد عصيد وحممد‬
‫مطبعة فضالة ابحملمدية‪.‬‬ ‫‪1999‬‬
‫مستاوي‪.‬‬
‫‪ -‬صدر عن مطبعة انفو برانت بفاس‪.‬‬
‫‪ -‬يضم خمتارات من الشعر الغنائي‬
‫وسان‪ ،‬إعداد أمحد وعتيق‪.‬‬
‫أسگون ن ُو ّ‬
‫مبنطقة األطلس املتوسط مع ترمجتها إىل‬ ‫‪2000‬‬
‫اللغة العربية‪.‬‬
‫متاگيت إنو‪ ،‬أمارﮒ ن فاطمة صدر عن منشورات اجلمعية املغربية‬
‫اتابعمرانت‪ ،‬مجعه ودونه احلسني بن للبحث والتبادل الثقايف‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪2002‬‬
‫فيديربانت‪ -‬الرابط‪.‬‬ ‫احييا الوجاين‪.‬‬
‫‪- Éditions‬‬ ‫‪l'harmattan,‬‬ ‫‪Paris,‬‬
‫‪France‬‬ ‫‪Amarg: chants et poésie‬‬
‫‪ -‬مجع فيه قصائد وأغاين أمازيغية من‬ ‫‪amazighe (Sud-ouest du Maroc),‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪Abdallah El Mountassir.‬‬
‫اجلنوب املغريب‪.‬‬
‫ؤريت ن ؤمارگ‪ ،‬حلسن أمجاع وعثمان‬
‫منشورات جملة اتوسنا‪ ،‬مطبعة إدگل‪-‬‬
‫أزوليض‪ ،‬مجعه أمحد عصيد وحممد‬ ‫‪2006‬‬
‫الرابط‪.‬‬
‫مستاوي‪.‬‬

‫ديوان الرايس احلسني الباز‪ ،‬شاعر‬


‫صدر عن عامل الطباعة مبراكش‪.‬‬
‫اجلمال‪ ،‬ماحا احلنفي‪.‬‬
‫‪ -‬منشورات املعهد امللكي للثقافة‬ ‫‪2008‬‬
‫املبدعون ابألمازيغية يف الدار البيضاء‪ ،‬األمازيغية‪ 153 ،‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -‬يتضمن سرية للشاعر ومنتخبات من‬ ‫الفنان احيا منوذجا‪ ،‬عمر أمرير‪.‬‬
‫شعره‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫التأليف الشعري املغريب املكتوب ابألمازيغية‪ ،‬منجزه ومالحمه العامة‬

‫‪ -‬صدر عن مطبعة اجلسور بوجدة‪.‬‬


‫‪ -‬يضم مدوانت من شعر "إزران"‬
‫إزران إزران‪ ،‬إعداد مايسا رشيدة‬
‫املغىن يف العديد من املناسبات مبختلف‬
‫املراقي‪.‬‬
‫مناطق الريف‪ :‬منطقة متسمان وأيت‬
‫‪2009‬‬
‫طيب وأيت وريشك‪.‬‬
‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬ ‫‪avlyas, asmattar n tiyfrin (uoarfa‬‬
‫األمازيغية‪ 311 ،‬صفحة‪.‬‬ ‫‪ccix lahucein(Lahbib Fouad.‬‬

‫صدر عن مطابع بلفقيه‪ -‬ابلراشدية‪.‬‬


‫‪ -‬يضم مائة وثالثون سطرا شعراي من‬ ‫هك اي اتونزا‪ ،‬علي ايكن‬ ‫‪2010‬‬
‫صنف "إزيل" مع ترمجتها إىل اللغة‬
‫الفرنسية‪.‬‬
‫تيفاوين ن توزونني‪ ،‬احملجوب العباسي‬
‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬
‫ومبارك ابمو(جاكان)‪ ،‬تنسيق وتقدمي‪:‬‬
‫األمازيغية ابلرابط‪.‬‬
‫أمحد املنادي‪.‬‬
‫‪ -‬منشورات املعهد امللكي للثقافة‬
‫أنطولوجيا الشعر األمازيغي‪ ،‬تنسيق األمازيغية‪.‬‬
‫‪ -‬يضم خمتارات ألمناط شعرية بكل من‬ ‫إدريس أزضوض‪.‬‬
‫اجلنوب املغريب ووسطه ومشاله‪.‬‬
‫إمطاون ن واكال‪ ،‬ديوان فاطمة منشورات مجعية اتيري ن واكال‪،‬‬ ‫‪2012‬‬
‫اتابعمرانت ‪ ،2‬مجعه احلسني بن احييا‬
‫تيزنيت‪ ،‬مطبعة ونشر سوس‪.‬‬ ‫الوجاين‪.‬‬

‫‪ -‬منشورات املعهد امللكي للثقافة‬


‫إماريرن‪ ،‬مشاهري شعراء أحواش يف األمازيغية‪ 415 ،‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -‬يضم تراجم شعراء أحواش‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬أمحد عصيد‪.‬‬
‫ومنتخبات ألشعارهم‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫حممد أفقري‬

‫حممد حنكور‪ :‬حياته وشعره‪ ،‬إعداد‪ :‬منشورات املعهد امللكي للثقافة‬


‫األمازيغية‪ 120 ،‬صفحة‪ 31 ،‬صفحة‪.‬‬ ‫فؤاد أزروال‪.‬‬
‫‪ muha akuray, tazduƔt n‬منشورات املعهد امللكي للثقافة‬
‫‪ imdyazn, dris azḍuḍ.‬األمازيغية‪ 240 ،‬صفحة‪.‬‬
‫‪ tawada tasklant n umdyaz otman‬منشورات املعهد امللكي للثقافة‬
‫‪ ubloid, Ahmed Elmunadi.‬األمازيغية‪ 292 ،‬صفحة‪.‬‬
‫‪ Amdyaz‬منشورات املعهد امللكي للثقافة‬
‫‪muommu,tazduƔt n imdyazn,‬‬
‫‪hmmu‬‬
‫‪ dris azḍuḍ.‬األمازيغية‪ 198 ،‬صفحة‪.‬‬
‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬ ‫‪Amdyaz dris alman, tazduvt n‬‬ ‫‪2013‬‬
‫األمازيغية‪ 158 ،‬صفحة‪.‬‬ ‫‪imdyazn, dris azḍuḍ.‬‬

‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬ ‫‪amdyaz hmad rrip (ahmed‬‬


‫‪ubloid ilias), tazduvt n imdyazn,‬‬
‫األمازيغية‪ 122 ،‬صفحة‪.‬‬ ‫‪Ahmed Elmunadi.‬‬
‫منتخبات من شعر املقاوم الرايس‬
‫منشورات اتوسنا‪ ،‬مطبعة إدگل‪-‬‬
‫احلسني جانطي‪ ،‬مجع وتقدمي‪ :‬حممد‬
‫الرابط‪.‬‬
‫مستاوي‪.‬‬
‫أبريد ن تـﮊوري‪ :‬أانو صاحل الباشا‪،‬‬
‫مطابع الرابط نت‪.‬‬
‫حسن مهوش‪.‬‬
‫الشاعر احلسني احلسيين (أگرام)‪،‬‬
‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬
‫نصوص من ذاكرته الشعرية‪ ،‬إعداد‬
‫األمازيغية‪ 120 ،‬صفحة‪.‬‬ ‫‪2015‬‬
‫أمحد املنادي‪.‬‬
‫الشاعر عمر برغوت (إقامة الشعراء)‪ ،‬منشورات املعهد امللكي للثقافة‬
‫األمازيغية‪ 120 ،‬صفحة‪.‬‬ ‫إعداد أمحد املنادي‪.‬‬

‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬ ‫‪siwr a tamurt, mukhtari‬‬


‫‪bumdyan, tazduvt n imdyazn,‬‬
‫األمازيغية‪ 88 ،‬صفحة‪.‬‬ ‫‪asmar: fuad azrwal.‬‬

‫‪198‬‬
‫التأليف الشعري املغريب املكتوب ابألمازيغية‪ ،‬منجزه ومالحمه العامة‬

‫‪amdyaz zaid uzËËi (ccix lusyur),‬‬


‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬ ‫‪Cheikh lessieur: le dernier des‬‬
‫األمازيغية‪ 206 ،‬صفحة‪.‬‬ ‫‪troubadours, tazduvt n imdyazn,‬‬
‫‪dris azḍuḍ.‬‬
‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬ ‫‪taffa n tmdyazin, ossu iqli, dris‬‬
‫األمازيغية‪ 206 ،‬صفحة‪.‬‬ ‫‪azḍuḍ.‬‬

‫مبارك ؤمسعود (بن زيدة)‪ :‬ذاكرة منشورات املعهد امللكي للثقافة‬


‫األمازيغية‪ 165 .‬صفحة‪.‬‬ ‫شاعر‪ ،‬إعداد امحد املنادي‪.‬‬

‫الشاعر حممد اودوتوريرت‪( ،‬حممد منشورات املعهد امللكي للثقافة‬


‫بلحاج بوبكر)‪ ،‬إعداد أمحد املنادي‪ .‬األمازيغية‪ 114 ،‬صفحة‬

‫الشاعر بيهي أجاالص‪،‬‬


‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬
‫مسامهة يف توثيق الذاكرة الشعرية‪ ،‬األمازيغية‪ 408 ،‬صفحة‪.‬‬
‫إعداد أمحد املنادي‪.‬‬
‫آيت إغيل‪ ،‬منوذج من بيواتت الشعر‬
‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬ ‫‪2016‬‬
‫األمازيغي‪ ،‬إعداد أمحد املنادي وإبراهيم‬
‫األمازيغية‪ 208 ،‬صفحة‪.‬‬
‫إعزى‪.‬‬
‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬ ‫‪ccix mimun amllal (ihlliln),‬‬
‫األمازيغية‪ 85 ،‬صفحة‪.‬‬ ‫‪amud n tmdyazin, lahbib fuad.‬‬

‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬ ‫‪tazduƔt‬‬ ‫‪arndad,‬‬ ‫‪mupmmd‬‬


‫األمازيغية‪ 88 ،‬صفحة‪.‬‬ ‫‪loummali, fuad azarual‬‬

‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬ ‫‪Ccix mimun amllal (ihlliln),‬‬


‫‪amud n tmdyazin, M. Demnati‬‬
‫األمازيغية‪ 264 ،‬صفحة‪.‬‬ ‫‪A. Khalafi & K. Ouqua‬‬

‫موسم اتماانرت‪ ،‬حماولة يف توثيق‬


‫منشورات املعهد امللكي للثقافة‬
‫الذاكرة الشعرية‪ ،‬إعداد أمحد املنادي‬ ‫‪2019‬‬
‫األمازيغية‪.‬‬
‫وإبراهيم إعزى‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫حممد أفقري‬

‫ابلرغم من أمهية هذه احلصيلة فهي ما تزال جد متواضعة مقارنة مع غزارة املوروث الشعري‬
‫األمازيغي ومكانته العريقة‪ .‬وميكن التمييز بني األعمال اليت مجعت ودونت ونشرت قبل‬
‫مأسسة األمازيغية ابملغرب‪ ،‬وهي أقل من عشرة أعمال‪ ،‬وارتبطت ابملبادرات الفردية جملموعة‬
‫من الرواد املؤسسني أمثال أمحد أمزال وعمر أمرير وحممد مستاوي‪ ،‬واليت اجته أغلبها حنو‬
‫تدوين شعر ّروايس‪ ،‬وبني أعمال رأت النور بعد االعرتاف الرمسي ابألمازيغية ومأسستها وهي‬
‫اليت صدرت عن املعهد امللكي للثقافة األمازيغية بدءا من هناية العشرية األوىل من األلفية‬
‫الثالثة‪ ،‬ووصل عددها إىل أربعة وعشرين عمال‪ ،‬وأغلبها من إعداد أمحد املنادي وإدريس‬
‫أزضوض‪ ،‬والعديد منها اعتمد ذاكرة الشاعر مصدرا لتدوين شعره يف إطار تظاهرة "إقامة‬
‫الشعراء" اليت ينظمها املعهد مبقره ابلرابط كل سنة ويستدعى هلا الشعراء التقليديني‪/‬‬
‫الشفاهيني‪ ،‬وبعضها مبثابة حصيلة مشاريع جلمع املوروث الشفوي وتدوينه لفائدة املعهد يف‬
‫إطار التعاقد مع ابحثني ومهتمني من خارجه‪ ،‬والبعض اآلخر مت مجعه من امليدان‪ ،‬ومتيزت يف‬
‫عمومها بطابعها املنهجي الدقيق وانفتاحها على العديد من األنواع الشعرية الشفوية مبختلف‬
‫جهات املغرب‪.‬‬

‫دواوين الشعر املغرِب احلديث واملعاصر املكتوبة ابألمازيغية‪ :‬خالصات‬


‫واستنتاجات‬
‫ضوابط منهجية‬
‫تتقيد هذه القراءة يف دواوين األدب األمازيغي احلديث واملعاصر مبجموعة من الضوابط‬
‫واالختيارات املنهجية‪ ،‬من أمهها‪:‬‬
‫ضابط لغوي‬
‫ويتمث ــل يف اعتم ــاد الكت ــب اإلبداعي ــة ال ــيت كتب ــت ابللغ ــة األمازيغي ــة‪ ،‬س ـواء دون ــت حب ــرف‬
‫تيفينــاغ املرســم‪ ،‬أو ابحلــرف العــريب أو الالتيــين‪ ،‬دون إدراج الكتــب اإلبداعيــة حــول األمازيغيــة‬
‫ابللغــات األخــرى‪ ،‬ودون الفصــل بــني االنتاجــات األدبيــة األمازيغيــة حبســب التنويعــات اللغويــة‬
‫أو اجلهــات (اتشــلحيت‪ ،‬واتمازيغــت‪ ،‬واتريفيــت أو ســوس‪ ،‬واألطلــس‪ ،‬والريــف‪ .‬أو اجلنــوب‪،‬‬
‫والوسط‪ ،‬والشمال)‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫التأليف الشعري املغريب املكتوب ابألمازيغية‪ ،‬منجزه ومالحمه العامة‬

‫ضابط جتنيسي‪ /‬أنواعي‬


‫ينص ــب اهتمامن ــا‪ ،‬حصـ ـرا يف س ــياق ه ــذه القـ ـراءة‪ ،‬عل ــى األعم ــال الش ــعرية ال ــيت أب ــدعها‬
‫أصــحاهبا‪ ،‬دون النظــر يف األجنــاس األدبيــة األخــرى‪ ،‬أو يف املــدوانت الش ـعرية ال ـيت مت مجعهــا‬
‫ونشــرها يف كتــاب‪ ،‬أو اجملموعــات املرتمجــة مــن اآلداب األخــرى إىل األمازيغيــة‪ ،‬أو الدراســات‬
‫واألعمال النقدية‪.‬‬
‫ضابط الطبع والنشر‬
‫سنقتصر على األعمال الشعرية اجملموعة بني دفيت كتاب املطبوعة واملنشورة على احلامل‬
‫الورقي‪ ،‬سواء مت نشرها يف املغرب أو خارجه‪ ،‬دون املخطوطة أو اليت نشرت على صفحات‬
‫اجلرائد واجملالت أو على شبكة االنرتنت‪.‬‬
‫مصادر املعطيات‬
‫من املعلوم لدى متتبعي األدب األمازيغي أننا ال نتوفر اآلن على بيبليوغرافيا شاملة وحمينة‬
‫حتصي كل املعطيات املطلوبة عن اإلصدارات األدبية األمازيغية‪ ،‬لذلك سنعتمد على عمل‬
‫سابق أجنزانه ابلتعاون مع الباحث أمحد املنادي سنة ‪ 2010‬بعنوان "بيبليوغرافيا اإلبداع األديب‬
‫األمازيغي ابملغرب (‪ ،")2010-1968‬بعد تنقيح معلوماته وتطويرها وإضافة حصيلة‬
‫اإلصدارات يف العشرية األخرية اليت توقف العمل السابق عند بدايتها‪.12‬‬
‫أسئلة البداية وسياق االنبعاث‬
‫يعترب سؤال البداايت بشكل عام سؤاال إشكاليا ومعضلة حقيقية‪ ،‬وابلرغم من أننا لسنا‬
‫من املهووسني بتناول هذا السؤال وما يطرحه من إشكاالت وجدل ال ينتهي‪ ،‬إال أننا نرى أن‬
‫التطرق إليه سيكون ذا فائدة للتأريخ للظاهرة األدبية‪ ،‬خصوصا إذا تعلق األمر أبدب يف طور‬
‫التأسيس والبناء كحال األدب األمازيغي املعاصر‪.‬‬
‫وجيدر التنبيه إىل أننا نفضل احلديث عن مفهوم االنبعاث عوض البداية‪ ،‬ابعتبار أن‬
‫اإلنسان األمازيغي عرف الكتابة منذ قرون‪ ،‬كما رأينا يف العنصر األول‪.‬‬

‫مل نتمكن من اإلطالع على العمل البيبليوغرايف الذي أصدره حممد حيىي قامسي بعنوان "بيبليوغرافيا اإلبداع األديب‬ ‫‪12‬‬

‫األمازيغي املغريب (‪ ،") 2016-1968‬وهو كتاب مرفق مبجلة آفاق اليت يصدرها احتاد كتاب املغرب‪ ،‬العدد ‪ /90‬يونيو‬
‫‪ ،2018‬ألن العدد‪ ،‬لسبب ما‪ ،‬مل يوزع يف املكتبات واألكشاك على الصعيد الوطين‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫حممد أفقري‬

‫ارتباطا ابلضوابط املنهجية السابقة نعترب أن أول عمل شعري فردي مكتوب ومنشور هو‬
‫ديوان "إسكراف"(القيود أو األغالل) حملمد مستاوي‪ ،‬وذلك سنة ‪ ،1976‬وأقدم نص شعري‬
‫فيه يعود اترخيه إىل سنة ‪.1963‬‬
‫وقد ظهر بعد مثاين سنوات من صدور كتاب "أماانر" ألمحد أمزال السالف الذكر‪،‬‬
‫والذي ينتسب إىل جتربة التوثيق والتدوين وصناعة املنتخبات‪ ،‬وبعد ديوان "إموّزار" الذي‬
‫أصدرته اجلمعية املغربية للبحث والتبادل الثقايف سنة ‪ 1974‬جملموعة من الشعراء يف نسخة‬
‫حمدودة التداول‪.‬‬
‫أما سياق ظهور هذه التجربة وتبلورها اترخييا واجتماعيا؛ فريتبط بتحوالت عديدة‪ ،‬كان‬
‫من أمهها انتقال أطروحة اهلوية من املبادرات الفردية إىل التدافع القائم على الوعي العصري‪،‬‬
‫والذي تعزز بتأسيس مجعيات ومؤسسات ثقافية وانطالق أنشطتها مبختلف مناطق املغرب‬
‫(املنادي‪.)7 :2018 ،‬‬
‫هذا االنتقال يف منط الوعي يعد‪ ،‬بشكل أو آبخر‪ ،‬نتيجة للتحوالت املختلفة اليت مست‬
‫بنيات اجملتمع املغريب يف ظل االحتالل وبعد أتسيس الدولة الوطنية احلديثة‪ ،‬وانطالق حركة‬
‫حتديث اجملتمع املغريب كله‪ ،‬وانتشار التعليم احلديث الذي مكن املتعلم األمازيغي من التعرف‬
‫على اللغات األخرى واالنفتاح على إنتاجاهتا األدبية والثقافية‪ .‬وهكذا كان األدب األمازيغي‬
‫احلديث واملعاصر وجها من أوجه استجابة األديب األمازيغي ملقتضيات احلداثة كما جتلت‬
‫يف آداب اللغات والثقافات اليت احتك هبا (عصيد‪ /135 :1992 ،‬عصيد‪-29 ،2015 ،‬‬
‫‪.)30‬‬
‫خالصات واستنتاجات‬
‫بلغت احلصيلة اإلمجالية لعناوين الدواوين املنشورة خالل الفرتة املمتدة بني ‪ 1974‬سنة‬
‫ظهور أول جمموعة شعرية مكتوبة ابألمازيغية وبني هناية سنة ‪ 2019‬ثالمثائة جمموعة شعرية‪.‬‬
‫وبتأملنا يف هذه احلصيلة من جوانب متعددة خنلص إىل جمموعة من النتائج‪ ،‬نوجزها يف‬
‫اإلشارات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬عرف إصدار الدواوين الشعرية املكتوبة ابللغة األمازيغية ابملغرب‪ ،‬يف عمومه‪ ،‬تطورا‬
‫مستمرا خالل العشرايت املتتالية‪ ،‬على الرغم من تفاوت هذا التطور من سنة‬
‫ألخرى‪ ،‬ومن عشرية ألخرى؛ ونوضح ذلك من خالل توزيع احلصيلة املنجزة على‬
‫سنوات صدورها‪:‬‬

‫‪202‬‬
‫التأليف الشعري املغريب املكتوب ابألمازيغية‪ ،‬منجزه ومالحمه العامة‬

‫سنوات السبعني‬
‫‪1979‬‬ ‫‪1976‬‬ ‫‪1974‬‬ ‫سنوات السبعني‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫عدد اجملموعات الشعرية‬
‫‪3‬‬ ‫اجملموع‬
‫سنوات الثمانني‬
‫‪1989‬‬ ‫‪1988‬‬ ‫‪1987‬‬ ‫‪1986‬‬ ‫سنوات الثمانني‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫عدد اجملموعات الشعرية‬
‫‪5‬‬ ‫اجملموع‬
‫سنوات التسعني‬
‫‪1999‬‬ ‫‪1998‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪1996‬‬ ‫‪1995‬‬ ‫‪1994‬‬ ‫‪1993‬‬ ‫‪1992‬‬ ‫‪1991‬‬ ‫سنوات التسعني‬
‫اجملموعات‬
‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬
‫الشعرية‬
‫‪24‬‬ ‫اجملموع‬
‫سنوات العشرية األوىل من األلفية الثالثة‬
‫‪2009‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫السنوات‬
‫اجملموعات‬
‫‪21‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬
‫الشعرية‬
‫‪56‬‬ ‫اجملموع‬
‫سنوات العشرية الثانية من األلفية الثالثة‬
‫‪2019‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫السنوات‬
‫اجملموعات‬
‫‪27‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪23‬‬
‫الشعرية‬
‫‪212‬‬ ‫اجملموع‬

‫‪203‬‬
‫حممد أفقري‬

‫‪ -‬يرتبع الشعر على قائمة األجناس األدبية األخرى املكتوبة ابألمازيغية من حيث عدد‬
‫اإلصدارات‪ ،‬متقدما على القصة القصرية (‪ 140‬جمموعة قصصية)‪ ،‬والرواية (‪70‬‬
‫رواية)‪ ،‬واملسرح (‪ 40‬نصا مسرحيا تقريبا ابحتساب النصوص املوجهة لألطفال)؛‬
‫‪ -‬رغم أمهية الرتاكم املنجز مقارنة بتاريخ التجربة وحجم التحدايت اليت صادفتها‪ ،‬فإنه ما‬
‫يزال ضعيفا مقارنة مبا راكمه الشعر املغريب املكتوب ابللغات األخرى‪ ،‬حيث وصل‬
‫عدد اجملموعات الشعرية املكتوبة ابلعربية منذ سنة ‪ 2016‬إىل أكثر من ألفي جمموعة‬
‫حسب بعض األحباث البيبليوغرافية (قامسي‪)2016 ،‬؛‬
‫‪ -‬وصل عدد الشعراء الذين صدرت هلم دواوين شعرية مائة وستني (‪ )160‬شاعرا‬
‫وشاعرة‪ .‬مائة (‪ )100‬منهم مل يصدروا إال ديواان واحدا؛‬
‫‪ -‬أييت يف مقدمة الشعراء األكثر إصدارا للدواوين الشعرية كل من عياد أحليان والطيب‬
‫أمـگرود وعبد هللا املناين بستة دواوين لكل واحد‪ ،‬يليهم كل من حممد مستاوي‬
‫واحلسن املساوي وعبد السالم نصيف وعبد احلكيم بقي خبمسة دواوين لكل واحد؛‬
‫‪ -‬نسجل حضورا مهما لإلصدارات الشعرية النسائية‪ ،‬حيث وصلت حصيلة ما أجنزته‬
‫املرأة األمازيغية الشاعرة إىل ثالث وأربعني (‪ )43‬جمموعة شعرية أصدرهتا إحدى‬
‫وعشرون (‪ )21‬شاعرة‪ .‬وأول جمموعة رأت النور وخرجت إىل الوجود هي "يسرمذ أيي‬
‫واوار" (علمين الكالم) لفاضمة الورايشي سنة ‪1998‬؛ وأتيت خدجية أروهال وصفية‬
‫عز الدين يف املقدمة من حيث عدد الدواوين املنشورة أبربعة دواوين لكل واحدة‪ ،‬مث‬
‫فاطمة فائز ولطيفة إد املودن وخدجية إيكن بثالثة دواوين لكل واحدة منهن‪ ،‬كما‬
‫نسجل أن أغب الشاعرات (أكثر من النصف ‪ 12-‬شاعرة‪ )-‬مل يصدر هلن‪ ،‬حلد‬
‫اآلن‪ ،‬إال ديوان شعري واحد؛‬
‫‪ -‬ابستثناء أربعة دواوين شعرية هي‪" :‬إسكراف" و"اتضصا د إمطّاون" حملمد مستاوي‪،‬‬
‫و"أنزووم" ملوحا مالل‪ ،‬فإن مجيع الدواوين طبعت طبعة‬
‫ُ‬ ‫و"أغبالو" لعلي شوهاد"‪،‬‬
‫واحدة؛‬
‫‪ -‬جند دواوين شعرية مشرتكة بني أكثر من شاعر‪ ،‬ويتعلق األمر بديوان "أنعيبار" املشرتك‬
‫بني أمحد عصيد وإبراهيم لشكر‪ ،‬وديوان "تيم ّقا ن فاد" املشرتك بني عبد هللا املناين‬
‫وحممد اوسوس‪ ،‬وديوان "أزواگ گر تگوريوين"‪ ،‬وهو عبارة عن رسائل شعرية بني‬
‫عياد أحليان وخدجية أروهال؛‬

‫‪204‬‬
‫التأليف الشعري املغريب املكتوب ابألمازيغية‪ ،‬منجزه ومالحمه العامة‬

‫‪ -‬بعض اجملموعات الشعرية مجعت بني النصوص الشعرية اإلبداعية وبني تدوين أمناط‬
‫شعرية شفوية‪ ،‬كما هو حال ديوان "إغري ن وانوض" إلبراهيم أيت شرغني؛‬
‫‪ -‬بعض الدواوين مرفقة أبقراص مضغوطة (‪ )CD‬تتضمن قراءة النصوص بصوت‬
‫"توجوت اتقبورت" خلدجية يكن‪ ،‬وديوان‬
‫الشاعر(ة) نفسه (ا)‪ ،‬ومن مناذجها ديوان ّ‬
‫"تيفراس" خلدجية أروهال؛‬
‫‪ -‬صدرت األعمال الشعرية الكاملة لشاعر واحد هو حممد مستاوي سنة ‪ 2010‬بعنوان‬
‫"مسوس إدليسن ن متدايزين"‪ ،‬لكنها مل تعد كاملة بصدور ديوان جديد للشاعر سنة‬
‫‪ 2019‬بعنوان "أملو ن مترزيـگين"؛‬
‫‪ -‬نسجل تعدد جتنيسات اجملموعات الشعرية وتنوعها انطالقا من امليثاق النصي املثبت‬
‫يف الغالف‪ ،‬فنجد الصيغ املأخوذة من العربية مثل "ديوان شعر أمازيغي" اليت اعتمدها‬
‫حممد مستاوي يف ديوانه األول "إسكراف" الذي دشن به جتربة الديوان الشعري‬
‫احلديث يف األمازيغية‪ ،‬واحتفظ ابلصيغة نفسها يف ديوانه األخري "أملو ن مترزيـگين"‬
‫الصادر سنة ‪ ،2019‬ومن الصيغ املماثلة اليت وظفها بعض الشعراء "شعر أمازيغي"‪،‬‬
‫و"ديوان شعر أمازيغي معرب"‪ ،‬و"ديوان شعري أبمازيغية الريف"‪ ،‬و"ديوان احملاورات‬
‫الشعرية"؛ ومن الصيغ الفرنسية املستعملة نذكر‪Recueil de poèmes amazighs ":‬‬
‫‪ ،"traduits en français‬و"‪ ،"Recueil de poèmes en tamazight‬و" ‪Poèmes en‬‬
‫‪ ،"amazighs‬بل إن األلفاظ األمازيغية نفسها الدالة على الشعر أو اجملموعة الشعرية مل‬
‫تسلم بدورها من التعدد واالضطراب‪ ،‬رغم انتشار مصطلح "تيمدايزين" أكثر من‬
‫غريه‪ .‬ومن املصطلحات اليت ترددت يف أغلفة الدواوين‪" :‬أمارگ"‪ ،‬و"أمود"‪،‬‬
‫و"أسفرو"‪ ،‬و"إزران"‪ ،‬و"اتوشكينت ن متدايزين"‪ ،‬و"اتدال ن متدايزين"‪ ،‬و"تيرباتني ن‬
‫ؤمارگ"‪.‬‬
‫أوردان يف هذا املقال معطيات أولية تتصل بتاريخ األدب والكتابة عند األمازيغ‪ ،‬وعرضنا‬
‫للمجهود الذي بذل من أجل مجع املوروث الشعري وتوثيقه ونشره‪ ،‬من خالل جرد‬
‫للمؤلفات يف هذا املوضوع‪ ،‬وبعد ذلك انطلقنا حنو إجناز قراءة يف التأليف الشعري احلديث‪،‬‬
‫بدءا بطرح أسئلة البداية والتأسيس مرورا جبرد احلصيلة املنجزة وصوال إىل استخالص نتائج‬
‫وإجناز قراءات وجرد ظواهر صاحبت هذا الديوان‪.‬‬
‫وللموضوع زوااي متعددة يصعب حصرها يف مقال خمتصر كهذا‪ ،‬بيد أن املعطيات اليت مت‬
‫التطرق هلا توضح أن التأليف الشعري املكتوب ابألمازيغية يشهد تزايدا مستمرا‪ ،‬سواء يف‬

‫‪205‬‬
‫حممد أفقري‬

‫شقه املرتبط بتدوين األدب القدمي أو ابإلبداع احلديث‪ ،‬لكن يف املقابل ما تزال تقف يف‬
‫طريقه عقبات بنيوية وسياقية كثرية تتصل بوضعية األمازيغية ككل يف مجيع جماالت احلياة‬
‫بشكل عام وابلتعليم بكل مراحله بشكل خاص‪.‬‬

‫املراجع‬
‫أفقري‪ ،‬حممد‪ ،‬واملنادي‪ ،‬أمحد (‪ ،)2012‬بيبليوغرافيا اإلبداع األديب األمازيغي ابملغرب‬
‫(‪ ،)2010-1968‬الرابط‪ ،‬منشورات املعهد امللكي للثقافة األمازيغية‪.‬‬
‫اوسوس‪ ،‬حممد (‪" ،)2010‬بعض املالمح العامة للتجربة الشعرية الشبابية األمازيغية احلديثة‬
‫بسوس"‪ ،‬جملة أسيناﮒ‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،5-4‬ص ‪.45-41‬‬
‫أعشي‪ ،‬مصطفى (‪ ،)2002‬جذور بعض مظاهر احلضارة األمازيغية خالل عصور ما قبل‬
‫التاريخ‪ ،‬الرابط‪ ،‬منشورات مركز طارق بن زايد‪ ،‬مطبعة فيديربانت‪.‬‬
‫بويعقويب‪ ،‬احلسني (‪ ،)2019‬املسألة األمازيغية يف املغرب واجلزائر‪ ،‬اجلذور والرهاانت‬
‫خالل قرنني ونيف‪ ،XIX-XX‬أگادير‪ ،‬سوس للطباعة‪.‬‬
‫الدرجيين‪ ،‬أيب العباس أمحد بن سعيد (بدون اتريخ)‪ ،‬طبقات املشايخ ابملغرب‪ ،‬حتقيق‬
‫ابراهيم طالئي‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬مطبعة البعث‪ ،‬ج‪( .2‬صيغة ‪)PDF‬‬
‫‪(décembre2019) https://books-library.online/free-443382097-download‬‬
‫اهلاطي‪ ،‬حممد (‪ ،)2015‬املخطوط االمازيغي يف اجملال السوسي‪ ،‬شرح منظومة "تزانگـت"‬
‫للحسن التاموديزيت‪ ،‬دراسة وحتقيق وتعريب‪ ،‬الرابط‪ ،‬منشورات املعهد امللكي للثقافة‬
‫األمازيغية‪.‬‬
‫شفيق‪ ،‬حممد (‪ ،)1989‬حملة عن ثالثة وثالثني قران من اتريخ األمازيغيني‪ ،‬الرابط‪ ،‬دار‬
‫الكالم‪.‬‬
‫حنداين‪ ،‬حممد (‪" ،)1992‬مدخل لكتابة اتريخ األدب األمازيغي"‪ ،‬اتسكال ن متازيغت‪:‬‬
‫مدخل لألدب األمازيغي‪ ،‬أعمال امللتقى األول لألدب األمازيغي املنظم ابلدار البيضاء يومي‬
‫‪17‬و‪ 18‬ماي ‪ ،1991‬الرابط‪ ،‬منشورات اجلمعية املغربية للبحث والتبادل الثقايف‪ ،‬مطبعة‬
‫املعارف‪ ،‬ص ‪.53-43‬‬

‫‪206‬‬
‫التأليف الشعري املغريب املكتوب ابألمازيغية‪ ،‬منجزه ومالحمه العامة‬

‫محام‪ ،‬حممد (‪"،)2004‬تقدمي الندوة"‪ ،‬أعمال اليوم الدراسي املخطوط األمازيغي‪ ،‬أمهيته‬
‫وجماالته الذي نظمه املعهد امللكي للثقافة األمازيغية ابلرابط يوم ‪ 11‬أكتوبر ‪ ،2003‬الرابط‪،‬‬
‫منشورات املعهد امللكي للثقافة األمازيغية‪ ،‬ص ‪.13-7‬‬
‫اليفرين‪ ،‬أبو زكراي حيىي (‪ ،)1900‬املفردات األمازيغية القدمية‪ ،‬دراسة يف املصطلحات‬
‫الدينية األمازيغية يف مدونة ابن غامن‪ ،‬حتقيق أ‪ .‬بوسوترو‪ ،‬ترمجة وتقدمي مومحد ؤمادي‪ ،‬ليبيا‪،‬‬
‫منشورات مؤسسة اتوالت الثقافية‪( .‬كتاب رقمي)‬
‫(الرابط‪:‬‬
‫‪http://www.mediafire.com/file/1kehm5hkhd14ti1/mufradat_mutuellemaroc.net.‬‬
‫(‪pdf/file )2019/12/10‬‬
‫املنادي‪ ،‬أمحد (‪ ،)2018‬الشعر األمازيغي احلديث‪ ،‬دراسة يف جتربة التأسيس‪ ،‬الرابط‪ ،‬دار‬
‫السالم‪.‬‬
‫السوسي‪ ،‬حممد املختار (بدون اتريخ)‪ ،‬خالل جزولة‪ ،‬تطوان‪ ،‬املكتبة املهدية‪ ،‬ج‪.3‬‬
‫الشماخي‪ ،‬أمحد بن سعيد بن عبد الواحد (‪ ،)1987‬كتاب السري‪ ،‬حتقيق أمحد بن سعود‬
‫السيايب‪ ،‬سلطنة عمان‪ ،‬منشورات وزارة الرتاث القومي والثقافة‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫عصيد‪ ،‬أمحد (‪" ،)1992‬هاجس التحديث يف النص الشعري األمازيغي املكتوب"‪ ،‬جملة‬
‫آفاق‪ ،‬ع‪.1992/1‬‬
‫عصيد‪ ،‬أمحد (‪ ،)2015‬دراسات يف األدب األمازيغي‪ ،‬الرابط‪ ،‬منشورات املعهد امللكي‬
‫للثقافة األمازيغية‪.‬‬
‫قامسي‪ ،‬حممد حيىي (‪ ،)2016‬بيبليوغرافيا الشعر املغريب املعاصر ‪ ،2016-1932‬الرابط‪،‬‬
‫منشورات وزارة الثقافة‪.‬‬
‫‪BRUGNATELLI, Vermondo (2011) "Études sur le "Kitâb al-Barbariya" (manuscrit‬‬
‫‪d'un texte ibadite médiéval,‬‬
‫‪https://www.academia.edu/1702492/%C3%89tudes_sur_le_Kit%C3%A2b_al-‬‬
‫_‪Barbariya_manuscrit_dun_texte_ibadite_m%C3%A9di%C3%A9val‬‬
‫‪BRUGNATELLI, Vermondo (A paraître), "Un témoin manuscrit de la‬‬
‫‪« Mudawwana d’AbūĠānim » en berbère", in Manuscrits Arabo-Berbères, Journée‬‬
‫‪d’études du 15 novembre 2011 (Paris) file:///D:/disque%20dure%2026-11-‬‬
‫‪2019/filiere%20etude%20amazighe%20agadir/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82‬‬
‫‪%D8%B1%D8%B1/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8‬‬
‫‪%A9%20%D8%B9%D9%86%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D‬‬
‫‪8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%BA/Kitab_al_Barbariyya-preprint%20(1).pdf‬‬
‫‪(décembre 2019).‬‬

‫‪207‬‬
‫مجلة أسيناگ‪ ،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‬العدد السادس عشر‪ ،2021،‬ص ‪225-209‬‬

‫ترمجات معاِن القرآن إىل األمازيغية‪ :‬عرض وتقدمي‬


‫حممد لعضمات‬
‫املعهد امللكي للثقافة األمازيغية‬

‫يهدف هذا العمل إىل التعريف على حنو عام ابجملهود املبذول يف جمال ترمجة معاين‬
‫القرآن الكرمي إىل اللغة األمازيغية‪ ،‬من خالل اإلشارة إىل بعض املعطيات التارخيية‬
‫املتعلقة ابلرتمجة الدينية عند األمازيغ‪ ،‬وسرد بعض النماذج اليت مت إجنازها يف هذا‬
‫اجملال‪ ،‬مث تقدمي حصيلة ترمجات معاين القرآن الكرمي إىل اللغة األمازيغية‪ ،‬ويتعلق األمر‬
‫أبربع ترمجات‪ ،‬ثالث منها كاملة لكل من احلسني جهادي‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬ورمضان‬
‫آيت منصور‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬وحاج ْحمْنْد ْحمْنْد طِّيّب‪ ،‬سنة ‪ ،2013‬وترمجة جزئية ِّلكمال‬
‫انيت ْزرّاد‪ ،‬سنة ‪.1996‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬القرآن الكرمي – اللغة األمازيغية – الرتمجة‬

‫‪This paper aims to shed light on the efforts made in translating the meanings of‬‬
‫‪the Noble Quran into the Amazigh language. We will present historical data‬‬
‫‪related to the Amazigh experience in religious translation. We will focus on four‬‬
‫‪translations of the meanings of the Noble Quran into Amazigh. Three of them are‬‬
‫‪translations of the Quran in its entirity : the first one is written by Al-Hussein‬‬
‫‪Jouhadi, in 2003, the second one is accommodated by Ramadan Ait Mansour in‬‬
‫‪2006, the third one elaborated by Hajj Mhand Mhand Tayyib in 2013. The fourth‬‬
‫‪is a partial translation made by Kamal Nait Zerrad in 1996.‬‬

‫‪Key- Words : Quran – Amazigh language – Translation‬‬

‫مقدمة‬
‫تكتسي الرتمجة الدينية أمهية ابلغة يف اتريخ الرتمجة‪ ،‬حيث إن النص الديين كان وال يزال‬
‫من أوائل النصوص اليت متت ترمجتها يف الزمن القدمي واملعاصر‪ .‬فقد اقرتنت الرتمجة‬
‫فيبدايةاألمرابلنصوص الدينية‪ ،‬مث مشلت بعد ذلك كل جماالت املعرفة وحقوهلا‪ ،‬وأصبحت‬
‫ومتشعِّب الثقافات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ممارسة ال حميد عنها يف عامل متعدد اللغات‬

‫‪209‬‬
‫حممد لعضمات‬

‫ويع ّد هذا النوع من الرتمجة من أعرق أصناف الرتمجة يف اتريخ البشرية؛ إذ ميكن القول إهنا‬
‫أقدم أنواع الرتمجة التحريرية؛ ذلك أ ّن "الرتمجة يف الشرق كما يف الغرب بدأت دينية"‪ .1‬فقد‬
‫بدأت الرتمجة يف الصني القدمية برتمجة الكتب الدينية من السنسكريتية‪ 2‬إىل اللغة الصينية‪،‬‬
‫حيث "يرجع اتريخ الرتمجة الصينية إىل سنة ‪ 1100‬ق‪.‬م‪ .‬ومنذ هذه الفرتة‪ ،‬عرفت الصني‬
‫موجات كثرية من الرتمجة‪ ،‬من بينها ترمجة السوفرا (التعاليم السنسكريتية)"‪ ،3‬كما أن "من‬
‫اآلاثر اليت ُوجدت‪ ،‬ترمجة الرومان للنظام الديين اإلغريقي عام ‪ 300‬قبل امليالد"‪ ،4‬ابإلضافة‬
‫إىل أ ّن مرتمجي اإلمرباطورية الرومانية واإلغريقية قد نقلوا التّوراة واإلجنيل يف عصور قدمية جدا‪.‬‬
‫ولذلك فإن "الرتمجة الدينية بشكل مؤَّكد كانت سابقة على الرتمجة األدبية (‪ )...‬وال يشك‬
‫أحد يف الدور األساسي الذي لعبته يف احلضارات‪ ،‬مثل حضارة اليوانن القدمية‪ ،‬وبشكل‬
‫أقوى يف اإلمرباطورية الرومانية"‪.5‬‬
‫ترمجة معاِن القرآن الكرمي‬ ‫‪.1‬‬

‫تُع ّد ترمجة النص الديين إذن جمال التح ّدايت واجلدل ابمتياز‪ ،‬السيما فيزمن العوملة‬
‫والصراعات اإليديولوجية والدينية والطائفية‪ .‬وال شك أن دراسة النص الديين عموما‪ ،‬والقرآن‬
‫جيران إىل اخلوض يف العديد من القضااي‬ ‫الكرمي ِّبشكل خاص يف عالقته ابلرتمجة‪ّ ،‬‬
‫ال ُـمست ْشكلة‪ ،‬من قبيل الفوارق والعقبات الثقافية اليت تكتنف النص الديين أثناء ترمجته إىل‬
‫لغة أخرى‪ ،‬إضافة إىل اخلصائص واملميزات اللغوية والبالغية اليت يزخر هبا النص الديين‪،‬‬
‫والسيما النص القرآين‪ .‬إن أكرب صعوبة ظلت تواجه املرتمجني‪ ،‬هي تلك املتعلقة برتمجة‬

‫‪ 1‬موانن‪ ،‬جورج (‪ ،)1994‬املسائل النظرية يف الرتمجة‪ ،‬ترمجة لطيف زينون‪ ،‬دار املنتخب العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫ص‪.12.‬‬
‫‪ 2‬السنسكريتية لغة قدمية يف اهلند‪ ،‬وهي لغة خاصة ابلطقوس اهلندوسية والبوذية واجلاينية‪ ،‬توجد يف اهلند وجنوب شرق‬
‫آسيا‪ ،‬وهي إحدى اللغات الرمسية للهند‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Sun, Min (2010), La traduction de la littérature québécoise en Chine - état des lieux et‬‬
‫‪perspectives, thèse présentée à la Faculté des Etudes Supérieures de l'Université Laval,‬‬
‫‪Département de Langues, Linguistique et Traduction, Faculté des Lettres Université Laval‬‬
‫‪Québec, p.6.‬‬
‫‪-‬‬ ‫)‪www.theses.ulaval.ca/2010/27418/27418.pdf (Page consultée le 04-06-2020‬‬
‫‪ 4‬نيومارك‪ ،‬بيرت (‪ ،)2002‬اجتاهات يف الرتمجة‪ ،‬ترمجة حممد إمساعيل صيين‪ ،‬جامعة امللك سعود‪ ،‬داراملريخ للنشر‪ ،‬ص‪.13.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Van Hoof, Henri (1991), Histoire de la traduction en occident, Editions Duculot, Paris,‬‬
‫‪p.13.‬‬

‫‪210‬‬
‫ترمجات معاين القرآن إىل األمازيغية‪ :‬عرض وتقدمي‬

‫النصوص الدينية بشكل عام‪ ،‬وترمجة القرآن الكرمي بشكل خاص‪ ،‬فإذا كان اخلطأ يف ترمجة‬
‫أضر‪.‬‬
‫غريها من النصوص ضارا‪ ،‬فهو يف النص الديين ّ‬
‫وتع ّد ترمجة القرآن الكرمي عملية ابلغة التعقيد‪ ،‬ابلنظر إىل حجم الصعوابت واملشاكل اليت‬
‫تنطوي عليها عملية الرتمجة‪ ،‬نظرا للمكانة االعتبارية اليت حيظى هبا القرآن الكرمي ابعتباره نصا‬
‫مقدسا‪ ،‬ونظرا خلصائصه البالغية املميزة‪ .‬وتزداد هذه الرتمجة تعقيدا‪ ،‬عندما يتعلق األمر‬
‫برتمجة القرآن الكرمي إىل لغة مثل اللغة األمازيغية‪ ،‬اليت وإن قـلّت فيها الفوارق الثقافية‬
‫والدينية‪ ،‬فإن التباينات اللغوية القائمة بينها وبني اللغة العربية‪ ،‬تظل عقبة كؤودا‪ ،‬يصعب‬
‫جتاوزها‪ ،‬السيما يف ظل الوضع الذي تعيشه األمازيغية‪ ،‬ابعتبارها لغة مازالت يف طريقها إىل‬
‫االنتقال من الشفاهة إىل لغة الكتابة‪ ،‬وتدشني جهود التوحيد واملعرية هلذه اللغة‪ ،‬مع ما‬
‫يصاحب هذا االنتقال من إشكاالت متشعبة‪ ،‬تالمس مجيع بنيات اللغة من صرف وحنو‬
‫وتركيب ومعجم وغريها‪.‬‬
‫‪ .2‬مدخل إىل الرتمجة الدينية عند األمازيغ‬
‫الرب ْغواطي‪ ،6‬وضع لقومه "قرآان" ابللغة‬
‫ذكرت بعض املصادر التارخيية أن صاحل بن طريف ُْ‬
‫األمازيغية‪" ،‬يقرؤونه يف صلواهتم ويتلونه يف مساجدهم‪ ،‬وزعم أنه نزل عليه‪ ،‬وأنه وحي من هللا‬
‫تعاىل إليه‪ ،‬ومن شك يف ذلك فهو كافر‪ .‬والقرآن الذي شرع هلم مثانون سورة مساها هلم‬
‫أبمساء النبيني وغريهم‪ ،‬منها‪ :‬سورة آدم وسورة نوح وسورة فرعون‪ ،‬وسورة موسى وسورة‬
‫هارون وسورة بين إسرائيل‪ ،‬وسورة األسباط وسورة أيوب وسورة يونس‪ ،‬وسورة اجلمل وسورة‬
‫الديك وسورة احلجل‪ ،‬وسورة اجلراد وسورة هاروت وماروت وسورة إبليس‪ ،‬وسورة احلشر‬
‫وسورة غرائب الدنيا‪ ،‬وفيها العلم العظيم بزعمهم"‪ .7‬وأورد البكري كلمات مرتمجة من أول‬
‫سورة أيوب وهي استفتاح كتاهبم كما يقول‪ ،8‬كما أورد الثعاليب مقطعا مماثال من أول سورة‬
‫َّاريخ كان ظُ ُهور صاحل بن طريف الربغواطي الَّ ِّذي ّادعى النُّـبُـ َّوة‬ ‫‪ 6‬ذكره الناصري يف االستقصا‪ ،‬حيث قال "ويف هذا الت ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫بتامسنا من بِّالد الْمغرب ْاألقْصى على ساحل الْب ْحر الْ ُمحيط فيما بني سال وآسفي‪ ،‬وبرغواطة بطن من املصامدة على‬
‫ما حقَّقهُ ابْن خلدون‪ ،‬وكان أبوهُ طريف يكىن أاب صبيح‪ ،‬وكان من قواد ميسرة اخلفري الْقائِّم بدعوة الصفرية‪ ،‬وملا انقرض‬
‫أمر ميسرة ب ِّقي طريف قائِّما ِّأب ْمر برغواطة بتامسنا‪ ،‬ويـُقال إِّنَّه تنبأ أيْضا وشرع هلُم الشَّرائِّع‪ ،‬مثَّ هلك ووىل مكانهُ ابْنه‬
‫اخل ْري‪ ،‬مثَّ انْسلخ من آايت هللا‪،‬‬ ‫صاحل هذا‪ ،‬وقد كان شهد مع أبِّيه حروب ميسرة‪ .‬قال ابْن خلدون وكان من أهل الْعلم و ْ‬
‫وانْـتحل د ْعوى النُّـبُـ َّوة‪ ،‬وشرع هلُم ال ّداينة الَِّّيت كانُوا علْيـها من بعده‪ ،‬وِّهي م ْعُروفة ِّيف كتب املؤرخني‪.‬‬
‫‪ 7‬الناصري‪ ،‬أمحد بن خالد أبو العباس (‪ ،)2014‬االستقصا ألخبار دول املغرب األقصى‪ ،‬حتقيق حممد السيد عثمان‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ج‪ ،1.‬ص‪.97.‬‬
‫‪ 8‬البكري‪ ،‬أبو عبيد (‪ ،)2003‬املسالك واملمالك‪ ،‬حتقيق مجال طلبة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪ ،1.‬ج‪،2.‬‬
‫ص‪.324.‬‬

‫‪211‬‬
‫حممد لعضمات‬

‫أيوب‪" :‬ابسم هللا الذي أنزل هللا به كتابه إىل الناس ليبني به أخباره‪ .‬قالوا علم إبليس القضية‪.‬‬
‫أىب هللا ليس يطيق إبليس كما يعلم هللا‪ .‬أي شيء يغلب األلسن يف األقولة؟ ليس يغلب‬
‫األلسن يف األقولة إال هللا بقضائه أاب اللسان الذي أرسل به احلق إىل الناس‪ .‬أعين ما مات‪.‬‬
‫أنظر حممدا كان حني عاش استقام الناس كلهم الذين صحبوه وملا مات فسد الناس‪ .‬كذب‬
‫من يقول‪ :‬إن احلق يستقيم وليس مث رسول هللا"‪ .9‬ورغم إيراد املصادر التارخيية هلذا املؤلَّف‪،‬‬
‫إال أنه مل يصلنا منه شيء ابألمازيغية‪ ،‬عدا مقاطع مما ذكران بعضها مرتمجة إىل اللغة العربية‪،‬‬
‫ولعل هذا الكتاب أقرب إىل التأليف وإعادة الكتابة‪ ،‬منه إىل الرتمجة‪.‬‬
‫قام األمازيغ بدور كبري يف خدمة اإلسالم‪ ،‬من خالل مسامهاهتم العلمية سواء ابللغة‬
‫العربية أو األمازيغية‪ ،‬وذلك ألمهيتها يف نشر العلوم اإلسالمية‪ ،‬بل ظهرت اهتمامات جديدة‬
‫أبرزها إعداد القواميس املزدوجة اللغة لتسهيل عملية حترير الواثئق على من يتصدر هلا من‬
‫القضاة والعدول واملوثقني والفقهاء‪ ،‬وكذا التعبري عن األعالم البشرية واجلغرافية وأعضاء‬
‫اإلنسان وما حييط به من أدوات وغريها‪ ،...‬وتعزز هذا املسار بلون من ألوان التأليف الذي‬
‫اصطلح عليه البعض اسم‬ ‫سعى إىل تبسيط املعرفة الدينية وتقريبها من أفهام العوام‪ْ ،‬‬
‫(لْمازغي)‪ ،‬فكان التأليف ابللسان األمازيغي اترة‪ ،‬ومتزيغ بعض التآليف العربية اترة أخرى‪،‬‬
‫خاصة منها ذات الصلة بعلوم القرآن والفقه واحلديث والسرية والعقيدة والتصوف واألذكار‪،‬‬
‫وموضوعات أخرى مثل الطب والتداوي ابألعشاب‪ ،‬والفلك والتوقيت والتنجيم‪ ،‬والفالحة‬
‫واحلساب وغري ذلك‪.‬‬
‫انطلقت الكتاابت األمازيغية من العلم واملعرفة الشرعية‪ ،‬تلك املعرفة املتداولة يف املدارس‬
‫العلمية‪ ،‬واليت حيُول اجلهل ابلعربية دون وصوهلا إىل عموم الناس‪ ،‬فع ِّمل األمازيغ على ترمجتها‬
‫وتقريبها إىل عقوهلم‪ ،‬عن طريق الشرح والتفسري والتمثيل‪ ،‬كشرح خمتصر الشيخ خليل ألوزال‬
‫منظوما ابألمازيغية‪ ،‬ومساه احلوض‪ ،‬وكذا "حبر الدموع"‪ ،‬وشرح حلسن أُبراهيم أعروس البن‬
‫عاشر‪ ،‬وترمجة احلامدي لقصيدة الربدة‪ ،‬وترمجة كتاب "عمدة البيان يف فروض األعيان"‬
‫للشيخ عبد الرمحن األخضري‪ ،‬وترمجة سيدي أمحد الطاليب املعدري لرسالة "عقد اجلمان ملريد‬
‫العرفان" يف الرتبية الصوفية‪ ،‬للشيخ سيدي علي الدرقاوي‪ ،‬وترمجة املختار السوسي لكتاب‬
‫"األنوار السنية" البن جزي‪ ،‬وكتاب "األربعني النووية"‪ ،‬وترمجة احلاج عبد هللا الدرقاوي‬
‫اإللغي لكتاب "رايض الصاحلني"‪ ،‬وكتاب "نور اليقني" يف السرية النبوية‪ ،‬وترمجة عبد احلميد‬

‫‪ 9‬الثعاليب عبد العزيز (‪ ،)1990‬اتريخ مشال افريقيا من الفتح اإلسالمي إىل هناية الدولة األغلبية‪ ،‬حتقيق أمحد بن ميالد‬
‫وحممد إدريس‪ ،‬ط‪ ،2.‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬ص‪.‬ص‪.152-151.‬‬

‫‪212‬‬
‫ترمجات معاين القرآن إىل األمازيغية‪ :‬عرض وتقدمي‬

‫بن احلسني الصويف لرسالة ابن أيب زيد القريواين "تيليال يف تشليح الرسالة القريوانية"‪ ،‬وترمجة‬
‫جلزء من كتاب "جمموع األمري"‪ ،10‬مساه "اتفوكت ن الدين" أي‬ ‫الشيخ سيدي علي الدرقاوي ٍ‬
‫مشس الدين‪" ،‬ترمجه منظوما‪ ،‬مقتفيا خطوات التامدوزيت يف شرحه حلوض اهلوزايل‪ ،‬موجها‬
‫إايه إىل مريديه (الفقراء)‪ ،‬حيفظونه ويستعينون به يف دينهم"‪ ،11‬وغريها من الرتمجات التفسريية‬
‫األخرى‪.‬‬
‫تقدمي حصيلة ترمجات معاِن القرآن الكرمي إىل األمازيغية‬ ‫‪.3‬‬

‫قد تكون ترمجة القرآن إىل اللغة األمازيغية‪ ،‬من بني أوىل الرتمجات اليت متت يف التاريخ‪.‬‬
‫فحسب ما أشار إليه لويس ماسينيون )‪ (Louis Massignon‬يف تقدميه لرتمجة حممد محيد‬
‫هللا للقرآن الكرمي إىل اللغة الفرنسية‪ ،‬فإنه "يف إحدى حماضراته ابلقاهرة‪ ،‬حول اجلغرافية‬
‫العربية‪ ،‬حتدَّث السيد غيدي )‪ (Guidi‬عن ترمجة أمازيغية للقرآن‪ ،‬متَّت يف السنة ‪127‬‬
‫فصل"‪.12‬‬
‫للهجرة‪ ،‬إال أنه مل يصلنا منها شيء ُم َّ‬
‫عرف التاريخ األمازيغي ظهور "قرآن" ابللغة األمازيغية‪ ،‬غري أن األمر هنا ال يتعلق برتمجة‬
‫للقرآن‪ ،‬بقدر ما يتعلق ابلتأليف وإعادة الكتابة‪ ،‬فقد "خرج نيب من قبيلة بورغواطة سنة ‪127‬‬
‫أسس داينته‪ ،‬كما فعل‬ ‫للهجرة‪ ،‬وكان يعيش يف الساحل األطلسي‪ ،‬يف منطقة جنوب سال‪ ،‬و ّ‬
‫الرسول مبكة‪ .‬واقتداء بنيب اإلسالم‪ ،‬ألّف قرآان‪ ،‬إال أن قرآنه هذا‪ ،‬كتاب مقدس مستوحى‬
‫ابللغة األمازيغية"‪.13‬‬
‫واألكيد يف هذا املوضوع‪ ،‬أن عملية الرتمجة إىل اللغة األمازيغية مل تكن وليدة اليوم‪ ،‬بل‬
‫هي تقليد شفوي قدمي يف املدارس الدينية ابملغرب‪ ،‬وهو إحدى أهم أساليب تل ّقي القرآن‬
‫الكرمي عند األمازيغ‪ ،‬فها هو الفقيه املغريب حممد بن احلسن احلجوي‪ ،‬يستند إىل ذلك لتربير‬
‫جواز ترمجة القرآن الكرمي‪ ،‬إذ يقول‪" :‬تل ّقيت بعض الطّلبة الذين يعلّمون القرآن للرببر ببالدان‪،‬‬
‫‪ 10‬منظومة شعرية يف الفقه تتألف من عشرة آالف بيت‪ ،‬من أتليف حممد بن حممد بن أمحد بن عبد القادر بن حممد‬
‫املصري املالكي‪ ،‬املتوىف سنة ‪1232‬ھـ‪1816 /‬م‪.‬‬
‫‪ 11‬السوسي‪ ،‬املختار‪ ،‬املعسول‪ ،‬جزء ‪ ،19‬ص‪ ،14.‬وأيضا رجاالت العلم العريب يف سوس‪ ،‬ص‪.187.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪Muhammad Hamidullah (1963), Le Saint Coran, Editeur Hadj mohamed Noureddine Ben‬‬
‫‪Mahmoud, Club Français du Livre, p.p.37-38.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪http://www.lenoblecoran.fr/wp-content/uploads/Le-Saint-Coran-Traduction-de-M.-‬‬
‫‪Hamidullah-Version-originale-Fr-1959.pdf(Page consultée le 07-06-2020).‬‬
‫‪13‬‬
‫– ‪Basset, Herni (1920), Essai sur la littérature des Berbères, Ancienne Maison Bastide‬‬
‫‪Jourdan, Éditeur J. Carbonel, Alger, P.62.‬‬

‫‪213‬‬
‫حممد لعضمات‬

‫حىت إذا فهم معناه بقدر اإلمكان عند‬ ‫ِّ‬


‫فحكي يل أ ّهنم يرتمجون معناه ّأوال ملن يريد أن حيفظه‪ّ ،‬‬‫ُ‬
‫ذلك يسهل عليه حفظه‪ ،‬وإال فال‪ .‬قال‪ :‬وهكذا هو عملهم منذ أزمان‪ ،‬وعليه وجدوا من‬
‫قبلهم‪ .‬فقولُنا جبواز ترمجة القرآن ليس اخرتاع ُحكم ملسألة مل تكن وقعت‪ ،‬نريد حدوث‬
‫وقوعها‪ ،‬بل هو ُحكْم مسألة واقعة اثبتة منذ أزمان"‪.14‬‬
‫وجه الفقيه احممد بن‬ ‫ويف إطار اهتمام األمازيغ بنقل أمهات النصوص العربية وتفسريها‪َّ ،‬‬
‫حممد بن عبد هللا السماليل (ت ‪ ،)1122‬رسالة إىل العالَّمة احلسن بن مسعود اليوسي حول‬
‫تفسري القرآن ابألمازيغية‪ ،‬فأجابه‪" :‬أما تفسري القرآن ابللغة الرببرية فال أبس مع وجود‬
‫شرطني‪ :‬أحدمها حتري الصدق والتحصن جبنة ال أدري‪ ،‬والثاين التبحر وحصول املعرفة التامة‬
‫ابملراد‪ ،‬مع معرفة موضوعات األلفاظ العربية القرآنية‪ ،‬وحتقيق حقيقتها وجمازها وتصرحيها‬
‫وكنايتها‪ ،‬وغري ذلك‪ ..‬مع معرفة تطبيق ذلك على األلفاظ العجمية اليت يقع التفسري هبا لئال‬
‫يقع اخلطأ يف إيراد لفظ مكان لفظ ال يرادفه‪ ،‬وذلك حمتاج إىل معرفة اتمة‪ ،‬وفطنة قوية وهو‬
‫أمر صعب‪ ،‬ومن صعوبته يوجد فحول املفسرين‪ ،‬يتبع بعضهم بعضا يف كثري من العبارات‬
‫واألحوط مع ذلك أن يسرد تفسريا من التفاسري السهلة‪ ،‬مث تفسري ألفاظ املفسر ال ألفاظ‬
‫القرآن"‪ .15‬ولذلك أيضا يقول عميد الثقافة األمازيغية األستاذ حممد شفيق‪" :‬إن ترمجة‬
‫النصوص الد ينية وترمجة الكتب املنزلة ابألحرى تتطلب تطلعا كبريا من املعارف اللغوية‪،‬‬
‫الصرفية والنحوية واملعجمية وتتطلب متكنا قواي من دقائق املعاين وخلفياهتا"‪.16‬‬
‫سنُـق ِّّدم يف هذه املقالة أربع ترمجات خمتلفة ملعاين القرآن الكرمي إىل اللغة األمازيغية‪ ،17‬وهي‬
‫الرتمجات الكاملة لكل من احلسني جهادي‪ ،‬ورمضان آيت منصور‪ ،‬وحاج ْ ْحم ْند ْ ْحم ْند‬
‫طَيِّب‪ ،‬وترمجة جزئية لِ َكمال انيت ْزّراد‪ .‬وبقدر ما يرّكز هذا العمل على تقدمي هذه الرتمجات‬
‫واستعراض معاملها األساسية‪ ،‬فقد قمنا يف دراسات سابقة‪ ،‬ابلرتكيز على بعض احملاذير‬
‫والقضااي التفصيلية يف ترمجة معاين القرآن الكرمي إىل األمازيغية‪ ،‬سواء ابالشتغال على ترمجة‬

‫‪ 14‬احلجوي‪ ،‬حممد بن احلسن (‪ ،)1933‬ترمجة القرآن العظيم‪ ،‬جملة املغرب‪ ،‬ع‪ ،13.‬ص‪.4.‬‬
‫‪ 15‬السوسي‪ ،‬حممد املختار (‪ ،)2014‬املعسول يف اإللغيني وأساتذهتم وتالمذهتم وأصدقائهم السوسيني‪ ،‬اجمللد ‪ ،5‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ص‪.‬ص‪.60-59.‬‬
‫‪ 16‬شفيق‪ ،‬حممد (‪ ،)1995‬ملاذا قيل كل مرتجم خذول‪ ،‬مطبوعات أكادميية اململكة املغربية‪ ،‬سلسلة "الندوات" الرتمجة‬
‫العلمية‪ ،‬ندوة جلنة اللغة العربية ألكادميية اململكة املغربية‪ ،‬طنجة ‪ 12-11‬دجنرب ‪ ،1995‬ص‪.25.‬‬
‫‪ 17‬هناك ترمجة للمرحوم بوستة حمند أمزاين من اجلزائر‪ ،‬وهي غري كاملة‪ ،‬وتناولت أجزاء أو آايت متفرقة‪ ،‬حسبما ذكر الشيخ‬
‫طيب حمند يف مقالة له حتت عنوان "ترمجات يف امليزان وحرية بني البوح والكتمان"‪ ،‬لكنه مل يقف على هذه الرتمجة‪.‬‬
‫وهناك أيضا ترمجة جزئية أجنزهتا جلنة مشرتكة بني احملافظة السامية لألمازيغية ووزارة الشؤون الدينية واألوقاف ابجلزائر‪،‬‬
‫مشلت سورة الفاحتة وحزب سبّح ابسم ربك األعلى‪ ،‬على شكل قرص مضغوط ونص مكتوب ابحلرف الالتيين‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫ترمجات معاين القرآن إىل األمازيغية‪ :‬عرض وتقدمي‬

‫واحدة‪ ،‬مثل مسألة ترمجة أمساء السور‪ ،18‬وبالغة التقدمي والتأخري‪ ،19‬وحدود الربح واخلسارة‬
‫يف ترمجة معاين القرآن الكرمي‪ ،20‬أو من خالل دراسات حتليلية مقارنة‪ ،‬مثل قضية املشرتك‬
‫اللفظي يف القرآن الكرمي‪ ،21‬وترمجة ضمري الفصل ابعتباره شكال من أشكال التوكيد يف‬
‫القرآن الكرمي‪.22‬‬
‫‪23‬‬ ‫أ‪" .‬ترمجة معاِن القرآن الكرمي ابللغة األمازيغية"‪ ،‬للحسني جهادي‬
‫صدرت هذه الرتمجة سنة ‪ ،2003‬عن مطبعة النجاح اجلديدة ابلدار البيضاء‪ ،‬وهي أول‬
‫ترمجة كاملة للقرآن الكرمي إىل اللغة األمازيغية ابملغرب‪ ،24‬وصدورها "يش ّكل ابلفعل حمطة‬

‫‪ 18‬يُنظر لعضمات‪ ،‬حممد (‪ ،)2018‬إمعان النظر يف ترمجة أْساء السور‪ :‬دراسة حول ترمجة معاِن القرآن الكرمي‬
‫ابألمازيغية‪ ،‬جملة الدراسات األمازيغية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬خم ترب الدراسات واألحباث يف الثقافة واللغة األمازيغية‪ ،‬جامعة ابن زهر‪،‬‬
‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬أكادير‪ ،‬ص‪.‬ص‪.28-7.‬‬
‫‪ 19‬يُنظر لعضمات‪ ،‬حممد (‪ ،)2017‬دراسة يف التقدمي والتأخري‪ :‬منوذج ترمجة معاِن القرآن الكرمي ابألمازيغية جلهادي‬
‫احلسني الباعمراِن‪ ،‬ضمن كتاب أعم ال امللتقى الدويل الذي نظمته جامعة األمري عبد القادر للعلوم اإلسالمية بقسنطينة‬
‫ابجلزائر‪ ،‬بتاريخ ‪ 17-16‬أبريل ‪ ،2017‬حول "جهود ترمجة معاين القرآن الكرمي إىل اللغة األمازيغية‪ :‬الواقع واالفاق"‪،‬‬
‫منشورات اجمللس األعلى للغة العربية‪ ،‬ص‪.‬ص‪.176-145.‬‬
‫‪ 20‬يُنظر لعضمات‪ ،‬حممد (‪ ،)2015‬الربح والضياع يف ترمجة معاِن القرآن الكرمي ابللغة األمازيغية‪ :‬ترمجة جهادي‬
‫احلسني منوذجا‪ ،‬أحباث يف األمازيغية‪ ،‬أعمال األايم الدراسية املنظمة يومي ‪30‬و‪ 31‬ماي ‪ 2013‬برحاب كلية اآلداب‬
‫والعلوم اإلنسانية أبكادير‪ ،‬ص‪.‬ص‪.46-29 .‬‬
‫‪ 21‬يُنظر لعضمات‪ ،‬حممد (‪ ،)2018‬املشرتَك اللفظي يف ثالث ترمجات ملعاِن القرآن الكرمي ابللغة األمازيغية‪ :‬لفظ الفتنة‬
‫منوذجا ‪ ،‬ضمن كتاب أعمال املؤمتر الدويل اخلامس يف ترمجة معاين القرآن الكرمي‪ ،‬يف موضوع‪" :‬املرجعيات اليهودية‬
‫واملسيحية يف ترمجات معاين القرآن الكرمي"‪ ،‬والذي نظمه خمترب الرتمجة وتكامل املعارف‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم االنسانية‬
‫مبراكش‪ 21 - 20 ،‬فرباير ‪ ،2018‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬األردن‪ ،‬ص‪.‬ص‪.182-173.‬‬
‫‪ 22‬يُنظر لعضمات‪ ،‬حممد (‪ ،)2018‬منوذج من أساليب التوكيد يف القرآن الكرمي‪ :‬ترمجة ضمري الفصل إىل اللغة‬
‫األمازيغية (دراسة حتليلية مقارنة لثالث ترمجات)‪ ،‬ضمن كتاب أعمال املؤمتر الدويل السنوي األول يف موضوع‪" :‬قضااي‬
‫معاصرة يف الدراسات اللغوية واألدبية واجلمالية‪ :‬التحوالت والرهاانت"‪ ،‬والذي نظمه مركز املوىل إمساعيل للدراسات‬
‫واألحباث يف اللغة واآلداب والفنون مبكناس‪ 29 - 28 ،‬مارس ‪ ،2018‬منشورات مقارابت للنشر والصناعات الثقافية‪،‬‬
‫فاس‪ ،‬ص‪.‬ص‪.217-209.‬‬
‫‪ 23‬جهادي احلسني الباعمراين‪ ،‬من مواليد ‪ 1942‬ابلدار البيضاء‪ ،‬حافظ للقرآن الكرمي‪ ،‬وجماز يف التاريخ‪ .‬اشتغل يف التعليم‬
‫ما يزيد عن األربعني سنة‪ .‬ساهم يف كتابة املوسوعة املغربية "معلمة املغرب"‪ ،‬وأصدر سنة ‪ 1997‬ديواان شعراي أمازيغيا‬
‫بعنوان "تيمااترين"‪ ،‬مث صدرت له بعد ذلك جمموعة من الرتمجات إىل اللغة األمازيغية‪ ،‬منها كتاب "اتغاراست نـ ورقاس‬
‫نـ ريب"‪ ،‬وهو ترمجة لسرية الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬مث صدر له سنة ‪ 2003‬كتاب "ترمجة احلديث القدسي ابللغة‬
‫األمازيغية"‪ ،‬كما صدر له يف السنة ن فسها‪ ،‬كتاب "ترمجة معاين القرآن الكرمي إىل اللغة األمازيغية"‪ .‬أصدر سنة ‪2007‬‬
‫كتاب "فتح الباري يف متزيغ جتريد البخاري ابللغة األمازيغية"‪ ،‬وصدر له سنة ‪ ،2014‬كتاب بعنوان "منوذج املقاومة‬
‫املغربية يف دولة برغواطة األمازيغية"‪ ،‬كما صدر له سنة ‪ 2016‬كتاب "من ذاكرة سوس وبصمات احلاضر‪ :‬منوذج آيت‬
‫ابعمران"‪.‬‬
‫‪ 24‬رغم حديث املصادر التارخيية عن ترمجات سابقة‪ ،‬إال أنه مل يصلنا منها إال ما ورد مرتمجا إىل العربية يف املقتطفات القليلة‬
‫املعروفة عند الناصري والبكري والثعاليب وغريهم‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫حممد لعضمات‬

‫سوسيو‪-‬ثقافية من ذوات العيار التارخيي الثقيل يف فضاء الثقافة املغربية"‪ ،25‬وهو كذلك "لبنة‬
‫ركينة يف صرح الثقافة املغربية املعاصرة"‪ ،26‬هذه "اللبنة اجلديدة‪ ،‬اليت أضافها إىل صرح ثقافتنا‬
‫املغربية والعربية‪ ،‬وسد هبا فراغا غري مربر يف مكتبنا وتراثنا"‪ .27‬وتزامن صدور هذه الرتمجة مع‬
‫إصدار جممع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف لرتمجة سورة الفاحتة واألجزاء الثالثة‬
‫األخرية (قد مسع وتبارك وعم) إىل األمازيغية يف السنة نفسها‪ ،‬لصاحبها السيد حاج حمند‬
‫حمند طيب‪.‬‬
‫يبلغ عدد صفحات الرتمجة ‪ 427‬صفحة‪ ،‬مقاس (‪ ،)24×17‬وحتتوي على مقدمة ِّ‬
‫املرتجم‬
‫يف ثالث صفحات‪ ،‬وصفحة مسَّاها "تنبيه"‪ ،‬وضع فيها سبع مالحظات وإضاءات منهجية‬
‫حول الرتمجة‪ ،‬وورد النص املرتجم بعدها خاليا من احلواشي‪ ،‬مث تاله فهرس السور‪.‬‬
‫ُكتبت هذه الرتمجة ابخلط العريب‪ ،‬واقتصر املؤلف يف هذا الكتاب‪ ،‬على نشر نص الرتمجة‬
‫األمازيغية دون النص القرآين‪ ،‬خالفا ألغلب ترمجات القرآن الكرمي‪ ،‬اليت يرد فيها النص‬
‫القرآين يف صفحة‪ ،‬وترد الرتمجة يف الصفحة املقابلة‪ ،‬آية آبية‪ ،‬لتيسري الرجوع إىل النص القرآين‬
‫يف صيغته األصلية‪ ،‬قصد تسهيل عملية الفهم‪ ،‬غري أن املرتجم استدرك هذا األمرنِّسبيًّا‪،‬‬
‫ابعتماده الرتقيم الرتتييب نفسه لآلايت يف املصحف‪ ،‬مما تتأتى معه إمكانية الرجوع إىل النص‬
‫القرآين من خالل الرقم الرتتييب لكل آية‪.‬واعتمد املرتجم يف هذا الكتاب رواية ورش عن انفع‪،‬‬
‫وهي الرواية املعتمدة ابملغرب‪.‬‬
‫استعمل األستاذ احلسني جهادي الباعمراين يف عنوان ترمجتهلفظ "معاين"‪ ،‬على غرار ما‬
‫فعله الشيخ سي حاج حمند حمند طيب‪ .‬ويف هذا املوضوع يقول حممد محيد هللا‪" :‬هناك‬
‫مؤلفون من أهل عصران مينعون استعمال كلمة الرتمجة للقرآن‪ ،‬وال أرى ملاذا؟ ألن السلف من‬
‫مشارق األرض ومغارهبا استعملوا هذا املصطلح بدون ن ِّك ٍري منذ أقدم العصور اإلسالمية‪،‬‬
‫والرتمجة معناها نقل معاين كالم من لغة إىل أخرى‪ ،‬والذي يقرتح مصطلح "ترمجة معاين"‬
‫تكرار بدون حاجة"‪ ،28‬غري أن أغلب الرتمجات ت ِّرد هبذا االسم‪ ،‬غالبًا حىت ال يُظ َّن أبهنا‬

‫‪ 25‬املدالوي املنبهي‪ ،‬حممد (‪" ،)2012‬رفع احلجاب عن مغمور الثقافة واآلداب؛ مع صياغة لعروضي األمازيغية‬
‫وامللحون "‪ ،‬جامعة حممد اخلامس‪ ،‬منشورات املعهد اجلامعي للبحث العلمي‪ ،‬الرابط‪ ،‬مطبعة كوثر برانت‪ ،‬ص‪.174.‬‬
‫‪ 26‬نفسه‪.‬‬
‫‪ 27‬الراضي‪ ،‬اليزيد‪ ،‬مالحظات على ترمجة معاِن القران الكرمي إىل اللغة األمازيغية للحسن جهادي‪.‬‬
‫‪( https://elyaziderradi.blogspot.com/2009/10/blog-post_08.html‬اتريخ الدخول‪18 :‬مارس‪)2020‬‬
‫‪ 28‬محيد هللا‪ ،‬حممد (‪ ،)1986‬فهم القرآن ملن ال ينطق بلغة الضاد‪ ،‬حبث مقدم يف الندوة العاملية حول ترمجة معاين القرآن‬
‫الكرمي‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬ص‪.51.‬‬

‫‪216‬‬
‫ترمجات معاين القرآن إىل األمازيغية‪ :‬عرض وتقدمي‬

‫قرآن‪ ،‬وتنبيها للقارئ إىل أن األمر يتعلق فقط برتمجة "للمعاين"‪ ،‬وأن هذه الرتمجة ليست‬
‫مجيعا يف‬
‫عمل الناس ً‬ ‫بديال عن القرآانلكرمي‪ ،‬وهي بذلك ال حتُ ُّل حملَّه‪ ،‬ذلك أن "جراين ِّ‬
‫فهم ُِّحيلّوهنا حمل أصوهلا إذا شاؤوا‪ ،‬ويستغنون هبا عن تلك‬ ‫الرتمجات على هذا االعتبار‪ُ ،‬‬
‫األصول‪ ،‬بل قد ينس ْون هذه األصول مجلة ويغيب عنهم أن الرتمجات ترمجات‪ ،‬فيحذفون‬
‫أصل أو كأنه ال أصل‬ ‫ِّ‬
‫لفظ ترمجة من‪29‬االسم ويُطْلقون عليها اسم األصل نفسه‪ ،‬كأمنا الرتمجةُ ٌ‬
‫هناك وال فرع" ‪.‬‬
‫ُجنزت "ابللغة األمازيغية"‪ ،‬إال أنه مل يُ ِّشر إىل‬
‫ورغم أن املرتجم أشار إىل أن هذه الرتمجة أ ِّ‬
‫انتماء هذه الرتمجة إىل أي من الفروع اللغوية األمازيغية ابملغرب‪ ،‬على غرار الرتمجات‬
‫األمازيغية األخرى اليت سنأيت على ذكرها‪.‬‬
‫اختار جهادي‪ ،‬على غري عادة املرتمجني‪ ،‬عنواان فرعيا لرتمجته‪ ،‬هو "نور على نور"‪ ،‬اقتبسه‬
‫اَّللُ لِّنُ ِّ‬
‫ورِّه من يشاءُ﴾‪ ،30‬مث وردت حتته‬ ‫﴿نور على نُوٍر يـ ْه ِّدي َّ‬
‫على األرجح من قوله تعاىل‪ٌ :‬‬
‫مباشـرة‪ ،‬ترمجة هذا العنوان الفرعي إىل اللغة األمازيغية‪ ،‬مكتوبةً خبط تيفينـاغ‬
‫[ⵜⵡⴰⴼⵉⵜⴼⵜⵡⴰⴼⵉⵜ]‪ ،‬ولعل جهادي أراد جعل هذه الكتابة هبذا احلرف‪ ،‬مبثابة هوية بصرية‬
‫مميِّّزة هلذه الرتمجة‪ ،‬ولرمبا هي أيضا صدى العتماد حرف تيفيناغ كنظام لكتابة اللغة‬
‫األمازيغيةبشكل رمسي ابملغرب‪ ،31‬أما بقية النص املرتجم‪ ،‬فقد ُكتِّب كلُّه ابحلرف العريب‪،‬‬
‫املرتجم هذا احلرف على حد قوله‪" ،‬لعلَّه يصل إىل غالبية أبناء الشعب الذين‬ ‫واستعمل ِّ‬
‫يكتبون ابحلرف العريب"‪.32‬‬
‫مل يذ ُكر املرتجم يف كتابه أي مرجع ابالسم‪ ،‬لكنه حتدث ابملقابل‪ ،‬وبشكل عام‪ ،‬عن‬
‫اس تفادته من ترمجات سابقة ملعاين القرآن الكرمي إىل بعض اللغات‪ ،‬كما استعان ابملشهور من‬
‫التفاسري؛ حسب رواية ورش؛ وأمهات املراجع واملصادر يف اللغة العربية‪ ،‬دون حتديد أمسائها‪،‬‬

‫‪ 29‬الزرقاين‪ ،‬حممد عبد العظيم (د‪.‬ت)‪ ،‬مناهل العرفان يف علوم القرآن‪ ،‬ط‪ ،3.‬مطبعة عيسى البايب احلليب وشركاؤه‪ ،‬ج‪،2.‬‬
‫ص‪.117.‬‬
‫‪ 30‬سورة النور‪ ،‬اآلية ‪.35‬‬
‫‪ 31‬مت اعتماد حرف تيفيناغ كنظام لكتابة اللغة األمازيغية يف ‪ 10‬فرباير ‪ ،2003‬بعد التوصية اليت قدمها جملس إدارة املعهد‬
‫امللكي للثقافة األمازيغية للملك حممد السادس يف هذا الشأن‪ ،‬وقد مر هذا احلدث قبل شهرين ونيف من صدور ترمجة‬
‫معاين القرآن الكرمي لألستاذ احلسني جهادي الباعمراين‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ 32‬جهادي احلسني الباعمراين‪ ،‬صاحب ترمجة معاين القرآن الكرمي ابللغة األمازيغية يتحدث عن قصة مؤلفه‪ ،‬حوار أجراه‬
‫مصطفى عنرتة مع املرتجم‪ ،‬وهو منشور يف موقع احلوار املتمدن‪ ،‬على الرابط التايل‪:‬‬
‫‪http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=16907&r=0‬‬

‫‪217‬‬
‫حممد لعضمات‬

‫هذا ابإلضافة إىل االعتماد على أقوال الصحابة والراسخني يف العلم وما أخذه عن شيوخه‪،‬‬
‫وذلك على وجه العموم ودون تفصيل‪.‬‬
‫ُسوة مبن سبقوه من‬ ‫قام احلسني جهادي برتمجة القرآن الكرمي إىل اللغة األمازيغية‪ ،‬أ ْ‬
‫األمازيغ الذين نقلوا أمهات الكتب الفقهية وغريها إىل اللغة األمازيغية‪ ،‬فـوصل املاضي‬
‫ابحلاضر‪ ،‬من خالل إحيائه هلذا التقليد األصيل‪ .‬وقد طرح جهادي سؤال الغاية من هذه‬
‫الرتمجة يف مقدمة كتابه‪ ،‬واعترب أن القرآن الكرمي خياطب الناس كافة‪" ،‬ومن ح ِّّق كل شخص‬
‫تيسر من القرآن ويفهمه‪ ،‬ومن املفيد لإلسالم أن يُرتجم‬ ‫عليه‪ ،‬أن يقرأ ما ّ‬ ‫بل من الواجب‬
‫ويبلَّغ للعامل أمجع"‪ .33‬فوظيفة هذه الرتمجة إذن تبليغية‪ ،‬ومن شأهنا "أن تساعد (‪ )...‬على‬
‫يتخصص يف العلوم الدينية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فهم مباشر ملن ال يعرف سوى األمازيغية‪ .‬وقد تفيد من مل‬
‫تعمق يف علوم القرآن‪ ،‬فقد يستعني هبذا العمل‬ ‫وكذلك من توقَّف عن الدراسة مبكرا‪ ،‬أما من َّ‬
‫عند احلاجة‪ .‬واهلدف إذن‪ ،‬هو املسامهة يف تيسري فهم معاين القرآن قدر االستطاعة" ‪ .‬ولعل‬
‫‪34‬‬

‫تقاليد التلقي السماعي عند األمازيغ‪ ،‬تسري يف هذا االجتاه‪ ،‬إذ من املمكن أن تكون هذه‬
‫الرتمجة وسيلة لتقريب النص القرآين إىل الناس يف الفضاءات الدينية والعلمية‪ .‬ولكي تتحقق‬
‫استفادة األمازيغ الذين ال يعرفون القراءة والكتابة من هذه الرتمجة‪ ،‬كان من األفيد أن تُرفق‬
‫ب ُق ْرص ُم ْدمج حيوي تسجيال صوتيا هلا‪ ،‬حىت يتم ّكن من ال يُ ِّتقن سوى األمازيغية وال‬
‫يستطيع قراءة الرتمجة ابحلرف العريب أو غريه‪ ،‬من مساع الرتمجة وفهم معانيها‪ ،‬على غرار ما‬
‫خص ترمجته‬
‫فعله رمضان آث منصور يف ترمجته للقرآن الكرمي إىل اللغة األمازيغية‪ ،‬حينما ّ‬
‫املكتوبة هذه بقرص ُم ْدمج‪ ،‬ملن يوّد االستماع إليها مقروءة‪.‬‬

‫‪ 33‬جهادي‪ ،‬احلسني الباعمراين‪ ،‬ترمجات معاين القرآن ابللغة األمازيغية‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،2003 ،‬‬
‫ص‪.3.‬‬
‫‪ 34‬جهادي‪ ،‬احلسني الباعمراين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.3.‬‬

‫‪218‬‬
‫ترمجات معاين القرآن إىل األمازيغية‪ :‬عرض وتقدمي‬

‫ب‪" .‬القرآن الكرمي وترمجة معانيه إىل اللغة األمازيغية (اللهجة القبائلية)"‪ ،‬للشيخ‬
‫‪35‬‬ ‫سي حاج حمند حمند طيب‬
‫صدرت هذه الرتمجة سنة ‪ ،362013‬عن جممع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف‬
‫ابملدينة املنورة‪ .‬وهي أيضا ترمجة كاملة ملعاين القرآن الكرمي إىل اللغة األمازيغية‪ ،‬وابللهجة‬
‫القبائلية ابجلزائر‪ ،‬وقد تبنّـْتها وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد يف اململكة‬
‫العربية السعودية‪.‬‬
‫يبلغ عدد صفحات الرتمجة ‪ 1126‬صفحة‪ ،‬مقاس (‪ ،)22×15‬وحتتوي على مقدمة من‬
‫صفحتني ابللغة العربية‪ ،‬بقلم الشيخ صاحل بن عبد العزيز بن حممد آل الشيخ‪ ،‬وزير الشؤون‬
‫اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد‪ ،‬املشرف العام على جممع امللك فهد لطباعة املصحف‬
‫الشريف‪ ،‬تلتها ترمجة هذه املقدمة نفسها إىل األمازيغية يف صفحتني أيضا‪ ،‬مث مقدمة املرتجم‬
‫ابللغة العربية‪ ،‬حتدث فيها عن مسرية هذه الرتمجة قبل الطبع‪ ،‬ومراحل التصحيح والتمحيص‪،‬‬
‫وهي أيضا يف صفحتني‪ ،‬تـلْتها كلمة للمرتجم‪ ،‬حتدث فيها عن سريته‪ ،‬وقيمة هذه الرتمجة‪،‬‬
‫املرتجم أيضا صفحتني للحديث حول خطة العمل املتَّـبعة يف هذه‬ ‫صص ِّ‬ ‫وكيفية ِّ‬
‫إجنازها‪ .‬وخ َّ‬
‫الرتمجة‪ .‬وبعد ذلك ِّيرد النص القرآين يف الصفحة اليمىن‪ ،‬وت ِّرد الرتمجة مقابلةً له يف الصفحة‬
‫اليسرى‪ ،‬مشفوعةً عند الضرورة ببعض التوضيحات يف أسفل الصفحة‪ ،‬مث تاله فهرس أمساء‬
‫السور وبيان امل ّكي واملدين منها‪.‬‬
‫ُكتِّب عنوان الرتمجة ابللغتني معا‪ ،‬األول ابللغة العربية‪ ،‬وهو "القرآن الكرمي وترمجة معانيه‬
‫إىل اللغة األمازيغية (اللهجة القبائلية)‪ ،‬وعنوا ٌن آخر يف صفحة الغالف الثانية ابألمازيغية‪،‬‬
‫ليث}‪ ،‬وُكتِّبت هذه الرتمجة‬
‫يس غاللّغة ْامتازيغث {ا ْستُـ ْقپايْ ْ‬‫َّ ِّ‬
‫وهو "لُْقران العظيم ذُتـ ْرج ْم ال ْمعايْن ْ‬
‫ابحلرف العريب‪.‬‬

‫‪ُ 35‬ولِّد يف ‪ 02‬يونيو ‪ ، 1934‬مبنطقة القبائل شرق اجلزائر العاصمة‪ ،‬وهو من شيوخ زواوة‪ ،‬حافظ للقرآن الكرمي‪ ،‬حفظ الكثري‬
‫من الشعر القبائلي‪ ،‬وهو كاتب له أيضا‪ .‬التحق سنة ‪ 1953‬مبعهد ابن ابديس بقسنطينة‪ ،‬حاصل على شهادة اإلجازة‬
‫يف األدب العريب سنة ‪ ،1966‬ومت تعيينه أستاذا يف السلك الثانوي‪ .‬ويف سنة ‪ 1970‬حصل على شهادة الكفاءة يف‬
‫التفتيش الرتبوي‪ ،‬وشغل منصب مفتش يف التعليم‪ ،‬ويف سنة ‪ 1977‬اشتغل أستاذا مساعدا يف جامعة تيزي وزو‪ ،‬ويف عام‬
‫‪ ،1985‬اشتغل بفرنسا مفتشا لدى أبناء اجلالية ملدة أربع سنوات‪ ،‬مث عاد بعدها إىل اجلزائر ليشتغل مفتشا حىت سن‬
‫التقاعد‪ .‬وبعدها شغل مهمة اإلشراف على جملس يف أحد املساجد بتعاون مع مديرية الشؤون الدينية واألوقاف بتيزي‬
‫امليسر لكالم هللا املوقَّر ابألمازيغية (القبائلية)" الصادر سنة ‪،2019‬‬
‫وزو‪ .‬وله عدة مؤلفات من أمهها كتاب "التفسري َّ‬
‫وكتاب "القرآن الكرمي وترمجة معانيه إىل اللغة األمازيغية (اللهجة القبائلية)"‪.‬‬
‫‪ 36‬سبق جملمع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف أن نشر سورة الفاحتة واألجزاء الثالثة األخرية (قد مسع وتبارك وعم)‬
‫وترمجة معانيها إىل اللغة األمازيغية لنفس ِّ‬
‫املرتجم‪ ،‬وذلك سنة ‪.2003‬‬

‫‪219‬‬
‫حممد لعضمات‬

‫املرتجم ضمن خطة العمل اليت اتبعها يف الرتمجة‪ ،‬اعتماد رواية ورش عن انفع‪ ،‬وهي‬ ‫التزم ِّ‬
‫الرواية املنتشرة يف اجلزائر‪ ،‬كما التزم حسب قوله بعدم إغفال أية كلمة من املنت القرآين دون‬
‫أن يُدرج معناها يف الرتمجة‪ ،‬مع ضرورة اعتماد رأي مفسر ما يف كل آية ترتجم‪ ،‬واإلبقاء على‬
‫الكلمات األمازيغية املقرتضة من العربية مىت كانت مفهومة‪ ،‬إضافة إىل االلتزام حبدود الرتمجة‬
‫وعدم التوسع فيها حىت ال تتحول إىل تفسري‪ .‬أما فيما خيص الداللة‪ ،‬فقد اعتمد ِّ‬
‫املرتجم‪،‬‬
‫حسب قوله‪ ،‬الرتمجة ابملعىن عند تعذر الرتمجة ابلكلمة املفردة‪ ،‬كما أفرغ ُوسعه يف اعتماد‬
‫الكلمات الشائعة واملشرتكة تعميما للفائدة‪.‬‬
‫‪37‬‬ ‫ج‪ "LEQWṚAN S TMAZIƔT" .‬لرمضان آث منصور‬
‫صدرت هذه الرتمجة سنة ‪ ،2006‬عن دار النشر زرايب ابجلزائر‪ ،‬بدعم من وزارة الثقافة‬
‫اجلزائرية‪ .38‬وهي أيضا ترمجة كاملة ملعاين القرآن الكرمي ابللغة األمازيغية‪ .‬ويبلغ عدد صفحاهتا‬
‫‪ 491‬صفحة‪ ،‬مقاس (‪ )23×15.5‬وحتتوي على مقدمة املرتجم يف صفحة واحدة ابللغة‬
‫الفرنسية‪ ،‬تالها فهرس أمساء السور مكتوبةً ابحلرف الالتيين إىل جانب حرف تيفيناغ يف أربع‬
‫املرتجم أن حرف تيفيناغ هو النظام األصلي اخلاص بكتابة‬ ‫يعترب ِّ‬ ‫صفحات‪ ،‬ويف هذا اإلطار ِّ‬
‫األمازيغية‪ ،‬وأن استعمال احلرف الالتيين جمرد مرحلة انتقالية‪ .‬وبعد فهرس أمساء السور‪ ،‬ترد‬
‫ترمجة معاين النص القرآين إىل األمازيغية ابحلرف الالتيين أوال يف الصفحة اليسرى‪ ،‬وحبرف‬
‫تيفيناغ بعده يف الصفحة اليمىن املقابِّلة‪ ،‬وذُيِّّلت الرتمجة برسالة شكر من وزير الشؤون الدينية‬
‫واألوقاف‪ ،‬يـُثْين فيها على جهود املرتجم‪.‬‬
‫تتميز هذه الرتمجة بتوفرها على قرص مضغوط‪ ،‬حيتوي على ملفات صوتية‪ ،‬ملن يود‬
‫االستماع إليها مقروءة ابألمازيغية‪ ،‬ممن ال يتقن القراءة‪ ،‬أو الذين يفضلون السماع على‬
‫القراءة‪.‬‬

‫ولد سنة ‪ 1937‬بتيز هيبل بتيزي وزو ودرس فيها‪ ،‬كما درس بباريس‪ ،‬وحصل على الدكتوراه يف العلوم‪ ،‬وهو ابحث‬ ‫‪37‬‬

‫متخصص يف الطاقة الشمسية‪ ،‬وعمل أستاذا يف الكيمياء جبامعة اجلزائر‪ ،‬وهو أيضا مدير حبث يف وزارة التعليم العايل‬
‫والبحث والعلمي ابجلزائر‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫‪Kamel Chachoua, Radiographie de trois traductions du Coran en kabyle, Revue des‬‬
‫‪Mondes Musulmans et de la Méditerranée, Université de Provence, 2010, Féminismes‬‬
‫‪islamiques, 128, pp.231-245, P.232.‬‬

‫‪220‬‬
‫ترمجات معاين القرآن إىل األمازيغية‪ :‬عرض وتقدمي‬

‫استعمل املرتجم املعجم األمازيغي ملنطقة القبائل ابجلزائر‪ ،‬ويفرتض يف ترمجته حسب قوله‪،‬‬
‫أن تُفهم لدى عموم األمازيغ مبنطقة القبائل واملناطق األمازيغية القريبة منها‪ ،39‬واعتمد على‬
‫معجم »‪ «Dallet‬يف حتديد داللة األلفاظ وكذا إمالئيتها‪.‬‬
‫‪ Essai de traduction partielle du coran en berbère‬لكمال انيت زراد‬
‫‪40‬‬

‫هي ترمجة جزئية لنص القرآن الكرمي‪ ،‬وهي جزء تطبيقي ضمن أطروحة الدكتوراه‪ ،‬حتت‬
‫عنوان "حماولة يف ترمجة جزئية للقرآن ابألمازيغية (معجم املفردات الدينية والتوليد)"‪ ،‬واليت‬
‫أجنزها الباحث كمال انيت ّزراد‪ ،‬ابملعهد الوطين للغات واحلضارات الشرقية بباريس سنة‬
‫‪ ،411996‬حتت إشراف األستاذ سامل شاكر‪ ،‬ومشلت هذه الرتمجة ‪ 49‬سورة من السور‬
‫القصار‪ ،42‬مكتوبة ابحلرف الالتيين‪.‬‬
‫وتندرج ترمجة كمال انيت زراد يف إطار معرفة أوسع ابللغة األمازيغية مبختلف فروعها‬
‫اللغوية‪ ،‬ويف جماهلا اجلغرايف الكبري‪ ،‬قصد "النهوض هبذه اللغة وانتقاهلا من الشفاهة إىل‬
‫الكتابة"‪ ،43‬كما تندرج أيضا "يف إطار اهتمامه بتاريخ األداين يف أمهيتها ابلنسبة للغة‬
‫األمازيغية يف حيثيات انتقاهلا إىل فضاء الكتابة‪ ،‬فبواسطتها ميكن إدماج قاموس أمازيغي‬
‫جامع )‪ ،(lexiquepan-berbère‬وتسهيل عملية تداوله بني اجملموعات اللسانية األمازيغية‬
‫ملا للقرآن من حضور يومي يف نشاطها الثقايف"‪ ،44‬السيما وأن املعجم الديين األمازيغي املبين‬

‫‪39‬‬
‫‪Ibid.‬‬
‫‪ُ 40‬ولِّد سنة ‪ 1950‬مبنطقة القبائل ابجلزائر‪ ،‬وهو حاصل على دكتوراه يف اإللكرتونيات الدقيقة ابملعهد الوطين لتقنيات العلوم‬
‫وعلْم اللهجات)‪ ،‬حيث حصل‬ ‫بغرينوبل بفرنسا سنة ‪ ،1995‬وهو أيضا متخصص يف اللسانيات األمازيغية (الرتكيب ِّ‬
‫ِّ‬
‫على دكتوراه يف اللسانيات األمازيغية سنة ‪ 1996‬ابملعهد الوطين للغات واحلضارات الشرقية بباريس‪ ،‬وعُ ّني ابحثا مبعهد‬
‫اللسانيات اإلفريقية بفرانكفورت أبملانيا‪ ،‬ويف عام ‪ 2003‬حصل على شهادة التأهيل للبحث ابملعهد الوطين للغات‬
‫واحلضارات الشرقية بباريس‪ ،‬ومت تعيينه سنة ‪ 2009‬أستاذا للتعليم العايل‪ ،‬وهو مدير وحدة البحث يف اللغات والثقافات‬
‫يف مشال إف ريقيا والشتات بنفس املعهد بباريس‪ .‬له الكثري من املؤلفات‪ ،‬وأمهها ابللغة الفرنسية كراسة تصريف األفعال‬
‫القبائلية الصادر سنة ‪ ،1994‬والنحو املعاصر ‪( 1‬علم الصرف) سنة ‪ ،1995‬والنحو املعاصر ‪( 2‬الرتكيب) سنة ‪،1996‬‬
‫وكتاب النحو املعاصر للقبائلية سنة ‪ ،2001‬ومعجم اجلذور األمازيغية سنة ‪ ،2002‬واللسانيات األمازيغية وتطبيقات‬
‫سنة ‪ ،2004‬ومعجم األمساء األمازيغية سنة ‪ ،2005‬وكتاب حنو إصالح معرية القبائلية سنة ‪ ،2012‬وعدة كتب‬
‫ومقاالت أخرى حول اللغة األمازيغية‪.‬‬
‫‪ 41‬نشرها مركز الدراسات احلامية السامية مبيالنو اإليطالية‪ ،‬سنة ‪.1998‬‬
‫‪ 42‬مشلت هذه الرتمجة اجلزئية سورة الفاحتة إضافة إىل سورة امللك والناس وما بينهما من السور‪.‬‬
‫‪43 Nait‬‬
‫‪-Zerrad, Kamal, Essai de Traduction Partielle du Coran en Berbère (Vocabulaire‬‬
‫‪Religieux et Néologie), Thèse de Doctorat, Institut National des Langues et Civilisations‬‬
‫‪Orientales, Paris, sous la direction de Salem CHAKER, Mai 1996, P.7.‬‬
‫‪ 44‬آيت بلقاسم‪ ،‬أفوالي‪ ،‬ترمجة القرآن إىل االمازيغية‪ :‬تقدمي حملاولة كمال انيت زراد‪ ،‬جملة تيفاوت‪ ،‬ع‪.1995 ،5.‬‬

‫‪221‬‬
‫حممد لعضمات‬

‫أساسا على االقرتاض من العربية‪ ،‬مل يكن متجانسا ومتماثال بني كل الفروع اللغوية‬
‫األمازيغية‪ ،45‬أضف إىل ذلك "أن الرتمجة بني األمازيغية والعربية قد تتميز ببعض الصعوابت‬
‫املرتبطة بطبيعة اللغة األمازيغية ابعتبارها حديثة العهد ابلكتابة"‪.46‬‬
‫ورغبةً منه يف جتاوز مسألة االقرتاض املكثَّف من العربية يف جمال املعجمية الدينية‬
‫املرتجم على ثالث واجهات أساسية‪ ،‬بدأها ابلوصف الدقيق للغة‪،‬‬ ‫األمازيغية‪ ،‬اشتغل ِّ‬
‫الستنباط قواعدها يف جمال التوليد املعجمي‪ ،‬خصوصا ما يتعلق ابالشتقاقات واملرَّكبات‬
‫والتقاب الت الفونيمية بني اللهجات وداخل اللهجة نفسها‪ ،‬تلته دراسة معمقة لبنية اللغة‬
‫وبشكل خاص تنظيم امللفوظ األمازيغي‪ ،‬مث أخريا اقرتاح نظام متكامل للكتابة والتدوين‪،‬‬
‫يراعي كل الفروع اللغوية القبائلية وابقي الفروع اللغوية األمازيغية األخرى‪ ،47‬وذلك انطالقا‬
‫من تصوره للغ ة األمازيغية‪ ،‬حيث يرتكز على الفرع اللغوي ألمازيغية منطقة القبائل ابجلزائر‪،‬‬
‫مع السعي حنو استشراف أمازيغية مشرتكة من خالل عملية توليد املفردات اجلديدة من‬
‫جذور الفروع اللغوية املختلفة‪ ،‬كاملزابية والشاوية والقبائلية والطارقية والشلحة وغريها‪.‬‬
‫خامتة‬
‫وإن كان الغرض من هذا العمل‪ ،‬هو التعريف على حنو جمم ٍل ابجملهود الذي بُ ِّذل يف جمال‬
‫ترمجة معاين القرآن الكرمي إىل اللغة األمازيغية‪ ،‬فإننا نُ ِّرجع االختالفات القائمة بني هذه‬
‫الرتمجات إىل اختالف سياقات إجنازها‪ ،‬واختالف اسرتاتيجيات الرتمجة من ِّ‬
‫مرتجم آلخر‪،‬‬
‫سواء فيما يتعلق ابحلرف كأداة للكتابة‪ ،‬أو ما له عالقة بطرق التفاوض مع النص األصلي‬
‫الستضافته يف اللغة األمازيغية‪ ،‬أو حىت ما له عالقة أيضا بوظائف النص املرتجم‪ ،‬وما يرتتب‬

‫‪http://www.tawalt.com/wp-content/uploads/afulay_quran_aytzerrad.gif‬‬
‫‪45‬‬
‫‪Naït-Zerrad, Kamal, Lexique religieux berbère et néologie : un essai de traduction partielle‬‬
‫‪du Coran, Milano: Centro studi camito-semitici: Associazione culturale berbera in Italia,‬‬
‫‪1998, P.61.‬‬
‫‪ 46‬بلويل‪ ،‬فرحات‪ ،‬ترمجة النص املكتوب من اللغة األمازيغية إىل العربية‪ ،‬أعمال امللتقى الدويل الثاين حول اللغة األمازيغية‬
‫من التقليد الشفوي إىل حقل اإلبداع والتأليف (مسار ورهاانت)‪ 18-17 ،‬أبريل ‪ ،2013‬قسم اللغة والثقافة األمازيغية‪،‬‬
‫جامعة أكلي حمند أوحلاج ابلبويرة‪ ،‬ص‪.37.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪Nait-Zerrad, Kamal, Essai de Traduction Partielle du Coran en Berbère (Vocabulaire‬‬
‫‪Religieux et Néologie), Thèse de Doctorat, Institut National des Langues et Civilisations‬‬
‫‪Orientales, Paris, sous la direction de Salem CHAKER, Mai 1996, P.P.7-8.‬‬

‫‪222‬‬
‫ترمجات معاين القرآن إىل األمازيغية‪ :‬عرض وتقدمي‬

‫عن ذلك من اعتماد ملنهج التوطني الذي يعطي األولوية لنص الوصول‪ ،‬أو منهج التغريب‬
‫الذي يـ ُه ُّمه كثرياً الوفاءُ للنص األصلي ولو كان ذلك على حساب النص األصلي‪.‬‬
‫البد إذن من ضرورة وضع "دليل ملرتمجي القرآن الكرمي ابألمازيغية"‪ ،‬يتم فيه تقعيد‬
‫األسس النظرية واملناهج التطبيقية أثناء عملية الرتمجة‪ ،‬كما هو احلال ابلنسبة لدليل مرتمجي‬
‫اإلجنيل‪ ،‬ويكون هذا الدليل مرجعا مهما ابلنسبة ملرتجم القرآن الكرمي إىل اللغة األمازيغية‪،‬‬
‫وينطبق احلال على ابقي اللغات أيضا‪ ،‬والبد أن يصاحبه أيضا جمهود كبري على مستوى‬
‫موجهة للمرتمجني‪ ،‬ابإلضافة إىل‬‫مبسطة ومرّكزة للقرآن الكرمي‪ ،‬وتكون َّ‬
‫إعداد تفاسري أمازيغية َّ‬
‫إعداد معجم ثنائي اللغة‪ ،‬عريب أمازيغي‪ ،‬متخصص يف املعجم الديين‪ ،‬يتم فيه حصر جمموع‬
‫األلفاظ القرآنية‪ ،‬وتفسريها ووضع املقابل األمازيغي هلا‪.‬‬
‫هذا فضال عن إنشاء قاعدة بياانت حول ترمجة القرآن الكرمي ابألمازيغية‪ ،‬والعمل على‬
‫تطوير برامج الرتمجة املسعفة ابحلاسوب‪ ،‬وتزويدها؛ انطالقا من قاعدة البياانت؛ مبختلف‬
‫املراجع واملعينات اليت من شأهنا أن تـُي ِّّسر عمل املرتمجني إىل هذه اللغة‪ .‬وأخريا البد لعمل من‬
‫هذا احلجم‪ ،‬أن ينخرط فيه املرتمجون واخلرباء واملهتمون حتت إشراف مؤسسات تعىن برتمجة‬
‫القرآن الكرمي إىل األمازيغية‪ ،‬حبيث يكون اإلشراف على مشاريع ترمجة القرآن مجاعيا‪،‬‬
‫ويساهم فيه متخصصون يف العلوم الشرعية‪ ،‬مبا فيها علوم القرآن‪ ،‬ابإلضافة إىل متخصصني‬
‫يف اللغة العربية واللغة األمازيغية‪.‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫القرآن كرمي‬

‫أوال‪ :‬املراجع ابللغة العربية‬


‫آيت بلقاسم‪ ،‬أفوالي (‪ ،)1995‬ترمجة القرآن إىل االمازيغية‪ :‬تقدمي حملاولة كمال انيت‬
‫زراد‪ ،‬جملة تيفاوت‪ ،‬ع‪.5.‬‬
‫البكري‪ ،‬أبو عبيد (‪ ،)2003‬املسالك واملمالك‪ ،‬حتقيق مجال طلبة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬ط‪ ،1.‬ج‪.2.‬‬
‫بلويل‪ ،‬فرحات‪ ،‬ترمجة النص املكتوب من اللغة األمازيغية إىل العربية‪ ،‬أعمال امللتقى‬
‫الدويل الثاين حول اللغة األمازيغية من التقليد الشفوي إىل حقل اإلبداع والتأليف (مسار‬

‫‪223‬‬
‫حممد لعضمات‬

‫أبريل ‪ ،2013‬قسم اللغة والثقافة األمازيغية‪ ،‬جامعة أكلي حمند أوحلاج‬ ‫‪18-17‬‬ ‫ورهاانت)‪،‬‬
‫ابلبويرة‪.‬‬
‫الثعاليب عبد العزيز (‪ ،)1990‬اتريخ مشال افريقيا من الفتح اإلسالمي إىل هناية الدولة‬
‫األغلبية‪ ،‬حتقيق أمحد بن ميالد وحممد إدريس‪ ،‬ط‪ ،2.‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫جهادي‪ ،‬احلسني (‪ ،)2003‬ترمجة معاين القرآن الكرمي ابللغة األمازيغية‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫احلجوي‪ ،‬حممد بن احلسن (‪ ،)1933‬ترمجة القرآن العظيم‪ ،‬جملة املغرب‪ ،‬ع‪.13.‬‬
‫محيد هللا‪ ،‬حممد (‪ ،)1986‬فهم القرآن ملن ال ينطق بلغة الضاد‪ ،‬حبث مقدم يف الندوة‬
‫العاملية حول ترمجة معاين القرآن الكرمي‪ ،‬إسطنبول‪.‬‬
‫الزرقاين‪ ،‬حممد عبد العظيم (د‪.‬ت)‪ ،‬مناهل العرفان يف علوم القرآن‪ ،‬ط‪ ،3.‬مطبعة عيسى‬
‫البايب احلليب وشركاؤه‪ ،‬ج‪.2.‬‬
‫السوسي‪ ،‬حممد املختار (‪ ،)2014‬املعسول يف اإللغيني وأساتذهتم وتالمذهتم وأصدقائهم‬
‫السوسيني‪ ،‬اجمللد ‪ ،5‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫شفيق‪ ،‬حممد (‪ ،)1995‬ملاذا قيل كل مرتجم خذول‪ ،‬مطبوعات أكادميية اململكة املغربية‪،‬‬
‫سلسلة "الندوات" الرتمجة العلمية‪ ،‬ندوة جلنة اللغة العربية ألكادميية اململكة املغربية‪ ،‬طنجة‬
‫‪ 12-11‬دجنرب‪.‬‬
‫املدالوي املنبهي‪ ،‬حممد (‪ ،)2012‬رفع احلجاب عن مغمور الثقافة واآلداب؛ مع صياغة‬
‫لعروضي األمازيغية وامللحون‪ ،‬جامعة حممد اخلامس‪ ،‬منشورات املعهد اجلامعي للبحث‬
‫العلمي‪ ،‬الرابط‪ ،‬مطبعة كوثر برانت‪.‬‬
‫موانن‪ ،‬جورج (‪ ،)1994‬املسائل النظرية يف الرتمجة‪ ،‬ترمجة لطيف زينون‪ ،‬دار املنتخب‬
‫العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬
‫الناصري‪ ،‬أمحد بن خالد أبو العباس (‪ ،)2014‬االستقصا ألخبار دول املغرب األقصى‪،‬‬
‫حتقيق حممد السيد عثمان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫نيومارك‪ ،‬بيرت (‪ ،)2002‬اجتاهات يف الرتمجة‪ ،‬ترمجة حممد إمساعيل صيين‪ ،‬جامعة امللك‬
‫سعود‪ ،‬دار املريخ للنشر‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫ عرض وتقدمي‬:‫ترمجات معاين القرآن إىل األمازيغية‬

‫ املراجع األجنبية‬:‫اثنيا‬
Basset, Herni (1920), Essai sur la littérature des Berbères, Ancienne Maison
Bastide – Jourdan, Éditeur J. Carbonel, Alger.
Kamel Chachoua, Radiographie de trois traductions du Coran en kabyle, Revue
des Mondes Musulmans et de la Méditerranée, Université de Provence, 2010,
Féminismes islamiques, 128, pp.231-245.
NAIT-ZERRAD, Kamal, Essai de Traduction Partielle du Coran en Berbère
(Vocabulaire Religieux et Néologie), Thèse de Doctorat, Institut National des
Langues et Civilisations Orientales, Paris, sous la direction de Salem CHAKER,
Mai 1996.
Naït-Zerrad, Kamal, Lexique religieux berbère et néologie : un essai de
traduction partielle du Coran, Milano: Centro studi camito-semitici:
Associazione culturale berbera in Italia, 1998.
Van Hoof, Henri (1991), Histoire de la traduction en occident, Editions
Duculot, Paris.
Sun, Min (2010), la traduction de la littérature québécoise en chine - état des
lieux et perspectives, thèse présentée à la Faculté des Etudes Supérieures de
l'Université Laval, Département de Langues, Linguistique et Traduction, Faculté
des Lettres Université Laval Québec.

‫ املواقع اإللكرتونية‬:‫اثلثا‬
‫ مالحظات على ترمجة معاين القران الكرمي إىل اللغة األمازيغية للحسن‬،‫ اليزيد‬،‫الراضي‬
:‫جهادي‬
https://elyaziderradi.blogspot.com/2009/10/blog-post_08.html
Muhammad Hamidullah (1963), Le Saint Coran, Editeur Hadj mohamed
Noureddine Ben Mahmoud, Club Français du Livre.
http://www.lenoblecoran.fr/wp-content/uploads/Le-Saint-Coran-Traduction-
de-M.-Hamidullah-Version-originale-Fr-1959.pdf
http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=16907&r=0

225
‫مجلة أسيناگ‪ ،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‬العدد السادس عشر‪ ،2021،‬ص ‪233-227‬‬

‫حوار مع الكاتب حممد أكوانض‬


‫أجرته جلنة حترير أسيناگ‬

‫‪ .1‬ماذا عن البداايت األوىل للكتابة والتأليف عند األمازيغ؟‬

‫ابلرغم من أن األمازيغ يعتربون من الشعوب السباقة إىل اخرتاع أجبدية خاصة للغتهم منذ‬
‫زمن قدمي يربو على ثالثني قران‪ ،‬وتعلن مكتشفات حديثة عن أزمنة أبعد من ذلك‪ ،‬فإن‬
‫األغلبية الساحقة من الناس اعتقدوا وما زال الكثري منهم يعتقدون أن األمازيغية لغة شفوية‪،‬‬
‫مل تعرف يف اترخيها الكتابة‪ ،‬وما زال بعض الغموض يلف البداايت األوىل للكتابة عند‬
‫األمازيغ القدامى‪ ،‬كما يلف اترخيهم كله‪ .‬فلقد آثر قدماء الكتاب من األمازيغ أن ينتسبوا‬
‫للشعوب اليت ألّفوا بلغتها‪ ،‬سواء كانت يواننية أو التينية يف القدمي أو كانت عربية بعد دخول‬
‫العربية إىل بالد األمازيغ بدخول االسالم‪.‬‬
‫وقد عين هؤالء كثريا برتاث الشعوب األخرى اليت امتحوا من تراثها وافتخروا بكوهنم أتقنوا‬
‫لغات تلك الشعوب‪ .‬فها هو أبوليوس املادوري العامل والكاتب األمازيغي األصل ‪-‬صاحب‬
‫احلمار الذهيب‪ ،‬واملرافعة وغريها من املؤلفات اليت مل يصل إلينا منها إال القليل‪ -‬يفتخر أبنه‬
‫بعد إتقانه اللغة اليواننية‪ ،‬واعتمادا على نفسه‪ ،‬أتقن اللغة الالتينية إىل درجة أنه ألف هبا كتبه‬
‫اليت وصلت إلينا‪ ،‬وابلرغم من اعرتافه أبنه نوميدي جيتويل وأن ذلك ال يضريه وال ينقص من‬
‫قدره‪ ،‬فإنه مل يشر ولو مرة واحدة إىل تراث بلده‪ ،‬ومن ذلك اللغة‪.‬‬
‫إن األجبدية األمازيغية اليت أومأت إليها آنفاً‪ ،‬كانت تسمى اخلط اللويب أو اللييب‪ ،‬وهو‬
‫اخلط الذي تفرعت عنه أجبدية تيفيناغ احلالية‪ .‬وقد انتشر هذا اخلط عرب البالد اليت استوطنها‬
‫األمازيغ واستمر وتطور عرب التاريخ أحياان‪ .‬وإذا كان منحصراً كخط لكتابة اللغة األمازيغية‬
‫يف أقطار املغرب الكبري يف وقت ما‪ ،‬فإنه ظل معموال به عند قبائل الطوارق األمازيغية‪ ،‬حىت‬
‫اكتشفه األوروبيون يف العصر احلديث‪.‬‬
‫مل تصل إىل الباحثني يف عصران نصوص طويلة مكتوبة هبذه األجبدية‪ ،‬ولكن عبارات‬
‫قصرية‪ ،‬كأمساء األشخاص‪ ،‬وشواهد القبور‪ ،‬أو أبيات شعرية غرامية‪ .‬وإذا كان بعض الباحثني‬
‫قد ذهب إىل أن هذا اخلط مستمد من اخلط البونيقي‪ ،‬فإن األكثرية منهم يرون أنه اخرتاع‬

‫‪227‬‬
‫حممد أكوانض‬

‫حملي صرف‪ ،‬ألنه وجد قبل وصول الفينيقيني إىل مشال إفريقيا‪ ،‬كما وجد أحياان يف أماكن‬
‫بعيدة عن التأثري البونيقي‪ ،‬زايدة على أن نقاط التشابه بني اخلطني ضعيفة‪.‬‬
‫وإذا أمكن للباحثني اليوم أن يتحدثوا عن اخلط اللويب بيقني‪ ،‬فألنه وصل إلينا منقوشاً‬
‫على صخور صلدة صانته من عبث األيدي وتقلبات الزمن‪ ،‬الشيء الذي مل يكن ممكناً‬
‫ابلنسبة للنصوص الطويلة اليت كانت تكتب عادة على مواد أقل مقاومة من الصخر‪ .‬وهناك‬
‫إشارات اترخيية تؤيد أنه قد أبيدت أجزاء من هذا الرتاث املكتوب وأمهلت حىت فقدت أجزاء‬
‫أخرى منه ابألمازيغية عرب التاريخ‪ .‬فقد وردت عبارة يف ثنااي كتاب "وصف إفريقيا" للكاتب‬
‫املعروف احلسن الوزان املشهور بليون اإلفريقي‪ ،‬تؤيد ذلك إذ يقول‪" :‬ويف الوقت الذي كان‬
‫حكم إفريقيا بيد املبتدعة الفارين من خلفاء بغداد‪ ،‬أمروا إبحراق مجيع كتب األفارقة املتعلقة‬
‫ابلتاريخ والعلوم‪ ،‬متومهني أن اإلبقاء على هذه الكتب‪ ،‬من شأنه أن يرتك األفارقة على خنوهتم‬
‫القدمية ويدعوهم إىل الثورة واالرتداد عن اإلسالم" (وصف إفريقيا‪ ،‬ص‪.)70-69‬‬
‫ويتأكد ما ذهب إليه الوزان عندما نطرح السؤال عن مصري املؤلفات املكتوبة ابللغة‬
‫األمازيغية يف القرون املبكرة لدخول اإلسالم إىل بالد األمازيغ‪ ،‬تلك املؤلفات اليت حتدث عن‬
‫بعض منها الكاتب التونسي عثمان الكعاك قائال‪" :‬ويف هذا العصر األول‪ ،‬ألف مؤرخو‬
‫الرببر تصانيفهم يف الطبقات والسري ابلرببرية دون غريها‪ ،‬إال أن هذه التصانيف قد ضاعت‪،‬‬
‫وإمنا اعتمدها من أتى بعد هؤالء فوضع كتب الطبقات والسري مثل‪ :‬الوسياين والدرجيين‬
‫والشماخي والربادي‪ .‬ويظهر أن هذا الطور األول يبتدئ من أوائل القرن الثاين وينتهي يف‬
‫أواخر القرن الثالث‪ .‬والطور الثاين هو الطور العريب الرببري الذي يوافق ظهور احلكومة العربية‬
‫الرببرية مثل احلكومة الزيرية بتونس واحلمادية ابجلزائر‪ ،‬ففي هذا العصر‪ ،‬مجع الكتاب بني‬
‫اللغتني يف تصانيفهم‪ .‬وهذا الطور يبتدئ من أوائل القرن الرابع وينتهي يف أوائل السادس‪.‬‬
‫والطور الثالث هو الطور العريب البحت‪ ،‬فقد صنف أصحاب الطبقات والسري ابلعربية‬
‫دون غريها‪ ،‬وإن أقحموا عدة مفردات بربرية بني السطور"‪( .‬الرببر‪ ،‬ص‪ ،49-48 :‬دار النشر‬
‫اتوالت)‪ .‬وقد استمرت الكتابة ابللغة األمازيغية خاصة يف منطقة اتشلحيت إىل الوقت‬
‫الراهن‪ ،‬وكانت ابحلرف العريب‪ .‬وعندما أحدث املعهد امللكي للثقافة األمازيغية ابملغرب‪،‬‬
‫اضطلع مبهمة حتقيق ونشر بعض هذه املؤلفات من قبيل‪ :‬خمطوط سرية األكابر يف ذكر‬
‫بعض لغة الربابر ملؤلف جمهول‪ ،‬والرتمجة األمازيغية للربدة لعبد هللا بن حيىي احلامدي‪ ،‬ومها من‬
‫حتقيق أمحد املنادي‪ ،‬مث ما قام به عمر أفا من حتقيق البعض اآلخر منها ون ْشره‪ .‬وقد شرع يف‬
‫إجناز عمل مهم يتمثل يف جرد ملا هو مكتوب ابللغة األمازيغية ابحلرف العريب‪ ،‬صدر منه‬

‫‪228‬‬
‫حوار امللف‬

‫اجلزء األول‪ ،‬ضمن منشورات املعهد امللكي للثقافة األمازيغية حتت عنوان‪" :‬الدليل اجلذاذي‬
‫للمخطوطات والواثئق األمازيغية‪ ،‬املصادر املكتوبة ابحلرف العريب يف منطقة سوس"‪ .‬لكن‬
‫الكثري مما هو مؤلف ابللغة األمازيغية ابد أو أبيد‪ ،‬أو ال يزال البعض منه يف أيدي من ال‬
‫يدركون أمهيته أو يضنّون ابلكشف عنه‪.‬‬
‫ولعل اجلائزة اليت يرصدها املعهد امللكي للثقافة األمازيغية للمخطوط األمازيغي قمينة أبن‬
‫تشجع من ميتلكون هذه املخطوطات على الكشف عنها‪ .‬وإذا كان مستبعداً أن يعثر اليوم‬
‫عن الكتاب الديين للبورغواطيني‪ ،‬ألن خصومهم يف العقيدة من املرابطني واملوحدين استأصلوا‬
‫تراثهم‪ ،‬فلماذا مل تصل إلينا مؤلفات حممد بن تومرت مؤسس الدولة املوحدية ابلرغم من أن‬
‫مؤلفه ابللغة العربية "أعز ما يطلب" حمقق ومنشور؟‬
‫إن التأريخ للكتابة عند األمازيغ مشروع ضخم يقع على عاتق املثقفني املغاربيني مجيعهم‪،‬‬
‫ولعل صرح املغرب الكبري الذي حتلم به األجيال يتقوى إبجناز مثل هذه املشاريع اليت تؤكد‬
‫الرتابط والتالحم بني أقطاره‪.‬‬

‫‪ .2‬يُالحظ يف الوقت الراهن أن الكتابة ابللغة األمازيغية مل تعد مقتصرة على اجلهود‬
‫الفردية للمبدعني والكتاب هبذه اللغة‪ ،‬بل تطور األمر إىل اخنراط مجاعي يف‬
‫التجربة من خالل العمل املدِن بوصفه آلية حديثة من آليات عصرنة اجملال‬
‫تريا‪ ،‬اليت رسخ قدمها‬
‫الثقايف ودمقرطته‪ .‬ومبا أنكم من مؤسسي رابطة الكتاب ّ‬
‫يف سريورة نشر الكتاب ابللغة األمازيغية وتشجيع املبدعني هبا‪ ،‬ما هي احليثيات‬
‫املعرفية لنشأة هذه التجربة املدنية‪ ،‬وكيف ترون مستقبلها على ضوء املكتسبات‬
‫املتحققة والرهاانت املطروحة؟‬
‫إذا كانت جتربة الكتابة احلديثة ابألمازيغية تعود إىل األربعينيات من القرن املاضي يف‬
‫اجلزائر‪ ،‬فإهنا مل تبدأ يف بلدان املغرب إال يف هناية الستينيات من نفس القرن‪ ،‬عندما أتسست‬
‫اجلمعية املغربية للبحث والتبادل الثقايف يف الرابط‪ ،‬فأصدرت أول نشرة داخلية حتت عنوان‬
‫"أراتن"‪ ،‬مث تلتها كتاابت أخرى مثل الديوان الشعري األول الذي أصدرته اجلمعية للشاعر‬ ‫ّ‬
‫حممد مستاوي بعنوان "ئسكراف"‪ ،‬مث حتقيق اجلزء األول من مؤلف أوزال املعنون‬
‫ب"احلوض"‪ ،‬وقد توىل حتقيقه املرحوم اجلشتيمي‪ .‬وقد دأبت اجلمعية على إثراء املكتبة‬
‫األمازيغية بنشر اإلبداعات ابللغة األمازيغية‪ ،‬والدراسات حوهلا ابلعربية والفرنسية وأحياان‬

‫‪229‬‬
‫حممد أكوانض‬

‫ابألمازيغية‪ ،‬وكانت أول مجعية أمازيغية اختذت هلا موقعاً يف املعرض الدويل للنشر والكتاب يف‬
‫الدار البيضاء‪.‬‬
‫اجتهت منظمة اتماينوت على العموم اجتاهاً آخر‪ ،‬فقد عنيت ابجلانب احلقوقي‪ ،‬فرتجم‬
‫األستاذ إدبلقاسم االعالن العاملي حلقوق اإلنسان إىل اللغة األمازيغية‪ ،‬ووثيقة ‪ 169‬لألمم‬
‫املتحدة‪ ،‬مث ترمجت مدونة األسرة كما سبق أن أشرت إىل ذلك‪ ،‬مث األعراف األمازيغية‪ ،‬هذا‬
‫جبانب إبداعات أخرى‪.‬‬
‫أما مجعية اجلامعة الصيفية أبكادير‪ ،‬فقد اضطلعت بنشر الدراسات العلمية حول الثقافة‬
‫واحلضارة األمازيغية وكان هلا الفضل يف خلق التواصل بني املهتمني ابلثقافة األمازيغية ليس يف‬
‫املغرب فحسب‪ ،‬ولكن يف أقطار املغرب الكبري ويف دول أورواب‪ .‬يف هذا اجلو‪ ،‬ظهرت‬
‫مبادرات فردية يف اإلبداع األديب األمازيغي يف كل مناطق املغرب‪ ،‬من شعر وقصة ورواية‪...‬‬
‫بظهور املعهد امللكي للثقافة األمازيغية‪ ،‬الذي يعترب استجابة ملطلب طاملا رفعته احلركة‬
‫األمازيغية‪ ،‬فقد تطورت هذه الكتابة وانتقلت انتقاالً نوعياً‪ ،‬حيث دخلت الكتابة إىل مرحلة‬
‫التأسيس الرمسي والفعلي هلذه الكتابة‪ُ ،‬فر ّسم احلرف املؤهل للكتابة‪ ،‬ووضعت املعاجم‬
‫املختلفة‪ ،‬وضبطت القواعد االمالئية للكتابة‪ ،‬مث مجعت ودونت أجزاء مهمة من الرتاث‬
‫الشفوي‪ ،‬ووضعت الكتب املدرسية‪ ،‬وأحدثت جوائز للثقافة األمازيغية بكل أشكاهلا‪ ،‬ومنها‬
‫اإلبداع األديب‪...‬‬
‫يف هذه الظروف تولدت فكرة إنشاء كيان مجعوي يلم مشل من حيملون ه ّم اإلبداع ابللغة‬
‫األمازيغية‪ ،‬وكان من دواعي ذلك‪:‬‬
‫‪ .1‬الشعور أبنه آن األوان لكي تكون هنالك هيئة جتمع من سبق هلم أن أبدعوا هبذه اللغة‪،‬‬
‫بدل أن يشكلوا جزراً منقطعةً عن بعضها‪ ،‬كل يبدع حسب طريقته اخلاصة‪.‬‬
‫‪ .2‬طول انتظار حتقق إنشاء هيئة وطنية للكتاب ابألمازيغية بعد أن كان عدة مرات على‬
‫رأس جدول أعمال كثري من اجلمعيات‪ ،‬وحلد اآلن‪ ،‬ملا يتحقق بعد‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم قدرة اجلمعيات األمازيغية على مواكبة تطور الكتابة ابألمازيغية‪ ،‬ألن هذه اجلمعيات‬
‫أخذت تنوء حتت ثقل مهماهتا املتعددة‪ ،‬ومن ذلك اجلانب احلقوقي والرتافعي للقضية‬
‫األمازيغية‪ ،‬فكان ال بد من هيئة أو هيئات جهوية للكتاب تستجيب ملتطلبات املرحلة‪.‬‬
‫‪ .4‬العمل لتأسيس جتربة إبداعية حداثية تنفتح على األجناس األدبية احلديثة مثل القصة‬
‫واملسرح والرواية واملقالة اليت مل تكن معروفة يف األدب األمازيغي من قبل‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫حوار امللف‬

‫‪ .5‬التأسيس لكتابة متتح من األصالة األمازيغية العريقة وتستلهم رموزها الثقافية‪ ،‬وبدل أن‬
‫تكون اتبعة للشرق أو الغرب‪ ،‬تنفتح على التجارب الكونية يف اإلبداع األديب‪ .‬فماذا‬
‫حققت هذه اهليئة من أهدافها إىل حدود اليوم؟‬
‫عملت ظروف مساعدة لصاحل اهليئة على أن حتقق جزءاً ال أبس به من مشاريعها الثقافية‪.‬‬
‫من ذلك‪:‬‬
‫– روح التضافر ونكران الذات لدى مسريي الرابطة وتغاضيهم عن اهلفوات البسيطة‬
‫من أجل أن يبقي اإلطار متماسكا فعاال‪.‬‬
‫– كوهنم مجيعا مبدعني ابللغة األمازيغية وممن محلوا هم الثقافة األمازيغية يف اإلطارات‬
‫السابقة‪.‬‬
‫– الدعم املادي واملعنوي خاصة من وزارة الثقافة ومن املعهد امللكي للثقافة األمازيغية‪،‬‬
‫من خالل دعمهما لطبع الكتاب األمازيغي الذي تنشره الرابطة‪ ،‬ومن خالل اجلوائز‬
‫اليت متنح للكاتبات والكتاب الذين تنشر هلم الرابطة مما يشجعهم على مزيد من‬
‫املثابرة على اإلبداع والتجويد‪.‬‬
‫‪ -‬االنفتاح على جامعة ابن زهر أبكادير من خالل شعبة اللغة األمازيغية وآداهبا بتنظيم‬
‫لقاءات أدبية مشرتكة‪ ،‬وإنتاج منشورات مشرتكة بني أساتذة اجلامعة والناشطني يف الرابطة‪.‬‬
‫لقد وضعت الرابطة خمططا مرتابط احللقات من أجل حتقيق األهداف اليت رمستها‪ ،‬وأبرزها‬
‫حتقيق تراكم يف جمال اإلبداع األديب ابللغة األمازيغية‪ ،‬يتكون هذا املخطط من مخسة حماور‪:‬‬
‫‪ .1‬تكوين الشباب يف جمال بعض األجناس األدبية النثرية ابخلصوص مثل القصة القصرية‪،‬‬
‫واملسرح والرواية واملقالة‪ .‬ينقسم التكوين إىل حصتني‪ ،‬يف األوىل يقدم اإلطار النظري‪،‬‬
‫وتعطى النماذج اجليدة املنجزة ابللغة األمازيغية‪ ،‬وأحياانً ابللغات احلية‪ .‬ويف احلصة الثانية‬
‫اليت أتيت بعد فرتة يقدم فيها املتكونون إبداعاهتم اليت يتكفل األستاذ املسؤول‬
‫بتصحيحها‪ ،‬فتختار من بني اإلبداعات مناذج تنشر فيما بعد يف منشور خاص يتضمن‬
‫نصوصاً أخرى لكتاب سبق هلم أن كتبوا يف نفس اجلنس األديب‪.‬‬
‫‪ .2‬التكوين يف جمال القواعد اإلمالئية لكتابة اللغة األمازيغية‪ ،‬وهي القواعد اليت وضعها‬
‫اللسانيون ورمسها املعهد امللكي للثقافة األمازيغية وشعب الدراسات األمازيغية يف بعض‬
‫اجلامعات الوطنية‪ .‬وهذا التكوين أساسي‪ ،‬ألن أغلب الكتاب ابألمازيغية كانوا يكتبوهنا‬
‫بطرق خمتلفة‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫حممد أكوانض‬

‫‪ .3‬ختضع اإلبداعات اليت تتوىل نشرها الرابطة جملموعة من املعاجلات‪ :‬منها القراءة األولية‬
‫لإلبداع للتأكد من صالحيته للنشر‪ ،‬مث عملية التصحيح واملراجعة‪.‬‬
‫‪ .4‬تنظيم لقاء سنوي يتمحور حول إحدى قضااي األدب األمازيغي‪ ،‬يستدعى إليه ابحثون‬
‫من خمتلف جهات الوطن‪ ،‬وحيضره املهتمون بقضااي األدب األمازيغي وخاصة املبدعني‬
‫منهم‪ .‬وخالل اللقاء توزع اجلوائز على الذين فازوا يف املسابقة الوطنية يف اإلبداع‬
‫األمازيغي الذي دأبت الرابطة على تنظيمه منذ انطالقتها‪ .‬وأهم ما يف اجلائزة طبع العمل‬
‫اإلبداعي للفائزين يف املسابقة‪ ،‬مع هدية تتمثل يف جمموعة من الكتب اإلبداعية من‬
‫منشورات الرابطة‪.‬‬
‫‪ .5‬إقامة معارض خمتلفة من أجل التعريف ابلكتاب األمازيغي وتقريبه من القارئ‪ ،‬وهكذا‬
‫شاركت الرابطة يف كل دورات املعرض الدويل للنشر والكتاب الذي يقام سنواي يف الدار‬
‫البيضاء منذ نشأته‪ ،‬ويف كل املعارض اجلهوية اليت تنظمها املندوبيات اجلهوية للثقافة‪،‬‬
‫ابستثناء املعرض األخري الذي أقيم يف مدينة طاطا‪ .‬ويف كثري من معارض الكتاب اليت‬
‫تقام يف كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية جبامعة ابن زهر أبكادير‪.‬‬
‫‪ .6‬تنظيم لقاءات قرائية نقدية يف األعمال اإلبداعية اليت تنشرها الرابطة حبيث ترتاوح بني‬
‫أربعة أو مخسة لقاءات يف السنة على األقل‪ .‬جتمع املقاالت اليت يشارك هبا املتدخلون يف‬
‫هذه اللقاءات مع مداخالت األساتذة املشاركني يف اللقاءات السنوية للرابطة لتنشر فيما‬
‫بعد‪.‬‬
‫ومنذ سنة ‪ 2010‬إىل اليوم‪ ،‬أي ما يقارب إحدى عشرة سنة‪ ،‬أصبحت حصيلة منجزات‬
‫الرابطة كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أحد عشر لقاء أدبياً وطنياً مع منح جوائز املسابقة األدبية‪ ،‬ويف ثالثة منها‪ ،‬مت تكرمي‬
‫بعض الرواد املبدعني يف هذه اجملاالت‪ :‬القصة القصرية والنقد األديب وأدب الطفل؛‬
‫‪ .2‬تسعة لقاءات تكوينية يف تقنيات كتابة القصة القصرية واملقالة األدبية‪ ،‬والنص‬
‫املسرحي؛‬
‫مثانية لقاءات تكوينية يف جمال القواعد اإلمالئية لكتابة اللغة األمازيغية؛‬ ‫‪.3‬‬
‫عدة لقاءات يف القراءة النقدية يف األعمال اإلبداعية اليت نشرهتا الرابطة؛‬ ‫‪.4‬‬
‫نشر ‪ 208‬كتاب إبداعي يف خمتلف األجناس األدبية‪ ،‬توزعت هكذا‪:‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪232‬‬
‫حوار امللف‬

‫و‪8‬‬ ‫أ‪ 94 -‬جمموعة قصصية‪ 71 ،‬منها إبداع فردي‪ ،‬و‪ 11‬جمموعة موجهة للطفل‪،‬‬
‫جمموعات اشرتك يف إبداعها‪ ،‬و‪ 4‬جمموعات مرتمجة من األدب العاملي؛‬
‫إبداع‬ ‫و‪3‬‬ ‫منها إبداع فردي‪ ،‬و‪ 3‬موجهة للطفل‪،‬‬ ‫‪43‬‬ ‫ديواان شعراي‪،‬‬ ‫‪49‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫مجاعي؛‬
‫ج‪ 32 -‬رواية‪ 25 ،‬منها إبداع فردي‪ ،‬و‪ 7‬رواايت مرتمجة من األدب العاملي؛‬
‫موجهان‬ ‫و‪2‬‬ ‫نصوص مرتمجة‪،‬‬ ‫و‪7‬‬ ‫منها إبداع فردي‪،‬‬ ‫‪11‬‬ ‫نصاً مسرحياً‪،‬‬ ‫‪20‬‬ ‫د‪-‬‬
‫للطفل؛‬
‫هـ‪ 4 -‬جمموعات من املقاالت النقدية؛‬
‫و‪ 3 -‬جمموعات من املقاالت األدبية اشرتك يف إبداعها؛‬
‫ز‪ 3 -‬حكاايت‪ 1 ،‬مدونة‪ ،‬و‪ 2‬مرتمجتان؛‬
‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬هناك ترمجة كتاب "النيب" للكاتب اللبناين جربان خليل جربان‪ ،‬وترمجة‬
‫كتاب "كليلة ودمنة"‪.‬‬
‫ساهم يف إبداع هذه احلصيلة ‪ 73‬كاتبا‪ ،‬و‪ 21‬كاتبة‪ ،‬األغلبية الساحقة منهم من الشباب‪.‬‬
‫ال بد من اإلشارة إىل أنه جبانب هذه االجنازات‪ ،‬مشروعات أخرى مل توفق الرابطة أو ملا‬
‫توفق يف إجنازها‪ ،‬منها أن يكون هلا مقر ملمتلكاهتا خاصة الكتب‪ ،‬ومنها إصدار جملة أدبية‪،‬‬
‫وتنظيم معرض للكتاب األمازيغي على الصعيد املغاريب يف أكادير‪ ،‬وتنظيم جائزة لتشجيع‬
‫قراءة األدب األمازيغي ‪...‬‬

‫‪233‬‬
‫متنوعات‬
258-237 ‫ ص‬،2021،‫ العدد السادس عشر‬،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‫مجلة أسيناگ‬

:‫املغرب خالل فرتة احلماية الفرنسية‬


"‫رمزية ومفهوم خطاب "السياسة الرببرية‬
‫منعم بوعمالت‬
‫ احملمدية‬،‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬

In the period extending between 1912 and 1956, the French protectorate
administration in Morocco was interested in the question of indigenous
management among other things. To achieve the best indigenous management
possible, it relied on a vision whose central thrust is the assimilation of the
human factor in an overall colonial project. The French protectorate realized
that the submission of the population both militarily and politically is the prelude
to the domination of the indigenous space. Indeed, this concept prompted colonial
France to produce a management policy that targets man and his space. This is
how the Berber policy appeared, a policy which centers on cultural infiltration,
ethnic polarization and the generation of dispersion between the different
components of Moroccan society. This policy was followed to persuade the
Moroccans to doubt their national identity. In this paper, we shall address the
French protectorate policy with regard to Berber along two levels: The first level
is meant to evince the importance of Berber policy in the French thought as
illustrated by writings of the colonial era. The second is an approach to the
conceptual device which evinces this Berber policy and which allows its
activation on the ground by spreading the factors of dissension and congestion in
Moroccan tribal society.

Key words : Berber Policy – Assimilation – Cultural Infiltration – Ethnic


Polarization – Dissent Simulation – Dependence.

L’administration du protectorat français au Maroc entre 1912-1956 s’est


intéressé, entre autres, à la question de la gestion indigène. Pour cela, elle s’est
reposé sur une vision à base de l’assimilation du facteur humain dans un projet
colonial d’ensemble. Le protectorat français a cru que la soumission de la
population militairement et politiquement est le prélude à la domination de
l’espace indigène. Ce qui a poussé la France coloniale à produire une politique

237
‫منعم بوعمالت‬

‫‪de gestion qui vise l’homme et son espace. C’est ainsi que « la politique‬‬
‫‪berbère » voit le jour, et qui a pour objectif essentiel l’infiltration culturelle, la‬‬
‫‪polarisation ethnique et l’engendrement de la dispersion entre les composants de‬‬
‫‪la société marocaine. Tout cela a été instauré afin de persuader l’homme‬‬
‫‪marocain à douter de son identité nationale. A partir de là, nous allons exposer‬‬
‫‪les principaux piliers de « la politique berbère » au Maroc du protectorat‬‬
‫‪français, et ce à deux niveaux. Le premier, en démontrant la place primordiale de‬‬
‫‪la « politique berbère » dans la pensée française illustrée par des écrits de l’ère‬‬
‫‪coloniale. Le second est une approche du dispositif conceptuel qui véhicule cette‬‬
‫‪politique berbère et qui permet son activation sur le terrain en répandant les‬‬
‫‪facteurs de dissensions, de congestion dans la société tribale marocaine.‬‬

‫‪Mots-clés : politique berbère – assimilation – infiltration culturelle – polarisation‬‬


‫‪ethnique – simulation de la dissension – dépendance‬‬

‫اهتمت اإلدارة الفرنسية يف املغرب خالل الفرتة ما بني ‪ ،1956-1912‬مبسألة التدبري‬


‫األهلي‪ .‬مستندة يف ذلك‪ ،‬على رؤية قوامها استيعاب العنصر البشري ضمن املشروع‬
‫االستعماري‪ .‬لقد أدركت مؤسسة احلماية‪ ،‬أن إخضاع السكان‪ ،‬عسكراي وسياسيا‪،‬‬
‫هو مقدمة للتحكم يف اجملال األهلي‪ .‬ولعل هذا التصور‪ ،‬هو الذي دفع العقل‬
‫الفرنسي إىل إنتاج سياسات تدبريية‪ ،‬تستهدف اإلنسان واجملال ومن بينها "السياسة‬
‫الرببرية" اليت متثلت وظيفتها األساسية يف االخرتاق الثقايف‪ ،‬واالستقطاب العرقي‪،‬‬
‫واصطناع التفرقة بني مكوانت اجملتمع املغريب‪ .‬وهي مجيعها ممارسات‪ ،‬حتاول أن تصل‬
‫ابلفرد إىل مرحلة التشكيك يف هويته الوطنية املغربية‪ .‬انطالقا من هذا املدخل‪،‬‬
‫سنعمل على عرض أهم مرتكزات السياسة الرببرية يف مغرب احلماية الفرنسية على‬
‫مستويني‪ :‬أوال‪ ،‬من خالل إبراز مكانة السياسة الرببرية يف الفكر الفرنسي‪ ،‬عرب‬
‫مناقشة بعض الكتاابت االستعمارية ذات الصلة‪ .‬اثنيا‪ ،‬عرب مقاربة اجلهاز املفاهيمي‬
‫املهيكل للسياسة الرببرية‪ ،‬والذي يسمح بتفعيل هذه السياسة يف امليدان‪ ،‬وذلك بضخ‬
‫عوامل التجزئة واالحتقان يف اجملتمع القبلي خصوصا‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬السياسة الربيرية – االستيعاب ‪ -‬االخرتاق الثقايف ‪ -‬االستقطاب‬
‫العرقي ‪ -‬اصطناع التفرقة ‪ -‬التبعية‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫املغرب خالل فرتة احلماية الفرنسية‪ :‬رمزية ومفهوم خطاب "السياسة الرببرية"‬

‫تقدمي‬
‫‪1830‬‬ ‫منذ أن تزايدت أطماع الفرنسيني يف املغرب‪ ،‬وخاصة بعد احتالهلم للجزائر سنة‬
‫وانتصارهم على املغاربة يف معركة إيسلي سنة ‪ ،1844‬وهم جيتهدون يف وضع إسرتاتيجيات‬
‫هتدف إىل التحكم يف اإلنسان واجملال‪ .‬ولعل ذلك‪ ،‬ما دفع اإلدارة االستعمارية‪ ،‬إىل فتح‬
‫الباب أمام ابحثيها لدراسة اجملتمع املغريب تفكيكا وحتليال‪ .‬ومن هؤالء الباحثني‪ ،‬نذكر على‬
‫سبيل املثال ال احلصر؛ "شارل دو فوكو" وكتابه "التعرف على املغرب ‪ ،1"1884 -1883‬و‬
‫"أوغست مو ِّلرياس" يف مؤلفه "املغرب اجملهول"‪ ،2‬و"إدموند دويت" وإصداره "مهام يف املغرب‪:‬‬
‫يف القبائل"‪ ،3‬و"روبري مونطاين"‪ ،‬ودراسته "الرببر واملخزن يف جنوب املغرب"‪ ،4‬و"ميشو بلري"‬
‫الذي شغل منصب رئيس قسم السوسيولوجيا مبصلحة الشؤون األهلية‪ ،‬وقد سبق له أن‬
‫حتدث يف "ندوة منظمة لفائدة األقسام التحضريية للشؤون األهلية"‪ ،5‬عن ميكانيزمات‬
‫التدبري األهلي يف املغرب‪ ،‬مبينا اآلليات املفصلية هلذا النسيج االجتماعي‪ ،‬وكيفية استيعابه‬
‫هبدف السيطرة عليه‪ .‬لقد شكل هؤالء وغريهم‪ ،‬أداة معرفية هيأت للحماية الفرنسية‪،‬‬
‫األرضية العملية للتحكم واالستغالل‪ ،‬عرب املسامهة يف إنتاج نظرايت استعمارية من‬
‫قبيل‪":‬السياسة اإلسالمية" و"السياسة األهلية"‪ ،‬والسياسة القائدية"‪ ،‬و"السياسة الرببرية"‪.‬‬
‫ليس القصد هنا‪ ،‬أن حنلل كل سياسة على حدة‪ ،‬وإن كانت كلها تصب يف خانة سعي‬
‫سلطة االحتالل الفرنسي إىل التدخل املباشر يف تنظيم شؤون األهايل‪ .‬بل إن مسعاان‪ ،‬هو‬
‫الوقوف عند ما نعتربه حجر األساس يف األدبيات االستعمارية الفرنسية يف بالد املغرب؛ أال‬
‫وهي "السياسة الرببرية"‪ ،‬اليت ارتكزت عليها احلماية يف حماولة منها لشق البنية العالئقية‬
‫املتماسكة للمغاربة‪ .‬صحيح‪ ،‬أن التشريعات الفرنسية مل تتحدث عن هذا املفهوم‪ .‬وذلك ألن‬
‫"السياسة الربيرية"‪ ،‬هي جزء من اإلطار املرجعي املسمى ابلسياسة األهلية‪ .‬واليت قامت‪،‬‬
‫على ضرورة مراعاة خصوصيات وتقاليد املستعمرات‪ .6‬كما أن العديد من الكتاابت‬

‫‪1‬‬
‫)‪(De Foucauld (CH), 1888‬‬
‫‪2‬‬
‫)‪(Mouliéras (A), 1895‬‬
‫‪3‬‬
‫)‪(Doutté (E), 1914‬‬
‫‪4‬‬
‫)‪(Montagne (R), 1930‬‬
‫‪5‬‬
‫)‪(Michaux (B), 1927‬‬
‫‪( 6‬احساين‪ ،2005 ،‬ص‪)217 .‬‬

‫‪239‬‬
‫منعم بوعمالت‬

‫االستعمارية‪ ،‬حتدثت عن هذه السياسة نصا كوسيلة لتثبيت احلماية يف املناطق األمازيغية‪،‬‬
‫وكممارسة للسيطرة والتحكم يف اإلنسان األمازيغي‪.7‬‬
‫من هنا‪ ،‬تربز أمهية مقاربة هذه السياسة زمن احلماية الفرنسية‪ ،‬سواء على مستوى التصور‬
‫النظري‪ ،‬أو على مستوى حتديد مسات اخلطاب املعتمد يف امليدان‪ .‬ومن أجل الوصول إىل‬
‫هذه الغاية‪ ،‬سنشتغل ضمن حمددات تضبط إطار هذه الدراسة وتتمثل يف‪:‬‬
‫‪ -‬إن تعامل فرنسا مع األمازيغ ينطلق من مبدأ "فرق تسد"‪ ،‬فهي تدعي عدم جتانس‬
‫الرتكيبة السكانية للمجتمع املغريب‪ .‬ومن مثة‪ ،‬تسمح للفاعلني املنفذين على أرض‬
‫الواقع‪ ،‬ابلتسرب إىل مكون معني ضمن هذا اجملتمع وهم األمازيغ‪ ،‬وحتسيسهم‬
‫بوجود اختالفات تفصلهم عن املكوانت األخرى خاصة العرب منهم‪.‬‬
‫‪ -‬إن هذه السياسة تعتمد على شبكة من املفاهيم‪ ،‬تتفاعل فيما بينها لتشكل ما ميكن‬
‫أن نسميه نسقا‪ ،‬تتحدد وظيفته املركزية يف كبح أي اندماج أو ترابط بني مكوانت‬
‫اجملتمع املغريب‪ .‬وتسعى جاهدة‪ ،‬إىل طرح بذور التشكيك وغياب الثقة بني أفراد‬
‫الوطن الواحد‪.‬‬
‫انطالقا من هذا التصور‪ ،‬حرصنا على تناول املوضوع يف قسمني؛ قسم أول‪ ،‬يستعرض‬
‫بعض املالحظات حول سياسة فرنسا اجتاه األمازيغ‪ ،‬وإسقاطاهتا يف القطاعات الدينية‬
‫واالجتماعية والسياسية‪ .‬القسم الثاين‪ ،‬ينكب على تتبع أهم املفاهيم اليت تصوغ هذا الفكر‬
‫االستعماري والذي يشكل يف جممله‪" ،‬كتلة" يتم استحضارها لتفعيل املشروع الفرنسي وسط‬
‫األهايل‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مالحظات حول "السياسة الرببرية" يف الفكر الفرنسي االستعماري‪:‬‬
‫شكلت هذه السياسة‪ ،‬املوجهة إىل السكان املغاربة األمازيغ أساسا‪ ،‬آلية حمورية لتفتيت‬
‫اجملتمع املغريب خالل فرتة احلماية الفرنسية‪ .‬وقد قامت‪ ،‬على احرتام العادات والتقاليد صوراي‪،‬‬
‫والعمل على تناسقها مع اإلصالحات اإلدارية والسياسية اليت تقوم هبا اإلدارة الفرنسية‪،‬‬
‫واحلرص على حل مجيع املشاكل اخلاصة ابألحوال الشخصية (اإلرث)‪ ،‬أو املعامالت‬
‫التجارية (بيع وشراء العقار)‪ ،‬وخمتلف النزاعات عن طريق العرف‪ .8‬يتضح من ثنااي هذا‬
‫التصور املبسط‪ ،‬أن هناك رغبة فرنسية يف خلق ازدواجية داخل اجملتمع املغريب‪ ،‬من خالل‬
‫التدبري عرب العرف لشؤون فئة معينة من السكان ممثلة يف األمازيغ‪" .‬إذ العرف عند الرببر‪ ،‬هو‬
‫‪7‬‬
‫‪(Marty (P), 1925). (LeGlay (M), 1920-1921).‬‬
‫‪8‬‬
‫)‪(Ageron (Ch.R), 1971, p. 57‬‬

‫‪240‬‬
‫املغرب خالل فرتة احلماية الفرنسية‪ :‬رمزية ومفهوم خطاب "السياسة الرببرية"‬

‫الذي يسوس مجيع معامالت احلياة املدنية"‪ .9‬وتربز أمهية هذا اإلجراء الفرنسي‪ ،‬يف توسيع‬
‫دائرة اختصاص القضاء "غري الديين" للقواد والباشوات‪ ،‬على اعتبار "أن املتقاضني حيبذون‬
‫القضاء املخزين املرن والسريع‪ ،‬أكثر من القضاء الشرعي"‪ .10‬إضافة إىل تكريس وأتكيد‬
‫سلطة املؤسسات العرفية "الرببرية" يف القبائل املغربية‪ ،‬فإن فرنسا كانت حريصة على عدم‬
‫إلزام األمازيغ ال ابإلدارة املخزنية‪ ،‬وال ابلقانون املدين الفرنسي‪ .11‬إهنا الثغرة‪ ،‬اليت اخرتقت‬
‫منها سلطات االحتالل جسم اجملتمع املغريب‪ ،‬فتمت هلا السيطرة على الوضع القضائي لدى‬
‫املغاربة‪ ،‬بتحفيز وتشجيع القضاء املخزين "املرن"‪ ،‬واستبعاد وجتاوز القضاء الشرعي‬
‫"املتعصب" يف رأيهم‪ ،‬واستقطاب واحتضان القضاء العريف الذي بلغ ذروته مع "الظهري‬
‫الرببري"‪.‬‬
‫إن البحث يف بعض مالمح "السياسة الرببرية"‪ ،‬يقودان إىل الرغبة الفرنسية االستعمارية يف‬
‫إذكاء اخلالف واالنقسام بني األمازيغي والعريب‪ ،‬ابلقول مثال "إن إسالم الرببر ال يتعدى‬
‫الطقوس وحركات اجلوارح"‪ .12‬والقول أحياان أخرى‪" ،‬إن اإلسالم وجد الرببر متدينني‬
‫ابلنصرانية‪ ،‬وأن العرب أكرهوهم على اعتناق اإلسالم"‪ .13‬واالسرتسال‪ ،‬يف احلديث عن‬
‫"خصوصية لدى السكان الرببر"‪ .14‬واعتبار أهنم‪ ،‬وهم الذين يشكلون أساس السكان‬
‫األ هليني‪" ،‬متوحشون‪ ،‬مشاغبون‪ ،‬غري خاضعني‪ ،‬يعيشون يف جبال األطلس الصعبة البلوغ‪،‬‬
‫مستقلون عن السلطة املركزية"‪ .15‬مل تبخل احلماية يف أدبياهتا االستعمارية‪ ،‬عن اإلشارة دوما‬
‫إىل أن "الرببر عصاة"‪ .‬كما أن مسؤويل احلماية‪ ،‬غالبا ما يعتمدون أسلوب التقليل من شأهنم‬
‫هبذا الوصف "إن بربر األطلس رعاة"‪ .16‬صحيح أن هذه األوصاف‪ ،‬ال صلة هلا بقاموس‬
‫ِّ‬
‫املستعمرة‪ .‬إال أن اللجوء إىل هذا املعجم التحقريي‪،‬‬ ‫احلداثة الذي يفرتض أن تتبناه فرنسا‬
‫كان من أجل هتميش األهايل‪ .‬فما هو الرابط الذي جيمع بني هذه اإلدعاءات االستعمارية؟‬

‫‪9‬‬
‫)‪(Dumas (P), 1922, p. 19‬‬
‫‪10‬‬
‫)‪(Hardy (G), 1922, p. 195‬‬
‫‪11‬‬
‫‪Ibid., p. 197‬‬
‫‪( 12‬العروي‪ .2009 ،‬ص‪)590 .‬‬
‫‪( 13‬بنعدادة‪.2003 ،‬ص‪)187 .‬‬
‫‪14‬‬
‫)‪(Michaux(B), 1927, p. 4‬‬
‫‪15‬‬
‫)‪(Sainte-Beuve, 1903, p. 34‬‬
‫‪16‬‬
‫)‪(Guillaume (Général), 1946, p. 32‬‬

‫‪241‬‬
‫منعم بوعمالت‬

‫مل تكن "السياسة الرببرية" انبعة من فراغ‪ ،‬بل أسست هلا كتاابت سياسية وسوسيولوجية‪،‬‬
‫وأحباث يف شىت مناحي احلياة املغربية‪ .‬إذا نظران إىل هذه الكتاابت ذات النزعة الكولونيالية‪،‬‬
‫سنجدها تتوزع على حماور ثالثة‪:‬‬
‫أ‪ -‬مراجع مرتبطة ابلظاهرة االستعمارية يف املغرب ومنها‪ :‬كتاب "التعرف على‬
‫املغرب ‪ "1884-1883‬لصاحبه "شارل دوفوكو"‪ .‬وهو عبارة‪ ،‬عن رحلة استكشافية قادته إىل‬
‫العديد من املناطق يف البالد‪ .‬كانت خالصتها‪ ،‬هي تقدمي تشخيص دقيق ملختلف األماكن‬
‫اليت مر منها‪ ،‬يف اجلوانب العمرانية واجملتمعية والسياسية واجلغرافية وغريها‪ .‬فساهم بذلك‪ ،‬يف‬
‫إنشاء رصيد معلومايت للمشروع االستعماري الفرنسي ابملغرب‪ .‬وضمن نفس االهتمام‪،‬‬
‫يتناول كتاب "مهام يف املغرب يف القبائل"‪ ،‬مشاهدات "إدمون دويت"‪ ،‬عامل االجتماع‪ ،‬يف‬
‫رحلته ما بني مراكش وفاس‪ .‬متحداث‪ ،‬عن العادات والتقاليد واألصول والطقوس االحتفالية‬
‫واجلنائزية‪ .‬واليت شكلت‪ ،‬مدخال للمستعمر الفرنسي إلرساء اسرتاتيجية للتدبري والتنظيم يف‬
‫أوساط األمازيغ خصوصا‪.‬‬
‫ومن منظور آخر‪ ،‬يقدم كتاب "املسألة املغربية دراسة جغرافية‪ ،‬سياسية وعسكرية" ملؤ ِّلفه‬
‫"سانت بوف" صورة عامة لوضعية املغرب قبل احلماية‪ .‬يضم املؤلّف‪ ،‬حديثا عن السياسة‬
‫األوروبية اجتاه املغرب‪ .‬قبل أن ينتقل الكاتب‪ ،‬لرصد العالقة الفرنسية املغربية وتطورها منذ‬
‫سنة ‪ 1870‬إىل غاية احتالل توات سنة ‪ .1900‬وبنفس التوجه‪ ،‬يقدم "إرنست فالوت" يف‬
‫كتابه "احلل الفرنسي ملسألة املغرب"‪ ،17‬قراءة يف وضعية البالد جغرافيا وسكانيا ودينيا‪.‬‬
‫ويضم الكتاب‪ ،‬وصفا مهما للمدن الرئيسية‪ ،‬وهيكلة املخزن‪ ،‬واالمكانيات االقتصادية اليت‬
‫تتوفر عليها البالد‪ .‬وألن الكتاب‪ ،‬تزامن صدوره مع أجواء الصراع االستعماري الفرنسي‬
‫االجنليزي سنة ‪ ، 1904‬فقد تضمن فصال عن اهتمامات االجنليز يف املغرب‪ ،‬يف مقابل‬
‫الطموحات الفرنسية مقدما حلوال "للمسألة املغربية"‪.‬‬
‫ووفق ذلك‪ ،‬أييت كتاب "مبادئ االستعمار والتشريع االستعماري"‪" 18‬ألرثر جريو"‪ ،‬بقراءة‬
‫قانونية ملسألة االستعمار‪ ،‬واصفا العناصر الرئيسية للتشريع االستعماري‪ ،‬يف جمرى حتليلي‬
‫يعتمد املقارنة بني خمتلف التجارب االستعمارية‪ .‬إهنا حماولة من الكاتب‪ ،‬لتحديد‬
‫االختالفات‪ ،‬وفهم ال توجهات‪ .‬مؤكدا على أن نوع االستعمار‪ ،‬هو الذي حيدد اخليارات‬

‫‪17‬‬
‫)‪(Ernest (F), 1904‬‬
‫‪18‬‬
‫(‪)Girault (A), 1904‬‬

‫‪242‬‬
‫املغرب خالل فرتة احلماية الفرنسية‪ :‬رمزية ومفهوم خطاب "السياسة الرببرية"‬

‫املؤسساتية والنماذج القانونية املعتمدة‪ .‬أما كتاب "مغرب احلماية"‪ ،19‬فسعى فيه "رجينالد‬
‫كان" أن يظهر تفوق فرنسا يف املغرب عرب إبراز إجنازاهتا يف ثالثة مستوايت وهي‪ :‬مسار‬
‫عمليات التهدئة‪ ،‬وتنظيمات ومهام احلماية‪ ،‬والعناصر املسامهة يف تطور املغرب (موانئ‪،‬‬
‫خطوط االتصال‪ ،‬سياحة‪.)...،‬‬
‫ويبقى كتاب "هنضة املغرب عشر سنوات من احلماية ‪ ،"1922-1912‬من أهم الكتاابت‬
‫ذات الطابع الدعائي‪ .‬حيث حرص جمموعة من املؤلفني‪ ،‬على مقاربة مواضيع يف التاريخ‬
‫واجلغرافيا والدين ومؤسسات احلماية واملخزن والتهدئة والقضاء والصحة وغريها من اجملاالت‪،‬‬
‫واليت تظهر "النهضة" اليت حققها املغرب زمن احلماية الفرنسية‪ .‬يف املقابل‪ ،‬يعترب كتاب‬
‫"املغرب يف مواجهة االمربايليات ‪ 20"1956-1415‬من الكتاابت املهمة اليت غطت فرتة‬
‫حامسة من اتريخ املغرب‪ .‬إذ وثق فيها "شارل أندري جوليان"‪ ،‬ردود فعل املغاربة اجتاه القوى‬
‫االمربايلية اليت مارست ضغوطا كبرية ومتنوعة على املخزن‪ ،‬من أجل إخضاعه والنيل من‬
‫سيادته‪.‬‬
‫ب‪ -‬دراسات مرتبطة بسياسة فرنسا األهلية‪ :‬وعلى رأسها حماضرة "ميشو بلري"‬
‫الذي حتدث يف "ندوة منظمة لفائدة األقسام التحضريية للشؤون األهلية"‪ ،‬عن ماهية‬
‫السياسة األهلية وأدوارها يف خدمة املشروع الفرنسي ابملغرب‪ .‬ابعتباره‪ ،‬أحد منظريها‬
‫ومنتجي سياستها على أرض الواقع‪ .‬لقد أكد الكاتب هذه اخلالصة‪ ،‬يف مستهل حماضرته‬
‫ابإلشارة إىل أن "السياسة األهلية كموضوع‪ ،‬شكلت منذ سنوات اهلدف النهائي جلميع‬
‫أحباثه املغربية"‪ .‬ويتقاطع كتاب "السياسة األهلية يف املغرب"‪" 21‬لبيري ابرون"‪ ،‬مع حماضرة‬
‫"ميشو بلري"يف مقاربة موضوع التدبري األهلي عرب رؤية قوامها؛ احلفاظ على العادات‪،‬‬
‫واحلفاظ على النظام يف القبائل‪ ،‬واحلفاظ على االبتسامة بتعبري اجلنرال "ليوطي"‪ .‬وعلى هذا‬
‫األساس‪ ،‬حيل ل الكاتب إبسهاب عميق اجلوانب احلياتية للمجتمع املغريب‪ ،‬وكيفية التعامل‬
‫والسيطرة عليها‪.‬‬
‫أما كتاب‪" ،‬غزو املغرب املسألة األهلية"‪ 22‬فيتضمن إشارات قوية ملسألة التدبري األهلي‪.‬‬
‫فبعد أن تطرق "روين ميليت"‪ ،‬لبداايت غزو فرنسا للمغرب‪ ،‬وأجواء التفاوض مع أملانيا‬
‫واسبانيا ‪ .‬سينتقل‪ ،‬إىل تتبع الوضع الداخلي للبالد‪ .‬موضحا السياسة اليت اعتمدها اجلنرال‬
‫‪19‬‬
‫(‪)Kann (R), 1921‬‬
‫‪20‬‬
‫(‪)Julien (Ch.A.), 1978‬‬
‫‪21‬‬
‫) )‪)Parent (P), )n.d.‬‬
‫‪22‬‬
‫)‪(Millet (R), 1913‬‬

‫‪243‬‬
‫منعم بوعمالت‬

‫"ليوطي"‪ ،‬والعمل الكبري الذي أجنزه‪ .‬واحلديث هنا‪ ،‬عن "املسألة األهلية" اليت تناوهلا الكاتب‬
‫ليس يف املغرب فقط‪ ،‬بل يف اجلزائر وتونس كذلك متسائال هل كان أهايل إفريقيا ضحااي؟‬
‫مربزا‪ ،‬تطلعاهتم للمستقبل‪.‬‬
‫ت‪ -‬أحباث مرتبطة بسياسة فرنسا "الرببرية"‪ ،‬ويف هذا السياق يعترب كتاب "الرببر‬
‫واملخزن يف جنوب املغرب" "لروبري مونطاين"‪ ،‬من بني الدراسات اإلثنوغرافية املهمة للقبائل‬
‫األمازيغية مبنطقة سوس‪ ،‬وجمموع التحوالت السياسة اليت عرفتها هذه القبائل يف عالقتها مع‬
‫السلطة املركزية‪ .‬عالقة‪ ،‬أظهر فيها الكاتب املخزن كأنه "عدو للقبيلة بسعيه إىل حتطيم‬
‫مؤسساهتا سواء ابختالق األمغارات‪ ،‬أو من خالل زرع ورعاية أسباب الشقاق بني الوحدات‬
‫التقليدية"‪ .23‬وبنفس املنطق‪ ،‬يف دراسة موضوع األمازيغ ابملغرب‪ .‬يطرح "فكتور بكيه" يف‬
‫كتابه "الشعب املغريب الكتلة الرببرية"‪ ،‬تصوراته لتفعيل "السياسة الرببرية" عرب خطوات‬
‫إجرائية منها‪":‬احلرص على افتعال صراع دائم بني العرب واألمازيغ‪ ،‬والعمل على شرعنة‬
‫األعراف والتقاليد األمازيغية وجعلها تتوافق وتوجهات "السياسة الرببرية"‪ ،‬إضافة إىل إطالق‬
‫سياسة تعليمية تتطابق وسياسة اإلحلاق اليت تتبناها مؤسسة احلماية"‪.24‬‬
‫أييت كتاب "الرببر املغاربة وهتدئة األطلس املتوسط ‪ "1933-1912‬للجنرال "كيوم"‪ ،‬ليتوج‬
‫عمل مفكري االستعمار الفرنسي ابملغرب‪ .‬يركز هذا املؤلف‪ ،‬على عمليات التهدئة ابألطلس‬
‫املتوسط والصعوابت اليت واجهت تقدم اجليش الفرنسي يف جمال جغرايف صعب‪ .‬يف املقابل‪،‬‬
‫يقدم توجيهات لكيفية التعامل مع العنصر األمازيغي عرب مصلحة الشؤون األهلية‪ .‬وهو ما‬
‫يوضحه‪ ،‬بشكل جلي "موريس لوكلي" يف مقاله "املد الرببري اجلندي املغريب"‪ ،25‬والذي‬
‫يناقش فيه "املسألة الرببرية" "منتقدا اسرتاتيجية املقيم العام "ليوطي" يف تدبري هذا الشأن‪.‬‬
‫ومقرتحا‪ ،‬استيعاب اجلندي املغريب ضمن املؤسسة العسكرية الفرنسية"‪ .‬هي دعوة‬
‫لالستيعاب‪ ،‬سيحرص "شارل روبري أجريون" على حتليلها يف مقاله املعنون "ابلسياسة الرببرية‬
‫يف مغرب احلماية ‪ "1934-1913‬ابستعراض مفهومها‪ .‬حيث اعتربها امتدادا "للسياسة‬
‫القبائلية" ابجلزائر‪ .‬وقد قسم الكاتب مقاله إىل قسمني؛ قسم أول يتضمن رصدا جملموع‬
‫التمثالت اخلاصة ابإلنسان األمازيغي‪ ،‬واليت على أساسها مت وضع هذه السياسة‪ .‬وقسم‬

‫‪( 23‬العروي‪ ،2016 ،‬ص‪)232 .‬‬


‫‪( 24‬بوزويتة‪ ،2007 ،‬ص‪)19 .‬‬
‫‪25‬‬
‫)‪(LeGlay (M),1935‬‬

‫‪244‬‬
‫املغرب خالل فرتة احلماية الفرنسية‪ :‬رمزية ومفهوم خطاب "السياسة الرببرية"‬

‫اثين‪ ،‬يقدم كرونولوجيا تقعيد "السياسة الرببرية" منذ سنة ‪ 1913‬إىل سنة ‪ 1930‬اتريخ صدور‬
‫"الظهري الرببري"‪.‬‬
‫انطالقا من توضيحنا للفروقات بني خمتلف الكتاابت االستعمارية اليت اعتمدان عليها‪،‬‬
‫نقول إن االستنتاجات تكاد تكون واضحة‪ .‬فأغلب األحكام اجلاهزة اليت أصدرهتا هذه‬
‫الدراسات‪ ،‬انبعة يف اعتقادان من رغبة كامنة يف العقل الفرنسي لتشويه صورة اإلنسان‬
‫األمازيغي‪ ،‬وبث التعارض والفرقة بينه وبني اإلنسان العريب‪ .‬فاحلديث عن "الرببر" كرعاة‪،‬‬
‫وعصاة ومتوحشني ومشاغبني ويعيشون يف شقاء‪...‬خيدم هذا التوجه‪ ،‬خبلق نوع من‬
‫االختالف‪ ،‬أو لنقل نوع من التمييز بني الطرفني‪ ،‬ينتهي يف املنظور االستعماري‪ ،‬إبقصاء‬
‫طرف على حساب طرف آخر‪ ،‬أو على األقل‪ ،‬تفضيل طرف على حساب اآلخر‪.‬‬
‫وإذا ما حاولنا االنتقال إىل مستوى أعمق يف التحليل‪ ،‬نقول إن هذه الكتاابت تنطوي‬
‫على قاعدة إحداث انقالب يف البنية اجملتمعية املغربية يف خمتلف مستوايهتا‪ .‬بدءا وأساسا‬
‫ابجلانب الديين‪ ،‬مع ما حيتويه هذا اجلانب من محولة إميانية ومساوية مقدسة؛ مرورا ابجلانب‬
‫االجتماعي‪ ،‬وما يضمه من معطيات اللغة والعادات والثقافة عموما؛ وصوال إىل اجلانب‬
‫السياسي‪ ،‬وما ميلك من مرجعية احلكم والسلطة‪.‬‬
‫إن التدقيق يف تقاطعات هذه املستوايت‪ ،‬وأتثريها على اإلنسان املغريب‪ ،‬يدفعنا إىل تبين‬
‫استنتاج مفاده؛ أن مقاصد "السياسة الرببرية" هي تكسري وحدة اإلنسان املغريب‪ ،‬بضربه يف‬
‫صميم كينونته‪ ،‬إن صح التعبري‪ .‬ففي اجلانب الديين‪ ،‬جند أنه من مجلة ما استهدفته السياسة‬
‫الرببرية هو إقامة حواجز نفسية بني األمازيغي والعريب‪ ،‬ابلتشكيك يف إسالم األول‪ ،‬واهتام‬
‫الثاين بفرض "دينه" ابلقوة على اآلخر‪ .‬وغاية احلماية‪ ،‬هي إحداث توتر بني الطرفني‪،‬‬
‫ابستغالل مرجعيتني خمتلفتني‪ :‬عربية إسالمية‪ ،‬وأمازيغية عُرفية‪.‬‬
‫ويف اجلانب االجتماعي‪ ،‬ترمي "السياسة الرببرية" إىل أتكيد االختالف اللغوي‪ ،‬وترسيخ‬
‫التباعد الثقايف مبا هو عادات وتقاليد‪ ،‬للوصول إىل إحداث شرخ يف البنية اجملتمعية املغربية‪،‬‬
‫يكون مقدمة إلحداث فجوة بني مكوانت الشعب املغريب‪ .‬وهنا‪ ،‬حتضر أمامنا الرتكيبة اللغوية‬
‫كعامل يف أتجيج الصراع‪ ،‬بني لسان عريب ولسان أمازيغي‪ ،‬ليفسح اجملال للسان الفرنسي‬
‫للهيمنة‪ .‬يقول مدير قطاع التعليم زمن احلماية "هاردي"‪ :‬جيب منح األهايل الوسائل للعيش‬
‫يف جو العامل املعاصر‪ ،‬وتطوير نشاطهم واكتساهبم للصيغ واآلليات اليت تسمح ابحلصول على‬

‫‪245‬‬
‫منعم بوعمالت‬

‫فوائد ضرورية‪ ،‬كل هذا يف إطار احلفاظ على فكرهم وعاداهتم كما حيلو هلم‪ .‬إنعاش بدون‬
‫استئصال‪ ،‬تنوير بدون ضياع‪ ،‬وجعلهم يشعرون أبننا نريد مصلحتهم"‪.26‬‬
‫أما يف اجلانب السياسي‪ ،‬فتبتغي "السياسة الرببرية" تصوير اإلنسان األمازيغي على أنه‬
‫متوحش‪ ،‬مشاغب‪ ،‬غري متحضر‪ ،‬مستقل عن السلطة املركزية‪ ،‬ويرفض االنصياع هلا معتربا‬
‫قبيلته هي وطنه‪ .27‬وهذا ما يؤكده "سانت بوف" بقوله‪" :‬إن وطن املغريب‪ ،‬هي قبيلته اليت‬
‫هي حدود شعوره التضامين‪ ،‬إذ إن خارج عشريته ال يرى إال االختالف واألعداء‪ .‬من هنا‪،‬‬
‫جاءت هذه االنتفاضات كتعبري عن رفضه املساس ابستقالليته أو حثه على املسامهة يف دفع‬
‫عرب "جرمان عياش" عن رفضه هلذه القراءة‬ ‫الضرائب ويف تسيري دواليب الدولة " ‪ .‬لقد ّ‬
‫‪28‬‬

‫بقوله‪" :‬إن إعادة نقل صورة املغرب بنقيضيه بالد املخزن وبالد السيبة‪ ،‬من الكتاابت‬
‫االستعمارية إىل الكتاابت التارخيية احلديثة‪ ،‬يشكل عائقا أمام تقدم البحث"‪.29‬‬
‫وعموما‪ ،‬فالتصور الفرنسي "للسياسة الرببرية"‪ ،‬ينبع من دراسة متعددة ملختلف جوانب‬
‫اجملتمع املغريب‪ ،‬قبل الوصول إىل تصريف نتائج هذه الدراسة يف شكل هيمنة على أرض‬
‫الواقع‪ ،‬عرب سياسة "أبوية وصارمة" بتعبري "رجينالد كان"‪ ،30‬و"مبرونة متكن من التكيف مع‬
‫عدد ال حمدود من الوضعيات املختلفة والطبائع"‪ ،‬حسب "أرثور جريولت"‪ .31‬وهذا ما‬
‫يوضحه "دانييل ريفي" بقوله‪" :‬يف معظم األحيان‪ ،‬يعتمد ضباطنا وجنودان فيما بينهم الطرق‬
‫احلياتية اخلاصة ابألهايل؛ قلة احلركات‪ ،‬السالم بتقبيل اإلهبام‪ ،‬التعود على اجللوس القرفصاء‬
‫وملدة طويلة‪ ،‬والتحرك بوقار وعزة نفس‪ ،‬كما أننا مسحنا بتقبيل اليد"‪ .32‬إهنا سلوكات‪ ،‬حتاول‬
‫أن تنخرط يف صلب النسيج االجتماعي األمازيغي‪ .‬من خالل االنتماء للسكان‪ ،‬وحماولة‬
‫التموضع إىل جانبهم للوصول يف النهاية إىل تشريح احلقل القبلي األمازيغي‪ .‬إذن‪ ،‬فالفكرة‬
‫األساسية اليت ال ينبغي أن تغيب عن أذهاننا يف هذا التحليل‪ ،‬هي أن "السياسة الرببرية"‬

‫‪26‬‬
‫)‪(Hardy (G), 1922, p. 203‬‬
‫‪ 27‬مل تسلم كتاابت بعض مؤرخي القرن ‪ 19‬من املغاربة من مثل هذه التوصيفات‪ ،‬من ذلك ما جنده عند حممد أكنسوس‪،‬‬
‫وأبو القاسم الزاايين‪ ،‬وحممد املشريف‪ ،‬وعلى وجه اخلصوص‪ ،‬أمحد الناصري (أنظر كتاب االستقصا‪ ،‬اجلزء ‪ ،7‬ص‪،68 :‬‬
‫‪ 183 ،180 ،175-173 ،146‬واجلزء ‪ ،8‬ص‪ ،152 ،80 :‬و‪ ،123‬منشورات وزارة الثقافة واالتصال‪( )2001 ،‬هيئة‬
‫التحرير)‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫)‪(Sainte-Beuve, 1903, p. 37‬‬
‫‪) 29‬جرمان‪ ،1986 ،‬ص ‪)146‬‬
‫‪30‬‬
‫(‪)Kann (R), 1921, p. 53‬‬
‫‪31‬‬
‫(‪)Girault (A), 1904, p. 638‬‬
‫‪32‬‬
‫(‪)Rivet (D), 1988, p.53-54‬‬

‫‪246‬‬
‫املغرب خالل فرتة احلماية الفرنسية‪ :‬رمزية ومفهوم خطاب "السياسة الرببرية"‬

‫ترادف وتكافئ مفهوم التفرقة‪ ،‬املبنية على الصرامة أحياان‪ ،‬واملرونة يف أحيان أخرى‪ ،‬تبعا‬
‫لوضعية القبيلة املستهدفة‪.‬‬
‫ومم ا يلفت االنتباه يف هذا السياق‪ ،‬هو االقتناع التام للكتاب الفرنسيني بعدالة املشروع‬
‫االستعماري يف املغرب‪ ،‬وأبمهية السياسات املرتبطة به‪ ،‬وعلى رأسها "السياسة الرببرية"‪ ،‬يف‬
‫مساعدة البالد على النهوض والتقدم‪ .‬وهذا واضح مثال‪ ،‬فيما أورده الكاتب الفرنسي "بيري‬
‫ابرون" يف مؤلفه "السياسة األهلية يف املغرب" ابلقول‪" :‬إن لفرنسا اليت استقرت يف املغرب‬
‫واجبات وحقوق‪ ،‬ال يهمين إذا كان جميئها عن حق أو ابطل‪ ،‬فأان أتصور الوقائع فقط‪ ،‬إذ ال‬
‫ميكن أن نغري احلاضر ابنتقادان املاضي‪ .‬وجدت فرنسا هنا شعبا له حسنات صلبة‪ ،‬وكثريا من‬
‫األخطاء‪ ،‬فتحملت مسؤوليته"‪.33‬‬
‫لسنا يف حاجة‪ ،‬ملناقشة املنطق الذي يتحدث به هذا الكاتب عن االحتالل الفرنسي‬
‫للمغرب‪ ،‬حماوال القفز عن جرم الغزو‪ ،‬الذي يصوره أمرا واقعا‪ ،‬والذي جترمه كل القوانني‬
‫الدولية وترفضه كل الشعوب‪ ،‬إىل حديثه عن الواجب واحلق واملسؤولية الفرنسية اجتاه شعب‬
‫مليء ابألخطاء‪.‬‬
‫خنتم القسم األول من هذا العمل‪ ،‬مبحاولة عقد مقارنة بسيطة بني ما أوردانه من‬
‫مالحظات حول "السياسة الرببرية" يف املغرب‪ ،‬واملمارسة الفرنسية هلذه السياسة يف اجلزائر‪.‬‬
‫يف هذا السياق‪ ،‬ميكن أن نستعرض التجربة الفرنسية ابجلزائر من خالل االستعانة بنموذجني‬
‫من الكتاابت االستعمارية‪ .‬والبداية‪ ،‬مع كتاب "استعمار اجلزائر" لصاحبه "أونفنتان" الذي‬
‫يكشف فيه عن التوجه الفرنسي يف التعامل مع القبائل اجلزائرية قائال‪" :‬إننا غزوان‪ ،‬فينبغي‬
‫علينا تدبري غزوتنا‪...‬إنه واجب وضرورة ابلنسبة للسلطة الفرنسية‪ ،‬أن تنظم وحتكم وتدير‬
‫القبائل اخلاضعة"‪ .34‬ومنطق هذا التدبري‪ ،‬يقتضي "العمل على حل هذه القبائل‪ ،‬وتقسيمها‬
‫إىل فرق مستقلة عن بعضها‪ ،‬حبيث ال ينبغي أن نؤسس ال شيخا وال قائدا كبريين‪ .‬علينا‪ ،‬أن‬
‫نعطي لكل فرقة تنظيما مستقال وربطها ابستعجال ابلسلطة الفرنسية"‪ .35‬ويف ضوء هذا‬
‫التوجه‪ ،‬يطرح "إرنست مريسيي" يف كتابه "املسألة األهلية يف اجلزائر" تصوره للتعامل مع‬
‫القبائل يف اجلزائر ابلقول‪":‬أهنا غري انضجة ملمارسة النظام الدميوقراطي‪ ،‬فهم ال يعرفون إال‬
‫احلكم االستبدادي‪ .‬وهم يف حاجة إىل الشعور أبهنم حمكومون بسلطة عليا ال ميكن الوصول‬

‫‪33‬‬
‫)‪)Parent (P), )n.d.), p. 6‬‬
‫‪34‬‬
‫(‪)Enfantin, 1873, p. 336‬‬
‫‪35‬‬
‫‪Ibid., p.384‬‬

‫‪247‬‬
‫منعم بوعمالت‬

‫إليها"‪ .36‬ويشدد الكاتب‪ ،‬يف أحد مقاطع كتابه‪ ،‬على أنه "من الصعب الكشف عن‬
‫تفكريهم‪ ،‬واحلصول منهم على شيء من الثقة إال إذا تكلمنا لغتهم‪ ،‬واعتمدان شكال أفكارهم‬
‫الستدراجهم لالنكشاف لنا"‪.37‬‬
‫يتضح من خالل هذه اآلراء‪ ،‬أن هناك نزوعا فرنسيا حنو تقمص دور الوصي على األهايل‬
‫عموما واألمازيغ يف املناطق القبلية خصوصا‪ .‬إهنا رغبة‪ ،‬يف تغيري وضع‪ ،‬وجتاوز واقع‪ ،‬وإرساء‬
‫منظومة فكرية تستمد خطاهبا من مفردات؛ التقسيم والتحطيم‪ ،‬واالستبداد‪ ،‬واالستدراج‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬نستنتج أن هناك تطابقا إىل حد كبري بني الرؤية الفرنسية يف التعاطي مع األمازيغ‬
‫يف املغرب‪ ،‬ونظريهتا يف اجلزائر‪ .‬وهذا ما أكدته بعض الكتاابت االستعمارية‪ ،‬عندما اعتربت‬
‫"السياسة الرببرية" امتدادا "للسياسة القبائلية" يف اجلزائر‪ .38‬وهو ما عرب عنه أيضا ابحثون‬
‫مغاربة‪ ،‬ومنهم عبد هللا العروي بقوله‪ ":‬اكتسبت اإلدارة الفرنسية يف اجلزائر جتربة واسعة‬
‫وظفتها يف تونس مث املغرب"‪ .39‬ويضيف عبد احلميد احساين قائال‪" :‬شعرت اإلقامة العامة‬
‫إبمكانية استغالل االختالفات بني "العرب" و"الرببر"‪ .‬وعملت لذلك على ما مسي ابلكتلة‬
‫الرببرية الوسطى‪ ،‬على تطبيق سياسة بربرية تذكر مببادئ "السياسة القبائلية"‪ .‬وانبنت هذه‬
‫السياسة على احملافظة على األعراف األمازيغية‪ ،‬وأتسيس حماكم عرفية‪ ،‬وعلى تطوير‬
‫اإلميازيغن "خارج إطار اإلسالم والثقافة العربية اإلسالمية"‪ ،‬والعمل على حماربة اللغة العربية‬
‫وفرض اللغة الفرنسية يف املنطقة عن طريق أتسيس مدارس فرنسية‪-‬بربرية"‪.40‬‬
‫اثنيا‪ :‬يف البحث عن املفاهيم املهيكلة "للسياسة الرببرية"‪:‬‬
‫إن "السياسة الرببرية"‪ ،‬يف بعدها العرقي‪/‬العنصري‪ ،‬تشكل ضرورة للحماية الفرنسية‬
‫ابملغرب‪ ،‬وهي تصبو إىل خلق وضع غري طبيعي بني مكوانت اجملتمع املغريب‪ .‬ولنا يف هذا‬
‫الصدد‪ ،‬ما أورده العقيد "هيوت" مثال واضح عن عمل هذه السياسة‪ ،‬أيقونة احلماية‪ ،‬إذ‬
‫يوضح‪:‬‬
‫"حنن يف بالد الرببر وعلينا القيام بسياسة بربرية‪ ،‬وعلينا أن حنذر من اإلسقاطات املبكرة‬
‫واليت ستؤدي بنا إىل تصورات إقصائية‪ .‬صحيح أن كلمة خمزن ْتؤذي مساع الرببر‪ ،‬وهل ينبغي‬

‫‪36‬‬
‫)‪(Mercier )E(, 1901, p.100-101‬‬
‫‪37‬‬
‫‪Ibid., p. 211-212‬‬
‫‪38‬‬
‫)‪(LeGlay (M),1935‬‬
‫‪( 39‬العروي‪ ،2009 ،‬ص‪)578 .‬‬
‫‪( 40‬احساين‪ ،2005 ،‬ص‪)218 .‬‬

‫‪248‬‬
‫املغرب خالل فرتة احلماية الفرنسية‪ :‬رمزية ومفهوم خطاب "السياسة الرببرية"‬

‫التواطؤ معهم يف هذا النفور‪ ،‬وننكر السلطة الطبيعية؟ فعال‪ ،‬ال‪ .‬فما رفضوه ومل يقبلوه هو‬
‫العنف وضعف املخزن‪ .‬وهلذا‪ ،‬سنعمل على إسقاط هذه الظنون ونؤكد هلم أن خمزن اليوم هو‬
‫خمزن عادل ومتسامح‪ .‬إن الشيء الوحيد‪ ،‬الذي يتمسك به الرببر هو تنظيمهم االجتماعي‬
‫وعاداهتم اخلاصة‪ .‬وقوام السياسة الرببرية احلقيقية‪ ،‬هو احرتام هذا التنظيم وهذه العادات‬
‫والعمل على تناسق إصالحاتنا اإلدارية معها‪ .‬فال نُعني هلم قضاة إال إذا طلبوا ذلك‪ ،‬وتستمر‬
‫العادة يف معاجلة قضااي األحوال الشخصية والعقارية واخلالفية‪...‬وال بد لنا من قواد‪ ،‬فهم‬
‫املتحدثون ابسم القبيلة‪ ،‬ووسيط بيننا وبني السكان‪ ،‬مع عدم التقليل من أمهية اجلماعة‪ ،‬اليت‬
‫ميكن للرببر ضمنها مناقشة مصاحل القبيلة‪ ...‬ينبغي على ضابط املخابرات‪ ،‬دراسة دقيقة‪،‬‬
‫والبحث أو إحداث تصدع يف الكتلة املعادية‪ ،‬لكي تنساب دعوته السلمية‪ ،‬ويقيم عالقات‬
‫سواء ابإلقناع أو ابملال‪ ،‬لكسب مودة بعض زعماء القبائل الذين سيصبحون ابلنسبة إليه‪،‬‬
‫موطئ قدم خللق فرق مؤيدين للتهدئة‪ .‬وابلتايل‪ ،‬التسويق لفكرة االستسالم‪ .‬كيف ميكن‬
‫زعزعة عناد غري اخلاضعني؟ إقناعهم أبهنم سيصبحون سعداء‪ ،‬وسيغتنون وسيحافظون على‬
‫عاداهتم التقليدية‪ .‬وإذا مل تنجح هذه السياسة األهلية‪ ،‬وحججها مع املتشددين من السكان‪،‬‬
‫يتدخل العمل العسكري كمعاون للعمل السياسي"‪.41‬‬
‫إن اعتمادان على هذا النص‪ ،‬يهدف إىل التقرب من آلية اشتغال "السياسة الرببرية"‪.‬‬
‫فهذا النموذج املقدم‪ ،‬يعترب يف نظران بيئة مصغرة لعمل هذه السياسة‪ ،‬تنطق وتعرب عن البيئة‬
‫الكربى املمثلة يف بالد املغرب‪ .‬وابلتايل‪ ،‬ففهم هذا النموذج سيمكننا من اكتساب رؤية‬
‫أوضح لعمل هذه السياسة يف عموميتها‪.‬‬
‫عندما نبدأ بتحديد املفاهيم اليت بين عليها هذا النص‪ ،‬سنجد أنفسنا أمام احلقل‬
‫املفاهيمي التايل‪" :‬بالد الرببر"‪ ،‬و"املخزن"‪ ،‬و"التواطؤ"‪ ،‬و"النفور"‪ ،‬و"التنظيم االجتماعي"‪،‬‬
‫و"العادات التقليدية"‪ ،‬و"العرف"‪ ،‬و"تصدع الكتلة"‪ ،‬و"القبيلة" و"الدعوة السلمية"‪ ،‬و"فكرة‬
‫االستسالم"‪ .‬إهنا أهم املصطلحات اليت يضمها هذا اخلطاب االستعماري‪ ،‬واليت هي جزء‬
‫من عملية صنع السياسة الرببرية‪ .‬بل هي‪ ،‬ذلك القالب اجلاهز الذي تستخدمه مؤسسة‬
‫احلماية‪ ،‬يف التعامل مع مكون األمازيغ يف اجملتمع املغريب‪ .‬فإلقاء نظرة على هذه اجملموعة‬
‫الداللية‪ ،‬يبني لنا جبالء اللحام الذي جيمع بني عناصرها‪.‬‬
‫أول مصطلح نصطدم به‪ ،‬يف تناولنا "للسياسة الرببرية" يتمثل يف "بالد الرببر"‪ ،‬وما هلذا‬
‫املفهوم من دالالت التصنيف والتموضع واالنتقائية العرقية والتميز عن ابقي مناطق املغرب‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫)‪(Huot (Lieutenant-colonel), 1922, p. 179-180-181‬‬

‫‪249‬‬
‫منعم بوعمالت‬

‫وقلما جند دراسة فرنسية حول مغرب احلماية‪ ،‬ال تستخدم هذا املصطلح‪ .‬هكذا جند "روبري‬
‫مونطاين" مثال "يتساءل عن كيفية أتسيس هذه اإلقطاعية الرببرية"‪ ،42‬وبنفس املنطق يتحدث‬
‫"موريس لوكلي" عن "الكتلة الرببرية املشكلة للمجتمع املغريب"‪ ،43‬ويؤكد "فكتور بيكيه" عن‬
‫"أن اجملتمع املغريب هو جمتمع بربري"‪ .44‬يف مقابل هذا التدفق املصطلحي االستعماري‪،‬‬
‫ترتسخ لدينا القناعة أبن هناك رغبة فرنسية أكيدة إلحداث انقسام عرقي وجمايل يف البنية‬
‫اجملتمعية املغربية‪" ،‬فبالد الرببر" سيقابلها ابلتأكيد "بالد العرب"‪ .‬وهو ما خيدم مصلحة‬
‫االستعمار‪ ،‬الذي جيد يف بيئة االنقسام والتجزيء والنعرات العرقية فرصته لالستغالل‪ .‬كل‬
‫ذلك‪ ،‬يف سياق اعتبار اجملتمع املغريب أبنه "شذر قبائل متناحرة"‪ .‬يقول العروي‪":‬ما إن‬
‫فرضت احلماية على املغرب حىت ظهرت بوادر ما مسي ابلسياسة الرببرية‪ .‬وانطالقا من ‪1914‬‬
‫ُرمست خريطة املناطق الرببرية اليت مل يكن دخلها بعد أي جندي فرنسي واعتربت أهنا ال‬
‫ختضع مبدئيا لسلطة املخزن"‪.45‬‬
‫ابالنتقال إىل مفهوم "املخزن"‪ ،46‬يتضح أن هناك صيغة حتريضية يف حديث العقيد‬
‫"هيوت"‪ ،‬عندما يقول‪" :‬صحيح أن كلمة خمزن تؤدي مساع الرببر"‪ .‬هل هو حديث عارض‬
‫أعقبه تلميع صورة هذا املخزن العادل واملتسامح؟ كال‪ ،‬إنه حديث مسؤول‪ ،‬من أحد كبار‬
‫القادة العسكريني الذي شغل منصب مدير مصلحة الشؤون األهلية ومصلحة االستخبارات‪.‬‬
‫وابلتايل‪ ،‬نريد أن نؤكد هنا‪ ،‬أن "السياسة الرببرية" قامت على فكرة استغالل محاس العنصر‬
‫األمازيغي لفكرة "استقالله وحريته"‪ .‬لتُذكر‪ ،‬أو مبعىن أصح‪ ،‬لتوقظ وحتيي يف ذاكرة هؤالء‬
‫األمازيغ معاانهتم السابقة مع املخزن‪ ،‬عندما كان يوجه محالته العسكرية لتأديب قبيلة أو‬
‫استخالص ضريبة‪ .‬يشري "العروي" يف هذا اإلطار‪ ،‬إىل "أن رجال املخزن اعتمدوا أحكاما‬
‫قاسية يف حق األمازيغ خالل القرن ‪ 19‬وبداية القرن ‪.47"20‬‬
‫أما احلديث عن مصطلحي "التواطؤ" و"النفور"‪ ،‬فهو حديث عن قاموس استعماري‬
‫مليء هبذا النوع من الكلمات‪ ،‬اليت توظف يف خلق جو معني يف اجتاه خدمة تصور حمدد‪.‬‬
‫هكذا‪ ،‬جند العقيد "هيوت" يتساءل "هل ينبغي التواطؤ مع الرببر يف هذا النفور من املخزن؟"‬

‫‪42‬‬
‫)‪(Montagne (R), p. 9‬‬
‫‪43‬‬
‫)‪(Leglay (M), 1935‬‬
‫‪44‬‬
‫)‪(Piquet (V), 1925‬‬
‫‪( 45‬العروي‪ ،2009 ،‬ص‪)590 .‬‬
‫‪( 46‬جادور‪ ،2011 ،‬ص ‪)383‬‬
‫‪( 47‬العروي‪ ،2016 ،‬ص‪)224 .‬‬

‫‪250‬‬
‫املغرب خالل فرتة احلماية الفرنسية‪ :‬رمزية ومفهوم خطاب "السياسة الرببرية"‬

‫إنه سؤال العارف‪ ،‬الذي يتوخى جتنب احلقيقة ويبحث عن اخليال‪ .‬فاحلقيقة‪ ،‬هي أن التواطؤ‬
‫واالحنياز وغياب املصداقية وغريها من املعاين املماثلة‪ ،‬موجودة بل ومرغوب فيها من‬
‫املستعمر‪ .‬فقد أورد "بول ابسكون"‪" :‬إن احملتل كتب إثنوغرافيا انتهت بتوضيح االختالفات‬
‫اجلهوية احلقيقية‪ ،‬هبدف صريح هو استغالهلا للتقسيم"‪ .48‬أما اخليال‪ ،‬فهو ذلك الكم اهلائل‬
‫من عبارات "إن فرنسا ال حتركها اآلراء املسبقة املعادية للدين اإلسالمي‪ ،‬بقدر ما تريد ازدهار‬
‫املغرب"‪ ،49‬أو إن "املغرب سيكون غدا اجلزء اجلميل والغين من إفريقيا الشمالية‪...‬إذا كان‬
‫العامل طاووسا‪ ،‬فإن املغرب ذيله"‪ .50‬أما "النفور"‪ ،‬فهو حتصيل حاصل للتواطؤ‪ ،‬فاالحنياز‬
‫لط رف على حساب آخر‪ ،‬ابستقطاب البعض وجتاهل البعض اآلخر‪ ،‬يولد مشاعر النفور‬
‫وعدم القبول وغياب الرغبة يف التعاون أحياان‪ .‬بل‪ ،‬وميهد الطريق إىل التعاون مع املستعمر‪،‬‬
‫الرابح األكرب من هذه السياسة‪ .‬يوضح "عالل الفاسي" هذه الصورة ابلقول‪ ":‬إذا ِّحيل بني‬
‫الرببر وبني العرب‪ ،‬بني كل ما جاء به العرب من لغة وقضاء وثقافة‪ ،‬فالربابرة سيمسون‬
‫بوجداهنم اخلاص‪ ،‬وسيبحثون عن الروحانية القدمية اليت جاءهتم هبا روما من قبل‪ ،‬وليس من‬
‫البعيد أن يتمسحوا‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬فسنجد منهم العامل القوي ملعاضدة االندماج يف فرنسا‪،‬‬
‫اليت حتررهم من سيطرة العرب الروحية والزمنية"‪.51‬‬
‫نواصل تفكيكنا للبناء املفاهيمي الذي قامت عليه "السياسة الرببرية"‪ ،‬فنتوقف عند‬
‫مفاهيم "التنظيم االجتماعي" و"العادات اخلاصة"‪ ،‬و"العرف"‪ .‬إهنا الشعارات اليت رفعتها‬
‫هذه السياسة‪ ،‬يف حماولتها بث التفرقة بني مكوانت الشعب املغريب‪ .‬عندما راهنت مؤسسة‬
‫احلماية‪ ،‬ابسرتاتيجيتها التفكيكية‪ ،‬على طرح هذه العناوين الرباقة‪ ،‬متحدثة عن تنظيم‬
‫اجتماعي خاص ابألمازيغ‪ ،‬يقوم على تقديس حياة القبيلة‪ ،‬وإقامة جمتمع له مميزاته‬
‫االقتصادية (الزراعة والرعي)‪ ،‬والعسكرية (الغزو والتوسع)‪ .‬ويف اجلانب املتعلق ابلعادات‬
‫والتقاليد‪ ،‬تصدح الكتاابت الفرنسية‪ ،‬إبيعاز من منظري "السياسة الرببرية"‪ ،‬بعبارات‬
‫االختالف واخلصوصية والتميز اليت تطبع عادات األمازيغ خبالف عادات العرب‪ .‬وهو ما‬
‫يعين‪ ،‬رغبة فرنسية يف تشييد بناء عازل بني املكونني األساسيني للشعب املغريب‪ ،‬أساسه‬
‫اختالف األمناط االجتماعية‪ ،‬وتباعد الطباع الثقافية‪ ،‬وحتكم املمارسات العرفية‪" .‬وال شك‬

‫‪48‬‬
‫)‪(Pascon (P), 1980, p. 189‬‬
‫‪49‬‬
‫)‪(Ernest (F), 1904, p. 150‬‬
‫‪50‬‬
‫)‪(Conférence sur le Maroc, 1904, p. 8‬‬
‫‪( 51‬الفاسي‪ ،2003 ،‬ص ‪(162‬‬

‫‪251‬‬
‫منعم بوعمالت‬

‫أن مثل هذه األفكار‪ ،‬ختدم مصاحل مهندسي السياسية االستعمارية الراغبني يف استغالل‬
‫االختالف املوجود بني األمازيغ والكتلة العربية اإلسالمية"‪.52‬‬
‫نصل إىل مفهوم "تصدع الكتلة"‪ ،‬الذي نعتربه مطلب "السياسة الرببرية"‪ .‬فكل ما قلناه‪،‬‬
‫عن الطموح الفرنسي يف عزل وتصنيف اجملتمع املغريب إىل "بربر" و"عرب"‪ .‬والرغبة‪ ،‬يف تشويه‬
‫صورة اإلنسان األمازيغي ابعتباره متمردا‪ ،‬ومتوحشا‪ ،‬وغري متحضر‪ ،‬واإلستغالل الفاحش‬
‫لصورة "املخزن" يف ذاكرة القبائل املغربية‪ ،‬والتواطؤ الفاضح مع طرف دون آخر‪ ،‬حسب ما‬
‫تقتضيه املصلحة الفرنسية‪ ،‬والعزف على نغمة التباين االجتماعي والثقايف بني الطرفني‪ .‬كل‬
‫ذلك يصب يف خانة واحدة؛ هي إحداث تصدع يف الكتلة املغربية‪ .‬أو مبعىن آخر‪ ،‬خلخلة‬
‫موازينها القائمة واملرتكزة على وحدة العرب واألمازيغ وانصهارمها‪.‬‬
‫يف حديثنا عن القبيلة‪ ،‬ندرج مناقشة "العروي" هلذا املفهوم‪ ،‬فهو يشري إىل أن هذا‬
‫الرحل الرحالة‪ ،‬أي على نظام‬‫املصطلح "يعين أشياء خمتلفة جدا‪ ،‬نطلق الكلمة على تنظيم ّ‬
‫اجتماعي شامل يالئم وحده احمليط الصحراوي الصرف‪ .‬ونطلقها على سكان اجلبال‪ ،‬أي‬
‫على جمموعة قواعد ختص املعيشة والسلطة وهتدف أساسا إىل ضمان التوازن بني األسر‪.‬‬
‫ونطلقها أخريا على سكان السهول واهلضاب‪ ،‬أي على تنظيمة أسامي ورموز تصلح فقط‬
‫لتصنيف التجمعات السكنية‪ .‬كلمة واحدة نعرب هبا عن مضامني خمتلفة"‪.53‬‬
‫أتسيسا على هذا التصور‪ ،‬يبقى من الضروري توضيح نظرة بعض الكتاابت االستعمارية‬
‫للقبيلة واألمازيغ عموما‪ .‬يف هذا الصدد‪ ،‬يعترب كتاب "الرببر واملخزن يف جنوب املغرب"‬
‫"لروبري مونطاين" من الدراسات التحليلية املهمة اليت تناولت مفهوم القبيلة األمازيغية‪ ،‬حيث‬
‫جنده يعترب أن "انضمام العشائر بعضها إىل بعض ثالثة أو أربعة وأحياان مثانية أو عشرة أيخذ‬
‫اسم قبيلة"‪ .‬ويضيف‪ ،‬إهنا "جمموعة من الكنطوانت يتغري عددها ما بني ثالثة إىل إثنا عشر‪،‬‬
‫هلا أرض حمددة‪ ،‬وإسم‪ ،‬وبعض العادات املشرتكة‪ ،‬ويف نفس الوقت ليست هلا مؤسسات‬
‫سياسية واضحة"‪ .54‬ويرى "مونطاين" أن "هذه الكتلة املسماة قبيلة‪ ،‬ال تظهر وحدهتا إال يف‬
‫املناسبات االستثنائية عندما تكون استقاللية الكنطوانت مهددة من طرف املخزن‪ ،‬فيجتمع‬
‫احملاربون للدفاع عن البالد"‪ .‬إهنا وحدة يعتربها الكاتب‪" ،‬تقوم على ارتباط دائم يوحد هذه‬

‫‪( 52‬احساين‪ ،2005 ،‬ص‪)217 .‬‬


‫‪( 53‬العروي‪ ،2009 ،‬ص‪)99 .‬‬
‫‪54‬‬
‫)‪)Montagne (R), 1930, p.159‬‬

‫‪252‬‬
‫املغرب خالل فرتة احلماية الفرنسية‪ :‬رمزية ومفهوم خطاب "السياسة الرببرية"‬

‫الكنطوانت‪ ،‬وهو رابط يشهد على الثوابت التارخيية السم القبيلة‪ .‬ويتميز يف غالب األحيان‬
‫بوجود شعور أخوة غامض"‪.55‬‬
‫وبنفس التوجه‪ ،‬حياول "لويس رين" يف كتابه "جذور الرببر دراسات لغوية وإثنولوجية"‪ ،‬أن‬
‫يتبني أصول األمازيغ وامتداداهتم‪ ،‬رغم اعرتافه بصعوبة األمر حيث يقول‪":‬ابلتأكيد لسنا‬
‫قادرين ابلنسبة ألصل الرببر‪ ،‬تقدمي جمموعة من احللول اليت تستند على أسس متينة لصياغة‬
‫حقيقة اترخيية"‪ .‬ويضيف‪" ،‬لكننا ومنذ اآلن نتبني وبوضوح اخلطوط العريضة اليت ستكتب‬
‫يوما ابالعتماد على عدد من اجلغرافيني‪ ،‬واليت تكشف عن هجرة الرببر األوىل عرب آسيا‬
‫وأورواب وعلى ختوم األورال إىل سهول الصحراء"‪.56‬‬
‫وهنا‪ ،‬نتوقف عند مقارنة سريعة بني ما أورده "لويس رين"‪ ،‬وما جاء يف بعض الكتاابت‬
‫االستعمارية األخرى ومنها كتاب "دليل الرببر املغاربة هلجة الشلوح" للضابط الفرنسي‬
‫"جوستينار" الذي يرى "أن هناك ساللتني رئيسيتني يف مشال إفريقيا‪ :‬الساللة الرببرية والساللة‬
‫العربية‪ .‬إن الساللة الرببرية هي أصيلة يف هذا البلد الذي مساه بعض ال ُكتاب الرببري"‪ .57‬كما‬
‫انربى الكولونيل "سيمون"‪ ،‬يف مقال له بعنوان "دراسات بربرية يف املغرب وتطبيقاهتا يف‬
‫السياسة واإلدارة" لتأكيد هذه اخلالصة قائال‪":‬يتفق مجيع ال ُكتاب أبن سكان مشال إفريقيا‬
‫هم معظمهم بربر‪ ،‬ولذلك نطلق أحياان تسمية الرببرية على هذه البقعة الشاسعة"‪.58‬‬
‫ماذا ميكننا أن نستنتج من هذه الكتاابت؟ لقد "طُرحت القبيلة دائما كعائق واقعي‬
‫وموضوعي سواء يف حماولة التسرب الفرنسي‪ ،‬أو يف حماولة ما اصطلح عليه ابلتهدئة"‪ .59‬مت‬
‫توظيف القبيلة‪ ،‬كمفهوم وكواقع للتحكم يف اإلنسان األمازيغي‪ ،‬وبدون جدوى‪ .‬لذا‪ ،‬فنحن‬
‫نتلمس أسس ومرتكزات "السياسة الرببرية" يف انطالقها من فكرة مركزية عمادها أن تفعيل‬
‫هذه السياسة يف امليدان‪ ،‬يقتضي أوال الوعي ابجملال واإلنسان اللذين يتشكالن يف القبيلة‪.‬‬
‫بناء عليه‪ ،‬فتحت مؤسسة احلماية‪ ،‬الباب أمام ابحثيها لدراسة هذا احلقل القبلي وما يشمله‬
‫من رأس مال لغوي أمازيغي وثقايف‪ ،‬لفهم املكون األمازيغي يف اجملتمع املغريب‪ .‬فأُنتجت‬
‫دراسات حوهلما‪ ،‬مبضامني الفوضى والتمرد والتفكك وغموض األصول وغياب الوحدة‪ .‬وهو‬

‫‪55‬‬
‫‪Ibid., p. 159‬‬
‫‪56‬‬
‫)‪)Rinn (L), 1989, p.185-186‬‬
‫‪57‬‬
‫)‪)Justinard (L), 1914, p.159‬‬
‫‪58‬‬
‫)‪)Simon (H), 1915, p.7‬‬
‫‪( 59‬اهلروي‪ ،2010 ،‬ص‪)54 .‬‬

‫‪253‬‬
‫منعم بوعمالت‬

‫ما يتماشى‪ ،‬مع ما أوردانه من مالحظات حول مفهوم "السياسة الرببرية" يف الفكر‬
‫االستعماري الفرنسي‪.‬‬
‫وملا مل تعط هذه السياسة النتائج املرجوة منها‪ ،‬يف تفتيت وحدة مكوانت اجملتمع املغريب‬
‫وإقامة احلواجز بينها‪ .‬تفتقت ذهنية املستعمر الفرنسي‪ ،‬لتنتج لنا الوسيلة العملية للوصول إىل‬
‫هذا "التصدع"‪ ،‬واملتمثلة يف ما مسي "ابلظهري الرببري"‪ .‬لن خنوض يف حتليل هذا الظهري‪،‬‬
‫وتبعاته على اجملتمع املغريب‪ .‬ويكفي يف هذا الصدد‪ ،‬أن نسوق ما أورده "شارل أندري‬
‫ُجليان" حول هذا املوضوع قائال‪" :‬مت إبعاد املخزن عن أشغال جلنة رجال القانون املكلفني‬
‫بوضع التغيريات املمكن إحداثها على القضاء الرببري‪ ،‬وقد انتهوا إىل كتابة مشروع يعرتف‬
‫ابألهلية القضائية للجماعة‪ ،‬وحيدد صالحيات احملاكم العرفية‪ ،‬وهو نفس التوجه السياسي‬
‫لليوطي املساند حلفظ العرف‪ .‬ومل يكن األمر كذلك يف الشأن اجلنائي‪ ،‬الذي نقل الرببر إىل‬
‫القضاء الفرنسي‪ ،‬مما حرم السلطان من أهم امتيازات سلطته‪ .‬وقع سيدي حممد النص يف ‪16‬‬
‫ماي ‪ ،1930‬إما بغري علم‪ ،‬بسبب عدم حتذير حاشيته له‪ ،‬أو أنه اختار االستسالم للضغوط‬
‫امللحة للمقيم لوسيان سان‪ .‬لقد انتبه مؤلفو الظهري إىل أمهية اإلصالح ومل يدركوا‬
‫انعكاساته‪...‬لقد رأى فيه املثقفون إرادة إللغاء الشرع لتسهيل إقامة املسيحية"‪.60‬‬
‫أنيت إىل صورة أخرى‪ ،‬يف سلسلة املفاهيم اليت نعتربها مؤطرة "للسياسة الرببرية"‪ ،‬واجملسدة‬
‫يف "الدعوة السلمية" و"فكرة االستسالم"‪ .‬وهنا نطرح السؤال؛ ما هو وضع املصطلحني‪،‬‬
‫أوال‪ ،‬يف سياسة تقوم على شحذ بواعث االنقسام واستغالل مظاهر االختالف‪ ،‬واليت تؤدي‬
‫إىل جعل اآلخر عدوا‪ .‬وابلتايل‪ ،‬إقصائه يف نظر املستعمر‪ .‬اثنيا‪ ،‬التنوع يف نظران والذي هو‬
‫واقع حال اجملتمع املغريب على مر العصور ؟‬
‫ال بد من االنطالق يف إجابتنا‪ ،‬من استحضار معىن "الدعوة السلمية" و"فكرة‬
‫اإلستسالم"‪ .‬فنقدم تصورا ألحد الكتاب الفرنسيني جاء فيه‪":‬لقد حصل اليوم إمجاع يف‬
‫‪.61‬‬
‫فرنسا يف شأن املغرب ‪ ...‬علينا أن ندخل سلميا‪ ،‬ونطبق ما نسميه الدخول السلمي"‬
‫ونضيف قول كاتب آخر‪":‬ليس هناك ما مينع املغريب والفرنسي من التفاهم على مجيع‬
‫األصعدة‪- .‬حيث ال يقحم الدين‪ -‬ويكفي أن يلتزم كل واحد مكانه ويعامل اآلخر كما‬
‫هو"‪ .62‬ويعزز اجلنرال "بيجو" كل ما سبق ابلقول‪" :‬ال نستعمر إال ابألمن‪ .‬واألمن ال حنصل‬

‫‪60‬‬
‫(‪)Julien (Ch.A.), 1978, p. 160‬‬
‫‪61‬‬
‫)‪(Conférence sur le Maroc, 1904, p. 24‬‬
‫‪62‬‬
‫)‪(Kann (R), 1921, p. 52‬‬

‫‪254‬‬
‫املغرب خالل فرتة احلماية الفرنسية‪ :‬رمزية ومفهوم خطاب "السياسة الرببرية"‬

‫عليه إال ابلسلم"‪ .63‬يف مجيع هذه النماذج‪ ،‬هناك معاين السلم والتفاهم واألمن‪ .‬ويف مجيع‬
‫هذه احلاالت‪ ،‬هناك دعوة ضمنية إىل هنج أسلوب السلم واحلوار يف استعمار املغرب!‬
‫للوصول ابألهايل إىل فكرة االستسالم للمشروع االستعماري الفرنسي‪ .‬لكننا نعود لنتساءل‪،‬‬
‫هل هناك استعمار سلمي؟ ال ختلو إجابة أحد الكتاب الفرنسيني على هذا السؤال من‬
‫بالغة‪ ،‬إذ عرب بدقة عن السياسة الواقعية لالستعمار‪":‬ابستمرار‪ ،‬علينا أن حنارب بيد وحنكم‬
‫أبخرى‪ .‬ماهي احلماية احلقيقية؟ هي يد من حديد يف قفاز انعم"‪.64‬‬
‫تلك‪ ،‬يف نظران‪ ،‬هي املرتكزات اليت بنت عليها احلماية معاين الدعوة السلمية وفكرة‬
‫االستسالم‪ .‬أما ارتباط املصطلحني "ابلسياسة الرببرية"‪ ،‬فيتجلى يف استخدام املفهومني كي ٍد‬
‫حتكم (احلماية)‪ ،‬وكقفاز انعم (السياسة الرببرية)‪ .‬أو بصيغة أخرى‪ ،‬بث انطباع إجيايب لدى‬
‫املغاربة عراب وأمازيغا مبنافع االستعمار وجدواه‪ ،‬وأبمهية ما أقامه االحتالل وأجنزه من مشاريع‪.‬‬
‫وهذه مسؤولية ضابط املخابرات أو الضابط األهلي‪ ،‬خط التماس األول "للسياسة الرببرية"‬
‫يف أوساط األهايل‪ .‬وقد رسم العقيد "هيوت"‪ ،‬الطريق الذي ينبغي أن يسلكه ضباط احلماية‬
‫للشؤون األهلية الستقرار االستعمار ابملغرب قائال‪" :‬ال يعول ضابط املخابرات كثريا على‬
‫مساندة اجليش‪ ،‬بل قد يطلب الثبات لسنوات‪ ،‬أبساليب سياسته األهلية‪ ،‬دون أن يفقد‬
‫اهليمنة املعنوية اليت متنحها سياسة فعالة"‪.65‬‬

‫خامتة‬
‫بعد حماولتنا استعراض مالمح "السياسة الرببرية" يف مغرب احلماية الفرنسية على مستوى‬
‫اخلطاب واملفهوم‪ ،‬نستطيع أن نقدم بعض االستنتاجات يف ثالث مستوايت‪:‬‬
‫‪ .1‬إن النظر "للسياسة الرببرية" من الزاوية الكولونيالية‪ ،‬يُفقد التحليل جزءا من صورته‬
‫الكاملة‪ ،‬على اعتبار أنه حتصيل حاصل (الغزو يفرتض التدبري)‪ .‬فاستكمال الصورة‪،‬‬
‫حيتاج إىل مقارابت مغربية نقدية‪ ،‬ونقطة االنطالق يف هذه العملية‪ ،‬هو تشجيع‬
‫البحث العلمي‪ .‬إذ يالحظ‪ ،‬غياب دراسات مغربية أكادميية حول "السياسة الرببرية"‬
‫وأتثرياهتا حاضرا‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫)‪(Bernard (A), 1922, p. 30‬‬
‫‪64‬‬
‫)‪(Millet (R), 1913, p. 159‬‬
‫‪65‬‬
‫)‪(Huot (Lieutenant-colonel), 1922, p. 181‬‬

‫‪255‬‬
‫منعم بوعمالت‬

‫‪ .2‬إن "السياسة الرببرية"‪ ،‬كانت هلا القدرة على أن تتطور وتتفاعل مع احمليط الذي‬
‫متارس فيه‪ .‬وابلتايل‪ ،‬فهي قد تعطي نتائج "إجيابية" للمستعمر‪ ،‬إذا توفرت هلا الشروط‬
‫املوضوعية املناسبة‪ .‬فالتخلف‪ ،‬والتفكك‪ ،‬وضعف االرتباط ابجلماعة واجملال‬
‫(األرض)‪ ،‬عناصر تساهم يف إجياد بيئة خصبة لتفعيل هذه السياسة‪ .‬يف املقابل‪،‬‬
‫تتعطل هذه األخرية وتصبح غري قادرة على النمو والتغلغل يف وسط رافض ومتضامن‪،‬‬
‫تعلو فيه قيم الوطنية والتماسك القبلي‪/‬العائلي‪/‬األسري‪.‬‬
‫‪ .3‬إن "السياسة الرببرية"‪ ،‬قد اعتمدت على استثمار ثنائيات يف اجملتمع املغريب‪ ،‬وحتويلها‬
‫من عناصر قوة إىل مواطن ضعف‪ .‬هبدف الوصول ابلفرد‪ ،‬إىل مستوى تشكيكه يف‬
‫انتماءه لوطنه ودينه ومجاعته‪ .‬ومثال ذلك‪ ،‬ما تقدمه الكتاابت االستعمارية من‬
‫ثنائيات‪ :‬بربر‪/‬عرب‪ ،‬عربية‪/‬أمازيغية‪ ،‬شرع‪/‬عرف‪ ،‬بالد املخزن‪/‬بالد السيبة‪،‬‬
‫سهل‪/‬جبل‪ .‬إهنا تقابالت متس هوية اإلنسان املغريب يف املستوايت العرقية واللغوية‬
‫والدينية والسياسية واجملالية‪ .‬كما أن هذه التجاذابت‪ ،‬تعمل على إحداث ما ميكن أن‬
‫"األهلي"‪ ،‬الذي تصوره "السياسة‬
‫ّ‬ ‫نسميه "عقدة" على املستوى النفسي‪/‬الثقايف لدى‬
‫الرببرية" ضعيفا أو مظلوما أو مقهورا أو خمتلفا أو متميزا‪ .‬فيسهل على املستعمر‬
‫الفرنسي‪ ،‬طرح البديل‪ ،‬وهو اإلحلاق واالستيعاب واإلدماج ضمن مشروع احلماية‬
‫الفرنسية ابملغرب‪.‬‬

‫املراجع املعتمدة‬
‫بنعدادة آ‪ ،2003 ،.‬الفكر اإلصالحي يف عهد احلماية (حممد بن احلسن احلجوي‬
‫منوذجا)‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪.‬‬
‫بوزويتة س‪ ،2007 ،.‬االحتالل العسكري الفرنسي للمغرب دراسة يف اإلسرتاتيجية‬
‫العسكرية ‪ ،1934-1912‬الرابط‪ ،‬منشورات املندوبية السامية لقدماء املقاومني وأعضاء جيش‬
‫التحرير‪.‬‬
‫جادور م‪ ،2011 ،.‬مؤسسة املخزن يف اتريخ املغرب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مؤسسة امللك عبد‬
‫العزيز آل سعود للدراسات اإلسالمية والعلوم اإلنسانية‪ ،‬منشورات عكاظ‪.‬‬
‫احساين ع‪" ،2005 ،.‬السياسة االستعمارية واألمازيغ"‪ ،‬موسوعة احلركة الوطنية واملقاومة‬
‫وجيش التحرير ابملغرب‪ ،‬اجمللد األول‪ ،‬اجلزء األول الكفاح الوطين يف مواجهة االستعمار‪ .‬ص‬
‫‪219-217‬‬

‫‪256‬‬
"‫ رمزية ومفهوم خطاب "السياسة الرببرية‬:‫املغرب خالل فرتة احلماية الفرنسية‬

.‫ املركز الثقايف العريب‬،‫ الدار البيضاء‬،‫ جممل اتريخ املغرب‬،2009 ،.‫العروي ع‬


‫ الدار‬،1912-1830 ‫ األصول االجتماعية والثقافية للوطنية املغربية‬،2016 ،.‫العروي ع‬
.‫ املركز الثقايف العريب‬،‫البيضاء‬
.‫ مطبعة النجاح اجلديدة‬،‫ الدار البيضاء‬،‫ دراسات يف اتريخ املغرب‬،1986 ،.‫عياش ج‬
‫ مطبعة‬،‫ الدار البيضاء‬،‫ احلركات االستقاللية يف املغرب العريب‬،2003 ،.‫الفاسي ع‬
.‫النجاح اجلديدة‬
‫ مقاربة سوسيولوجية للمجتمع املغريب‬،‫ اإلقطاع واملخزن‬،‫ القبيلة‬،2010 ،.‫اهلروي هـ‬
.‫ مطبعة إفريقيا الشرق‬،‫ الدار البيضاء‬،1934-1844 ‫احلديث‬
Girault (A), Principes de colonisation et de législation Coloniale, Librairie de La
Société du Recueil Général des Lois et des Arrêts, Paris, 1904
Ageron (Ch.R), La Politique berbère du Protectorat Marocain 1913-1934 , Revue
d’histoire moderne et contemporaine, Armand Colin, Tome XVII, Janvier-Mars
1971
Ageron (Ch.R), Politiques coloniales au Maghreb, Presses Universitaires de France,
1972.
Bernard Augustin, Géographie du Maroc. La renaissance du Maroc Dix ans de
Protectorat 1912-1922, Résidence Générale de la République Française au Maroc,
Imprimerie Marc Texier, Paris, 1922.
Bellaire-Michaux, Conférences faites au cours préparatoire du service des A.I.,
Archives Marocaines, Volume XXVII, Librairie ancienne Honoré Champion, Paris,
1927.
Julien (Ch-A), Le Maroc Face aux Impérialismes 1415-1956, Edition J.A. Paris,
1978
Dumas (P), La Justice Française, La Renaissance du Maroc Dix ans de Protectorat
1912-1922, Résidence Générale de la République Française au Maroc, Imprimerie
Marc Texier, Paris, 1922.
Doutté (E), Missions au Maroc En Tribu, Librairie Paul Geuthner, Paris, 1914.
De Foucauld (CH), Reconnaissance au Maroc 1883-1884, Librairie Coloniale, Paris
1888.
Fallot Ernest, La Solution Française de la question du Maroc, Librairie CH.
Delagrare, Paris, 1904.
Enfantin, Colonisation de l’Algérie, P. Bertrand, Librairie, Paris, 1843.

257
‫منعم بوعمالت‬

Guillaume (Général), les berbères Marocains et la pacification de L’Atlas Centrale


(1912-1933), René Julliard, Paris, 1946
Huot (Lieutenant-colonel), La Politique Indigène, La Renaissance du Maroc Dix ans
de Protectorat 1912-1922, Résidence Générale de la République Française au
Maroc, Imprimerie Marc Texier, Paris, 1922.
Hardy (G), La Justice Indigène, La Renaissance du Maroc Dix ans de Protectorat
1912-1922, Résidence Générale de la République Française au Maroc, Imprimerie
Marc Texier, Paris, 1922.
Justinard (L), Manuel des berbères Marocains, (Dialecte Chleuh), Librairie Orientale
et Américaine, E. Guilmoto, Editeur, Paris.1914
Leglay (M), La Marée Berbère, le Soldat Marocain, Afrique Française, Juin 1935.
Leglay (M), L’Ecole Française et la question berbère, Bulletin de l’enseignement
public du Maroc, 1920-1921.
Marty (P), La Politique Berbère du Protectorat, Afrique française, 1925.
Mouliéras (A), Le Maroc Inconnu, Librairie Coloniale, Paris, 1895
Montagne (R), Les berbères et le Makhzen dans le sud du Maroc, Essai sur la
transformation politique des Berbères sédentaires (groupe chleuh), Librairie Félix
Alcan, Paris, 1930.
Mercier (E), La question Indigène en Algérie, Editeur Augustin Challamel, Paris,
1901.
Pascon (P), Etudes rurales, Idées et enquêtes sur la campagne marocaine, Rabat, 1980
Pierre (P), La Politique Indigène au Maroc, Imprimerie Nouvelle, Rabat. (n.d.)
Piquet (V), Le Peuple Marocain le Bloc berbère, Emile la rose, 1925
René (M), La Conquête du Maroc, La Question Indigène, Librairie Académique
Perrin, 1913.
Rinn (L), Les origines berbères, études Linguistiques et Ethnologiques, Alger,
Adolphe Jourdan, Libraire-éditeur, Imprimeur-Libraire de L’Académie, 1989.
Rivet (D), Lyautey et L’Institution du Protectorat au Maroc 1912-1925, Tome 2,
L’Harmattan, 1988.
Kann (R), le Protectorat Marocain, Berger-Levrault, éditeur, Paris, 1921.
Sainte-Beuve, La Questions du Maroc : Etude Géographique, Politique et Militaire,
Henri Charles-Lavazelle, Paris, 1903.
Simon (H), Les Etudes Berbères Au Maroc et leurs applications en matière de
politique et d’administration, Les archives berbères, vol. I, fascicule 1, Année 1915.
Conférence sur le Maroc, Projet A l’usage des Conférenciers, Juillet 1904,
Publication du Comité de Maroc, Paris, 1904.

258
‫مجلة أسيناگ‪ ،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‬العدد السادس عشر‪ ،2021،‬ص ‪263-259‬‬

‫أسيناﮒ‪ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ -‬‬ ‫قواعد النشر مبجلّة‬

‫مقتضيات عامة‬
‫تقبل األعمال العلمية األصلية اليت مل يسبق نشرها‬ ‫‪‬‬
‫يتعني إرفاق كل عمل مقرتح للنشر بتصريح ابلشرف من مؤلّفه‪ ،‬يفيد أبنه عمل‬ ‫‪‬‬
‫أصلي مل يسبق عرضه للنشر يف دورية أو مطبوعة أخرى‪.‬‬
‫املتضمن عرضاً أو قراءةً ملؤلَّف منشور أن يق ّدم قراءة نقدية‬
‫ّ‬ ‫يشرتط يف املقال‬ ‫‪‬‬
‫ألحد املؤلٌفات حديثة النشر‪ ،‬كتااب كان أو دورية أو غري ذلك‪ ،‬بوضعه يف‬
‫سياق جمموع اإلصدارات حول املوضوع املعين‪.‬‬
‫يتعني على املؤلّف التعهد بعدم قيامه إبرسال مقاله إىل جمالت أخرى‪ .‬كما‬ ‫‪‬‬
‫يتنازل عن كل احلقوق املتعلقة ابملقال لصاحل جملة أسيناﮒ‪ ،ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‬نذكر‬
‫منها حقوق النسخ والتوزيع جبميع اللغات ويف مجيع البلدان وعلى مجيع وسائل‬
‫اإلعالم املعروفة اآلن أو يف املستقبل‪.‬‬
‫كل مقال تنشره اجمللة يصبح ملكا هلا‪ ،‬وكل نسخ أو ترمجة ألحد املقاالت‬ ‫‪‬‬
‫يتطلب إذان خطّيا مسبقا من مديرية اجمللة‪ .‬ويلتزم املؤلّف بعدم نشر ذات املقال‬
‫يف مكان آخر دون إذن خطّي مسبق من مديرية اجمللة‪.‬‬
‫تعرب األحباث واملقاالت املنشورة عن أفكار وآراء أصحاهبا‪ ،‬وال متثل ابلضرورة‬ ‫‪‬‬
‫وجهة نظراجمللة أو املؤسسة اليت تصدرها‪ .‬ويبقى املؤلف املسؤول األوحد عن‬
‫التعابري الواردة يف مقاله‪ ،‬وعن مضمون مسامهته‪ ،‬ودقة االستشهادات واملراجع‪.‬‬
‫ويف حالة إقتباسه ونسخه ملقاطع أو نسخه لبياانت حممية مبوجب حق املؤلف‪،‬‬
‫يتعني عليه احلصول على إذن خطي من اصحاب احلقوق وإرسال نسخة منه‬
‫إىل مديرية اجمللة‪.‬‬
‫إن استخدام كل أو جزء من حمتوايت جملة أسيناﮒ‪ ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-‬جيب أن يتم‬ ‫‪‬‬
‫اإلشارة إىل اجمللة يف املراجع الببليوغرافية (مع بيان اسم اجمللة والعدد وسنة‬
‫النشر)‪ .‬كما مينع منعا كليا النسخ الكلي أو اجلزئي إلحدى مواد اجمللة ألغراض‬
‫جتاري بدون إذن خطّي مسبق من مديرية اجمللة‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫ال ترد أصول املواد إىل أصحاهبا سواء قبلت أم مل تقبل‪ ،‬كما ال ترجع املقاالت‬ ‫‪‬‬
‫غري املنشورة ألصحاهبا‪ ،‬وال تلتزم اجمللة إبشعارهم بذلك‪.‬‬

‫أعراف تقدمي املقاالت‬


‫نص املقال بصفحة غالف‪ ،‬تتضمن عنوان املقال‪ ،‬واسم الكاتب ولقبه‪،‬‬ ‫يسبق ّ‬ ‫‪‬‬
‫واسم املؤسسة اليت ينتمي إليها‪ ،‬وعنوانه‪ ،‬ورقم هاتفه‪ ،‬ورقم الفاكس‪ ،‬وعنوانه‬
‫اإلليكرتوين‪ .‬وال يثبت على رأس الصفحة األوىل من املقال‪ ،‬سوى اسم الكاتب‬
‫ولقبه واملؤسسة اليت ينتمي إليها‪.‬‬
‫تبعث املقاالت إىل اجمللة بواسطة الربيد اإلليكرتوين‪ ،‬يف شكل ملف مرتبط‬ ‫‪‬‬
‫(‪ ،)Fichier attaché‬قياس وورد ‪ ،Format Word‬إىل عنوان اجمللة‪:‬‬
‫‪asinag@ircam.ma‬‬
‫جيب أال يزيد املقال عن ‪ 30.000‬حرفا‪ ،‬مبا فيها املراجع واجلداول واملالحق‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يقدم املقال مطبوعاً على ورق (‪ )A4‬وعلى صفحة مبقاس (‪ ،)24/17‬وابعتماد‬ ‫‪‬‬
‫نوع ‪ ،Traditional Arabic‬حجم اخلط (‪ ،)16‬ببُعد يساوي " ‪Exactement‬‬
‫‪ ،"18‬مع هوامش (يسار‪ ،‬ميني) ‪ 2‬سم‪ ،‬و(أعلى‪ ،‬وأسفل) ‪ 2.5‬سم‪ .‬وابلنسبة‬
‫خلط تيفناغ‪ ،‬يعتمد نوع ‪ ،Tifinaghe-ircam Unicode‬حجم ‪ ،12‬املمكن‬
‫حتميله من موقع املعهد ‪.http://www.ircam.ma/fr/index.php?soc=telec‬‬
‫ولكتابة األمازيغية ابحلرف الالتيين‪ ،‬يعتمد أحد حروف منظومة ‪،Unicode‬‬
‫من قبيل ‪ Gentium‬مثال‪.‬‬
‫يُصاغ عنوان املقال يف حوايل عشر كلمات‪ ،‬مع إمكانية إتباعه بعنوان فرعي‬ ‫‪‬‬
‫مفسر له‪ .‬ويكون ممركزا وببنط عريض حبجم ‪ .18‬ويكتب اسم صاحب املقال‬ ‫ّ‬
‫ومؤسسته أسفل العنوان أبقصى يسار الصفحة األوىل‪.‬‬
‫تُصاغ عناوين الفقرات والفقرات الفرعية لكل مقال ابلبنط العريض‪ ،‬حبيث‬ ‫‪‬‬
‫يكون حجم األوىل ‪ ،17‬وحجم الثانية ‪.16‬‬
‫يُرفق املقال مبلخصني حيرر أحدمها ابللغة اإلجنليزية‪ ،‬وال يتجاوزان عشرة أسطر‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫متبوعني ابلكلمات املفتاحية ذات الداللة على حمتوى املقال (‪)keywords‬‬
‫واليت ال تتعدى ‪ 7‬كلمات تُرتَّب حسب ورودها يف املقال‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫وسائل اإليضاح‬
‫ترقّم اجلداول ابلرتتيب‪ ،‬داخل املنت‪ .‬ويكون التعليق أعالها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ترقّم الرسومات والصور داخل املنت‪ ،‬متتابعة‪ .‬ويُعلق أسفلها‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫املراجع البيبليوغرافية واإللكرتونية‬


‫ال تثبت املراجع البيبليوغرافية بكامل نصها داخل املنت وال يف اهلوامش‪ .‬ويُكتفى‬ ‫‪‬‬
‫داخل املنت ابإلشارة‪ ،‬بني هاللني‪ ،‬إىل اسم املؤلف(ين)‪ ،‬متبوعا بسنة إصدار‬
‫املرجع احملال إليه؛ وعند االقتضاء‪ ،‬يضاف إليهما رقم ‪ /‬أرقام الصفحة‬
‫‪/‬الصفحات املعنية‪ .‬ويف حالة تع ّدد املؤلفني‪ ،‬يشار إىل أوهلم متبوعا بعبارة‬
‫"وآخرون"حبرف مائل‪.‬‬
‫مثال‪( :‬صدقي‪1999 ،‬؛ صدقي وأبو العزم‪1966 ،‬؛ صدقي وآخرون‪1969 ،‬؛ صدقي‬
‫‪.)20 :2002‬‬
‫‪ ‬يف حالة تع ّدد املصادر لنفس املؤلِّّف يف نفس السنة‪ ،‬مييَّز بينها بواسطة حروف‬
‫حسب الرتتيب األجبدي (‪1997‬أ‪1997 ،‬ب‪ ،‬إخل‪.).‬‬
‫مثال‪( :‬خري الدين‪2006 ،‬أ‪ ،‬خري الدين‪2006 ،‬ب)‪.‬‬
‫يف حالة تع ّدد طبعات نفس املرجع‪ ،‬يشار إىل الطبعة األوىل بني قوسني معقوفني‬ ‫‪‬‬
‫[…]‪ ،‬يف آخر املرجع ابلالئحة البيبليوغرافية‪.‬‬
‫أجبداي أبمساء املؤلفني‪ ،‬يف هناية املقال (دون جتاوز‬
‫تق ّدم املراجع كاملة‪ ،‬مرتبة ّ‬ ‫‪‬‬
‫الصفحة)‪.‬‬
‫تكتب عناوين الدورايت واجملالت والكتب أبحرف مائلة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تشمل املعلومات اخلاصة ابلكتب‪ ،‬على التوايل‪ ،‬امسي الكاتب‪ ،‬العائلي‬ ‫‪‬‬
‫والشخصي‪ ،‬وسنة اإلصدار‪ ،‬مث عبارة (انشر) إن كان انشرا أو مدير نشر‪ ،‬مث‬
‫عنوان الكتاب‪ ،‬فمكان النشر‪ ،‬مث اسم الناشر‪ .‬ويتم الفصل بني هذه اإلشارات‬
‫بفواصل‪.‬‬
‫مثال‪ :‬شفيق‪ ،‬حممد (‪ ،)1999‬الدارجة املغربية جمال توارد بني األمازيغية والعربية‪ ،‬الرابط‪،‬‬
‫أكادميية اململكة املغربية‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫توضع عناوين مقاالت الدورايت‪ ،‬وكذا فصول الكتب‪ ،‬وغريها من مقتطفات‬ ‫‪‬‬
‫املراجع‪ ،‬بني مزدوجتني‪.‬‬
‫تشمل اإلحاالت على مقاالت اجملالت والدورايت‪ ،‬على التوايل‪ ،‬وابلرتتيب‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫امسي الكاتب العائلي والشخصي‪ ،‬وسنة النشر‪ ،‬وعنوان املقال بني مزدوجتني‪،‬‬
‫مث اسم اجمللة‪ ،‬ورقم اجمللّد‪ ،‬والعدد‪ ،‬ورقم كل من الصفحة األوىل والصفحة‬
‫األخرية‪ .‬ويتم الفصل بني هذه اإلشارات بفواصل‪.‬‬
‫مثال‪ :‬أزايكو صدقي‪ ،‬علي (‪" ،)1971‬مشاكل البحث التارخيي يف املغرب"‪ ،‬الكلمة‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،2‬ص ‪.40-25‬‬
‫تشمل اإلحاالت على مقاالت الصحف واجلرائد‪ ،‬فقط‪ ،‬عنوان املقال بني‬ ‫‪‬‬
‫مزدوجتني‪ ،‬مث اسم الصحيفة‪ ،‬ومكان النشر واتريخ العدد ورقم الصفحة‪.‬‬
‫مثال‪" :‬احلقوق الثقافية واملسألة األمازيغية"‪ ،‬السياسة اجلديدة‪ ،‬الرابط‪ 22 ،‬أكتوبر ‪،2002‬‬
‫ص ‪.8‬‬
‫لإلحالة على فصول كتب مجاعية‪ ،‬يشار إىل امسي الكاتب العائلي والشخصي‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مث عنوان الفصل‪ ،‬فمرجع الكتاب بني قوسني معقوفني […]‪.‬‬
‫مثال‪ :‬شفيق‪ ،‬حممد (‪" ،)1989‬إمازيغن"‪[ ،‬معلمة املغرب[‪ ،‬اجلمعية املغربية للتأليف والرتمجة‬
‫والنشر‪ ،‬سال‪.‬‬
‫لإلحالة على أعمال ندوة أو مناظرة‪ ،‬يشار إىل عنوان واتريخ الندوة أو املناظرة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مثال‪ :‬الراجحي‪ ،‬عبده (‪" ،)1984‬النحو العريب واللسانيات املعاصرة"‪ ،‬البحث اللساين‬
‫والسيميائي‪ ،‬أعمال ندوة نظمتها كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ابلرابط‪ ،‬أايم ‪ 7‬و‪ 8‬و‪9‬‬
‫ماي ‪ ،1981‬الرابط‪ ،‬ص ‪.164-153‬‬
‫لإلحالة على أطروحات جامعية‪ ،‬تعتمد نفس األعراف ابلنسبة للكتب‪ ،‬مع‬ ‫‪‬‬
‫اإلشارة إىل كون العمل أطروحة جامعية‪ ،‬وإىل نظامها (دكتوراه دولة‪ ،‬دكتوراه‬
‫السلك الثالث‪ ،‬إخل‪ ،).‬وإىل اجلامعة األصلية‪.‬‬
‫مثال‪ :‬جودات‪ ،‬حممد (‪ ،)2002‬تناصية األنساق يف الشعر األمازيغي‪ ،‬دكتوراه‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫جامعة احلسن الثاين عني الشق‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪.‬‬

‫‪262‬‬
‫يتعني اإلشارة إىل‬
‫لإلحالة على مراجع ابملواقع اإلليكرتونية (‪ّ ،)webographie‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،URL‬واتريخ آخر رجوع إىل صفحة الويب ‪.pageweb‬‬
‫مثال‪( ،http//fr.wikipedia.org/wiki/langue construite :‬اتريخ زايرة املوقع ‪)..../../..‬‬

‫اهلوامش واالستشهادات‬
‫يف حالة ما قرر صاحب املقال استخدام االختصارات لإلشارة إىل بعض‬ ‫‪‬‬
‫العناوين اليت غالبا ما يتكرر استخدامها يف النص‪ ،‬يتوجب شرح وتوضيح‬
‫املختصرات‪ ،‬يف اهلامش‪ ،‬عند أول استخدام‪.‬‬
‫يف حالة توافراهلوامش‪ ،‬تثبت أبسفل الصفحة وليس يف هناية املقال‪ ،‬وترقّم‬ ‫‪‬‬
‫ابلتتابع‪.‬‬
‫االستشهادات‪ :‬عندما يكون االستشهاد يف أقل من مخسة أسطر‪ ،‬يوضع بني‬ ‫‪‬‬
‫مزدوجتني "‪ "...‬داخل النص‪ .‬وحني يتعلق األمر ابستشهاد ضمن استشهاد‬
‫آخر‪ ،‬يستعمل هالالن منفردان "‪ ."....'.....'.....‬أما االستشهاد الذي‬
‫يتجاوز مخسة أسطر‪ ،‬فيق ّدم دون مزدوجتني‪ ،‬مع احنياز نصه عن حاشية نص‬
‫املقال‪ ،‬وببعد واحد بني سطوره‪.‬‬
‫التصرفات أو التعديالت يف االستشهاد (إغفال كلمات أو مجل أو‬
‫توضع مجيع ّ‬ ‫‪‬‬
‫حروف‪ ،‬إخل‪ ).‬بني معقوفني […]‪.‬‬
‫العناوين الفرعية‪ :‬ميكن تقسيم النص إىل فقرات وأجزاء ابستعمال عناوين فرعية‬ ‫‪‬‬
‫ابلبنط العريض‪.‬‬
‫احلروف املائلة‪ :‬تستعمل احلروف املائلة بدال من تسطري الكلمات واجلمل املراد‬ ‫‪‬‬
‫إبرازها‪.‬‬

‫‪263‬‬
1
Revue de l’Institut royal de la culture amazighe
Numéro 16 – 2021
Asinag-Asinag est une revue scientifique et culturelle marocaine dédiée à l’amazighe avec
ses composantes linguistique et civilisationnelle. Elle est plurilingue et multidisciplinaire et
comprend des dossiers thématiques, des articles, des entretiens, des comptes rendus, des
résumés de thèses, des créations littéraires et des chroniques bibliographiques. La revue
Asinag-Asinag est une revue indexée, dotée d’un comité scientifique et ouverte à la
communauté scientifique nationale et internationale.

© IRCAM
Dépôt légal : 2008 MO 0062
ISSN : 2028-5663
...... – Rabat 2021

4
Sommaire

Présentation ...................................................................................................... 7
Dossier : L’écriture en et autour de l’amazighe
Valeria Argiolas
La Sardaigne libyco-berbère dans les sources gréco-latines et arabes............... 15

El Khatir Aboulkacem -Afulay


Tamegrout et le développement de la tradition de lmazghi .............................. 31

Entretien avec Ramdane Achab


Réalisé par le Comité de rédaction ..................................................................... 47

Varia
Karim Bensoukas
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh:
An Optimality-theoretic Account ....................................................................... 61

Comptes rendus
Mohamed Aghali-Zakara : L’histoire du Niger t.1 et t.2, Berber Studies Rüdiger
Köppe Verlag. Köln by Karl-G. Prasse & Ghabdouane Mohamed ........................ 93
Présentation

Dédier le dossier du seizième numéro de la revue Asinag à la thématique de l’écriture


en langue amazighe et autour de l’amazighe est plus qu’un choix académique inscrit
dans la ligne scientifique de la publication ; c’est cela certes, mais c’est aussi, et
surtout, une invite à la réflexion autant sur l’historicité de cette question que sur son
actualité et son devenir. Ainsi, à l’aune de l’histoire de la langue amazighe, il est
établi que l’aire géographique et culturelle amazighe a connu la succession de
plusieurs cultures et civilisations ; et à ce titre, elle a toujours été le creuset de
multiples relations d’ordres culturel, religieux, commercial et politique, tissées avec
pays et peuples du voisinage : ceux du Nord, du Sud et de l’Est. Ces atouts n’ont pas
été sans contribuer à l’enrichissement et à la diversification de son tissu ethnique et
culturel, que traduisent les spécificités qui transparaissent dans les éléments de la
production du savoir, notamment par le truchement des différentes langues en usage
à travers les époques. Au plan socioculturel, le statut des langues en usage et les
fonctions qui leur sont dévolues (communicative, liturgique, politique…) tenaient
un rôle décisif dans l’orientation de cette action scripturaire. De même, diverses
institutions sociales, religieuses (mosquées, zaouïas, médersas…), politiques et
juridiques (justice, prescription Fetya, droit coutumier’urf …) ont eu un impact
considérable sur l’édification de systèmes de transcription et sur la diversification de
la production de la connaissance, au gré des contextes des écrits et des attentes de
leurs récepteurs.
C’est en fait de la diversité de ces éléments qu’a été généré un immense cumul de
compositions et d’écritures. En témoignent les écrits en amazighe et en d’autres
langues, dans plusieurs domaines, à travers l’histoire. Ainsi, durant l’ère antique, et
en dépit de la rareté des données afférentes à l’écriture à cette époque, certaines
sources font état de l’existence, dans l’espace méditerranéen, d’écrits dus à des
Amazighes, sur divers sujets, notamment la rhétorique, la politique, la théologie, les
lettres.
À l’ère médiévale, des sources historiographiques signalent qu’un dénommé Sâliḥ
ibn Ṭarîf al- Burġwâṭî (IIe. S. H./ VIIIe ap. JC.) aurait composé pour sa communauté,
en langue amazighe, un Livre à caractère religieux, dont il n’est parvenu à la postérité
que quelques fragments traduits en langue arabe. Ledit opuscule serait, sans conteste,
le plus ancien livre rédigé au Maroc. L’expansion de l’Islam dans l’espace amazighe
y a favorisé le développement d’une tradition d’écriture. Les Amazighes se sont alors
intéressés à l’arabe et aux savoirs qu’il véhicule, dans l’optique de la dissémination
des préceptes de la nouvelle confession. Aussi avaient-ils entrepris, simultanément,
transcription d’ouvrages de devanciers et dissertation en arabe et en amazighe, dans
divers champs de connaissance (grammaire, exégèse, sciences du ḥadîth, sciences
de base uṣûl, médecine, mathématiques, astronomie…).

7
À l’époque moderne, la pratique de l’écriture s’est poursuivie, et de nouvelles
préoccupations ont ainsi émergé, telles que la confection de glossaires bilingues,
pour rendre aisée la rédaction de documents par les magistrats, les ‘adouls, les
notaires et les foqahaâ’, ou encore pour asseoir une nomenclature de noms propres,
humains et géographiques, ainsi que pour désigner les organes du corps humain et
son environnement. Cette dynamique scripturale a été consolidée par le
développement d’un genre particulier de dissertation visant à simplifier et à
vulgariser la connaissance théologique et la rendre intelligible pour les masses ;
tradition communément dénommée l-mâzġî. Elle consiste tantôt en la rédaction
directement en amazighe, tantôt en la réécriture en amazighe d’œuvres en langue
arabe. Les œuvres concernées relèvent essentiellement du registre religieux, dont les
sciences du Coran, le fiqh, le ḥadîth, la tradition du prophète (sîra), la théologie, le
soufisme, les psalmodies (aḏkâr), mais également d’autres thèmes variés, tels que la
médecine, la pharmacopée, l’astronomie, l’astrologie, l’agronomie, le calcul…
L’ère contemporaine a connu une nette mutation qualitative, que l’on doit à
l’émergence d’élites animées par l’ouverture sur de nouvelles sciences et nouveaux
savoirs et par leur assimilation (lettres, arts, langues, linguistique, histoire, sciences
sociales et pédagogiques…). Elles se sont ainsi attelées à la dissertation et à l’écriture
en langue amazighe comme en d’autres idiomes ; activité qui a eu une incidence
salutaire sur le paysage amazighophone en matière littéraire et scientifique.
Si, à travers leur longue histoire, les Amazighes ont pu manifestement apporter une
contribution conséquente sur l’étendue du savoir humain, comme en témoignent des
indices cités par les sources et les textes manuscrits et édités, ils ont également été,
tout au long de l’histoire, l’objet de recherche et d’écriture, notamment durant les
siècles derniers. En effet, la langue amazighe, sa culture, ses expressions artistiques
et littéraires et son espace civilisationnel ont toujours suscité l’intérêt des chercheurs
et des scientifiques de diverses langues et nationalités. Nonobstant les visées et
inclinaisons sous-tendant certains de ces écrits sur l’amazighe et sa culture, dans
différents contextes, il n’en demeure pas moins que le cumul disponible de ces écrits
constitue par sa richesse une réelle plus-value tant quantitative que qualificative, qui
apporte au champ des sciences humaines de nouvelles connaissances et approches
dignes d’exploration, de lecture et surtout d’évaluation.
Ainsi donc, c’est dans la perspective d’une mise au point sur la dynamique de
l’écriture dans le domaine amazighe à travers les différentes époques de son histoire,
et pour être au fait des écrits de l’Autre sur la langue et la culture amazighes, que le
dossier thématique du présent numéro d’Asinag est consacré à cette question. La
teneur de la livraison soulève et traite des questions afférentes audit dossier, selon
différentes approches et sous divers angles de vue. Elle se décline en deux entretiens,
l'un en arabe et l'autre en français, et douze articles, dont dix en arabe et deux en
français, outre deux articles dans la rubrique Varia. L’agencement de ces matières
suit une logique chronologique susceptible de refléter une image approximative de
la genèse et de l’évolution de la pratique scripturale chez les Amazighes.

8
L'article de Mohammed Yaâlā porte sur trois manuscrits de l’époque médiévale, à
savoir « al-Ansab » de Saleh bin Abdu el-Halim al-Aylani, « Mafākhi al-barbar »
(auteur anonyme) et « Chawahid al-Jilla » d’Ibn al-Arabi. Traitant principalement de
l’histoire sociale de l’Occident musulman, ces manuscrits s’intéressent à la
problématique du peuplement du nord de l’Afrique par les Amazighes (Brbères) et
à la recherche sur leurs origines, leurs tribus et leurs déplacements. Aussi cet article
s’articule-t-il autour de trois axes principaux : 1) Sources d’information relatives aux
habitants et à la structure humaine des Amazighes, 2) Origine ethnique et
géographique des Amazighes, 3) Mouvement et expansion de certaines de leurs
tribus.
La contribution d’El Ouafî Nouḥi consiste en une revisite de certaines sources arabes
écrites en amazighe durant le Moyen Âge, eu égard à la présence de l’amazighe, bien
qu’à d’inégales proportions, dans de nombreux ouvrages du patrimoine arabe,
notamment d’histoire, de géographie, d’hagiographie, de jurisprudence (fiqh), de
biographies et strates sociales, entre autres. L’auteur met l’accent sur deux questions
essentielles : d’une part, le statut de la langue amazighe sous le règne de certaines
familles (les émirats des Burġwaṭa et des Ġomara, puis les dynasties almoravide,
almoḥade et Mérinide) ; d’autre part, la place de cette langue parmi les
préoccupations de l'élite savante, et ce à partir de cinq modèles au courant du Moyen
Âge.
La question des lois et systèmes coutumiers, transcrits chez la communauté de la
vallée du M'zab, dans le désert algérien, est abordée dans l’article de Belhaj Nasser.
L’auteur considère que les matériaux du droit coutumier sont des sources
inestimables et d’une extrême importance. Ils sont ainsi, du point de vue historique,
l’une des principales sources d’information sur la vie sociale, économique et
politique de cette région. Au niveau culturel, les textes analysés révèlent le niveau
intellectuel des « élites » de la région, tout au long de la période allant du XVe au
XIXe siècle. L’étude tente d’apporter des réponses à une série de questions connexes
telles que : les Mozabites ont-ils transcrit toutes leurs coutumes ? Quand ont-ils
écrit ? Et pourquoi ? Et qu'ont-ils écrit ? Et pour quelle raison ? Et bien d'autres
questions.
Dans sa contribution, Khadija Gmaissine s'interroge sur l’émergence et la motivation
de la production écrite religieuse chez les Amazighes. Aussi a-t-elle exposé
l’expérience de cette tradition dans le Souss, à partir de trois cas de figure : la
composition, en vers ou en prose, en arabe littéraire ; la traduction de l’arabe vers
l’amazighe, puis l’écriture et la création en amazighe. L’auteure a ensuite procédé à
l’analyse des différents aspects de chacune des trois formes d’écriture.
Les discours à portée cognitive dans les relations de voyages sont traités dans
l’article d’Ahmed Elmounadi, à partir d’un récit du XIXe siècle, écrit par l’illustre
voyageur Mohammad al-Ġiġâî al-Warîkî. Il y est relaté son expérience de voyage à
la Mecque pour l’accomplissement du Hajj, assortie de ses témoignages et
observations à propos de la situation dans les contrées parcourues, ainsi que les

9
inventions qu’il y a pu observer. Outre la présentation de l’œuvre, l’article soumet à
une analyse critique la vision déclinée dans le texte d’al-Ġiġâî, sur sa propre
personne et sur les autres. Ce faisant, il procède à une reconstruction des mécanismes
et procédés qui ont rendu aisée la saisie et la maîtrise d’une somme de connaissances
diversifiées croisant plusieurs disciplines, notamment la théologie, l’histoire, la
société et l’ethnographie.
Dans leur article conjoint, M’barak Ait Addi et Al-Hassan Salou ont mis à
contribution des données de leurs recherches de terrain, pour analyser des exemples
de manuscrits arabes relatifs aux Amazighes au Niger. Ces documents, qui reflètent
l’histoire et la civilisation des Amazighes, sont conservés au Département des
manuscrits arabes et étrangers relevant de l’Institut des recherches en sciences
humaines, à l’Université Abdou Moumouni, à Niamey.
Dans le champ littéraire, Jamal Abarnous traite dans son article, de la poésie rurale
traditionnelle d’expression tarifite, au prisme de la vision de berbérisants de la
France coloniale. Il met en évidence un certain nombre d’équivoques qui
caractérisent l’évaluation et l'interprétation portant sur les quelques textes
disponibles de cette littérature dans les corpus écrits en langue française. Ainsi, sont
soulevés et analysés les écueils qui ont occasionné des jugements de valeur portés
par ces auteurs sur les aspects esthétiques de la poésie des rifains. Ce faisant, l’article
évoque également les arrière-fonds méthodologiques et les circonstances historiques
[coloniales] qui sous-tendent l’action des institutions françaises de recherche établies
alors au Maroc.
Dans le même domaine littéraire, Fouad Azaroual entreprend dans sa contribution
une analyse thématique de la problématique de l’identité et des défis et enjeux qu’elle
implique, à partir de la lecture critique du roman d’expression arabe intitulé Numidia,
de son auteur Tariq Bekkari. Dans cette œuvre, la question de l’identité amazighe est
abordée avec une prouesse créative qui lui a valu une réception critique apologique
et une large audience littéraire auprès des cercles de création littéraire arabes.
L’article développe les thèmes et les questions qui tourmentent le héros, à partir de
ses souvenirs d’enfance, en milieu amazighe. Aussi se remémore-t-il moult faits et
évènements de sa culture maternelle, dont traditions, légendes, symboles historiques
et culturels. Ces éléments salutaires sont autant de bouées qui prémunirent le héros
des aléas de son sort chargé de douleur, d'anxiété et de déchirement, suite à la perte
de ses origines et de ses racines.
La composition poétique marocaine d’expression amazighe a fait l’objet de la
contribution de Mohamed Afakir qui retrace l’essentiel des productions écrites par
des créateurs marocains, dans cette langue et ses variantes. À partir d’une lecture
qualitative des textes, il retrace le processus de l’évolution de cette production depuis
son avènement à nos jours.
Dans le domaine de la traduction vers l’amazighe, l’article de Mohammed Laadimat
traite des traductions des « sens » du Coran en amazighe, en exposant les différentes
expériences en la matière. Ce faisant, il met l’accent sur l’importance du texte

10
religieux dans l’historiographie de la traduction car il fut et demeure parmi les
premiers textes traduits aux époques antique et contemporaine. C’est par la suite que
la traduction s’étendit à l’ensemble des champs de connaissance ; elle devint alors
une pratique incontournable dans un monde multilingue et multiculturel.
Dans le volet en langue française du dossier thématique, le premier article est dû à
Valeria Argiolas ; il a pour thème : la Sardaigne libyco-berbère dans les sources
gréco-latines et arabes. L’auteure y traite de l’image non conventionnelle véhiculée
par les sources gréco-latines sur la Méditerranée antique relativement à l’occupation
de l’île de Sardaigne. Ainsi, il semblerait que les données linguistiques et
anthropologiques qui ressortent de l'île concordent avec les réalités rapportées par
les sources classiques. Qui plus est, des sources arabes, pour la plupart d'origine
byzantine, iront confirmer l'existence d'une langue libyco-berbère dans l'île. Par
ailleurs, l’article discute de la relation entre le nom Barbar et le nom byzantin
Barbarikinoi en Sardaigne.
Le second article, d’Aboulkacem El Khaṭîr, intitulé « Tamegrout et le
développement de la tradition de lmazghi », aborde des aspects de la littérature
religieuse écrite en tachelḥit, dite l-mazghi, et de son rapport aux zaouïas. A cet effet,
il prend pour exemple le cas du lettré M'ḥammed ou ‘Alî Aouzâl, originaire de
l’Anti-Atlas central, dans le contexte de son exil forcé à la zaouia de Tamegrout, au
début du XVIIIè siècle. L'auteur procède ainsi à un essai de reconstitution des
circonstances historiques et sociales de l'émergence et du développement de la
littérature écrite en amazighe. En présentant les principales caractéristiques de cette
littérature, il informe sur la manière dont les zaouïas ont utilisé cette tradition dans
leurs efforts de sensibilisation et de mobilisation. L'expérience de la zaouïa de
Tamegrout, en relation avec la production d'Awazl, est en soi un argument majeur
pour comprendre les conditions de la continuité historique de l'écriture en amazighe
avant l’instauration du protectorat français au Maroc.
Outre les articles, le dossier thématique comprend un entretien, en langue française,
établi Ramadan Achab, chercheur et éditeur. Il porte essentiellement sur des
questions relatives au domaine de l’édition des études et travaux sur des aspects de
la culture amazighe. Il rapporte sa propre expérience, aux « Éditions Achab », à Tizi-
Ouzou, en Algérie, en évoquant les motivations du lancement du projet, depuis 2009.
Il rappelle également la ligne éditoriale de la maison et les options de la politique de
publication et de distribution du livre amazighe. Il conclut par une évaluation globale
du bilan de la diffusion du livre amazighe, en mentionnant la valeur ajoutée des
Editions - Achab.
Un autre entretien, en arabe, est effectué auprès de Mohamed Akounad. Ce dernier
y rappelle les premières circonstances de l’avènement de l'écriture chez les
Amazighes, de manière générale, ainsi que les traits saillants de sa propre expérience
d’auteur en langue amazighe à l’ère contemporaine, et notamment dans le Souss. Il
a également évoqué les soubassements cognitifs de l’émergence de l’Alliance des

11
écrivains en amazighe, Tirra, dont il est cofondateur, ainsi que ses perspectives
d’avenir, au regard des acquis réalisés et des défis à relever.
La rubrique Varia contient deux articles, l'un en arabe et l'autre en anglais. Le
premier article, de Moneim Bouâmlat, présente les principaux fondements de la
« Politique berbère » au Maroc pendant le protectorat français. Cette politique, avait
notamment comme finalité principale la pénétration culturelle, les velléités ethniques
et le façonnement de la désunion des composantes de la société marocaine. L'article
met en évidence le statut de ladite politique dans la pensée française, à partir de la
discussion de certains écrits coloniaux sur le sujet. En outre, il y est développé une
approche du dispositif conceptuel structurant la « Politique berbère », et qui permet
la mise en œuvre de cette politique dans la société tribale notamment.
Dans le domaine de la linguistique amazighe, l’article de Karim Bensoukas, intitulé
“Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh : An Optimality-theoretic Account »,
aborde le phénomène de l’éviction de l’occurrence du schwa en syllabe ouverte, dans
les variantes tamazight et tarifit. L’auteur propose comme explication l’intervention
d’une contrainte qui interdit l’association du schwa à une more ; de même,
l’omniprésence de ladite contrainte dans la grammaire des parlers concernés n’est
pas sans générer d’autres phénomènes phonologiques et morpho-phonologiques
apparemment non reliés. Il souligne en outre que le schwa ne participe jamais à un
phénomène d’augmentation par épenthèse vocalique ; il ne contribue pas au poids
des syllabes fermées pour des raisons d’accentuation, et ne remplit pas non plus une
more vacante en cas d’allongement compensatoire.
Dans la rubrique des comptes rendus, M. Aghali Zakara présente l’ouvrage intitulé
L’histoire du Niger de Karl Prasse et Ghabdouane Mohame. Quant au volet des
résumés de thèses, une note de lecture porte sur la thèse de M’barek Abaâzî intitulée
Les aspects poétiques dans la poésie de Ali Sidqî Azaykou (intertextualité, écarts et
harmonie), soutenue en juillet 2021, à la Faculté des Lettres et des Sciences
Humaines, Université Ibn Zohr à Agadir.
Enfin, la Direction et le Comité de rédaction de la revue Asinag tiennent à exprimer
leurs vifs remerciements à tou(te)s les chercheur(e)s qui ont bien voulu apporter leur
précieuse contribution à la réalisation du présent numéro : El Houssaïn El Moujahid,
Jamal Abarnous, Mohammed Adiouan, Mohammed Akoudad, Hassan Alaoui
Hafidi, Ibrahim Al-Qadirî Bochîch, Khalid Ansar, Hassan At-Taleb, Fouad
Azaroual, Brahim Bahaz, Ali Bentaleb, Mohamed Bokbot, Abdelaziz Boudlal, Faïza
Boukili, Abdelaziz Ettahiri, Malika Ezzahidi, Abdellah Faddah, Mohamed
Maghraoui, Ahmed Moslah, Mohammadou Meyine, Carles Murcia, Mostafa
Nachat, Yahya Ould Elbara, Intisar Sfaxi, Al-Bachir Tahali, Mbark Wanaïm.

Asinag - ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ

12
Dossier
L’écriture en et autour de l’amazighe
Asinag-Asinag, 16, 2021, p.15-30

La Sardaigne libyco-berbère dans les sources


gréco-latines et arabes
Valeria Argiolas
Université Aix Marseille
CNRS, IREMAM, Aix-en-Provence

A non-conventional image of the Ancient Mediterranean emerges from the Greek and
Latin sources about the settlement of Sardinia. Next to the Greek, The Phoenicians and
the Punic, the Etruscans and the Roman as major actors, some peoples, identifiable as
autochthones from the North of Africa, appear on scene. They are called Libyans, Mores,
Moroses, et, by Cicero, Afri. Some Sardinian anthropological and linguistic data seem
to witness the echo of the facts related. The Arabic sources, for the most part considered
of byzantine origin, confirm a Libyco-berber presence in the island. A connection
between the Arabic ethnonym Barbar and the Byzantine ethnonym Barbarikinoi in
Sardinia is proposed.

Key-words : Historiography, Classical philology, Sardinia, Libyans

Les sources grecques et latines sur le peuplement de la Sardaigne évoquent une image
non-conventionnelle de la Méditerranée antique. A côté des Grecs, des Phéniciens et des
Puniques, des Étrusques et des Romains en tant qu'acteurs historiques majeurs, des
peuples identifiables comme autochtones du nord de l'Afrique apparaissent sur scène.
Ces derniers sont appelés Libyens, Maures, Maurouses et, par Cicéron, Afri. Des
données linguistiques et anthropologiques provenant de la Sardaigne semblent
témoigner en écho les faits relatés par les sources classiques. Les sources arabes,
considérées en grand partie d'origine byzantine, confirment une présence libyco-berbère
dans l'île sarde. Une connexion entre l'ethnonyme arabe Barbar et l'ethnonyme byzantin
Barbarikinoi en Sardaigne est également proposée ici.

Mots-clés : historiographie, philologie classique, Sardaigne, Libyens.

1. Le récit d’une expansion libyco-berbère en dehors du continent africain semble


s’affirmer à travers le témoignage des sources gréco-latines sur l’île connue par les
Romains sous le nom de Sardinia. Ce récit intègre les données toponymiques et
épigraphiques des îles Canaries qui gardent la trace certaine de la présence de
groupes humains qui ont utilisé une langue écrite dans un alphabet apparenté aux
inscriptions libyques et aux tifinagh.

15
Valeria Argiolas

2. C’est déjà dans le sens de l’historiographie grecque de l’époque romaine que


Cicéron (Ier siècle av. J.-C.) entendait, en défendant le propréteur Scaurus, accusé de
repetundis dans le procès tenu à Rome au cours des dernières années de la république
(54 av. J.-C.), « Africa ipsa parens illa Sardiniae ... : « l'Africa, génitrice de la
Sardinia ... » (Cicéron, Pro Scauro 45a). Les traités entre Rome et Carthage sont
nécessaires pour comprendre les relations des Puniques aux territoires qui leur sont
soumis et les différentes formes d'administration et de société dont les Romains ont
pu hériter. Le contexte géopolitique du traité de 509 av. J.-C. entre Rome et Carthage
est celui des équilibres commerciaux dans la Méditerranée occidentale, rapporté par
Polybe (205-125 av. J.-C.). La zone sous l'influence directe de Carthage, face à la
mer Tyrrhénienne et aux colonies grecques d'Italie du Sud, est la Sardaigne,
considérée juridiquement au même titre que la mère patrie africaine : « ceux qui
viennent faire du commerce ne concluent aucune transaction en Libye et en
Sardaigne si ce n’est pas devant un héraut ou un greffier [carthaginois] et tous les
contrats passés en leur présence soient garantis au vendeur par la foi publique »
(Polybe, Histoires, III, 322). Chez Polybe, toute la région qui, pendant « la guerre
des Mercenaires » (241-237 av. J.-C.), se trouvait sous l'autorité de Carthage était
couverte par le toponyme Λιβύη, y compris les cités (Polybe, Histoires I, 65-87). Le
traité de 348 av. J.-C. reprend les termes de celui de 509 dans le but d'imposer aux
Romains plus de restrictions. Carthage semble être devenue soucieuse de se mettre
à l'abri de toute ambition expansionniste de Rome après les conquêtes de cette
dernière dans le Latium. Les Puniques ne demandent pas seulement des garanties
pour protéger leurs intérêts commerciaux maritimes, mais aussi imposent que : « en
Sardaigne et en Libye aucun Romain ne fera du commerce ni ne fondera de ville ».
La Sardaigne est assimilée à la Libye. Dans sa peroratio, Cicéron définit les habitants
de la « provincia Sardinia » de la sorte : A Poenis admixto Afrorum genere Sardi :
non deducti in Sardiniam atque ibi costituiti, sed amandati et repudiati coloni « des
Afri mêlés aux Poeni descendent les Sardes, arrivés en Sardaigne non comme colons
partis pour s'installer là-bas mais comme des colons chassés de leurs terres d'origine
par mépris » (Cicéron, Pro Scauro 42). En gardant la distinction entre Afri et Poeni,
Cicéron semble faire référence à un passé pas trop lointain. Il a recours - non
seulement pour des raisons formelles - à l'histoire pour expliquer la contemporanéité,
à savoir le caractère et l'attitude des individus qui accusent un fonctionnaire romain.
Cette distinction ne semble plus actuelle à l'heure où Cicéron écrit : les Afri, censés
être une émanation de l'Africa romana comme réalité administrative conventionnelle
héritière de celle punique, apparaissent plutôt à côté des Poeni comme un peuple. Au
fait, un Afer peut « préférer » se faire appeler d'un autre nom, celui de Sardus: Etenim
testis non modo Afer aut Sardus sane, si ita se isti malunt nominari, sed quivis etim
elegantior ac religiosior impelli, deterreri, fingi, flecti potest « en réalité, un témoin
- et je ne suis pas en train de dire 'juste s'il est Afer ou Sardus ', si ce dernier est le
nom qu'ils préfèrent se donner -, mais quiconque, même plus raffiné et probe, peut
être contraint de dire des choses et à en taire d'autres, bref, à simuler et à perdre en
dignité » (Cicéron, pro Scauro 15). A l’époque de Cicéron, le terme Africa, dans son

16
La Sardaigne libyco-berbère dans les sources gréco-latines et arabes

acception restreinte, était utilisée comme dénomination administrative pour


désigner, après 146 av. J.-C, la province instituée qui, depuis 40-39 av. J.-C, avait
englobé le territoire de la Numidie cent ans auparavant, administré sous le nom de
Africa Nova. Cicéron nous donne une identité sociologique des descendants des Afri
et des Poeni qui accusent Scaurus, en précisant qu'ils avaient été « chassés » en
Sardaigne comme colons pour autrui. Cette information est présente aussi chez le
périégète grec de l’époque impériale Pausanias (Ier siècle ap. J.-C.) (Description de
la Grèce, X, 17-18). En effet, ce dernier affirme que « des tribus sardes se réfugièrent
dans le centre montagneux à l’époque de la conquête carthaginoise et les carthaginois
furent contraints à faire cultiver les champs de blé par des colons emportés de
Libye ».
3. La fréquentation de la Sardaigne, à travers les migrations, les conquêtes et les
déportations de masse par des peuples considérés comme « autochtones » d’Afrique
du Nord, est présupposée, dans les récits savants comme dans les contes populaires,
comme une constante dès l’une des périodes les plus remarquablement anciennes de
la Préhistoire. Les récits mythiques concernant la Sardaigne nous sont parvenus à
travers la tradition littéraire historiographique gréco-latine. Cette dernière brosse le
portrait d’un monde légendaire et lointain. Ce portrait est dû à la reconstruction d’un
passé interprété en fonction des évènements contemporains des auteurs. Bien qu’on
estime que l’élaboration de certains éléments mythographiques concernant l’Afrique
et la Sardaigne remonte au moins au VII- VIe siècle av. J.-C. (Lilliu, 1992 : 20), les
traditions écrites ont été établies en grande partie entre le Ier siècle av. J.-C. et le IIe
après J.-C., c’est-à-dire en pleine apogée romaine. Le fil rouge des événements
racontés est un continuum de conquêtes et de déportations qui font suite au premier
peuplement de l’île, à la tête duquel il y avait un héros. A la base du mythe, il y a
l’idéologie, de matrice essentiellement hellénique, qui met l’accent sur la suprématie
de la civilisation apportée par le héros étranger sur la barbarie locale. Les sources
étant diverses et éparpillées, en grande partie fragmentaires, le seul récit exhaustif et
organique est celui du périégète d’âge impérial Pausanias. Dans sa « Description de
la Grèce », il trouve l’occasion d’une digression sur la Sardaigne qui occupe un
chapitre entier, ayant considéré cela comme nécessaire en raison du manque de
connaissance de l’île auprès des Grecs. Le pathos narratif de Pausanias contient, dans
un portrait mimétique structurellement cohérent, presque toutes les informations que
l’on retrouvera chez des auteurs à lui postérieurs. Y émergent les éléments qui
permettent d’identifier les noyaux de trois traditions différentes : 1) la tradition dite
« gréco-orientale », fixée dans les milieux ioniens autour de Milète, au VIe siècle av.
J.-C. (cf. Bondì, 1980 : 30; Nicosia, 1989 : 450) ; 2) la « tradition athénienne » (Ve
siècle av. J.-C.), qui se caractérise par des interventions conçues afin de modifier la
tradition précédente dans un sens utile aux intérêts économiques et politiques
athéniens et carthaginois, en vertu des très bons rapports entretenus à l'époque entre
Athènes et Carthage ; 3) les « traditions sicéliotes » (fin du IVe siècle et milieu du
Ve siècle), qui rendent compte du fait que ces rapports d’équilibre se détériorent et
entrent en conflit (cf. Perra, 1988 : 66). Le « forgeron hellénique » fait retentir alors
fort son poids idéologique sur la vision d’une Sardaigne en fonction exclusive des

17
Valeria Argiolas

rapports et des intérêts grecs dans la Méditerranée occidentale.


Une origine « africaine » des ancêtres des Sardes est codifiée parmi les mythes
fondateurs. Salluste (Ier siècle av. J.-C.) et Pausanias rapportent qu’une population
arrivant d’Afrique du Nord s’était installée dans les régions méridionales de l’île,
guidée par un héros fondateur divinisé sous l'éponyme de Σαρδώ. D’après ce récit,
Σαρδώ, fils d’Hercule était appelé Makéris « par les Egyptiens et par les Libyens »
et fut le premier à occuper la terre de Sardaigne.
Sarde, fils d’Hercule, parti de la Libye vers la Sardaigne, (...) donna à l’île son nom
(et appela l’île à partir de son nom) [Salluste : fragm. 4]
Ce texte - qui nous est parvenu à l'état de fragment - l'était probablement déjà pour
les auteurs postérieurs. Silius Italicus est l'un de ces écrivains qui, à la suite de
l'héritage de l'œuvre de Salluste, aura l'occasion, au Ier siècle av. J.-C., dans l'un de
ces poèmes épiques (XII, 355), de relater cette information. Pausanias (X) la
rapportera en forme de chronique :
On dit que les premiers qui sont passés dans l’île avec leurs navires étaient les
Libyens, et que leur chef était Sarde de Makéris, fils d’Hercule.
Il est explicitement mentionné par Pausanias (X) que Timée (350-260 av. J.-C.), qui
écrivait de la Sicile à l'époque où la Sardaigne était encore sous l’administration de
Carthage, était la source de ses réflexions. Timée était considéré par Polybe comme
« méprisable parce que mauvais historiographe », notamment pour les « prétendues
connaissances de la Libye et de la Sardaigne que ses textes vantaient » (Polybe,
Histoires, (Polybe, Histoires, 73, XII, 4).
Timée a exercé une fascination et une influence extraordinaire sur les auteurs
anciens. Il semble, néanmoins, que pour certaines expressions figées, le périégète ait
eu recours directement à Salluste. Un recours direct aux mêmes sources de Salluste
(Ennius ou Caton) demeure plausible. (Bondì, 1987 : 32 ; Perra, 1988 :33).
Ιχνούσσα est le nom utilisé, durant le VIe siècle av. J. -C., par les premiers
géographes grecs pour indiquer la Sardaigne. L’occasion de parler de la Sardaigne
s’est présentée à Pausanias (IV) alors qu’il était occupé à décrire les offrandes des
peuples au sanctuaire de Delphes : ... une (statue) de bronze du Père Sardò, était
l’offrande au sanctuaire de la part de ces barbares d'occident qui habitent la
Sardaigne [tra. Perra, 1988 : 33]
La dénomination plus ancienne, Σαρδώ, semble s’être affirmée dans le milieu grec
postérieurement et ce, en conséquence des contacts plus directs entre les Grecs et les
habitants de Sardaigne (cf. Perra, 1988 : 56). Une dénomination sur base
onomastique Š(a)rdn- est attestée dans des documents qui remontent à des moments
nettement antérieurs au VIe siècle. En Égypte, entre le XVIe et le XIIIe siècle
av. J. -C., il y a mention d’un peuple appelé Šerdani ; et il paraît que ces Šrdnzw
(Srdynau) ont été frontaliers de l’Égypte et de la Libye, sous le règne d’Osorkon II
(870-847 av. J.-C.) (Scandone-Matthiae, 1989 : 70). Dans l’inscription phénicienne

18
La Sardaigne libyco-berbère dans les sources gréco-latines et arabes

de Nora (daté normalement du IX-VIIIe siècle av. J.-C.) (Guzzo-Amadasi, 1976 :88),
il y a mention de l’île en tant que Šrdn, selon l'interprétation la plus accréditée chez
les épigraphistes. La tradition de cette origine mythique des ancêtres des Sardes et
de l’appellation même de Sardaigne sera reprise sans additions significatives pendant
les siècles suivants par Soline (IIIe siècle ap. J.-C.) qui fait explicitement référence à
Timée et Salluste, et par Isidore (IVe siècle ap. J.-C.).
Les historiens s’accordent pour identifier le Σαρδώ de Pausanias avec le Sardus Pater
dont la monnaie romaine portait l’effigie (cf. Moscati, 1988 : 54 ; Mastino,
1992 :34), et dont témoignent les ex-voto et les inscriptions bilingues punico-latines
du temple d’Antas, dans la Sardaigne sud-occidentale, d’époque phénico-punique
(V-IVe siècle av. J.-C.) et romaine (Ier siècle ap. J.-C.). Dans le récit de Pausanias
(X), après un certain temps, des Λίβυες « passèrent encore une fois » en Sardaigne.
La flotte des Libyens ne chassa pas les indigènes ; au contraire, ces derniers les
accueillirent plus à cause de leur supériorité que pour bienveillance. (...). Ensuite,
plusieurs migrations auraient eu lieu de la Grèce, d’Ibérie et d’Asie Mineure (...).
Les Grecs dans le nord et les Africains installés au sud, les deux parties étaient en
situation d’équilibre ; les deux populations étaient séparées par le fleuve Tyrse.
Enfin, après plusieurs années, les Libyens passèrent encore une fois en Sardaigne en
plus grand nombre, et commencèrent une guerre contre les Grecs. Les Grecs furent
entièrement anéantis, ou bien très peu d’entre eux restèrent dans l’île : les Troyens
se réfugièrent dans les endroits montagneux et gardent le nom des Ilienses bien qu’ils
ressemblent aux Libyens physiquement, pour l’armure et pour leurs us et coutumes.
[trad. Perra, 1988 : 33]
La réverbération d’un impact quelque peu brutal avec des populations d’Afrique du
Nord, arrivées au centre-nord de la Sardaigne dans une période antérieure à la
conquête punique du sud de l’île, ne survit-elle pas dans la célébration d’un rite au
cœur de la Barbagia la plus archaïque ? Le souvenir d’une débâcle de guerre serait
évoqué lors d’une représentation rituelle, dans une sorte de cérémonie très vivace
dans l'imaginaire et dans la pratique socialisante collective. Deux masques
s'opposent en défilant solennellement à travers les rues du village barbaricien de
Mamoiada, les Mamuthones et les Issohadores. Les premiers avec un masque de
douleur en bois et déguisés en bœufs, sont « domptés » par les Issohadores, les
lancers de lazzi, qui les entourent au pas rythmique d’une marche, et qui, en les
fustigeant, les obligent à serrer les rangs. D'après l'interprétation classique de
l’anthropologue Marchi (1956 : 1356), ce rituel évoque l'événement de l’arrêt de
l'avancée des sos Moros [les Arabo-musulmans] en Sardaigne. Selon
l’anthropologue Turchi (communication personnelle), il faudrait y voir plutôt la
spécificité d'une influence méditerranéenne égéo-orientale et balkanique, plus
spécifiquement dionysiaque, en relation avec des rites de fécondité agraire qui
remonteraient au Néolithique. Certains éléments peuvent, toutefois, se prêter à une
interprétation allégorique, là où au rite ancestral, plus profond, se serait superposé
un fait de guerre, et plus précisément la mémoire d’une conquête des populations
autochtones par « l’étranger ». L’intégration consécutive à la conquête aurait fait en

19
Valeria Argiolas

sorte que cet événement soit « lu » comme si l’envahisseur venait vraiment de


l’extérieur (de la mer). Selon la théorie de Marchi, les soumis, en effet, devraient être
les envahisseurs « Maures ». Mais les Mamuthones « soumis » portent la mastruca,
une veste traditionnelle en cuir retourné que les auteurs classiques attribuaient déjà
aux autochtones sardes (cf. Cicéron Pro Scauro 86). Les vainqueurs seraient, par
contre, caractérisés par une somptueuse et rouge « veste de Turc ». Cette
dénomination peut être aussi un élément important dans la mesure où on la considère
comme révélatrice d’une origine allogène des vainqueurs et elle établit un
parallélisme entre les Mauri historiques et sos Moros présents dans l’imaginaire
collectif. Marchi avait pu soutenir que sos Moros (< cast. los Moros) en Sardaigne
étaient perçus en tant que menace contre l’ordre politico-social. L’expression sos
Moros rend compte de l'intériorisation d'une tradition espagnole dans la construction
idéologique d'un fait culturel local. L’identification populaire au niveau de l’idée de
Maures sarrasins, cependant, représente un trait d’union idéal avec l’Afrique du Nord
où le pillage fait fonction de fait social majeur, en vertu duquel l’étranger provient
de la mer. Un pillage des côtes espagnoles, italiennes et sardes sous le drapeau de la
Sublime Porte surtout par le biais des pirates musulmans « de la Berbérie
maghrébine » (Casula, 1980 : 23).
La référence de Pausanias aux mœurs libyennes n’est pas isolée dans la littérature
classique, Varron (116 av. J.-C- 27 av. J.-C.) nous en parle en quelques détails (De
re rustica II) :
« [...] Certaines populations s’habillent en portant la fourrure de leurs chèvres,
comme, par exemple, en Getulie et en Sardaigne [...] ».
Nicolas de Damas (Ier siècle av. J. -C.) parle des Σαρδώλίβυες (Un recueil des
coutumes, 137, III, 463) : « les Sardolibues n’ont d’autres accessoires que la tasse et
le poignard ».
« S'agit-il d'un peuple nomade d’Afrique ? Attestent-ils une migration libyenne en
Sardaigne ? », se demande Desanges (1962 : 55). Et il rappelle que, sur cette
question, « Gsell est sceptique. Au contraire, Dussaud croit à une ancienne
migration, les Shardanes étant à l'origine libyens ». Selon Zucca (1980 : 34),
l’ancienne tribu des Ilienses se serait contentée d’occuper le centre montagneux de
l'île en conséquence d'une attaque de Libyens en Sardaigne d'avant l'arrivée des
Carthaginois. L’occasion pour « dépasser le fleuve », et conquérir le reste de l’île,
dont nous parlent les sources classiques, pourrait s'être présentée aux Libyens en
rapport à la politique expansionniste carthaginoise dans la Méditerranée. On a la
certitude que les Puniques avaient le contrôle de l’île d'après le traité de 509 av. J.-
C. avec les Romains, mais la première information d’une campagne militaire
carthaginoise en Sardaigne est relative à la défaite du général Malco - dont une date
comprise entre 545 et 534 av. J.-C., a été proposée par Meloni (1987 : 56). Il y a des
éléments pour penser que les événements qui ont poussé « les Libyens » de
Pausanias à conquérir le reste de l'île soient à mettre en relation avec la « bataille
d'Alalia », à savoir avec « la bataille de la mer sardonienne » des Anciens (Hérodote,

20
La Sardaigne libyco-berbère dans les sources gréco-latines et arabes

I, 166 mais aussi Thucydide, I, 13, 6, Antiochos cité par Strabon, VI, 1, 1, Justin,
XVIII, 7, 1 et XLIII, 5, 2). A une date comprise entre 541 et 535 av. J.-C, les
Carthaginois et les Étrusques entrent en guerre contre les Grecs Phocéens qui avaient
cherché à fonder la colonie d'Alalia en Corse : les Grecs sont obligés de fuir. La
bataille d’Alalia mettra fin à la politique expansionniste grecque et établira la
répartition de la Méditerranée occidentale entre les alliés Carthaginois et Étrusques,
auxquels iront, respectivement, le contrôle de la Sardaigne et de la Corse. Une
intervention carthaginoise de défense des colonies phéniciennes de l'île sarde étant
désormais exclue (cf. Bartoloni, 1987 : 70), ce massacre de Grecs (ou de leurs alliés
en Sardaigne) dont nous parle Pausanias, en conséquence de l’avancée des Libyens,
peut avoir un sens politique en relation aux événements de la Bataille d’Alalia.
Même si on n’en a pas trouvé de traces concrètes, l'hypothèse d’une ancienne
présence grecque en Sardaigne a été prise en considération par les historiens. Compte
tenu des données de la toponymie (cf. Hubschmid, 1953 : 45) et surtout des résultats
les plus récents de la recherche paléoanthropologique (Cavalli Sforza, 1988 : 34),
« il n'est guère possible de penser que la Sardaigne ait été exclue du mouvement
commercial grec et des Ions de Phocée et d’Alalia en particulier. Des recherches
ultérieures pourront jeter une lumière plus claire, mais il est certain que désormais
on ne peut plus rejeter l'hypothèse que la même Olbia de Sardaigne ait connue, même
pour une période brève, une présence grecque. Il semble pourtant vraisemblable que
la tradition littéraire rend compte d'événements historiques quand elle parle d'un
déplacement de colons grecs [...] » (Meloni, 1975 : 65). Comme l'a dit Gras (1995 :
23), « à côté de la Méditerranée du silence, telle que l’évoquait Hérodote à propos
du commerce sur les côtes africaines, apparaît ainsi progressivement, au cours de
l’Antiquité, une Méditerranée de cris de guerre qui retentissent de plus en plus
souvent. C’est ce cri (alalé) qui donne le nom à la cité phocéenne d’Alalia, signe
d’un nom forgé après coup, au moment où les Phocéens quittent la Corse ».
Le rite de l’incubation, dont nous parle Aristote (384 av. J.-C.- 322 av. J.-C), dans
un passage devenu célèbre sur la relativité de la conception du temps :
« Le temps n’existe plus pour les Sardes qui s’endorment près des sépultures à leurs
héros » (Physica, IV, 11), se prête à être rapproché aux rites des anciens peuples
nord-africains. Hérodote (IV) rapporte que les « Libyens Nasamones » allaient pour
la divination dans les sépulcres des ancêtres, ils s’y recueillaient en prière et puis
s’endormaient : les visions eues pendant leur sommeil étaient à eux des présages ».
Selon Pomponius Mela, qui écrivait dans l'année 43 ap. J.-C., les Augiles de la
Cyrénaïque méridionale s’endormaient à côté des tombes de leurs ancêtres (Géogr.
I, 53). La même tradition est attestée chez les « Mégabares » nord-africains par
Diodore de Sicile (Ier siècle av. J.-C.) (Hist. Univ. XVII, 22-53) et Strabon (60 av.
J.-C. - 24 ap. J.-C.) (Géo. XVII, 787). Bien que l'incubation se retrouve aussi chez
les Grecs, la spécificité et la continuité historique de ce genre de pratique rituelle en
Afrique du Nord est un trait permanent depuis la préhistoire jusqu’aux temps
modernes chez les populations berbérophones (cf. Camps, 1997 : 252).
Procope de Césarée nous a transmis la notice de la déportation en Sardaigne d’une

21
Valeria Argiolas

population « rebelle » d’Afrique du Nord appelée Мαυροΰσιοι pendant la


domination des Vandales (La guerre contre les Vandales, II, 13). Dans les sources
grecques de l'époque romaine, Мαυροΰσιοι devient le correspondant de Λίβυες dans
l'acception moins généralisée de Mauri des sources latines.
« (...) parallèlement, il [Salomon] constitua, sous la direction de généraux, une autre
armée et une flotte pour lutter contre les Maures établis en Sardaigne. Cette île (...),
elle a été opprimée par les Maures qui y vivaient. Jadis, en effet les Vandales, que la
colère animait contre ces barbares, avaient envoyé un petit nombre d'entre eux, avec
leurs femmes, en Sardaigne et les y avaient mis en résidence surveillée. Au fil des
temps, ces Maures occupèrent les montagnes situées dans les environs de Karanalis
et ils commencèrent par s'y livrer à des brigandages clandestins à l'encontre des gens
des alentours. Par la suite, quand ils furent au moins 3000, ils s'adonnèrent à des
incursions à visage découvert et, sans songer le moins du monde à se cacher, pillèrent
toutes les campagnes de la région, ce qui leur valut de la part des gens du cru le nom
de Barbariciens. » (trad. Roques, 1990 : 45).
Les tribus autochtones du nord de l’Afrique déportées par les Vandales en Sardaigne
sont-elles reconnaissables dans les Barbariciens des centres montagnards de la terre
de Barbagia ou dans les habitants d’une zone modérément montagneuse à l’est de
l’ancienne Kar(an)alis (Cagliari), le Sulcis, appelés en sarde.
Maureḍḍos/Maureḍḍinos ? Si Pais (1923) semble déduire du passage de Procope
que « les Maures envoyés par les Vandales en Sardaigne cherchèrent refuge dans les
montagnes et se mêlèrent aux indigènes qui étaient nommés, depuis l’époque
d’Auguste, barbares », Boscolo (1980 : 56) affirme : « on ne peut pas dire dans
quelle zone montagneuse ils se réfugièrent ; plus que dans le Sulcis, on peut estimer
qu’ils s’étaient réfugiés dans la Barbagia actuelle » du fait que les Maourouses, qui
s’étaient brouillés avec les Byzantins, les nouveaux conquérants de l’île, pouvaient
trouver meilleur accueil et appui dans les zones montagneuses et inaccessibles du
centre de l’île ». Procope (La guerre des Vandales II, 13) n’hésite pas à rapprocher
les Maourouses aux populations sardes qui habitent les endroits montagneux de
l'actuelle Barbagia. Chez Procope il y a référence aux faits suivants : 1) des Maures
étaient appelés par les Byzantins par un ethnique dérivé du mot « barbare » en
Sardaigne ; 2) les Maurouses n'étaient probablement pas les seuls « barbares »
d'Afrique en Sardaigne. Le présupposé sous-jacent aux affirmations de Procope est
qu’en Sardaigne il y avait déjà des populations assimilables (ethniquement, voire
socialement) aux Maurouses d’Afrique. S'il l’a fait en référence au fait que ces
populations avaient en commun l’habitude de se livrer au brigandage, comme le
soutient Meloni (1989 : 45) : « les Sardes auraient nommé ces Maures de
Barbariciens peut-être puisqu’ils les assimilaient, pour leurs actions, aux habitants
du centre montagneux, la Barbagia »), il n’en est pas moins que Pausanias et toute
une tradition avaient déjà documenté pour des Sardes de l’Antiquité de Sardaigne
des « mœurs africaines et/ou africanisées ».
4. La question de la disparition des Maures des sources byzantines, où ils
commencent à devenir rares au VIe siècle, au profit des Barbar des sources arabes,
qui n’apparaîtront qu’au cours du IXe siècle, a été posée récemment par Modéran

22
La Sardaigne libyco-berbère dans les sources gréco-latines et arabes

(2003 : 34), mais elle a intéressé plusieurs historiens et anthropologues dans le passé.
Camps (1955 : 77) a proposé de voir dans le nom Barbar l’ancien ethnique
autochtone « Bavares ». L’objection de Modéran (2003 : 44) est que les Arabes les
auraient rencontrés, sur leur chemin de conquête du nord de l’Afrique, beaucoup plus
tard par rapport à l’année 642 ap. J.-C., année où « le vainqueur de l’Egypte, Amr b.
al As faisait vraisemblablement son entrée dans le monde berbérophone en
rencontrant, à l'intérieur de la Cyrénaique, les Lawâta » (Modéran, 2003 : 34).
Rouighi (2011 : 69) émet une hypothèse. Dans les sources grecques (Périple de la
mer Érythrée - Ier siècle), Barbar désigne les habitants d’une région de l’Égypte à
proximité de la mer Rouge qui prend le nom de « mer barbar » chez Ptolémée (90
ap. J.-C. - 168 ap. J.-C.). Les habitants de cette région de l’Afrique de l’est étaient
connus par les Arabes préislamiques. Le poète Imru’ al-Qays (VIe siècle), parmi
d’autres, parlerait de ces Barbar dans un poème cité par Ibn Khaldūn dans la
Muqaddimah. Notre contribution au débat sur la désignation des « barbares »
d’Afrique se base sur un parallélisme avec la Sardaigne antique et médiévale. Il nous
semble, toutefois, préalable de poser la question de l’identification des Mauri - terme
généralisé au IVe siècle ap. J- C.- aux Barbar. Est-il toujours admis par les historiens
qu’« en fait les Berbères des Arabes sont les Maures des Romains » (Camps, 1996 :
45) ? Ou les Arabes ont appliqué leurs critères de classement des peuples sur la base
ethnique (les généalogies) et tribale selon leur propre tradition d'historiens ? Comme
souligné par Modéran (2003 : 89), la première occurrence sûre du mot Barbar devait
se trouver dans l'œuvre d'Ibn al-Kalbī (VIIIe siècle), puisqu’Ibn Khaldūn rapporte
qu'il distinguait les Kutāmā et les Sanhādja des « tribus berbères ». Le silence des
auteurs latins sur les généalogies tribales ou sur un ancêtre éponyme (d’influence
grecque ou arabe) est, d’après Modéran, « assez troublant ». Il se demande : « ne
disaient-ils rien des généalogies tribales parce qu’elles ne correspondaient
simplement pas à leur conception plus territoriale de la définition d’une communauté
humaine ? ». En Ifrîqiŷa, les Arabes ont distingué plusieurs éléments : les Rūm, les
‘Afāriq et les Barbar. Schirmer (1892 :72) a été le premier à proposer une étymologie
latine (˂ lat. Barbari) de l’ethnonyme arabe Barbar. L'acception d’un Autre
« dépourvu d’éducation » de la forme grecque βάρϐαρος, aurait été historiquement
assimilée par la culture romaine et, bien qu’avec une distance critique, par le
Christianisme, à travers Augustin d'Hippone (ep. 199). Ce dernier définit comme
barbarae gentes les tribus maures non évangélisées mais l'évangélisation n'était pas
toujours un trait discriminant (cf. Gebbia, 1986 : 115). Le sens de « l’exclusion »
propre au grec βάρϐαρος semble absent dans le correspondant latin BARBARI. Le
modèle culturel d’assimilation de Rome conquérante est à la fois intégrationniste
(dans les institutions) et culturaliste (dans la « tolérance » envers les cultes étrangers
et la coutume des peuples). Il innovait par rapport au modèle grec, où le « barbare »
restait en dehors de la πόλις et devait être tenu à distance. Comme le rappelle Sini
(2006 : 78), « nell’intero arco del suo sviluppo storico dalla civitas all’impero, la
res publica romana – e la sua religione politeista - è sempre stata caratterizzata
dalla continua esigenza (e preoccupazione) di integrare l’“alieno” : dèi, uomini,
spazi terrestri; divinità dei vicini e divinità dei nemici, cerchi concetrici sempre più

23
Valeria Argiolas

larghi, che potenzialmente abbracciavano l’intero spazio terrestre e tutto il genere


umano. »
La racine quadrilitère arabe BRBR, selon les grammairiens arabes d’origine
étrangère ou onomatopéique, qui signifie « bredouiller », rappelle ce que dit Strabon
des « barbares » en se prêtant, probablement, à être encadré au sein de la question
des sources byzantines chez les Arabes. Le trait commun aux Rūm et aux ‘Afāriq
était l'usage de la langue latine. Les Barbar sont traditionnellement considérés par
les historiens modernes en dehors de la civilisation latine d'Ifrîqiŷa. Mais plus que la
caractérisation socio-culturelle (l’organisation en tribus, petits royaumes ou petits
groupes) et l'appartenance religieuse (des tribus « barbares » étaient répertoriées par
les historiens arabes comme chrétiennes), c'était la langue berbère qui est retenue
comme la marque d'un peuple par ces mêmes historiens.
Camps (1995) met en évidence la rareté du mot « barbare » dans les inscriptions
officielles d’Afrique, tout en signalant C.I.L VIII, 18219 (˂GENTILLIBUS
BARBARIS˃) et C.I.L. VIII, 20827, région d’Aumale (˂BARBAROS CESOS AC
FUSOS˃). Phonétiquement, on fait dériver ar. Rūm de lat. RŌMA, ar. ‘Afāriq de lat.
ĀFRICA. Rūm avait acquis le sens, pour les Arabes, de « Byzantins parlant latin »,
par ce terme étaient désignés les « fonctionnaires » d’Ifrîqiŷa héritiers de
l'administration romaine, « ces Grecs devenus représentants de la romanité »
(Desanges, 1999 : 45). Les 'Afāriq étaient les autres héritiers de l'Africa romana,
probablement, en grande partie, des « indigènes » latinisés.
C'est probablement aux Byzantins que nous devons remonter et faire référence quand
nous enquêtons sur les sources de l'ar. Barbar. Si Corippe désigne les Maures en
général par gens comme par le pluriel gentes, les « Africains non romanisés » n'ont
pas de statut ethnique durant les siècles de l'Empire romain, mais ils sont désignés
sous leurs noms particuliers : « chaque gens a son nom répertorié par les géographes
et parfaitement connu de l'administration impériale » (Camps, 1995). Quand on
voulait employer un terme collectif, on utilisait les appellations de Numidae, de
Getuli et surtout de Mauri (cf. Camps, 1995 ; Múrcia Sànchez, 2010). Comme le
souligne Hamdoune (1998 : 3045-3052), « on trouve le mot natio dans Pline
(Histoire Naturelle, V, 30), pour qualifier les peuples de l’Afrique proconsulaire et
dans quelques inscriptions (C.I.L. VIII, 22729 ; V, 5267 A.E.1903,368 ) ». D’après
Hamdoune (1998 : 3045-3052), « ce sont les inscriptions et les textes d’époque
impériale qui permettent d’identifier un grand nombre de peuples de l’Afrique
ancienne. Il faut attendre les écrits de Pline (Histoire Naturelle, V, 17, 21 et 30) et
de Ptolémée (Géographie, IV, 1 à 3) pour avoir des informations plus précises sur la
réalité des gentes » (voir aussi Desanges, 1962). Dans les sources grecques et latines
tardives, dans Procope et Corippe, il n’y aurait pas mention d’une parenté commune
comme facteur unitaire d’une gens (cf. Modéran, 2003 : 33). Cependant, le syntagme
« Μαυρούσιον έθνη » est attesté chez Procope (La guerre contre les Vandales, II,
13, 28). Au VIe siècle l’utilisation du syntagme « Μαυρούσιον έθνη » est-il le reflet,
dans un registre littéraire, d’une dénomination populaire déjà en usage ? Procope
cite aussi des « Barbares Maures » au voisinage de Boréion, en Cyrénaïque (VI, 2,

24
La Sardaigne libyco-berbère dans les sources gréco-latines et arabes

21). Selon Modéran (2003 : 33), l’opposition entre gens et civis chez Corippe (La
Johannide, chant IV, VI, VIII) est significative des termes culturels qui opposaient
Maures et Romains en guerre : « elle exprime véritablement la vision corippéenne
des rapports byzantino-berbères au VIe siècle, qui a toutes les chances, étant donné
la nature et le public du poème, d’être aussi la vision officielle de l’Empire ».
Cependant, comme mis en évidence par Gaudemet (1992 : 45), « le concept même
de civitas dans les siècles IV et V est privé de son aura au profit de celui de populus ».
La civitas romana, susceptible d’être définie en tant qu’ensemble d’hommes libres
qui décident sans contrainte de former une communauté politico-religieuse organisée
(cf. Cicéron De legibus 1.23) perd son « essence juridique » (Gaudemet, 1992 : 24)
à partir de la constitutio antoniniana (212 ap. J.-C.). Si, par rapport à Rome et à son
histoire, le terme civitas finit par avoir une vêture fiscale et juridique, dès la
constitutio antoniniana, la citoyenneté étant attribuée à tous les habitants libres de
l'empire, le terme civitas désigne un centre habité. Un rapprochement syntagmatique
entre l’ensemble de cives, civitas, et le fait « barbare » - Civitatates Barbariae - est
attesté en Sardaigne. Le premier document latin, dans lequel apparaît l'expression
Civitatates Barbariae, est une épigraphe dédicatoire du siècle Ier av. J.-C. Elle est
considérée comme une sorte de document de pacification forcée des populations de
la Sardaigne centrale sous l’empereur Tibère. Les sources relatives aux Civitates
Barbariae ne remontant pas au-delà de l'âge tibérien, « on doit croire, avec Ettore
Pais, que c'est depuis le principat augustinien que les autochtones de la Sardaigne
centrale n'étaient plus appelés Ilienses ou Iolaei parce qu’appelés par le péjoratif «
barbares » (Zucca, 1989 : 56). Le terme civitas désignait, durant l'âge impérial,
l'ensemble des cives, en devenant ainsi le synonyme de populus, voire d'un concept
qui véhiculait en latin l'idée de différentes tribus qui partageaient une même affinité
ethnique (cf. Irmscher, 1994 : 88). Selon Irmscher (1990: 297), “bezeichnete der
Grieche Claudian, den man den letzen großen lateinischen Dichter genannt hat den
Mauren Gildo als barbarus und sprach von dessen Aushungerungspolitik
gegenhuber Rom, er wage zwischen Leben und Hunger mit berberischem Hochmut:
praebere cibos vitamque famemque librat barbarico fastu. Das war so in der Zeit
des Kirchenvaters Augustin. In die Epoche Justinians aber gehört der Epiker
Corippus der selbst aus Afrika geburtig, in seinem Lob freis des kaiserlichen Feldern
Johannes die Turbe Maurorum Barbarisch nennt”.
En Afrique, « les interventions du pouvoir impérial romain, directes ou indirectes,
ont pour effet d’affaiblir les cadres tribaux et d’accélérer un processus
d’acculturation individuel ou collectif. Des gentes tendent à s’organiser en civitates.
Cette évolution se traduit par un changement de vocabulaire : les gentiles forment
désormais un populus et sont dirigés par des principes civitatis » (Kotula, 1985 :
210). Civitatates Barbariae est attesté en Sardaigne pour une période où civitates
avait la connotation de « peuple » et pas celle de « centre habité », d’après l’étude
de Irmscher (1994 : 137). C’est dans le contexte des civitates barbariae que doit être
interprété l’ethnique sarde « Barbariciens » attesté chez Procope (La guerre contre
les Vandales II, XII, 39-45).

25
Valeria Argiolas

Les habitants de Sardaigne étaient considérés comme « Qawm min al-Ifrānğ [Peuple
du Pays des Francs] » par an-Nuwayrī (1268-332 ap. J.-C.) (Hist. du Maghreb) et
explicitement de la même « race » des Berbères par Ibn Khaldūn (1332-1406 ap. J.-
C.) (Hist. des Berbères). Pour l’historien arabe al-Idrīsī (1100-1165 ap. J.-C.) (4),
« ...Wa ahl ğazirat Sardāniya fī al asl Rūm Afāriqa mutabarbirūn mutawaḥišūn min
ağnās ar-Rūm wa hum ahl nağida wa ḥazm lā yufariqūn assilāḥ » [...(et) les
habitants de l’île de Sardaigne sont des Rūm Afāriq « mutabarbirūn », de la même
origine des Romains, (et) ils sont un peuple brave et qui ne se sépare jamais des
armes] ». Selon Contu (2003 : 540), « le participe « mutabarbirūn », qu’Idrīsī utilise
en référence à tous les habitants de Sardaigne, se prêterait à être traduit par « ils
devenaient des barbares », si la source de l’historien arabe était Timée ou Dédore,
ou « Barbariciens », si la référence était le nom couramment utilisé par les Byzantins
en tant que terme ethnique pour la Sardaigne centrale dès les siècles V-VI ap. J.-C.
Pendant les siècles V-VI ap. J.-C., « Barbariciens » devenait le nom couramment
utilisé par les Byzantins afin de distinguer les habitants de la BARBARIA de
Sardaigne (˃ sard. Barbagia) de ceux provenant des aires latinisées, appelées ainsi
RȎMĀNIA (˃ sard. Romangia). Le terme Romania est attesté dans les textes latins
à partir des années 330-340 ap. J.-C, le terme étant toujours employé par opposition
aux « barbares extérieurs » (cf. Inglebert, 2005). En réalité, l’ambiguïté à laquelle se
prête, dans le texte supra, le mot « mutabarbirūn » est celle entre « barbares » et
« Berbères », une ambiguïté entièrement due à la traduction dans des langues de
travail qui connaissent et le mot « barbares » et le mot « Berbères ». Il n'en est pas
ainsi en arabe classique, qui connaît le seul Barbar dans le sens de l'ethnonyme
« Berbère ». La structure syntagmatique de civitates barbariae et de Μαυρούσιον
έθνη chez Procope répond, en partie, à la question historique concernant la
connotation du lat. BARBARI dans la langue des Byzantins en Afrique et en
Sardaigne qui doivent être considérés comme les sources des Arabes.
5. Les sources classiques révèlent une conscience historique et littéraire de la
présence en Sardaigne des populations autochtones du nord de l’Afrique appelées
Libyens, Maures, Maourouses et Afri (chez Cicéron). Les sources arabes confirment
l’existence d’un espace libyco-berbère en dehors de l’Afrique en relation au fait
« barbare » en Sardaigne. Il est possible de poser un parallèle entre des « barbares »
de Sardaigne reconnus d’origine « africaine » non punique et les « barbares »
d’Afrique chez les Romains, les Byzantins et les Arabes, les Civitates Barbariae
étant documentées dans ce même espace libyco-berbère en dehors de l'Afrique des
sources classiques, la Sardaigne antique et tardo-antique.

Bibliographie
Les sources classiques
Aristote, (2005), Œuvres. Éthiques, Politique, Rhétorique, Poétique, Métaphysique
Collection Bibliothèque de la Pléiade, Gallimard, Paris.
Augustin d’Hippone (1968), Corpus scriptorum Augustinianorum, Augustinianum,

26
La Sardaigne libyco-berbère dans les sources gréco-latines et arabes

Rome.
Cicéron, Marcus Tullius Cicero (1827), Œuvres Complètes, édition publiée par Jos.
-Vict. Le Clerc, 3Tomes, Paris.
C.I.L. = Corpus Inscriptionum Latinarum
Corippe, (2007), La Johannide ou Sur les guerres de Libye, Jean Christophe
Didderen (traducteur) et Christian Teurfs (préface et commentaires), Errance, coll.
« Biblioteca », Paris.
Diodore de Sicile, (1972), Bibliothèque Historique, I, Les Belles Lettres, Paris.
Hérodote - Thucydide, (2003), Œuvres complètes, Gallimard, coll. « Pléiade »,
Paris.
Isidore de Séville (1945), Isidorus Hispaniensi, Laboratorios del Norte de Espana,
Barcelona.
M. Iuniani Iustini, (1985), Epitoma historiarum Philippicarum Pompei Trogi
accedunt prologi in Pompeium Trogum post Franciscum Ruehl iterum edidit Otto
Seel, Leizpig, Teubner.
Nicolas de Damas (2011), Histoires, Recueil des coutumes, Vie d’Auguste,
Autobiographie. Traduit par E. Parmentier et F. P. Barone, Les Belles Lettres, Paris.
Pausanias (1987), Description de la Grèce, Traduction Jean Pouilloux, texte établi
par Michel Casevitz, Les Belles Lettres, Paris.
Pline l'Ancien, (2013), Histoire naturelle, Éditée par Stéphane Schmitt, Paris,
Gallimard, coll. « Bibliothèque de la Pléiade »
Polybe (1971), Histoires - Commentaire de M. Molin, Texte établi par Jules Albert
de Foucault, Traduit par Eric Foulon, Les Belles Lettres, Paris.
Pomponius Mela, (1988), Chorographie, texte établi, traduit et annoté par Alain
Silberman, Paris, Les Belles Lettres.
Procope de Cesarée (1990), La Guerre contre les Vandales, trad. et commenté par
Denis Roques, Les Belles Lettres, Paris.
Ptolomée (1828), Traité de géographie (8 livres). - Traduction française de Halma
N., édition Ebherhart, Paris.
Salluste (1865), Oeuvres completes avec la traduction de la collection Panckouke par
C. Dourozoir, Garnier frères, Paris.
Silius Italicus, (1979-1992), La guerre punique, trad., Les Belles Lettres, Paris.
Strabon, (1867), Géographie - trad. Amédée Tardieu, Gallimard, Paris.
Varron, (1997), Économie rurale, trad. J. Heurgon et Ch. Guiraud, Les Belles
Lettres, coll. des Universités de France, Paris.

27
Valeria Argiolas

Les sources arabes

Ibn Khaldūn, (1956), Histoire des Berbères et des dynasties musulmanes de l'Afrique
septentrionale, traduite de l'arabe par de Slane, P. Geuthner, Paris.
Idrīsī (Al- Idrīsī), (1983), Al-Qârat̋ al-ifriqiyyat̋ wa ğazîrat̋ al-Andalus, Al-Ğazâ'ir,
Dîwân al-mat ̣bû'ât al-ğâmi'iyat̋).
Nuwayrī (An-Nuwayrī), (1923-1949), Nihāyaẗ al-arab fi funūn al-adab, Al-Qāhiraẗ,
Dār al-kutub al-miṣ riyyaẗ.

Les études classiques

Bartoloni, P. (1987), « Aspetti precoloniali della colonizzazione fenicia in


Occidente », Rivista di Studi Fenici XVIII, p. 67-79.
Bondi, S. F. (1980), « Nuovi dati sull’espansione fenicia. La costa sud-occidentale
di Cipro », Folia Orientalia, 21, p. 23-34.
Boscolo, A. (1980), Storia della Sardegna antica e moderna, Chiarella, Sassari.
Camps, G. (1997), « Fedj el-Koucha », Encyclopédie berbère, 18, Aix-en-Provence.
Casula F. C. (1980), La storia di Sardegna, C. Delfino, Sassari.
Cavalli Sforza, L. (1988), Gènes, peuples et langues, O. Jacob, Paris.
Desanges, J. (1962), Catalogue des tribus africaines de l’Antiquité à l’ouest du Nil,
Impr. Protat frères, Dakar.
Desanges, J. (1980), Pline l’Ancien, Histoire naturelle, livre V, éd., trad., comm.,
C.U.F, Paris.
Desanges, J. (1999), Toujours Afrique apporte fait nouveau. Scripta minora, éd.
Reddé M., De Boccard, Paris.
Gaudemet, J. (1992), « Les Romains et « les autres », La Nozione di « romano » fra
cittadinanza e universalità, Atti del II seminario internazionale di studi storici « da
Roma alla terza Roma », Università degli Studi di Roma, Documenti e studi 2, 1984,
p.7-37.
Gebbia, C. (1986), « Pueros uendere uel locare. Schiavitu e realtà africana nelle
nuove lettere di S. Agostino », L'Africa romana, Atti del IV convegno di studio,
Sassari, 12-14 dicembre 1986 p. 101-116.
Gras, M. P., Rouillard, P. et Teixidor, J. (1995), L’univers phénicien, B. Arthaud,
Paris.
Guzzo Amadasi, M. G. (1976), Le Iscrizioni fenicie e puniche delle colonie in

28
La Sardaigne libyco-berbère dans les sources gréco-latines et arabes

Occidente, Università di Roma, Istituto di studi del Vicino Oriente, Roma


Hamdoune, C. (1998), « Gens, Gentes, Gentiles », Encyclopédie berbère [En ligne],
20 | 1998, document G28, mis en ligne le 01 juin 2011, consulté le 24 juillet
2020. URL : http://journals.openedition.org/encyclopedieberbere/1903.
Hubschmid, J. (1953), Sardische Studien. Das mediterrane Substrat des Sardischen,
seine Beziehungen zum Berberischen und Baskischen sowie zum eurafricanischen
und hispano-kaukasischen Substrat der romanischen Sprachen, Romanica
Helvetica, 41, Bern.
Inglebert, H. (2005), Histoire de la civilisation romaine, PUF, Paris.
Irmscher, J. (1990), « Das romische Afrika als Barbaria und Romania », L’Africa
romana, Atti del VII Convegno di Studi, 15-17 dicembre 1989, Sassari, p. 295-298.
Irmscher, J. (1994), « Civitas : la storia di una nozione », L’Africa romana, Atti del
X convegno di studi, Oristano, 11-13 dicembre 1992, pp. 135-139.
Klinkenberg J.-M. (1999), Des langues romanes, Louvain-la-Neuve, Duculot.
Kotula, T. (1985), T. Kotula et J. Peyras, « Afri », Encyclopédie berbère, 2 Ad Ağuh-
n-Tahlé, Aix-en-Provence, Edisud, p. 208-215.
Lilliu, G. (1992), « Ancora una riflessione sulle guerre cartaginesi per la conquista
della Sardegna », in RendLinc, s, 9, 3.
Marchi, R. (1956), Le maschere barbaricine, Il ponte, rivista mensile di politica e
letteratura diretta da Piero Calamandrei n° speciale “Sardegna” - anno VII, n° 9-10
Settembre/Ottobre, p. 1354-1361.
Mastino, A. (1992), « Analfabetismo e resistenza alla romanizzazione nella Barbaria
sarda (I-IV secolo d.C.) », Inaugurazione del 430° anno accademico dell'Università
di Sassari, Sassari, p. 21-44.
Meloni, P. (1975), La Sardegna romana, Chiarella, Sassari.
Meloni, P. (1987), La Sardegna e la republica romana, Dalle origini alla fine dell’étà
bizantina. Storia dei Sardi e della Sardegna 1, Jaca Book, Milano
Modéran, Y. (2003), Les Maures et l'Afrique romaine (IVe -VIe siècles), BEFAR,
fasc. 314.
Moscati, S. (1988), L’alba della civilità, Utet, Milano.
Nicosia, F. (1989), La Sardegna nel mondo classico, Ichnussa, Delfino Editore,
Sassari, p. 421-475.
Pais, E. (1923), Storia della Sardegna e della Corsica durante il dominio romano,
A. Nardecchia, Roma.
Perra, M. (1988), La Sardegna nelle fonti classiche dal VI sec. a.C. al VI sec. d. C.,
Ed. S'Alvure, Oristano.

29
Valeria Argiolas

Scandone-Matthiae, G., (1989), « Les relations entre Ebla et l’Egypte au IIIème et


au IIème millenaire av. J.-C. », Akten den internationalen Tagunt Heidelberg 4-7
November 1986, p. 67-73.
Schirmer, H. (1892), De Nomine et genere populorum qui Berberi vulgo dicuntur,
thesim Facultati litterarum parisiensi proponebat Henricus Schirmer, Hachette,
Paris.
Sini, F. (2006), « Diritto e pax deorum in Roma antica », Diritto e Storia n° 6,
Memorie.
Vismara, C. (1989), « Gli studi degli ultimi anni sulla Sardegna romana (1977-
1987) », Journal of Roman Archaeology 2, p. 70-92.
Vismara, C. (1990), « Sopravvivenze puniche e persistenze indigene nel Nord Africa
ed in Sardegna in età romana. » Introduzione, L’Africa romana 7, Atti del VII
Convegno di studio, Sassari, 15-17 dicembre 1989, a cura di A. Mastino, Sassari,
Gallizzi, p.39-47.
Vismara, C. (2014), Sardegna e Corsica. Una provincia nel mezzo del Mare
Nostrum, Roma e l’impero, 10, Mondadori, Milano.
Zucca, R. (1980), « I bolli laterizi urbani della Sardegna », Archivio storico sardo
vol. 31, p. 49-84
Zucca, R. (1989), Il tempio di Antas, Carlo Delfino editore, Cagliari

Les études berbères et arabes

Argiolas V. (2010), « Gli studi sul fenicio-punico in Sardegna: prospettive di ricerca


in linguistica storica », in Annali dell’Università degli Studi di Sassari, vol. 7 p. 21-
37, Sassari.
Argiolas V. (2017), L’action du substrat/adstrat libyco-berbère en latin littéraire et
épigraphique, Thèse de Doctorat Inalco-Sorbonne Paris Cité.
Camps, G. (1955), « Les Bavares, peuples de Maurétanie césarienne », Revue
Africaine, t. 99, 1955, p. 241-288.
Contu, G. (2003), « La Sardegna nelle fonti arabe dei sec. X-XV », La civiltà
giudicale in Sardegna nei secoli XI-XIII, Fonti e documenti scritti, a cura
dell’Associazione “Condaghe S. Pietro in Silki”. Atti del convegno di studi. Sassari
16- 17 marzo 2001-Usini, 18 marzo 2001, p. 537-549.
Múrcia Sànchez, C. (2010), La llengua amaziga a l'antiguitat a partir de les fonts
gregues i llatines, thèse de Doctorat, Universitat de Barcelona, Departament de
Filologia Llatina.
Rouighi, R. (2011), “The Berbers of the Arabs”, Studia Islamica, nouvelle édition/new series,
1, p. 67-101.

30
Asinag-Asinag, 16, 2021, p.31-46

Tamegrout et le développement
de la tradition de lmazghi
El Khatir Aboulkacem-Afulay
IRCAM, Rabat

In the wake of studies that relate religious literature written in particular in


Tachelhit, called lamzghi, to the action of zaouïas, this contribution proposes to
situate the production of Mhend Ou Ali Awzal, a scholar from the central Anti-Atlas,
within the precise framework of his forced exile within the zaouïa of Tamegrout,
directed at the time by Sheikh Sidi Ahmed Benasr, at the beginning of the 18th
century. After restoring the historical and social contexts of the emergence and
development of a literature written in Amazigh and presenting its major features, we
show how the zaouïas, which became important actors in local life from the sixteenth
century, used this tradition in their outreach and mobilization activities. The
presentation of the experience of the House of Tamegrout in relation to the
production of Awzal, developed in the last paragraphs, constitutes a major argument
for the understanding of the conditions of the historical continuity of writing in
Amazigh before the establishment of the protectorate in Morocco.

Key-words : zawiya, development, religious literature, experience, Tamegrout,


Awzal.

Inscrite dans le sillage des études qui mettent en rapport la littérature religieuse
écrite notamment en tachelhit, appelée lamzghi, et l’action des zaouïas, cette
contribution se propose de situer la production de Mhend Ou Ali Awzal, savant
originaire de l’Anti-Atlas central, dans le cadre précis de son exil forcé au sein de
la zaouïa de Tamegrout dirigée alors par le Cheikh Sidi Ahmed Benasr, au début du
XVIIIe siècle. Après avoir restitué les contextes historiques et sociaux de
l’apparition et du développement d’une littérature écrite en amazighe et présenté ses
traits majeurs, nous nous sommes attelé à montrer comment les zaouïas, devenues
des acteurs importants dans la vie locale à partir du XVIe siècle, ont instrumentalisé
cette tradition dans leur action de rayonnement et de mobilisation. La présentation
de l’expérience de la Maison de Tamegrout mise en rapport avec la production
d’Awzal, développée dans les derniers paragraphes, constitue un argument majeur
pour la compréhension des conditions de la continuité historique d’une écriture en
amazighe avant l’établissement du protectorat au Maroc.

Mots-clés : zaouïa, développement, littérature religieuse, expérience, Tamegrout,


Awzal

31
El Khatir Aboulkacem-Afulay

Contrairement à une certaine idée élaborée et affirmée depuis l’établissement de la


colonisation française en Afrique du Nord, consistant en la perception de la culture
amazighe comme strictement orale, il existe des pratiques scripturaires et des
institutions chargées du maintien et de la diffusion de l’écriture dans certains espaces
culturels amazighes. Au-delà des écrits notariaux mobilisés et utilisés dans la vie
juridique et rédigés dans une langue particulière, toute une production écrite en
amazighe a émergé depuis au moins l’intégration de l’Afrique du Nord dans la sphère
de la civilisation musulmane et s’est développée et maintenue notamment dans le
Sud marocain depuis le XVIe siècle grâce à l’action des maisons maraboutiques. En
effet et dès son affirmation comme acteur principal dans le jeu local, la zaouïa,
structure multifonctionnelle, n’a cessé de jouer des rôles éducatifs, sociaux et
politiques d’une importance capitale. Outre l’éducation religieuse des masses et
l’intervention en tant qu’arbitre dans les conflits tribaux, elle est une institution
scientifique et contribue dans le maintien et la transmission de la culture lettrée et en
particulier l’écriture en amazighe, communément connue sous la dénomination de
lmazghi.
Cette contribution entend situer et déterminer certains aspects de la contribution de
la zaouïa de Tamegrout au développement de cette activité. Pour ce faire, elle traitera
des conditions qui ont fait des zaouïas d’importants centres et lieux de la production
et de la diffusion des écritures en amazighe, de la fondation de Tamegrout et de la
trajectoire et la production de Mohamed Ou Ali Awzal (m.1749), son disciple et
figure incontournable de cette tradition.

Les origines de lmazghi


Lmazghi est le terme utilisé pour désigner la production écrite en amazighe, surtout
dans l’aire tachelhitophone. Il dérive d’amazighe et veut dire la langue et par
extension tout livre ou texte écrit dans celle-ci. L’usage prolongé de ce terme et le
développement de tout un ensemble d’activités parallèles ont engendré l’apparition
d’autres mots voisins s’appliquant à des fonctions et des statuts, comme amazghi et
tamazghit. Amazghi désigne les disciples des confréries religieuses, accompagnés ou
non d’un instrument, qui récitent dans les marchés ou dans les réunions privées des
textes versifiés en vue de l’éducation religieuse des masses, les wuâad en arabe.
Quant au terme de tamazghit, il signifie l’exhortation, al-waâd en arabe.
Lmazghi se matérialise sous la forme d’un texte, souvent versifié, écrit à l’aide d’un
alphabet arabe aménagé, mais n’obéissant à aucune règle orthographique et
morphologique, et traitant souvent des questions relatives à la religion et la
jurisprudence musulmanes. Ces textes, produits et diffusés essentiellement dans les
sphères maraboutiques, se présentent sous des formes variées : manuels associant
divers thèmes (obligations rituelles, pratiques sociales, jurisprudence, pèlerinage,
description de l’au-delà…), manuels consacrés à un thème homogène (règles des
ablutions, règles des prières…), des poèmes didactiques, d’exhortation (exhortations
destinées aux femmes, des textes contre certaines pratiques qualifiées d’hérétiques

32
Tamegrout et le développement de la tradition de lmazghi

comme la vente à réméré, la transformation d’une part fixée de l’impôt légal en


subvention aux mosquées et aux universités rurales, les prix fixés pour l’évaluation
du trousseau de la mariée…), la description des plaisirs du paradis, l’énumération
des noms de Dieu ou du Prophète, les éloges du Prophète ou des Saints consacrés
comme Sidi Ahmed Tijani, le commentaire sur les textes emblématiques de la
tradition, la traduction des traditions du Prophète, les recettes médicinales…
D’autres textes sont surtout destinés à un usage notarial ou médicinal comme les
lexiques arabo-amazighes.
D’après les informations dont nous disposons actuellement, les premières traces de
ce genre d’activité scripturaire sont à rapporter au contexte des compétitions
idéologiques et politiques auxquelles l’intégration de l’espace nord-africain dans la
sphère de la civilisation de l’Islam a donné naissance, contexte marqué par des
tensions et des luttes sémantiques et militaires. En effet, le débat sur la légitimité et
les fondements du pouvoir suprême, al-khilāfa, entre les différents acteurs de la
grande discorde a créé les conditions du développement des premiers écrits de ce
genre. L’implantation du kharidjisme1 en Afrique du Nord a des effets notoires sur
la recomposition du champ politique et sur la reconsidération du rôle politique des
Amazighes dans l’Islam et, par conséquent, sur leurs pratiques culturelles. Au-delà
de la mobilisation des principaux groupes amazighes dans des luttes militaires, le
mouvement s’est distingué par une intense activité idéologique et religieuse, dont
une partie est rédigée en amazighe. C’est dans ce contexte de guerre et de
compétition que le premier texte connu en amazighe est écrit. Il s’agit d’un Coran
ou d’une traduction du Coran de Saléh Ibn Tarif, prétendant à la prophétie au sein
des Berghouata, qui habitent dans le Tamesna, la plaine se situant entre la rivière
Bouregreg et celle d’Oumrbiâ. D’après le baron de Slane (1856 : 534), « vers
127/744, un prétendu prophète, nommé Saleh-ibn-Tarif, commença ses prédications
chez les Berghouata. Il leur enseigna un nouveau genre d’islamisme et composa pour
leur usage un coran en berbère ». Aussi, l’orientaliste polonais Tadeuz Lewicki
(1934 : 275-296), un des spécialistes du vieux berbère, affirme-t-il que ce coran,
attribué à Saléh le bourghoute, se présente comme étant le premier document écrit
en amazighe dans le Moyen-Âge maghrébin. Quoi qu’on puisse dire de cet acte,
compte tenu de la divergence de la réception historique de la pratique des
Berghouata, création d’une nouvelle religion, adaptation locale de l’Islam ou juste
un mouvement hérétique dans le cadre du kharidjisme, les Berghouata avaient initié
une pratique qui devait par la suite être adoptée et adaptée à des contextes d’usage
différents. Dans ce sens, l’ibâdisme, qui est une doctrine dérivée du kharidjisme, a
réussi à dégager cette lutte dans le cadre de l’apostasie et à marquer la scène
religieuse et culturelle de son empreinte. Outre leur volonté de positionner les
Amazighes dans le champ politique émergeant de l’Islam en les dotant d’une assise
religieuse et une affiliation textuelle légale à travers la diffusion des dictons du

1
Mouvement politico-idéologique et produit des opinions élaborées par ceux qui se sont
retirés de l’armée d’Ali Ibn Talib, gendre du Prophète et quatrième khalife, après la guerre
de Siffin (Vida, 1978 : 1106-1109).

33
El Khatir Aboulkacem-Afulay

Prophète qui étalent leurs faits nobles et les présentent comme les sauveurs d’une
religion en déclin, l’action de ce mouvement s’est caractérisée par une intense
production littéraire en amazighe. Ainsi, les chroniques ibâdites regorgent
d’informations qui nous permettent de voir comment l’action de leurs premières
Imamats était très bénéfique pour ce genre de production religieuse. A titre
d’exemple, les Rustumides, après avoir établi l’Imamat de Tahert, ont encouragé
l’écriture en amazighe (Bekri, 2005). Abou Sahl, qui est originaire de la montagne
de Nefoussa (Tripolitaine) et savant célèbre classé suivant la hiérarchie de la doctrine
dans la cinquième classe -ṭabaqa- a composé, à lui seul, plus de douze ouvrages dans
cette langue. Très éloquent dans cette langue, il assurait aussi la fonction du
traducteur au Rustumide Aflah à Tahert2. C’est en ce sens que le kharidjisme, avec
ses différentes branches et recompositions, en s’inscrivant dans des actions de
compétition politique et idéologique, est amené à écrire en amazighe. Ce contexte
constitue une structure d’opportunité favorable à une propagande et, par-delà, à la
mobilisation des détenteurs du savoir pour la production en langues locales. C’est
dans ce cadre précis que l’idée d’écrire a émergé et cette technique, en adoptant les
matériaux de la culture de l’autre, a été utilisée à des fins idéologiques et politiques
pour la conquête du pouvoir. L’écriture est ainsi une activité située. Répondant à des
demandes exprimées, elle est intimement liée aux stratégies politiques de ces
mouvements de contestation.
Dans un autre contexte et quelques siècles après, l’expérience de la dynastie des
Almohades illustre aussi l’utilisation politique de l’écriture en amazighe. Dès la
manifestation de son ambition politique, le Mahdi Ibn Toumert, théoricien et
initiateur du mouvement, a produit deux textes fondateurs dans « la langue
occidentale », suivant les termes utilisés par l’historiographe de la dynastie Al
Baidaq. Au-delà des besoins de communication pour la diffusion de la doctrine,
l’apprentissage de ces textes est posé comme un critère de définition. D’après le
Raoudh el-Kirtas (anonyme, 1860 : 250), le Mahdi a ordonné l’apprentissage du
thaouhid (doctrine de l’unicité), qui est un opuscule divisé en chapitres et sections
pour en faciliter l’assimilation par cœur, et en fait un signe de distinction. Suivant
ses propres termes, cités dans le même ouvrage, « Quiconque ne suivra pas ces
maximes ne sera point Almohade, mais bien infidèle avec lequel on ne fera pas sa
prière, et on ne mangera pas la chair des animaux tués par ses mains ». La récitation
des opuscules du maître trace ainsi une frontière qui sépare les Almohades des autres,
et en particulier les ennemis politiques et doctrinaux, les Almoravides. Dans la même
stratégie du marquage politique, les nouveaux maîtres ont instauré la maîtrise de la
langue amazighe comme condition d’accès à la charge de khatib à Fès. Il est possible
de multiplier les exemples, mais la présentation de ces deux expériences montre que
le fait d’écrire et de diffuser l’écrit est un acte significatif et fondamental, il participe
de la stratégie politique. Il est donc en partie légitime de constater l’importance du

2
Pour d’amples informations sur cette production, voir Ad Darjini (1974) ; Lewicki (1934 :
275-296 ; 1936 : 267-285 ; 1961 : 1-134 ; 1966 : 227-229) ; Motylinski (1907 : 69-78 ;
1895 :15-72) et Ould-Braham (1988 :5-28).

34
Tamegrout et le développement de la tradition de lmazghi

rôle qu’il a joué dans les modalités opératoires des mouvements en quête de pouvoir
dynastique dans leur campagne et dans l’organisation du pouvoir après sa conquête.
Mais, à partir de ce siècle, la modification des représentations faites sur la légitimité
politique a des effets non seulement sur la conduite sociale et politique des tribus,
mais aussi sur leur production culturelle et ses usages. L’écrit en amazighe n’est plus
un habit du pouvoir suprême, il est de plus en plus confiné dans les stratégies des
mouvements maraboutiques. En effet, et à partir du XVIe siècle, les zaouïas sont
devenues de véritables acteurs dans le champ social et politique. Au-delà de leur
implication dans les compétitions dynastiques qui ont abouti à la fois à l’affirmation
du principe du chérifisme comme critère d’accès au pouvoir et à sa consolidation par
la réussite des Alaouites, elles se sont imposées comme figures centrales du jeu local
et de l’intellectualité rurale.

Les zaouïas et la production écrite en amazighe


Si Ali Amahan (1993 : 437-449), en fondant ses propos sur l’étude de la vie et de la
production de Brahim Ou Abellah Aznag (m.1597), est l’un des premiers à avoir
établi le lien entre production lettrée en tachelhit et stratégies maraboutiques, la
lecture avertie des propos des auteurs et l’observation des lieux de production et de
diffusion de cette tradition ne peuvent que soutenir cette hypothèse et se représenter
cette tradition, au moins depuis cette période, comme une œuvre essentiellement
maraboutique. Cela est d’autant plus frappant quand on lit les motivations des
auteurs. Dans les vers introductifs, Aznag n’omet pas de rappeler qu’en écrivant ses
traités de religion, entendues ici comme terme englobant toutes les sciences de
l’époque, y compris la grammaire, ne fait qu’obéir à l’ordre de son maître Sidi Ali
Ben Mohamed Ben Ouissaâden3. Et les exemples ne manquent pas dans ce sens.
Aussi, l’identité des auteurs traduit-elle clairement leur appartenance maraboutique.
Ils sont soit les chefs de certaines voies confrériques, comme Lhsen Ou Tmouddizt
(m.1899) (Soussi, 1961, t. 19 : 5-32 ; Boogert, 1995 : 122 ; 1997 : 169-183), Lhaj
Ali Darqawi (m.1910) (Soussi, 1960 ; Zekri, 1977), Madani ben Ahmed al
Tughmaoui al-Hahi dit Amghar (mort au début du siècle dernier), chef de la zaouïa
Tijania à Ida Outghma à Ihahan (Boogert, 1995 : 123-124), soit des disciples agissant
sous les auspices d’un maître, comme Aznag et Awzal. La diffusion spatiale et les
lieux de son évolution historique correspondent aux grands moments de la
concentration et du rayonnement des foyers maraboutiques dans la région. Ainsi,
Abdellah ben Said des Ayt Abdenâim4 et Aznag ont composé leurs œuvres dans le
contexte sociopolitique agité du Haut-Atlas au XVIe siècle. Leurs tentatives

3
A propos d’Aznag, voir, outre le travail cité d’Amahan, Boogert (1995 : 120 ;1997 : 93-
102).
4
D’après el-Oufrani (1889 : 342-345), Abdellah a pris le commandement de la zaouïa après
la mort de son père Said, survenue en 1546. Pour rallier les masses de la montagne, surtout
que la maison est entraînée dans un rapport de forces inégal caractérisant les concurrences
dynastiques, il a composé un traité bilingue arabo-amazighe sur les terreurs de la vie future
et s’est employé à l’enseigner aux pèlerins qui affluaient de toute part sur la zaouïa.

35
El Khatir Aboulkacem-Afulay

traduisent la concentration d’une rivalité maraboutique pour le contrôle de la région


et la régulation de ses rapports avec le pouvoir central des Saadiens et l’implication
de leurs zaouïas dans les querelles de succession entre les différents prétendants au
pouvoir. Par la suite, cette tradition a été appropriée par la Maison de Tamegrout qui
commençait à se constituer en un foyer attractif et influent. Et quand l’Anti-Atlas est
devenu, au XIXe siècle, le centre d’une activité politique intense comme
conséquence des pressions européennes, elle a servi comme outil d’action des
principaux mouvements confrériques. Dans ce cadre, la voie des Derqaoua,
introduite dans la région par Said el-Maâdri (m. 1883), en a fait un outil important
de mobilisation permettant ainsi la production des œuvres emblématiques. Elle est
utilisée aussi bien dans le cadre de la rivalité entre prétendants à la chefferie que pour
le recrutement des disciples. C’est ainsi qu’après la mort de ce dernier, deux disciples
versés à la fois dans la science religieuse et la mystique disputaient l’héritage. Il
s’agit de Lhsen Ou Tmouddizt et de Lhajj Ali Derqaoui. Malgré la singularité de
l’œuvre du premier, consistant en la confection de trois importants commentaires sur
des textes fondateurs de la tradition (Deux commentaires sur les deux parties d’al-
Haoud d’Awzal et un autre sur ‘aqidat as-suluk d’Aznag, un texte fondamental qui
structure l’univers mental d’un disciple dans l’espace maraboutique), le second a
réussi à fonder la Maison d’Ilgh et à éclipser son concurrent. Il apparaît dans cette
présentation rapide que, depuis le XVIe siècle, l’écriture en amazighe dans l’espace
tachelhitophone s’est progressivement installée aux frontières de l’action
maraboutique. Dans tous ces processus d’affirmation et d’imposition, la production
lettrée est une stratégie de mobilisation. Chaque maison, chaque conquérant nouveau
doit redécouvrir cette tradition et s’employer à composer, à son tour, une œuvre
nouvelle pour se distinguer et, par-delà, s’affirmer. Mais comment peut-on expliquer
le fait que cette tradition est devenue un marqueur de la sainteté essentiellement
rurale ?
Au-delà même de l’utilisation de cette tradition dans les compétitions dynastiques
qui ont caractérisé l’action des principales zaouïas après la chute de la dynastie des
Saâdiens, comme le laissent penser les exemples cités des Ayt Abdenâim et des Ayt
Ouissaâdn, la position désormais assignée à cette forme d’organisation, après la
chute de cette dynastie, ne peut que donner une nouvelle signification à ce genre de
production littéraire. L’élaboration d’une nouvelle conception de la légitimité
introduit nécessairement un changement dans la conduite politique des acteurs en
jeu. En revenant sur cette période de l’histoire du pays, l’historien Ali Sadki Azayku
propose des éléments d’explication de la restriction du champ d’action des zaouïas
et au repli politique des sociétés amazighes du Haut-Atlas. Il a montré, en
commentant des lettres échangées entre certains principaux acteurs du « court XVIe
siècle » du Maghrib extrême5, que « l’idée qui attribue la légitimité du pouvoir aux

5
Ces lettres sont échangées entre, d’une part, les chefs de la zaouïa de Dila dans le Moyen-
Atlas et le saâdien as-Shaykh ben Zaydan et, d’autre part, l’alaouite Mohammed ben Chérif
et le dilaite Mohammed al-Hajj. Elles ont été rapportées par l’historien an-Naciri dans le
quatrième volume de sa monumentale histoire du Maroc (Sadki, 1990 : 25).

36
Tamegrout et le développement de la tradition de lmazghi

seuls chérifs est déjà profonde chez les uns et les autres. Il serait très intéressant
d’ailleurs de savoir dans quelle mesure ce facteur a contribué à refouler, chez les
Imazighen de l’Atlas, même quand ils sont puissants, toute aspiration au pouvoir
suprême » (Sadki, 1990 : 25). Il établit ainsi une relation entre le refoulement des
forces de renouvellement rurales et l’affirmation du principe généalogique comme
déterminant dans les logiques de légitimation politique. Ne cherchant plus à
renouveler le pouvoir central, les forces du renouvellement se contentent de
maintenir un jeu d’équilibre régional et de résister à toute tentative sérieuse de
concentration du pouvoir politique6. Inscrites dans une situation que caractérise
l’absence de tout projet de renouvellement politique après l’épuisement de la rivalité
dynastique, les zaouïas sont confinées avec leurs modes opératoires dans les
mécanismes de la vie locale et communautaire et dans les rivalités internes entre les
principaux prétendants à la sainteté.
En un mot, le changement des idéologies légitimant l’accès au pouvoir politique et
l’apparition d’autres signes extérieurs et mobilisateurs ainsi que l’affirmation d’un
cléricalisme citadin, né de l’installation des exilés de la Reconquista avec son style
et ses langages, ont sensiblement écarté cette pratique scripturaire de la sphère du
pouvoir central, pour être progressivement adoptée et utilisée par les marabouts dans
leurs modalités d’action. En s’imposant comme figures dominantes du jeu social et
politique local depuis cette période, la pratique a accompagné leur mouvement et
tribulations. Pour marquer l’identité d’une maison naissante ou en expansion, ou
d’un saint en compétition durant les périodes de succession, on charge souvent un
lettré, disciple ou proche, pour composer une œuvre en amazighe. L’œuvre permet
de faire entrer cette figure montante de la sainteté dans la mémoire du groupe. Elle
est en ce sens un témoignage d’une nouvelle conquête, un rappel d’une pratique, le
signe d’une différenciation et/ou la marque d’un renouveau confrérique. C’est dans
ce contexte qu’on peut comprendre comment les zaouïas ont joué un rôle important
dans l’évolution de la production lettrée en amazighe, en particulier dans le parler
tachelhit. Qu’en est-il alors de l’apport de la zaouïa de Tamegrout ?

Tamegrout et la culture lettrée dans le Sud marocain


La zaouïa de Tamegrout porte le nom d’un ksar, village fortifié, où un lignage
religieux a décidé, dans un moment précis de l’histoire de la région, de fonder un
séminaire voué à la diffusion d’une voie mystique, à l’éducation des masses et à la
transmission de la culture savante liée à l’Islam. Elle se trouve sur la rive gauche de

6
Le même historien, dans un autre article sur les avis juridiques émanant des lettrés
marocains du XVIIe siècle à propos du statut légal des structures sociales rurales, s’est
efforcé d’élucider les nouveaux enjeux provoqués par le changement des rapports entre la
culture et la société dans le monde rural. Le principe de légitimité politique étant résolu,
les savants ruraux tendent à remplacer cette préoccupation théorique par une autre, plus
imposante : le statut légal des institutions avec lesquelles ils doivent composer (voir Sadki
Azayku, 2002 : 185-238).

37
El Khatir Aboulkacem-Afulay

la vallée de Draa, dans le territoire de la tribu de Fezouata. Elle est créée au mois de
Ramadan de l’an 983 de l’hégire (1575), par Sidi Abou Hafs Amr ben Ahmed El
Ansari, membre d’une zaouïa d’importance relative connue sous le nom de Sid Nnas7
et disciple de nombreuses autorités mystiques auprès desquelles il a détenu la qualité
de transmetteur du wird (chapelet et prière) de la voie chadilite comme Aboulqassim
El-Ghazi (m.1574).
Après une période de succession irrégulière, comme celle d’Abdellah Ben Hocine
El-Roqqi (m.1631) et d’Ahmed Ben Ibrahim El Ansari (mort assassiné en 1642),
petit-fils du fondateur de la zaouïa, Tamegrout ne commence à se constituer en foyer
important dans la hiérarchie religieuse et scientifique et à établir une lignée stable et
durable qu’avec la prise de direction par Sidi M’hammed Benasr (1603-1674), en
1645, dans des conditions que nous n’allons pas détailler ici8. Bien qu’il n’ait pas de
liens de parenté avec la famille des fondateurs de la zaouïa, Sidi M’hammed, en
convertissant ses compétences de professeur de sciences religieuses, qui sont son
principal capital et atout majeur, a réussi à conquérir les commandes de la zaouïa.
Mais les hostilités des parents, qui revendiquent la succession par voie héréditaire,
l’amènent à mettre en œuvre les stratégies d’alliance matrimoniale et épouse, en
secondes noces, la veuve et parente du dernier chef Sidi Ahmed Ben Brahim, Hafsa
Bent Abdallah El Ansaria.
« Personnalité complète », aux dires de Jacques Berque (2001 : 41), il a acquis une
renommée aussi bien scientifique que mystique et fait de la modeste zaouïa une
maison attractive et imposante. Celle-ci devient un foyer de rayonnement et attire
désormais une pléiade de savants et d’autorités de l’époque à la fois pour
l’acquisition des sciences et l’insertion dans la chaine de la transmission mystique.
L’exemple de Lahcen Al Youssi (Berque, 2001), qui est venu y recevoir de la science
et de la mystique et devenir le célèbre disciple de la zaouïa, illustre mieux son
importance à cette époque.
C’est de son dernier mariage avec Hafsa que va naître son fils Ahmed, dit al-
Khalifa/le successeur, qui devrait succéder à son père à la tête de la maison après la
mort de ce dernier en 1674 à l’âge de 71 ans. Il a conquis, suivant les propos de
Berque (2001 : 45), « comme organisateur de l’ordre, savant et voyageur, plus de
renommée encore que son père ». Les deux maîtres et aventuriers dans les voies de
la science et de l’effluve mystique ont donné une impulsion profonde à cette modeste
maison qui ne tarda pas à se transformer en force religieuse, sociale et politique
pesante et considérable refusant, même si elle n’a jamais exprimé de réelle ambition
politique, de professer dans les prêches rituels de la prière du vendredi les noms des

7
A propos de cette zaouïa, voir Hajji (1976, t. II : 542-544).
8
Certaines études ont détaillé les péripéties de cette accession à la direction mystique de la
zaouïa. Voir Amalek (2006, t. I : 89-110), Bodin (1918 : 259-295) et Spillman (2011 : 185-
224).

38
Tamegrout et le développement de la tradition de lmazghi

souverains9. Les rôles qu’elle commence à jouer témoignent de la diversité des


fonctions et de la place qu’elle occupe désormais dans l’espace social et religieux
local. Outre son implication dans la vie sociale et politique de la région10, la zaouïa,
compte tenu de sa situation stratégique comme étape importante dans le commerce
caravanier avec le Soudan et lieu d’une foire annuelle, propose les services de la
protection aux commerçants et aux caravaniers. Les légendes témoignent des
interventions du Saint pour sauver des caravanes et des commerçants aux prises avec
des bandits récalcitrants11. Comme le note à juste titre Spillman (2001 : 197), « grâce
à ses marabouts, Tamegrout devint ainsi le principal point de rassemblement des
caravanes en provenance du Soudan ou s’y rendant et souvent les pillards épargnent
les convois placés sous la protection des Nasiriyine ». Au-delà, l’habileté mystique,
juridique et scientifique de ces deux véritables fondateurs l’a constituée en un foyer
d’importance capitale de science et de diffusion de la culture lettrée dans tout le Sud
et le Sud-est marocains.
En effet, la mémoire scientifique garde du véritable fondateur de Tamegrout le fait
qu’il est l’un des trois sauveurs de la transmission de la science au Maroc. Une
légende, largement diffusée dans les milieux savants des derniers siècles, soutient
que sans Sidi Mohamed Ben Abi Bakr de Dila, Sidi M’Hammed Benasr de
Tamegrout et Sidi Abdelqader El Fassi de Fès, la science disparaîtrait dans le pays.
Hormis le fait que Sidi M’hammed est reconnu comme maître dans la chaîne de
transmission du savoir d’un grand nombre de savants et de surcroît des sommités de
l’époque comme Al Youssi et son action dans la constitution de la bibliothèque de

9
D’après Bodin (1918 : 269), « Il se refusa toujours à mentionner dans la khotba du vendredi
le nom du Sultan Moulay ach-Cherif, disant que la pratique d'appeler la bénédiction divine
sur qui que ce fût dans le prône du vendredi était une innovation à la Sounna. Moulay
Chérif lui envoya une lettre de menaces. Sidi M'hammed se contenta de retourner la lettre
même au pied de laquelle il avait écrit : « A ta guise ! tu ne feras que mettre fin à cette vie
mortelle ». Les relations ont resté généralement indifférentes jusqu’en 1761 quand la
maison, en la personne de son chef Youssef Ben Mohamed El Kébir (m.1197), a prêté
serment de fidélité à Sidi Mohammed ben Abdallah lors de son intronisation, (ibid. : 276).
10
avec ses interventions dans les conflits locaux entre tribus comme arbitre et conciliatrice
et parfois même entre les membres de la famille régnante des Alaouites notamment entre
deux fils du Sultan Moulay Ismaël qui se faisaient la guerre dans l'oued Dra (Bodin, 1918 :
290-291).
11
Bodin (1918 : 287) rapporte cette légende : « Un notable des Fechtala venait ordinairement
conduire des moutons dans le Drâa et descendait dans la zaouïa. Quelques individus vivant
de brigandage menacèrent un jour de le détrousser. Ce marchand se trouvant précisément
avoir sur lui des sommes considérables, le cheikh Ahmed ben Ibrahim leur fit demander
de le laisser passer sans l'attaquer, mais ils s’y refusèrent. Le Fechtali prolongeant son
séjour dans la zaouïa, le cheikh Ahmed lui donna l'ordre de partir ; « Monseigneur, dit
l'homme, j'ai peur que ces gens-là ne m'ôtent la vie », « Tu n'as rien à craindre, lui affirme
le Saint ». Le marchand se mit donc en route et, arrivé à un certain endroit, il fut attaqué
par ces brigands qui l'entourèrent, lui et ses compagnons. Ils se trouvaient dans cette
situation critique lorsque, soudain, un lion énorme et d'une forme terrifiante, chargeant les
brigands, les dispersa, chacun fuyant seul de son côté. Or, jamais auparavant on n'avait vu
de lion en cet endroit. Dieu sauva ainsi cet homme, en dépit de leurs mauvais desseins ! ».

39
El Khatir Aboulkacem-Afulay

la zaouïa ainsi que les témoignages de ses étudiants à propos de sa méthode


d’enseignement et de ses séminaires, on ne sait pas comment s’organisait
l’enseignement à son époque. C’est durant le règne du fils et successeur, Sidi Ahmed,
que devait se constituer l’assiette matérielle de la transmission organisée et
structurée. D’après Amalek (2006, t. II : 269), auteur d’une histoire de la zaouïa, la
création de la medersa et des chambres pour loger les aspirants à la science et aussi
à l’effluve mystique est l’œuvre de celui-ci. En se dotant d’une medersa, le
recrutement géographique et statutaire devait prendre des caractères nouveaux. La
zaouïa devait cesser d’être la destination de savants affirmés qui viennent juste pour
« s’insérer » dans la chaîne de transmission scientifique et/ou mystique et des
aspirants locaux compte tenu du voisinage, elle est devenue un établissement
d’enseignement organisé où les aspirants quel que soit leur lieu de naissance et leur
condition sociale peuvent y trouver hébergement et prise en charge12. C’est
d’ailleurs à cette période que les aléas de la vie ont conduit un certain Sidi Mohamed
Ou Ali Awzal pour y trouver à la fois asile et possibilité d’acquisition scientifique.
Mais avant de traiter de cette rencontre qui allait contribuer au développement de la
tradition lmazghi, essayons de dire, en quelques mots, l’apport majeur de cette
maison au maintien et à la configuration de la culture savante dans le Sud marocain.
Tamegrout a d’abord joué un rôle prépondérant dans le maintien de cette culture en
se constituant en foyer important de la concentration des savants et en nœud de la
chaine de transmission. La légende évoquée plus haut en dit davantage. Aussi Berque
(2001 : 44) rapporte-t-il qu’« il n’est guère au XVIIe siècle de ces juristes, mystiques
ou philologues, énumérés par dizaines, dans les Manaqib al-Houdaigui, qui ne se
rattachent pas directement ou indirectement à la pieuse cohorte de Tamegrut ». Et si
on sait aussi que la transmission de la culture a toujours besoin d’une autorité morale
et religieuse pour se maintenir et bénéficier de l’adhésion des personnes et des
communautés, ses chefs charismatiques et les responsables de ses principaux
essaims dans toute la région ont joué ce rôle à travers la création des conditions
favorables en se portant garants spirituels de certains foyers d’enseignement. Selon
Mokhtar Soussi (1987 : 53), la vivacité de cette culture dans le Souss, pendant les
trois derniers siècles, est à mettre en rapport avec l’action des sphères naciriennes.
L’influence morale et le poids politique de cette maison ont certainement commandé
l’affiliation de ces lettrés et, par conséquent, ces derniers avaient bénéficié du soutien
des communautés et leur adhésion aux projets de fondation des universités rurales.
Sur un autre plan, la zaouïa a contribué à l’élaboration de la configuration finale du
corpus de cette culture lettrée, en tant que matières programmées et méthodes
d’enseignement, avant le Protectorat. L’affiliation commune des transmetteurs et des

12
La présence de ce genre d’établissements et leur distribution géographique équilibrée tout
le long de la région grâce à l’action des zaouïas et des communautés locales ont permis la
reproduction des classes de lettrés locaux à travers les siècles sans dépendre des politiques
du pouvoir central. Il est d’ailleurs important de mettre en rapport les origines sociales
rurales de la dynastie Mérinide et sa volonté de former sa propre classe de savants dans la
compréhension de l’introduction de ces institutions à la ville de Fès.

40
Tamegrout et le développement de la tradition de lmazghi

compilateurs des œuvres et des commentaires assurait en effet la communication


entre différents foyers éparpillés tout au long des deux chaînes de l’Atlas. Outre
l’action directe de la zaouïa et sa contribution à l’édification de la méthode spécifique
des Ecoles du sud, Berque (2001 : 54) va jusqu’à affirmer que c’est au sein des
cercles naciriens « que se précisa en manuels bilingues [arabe/amazighe] la méthode
de l’enseignement du Sud »13. Son influence et l’affiliation des maîtres à son ordre
créent les conditions favorables aux contacts et aux échanges entre les différents
acteurs intervenant dans ce domaine et, par la suite, à la stabilité et la consolidation
de la circulation du produit culturel et à la fixation de son corpus et de la méthode de
son enseignement. En un mot, la zaouïa, comme forme de pouvoir religieux et
culturel, a eu un effet constitutif sur la méthode d’enseignement dans les écoles et
les universités rurales du Sud et la détermination de ses traits fondamentaux et sur la
préservation des conditions nécessaires au maintien de cette culture dans un domaine
périphérique et éclaté.

Tamegrout et le développement de lmazghi


Outre cette contribution majeure au maintien et à la promotion de la culture savante
en présence dans le système éducatif traditionnel, Tamegrout a imprimé un nouveau
rythme à l’activité scripturaire en amazighe en la personne du disciple et célèbre
auteur de cette tradition : Sidi Mohamed Ou Ali Awzal, après les expériences des
autres lignages religieux du Haut-Atlas : les Ayt Abdenaâim et les Ayt Ouissaâden.
En quoi consiste cet apport et qu’est-ce qui distingue l’action de la zaouïa dans ce
domaine ?
La contribution de la zaouïa se personnifie essentiellement dans la production de
Mohamed Ou Ali Awzal. Non seulement parce que cet auteur a écrit son œuvre sur
ordre de l’un des principaux fondateurs, Sidi Ahmed, le fils et le successeur désigné
de Sidi M’hammed, mais il est, de surcroît, le plus célèbre auteur de cette tradition
dont les manuscrits sont largement diffusés et recopiés jusqu’au siècle dernier. A cet
égard, Henri Basset (2001 : 81) a vu juste quand il avance, avec une certaine ironie
compte tenu de sa position dénigrante de ce type d’écriture, que dès qu’un
« manuscrit berbère nous est signalé, il se trouve presque toujours que c’est le
Haoudh »14. C’est à ce titre que la présentation de sa trajectoire et de ses œuvres
constitue une entrée principale et suffisante pour la mise en exergue de l’apport de
la maison de Tamegrout dans le développement de la tradition de lmazghi et dans la
détermination de ses traits fondamentaux.

13
A propos de la méthode adoptée dans l’enseignement dans la zaouïa et les matières
programmées, voir Amalek (2006, t. II : 275-319).
14
Outre le nombre important des copies de ses œuvres qui se trouvent dans les bibliothèques
aussi bien publiques que privées, l’œuvre d’Awzal a bénéficié des éditions depuis la fin du
XIXe siècle, voir Luciani (1897), Stricker (1960), al-Jishtimi (1977), Boogert (1992 : 121-
137 ; 1997) et Afa et Charaf Eddine (2009).

41
El Khatir Aboulkacem-Afulay

Hormis quelques bribes recueillies dans les écrits des biographes du Sud comme
Mokhtar Soussi (1961, t. 14 : 315 et t. 16 : 201 ; 1984 : 191 ; 1989 : 75) et Houdaigui
(2006, t. II : 363), qui était un de ses élèves, et reprises par les contemporains comme
Ahmed El Adaoui (al-Jashtimi, 1977 : 14-22), Jouad (1987 : 27-41) et Van Den
Boogert (1992 : 121-137 ;1997), nous ne disposons pas d’assez de matériaux sur la
vie et la trajectoire d’Awzal. Né probablement vers 1670 à Lqsbt, village situé dans
Ikbiln, une des principales fractions de la tribu des Indouzal (Anti-Atlas méridional),
Awzal devait suivre, comme ses semblables, les pas d’une enfance rurale de
l’époque : initiation aux techniques de l’écriture dans l’école coranique
communautaire, apprentissage par cœur des versets du Coran selon le rythme et la
méthode locaux, initiation aux travaux agricoles, aux rites et divertissements….
Mais sa vie est bousculée suite à un événement tragique. Il s’est en effet trouvé, après
avoir commis un meurtre, dans l’obligation de quitter son village et de chercher un
lieu pour s’exiler en attendant le pardon de la famille de la victime, suivant les
dispositions de la coutume pénale locale. Il débarque à Tamegrout qui se présente à
lui, suivant ses propres termes, comme une citadelle imprenable, agadir. Il y arrive
sous le règne d’Ahmed Al Khalifa et probablement à une date antérieure à l’an 1700,
celle-ci coïncidant avec l’écriture de son premier ouvrage en arabe intitulé Mahamiz
al-ghaflan.
En trouvant refuge et traitement convenable dans la zaouïa, il a consacré sa vie à
l’étude et au service du maître des lieux, qui est aussi son protecteur, Sidi Ahmed
Benasr. Manifestant des compétences scientifiques et une habileté à écrire aussi bien
en arabe qu’en amazighe, Sidi Ahmed le Khalifat, engagé paraît-il dans une
compétition avec ses demi-frères et rivaux qui se sont lancés dans la fondation de
zaouïas dans d’autres endroits, lui ordonne, en s’inspirant des actions et des
stratégies des autres maisons de l’Atlas comme celle des Ayt Ouissaâden, de
composer une œuvre en amazighe. En guise de réponse à cette demande et de
reconnaissance de l’autorité et des bienfaits du maître, Awzal, en prenant comme
modèle une œuvre antérieure qui n’est que les traités de religion composée plus d’un
siècle plus tôt de Brahim Aznag, il compile sa première œuvre sous forme d’un texte
versifié sur les pratiques rituelles intitulée le haoud/l’abreuvoir, et ce en 1707. Les
motivations sont claires et annoncées dès les premiers vers. L’auteur reconnaît en
effet que sans la bénédiction du maître, ni le savoir acquis ni l’intelligence ne sont
suffisants pour accomplir une telle tâche15. Et dans la deuxième partie du haoud,
compilée en 1709 et consacrée aux transactions et relations sociales, il affirme qu’il
n’avait pas au départ l’intention de s’attaquer à cette partie de la doctrine religieuse.

15
ⵙⵉⴷⵉ ⵃⵎⴰⴷ ⵓ ⵎⵓⵃⵎⵎⴰⴷ ⴰ ⵛⵛⵉⵅ ⵏ ⴷⵔⴰ-ⵢⵉ
ⵍⴱⵔⴽⵜ ⵏⵏⵓⵏ ⴰⴼ ⴰ ⴼⵜⵜⵓⵏ ⴰⵢⴰⴷ ⵖ ⵏⴱⴷⴰ
ⵓⵔ ⴷ ⵍⵄⵉⵍⵎ, ⵓⵍⴰ ⴰⴼⵓⵍⵙ ⴰⵢⴰⴷ ⵏⵓⴼⴰ
ⵍⵄⵏⴰⵢⵜ ⵏ ⵙⵉⴷⵉ ⵃⵎⴰⴷ ⴰ ⵜ ⵉⵃⴰⵎⴰ ⵍⴱⴰⵔⵉ
ⴰⴷ ⴰⵏⵅ ⵉⵣⵣⵉⵖⵣⵉⴼ ⵕⴱⴱⵉ ⵖ ⵍⵄⵎⵎⵔ ⵏⵏⵙ ⵉⵣⴰⵢⴷ ⴰⵙ
ⵖ ⵍⵅⵉⵔ ⵉⴼⴽ ⴰⵙ ⵕⵕⴹⴰ ⵏⵏⵙ ⵉⴼⵓⴽⴽⵓ ⵜ ⵉ ⵍⴱⴰⵍⴰ.

42
Tamegrout et le développement de la tradition de lmazghi

C’est son maître qui lui a ordonné la composition de cette œuvre, devenue suivant la
classification établie de sa production, la partie II du haoud. Il dit :
ⴷⵖⵉ ⴷ ⴰⵖ ⵉⴽⵎⵎⵍ ⵍⵎⵓⵔⴰⴷ ⴷ ⵍⵎⵇⵚⵓⴹ c’est ici où prend terme mon intention
ⵉⵏⵡ
ⴰ ⵍⴰⵄⵡⴰⵏ ⵏ ⵕⴱⴱⵉ ⴷ ⵍⴱⵔⴽⵜ ⵏ ⵛⵛⵉⵅ ⴰⴷ ⵏ avec l’aide de Dieu et la bénédiction
ⴷⵔⴰ-ⵢⵉ du maître de Dra
ⵙⵉⴷⵉ ⵃⵎⴰⴷ ⴱⵏⵏⴰⵚⵕ ⴷⴰ ⵢⵓⵚⵚⴰⵏ ⴰ ⵉⴽⵎⵎⵍ Sidi Ahmed Bnasr, qui a ordonné de
terminer le travail
ⵉⵎⵎⴰ ⵏⴽⴽⵉⵏ ⵓⵔ ⴰⴽⴽ ⴹⵎⵄⴰⵅ ⵉⵙ ⵉⵣⵡⴰⵔⵉ quant à moi, je n’avais au départ
d’ambition
que d’évoquer les cinq piliers de la
ⴱⵍⴰ ⵙⵎⵎⵓⵙ ⵍⵇⴰⵡⴰⵄⵉⴷ ⵍⵍⵉ ⴱⵔⵅ-ⵉ/
religion
En outre, il compose deux autres textes, un sur l’exhortation et l’édification intitulée
Baḥr ad-dumuɛ [Océan des pleurs] en 1714 et un éloge à son cheikh Sidi Ahmed. La
date de la compilation de ce poème d’éloge et de remontrance, naṣiḥa, n’est pas
connue, mais il ne devait pas excéder 1717, correspondant à la mort de Sidi Ahmed
Benasr. Si les premiers écrits ne sont qu’une traduction relativement aménagée de
l’abrégé de Khalil sur la doctrine malékite, nourrie de la consultation des autres
œuvres maîtresses et inspirée du travail d’Aznag, les deux derniers textes
s’inscrivent dans l’univers du soufisme. On ne connaît pas d’autres textes d’Awzal
après son retour au pays natal une fois le pardon des parents de la victime acquis. Il
semble en effet que l’univers de l’enseignement n’est pas propice à une telle activité.
L’intégration de cet univers signifie ainsi l’abandon de la fonction d’auteur et la
réappropriation du statut d’enseignant, de notaire et de consultant.
Après le retour au village, Mohamed Ou Ali Awzal a dédié sa vie à la transmission
de la science en organisant et développant l’enseignement dans la mosquée de sa
localité et en intervenant dans le débat juridique qui a marqué la vie intellectuelle de
la région à cette époque en tant qu’arbitre et consultant. Il suffit de citer le nom de
Mohamed Ben Ahmed Hudaigui (m.1775) comme l’un des disciples et étudiants
d’Awzal, qui est un des principaux auteurs des biographies des savants de la région
et de son époque, pour se rendre compte de l’importance de l’enseignement dispensé
par notre auteur. Il a également fondé une lignée scientifique, formée de savants, de
juristes et d’enseignants, au sein de laquelle la chaîne de la transmission s’est
maintenue jusqu’au vingtième siècle d’après Mokhtar Soussi16. Sa mort est survenue
en 1749.
Revenons donc à ses écrits produits au sein de la zaouïa de Tamegrout et ce qui les
caractérise. Nous avons présenté rapidement les quatre écrits qu’Awzal nous a

16
Soussi (1961, t. 11 : 315) qualifie la famille d’Awzal de lignée scientifique, mais il n’a pas
pu, dit-il, réunir les biographies de ses hommes.

43
El Khatir Aboulkacem-Afulay

légués. Le premier est consacré aux obligations rituelles, le deuxième aux règles
structurant les transactions et rapports sociaux, le troisième est une œuvre
d’exhortation et le quatrième est un poème d’éloge à son saint protecteur. La
comparaison de cette production avec les expériences précédentes montre que, bien
que l’auteur se soit inspiré largement de Brahim Aznag, ses écrits se distinguent par
certains traits particuliers. Si au niveau du style, Awzal manifeste un talent dans le
respect de la métrique et dans le langage poétique, au niveau de la forme, il s’inscrit,
comme Aznag, dans la compilation de textes versifiés. Les textes que nous
connaissons de la période antérieure sont soit des lexiques bilingues comme celui
d’Ibn Tunart soit des textes bilingues en arabe et des explications en amazighe
comme la moudaouana d’Ibn Ghanim et kitab taouhid, attribué à l’un des fils de Sidi
Abdelanâim El Hahi qui se trouve à la Bibliothèque nationale du royaume du Maroc.
Au-delà, il a orienté lmazghi vers une spécialisation thématique. La lecture des traités
d’Aznag montre la diversité des thèmes et des champs réunis dans une même œuvre
alors qu’Awzal a distingué, en compilant quatre livres différents, le domaine des
obligations rituelles, des pratiques, de l’édification et de l’éloge. L’étude des genres
produits après Awzal ne peut que confirmer l’affirmation de cette tendance vers la
spécialisation.
C’est pourquoi nous pouvons dire que, depuis le XVIe siècle, les zaouïas sont
devenues le lieu par excellence de la production et du développement de la tradition
lmazghi. Dans ce cadre, Tamegrout avait joué un rôle capital. Outre la diffusion
élargie de la tradition grâce à un réseau puissant et ordonné de succursales aux autres
régions et surtout de l’Anti-Atlas en inspirant à son tour les autres voies et confréries,
il a réussi, en la personne de Sidi Mohamed Ou Ali Awzal qui est disciple et célèbre
auteur de cette tradition, à améliorer et à fixer le modèle de référence de composition
des œuvres en amazighe proposé par Aznag et à initier la spécialisation thématique.

Bibliographie
Ad Darjini, A. (1974), Tabaqat al-Mashayikh bi lmaghrib (les Classes des savants
ibadites au Maghreb), Costantine, Imprimerie al Baât.
Afa, O. et Charaf E. (2009), Bahr ad-doumouâ en deux langues amazighe et arabe,
Casablanca, Imprimerie an-Najah al-Jadida.
al-Jishtimi, A. (1977), al-Hawd fi lfiqh al-maliki bi llisan al-amazighi, Casablanca,
Dar al-Kitab.
Amahan, A. (1993), « L’écriture en tachelhit est-elle une stratégie des zaouïas », in
Drouin et Roth (Eds), A la croisée des études libyco-berbères, mélanges offerts à
Lionel Galand et Paulette Galand-Pernet, Paris, p.437-449.
Amalek, A. (2006), Certains aspects de l’histoire de la zaouïa nassirite. De la
fondation à la mort du Cheikh Mohamed El Hanafi 1642-1907 (en arabe), Rabat,
Publications du ministère des Habous et des Affaires islamiques.

44
Tamegrout et le développement de la tradition de lmazghi

Anonyme (1860), Histoire des souvenirs du Maghreb et annales de la ville de Fès,


traduit de l’arabe par A. Beaumier, Paris.
Basset, H. (2001), Essai sur la littérature des Berbères, Paris, Ibis press-Awal, [1ère
édition, 1920].
Bekri, Ch. (2005), Le Royaume rostémide. Le premier Etat algérien, Alger, Editions
ENAG.
Berque, J. (2001), Al Youssi. Problèmes de la culture au Maroc au XVIIe siècle,
Rabat, Edition du Centre Tarik Ibn Ziyad, [1ère édition, 1958].
Bodin, M. (1918), « La zaouïa de Tamegrout », Archives Berbères, t.III, fasc.4, p.
259-295.
Boogert, N. (1992), « A sous berber poem on sidi Ahmed ben Nacer », Etudes et
Documents berbères, 9, p.121-137.
Boogert, N. (1995), Catalogue des manuscrits arabes et berbères du Fonds Roux
(Aix-en-Provence), Travaux et Documents de l’IREMAM n°18, Aix-en-Provence.
Boogert, N. (1997), The berber literary tradition of the Sous, with an edition and
translation of « the ocean of the tears » by Muhammad Awzal (d.1749), Leiden,
Nederlands Institut voor het Nabije Oosten.
El-Oufrani, M.-E. (1889), Histoire de la dynastie saàdienne au Maroc (1511-1670),
traduction de O. Houdas, Paris, Ernest Leroux.
Hajji, M. (1976), L’activité intellectuelle au Maroc au temps des Saadiens (en
arabe), Rabat, Publications de Dar Al Maghirb li tta’lif wa tarjama wa nachr.
Houdaigui, M. (2006), Tabakat al Houdaigui, préparation à l’édition et annotations
d’Ahmed Boumezgou, Casablanca, Imprimerie an-Najah al-Jadida.
Jouad, H. (1987), « Les tribulations d’un lettré en pays chleuh », Etudes et
Documents berbères, 2, p. 27-41.
Letourneau, R. (1949), Fès avant le protectorat. Etude sociale et économique d’une
ville de l’occident musulman, Casablanca, Société Marocaine du Livre et de
l’Edition.
Lewicki, T. (1934), « De quelques textes inédits en vieux berbère provenant d’une
chronique ibadite anonyme », Revue des Etudes islamiques, p. 275-296.
Lewicki, T. (1936), « Mélanges berbères-ibadhites », Revue des Etudes islamiques,
Cahier 3, p. 267-285.
Lewicki, T. (1961), « Les historiens, biographes et traditionnistes ibadites-wahbites
de l’Afrique du Nord du VIIIe au XVIe siècle », Folio Orientalia, III, p. 1-134.
Lewicki, T. (1966), « Sur le nom de Dieu chez les Berbères médiévaux », Folio
Orientalia, VII, p.227-229.

45
El Khatir Aboulkacem-Afulay

Motylinski, A.-C. (1895), « Bibliographie du Mzab. Les livres de la secte abadhite »,


Bulletin de la Correspondance Africaine, III, p. 15-72.
Motylinski, A.-C. (1907), « Le Manuscrit arabo-berbère de Zouagha découvert par
M. Rebillet. Notice sommaire et extraits », Actes du XIVe congrès des orientalistes
(Alger 1905), Paris, Leroux, t. II, p. 69-78.
Ould-Braham, O. (1988), « Sur une chronique arabo-berbère des Ibadites
médiévaux », Etudes et Documents Berbères, 4, p. 5-28.
Sadki, A. (1990), « La Montagne marocaine et le pouvoir central : un conflit
séculaire mal élucidé », Hespéris-Tamuda, Vol. 28, p. 15-28.
Sadki Azayku, A. (2002), « Avis juridiques de certains ulémas du Sud à propos du
régime des Ineflas dans le Haut-Atlas occidental au début du XVIIe siècle » in
L’histoire du Maroc. Les interprétations possibles, Rabat, Editions Centre Tarik Ibn
Ziyad, p. 185-238.
Slane, M.-G. (de) (1856)., « Note sur la langue, la littérature et les origines du peuple
berbère », in Histoire des Berbères et des dynasties musulmanes de l’Afrique
septentrionale par Ibn Khaldoun, Alger, Impr. du Gouvernement, t. IV, p. 489-584.
Soussi, M. M. (1987), al-Madaris al-‘ilmiyya al-‘atiqa bi Souss, nidhamuha wa
asatidatuha (Les écoles traditionnelles dans le Souss, leur système et enseignants),
Tanger, Mu’ssasat at-Taghlif wa Tiba’a wa Nnachr.
Soussi, M.M. (1960), Sus al-‘alima (Le Sous savant), Mohammedia, Imprimerie
Fédala.
Soussi, M.M. (1961), al-Ma’soul (Le mielleux), Casablanca, Imprimerie an-Najah
al-Jadidah.
Soussi, M.M. (1989), Rijalat al-‘ilmn al-‘arabi fi Sus. Min al-qarn al-xamis al-hijri
ila muntasaf al-qarn ar-rabi’ ‘ashar [Les Hommes de la science arabe dans le Souss.
Du ve siècle de l’hégire jusqu’au milieu du xive siècle], Tétouan, Mu’sassat at-
Taghlif wa Tiba’a wa Nnashr wa Ttawzi’ li Shamal.
Soussi, M.-M., (1960), at-Tiryaq al-mudawi fi axbar as-Shaykh sidi al-Hajj ‘Ali ad-
Derqawi, Tétouan, Imprimerie Al-Mahdiya.
Spillman, G. (2011), Esquisse d’histoire religieuse du Maroc. Confréries et Zaouïas,
Rabat, Publications de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines (1 ère édition
sous le pseudonyme de Georges Drague en 1951).
Stricker, B.-H. (1960), L’Océan des pleurs. Poème berbère de Muhammed al-
Awzali, Leyde, Publications de la Fondation de Goeje.
Vida, L.-D. (1978), « Kharidjites », Encyclopédie de l’Islam, t. VI, Leiden-Paris, p.
1106-1109.

46
Asinag-Asinag, 16, 2021, p. 47-58

Le livre : un levier pour la promotion de la langue et de


la culture amazighes.
Ramdane Achab 1
Entretien réalisé par le Comité de Rédaction

Vous avez fondé les Editions Achab en 2009, une maison d’édition qui a multiplié
ses efforts en vue de la publication des travaux et des études traitant tel(s)
aspect(s) ou telle(s) dimension(s) de la culture amazighe. Quelles sont les
motivations d’une telle entreprise ?

Permettez-moi de commencer par un bref historique sur l’édition amazighe, afin de


donner des points de repère aux lecteurs peu ou pas du tout avertis.
S’agissant de l’Algérie, l’édition amazighe au sens moderne du terme remonte au
19ème siècle, voire même avant, puisque le premier dictionnaire, celui de Venture
de Paradis, était déjà prêt à la fin du 18ème siècle, avant la colonisation française
(1830), même s’il ne fut publié qu’en 1844.
Cette édition était pour l’essentiel le fait de missionnaires religieux, de militaires et
d’universitaires, français pour la plupart : dictionnaires, grammaires, recueils de
littérature orale (poésie et contes notamment). A partir de la fin du 19ème siècle, des
auteurs autochtones, les « Précurseurs » comme les appelle Chaker, se mettront
également de la partie : travail de collecte, de fixation et de valorisation de la langue,
méthodes de langue, etc. Boulifa (1865-1931), par exemple, élabore deux méthodes
de langue kabyle, publie un recueil de poèmes de Si Muhend-U-Mhend, un livre
d’histoire en français, fait un voyage au Maroc et en ramène la matière d’une autre
publication : « Textes berbères de l’Atlas ».
Le FDB, Fichier de Documentation Berbère (1946-1976), constitue un autre foyer
éditorial important. Il a été créé et animé par des missionnaires religieux français, les
Pères Blancs (Dallet, Genevois, Lanfry). La grande majorité de leurs nombreuses
publications ont porté sur la Kabylie (contes, poésies, proverbes, devinettes, histoire,
botanique, zoologie, métiers traditionnels, méthode de langue, etc.), mais le FDB
s’est intéressé aussi aux autres variétés linguistiques amazighes (mozabite, berbère
libyen, Ouargla…). La qualité de la langue que l’on trouve dans leurs publications

1
Enseignant-chercheur, auteur, éditeur, Editions Achab, Tizi-Ouzou, Algérie.

47
Entretien avec Ramdane Achab

est tout simplement remarquable. Le FDB est par ailleurs à l’origine des bases
modernes de la notation usuelle en caractères latins.
Cela ne signifie pas, cependant, que la langue tamazight était « prise en charge »
pendant l’époque coloniale. Elle a au contraire reculé pendant cette période, comme
le prouvent des enquêtes linguistiques ainsi qu’un certain nombre d’autres écrits.
C’est pendant cette même période que la société traditionnelle berbère s’est
effondrée, la Kabylie vers la fin du 19ème siècle (défaite de 1871), le monde touareg
au début du 20ème (conquête du Sahara). Recul de la langue, isolement accru des
différentes régions berbérophones les unes par rapport aux autres, avec comme
conséquence une accentuation des écarts linguistiques, etc.
Ce panorama très rapide doit être complété par l’évocation, très rapide elle aussi, de
quelques autres grands auteurs autochtones : Jean El Mouhoub Amrouche (1906-
1962), Belaïd N At Ali (1909-1950), Marguerite Taos Amrouche (1913-1976),
Mouloud Feraoun (1913-1962), Malek Ouary (1916-2001), Mouloud Mammeri
(1917-1989), etc.
A partir de l’indépendance de l’Algérie (1962), et même avant, l’environnement
politique et idéologique est globalement très hostile à l’amazighité, tous domaines
confondus : langue, culture, histoire, civilisation, identité. Les entreprises nationales
SNED (Société nationale d’édition et de diffusion) et OPU (Office des publications
universitaires) ont le monopole de l’édition : contrôle du contenu et contrôle de
l’instrument linguistique qui exclut toute velléité d’éditer en tamazight. Même un
grand auteur comme Mammeri, à l’instar de quelques autres, se voit contraint de
publier en France ses travaux sur la langue, la littérature et la culture amazighes (Les
Isefra de Si Muhend en 1969, Tajerrumt en 1976, Poèmes kabyles anciens en 1980,
l’Ahellil du Gourara en 1985, etc.). Des auteurs qui ont « osé » proposer leurs
travaux en/sur tamazight à la SNED, entreprise d’Etat, se sont vu répondre
négativement par le « département des langues étrangères » de l’entreprise.
Quelques rares exceptions sont à signaler :
 le FDB a continué à publier ses travaux jusqu’à la mise sous scellés de ses
locaux à Alger en 1976, par le ministère algérien de l’Intérieur ;
 un recueil de poésies mozabites à été imprimé à Ghardaïa en 1985 ;
 Mammeri a fait imprimer au Centre de Recherches Anthropologiques,
Préhistoriques et Ethnographiques (CRAPE) (dont il était directeur) son
Précis de grammaire berbère et le tout premier tirage de l’Amawal n tmaziγt
tatrart, le lexique de néologismes sorti à Alger en 1974 avant son édition en
bonne et due forme en France en 1980.
Signalons rapidement les publications clandestines des années 1970 : Bulletins Iṭij,
Taftilt et Itri notamment. Signalons également la revue clandestine Tafsut (1981-
1989), revue emblématique du mouvement culturel berbère qui avait plusieurs
séries : une série ordinaire (14 numéros), une série spéciale Etudes et débats (3

48
L’écriture en langue amazighe et autour de l’amazighe

numéros) et une série scientifique et pédagogique qui a sorti 5 numéros, dont un


Lexique français-berbère de mathématiques (1984) (co-auteurs : M. Laïhem, H. Sadi
et R. Achab) et Tira n tmaziγt, un manuel d’initiation à la notation usuelle (1988)
(auteur : R. Achab), réimprimé par la suite à compte d’auteur à Tizi-Ouzou, en 1990.
Hend Sadi publie Tusnakt s wurar, un livre de mathématiques récréatives qui utilise
la terminologie publiée en 1984 par la revue Tafsut.
Il faut attendre la fin des années 1980 pour assister à un nouveau départ de l’édition
amazighe en Algérie, suite à l’ « ouverture politique » et la « libéralisation du champ
éditorial » : éditeurs privés constitués en bonne et due forme, édition à compte
d’auteurs, etc. Le coup d’envoi est donné en 1989 à Alger par la sortie de Yenna-yas
Ccix Muḥend de Mammeri ; l’éditeur Bouchène publie Tajerrumt n tmaziγt de
Mammeri, Imaziγen ass-a de Chaker, Aït-Menguellet chante de Tassadit Yacine…
Actuellement (2019), une quinzaine d’éditeurs privés publient en langue amazighe,
exclusivement ou parallèlement à d’autres langues.
La maison d’édition (Editions Achab) a été créée fin 2008. L’activité proprement
dite a commencé en 2009. Nous en sommes actuellement à 64 publications :
publications en français, publications en tamazight, publications bilingues
tamazight-français. La plupart des publications en tamazight sont en kabyle, mais
quelques-unes sont faites dans tamazight de Ghadamès en Libye, dans telle ou telle
variété de l’amazighe marocain, ou dans tamazight de Boussemghoun, ouest
algérien. Sur le plan quantitatif, il y a un certain équilibre entre les deux langues
utilisées, l’amazighe et le français, mais il s’agit d’un constat a postériori et non pas
d’un objectif fixé en amont.
Les motivations ? Tout simplement apporter notre pierre à l’édifice, contribuer à
(ré)installer l’écrit dans la société, accompagner le difficile mouvement de passage
à l’écrit, faire découvrir de nouveaux auteurs, essayer de faire un travail de qualité
qui soit à la hauteur des attentes du public, à la hauteur d’un idéal, contribuer d’une
façon générale, à travers le livre, à la promotion de la langue, de la culture, de la
civilisation et de l’identité amazighes. Avec une exigence importante cependant : pas
de populisme, pas de démagogie : nous ne partageons pas le point de vue de ceux
qui disent qu’il faut publier tout ce qui s’écrit en amazighe, que la qualité viendra
plus tard, etc. Nous pensons au contraire qu’il faut exiger un certain niveau de qualité
dès maintenant, dès le départ, pour ne pas se laisser envahir par la médiocrité.
Permettez-moi de faire observer que tous ces auteurs ont inscrit leurs travaux dans
cet ensemble que nous désignons aujourd’hui par le terme tamazight, qui pour nous
ne représente pas une langue unique, mais un ensemble composé de toutes ses
variétés. C’était le cas, par exemple, pour les poètes-militants du milieu des années
1940 qui, pour composer en kabyle leurs chansons nationalistes, ont pris et utilisé
des mots ou des racines appartenant à d’autres variétés linguistiques que le kabyle.

49
Entretien avec Ramdane Achab

Une autre observation concerne l’existence d’un lectorat d’écrits amazighes notés en
caractères latins, très limité sur le plan du nombre, dès le début du 20ème siècle, voire
au 19ème siècle, même si, comme chacun sait, la langue amazighe était et reste
toujours une langue essentiellement orale. Ce premier lectorat de textes amazighs
notés en caractères latins était tout naturellement constitué d’autochtones qui ont
fréquenté les écoles françaises, à partir du milieu des années 1870.

A la lumière de votre expérience dans ce domaine, que pouvez-vous nous dire à


propos de l’édition dans le projet de promotion de la culture amazighe ?

La promotion de la langue, de la culture, de l’Histoire, de la civilisation et de


l’identité amazighes est un chantier monumental. D’autant plus monumental que ces
entités ont été, pendant très longtemps, globalement et dans le détail de chacune
d’elles, niées, marginalisées, combattues, minorées, manipulées et réprimées par les
pouvoirs en place.
Il ne faut surtout pas penser que tout cela est terminé, que les pages noires de notre
Histoire ont été tournées, et que nous sommes maintenant dans le meilleur des
mondes.
La langue par exemple, au-delà des acquis du mouvement revendicatif, au-delà des
évolutions dans le domaine du statut et de l’enseignement, est toujours une langue
dominée. Elle n’est toujours pas valorisée socialement, ou très peu, elle est toujours
menacée de disparition, elle continue de disparaître sous nos yeux dans de
nombreuses contrées, elle recule jour après jour y compris dans des régions de
longue tradition amazighophone. Même les bastions historiques ne sont plus
vraiment à l’abri d’une érosion qui semble s’accélérer. Il n’y a plus de citadelle
imprenable.
Le chantier est donc monumental. Les besoins ne sont pas seulement matériels,
comme on a tendance à le penser, comme on a tendance à le « revendiquer ». Le
levier principal, essentiel, est la volonté politique des pouvoirs. Une réorganisation
profonde des Etats, une refonte qui les sortirait enfin des violences que nous avons
héritées de l’histoire, de l’autoritarisme et de l’impasse, une reconnaissance franche
et décomplexée des régions naturelles, des langues, des cultures, des identités, des
humanités réelles qui vivent et qui vibrent, avec des pouvoirs réels étendus aux
régions, une refonte qui garantirait non seulement la promotion de la langue, mais
également la promotion de toutes les libertés, de toutes les diversités et de tous les
pluralismes. C’est cet environnement qui fait cruellement défaut, un environnement
irréductible à des postes budgétaires, des millions ou des milliards, des statuts, des
académies, etc.

50
L’écriture en langue amazighe et autour de l’amazighe

Dans ce mouvement qui est un mouvement d’émancipation, comme un nouveau


départ dans la vie, l’édition a bien évidemment un rôle à jouer : accompagnement,
éducation, pédagogie, contribution au débat d’idées, anticipation, etc. Probablement
aussi un rôle spécifique au domaine amazigh dans lequel l’oralité continue de
prédominer très fortement : apprivoiser l’écrit, le socialiser, arriver progressivement
à en faire un élément naturel, apaisé, du paysage culturel. Mais la tâche est
évidemment bien trop grande pour la seule édition.

Qu’en est-il des options qui président à la politique d’édition et de diffusion en


ce qui concerne le livre amazighe ? Quels genres d’ouvrages publiez-vous ? Et
qu’en est-il des rééditions ?

Il n’existe pas de politique d’édition et de diffusion du livre amazigh, à quelque


niveau que ce soit, national ou régional. Chaque maison d’édition privée travaille, à
ma connaissance, en toute autonomie. Il y a des contacts, des échanges, des
proximités, des co-éditions, etc., mais cela ne fait pas une politique. Une politique
suppose en amont un certain nombre de lignes directrices partagées, une
mutualisation des savoirs, des objectifs à atteindre, des expériences, des moyens, un
programme commun de travail, etc.
Une mutualisation, partielle ou totale, des moyens est toujours envisageable
(partager un même espace, avoir le même imprimeur, le même infographe, etc.) ;
cela a déjà été envisagé et même tenté par le passé par des éditeurs. Je ne pense pas,
cependant, qu’il faille aller plus loin, sauf si bien sûr c’est vraiment la volonté de
chacun des partenaires. Il ne faut pas céder à la tentation, à la demande de fusion,
d’unicité. Chaque maison d’édition à sa propre histoire, son identité, sa ligne
éditoriale formelle ou implicite, ses choix, etc. Cette diversité est une richesse qu’il
faut préserver au lieu de chercher à la réduire.
J’aimerais reprendre ici une proposition que j’ai déjà faite il y a plusieurs années
dans un entretien, celle de la création d’un Pôle éditorial international à l’échelle de
toute l’Afrique du Nord. Ce Pôle serait consacré au domaine amazigh dans toute sa
généralité, tous domaines confondus, toutes langues d’expression confondues. Il
mutualiserait les volontés, les efforts et les compétences de plusieurs maisons
d’édition (Algérie, Maroc, Tunisie et Libye notamment), avec, aussi, une présence à
l’international (Europe, Canada) pour pouvoir répondre aux besoins de nos
diasporas.
Les maisons d’édition qui en feraient partie devraient avoir en commun un certain
nombre de lignes directrices fortes, essentielles. Il faudrait se mettre d’accord sur
une véritable charte, avant de se mettre à travailler ensemble. Un tel Pôle sera en
mesure de répondre à une demande qui, elle, est internationale. Avec les moyens
techniques qui existent maintenant, si un titre est retenu pour publication, il pourrait

51
Entretien avec Ramdane Achab

sortir simultanément dans plusieurs pays amazighophones et à l’international. A


l’intérieur de ce Pôle, les maisons d’édition garderaient chacune une large
autonomie.
Cela suppose, bien sûr, des moyens matériels relativement importants, mais il me
semble possible de commencer par une formule de base, minimale, de la tester, de
la consolider et de l’élargir progressivement.
Au sein de notre maison d’édition, lorsqu’il s’agit de littérature, un seul critère est
décisif pour qu’un ouvrage soit retenu : c’est la qualité de la langue, la beauté du
texte, l’esthétique. Pour nous, la langue d’écriture doit être adossée à une très grande
maîtrise de la langue traditionnelle, c’est-à-dire la langue vivante, vocabulaire,
expressions, locutions, etc. Cela implique en particulier que nous ne prenons pas les
écrits qui regorgent de néologismes, sauf s’il s’agit de livres techniques ou
scientifiques pour lesquels la terminologie est nécessaire. Nous nous méfions
également des calques à partir de l’arabe et du français, parce que les calques portent
atteinte aux structures profondes de la langue, à la syntaxe, etc. L’abus de
néologismes et le calque produisent d’ailleurs un résultat bizarre, une sorte de
« langue maternelle étrangère » ou en tout cas étrange, comme je le dis souvent en
plaisantant à peine. Lorsqu’un médecin vous prescrit un médicament, il vous indique
aussi la posologie. S’il vous demande de prendre 1 comprimé le matin, 1 comprimé
à midi et 1 comprimé le soir, et que vous avalez la boîte d’un seul coup, vous risquez
d’en patir au lieu de guérir. Abus de néologismes, chasse aux emprunts « arabes »
ou supposés arabes, calques syntaxiques à partir de l’arabe ou du français risquent
de décourager bien des lecteurs, de provoquer des phénomènes de désaffection et de
rejet, de marquer négativement une écriture amazighe encore fragile, une écriture
qui n’a pas eu le temps de grandir pour pouvoir supporter toutes les pressions et les
contorsions auxquelles elle est soumise.
Un autre aspect de notre ligne éditoriale est la diversité linguistique à l’intérieur du
domaine amazigh. La maison d’édition étant basée à Tizi-Ouzou, le kabyle est
naturellement très présent dans nos publications, mais nous avons déjà édité dans
des variétés linguistiques marocaines, libyenne, etc. Même à l’intérieur du domaine
amazigh algérien, nous avons publié récemment un livre de Hassane Benamara sur
l’amazigh de Boussemghoun. Un bel exemple d’ailleurs : un livre sur une variété
amazighe de l’ouest algérien, écrit par un berbérisant marocain. Le même auteur
nous avait proposé auparavant des Contes de Figuig que nous avons également
édités. Plus récemment, nous avons réédité en Algérie le Dictionnaire du monde
marin de la région du Souss de Réquia Douchaïna-Ouammou, ainsi que des
nouvelles littéraires d’Asafar Lihi. S’agissant de l’amazigh libyen, nous avons
réédité le glossaire de Jacques Lanfry sous le titre Dictionnaire de berbère libyen
(Ghadamès).
Enfin, s’agissant des rééditions, nous avions projeté de rééditer toutes les
publications du FDB, avec actualisation de l’orthographe. Motivation : la qualité des
matériaux que le Fichier a publiés pendant une trentaine d’années (1946-1976), la

52
L’écriture en langue amazighe et autour de l’amazighe

qualité de la langue notamment. Ainsi, nous avons réédité Le Roman de Chacal de


Brahim Zellal (réédité auparavant par Tassadit Yacine), la méthode de langue kabyle
Tizi Wwuccen (Allain et Brousse), le Dictionnaire de Jacques Lanfry cité plus haut,
deux publications d’Henri Genevois sur l’habitation kabyle et le travail de la laine.
Ce projet de réédition du FDB a été contrarié par la publication sur internet d’une
grande partie des fascicules.
Dans la réédition toujours, nous avons un livre du linguiste berbérisant Lionel
Galand, un roman de Benaouf, un roman de Kaïssa Khalifi, L’Afrique du Nord au
féminin de Gabriel Camps, La mort de Salah Baye et Yahia, pas de chance de Nabile
Farès, le Bulletin d’Etudes Berbères (1972-1977), un numéro de la revue Tifin
consacré à Mohia, le Lexique de la linguistique d’Abdelaziz Berkaï.

Aujourd’hui, il est un nombre non négligeable de jeunes qui écrivent en langue


amazighe, ce que l’on nomme la néo-littérature. Quelle est leur position dans la
politique d’édition et de promotion de votre maison d’édition ?

Vous avez tout à fait raison de parler du nombre non négligeable de jeunes qui
écrivent en langue amazighe. Je pense que les maisons d’édition existantes n’arrivent
plus à faire face, à cause, bien sûr, de la modicité des moyens dont elles disposent.
D’année en année, il se crée d’ailleurs de nouvelles maisons d’édition. Il faut bien
évidemment saluer cette arrivée de jeunes auteurs, pour toutes les raisons du monde.
Avec eux, Tamaziγt se renouvelle et s’installe dans la durée. Qu’il s’agisse de la
production écrite, de l’intérêt pour la langue en général, ou du mouvement
revendicatif, la présence et l’implicaton des jeunes constituent une véritable source
de jouvence, un jaillissement de vie et d’innovations de toutes sortes.
Il y a un renouvellement profond des genres : le roman, la nouvelle et le théâtre
s’ajoutent à la poésie qui appartenait déjà à la littérature orale. Des livres pour enfants
remplacent d’une certaine façon le conte qui n’existe plus ou presque plus dans sa
configuration traditionnelle. Des études, des essais, des dictionnaires, des
terminologies en langue amazighe sont publiés. Des auteurs explorent les sciences
exactes (mathématiques, sciences physiques, informatique…), les sciences
naturelles, telle ou telle partie de la médecine, etc. La production audio-visuelle
s’installe petit à petit, malgré la modicité des moyens. Des incursions prometteuses
sont faites dans les systèmes informatiques et l’internet… avec absence totale de
moyens…
Pour en revenir aux œuvres écrites par des « jeunes », nous avons édité des poèmes
de Katia Touat (Ijeγlalen n tudert), de Mexluf n At Qasi U Sɛid (Taḥbult n tatut) et
de Mourad Bakir (Timiqwa), un roman de Kaysa Khalifi (Iḥulfan), des nouvelles de
Murad Irnaten (Di lǧerra-k ay awal…), de Noufel Bouzeboudja (D tayri kan), de

53
Entretien avec Ramdane Achab

Tilyuna Su (Souad Chibout) (Asikel) et d’Asafar Lihi (Tudmawin n yiwen yiḍ), des
chroniques de Tahar Ould Amar (Tafunast i itteẓẓgen pétrole).
Parmi les « jeunes » un peu moins jeunes, nous aimerions évoquer deux livres
d’Ameziane Kezzar (traduction-adaptation d’œuvres françaises et traduction-
adaptation de l’œuvre de Georges Brassens), les poèmes d’Ali Akkache, une étude
de Ramdane Lasheb sur la poésie féminine pendant la guerre de libération (1954-
1962), une traduction par Muhend Belmadi d’une pièce de théâtre de Mohammed
Dib, un roman de Belkacem Meghzouchene sur l’insurrection de 1871, un mémoire
de critique cinématographique de Larbi Oudjedi, deux livres de Bahia Amellal, un
manuel de langue d’Amirouhe Chelli, une traduction collective d’une pièce de
théâtre de Molière (Tixurdas n Saɛid Weḥsen).
Enfin, l’œuvre bilingue de la poétesse Hadjira Oubachir, un livre-témoignage de
Nadia Mohia consacré à sa propre famille, un livre du sociologue Brahim Salhi sur
la citoyenneté et l’identité en Algérie, un livre de Camille Lacoste-Dujardin sur la
Kabylie, trois romans et un essai de Aumer U Lamara, un roman de Djamal Benaouf,
deux livres de Rachid Ali Yahia, un dictionnaire d’hydronymie de Cheriguen, un
dictionnaire toponymique et historique de Haddadou, un travail universitaire
d’Ahsène Taleb sur les locutions verbales kabyles, un livre de Khadidja Djama sur
l’histoire de sa propre famille algéro-marocaine et l’histoire de la radio kabyle
d’Alger, un livre en kabyle de sciences physiques de niveau supérieur de Mohand
Mokhtari, une traduction, par Hocine Haroun, d’une pièce de théâtre de Sartre, un
livre de Hend Sadi sur La colline oubliée de Mammeri, des contes modernes écrits
par Akli Kebaïli, un dictionnaire de proverbes de Ṛemḍan At Menṣur (Amawal n
yinzan), un roman (La Sainte) de Mohammed Attaf, un livre collectif sur les bijoux,
des chroniques journalistiques d’El-Houari Dilmi.
Continuité et renouvellement, la langue elle-même change bien évidemment, comme
toutes les langues, à pas feutrés, imperceptiblement si l’on ne prête pas attention.

Quelle évaluation feriez-vous du bilan de l’édition du livre amazighe en général


et quelle est la valeur ajoutée des Editions Achab ?

Si l’on tient compte de la situation objective de la langue tamazight, de sa position


basse dans la hiérarchie des langues en présence, des risques sérieux d’extinction, si
l’on tient compte des difficultés du terrain, dont la relative faiblesse du lectorat, les
problèmes de distribution, le fait que l’Etat garde toujours le monopole de la
distribution du livre dans des créneaux importants comme les bibliothèques
municipales, les bibliothèques scolaires, etc., je pense que le bilan est plutôt positif :
l’édition amazighe existe socialement, malgré les confinements géographiques, elle
s’est faite une place dans la société et les activités qui tournent autour du livre. Il ne
s’agit pas, bien sûr, de verser dans l’auto-satisfaction, l’auto-glorification, dans

54
L’écriture en langue amazighe et autour de l’amazighe

l’auto-dithyrambe, mais un lectorat est en train de naître sous nos yeux, de naître ou
de renaître si l’on intègre le fait que l’édition amazighe existe depuis le 19ème siècle.
Le bassin de lecteurs possède de nos jours une assise objective (universités,
étudiants, enseignants, élèves) qui vient s’ajouter en le consolidant fortement au
bassin traditionnel constitué par les seuls passionnés. Petit à petit également, se
constitue une critique littéraire de plus en plus sérieuse, de plus en plus en plus
objective parce qu’adossée au savoir académique dispensé à l’université. Les médias
s’ouvrent de plus en plus au livre amazigh, les cafés littéraires et autres conférences,
les salons du livre, les librairies : le livre amazigh a indéniablement conquis une
place qu’il s’agira bien sûr de confirmer, de prolonger sur la longue durée, de
consolider et d’élargir. Tous les genres sont maintenant représentés à l’écrit : poésie,
romans, nouvelles, théâtre, études, essais, livres pour enfants…
Les difficultés aussi sont toujours là, des difficultés de toutes sortes, des pesanteurs,
des forces d’inertie et des résistances au sein même des communautés
berbérophones, qui font que l’édition en langue amazighe est un véritable défi, un
combat au corps à corps, quotidien.
La valeur ajoutée ? C’est aux lecteurs et au public de façon générale d’en juger. Je
reste personnellement très attaché à la ligne que je me suis fixée : la qualité de la
langue avant tout, la diversité linguistique à l’intérieur du domaine amazigh afin de
permettre aux lecteurs de voir des publications écrites dans d’autres variétés
dialectales, de s’y intéresser, pourquoi pas de les découvrir en les lisant, de prendre
conscience des proximités et des écarts, de ressentir ne serait-ce que vaguement l’air
de famille qui se dégage des mots, des racines, des expressions, malgré les mots
inconnus ou méconnaissables, des syntaxes étranges, malgré tous les obstacles sur
lesquels continue de trébucher notre patrimoine linguistique commun.
C’est à la découverte de ce patrimoine qu’il faut convier nos lecteurs, un patrimoine
orphelin qui ne demande qu’à se relever et qui n’a personne d’autre que nous pour
le prendre par la main et le mener à bon port.

Mai 2019

55
Entretien avec Ramdane Achab

Annexe
Publications des Editions Achab
(2009-2019)

Berkaï Abdelaziz, Lexique de la linguistique français-anglais-tamazight. Précédé


d’un essai de typologie des procédés néologiques.
Farès Nabile, Yahia, Pas de Chance, un jeune homme de Kabylie (roman).
Amellal Bahia, La Ruche de Kabylie (1940-1975). Préface de Karima Dirèche.
Kebaïli Akli, Mraw n tmucuha i yiḍes. Tazwart n Kamal Naït-Zerrad.
Mohia Nadia, La fête des Kabytchous. Préface de Mahmoud Sami-Ali.
Oudjedi Larbi, Rupture et changement dans La colline oubliée. Préface de Youcef
Zirem.
Zellal Brahim, Le roman de Chacal. Textes présentés par Tassadit Yacine.
Salhi Mohammed Brahim, Algérie : citoyenneté et identité. Préface d’Ahmed
Mahiou.
Donsimoni Myriam, Kemmar Mohamed, Perret-Karnot Cécile, Les bijoutiers d’Ath-
Yenni. Construire une attractivité territoriale sur les savoir-faire artisanaux
ancestraux. Préface d’Ali Asmani.
Ali Yahia Rachid, Réflexion sur la langue arabe classique.
Kezzar Ameziane, Aγyul n Ǧanǧis. Adaptations kabyles d’œuvres de Jacques
Prévert, Franck Pavloff et Raymond Queneau.
Attaf Mohammed, La Sainte. Roman.
Farès Nabile, Il était une fois, l’Algérie. Conte roman fantastique.
Oubachir Hadjira, Tirga n tmes. Rêves de feu. Préface de Rachid Mokhtari.
Amellal Bahia, Dans le giron d’une montagne. Chronique historique.
Ṛemḍan At Menṣur, Amawal n yinzan. Dictionnaire de proverbes kabyles. Edition
bilingue kabyle-français.
Ali Yahia Rachid, Sur la question nationale en Algérie.
Tifin (Revue de littératures berbères), Mohia : Esquisses d’un portrait.
U Lamara Aumer, Akkin i wedrar (ungal).

56
L’écriture en langue amazighe et autour de l’amazighe

Lanfry Jacques, Dictionnaire de berbère libyen (Ghadamès). Préface de Lionel


Galand.
Muḥend-u-Yeḥya, Djamal Abbache, Boubekeur Almi, Saïd Hammache, Idir Naït-
Abdellah, Tahar Slimani, Mokrane Taguemout, Tixurdas n Saɛid Weḥsen. D’après
Les fourberies de Scapin, de Molière. Présenté par Nadia Mohia.
Dilmi El-Houari, Des mots en rondelles. Chroniques. Préface de Hakim Laâlam.
Cheriguen Foudil, Dictionnaire d’hydronymie générale de l’Afrique du Nord
(Algérie, Maroc, Tunisie).
Chelli Amirouche, Manuel didactico-pédagogique d’initiation à la langue berbère
de Kabylie.
Benamara Hassane, Contes de Figuig. Tinfas n Ifeyyey. Timucuha n Ifeyyey.
Illustrations : Pali (Abdeljebbar Abbass).
Haddadou Mohand-Akli, Dictionnaire toponymique et historique de l’Algérie.
Genevois Henri, L’habitation kabyle. Collection Fichier de Documentation Berbère.
Genevois Henri, Sut taduṭ. La laine et le rituel des tisseuses. Collection Fichier de
Documentation Berbère.
Galand Lionel, Regards sur le berbère.
Achab Ramdane, L’aménagement du lexique berbère de 1945 à nos jours. Préface
de Salem Chaker.
Sadi Hend, Mouloud Mammeri ou la colline emblématique. Préface de Nabile Farès.
Kezzar Ameziane, Brassens. Tuγac d isefra.
Allain Madeleine et Brousse Lucienne, Tizi Wwuccen. Méthode multimédia de
langue tamazight (kabyle). Aselmed amezwaru n tmaziγt (taqbaylit).
Lacoste-Dujardin Camille, La Kabylie du Djurdjura : du bastion montagnard à la
diaspora.
Lasheb Ramdane, Lgirra n 1954-1962 deg tmedyazt n tilawin.
Farès Nabile, Ilemẓi n tmurt Iqbayliyen. Yahia, Pas de Chance, un jeune homme de
Kabylie, yerra-t-id Ramdane Achab γer teqbaylit.
U Lamara Aumer, Timlilit di 1962 (ungal).
Irnaten Murad, Di lǧerra-k ay awal... Tazwart n Kamal Bouamara.
Akkache Ali, Tafat (isefra).
Haroun Hocine, Udem s udem. Taγuri tilellit n Morts sans sépulture n Jean-Paul
Sartre (adaptation libre de Morts sans sépulture de Jean-Paul Sartre).
Ould Amar Tahar, Tafunast i itteẓẓgen pétrole. Tazwart n Saïd Chemakh.

57
Entretien avec Ramdane Achab

Groupe d’Etudes Berbères, Université Paris VIII-Vincennes. Bulletin d’Etudes


Berbères. Numéros 1 à 12. 1973 à 1977. Préface de Lionel Galand.
Taleb Ahsène, Ayt Abdelmoumen. Repères historiques. Préface d’Arab Sekhi.
Tilyuna Su (Chibout Souad), Asikel (tullist).
Bouzeboudja Noufel, D tayri kan (tullisin).
U Lamara Aumer, Taârabt-tinneslemt n usekkak (tamsirt).
Dib Mohammed, Afus tiγratin i mm tcelliqin (amezgun). Mille hourras pour une
gueuse (théâtre), yerra-tt-id Muḥend Belmadi γer teqbaylit.
Benaouf Djamal, Timlilit n tγermiwin (ungal). Tazwart n Kamal Naït-Zerrad.
Douchaïna-Ouammou Réquia, Dictionnaire du monde marin de la région du Souss.
Farès Nabile, La mort de Salah Baye, ou la vie obscure d’un Maghrébin. Récit.
Présenté par Ali Chibani.
Taleb Ahsène, Les locutions verbales kabyles. Etude linguistique et corpus.
Touat Katia, Ijeγlalen n tudert. Tamedyazt. Tazwart n Nacira Abrous.
Meghzouchene Belkacem, Tazemmurt tcudd s akal-is. Kayan yeqqden tanekkra n
1871. Ungal.
Benamara Hassane, Aḍu n Busemγun. Isefra, tinufas d umawal n iǧen n uγrem g
wadday n Žayer. Souffle de Boussemghoun. Poèmes, contes et lexique d’un ksar du
sud algérien.
Bakir Mourad, Timiqwa (tamedyazt).
Achab Ramdane, Recueil de textes. Ammud n yeḍrisen (1981-2018). Editoriaux de
la revue Tafsut, communications, entretiens, articles, extraits choisis, document
inédit.
Lihi Asafar, Tudmawin n yiwen yiḍ (tullisin). Tga-as tazwart : Nasira Abrous.
Camps Gabriel, L’Afrique du Nord au féminin. Héroïnes du Maghreb et du Sahara.
Mexluf n At Qasi U Sɛid, Taḥbult n tatut (tamedyazt).
Djama Khadidja, Rescapée du conflit algéro-marocain.
Mokhtari Mohand, Tafizikt s teqbaylit. (talikṭrunikt akked uslugen).Tazwart n
Rachid Bennacer.
Xalifi Kaysa, Iḥulfan. Ipulfan (ungal). Tazwart n Kamal Buɛmara.
U Lamara Aumer, Agadir n Roma (les remparts de Rome). (ungal).
Moreau Jean-Bernard et Dahmani Mohamed, Les symboles de fertilité des poteries
berbères d’Algérie.

58
Varia
Asinag-Asinag, 16,2021, p.61 - 90

Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh:


An Optimality-theoretic Account *

Karim Bensoukas
LLAC Laboratory/2LACS Research Center
Mohammed V University in Rabat- FLHS

It has commonly been pointed out that Tamazight and Tarifiyt avoid the
appearance of schwa in open syllables. We take this restriction as a starting point
and propose a constraint that bans the association of schwa with a mora. This
constraint is so pervasive in the grammar of the Amazigh dialects concerned that
other apparently unrelated phonological and morpho-phonological phenomena
ensue from it. First, schwa never participates in a vowel epenthesis augmentation
phenomenon. Second, it does not contribute to the weight of closed syllables for
stress reasons. Finally, it does not participate in compensatory lengthening to fill
a vacant mora.

Keywords: mora, schwa, non-moraic vowel, syllable weight, Amazigh

Il a été communément souligné que tamazight et tarifiyt évitent l’apparition du chva


en syllabe ouverte. Nous prenons ceci comme point de départ et proposons une
contrainte qui interdit l’association du chva à une more. Cette contrainte est
tellement omniprésente dans la grammaire des parlers amazighes concernés que
d’autres phénomènes phonologiques et morpho-phonologiques apparemment non-
reliés en découlent. Chva ne participe jamais à un phénomène d’augmentation par
épenthèse vocalique, il ne contribue pas au poids des syllabes fermées pour des
raisons d’accentuation, et ne remplit pas non plus une more vacante en cas
d’allongement compensatoire.

Mots-clés: More, schwa, voyelle non moraïque, poids des syllabes, amazighe
*
This paper is an Optimality-Theoretic formalization of the basic idea in “A Note on the
absence of schwa from open syllables in Amazighe”, a paper I presented at the study day La
Langue Amazighe: Approche Linguistique, FLHS, Ben M’Sik, Casablanca, 18 March 2004,
a complete and updated version of which is published as Bensoukas (2017a). For their
comments on a presentation based on this paper, I would like to thank the participants and
audience at the conference Mother Tongues and Linguistics (in honor of Prof. Jilali Saib),
FLHS, Rabat, 21-22 February 2013. The analyses contained herein have been presented in
various places, some in collaboration with N. Amrous and A. Boudlal. At various points, I
benefited from discussions with and comments from A. Adnor, N. Amrous, A. Boudlal, M.
Chtatou, R. Faizi, N. Fehri, E.M. Iazzi, and M. Marouane. I also benefited from the comments
of Asinag reviewers. The usual disclaimer applies.

61
Karim Bensoukas

1. Introduction
As opposed to the full vowels [i, u, a], schwa never occurs in open syllables in
Amazigh, definitely a particularity of schwa and apparently a commonality of
Tamazight and Tarifiyt dialects of Amazigh (Saib, 1976a-b; Guerssel, 1976; Chtatou,
1982; Bensoukas, 2017a among others). To this effect, Saib (1976b) formalizes a
constraint *ǝ], spelt out as *Cǝ, *ǝCV, *VCǝ, *ǝCǝ, *ǝGǝ (where G stands for a
geminate consonant).1
After further scrutiny, it turns out that schwa is exceptional in further respects: (i) Schwa
syllables are treated by the stress system as light, (ii) schwa never participates in
augmentation of morphological stems, and (iii) a special compensatory phenomenon
never resorts to schwa. Since syllable weight is what these phenomena share, it seems
that schwa eschews all contexts where vowel weight is at stake. As a unifying account
for the behavior of schwa, the proposal I will advance is that epenthetic schwa is a non-
moraic vowel (Bensoukas, 2006/2007, 2017a; Bensoukas and Boudlal, 2012a-b; Shih,
2018).
Using parallel Optimality Theory (OT) (Prince and Smolensky, 1993/2004; McCarthy
and Prince, 1993, 1995, 1999), I formalize the proposal in terms of constraint interaction
(§2). A markedness constraint against the association of schwa with a mora is high-
ranking in the grammar of Amazigh, thus ruling out any configuration containing a
moraic schwa. Such a constraint is not relevant to full vowels, the markedness constraints
on their being associated to moras being low-ranking. Evidence for my proposal
constitutes the bulk of §3 and §4. In §3, syllabification and stress assignment reveal that
(i) schwa is an epenthetic vowel which shuns open syllables, and quite interestingly that
(ii) schwa syllables, although closed, are treated by the stress system as light. In §4, two
weight sensitive phenomena are discussed which never resort to schwa: prosodic
augmentation of morphological stems through vowel epenthesis (in most dialects) and
the diphthongization ensuing from a compensatory lengthening phenomenon (CL) in
Tarifiyt. In §5, I make suggestions for future research.

2. The proposal

2.1. Theoretical background

I rely on the standard assumptions of generative prosodic (moraic) phonology.


Syllable weight is based on the number of moras dominated by the syllable node

1
Tashlhit data is not considered in this paper. Tashlhit has been argued to have a different
syllable structure, with consonants playing the role of the nuclear element of consonant-only
syllables, thus overriding the need for schwa epenthesis (Dell and Elmedlaoui, 1985, 2002;
Boukous, 1987, 2009; Prince and Smolensky, 1993/2004; Ridouane, 2008, 2016; Hdouch,
2012, among others). For syllable weight in Tashlhit, see Jebbour (1996, 1999) as well as
Dell and Elmedlaoui (2017).

62
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

(Hyman, 1985; McCarthy and Prince, 1986, 1993; Hayes, 1989; Zec, 1988; Gordon,
2004, 2006, among others): A light syllable contains a single mora (1a), while a heavy
syllable contains two (1b-c) (Hyman, 1985; McCarthy and Prince, 1986, 1993; Hayes,
1989):
(1) Light (L) vs. heavy (H) syllables:
a. L = []: b. H = []: c. H = []:
  

    

C V C V C VC

A further distinction is drawn between distinctive and coerced weight (Morén, 1999,
2003). Long vowels and diphthongs have distinctive vowel weight underlyingly and
are associated with two moras (Rosenthall, 1994; Selkirk, 1990; Katada, 1990),
making their syllables heavy. In contrast, coerced weight results from phonological
activity, as in the case of (i) augmenting a word to satisfy minimality requirements,
(ii) CL, or (iii) assigning a mora to a coda through Weight-By-Position (WBP)
(Hayes, 1989).
I also assume the basic tenets of parallel OT (Prince and Smolensky, 1993/2004;
McCarthy and Prince, 1993, 1995, 1999), in which the mapping of input onto output is
governed by the interaction of potentially violable, universal constraints on output well-
formedness. These constraints are basically of two kinds: Markedness constraints and
faithfulness constraints. McCarthy (2007: 264) describes OT as having two
components. The ‘operational component’- the Generator function (GEN) of OT- is
claimed to be part of Universal Grammar, to have access to the primitives of
phonological representation and to be endowed with Freedom of Analysis. It can thus
provide for a given input an infinite set of candidate analyses ({Cand1, Cand2,…,
Candn}). The ‘constraint component’ of OT, called Evaluation (EVAL), assesses the
well-formedness of these candidates against a hierarchy of constraints in a parallel and
inclusive fashion. Only one candidate is optimal, the one best satisfying EVAL by
incurring minimal violations of the constraints.
Generally, the demands of constraints may result in a ‘conflict’ which is resolved by
ranking the constraints on a language particular basis. Accordingly, a particular
grammar may be viewed as a ranked hierarchy of universal constraints. Ranking
constraints with each other is based on constraint arguments as in the following two-
by-two tableau :

(2) Input Constraint A Constraint B


a. Candidate 1 *!
 b. Candidate 2 *

63
Karim Bensoukas

Two candidates are evaluated. (2a) violates the dominant constraint, the one to the
left of the top row. (2b) violates the lower ranked constraint. Each candidate incurs
one violation mark indicated by ‘*’ in the corresponding cell. However, violating the
higher ranked constraint is fatal (indicated by ‘*!’). The symbol ‘’ indicates the
optimal candidate.
With this background in mind, I will show that, instead of treating the constraint *ǝ] 
as a primitive, its effect is obtained through the interaction of constraints on moraic
well-formedness, with the association of schwa to a mora being ruled ill-formed.

2.2. Schwa is not mora-bearing

The proposal consists in treating schwa as a non-moraic vowel. This idea is


formalized using the basic tenets of OT (Bensoukas, 2006/7; Bensoukas and Boudlal,
2012a-b; see also the recent work of Shih, 2018).2
Crucial at this point is the fact that vowels are underlyingly moraic (Hyman, 1985; Zec,
1988 for example.) Amazigh open syllables with a nuclear schwa would have the
representation provided in (3b), which is ill-formed, as opposed to that of open, well-
formed syllables with a full vowel (3a). Syllables with a schwa nucleus must have the
structure provided in (6c) below.

(3) a. [Caµ], [Ciµ], [Cuµ] b. * [Cəµ]

In my analysis, vowels remain faithful to their underlying moraicity, but I will argue
that, in all events, schwa does not have an associated mora. The basic interaction in this
context is one between the markedness constraint *µ/V (a family of constraints) and
MaxLink-Mora [SEG] (after Morén, 1999, 2003):

(4) Mora structure in Amazigh:


*µ/V: Do not associate a mora with a vowel.
MaxLink-Mora [SEG]: A particular segment affiliated with a mora
underlyingly should remain affiliated with a mora on the surface.

Since only schwa seems not to be allowed in open syllables, I suggest splitting the
constraint *µ/V into more specific markedness constraints as in (5a). The constraint
most relevant in the present analysis is *µ/ə, formulated in (5b). The fact that all
vowels except schwa can appear in open syllables calls for ranking them with respect
to faithfulness as in (5c):

2
The idea that schwa is not mora-bearing is also suggested in Al Ghadi (1994) for Moroccan
Arabic. For a comparative approach to the facts of schwa in Moroccan Arabic and Amazigh,
see Bensoukas and Boudlal (2012a-b) and Bensoukas (2019).

64
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

(5) a. Specific instantiations of *µ/V: *µ/ə, *µ/a, *µ/u, and *µ/i


b. *µ/ə: Do not associate a mora with the vowel schwa
c. Ranking: *µ/ə » MaxLink-Mora [SEG] » *µ/a, *µ/u, *µ/i

This ranking will ensure that schwas never get moraic, a markedness effect. The full
vowels may get associated with moras, given that the relevant markedness constraints
are dominated.
The next subsections, devoted to fine-tuning the proposal, will deal with the internal
structure of schwa syllables and the issue of variable syllable weight inherent in the
proposal.

2.3. The internal structure of schwa syllables

Given my moraic interpretation of *ǝ], three possible scenarios can be imagined


regarding the internal structure of schwa-syllables:

(6) Internal structure of schwa-syllables:


a. CǝC: b. CǝC: c. C[ǝC]:
  

   

C ə C C ə C C ə C

In (6a), the coda consonant of schwa syllables is appended to the syllable node. As
far as our constraint is concerned, this representation is as ill-formed as the one in
(6b). As shown further below, (6b) is infelicitous in another respect: Schwa is
exclusively associated with a mora, as is the coda consonant. Such a configuration
does not match the data to be considered, namely stress assignment, morphological
augmentation and CL. We are left with only structure (6c) to consider.
My analyses below will in fact be consistent with a representation such as (6c). On
the one hand, although they are closed, schwa syllables are treated as light by the
stress system of Goulmima Tamazight (GT). On the other hand, morphological
augmentation and CL, both of which involve syllable weight encoded in mora-count,
do not resort to schwa. In these very cases, that role is assigned to the full vowel [a],
or one of its variants in the case of augmentation. It is crucial that the constraint */ə
is violated only when a mora is associated exclusively with schwa, as in (3b) or in
(6a-b), for that matter. Contrariwise, when the mora associates with both schwa and
a following consonant, the constraint */ə is not violated. This understanding of the
constraint *µ/ə is a determining factor in considering [CəC] to be a light, mono-
moraic syllable.

65
Karim Bensoukas

On this understanding, light (closed) schwa syllables contrast with heavy closed
syllables headed by a full vowel. This results in a situation of variable closed syllable
weight, the concern of the next section.

2.4. Schwa syllables and variable syllable weight

Stress assignment in GT treats syllables with a nuclear schwa as light, as opposed to


the heavy syllables with the nuclear full vowels [a, i, u] (see §3.2 below). This results
in variable closed syllable weight (Rosenthall and Hulst, 1999 and references therein),
as in the two representations in (7):

(7) a. Schwa syllable: b. Full vowel syllable:


 

  

C ə C C a/i/u C

I will now try to sketch an analysis of the moraic constituency of Amazigh syllables,
extending and refining that in Bensoukas (2006/7) (see Bensoukas and Boudlal,
2012a-b). I start with the simplest type possible, i.e. open and closed syllables whose
nuclei are underlying full vowels. Bear in mind my assumptions that vowels are
underlyingly associated with a mora and that weight can be distinctive or coerced. In
the case at hand, distinctive weight is contributed by the underlying moras associated
with vowels, while coerced weight is the result of WBP, the requirement that codas
be moraic.
In the constraint-based analysis I propose, vowels remain faithful to their underlying
moraicity and the moraicity of coda consonants leads to a violation of the markedness
constraint against consonantal moras. (8) gives the relevant constraints along with
their ranking. Ranking (8b) is justified, for one thing, by the fact that an underlying
vowel mora is preserved, breaching the markedness constraint against vowel
moraicity. For another, coda consonants are associated with a mora, violating the
faithfulness constraint and the markedness constraint against consonants being
moraic.
(8) Mora structure in Amazigh:
a. Weight constraints:
*µ/V: Do not associate a mora with a vowel (after Morén, 2003)
*µ/C: Do not associate a mora with a consonant (after Morén, 2003)
WeightByPosition (WBP): Coda consonants must surface as moraic (after Hayes,
1989)

66
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

MaxLink-Mora [V]: (stated in (4) above with SEG but repeated here with V for
ease of exposition) A particular vowel segment affiliated with a mora
underlyingly should remain affiliated with a mora on the surface.
DepLink-Mora [SEG]: A segment that does not have a mora underlyingly should
not have a mora on the surface (after Morén, 2003)

b. Ranking:
MaxLink-Mora [V], WBP » *µ/V, DepLink-Mora [C], *µ/C

Tableau (9) for the word [açal] ‘soil’ shows that the candidate incorporating the
underlying vowel mora and simultaneously assigning a mora to the coda consonant
is the winner (the dotted line indicates constraints that are not ranked with respect to
one another):
(9)
/aµçaµl/ MaxLink- WBP *µ/V DepLink- *µ/C
Mora [V] Mora [C]
a. a.çál *!* *
b. aµ. ç áµ l *! **
 c. aµ. ç áµ lµ ** * *

In order that the bimoraicity of a closed syllable with a full vowel be ensured, we need to
rank the constraint *APPEND, which bans syllabifying segments as syllable appendices
(represented as CǝC), over */C, as in Rosenthall and Hulst (1999: 503) (after Sherer,
1994). Next, we need to account for what it is that prevents a closed syllable with a full
vowel from having a branching mora and, therefore, sparing violation of */C. For this
purpose, I incorporate into the hierarchy IdentLink-Mora, which demands identity
between input and output association to moras.3 IdentLink-Mora plays a different role
from MaxLink-Mora, which requires that an underlying mora link be present in output
forms. IdentLink-Mora is violated whenever an underlying association to a mora is
altered, as in the case where one mora is doubly associated to two segments. A case in
point is a vowel associated underlyingly with a mora and sharing its mora with a following
consonant (represented below as C[VC]). This is in favor of high-ranking IdentLink-
Mora with respect to */C, as in (10). APPEND and IdentLink-Mora are not ranked with
respect to one another.

(10) a. Constraints:
*APPEND (APP): Do not syllabify segments as syllable appendices.
IdentLink-Mora: An underlying mora link and its output correspondent must
be identical.

3
The constraint IdentLink-Mora is inspired from Morén (1999, 2003), in which the
constraints DepLink-Mora and MaxLink-Mora are proposed.

67
Karim Bensoukas

b. Ranking: APPEND, IdentLink-Mora » */C


(11) Weight of underlying full vowel syllables:
IdentLink-
/…CVC…/ *APP */C
Mora
 
 a. CV C *
b. CVC *!
c. C[VC] *!

With respect to the ranking (10b), only candidate (11a), whose coda is associated with
a mora, wins as it satisfies both IdentLink-Mora and *APPEND, while only
minimally violating the dominated constraint */C.
The next issue in relation to variable syllable weight in Amazigh is the source of the
mora that surfaces in a closed schwa syllable. I will contemplate three scenarios. First,
the vowel has its own mora in compliance with the precept of moraic theory that
vowels are underlyingly associated with a mora. In my account, even candidates that
come underlyingly with a moraic schwa, in compliance with Richness of the Base
(Prince and Smolensky, 1993/2004), will be ruled out by the constraint *µ/ǝ
dominating MaxLink-Mora[V]:
(12)
Input: aµ z ǝµ n *µ/ǝ MaxLink-Mora[V]
a. aµ . z ǝµ n *!
 b. aµ . [z ǝ n]µ *
As the description and analysis of stress facts below will show, a closed syllable with
schwa is light. The only representation consistent with this behavior is to have schwa
and the following consonant share a mora as in (12b). This sharing calls for the low
ranking of the constraint against branching moras, namely NoSharedMora:

(13) NoSharedMora: A mora must not be doubly linked to segments. (Morén, 1999
and references therein)
A markedness constraint on the types of mora-to-segment association,
NoSharedMora is violated by any doubly associated mora. The work this constraint
does is different from the one IdentLink-Mora does, since IdentLink-Mora requires
faithfulness to underlying mora associations, while NoSharedMora simply rules out
a doubly associated mora. In the present case, epenthetic schwa and the following
consonant share a mora. In this specific instance, faithfulness is not at stake;
accordingly, IdentLink-Mora is not relevant. On the basis of the ranking IdentLink-
Mora, *APP » */C, to which NoSharedMora is added as a dominated constraint, let
us compare the candidates in (14) for optimality:

68
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

(14) Weight of epenthetic schwa syllables: */C » NoSharedMora


/…CC…/ IdentLin *APP */C NoShared
k-Mora Mora
 a. C[ǝC] *
b. CǝC *!
c. CǝC *!

According to this ranking, the optimal candidate is the one with mora-sharing since
the candidate that has schwa and a coda to each of which a mora is associated incurs
a fatal violation of */C.
The second possibility consists in treating schwa as moraless and the mora of the
closed syllable as being contributed by the coda through WBP. Recall my assumption
that schwa’s being associated with a mora together with the following consonant does
not violate */ǝ, violation of which is only incurred by a one-to-one mapping of
schwa to a mora:

(15) Weight of schwa syllables: */C » NoSharedMora


/…CC…/ IdentLink- *APP */ǝ */C NoSharedMora
Mora

 a. CǝC * *
b. CǝC *! *
c. CǝC *! *!

One objection to this analysis is that it does not conform to the essence of WBP as
postulated in Hayes (1989), whereby the presence of a first mora is a prerequisite for
the assignment of a second mora. OT not being based on such serialism, one might
regard WBP as a constraint on output forms. In this case, what matters more is
whether the output has a moraic coda or not, without worrying about the process
behind this association. I do still reject the second possibility on the basis of its not
conforming to the essence of WBP, and also because the third possibility seems to
me to be simpler.
The third possibility is to consider the presence of the mora as a requirement of
prosodic licensing. Given the Strict Layer Hypothesis (Selkirk, 1984), Zec (1988)
argues that the relationship between the root node and the higher syllabic node has to
be mediated by the moraic node. In moraic theory, onsets are associated directly to
the syllable node in the models proposed by Hayes (1989) and McCarthy and Prince
(1993). The rime constituent should be dominated by a mora. In this case, schwa and
the following consonant are both parsed by the mora, and that is the way they get
associated with the syllable node. The point here is that if no mora is supplied to parse
the unsyllabified consonants, the Parse-Seg constraint is violated. I have
demonstrated above that this constraint is high-ranking in the hierarchy. Schwa is

69
Karim Bensoukas

needed because consonant clusters are not tolerated in the varieties of Amazigh
resorting to schwa epenthesis (i.e. Tamazight and Tarifiyt).4
In the remainder of the paper, I will show that */ǝ is so pervasive in the grammar of
the language that weight-sensitive activity in various phonological and prosodic
morphological areas (see for example Ryan, 2016) ensues from it, as I show in §3.2,
§4.1, and §4.2.

3. Evidence for the proposal

3.1. Schwa epenthesis and open syllables

Two pieces of evidence show that schwa is epenthetic in Amazigh: (i) in words that
are morphologically related, schwa is either absent or located in different places in
the words in question (16); and (ii) with a few exceptions, schwa has a very
predictable distribution (17). The data is from Faizi (2002: 100-11).

(16) Schwa in different morphologically related forms:


a. Verb Action n.
zǝḍ iziḍ ‘grind’
nçǝr tanǝçra ‘get up’
b. Verb Agentive n./ Adj.
çmǝḍ anǝçmuḍ ‘burn’
lwiɣ amǝlwaɣ ‘be soft’
c. Sg. n. Pl. n.
iflu ifǝlwan ‘door’
amda imǝdwan ‘lake’
ifiɣǝr ifaɣriwǝn ‘snake’
(17) a. Schwa in consonant-only words:
/sɣ/ sǝɣ ‘to buy’
/bdr/ bdǝr ‘to mention’
/ssn/ ssǝn ‘to know’
/t-rẓm/ tǝr.ẓǝm ‘she opened’

4
Shih (2018) distinguishes three types of schwa syllables: (i) a minor syllable with non-moraic schwa
[Cə], (ii) the mono-moraic schwa syllable [Cə], and (iii) the bi-moraic schwa syllable [Cəː].
Commenting on the phonetic properties of moraless schwa, the author states that it has minimal
duration and largely varies in vowel quality as opposed to the other two types. In terms of
representation, syllables with non-moraic schwa can have one of three configurations, in which schwa
is directly dominated by the syllable node, in conformity with Itô and Mester’s (2003) “hierarchical
locality restriction on markedness constraints”, according to which “if a markedness constraint
mentions prosodic node p, it may mention nodes at p-1 and p-2, but not nodes at other levels” (ibid.:
16). The configurations are: [Cə], [CəC] [CəC]. Shih’s representations differ largely from mine in
two respects. First, schwa can be dominated directly by the syllable node, which is not possible under
the Strict Layer Hypothesis assumed in this paper. Second, the consonant closing a schwa syllable can
bear a mora.

70
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

b. Schwa in words with vowels and consonants:


i. Schwa appears between last two Cs
/azn/ a.zǝn ‘to send’
/udm/ u.dǝm ‘a face’
/ziʝzl/ ziʝ.zǝl ‘to shorten’
/adfl/ ad.fǝl ‘snow’
/uʃʃn/ uʃ.ʃǝn ‘a jackal’
/azuzzr/ a.zuz.zǝr ‘winnowing’
ii. Schwa between word-medial Cs
/azuçnni/ a.zu.çǝn.ni ‘thyme’
/axwdmi/ a.xwǝd.mi ‘a knife’
/amrwas/ a.mǝr.was ‘debt’
/iɣzdis/ i.ɣǝz.dis ‘rib’
/awssar/ a.wǝs.sar ‘an old person’
/tamɣra/ ta.mǝɣ.ra ‘marriage ceremony’
The analysis in this section and the next one is a summary of the analysis in
Bensoukas and Boudlal (2012a-b). The constraints involved are provided in (18), and
their interaction in evaluating the syllabification of a word without schwa is given in
(19).
(18) Syllable structure constraints
Onset (Prince and Smolensky, 1993/2004): Syllables must have onsets.
No-Coda (Prince and Smolensky, 1993/2004): Coda consonants are
prohibited.
Parse-Seg (Prince and Smolensky, 1993/2004): Segments must belong to
syllables.
Align-L (McCarthy and Prince, 1993): The left edge of the stem must be
aligned with the left edge of the prosodic word.
MAX (McCarthy and Prince, 1995): Segments in the input must have
correspondents in the output.
DEP (McCarthy and Prince, 1995): Segments in the output must have
correspondents in the input.
(19)
/iflu/ Align-L MAX DEP ONS No-Coda
 a. if.lu * *
b. ʔif.lu *! * *
c. i.lu *! *
d. lu *! *!*

Because MAX is ranking higher than DEP, vowel epenthesis is favored over segment
deletion. The constraint ONS is dominated by Align-L so that it does not ban word-
initial onsetless syllables. Finally, the constraint No-Coda is not ranked with respect
to ONS.

71
Karim Bensoukas

Now, I deal with syllables with schwa as a nucleus. Again, consonants are not deleted
when unsyllabifiable; rather, schwa is epenthesized. Schwa epenthesis reveals that both
Parse-Seg and MAX dominate the faithfulness constraint DEP, which militates against
vowel epenthesis.5 In (20), the competing candidates for the word [azǝn] ‘to send’ are
assessed:
(20)
/azn/ Parse-Seg MAX DEP No-Coda
a. az *!
b. az.n *! *
c. a.zn *!
 d. a.zən * *

I assume that complex margins are not allowed, in compliance with *Complex.
Following Boudlal (2001), I establish a distinction between (i) a major syllable (21a),
whose nuclear element is a full vowel (schwa included), and (ii) a minor syllable
(21b), consisting exclusively of a moraic consonant:

(21) a.  b. 
µ
µ
C V
C

What interests us at the moment is the light minor syllable in (21b) which is
dominated by a consonantal mora, and which leads to the violation of a constraint
banning minor syllables (i.e. *Min-). To ensure that schwa is epenthesized before
the final consonant in CCC roots, I posit an alignment constraint (Align-R-Maj-)
requiring that the right edge of the stem be aligned with the right edge of a major
syllable. The constraints needed to account for epenthesis in CCC roots as well as
their respective ranking are given in (22) below:

(22) MAX, Parse-Seg, *Complex, Align-R-Maj- » DEP » *Min- » No-Coda.

I assume that the constraint Align-R-Maj- must dominate DEP to force schwa
epenthesis between the last two consonants of triconsonantal words. Ranking DEP
5
Both the constraints MAX and PARSE-Seg are needed since they perform different
functions. MAX ensures that all input segments appear in the output, while PARSE-Seg
requires them to belong to syllables and, thus, triggers schwa epenthesis between consonants
that would otherwise remain unsyllabified and, consequently, be adjoined to the foot or
PrWd. In [az.n], for example, Parse-Seg is violated by the final consonant not belonging to a
syllable.

72
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

above *Min- ensures that a form such as *Cǝ.CǝC is ruled out (a form that could also
be ruled out, as in (25) because it contains schwa in an open syllable); a form such as
C.CǝC, which attributes the minor syllable status to the initial consonant is ruled in, in
spite of its violating the lower ranked constraint *Min-.
The result of this constraint interaction is shown in the GT word bdər ‘mention’. The
winner is candidate (23b), with a minor syllable, while candidates (23c-d) lose, both
breaching *Complex. To save space, I do not include in the tableaux the high-ranking
constraints MAX and Parse-seg.
(23)
/bdr/ *Complex Align-R- DEP *Min- No-coda
Maj-
μ
a. bəd.r *! * * *
 b. bμ.dər * * *
c. bdər *! * *
d. bədr *! * *
Not considered in this tableau is the candidate *bədər. It could readily be ruled out
because of the double violation of DEP it incurs. More importantly, it would not
survive as it has schwa in an open syllable, an issue I take up immediately with a
clearer case in (24).
Although schwa is inserted to ensure proper syllabification, it is never inserted if an
open syllable is the result. The constraint hierarchy established thus far makes the
wrong prediction as to the optimal output of a word like taməɣra ‘marriage
ceremony’:
(24)
/tamɣra/ *Complex Align-R-
Maj- DEP *Min- No-coda
a. tamɣ.ra *! * *
 b. ta.məɣ.ra * *
 c. tam.ɣə.ra * *

As it stands, the hierarchy yields two optimal analyses which tie on all constraints
including DEP. This calls for an additional constraint to untie the situation by ruling
in a syllable like [məɣ] while ruling out one like [ɣə].
In explaining this incongruity, I build on the idea that schwa is not mora-bearing (as
in (5b) above). There, I suggested splitting the constraint *µ/V into *µ/ə, *µ/a, *µ/u,
and *µ/i, with *µ/ə being undominated since only schwa does not seem to be allowed
in open syllables. With the constraint *µ/ə, the tie is resolved as in (25):
(25)
/tamɣra/ *µ/ə *Complex DEP *Min- No-coda
 a. ta.məɣ.ra * *
b. tam.ɣə.ra *! * *

73
Karim Bensoukas

To sum up, the fact that schwa eschews open syllable contexts is accounted for
through a markedness constraint against the association of schwa to a mora: Schwa
occurring in an open syllable is the equivalent of having a moraic schwa, a fatal
violation of the high-ranking *µ/ə. I now turn to another type of evidence for the
proposal.

3.2. Stress assignment in Goulmima Tamazight


3.2.1 Goulmima Tamazight stress facts: An OT analysis

Syllable weight is clearly shown by word stress, a process sensitive to moraic


structure. Amazigh heavy syllables generally attract primary stress (Adnor, 1995;
Marouane, 1997; Faizi, 2002, 2009, 2011, 2017; Hdouch, 2004). The GT facts in (26)
indicate that, when co-occurring with (a) light syllable(s), a heavy syllable is stressed
regardless of its position:

(26) Heavy syllable attracts stress (Faizi 2002: 203-212):


a. Word initial heavy syllable:
áx.bu ‘hole’ áq.mu ‘mouth’
túk.ki ‘donation’ tíd.di ‘height/stature’
áɣ.ba.lu ‘spring” tíz.wi.ri ‘beginning’
b. Word medial heavy syllable:
ti.wír.ʝa ‘dreams’ i.síʝ.nu ‘cloud’
c. Word final heavy syllable:
u.ʃúf ‘swimming’ a.çál ‘soil’
a.zu.rár ‘big’ a.ʃi.ʃáw ‘chick’
ti.su.ri.fín ‘small steps’ ti.wu.ri.wín ‘occupations’
According to Faizi (2002), when the word contains two heavy syllables, the last heavy
syllable is stressed (27a); whereas when the word consists of more than one light
syllable, the first syllable is stressed (27b):
(27) Stress in Amazigh:

a. Two heavy syllables: Last heavy syllable is stressed


ar.ráw ‘children’ an.ʝáẓ ‘pain’
tiʝ.da.tín ‘female dogs’ taw.ma.tín ‘sisters’
aʃ.mám.mu ‘kind of stick’ al.ʝám.mu ‘rein’
ti.maz.da.rín ‘low (fem. pl.)’ ti.mar.ẓa.ʝín ‘bitter ones (fem. pl.)’
i.məd.duk.kál ‘friends’

74
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

b. Light syllables: Initial syllable is stressed


í.zi ‘fly’ ú.di ‘butter’
á.ʝa.ri ‘bullet’ í.ʝu.ta ‘ropes’
tá.ra.za ‘sort of hat’ í.mu.la ‘shadows’
Quite amazingly, words with schwa-syllables are special. When the schwa syllable
co-occurs with a closed syllable with a full vowel, stress is assigned to the syllable
with the full vowel (28a), even if this syllable precedes the schwa syllable. When a
schwa syllable co-occurs with an open syllable that has a full vowel, stress is on the
initial syllable (28b):

(28) Stress in words with full vowel syllables and schwa syllables:
a. Schwa closed syllable and heavy syllable:
ád.fəl ‘snow’ a.zúz.zər ‘winnowing’
íç.ni.wən ‘twins’ áw.ma.tən ‘brothers’
b. Schwa closed syllables and light syllables:
í.nəɣ.mi.sən ‘news’ í.ma.zi.ɣən ‘Amazigh people’
í.xa.ta.rən ‘great (masc. pl.)’ í.ɣər.ḍa.jən ‘mice’
tí.səl.li ‘stone’ tú.dərt ‘life’
í.ɣən.ça ‘illness’ tá.məɣ.ra ‘marriage’
í.məg.gu.ra ‘last (masc. pl.)’ í.məz.wu.ra ‘first’
á.ʒən.ʒa.ṛi ‘blue (masc. sg.)’ tí.məg.gu.ra ‘last (fem. pl.)’
tí.ɣəm.mu.ṛa ‘corners’
In (28a), for instance, we expect at first blush the last syllable in each one of the words
to bear primary word stress. However, this seems never to be the case in GT. This
issue is addressed in § 3.2.2.
Given the hypothesis that schwa is not mora-bearing, the facts of GT word stress are
systematic and receive a simple account. In (28a), as in (26), the heavy syllable attracts
stress. In (28b), when the word contains more than one light syllable, the initial syllable
is stressed, which is quite reminiscent of (27b). On the opposite assumption that schwa is
moraic, on a par with the full vowels, GT stress facts will be extremely difficult, if not
impossible, to account for.
Following Walker (1996), who assumes a foot-free account using relative prominence to
locate syllable heads, the analysis of the GT stress facts I present (essentially that in
Bensoukas and Boudlal, 2012a-b) relies on syllable weight, peripherality and non-finality
to determine prominence. The constraints needed to account for stress facts are given in
(29a) and their ranking is provided in (29b):

75
Karim Bensoukas

(29) Stress in GT (Bensoukas and Boudlal, 2012a-b):


a. Constraints:
Pk-Prom (Prince and Smolensky, 1993: 39): Peak (x) > Peak (y) if |x| > |y|: An
element (x) makes a better peak than an element (y) if the intrinsic
prominence of (x) is greater than that of (y).
Align-L(́, PrWd) (Zoll, 1995; see Walker, 1996): For all stressed light
syllables, there exists some prosodic word such that the left edge of the
stressed light syllable and the left edge of the PrWd are shared.
Align-R(Pk, PrWd) (McCarthy and Prince, 1993): The right edge of the peak
must coincide with the right edge of the PrWd.
Non-finality (Prince and Smolensky, 1993: 30): The prosodic head of the word
does not fall on the word-final syllable.
b. Ranking: Align-L(́, PrWd), Pk-Prom » Align-R(Pk, PrWd) » Non-finality
Ranking (29b) is justified as follows. The stress facts presented in (26) and (27) above
show that PkProm is undominated, and this follows from the requirement that heavy
syllables attract stress in Amazigh (Faizi, 2002; Hdouch, 2004). Word-final stressed
heavy syllables breach Non-finality without this affecting in the least their being optimal.
This argues for ranking Align-R(Pk, PrWd) above Non-finality. To allow for stressed
initial syllables in words consisting of light syllables alone, Align-L(́, PrWd) is
undominated.
Ranking (29b) accounts for both heavy stressed syllables and light ones. When the
word contains only one heavy syllable, stress falls on the heavy syllable as a result of
the high rank of Pk-Prom in the constraint hierarchy. The cases involving more than
one heavy syllable, with final stress, are accounted for by the constraint Align-R(Pk,
PrWd). When Pk-Prom is satisfied by all the syllables, only the rightmost, stressed,
heavy syllable is optimal. These interactions are illustrated in (30). When the syllables
are all light, the initial syllable receives stress. This is accounted for by the ranking of
Align-L(́, PrWd) as in tableaux (31).
(30)
Align-L Align-R
/afar/ Pk-Prom (́ , PrWd) (Pk, PrWd) Non-finality

 a. a.fár *
b. á.far *! *
/tiwirʝa/
 a. ti.wír.ʝa *
b. tí.wir.ʝa *! *
c. ti.wir.ʝá *! * *
/arraw/
 a. ar.ráw *
b. ár.raw *!

76
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

(31)
/taraza/ Pk-Prom Align-L Align-R Non-finality
(́, PrWd) (Pk, PrWd)
 a. tá.ra.za *
b. ta.rá.za *! *
c. ta.ra.zá *! *
/tama/
 a. tá.ma *
b. ta.má *! *

Ranking (29b) also accounts for words with schwa syllables, with one proviso: the
inclusion of *μ/ə in the hierarchy. This will be shown in the following section.

3.2.2 Schwa syllables and stress in Goulmima Tamazight


In GT, when closed schwa syllables co-occur with closed syllables with full vowels, it
is always the syllables with full vowels that are stressed. This reveals that schwa
syllables are light, their being closed notwithstanding. We see this in the examples in
(32), reproduced from (28) above:

(32) The stress pattern of GT schwa syllables:


a. ə and H: H attracts stress
ád.fəl ‘snow’
a.zúz.zər ‘winnowing’

b. ə and L: Stress on the initial syllable


í.nəɣ.mi.sən ‘news’
tá.məɣ.ra ‘marriage’

Now, let us consider one word from each of the classes in (32). First is the word
azúzzər ‘winnowing’, which consists of a medial heavy syllable flanked by a light
syllable on the left edge and a schwa syllable on the right edge. Candidate (33d),
which has a bimoraic, heavy schwa syllable mistakenly emerges as optimal instead
of the correct candidate, (33a). As it stands, the stress constraint hierarchy cannot rule
this candidate out:
(33)
/azuzzr/ Pk-Prom Align-L Align-R Non-
(́, PrWd) (Pk, PrWd) finality
 a. a.zúz.zərμ *!
b. á.zuz.zərμ *! *
c. a.zuz.zə́rμ *! *
 d. a.zuz.zə́μrμ *

77
Karim Bensoukas

In words such as táməɣra ‘marriage ceremony’, the ranking selects the optimal
candidate (34a) so long as we assume that the schwa syllable is light. If it is heavy,
the winner is the candidate with stress on the schwa syllable, i.e. (34d).
(34)
/tamɣra/ Pk-Prom Align-L Align-R Non-
(́, PrWd) (Pk, PrWd) finality
 a. tá.məɣμ.ra *
b. ta.mə́ɣμ.ra *! *
c. ta.məɣμ.rá *! *
 d. ta.mə́μɣμ.ra *
Recall from my discussion above that schwa never occurs in an open syllable, in
satisfaction of the high-ranking constraint *μ/ə, which rules out schwas that carry a
mora. If the two cases above are reconsidered with the constraint *μ/ə included in
the evaluation, candidates (33d) and (34d) are now ruled out because of their fatally
violating *μ/ə:
(35)
/azuzzr/ *μ/ə Pk- Align-L Align-R Non-
Prom (́, PrWd) (Pk, PrWd) finality
 a. a.zúz.zərμ *
b. á.zuz.zərμ *! *
c. a.zuz.zə́rμ *! *
d. a.zuz.zə́μrμ *! *
(36)
/tamɣra/ *μ/ə Pk- Align-L Align-R(Pk, Non-
Prom (́, PrWd) PrWd) finality
 a. tá.məɣμ.ra *
b. ta.mə́ɣμ.ra *! *
c. ta.məɣμ.rá *! *
d. ta.mə́μɣμ.ra *! *
I now deal with the second type of evidence in support of the proposal, i.e.
augmentation and CL.

4. Augmentation and compensatory lengthening

4.1. Prosodic augmentation of morphological stems

The purpose of this section is to show that, in a morphologically-governed vowel


epenthesis in Amazigh (Bensoukas, 1994, 2001a, 2017b; Jebbour, 1996; Lahrouchi,
2001), the vowel is never specified as schwa, but rather as a full vowel. The reason, I
will argue, is that the full vowel provides an additional mora to the stem, which schwa
cannot bear, another instantiation of *µ/ə.

78
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

(37) illustrates this general process by examples from intensive aorist (IA) verb
morphology. In most cases, [a] is epenthesized stem-prefinally, with a vowel copying
process sometimes replicating the root vowel (Basset, 1929; Dell and Elmedlaoui, 1991;
Bensoukas, 2001a-b, 2002, 2004, 2017b among others).6

(37) Morphologically motivated epenthesis in intensives


UR IA
/frɣ/ ttfraɣ ‘be crooked’ Abdelmassih (1968: 166)
/βzg/ ttβzag ‘be wet’ Boukhris (1986: 52)
/ħlls/ ttħllas ‘saddle’ Abdelmassih (1968: 169)
/gn/ ggan ‘sleep’ Iazzi (1991: 210)

The core idea of the analysis is that this morphologically governed epenthesis aims at
making the last syllable of the stem heavy (Bensoukas (2001a), which itself is built
on the insight in Bensoukas (1994) and Jebbour (1996)). This illustrates weight
coercion driven by a prosodic morphological requirement. The process applies
minimally; accordingly, it crucially fails to apply to bases whose ultimate syllable is
heavy as well as to those in which a hiatus would ensue from vowel epenthesis.
Additionally, stem-final syllable heavy weight is ensured by assigning a mora to the
final consonant through WBP (Hayes, 1989; Rosenthall and Hulst, 1999).
In my account, forms like those in (38a) are well-formed by virtue of having a prefinal
epenthetic vowel that supplies a mora. This mora and the one gained through WBP
make the stem achieve the mandatory augmentation:
(38) Amazigh morphologically motivated epenthesis:
a. Stem:  # b. Stem:  #
/frɣ/ ttfraɣ *ttfrəɣ
/βzg/ ttβzag *ttβzəg
/ħlls/ ttħllas *ttħlləs
/gn/ ggan *ggən

On the contrary, unattested forms like *ttfrəɣ (38b) have an epenthetic non-moraic
vowel. Although the syllables ultimately associate with a mora, this is not sufficient
enough moraic material to satisfy augmentation.

6
The epenthetic vowel is [a] (frɣ/tt-fraɣ ‘be crooked’) or a copy of a root vowel (bbaqqi/tt-
baqqaj ‘explode’; xinss/tt-xinsis ‘sob’; susm/tt-susum ‘be silent’). The items in (37) will be
further subject to schwa epenthesis, and the output form of ttfraɣ, for example, is [ttəfraɣ].

79
Karim Bensoukas

An OT formalization of the idea is possible on the basis of the analysis in Bensoukas


(2001a). The constraint µµ]Stem (39a), claimed to drive this epenthesis, aims at making
the stem end in a heavy syllable and conflicts with DEP-V, which bans vowel
epenthesis. Recall that the constraint *µ/ə, is high-ranking, and I have no evidence for
ranking it with respect to µµ]Stem. The tt-prefix in all candidates is not relevant to the
discussion.

(39) a. µµ]Stem: The right edge of the stem must correspond to a heavy syllable.
b. Ranking: *µ/ə, µµ]Stem » DEP-V
(40)
/frɣ, IA/ *µ/ə µµ]Stem DEP-V
a. tt-frɣ *!
 b. tt-fraµɣµ *
c. tt-frəɣµ *! *
d. tt-frəµɣµ *!

(40a), the faithful candidate, does not satisfy the augmentation requirement. The
candidates with schwa are both ill-formed: (40c), with an epenthetic schwa, falls short
of final bimoraicity, and (40d) satisfies it by fatally having an underlying moraic
schwa. Candidate (40b), with only a minimal violation of DEP-V, is the optimal
candidate.
In short, my argument is that schwa’s incapacity to bear a mora is far from being
concomitant with the prosodic morphological coerced weight requirement.
Accordingly, schwa epenthesis, as an option to coerce prosodic morphological
weight, is largely eschewed, once again an effect of *µ/ə.

4.2. Compensatory lengthening in Tarifiyt

The third piece of evidence for my proposal comes from Tarifiyt CL, another weight
sensitive process. According to this process, a would-be coda [r] is deleted and the
preceding vowel is lengthened (when V=a) or diphthongized (when V=i, u). The
purpose of this section is to show that, due to its being non-moraic, schwa does not
participate in Tarifiyt CL.7

7
The way I conceive of CL is concomitant with the widely held view of the process (DeChene
and Anderson, 1979; Hayes, 1989 among others). The process is considered unitary, involving
segment loss followed by the lengthening of an adjacent segment. This situation has been referred
to as ‘local CL’, as opposed to ‘non-local CL’, a process that involves the lengthening of a vowel
that is not adjacent to the deleted segment. In light of this distinction, the Tarifiyt case is
characterized as a case of local CL. Tarifiyt dialects show variation with respect to CL. The
diphthongization facts are those of Ait Oulichek Tarifiyt and Ath Sidhar Tarifiyt. In Iharassen
Tarifiyt, for example, long mid vowels ε: and ɔ: are attested instead of the diphthongs (see
Amrous and Bensoukas, 2004, 2006/2007; Iazzi, 2001, 2018 for a more detailed analysis and

80
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

(41a-b-c) stand for the three classes of Tarifiyt CL. The first column of (41) contains
what I assume to be the URs. The second column contains items deleting coda [r] and
lengthening or diphthongizing the preceding vowel.8 The third column shows that [r]
in an onset position is maintained. In (42), autosegmental representations show how the
Tarifiyt CL process applies.

(41) CL in words with an underlying /..Vr../ sequence:


a. /ð̣ar/ ð̣a: ð̣̣arinu ‘foot/ my foot’
b. /aʕʃmir aʕʃmɛa aʕʃmira ‘beard/ this beard’
/
c. /jur/ jɔa jura ‘moon/ this moon’

(42)
a. Vowel lengthening: b. Diphthongization:
   
    
ð̣ a r Ø ð̣ a j u r Ø j ɔ a

In the OT conception of CL, which is basically that in Amrous and Bensoukas


(2006/7) with minor modifications, CL is basically the outcome of the interaction of
the constraints in (43a), which are ranked as in (43b).

(43) Tarifiyt CL: Amrous and Bensoukas (2006/7) (slightly revised)


a. Constraints
*Coda-r: Coda r is banned.
PosCorr: An input segment must have an output correspondent either
segmentally, by means of a root node or prosodically by means of a mora
(after Topinzi, 2006).
*Vowel Weight (*VWT): Vowels associated with two moras are banned.
b. Basic ranking for Tarifiyt CL:
*Coda-r, PosCorr » *VWT

further references). Also, the [r] in question is totally different from the [r] which is the
phonetic realization of an underlying /l/. In /ul/ ‘heart’, phonetically realized as [ur], the coda-
r is maintained (for details, see the aforementioned references).
8
Vowel lengthening and diphthongization subsequent to r-drop seem to be different, yet I think
of them as a unitary process to which I refer as CL for the lack of a better term (see Amrous and
Bensoukas, 2006/7). This position is founded since in moraic theory, long vowels and diphthongs
form a ‘natural class’ by virtue of their being associated with two moras (e.g. Rosenthall, 1994;
Selkirk, 1990; Katada, 1990).

81
Karim Bensoukas

*Coda-r, a coda condition, bans the occurrence of coda [r]. According to PosCorr
(Topinzi, 2006, 2012 and references therein), an input segment may delete, but its
position is preserved through a mora. These interact with *VWT, a markedness
constraint banning long vowels and diphthongs (this constraint is split into
*Diph(thong) and NoLongVowel[Low] in (44) below). Two more higher-ranking
markedness constraints not listed for space reasons, along with the candidates
incurring their violation, are NLV[High] and NLV[Mid], which ban long high and
long mid vowels.
Tableaux (44a-b-c) show how the constraint hierarchy works with respect to both
vowel lengthening and the two cases of diphthongization:
(44) a. Vowel lengthening: a:
/ð̣ar/ *Coda-r PosCorr *Diph NLV [Lo] ID-WT
a. ð̣ar *!
b. ð̣a *!
 c. ð̣a: * *

b. Diphthongization: ɔa
/jur/ *Coda-r PosCorr *Diph NLV [Lo] ID-WT
a. jur *!
b. ju *!
 c. jɔa * *

c. Diphthongization: ɛa
/aʕʃmir/ *Coda-r PosCorr *Diph NLV [Lo] ID-WT
a. aʕʃmir *!
b. aʕʃmi *!
 c. aʕʃmɛa * *
The two cases of diphthongization are the ones relevant to the behavior of schwa.
Although Tarifiyt has schwa epenthesis as a phonological process for syllabification
purposes (e.g. Chtatou, 1982, 1991), schwa is not used in CL. If the high-ranking *µ/ə
is included in the hierarchy, this behavior is immediately predictable. Illustration is
provided in tableaux (45a-b):

(45) a. ɔə diphthongization
/jur/ *µ/ə *Coda-r PosCorr *Diph ID-WT
a. jur *!
 b. jɔa * *
c. jɔə *! * *

82
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

b. ɛə diphthongization
/aʕʃmir/ *µ/ə *Coda-r PosCorr *Diph ID-WT
a. aʕʃmir *!
 b. aʕʃmɛa * *
c. aʕʃmɛə *! * *

As I have just shown, Tarifiyt CL provides additional support for the proposal that
schwa is not moraic. It is worth mentioning at this point that there is another facet of
Tarifiyt CL, which I omitted from the discussion so far. Although presenting a
complexity, this aspect of CL gives credence to the non-moraicity of schwa. A sequence
/Cr/ is never syllabified as [Cər]: [r] is deleted and compensated for by a long vowel.
Examples are /amrwas/ [ama:was, *amə:was] ‘debt/dowry’, /asrðun/ [asa:ðun,
*asə:ðun] ‘mule’ and /aɣrð̣a/ [aɣa:ð̣a, *aɣə:ð̣a] ‘mouse’. Crucially, a /CC/ sequence in
which C is any consonant other than /r/ is syllabified with schwa epenthesis between
the two consonants. Whatever analysis is provided for this case, it remains certain that
schwa does not participate in the weight-sensitive phenomenon of CL. Again, a
situation in which schwa is moraic is banned in Amazigh.
To sum up, in addition to syllabification and word stress facts, which treat schwa as
being non-moraic (§3), two prosodic phenomena provide additional support to my
proposal. First, the prosodic morphological operation of vowel epenthesis never resorts
to schwa to augment Amazigh stems. Second, schwa never participates in the CL
phenomenon of Tarifiyt. What these two aspects have in common is their being weight-
sensitive phenomena.

5. Suggestions for future research


Research on ‘vowel intrusion’ (e.g. Hall, 2006) opens up the possibility for an alternative
analysis of the facts of schwa presented in this paper.
Hall (2006: 391) (see also the references therein) claims that intrusive vowels, or
‘phonologically invisible inserted vowels’ as she alternately calls them, are
distinguished from epenthetic vowels in various respects. For example, intrusive
vowels can have either the quality of schwa or that of a nearby vowel (through
copying). An intrusive vowel is also characterized by optionality, a highly variable
duration and absence in fast speech. Finally, intrusive vowels apparently play no role
in repairing ill-formed structures. Hall (2006: 424) concludes that “in vowel intrusion,
the articulatory gestures associated with existing segments are phased in a way that
creates an acoustically vocalic period, but no phonological segment is inserted, and
hence no new syllable is created.”
This idea is implemented in Gafos (2002) with respect to Moroccan Arabic (MA). The
claim is that in MA, “for example…the active participle of the verb ‘to write’ is [katəb], with
a schwa-like vocalic transition in the final CC cluster… There is a period of no constriction
in the transition between /t, b/ that is identified as a schwa-like vocalic element.” (Gafos,

83
Karim Bensoukas

2002: 271-2). Accordingly, what is perceived as a schwa vowel is just an effect of temporal
organization of gestures, according to the author. The facts of MA are more complicated by
the generalization reached in the instrumental study in Ali, Lahrouchi and Ingleby (2008).
Their exploratory study reveals that schwa in MA occurs in open syllables.
Let us now clarify how relevant this research on MA is to the facts of Amazigh analyzed
in this paper. In Bensoukas and Boudlal (2012a-b), a lengthy comparison of the behavior
of schwa in GT and MA is undertaken. The authors claim that the behavior of schwa is
more or less similar in the two languages with respect to syllable structure, stress and
syllable weight. One aspect that is emphasized is the fact that schwa does not occur in
open syllables in either language. The research undertaken by Gafos (2002) and Ali,
Lahrouchi and Ingleby (2008) seems to belie the findings in Bensoukas and Boudlal
(2012a-b).
It may as well be the case that the schwa I treat in this paper as epenthetic is in fact an
intrusive vowel, an idea which is not novel to the literature on Amazigh phonology; an
example is Idrissi (1992), who entertains the idea that schwa is an excrescent (intrusive)
vowel. A conception of the problem along these lines will treat the presence of the schwa-
like sound as an articulatory requirement. Accordingly, the seemingly schwa-like sound is
not a phonological unit, let alone one that is associated with a mora, a concept used to
encode vowel weight. It is clear that further investigation is in order in this respect.
The more serious challenge is that an analysis in terms of vowel intrusion may require a
whole-sale revision of the available models of Amazigh syllable structure. One very
intricate aspect of syllabification is the fact that Tashlhit resorts to consonant syllabicity,
so that some words may consist entirely of consonants only, syllabified around
consonantal syllable peaks (Boukous, 1987, 2009; Dell and Elmedlaoui, 1985, 2002,
among others). The even interesting generalization that the dialects of Amazigh differ
along this dimension needs revision. In Ridouane (2008, 2016) and Hdouch (2012), for
example, it is suggested that the dialects not resorting to schwa epenthesis as a means of
improving syllable structure resort to consonant syllabicity to avoid clusters of
unsyllabifiable consonants. Findings of recent research about Tashlhit by Ridouane and
Cooper-Leavitt (2019) relating to schwa also have to be taken in to consideration. One
immediate implication of the intrusion analysis is that Tashlhit syllable structure and that
of Tamazight/Tarifiyt are the same, more or less. Guerssel (1985), for instance, deals with
the syllable structure of Ait Seghrouchen Tamazight using the model of consonant
syllabicity. In addition, a wholesale revision of the work in prosodic morphology is
required under such a move, and only future research can enlighten us about these issues.

84
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

6. Conclusion
The present paper has dealt with the so often pointed out fact that schwa never occurs
in an open syllable in Amazigh in general. The proposal I have argued for is that,
unlike the full vowels of the language, schwa is a non-moraic vowel. This is encoded
in a constraint against the association of schwa to a moraic node.
This constraint is so pervasive in the grammar of the language that activity in various
phonological and prosodic morphological areas ensues from it. First, it bans schwa
from occurring in open syllables. Second, it inhibits schwa from contributing to the
weight of closed syllables for the sake of stress assignment. Third, it makes schwa
ineligible for participating in morphological-prosodic weight sensitive vowel
epenthesis. Last, it hampers schwa from filling a vacant mora to satisfy a requirement
of CL. As a result, the proposal brings together Amazigh prosodic and prosodic
morphological phenomena that seem at first sight to be quite unrelated.
Finally, the analysis in terms of vowel intrusion seems to open other paths for
explaining the behavior of schwa in Amazigh. To what extent this option works for
Amazigh and what changes it will induce on the whole gamut of prosodic (including
morphological) phenomena in the language is an issue left for future research.

References
Abdel-Massih, E.T. (1968), Tamazight verb structure: a generative approach,
Indiana University Publications, Bloomington.
Adnor, A. (1995), Stress assignment in Idaw Tanane Tashlhit (a metrical approach),
D.E.S. thesis, MV University, FLHS, Rabat.
Al Ghadi, A. (1994), « An OT account of Moroccan Arabic prosody », ms.
University of Delaware.
Ali, A., M. Lahrouchi and M. Ingleby (2008), « Vowel epenthesis, acoustics and
phonology patterns in Moroccan Arabic », in Fletcher, J. et al. (eds.), Interspeech
2008, pp. 1178-1181.
Amrous, N. and K. Bensoukas (2004), « Tarifiyt long vowels and diphthongs:
independent phonemes or simple phonetic variants of the basic Amazighe vowels?
» in Boumalk, A. and M. Ameur (eds.), Standardisation de l’amazighe, IRCAM,
Rabat, pp. 117-139.
Amrous, N. and K. Bensoukas (2006/7), « Coerced vowel weight in Tarifiyt Berber: a
comparison of three dialects », Languages and Linguistics N°18/19, pp.1-30.
Basset, A. (1929), La langue berbère. Morphologie. Le verbe- Etude de thèmes,
Leroux, Paris.

85
Karim Bensoukas

Bensoukas, K. (1994), Tashlhit agentive nouns- an Optimality-theoretic approach,


D.E.S. thesis, MV University, FLHS, Rabat.
Bensoukas, K. (2001a), Stem forms in the nontemplatic morphology of Berber,
Doctorat d’État thesis, MV University, FLHS, Rabat.
Bensoukas, K. (2001b), « Markedness and epenthetic quality in Tashlhit imperfective verbs:
an OT approach », Linguistic Research N°6.1, pp. 81-123.
Bensoukas, K. (2002), « The emergence of the unmarked in Berber epenthetic vowel
quality », ms., MV University, FLHS, Rabat.
Bensoukas, K. (2004), « On the unity of the morphology of Moroccan Amazighe: aspects
of the imperfective form of the verb », in Boumalk, A. and M. Ameur (eds.),
Standardisation de l’amazighe, IRCAM, Rabat, pp. 198-224.
Bensoukas, K. (2006/7), « Variable syllable weight in Amazighe », Languages and
Linguistics N°18/19, pp. 31-58.
Bensoukas, K. (2017a), « No schwas in Amazigh open syllables: Why the mismatch?
», in Allati, A. (ed.), Auréoles berbères- Mélanges offerts à Michael Peyron, Rüdiger
Köppe Verlag, Köln, pp. 209-226
Bensoukas, K. (2017b), « Stem-augmentation in Amazigh intensive aorists: Default
vs. copy epenthesis », To appear in Actes du Premier colloque international de
linguistique berbère- En hommage à André Basset. March 9-10, 2017,
LACNAD/INALCO- Paris.
Bensoukas, K. (2019), « Amazigh-Arabic language-contact: issues and perspectives
in phonological and morphological borrowing », in Erguig, R. et al. (eds.), Cultures
and languages in contact V, Publications of FLHS- El Jadida, El Jadida, pp. 25-48.
Bensoukas, K. and A. Boudlal (2012a), « The prosody of Moroccan Amazigh and
Moroccan Arabic: similarities in the phonology of schwa », in Borowsky, T. et al.
(eds.), Prosody matters: essays in honor of Lisa Selkirk, London, Equinox, pp. 3-42.
Bensoukas, K. and A. Boudlal (2012b), « An Amazigh substratum in Moroccan Arabic:
the prosody of schwa », Langues et Littératures N°22, pp. 179-221.
Boudlal, A. (2001), Constraint interaction in the phonology and morphology of
Casablanca Moroccan Arabic, Doctorat d’État thesis, MV University, FLHS, Rabat.
Available at http://roa.rutgers.edu, ROA#650.
Boukhris, F. (1986), Le verbe en tamazight: lexique et morphologie (Parler des
Zemmours), Third Cycle thesis, Université Paris III, EPHE (4ème Section).
Boukous, A. (1987), Phonotactique et domaines prosodiques en berbère, Doctorat
d’État thesis, Université Paris VIII- Vincennes, Saint-Denis.
Boukous, A. (2009), Phonologie de l’amazighe, Rabat, IRCAM.

86
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

Chtatou, M. (1982), Aspects of the phonology of a Berber dialect of the Rif, Ph.D.
dissertation, SOAS, London.
Chtatou, M. (1991), « Syllable structure in Tarifit Berber », Langues et Littératures
N°9, pp. 27-60.
De Chene, B. and S.R. Anderson (1979), « Compensatory lengthening », Language
N°55, pp. 505-35.
Dell, F. and M. Elmedlaoui (1985), « Syllabic consonants and syllabification in
Imdlawn Tashlhiyt Berber », JALL N°7, pp. 105-130.
Dell, F. and M. Elmedlaoui (1991), « Clitic ordering, morphology and phonology in the verbal
complex of Imdlawn Tashlhiyt Berber (part II) », LOAPL N°3, pp. 77-104.
Dell, F. and M. Elmedlaoui (2002), Syllables in Tashlhiyt Berber and in Moroccan
Arabic, Dordrecht, Kluwer.
Dell, F. and M. Elmedlaoui (2017), « Syllabic weight in Tashlhiyt Berber », in
Newman, P. (ed.), Syllable weight in African languages, Benjamins, Amsterdam, pp.
83-95.
Faizi, R. (2002), Stress and syllabicity in Goulmima Tamazight Berber: a metrical
approach, Doctoral dissertation, MV University, FLHS, Rabat.
Faizi, R. (2009), « An acoustic study of stress in Amazigh », Languages and
Linguistics N° 23, pp.1-14.
Faizi, R. (2011), « Stress systems in Amazigh: A comparative study », Asinag N°6,
pp. 115-127.
Faizi, R. (2017), « Amazigh and Moroccan Arabic in contact: The effects on stress
assignment », Asinag N°12, pp. 29-39.
Gafos, A.I. (2002), « A grammar of gestural coordination », NLLT N°20, pp. 269-337.
Gordon, M. (2004), « Syllable weight », in Hayes, B., Kirchner, R. and D. Steriade (eds.),
Phonetically-based phonology, CUP, Cambridge, pp. 277-312.
Gordon, M.K. (2006), Syllable weight- phonetics, phonology and typology, New
York, Routledge.
Guerssel, M. (1976), Issues in Berber phonology, MA Thesis, University of Washington.
Guerssel, M. (1985), « The role of sonority in Berber syllabification », Awal N°1,
pp. 81-110.
Hall, N. (2006), « Cross-linguistic patterns of vowel intrusion », Phonology N°23,
pp. 387-429.
Hayes, B. (1989), « Compensatory lengthening in moraic phonology », LI N°20, pp.
253-306.

87
Karim Bensoukas

Hdouch, Y. (2004), Some aspects of extraprosodicity in Ayt-Wirra Tamazight Berber: an


Optimality Theoretic approach, Doctorat thesis, MV University, FLHS, Rabat.
Hdouch, Y. (2012), « The syllable structure of Amazigh dialects: an Optimality-
Theoretic variation approach », Langues et Littératures N°22, pp. 63-102.
Hyman, L. (1985), A theory of phonological weight, Dordrecht, Foris.
Iazzi, E.M. (1991), Morphologie du verbe en tamazight- (Parler des Ait Attab, Haut
Atlas Central)- Approche prosodique, D.E.S. thesis, MV University, FLHS, Rabat.
Iazzi, E.M. (2001), « L’alternance r/Ø en tamazight Marocain du nord- Une analyse par
contraintes », in Jebbour, A. and L. Messaoudi (eds.), Méthodes actuelles en phonologie
et morphologie, Publications of FLHS-Kénitra, Kénitra, pp. 83-101.
Iazzi, E.M. (2018), Norme et variations en amazighe marocain (aspects morpho-
phonologiques)- Pour une approche polynomique de l’aménagement linguistique,
Doctorat d’Etat thesis, Ibn Zohr University, FLHS, Agadir.
Idrissi, A. (1992), Syllabicity and syllabification in Aït Seghrouchen: Tamazight Berber
dialect of Marmoucha, D.E.S. thesis, MV University, FLHS, Rabat.
Itô, J. and A. Mester (2003), « Weak layering and word binarity », in Honma, T. et
al. (eds.), A new century of phonology and phonological theory. A festschrift for
Professor Shosuke Haraguchi on the occasion of his sixtieth birthday, Kaitakusha,
Tokyo, pp. 26-65.
Jebbour, A. (1996), Morphologie et contraintes prosodiques en Berbère (tachelhit
de Tiznit)- Analyse linguistique et traitement automatique, Doctorat d’État thesis,
MV University, FLHS, Rabat.
Jebbour, A. (1999), « Syllable weight and syllable nuclei in Tachelhit Berber of
Tiznit», Cahiers de Grammaire N°24 “Phonologie: Théorie et Variation”, pp. 95-
116.
Katada, F. (1990), « On the representation of moras: Evidence from a language game
», LI N°21, pp. 641-646.
Lahrouchi, M. (2001), Aspects morpho-phonologiques de la dérivation verbale en
Berbère (parler chleuh d’Agadir. Contribution à l’étude de l’architecture des
gabarits), Doctoral dissertation, Université Paris VII.
Marouane, M. (1997), Word stress and consonant syllabicity in Ayt Souab Tashelhit
Berber, D.E.S thesis, MV University, FLHS, Rabat.
McCarthy, J. (2007), « What is Optimality Theory? », Language and Linguistics
Compass N°1, pp. 260-291.
McCarthy, J. and A. Prince. (1986), « Prosodic morphology », ms., University of
Massachusetts, Amherst and Brandeis University.

88
Schwa as a Non-moraic Vowel in Amazigh: An Optimality-theoretic Account

McCarthy, J. and A. Prince (1993), Prosodic morphology I: Constraint interaction


and satisfaction. ms., University of Massachusetts, Amherst and Rutgers University.
McCarthy, J. and A. Prince (1995), « Faithfulness and reduplicative identity »,
UMOPL N°18: Papers in Optimality Theory. Available at http://roa.rutgers.edu,
ROA#60.
McCarthy, J. and A. Prince (1999), « Faithfulness and identity in prosodic
morphology », in Kager, R., H. van der Hulst, and W. Zonneveld (eds.), The prosody-
morphology interface, CUP, Cambridge, pp. 218-309.
Morén, B.T. (1999), Distinctiveness, coercion and sonority: A unified theory of
weight, Ph.D. dissertation, University of Maryland at College Park.
Morén, B.T. (2003), « Weight typology: an Optimality Theoretic approach », TLR
N°20, pp. 281-304.
Prince, A. and P. Smolensky (1993/2004), Optimality Theory: Constraint interaction
in Generative Grammar, ms., Rutgers University and University of Colorado at
Boulder/ Blackwell, Malden, MA.
Ridouane, R. (2008), « Syllables without vowels: phonetic and phonological
evidence from Tashlhiyt Berber », Phonology N°25, pp. 1-39.
Ridouane, R. (2016), « Leading issues in Tashlhiyt phonology », Language and
Linguistics Compass N°10, pp. 644-660.
Ridouane, R. and J. Cooper-Leavitt (2019), « A story of two schwas: a production
study from Tashlhiyt », Phonology N°36, pp. 433–456.
Rosenthall, S. (1994), Vowel-glide alternation in a theory of constraint interaction,
Ph.D. dissertation, University of Massachusetts, Amherst.
Rosenthall, S. and H. van der Hulst (1999), « Weight-by-position by position », NLLT
N°17, pp. 499-540.
Ryan, K.M. (2016), « Phonological weight », Language and Linguistics Compass
N°10, pp. 720-733.
Saib, J. (1976a), « Schwa in Berber: un problème de choix », Afroasiatic Linguistics
N°3/4, pp. 71-83.
Saib, J. (1976b), A phonological study of Tamazight Berber: dialect of the Ayt Ndhir,
Ph.D. dissertation, UCLA.
Selkirk, E. (1984), Phonology and syntax: the relation between sound and structure,
The MIT Press, Cambridge, MA.
Selkirk, E. (1990), « A two-root theory of length », UMOPL N°14, pp. 123-171.
Sherer, T.D. (1994), Prosodic phonotactics, Ph.D. dissertation, University of
Massachusetts, Amherst.

89
Karim Bensoukas

Shih, S-H. (2018), Non-moraic schwa: phonology and phonetics, Ph.D. dissertation,
The State University of New Jersey Rutgers.
Topintzi, N. (2006), « A (not So) paradoxical instance of compensatory lengthening:
Samothraki Greek and theoretical implications », Journal of Greek Linguistics N°7,
pp. 71-119.
Topintzi, N. (2012), « Compensatory lengthening », ms. Universität Leipzig. [www.uni-
leipzig.de/⁓topinzi/papers/MFM20_CL.pdf; retrieved on 1/6/ 2013.]
Walker, R. (1996), « Prominence-driven stress », ms., University of California, Santa
Cruz.
Zec, D. (1988), Sonority constraints on prosodic structure, Ph.D. dissertation, Stanford
University.
Zoll, C. (1995), « Licensing and directionality », ms., University of California, Berkeley.

90
Comptes rendus
Asinag-Asinag, 16,2021, p. 93-97

Karl-G. Prasse & Ghabdouane Mohamed. L’histoire du Niger t.1 et t.2, Berber
Studies Rüdiger Köppe Verlag.Köln.Volume 53 – 2019.

Cette contribution bilingue sur l'histoire du Niger, par nos regrettés Ghadouane
Mohamed et Karl-G. Prasse, mérite d'être considérée. Elle comprend deux tomes
l'un en français et l'autre en langue touarègue. Elle est destinée à l'enseignement de
l'histoire nationale dans les écoles nigériennes qui enseignent à la fois le français et
les langues nationales, dont le touareg.
Le Professeur Karl-G. Prasse, est un chercheur bien connu dans le domaine berbère,
ou amazigh, en raison de la qualité de ses nombreux travaux sur la langue touarègue
qui en fait partie. Une recension complète en a été établie par H. Stroomer dans le
Supplément de Berber Studies volume 53 (p. 13-33).
La qualité et l'étendue de ses études universitaires en linguistique ont d'abord
concerné l'arabe et l'hébreu au Danemark, puis le berbère et l'amharique à Paris, à
Rome l'amharique et le somali. De retour à Copenhague, il enrichit son domaine
chamito-sémitique avec l'égyptien ancien. Cette formation très étendue et
complémentaire l'avait bien préparé pour le poste de professeur d'arabe et de berbère
à Copenhague.
L'UNESCO le chargea en 1966 d'écrire une grammaire touarègue et il participa en
1966 et en 1968 à l'élaboration d'un alphabet latin aménagé pour l'enseignement,
l'écriture et l'alphabétisation en langues nationales, au Burkina, au Mali et au Niger.
Son domaine linguistique et culturel incluait aussi les domaines allemand, russe,
anglais et italien. Ses connaissances dans ces domaines aussi vastes, furent
reconnues et honorées dans la sphère universitaire nationale et internationale.
Son intérêt pédagogique le fit participer très activement à la création d'une école
primaire à Amataltal (1999-2010) dans la région d'Agadez au nord du Niger. Il
participa ainsi aux activités de coopération autant qu'il pouvait.
A ses travaux sur la langue touarègue, furent associés ses fidèles collaborateurs
Ghoubeïd Alojaly, Akhmedou Khamidoun, Ekhya ăgg-Ălbostan ăg-šidyăn, et
Ghadouane Mohamed.
Cet ouvrage, qu'il put mener à son terme avant sa mort, comprend donc deux
volumes, le tome I est en touareg de l'Ayr (l'Aïr) de la région d'Agadez au Niger, le
tome II est la version française. Les auteurs en expliquent la construction : c'est le
texte français qui est l'original dont la traduction en touareg a été réalisée avec la
participation de ses collaborateurs. On verra que cette composition peut expliquer
qu'aux difficultés habituelles de toute traduction qui doit tenir compte de l'écart
culturel, se sont ajoutées celles que constitue le passage du texte français au touareg
et non du texte oral touareg à sa transcription.

93
Cet ouvrage bilingue du pays nigérien implique les diverses populations locutrices
des différentes langues, dont le touareg, dans un projet pédagogique annoncé.
La chronologie des faits historiques, élaborée à partir des travaux d'« historiens de
profession », ne prétend pas apporter de nouveaux témoignages, mais considère les
faits historiques sous « un angle touareg » issus des traditions orales touarègues,
c'est-à-dire de la mémoire des acteurs qui constituent la population. A ce titre, le
texte associe le répertoire diachronique et les interventions mémorielles. Cette
participation de la société touarègue concerne l'histoire du Hoggar algérien et du
Mali pour les périodes contemporaines à partir du XIXè s.
Les onze chapitres chronologiques s'ouvrent sur un aperçu de l'Humanité des
périodes pré-historiques, puis évoquent l'origine des Berbères dont font partie les
Touaregs. Ensuite, sont évoquées les périodes de la haute Antiquité, de l'Egypte des
millénaires de 3000 à 1500 av. J.-C., l'expansion de Carthage et Rome, Byzance et
Garama, jusqu'à la naissance de l'Islam et sa diffusion au Sahara Central entre 700
et 1400 de notre ère. Cette étape concerne l'arrivée des tribus touarègues dans l'Aïr
- 700-1000 - puis celles des Issandalan, des Inessufa, des Kel-Geres entre 1000 et
1400.
C'est après l'an 1000 que les Empires noirs s'organisent : l'empire du Mali des
Malinkés en 1100, conquis par les Touaregs en 1438, puis par les Songhays en 1450
; le domaine Haoussa de 1000 à 1500 ; le domaine Toubou avec le puissant groupe
des Kanuris au XIXè s.
Le chapitre V reprend la diachronie de l'Aïr, de 1400 à 1600, l'arrivée des Kel-
Ferwan et d'autres groupes touaregs comportant des tribus maraboutiques, qui ont
participé à la diffusion de l'Islam. Ils ont été chassés d'Agadez en 1700 par les
Iwellemmedan Kel-Denneg, plaque tournante de l'Aïr conquise en 1515 par les
Songhays.
Les chapitres suivant évoquent, de 1600 à 1920, l'organisation de ces multiples
sociétés, et les luttes internes pour le pouvoir. Les XIXè et XXès., voient
l'installation des conquêtes coloniales à partir des années 1920 jusqu'en 1960, année
de l’indépendance du Niger.
Le dernier chapitre évoque de 1960 à 2000, l'installation des structures de la
politique postcoloniale et la succession des différents pouvoirs présidentiels issus
d'élections, alternant avec des coups d'Etat militaires jusqu'en 2010.
Cet inventaire historique en français est donc repris en touareg pour l'enseignement
dans cette langue nationale. L'examen des deux versions concerne les problèmes de
l'écriture dans l'alphabet déjà mentionné, pour la transcription, et ceux de la langue.
L'absence de certains termes lexicaux dans la langue propre à une société nomade
nécessite soit de faire des emprunts aux langues de contact, soit d'utiliser le stock
lexical de cette langue de nomades en utilisant des unités lexicales qui ont une

94
proximité sémantique, et par l'adjonction possible de ses marques grammaticales par
exemple :
− asihar "rendez-vous" > "conférence"
− aməsənsa "fait de disposer ensemble" > "index, liste"
− tugdat "égalité" > "assimilation (phonétique)"
Ces exemples montrent le recours au lexique touareg avec extension du champ
sémantique. Ce processus est bien connu dans toutes les langues et a l'avantage d'être
facilement compris.
Ici, on constate que les néologismes nécessaires résultent principalement d'emprunts
à l'arabe de contact, langue de prestige connue des auteurs. Eventuellement, les
emprunts sont faits aussi au français et au haoussa. Dans les deux cas, on constate
une adaptation phonétique qui facilite l'intégration à la langue touarègue. Un certain
nombre de ces emprunts risquent cependant d'être inintelligible aux lecteurs et aux
élèves en particulier. Recourir, par facilité, à l'emprunt ne se justifie pas quand la
langue et les usagers peuvent utiliser des termes connus qui peuvent être identifiés :
on relève aussi des approximations sémantiques à l'origine de contre-sens comme
pour l'emprunt à l'arabe.
-aləstiɣmar (alestighmar) qui est traduit à la fois par "indépendance" et
"colonisation" et aussi alestiqlal "indépendance".
Par exemple, l'expression culturelle, agoras wa yəbsosăɣăn traduit "forêt
clairsemée", or, agoras connote, en fait, "brousse arbustive", qui ne correspond pas,
en français, à "forêt". En touareg, on utilise le terme efəy/efăy "étendue boisée de
grands arbres", en français "forêt, bois".
Autres types d'approximation dans le texte en français qui sont retrouvés dans le
texte touareg : l'homme de la préhistoire est passé de la position horizontale à la
position verticale quand il est devenu plantigrade. Ce concept est expliqué par "ses
jambes ressemblent à celles de l'homme" ; l'expression est malheureuse, comme celle
de "position très droite" pour "verticale".
Mais, ce qui gêne le plus, dans la reconstitution de la période préhistorique, est de
présenter comme avéré des faits que les préhistoriens communiquent prudemment.
Puis, de les modérer par des expressions approximatives telles que "sans doute",
"probablement"... Ailleurs, enseigner et affirmer "le frère contemporain le plus
proche de l'homme est le chimpanzé" (p. 17). Cette expression fait allusion à
l'« évolution des espèces », généralement inconnue ou rejetée.
La transcription du texte français en touareg se fait donc avec l'alphabet latin
aménagé, élaboré par des linguistes, depuis l'indépendance, et revue à la lumière des
récentes recherches dans ce domaine. Cet alphabet a été conçu en tenant compte des
particularismes phonétiques des différentes langues nationales. En touareg, une
attention particulière est accordée à l'assimilation et à la segmentation.

95
L'assimilation est une réalisation phonétique qui concerne certaines consonnes en
contact :
le plus souvent, la dernière d'un mot en contact avec la première du mot suivant.
La première modifie la seconde et la rend "semblable" :
d + n – > n^n ; ad nənnu > an^nənnu " nous dirons" ; mais ad ənnăɣ "je dirai".
Dans le deuxième exemple, le d de la particule modale ad n'entraîne pas
d'assimilation car il n'est pas en contact avec une consonne. En effet, pour que
l'assimilation se produise, il faut qu'il y ait une situation syntaxique qui le permette,
ce qui n'est pas le cas.
C'est le même procédé à l'intérieur d'un mot, particulièrement fréquent avec les mots
féminins caractérisés le plus souvent par t ––– t :
– ɣ + t > q + q amajaɣ > tamajaɣt > tamajaq "femme touarègue" ;
allaɣ > tallaɣt > tallaq "lance, petite lance"
Autrement dit, ici, l'assimilation des deux consonnes en contact ne dépend pas de la
situation syntaxique ; elle n'est donc pas aléatoire mais permanente et se note à
l’écrit.
On peut rapprocher cette assimilation de ce qui se passe à l'oral en arabe avec alif :
le lam de l'article al- précédant une consonne solaire créant une assimilation jamais
écrite, comme par exemple :
al-šams > [aš-šams] "le soleil", la consonne l s'assimile et se réalise – š-š–
al-nâs > [an-nâs] "les hommes", la consonne l s'assimile et se réalise – n-n–
On peut de même rapprocher de l'assimilation ce qui se passe en français (pour des
raisons différentes) avec la "liaison", réalisée à l'oral mais non écrite, quand certaines
consonnes sont proches des voyelles :
un ^ oiseau –– n + o –– réalisé [unoiseau]
des^années –– s + a –– réalisé [dèszannées]

La question de la segmentation dans les énoncés est également délicate. L'espace


entre des unités syntaxiques marque qu'elles sont distinctes, le tiret annule l'espace
et montre une dépendance en reliant verbes, pronoms, subordonnants..., ici, souvent
sans véritables justifications. L'abondance des tirets non justifiée alourdit l'écriture,
gêne l'analyse et la lecture. C'est le sort, dans le texte, de certaines prépositions
reliées aux noms, aux démonstratifs, aux supports de détermination : əd ou d, ən ou
n ou nn ...
əd-kəllu nn-iri ən-tăwăqqast tann əsuf
"et tous les animaux sauvages de la brousse" (t. 2. p. 37).

96
Dans la transcription officielle suivante, les scolaires distinguent mieux les diverses
unités syntaxiques :
əd kəllu nn iri n tăwăqqast ta nn əsuf.
Il en est de même dans ce second exemple.
Ewərrəx ən-musănăn ən-tərəwət d-əwərrəx ən-musănăn n-ăttarix, "datation
archéologique et datation historique".
En transcription officielle on écrirait :
Ewərrəx ən musănăn ən tərəwət d əwərrəx ən musănăn n ăttarix.

Il est évident que si l'auteur avait pu relire cette épreuve, un certain nombre de
coquilles aurait été corrigé. Cependant, les élèves d'Amataltal et les autres scolaires
destinataires de cet ouvrage utile, ne lui en seront pas moins reconnaissants. En effet,
Karl-G. Prasse a été et demeurera pour tous, comme l'un des plus grands spécialistes
de la langue touarègue. Grâce à son travail acharné, le monde amazigh, et touareg
en particulier, dispose d'une somme de connaissances prodigieuses contenues dans
ses multiples productions scientifiques.
Cet ouvrage est un véritable support pédagogique pour l'Histoire du Niger "Attarix
wa n Nijer" en langue touarègue car les scolaires y trouveront les principaux repères
historiques que les auteurs se sont efforcés de synthétiser.
Ce premier ouvrage incitant à promouvoir la temajaq, "le touareg", une des langues
nationales du Niger, encouragera sans doute de nouvelles publications en langues
nigériennes dans les autres matières d'enseignement. C'est un pari pédagogique,
véritable défi à relever pour l'emploi confirmé des langues africaines et nigériennes,
notamment dans le système éducatif.
Quelles que soient les divergences qu'il est toujours bon de mentionner, et en dépit
de quelques "coquilles", cet ouvrage est le témoignage d'une ancienne et chaleureuse
connaissance de la société touarègue et d'une empathie incontestable.

Mohamed AGHALI-ZAKARA

97
Asinag-Asinag, 16,2021, p 99-102

Guide de rédaction de la revue ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-Asinag

Conditions générales
 Tout article proposé doit être original.
 Tout article proposé doit être accompagné d’une déclaration de l’auteur certifiant
qu’il s’agit d’un texte inédit qui n’est pas soumis à une autre publication.
 Le compte rendu de lecture doit avoir pour objet la lecture critique d’une
publication récente (ouvrage, revue ou autres) en la situant dans l’ensemble des
publications portant sur le thème concerné.
 Les auteurs s’engagent à ne pas soumettre simultanément leurs textes à d’autres
revues. Les auteurs confèrent un droit irréversible de reproduction et de diffusion
de leurs articles à la revue Asinag, dans toutes les langues, dans tous les pays et sur
tous médias connus ou à venir.
 Un article publié par la revue Asinag devient sa propriété et ne peut être ni reproduit
(sur tous médias connus ou à venir), ni traduit sans autorisation de la direction de
la revue. L’auteur s’engage à ne pas le publier ailleurs sans l’autorisation préalable
du directeur de la revue.
 Les idées et opinions exprimées sont celles de leurs auteurs et n’engagent en rien la
revue. Les auteurs sont ainsi responsables des propos qu’ils expriment dans leurs
articles, du contenu de leurs contributions, de l’exactitude de leurs citations, de leurs
références et du droit légal de publier le matériel proposé. Ils ont la responsabilité
d’obtenir la permission écrite, si nécessaire, de reproduire des données protégées
par copyright, et devront faire obligatoirement parvenir à la direction de la revue le
formulaire d’autorisation dûment rempli et signé.
 Toute utilisation de tout ou partie du contenu de la revue Asinag par une tierce
personne doit être accompagnée de sa notice bibliographique et doit être clairement
référencée (indiquant le nom de la revue, le numéro et l’année d’édition concernés).
La reproduction partielle ou intégrale des articles, sans autorisation écrite, à des fins
commerciales est strictement interdite.
 Les textes non retenus ne sont pas retournés à leurs auteurs. Ceux-ci n’en seront pas
avisés.

99
Guide de rédaction de la revue ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-Asing

Présentation de l’article
 Une page de couverture fournira le titre de l’article, le nom, le prénom, l’institution,
l’adresse, le numéro de téléphone, le numéro de fax et l’adresse électronique de
l’auteur. Seuls le titre de l’article, le nom et le prénom de l’auteur et le nom de son
institution doivent figurer en tête de la première page du corps de l’article.
 Les articles seront envoyés par courrier électronique sous forme de fichier attaché
en format Word ou RTF (Rich Text Format) à l’adresse suivante :
« asinag@ircam.ma ».
 L’article ne dépassera pas 40.000 caractères (Bibliographie et moyens d’illustration
compris).
 Le texte sera rédigé en police Times New Roman, taille 11, interligne exactement
12, sur des pages de format (17x24). Le texte en tifinaghe doit être saisi en police
Tifinaghe-ircam Unicode, taille 11, téléchargeable sur le site Web de l’IRCAM
http://www.ircam.ma/lipolicesu.asp. Pour la transcription de l’amazighe en
caractères latins, utiliser une police Unicode (Gentium, par exemple).
 Le titre est d’environ 10 mots et peut être suivi d’un sous-titre explicatif. Il sera
rédigé en gras, de police Times et de taille 14.
 Les articles sont accompagnés de deux résumés, ne dépassant pas 10 lignes, dont
l’un en anglais. Ils sont suivis de mots clés (7 au maximum) décrivant le contenu
de l’article et disposés en fonction de leur apparition dans l'article.

Moyens d’illustration
 Les tableaux sont appelés dans le texte et numérotés par ordre d’appel. La légende
figurera en haut des tableaux.
 Les figures et les images sont appelées dans le texte et numérotées par l’ordre
d’appel. La légende sera donnée en dessous des figures.

Références bibliographiques et webographiques


 Les références bibliographiques ne sont pas citées en entier dans le corps du texte,
ni dans les notes. Sont seulement indiqués, dans le corps du texte et entre
parenthèses, le nom de/des auteurs suivi de la date de publication du texte auquel
on se réfère et, le cas échéant, le(s) numéro(s) de la/des page(s) citée(s). Si les
auteurs sont plus de deux, indiquer le nom du premier auteur, suivi de « et al. ».
Ex. : (Geertz, 2003 ; Pommereau et Xavier, 1996 ; Bertrand etal., 1986 ; Bouzidi,
2002 : 20).

100
Guide de rédaction de la revue ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-Asing

Dans le cas de plusieurs publications d’un auteur parues la même année, les
distinguer à l’aide de lettres de l’alphabet en suivant l’ordre alphabétique (1997a,
1997b, etc.).

Ex. : (Khair-Eddine, 2006a ; 2006b).

Lorsque plusieurs éditions d’une même référence sont utilisées, on signalera la


première édition entre crochets à la fin de la référence dans la liste bibliographique.

 Les références bibliographiques complètes, classées par ordre alphabétique des


auteurs, sont fournies à la fin de l'article (sans saut de page).

 Les titres des ouvrages sont présentés en italique.


Les références aux ouvrages comportent dans l’ordre : le nom de l’auteur et
l’initiale de son prénom, l’année de parution entre parenthèses, suivie, s’il s’agit de
l’éditeur, de la mention (éd.), le titre, le lieu d’édition, le nom de l’éditeur. Toutes
ces indications seront séparées par des virgules.

Ex. : Cadi, K. (1987), Système verbal rifain, forme et sens, Paris, SELAF.

 Les titres d’articles de revue, de chapitres d’ouvrages, etc. se placent entre


guillemets.
Les références aux articles de revue comportent (dans l’ordre) : le nom et l’initiale
du prénom de l’auteur, l’année d’édition, le titre de l’article entre guillemets, le titre
de la revue en italique, le volume, le numéro et la pagination. Toutes ces indications
seront séparées par des virgules.

Ex. : Peyrières, C. (2005), « La recette de notre caractère », Science & Vie Junior,
n° 195, p. 48-51.

 Les références aux articles de presse comportent seulement le titre entre


guillemets, le nom du journal en italique, lieu d’édition, la date et le numéro de
page.
Ex. : « Les premiers pas du supermarché virtuel », l’Economiste, Casablanca, 26
octobre 2007, p. 17.

 Les références aux chapitres d’ouvrages collectifs indiquent le nom et le prénom


de l’auteur, le titre du chapitre, la référence à l’ouvrage entre crochets : […].
 Les références aux actes de colloques ou de séminaires doivent comporter le nom
et la date du colloque ou du séminaire.
Ex. : Boukous, A. (1989), « Les études de dialectologie berbère au Maroc », in Langue
et société au Maghreb. Bilan et perspectives, Actes du colloque organisé par la

101
Guide de rédaction de la revue ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ-Asing

Faculté des Lettres et des Sciences Humaines-Rabat en octobre et décembre 1986,


p. 119-134.

 Les références aux thèses : elles sont similaires aux références aux ouvrages, on
ajoute l’indication qu’il s’agit d’une thèse, en précisant le régime (Doctorat
d’Etat, Doctorat de 3ème cycle, …) et l’université.
Ex. : Hebbaz, B. (1979), L’aspect en berbère tachelhiyt (Maroc), Thèse de Doctorat de
3ème cycle, Université René Descartes, Paris V.

 Les références webographiques : il est nécessaire de mentionner l’URL (Uniform


Resource Locator) et la date de la dernière consultation de la page web.
Ex. : http://fr.wikipedia.org/wiki/Langue_construite, (consulté le --/--/----).

Notes, citations et abréviations


 Dans le cas où des notes sont fournies, celles-ci sont en bas de page et non en fin
d'article. Il faut adopter une numérotation suivie.
 Citations : les citations de moins de cinq lignes sont présentées entre guillemets
« ... » dans le corps du texte. Pour les citations à l'intérieur des citations, utiliser des
guillemets droits « ... "..." ... ». Les citations de plus de quatre lignes sont présentées
sans guillemets, après une tabulation et avec un interligne simple.
 Toute modification d'une citation (omission, remplacement de mots ou de lettres,
etc.) est signalée par des crochets […].

Sous-titres : le texte peut être subdivisé par l'utilisation de sous-titres en caractères


gras.

Italique : éviter de souligner les mots, utiliser plutôt des caractères en italique.

 Si l’auteur emploie des abréviations pour se référer à certains titres qui reviennent
souvent dans l’article, il devra les expliciter dès leur premier usage.
Ex. : Institut Royal de la Culture Amazighe (IRCAM)

102

You might also like